ثورة الفحول

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 04:21 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-09-2004, 09:38 AM

Shao Dorsheed

تاريخ التسجيل: 06-12-2003
مجموع المشاركات: 1083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ثورة الفحول

    الي جميع الفحول في كل اركان الوطن الحبيب. ارجو قراءه كل النصوص قبل الرد:

    كتب الفحل: عبد المنعم سليمان

    Quote: بين الجنجويد وحركة تحرير السودان
    عبد المنعم سليمان
    [email protected]
    الحوار المتمدن - العدد: 916 - 2004 / 8 / 5


    لم يتصور احد أن تنحرف المسالة في دارفور إلى هذا المنحى . ولم أتصور أن الأمر قد يتطور في دارفور إلى هذه المرحلة الخطيرة في سيرها في الطريق المعاكس.

    المنحى أن تنحرف المسالة من ثورة حقوق عامة إلى تناحرات قبلية محدودة الأهداف والأثر. واعني بالمرحلة تلك التي يظهر فيها وزراء حكوميين وولاة بالسودان علانية، وفي التلفزيون الحكومي بالخرطوم ليتحدثوا عن خفايا وأسرار الصراع الدائر بدارفور. لكن من زوايا عرقية. وبإحساس عنصري . و يعلن مسئول وقيادي في حركة- طالما صرخت نافرة الأحادية والجهوية- في فضائية عربية نواياه وإحساسه تجاه العناصر المعادية له.

    الانحراف يشرحه المعادلة المتباينة بين مليشيا الجانجويد ومليشيا حركة تحرير السودان . والمرحلة يتحدث فيها السيد عبد الله مسار (الأمين العام لكيان التجمع العربي). و السيد محجوب حسين من (دولة الزغاوة الكبرى)‘أو تجمع الزرقة

    كما يعلن كل منهما عن الأخر. وتتحدى كل جهة الأخرى.

    لم يجهل احد أن جزء من طبيعة الصراع في قضية دارفور ذا بعد عرقي . وتلك امتداد لنزاع بين بعض القبائل في المنطقة . وصراع بعضها حول الموارد. للخلفيات الاثنية المتباينة بين المجمعات القبلية عامل معتبر. وهي سمة غالبة ليس دارفور بدعا عن كل المجتمعات المتباينة وقتما يقدر الله لها بالعيش سويا . لكن الحل كان في القانون العرفي . وخضوع الجميع لسيادة القانون. لكن الإسلام الحنيف كان العامل الأكبر في العيش بأمن وسلام .والدين قاسم مشترك للوحدة واحترام الآخر بشرا ادميا. ومكرمة الإنسان من كل إنسان . وحب الخير للناس عامة صفة اختصت بها شعب دارفور قرن لقرن تتاليا. وذالك ما مكنت العناصر جميعها من العيش في اتصال وتفاهم ودام عبر الزمن.

    وان التهميش والظلم والاستقصاء والاستغلال الذي مارستها أنظمة حكم الشمال كانت حالة عامة واقعة على الناس كافة في دارفور عربيهم وغير عربي كما هو الحال في كل السودان من غير الشمال.

    حكومة الخرطوم اليوم خاصة . والأنظمة الشمالية ذات التوجهات العروبية من لدن حلفاءهما الانكليز عامة. هي التي سعت لخلق الفتن بين كل عناصر الوطن المتباينة عرقا وثقافة ودينا. واجتهدت في إحياء عصبيات في غني عنها ويمكن الحياة بدونها . ولازمت في إزكاءها لتجني من ذلك العمل الخبيث الولاء لها و التأييد. و إطالة عمر- لا أمد الله لها فيه- . نموذج حكومة البشير ذات العقد ونصف عام واضح للعالمين .

    وكان يمكن كما ولا يزال حتى ألان أن تصل تلك العناصر المتناحرة والمتقاتلة –غفلة ظلما- إلى حلول لتلك الجوانب من القضية. وتسوية لما (انخرم) من الوحدة . ضمانا لتكاملها في ثورة قومية إقليمية ذات توجهات عدلية ورؤى مستقبلية . تعذر الماضي وتعمل للمستقبل.

    لكن ذلك الجانب من الحل هو الذي يمقته نظام الخرطوم . ويتحاشاه ما عاشت. ولذالك ما تزال تمخر بأياديها المتسخة في الصراع . لتبقيه فتنة قبلية جاهلية نتنة . لا يعنيها في ذالك ولو مات الناس جميعا أو نزحوا عن أوطانهم إلى الأبد.

    الجانجويد الجناح العسكري لكيان التجمع العربي.

    فقد تبنت حكومة الخرطوم بفهمها وانتمائها اللاسوداني أفكار بعض تلك المجموعات العربية أو ذات الأصول العربية في دارفور . بما تحمل تلك العناصر من إستراتيجيات عنصرية كالحة. و(مواهيم) مضمنة في برنامج (كيان التجمع العربي العنصري ) والذي يسعى إلى حلم استعراب الواقع الدار فوري خاصة والسوداني عامة . وأجندتها استئصال العناصر الإفريقية أو ذات الأصول الإفريقية وعلى رأسها (الراطنين) من القبائل اللهجة مثل (الفور والزغاوة والمساليت وما يلهم .

    وليست ثمة حدود دولية لذالك الكيان . وإنها رسالة مقدسة للقومية العربية في التماس. وقد بدا ذلك المخطط منذ السبعينيات من القرن الماضي وبدعم سخي من الدول العربية . وكانت الشمالية ذات التوجهات العروبية على دراية و مباركة وتأيد . ومشاركة، ولكن وفق برامج وأفكار كل منها. تتباين الأمة عن الاتحادي وتختلف اليسار عن اليمن وصلا إلى قرن الجبهة الإسلامية القومية. يتفق في ذالك مدنيين إلى عسكر .

    (الجنجويد) هو الجناح العسكري لكيان التجمع العربي . ليضعون الخطط الإستراتيجية على ارض الواقع . ولا يخفى على احد دعم النظام الحالي وعناصره لتلك العناصر المتعطشة للدماء. وتمكينهم وزراء وولاة ومسؤوليين كبار في الحكومة والدولة. وممارسة هواية التحريض والتجنيد. وتنظيف العناصر الأخرى عن مؤسسات الدولة بطردهم أو سجنهم أو إرسالهم إلى الآخرة.

    الزغاوة في جيش التحرير

    وبالمقابل فان الكتلة السوداء ( تجمع الزرقة العنصري أيضا ) وهو التجمع المناظر للتجمع العربي والذي يقوده الزغاوة والقبائل الراطنة. فقد نُظم استراتيجيا أو جاء ردة فعل للعروبيين .قوة مساوي لهم في المقدار ومضاد في الاتجاه وفق المعادلة الفيزيائي.

    ولا اعتقد أن العناصر التي تسمى أو تسمي نفسها بالزرقة أو (الراطنين) أو (النواب ) بفهم العروبيين - من غير الزغاوة كانت على علم واشتراك في التخطيط لما يدور في دارفور .

    وكما يقول (وثائق قريش ) الصادر عن التجمع العربي أن كتلة أبناء الزغاوة قد بدا من أول السبعين من القرن الماضي في تخطيط منظم ومدروس. تستهدف في الأصل القبائل ذات الأصول العربية . كقسمي الرزيقات في الشمال والجنوب والبني هلبة وغيرهم (أبناء قريش ). وتستهدف أيضا القبائل الإفريقية غير اللاهجة أو المتحدثة بالعربية كالبرتي و القمر والبرقد وغيرهم . وهو مخطط يبدأ بتمكنها من دولة تشاد -وقد وصلت إليها- وتمكينها من أسباب الثروة – ود جنتها من النهب وسلب. ثم تنتشر لتحرر دارفور وجزء من إفريقيا الوسطى.ثم تعلن (إسرائيل جديدة ) في إفريقيا وهو ( كيان دولة الزغاوة الكبرى). ولا يتم ذلك إلا بالاستيلاء على أراضي العناصر العربية وغير العربية . أو استئصالها ما أمكنها من الوجود وفق سياسية الصهاينة في فلسطين. وكانت لتلك المخططات مراحل . وقد انتهت حتى اليوم الجزء الأكبر منها.

    وحركة تحرير دارفور ولاحقا حركة/جيش تحرير السودان هو الجناح العسكري لكيان دولة الزغاوة الكبرى ويمكن أن نطلق عليها (حركة تحرير الزغاوة ) . ولا يخفى على احد يد دولة تشاد -التي يحكمها الزغاوة - ورئيسها شخصيا في خلق كيان جيش التحرير ذات الأبعاد العنصرية في دارفور . ولا تزال ومنذ تأسيسها ومدها بكل ما تحتاج إليها من مقاتلين وارض ودعم مالي ولوجستي وسعي للاعتراف بها كمعارضة رسمية عن أهل دارفور لا تزال دولة تشاد راعية لهذا الجسم وان بدا سرا فقد علم العدو والصديق ، ورآه الأعمى

    وحتى وإن ضمت إليها عناصر أخرى (راطنة) من العرقيات كالفور والمساليت أو ساندتها . وحتى ولو روجت لفكرة التجمع العربي المضاد لها وسط (الزرقة كما يسمون أو النواب العبيد كما يطلقه التجمع العربي ) .وحتى لو اعترفت بها قوى معرضة معتبرة . لا يجعل ذالك كله من حركة تحرير السودان غير أنها الطرف المناظر للجانجويد (المتبربريين كما يسمهم التحرير ) جيش التجمع العربي . وبالصورة التي ظهرت بها . وبأدلة موثقة .

    كل منهما أي التجمع العربي وحركة التحرير وفق تلك النظرات والتحليل يصبح جسم غير مؤهل للاستمرار و غير صالح للبقاء.

    مصادر تلك المعلومات باستثناء المنظور منها يروجها الطرفان العنصريان عن بعضهما البعض سرا وعلانية. في دلالة واضحة إلى تقسيم مسبق لدارفور بين تلك العناصر (الزغاوة) و(عرب قريش) وما تغافل بينهما تابعا .

    فكر همجي وهم الأصل

    ما زالت المحاولات مستمرة لنشر لتعميم الفكرة والمساندة في كافة السودان. واستدعاء عصبية الوطن العربي واستدرار شفقة القارة الافريقيا للاشتراك كل لما يليه.

    ويمكن لكل عاقل أن يتصور الفكرة ويرسم النتائج. لا يمكن أن يتصور عاقل صاحيا كيف يمكن تنفيذ تلك المشاريع الهمجية من جماعات همجية. تشبعهم روح العنصرية والكراهية تجاه بعضهما البعض. وتتحكم فيهم الجهل والتخلف وعدم ادرك جيد لواقع الحياة . وانعزال تام عن طبيعة التطور في عالم اليوم.

    ولا اعتقد أن المثقفين والمتعلمين من أبناء تلك العناصر ،وبما أوعطوا من حكمة وعقل . قد يتفق لدى احدهم-أو لمجرد تفكير في مثل تلك المشاريع الواهمة الحالمة. واني على يقين بأن العقلاء منهم ليسوا طرفا في الأمر. فقط أؤلئك الرعاع ذوا الثقافة والتعليم والأفق المحدود . والأموال السايبة.ومنهم على سبيل المثال لا حصر:قادة التحرير، وأشياخ الجانجويد . ومن استن بسنتهم واتبع ضلالتهم و سار على دربهم إلى يوم الدين. وليس الكل وهذا ما يجعلني اعتقد أن في القوم رجل رشيد.

    ولا أظن أن العناصر الأخرى بدارفور البالغ تعدادها 120 عرقية أو قبيلة . أو 36 مجموعة عرقية ، مثقفيها والمتعلمين منها . والمهتمين بالشأن. على اتفاق بما يحصل في دارفور . أو وفاق لهذا المنحى والانحراف. أو سكوت صما عما يدور .أو تنظيم أنفسهم في (حركة مكتوفي الأيدي ومكممي الأفواه). والساكت عن الحق شيطان اخرس .

    ولا يعتقد إنسان -غيور وطني يرفض الظلم- أن تصل القضية في دارفور على النحو الذي سلف . أو يتصور أن بتلك الطريقة يمكن تداوي جرح الوطن أو أن يصل الليل إلى نهار.

    ما هي الميزة الحسنة التي تتمتع بها قبيلة أو مجموعة عرقية دون سواها من القبائل والمجموعات العرقية الأخرى؟ وما هي الخصلة التي خص لله بها مجموعة وحدها خالصة لنفسها من دون غيرها مما تجعل العرقيات الأخرى أو القبائل الأخرى تحسدها عليها وترى فيها عداوة ؟.

    إن الناس لأدم وادم من تراب.

    ولا تزال دارفور دون سواها لا أفضلية لقبيلة على غيرها في اللون و اللون والعرقية والانتماء والتاريخ والجغرافية . ولا فرق لعربي على غير عربي . وكذبت من ادعت غير ذالك.

    إن الناس ولدوا أحرارا

    في ايطار فهمي عن حرية الإنسان وحقه في الحياة إنني اقر أن من حق (الزغاوة) أن تحلم وتفكر كما يحل لها وكما يشاء لها القدر .كما لغيرها الحق مثل ذالك . ولها الحق في أن تسعى لتحقيق حلمها وفق خصوصيتها . لكن بشرط أن لا يضر ذالك بحلم الأخريين ويمس حق الغير. والأرض واسعة للأحلام كما وسعت للحياة .

    وفي ايطار فهمي للحرية منحة لكل إنسان وحق كل حي في الحياة الدنيا .إنني أؤمن بأنه لا يحق لأحد أي كان، أن يحرم احد من حقه في الحياة الدنيا في التفكير والاعتقاد والتنظيم وبعزة وكرامة .شريطة أن لا يحرم ذلك الأخريين من حقهم في التفكير و والاعتقاد والتنظيم لصالح حياتهم.

    وان كل ما أقوله منصف لكل إنسان إلا انه بديهي. ولا يضرني من رفض واستنكف عن الحرية والحق واستشاطة قولي . وهل كانت الزغاوة إلا قبيلة واحدة؟ . وهل كانت الرزيقات إلا قبيلة أو ثنتين ؟. ومتى كانت القبيلة الواحدة أو الكيان الواحد رأيا أو فكرة أن تفرض نفسها ورؤاها وأفكارها وتنظيماتها على الأخريين من أمثالها ؟ لعلى تلك حظوة مضت في القرون الوسطى؟

    وما كانت قيس بأفضل من وائل . ولا تبكي الأرض ولا السماء لقيس أو وائل أن بقيت أو غادرت. وما زلت اعتقد أن في القوم رجل رشيد.

    وهل عرفت الزغاوة لدى غيرها من العرقيات بصفة غير ما عرفت عنها في دارفور أو تشاد غير صفة النهب والسلب وقطع الطريق وإخافة الآمن . والعصبية والغدر. وهل عرفت (الابالة) أو (المستعربين) أو الأعراب) أو في (التجمع العربي).عنهم دون غيرهم من العالمين صفة أفضل من الانطوائية والخيانة والعنصرية وفظاظة القلب وحرق الأحياء.

    تلك صورة عامة بمخيلة الأخريين بدارفور ويعلمها غيرهم إن ظن (التجمع العربي أو كيان الزغاوة) أنهما في الحياة . لكني لا أزال اعتقد أن كل مجتمع يحوي صالحين وطالحين مما يجعلني أنصف أن الزغاوة وحدها لم تخلق لتمارس النهب والسلب وقطع الطريق الآمن . صفات مارسها كل مجرم من كل قبيلة .واجزم أن العنجهية والخيانة والغدر صفات تنتشر وسط كل المجتمعات التي تستضيف الإجرام على مد الأرض.

    هذا ما يجعلني اعتقد أن في القوم رجل رشيد.

    الثورات أفكار ومفاهيم

    إن الحركات أفكار ومفاهيم وأراء، تنتظم جماعة من البشر في ثورة ممتدة حول الفكرة أو المفهوم أو الرأي . ينساب إليها كل من اتفقت معه الفكرة أو المفهوم أو الرأي. بصرف النظر عن انتماء ه العرقي أو الجهوي أو الجنس أو اللون . وتلك سمة حركات التحرر والثورات الفاضلة تجمع كل الفاضلين أو بعضهم لتقود الناس عامة إلى مجتمع الصلاح والفضيلة. ومحاولات معبرة عن إرادة الشعوب ونادر جدا ما فشلت في تحيقي أهدافها.

    كل منا يميز بين العرقية والحركة، وعبر العصور ظلت القبيلة هو ذالك الكيان الاجتماعي الذي يشعر الفرد بالانتماء إليها. ويجتمع الأفراد تحت مظلتها بصلة الدم والرحم . حتى لو اختلفت آراءهم أو تباينت مفاهيمهم وأفكارهم السياسة وأحاسيسهم

    . وما كانت قبيلة بأفضل من أخرى.حتى تنصب من نفسها ملكة للآخرين ومسيرة لهم مهما كانت أصولها أو كثرت عددها. وما خلق الله بشرا أحسن وارقي وأنقى دما من بشر. مهما اختلفت ألوانهم وأحجامهم وأوزانهم وأطوالهم.

    إن الظلم والتهميش الذي يضرب بأراض دارفور والغرب السوداني عامة لم تخص قبيلة دون أخرى أو جماعة دون أخرى للونها أو لغتها أو لطول قامة أفرادها أو قصرهم .حتى تنفرد بعضها بالمطالبة دون غيرها أو باسم غيرها. وتلك حالة بدأت منذ قرن نتيجة للمواقف الوطنية لأهل غرب السودان من لدن كرري وأم دبيكرات ومعارك سيلي.

    أن العدو بيّن وواضح للجميع. وان القضية واضحة ومن حق الجميع أن ينتصر لحقه. ويستقيم الأمر بالمقومين.ولا يمكن أن يقوم اعوج يشكو اعوجاجا . والذي يسعى لتحرير السودان من حكم الشمال القبلي أولى به أن يكون قوميا لا قبليا.

    وبعد :خطورة المرحلة

    إن مثل تلك المخططات والأجندة. والتي يتحدث عنه والي (الجيلي – أبو حمد) المدعو مسار عن طائفة (التجمع العربي ). سياسة تخدم بالمقام الأول الخطط الاستعمارية للنظام. مستخدمة فيها العناصر التي انحازت من دارفور إلى نظام الخرطوم خوفا أو طمعا أو جهلا أو غفلة بعلم ووعي أو دون علم ووعي - وما كانت قبائل بحالها-. ولان نظام لا يختار إلى جانبه من دارفور من كان ذا ضمير أو إرادة.

    وان مثل تلك الأجندة والمخططات التي حملتها حركة تحرير السودان عابرة بها الحدود.وتروجها في المحافل الدولية والاقلمية . لا يخدم في المقام الأول إلا نظام الخرطوم . وحركة تحرير السودان بأفكارها وأعمالها تقدم لنظام الخرطوم أكثر مما يستحق. و أفضل خدمة يقدمه عدو لعدوه وبالمجان .

    إذ ما دخل حكومة الخرطوم (أو عصابة حكم الشمال المستبد ) في حكاية بين الغرابة ( عرب أبناء التعايشى أو أحفاد على دينار وسليل المحارب سالم أبو حواء ؟ . وما دخل نظام الخرطوم حين يتعلق الأمر بأحفاد إدريس بكر أو أبناء بحر الدين أو المادبوا ؟

    إن كل ما يدور من خلافات واتهامات وسباب في دارفور تبقى بين (الغرابة ) أو أبناء الغرب فقط في نظر النظام ومن سلف ومن خلف.

    والغربة في تعريف الشمال هم اولاءك الهمج الذين لا يتفقون على شان. والنظام يسعى للتفريق بين أي تجمع عرقي حتى - أو سياسي أو اجتماعي تعرف الحق وتسعى لنيله. مستخدمة في ذالك كل ما تملك من مال. وضمير خرب. وكل ارث في الدناءة. ذالك شان الأنظمة الخبيثة . و ديدن حكم الالجاركية.

    وبعد :

    الذي أريد أن يعرف الجميع رد ثلاثة أسئلة مهم جدا.

    . هو ما سر تلك العلاقة الغريبة بين حركة تحرير السودان (صنع في تشاد) ومن (زغاوة) .وبين حركة العدالة والمساواة (صنع في جبل مرة) ومن(السودانيين المهمشين)؟ .

    . ما هو موقف العدالة والمساواة -وهي حركة تضم عناصرها من كل أبناء السودان المهمش وقبائل دارفور - مما يخططه النظام ويظهره في إعلامها . وما رسالتها إلي شعب دارفور المنتظر والمنهار والى الشعب السوداني عامة ؟ أم أنها عجزت أن تنتج خيرا بعد أطروحتها المقدسة ( الكتاب الأسود) ؟

    . وما موقف السادة المثقفين والمتعلمين- حتى بالشهادات- من أبناء دارفور الذين يؤمنون بميلاد دولة ديمقراطية تؤمن بالمساواة وحقوق الإنسان وحرية كل فرد في الحياة بكرامة دون المساس بحقوق الأخريين ؟

    ليس هناك من ينتظر ردا من النظام . ومن لم يجيب فسيستمر ندائي من مالطا.



    كتب الفحل: عبد المنعم سليمان ايضا:
    Quote: الجزء الأول

    عبد المنعم سلمان

    [email protected]



    ثمة شرطان أساسيان يكبلان إنسان غرب السودان والدارفوري بصفة خاصة ، ويشعرانه بالذل والهوان ويقهرنه على تبعة الشمال ، ويحملانه على قبول التميز العنصري في حياته.

    الأول : دخول حملات الاستعمار الأجنبي من الشمال وما يحمل من أسبقية التعليم والمعرفة المتحضرة لإنسان.

    والثاني : ارتباط الشمال باللغة والثقافة العربيتين وارتباط الأخيرين بدورهما بالدين الإسلامي .



    مفهوم أسبقية التعليم لدى الشمال في الشرط الأول يعني وجود حالة من الجهل والفقر المعرفي لدى غير الشمال ولا سيما غرب السودان.هذا إذا قبلنا جدلا أن الاستعمار جالب للخير والمعرفة والحضارة أو الاستعمار يكون شر لا بد منه.

    وقوع الأراضي السودانية في الشمال المتاخمة للحدود العربية - بصرف النظر عن العناصر القاطنة - ساعدت في تبعية مجتمع شمال السودان للمجتمع العربي واكسبها صفات عروبية ، وغدا الشمال جزء من المشرق العربي ثقافة ولغة وانتماء ،ولكن ليس السودان كله. ولم تكن العلاقة بينهما على درجة من الندية والتساوي. فقد كان المشرق العربي مستقل و الشمال السوداني تابع ويتبع للمشرق ما يتبع للشمال.

    ارتباط الدين الإسلامي بالعروبة في الشرط الثاني ولد مودة وإلفه بين أهل أفريقيا والعرب عموما ، ولكن تلك ألإلفه الروحية في السودان أخذت منحى آخر وخاصة في علاقة الشمال النيل بأتباعهم في غرب السودان. فقد وظفتها العناصر الشمالية (و نسميهم الجلابة) طوقا للحماية ، واستطاع الشمالية أن تشكل من العربية والإسلام سور للمحافظة على ممارسة طبيعتها وفق الصفات الإنسانية الرزيلة التي جبلت عليها .وغدت العروبة والإسلام شيء واحد مع الشمالي في التعريف لدي السودانين من هذا الصنف ، وأي نقد للأخير يعني الخروج على الأول ومن الثاني.

    الشمال هش ومحدود

    مع أن الشمال السوداني المتفوق معرفة وسابق التعليم هش البنية ومحدود الثقافة بدليل أن أسبقيته لم يمكنه من خلق أسلوب علمي حضاري للقيادة والعبور بالسودان ذو الجهات المتعددة إلى مصافي التقدم والرقي الديمقراطي الذي يكتب عندها للدولة الاستقرار والسلام ، لكنه ظل سورا قويا أمام طموحات أهل الغرب ، مثل تشكيله زخما أمام طموح شعب السودان.

    وكانت فرصة لو أتحيت لغير قوم مشحونين بمفاهيم التفوق العرقي والعنصرية والكراهية لما تأخر بلد كالسودان خمس عقود، عاشها فقرا وجهلا ومرض.

    ودليل محدودية ثقافة الشمال أن جل الإنتاج الأدبي والفني وثيق الارتباط بالمشرق العربي مثلا ، لم يعبر حتى عن الشمال نفسه فضلا عن انه عجز استيعاب المكون الثقافي لشعب السودان في الأدب والفن ، كما هو في السياسة والاجتماع .

    ولعل الروائي الشمالي الطيب صالح غير من يصلح كدليل لمعالجة نقدنا لتوابع الشرط الأول ، لقد عبر الروائي الشمالي المهاجر في رواياته (موسم الهجرة إلى الشمال ، ومريود ) عن التكوين الطبيعي للإنسان الشمالي بشفافية ودقة: الشهوانية ، والسعي في اقتطاف المسرات الأرضية ، انعدم القيم الإنسانية و المبادئ السماوية ، العرى الأخلاقي. تعبير يوحي بان الشخصية لا تتغير ، صفاتها مرافقة له أنما يلج ميادين الحياة. لا يؤثر قولنا فنيا في موسم الهجرة الروية الأدبية التي حازت على مكانة بين مائية الكتب الخالدة منذ هيمورس.

    كان ثمرة تعاون الشمال النيلي – المتفوق تعليما - مع المستعمريين الانكليز قبل وبعد مجزرة كرري (1896 م) أن وجد أبناءهم طريقا إلى المدارس التي تؤامن التعليم الحديث ، في الوقت عينه كان (الغرابة ) يخالطون بين أولادهم وأولاد الماشية التي يهتمون بها حتى صار من العسير التفريق بين الماشيتين في الفهم والوعي .تمكنت الجلابة من حصاد ثمار عمالتها للإنكليز بان تسنموا مكانة في وظائف الدولة السودانية حصريا في عهد ما بعد عملية السودنة قبل وبعد يناير 1956 م ، وهو ما أهل الشمال لفرض سطوته على السودان . حاولت الثأر لقتالها على أيدي الغرابة ببدر ( سنوات التعيشي وتأديبه للمتمة وشندي ) فجاءت في أٌحد (تهميش الغرب ) وكربلاء (دارفور اليوم) . وواصل غرب السودان في ممارسة هوايته المفضلة في لعن ( النصارى) و( الترك) علانية وفي شتم (الجلابة) سرا الذين ساهموا في جلبهم ، وتعميم أفكار تحريم لمس كل ما يتصل بهما كالتعليم المدرسي مثلا . لكن لاعتقاد الغاربة سبب نوضحه لاحقا.

    مظاهر الاستشمال بالدين واللغة والثقافة

    ظلت العربية اللغة والثقافة وما ارتبط بالدين الإسلامي منه في التراث والتاريخ الواردة في الشرط الثاني يتضارب لعقود من الزمان في ذهن الأفارقة الراطنين وغير الراطنين من أهل السودان من لدن غربي النهر الأبيض إلى بحر المحيط حول : قدسية ايهما، و ايهما منزل من الله .

    و سلسلة ما للعروبة من علاقة ظل معبدنا الذي نقدسه في غرب السودان . و (الغرباوي) يظل يحلم بالوصول إلى درجة القمة المعرفية للحياة الدنيا والآخرة حيث مبلغ (الجلابي) . و يقتضي ذلك المرور عبر بوابة ايجادة اللغة العربية والتثقف التاريخي في أصول الشعوب العربية ، و يعتبر ذلك غاية التشيخ الديني والاجتماعي.

    و قد مكنه غباءه المشهود من صناعة وهم ودود ، فقد أشاع أن (الجلابي) كامل وهو ناقص ، يوهم (الغرباوي) نفسه ببلوغ درجة الكمال الروحي والمادي عن طريق ( الاستشمال أو الاستجلاب ).

    والاستشمال للتعريف : هو عملية تغير جوهري يعترى الفرد من أهل الغرب في تكوينه الثقافي والتقليدي واللغوي والتدييني والنسب - تلك المتأصلة في جغرافية وتاريخ بيئته المجتمعية- ومحاولة استبداله بمظاهر بديلة من اختصاص أهل الشمال ( الجلابة ) وتخلق نمطا في التدين والسياسة والحياة اليومية ، وتجري الاستجلاب للأفراد من الغرابة في كل الأحيان إجباريا بشكل لا إرادي وبعضها اختياري عن طواعية واختيار.



    اثر عمليات الاستشمال (الاستجلاب ) في الثقافة الدينية

    القائدة تقول : أن رجل الدين وخاصة والشيخ الصوفي أو (المتمصوف ) مثلا بالضرورة أن يكون من اصل عربي معروف ، ومن نسل قرشي واضح (كبني العباس ) لان الصلاح ودخول الجنة تكون بالوراثة . ومن لم يكن كذالك فانه في الدرجة الثانية ، ويقبل صلاحه أو يرفض فهو في محل شكك غير مضمون العاقبة. وبذالك فان أهل الدرجة الثانية سيظلون أتباع لأهل الدرجة الأولى في كل الشعائر الحياتية السياسة والدين والاجتماع .

    والحالة كأنما تريد أن تقول: ( أن الله تعالى خلق صنفين من البشر : عرب و أعاجم ، فرفع العرب درجة ورفع قريشا فيها أخرى وشرفها سلفا بان اختار من بينها نبي أرسله إلى العالمين . وانزل الأعاجم دركة وانزل الزنج فيهم أخرى و أزلهم عبيدا تابعين ) وفي تلك العقيدة اتهام صريح للعناية الإلهية بعدم العدالة بين خلقه ، وعدم السوية بين البشر ،واعتقاد بتساوي السماء بالأرض وهو مخالف لجوهر الإسلام.

    وفق ذلك الاعتقاد فمن لم يشرفه الله بميزة العروبية في العرق والنسل القرشية في انسب فهو مدون في دفتر الأشقياء ، والسعداء هم من عربهم الله وجعلهم من بني العباس بيت شريف في قريش.

    كل الشيوخ من نسل شريف وكل العوائل المتمصوفة التي تشكل قدرا في السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية والدينية في السودان اتصلت بتلك المقولة.وكل أتباعهم من أصول زنجية.

    عمد بعض من أهل غرب السودان إلى إجراء عمليات تجميل في نسبه و إرثه العرقي حتى وان جاء تزيفا ، والى الساعة لا يزال السباق نحو استعراب الأعراق و تقريش الأنساب يجري وسط بعض الأعراق الغرباوية ، لتضمن لها مكانة في المجتمع الدنيوي وخلاصا في الآخرة. وهذه تعد من العمليات اختيارية.

    ظلت تلك الأفكار والمفاهيم تشكل نمطا تدينية ، وأنماط في السياسية ، ونمط اجتماعية ، والنمط الرئيسي في العلاقات الإنسانية بين الأفراد والجماعات والهيئات وعقيدة للحكام وسلوك ممارس في الكيانات الحزبية في السودان. إذ لا يصل السلطة أو المناصب المفصلية من غير الشماليين ، ويقربون إليهم من أجرى عملية استشمال ناجحة.

    وكان الشاعر الغرابي أبكر ادم إسماعيل أكثر الماقتين للاستجلاب وكان في مقدمة دعاة التأصيل الثقافي وقد عبر عن ذلك في ديوانه (قراءة عكس التاريخ ).

    غير أن اكبر المظاهر المعبرة عن تلك الحقيقة الحركة المستمرة للشيوخ و الأطفال والشباب الغرابة نحو

    (دار صباح) أو ( نحو البحر) ،بحثا عن الرزق والخلاص الروحي. ولكنهم كانوا ينفذون إرادة الشمال عبر عمليات الاستشمال الإجباري لإبقائهم سورا مطوقا لسلوكهم ونفوذهم في الثقافة والاجتماع.

    يأخذ أطفال الغرب إلى ورش الإصلاح الديني ب(دار صباح)الأواسط ، وذلك بغرض إجراء إصلاحات عامة في شكل الدين ومضمونه ، في ورش إصلاحية مثل ( شليخة ، أم ضو بان ، مبروكة ، الفكي هاشم ، معهد انسة ، ود البصير ) ، تلك تبدو ظاهرها خلاوى أو معاهد دينية تعمل من اجل الخلاص الروحي والصفاء إلى الله عبر تجويد العربية والقران الكريم ، لكنها في الحقيقة شركات تجارية تدر لمالكيها من (الجلابا) بالربح الوفير تضيف فر رصيد الراسالية للفكر الشمال المستعمر ، ( مالكيها يقومون بجولات تسول موسمية إلى الأراضي المقدسة لدعاية بإعلانات إعالة طلبة قرانيين و(أهل الله) من الأفارقة السود الذين اسلموا حديثا. فضلا عن أن هدف تلك المؤسسات الأساسية وهو مسخ حياة ادمي غرب السودان وإبقائهم في الدرجات الأخيرة.

    تكون تلك الورش معاهد تجهيل منظم تفرز سنويا ما يقارب 70 حامل لكتابة الله ونصف مجيد للعربية من اصل خمس ألف يمسخون ( شماسة و جنقوجورو ) ، يشكلون النسبة الكلية للبطالة والجهلاء والفقراء في الدولة السودانية خارج دائرة اهتمام الدولة . يجهل المساكين سبل عيشهم كما يجهلون ما فعلت آلة الجلابة بهم , وأجدر أن لا يكون خالصين في الحياة الآخرة.

    الظاهرة و سلاح اللغة

    اللغة جزء طبيعي في حياة الإنسان للتواصل وأداة ثقافي لتوصيل الحضارات و الأفكار و تلك سمة كونية في مباشرة سنن تمديد الأديان والأفكار ، لكن العربية في السودان تكّون طوقا محكم لحماية المخلوقات المدعية ملكيتها ( الجلابة) ،ويضحى من المحرمات -مثل كل الأصول الدينية في الإسلام- أن يجنح قوم إلى نقد استغلال استخدام اللغة بغرض حماية نفوذ استعماري عنصري.

    فقد تواضعت الحياة لأهل غرب السودان بلغة عربية ركيكة لكنها عذبة الإيقاع، ومفككة لكنها سلسة المسمع ليتواصلون عبرها . وهي اللهجة العربية التي نصطلح على تسميتها (بالعربية الإفريقية ) و المنتشرة في كل من حوض بحيرة تشاد وأفريقيا الوسطي وحوض النيجر الأعلى ونيجيريا.

    إلا أن هذا النوع من التواصل اللغوي أصبح مستهجن نقله- مع كثرة الناطقين بها- إلى دنيا السياسة والثقافة والاجتماع أسوة باللهجة العربية الجلابية في السودان . فقد صار الأخيرة خطاب الوسط الثقافي والاجتماعي والسياسي. الإعلام المتمثل في الإذاعة والتلفزيون تقرضنا في كل صباح و مساء عربية الجلابة تلك التي يصطلحون عليها (اللهجة السودانية الرسمية) في كل برامجها التفلة ذوقا وهضما.

    وجعل (الغرباوي) يزدري صفاته الحياتية لهجته التواصلية ، ولهجته الذاتية بقدر لا يقل عن استحقار (الجلابي) له وللهجته وتقاليده الأخرى.

    بعد عودة الغرابة من ( دار صباح ) ( شماسين) متطورين أو (جنقجورو) أو طلبة جامعة (مستجلببين) -إلا من رحمه الله و هذا إن عاد فعلا - إلى قريته إلى قراهم يحملون تلك اللغة ببغاوات يرددونها ، ويعتقد احدهم جازما انه بلغ مبلغ الحياة ( أولاد أم شليخ ) في النطق والتعبير، وفي الحق انه مسخ عن طبيعته بعد عملية استجلاب ناجحة أجريت له في اللغة والتدين والعادات والأخلاق .



    التطويق العروبي في الحياة السياسية

    الخرافة بالعقيدة المهدوية

    الحياة السياسية كان الميدان الأوسع الذي دارت فيها اللعبة بطلاقة وحرية ، وتعرت تلك الحقيقة المفروزة في الشرط الثاني للعيان ، فمع علم الناس– مثلا – بأن المهدي الإمام ينحدر من أصول نوبية في شمال السودان فقد عاش الوحي الذي افرزه في عقول أتباعه الغرابة و لم يزل ساريا من قرن لقرن حتى القرن الحالي في نفوسهم . فقد أشاع الرجل انه عربي من أصول قرشي وهو من صلب النبي الكريم . وانه موفد الرب إليهم . إنني لست هنا بصدد تكذيب دعوته أو تصديقها أو مغالطة ما حسمه التاريخ ،لكنني بصدد توضيح ماسي تلك الظواهر الدينية -كالظاهرة المهدوية - وأثرها في المعاملات السياسية في السودان التي وظفتها الكيانات السياسية الشمالية في البلاد بهدف الاستعمار والتطويق.

    فقد ظلت عائلة المهدي ذات القدر في السياسة السودانية توظف روحانيات جدها إلى اليوم ، وتستغل أتباع دعوته لأغراضها الذاتية . تترجم تلك الممارسات أشكالا حية من ظلم الإنسان لأخيه ، وصورا نابضة تعبر بوضوح الاستغلال البشع لكرامة الإنسان (الغرباوي) من (الجلابي) . وما عائلة الآسيوي المستوطن

    ( بالميرغني) في شرق السودان عنها ببعيد .

    في كل عام يخرج فيه الحجيج إلى بيت الله في مكة المكرمة يتزامن مع رحلة الحجيج (الغرابا) إلى قبة المهدي الإمام بامدرمان حامليين (زكوات) عامهم وصدقات أموالهم من قوتهم المسكين إلى ما يسمونهم آل البيت لقب عائلة المهدي بين الأتباع .

    فتوى حرمة التعليم المدرس الذي انتشر كانتشار النار في الهشيم في غرب السودان وسط أتباع الملة المهدوية لم تكن وليدة بيئة الغرب لكنها كانت من بنات أفكار عبد الرحمن المهدي احد زعماء العائلة المهدوية في الخمسينيات من القرن العشرين . ففي وقت كان فيه حفيده المهدي الابن (الصادق) يتوسط الحسناوت الأوربيات ليتعلم في كلية فكتوريا ثم أدنبرة بانكترا كان أقرانه من أبناء غرب السودان المحرومين ملجمين بخرافة من جده الإمام عبد الرحمن وآباءهم مشغوفين إلى بيوت في ربط الجنان برفقة المهدي الإمام الأكبر.

    الخرافة تقول : ( من أراد رفقة الإمام المهدي في الجنة فلا يذهب بابنه إلى مدارس النصارى والترك) .كان المهدي الابن رئيس حزب الأمة زكيا جدا للحفاظ على ارث آباءه في تجهيل أتباعه باسم الخرافة الدينية ، وإفقارهم بسلب أموالهم بالخرافة ذاتها ،و يبقى آمنا بين جدران صنعتها الخرافة.

    قال عبد الرسول النور احد معتنقي الديانة المهدوية والمقربين إلى المهدي الابن ( نريد أتباعا أميين يجهلون والكتابة القراءة فقد كان النبي عليه السلام أمي وانتصر الإمام المهدي عليه السلام بالأميين من أجدادنا)

    و للإبقاء على السور المطوق (العروبة والتدين التقليدي) للنسل الجلابي في إطار العلاقة الشاذة بين عائلة (رحمانوف المهدوية) المشكلة لحزب الأمة و شعب غرب السودان ،أصدر المهدي الابن في عامي حكمه اليتيمة أواخر الثمانينيات إعلان يؤكد فيه عروبة السودان ومع اعترافه بشيء من غير العربية.

    العقلاء فقط هم الذين يدركون أن الديانة المهدوية التي تعتنقها حزب الأمة بأقسامه وطوال تاريخه باطل ، و الجهلاء هم الذين يعتقدون بصحتها. والأذكياء فقط هم الذين يدركون أبعاد أهداف العوائل المتمصوفة التي تعتنق ملل ونحل باطلة على شاكلة الملة المهدوية في الحياة السياسية السودانية ، والأغبياء ما يزالون يتقربون إليهم لطلب البركة ووساطة الغفران.



    أفكار استشمالية معاصرة بالحركة الإسلامية

    مع أن الإسلام دين عدل ورسالة سلام ، وهو دعوة في عمقه إلى المساوة بين أتباعه في الواجب .و دونما تمايز بين بني ادم في المعاملات والإنسانية كوحدانية دعوته إلى الإيمان بوحدة الخالق والرسول والقبلة والكتاب لكنه في ذهنية كل من (الغرابا) و(الجلابا) ليس مفهوم واحد .

    يعتقد (الغرابي) هنا مثل اعتقادي ذلك ، ويعتقد ( الجلابي) -وبما انه وكيل للعروبة في السودان- انه صاحب الحق و المصدر لتلك القيمة الروحية أما سواه هو تابع له ، لأنه يعتقد عميقا أن الدين الإسلامي ملك يمين عربي على غرار اليهودية ملك يمين لليهود . فهو دوما مأخوذ بالعزة في إثم اعتقاده ، والشعور بالاعتداد بالنفس لتلك الوكالة.

    ولم يكن البشير النذير الكاروري وصاحبه احمد على الإمام - رجلي دين من الجلابة ومقربين جدا من القصر الرئاسي في خرطوم الساعة - أول من عبرا عن تلك المذاهب الشاذة في الحركة الإسلامية السودانية بمسمياتها المختلفة . بقول الأول على منبر مسجد جامعة الخرطوم – كبرى مساجد الحركة الإسلامية - : (أن للعرب حق الفيتو في نشر وحمية الإسلام ) .وما يزال الثاني يشبه أنفسهم برسول الله المحاصر في شعاب أبي طالب ، لان الإمام يؤصل للاسلمة والتعريب ، فهو يعتقد أن المسلم هو من يكون شماليا والمسلمين من دون الشمال هامش إسلام على غرار أن السودان هو الشمال والسوداني هو من ينحدر من الشمال وما سوى ذلك هامش .

    ومكافأة له على تلك الأفكار النيرة في عهد حكم الحركة الإسلامية في السودان أن منح احمد الإمام درجة البروفسيرة - درجة علمية حديثة في الدين – ولعله اكتشف نظرية حديثة ، إمعانا لتأكيد تلك النظرية الحديثة في الفكر الإسلامي المعاصر فقد استحدثت المؤسسة الجلابية للبروفسير الديني منصبا خاص به بجوار رئيسهم في القصر الرئاسي في السودان وهو أن صار مستشار الرئيس للتأصيل الإسلامي. التأصيل هنا يعني استجلاب كل ما يمكن استجلابه من المسائل المعاصرة في الاجتماع والسياسية وذلك بترجيح القضايا نحو المصلحة الشمالية في كل فتوى.

    وظاهرة تحوير الإسلام الحركي في العمل السياسي الهادف لمصلحة (الجلابية) في السودان ، يعني نحو مزيدا من استجلاب غرب السودان . قد شاعت تلك الظاهرة في حقب الحركة الإسلامية السياسية السودانية قبل وبعد وصولها إلى السلطة في أوائل العقد الأخير من القرن العشرين ، فقد مثل ( الغرابة الأتباع ) فيها بصدق وسذاجة صحابتها المخلصين وجاء دور (الجلابة الأمراء ) طائفة ( سلولية ثم أموية ) تمتهن النفاق والدجل في الأولى ، وتسعي لتعزيز الاستجلاب والتشميل في الحياة اليومية لإنسان الغرب بإجحاف في الثانية.

    ففي الوقت الذي كان فيه ( الغرباوي) يؤمن بوحدانية المعاملة والسواسية مستندا على تعاليم الإسلام يطير مخاطبا بها و مفاوضا وسجين بسببها ، يكون فيه ( الجلابي) منهمكا في الإعداد لانقلاب جديد يعيد لقريش مجدها واصلها المفقود بعد تساوي ظاهري فرضتها النفوذ الترابي في الحركة الإسلامية امة معدودة .

    و بينما كان رجال ونساء وفتيان من غرب السودان يقاتلون فيما يعتقدون أنهم في سبيل الله من لدن المهدية حتى سنوات حرب جنوب السودان بصدق وشجاعة ، كانت (الجلابة) طوائف في الزمنين:

    في الأولى تضمر تعاونا مع الغزاة المستعمرين عمالة . وفي الثانية تجتهد للقتال في سبيل (دار جعل) ، والكثيرين قاعدين غير أولى ضرر مع النساء ، وطائفة مشغولة بتدوين تاريخ الحقب لصالح المؤسسة الشمالية بأقلام مزيفة . ولا تصيبهم خاشعة من الله في الأولى ، ولم يغشاهم ورع في الثانية إلى درجة إعلان هوسهم العرقي في الإعلام الرسمي ، وفي وقاحة تم فرض قصائدهم ( كالفارس الجحجاح ) ضمن الأناشيد الهادية للقتال في سبيل ما يؤمنون به، والمحفزة للشهادة .

    ظهر ذلك التوثيق مادة جيدة للتطويق وغدا الجلابة هم أسيادها الحاكمين ، والغرابة كبش محرقة لا يذكر في الصلوات.

    وفي الماضي رصيد إسلامي ثقافي و جهادي ودعوي ضخم مثلته دار فور في غرب السودان طول حقبه شكل مفخرة للغرابة عامة يثبته التاريخ ولا يغالطه إلا خاسر. لكن ذلك لم يكن معلوم للأحفاد من طرفي النقيض (الجلابة والغرابة ) على حد سواء ولم يعد يعني للحاضر غير تراث تقليدي تكاثر عليه الغبار . فإلى الماضي ذهب الجلابي وحده خفية ليصنع له بصمات فيها وهو ما لم يثبته التاريخ ، فعمد إلى تزوير التاريخ نفسه فاظهر فيها بطولة زائفة ، فأصبح ليس هو الذي كان القاتل غدر والهارب جبنا عن موطنه . و صار وطنيا مخلصا ليسهو العميل المتآمر على شعبه وأرضه . وفي سرعة دون تلك الترهات في المنهاج التعليمية يتلوه أبناء الغرابة -ممن كان شقيا- صباح مساء .

    أما (الغرباوي) والمستشملين منهم من الذي لا يزال يرى في أحفاد الهاربين من الجلابا صورا لكمال الإنسان السوداني ، فقد أثرت فيه الآلة (الجلابية) بعوامل التربية تلك في نفسه وعقله . فقد صار تاريخ ( نمر ) كما هو جزء من المنهج الدراسي ، يشكل نمطا من الثقافة العامة في مجتمع السودان و(للغرابي ) أيضا.

    ومع جهل (الغرباوي) بماضيه صار الأجدر بعد ذلك أن يأخذ طريقه إلى سلة المهملات ثم زبالة النسيان . وجدير به بالبقاء قبل وبعد ذلك ضمن سلك التبعية المواظبة للشمال.

    عبد المنعم سليمان

    Moniem762002@yahoo .com

    ملحوظة :

    جزء من المقال كانت ورقة مقدمة في حلقات نقاش مع شبيبة منظمة سوادنة للشباب السودانيين بشمال إفريقيا ، مقرها طرابلس في 2003م.


    نواصل
                  

11-09-2004, 09:41 AM

Shao Dorsheed

تاريخ التسجيل: 06-12-2003
مجموع المشاركات: 1083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة الفحول (Re: Shao Dorsheed)

    كتب الفحل: عبد المنعم سليمان ايضا:

    Quote: جدران من الطوق الشمالي أخر ثورة الغرب

    الجزء الثاني



    مدخل

    نشرنا في الجزء الأول الشرطان الأساسيان اللذان ساهما في تأخير ثورة الغرابة وهما:-

    الشرط الأول : دخول حملات الاستعمار الأجنبي من الشمال وما يحمل من أسبقية التعليم والمعرفة المتحضرة لإنسان.
    الشرط الثاني : ارتباط الشمال باللغة والثقافة العربيتين وارتباط الأخيرين بدورهما بالدين الإسلامي

    .



    رغبتين عارمتين بنفس الغرابة

    فلقد شكل ما عناه الشرط الثاني من مضامين جدارا حاميا للمفهوم النابع والمضمن في الشرط الأول. و كون سورا غليظا من الحياء والتقية ، والخوف إلى حد ما في نفسية أولاد الغرب حتى مع اعتراف الزمان بعدم صحة الاعتقاد.

    ففي معرض علاقة الدارفوريين (الغرابة ) ( بالجلابة) الشماليين ، كل منا يولد كغيره من أطفال القرى الفقيرة الرائجة بالعوز والتخلف بدار فور لا يدري ماهية نفسه وما حوله ، وينشأ سجين تلكما الشرطان وما يعنينهما ، ويكون من المحرم عليه جيل بعد جيل محاولة تجاوزهما أو اخترقهما أو التمرد عليها. وحتى دخول الغرابة المدينة على حين غفلة من أهلها بغرض الدراسة الجامعية- لمن قدر له ذلك-. كانوا يجدون تلك النواحي في أنفسهم بذات القدر الذي يشعرون به كغرباء بالخرطوم. يتأخر الكثير منهم عن الصفوف الاجتماعية النشطة عدا الأكاديمية. ويكون من غير المأمول به لدى الخريجون منهم -مجرد حلم فقط- أن يخيل نفسه صالحا لمنصب وزير حقيقي أو رئيس دولة ، أو حيازة ثروة أو امتلاك مؤسسة متعبرة .

    ولو اكتشف أسيادنا الجلابة مثل تلك الأحلام في صدورنا لأرسلونا إلى الآخرة مباشرة، خاصة في قوافل الموت إلى الجنوب بعد سنوات التسعين.

    ولو تأملنا تاريخ المثقفين - والمعتبرتين منهم - من أهل الغرب علي مر السنوات لوجدناهم مدفوعين دائما برغبتين عارمتين :-

    رغبة التفوق المعرفي مثل أو على الشمال ، سعيا للقضاء على مفهوم الأسبقية وتحقيق قدر من الاستقلال في الحياة والكرامة .
    رغبة التمرد على التبعية المفروضة للجلابة الشماليين وما يحمله من تميز واحتقار في العلاقة وذلك بإيجاد شكل معين في ممارسة العناصر المشتركة بينهما: الدين واللغة والثقافة.
    ولكن الأسورة والجدر التي صنعتهما المفاهيم النابعة من الشرط الثاني كانت كفيلة بان تقتل أي ثورة (غرباوية ) و ترد أي تمرد في النفس . وكل محاولة يقوم بها الغرب كانت توقعه في عمق المأساة بعنف. كما أن حق الأسبقية التي تؤمن بها الجلابة كان رصين في كل العهود غطرسة وقلة أدب ومهيب للغرابة . وأي محاولة شاذة كان يعني أن تضرب المؤسسة الجلابية بكعب حذائها على رأس الغرابة الناشزين من القائدة لتردهم إلى التبعية والانحلال من جديد.

    حادثة تترجم عقلية (الجلابة ) ونفسية (الغرابة) في تقبلهما للشرطين : جمع الدكتاتور النميري بأمر عسكري كل أبناء النوبة وأبناء دارفور وأبناء الجنوب في الجيش ضباط صف وجنود في منطقة الخرطوم العسكرية صبيحة تنفيذ حكم الإعدام على شهداء ثورة المقدم حسن حسين 1976 م في ثلاثة صفوف كل في صف . وخطب فيهم قائلا:-

    إذا وصل الجنوبيين إلى السلطة فمن يكون مكلف بحمل سلة (جرديل ) الفضلات من مراحيض الشماليين ؟ . وإذ حكم أبناء النوبة فمن يخدم بيوت الشماليين ، هل تفتكرون أن بنت شمالية حرة ستخدم في بيوت النوبة ؟ والتفت إلى الغرابة ساخرا :ومن العبيد الذين سيخلفكم في خدمة المشاريع الزراعية (الجنجورو) حينما تصبحون حكام ؟

    كانوا وحدهم يملكون الإجابات الصحيحة وكل من عرف الإجابة الصحيحة لا يستحق العيش.

    بعد أن أقام الدكتاتور عليهم الحجة والدليل أمر جند (سود ) من الغرابة برميهم بالرصاص. واثبت لكل واحد منهم وظيفته في الحياة الدنيا التي خلق من اجلها. وكان من المقربين إلى القصر الرئاسي آنذاك ثمة ضباط (غرابه) ما فتئوا يكررون أمامه الكلمة الاستعبادية الشائعة في الجيش ( سيادتك ).

    تلك الحادثة جعلت من الدكتاتور النميري ممثل الجلابة الشرعي حينها فيلسوف وحكيم زمانه على درجة واحدة مع افليطين في مدينته الفاضلة بتقسيمهما الناس إلى طبقات وأصناف حسب خلقتهم ، لكل طبقة أو صنف دور محدد في الحياة الدنيا ووظيفة معينة لا يتجاوزها أو يفكر في غيرها .

    والجريمة التي ارتكبها الشهيد المقدم حسن حسين هو انه حاول التفكير في تجاوز تلك القائدة فعاقبه عليها عرف بعض القوانين الأرضية الظالمة بالإعدام. كان يفترض به – حسب رأي الجلابة - أن يختار وظيفة واحد فقط من أصل ثلاث مقدر لهم ناقلا فضلات الشماليين أو عامل في البرنامج الزراعي للرأسمالية الشمالية أو غلام يخدم سيدة جلابية في إحدى قصور الارستقراطيين الجلابة.

    واسألوا الدكتاتور النميري ألان قبل قوله ذلك أمام محكمة التاريخ التي شكل ضده بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وقعت في عهده في عهده

    حقيقة محاولات تمرد الغرابة على الشرط الأول تثبتها النوايا المكبوتة بالثورة على المعاملة مع الشمال ،أعلنوها في جبهة النهضة الدارفورية ، وانقلاب حسن حسين ، واللهيب الأحمر ،و تظاهرات مدنية محدودة ، وغيرهما من النزعات الفردية للغرباوي ورغم إنها ارتدت بفعل عوامل الشرط الثاني لكن تلك الضجرات أحدثت تمزيقا في الشرط الأول إذ أن أسبقية التعليم لم تعد تعني تقدم معرفي لجهة دون أخرى في السودان و بمقدور الفئة القليلة المتعلمة إحداث شيء ممكن وسط قاعدتها الجاهلة.

    عند إعلان تلك الأجسام : النهضة في الستينيات ، وحسن حسين في السبعينيات ، واللهيب في الثمانينات ، كان يعني أن الشرط الأول لم يعد يمثل الكثير من الأهمية بدليل أن أبناء الغرب أدركوا نقطة هامة في شكل العلاقة بينهم والشمال . وكان من مؤسسوها التنظيمات الأوائل المهندس دريج والطبيب على الحاج وأخريين وكلاهما اختار الالتحاق بغير الحزبين التقليدين في نهاية حياته .ليجد كل منهما حصار مجددا في كل محاولة خروج من مضيق لآخر.



    نبؤه بولاد خرق للشرط الثاني

    في أول العقد الأخير من القرن العشرين قام شاب غرباوي ريفي بإعلان مفاجئ قصد محاولة تغير شكل علاقة التبعية بين الغرب والشمال ، وبقيام الفتى الريفي داود يحي بولاد(1952-1992) بثورته المغمورة تلك أحدث ثقبا في جدران الحياء الديني والثقافي التبعي وهو ما يعد انتهاكا للشرط الثاني ، وعبر الثقب استطاع أن يمرر رسالة تحيى بعد رحيله ، وتحكى عنه إلى أزمنة أخرى.

    لم يكن المهندس الريفي داود بولاد يشعر بانتمائه إلى شعب الفور - وشعب الفور بغرب السودان ذات جذور عميقة في الأفريقية وصلة عميقة كذالك بالعروبة ، وتعد أمثولة التزاوج بين الثقافة العربية الوافدة مع الدين الإسلامي الحنيف والحضارات لإفريقية العريقة الضاربة في قدم السودان - ولكن بولاد كان عميق الانتماء إلى البيئة الدارفورية الريفية القاحلة .

    و تعد البيئة الدارفورية خلاصة التكوين الإنساني لمجتمع غرب السودان : الجغرافية ، والتاريخ ، والثقافة ، والتقاليد الجامعة لكل الأعراق الغرباوية عربا وعجم في قالب مميز، ما يأهل الغرب بان يصبح متغير مستقل وليس تابع.

    ينحدر داود يحي بولاد من مجتمع مشبع بالفقر والتخلف ، وتربى تربية دينية إسلامية صارمة تدنو من الأصولية في الممارسة انتهى به الحالة إلى ارتياد صفوف الجماعة الإسلامية السودانية التي يقودها الدكتور حسن حفيد الصوفي النحلان الترابي الظاهرة الإسلامية في العصر الحديث .

    وكان بولاد متفقها وعالما دينيا كما كان مقرضا للغة العربية وملم بأنساب العرب .فقد حفظ قدر من التراث الإسلامي ووعى مثلها من الثقافة الإسلامية ذات الصلة بالعربية. وكان نموذج للشخصية السودانية الناتجة من خلاصة مبارة فريقي الاستعراب والافرقة الطبيعيتين فلم يكن ملما بلغة قومه شعب الفور - وكان في ذلك سر هلاكه- . ولعله أكثر من استطاع أن يميز بين العربية الثقافة واللغة من جهة والإسلام رسالة الرب الحنيف الذي يستند على الكتاب المدون بأحرف عربية ورسالة إلى رسول عربي من جهة أخرى. و أدرك كيف تحولت تلك العناصر الكونية إلى نسقا معترف بها في قالب عنصري في يد الجلابة السودانيين من صنف كانوا يشاركونه لقيمات الثقافة السياسية على مائدة الجبهة الإسلامية.

    لم تكن ثورته بأي شكل ضد الإسلام أو العربية العرق والثقافة كما أشاعت الجلابة عنه وعنها ـ ولكنها كانت ثورة حقوق مطلبيه ضد استغلال الشعوب باسم الأعراق النقية والتاريخ المزيف وباسم الأديان.ولأنها كذالك لم يمهله زميل دراسته الذي صار حاكما على أهله وشعبه الجنرال الطبيب الطيب خير حينها أن يسمع الغرابة صوته ورأيه الصائب.

    وعجلت المؤسسة الجلابية بقتله مستندة على مفهوم وفلسفة الدكتاتور النميري السابق - في قتل الثوار السودانيين من أبناء الغرب - ولكن بمفردات رومانتيكية جديدة .وجعل من بولاد أول رجل يعدم لرائيه السياسي في تاريخ الممارسة السياسية السودانية. وفي ذلك يكمن عظم خطورة العلاقة بين الغرابة والجلابة في السودان.

    واستمر الجدل حول رسالة الشهيد بولاد عشر سنوات . جدال بينيا وسط كل من الجلابة والغربة منفردين ، وجدالا تناظر بين الطرفين .

    وكلف مقتله دينا ظل في أعناق بعض الغرابة أمثال الطبيب الخليل إبراهيم (45 عاما) وبعض من مجموعته الحركية الشابة الذين كانوا مقاربين إلي بولاد في التكوين الثقافي . و دين كذالك في عنق أمثال المحامي عبد الواحد محمد نور (45 عاما ) ومجموعته الشبيهين له في التكوين العرقي ، ديونا لا تقل كلفة عما في أعناقنا جميعا كغرابة الذين ننحدر مع بولاد من رحم القدر الواحد : هذه البيئة المهمشة التابعة.

    وقد ظل الثقب الذي أحدثه ثورة الشهيد المهندس الريفي في جدران الشرط الثاني يتوسع باستمرار مع تزايد الأسباب التي حضته للقيام بتمرده على حكم الشمال وهي :

    زيادة الوضوح في التعامل التميزي في علاقة الغرب بالشمال ، زيادة نسب الاستعلاء في المؤسسة الشمالية باسم العرق والدين ، جهل و قلة أدب الرؤساء ، قهر الشعوب على التبعية بالاستفزاز والاستغفال ، وتطور حركة الاستعراب وصيحات وامعتصماه التي استدعتها الجبهة الإسلامية إلى السودان . وتزايد كميات الفقر الاقتصادي والسياسي بمجتمع الغرب . ثم عوامل أخرى خارجية كتقدم عصر المعرفة ، ودخول عصر الحريات و فاعلية الشرعية الدولية.



    نهاية القرن و ميلاد كتاب يتيم

    لم يحسم الجدل حول ثورة المهندس الريفي الشهيد حتى ولد الكتاب الأسود في إحدى صيوف نهايات القرن العشرين بعد مقتله بثمانية أعوام . في عمق الوجود الجلابي. وجاء الكتاب المشخص لمرض المجتمع السوداني في شفافية وجراءة مجهول الأبوين ، ولم يستطيع احد تبنيه علانية إلا بعد تجاوز عمره الخمس سنوات - والسبب أن جداران الطوق التي صنعتها المؤسسة الجلابية من العناصر النابع من الشرط الثاني ظل متماسك البنيان أمام عقلية مثقفي غرب السودان وأمام نفسية غرابة دارفور خاصة، رغم ثقب الذي أحدثه بولاد ،.

    مع ذلك فقد غدا الثقب الذي أحدثه الشهيد المهندس بولاد حقيقة فعلية بفضل منجزات طلاب العدالة والمساواة مؤلفي الكتاب الأسود ، إذ انه بات بمقدور (الغرباوى) أن يخترق شرط الحديث في الثقافة والدين والعربية، و ينتقد الجلابة بهمهمة ولكن بثقة نفس ، ويستعد ليوم آتي . وهو ما كان يعد في السابق خروجا عن الملة الإسلامية من أوسع أبوابها ، وخنجرا في ظهر الشمال الدولة والعربية .

    عدا ذلك الإنجاز نجاحا فلعليا مقنعا للغرابة وللجلابة سواسيا. ونجاح افتراضي اكبر استطاعت الثورة الدار فورية أن تحدثه بعد عامين من أطرحة الكتاب الأسود بإطلاقها لأول رصاصات حمراء حاملة رؤوس حرية عابرة للأقاليم السودانية المهمشة ، وبذلك استطاعت الثورة الدارفورية مرة أخرى أن تجعل حقيقة النجاح الافتراضي لا يقل إقناعا عن حقيقة النجاح الفعلي.

    صحيح أن الثورة لم تستطيع أن تلحق هزيمة فعلية بالشمال الأسورة والمفاهيم إذ لا يزال ثمة غرابة منافحين عن الجلابة تبعا ومطيات مطيعة . وصحيح أن الثورة لم تهذم العقلية العنصرية إذ لا يزال نظامهم ساري المفعول مترجم شرط تفوق الشمال الثقافي والعرقي على الغرب . وصحيح أن الذي عجل بتقدم مسار قضية الغرابة هي تلك المأساة الناتجة عن إفراغ الأقلية الشمالية لمكنون حقدها ولؤمها على شعب الإقليم. إلا أن المؤشرات توحي أن الشرط الثاني وغيره لن يبقى مستعصيا علي الغرابة إلى الأبد.





    عبد المنعم سليمان

    [email protected]
                  

11-09-2004, 09:43 AM

Shao Dorsheed

تاريخ التسجيل: 06-12-2003
مجموع المشاركات: 1083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة الفحول (Re: Shao Dorsheed)

    كتب الفحل: عبد المنعم سليمان ايضا:

    Quote: جدران من الطوق الشمالي أخر ثورة الغرابة
    الجزء الثالث
    عبد المنعم سليمان

    [email protected]

    نشرنا في الجزئين الأول والثاني : الشرطان الأساسيان اللذان ساهما في تأخير ثورة الغرابة .

    ومحاولات الخروج مثلتها النهضة وثورة بولاد. فيما يلي مواصلة

    والجزء الثالث



    نقاط مظلمة

    الغاربة أكثر عددا ولكن غثاء سيل

    ليس بمقدور الشمال الجلابي مواصلة سيطرته على مقدرات الدولة استنادا على الشرط الأول . فتلك القرى الشاحبة على ضفاف الوادي و المرصوصة بين الخرطوم شمالا ، بدا بالفكي هاشم و انتهاء بقرية وادي حلفا الكبيرة والبالغ تعددها(286 ) قرية ومدينة ليس بمقدرها منافسة (3800 ) قرية ومدينة في دارفور يتميزون بثروة ضخمة من الموارد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .. وعدد سكان قرى بوابة المستعمريين وحلفاءهم تلك يبلغ في أحسن الأحوال مليوني نسمة ليس بمقدور فئة قليلة كتلك الانفراد مجددا بحكم دولة يقدر سكانها ب (40مليون نسمة) إذ أن أول من ينافسهم غرمائهم الغرابة ذات الغالبية الميكانيكية في التركيبة السكانية بالسودان ، يبلغ تعداد الغرابة في اسؤ الأحوال (12 مليون نسمة) ، وذلك استنادا على قوانيين الطبيعة في الحراك المستمر وزيادة نسب الوعي بزيادة عدد السكان . مع تقدير ضعف نسبة التعليم مقارنة بعدد السكان في الغرب الغرابة إلا أن تقدير الكم المتعلم منهم فقط يفوق تعداد الكم الجلابي جهلاءهم ومتعلميهم.

    الحزام الأسود حول مدينة الخرطوم والتي تبدو للناظر من نافذة الطائرة القادمة من جوهانسبوغ حاضرة جنوب إفريقيا أشبه ما تكون بمساكن الصفيح بأطراف جوهان قبل التسعينيات الماضية ، وتلك مقدمة زحف الغرابة الاجتماعي نحو( البحر) من جديد بعد تهجير قصري فرضها الاستعمار وحلفائه الجلابة عليهم عقب مذبحة كرري .

    يبلغ تقدير تعداد الغرابة حول مدن الخرطوم (3 ملايين ونصف ) من جملة تعداد سكان مدن الجلابة المدللة البالغين ( 6 مليون ) بما فيهم إخواننا أهل الجنوب وغيرهم.

    مكونيين بذلك ثلاث أرباع مدينة أم درمان وأحياءها الطرفية : امدرمان كدار السلام وأم بدة ، و جملة الأحياء السكنية جنوبي الخرطوم وحول الخرطوم بحري كالحاج يوسف ، تكون حلقة الحزام الأسود -كما يصفهم الإستراتيجيون الجلابة –

    يعكسها القصور العالية في الوسط بالإحياء السكنية في الرياض ومنشية الترابي والعمارات وجدة و مدينة النيل وبحري. وهذه تكون مركز الشماليين بالتضامن مع المستوطنين الحلب ويشكلون معا الطبقة الارستقراطية فاحشة الثراء والحائزة على السلطة والثروة بالبلاد .

    الفقر المتقع والبطالة المقننة التي يعيشها سكان مدن الصفيح – أو الحزام الأسود - أمكن استغلالها لمواصلة من قبل الآلة الإستراتيجية الجلابية في مواصلة عمليات الاستشمال الواسعة التي يجري بوسط اؤلاءك البؤساء..

    إذ نسبة البطالة العالية بين الشباب ، وتزايد نسبة الجهل بانعدام مؤسسات التعليم جعل من النظام يستغلهم في تجنيد اكبر قدر ممكن منهم في البرنامج العسكري الجلابي (مليشيا) الدفاع الشعبي ثم الجنجويد التي تحارب الآن من اجل تهشيم ما يمكن تهشيمه من القرى المهمشة في بلادهم التي هاجروا عنها في دارفور.

    ونزعتهم الغرباوية الساذجة جعلهم يعبدون الشمال و يحمدونه وله يسجدون ، فبعدم تنظيمهم المستقل استمر تعرضهم للاستغلال الاستشمالي في المقدرات المادية والمعنوية

    لم تكن التظاهرة الثورية في دارفور تتجاهل احد مظلوم ومقصي و مهمش في السودان وهي تستهدف في العمق تعديل مجتمع الخرطوم المختل وإبداله بمجتمع فاضل .

    استدراك تلك النقاط المظلمة من الغرابة الفقراء في دار صباح يعجل بالثورة إلى نصر مؤزر.



    الجنجويد يخلفون الجنقجورو في الاستغلال

    أثبتت شغيلة (الجنقجورو) عمال مشاريع الدولة الزراعية من الغرابة بكل كفاءة طول عمر التاريخ الزراعي لدولة السودانية أنها ليست اقل كفاءة عن أي آلة زراعية صنعت في ألمانيا أو الولايات المتحدة . وقامت آلة (الجنقوجورو) بتنفيذ البرنامج الزراعي في الفكر الاقتصادي الجلابي بكفاءة نادرة . من إزالة غابات مشروع (الجزيرة ) في بلاد ما بين النهرين استنادا على خرافة أبي صديق بن المهدوي الدجال ، إلى زراعة وحصاد مادة صناعة الأزياء بمصانع يروركشيرك في انكلترا في مشروعي الجزيرة والمناقل إلى زراعة وري وحصاد قصب السكر في مدن كنانة وحلفا الصغيرة والجنيد والمشاريع المطرية في القضارف الحدودية مع الحبشة ، جلها مشاريع تنموية قريبة من بلاد مساكن الارستقراطية (الجلابة) ، وبعيد عن ارض الشغيلة الغرابة التي اضطرت للرحيل الأبدي إليها.

    ساهمت شغيلة الجنقو جورو في بناء الرساميل في الفكر الاقتصادي الجلابي، وغنيت الطبقة الارستقراطية الجلابية قصورا وحدائق وثروة بود نوباوي ( حي عائلة رحمانوف المهدويين) وجاه ومكانة اجتماعية ومصانع وشركات اقتصادية ضخمة ، وبنوك ومؤسسات تجارية وقوانيين استثمارية لمصلحة الشمال.

    لم تعلق المؤسسة الجلابية الحاكمة بصدور اؤلاءك العمال أوسمة جراء خدمتهم المخلصة في المشاريع وعندما انتهت الحاجة إليهم لم يحالوا إلى ورش للإصلاح ، فقد تم إيداعهم في معسكرات دائمة للاجئين (باتستونت) حيث آوتهم بيوت هزيلة من اللبن والأعشاش بنوها بأيديهم في قرى فقيرة (كمبوهات) منتشرة حول ( مدن : المناقل ، ود مدني ، الحصاحيصا ، كنانة ، جزيرة أبا ، القضارف ، سنار، حلفا الصغيرة) في أراضي يدفعون أجرتها في السكن والزراعة ويواصلون ازلال أنفسهم لكسب القوت باجر زهيد في علاقة زراعية غير متكافئة بينهم وملاك الأراضي .

    لتعزية العمال الساقطين في وهدات الشقاء ثمة قانون أصدرها النظام الجلابة الإسلامي بعد وصوله إلى السلطة في 1990 يؤكد لهم أن آلامهم ليست سوى عذابات دائمة مؤقتة(a temporary inconvenience)في الحياة ثم يرحلون في رحلة الأبدية.

    أصبح برنامج قوة عمال المشاريع ( الجنقجورو ) فيما تبقى من حياتهم كيف يرفعون عن جلدهم التمييز العنصري في الخدمات الرخيصة من الحكومات والوطنيين الاستعلائيين . غزو منظم تشنه عليهم مواطنون في بلاد ما بين النهرين لنهب ممتلكاتهم والكثير منهم عاشوا مع عائلاته في ضنك حتى الموت جزعا.

    وفي مساء كل يوم يتجمع الجيل الضائع المحرم ذهابه المدرسة حول العجائز الذين يرون قصص قديمة و أحاجي محفوظة عن موطنهم في الغرب ، وينشدون أغاني حزينة مستحضرة من الماضي . ويختمونها بدموع لهذا العذاب .

    ذلك حياة أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون من (الغرابة) في بلاد ما بين النهرين والقضارف وحلفاء.

    بعد نهاية صلاحية (الجنقجورو )الغرابة أنتجت الامبريالية الشمالي قوة جديدة مستغلة من (الغرابة) بغرض تنفيذ البرنامج العسكري في الفكر السياسي الشمالي ذلك هو سبب خلق مليشيا (الجنجويد) في دارفور ،وان ثبت قدوم الكثير منهم من خارج الدولة لكن (الجنجويد) خلفاء (الجنقجورو) ، وكليهما قوة من غرب السودان أنتجت لتنفيذ برنامج محدد في الفكر الاستعماري لدى الجلابة . كما كانت (الجنقو) قوة اقتصادية في الإنتاج وساهمت في تمليك الجلابة أسباب الثروة وعناصر الإنتاج فان (الجنجويد) قوة دارفورية تستغل للدفاع عن بقايا الهتر السياسي للجلابة في شكل نظام الإنقاذ.

    البدو الغرابة الذين يشكلون جزء مقدر من القوة العسكرية في البرنامج الجلابي اليوم الجنجويد تم اكتشافهم صدفة لأول مرة في خريف 1992 م وفي أعقاب مقتل ثورة الشهيد الريفي بولاد. وكانوا رحالة يضربون خيامهم بسهول وأودية تقع غرب وشمال جبال مرة وكانوا خارج علم و إحصائيات الدولة الرسمية ثروة وسكانا. وفكرت العقلية الاستعمارية في استغلالهم وإلحاقهم بالتبعية نظير الاعتراف بهم جزء من رعايا الدولة التي يحكمها الجلابة ، وقام الأعراب البدوية الجاهلة بالتعاون مع الجلابة وفق شروط التبعية. صنعوا بتنفيذهم شروط التبعية نقطة مظلمة في الجسم الغربي يظل يعاني منها الغرابة ويستثمرها الجلابة ، وسيؤدي إلى فناء اؤلائك الأعراب البدو من تلك العقلية الشمالية نفسها. يدرك اؤلاءك الأعراب جديدو الحضور في الساحة السياسية السودانية أنهم لا يملكون ثمة ارض للرعي أو للسكن فهي مملوكة بقوانين الحواكير لغيرهم من السكان الأصليين ، و تعاونهم مع الشماليين العرب الحكام ليس في مصلحتهم و يخلق لهم متاعب جمة لا تحل إلا بالسلاح والتبعة للشمال. وذلك سيظل برنامج حياة لهم . ويدرك الشبان أنهم استغلوا للقتال لسبب مجهول. إنهم يعيشون في مرارة وألم لا يقدم التاريخ مشهدا ادعى إلى الحزن من منظر انحطاط اؤلاءك الأعراب البدو في دارفور ، مشهد كيف يستغل الإنسان المنحط أخلاقيا لأخيه الإنسان طمعا في شهوة السلطة ونهب أمواله ، فالكثير من هؤلاء الأعراب ماتوا خوفا من مستقبل مجهول أو بسبب الحرب التي لا يبكي عليهم فيها باكي . ولم يذكرهم احد.

    منافقين غرابة

    ذكر الجنرال الوالي السابق للشطر الجنوبي من إقليم دارفور في حالة امتنان قصوى للجلابة الذين قاموا بتعينه .انه في ولايته ما طلب شيء إلا ووفرت المركزية له طلبه جاء ذلك في محفل تدشينه لمصنع ينتج الأكفان بمدينة نيالا يستوعب (10 عامل في الوقت عينه الذي كانت فيه آلة الجلابة تفتح مصنع (الألف) بإحدى مدن الشمال يستوعب المصنع 82 ألف عامل و موظف . الهدف من قيام النظام بتدشين مصنع يعمل في إنتاج ( الأكفان) بإقليم دارفور هو إنتاج المزيد من أزياء الموتى .والناس يدركون أن إنتاج مصنع (نيالا للأكفان) لا يلبسه غير الموتى في عالم اليوم ، في بمكان ينتج أكثر أموات العالم اليوم.

    في التظاهرة الثورية للذين لا يدركون جوانب القصة يعتقد الكثير من الذين لا يكادون يفقهون قولا مثل الجنرال سابق الذكر إن مشكلتنا التنمية في دارفور . لكنه بعد جهاد ودراسة مجددة شرح له الحقيقة تحول من مغفل إلى منافق بامتياز. وزين نفاقه ونفاق رفيقه ولا الشطر الشمالي للجنرال الناقة القيام بإطلاق مشاريعه الغير محترمة في الإقليم والبالغ تعددها 250 مشروعا واصفا إياها بالتنموية.

    القصة كلها أن هناك مفهوم في العقلية الحاكمة تحور إلى مواد لدستور ثابت ينمى ويحافظ على التخلف الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والسياسي و يمنع وجود تنمية أو نماء بيدها أو بيد غيرها لتلك الجوانب بالبلاد كلها حتى بالشمال نفسه ، والهدف النهائي من الثورة هو الوصل إلى تمزيق ذلك الدستور وإلقاءه في النيل.

    لا تزال طائفة من مرضى النفوس و الانتهازيين في أي امة من الأمم وفي أي دعوة من الدعوات وأي عهد من العهود على النفاق ظاهرين وعلى الكذب مجيدين فاؤلائك هم في سبيل كروشهم وشخوصهم وفي لعنة التاريخ إلى قيام الساعة .، كل الغرابة المساندين بأقلامهم وكلماتهم وأفعالهم للعقلية الشمالية في النظام الحالي والحادبين على مصلحة الجلابة على حساب أهلهم الغرابة يدخلون في ذلك الوصف ويشكون جزء تبعي في كتب التاريخ لا يهدون ولا يهتدون سبيلا. ولن يضرون الثورة مثقال ذرة في التقدم ثوب الهدف الاسمى.



    علاقات الجنس والزوج تدخل حلبة الصراع

    العلاقات الإنسانية العادية والزواج منها يشكل ركن في الحياة الاجتماعية، ويقع الزواج بين الرجل والمرأة في كل الأحايين على حب وقناعة وثقة بين الطرفين باستثناء زيجات غريبة بين الغرابة. والرجل الذي يحب امرأة من أي اتجاهات الدنيا ثقافاتها لا يعرف كيف يكره. والمرأة التي تكون قادرة على حب رجل من أي بيئة ثقافية أو جغرافية مغايرة لها تستحق التقدير والإجلال ، والأمة التي تنجب امرأة تملئ فؤاد الرجل الذي يختارها رفيقة دربه للأفق البعيد هي امة جديرة بالتقدير.

    نعم الزوجة الصالحة هي تلك التي تعين زوجها على عنت الحياة. وتقف صادقة إلى جانبه في الملامات والكرب, وتستعد للقتال مخلصة دونه ودون إنتاجهما وقدرهما المشترك. والرجل منوط بذات الدور تجاهها.

    تظل رباط الزواج مقدس أفضل من غيره من بقية العلاقات الإنسانية الأخرى في المملكة البشرية: التعارف و الزمالة والصداقة والمصاحبة في وسط الجنسين . وتظل بعيدة عن التأثير بتباين الخلفيات الفكرية والثقافية والانتماءات الجغرافية والسحنات.

    العلاقات الإنسانية بين الغرابة والجلابة من هذه الناحية عاشت مميزة ، والزيجات منها ظلت فريدة ، لكنها لم تبتعد عن العلاقات غير الاجتماعية في مجتمع السودان ، السياسة والاقتصاد والثقافة . وتلك عناصر أساسية في حلقة العلاقات في دنيا البشرية.

    فالمرأة الشمالية بما ميزها الله من شبق جنسي وجدت إرواء ظمأها في جسد القروي من أبناء الغرابة المميزين في تلك الناحية .فهي تبادر تتصل إشباعا لرغباتها الطبيعية بحلاله وحرامه من صنف غير موجود في بيئتها المصابة بالهزال والعنة لدى الرجال موطنها .

    وشبق نساء الشمال وعادة تلبية رغبات الجسد في ذاك المجتمع صار عبادة منذ سنوات سُنة الإباحية التي عاشها مجتمع قبائل الشمال النيليين خاصة العربان منهم في أعقاب إبادة جماعية طالت جنس الرجال في حملات الدفتردار بك التركي الانتقامية بعد جريمة ارتكبها احد ملكهم وفر هاربا.

    نضطر نستحضر مرة أخرى خيال الروائي الطيب صالح في رسم تلك الحالات البهيمة في رواية موسم الهجرة إلى الشمال ورواياته الأخرى ،و يستمع القراء صوت أنين السيدات تحت وطأة ( ود الريس الكهل ) ، ويرون في صورة الفتى (سعيد) بطل الرواية الذي حمل عضوه التناسلي غازيا بلاد (الانكلتار) انتقاما لسنوات تجارة النساء الرابحة بين قومه والغزاة .

    وفي الغاشية الجنسية التي نظمها يونس الدكيم ورفاق من صنفه في حملات تأديب المتمة وشندي في نهايات عهد الخليفة تورشين اكتشفت المرأة الشمالية مذاق فحولية الغرابي الفريدة . فهي لا تزال تعدو خلفه وتتغزل به مجاهرة بدواخلها في أشعارها وأغانيها ، فهو يسر قلبها على الدوام (الغرابة بسروا القلب ).

    المراة من نساء الجلابة المنحدرت مع يهوذا بن الشيطان من سلالة واحدة تمكن من نفسها كل ذكور الدنيا ما أمكنها في حياتها حتى من غير بني الإنسان ، كعادة إتيان الرجال للدواب والحمير من القبائل المنحدرة مع الناهق خارج القطيع في خارجية (الجلابة) من نسل واحد. لتستكمل صورة البهيمية للأمة الشهوانية التي يرسمها الروائي صالح.

    والغرابة بما ميزهم الله من سذاجة نادرا ما يخيبون ظن فتيات قبائل الشمال و ( أبكر اسم شائع في الغرب) صادق في حبه كصدقه في اعتقاده الديني والسياسي .وكريم في عطاءه في كل النواحي.

    و (الابكريين) لديهم من الأحاسيس المرهفة ما يجعل من اؤلاءك الفتيات لا يقفنّ عند حدود الجنس فقط ، فهم بدورهم ينهارون أمام إغراء الشماليات من بنات الجلابة - في الجامعات غالبا - لألونهن السامرة وألوان الممسوخات بمساحيق التجميل منهن ، وأيضا تفقههن في علوم الجسد والعاطفة - يجد (أبكر )نفسه غير مستعد لإقامة أي علاقة إلى الوراء مع فتاة من بيئته الغرباوي المشحونة بمفاهيهم بالعفة التقليدية ، وفتيات جاهلات بفنون الجنس والعاطفة .

    حتى بعد أن صارت الكثيرات من (الغرباويات) أفراد في عوائل قبيلة ( بني كِريم العربية الجديدة) ، وفعلت مساحيق التجميل بهن ما فعلتها اللعنات بوجه يهوذ بن الشيطان - نائب رئيس الجلابة - من اثر غضب الله عليه .لم يتمكن الابكريين من الرجوع إليهن مرة أخرى والكثيرين منهم بعد الجامعة.

    استخدام مساحيق التجميل خطوة في الاستجلاب التي ابتلى الله بها نساء وفتيات (غرباويات) خاصة بنات الجامعات - وهي منقولة تباعا عن نساء المشرق العربي يقلدهن نساء الشمال وتقوم الغرباوية بتقليد الجلابية وصار بنات الغرب في الكثير من الصفات الأخلاقية شبيهات (بالجلابيات) اللائي يفوقهن قدر من الجمال الكريمي ، ومحاولات يائسة للتشبه بهن في الخِلقة.

    و يتندر الجلابة الخبثاء أن (حفصة) - اسم فتاة غرباوية - قليلة التعليم عندما تسال في (الانترفيوهات) الدينية عن دينها غالبا ما تعتقد إنها تسال عن نوع من كريم التجميل أو ( ديهان التبالي) .

    الجنس سلاح حرب

    قدر الحياة دوما أن تأتي السياسة لتضع العلاقات الإنسانية من تلك الناحية بين الجنسين من (الغرابة) و(الجلابة) موضع يخرجها من طبيعتها الاجتماعية ، إلى موضع ينحدر مياهه إلى قناة التطويق والاستشمال اللااردي . وتضع ممارسة الجنس في حد ذاته خارج إطاره الطبيعي إلى إطار سلاح في الحرب . وذات القدر وضع (لون) الفتاة الشمالية (المكرمة وغير المكرمة ) والملونات أو (قاطف لونين ) في ركن مهم على جدران الطوق المحكم أمام نفسية (الغرباوي) .

    (الجلابة) الرجال لا يتزوجون من (الغرابة ) النساء إلا نادرا لسببين الأول هو سريان نظرية الفيلسوف افليطين المصري في تقسم الناس إلى طبقات في (عقل) الشمالي ونفس (الغرابي) فالغرباوية في طبقة الدنيا التي ترقي إلى مستوى يتزوجها الشمالي من غير ذووا العتب الجنسي . والثاني : عدم قناعة (الغرباوية) برجل من قبائل الشمال الجلابة فيما يتعلق بالعلاقات الجسدية ( العتب الجنسي) ، ولذالك الجانب اثر مهم في تكييف الحياة بين الجنسين حتى في فن العاطفة المجهولة لدى (الغرباويات) ولذات السبب تهرول نسائهم قبالة الغرب.

    فوريد عالم الاجتماع الغربي يؤول كل الظواهر الاجتماعية بمدلولات جنسية . فهو يرى العنين والقاصر جنسيا كالخصي ، دائما ما يكون حقود في سره على أصحاب القدرات التفحيلية. يقدم على أعمال يضر بالفحول من صنفه المعارضين. الحقد الأعمى جعل ذو العين الواحدة (صلاح قوش) مدير امن ومخابرات الجلابة وابن عم يهوذا جعله ينشئ في حربهم مع الغرابة وحدة خاصة بالجيش ، وفرقة خاصة بمليشات النظام أطلق عليه (سلاح الاغتصاب) للقيام بتنفيذ اكبر عمليات اغتصاب ممكنة وسط فتيات الغرابة من العذراوات والخاصة الراهبات حافظات كتاب الله ومن القصر. لإشباع رغبة العنين والخصي في الذي يعجز القيام بها. لنسوته ولغير نسوته.

    المندوب السامي

    صارت الجلابية بمثابة المندوب السامي للعقلية الشمالي بمنازل الغرابة المرتبطين بهن على سنة الله ورسوله . هي تضع له البرامج الحياتية للدقيقة والساعة واليوم والشهر والسنة بحيث أن تستبعد من جدول زوجها الحبيب برامج كثيرة (فارغة) كمشاغيل أهله وتخلفهم الخاصة والعامة .

    ما عاد الكثير ممن يستضيفون مندوبات ساميات من (الجلابة) التي هي الزوجة الحبيبة بالبيت مهتمين بقضايا مجتمعهم الغرباوي و الدارفورى .وضح جدا في الجيل الأول والثاني والثالث من الغرابة جنرالات بالجيش ، قادة مجتمع مدني ، أساتذة جامعيين ، ساسة محزبين وغيرهم ، مثقفين معتبرين . أمثلة كثيرة تعج بها الساحة احد الغرابة الطموحين من ذلك الجيل تفحل ثلاث جلابية.

    توشح الغرابة من تلك الطائفة تهربا بوشاح مشوه من الحجج الواهية لقبوه (القومية) في النظر إلى القضايا الإقليمية والمحلية والخاصة بهم . ليسوا سياسيين وهؤلاء الصنف يعتقدون أن الاهتمام بشئون والديه وعائلته وقريته شكل من الممارسة السياسية. وصاروا (قوميين) كما يدعون و (تكنقراطين دولة) .

    البند الأول في أولويات الأجندة قبل أو بعد تفحيل جلابية جميلة والتي تضع الأجندة نفسها هي : مستقبل الأولاد ، القصر المنيف ، الوظيفة الثرية ، و السيارة الفارحة ، والزيارات إلى غير الغرب.

    ساهمت زوجات الغرابة المعتبرين من الشماليات كثيرا في تسيير دفة الحياة السياسية والاجتماعية في دارفور إلى النقطة التي بلغناها ألان.وفي أحايين كثيرة صار للمندوبية الجلابية السامية مساعدين من صلب الغرابي المنتج يؤيدون راءيها ويقفون إلى جوارها ضد ما يورنه هيمنة الجدة والجد من ذوي الأب. وكل أقربائه القرويين الغرابة وكذا القضايا العامة.

    كل الآراء والأفكار العامة والخاصة التي يطرحها الغرابة لمعالجة وإصلاح وضع بلادهم وسكانهم في الغرب يكون للمندوب السامي رأي فيها ، وهي تساهم برأيها في غرفة النوم وعلى سرير الزوجية مستندة على ثقافة تنشئتها الاجتماعية وهي بذالك تعمل و تسعى من اجل مصلحة قومها في الشمال . والقرارات السريرية هي التي تسير الدول والمجتمعات في الغالب . وفي السودان له أثره الساحر واكتوى الغرابة بنارها.

    لا يستطيع الغرابي الفحل الفكاك أو الاستقلال من قبضة سيدته الجلابية ، فالسيدة تسعى له لدى أقرباءها في طلب بالوساطة الوظيفة بمثل ما تسيير به حياته اليومية معتمدة على جهله وسذاجته القروية في إدراك مفاتيح الأشياء . إذا بلغ الأمر تهديد مستقبل الأولاد فهي تقف بحزم أمام وجه و تهدده بأغلظ ما لديها من إيمان ، فيذعن لأمرها ويرجع إلى قراراتها الصارمة. وتظل الجلابية طوال حياتها ممسكة بخصيتي المسكين بكلتا يديها من الأسفل إلى الوراء لا يستطيع جنرالنا أو المثقف أو السياسية الحراك إلى أي اتجاه يبقى يردد الدعوة إلى القومية.

    وكعادتهم في تجارة (اللحم الأبيض الرخيص ) بنسائهم منذ عهد الأتراك والانكليز والمصريين ظل الجلابة الرجال حاقدين ناحية و ممتنين أخرى لهذه الفحولية المجانة ولأنها آلية مصرفة ، فذاك يصرف (القوميين الساسة ) و(التنقراط العسكر والمدنيين ) من الغير سياسيين من (الغرابة) عن المزاحمة و المضايقة في قضايا الثروة والسلطة أو المطالبة بالعدل السياسي الغائب عن المجتمع ، أو الانصراف عن الذاتية إلى التفكير العام لمصلحة الغرابة أو الدولة عامة . وكان كلما انهمك الغراباوي في السعي وراء تلبية متطلبات ما بين فخذيه توقف قدر من عقله عن التفكير ، وعجز ما بين فكيه النطق وصب ذلك في مصلحة (الجلابة) .

    فاستبعاد قضايا المجتمع والعائلة عن جدول البرامج الحياتي لدى اؤلائك الطائفة من الغرابة المقدرين في مجتمع الغرب (قوميين وغير ساسة ) كان له انعكاس ظاهر في سريان حركة الاستشمال الاجتماعي التطويقي ، وكان له اثر مقدر بدوره في تأخير الجيل المهول من خريجي الجامعات الحديثة ما بعد عصر النهضة الدارفورية في القيام بتغير مبكر لواقعهم .

    من هذه الناحية هناك أخطاء كثيرة ارتكبها الثوار الغرابة الذين لم يتزوجوا من نساء شماليات حتى يمكن تطويقهم. فقام الناهق خارج القطيع – وزير خارجية الجلابة- بإحصاء زوجات الغرابة المعارضين: الغرباويات والجلابيات وجنسيات أخرى. منحيا باللوم على الذين لم يتزوج من شماليات(سودانيات). وقامت المؤسسة الشمالية الحاكمة بتعين احد المنافقين الغرابة بمنصب والي بالإقليم الشمال النيلي وأيضا بقصد القيام بالدعاية الإعلامية والترويج السوقي في دلالة الزواج بين الغرابة . ولم يقصر عبد الله مسار في مهامه بقدر عدم تقصيره في ارتزاق وتحليل مأكله، ولا يزال ينادي لمن يجب.

    أيما رجل عظيم يحمل قلبا يسع لحب إمراة حبا مخلصا، يستطيع قلبه أن يسع حب أمة وشعب ومجتمع. وجدير بان يدفعه ذلك الحب العظيم للقيام بثورة من اجل حبه لامته وشعبه لان الحب كله من مصدر واحد.

    نقاط مضيئة

    الأخلاق سنة في ثورة تنادي بالعدل

    سلفا أعلنا أيها السيدات و السادة إنني لست من دعاة الكليل بمكيالين اي مواجهة الظلم بالظلم في سبيل إحقاق الحق . لكن مقابلة الظلم بالعدل هو أعلى درجات الحق . فيما يلي حزمة تصور لشكل المجتمع المعتدل الفاضل الذي ينتظره الناس من الثورة :

    1- من حسن حظ الجلابة أن لا يزال رهط معتبر من أهل غرب السودان ومن مثقفيها الثوار يؤمنون أن الله خلق البشر أجناسا وشعوبا وقبائل وميزهم بصفات خلقية وخلقية في الأشكال وألوان و الأحجام وأسكنهم قطعات جغرافية في الكرة الأرضية الواسعة و الهجهم السن متباينة. وحكمة اختصاص كل قوم أو شعب بميزة خص ومجتمع بخصوصية مميزة و جعل غيرها لغيرها لا يعني أن تصل المميزات البشرية في تلك التجمعات إلى درجات تفضيل بعضها على بعض. وفي ذلك عدل ومساواة بين الخلق في الترتيب الإلهي لبنية الأشياء.

    لا تخرج العلاقة بين أهل الغرب وأهل الشمال في مجتمع السودان عن تلك القاعدة . لكل من المجتمعين خصوصيته في الأخلاق والإنسانية ، الغرب مطالب بتقدير خصوصية الشمال وطبيعة البشر في ذلك في جو يفرض عدم فرض خاصية جمع على آخر. أو تغير الطبيعة الإنسانية بأي شكل. وكون استعداد الغرابة لإنزال الجلابة عن رقابهم بحد السيف لا يتعرض مع تلك القائدة.

    والثورات الفاضلة منوطة بانتهاج سنن الأخلاق والإنسانية كشرطي وجوب لنجاحها ، بحيث أن لا يعود شبه الظلم من جديد حتى على الذين ظَلموا . يتبع وفق ذلك قاعدة ضد سيطرة الجهة والإقليم على الكل وضد استثار قبيلة أو فئة قليلة بحق الكل، وضد انجراف الناس إلى انفراد طائفة أو مؤسسة أو كاريزمية فرد لاعتقاد سالف. سعيا نحو دولة ديمقراطية تؤمن بالمساواة وتحكم بالعدل دستورا وقانونا. وثورة الغرابة لم تخرج حتى اليوم عن تلك المضامين الفاضلة. الحالة تقول الآتي :

    إنني أحارب ضد سيطرة الشمال وسأحارب ضد سيطرة الغرب أو أي جهة أخرى، إنني أؤمن بأننا في السودان متساويين في الإنسانية والكرامة، و يجب أن نعمل لبناء دولة ديمقراطية يكفل الحق للإنسان بحق المواطنة ،والحياة الحرة والكريمة للجماعات وللأفراد وللكيانات : اعتقاد ورأي وتنظيم وتفكير. وذلك مبدء نحيى من اجله أو سنموت في سبيله.



    معالجة عقلية شمالية ونفسية غربية

    2- إن فكرة معاداة الأعراق والثقافات والأديان والجهات واللغات أفكار تندرج في لائحة العنصرية، وحرب يخسرها الذي يخوضها أكثر مما ينتصر فيها ، الثورة السودانية في غرب السودان قامت أساسا لمعالجة قضايا اجتماعية و ثقافية ذات إبعاد أخلاقية في مجتمع السودان في منتهى الخطورة والجدية. ولم يكن هدفها أساسا معادة أو إعلان الحرب على جهة جغرافية أو ثقافة عرق أو لغة قوم ، ولان تلك العناصر لا تعادى ، إذ انه جزء من طبيعة الإنسان . والطبائع لا تتغير ، لكن الثورات تشعل أصلا عندما يتجاوز السلوك الإنساني الممارس لتلك الطبائع ، وطالما عمل الشمال على مغايرة الطبيعة الإنسانية في مجتمع السودان وكذالك استحق الحرب.

    فالإجرام والعنصرية سمات مكدسة في العقلية الشمالية الحاكمة تفرز سلوكا واقعيا تتمثل في الظلم والغطرسة و والإقصاء وقلة الأدب في العلاقات الاقتصادية والثقافية والتدينة والعلاقات الإنسانية العادية، وتلك جوانب قامت الثورة لمعالجتها .

    إن الثورة قامت لتعالج العقلية الشمالية . العنصرية والإقصاء والتهميش سلوكا مارستها تلك العقلية . والقتل والإبادة والاغتصاب التهجير القصري أساليب طالما يستوحيها العقليات الفاشية في التعامل مع أعدائها . ونظام الإنقاذ الحالية خلاصة تلك العقلية .

    بقدر اهتمام الثورات بمعالجة الانهزام النفسي الذي يجعل الغرابة يؤمنون بتلك العقلية الفاشية : في إعطاء الشمال حق البقاء على الرؤوس ، ومبرر للحكم . وأحقية الإمامة الأبدية في الدولة. والقابلية للتبعية والاستخدام.

    وتأتي المعالجات في شكل تصورات مستقبلية لحياة اجتماعية فاضلة بالسودان ، وبداية المعالجات تبدأ دوما بتشخيص دقيق و شفاف لمواطن الداء ، وتحديد مواضع العلل بالطريقة كالتي نظل نرهق ألان في القيام به منذ بدا السطور الأولى ، ليسهل الإسهام بإيجاد وصفة علاجية ناجعة. وكذالك التشخيص والعلاج قدر يساهم بهما كل من يحس بأنه في حاجة إلى الاعتدال يعمل تفكير منتظم يثمر وصفات تدعم الثورة.
                  

11-09-2004, 10:08 AM

Shao Dorsheed

تاريخ التسجيل: 06-12-2003
مجموع المشاركات: 1083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة الفحول (Re: Shao Dorsheed)

    تعليق:
    1. هل يعكس هدا الكاتب راي جهه سياسيه؟
    2. هل يعكس هدا الكاتب راي جهه جغرافيه معينه؟

    لما كل هدا الاسفاف لالصاق راي هدا الكاتب بقضيه امه؟؟؟؟؟
    Quote: تعليق شندي:
    معلوم لدي الجميع الاباحية الجنسية في تلك المناطق وممارس الجنس وليد لثقافه عامه هناك ساعدت في نمو فكرة الجنس لدي الاطفال حيث ممارس الجنس للفتيات دون سن البلوغ لا تعد اغتصاب في قيم المجتمع الدارفوري عموما سوي كانت القبائل العربية او القبائل الاخري


    Quote: JAD
    إن المقال المشبوه لا يمثل رأي كاتبه وإني لأظن أنه مذيل باسم وهمي .. فالمقال هو لسان حال ما يسمي "حركة تحرير السودان" .. وتم تحريره بمثابة المانيفست العام للحركة، عكف على تسويده شرذمة من منظري التمرد .. وأودعه البورد وكلاؤهم أمثال المدعو/ بانق وغيره ..

    5- إن هؤلاء البغاة السفلة من منظري حركة التمرد، أرادوا أن يثيروا الشحناء والبغضاء بين أهل الغرب وأهل الوسط .. فنظروا إلى أعز الأشياء وأعظمهما في نفوس أهل الوسط وأهل السودان عامة وهي الأعراض .. فأرادوا أن يقدحوا في أعراضهم لتكون نار البغضاء شعواء وحامية الوطيس .. وهم يعلمون أنهم جاءوا ببهتان تتصدع منه شم الرواسي.

    6- على جميع الوطنيين من أبناء السودان شمالاً وشرقاً وجنوباً وغرباً أن يطالبوا حركة التمرد ممثلة في مناديبهم بتوضيح رأيهم بجلاء من هذا الهراء الذي سود به وجه المنبر .. وإلا فمن حق الوطنيين جميعاً اتخاذ ما يرونه كفيلاً بحفظ حرمة الأعراض من النيل الرخيص الذي يدس هنا بأسماء وهمية.


    Quote: zoul"ibn"zoul
    Salaam


    Quote: لا داعي لهدر الطاقات في غير محلها وإن لا نأخذ الجميع بجريره نفر وأنا إعتبرها حاله شاذه ونعتز ونفتخر بالكل كسودانيين. فلا غضاضه في بنت الشمال أو بنت الجنوب أن تهوي الخصال الرجوليه في ود الغرب أو ود الشرق ولا غضاضه أيضا في أن تهوي بنت الغرب الشمالي أو الشرقي ومافيش حد أحسن من حد الكل في الهوي سودانيين



    Mohammed Adam

    You being one of Darfuri physcos on this board did not see the insults in the writings if the sick individual. We are not hearing discussing the love relation between a woman from the north and any Adam, not the love of a dinka woman to a Nuer man. We are talking here about the insults and indecency labels towards women from the north. It come to no surprise to anyone that you did not see that, for in the text above your writings are clear. How come you see and you share the thoughts of the infamous and did not have the simple decency and respect to women from the north to appologize on behalf your fellows or the Darfur revolution


    Abo Amna
    Quote: أعترف بأن العنوان الذي الذي اخترته لهذه المداخلة في البداية كان ( ثورة الفحول ) في محاولة لتوجيه رسالة حادة جدا وصادةا أيضا ( علي الأقل بالنسبة لي ) ولا أظنني سبق وأن كتبت شيئا مشابها أو علي الاقل لدي احساس غير مريح تجاهه وليس الامر هو مسالة رد فعل بل العكس هو فعل واع جدا كرسالة يجب أن يفهمها جيدا كل من يعنيه الأمر ولكنني عدلت عن ذلك لعدة اسباب عن العنوان ولكني لازلت اوجه هذه الرسالة مرة أخري.
    ان المقال المشار اليه هنا هو اساءة حقيقية في البدء لقضية عادلة واساءة لاشخاص بذلوا كل طاقتهم وحتي حياتهم من أجلها ولا اظن أن الجنس كان محركا لهذه الجهود التي قاموا ولازالوا يقومون بها وهو خصم علي رصيد هذه الحركات التي تناضل كل يوم من اجل استرداد جزء من حقوقها التاريخية كمواطنين متساويين في دولة واحدة.وهذا ما لا يمكن انجازه ما لم تعي جميع الأطراف أهمية هذه الحقوق والواجبات في دولة يراد لها ان تكون نموذجا للتعايش السلمي.
    ولكن يأتي مثل هذا العنوان كاشارة لكل من يهمه مصلحة هذه الحركة والحركات المشابهة من أجل العمل علي محاسبة هذه الاقلام ان لم يكن استئصالها من جسد الحركة التي لا تؤدي الا الي تمزيق كل ما تم انجازه في الماضي ووضع الحركة والاخرين في نقطة ما قبل البداية.



    هده امثله من بعض الردود التي تعكس نوعا من السطحيه في تناول الاشياء
                  

11-09-2004, 11:04 AM

شمهروش
<aشمهروش
تاريخ التسجيل: 09-14-2002
مجموع المشاركات: 1052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة الفحول (Re: Shao Dorsheed)

    شاو دورشيد
    بعد النقة الكتيرة دي
    بالتحديد
    هل توجد فحولة في الشمال ولا اصبحت بفضل حركات التحرر حكر على
    دارفور وابناء دارفور...

    لايوجد مانخجل عنه في فحولتنا ايها السادة فالكل يعلمها

    مثل هذه المقالات لاتخدم اي قضية لاجهوية ولا عرقية ولكنها تكرس
    لسياسة جديدة وهي نمو مزيدا من الاحقاد.

    واذا راى الاخوة الدارفورين بانها طريق للتحرر فيجب ان يفهم كتاب الهوس الجنسي بان فحولتنا ليست للمزيادة

    ومنها جاء المثل البلدي البطن بطرانة
    والبكسي كلوا راجل امي
    والكسوة هنا بمناسبة العيد..............

    فاذا اصبحت القضية فحولة وتشكيك في الرجولة دعونا ان لانتحدث عن الدين لنكن اكثر احتراما وتحديد مقياس الفحولة بي كوم رمله نجيبها هنا في داخل البورد ونقعد فيها شمالين وغرابة وجنوبين وحتي الجن الاحمر في البورد عشان نعرف اي منقلب نحن منقلبون.
    وانا متبرع بي لوري طرح لكل صاحب عنة.
                  

11-09-2004, 03:28 PM

Shao Dorsheed

تاريخ التسجيل: 06-12-2003
مجموع المشاركات: 1083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة الفحول (Re: Shao Dorsheed)

    Quote: هل توجد فحولة في الشمال ولا اصبحت بفضل حركات التحرر حكر على
    دارفور وابناء دارفور...


    Dear Shamharous,

    Ask your doctor about it if science proved at any time that manhood or woman hood relate to geographical region.

    Before that, do not try to attach such ill-minded writer to all people from one Geographical region.
    After all, I mentioned in the beginning of this article to TRY TO READ before responding to this post. You just proved to have not read or understood the direction and purpose of my posing here.

    Look who brought the term that I used as a title.

    Best Regards,

    Mahjob

    (عدل بواسطة Shao Dorsheed on 11-09-2004, 06:38 PM)

                  

11-10-2004, 08:31 AM

شمهروش
<aشمهروش
تاريخ التسجيل: 09-14-2002
مجموع المشاركات: 1052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة الفحول (Re: Shao Dorsheed)

    الاج محجوب

    لك التحية مالم تفهمه انت انني هنا اتسال من خلال البوست بتاعك
    عن عنتا وذكورة كاتب المقال ومن شايعه.

    اننا نزلنا الي مستوي ساقطات يمارسن البغاء الفكري
    سواء باسم حركات التحرر او بعرقيات واقليات حقوقها مهضومة او مهمشة
    لم تكن هذه وسيلة لطرح الافكار
    ولم يكن يوما من وجهة نظري الخاصة وفهمها الضيق ان مثل هذه الترهات
    قد تقدم وتخدم اي قضية وما القصد من اثارتها الا اثارة مزيدا من الفتن وصب النار على الزيت...

    واعود لاقول للكتاب المعتوه او من شايعه

    ان فحولت الشمال والشماليين في كتب التاريخ
    فابحثوا عنها ماشيتم وحال النسوان في اي زمان ومان

    اتمني ان اكون قد ابنت قليلا مما صعب عليك فهمه اخي محجوب
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de