هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 05:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-02-2004, 00:39 AM

محمد عبدالقادر سبيل
<aمحمد عبدالقادر سبيل
تاريخ التسجيل: 09-30-2003
مجموع المشاركات: 4595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟

    أمداء
    محمد عبدالقادر سبيل




    مجازف من يظن أن مرحلة تنزيل وتمكين( السودان الجديد) ،التي نرتقبها الآن، ستكون سهلة أو مضمونة العواقب ، انها في الحقيقة سلخ جلد حي، ذلك لأنها تشكل مفصلاً غير عادي يشتمل على عملية ازاحة واحلال ( DISPLACEMENT- REPLACEMENT) وبالتالي على صراع عميق وربما عنيف بين الحضارات .. أجل الحضارات : الافريقية والاسلامية وايضاً الغربية التي يمثلها هنا الليبراليون، وسيجري ذلك بيننا ، على ارض السودان التي لم تشهد منذ وقت طويل سوى الحد الأدنى فقط من شروط تهدئة هذا الصراع التاريخي الطويل باتجاه التعايش وتماسك اللحمة الاجتماعية ، وذلك ما كان يتيح لنا – نسبياً طبعاً - نعمة البقاء معا شعباً واحدا رغم المشكلات والنزاعات العديدة التي ظلت تخبو وتتأجج من وقت لآخر.
    أما لماذا نقول ان وطننا لم يشهد هدوءاً كافياً للصراع المتعلق بمحاولة ارساء نموذج هوية سودانية واحدة، مقنعة ومعبرة عن الكل ، تكون عيداً لأولنا وآخرنا وتشكل عظم الظهر لقوامنا القومي .. فلأن أحداً لم يقل بغير ذلك حتى الآن ، اذ يؤكد الجميع اننا شعوب عديدة ، أو في أحسن الاحوال شعب مؤلف من أقليات في دولة واحدة ، بسبب من حدة التباينات الثقافية التي يطلق عليها المتفائلون جزافاً: ( التنوع )الثقافي والعرقي.
    وفي الحقيقة فان مصطلح (تنوع ) لا يناسب واقع حالنا وانما يناسبنا ماهو ادق وأكثر تعبيرا منه وهو ( تباين أو تناقض ثقافي في بعض الاحوال )، حيث ان التنوع قد يناسب مجتمعات أخرى كمصر مثلا، ففيها المذاق الجنوبي لا يتنافى مع المذاق السيناوي ولكنه يتمايز عنه وعن النكهة الاسكندرانية أو الدمياطية وهكذا يتفرد الصعايدة عن الفلاحين في اللكنة والأكلات المفضلة والزي والغناء وبعض العادات وهكذا ايضاً الحال بين جنوب بريطانيا وويلز وذلك الفرق بين سلوك ومزاج اللندنيين وأهل الريف الانجليزي ، هذا ما يمكن ان نطلق عليه تنوع ، واما ان تختلف العقيدة جذرياً واللغة والمزاج العام والتراث والزي والعرق وكل شئ ، ثم نزعم بعد هذا كله بأننا بصدد ( تنوع وثراء ثقافي لمجتمع واحد ) وليس تناقضاً أو على الأقل تبايناً .. فهذا ما لا وجاهة ولا فائدة ترتجى منه.
    وحينما نقول تناقض أو حتى تصادم ، فذلك ايمانا من جانبنا وقناعة بمؤدى طرح صاموئيل هانتيجتون الذي يمكن التأسيس عليه فنقول : انه ما أن نجد احتراباً وتوتراً وتشنجاً ثقافياً بين مجموعتين متجاورتين أو أكثر و يصل الأمر مرحلة العنف والدم في اي مكان من العالم، حتى نكتشف في الوقت ذاته ان السبب وراء ذلك هو عدم تواؤم المرجعيات الثقافية/ الحضارية ، بل كلما وجدنا استقرارا وتعبيرا أكبر عن الانتماء المشترك والتوافق فأننا حينئذ ازاء تبني افراد المجتمع المعين لصيغة ثقافية واحدة لها القدح المعلى فوق كل الخصوصيات المتنوعة، حتى لو اختلفت اثنيات افراد ذلك المجتمع ( امريكا مثالاً) .
    بل قد لا تشفع الشراكة العرقية اذا تباينت المرجعية الثقافية كليا أو جزئياً ( لبنان مثالاً).
    وعليه فمن الحكمة ان نذعن بأن السودان هو بلد التباينات الثقافية بامتياز وليس وطن التنوع الثقافي لشعب واحد كما يحلم الحالمون ، وبالتالي فأن واقعا كهذا يتطلب التعامل معه بمسؤولية أكبر ، .. هذا أولاً ، وثانياً فأنه من العبث بمكان أن يضيع الساسة الخياليون اعمارنا هدراً في طلب التعايش بين المتناقضات والمتباينات دون التسليم بضرورة هيمنة صيغة ذات كفاءة عالية وقادرة على احتضان تلك الخصوصيات المنتمية اليها كمركز محوري يضمن التوازن، اذ ان التناغم لا يجري الا على (التنوع) فقط ، وهو ما ينقصنا كما اشرنا ، وبالتالي تظل رحلة البحث عن تعايش مجموعاتنا الاثنية وثقافاتنا المتابينة هي بالضبط رحلة البحث عن عشبة الخلود أو مقارعة طواحين الهواء ، اللهم الا ان يكون هذا التعايش المنشود آتياً عن طريق صيغة سياسية منطقية وغير مؤدلجة، تستوعب جدياً هذا الواقع ، أعني الصيغة التي بوسعها أن تسمي لكل مجموعة فذة - عرقياً وثقافياً - حدودها وحقوقها التي لا تهدر ، على الا تطمع تلك المجموعة فيما هو أكبر من حجمها أواعلى من مؤهلات خصوصيتها والتي من بينها مدى قابلية عناصر هذه الخصوصية للتعميم ، ولو نسبياً، على المستوى القومي.
    واذا كان البعض سيسارع الى الحكم بأننا وفق هذه النظرية سنحول السودان الى أرخبيل سكاني كبير، فاننا في الحقيقة لا نريد ذلك ، وانما الواقع سيملي علينا أقامة نظام حكم لا يضم الا المجموعات المؤهلة مبدئياً للتماهي أو التفاعل الايجابي والطبيعي مع غيرها باتجاه بلورة نموذج ثقافي مشترك يكفينا شر الاحساس بالفجوات النفسية والاجتماعية والعرقية كما هو حادث الآن الى درجة الكراهية والدم !.
    والسبب في هذا الشرط المسبق (أعني شرط الاستعداد لتبني والخضوع للصيغة المركزية دون شعور بالهزيمة او الاستسلام!) هو أنه لن نرتاح قط طالما لا نلتف جميعاً حول حزمة قيم مرجعية جامعة تسمى (الهوية السودانية المشتركة ) . فبدون اللغة المشتركة والعقيدة المشتركة والعادات والوجدان المشترك فليست هنالك هوية مشتركة وبالتالي فليس هنالك تناغم وانسجام يجمع بيننا كشعب واحد.
    اذاً فالمطلوب ليس استعلاء عرق على سواه، كما يحلو للبعض أن يسميه، وانما اعلاء الجميع لحزمة من القيم المشتركة والمقدسة من جانبهم جميعا وهي التي تشكل مرجعيتهم وانتماءهم وولاءهم.
    انظروا الى كل دول العالم واعتمدوا المعيار ذاته ، فستجدون ان 90% من الدول التي بها نزاعات اهلية عنيفة تعاني بالتحديد من تصاعد ازمة تباين المرجعيات / الهويات الثقافية ، بل ان العرق لا يلعب دورا مماثلاً في هذا الشأن بقدرما العقيدة واللغة والتقاليد والوجدان أو أيّ من هذه العناصر الحاسمة .
    تلك هي حال بني آدم دائماً للأسف ، فنحن – عمليا وليس نظرياً- لن نحب بعضنا ولن نطمئن لبعضنا وبالتالي لن نتنازل ولن نتساكن أو نتجاور بسلام وبقبول متبادل الا اذا توفرت هذه القواسم الثقافية المشتركة التي لا مندوحة عنها.
    لذلك فلا داعي لأن نحرث في الصخر ونطلب المستحيل باسم الوطنية والوعي السياسي فنتوهم أنه بامكاننا التعايش بسلام حقيقي في ظل هذا التباين والشعور العميق بالاختلاف، هذا مطمح صعب المنال بمعزل عن ( الشبه ) الثقافي.. وقديما قالوا : ان الطيور على اشكالها تقع ، ونعني هنا اشكالها الثقافية . فمن كان حريصا بالفعل على الوحدة فمن باب أولى أن يحرص على تعزيز المرجعية المشتركة بدلا عن الامنيات الطيبات ، وهذا يتطلب الحرص على التواضع الثقافي غير القسري (أو الجزافي على نحو ما جرى في المنظومة الاشتراكية التي لم تشفع لها عشرات السنوات من التوحيد غير التاريخي فكان ان صعد كل واحد الى جبله الثقافي ببساطة شديدة في نهية المطاف وكأن شيئا لم يكن وكأن كل تلك السنين قد ضاعت هدرا من اعمار الشعوب) فما تفرضه الايدولوجيا قسرا يلفظه التاريخ بسهولة أكبر مهما طال الزمان أو قصر.
    هذا ما يؤكد عليه الانثروبولوجيون وعلماء الاجتماع ، فالقيم المصطلح عليها والمتراكمة تاريخيا هي فقط ما يشكل ذاكرة المجتمع وهويته، وأما غير ذلك فعبث و اماني.
    ولعله من الراسخ لدى القارئ أن ثقافة المجتمع السوداني الشمالي قد انبعث ، تاريخيا من أربعة مصادر أساسية هي على الترتيب ( حسب مقدار الاسهام في تشكل النموذج ) : أولاً معطيات البيئة الرعوية ( وتمثلها غالبا منتجات البداوة العربية من عادات واشعار واغاني حماسة وطقوس زواج الخ ) وثانيا مؤسسة المسيد ( لغة القرآن والزي والاعياد وثقافة الطرق الصوفية ) وثالثا التراث الأفريقي الموروث ( كالسلم الخماسي وعمارة القطاطي وبعض المفردات الخ ) ورابعا المكون الخارجي سواء المتمثل في الحصيل الايجابي جراء تجربة الاستعمار الثنائي ( التركي المصري والانجليزي المصري ومن ذلك نظام التعليم الحديث وتداعياته) أو جراء مكتسبات الاتصال بالآخر بأي شكل آخر .
    هذه العناصر البنيوية المشكلة - بغالبية ساحقة - لهوية الشمال ومرجعيته صمدت أمام التاريخ واشتركت في الجدل وبلورة النموذج وتكيفت بكفاءة حين استجابت لحاجات المجتمع ونزعاته ولذلك فهي ابنة تاريخ وضرورة حياة وصاحبة وظيفة وقبول عفوي.
    ولذلك فأن اية محاولة لاحدث خلل داخل هذه المنظومة المشكلة للنسق أو النمط المتواضع عليه ( من نوع محاولة اضعاف اللغة العربية أو تغيير مناهج التعليم أو تسييد غير المسلمين سياسيا على الغالبية أو تسييد التراث الافريقي على العربي بحجة ابرازه.. الخ ) سوف تقود فقط الى ارباك مسيرة تطور مجتمعنا من خلال القطع واللصق المرتجل، ومن خلال اوهام القسر بالقوة كحال الاتحاد السوفيتي المنهار .. حيث لا ربح النموذج الشيوعي ولا كسبت الشعوب السوفييتية وهذا هو مكمن الخطر .. الكل خاسر ومضيع للزمن وربما الارواح بالمعية .
    اذاً فما هو المطلوب ؟
    المطلوب هو سودان جديد باتفاق الجميع وباستصحاب تراث الاجداد وليس بموجب الفرض والزندية

    لكم محبتي .
                  

08-02-2004, 02:48 AM

نصار
<aنصار
تاريخ التسجيل: 09-17-2002
مجموع المشاركات: 11660

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: محمد عبدالقادر سبيل)

    الاخ محمد عبد القادر سبيل

    اول تعرفي عليك فكريأً و كشاعر يوظف شاعريته لمعالجة قضايا عامة تشف عن مواقفه من المطروح من تعقيدات علي المستوي الوطني, كان في لقاء البالتوك الذي نظمه الاخة سمباتكو و استبشر خيراً بأنك شخص يمكن محاورته و بعد ذلك ارسل لي سمباتكو نظريتك عن الهويه و قد وجدت نفسي اتفق معك في جزئية مهمه قامت عليها نظريتك و هي ما سميتها انت بثقافة المرعي و ان كنت اري فيها محدودية مخلة تغفل بقية الطبيعة الريفية التي تشكل شكل الصراح و التكون الثقافي في ظل ممارسة نشاطات اقتصادية و معيشية اخري. و بعد ذلك اتي دخولك المدوي علي المنبر الحر فلتت فيه الاعصاب و تشنجت و قد ابيت لك ككاتب و شاعر و صحفي و مفكر و للاخ الشاعر البارز و المهتم بقضايا الثقافة و التاريخ و الكاتب الصحفي الاستاذ عبد القادر الكتيابي، ابيت لكما هذا الموقف غير المشرف و الذي يرسخ لازمة المثقف السوداني الذي لا نجد ما يقول في ما يفعل.
    و بعد ذلك بدأت تحدد معالم مواقف و قناعاتك في قضيتين مهمتين في واقعنا السوداني هما قضية الدين و الهوية و وجدت نفسي اخالفك في الشكل و المضمون و الغريب في الامر ان جانب الشكل كان معيقاً لامكانية الحوار أكثر من المضمون الذي يأتي في طياته،،فقد اخترت انت أن تنتهج اسلوباً متعاليم يصل حد العدائية بشكل مسبق في لحظة ابتارك للحوار او ايرادك للفكرة ثم تعمق هذا النهج في مدافعاتك بالتسخيف لرأي الاخر و أفتعال الدهشة بصيغ مكرره كأنك تريد ان تقول أنك اتٍ من كوب اخر و نظلت بقوم قد تداركهم الله..
    في ما يلي نموزج للعدائية و سوء مخاطبة من تفترض فيه مخالفته لك الرأي.
    Quote: وعليه فمن الحكمة ان نذعن بأن السودان هو بلد التباينات الثقافية بامتياز وليس وطن التنوع الثقافي لشعب واحد كما يحلم الحالمون

    الم تجد في زخيرتك اللغوية توصيف ادعي للقبول من ما اتيت به عاليه؟
    عنوان موضوع يتحدث عن السودان الجديد الذي لا ادري فهمك له فالدعوة للسودان الجديد تمثل جهد ثقافي و سياسي يحاول معالجة القضايا العالقة و خلق شروط توحد يحظي في اطارها الجميع بالعدل و المساواة في تعامل الدولة معه و في موقفها منه و من مكونات شخصيته بكل تفاصيلها و هذه المسيرة سارتها كل الدول لكنها مازالت تؤجل عندنا لغفلة و تعالي اجوف من الطبقة التي وجدت نفسها في موقع الفعل و التأثير و ها انت تمارث تعالي تنفيه عن نفسك و تتناقض تناقض مخل لتواري هذه النزعة المستهجنة كما في التالي.

    Quote: فبدون اللغة المشتركة والعقيدة المشتركة والعادات والوجدان المشترك فليست هنالك هوية مشتركة وبالتالي فليس هنالك تناغم وانسجام يجمع بيننا كشعب واحد.
    اذاً فالمطلوب ليس استعلاء عرق على سواه، كما يحلو للبعض أن يسميه، وانما اعلاء الجميع لحزمة من القيم المشتركة والمقدسة من جانبهم جميعا وهي التي تشكل مرجعيتهم وانتماءهم وولاءهم.


    ففيما _يبدو لك_ أن عدم وحدانية اللغة و العقيدة و الوجدان!! تمثل عائق حاسم يحول دون امكانية تكون هوية كشرط للتوافق _و تكين شعب واحد!_ و تعود في نفس الفقرة لتقول بأمكانية اختراق هذه المعضلات الماحقة بأعلاء شأن بأعلاء الجميع لقيم _مشتركة!_ و _مقدسة!_ لتشكل مرجيعية للجميع ينتمون لها و يبذلونها ولاءهم! و لم تقل لنا ماهي هذه القيم و هل هية مشكلة علينا تقمصها و الدنيا تحلي؟ و خوفي أن تكون تواريت وراء هذا الغموض المتعمد لتلمح الي انه كشرط اوحد لترسيخ اواصر الدولة فعلي كل المجاميع البشرية في رقعة السودان الجغرافية تبني لغة و عقيدة و وجدان! الشمال أذا كان هذا ما اردت قوله فهو يمثل قمة المأساة و التعالي الاجوف الذي لا يسنده حق و لا منطق.
    Quote: المطلوب هو سودان جديد باتفاق الجميع وباستصحاب تراث الاجداد وليس بموجب الفرض والزندية


    ثم الا تري أنك نسفت كل ما حاولت قوله في نقد فكرة السودان الجديد بهذا السطر الاخير، فأن دعاة السودان الجديد لا يبشرون بغير ما احتواه سطرك الاخير الا أذا كان الاختلاف يكمن في عمومية دلالة الاجداد عندهم و خصوصيتها عند حين توقفها علي احفاد العباس.

    و لك الود و التحايا
                  

08-02-2004, 03:00 AM

willeim andrea
<awilleim andrea
تاريخ التسجيل: 05-01-2002
مجموع المشاركات: 3813

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: محمد عبدالقادر سبيل)

    اين البدايه واين النهايه.... الاستعمار القديم الحديث ... الحدود السياسيه .... التي فصلت العرق والثقافه الواحده ... انظر حوليك ... وسوف تجد الكثير من الامثله ... في افريقيا ... اوربا..الشرق الاوسط .. الخ الخ ... ولكن ليكون المحور ايجابي ... انا نعالج ما ورثنا... هو سودانونا العزيز الموحد للابد انشاء الله ولكي مني الاحترام بالرغم من اختلاف النظره
                  

08-03-2004, 03:10 AM

محمد عبدالقادر سبيل
<aمحمد عبدالقادر سبيل
تاريخ التسجيل: 09-30-2003
مجموع المشاركات: 4595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: willeim andrea)

    أخي نصار

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    بدا لي يا اخي - والله اعلم - أنك انطلقت في مداخلتك أعلاه من تأييدك المطلق لنظرية السودان الجديد التي افهمها على اساس انها مسعى لأعادة هيكلة هوية السودان ومساره التاريخي والثقافي باتجاه الافريقانية – العلمانية كما وصف ذلك السيد الصادق المهدي مؤخرا. ولذلك فأنت تستهجن وتستغرب موقفي حيث ان تلك مسلمات معتبرة بالنسبة اليك والى من يذهبون مذهبك . ولو انك نظرت الى رأيي بموضوعية وتسامح، لوجدت ان هذا – في النهاية – رأي يقبل الخطأ مهما بدوت فيه مستمسكا مقتنعاً ومتشددا .. هو رأي يا أخي، ولكل واحد منا الحق في ان يدافع عن رأيه طالما أنه مقتنع به ، فاما أنه على حق أو أن غيره كذلك ، ولا يصح الا الصحيح في نهاية المطاف .
    أظن أن نظرة كهذه للأمور فقيدة بينكم هنا ، وهذا ما قلته من قبل لزميلتنا اشراقة مصطفى عندما ضبطتني غائباً ، فمعظم الناس يريدون ان يسمعوا مجرد تنويعات على المعزوفة ذاتها .. أعني معزوفة السودان الجديد.
    هذا المنبر فيه أزمة حرية فعلا ، وفيه غبن لمن يرى شيئا آخر سوى الخط الافريقاني – العلماني ، وواقع كهذا مثالي ولا يبشر قط بسودان حر وديمقراطي كما يردد الناس هنا على سبيل الشعارات والنظرية فقط .
    ولكي اكون من الآن فصاعدا ..
    أنا لست ضد سودان جديد ، وانما لست مع صيغة جاهزة تفرض على خلق الله جميعا ، على اختلاف مشاربهم ، وليتها صيغة مرنة وواقعية، بل هي وبالتحديد ( افريقانية – علمانية ) تتنزل بديلا عن كل تراثنا السياسي والثقافي والعقائدي ... هذا أنا لست معه ولا اريد أن أساق كالبهائم الى موارد لا تروق لي ولذلك أكتب متسائلا ومتشككا حتى أطمئن على ان السودان الجديد ليس قهرا ثقافيا ولا ثأراً عرقيا . هذا هو مرادي فقط . فهل لديك ضمانات أو أدلة لا يساورها الشك ؟ .
    ثانيا/ كلامك محزن يا أخي فأنت تطلق أحكام قيمة باستمرار ودون حذر ، الأمر الذي يدفعك اليه فقط – كما يبدو لي - ضيقك بآرائي ( بوصفها عكس توجهك ) ، فها أنت تعبر عن صدمتك ازاء رجل كنت تتصور انه (كويس) سائرا باتجاه معين يعجبك، أو على الأق لا يزعجك ، ولكنه خذلك ( وطلع ما معقول خالص !) لذلك فأنت لا تحتمل هذه النتيجة الخاسرة ، وأنا آسف جدا على مضايقتك يا اخي .
    ومن أحكام القيمة التي تطلقها بشكل عشوائي تقول :

    و بعد ذلك بدأت تحدد معالم مواقف و قناعاتك في قضيتين مهمتين في واقعنا السوداني هما قضية الدين و الهوية و وجدت نفسي اخالفك في الشكل و المضمون و الغريب في الامر ان جانب الشكل كان معيقاً لامكانية الحوار أكثر من المضمون الذي يأتي في طياته،،فقد اخترت انت أن تنتهج اسلوباً متعاليم يصل حد العدائية بشكل مسبق في لحظة ابتارك للحوار او ايرادك للفكرة ثم تعمق هذا النهج في مدافعاتك بالتسخيف لرأي الاخر و أفتعال الدهشة بصيغ مكرره كأنك تريد ان تقول أنك اتٍ من كوب اخر و نظلت بقوم قد تداركهم الله..
    في ما يلي نموزج للعدائية و سوء مخاطبة من تفترض فيه مخالفته لك الرأي.

    Quote: وعليه فمن الحكمة ان نذعن بأن السودان هو بلد التباينات الثقافية بامتياز وليس وطن التنوع الثقافي لشعب واحد كما يحلم الحالمون
    الم تجد في زخيرتك اللغوية توصيف ادعي للقبول من ما اتيت به عالي

    على رسلك يا اخي
    هل هنالك داعي لكوكب آخر وعدائية في هذا الكلام ؟
    ليس عيبا ان نكون حالمين ( فما اضيق العيش ) وانت بالفعل ( تحلم ) بسودان جديد كغيرك كثيرين ، ثم لولا اننا نعيش تباينا ثقافيا لما استمرت خلافاتنا الوطنية طيلة هذه المدة دون سائر الشعوب . وقد اوضحت في صلب المقال ما اعنيه من فرق بين التباين والتنوع الثقافيين فهل هذا يستدعي مخلوقات من كواكب أخرى ؟ .. وسأوضح لك ادناه انني على حق فيما يتصل بمشكلة التباين حسب قناعتي الآن.

    ثالثا/ تقول انني أمارس تعاليا أنفيه عن نفسي واتناقض تناقضا مخلا لأواري هذه النزعة المستهجنة !!! شوية شوية ياخي .. أنا لله وانا اليه راجعون ، كل هذا يا نصار يطلع منك مرة واحدة بسبب رأيي المناهض لعنصرية السودان الجديد والرافض لأي استهداف يطال هيمنة اللغة العربية التي اعشقها والاسلام الذي ادين به لربي وربك؟
    هل تهاجمني بغلظة لأنني قلت :

    Quote: فبدون اللغة المشتركة والعقيدة المشتركة والعادات والوجدان المشترك فليست هنالك هوية مشتركة وبالتالي فليس هنالك تناغم وانسجام يجمع بيننا كشعب واحد.
    اذاً فالمطلوب ليس استعلاء عرق على سواه، كما يحلو للبعض أن يسميه، وانما اعلاء الجميع لحزمة من القيم المشتركة والمقدسة من جانبهم جميعا وهي التي تشكل مرجعيتهم وانتماءهم وولاءهم.


    وتعلق من جانبك قائلا :

    ففيما _يبدو لك_ أن عدم وحدانية اللغة و العقيدة و الوجدان!! تمثل عائق حاسم يحول دون امكانية تكون هوية كشرط للتوافق _و تكين شعب واحد!_ و تعود في نفس الفقرة لتقول بأمكانية اختراق هذه المعضلات الماحقة بأعلاء شأن بأعلاء الجميع لقيم _مشتركة!_ و _مقدسة!_ لتشكل مرجيعية للجميع ينتمون لها و يبذلونها ولاءهم! و لم تقل لنا ماهي هذه القيم و هل هية مشكلة علينا تقمصها و الدنيا تحلي؟

    وأقول لك يا صديقي :
    هذا الرأي الذي أدهشك ليس جريمة ، بل وليس هو رأيي وحدي وانما هو ايضا لصاموئيل هانتيجتون وغيره . فقط هدئ اعصابك حتى لو كان القول لا يعجبك.
    ودعني أسالك يا صديقي هل تقدر على أن تقدم لي الدليل على عدم صحة هذا الزعم ؟
    أنا أقول ان حوالى 90% من قلاقل ونزاعات العالم الأهلية ناجمة عن التعصب الثقافي الناجم بدوره عن ( التباين الثقافي للمجتمعات المتجاورة ) .
    بل وأقول ايضا وفورا هنا ، دون خوف من الوقوع في المجازفة ، أن الغالبية الساحقة لدول العالم تأسست على أساس التناغم والشراكة الثقافية لشعوبها ، ليس الا، ( طبعا فيما عدا استثناءات قليلة تؤكد القاعدة ) ، وبالمناسبة فان استخدام ثقافة هنا للدلالة على المحتوى الانتروبولوجي للمصطلح ، وأقصد بذلك المحتوى الذي يتضمن الاشتراك في ( الدين / العقيدة، اللغة ، العادات والتقاليد ، صور الغناء والرقص، الآمثال الشعبية ، الرموز التاريخية المشتركة ، اشكال الطعام والملبس واشكال الزينة ونمط المزاج والوجدان المشترك والاعياد والمهرجانات المقدسة الخ ) ولكن في مقدمة ذلك كما ترى : الدين واللغة ، وهما عصب المرجعية.
    لا يوجد الكثير من دول العالم بلا حزمة أو ( صيغة ثقافية محددة ) هي المهيمنة والمبجلة والمسيطرة والاعلى قدرا فوق كافة الخصوصيات الهامشية الأخرى لو وجدت.
    هذا ليس رأيي ولا أوهامي ، هذا الحاصل فعلا .
    تأمل يا صديقي العالم كله فستجد ان الأمر كذلك ببساطة ، وليس صحيحا ان تناغم واستقرار المجتمع ( المتخلف بالذات ) يمكن أن يتم باتفاق سياسي ولا حتى بالقوة ، ولكم في دول المعسكر الاشتراكي عبرة يا ذوي الالباب ، فالكل عاد الى مقتضىالنظرية ذاتها ، أي أعادة التشكل السياسي وفق محورية الهوية المشتركة ( اللغة والعقيدة والعادات ، والرموز المشتركة ، والآمثال الشعبية الخ )
    واضيف اليك ان حالة مثل الولايات المتحدة مثلا تجدها متعددة الاعراق ولكن هنالك صيغة واحدة ( مهيمنة ) عالية القدر فوق الكل ويمكن تسميتها في اطار من: اللغة الانجليزية والمسيجية البروتستانتية والهامبورجر وموسيقى الجاز والروك وسينما هوليوود وعقلية رعاة البقر وبناطيل الجينز والاقتراض من البنوك الخ ، ولا يمكن ان تأتي لتقول انا اصولي افريقية واريد ان اعترض على مسيحيتكم الاسترقاقية أو على انجليزيتكم الاستعمارية ، هكذا اعتراض لا يمكن حتى بالنسبة للطليان وذوي الجذور الاسابانية والاسيوية الخ
    صحيح انك ستقول لي ان كل هؤلاء من حقهم ان يعبروا عن ثقافاتهم ، ولكن النتيجة هي ان الذي يضمن انسجاج واستقرار الولايات الخمسين هو ( المرجعية الثقافية المشتركة ) المقدسة من الكل والتي وصفناها .
    هذا واقع لا مندوحة عنه .. أجل لابد من صيغة معينة هي التي تهيمن لتضمن الوحدة والا فالنزاعات ومحاولات الانفصال كما في كيوبك الكندية مثلا وفي لبنان والسودان. كل من يريد ان يتمرد على علو قدح الصيغة الثقافية المركزية الأكثر نضجا ( بالضرورة ) والأكثر تاريخية فانه يخرج ضد الوطن بدرجة من الدرجات.
    اذاً فهذا ليس كلاما يجب ان يزعجك بقدرما هو حقيقة يمكنك التثبت منها بنفسك ، وكل ما فعلته من جانبي هو أنني تحدثت بصراحة تصدم مشروعا كاملا. من هنا نبعت اتهامات كثيرة ضدي وهذا امر طبيعي ومفهوم ، ولكن ليس من امثالك فأنت أكبر من الوقوع في فخ الدوغما والاصولية العلمانية!!.
    وجون قرنق بالمناسبة يعرف هذا ، ولذلك فهو يريد ان يفرض صيغة بديلة لنموذج سنار ( هوية السودان المتحققة ) يريد فرض صيغة ( علمانية – افريقانية ) تستوعبه وتقصي غيره ، صيغة تحقن التراث الشمالي ( المستمد من المسيد والبادية العربية بشكل اساسي ) تحقنه بحزمة قيم غربية وجنوبية لتكون هذه الصيغة بديلا عن الصيغة السنارية التي هي افروعربية اسلامية .. يريد ان يحذف عربية واسلامية ويبقي على افروغربية علمانية فقط !!
    طبعا هو لا يستطيع ان يعمل عمل التاريخ ، ولكنه يستطيع ان يربك المجتمع ويدخله في نزاع داخله وبعدها ينسحب جنوبا ( زي الشعرة من العجين ) وينشئ دولته التي ضمنها الآن بموجب نيفاشا .
    هذا بالضبط ما احذر منه انطلاقا من محبتي لوطني ، فهل لا يحق لي؟ .
    وختاما بالنسبة للسطر الأخير من قالتي والذي خيل اليك انه ينسف كل كلامي أسألك :
    هل تظن أن السودان الجديد صيغة غير جاهزة للتطبيق حتى الآن ، هل يمكن السماح للصادق المهدي صاحب اخر أغلبية أو الترابي بأن يشارك في اعادة صياغتها مستصحبا تراث المهدية والمسيد وقصائد خليل فرح الفصيحة؟
    _______________
    رب اشرح لي صدري
                  

08-06-2004, 04:49 AM

نصار
<aنصار
تاريخ التسجيل: 09-17-2002
مجموع المشاركات: 11660

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: محمد عبدالقادر سبيل)

    الاخ سبيل

    شكرا للرد و اقدم عزري لتأخر الكتابة لك لاسباب قاهرة مازالت ظلالها باقية فقط اردت رفع الرسالة حتي اتمكن من العودة

    مع بازخ الود و صادقه
                  

08-06-2004, 08:57 AM

Shao Dorsheed

تاريخ التسجيل: 06-12-2003
مجموع المشاركات: 1083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: محمد عبدالقادر سبيل)

    YES
    YES
    YES
                  

08-08-2004, 02:40 AM

محمد عبدالقادر سبيل
<aمحمد عبدالقادر سبيل
تاريخ التسجيل: 09-30-2003
مجموع المشاركات: 4595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: Shao Dorsheed)

    انتظر ردك اخي نصار
    محبتي
                  

08-08-2004, 03:22 AM

Kobista


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: محمد عبدالقادر سبيل)

    Quote: بدأت الأزمة عندما أخذت القضية تأخذ بعداً شوفينياً من جهة، وازدرائياً من جهة أخرى. وفي المقالات السابقة ألمحنا إلى نماذج عديدة من هذه الشوفينية التي ترَد في أغلب الأحوال، إما لرغبة شرائح معينة من الجماعات المستعربة لإدامة الهيمنة السياسية أو الاقتصادية، أو لغلواء بعض النخب ذات المصلحة في الإبقاء على هذه الهيمنة. والمؤسي حقاً أن هذه الجماعات تتحدث دوماً عن الحفاظ على الهُوية العربية / الإسلامية بصورة وضعت الدين حيث لا ينبغي أن يكون. فالفهم الملتبس للهوية جعل من الإسلام والعروبة آليتين متصادمتين، بحيث أصبحت الأولى (العروبة من منظور عرقي) هي آلية الإقصاء، في حين ظلت الثانية (الإسلام) هي آلية الاحتواء بامتياز لأن الإسلام لا يميز بين الناس على أساس أعراقهم وأصولهم. وحقيقة كان الإسلام هو المفاعل الأهم في توحيد أهل السودان مما يعني أن المسلمين العروبيين (بالمعنى العرقي للكلمة) لم يستبطنوا أبداً روح الدين الذي يرفعون راياته. ''قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم. وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً إن الله غفور رحيم''. غفر الله لنا ولهم. أما الازدرائية، او إن أردت الوصائية، فقد عَبَرت عنها جميع المدارس والاتجاهات الفكرية (منذ مدرسة أبروف الى كل مدارس القومية العربية)، والتي لم تكن ترى في الثقافات المحلية ما هو جدير بالاحتفاء.
    أياً كان الأمر، تولدت عن هذه التوجهات غير الرشيدة تيارات مناهضة للثقافة العربية ككل باعتبارها واحدة من أدوات هيمنة الشمال المستعرب على الجنوب غير العربي بحيث أصبحت اللغة والثقافة العربية مدانتين بالتداعي وتوقفت السيرورة الطبيعية للغة العربية. هذه الحقيقة البسيطة افتطن إليها البريطانيون بعد أن أعيتهم الحيل لمحو اللغة العربية في الجنوب. فمثلاً، كتب حاكم عام السودان، السير جون مافي في تقرير له يقول ''أينما ذهبت، سواء في أعالي الاماتونج أو عند حدود الكنغو البلجيكية، أجد الجميع يتحدث اللغة العربية بمن فيهم الناطقون الرسميون باسم القبائل. ازاء هذه الحقيقة أو لا يجب أن نتملى جيداً فيما نبذله من جهد ومال لقمع اللغة العربية. وبالفعل، أو لا يجب أن نتفكر كيف يمكن أن تصبح هي الأداة الفعالة لتنفيذ سياستنا''. (تقرير الحاكم العام 12/7/1927). وعبر السنين لم تنتشر اللغة والثقافة العربية في جميع أرجاء السودان عن طريق الأوامر والنواهي والنصوص الدستورية وإنما تم عبر التنافذ أو التناضحosmosis الاجتماعي الذي كان من أدواته التساكن، والمتاجرة، والتزاوج، والتعليم، والفن، والموسيقى. أو ليس من المدهش أن يكون السوداني الوحيد الذي وجه له زعيم الحركة الشعبية الدعوة عبر النائب الأول للمشاركة في توقيع بروتوكول السلام في نيفاشا هو الأستاذ محمد وردي، نوبي من أقصى الشمال جاء ليغني لأهل الجنوب بلغة لا هي لغته الأم ولا لغتهم: ''أنت يا أكتوبر الاخضر''. هذه هي ظلال الصورة التي لا يبصرها ولن يبصرها الشوفينيون الذين أغشى الله أبصارهم.
    اللغة في حد ذاتها ليست مشكلة بالضرورة، فهناك بلاد كثيرة لا ينص دستورها على لغة رسمية مثل كينيا ويوغندا اللتين تستخدمان الإنجليزية والسواحيلية حسب الحاجة والضرورة إليهما، في حين اعتمدت جارتهما تنزانيا السواحيلية لغة رسمية. وفي نيجيريا لا ترد إشارة للغة الرسمية للدولة في الدستور النيجيري باستثناء الإشارة في المادة 55 منه للغة العمل في البرلمان، وتقرأ: ''أعمال الجمعية الوطنية تتم باللغات الإنجليزية، الهوسا، الأيبو، اليوروبا وعلى الدولة توفير الإمكانات اللازمة لتحقيق هذا''. أيضاً، رغم اعتماد اللغة الإنجليزية عُرفاً لغةً رسمية للولايات المتحدة لا يتضمن دستورها أي نص حول لغة الدولة. المشكلة تبدأ دوماً عند ما تصبح اللغة، كما قلنا، تعبيراً عن وطنية اثنية. ونعرف من التاريخ إلى ماذا قادت رحلة الوطنية الإثنية، من خطاب يوهان فيخته (رسالة إلى الأمة الألمانية) في 1807 إلى خطب النقاش البافاري ادولف هتلر في مدينة ميونخ. ولحسن الحظ لم تبلغ الشوفينية التي عمقت من مشاعر الجفوة عند بعض الجنوبيين نحو اللغة العربية، وحملت آخرين منهم على الاستدعاء القسري لثقافاتهم المحلية ذلك الحد من الفُحش. بل أضيف أنه رغم كل مآسي الحرب الأخيرة فإن الدور الذي لعبته الحركة الشعبية في توسيع نطاق التعامل باللغة العربية، لم تلعبه أية حركة ذات منشأ جنوبي من قبل، ولأسباب عملية وظروف موضوعية بحتة. فالحركة تضم عناصر تنتمي لأقوام وجماعات تتواصل فيما بينها باللغة العربية، لسان التخاطب المشترك الوحيد. كما تسعى لأن تلعب دوراً سياسياً في كل أرجاء القطر، بما في ذلك الشمال. والحركة على مستوى قياداتها بنت، ومازالت تبني جسوراً عديدة للتفاعل مع القوى السياسية والاجتماعية في شمال السودان، ومع دول عربية خارج السودان.


    written by Mansour Khalild...
    محمد عبدالقادر سبيل
    Please your in-puts towards the above...Loads of thanks
                  

08-09-2004, 02:19 AM

محمد عبدالقادر سبيل
<aمحمد عبدالقادر سبيل
تاريخ التسجيل: 09-30-2003
مجموع المشاركات: 4595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: Kobista)

    Dear Kobista
    Assalamoalekom wa Rahmatu ALLAH
    I promise to foward my out put/ coments towards the above very soon
    That might take time, as I will B facing DR. Mansoors( not anybody else!!) opinion
    till then..
    .. I wish u happy times
    yours

    Mohamad Sabeel
                  

08-09-2004, 08:10 AM

Kobista


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: محمد عبدالقادر سبيل)

    Greetings Sabeel
    Take your time and feed-back
                  

08-10-2004, 03:18 AM

محمد عبدالقادر سبيل
<aمحمد عبدالقادر سبيل
تاريخ التسجيل: 09-30-2003
مجموع المشاركات: 4595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: Kobista)

    Dear Kobista

    غدا ان شاء الله سأرفع لك ردي على اراء د. منصور القيمة، رغم أنك اجتزأتها كما يبدو ولا ادري من اي مصدر أخذتها فليتك تشير الى ذلك .
    وفي ردي غدا ( والذي ربما افضل رفعه في منصوبة مستقلة (أقصد بوست مستقل فأنا اسمي البوست منصوبة ) ان شاء الله سوف اعلن جديا رغبتي في الانضمام الى الحركة الشعبية وفق فهم معين لما طرحه د. منصور خالد اعلاه
    .
                  

08-11-2004, 02:12 AM

محمد عبدالقادر سبيل
<aمحمد عبدالقادر سبيل
تاريخ التسجيل: 09-30-2003
مجموع المشاركات: 4595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: محمد عبدالقادر سبيل)

    Dear Kobista

    where are u
                  

08-11-2004, 07:52 AM

Kobista


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: محمد عبدالقادر سبيل)

    Greetings Sabeel
    Relax,take as much time as you need..wil be waiting for a turning point towards rebuilding a nation been hostage for decades
    Here is the article and it's link
    د. منصور خالد

    إعداد الدستور ... أي دستور؟

    اي نظام للحكم يضبطه قانون أساس هو مجموعة القوانين والقواعد والمبادئ التي تحدد تخوم المسئوليات والسلطات والواجبات والحقوق. بهذا المعنى لكل أنظمة الحكم، بما في ذلك الأنظمة الشمولية وتلك التي تنسب لنفسها حقاً الهياً في الحكم، دساتير تنظم الحكم. في هذا المقال نتحدث عن الدستور بالمعنى الذي ألفناه منذ الاستقلال، ثم أخذنا نستدعيه ونستظل به عقب كل انتفاضة. وبما أن مدركاتنا السياسية كلها قامت على اعتبار ذلك الدستور، أو النمط الدستوري الذي بُني عليه، هو طوق الأمان والسبيل الوحيد للحكم الصالح وللاستقرار السياسي، يفيد أن نتناول ذلك الدستور بالفحص منذ منشئه لنرى إن كان العطب السياسي الذي لحق بنا بسبب نصوص الدستور، أو عدم صلاحية التربة التي غرس فيها، أو لحاجة الدستور إلى تأصيل كما يزعم البعض، أو لأنا، ابتداءً، تعاملنا مع ذلك الدستور كشكل دون محتوى، وعَرض بلا جوهر، وإجراءات بلا معانٍ.
    دستور السودان الذي ظل يحكم به منذ الاستقلال دستور ديمقراطي ليبرالي. وان كانت الديمقراطية هي نمط للحكم، فإن الليبرالية نظام سياسي يهدف لحماية حرية الإنسان، وبوجه خاص حقوقه الطبيعية والإنسانية. ذلك لا يتم إلا بالحد من سلطان الدولة على المواطنين طالما ارتضى المواطنون وامتثلوا لحاكم (دولة) يدبر شئونهم. ذلك الحد من السلطان يتحقق إما بتقليص نطاق ممارسة الدولة له، أو ضبط تلك الممارسة وكبح جماحها. وبما أن الدولة هي التي تضع القوانين يصبح مشروعاً السؤال عما هو الضمان في أن تحد الدولة سلطانها من تلقاء نفسها؟ لا ضمان مطلقاً، لهذا ابتدعت الدساتير الليبرالية مبادئ وضوابط تُعَزز obe entrenched في الدستور بحيث لا يمكن التحايل عليها، أو الإخلال بمعانيها، أو تعديلها إلا وفق ضوابط صارمة. على رأس هذه المبادئ تأمين الحقوق الإنسانية الأساسية للمواطن التي انضافت إليها في الجيل الثاني من حقوق الإنسان، حقوق الشعوب، كحقوق مقدسة لا يمكن التصرف فيها inalienable، ولا تنتهك حرمتها inviolable. وعلى رأس الضوابط المُعَززة سيادة حكم القانون، ولعلها أهم آليات الكبح والتوازن في الدساتير. لذلك، تمنح الكثير من الدساتير سلطة دستورية للقضاء لحماة الدستور، مثال ذلك سلطته في الفصل في دستورية القوانين، أي التقرير في إن كانت القوانين خارجة عن، أو مطابقة لأحكام الدستور. هذه السلطة تتمتع بها، على سبيل المثال، المحكمة العليا في الولايات المتحدة وفي الهند، كما كانت تتمتع بها حتى العام 1949 اللجنة القانونية للمجلس الملكي سPrivy Council بالنسبة للدستور الكندي. هناك دساتير أخرى، مثل دستور نيوزيلندا، تمنع المحاكم صراحة من ممارسة هذه السلطة، ولربما أعتمد الدستور النيوزيلندي المكتوب المبدأ الذي سار عليه الدستور الإنجليزي غير المكتوب والقائل أن البرلمان سيد قراره. فكما يقول المثل السائر، يملك البرلمان الإنجليزي أن يقرر بشأن أي موضوع تشريعياً وتعديلاً وإلغاءً باستثناء أمر واحد هو أن يجعل الذكر أنثى والأنثى ذكراً. حتى هذا الاستثناء كاد أن يبطل في زمن العجائب الذي نحن فيه إذ يتداول بعض البرلمانيين اليوم في إباحة زواج المثليين. بنبرة أكثر جدية، نقول إن هذا الحق الذي يوفره الدستور الإنجليزي للبرلمان ليس حقاً مطلقاً إذ أن ذلك البرلمان محكوم بقيد حديد هو التقاليد البرلمانيةparliamentary conventions التي لم تسمح له طوال تاريخه منذ إعلان الميثاق الأعظم (ماقنا كارتا) بالخروج عن المبادئ المُعَززة entrenched في الدستور.
    هذه مقدمة ضرورية لمخاطبة قضية التطور الدستوري في السودان، فتاريخ الدستور في السودان، كتاريخ السياسة، تاريخ موئس وبائس. ليس أدل على ذلك من عجز السودانيين عن الاتفاق على دستور تُحكم به البلاد منذ الحكم الذاتي. الدستوران الوحيدان اللذان خرجا عن المألوف صدرا في ظل نظامين شموليين: دستور السودان الدائم 1973 (عهد مايو)، ودستور جمهورية السودان 1998 (عهد ''الإنقاذ''). في جميع فترات الحكم الأخرى حُكم السودان بموجب دستور أعده البريطانيون، في الأساس، لإدارة فترة انتقالية هي فترة الحكم الذاتي (دستور ستانلي بيكر). ومن سخريات القدر أن يكون ذلك الدستور وليداً طبيعياً لمؤسسات قالت عنها الحركة الوطنية السودانية، على لسان الزعيم إسماعيل الأزهري، ''لن ندخلها وإن جاءت مبرأة من كل عيب''. ذلك الدستور أصبح دستوراً للسودان المستقل في 1/1/1956، ودستوراً للديمقراطية الثانية بعد أكتوبر 1964 (دستور 1956 معدل 1964)، ودستوراً للديمقراطية الثالثة بعد مايو.
    ما هو مصدر العجز؟ السياسيون الذين لم يُمَتعهم الله بفضيلة التواضع ومزية نقد الذات ليس لهم ما يردون به على هذا السؤال غير: ''العساكر ما أدونا فرصة''. هذا إرهاف بالقول دون تروٍ لأن أصل الأزمة يعود إلى ما قبل الاستقلال، وقبل أن يصبح للعسكر شأن في السياسة. بمفردات اليوم نلخص الأزمة في: نظام الحكم، الهُوية، حقوق الإنسان، التهميش السياسي والاقتصادي. وبالطبع لم تكن مظاهر الأزمة قد تبلورت على هذا النحو قبيل الحكم الذاتي، إلا أن جوهرها كان واضحاً للعيان على المستوى السياسي، كما كان ينبغي أن يكون الحل لها واضحاً على مستوى الرؤية لجيل مؤتمر الخريجين الذي كان يحسب غاندي ونهرو أنبياء للوطنية. ولهذا السبب سأصطحب الهند معي كل ما كان ذلك ضرورياً في هذه المقالات. ولن نفلح في التحليل السليم لمشاكلنا إن أصبح الهروب من التاريخ عادة لنا ودأباً.
    مشروع دستور الحكم الذاتي ـ الذي أصبح فيما بعد دستوراً للاستقلال ـ تضمن مادتين حول الجنوب (وكان موضوع الجنوب هو الأكثر بروزاً يومذاك في قضايا نظام الحكم (الفيدرالية)، والهُوية (الدين)، والتهميش السياسي (وضع الجنوبيين في حكم وإدارة الدولة الجديدة). كان ذلك هو الحال قبل أن يتفاقم المشكل وينضم لأهل الجنوب من انضم إليهم من أقوام السودان. هاتان المادتان تناولتا هذه القضايا بصورة لم يكن يكلفنا إتباعها مشقة أو عناء إذ نصتا على أمرين: الأول هو طمأنة الجنوبيين على مستقبلهم، والثاني إرضاء طموح نخبهم. وعلى وجه التحديد تعلقت الأولى بضرورة تعيين جنوبيين اثنين على الأقل في مجلس الوزراء، والثانية بمسئولية الحاكم العام عن ضمان أن يلقى الجنوب معاملة منصفة. هاتان المادتان أُلغيتا عقب زيارة صلاح سالم للجنوب ولقائه مع قيادات الشمال حيث اتفق مع هذه القيادات على إزاحة النصين من مشروع الدستور، ثم أبلغ البريطانيين من بعد أن أحزاب الشمال لا تمثل الشمال وحده بل الجنوب أيضاً لأن تلك الأحزاب جميعاً تضم جنوبيين. ذلك رأي لم يعترض عليه من بين ساسة الشمال إلا رجل واحد هو إبراهيم بدري. تلك كانت هي الدرجة من الاستهانة والتسطيح الفكري التي تعامل بها صلاح سالم مع القضية، وارتضاها ساسة الشمال. ومن المذهل أن الأحزاب الشمالية التي اجتمعت في السابع من يناير 1953 مع صلاح سالم لتقرر في أمر الجنوب في غيبة أهله ضمت ممثلين لحزب ربما لا يزيد أعضاؤه عن الرجلين اللذين وقعا نيابة عن ذلك الحزب الاتفاق مع سالم، ذلكم هو الحزب الوطني الذي مثَله الأستاذ يحي عبد القادر والدكتور عبد القادر مشعال.
    مع ذلك نحسن الظن ونقول إن ساسة الشمال كانوا يخشون من استغلال الحاكم العام لذلك النص لتعويق مسيرة السودان نحو الحكم الذاتي. ونحسن الظن أيضاً ونقول إنهم كانوا عازمين على الأخذ بيد الجنوبيين والاعتراف لهم بحقوقهم المشروعة في الوطن الواحد، خاصة وقد اتفقوا جميعاً مع صلاح سالم، واقنعوا البريطانيين بذلك، أن البرلمان المنتخب سيضع بديلاً لهذا النص يُرضي الجنوب. ولكن، ما الذي وقع فيما بعد؟ لم يضع البرلمان بأية صورة من الصور، بديلاً لتلك المادة التي ضُمنت في مشروع الدستور لحماية حقوق الجنوب وطمأنة أهله، بل لم يحترم حتى ما تعهد به للجنوبيين حول الفيدرالية كما أسلف الذكر. وهكذا أصبح ذلك الدستور بقصوره العضوى ـ على الأقل فيما يتعلق بنظام الحكم ـ عاجزاً عن تلبية حاجات كل أهل الوطن الواحد، وبالتالي ما كان ليصلح أساساً لحكم مستقر، طالما لم يكن هناك تراض عليه بين أهل السودان.
    ولئن تقاصرنا في موضوع نظام الحكم، كَفاً أو عجزاً، عن إرساء القواعد لبيت يتفيأ أهل السودان جميعاً ظلاله عن اليمين والشمائل، فقد كنا أقل تقصيراً في التوافق على فكرة المواطنة والتبعات المترتبة عليها. والمواطنة مفهوم عابر للفوارق الدينية، والثقافية، واللغوية، إن لم ندركه على هذا الوجه فلن ندرك المغزى الحقيقي لحقوق الإنسان والمواطن. ومن الطريف أن هذا هو الاسم الذي كان يطلق على تلك الحقوق عند منشئها في الثورة الفرنسية، أول عهد الإنسانية بتلك الحقوق. وفي اللحظة التي أخذنا نقسم فيها أهل الوطن إلى أغلبية وأقلية، ضللنا الدرب وذهبنا حيارى في مفازة لا دليل فيها ولا علامة. لاشك في أن في كل بلاد الله هناك أغلبية وأقلية عددية. ولاشك في أن الحظوظ السياسية في هذه البلاد تقدر بميزان العدد. كما لاشك أيضاً في أن الأمم درجت، أو بالأحرى درج العنصر أو الجماعة الغالبة فيها، على السعي لاستيعاب الجماعات الأقل عدداً في السياق العام، كان ذلك في اللغة أو الثقافة أو الدين، ويُبرر ذلك دوماً بأنه تحقيق لإرادة الأغلبية. بيد أن هذه النظرة الآلية للأغلبية والأقلية في الأنظمة الديمقراطية تنتهك أهم مبدأين فيها، ألا وهما المساواة في الحقوق والواجبات والمساواة أمام القانون. ولئن نزعم إن لم يكن لنا عن ذلك الأمر حَدَد أو بُد، نكون غير صادقين. كانت أمامنا تجربة الهند التي نعرفها حق المعرفة أو بهذا ظللنا نوحي شعراً ونثراً وغناءً. يعرفها السياسيون الذين كانوا يطالعون ويتدارسون أفكار ساستها (أقرأ كفاح جيل لأحمد خير، والديمقراطية في الميزان لمحمد أحمد محجوب)، تماماً مثل الذي كانوا يُحَلون جدران منازلهم بصور زعمائها الهندوس، غاندي ونهرو لا المسلمين منهم، مثل محمد علي جناح (أقرأ مذكرات أحمد محمد يس). إضافة إلى ذلك يعرفها رجال القانون الذين أصبح لهم كتاب العلامة راتنلال انجيلاً في الفقه، وأهل الفن الذين طالما تهدج صوت حاديهم وهو يغني لوجه غاندي ولصوت طاغور وصدى الهند العميقة. نحن حقيقة لا نعاني فقط من ضعف في الذاكرة، وإنما أيضاً من فقدان تام للبؤرة التي يتركز فيها الاهتمام بأي شيء، فكل حدث مرجع لذاته.
    أياً كان الحال، تلك الرؤى والممارسات التي ظلت سائدة حتى الستينات فقدت معناها إن كان لها حقاً معنى، كما فقدت شرعيتها إن ظننا أبداً أن لها شرعية. فمنذ ذلك التاريخ تبدلت الأمور على وجهتين، الوجهة الأولى هي صدور الجيل الثاني من العهود الدولية لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أصبح الخروج عنها خروجاً عن الشرعية الدولية. أما الوجهة الثانية فهي نسف القانون الإنساني الجديد لكل المفاهيم السائدة حول الأقليات. فالقانون الآن يميز بين الجماعات الأصلية indigenous والأقلياتminorities في داخل الدول (الاتفاقية الدولية بشأن الشعوب الأصلية والقَبلية 1989). فالأكراد في العراق، والأقباط في مصر، والامازيغ في الجزائر والمغرب، لا تطلق عليهم صفة الأقلية لأنهم أصحاب حقوق تاريخية ثابتة في أوطانهم. ويُعَرف القانون هؤلاء بـ ''المجموعات التي استقرت تاريخياً في أرض معينة ولها علاقة سلفية أو قَبلية ئancestral بتلك الأرض، وتواصل وجودها في تلك الأرض قبل نزوح جماعات أخرى لها، أو غزوها من جانب الاستعمار''. هذه الإشارة مهمة لكيما نزيح من أذهاننا المفاهيم التي تقسم المواطنين إلى أغلبية وأقلية وفق معايير محددة بطريقة ذاتية لنصل بها إلى نتائج معينة. فالذي يقول إن أغلبية أهل السودان مسلمون لا يقول إلا حقاً، ولكنه لا يصبح محقاً عندما يريد أن يبتني حكماً سياسياً على هذه المُسَلمة يترتب عليه حرمان مواطنين مهما كان عددهم من حقوقهم الأساسية مثل إعلان السودان دولة مسلمة. والذي يقول إن أغلبية أهل السودان من الرجال قد يكون صادقاً، ولكنه يفتقد الصدقية إن أراد التوسل بتلك الحقيقة لإصدار حكم يترتب عليه حرمان النساء من حقوق أساسية يستأهلنها بحكم إنسانيتهن لا بحكم الجنس أو النوع.
    على المستوى العملي، ورغم دعاوى الأغلبية والأقلية، لم تبدأ هذه التفريقات الزائفة في إفراز أية ظواهر سلبية أو عدائية، كان ذلك بالنسبة للدين أو اللغة، إلا في الستينات عندما تحول الدين إلى منتوج سياسي محض، وأصبحت اللغة تعبيراً عن وطنية اثنية. وبتدافع الفعل ورد الفعل، خرجت قضيتا اللغة والدين عن حجمهما الطبيعي. فمثلاً، منذ بدايات الحكم الذاتي تقبل الجنوبيون بلا عناء الإصلاحات التي أدخلها وزير المعارف عبد الرحمن على طه على التعليم في الجنوب عام 1949، ففي خطابه أمام الجمعية التشريعية (1/11/1949) أعلن الأستاذ المعلم ''بما أن السودان قطر واحد تشترك جميع أجزائه في مؤسسات سياسية واحدة فإن أول ما يجب تحقيقه هو أن تكون للبلاد لغة واحدة يفهمها ويتحدث بها جميع أبنائها ولا يمكن أن تكون هذه اللغة غير العربية''. وذهب واحد من قادة الجنوب يومذاك (بوث ديو) إلى مطالبة الحكومة بالإسراع في تعليم الجنوبيين اللغة العربية حتى يلحقوا بإخوتهم في الشمال، ولم يكن بوث ينظر للغة إلا بحسبانها وسيطاً للمخاطبة والمعرفة والتعلم. وكان لبعض الأساتذة الأجلاء مثل سر الختم الخليفة وأحمد حسن فضل السيد ومصطفى أبو شرف دور مهم في أداء هذه المهمة في الجنوب أقبلوا عليها بحنو الأب، وموضوعية المعلم. في ذات الوقت ظلت اللغة الإنجليزية لغة عمل معترف بها في البرلمان وفي دوائر الحكومة في الجنوب. نفس الشيء يصدق على الدين حيث لم تجعل منه الدولة ولا أهل السياسة عظمة نزاع حتى قيام نظام عبود. ذلك النظام الذي لم يُعَرف بتدين أهله بادر باتخاذ إجراءات عبثية آذت السياسة ولم تَفِد الدين مثل استبدال عطلة الأحد بعطلة الجمعة في الجنوب، واستبدال الأسماء المحلية أو المسيحية بأسماء عربية أو إسلامية. وكان الجنوبي يطلق على تلك الأسماء التي فُرضت عليه ''اسم بتاع حكومة''. ولعلنا نترك قضية الدين لنعالجها بإفاضة في المقال التالي ونقتصر الحديث في هذا المقال على تداعيات قضية الهوية الثقافية منذ الستينات.
    بدأت الأزمة عندما أخذت القضية تأخذ بعداً شوفينياً من جهة، وازدرائياً من جهة أخرى. وفي المقالات السابقة ألمحنا إلى نماذج عديدة من هذه الشوفينية التي ترَد في أغلب الأحوال، إما لرغبة شرائح معينة من الجماعات المستعربة لإدامة الهيمنة السياسية أو الاقتصادية، أو لغلواء بعض النخب ذات المصلحة في الإبقاء على هذه الهيمنة. والمؤسي حقاً أن هذه الجماعات تتحدث دوماً عن الحفاظ على الهُوية العربية / الإسلامية بصورة وضعت الدين حيث لا ينبغي أن يكون. فالفهم الملتبس للهوية جعل من الإسلام والعروبة آليتين متصادمتين، بحيث أصبحت الأولى (العروبة من منظور عرقي) هي آلية الإقصاء، في حين ظلت الثانية (الإسلام) هي آلية الاحتواء بامتياز لأن الإسلام لا يميز بين الناس على أساس أعراقهم وأصولهم. وحقيقة كان الإسلام هو المفاعل الأهم في توحيد أهل السودان مما يعني أن المسلمين العروبيين (بالمعنى العرقي للكلمة) لم يستبطنوا أبداً روح الدين الذي يرفعون راياته. ''قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم. وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً إن الله غفور رحيم''. غفر الله لنا ولهم. أما الازدرائية، او إن أردت الوصائية، فقد عَبَرت عنها جميع المدارس والاتجاهات الفكرية (منذ مدرسة أبروف الى كل مدارس القومية العربية)، والتي لم تكن ترى في الثقافات المحلية ما هو جدير بالاحتفاء.
    أياً كان الأمر، تولدت عن هذه التوجهات غير الرشيدة تيارات مناهضة للثقافة العربية ككل باعتبارها واحدة من أدوات هيمنة الشمال المستعرب على الجنوب غير العربي بحيث أصبحت اللغة والثقافة العربية مدانتين بالتداعي وتوقفت السيرورة الطبيعية للغة العربية. هذه الحقيقة البسيطة افتطن إليها البريطانيون بعد أن أعيتهم الحيل لمحو اللغة العربية في الجنوب. فمثلاً، كتب حاكم عام السودان، السير جون مافي في تقرير له يقول ''أينما ذهبت، سواء في أعالي الاماتونج أو عند حدود الكنغو البلجيكية، أجد الجميع يتحدث اللغة العربية بمن فيهم الناطقون الرسميون باسم القبائل. ازاء هذه الحقيقة أو لا يجب أن نتملى جيداً فيما نبذله من جهد ومال لقمع اللغة العربية. وبالفعل، أو لا يجب أن نتفكر كيف يمكن أن تصبح هي الأداة الفعالة لتنفيذ سياستنا''. (تقرير الحاكم العام 12/7/1927). وعبر السنين لم تنتشر اللغة والثقافة العربية في جميع أرجاء السودان عن طريق الأوامر والنواهي والنصوص الدستورية وإنما تم عبر التنافذ أو التناضحosmosis الاجتماعي الذي كان من أدواته التساكن، والمتاجرة، والتزاوج، والتعليم، والفن، والموسيقى. أو ليس من المدهش أن يكون السوداني الوحيد الذي وجه له زعيم الحركة الشعبية الدعوة عبر النائب الأول للمشاركة في توقيع بروتوكول السلام في نيفاشا هو الأستاذ محمد وردي، نوبي من أقصى الشمال جاء ليغني لأهل الجنوب بلغة لا هي لغته الأم ولا لغتهم: ''أنت يا أكتوبر الاخضر''. هذه هي ظلال الصورة التي لا يبصرها ولن يبصرها الشوفينيون الذين أغشى الله أبصارهم.
    اللغة في حد ذاتها ليست مشكلة بالضرورة، فهناك بلاد كثيرة لا ينص دستورها على لغة رسمية مثل كينيا ويوغندا اللتين تستخدمان الإنجليزية والسواحيلية حسب الحاجة والضرورة إليهما، في حين اعتمدت جارتهما تنزانيا السواحيلية لغة رسمية. وفي نيجيريا لا ترد إشارة للغة الرسمية للدولة في الدستور النيجيري باستثناء الإشارة في المادة 55 منه للغة العمل في البرلمان، وتقرأ: ''أعمال الجمعية الوطنية تتم باللغات الإنجليزية، الهوسا، الأيبو، اليوروبا وعلى الدولة توفير الإمكانات اللازمة لتحقيق هذا''. أيضاً، رغم اعتماد اللغة الإنجليزية عُرفاً لغةً رسمية للولايات المتحدة لا يتضمن دستورها أي نص حول لغة الدولة. المشكلة تبدأ دوماً عند ما تصبح اللغة، كما قلنا، تعبيراً عن وطنية اثنية. ونعرف من التاريخ إلى ماذا قادت رحلة الوطنية الإثنية، من خطاب يوهان فيخته (رسالة إلى الأمة الألمانية) في 1807 إلى خطب النقاش البافاري ادولف هتلر في مدينة ميونخ. ولحسن الحظ لم تبلغ الشوفينية التي عمقت من مشاعر الجفوة عند بعض الجنوبيين نحو اللغة العربية، وحملت آخرين منهم على الاستدعاء القسري لثقافاتهم المحلية ذلك الحد من الفُحش. بل أضيف أنه رغم كل مآسي الحرب الأخيرة فإن الدور الذي لعبته الحركة الشعبية في توسيع نطاق التعامل باللغة العربية، لم تلعبه أية حركة ذات منشأ جنوبي من قبل، ولأسباب عملية وظروف موضوعية بحتة. فالحركة تضم عناصر تنتمي لأقوام وجماعات تتواصل فيما بينها باللغة العربية، لسان التخاطب المشترك الوحيد. كما تسعى لأن تلعب دوراً سياسياً في كل أرجاء القطر، بما في ذلك الشمال. والحركة على مستوى قياداتها بنت، ومازالت تبني جسوراً عديدة للتفاعل مع القوى السياسية والاجتماعية في شمال السودان، ومع دول عربية خارج السودان.

    http://www.rayaam.net/articles/article26.htm[/B]
                  

08-11-2004, 11:08 PM

محمد عبدالقادر سبيل
<aمحمد عبدالقادر سبيل
تاريخ التسجيل: 09-30-2003
مجموع المشاركات: 4595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: Kobista)
                  

08-12-2004, 03:40 AM

Kobista


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ (Re: محمد عبدالقادر سبيل)

    Thanx Sabeel..
    appreciate your coments
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de