الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأول

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 01:11 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-07-2004, 03:37 PM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأول

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (حتى اذا ماجاؤوها شهد عليهم سمعهم ، وابصارهم ، وجلودهم ، بما كانوا يعملون * وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا ؟؟ قالوا انطقنا الله الذي انطق كل شئ ، وهو خلقكم اول مرة واليه ترجعون * وماكنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم .. ولكن ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون * وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين)
    صدق الله العظيم

    السيد أبو بكر القاضي
    المصداقية


    امران يشغلاني كثيرا، لخطورتهما..
    الأمر الأول المكر الإلهي، والثاني إلتواءات النفس البشرية، فكلاهما لا حل بالنسبة لهما، سوى الاعتصام بالله، ونبيه والأدب، والاستعاذة الدائمة، من المكر الإلهي، ومن غرور النفس.. لا أحد يتعظ بغيره، إلا ما رحم ربي، فالكل يريد ان يخوض تجربته الخاصة، والتي يظن انها متفردة .. لا تقل هذه مفارقة واضحة، لا يمكن أن اقع فيها، فكلهم يؤتون من باب "انا خير منه " ، وكلهم يتوهمون انهم اكثر ذكاء من غيرهم، واكثر فطنة، ويعرفون كيف يتفادون أخطاء الآخرين. دائما الرقيب الذي لا يغيب، والموت الذي لا يتأخر، لا يضع لهما حساب.
    أقول قولي هذا وقد اطلعت على مقالات للأستاذ ابوبكر القاضي، يتعرض فيها للفكرة الجمهورية .. ماذا يريد القاضي!؟ أن ينتقد الفكرة الجمهورية، او يعيد النظر فيها حسب عباراته!؟ فليفعل .. ولكن كان عليه ان يكون اسلوبه في النقد، علميا، وموضوعيا، بالصورة التي تتناسب مع العقلانية التي يدعيها من خلال كتابته..ولكن شيئا من ذلك لم يحدث، بل بكل أسف العكس هو الذي حدث، وبصورة تبعث على الحيرة!! يقول ابوبكر:"تقديري للفكرة الجمهورية لا يحول دون نقدها علنا، وذلك من باب التفكير بصوت عال، لأنني حين اناقش الفكرة الجمهورية فانما احاور نفسي في المقام الأول"..
    تناقش نفسك كتابة وعلى صفحات جريدة سيارة!! وما هو اسلوب هذا النقاش!؟ ويقول القاضي:"يلزمني أن أبين وانا اكتب وانشر في منطقة الخليج ان سبب تناولي للفكرة الجمهورية هو تقديري لها كماض اعتز به" .. كيف يمكن ان تكون معتزا بهذا الماضي، وانت تشوهه في امور انت تعلم تماما، انها لم تكن كذلك، ولا تذكر الحقائق كما هي، وانما تعكسها عكسا، حتى في الأمور الأولية التي لا مجال للمغالطة فيها!؟
    أريد اساسا في كتابتي هذه ، بيان منهج القاضي، النقدي المزعوم، وما يقوم عليه من مفارقات كبيرة، لأبسط أساليب النقد الموضوعي وقيمه.

    التغيير بلا جمهور:
    في بداية الصفحة الأولى، من كتابة القاضي، تحت هذا العنوان جاء قوله: " فقد دأبت جهات عديدة على تجاهل هذه الفكرة – ومنها الحركة الإسلامية السودانية – على أساس أن الرد عليها ومحاورتها هو اعتراف بها يمنحها قدرا من الشرعية والندية والاعتبار" !! هذا ما قاله القاضي كتابة، وذلك به دلالة صارخة على بعد منهجه النقدي عن الفكر الحر الأمين، الذي يأبى أن يغير الحقائق الثابتة، .. المؤسف ان القاضي شخصيا شاهد حاضر للكثير جدا من صنوف المعارضة للفكرة، خصوصا ممن اسماهم الحركة الإسلامية السودانية.. ان المعارضة التي لقيتها الفكرة، هي من أغرب صور المعارضة للأفكار في التأريخ، في حجمها وفي استمراريتها، وفي تنوع اساليبها.. فقد شملت هذه المعارضة تسخير كل اجهزة الإعلام والمنابر، من اذاعة وتلفزيون، وصحافة، وكتب، ومنابر مساجد.. واستغلت فيها مختلف المؤسسات، المؤسسات التعليمية، والمؤسسات الدينية، في الداخل والخارج واجهزة الدولة المختلفة، من شرطة وامن، وخدمة مدنية.. وشملت اساليب المعارضة، كل ما يخطر على البال، وما لا يخطر، من الكذب الصريح واختلاق الأمور غير المعقولة ونسبتها للفكرة، الى البتر والتشويه، وسوء التخريج، والى الشغب والعنف، في المحاضرات، واركان النقاش، وأثناء حملة الكتاب، واستخدام الشرطة لمنع المحاضرات، وتفريقها بالقنابل المسيلة للدموع، وحرق المعارض.. واستخدام القضاء، والحكم بالردة والى المؤامرة الأخيرة التي حكم فيها على الأستاذ بالإعدام.. والقاضي نفسه يقول عن الأستاذ محمود "الشهيد"، فهل هذه الشهادة دليل على عدم المعارضة!؟ وكل الذى جرى من معارضة، سواءاً من الداخل او من الخارج، كان بتدبير ممن اسماهم القاضي: الحركة الإسلامية السودانية.. وحتى المؤامرة الأخيرة، كانوا هم وراءها، وقد اعترف الدكتور حسن مكي بذلك صراحة على صفحات الجرائد.. وقال ان الصف الإسلامي كان في ذلك الوقت جميعه مع اعدام الأستاذ. فاذا كان القاضي يعكس الحقائق الصارخة الوضوح، الى هذا الحد، مستخفا بعقول قرائه، فلا ينتظر ان يكون نقده هذا المزعوم، سوى ضربا من ضروب المعارضة التي عرفناها، واشرنا الى طرف منها، ولن يستطيع ان يضيف جديدا الى اساليبها، في الكيد، لأنها لم تترك اسلوبا من اساليب الكيد الرخيص لم تستخدمه.
    إن من تصدر عنه مثل هذه المفارقة، لا مجال لأن يكون مظنة النقد الفكري الأمين.
    جعل القاضي عنوانه: "الفكرة الجمهورية التغيير بلا جمهور" وبالطبع هو يعني التغيير السياسي، وهذا بداهة لا يكون بلا جمهور!! ولكن ماهو دليله على ما يدعي!؟ يقول القاضي: "إن طريق التغيير في الفكرة الجمهورية ليس عن طريق الجماهير، وانما عن طريق (انقلاب كوني) عن طريق حلول من السماء، وهو ما اسميه الحلول الإلهية الجاهزة" .. انا هنا معني اساسا بالمصداقية، فالقاضي يعلم يقينا ان الفكرة الجمهورية قدمت حلولا لكل القضايا الأساسية: علاقة الفرد بالكون، علاقة الفرد بالمجتمع، قضايا السياسة، والإجتماع، والإقتصاد، والمرأة.. الخ.. ولها رأي في كل حدث هام عالمي او محلي، لدرجة التفاصيل.. وكل هذه الحلول تقوم على اسس جديدة تماما لم يقل بها احد قبل الأستاذ محمود، بل هي من الجدة بحيث اصبح بها بين اهله كالغريب، وهي لجدتها ظلت منازعة طوال الوقت.. وما قدمته الفكرة من حلول لايتوفر في اي تنظيم عالمي او محلي، وكل ذلك متوفر الآن في الكتب والنشرات التي اصدرتها الفكرة.. والفكرة تستهدف تغيير الجماهير، لا مجرد حشدها واستغلالها عن طريق استغلال الدين، كما فعل الخميني، والترابي وأشباههما، وكما تفعل الطائفية.. فالعبرة عندها ليست بالكم ، وانما بالوزن الفكري والخلقي، ولذلك هي تخاطب عقول الجماهير وقلوبهم، وعندها كل فرد هو غاية في ذاته، حتى ولو كان ابلها.. وقد ابتدعت الفكرة من وسائل الإتصال بالجماهير، ما ليس له أي ضريب في السودان.. فهي وحدها التي طبعت اكثر من مائتين وسبعين كتابا، وزعتها على جميع انحاء السودان، عن طريق حملة الكتاب التي تفردت بها تماما .. واقامت الندوات والمحاضرات، في مختلف انحاء البلاد، مدنها وقراها.. وأوجدت نظام المنابر الحرة، فأقامت اركان النقاش، في الشوارع والميادين العامة، وفي المؤسسات التعليمية، ولها منابر مشهودة ومشهورة في الجامعات وكل ذلك هي متفردة فيه، وانت على علم به، ولكن كشأنك دائما في كتابتك هذه العجيبة، تنسب للفكرة عكس ما تعلمه انت شخصيا عنها، ويعلمه غيرك!! وعبارة (انقلاب كوني) عبارة ركيكة وتدل على جهالة حقيقية، فلا توجد جهة لها ارادة مع السماء لتنقلب عليها السماء، فهي وحدها صاحبة الأمرفي كل شئ. وكذلك عبارة (الحلول الإلهية الجاهزة)، فالله تعالى حتى عندما ينزل الكتب ويبعث المرسلين، لا يجئ بحلول جاهزة، وانما يجئ بقيم وموجهات يدعو لها رسله، يؤمن بها من يؤمن ويعترض من يعترض، وكان الرسل يلاقون اشد العنت بنشر هذه المبادئ والقيم التي يوحي بها اليهم ربهم.. أما التغيير عن طريق المسيح فلنا اليه عودة .. وعلى كل المسيح حتى الآن لم يظهر والجمهوريون لم يكفوا عن العمل، في تغيير انفسهم، بالذات، عن طريق منهاج (طريق محمد) عليه افضل الصلاة واتم التسليم.. والقيمة الأساسية التي تضيفها فكرتهم هي الفكر والعمل، وعندهم ان الإسلام لم ينصل عن حياة المسلمين، الا لأنهم اتجهوا الى التظير، وتركوا الفكر والعمل، والفكرة الجمهورية عندها ان المعرفة نفسها هي نتيجة للعمل بالتقوى (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شئ عليم)
    والذي يسمع قولك عن الجماهير، والتعويل عليها، يبدو له ان الجماهير هذه، يمكنها التغيير دون تدخل السماء او بمعزل عما اسميته الحلول الإلهية، مع ان المعرفة تقول ان عمل الفرد، وعمل الجماهير، ما هو الا استعداد المحل لتلقي الإذن الإلهي، الذي به وحده يتم التغيير، واذا غاب هذا الإذن لا يكون أي تغيير.. فالجماهير تغير بالشريعة، ولكن في الحقيقة لا يغير الا الله، فهو تعالى يقول: "ان االله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" .. فهل انت فعلا تريد ان تبعد السماء من معادلة التغيير !! ويلاحظ ان كل الذين يبالغون في الحديث عن الجمهور والشعب هم الدكتاتوريون الذين يريدون أن يعوضوا عدم شرعيتهم، بذلك الحديث!! وقد كان الماركسيون اكثر الناس حديثا عن الجماهير، فبربك قل لي ماهو دور الجماهيرفي التغيير الكبير الذي تم في الاتحاد السوفيتي، وأدى إلى إنهيار الكتلة الإشتراكية كلها!؟ هل تخفى عليك يد العناية الإلهية، في مثل هذا العمل!؟ إن الله إذا أراد شيئا هيأ له الأسباب، وقد تكون هذه الأسباب أي شئ تقرره الإرادة الإلهية.
    المهم، إن ما نريد بيانه هنا، أنك تعكس الحقائق، ليس عن غفلة، ولا جهل بها، وإنما عن قصد.

    المشروع الإسلاموعروبي الإستعلائي:
    يقول القاضي : "الفرضية التي أريد اثباتها هي أن الفكرة الجمهورية جزء لا يتجزأ من المشروع الإسلاموعروبي الإستعلائي " .. وبالطبع هو لا يثبت أي شئ، وإنما يقرر الأشياء بصورة مبتسرة مضطربة، وفي كلمات معدودة.. لا يمكن أن يقول انسان أمين، أن الفكرة الجمهورية "مشروع عروبي" خل عنك أن يقول "استعلائي"!! وذلك لأن الفكرة أساسا ضد الإتجاهات القومية، بصورة واضحة، وحاسمة، والمصادر المتوفرة في ذلك لا تجعل هنالك مجالا للبس.. جاء في كتاب (مشكلة الشرق الأوسط) .."ههنا أصل الداء إن العرب يريدون أن يقيسوا قامتهم، كعرب، الى تحديات عصرهم الحاضر، وليس لقامتهم تلك، ههنا، غناء، فإن تحديات العصر ارتفعت الى صراع الأفكار والمذاهب، وخلفت وراءها، بأمد بعيد العنصريات" وقد ورد الإستشهاد بالنصوص "يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن اكرمكم عند الله أتقاكم" والحديث "الناس لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم" و "ليس لعربي فضل على عجمي الا بالتقوى " .. و " سلمان منا آل البيت" .. و" سين بلال عند الله شين" .. وجاء : "إن العرب لم يرزأوا في دينهم، ولا في دنياهم بمثل ما رزئوا بدخول دعوى القومية العربية" وجاء عن ركون العرب في حربهم ضد إسرائيل الى عروبتهم القول بأنهم "يهودا يحاربون يهودا"، وغير ذلك كثير، وقد كان الأستاذ محمود يحب ألا ينسب السودان للعروبة، وإنما ينسبه الى أفريقيا كأقليم، ويقول عن نفسه "أنا أفريقي".. بل أكثر من ذلك، إن دعوة الأستاذ محمود دعوة لتجاوز مرحلة البشرية الحاضرة، الى مرحلة الإنسانية!! وكل ذلك أنت تعلمه، ولكن الغرض أعماك فجعلك تشهد بعكس ما تعلم، وهذا لعمري عدم مصداقية عجيب من نوعه.

    مشكلة الجنوب:
    لا زلنا بصدد عدم المصداقية.. يقول السيد القاضي: "تقرأ أطروحات الفكرة، فإنك لا تجد اهتماما خاصا بالجنوب إلا بعد 1980" لو كان القاضي لا يعلم، فهذه مشكلة، ولكن المشكلة الأكبر أنه يعلم!! هو يعلم تماما أن اهتمام الفكرة بمشكلة الجنوب لا يدانيه، في السبق، اهتمام أي تنظيم، أو حزب في السودان .. فقد كان هذا الاهتمام منذ 1946 والقاضي يقول بعد 1980 وشتان بين التاريخين .. جاء في المنشورات الصادرة عام 1946 مانصه: "ما سكوتكم عن الجنوب ايها السودانيون- ما سكوتكم!؟ تعالوا فاتركوا هذا العبث السخيف – هذه المذكرات والوثائق – هذا التحالف والاتحاد – وواجهوا الحقائق المرة، فالجنوب مشكلتنا الأولى، والسكوت عنه مزر بكرامة السودانيين أبلغ زراية .. وإن سكوتكم عن الجنوب أيها السودانيون، لييئس منكم الولي، ويطمع فيكم العدو.. الجنوب ارضكم .. والجنوبيون أهلكم .. فإن كنتم عن أرضكم واهلكم لا تدافعون فعمن تدافعون؟"
    وفي منشور صادر في 11/2/1946 جاء: "هذا بيان الحزب الجمهوري للناس، وهو نذير من النذر الأولى، ستليه اخر، ترمي بالشرر وتضطرم بالنار وتتنزى بالدم. فإن مسألة الجنوب لا يمكن الصبر عليها أو الصبر عنها، وأن الإنجليز ليبيتون له امرا، ولئن لم نحتفظ نحن اليوم بالجنوب احتفاظ الرجال لنبكينه غدا بكاء النساء" .. "أيها السودانيون إن حكومة السودان ظلت تضرب على السياسة الإنجليزية العتيقة، وتردد نغمتها البالية، نغمة( فرق تسد)، وإن وراء قفل الجنوب، واتجاهه التعليمي وسياسة التبشير هناك لخطة تبيت لفصل الجنوب عن الشمال، وليس يوم الفصل ببعيد، وسوف تعضون آنذاك بنان الندم عندما يطالب الجنوبيون بالانفصال مدفوعين بقوة ايحاء السياسة الانجليزية"!.. ويقول المنشور عن السياسة الانجليزية تجاه الجنوب: "ولتخسأ تلك السياسة التي تركت اخواننا الجنوبيين يعيشون في القرن العشرين حفاة عراة مراضا جياعا بمعزل عنا" .. ويواصل "أيها السودانيون ان الإنجليز ليرمون الى جعل الجنوب مهجرا بريطانيا، ومزارع بريطانية على غرار كينيا ويوغندا، ولكن الحزب الجمهوري الذي يسعى الى تحقيق وحدة السودان، أولا وقبل كل شئ، يقف اليوم امام صخرة الجنوب وقد عقد النية على ازالتها عن طريق الوحدة ، بالغ ما بلغ امرها، ونحن اذ ننوء بأعباء هذا الطريق الوعر ليس لنا من عتاد غير الشعب السوداني، اليه نتجه، وبه نهيب، وله ندعو بالهداية الى صوت الحق من بين هذا النعيق الذي يزحم الأفق".. هذا بعض ما ورد عن اهتمام الجمهوريين بمشكلة الجنوب، منذ 1946 وقد ظل هذا الاهتمام متصلا، في تواتر، حتى آخر منشور، تمت بمقتضاه محاكمة الأستاذ محمود، من قبل نميري وسدنة نظامه، بالإعدام.. فإذا انكر السيد القاضي كل ذلك، فهو لا يفعل ذلك، لأنه لا يعلم، وإنما لأنه يكذب.. يقول السيد القاضي: "حل مشكلة الجنوب في حل مشكلة الشمال وهو عنوان يدل على أن الفكرة لا تعترف بوجود مشكلة مستقلة لشعب جنوب السودان.. الخ"!! بالطبع الحديث هنا عن حل المشكلة، وليس عن طبيعة المشكلة!! وقد رأينا فيما اوردناه من منشورات 1946 أن الفكرة أسمت مشكلة الجنوب، ومنذ ذلك التاريخ: مشكلة السودان الأولى!! وقد جاء في مقدمة كتاب: (جنوب السودان المشكلة والحل) .. وهو كتاب كله يدور حول تشخيص المشكلة وتقديم الحلول لها، جاء في المقدمة منه "هذا كتاب نصدره عن مشكلة الجنوب.. ومشكلة الجنوب هي أكبر مشكلة واجهت السودان منذ الإستقلال، وهي ظلت التحدي الأساسي الذي يواجه جميع حكومات العهد الوطني.." .. وقد كان الجمهوريون دائما يقولون في منشوراتهم للحكومات والأحزاب، إن للجنوب مشكلة لابد من الإعتراف بها بشجاعة، والتصدي لحلها.. وقد جاء عن طبيعة المشكلة، في المصدر المشار اليه ما نصه: "إن مشكلة الجنوب، في حقيقتها، إنما هي مشكلة حضارية.. وهي في ذلك نموذج للمشاكل الموجودة في عديد من المناطق، في عالمنا اليوم.. و قد ظلت الاختلافات في العقيدة، أو االعنصر، او اللون، او الجنس، او الثقافة، تشكل الأسباب الأساسية للصراع بين البشر عبر تاريخ البشر.. وانما كان ذلك كذلك بسبب القصور وقلة الوعي، والبعد عن القيم الإنسانية.. وعندما تأتي مرحلة الرشد، والمسئولية، تتوكد القيم الإنسانية ويلتقي الناس فيما يجمع بينهم، وليس فيما يفرقهم- يلتقون في العقل والقلب، أو في الفكر والخلق، ويصبح كل فرد بشري، هو غاية في ذاته، وتوظف كل الوسائل لتحقيق انسانية الإنسان وتزول كل اسباب الخلاف، والصراع، القديمة.. وعند هذه المرحلة ستكون الاختلافات الطبيعية بين البشر، هي من اهم اسباب اثراء الحياة، واخصابها، وذلك باستثمار وتوظيف الملكات، والخصائص، والمواهب المختلفة، لخدمة أغراض الحياة الإنسانية الراقية، التي لا تقر الاختلاف بين البشر فحسب، بل وتعين كل فرد بشري على تحقيق فرديته التي ينماز بها عن الآخرين، ثم لا يكون هنالك تمييز ضد أحد، وانما جميع الناس سواسية امام القانون، وفي الحقوق والواجبات، وفي نظرة المجتمع، تلك النظرة التي تقوم على الرأي العام السمح، الذي لا يضيق بالاختلاف والتمايز.. هذا المستوى الحضاري هو ما ندعو اليه نحن، ونعمل على تحقيقه، وهو ما نعتقد ان مشكلة الجنوب، وجميع مشاكل الحياة المعاصرة ستجد حلها النهائي فيه.. "هذا بعض ما ورد في مقدمة ذلك الكتاب، ومن يرد الاستزادة في تفاصيل الموضوع، فعليه الرجوع االى الكتاب.. ونحن نرى، كنا ، ولا نزال، ولن ننفك، انه لا سبيل لحل مشكلة الجنوب الحل الجذري، الا هذا السبيل. . فلا اتفاقية مشاكوس، اوغيرها من الاتفاقيات السياسية، تستطيع وحدها حل المشكلة، اذ لا بد مع الاتفاقية، من ايجاد القيم المصاحبة، عند جميع السودانيين شماليين وجنوبيين، التي تجعل الاتفاق السياسي يقوم على ارض صلبة، في العقول والقلوب.. ونحن هنا نعيد ما ورد في ذلك الكتاب، :”على الجنوبيين وعلى الشماليين معا، أن يعملوا، بكل وعي، وبكل مسئولية، على المحافظة على الحل السياسي، ريثما تتوفر الظروف، والأسباب، التي تؤدي الى اقتلاع المشكلة من جذورها من داخل النفوس..فلقد دفعت بلادنا الكثير، والكثير جدا، من دماء ابنائها، ومن امكاناتهم، في سبيل هذه المشكلة.. فعلينا الا نجعل كل ذلك يضيع هدرا.. ونحن هنا نحب ان نذكر بعبارة للأستاذ محمود محمد طه، وردت في مقال له عن مشكلة الجنوب في الخمسينات.. فقد جاء في تلك الكلمة قوله: "فعلى الذين فدوا رحمة الله، وعلى الذين فدوا الا يجعلوا دماء موتاهم تهراق في غير طائل، هذا هو الواجب .. علينا جميعا من شماليين وجنوبيين، الا نجعل دماء موتانا في قضية الجنوب تهراق في غير طائل، وذلك بالحرص والعمل الجاد، في سبيل حل المشكلة، وفي سبيل خدمة مواطنينا في كلا الأقليمين.. ونحن حتى الآن، لم نقم بهذا الواجب..
    نحن، حتى الآن مشغولون بالعداوة لبعضنا البعض، بأكثر من شغلنا بالعمل على تنمية اقليمينا، وعلى توعية مواطنينا..." .. هذا بعض ما جاء عن مشكلة الجنوب، ورغم ذلك قال القاضي قولته الشنيعة، وهو انما قال ذلك، لأنه غير وفي، لا لماضيه، ولا لوطنه، ولأنه غير أمين، ولأنه يكذب، فيما لا ضرورة للكذب فيه.

    ما يجمع بين الجمهوريين:
    يقول القاضي : " فإني أعلم أن كل الجمهوريين قد اعادوا النظر في الفكرة، ولكل واحد منهم قناعته الشخصية.. لذلك فان الذي يجمع بين الجهوريون في الوقت الراهن هو التاريخ العاطفي المشترك، اكثر منه فكرة واضحة متفق عليها" !!.. هذا التعميم يدل على خطأ اساسي في التفكير "اني اعلم ان كل الجمهوريين قد اعادوا النظر في الفكرة" !! اولا انت لاتعرف كل الجمهوريين.. ثانيا حتى الذين تعرفهم انت لست على صلة بهم منذ وقت طويل، و لا يمكن ان تعرف أحوالهم وانت غائب عنهم.. ثالثا: حتى العدد القليل من الذين انت على صلة بهم، انت تعلم انهم لم يعيدوا النظر في الفكرة، بمعنى أنهم لم يتركوا منهاج طريق محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الفكرة، كل الفكرة، إذ كل الجوانب الأخرى هي تطبيق للطريق- السنة – في جانب من جوانب الحياة.. والذي يجمع بين الجمهوريين هو هذا المنهاج، وما يقوم عليه من عمل وما يقوم عليه من قيم، وهو أمر ليس للجمهوريين خلاف حوله.
    قلنا أن التعميم ظاهرة عند القاضي تدل على خلل أساسي في تفكيره، فبالاضافة للنص السابق، نورد هنا نماذج أخرى لهذا التعميم، فهو يقول مثلا: "بدأ العد التنازلي بهبوط هيبة الفكرة في صدري، وفي صدور الجمهوريين عموما في عام 1979"!! من أدراك بصدور الجمهوريين عموما، حتى تحكم عليها هذا الحكم المعمم!؟ أسمعه يقول :"الفرد الجمهوري لا يقرأ الا كتب الفكرة بسبب ثقافة داخلية، مفادها أن الفكرة شاملة لكل شئ ولا يحتاج الفرد أن يضيف عليها شيئا من خارجها ".. هذا التعميم هو محض افتراء، القصد منه اظهار الجمهوريين وكأنهم معزولين عن الثقافة العالمية و المحلية، وهو غير الحق، فقد كنا – وأنا اتحدث عن نفسي بالذات، وبعض الأخوان حولي- نطلع على الكثير من الكتب في مختلف مجالات المعرفة، و نتبادل هذه الكتب، بصورة منتظمة، ومواكبة للمستجدات في عالم المعرفة، فعلى سبيل المثال، فقد تم لي الاطلاع، وانا جمهوري على جميع روايات دوستويفسكي تقريبا، وروايات ارنست همنجواي، وتلستوي، والطيب صالح، وفيكتور هيجو، ومعظم روايات نجيب محفوظ الى آخر هؤلاء المشاهير من الروائيين الأجانب والعرب..ومعظم المسرحيات الشهيرة..الى جانب كتب النقد.. وتقريبا كل الكتب الأساسية للمدارس الفلسفية، والإجتماعية، والسياسية، ومدارس علم النفس..الخ، وكما قلت كنا نتبادل كل ما يصل الى أيدينا من الجديد في عالم المعرفة.
    مواصلة لعرض نماذج التعميم المخل، والكذب المبالغ فيه ننقل قول القاضي :"بل كانت عقيدتنا أن الأستاذ لن يموت بل الاعتقاد أن الجمهوري العادي لن يموت حتى يشهد انتصار الفكرة"!! كيف يمكن أن يكون ذلك، والجمهوريون، يرون أخوانهم وأخواتهم يموتون، كبقية البشر، منذ الأربعينات، وفي اوقات متفاوتة!؟
    وفي اطار الكذب غير المبرر نورد قول السيد القاضي عن موقف الجمهوريين من ثورة الخميني، فهو يقول: "إن الفكرة الجمهورية رفضت الاعتراف بالثورة الايرانية رغم بعدها الشعبي العظيم انطلاقا من أسباب ذاتية.." ولكنك تعلم ايها السيد القاضي أن الفكرة الجمهورية أصدرت ثلاث كتب عن الثورة الايرانية، وعن الشيعة، أوردت فيها الأفكار والمبادئ الأساسية، ومن المراجع المعتمدة عند الشيعة، وناقشتها نقاشا موضوعيا، فلو كنت صادقا، كان يمكن أن تورد بعض النماذج لهذه الأفكار ومناقشتها، والرد عليها، بدل أن تخترع من عندك واقعا لم يرد على خاطر أحد غيرك- وعلى كل حال لنا عودة لموضوع الخميني.

    الثقافة السرية:
    يقول القاضي: "وأنا لست بصدد مناقشة الفكرة الجمهورية بتفاصيلها، وإنما أنا معني فقط بالجزء المتعلق بالتغيير ومنهج التغيير" هذا ما زعم القاضي أنه معني بمناقشته " انا معني فقط بالجزء المتعلق بالتغيير ومنهج التغيير" .. وحتى في هذا الأمر لم يكن صادقا، فهو لم يناقش الفكرة الجمهورية، لا في اساسياتها، ولا في تفاصيلها، كما لم يناقش منهج الفكرة الجمهورية.. ومنهج الفكرة الجمهورية هو(طريق محمد) صلى الله عليه وسلم بالنسبة للسلوك الفردي والجماعي، وهو كتابة الكتب والمحاضرات والمنابر وحملة الكتاب وحملة الدعوة العامة والخاصة، بالنسبة لنشر الدعوة، فهو لم يناقش أي شئ من ذلك..
    وبدل هذا الذي زعم أنه معني به، ذهب يتحدث عن اخبار وعقائد، بصورة تقوم على التعميم، والابتسار، والكذب الصريح، وعكس الأمور، في كثير من الحالات، واختلاق بعض الأمور اختلاقا من عنده، الأمر الذي يجعل كتابته كلها كتابة مغرضة، وبعيدة عن الموضوعية، والأمانة الفكرية.. وامعانا في الكيد والتضليل حاول أن يوحي للقارئ بأن هنالك ثقافة سرية، يعلمها هو دون غيره – وكل هذا في اطار الزعم بأنه معني بالمنهج فقط!! وهو يعلم أن دعوة الأستاذ تقوم على الصدق والوضوح، والا لكانت في غنى عن المسائل الجدلية التي أثارتها.. والباب لجميع جلسات الجمهوريين مفتوح، وكثير منها كان يتم في العراء، بما في ذلك مناقشة المنشور الذي قامت عليه المحاكمة الأخيرة.
    ولكن لنرى من أقوال القاضي هذه الثقافة السرية، يقول القاضي: " .. هذا ما كانت تطرحه الفكرة الجمهورية علينا، بينما كانت لها ثقافة سرية هي ان الأستاذ محمود هو المسيح المحمدي (الحقيقة المحمدية) والانسان الكامل، وأن القيامة أو الساعة هي ساعة تجلي المسيح، وكنا ننشد قصيدة: (يا ايها المتدلي من حضرة المتجلي) ..." !!
    أولا، الحديث عن الساعة الصغرى، و الساعة الكبرى.. فالساعة الصغرى هي ساعة التعمير، بقي الأمر المحير.. هل فعلا القاضي يجهل أن الحديث عن الساعة هذا وارد في كتاب عام هو من أشهر كتب الفكرة، وهو كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري"!؟ فإن كان يجهل فهذه مصيبة، وإن كان يعلم – وهذا ما ارجحه- ورغم ذلك جعله مما اسماه الثقافة السرية، فالمصيبة أكبر.. ثم القصيدة المعنية، اليست هي قصيدة تنشد في الأماكن العامة، وفي العراء في بعض الأحيان، ويحضر انشادها من شاء من جمهوريين وغير جمهوريين!؟ وموضوع المسيح .. انت تعلم تماما أنه من أكثر الشبهات التي يثيرها المعارضون المغرضون، وبخاصة في اركان الجامعة – ونحن لنا الى موضوع المسيح عودة – فقط أوردناه كنموذج من نماذج الكذب وتحري الكذب..
    هل يسرق المؤمن؟ قد يسرق .. هل يزني المؤمن؟ قد يزني.. هل يكذب المؤمن؟ لا يكذب.. كان جامعوا الحديث النبوي، اذا ثبت لهم في حق الراوي كذبة واحدة، لا يأخذون بروايته..
    كيف يستطيع الإنسان أن يكذب، والى هذا الحد، دون ان يطرف له جفن!؟ ولماذا !؟ ماهو المقابل!؟ ماذا تكسب اذا خسرت نفسك، وكسبت العالم!؟

    يتبع الطاعة والمعصية ..

    خالد الحاج
    رفاعة في 5/8/2004
                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأول Omer Abdalla08-07-04, 03:37 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأو تاج السر حسن08-08-04, 02:44 AM
    Re: الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأو degna08-08-04, 03:30 AM
      Re: الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأو عبدالله08-08-04, 03:43 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأو Omer Abdalla08-08-04, 07:50 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأو عبدالله عثمان08-08-04, 11:50 PM
  Ustadh Khalid.... Mutwakil Mustafa08-09-04, 01:56 AM
  الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الثاني Omer Abdalla08-10-04, 09:54 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأو Yasir Elsharif08-11-04, 03:21 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأو Omer Abdalla08-11-04, 03:53 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de