كلينتون مع مونيكا و بوش مع كاترينا

إذا كانت فضيحة الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون مع مونيكا خلف الأبواب المغلقة بالبيت الأبيض قد دمّرت سمعته و مرّغت إسمه فى الوحل , فإن ما حدث لكلينتون لا ينبغى أن يكون إلاّ غيضُ من فيضِ ما يجب أن يحدث للرئيس الحالى بوش الإبن على خلفيّة فضيحته مع كاترينا...تلك الفضيحة التى يتم عرضها بنجاح منقطع النظير على مدار الساعة لمدة خمسة أيام متواصلة و على رؤوس الأشهاد و أمام مليارات الأعين التى تتابع أدق تفاصيل هذه الفضيحة التى يندى لها الجبين فى بث حىّ و مباشرعلى شاشات التليفزيون .

و إذا كانت فضيحة كلينتون مع مونيكا فضيحة أخلاقيّة تندرج فى نهاية المطاف تحت بند السلوك الشخصى المخجل و المشين للرئيس الأمريكى السابق , فإن فضيحة بوش مع كاترينا هى فضيحة جامعة مانعة تندرج تحت بند الفضائح الشاملة الكاملة نظراً لكونها فضيحة ( سياسيّة ,إداريّة, إقتصاديّة ,أمنيّة , مدنيّة , أخلاقيّة, مهنيّة, شعبيّة.

و إذا كان البعض قد إنغمس بعد فضيحة كلينتون الجنسيّة مع مونيكا فى المقارنة بين الفضيحة الأخلاقيّة والفضيحة السياسيّة إبّان اللغط الذى دار حول الوسائل الملتوية التى فاز بها بوش على آل جور فى معركته الإنتخابية الشهيرة بكاليفورنيا فيما وُصِفَ بأنه كان وضعاً يحمل ملامح الفضيحة السياسية , و إذا كان البعض يرغب فى تصنيف فضيحة بوش و كاترينا التى لا زالت دائرة حتى الآن على أنها فضيحة سياسية بالمجمل , فإن علينا أن نقول بعد ما شاهدناه من فصول الفضيحة الجارية الآن أنه إذا كانت فضيحة كلينتون الجنسيّة لم تمكننا إلاّ من تخيّل كيف كان مشهد تجريد مونيكا له من بنطلونه فى غرفة مغلقة , فإن فضيحة بوش الحالية تجعلنا نتابع بأم العين أدق تفاصيل تجريد كاترينا لبوش من كامل ملابسه و من ورقة التوت أمام الجميع .

نعم...

ففضيحة كاترينا مع بوش هى كما قلت فضيحة جامعة مانعة.... شاملة كاملة نعم هى فضيحة مشينة... و مشينة للغاية.... و على كل الأصعدة و إذا كانت مونيكا قد فضحت كلينتون قيراط , فإن كاترينا قد فضحت بوش 24 قيراط

الفضيحة السياسية :

فهى فضيحة سياسيّة عندما تكون أول زيارة ميدانيّة للرئيس الأمريكى للمنطقة المنكوبة بعد خمسة أيّام كاملة على حدوث كارثة بهذا الحجم الذى لم يشهده التاريخ الأمريكى , و ليتها كانت زيارة لقلب الحدث و بؤرة الكارثة فى مدينة "نيو أورليانز" , فقد كانت زيارة خاطفة إلى "موبيل" فى آلاباما بعد أن أعرض فى تخاذل و جبنٍ عن زيارة "نيو أورليانز" رغم وجود الكثير من الإمكانية لفعل ذلك , و المثير للإزدراء هو أنه قد دافع عن نفسه بمنتهى التبجّح و الصفاقة إزاء هذا التصرّف الذى لا يعبّر عن تمتّعه بأى روح قياديّة مسئولة عندما صرّح بأنه قد عاين "نيو أورليانز" من الجو و هو على متن طائرة الـ" Air Force One " الرئاسيّة , و كأنه يظن أنه بهذا قد قام بدوره و أبرأ ذمّته أمام شعبه المنكوب فى تلك المدينة

أما عن زيارته الخاطفة إلى آلاباما , فليتها كانت زيارة ذات معنى هى الأخرى , فقد إستهلكها فى عبارات المديح و الشكر لحاكمى آلاباما و الميسيسيبى و الإشادة بجهودهما و جهود أجهزتهما فى التعامل مع الكارثة ( رغم أن الكل يعلم أن الترهّل و التقاعس و الإهمال كان هو العنوان الرئيسى لهذا التعامل ) , كما إستهلك الزيارة فى الإستماع إلى شرح لتوابع الكارثة ( و هو الشرح الذى توفره جميع وسائل الإعلام على أى حال ) , فكان التساؤل بالمجمل هو : علام كانت هذه الزيارة إذا كان بالإمكان القيام بكل النشاطات التى قام بوش بها أثنائها عبر الــ" Video Conference " فى البيت الأبيض.

و فى واقع الأمر فإننى لا أعلم كيف إعتقد ذلك الــ"بوش" أنه يمكنه إستغفال و خداع شعبه المصدوم فى تقاعسه و ترهّله و تخاذله من خلال خبراء الPropoganda المحيطين به و الذين أوهموه أنه سيعطى الإنطباع بأنه منهمك و مستهلك و ذابٌ بكامل وجدانه لمجرّد أنهم نصحوه بأن يظهر أمام الكاميرات و هو يرتدى قميصاً بأكمام طويلة قام بتشميرها حتى المرفقين و كأنه كان يشارك بيديه فى أعمال الإنقاذ متناسياً أن شعبه لم يكن بحاجة إلى شرح بل كان فى حاجة إلى قائد يحتويه و يتواجد معهم ليشد من أزرهم بدلاً من الصورة الدعائيّة الزائفة التى قدّمها فى الميسيسيبى بعد الإنتهاء من الإستماع إلى الشرح فى آلاباما بعد أن تم ترتيب لقاءات له مع بعض قاطنى الميسيسبى فى بقع هى الأكثر أمناً و جفافاً .

الفضيحة الإداريّة

هى فضيحة إداريّة عندما يكون معلوماً لإدارة بوش منذ فترة طويلة أن إعصاراً مدمّراً سيجتاح تلك المناطق التى يعلم الجميع أن أرضها تنخفض تحت سطح الماء بمعدّل منتظم يزيد عن الثلاثة أقدام كل ثمانية عقود , و التى يعلم القاصى و الدانى أن ما يربو على ربع مساحتها مهدد بالفعل بالإنطمار و الإختفاء تحت الماء , ففى ظل هذه المعطيات التى لم تجعل إدارة بوش تستعد الإستعداد الكافى لهذا الإعصار و لنتائجه المتوقعة , و فى ظل ما لمسه الجميع من أن إدارة بوش تصرّفت و كأنها قد بوغتت على حين غرّة بهذا الإعصار , و عندما نعلم أن إدارة بوش قد إقتطعت نسباً كبيرةً من الإعتمادات الماليّة التى كانت مخصصة لحماية نيو أورليانز و لويزيانا بالكامل من هذه الأخطار المحدقة بها من أجل تحويل هذه المبالغ المستقطعة لتمويل حرب العراق فإننا بذلك نكون أمام فضيحة إداريّة من الوزن الثقيل .

الفضيحة الإقتصاديّة

و هى فضيحة إقتصاديّة عندما نكتشف بفضل كاترينا و التغطية المكثفة و التقارير المطوّلة عن المناطق المنكوبة أن ثلاثة من كل عشرة كانوا يعيشون فى نيو أورليانز تحت خط الفقر قبل تشريف كاترينا لهم بالزيارة , وهى نسبة يجب أن يندى لها جبين الإدارة الأمريكية فى ظل الثراء الأمريكى الفاحش الذى زيّن لهذه الإدارة بعثرة المليارات و التريليونات فى حروب حول العالم و فى حروب الفضاء.


الفضيحة الأمنيّة

و هى فضيحة أمنيّة عندما يفشل الحرس الوطنى و خفر السواحل و الأجهزة الأمنيّة فى التعامل مع كارثة كانت منتظرة نتيجة النقص الشديد فى أعداد الأفراد المنخرطين بهذه الكيانات و قصور التجهيزات و العدّة و العتاد , بعد أن تم سحب و إستدعاء الكثير من الأفراد و الكفاءات و المعدّات ليتم شحن كل هذا عبر المحيط إلى العراق و كأن أمريكا التى تدّعى أنها تحمى حمى الشعوب الأخرى عبر آلاف الأميال قد تناست أن وظيفتها الأساسية هى أن تحمى حمى شعبها هى داخل حدودها أولاً.

الفضيحة المدنيّة

و هى فضيحة مدنيّة بيّنت إلى أى حد إستهانت إدارة بوش بالحقوق المدنيّة لقطاعات من الشعب الأمريكى , عندما نجد أن دافعى الضرائب قد أنهوا يومهم الخامس و هم يجاهدون بجهودهم الذاتية و يصارعون الظروف المأساويّة و كأنهم ليسوا مسئولين من حكومة و إدارة لهم عليها حق إمدادهم بالطعام و العلاج و الماء و الطاقة و المأوى بل و لهم عليها حق الإخلاء الفورى بعد أن فات تلك الإدارة الترتيب لإخلاء مبكّر قبل وقوع الكارثة رغم التقارير المتوافرة مسبقاً بخصوص الكارثة , و الأغرب من ذلك أن إدارة بوش التى لم تتفهّم وجود الآلاف المؤلّفة من المشرّدين و هم عالقين جائعين عطاشى مرتجفين لا يملكون سوى ملابسهم المبتلّة التى على أجسادهم , فإن هذه الإدارة قد أصدرت و هى فى غرف الإجتماعات المكيّفة الأوامر لقوّات الأمن بإطلاق النار بأسلوب الغرب الأمريكى (Shoot to kill) على أولئك البائسين الذين لو كانت حكومتهم قد قدمت النجدة لهم لما وجدوا أنفسهم مجبرين على السلب و النهب من أجل أن يظلّوا أحياءاً.

الفضيحة الأخلاقيّة

و هى فضيحة أخلاقيّة بكل المقاييس عندما تتعالى أصوات السود الغاضبة و الهادرة لتتهم إدارة بوش بأنها لم تتعامل مع الكارثة كما ينبغى من باب أن سكّان نيو أورليانز البالغ عددهم 470 ألف نسمة لا يشكّل البيض ذوى العرق الأيرلندى أو الأوروبى بالمجمل منهم سوى 7% بينما يشكّل السود 70% و الباقى من الملوّنين ذوى الأصول اللاتينية , فكان من الطبيعى و المنطقى أن تتعالى الأصوات متسائلة عما إذا كان التعامل مع الكارثة سيكون أكثر نجاعةً لو كانت قد ضربت ولايةً بيضاء ( خاصة عندما نعلم أنه و بعد خمسة أيام من الكارثة فإن إدارة بوش لم تقم بإنشاء مستشفى طوارئ بنيو أورليانز رغم أن نفس هذه الإدارة تمكّنت بهمّة تحسد عليها من إقامة مستشفى كهذا فى العراق عبر المحيط و فى أقل من 24 ساعة .

الفضيحة المهنيّة

و هى فضيحة مهنيّة لذلك ال"بوش" الذى لا يقدّر مسئوليّة وظيفته حق قدرها فضرب الرقم القياسى فى "التزويغ" من مقر عمله و دخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية كأكثر رئيس دولة فى التاريخ يحصل على أجازات و يباشر أعماله الرئاسيّة و هو يقيم بمزرعته و كأن لعب الجولف أهم عنده من أداء وظيفته , ثم زاد الطين بلّة بأن إنتظر ثلاثة أيام كاملة بعد حدوث الكارثة ليتكرّم و يتعطّف على شعبه بإعلانه أنه قد قرر قطع أجازته التى لا يعلم أحد متى تبدأ و متى تنتهى .


الفضيحة الشعبية

و هى فضيحة شعبية بعد أن عبّر العنصر الأسود بالأمّة الأمريكية عن سخطه الشديد على بوش عبر هجوم شرس تم شنّه عليه من قبل أعضاء الكونجرس السود و الأعضاء السود بنادى الصحافة لدرجة أن إحدى المتحدثات قالتها علانية : إن على أمريكا أن تخجل من نفسها الآن .

نعم..... هى فضيحة مشينة... و مشينة للغاية.... و على كل الأصعدة


مع خالص تحياتي

الأخ الصادق
مقال ممتاز جداً ودراسة عميقة وتحليل أعمق
لهذه الفضيحة التي أدهشت العالم

قالت مراسلة القناة الأولى ARD تعليقاً على زيارة بوش للبيلوكسي:

كارثة الإعصار وما تبعها كانت صدمة مفزعة وزيارة بوش التمثيلية كانت صدمة أعمق حد الذهول

تحياتي
كمال

Quote: كارثة الإعصار وما تبعها كانت صدمة مفزعة وزيارة بوش التمثيلية كانت صدمة أعمق حد الذهول

عزيزي كمال


لا جدال في تعليق مراسلة القناة الأولى الالماني و اضيف لما سبق أمر مثير للسخرية فعلا ان يتخاذل بوش وادارته عن نجدة اهل نيواورليانز بهذه الكيفية حتى انهم لايجدوا افراد تكفي لحماية ممتلكات المواطنين من النهب والسلب في حين يملؤا الارض ضجيجاً لمحاربة الارهاب في شتى بقاع الارض , السيد بوش لو علم ان نيواورليانز بها نفط عراقي لكان ارسل لها جيوش منذ وقوع الكارثة, في اعتقادك الم يحن الوقت للسود للمطالبة بتقسيم السلطة و الثروة مع الجلابة البيض ؟

مع خالص تحياتي

الاستاذ الصادق
ده قانون الطبيعة

و....فى إنتظار أحد تصريحات بوش البلهاء

Quote: و هى فضيحة أخلاقيّة بكل المقاييس عندما تتعالى أصوات السود الغاضبة و الهادرة لتتهم إدارة بوش بأنها لم تتعامل مع الكارثة كما ينبغى من باب أن سكّان نيو أورليانز البالغ عددهم 470 ألف نسمة لا يشكّل البيض ذوى العرق الأيرلندى أو الأوروبى بالمجمل منهم سوى 7% بينما يشكّل السود 70% و الباقى من الملوّنين ذوى الأصول اللاتينية , فكان من الطبيعى و المنطقى أن تتعالى الأصوات متسائلة عما إذا كان التعامل مع الكارثة سيكون أكثر نجاعةً لو كانت قد ضربت ولايةً بيضاء ( خاصة عندما نعلم أنه و بعد خمسة أيام من الكارثة فإن إدارة بوش لم تقم بإنشاء مستشفى طوارئ بنيو أورليانز رغم أن نفس هذه الإدارة تمكّنت بهمّة تحسد عليها من إقامة مستشفى كهذا فى العراق عبر المحيط و فى أقل من 24 ساعة .

Quote: بل هى فضيحة إداريّة

Quote: كما ركزت انتقادات سياسية أخرى على حرب العراق حيث خرجت نداءات تطالب بإعادة القوات الأميركية من العراق للمشاركة في جهود الإنقاذ. وبرر منتقدو بوش تأخر المساعدات بانشغال إدارته بالعمليات العسكرية في العراق وأفغانستان التي تكلف الاقتصاد الأميركي مليارات الدولارات

انها عقلية الرجل الابيض
اخى الصديق
والتى يهرول اليها بنى جلدتنا كل عام
الهجرة اللوترى
وكل الخزعبلات الوهمية والاستعمار فى ارقى ارقى موضاته

ارجو ان يتعلم ابناء افريقيا الدرس والعبرة



لك التحية والاحترام
ولنا عودة

Quote: انها عقلية الرجل الابيض اخى الصديق والتى يهرول اليها بنى جلدتنا كل عام الهجرة اللوترى وكل الخزعبلات الوهمية والاستعمار فى ارقى ارقى موضاته ارجو ان يتعلم ابناء افريقيا الدرس والعبرة لك التحية والاحترام ولنا عودة

بوست مفخخ بلعت الطعم
جنى

Quote: في اعتقادك الم يحن الوقت للسود للمطالبة بتقسيم السلطة و الثروة مع الجلابة البيض ؟

Nice