|
Re: الدعوة إلى الله طريقها وآدابها (Re: Frankly)
|
(خامسها) التلطف في القول. والرفق في المعاملة. وهذا أول ما يتبادر إلى الفهم من قوله تعالى ( وجادلهم بالتي هي أحسن) والقرآن يبين هذا في مواطن كثيرة وآيات متعددة. اقرأ إن شئت قوله عز وجل ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين. قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون) فما بعد هذا التلطف فج يسار فيه، ولا وراء هذا الرفق غاية ينتهى إليها. والسر فيه أن النفوس جبلت على حب الكرامة. وتربت في الغالب على الرعونة، ونشأت على التقيد بالعادة. فمن رام الخروج بها عن عادتها، وصرفها عن غيها إلى رشادها. ولم يمزج مرارة الحق بحلاوة الرفق، ولم يصقل خشونة التكليف بصقال القول اللين اللطيف كان إلى الانقطاع أقرب منه إلى الوصول، ودعوته أجدر بالرفض من القبول. وإن أردت الدليل الصريح من القرآن. على تأييد هذا البيان. فاتل قوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) فهو ينبئك بأن لين القول محل رجا التذكر. والمعد للنفوس للخشية والتبصر. ومن هنا تفهم السر في حماية الأنبياء عليهم السلام من العاهات المنفرة، وجعلهم أكمل الناس آداباً وأخلاقاً.( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) وقد اهتدى لهذا دعاة المذاهب الناجحة والأديان المنتشرة، حتى أن دعاة النصرانية في الصين يلبسون لباس البوذيين ويحملون أصنامهم أو يبيعونها منهم توسلا إلى عقيدة يلقونها، وتوصلا إلى كلمة يقولونها أو نفثة ينفثونها، غلوا بازاء غلو، وضعة في مقابلة كبر وعتو، فان الصينيين يغلون في الدين ويحتقرون من دونهم من العالمين وكأين من داع أفسد العنف دعوته وأسفل كلمته، أولئك الذين فرقوا الدين الواحد بالخلاف، وألقوا العداوة بين الإخوة بقلة الإنصاف.
|
|
|
|
|
|
|
|
|