ايـــن انتـــم يا عشاقــــها!!!؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 00:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-25-2004, 04:55 AM

dreams

تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 1985

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ايـــن انتـــم يا عشاقــــها!!!؟
                  

09-25-2004, 10:09 AM

walid taha
<awalid taha
تاريخ التسجيل: 01-28-2004
مجموع المشاركات: 4199

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ايـــن انتـــم يا عشاقــــها!!!؟ (Re: dreams)

    UPP
                  

09-25-2004, 09:38 PM

dreams

تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 1985

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ايـــن انتـــم يا عشاقــــها!!!؟ (Re: walid taha)

    قصه قصيرة .....فطريات زمن اللجوء


    لم تكن مؤمنا بفكرة اللجوء فى حد زاتها .. شيئا ما جعلك ترفضها جملة
    وجواز .. ولكن يا لهول وفظاعه الحاح الاصدقاء .. التفوا حول ذهنك
    جادلوك .. كالاطفال محقوا بالاصرار قناعاتك .. حبكوا لك قصه وهميه
    لتصبح فى نظر وزارة العدل الهولنديه احد ابناء قبائيل جبال النوبه
    يجب ان تقنعهم انك نوباوى -
    والرطانه كيف -
    اتكلم رندووك -
    استقبلتك فى المطار شرطيه شقراء تعاملت معك بادب اهل الاضرحه
    سجلت بياناتك الشخصيه وسلمتك خريطة وتذكرة سفر الى المكان
    .الذى تكتمل فيه اجراءات اللجوء .. وارشدتك بلهجه واشارات حنونه
    من نافذة القطار الذى لايشبه قطاركم لا فى السرعه ولا ركابه
    رحت تتامل الاراضى الخضراء الشاسعه .. اشجار كثيفه ومتشابكه
    تتصارع باغصانها حول خبزة ضوء شمسيه .. تذكرت اولاد الشماسه
    والشحادين والمشاجرات حول الكراتين الفارغه امام الظل المسلوب
    بين فندق اراك والجامع الكبير .
    لا شئ سوى الخضره تمتد امامك مسطحه بلا نهايه .. اسئلة عديده
    تحتشد فى ذهنك يقول: الهولندين الله خلق الارض ونحن خلقنا
    هولندا .. ولكنهم لم يستريحوا فى اليوم السابع بل اخذوا راحتهم
    بالكامل فى الويك ايند .
    لقد اجتهت فى قراءت كل اسماء المحطات وتقارنها بالخريطه
    كانك تبحث عن الكنز .. احيانا تبث اسئله رعب وخوف وتتصيد
    كل شقراء جلست امامك تسئلها عن اسم المحطة القادمه وتسرح مع
    حركة شفتيها .. وتعجبك التى تتناول منك الخريطة وتسترسل
    فى شرحها وفك الرموز والشفره وانت تفك ازرار شهوتك تتامل
    شحمة اذنها وتسبح مع عروق الدم الخضراء تنحدر من عنقها
    c0وتصطدم بمرتفعات صدرها .. تتخيل خريطة الجرافيه والاستا
    الاحمق ومنطقه البحيرات .. من حلمات صدرها ينهال عليك التوقع
    بلعة ريقك اصعب من ان تخفى انتفاخات بنطلونك .
    رحت تخزل رجولتك وتعود لمنطقه جبال النوبه فى ذهنك .. تحفظ
    عدد من القبائل والقرى .
    استقبلتك هذه المره شرطيه سمراء دونت معلوماتك واشياء اخرى
    ودخلت صاله واسعه بها عدد من اللاجيئن المحبطين وها انت تزيد
    من احباطهم .. جلست على اول مقعد تتخيل الانظار كلها
    مصوبه ضدك .. برد طارئى يزور جسدك .. امامك صندوك به
    سندوتشات مغلفه داخل اكياس واخر به تفاح .. صمت عام داخل
    الصالة .. يرتفع منسوب الخوف .. نفسك اشتهت تفاحة ولكنك
    قراءة ايات قرانيه قصيرة .. رحت تبحث عن ملامح سودانيه تستلف
    منهم الطمائنينه تتعرف عليهم وتحكى عن قصة لجوئك وهل
    تبدو مقنعه .. لا احد يشبهك داخل هذه الصاله سوى بالخوف و
    الترقب
    دخلت فى هذه اللحظة ساره ممسكه بيد والدها وبدات مرعبه من
    هذا المكان وراودها احساس بفشل المغامره ونتائجها السلبيه
    اعين اللاجئين بسحناتهم المختلفه تتفحصهم فى صمت .. شعر
    الاب باظافر الذل تنهش ظهره .. حريته تتبرا منه عنوة .. شاهد
    فى فلمه الاسنمائى الصغير ايام المعتقل تعود ثانية .. لقطات من
    التعذيب تمر سريعا مخلفه ورائها وخزات ابرية داخل صدره
    ملامح اوجه سياسيه يعرفها جيدا لقد شاركوه ذلك المعتقل
    بعضهم الان يعارض سياسة الحكومه والبعض الاخر يصيغ
    هذه السياسه .. كشر على ملامحه واتته قناعه ان الوطن
    سيظل هكذا حكومه ومعارضه او معارضه وحكومه .. سبب
    كافى يجعله يؤمن بفكره اللجوء السياسى .. مبرره الدائم وهجرته
    الابديه يقف خلفها مستقبل ابنته ساره وراح يلوى فى عنق
    المبادى ويبحث عن مكان ارحب يستوعب طموحات ابنته وخاصة
    بعد ان تجاوزت تسعة عشر مارسا فى وطن اصبحت فى الاشاعة
    اكثر قداسة من الجنازة .. مؤسسة التعليم عاجزه عن الدفاع
    عن طلابها .. كانهم ايتام .. جامعات لا حصر لها ولا قوه ..
    داخليات تصدر فتيات فى شكل فساتين جاهزه .. وسندوتشات
    سريعه على الظلت.. .كاد ان يصرخ ويقول جئت من اجل هذا
    الغلط .
    جلس ووضع كفه على يد ابنته ساره .. راح يراقب اللاجئين مانعا
    الندم من محاولات غزوه المتكرره .. اثنين من الافارقه بدا عليهم
    الخوف والقلق لم يعيران انتباههما للافريقية التى جلست ازاءهما
    تبكى بتشنج فى محاوله ناجحه لنهب عطف موظفى اللجوء ..
    .راحت تبكى وتمزق فستانها الرث مدعيه انها اغتصبت فى وطنها
    .. شابه ارانيه رشيقه مرتديه بنطلون جنز وتبدو مطمئنه من
    قضية لجوئها تراجع مستنداتها بجديه .. بالقرب منها شاب
    اسيوى انكفى على نفسه ملجما خوفه لكى لا يفضحه .
    نظر اليك والدها انت كنت تتصفح مجله هولنديه تهمك
    فقط الصور ولكن بعد جلوس ساره اصبحت تتصفح فى
    ملامحها .. راقبت كل حركات وجهها وانفعالاتها .. تفاديت
    ان تصطدم بانظار والدها .. فكرت ان تنهض من مكانك
    وتذهب لتتعرف عليه من شباك العاده السودانيه ومن الاب
    تعبد الطريق اليها وسبحت مع احلام يقظه رومانسيه
    افتقاد الوطن يجعل العشق ينمو سريعا كالنباتات الطفيلية
    تخيلت نفسك بعد انتهاء التحقيق سيضعوكم فى احدى المعسكرات
    وستصبح هذه الفاتنه ووالدها اصدقاءك وستعمق علاقتك بهما
    وحتما سيمد لك الاب حبال الثقه فتتسلق بها الى قلب ابنته
    تجاهلت قصه جبال النوبه ورحت تنسج فى قصه غراميه
    وكيف ستعلمها ركوب الدراجه وتتشبث بسواعدك لحظة
    افتقاد التوازن لقد تخيلت حتى دقات قلبها .. وسرعة انفاسها
    لحظة القبله الاولى .. ضجة اناملها عند الممانعه
    من شدة ايمانك بالخيال اخترت لها اسما يناسب جازبيتها
    والدها تمعنك بلا معنى وواصل تفرسه للاوجه
    شاب من بلاد الشام يرتدى جاكيت اسود وعيناه خلف عدسات
    طبيه تلتهم فى مفاتن الارانيه صاحبة الجنز .. مغربى يحبو
    نحو الخمسين يخفى توتره بكثرة الاسئله والتدخين
    اطفال اسره افقانيه دمروا حاجز الصمت بمشاجره
    coffee machineحول مكينه ال
    استرخت ساره فى جلستها بعد ان نفد وقود عاطفتها .. انت
    كنت تتابعها لقد استهلكته منها تلك الافريقيه بحزنها المفتعل
    ثم همست لوالدها ببعض الاسئله عن هذا الوضع .. وهل نجاح المغامره
    مضمون
    رد عليها باسئلة اقل استفسارا ووجد مدخلا ليذكرها بقضيتهم
    السياسيه وكيف ترد على المحقق دون ارتباك ومتى تتصنع البكاء
    اذا امكن وراجع معها التواريخ المهمه وتوسلها ان لا تنسى شيئا
    .من هذه الحكايه التى اضاف عليها من خياله الفذ .
    عاد يحملق فى الاوجه النافذ صبرها .. وفى هذه الصاله يبدو
    الخوف بلا حدود فى سره يعيد احداث قصته ليحفظها عن ظهر
    قلب تبدو له بعض الاحداث فاقده للمنطق وربما تولد المزيد
    من الاسئلة فيمنطقها سريعا ويعيد سردها من الاول واحيانا
    يتخيل المحقق الهولندى امامه ويسرد له فى ماساته التى دفعت
    به الى هنا .
    وعندما شعر بدوره يقترب من لحظة المقابله والتحقيق
    خرج الى باحة التدخين ليخفى توتره من اعين ساره .
    راجع القصه سريعا .. دخن لفافه بلا نكهه .. ثم اعادها ليطمن
    اكثر .. قراء بعض الايات القرانيه التى يفضلها السودانيون فى
    مثل هذه المواقف
    تبخرت عنه المخاوف .. ولكن التناقد لازمه .. فاحيانا يرى فكرة اللجوء غير منطقيه .. ستبعده عن الوطن كثيرا سيفتقد اولئك الاصدقاء فهم فاكهة صبره .. لقد وعدوه ان يحافظوا على مقعده فى طاولة الكوتشينه فارغا مثلما فعلت كوكب الشرق مع عازف العود (الاصبجى) .. تحسر على تلك الامسيات .. حاول ان يدفع الندم عنه .. وكلما صعب عليه يستلف القوه من مبرره الاساسى ـ ساره ـ من اجلها سيضحى بسعادته ( وملعون ابو الوطن....) هكذا طنطن فى سره .. فهى وحيدته وامتداده الحقيقى .. فبعد وفاة والدتها اصبح يتنفس من اجلها .. غامر بهذا اللجوء من اجل مستقبلها .
    عندما خرج من التحقيق مبتسما وراضيا عن نفسه احتضنته ابنته ساره وسط صالة الانتظار ولم تتردد فى ان تبصم بشفتها على خده .. راح يحكى لها بفرح طفولى عن التحقيق وكيف استطاع ان يدمر كل الاسئلة التى صوبت نحوه .. ذكرها مره اخرى بالتواريخ المهمه واخبرها عن الاسئلة التى لم تكن فى الحسبان وكيف تجيب عليها عندما ياتى دورها فى التحقيق ويجب ان يكنا متفقان حتى لا تحدث مفارقة فى الروايه
    اما انت فقد استبدلت مقاعد صالة الانتظار كلها وخاصة بعد ان شعرت انك مخزول فى التحقيق الاولى .. اخطائك تمد لك لسانها ومركز رعاية اللاجئين يبتعد عنك كالسحب .. ولكن رغم خوفك والتوتر لم تتنازل عن متابعة ساره والترنم بانوثتها . . اصبحت قصتك الرومانسيه معها اكثر واقعيه .. شعرت بها اقرب اليك من قصة اللجوء نفسها التى كتبها لك احد الاصدقاء وطلب منك ان تحفظها بتناقداتها .. تدور داخل الصالة حول ساره واحلامك لقد اقحمتها فى كل تفاصيل المستقبل .. وعندما شاهدتها تقبل والدها كاد ان يفلت منك شيئا ما.. وتمنيت لحظتها ان تكون مكان هذا العجوز وتلتهمها قبلة واحده .
    رغم خوفك والتوتر تم اسيعابك فى مركز رعاية اللاجيئن لقد صدقوا مبدئيا انك من جبال النوبه ولكن لم تكتمل سعادتك لان ساره ووالدها رفض طلبهما فى اللجوء ويجب عليهما مغادرة هولندا .. وقفت تنتف الحسره من جواك وانت تشاهد والدها الذى هاج وانفعل واستنجد بمنظمة انسانية .. ثم صب غضبه على المسؤلين فى مكتب التحقيق لم يستثنى حتى المترجمين العرب .. وهددهم بمكاتبة الامم المتحدة لقد شعر بمستقبل ابنته يتسرب من اصابعه فدافع عنها حتى اخر زبد فى فمه ورفع من كثافة غضبه وراح يلعن افراد الشرطة .. عندما شعرت ساره بغضب والدها يتجاوز حدود معرفتها به راحت تواسيه ببعض العبارات وتاؤل الاحداث وتعيدها الى اصلها الربانى وتذكره بايمانه واليقين .
    عندما اعلن كبتن الطائرة اقترابها من مطار الخرطوم وطلب من الركاب ربط الاحزمه لحظتها اعترفت ساره لوالدها بالحقيقه لقد اعترفت للمحقق بالحقيقة وان والدها ابتكر هذه القصه من اجل مستقبلها ليضحى بحياته المفعمه بالاصدقاء ليعيش هنا وحيدا ليضمن لها فرص تعليم افضل وحريه حركة بلا طرحه .. لقد توسلت للمحقق ان يرفض طلب اللجوء فهى تفضل العوده للوطن وسعادة والدها فى المقام الاول .. وخوفا من ردة فعل والدها بررت فعلتها بانها سابقا فقدت امها وليست على استعداد ان تفقد امها الكبرى الوطن . ساعتها اختلطت مشاعره ببعضها البعض وتاه عنه التعبير المناسب فضماها لصدره وراح يقبلها مجففا دموعه على شعرها . المضيف السودانى تنحنح امامهما ليضع حد لهذه القبل الملتهبه وطلب منهما ربط الاحزمه لقد ذكرهما بشرطة النظام العام واشياء اخرى مغززه تنتظرهما فى قلق .
    ـ بابا ممكن نقدم لجوء فى السودان ؟؟
    ـ طيب نقول جنسنا شنو ؟؟
    ـ نقول نوبه من جبال هولندا
    انفجرت ضحكتهما عالية جعلت اذهان الركاب تصدر احكام مختلفه حولهما .
    .استمرت الضحكة بملحقاتها الى ان توقفت محركات الطائرة تماما

    تمت ـ


    كتبت هذه القصه فى مركز انتظار اللجوء - قرية ترابيل ـ

    عماد براكة
                  

09-25-2004, 09:52 PM

dreams

تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 1985

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ايـــن انتـــم يا عشاقــــها!!!؟ (Re: walid taha)

    كان أصماًو أبكماً.. و قد انقطعت حبال الوصل بينه و الآخرين، تنبو عنه أعين الناس فلا يكاد يدرك أحداً هكذا خيل إلي و الجميع.
    خمسة عشر عاماً مضت منذ أخر مرة ألتقيته فيها، لا زلت أذكر ذلك جيداً، كان في ذلك الزقاق المعبق برائحة روث الأغنام و كما دائماً يسير مجرجراً إحدي قدميه، يلتمع فكه الأسفل و قد نمت عليه شعيرات كثيفة اختلطت بلعاب لزج، أذكر ذلك جيداً ، جبينه و قد امتلأ بالتعرجات كماء نهر، أنفاسه المتلاحقة.. لهاثه محاولاً إخراج الكلمات من جوفه .. أثماله الرثة و صرة تلازمه كأحد أعضائه.. النعل الاسفنجي ذو الرباط المطاطي، و الذي يقصر دائما عن منتصف قدمه كأنه يستعيض به عن طفولته متأرجحاً بين براءتها و تقدم عمره.
    جلس بين فيء جدران باهتة لمبناً قديم و قد تحلق الصبية حوله منادين عبد الله الأصم جاء... عبد الله الأصم جاء. إلتقيته و الشمس آخذةً في النحول معلنة عن نهاية يوم قاس من أيام مايو شديدة الحر، كانت مسيرته مضنية بعض الشيء، و قد جاب المدينة راجلا، لم يلحظ وجودي مع زخم ما حلوه من أشياء، اقتربت نحوه و حاولت إبعاد الصبية عنه، أمال رأسه قليلاً ثم رفعه ببطء و نكسه من جديد، بعدها و في حركة أشبه بتيقظ الأحلام أو تمدد الذاكرة على أرجوحة الزمان حط رحاله على وجهي مهتدياً إلي ثم متكئاً على كتفي الأيسر نهض، و أخذ يمرر يده على صدري أولاً ثم وجهي فيدي، و يدنو مني حتى يلتصق جسده بي تماماً ثم يأخذ نفساً عميقاًو قد اختلطت أنفاسه بجلبابي الجديد و رائحة جسده بجسدي، فّإذا ما فعل ذلك أعاد الكرة من جديد كأنه يحاول أن يطمئن على تفاصيلي، لم يستغرق ذلك وقتاً طويلاً حتى ضمني إليه و أخذ يمرغ وجهه في حضني و قد ملأت السوائل جلبابه و تلألأت عيناه بحنين دافيء فاضحاً عري مشاعره تجاهي في محاولة جادة لكسر حاجز الزمن و تجاوز صمته و مآل حاله.
    أما أنا فبدوت كعاشق صغير لا يعرف أين يضع أنفه و هو يمنح من يحب قبلته الأولى، حاولت أن أفتح فمي ولو بنصف ابتسامة و لكن حتى هذا النصف ألجمته دهشتي فعجز عن البوح، كانت هذه هي المرة الأولى التي يفعل فيها ذلك، حدث هذا بعد عودتي من بعثة دامت ما يقارب الثلاث سنوات تغيرت خلالها معالم الأشياء، لحظات مضت استكان فيها الزمان و بث فيها بعضاً من الضياء و شيئاً من عذوبة الفجر إذا تنفس و أسفر عن صبح بهيج، لعبدالله الأصم إذن حنين من نوع غريب يحبك في صمت و يشتاقك في صمت فإذا ما نأت بك الدنيا و ضنت الحياة أحس غيابك حاداً و مؤلماً و أوجعته لوعة الفراق، و حين فعل ما فعل أحسست به يخصني يلفني بشيء من العشق العتيق، واضعاً بين أضلعي سراً أكتمه عن و فتحاً عظيماً أحتفظ به وحدي.
    قيل أنه رجل صالح تخضر على يده السنبلات، و قيل أن ولد و هو غاية في الجمال حين دخلت على والدته إحدي النساء فانتزعت بعينيها جماله، و تركته على هذا الحال، و إن كنت أعمد إلى تصديق الرواية الأولى فما فعله بي وقتئذ كان أكبر من قدرتي على الاحتمال.
    أخذ جسده في الضمور شيئاً قشيئاً ...... و بدت عيناه مرهقتان جداً و هو يجولهما ببطء ثقيل...... تحت فيء الجدران الباهتة ذاتها، أمسكت عكازتي و أخذت أهش بها ذاكرتي علها تجمعني به...... و لكنه كما أتى مضى تاركاً صدى صوته معزوفة موسيقية رائعة، لا يشبها شيء سوى نوبات الصوفية عند بدء، فقد فعلت السنون فعلها و جف ماء النهر و لم يبق إلا المجرى يشق طريقه نحو النهايات...... النهايات ذاتها




    Foolish beat
                  

09-25-2004, 10:05 PM

dreams

تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 1985

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ايـــن انتـــم يا عشاقــــها!!!؟ (Re: walid taha)

    هكذا ينسرب العشق ..
    الدهشة الأولى:

    لم يتجاوز عمرها خمسة عشر ربيعاً .. تميل الي النحافة ، لونها خمري مميّز كأنه مزيّج للونين مختلفين ، ضفيرتان وضعتا بكل عناية فوق الصدر الذي بدأ يثمر ، أكثر ما شدّ إنتباهه مشيتها الرشيقة ، خطوات ثابتة منتظمة لها رنين .. هذا كل ما رآه لم يتبين تفاصيل وجهها الدقيقة .. لما أفاق أيقن بأن هذه الصبية الساحرة لابد أن تكون ضمن المرشحات .. في تلك اللحظة تملكه فضول لمعرفة هذه الفاتنة ، سرعان ما بدأ يستعيد توازنه ، استعان بالله من الشيطان ؟

    كل الأيام إلا ذلك اليوم .. لن ينساه ما حيي ، وقبله كانت هناك أيام تحمل معها رياح التغيير ، التي تشكلت على إثرها حياته فيما بعد .. كان يسمع همساً يدور بين أصحابه وهم يقيّمون العشرة الأوائل من حسناوات الحي ، وللحق لم ير في حياته معظم صاحبات الأسماء المرشحة لنيل هذه الدرجة العالية ، وللحق كذلك لم يكن يعبأ بمعرفتهن.

    آوى الي فراشه آملاً في نومٍ عميقٍ كما هي العادة الرتيبة .. لم يطاوعه النوم إلا بعد جهد .. كانت تراوده أحلام وهواجس غير واضحة المعالم .. نوم قلق .. استيقظ باكراً على غير العادة .. استرجع لحظات البارحة مراتٍ ومرات .. يا إلهي اللهم أسألك اللطف ..

    لإول مرة يجد خطواته تجره جراً الي مجلسهم .. رغم تواجده المنتظم ، إلا أنه نادرا ما يشارك في الحديث ، يفضل الإستماع خصوصا حينما يتحول الحديث الي همسٍ .. جلس بعد تحية مقتضبةٍ بينما كان الحوار محتدماً .. ترددت نفس الأسماء .. لاحظ أن هناك إسماً يتكرر أكثر من غيره ، تمنى غريزياً – ولم يجد تفسيراً لذلك – تمنى أن لا ينطبق هذا الإسم على صاحبتنا ، رغم أن الإسم فيه جرس وموسيقى ، بل كان له وقع خاص لديه ، فدائما ما يحب الزهور وأسمائها .. إلا أنه غالبا ما يُذكر هذا الإسم بتحريف متعمد وتمويه مكشوف ؟؟

    كاد يفقد السيطرة على أعصابه المحترقة .. وصف أحد المشاغبين صاحبة الإسم ب –( ضابط عسكري ) كناية لمشيتها المتناسقة وخطواتها الثابتة ، بدأت الصورة تتضح نوعا ما .. غير انه لم يتيقن بعد ، نادراً ما يبوح لشخص آخر ما بدواخله ، ظل الأمر على هذا النحو ..

    قرر بعدها أن يقف كل يوم أمام منزلهم ، فهو تقاطع طرق ، هذا بجانب أنه المكان الذي وقعت فيه المصادفة الأولى التي هزّت كيانه .. إلا أنها لم تأت .. تمنى في قرارة نفسه أن ينتهى الأمر عند هذا الحد ، مرت أيام وأيام وهو مرابط دون رؤية هلال رمضان ..

    دلف الى منزل صديقه سامي .. تسمّر مكانه .. خارت قواه تماما .. كانت أمامه وجهاً لوجه لأول مرة ، وبحركة لا إرادية مد يمناه وهي تهتز كعصاه موسى بعد المعجزة .. همهم بكلمات غير مسموعة وغير مفهومة .. صافحته وكأنها مرغمة على ذلك .. لم تكد يدها تلامس كفه .. سحبتها بحياء ظاهر .. مصافحة فاترة ..

    تبين ملامحها بصورة تقريبية ، لم يكن بمقدوره أن يصمد أمام هذا الوجه المشرق .. حاجبان يلتقيان في عناق دائم .. أما رموشها الظليلة فأربكته تماماً .. كاد يتراجع الي الوراء وهي ترمقه بنظرة متسائلة .. تجمّع في عينيها سحر الدنيا وروعتها .. أنفها ينم عن تحدٍ مستتر .. أما الضفيرتان فوضعتا بهدوء على الصدر المتحفز ..

    وهو يحاول السيطرة على أعصابه ، إذا بصديقه يغالب الضحك ، وقبل أن يغادرا المنطقة منزوعة السلاح ، نبهه سامي بأنها المرة الأولى التي يراه يصافح فيها فتاه ... سأله بطريقة لا تخلو من سذاجة من تكون ؟ مارس سامي معه فظاعته المعهود – دي أمنا الغولة – ما بتعرفا .. بل زاده عيارا آخر حينما ألمح الى أنه معجب بها وربما تربطهما علاقة ما قريبا ، فأسقط في يده وأسرّها في نفسه ولم يبدها ..

    مضت أياماً خالها سنوات ، لم يخف مشاعره هذه المرة ، وإن كان قد باح بها بطريقة مغلفة ، ليلى بنت خالته ولا حرج في ذلك ، هكذا أقنع نفسه ، دون مقدمات طلب منها أن تمهد الطريق له .. بعد أن أفاقت من صدمتها ..تظاهر هو بالثبات والعزيمة .. وعدت خيراً ..

    طااال أنتظـاره …

    يكبرها بنحو خمس أو ست سنوات ، وسيماً أنيقاً ، خجولا يميل الى الإنطواء ، ينغمس في عالمه الخاص الذي تلفه رومانسية تعد في مجتمعه ضرباً من الهبل ، يمارس طقوسه ببرمجة مسبقة ، حين يأوي الى فراشه ، تمتد أصابعه بحركة محسوبة لتقزّم الإضاءة الى حد الخفوت .. لا يتعد مؤشر الصوت في جهاز التسجيل الخط الأول أو الثاني ، صوت خفيض يكاد يهمس همساً .. ينساب صوت أم كلثوم ليتمازج مع ذرات النور الخفيضة ..

    من أجل عينيك عشقت الهوى بعد زمانٍ كنت فيه الخلي
    وأصبحت عينيّ بعد الكـرى تقول للتسهيد لا ترحـل
    يا فاتناً لو لاهما ما هزني وجد .. ولا طعم الهوى طاب لي
    هذا فؤادي فأمتلك أمـره واظلمه إن أحببت أو فأعـدلِ

    هكذا كانت أيامه تنساب هادئة وآدعة ، يحمل جريد النخل حين يعانق المجذوب ، فيرى البنيات يتسترن فتنة وانبهارا من عيون تلفت الكحل فيهن هنيهة ثم طارا ، يضمر حنانا لكل أم – شلخوها – يجالس بائعة الكسرى ، يهيم في شلال لوسى .. شعرها العسجدي ينثال كالشلال ينصب في غرار النفوس ، فجاءة يقفز الي قطار الغرب ليرى أمة المكى في رحلة تبدو أمامه كفلم وثائقي ، ثم ما يلبث أن يشتم رحيق البرتقال والقرنفل فيسرح خياله في تلك الخلاسية مملوءة الساقين .. بعض عربية وبعض زنجية ..

    أفاق من غفوته على صوت أم كلثوم وهي تسائله:

    أهو الحب الذي خفت شجونه أم تخوفت من اللوم فآثرت السكنية

    الحب ؟؟؟ لا يدرى ولكنها المرة الأولى التي يخفق فيها خافقه بإحساس لم يدرك كنهه ، فكثيرٍ من الحسان مررن ببرجه فلم يدرن طرفه ولكن كما قال مطمئناً نفسه – لكل أجل كتاب - . ولكن ليلى كما يبدو نست الوصية

    # ليلى موضوعنا ما طووول
    - موضوعك ياتو
    # شوفي كلمتيها ولا لا
    - حصل وو ..
    # وبعدين
    - ولا قبلين .. بكلمك بعدين
    # ...
    - بكرى زي الوقت دا .. خليك جاهز عشان حا تقابلا
    # أنا ؟ أقابل منو
    - تقابل منو ؟؟ تقابلني أنا يا سيد جرسة .



    وصدقت الرؤيا ..

    كان لقاءنا بالأمس عابراً
    كان وهماً
    كان حلماً
    كان رمزاً عبقريا

    كان لو لا أنني أبصرته
    وتبين ارتعاشاً في يديّا
    بعض أحلام التي أنسجها في خافقي
    وأناجيها مليا

    وكانت لحظة الصفر ، نقطة اللاعوده .. مفترق الطرق .. دائرة تطوقها حواشي المجهول .. السير بين مأمن الألغام وتفجرها .. صدى المتوقع .. ما غض الطرف عنه ... الساقط سهواً .. قطعة المسرح التي أعدت .. كواليس كل منهما ودؤوب حركتهما ...

    تنظر للمرآه خلسة وبتوجس مكشوف ، كأنها ليست الأنثى ..

    محتار حد التشرد .. أيهما يناسبه ، هذا القميص الأخضر .. لون الزرع ، أليس الأزرق لون السماء .. لون البحر الحالم ..

    ربما من غير اللائق أن يكون – الروج – صارخاً ، دعته يلامس شفتيها مروراً .. نظرت للونه الوردي بنظرة – مقياسية - لتناسق لونه مع تلك الورود التي نثرت على بلوزتها ..

    كأنها المرة الأولى التي يتضمّخ فيها بعطره المحبب .. رشقة لكفه اليسرى .. يشتمّها بنفس طويلٍ .. يعيد الكره مرة .. ومرة

    ليلى واهتمامها بديكور المسرح ، تأكدت من وضع كل المأثرت .. تممت على الوضع بنظره ماسحة .. سرى بداخلها تيارٍ كاد يسقطها أرضاً .. لا تدرك كنهه .. ظلت منتظرة في حالة ترقب لظهور جميل وبثينة ..

    وصلت هى أولاً .. غاصت في طيَات حضن ليلى .. جلست .. والخوف بعينها !!

    سمعتا طرقاً خفيفاً على الباب ، نهضت ليلى ، جزبتها هي من يدها حتى كادت تسقطها أرضاً ، ثم حررتها بصورة صاروخية .. توترُ يتملكها حتى – منكير – أظافرها المشذبة بعناية ..هدّت ليلى من روعها ،

    رفعت مزلاج الباب بعناية حتى لا يحدث صوتاً .. وجدته كادت تقع من طولها .. ضحكت بكل أحشائها وبصوت حبيس .. وجدته بين واقفٍ وخائرٍ .. وجدته كجبل الرجاف ..

    أدخل .. أدخل يا عصام
    أسمعي .. جات ولا لسه
    لا لسه حا تجي بعد شوية .. بس أنت ادخل انتظر جوه
    سحبها من يدها أها
    ياخي ما تسيب يدي دي .. يا زول انت مالك ما على بعضك كده
    أنا آسف ما قصدي .. بس
    يا زول خت الرحمان في قلبك وخش .. وانتظر كلها دقائق وحا تجي .. أنا بجهز حاجة في المطبخ .

    جر خطاه جراً .. كمن يساق للموت

    دخل الغرفة – تووش – تسمّر مكانه ، قام بحركة لا يتقنها إلا مستجدو الجيش .. خطوتين للخلف دور..

    كانت ليلى بالمرصاد – قنصت ليهو – حدجته بنظرة إحتقار ، ثم دعمتها بدفعه رقيقة ولكنها كادت تطرحه أرضاً .. دخلت معه لتلطيف الجوف لدقائق .. ثم انسحبت ..


    وللنيل أسـرار ..

    اعتادا أن يأتيا مساء كل خميس ها هنا .. يأثره هيام النجوم وهي تغازل الثريات على صفحة موجة النيل الحالمة بألوانها السريالية الناعسة .. وتلك النسمات ترفرف هادئة حالمة وحيناً مشاغبة تلهو بخصلات شعرها التي تسللت خلسة ..

    كان وجهها البهيج البهي مشرقا .. وفي عينيها الضاحكتين بريقاً يضج فرحاً وجلالا ، كثيراً ما كان يلفها صمتٌ دخيل ، لكنها في لحظات صفائها تنساب هنهنات صوتها لحناً مسيقيا حالماً .. تود لو أن تلك السمفونية خرافية المدى ..

    قالت له ، وهي تصلح من جلستها معتمدة على يدها اليسرى ، وبيدها الأخرى تسحب في خفة فستانها إلى أسفل وقد انحسر قليلا .. وهو لا يزال في اتكاءته نصف راقد ، وقد تبلل قميصه بقطرات الندى الليلية ، بدأت زهرة البنفسج في يده منهكة بعد أن عبث بها طويلا ..

    قالت ، هناك أغنية تأثرني ، فقاطعها أريد سماعها .. ولن أسمح لك أن تلقيها عليً إلقاءاً .. ضحكت ضحكة هامسة فطمت على أحضان الخجل وأرتوت من ماء الحياء ..

    قالت كنت أكيدة من ذلك ، وهذا ما حجبني عن إبدأ إعجابي بهذه الأغنية وأغنيات أخر .. وعدها وعداً كان يوقن أنه لن يوفيه .. حدجته بنظرة حسبت أنها كافية لردعه ، ظل بصره عالقا برموشها الظليلة وحاجباها ينومان على أهدابها كخصر الجزيرة .. وذلك الفرح الطفولي يركض ويلهو بعينيها ، فما زاده ذلك إلا إصراراً .. فأنساب صوتها ناعماً هامساً ..

    (( بعيد عني
    خطاك ما لامست وجه الطريق
    ومشيتي .. ومشيتي …
    لا فوق غيمة .. لا ظني بعيد عني
    كأنكِ من وراء صفحة زجاج مبلول
    وراك الريح ..
    وقدامك مدى السكة ونِدا المجهول
    أنادي ليك .. وأنادي ليك
    وجيدة .. وجيدة .. ))

    لم ينبس ببنت شفة .. سألته ما بك ؟ قال لن أبرح مكاني حتى تسمعيني تحفة أخرى .. ذكًرته بوعده الذي أطلقه ولم يجف مداده بعد .. ولكنها رضخت أمام عناده الطفولي ، فتدفق صوتها حنانا دافقاً وعذوبة عصرت ماء النيل خمراً صبوحا ..

    (( …
    عينيك سفر مكتوب أعيش في غربتو
    واعشق عذابو وحرقتو وليلو الطويل
    واتخيلك يا حلوة زي نسمة سحر
    جيتي ومعاك حلمي المطول
    منتظر وعدو الجميل
    عشقك زمان جواي رحل
    واتناه في الأعماق أمل ))

    وكزته برفق ، أفاق من حلمه ، قالت مداعبة هيا يا أبا الطيب .. فالليل أرخى سدوله .. نهض واقفاً وشمًر عن ساعديه وصاح .. الليل والبيداء تعرفني .. تأبط ذراعها فتخللت أصابعه أناملها واستوقفها سائلا .. ماذا لو جلعنا جميع أيامنا – خميساً - .. فتبعثر صوتها ضاحكاً في فناء الليل المخملي …

    الإرتحـــال ..

    كان عصام حائراً .. كان يفكر في اختصار الطريق .. ليجعل اختلاس اللحظات عمراً مديداً .. ولكن كيف يصارح أزهار برغبته في السفر .. والهجرة لي بلاد الله البعيدة

    غريب والغربة أقسى نضال ..

    هاهي الأيام تمر رتيبة .. وقاسية ، على ورقٍ ورديٍ منمق ، تفوح منه رائحة العبق الشجي .. فتذكر سحر المكان .. – ولدانة – كم انطوى داخلها .. فكتب لها ، وكأنه يخاطب العالم أجمع ..

    من عصام لأزهار

    الي حبيبتي التي هناك .. هناك حيث أنتِ لا أنا ، أنا هنا أرقب رمق أمل ظامئٍ الي وعدٍ حاقنٍ تحمله أضرع سحاب ثقال والريح تجري به الي بلدٍ .. حيث لا أنا حيث لا أنتِ .. حيث الفراق ماثل ، حيث الصمت يفترش أضرحة المداخل ، وبهو الأمكنة خزفيً الطلاء تسيل دموعه نفطاً عبثياً لا يضئ كهوف الكآبة التي لا يسكنه فتية ، غير كلبٍ بوصيدٍ باسط ذراعيه .. وأنا هنا تعرت شجاعتي المفتعلة ويبست على غاباتي أوراق الشجر ، فليت يلفظني إليها جوف الكهف الي أسفل اليم .. حيث هناك ورق اليقتين ..

    هناك حبيبتي – حيث كنت – تنسرب زرافات الفرح فتمتلئ أزقة الطرقات بالعبث المنقى من هوجة الزيف والفعل المشين ، هناك تناديني مريمٌ بدعوات مليحات فتقوُم إعوجاج شغبي الطفولي المجنون ، وهناك أكون .. كيفما أحب أن أكون ، وعلى صدرها الحنون تعاتبني فيما التأخير ، فأتجاسر على أمي الحنون ، أعلن لها بأني أصبحت كبيراً ، فتضحك من جهلي أمي وتجاوبني بلطف – رغم فظاظتي – وأنا أيضاً شوقي وحبي إليك كبير ، لا تغاضب هناك أمي ولا أزقة الحوارى تمل مني ، وهناك في بعيد الزمان – حيث كنت – هناك بين أتراب الحسان – حيث أذكر – إنفلتت كاعب حسناء تضاحك طفلة .. كان لونها أذكر مثل لون الطفلة صافٍ ، وأذكر حينها إختلط عليً الأمر ، فلم أعد أفرًق هل كنتِ أنتِ الطفلة وكانت هى الحسناء الكاعب ، أم العكس هو الماثل .. حيث دنوت من طفلتي أقبلها أحسست – حينها – أن ذاك الخد ناضج ، لم أعاتب نفسي ولم أشعر بالحرج حينها ، فكنت أدخل البيوت دون استئذان ، لا اذكر أن هناك من قال لي عليك بطرق الباب قبل أن تلج .. فكنت أجهل أن طرق الباب والإستئذان واجب ، فكنت حينها طفلا صغيراً .. إلا على أمي فأنا رجل وطفل .. هادئ ومشاغب ...

    هل أنا أحببت فعلا وأنا ما زلت طفلا صغيرا لا يفهم معنى الحب ، أم تلك الصورة القديمة لا تمثل الواقع .. لكن كل ما أعرفه عن نفسي كنت صبورا ، كان صبري مثل الافق شاسع شاسع .. لا أذكر – مرة – أني مللت إنتظارك طرف الشارع ..

    ساعةً ..
    يوماً ..
    أو مجموع أيام ..

    فكنتِ تأتين وكنتِ لا تأتي ، وفي كل مرة كنت أبني لك عذراً ، حتى صار - بسبب غيابك – بناؤك شامخاً ،
    كان يماثل برج إيفل ..
    كان مثل خوفو وأبي الهول ..
    كان إنتظاري وغيابك يمثل كل حضارات الفراعنة ..
    وكل داعيات الفتوحات العربية ،
    كان يمثل تمدن الفرنج ويمثل بدائيات الزنج في أحراش الإستوائية ، وفي ( كيب تاون ) وفي ( الملايو ) ،

    وحين كنتِ معي وأنتِ لا تأتي كان يسكنني فدياسا وروحاً عبقريا ، فكنت أعبث بشعرك الشلال وبالمرمر ، وكنتِ أنت أعظم عندي من كيلوباترا ومن مريا ..

    أنت الآن هناك ، لم نلتق رغم أن الشمس تطرح كل يومٍ صباحاً جديدا ، ولكن لا نلتق لأنني أنا هنا ، وأنت هناك ، هنا عكس ما عندكم ، المرافئ هناك يا وعدي ، هنا المنافي ، هنا نسمع صدى الكلام ، هنا نرى كل يوم فقاعات الرجاء حيث يذهب الزبد جفاء ، أما ما ينفع حبيبتي فيبق هناك ، هناك حيث أنتِ يا ألقي ..

    وعدت نفسي – قبل أن أعدك – أن أكتب إليك كلما سنحت لي فرصة ، كي أبثك – بجانب شوقي – همي وحزني ، ولن أنسى بالطبع – كما أوصيتيني من قبل - أن أدون لك لحظات الفرح والألق التي تنسرب بين حين وحين من قبضة – الماكر – ذا الزمن ، وأذكًرك الآن حتى لا أنسى – كما فعلت في جميع رسائلي – عليك بالصبر ، فعندي يقين رغم قتامة الزمن الذي يبدو لي ولك ، يقيني أننا سنلتقي ، سيكون لقاءاً – مثل حبنا – قوياً ثائراً مذهلا ، وسنطفئ بوهج الشوق الذي يدفعنا دفعاً لظى الحرمان الذي كان ، وسنغسل بدمع الشوق الذي يمطرنا مطراً عباءة المآسي والأحزان التي لفت كطوقٍ حول الجسد فما وهن .. هذا حبيبتي ظني ويقيني ، مع خالص أمنياتي لك ولأمي ..

    الـــرد ..

    حبي عصام

    تعااااااااااال

    أزهار

    __

    الــرد ..

    الى أزهار

    قرييييييب

    بحبك

    عصام

    --

    وتدور عجلة الأيام ، لاح له طيف اللقيا .. وحرارة الأنفاس ، وصدرٍ لدن يدغدغ منابع حنانه .. كي يغوص مرة أخرى فيسافر في زمن سعادته السرمدية ..


    اللقـــاء الأبدي ..

    دنا منها .. كأن سنيً الغربة تبدلت بأيامها ولياليها الى حبال طوقت جسديهما .. أصاب لسان كل منهم عقم عرضي ، لا كلمات تولد .. لا عبارات ترحيب تخترق جدار صمتهما .. قبل أن تقبًل الطائرة شفاه الأرض ، كان يراقب بحنك القائد المنتصر رتل الكلمات وهي تتقاطر على مخيلته في نظام متناه ، لن يعطيها فرصة للتحدث .. سيفرغ كل ما في خزائنه من أحرف الهجاء .. سيحكي لها كم كانت الأيام رتيبة وجافة في بعدها .. لن يُسمعها كلمة واحدة ترمز للأشتياق .. لأنها تدرك ذلك جيداً .. و ..

    حمد لله بالسلامة .. قالتها بهمس مبحوحٍ .. غاصت مرة أخرى بين ذراعيه .. لا أدري هل حقاً أنت هنا .. وهي تمسح رافدين من دموعها سألته بتودد .. لماذا أخلفت الوعد ، كان وعدك أن لا تغيب عني .. عن بلدك أكثر من عام .. أربعـة سـنوات ولم أرك فيها ..

    الله يسلمك .. أنا ..

    قاطعته بحزم .. أرجوك لا تنطق بكلمة ، لن أعطيك فرصة للتحدث .. سأفرغ كل ما في خزائني من أحرف الهجاء .. سأحكي لك كم كانت الأيام رتيبة وجافة في بعدك .. لو تعرف شوقي إليك .. آه لن أحدثك عن إشتياقي لك لأنك تدرك ذلك جيداً .. ولكني عاتبة عليك .. قالت واللوعة تاسرها هل في السفر راحة لك ..

    عصام : الغربة شجن .. وحنين !
    أزهار : البعد عنك عقوبة مبرحة لا تعرف الرأفة
    عصام : أحبـك إسرافاً
    أزهار : حبي لك ينضح بالأشواق .. والبكاء .. والتنهيد ..
    عصام : وأنا لا أطالك كي أرتمي عليك ..
    أزهار : كي تحميني من نفسي التواقة إليك .
    عصام : كنت آتيك كل ليلة في منامي
    أزهار : وأنا لا أخلف موعداً ..
    عصام : حتماً أنك تذكري يومنا ذاك !.
    أزهار : وهل التواريخ ( التأريخ ) تُنسى ؟
    عصام : هل ما ينبع من القلب لينفذ الي القلب يُمحى
    أزهار : ألم تكن تلك الجموع شواهد ..
    عصام : ومن بعدها ألم تكن تلك الخلوة دليل يُعتد
    أزهار : وكل ما علمنا وجهلنا ماذا يكون بربك ، ألم يكن صفحة في دفتر الحياة الآتية لنا بالبشر
    عصام : هل حفنة الأيام التي إحتوتنا تستوعب ذلك الإستمتاع الهلامي .. وهو يغرس مفاتنه ومباهجه كجزور تغوص في باطن الأرض ..
    أزهار : وذلك العطر المخملي الشجي .. يتناثر في الآفاق فيعبُق المدى وأنفاس الجموع الشواهد
    عصام : كل ذلك تحقق وكان غير يسير
    أزهار : لأننا لا نعرف مستحيلا ..
    عصام : وها نحن التقينا كحلمٍ وجل الخطى سخي الدمع ..
    أزهار : لقد طارت خطانا كاشرعة المراكب كأجنة الطير ..
    أزهار : كي نتعانق بشوق ..

    بصوت واحد: فلا نفتــرق ..



    ... هكذا ينسرب العشق



    AlRa7mabi
                  

09-25-2004, 09:47 PM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ايـــن انتـــم يا عشاقــــها!!!؟ (Re: dreams)

    دريمز
    صباحاتك

    تعرفي الورشة دي لوجابت ستيلا
    تكون عملت اعظم انجاز

    تسلمي
    وشكراًعلى قصة براكا
    قرأت قبل ايام روايته ( عطر نسائي ) حاجة عبقة جداً
    بس افضى شوية واكتب عنها
                  

09-25-2004, 10:42 PM

Habib_bldo
<aHabib_bldo
تاريخ التسجيل: 04-04-2002
مجموع المشاركات: 2350

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ايـــن انتـــم يا عشاقــــها!!!؟ (Re: الجندرية)


    احلام تغيبي تغيبي وتجيبي العجيبي (شايقية)
    قصة (براكة) قصة واقعية من نسج مآساة وطن ومآساة شعب
    قصة تتكرر كل يوم وروايات محفوظة ومحبوكة تماما في حافظة أوراق كل طالبي اللجوء السياسي أو من تحصل على اللجوء ويحاول ضم زوجته وأبنائه أليه
    من المفارقات الطريفة أرسل قريب لي رواية محبوكة عن إنتمائه للحركة النقابية في السودان وعن نضاله مع أجهزة القمع وكيف فصل من الخدمة لأنه كان يطالب بحقوق العمال وكم من السنوات قضاها في السجن حتى تمكن من الفرار واللجوء في الولايات المتحدة وها هو الآن يرسل نفس الحكاية لزوجته لتلتحق به ولا بد أن تحفظ تفاصيل القصة بالكامل لتجاوب بثقة وإطمئان في تحقيق السفارة الامريكية بالخرطوم ... الطريف أن زوجته لديها صلة قرابة بوزير الداخلية وأستقبلت تفاصيل القصة من زوجها في فاكس وزير الداخلية.
    بالأمس ذهبت للسلام على قريب لي قادم من كندا وفي نيته إصطحاب أسرته معه الى كندا وعرض علي مجموعة من المستندات من بينها (مطوية اياها) ومحتوى القصة أنه من المناطق المهمشة في السودان ويتعرض هو وأسرته وقبيلته للإبادة الجماعية والتهميش
    ولكن على من نضع اللوم ... على هؤلاء المساكين الذين يسعون لتحسين أوضاعهم وظروفهم المعيشية أم على النظام الذي تسلط على الرقاب والعباد وقاد الوطن بلا خطة للتنمية ولا خطة لإستيعاب الخريجين مع الكبت السياسي والقهر الاجتماعي لمدة 15 عاماً وما زال المستقبل مجهول والنظرة قاتمة خاصة في أوساط الشباب الذين هم في مقتبل العمر من الخريجين
                  

09-28-2004, 09:41 PM

dreams

تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 1985

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ايـــن انتـــم يا عشاقــــها!!!؟ (Re: Habib_bldo)

    جندرية

    حبيب بلدو

    صباحكم الندى بتوقيت الخرطوم

    بجيكم بى مهلة

    تسلمو
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de