|
|
 حزب الأمة.. القصة القديمة..صراع أولاد البحر وأولاد الغرب!!!!
|
نقلا عن الرأي العام
النزعات القبلية والجهوية في الأحزاب السودانية.. (2)
حزب الأمة.. القصة القديمة!
!!صراع أولاد البحر وأولاد الغرب
استطلاع : أبو عبيدة عبد الله
في الحلقة الماضية كان الحديث عن البعد الجهوي القبلي في الحركة الاسلامية من بولاد الي علي الحاج .. الآن نحاول ان نسلط الضوء على حزب الامة اكبر الاحزاب السودانية بمقياس آخر انتخابات ديمقراطية تمت في التعددية الثالثة .. لمعرفة طبيعة دور القبيلة والجهة في تحديد الموقف السياسي داخل الحزب ودورهما في التحالفات والصراعات .. وبالنظر للتاريخ القريب نجد بروز الصراع الشهير بين ابناء غرب السودان وابناء البحر في فترة الخليفة عبد الله التعايشي.
انطلاقاً من مرجعيات سابقة سالبة تكونت منذ عهد الخليفة عبدالله التعايشي ، بأنه أقصى اولاد البحر وعدم السماح لهم بتقلد اي مناصب اعتبارية ، فضلاً عن دعوته لأهل الغرب بأن يهاجروا إلى ام درمان ويقطنون في احياء الآن هي ودنوباوي والملازمين . هذه المرجعية السالبة ترسخت في أذهان الكثيرين بأن المهدية إرتبطت بقبائل غرب السودان ، الشيء الذي جعل اختيار التعايشي لم يرق لبعض آل المهدي ممن عرفوا بالاشراف بحجة ان الخليفة عبد الله ليس من آل بيت المهدي ، وتطور الأمر إلى ان اصبح معارضة لحكم الخليفة من معظم ابناء الشمال.
هذه الاحداث هي التي شكلت العقل الباطن والخلفية الحقيقية التي تفسر كثيراً من المعضلات التي تطرأ على حزب الأمة ، خاصة بعد المفاصلة بين الصادق وابن عمه مبارك.
تيارات
هناك عدد من التيارات في حزب الأمة ظلت جميعها (تحوم) حول الصادق المهدي من أجل كسبه ، تعامل معها المهدي بذات العقلية وظل قريباً منها حتى لا يفقدها ، إلى ان انفلت العقد اخيراً وخرج تيار مبارك الفاضل ، وبدأت الانسلاخات الفردية تستشري في الحزب.
المحللون والمراقبون يرون أن هناك صراعاً ذا شقين داخل حزب الامة ، الشق الاول صراع جهوي جغرافي ،والثاني جهوي قبلي جغرافي يراعي القومية ، ويرون ان الصراع الجهوي تقوده قبيلة الرزيقات بخلفية أن لهم الدور الأكبر في المهدية ، أما التيار الآخر فإنه مهتم بالحزب ويطالب بخصوصيته في الثروة والسلطة والتنمية ، هذه التيارات كان لابد لها أن تثير حفيظة تيار أولاد البحر - النيل الابيض ، الشرق ، والشمالية ، ويعتقدون حسب ما يشير المراقبون إلى أن هناك هيمنة في حزب الأمة من بعض القبائل.
نظرة قومية
د. آدم موسى مادبو نائب رئيس حزب الامة وأحد أبناء قبيلة الرزيقات المتنفذة في غرب البلاد ، يشير إلى ان تاريخ الحزب لم يكن به اي اشكال، مؤكداً ان النظرة كانت قومية وغير مرتبطة بقبلية او جهوية . ومناداة كل جهة ومطالبتها بنصيبها من السلطة والثروة داخل الأحزاب أو خارجها جاء نتيجة لنظام الحكم مثلما اوضح مادبو ، واكد ان حزب الأمة انتبه لأن يكون هناك تمثيل لمناطق مختلفة ليس تمثيلاً قبلياً بل جهوياً ، واكد ان فكرة الجهوية في حزب الامة منطلقة من تعبير المنطقة المعنية لطرح احتياجاتها ومشاكلها في الإطار العام.
ولم يعترف مادبو بأن حزب الأمة مسيطرة عليه أسرة او قبيلة محددة ، إلا إنه قال إن الاسرة التي لديها تاريخ ومجاهدات ، فإن الناس لا تنسى مجاهداتها وتاريخها ليس في السودان فحسب ، بل في كثير من دول العالم ، مستشهداً بأسرة الرئيس الامريكي السابق جون كندي . وأضاف ان اسرة المهدي لها تاريخها الشيء الذي يجعلها تجد فرصاً أكبر في التمثيل من غيرها.
كثير من المراقبين وبعض القيادات داخل حزب الأمة وخارجه يهمسون في آذان الكثيرين بأن مادبو هو قائد التيار القبلي والجهوي في حزب الأمة ، وزادت تلك الاتهامات يوم أن وقف مادبو في المؤتمر العام لحزب الامة الأخير وقال : (أُعلن انسحابي من ترشيحي لمنصب الامين العام ، ومن كان يريد التصويت لي فليصوت لعبد النبي).
ضحك مادبو أولاً ثم قال : هذا الحديث غير صحيح وكل المواقع التي تقلدتها جئت اليها منتخباً.
مادبو يدرأ عن نفسه صفة الجهوية والقبلية ويقول ان تقييمه للاشياء لا يعتمد على الجهوية او القبلية ، مشيراً إلى تقييم الاشخاص كل حسب عطائه وفكره في الموقع الذي يقدم له . وأكد ان انسحابه من الأمانة العامة كان بإتفاق ان شيوخ الحزب لا يترشحون إلا في مناصب رئاسية ، مشيراً إلى أن انسحابه كان بطريقة ديمقراطية، اي أن الشخص اذا انسحب يمكن أن يسند شخصاً آخر بغض النظر عن قبيلته او جهته.
توريث سياسي
عملية التوريث السياسي في حزب الأمة وصفها د. أحمد بابكر نهار القيادي بالاصلاح والتجديد بأنها أقعدت الحزب كثيراً ، مشيراً إلى ان السيد عبد الرحمن المهدي كان صادقاً في توجهه لكن بعد وفاته انقلبت (الحكاية) رأساً على عقب ، مبينا ان انحطاطاً فكرياً كان نتيجة الصراعات في القاعدة من قبل الأسرة الحاكمة، واكد ان التيارين الجهوي والقبلي في حزبه جاءا نتيجة للوعي والتعليم الذي تم اكتسابه ، مشيراً إلى أن السنين السابقة كانت استغلالا حقيقياً لعدم الوعي والتعليم.
استعانة قبلية
ويضيف عبد الرسول النور القيادي بحزب الامة ان الحزب حينما نشأ لم ينشأ جهويا او قبلياً ، إلا انه قال ظهرت بعض القيادات التي لا تملك رصيداً نضالياً وسعت للاستعانة بقبائلها ونفخت على روح القبلية والجهوية وطالبت بالموازنات والترضيات والمعالجات ، مبيناً ان ذلك النهج ادخل الجهوية والقبلية بشكل سافر إستغلها ذوو الحاجات والاغراض ليكون الاساس في تولي المسؤولية هي القبلية ، مبيناً أن ذلك أدى لظهور من يطالب بالتمثيل القبلي في الأجهزة الانتقالية .
وأشار عبد الرسول إلى أن الذين يطالبون بالعمل الجهوي كانوا يعملون خارج الأحزاب في شكل منظمات أو أحزاب ، إلا انهم ادركوا ان كل اشكال العمل الحزبي لابد أن تكون داخل الأحزاب الكبيرة ، وارادوا تحويل الاحزاب إلى قبائل متحالفة .
عبد الرسول النور نفى أن يكون الحزب مسيطرة عليه بعض القبائل أو الأسر واصفاً ذلك بالإدعاء من بعض الناس الذين يعتقدون إنهم يمثلون مناطق بحكم التاريخ ، إلا انه قال ان الاحداث الأخيرة اثبتت ان المناطق التي يدعون تمثيلها ويبتزون الحزب بها ، ويضغطون لتولي المناصب باسمها ، تتحرك هذه المناطق سلماً وحرباً دون علمهم.
سبب الخلاف
المهندس عبدالله مسار القيادي المنشق عن حزب الامة اكد ان احد الاسباب التي جعلته ينحو ذلك المنحى هي وجود القبلية والجهوية في حزب الامة وهو عكس ما اشار اليه د. مادبو، واضاف مسار ان الصراع بين اولاد البحر والغرب كان موجوداً بصورة واضحة ابان الديمقراطية الثالثة مشيراً الى انه لا يزال مستشهداً بالانتخابات حول منصب الامين العام بين عبدالنبي ومادبو ونقد الله ونائب الرئيس بين مادبو نصر الدين.
مسار اشار الى ان الصراع القبلي والجهوي لم يستطع ان يحقق نتائج ايجابية كبيرة بسبب غلبة ابناء المهدي واستطاعوا ان «يحجموه» ويسيطروا عليه.
وقال إن القبلية والجهوية تكون واضحة حينما يتم الحديث عن رئاسة الحزب وضرورة ايجاد وجوه جديدة فيه مبيناً ان الحديث يصبح محظوراً في تلك القضايا.
ويتطابق ويتوافق حديث د. عبدالرحمن الغالي عضو المكتب السياسي بحزت الامة مع حديث د. مادبو في ان الحزب يعتبر من اكثر الاحزاب السودانية تمثيلاً وترسيخاً للقومية مشيراً الى ان التمثيل فيه متوازن وليس بالمعيار القبلي الا انه لم ينف وجود تيارات داخل الحزب على الرغم من استبعاده للطابع الجهوي والقبلي فيها مشيراً الى انها ذات طابع سياسي.
ونفى الغالي بشدة وجود اية سيطرة جهوية لاية منطقة ووصف ما يدور همساً بان اسرة المهدي تسيطر على الحزب وهو ما اشار اليه مسار في حديثه وصف ذلك الحديث بأنه لا يسنده واقع مشيراً الى ان ادارة الحزب وطريقة تكوين مؤسساته واجهزته لا تجعل لاية مجموعة السيطرة على الحزب.. وقال الغالي ان الاشخاص الذين ينتمون لاسرة المهدي ويتولون مناصب جاءوا بناء على عطائهم وبرغبة واختيار ورضا اجهزة قواعد الحزب.
من غير تردد
من غير تردد او اي تفكير اكد السيد صديق مساعد القيادي بالاصلاح والتجديد ان حزب الامة يعاني من الجهوية والقبلية وعلل ذلك بسبب تكوين السودان الذي قال عنه انه لم يتكون بصورة وطنية وقومية، فضلاً عن ظروف التخلف التي عاشتها البلد واكد ان هناك سيطرة واضحة من اسرة المهدي على الحزب، الا انه اشار الى انها اذا تمت بصورة ديمقراطية لا غبار عليها اما اذا تمت تحت اسم ابناء الزعيم فهذا خطأ.
وقال ان هيمنة ابناء غرب السودان على بعض المناصب في الحزب نتاج طبيعي للكثافة العددية المنتمية للحزب في ذلك الاقليم، واكد ان اي عمل سياسي اصبح مربوطاً بالتكتل الا انه اشار الى ان الالتزام السياسي بقومية الحزب امر لا بد منه.
إختلاف آراء
الخبير الاستراتيجي ابو القاسم حاج حمد في حديثه عن النزاع الجهوي والقبلي في حزب الامة فند ادعاء فترة التعايشي بأنها كانت خلافاً بين اولاد البحر والغرب ، مشيراً إلى ان ما تعرض له ابناء الغرب من خصومة وتصفيات لم يتعرض له أبناء البحر . وقال ان ترابط الانصار جعل المهدية تتجاوز الصراعات القبلية والجهوية . ووصف ابو القاسم ما يحدث في حزب الامة اليوم بأنه اختلاف آراء لا علاقة له بالجهوية او القبلية ، إلا انه قال: في لحظات الصراع ليس في داخل احزابنا ، بل في العالم أجمع ، يستخدم المتصارعون الاساليب الجهوية والقبلية كافة. وقال ان الصادق المهدي اذا رأي ان الصراع الجهوي والقبلي يفيده ضد مبارك فإنه سيستخدمه والعكس ايضاً لدى مبارك.
تراجع مركزي
استاذ العلوم السياسية صفوت فانوس أشار إلى ان احزابنا الوطنية نشأت بفهم جهوي وقبلي ، واضاف ان الانتماءات الجهوية والقبلية تأتي دائماً في ظروف تراجع الدولة المركزية ، مشيراً إلى ان ضعف الدولة خاصة خارج المدن ادى إلى عودة الناس للقبيلة كمؤسسة توفر الحماية والأمان لهم ، وقال ان هذا الوضع ادى إلى تراجع دور الاحزاب، واصبحت منكمشة. ويؤكد فانوس إن المؤشرات تقول ان التيارات القبلية ظاهرة تهدد السودان ، وقال ان المخرج يتطلب اعادة تشكيل الاحزاب وان نعترف بأزمتنا السياسية.
خاتمة :
رغم تباين الآراء إلى حد التضارب ، بيد ان معظمهم شخصوا بأن الفيروس الجهوي والقبلي قد أصاب حزب الأمة ، وبدأت أعراضه في صدر المهدية التي تجلت في رفض ابناء البحر لولاية الخليفة التعايشي . وظل ذلك الفيروس كامناً في جسد «الأمة» يظهر كلما مر الحزب بحالة من الفتور والضعف.
|
|
 
|
|
|
|
ahmed haneen
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست