ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 10:46 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-07-2004, 01:15 AM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد (Re: ahmed haneen)

    ويـــــــــل للمتربصــــــــــــــين (3-3)

    الهُوية السودانية بين فقه التعسير والتكفير، وضرورات المحاياة والتفكير

    بقلم: د. منصور خالد

    المقال الثالث والأخير من ثلاثية حُملنا عليها حملاً وردتنا ـ ولو إلى حين ـ عما قصدنا التوفر على كتابته حول اتفاقيات السلام. بالمقال نتجه لتناول مقالين للشيخ المهندس الطيب مصطفى صاحب المنبر كنا نتمنى أن يتضمنا، بحساب دقيق، كشف وجوه التناقض في بنود الاتفاق أن كان ثمة تناقض، أو التنبيه إلى غموضه حتى نحاول تبيان الغامض. مثل هذا الحساب الدقيق نترجاه من رجل يمتهن مهنة تُضبط فيها المقادير المادية بميزان، وتُقاس فيها الخطوط والأبعاد والزوايا بحساب. أوليس هذا هو ما يتعلمه المهندسون؟ وكانت العرب تصف من يجيد النظر في الأمور بالرجل الهِنْدِس. عوضاً عن ذلك استهل الكاتب مقاليه بالقول، هداه الله: "حق لمنصور خالد ان تنتفخ أوداجه زهواً وطرباً ليُحاضرنا عن هوية السودان في معرض رده على محمد أبي القاسم حاج حمد بجريدة الصحافـة بتاريخ 20/6/2004 فهذا زمان تمرح فيه المهازل وتعربد" (الصحافة 26/6/2004). ما أسماه رداً على محمد هي فقرات إجتزأتها الصحيفة الغراء من بين دفتي كتاب بل كتب بلغت صفحاتها المئيين نشك في أن يكون المهندس المحلل قرأها أو حرص على قراءتها. وفي تلك الصفحات لم نصدر حُكماً إلا بحيثياته، فنحن لا نرد على محمد بل نحاوره حوار المفكرين الأنداد. ثم أن الكاتب عندما يكتب لا تنتفخ أوداجه طرباً بل يحشد مصادره، ويُشهرِ قلمه، ويشحذ عقله، فعقول الرجال في أطراف الأقلام. لا أدري ما الذي أصاب هذا المهندس الذي لا يحسن تطبيق مناهج الأداء التي تعلمها في الطرح العلمي لقضيته حتى يستطيل علينا في أمور هو قليل الحظ فيها. ما له، مثلاً، يحسب إسهام رجل ظل يرفد الفكر السياسي برأيه قرابة نصف قرن من الزمان هزلاً وعربدة. هذا اجتراء على القُبح، نعفُ عن مجازاته، فجزاء القُبح قد يُربى عليه. لنترك التجني في المقالين ولنأخذ الآراء.
    صاحب المنبر ليس هو الباحث المحقق محمد الذي يتبنى منظومة فكرية متكاملة حول الهُوية نوافقه على الكثير من افتراضاتها ولا نقره على النتائج التي انتهى اليها. هذا موضوع ليست الصحف السيارة مكان بحثه، ومن أراد الالمام بما نومئ اليه فما عليه إلا العودة لما كتبنا في بعض الكتب مثل "جنوب السودان في المخيلة العربية" أو "أهوال الحرب وآفاق السلام". باختصار مفيد يفترض محمد أن في القطر كيانين، وأن هذين الكيانين لن يلتقيا مثل الشرق والغرب عند رديارد كبلنج. لهذا، من الخير لهما ـ إن أرادا الحفاظ على وحدتهما التي اصطنعها الخديوي محمد علي ـ التوحد عبر رباط رهيف هو الكونفدرالية. وعلى خلاف صاحب المنبر يعترف محمد بأن ظلماً حاق بأهل الجنوب، وإن هناك استحقاقات لهم لابد من ردها. ليس هو أيضاً من أولئك الذين تملكهم يقين ثابت أن للشخصية الحضارية السودانية بعد واحد هو البعد الإسلامي ـ العربي. فالشخصية السودانية الحضارية، في تقديره، متعددة الأبعاد. من تلك الأبعاد ما ينكره البعض بسبب وثنيته (ممالك النوبة القديمة) أو بسبب لا اسلاميته (النوبة المسيحية). كما يرى الباحث المحقق أن البُعد العربي الاسلامي بُعد حضاري وبطبيعته هذه يستوعب غير المسلم من أهل الشمال كالأقباط مثلاً.
    السودان ليس نسيج وحده بين الأمم، والسودانيون مثل كل شعوب الأرض أمة هجين. فشخصية السودان الوطنية، كحال الشخصيات الوطنية لكل الأمم، تكونت ـ وما زالت تتكون ـ عبر تفاعل حضاري، وتعامل مصلحي، وتساكن بشري، وكل ذلك في فضاء جغرافي معين وفي أفق زمني ممتد. لهذا، تصبح الشخصية الوطنية ظاهرة مركبة لا يعين على فهمها اختزال مكوناتها الأساس وهى المصالح المشتركة، والخبرات التاريخية المتبادلة، وتراكم تلك الخبرات في الوجدان الجمعي. وبالرغم من أن الدين واللغة عنصران مهمان في تكوين حضارة أية أمة إلا أنهما بمفردهما لم يكونا دوماً عنصر توحيد للأمم. لو كانا لما توحدت كندا بلغتيها، ولما توحدت سويسرا بلغاتها الأربع، ولما توحدت الهند بلغاتها الرئيسة الست عشر. ولو كان الدين وحده عنصر توحد لما تمزقت باكستان إلى دولتين رغم رابطة الدين الواحد (الإسلام السني)، بل رغم أن الدولة قامت أساساً على وحدة الدين على يدي محمد علي جناح.
    على أن قضية الهُوية الثقافية القومية، أو قضية الشخصية الوطنية لا تشكل أزمة للمواطن العادي، الأزمة تنفجر دوماً في لحظات الأزمات، وتعكس غالباً تأزماً فكرياً للمثقفين لا هموماً لعامة الناس. فالمواطن السوداني العادي في الشمال أو الجنوب، وفي الشرق أو الغرب، غير معني البتة بتحليل عناصر هُويته. مفهوم أي واحد من هؤلاء لهُويته أو انتمائه مفهوم بسيط لا تعقيد فيه، هو أن يعيش آمناً في سربه، يعبر عن نفسه باللسان الذي دب ودرج على التعبير به، ويتعامل ويتفاعل ويتناسل وفق عوائد ارتضاها، ويعبد ربه ويؤدي فرائض دينه ـ أياً كان ذلك الدين ـ حسب عادة البلد.
    من تلك الأزمات ما هو أزمة أمة، ومنها ما هو أزمة جماعة أخذت تظن الأرض تميد تحت أقدامها بسبب تهديد حقيقي أو متوهم لهيمنتها الثقافية، أو لمركزها السياسي، أو لحظوظها الإقتصادية، أو حتى لنظرتها الذاتية للحياة والمجتمع من حولها مما يدخل بالأمر في مجال الخيلاء الفكريةIntellectual Vanity) . ) لكل هذه الأزمات نماذج راهنة. فاحتدام الجدل اليوم في الوطن العربي حول الهُوية بصورة غير مسبوقة هو تعبير عن أزمة الهزيمة والانكسار بعد حزيران وسقوط كل المسلمات (وكان أهلها يسمونها أيضاً ثوابت) حول الوحدة العربية الفورية، مما قاد إلى بروز التيارات الإسلامية بكل ما صحبها من عنف وعنفوان. أزمة الوجود هذه لا يعانيها مسلمو آسيا وأغلب مسلمي أفريقيا، فالإسلام ليس هو دين العرب وحدهم. ففي آسيا مسلمون ثابتون على إسلامهم، وفي أفريقيا مسلمون قابضون على دينهم، ونقول في بلادنا عن مثل ذلك التدين (إسلام فلاتة). وعلى سبيل المثال لا يعاني الماليزيون في آسيا أزمة هُوية وطنية أو دينية لأنهم لم ينهزموا أبداً داخلياً. انتصروا سياسياً بالحفاظ على استقلالهم الوطني، وانتصروا ثقافياً بالتفاعل المبدع بين ثقافاتهم المالاوية (Malay ) والصينية والإسلامية، وانتصروا اقتصادياً بتسيدهم في ميدان اقتصاديات المعرفة الحديثة مما أهلهم لدور فاعل مؤثر في مجموعة الجنوب.
    وما أن تحل الأزمات حتى ينبري المثقفون للجدل حول الهوية لأسباب منها النبيل ومنها غير النبيل. فقد يسعى البعض لتمجيد أمته وإبراز فضائلها بهدف استنهاض الهمم، وقد يذهب بعض آخر إلى خلق إحساس لدى شعب ما بالتمايز على شعب آخر أو مجموعة أخرى استحقاراً لهما بهدف تكريس الهيمنة عليهما. وقد تلعب نخبة محددة على أوتار العرق أو الدين لدى كيان شعبي بعينه استثارة لذلك الكيان ضد كيانات أخرى تهدد مصالحها أو تتوهم أنها تهدد مصالحها. وليس بالضرورة أن تكون هذه المصلحة هي مصلحة الكيان، بل قد تكون في الواقع هي مصلحة اللاعبين على الأوتار. وعلى أي، فمتى أسقط أصحاب المصالح تصورهم للهُوية على الأمة كلها وأصبحوا ناطقين رسميين باسمها دون تفويض منها، نقلوا إليها تشظيهم. والتشظي النفسي كامن في دواخل كل من يسعى لاصطناع هوية له خارج الزمان والمكان.
    افتعال المثقفين لمثل هذه الأزمات لم تنجُ منه أوروبا. فمن الطريف، مثلاً، أن نقرأ اليوم عن الجدل اللاجب في روسيا حول الانتماء الاوراسي (Eurasian ) لروسيا، من بعد أن ظلت روسيا منذ عهد الملكة كاثرين تعتبر نفسها جزءاً من أوروبا. ولكن، عقب انهيار الاتحاد السوفيتي ونهاية وهم الدولة الفردوس الذي عاشته روسيا سبعين عاماً، والتي كان خروشيف على ثقة تامة بأنه على مشارفه (قوله للغرب: "سندفنكم")، وقعت زلزلة رهيبة في وجدان الطبقة الحاكمة أو النُخبة المؤثرة على الرأي العام. روسيا ما زالت هى أكبر دول العالم مساحة (6.5 مليون ميل مربع) لهذا أخذ هؤلاء يبحثون لذلك الوطن الواسع العريض عن دور رائد وهُوية مميزة خارج الفضاء الأوربي الذي تتسيد عليه بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وانجرت اليه كل الدول التي كانت تدور في فلك روسيا. هذه أزمة سياسيين وقادة وطنيين ومثقفين وليست أزمة عامة أهل روسيا.
    نقرأ أيضاً عن اللجاج الذي يدور في بريطانيا حول مخاطر فقدان أهلها لهويتهم الوطنية بالاندماج في الاتحاد الأوربي، وكان أبرز مظاهره هو انتخابات البرلمان الأوروبي التي تمت قبل أسبوعين. ولتسألن ما هي هذه الهُوية البريطانية التي أنبرى للدفاع عنها صحافيون، وإذاعيون وسياسيون؟ ما هي في بريطانيا التي لم تفقد فيها اسكتلندا حتى اليوم، وبعد قرون من الوحدة مع انجلترا، هُويتها الثقافية: لغتها، وموسيقاها وملبسها. أمـا الإنجليز مازالوا بعـد قرون من غـزو السلتيين والنورمان هـم أنفسهم أولئك الذين وصفهم بالهجـين الخليط شاعرهم دانيال ديفو (مؤلف روبنسون كروزو) في قصيدته الذائعة "الانجليزي الأصيل" (The True Born Englishman)، التي نظمها دفاعاً عن الملك وليام البرتقالي ( ( William Of Orange وكان يُنعت بـ "الأجنبي".
    ومن نماذج الخيلاء الفكرية بحوث المفكر صموئيل هنتقتنون الأخيرة الممعنة في استغباء عقول الناس، فبعد كتابه "صدام الحضارات" الذي تنبأ فيه بالصدام مع المسلمين، انبرى أخيراً للكتابة عن تهديد الاسبانيين ( (Hispanics للذاتية الثقافية الأمريكية بسبب النمو المتزايد لعددهم، واهتمامهم بلغتهم، وحرصهم على اجلاء فنونهم وثقافتهم، علماً بأن الذاتية الثقافية الأمريكية التي يتحدث عنها وليد طبيعي لتلاقح ثقافات عديدة.
    هذا النوع من الصراعات حول الهُوية أسماه الكاتب اللبناني المبدع أمين معلوف "الهُويات القاتلة". معلوف أديب قاص انتقل من وطنه لبنان للعيش في باريس وصار واحداً من نجوم أنديتها الأدبية. وفي كتابه الأخير عَبرَ عن الصراعات التي تدور في داخله كعربي مسيحي أولاً، وكرجل قربت العربية بينه وبين المسلمين، وكمواطن عالمثالثي تستهمه قضايا ذلك العالم، وكمواطن ينتمي إلى رقعة في العالم (الوطن العربي) أصبح كل وافد منها مشبوه. قال هذه التسمية (الهُويات القاتلة) لا تبدو ضرباً من الغلو لأن المفهوم الذي ادينه هو ذلك الذي يختصر الهُوية في انتماء واحد يحصر البشر في موقف متحيز ومتعصب.
    لو أقبل صاحب المنبر على قضية الهُوية إقبالاً علمياً لما اضطر إلى الإستعداء غير المبرر، ولما جنح إلى الاسلوب المتوتر في التعبير. ذلك الأسلوب يبعث على الارتياب فيما يبتغي بنا الرجل، ولهذا أسميناه صاحب المنبر المريب. فكثيرون، ونحن منهم، يرتابون في أن ما يسعى إلى تحقيقه صاحب المنبر هو مشروع شمولي متطرف في شمال يقتطعه من الجنوب ويستأثر به لفرض أجندة قصوى هجرها أغلب أهلها. ونقدر أن مهندس ساحات الفداء لم ينته إلى ذلك الرأي إلا بعد أن أستعصى عليه تحقيق النصر الروماني ( (Paxa Romana الذي كان ينشده ليطبق عبره تلك الأجندة القصوى في الشمال والجنوب معاً، وهى أجندة تُغَلِّب فقه التعسير في دين كله يسر. يفضح مآربه أيضاً استخدام تعبيرات مفخخة مثل "العلمانية" بحسبانها أسلحة دمار فكري شامل تُخرس المعارضين إلى الأبد.
    واليوم، يدعو صاحب المنبر من منبره إلى توحيد أهل القبلة في الشمال الجديد، وينسى تصنيفه بالأمس كل من خالفه الرأي (في السياسة لا الدين) من أئمة الشمال المسلم في عداد الموالين للكفر. يدعو اليوم ـ من منبره أيضاً ـ إلى ازالة الغبن عن المغبونين في الشمال "الجديد" وما عرفنا من قبل عبر وسائط الإعلام التي كان يسيطر عليها أن في الشمال غُبناً. حياة أهله جميعاً كانت أما عسل ولبن أو سرقة مسلحة. وكان للجهاز الذي يسيطر عليه صاحب المنبر أوصافاً لبُلهنية العيش التي كان عليها أهل السودان ـ أو لنقل أهل الشمال منهم ـ تبعث على الثقة مثل :"نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع". ذلك القول إجتُزئ من مقولة لجبران خليل جبران، ولا أشير اليها إلا لأذكر صاحب المنبر بالمقولة كاملة، عله يلتزم بما تدعو اليه في دولته الجديدة. قال جبران في كتابه "النبي": "ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر. ويل لأمة تحسب المستبد بطلاً، وترى الفاتح المذل رحيماً. ويل لأمة تكره الشهوة في أحلامها وتعنو لها في يقظتها. ويل لأمة مقسمة إلى أجزاء وكل جزء يحسب نفسه فيها أمة".
    يقول صاحب المنبر أنه معني بالإسلام وبهُوية الشمال العربية المسلمة، فمن الذي قال إن هذا لا يعنينا. فمن الجانب الشخصي يبعث على الضحك اتهامه لنا بالسعي لتقويض الثقافة العربية الإسلامية، وكيف يقوضها رجل مثلي تحتل تلك الثقافة أكبر مساحة في فنائه المعرفي، ولعبت أكبر دور في تكييف وجدانه، وتركت ميسمها الواضح في مناهج تفكيره وأساليب تعبيره. هذا إن كانت الهُوية الحضارية حقاً هى عمق حضاري لا انتماء عرقي، وكان الإسلام هو دين السماحة والتوادع وإعمال الفكر، لا وساوس المتأخرة.
    أما من جانب الذين اندفع للرد عليهم بلا هوادة فقد ظلم نفسه قبل أن يظلمهم عندما قرر الغاء هُويتهم لا بسبب إلا لأن نظرهم إلى تلك الهُوية يختلف عن نظرته لها. هذه العدوانية تجعل الحوار عسيراً بين الناس، ويصبح أشد عسراً عندما يتحول إلى اشتباك سجالي يقود إلى إشكاليات زائفة من الثنائيات الضدية، أو بالخلط الإرادي بين ورقتي الدين والسياسة في تعسف غليظ.
    هذا يرمي بالرجل إلى مجال التطرف والتطرف ليس أصلاً من أصول الدين لأن الأديان تدعو للسماحة والمحبة، فالدين محبة. ومتى ما قاد الدين إلى التطرف كان ذلك بسبب القياس البشري الفاسد، والقائم على التفسير الحرفي للأصول الثابتة دونما اعتبار لمقتضيات الزمن المتغير، أو المرتكز على النهج الانتقائي لأحكام الدين دون اعتبار لمقاصده. ففي الدين "خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه"، وفيه "اذهبوا فانتم الطلقاء". وعندما يستأثر البشر بالدين، ويقسون على الناس باسمه، ويحتكرون شرحه وتفسيره، ينأون عن الدين بقدر اقترابهم من الشمولية الفرعونية. "قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" (غافر، 40/29). وبتلمسنا لما جاء به صاحب المنبر من فتاوى بالغة الخفة في أمور بالغة الخطورة أيقنا أن الرجل، حتى وإن كان هو مالك في فقهه، يفتقد تواضع من كان يتصدى للمناظرة من الفقهاء. قال الشافعي "ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطئ، وما كلمت أحداً وأنا أبالي أن يبين الله الحق على لسانه أو لساني". فالتواضع يلجم العاقل عن الظن بكمال العلم لأن كمال العلم هو كمال الجهل.
    صاحب المنبر، إذاً، لا يريد بنا إلا المشروع الشمولي المتطرف الذي سعى الإسلاميون في بدايات هذا النظام لأقامته وهم يتمنون إعادة صياغة الإنسان على عينهم. ومع نبل المقصد أقدموا على مغامرة غير محسوبة الا وهى ترحيل كل الحاضر إلى ماض أصلي نقي (Pristine. ) تلك مغامرة يستحيل تطبيقها في بلد متعدد الديانات، وفي عهود أصبح سلوك الدول فيها محكوماً بعهود ومواثيق لا فكاك منها، وفي زمان اختصرت فيه المسافات اختصاراً كبيراً، ولإستحالة ترحيل الحاضر للماضي أو استعادة الماضي في حاضر غريب عليه. تلك التجربة قَصُرت عن الوفاء العملي بالشعارات التي رفعتها، ولهذا تم اعتراف بالواقع من جانب أغلب أهل النظام إدراكاً منهم لأن الذي يتجاهل الواقع يتجاهله الواقع. هذه أمور ينبغي أن لا تغيب على فطنة اللبيب لأن من زاغ عنها هلك سياسياً.
    صاحب المنبر، فيما نقدر، هو من بين الذين ما زال في أنفسهم شئ من حتى. قال: "لست معنياً بالانقاذ بقدر ما أنا معني بالشريعة والهُوية في السودان الشمالي جميعه وفقاً لحدود 1956 وبالنظر إلى ما حصل عليه قرنق من تنازلات مُدهشة ثم إلى ضعف الساحة السياسية في الشمال وتشرذمها وبروز قرنق كبديل وحيد مسنود من قوى اليسار والعلمانيين والقوى العالمية المعادية لهُوية السودان العربية الإسلامية" (الصحافة، 25/6/2004). هذه الأُطروحة لا تعبر عن غلط وقع فيه صاحب المنبر، والغلط هو إخطاء وجه الصواب، وإنما هى أغلوطة، والأغلوطة باطل مغلف. مثلاً، التنازلات التي أدهشته لم تُدهش الذين قاموا بها من أخوة له في الله والوطن والتحزب لأنهم أدركوا أن للسلام ثمناً، وأن مكان تحقيق السلام الروماني هو ساحات الفداء وليس نيفاشا. أما تشرذم القوى السياسية في السودان الشمالي ـ إن صح ـ فهو أمر لا يتحمل مسئوليته قرنق، ويدرك دواعيه المبشرون في وسائل الاعلام المرئي والمسموع بحل الأحزاب ثم تلقيح الصراعات بين عناصرها. يُدهشنا أيضاً ايحاء القطب الإنقاذي أن قرنق سيبرز كبديل وحيد لكل قوى الشمال، أكثر من اندهاشه من التنازلات المدعاة لقرنق. فقرنق سيكون له شركاء في الشمال، أو يظن أن هؤلاء جميعاً سيكونون كماً مهملاً إلى جانبه. هذا تلبيس.
    حاشا أن ننكر على صاحب المنبر أن يكون له رأي مناهض للإتفاق، كما ليس هو الوحيد الذي لم يَرُق له الاتفاق ويعجبه. غيره كُثرٌ أمعضَ بعضَهم الاتفاق، وأثار في بعضهم الآخر غيرة. إلا أنا لا نرى في سلوك هذا النفر ما يشي بأنهم ذهبوا إلى تغليب الطموح الشخصي على المصلحة الوطنية. ومصلحة الوطن تفترض أن لا تغليب لمصلحة الفرد على مصلحة الجماعة، ولا تغليب للخاص على العام إلا فيما يقضي به الحق الطبيعي، ولا ايثار لمصلحة حزب على مصلحة الأمة إن تعارضت المصلحتان. الشخص يَعرِف نفسه ويعرفه الناس، والحزب يَعرِف نفسه ويعرفه الناس، ولكن ما هو الوطن؟ ما هو لا بالمعنى الجغرافي، وإنما بالمعنى السياسي والثقافي. لقاءات نيفاشا لم تكن لقاءات بين المفاوضين للتعرف على بعضهم البعض، وإنما كانت أيضاً لتحديد معالم الوطن الذي نتحدث عن وحدته، وللتوافق على حد أدنى للحفاظ على تلك الوحدة. قال قرنق إن الأشهر التسعة الأخيرة التي قضاها الطرفان في منتجع ـ أو بالحري محبس ـ نيفاشا تمثل عاماً أكاديمياً كاملاً يستاهل معه الطرفان الحصول على اجازة علمية. ووصفها النائب الأول علي عثمان أنها كانت مدرسة، قال إنه تعلم منها الكثير. ونحن أيضاً تعلمنا منها أشياء دون أن يلغي أي واحد منا وجوده. تعلمنا كيف تكون المحاياة بين الفرق والجماعات بتقليص الفروق وتكثيف الجوامع في الوطن الواحد، هذا أن أردناه حقاً وطناً واحداً يتسع للجميع.
    أصحاب المنبر يعبر عن الأزمة التي يعيشها دعاة الأجندة القصوى. يريدون اليوم تطبيقها في السودان الأصغر بعد أن ثبت استحالة تحقيقها في السودان الأكبر. يريدونها أيضاً اسلامية خالصة بفهم منغلق للاسلام يجعل الشمال لا يتسع لغيرهم حتى للإسلاميين الذين لا يرضيهم فقه التعسير. هذه، وأيم الحق قرمطية جديدة، والقرمطية دهماوية دينية. لهذا يحق لوراق، ويحق لحاج حمد، ويحق للذين أدركوا أن للسلام ثمناً مستحق الدفع أن ينبروا لمناهضة هذا الجهلوت. لقد ولى عهد التكفير وجاء عهد المحاياة والتفكير.
    من التعسير المفتعل رمى صاحب المنبر لنا بالعلمانية وبصورة تذكر المرء بهوس الستينات حيث كانت العلمانية مرادفاً للإلحاد. لن أعود لما كتبت حول الموضوع في مقالاتي وكتبي العديدة، فليس هذا مجاله وإنما أتوقف عند أمرين عارضين. الأمر الأول هو أن النظام السوداني القائم المنتسب للإسلام يكاد يكون أول نظام في الوطن العربي تبنى العلمانية السياسية. ففي دستور 1998 أُلغى النصُ على دين الدولة وهو نص كان قد ورد في مشروع الدستور الإسلامي 1968 كما أُلغى النص القائل أن يكون رئيس الدولة (الإسلامية) مسلماً الذي ورد أيضاً في مشروع الدستور الإسلامي 1968 هذان النصان (الإسلام دين الدولة وأن يكون الرئيس مسلماً) يترددان في كل الدساتير العربية باستثناء الدستور اللبناني. وقد جعل دستور 1998 من المواطنة (دون اعتبار للدين) أساساً للحقوق والواجبات. هذه اشارات وتنبيهات لا نذكرها انتقاصاً من اجتهاد الفقيه الذي أفتى بتلك التعديلات، ففي الفتوى استبصار جيد للواقع، وتقدير سليم لمقاصد الشرع. نورد الإشارات والتنبيهات لنبين التناقض الذي يعيشه البعض ويريدون إسقاطه علينا جميعاً. تناقض بين تصلب فكري معلن وواقع ماثل لا يقبل التصلب، وبين لغة جهادية عارية العنافة وخطاب رصين يمهد لوفاق شامل، وبين استعداء لا يقود إلا لاستئصال الآخر، واتفاقات تؤكد روحها عزوفاً عن الإقصاء المتبادل لأن الإقصاء إن تلاقت أطرافه خرج منه الجميع خاسرون، وبين اتهامات قروسطية جزافية بالكفر، وسعي للتشاور والتفاكر حول توسيع مساحة حرية الاعتقاد.
    قلت إن هناك دولاً إسلامية اتسعت لغير المسلم حتى أخذ غير المسلم يفاخر بالإنتماء إليها. هذه الدول ليست بالقطع هي الدولة التي يبشر بها صاحب المنبر لأن مبتغاه في الحقيقة هو فصل الجنوب بعد أن عجز عن إخضاعه بالقهر واستئلاف أهله بالرشا، ثم الاستئثار بالشمال ليقيم فيه القرمطية الجديدة. تذكرت قصة الدكتور ميلاد حنا وهو من أكثر أقباط مصر اهتماماً بالشأن الوطني في بلد أغلب أهله مسلمون. قاد ميلاد تظاهرة ضد الرئيس السادات عندما أعلن أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة فاودعه السادات السجن. في تلك التظاهرة قال ميلاد: "نريد رئيساً مصرياً لدولة مصرية". ميلاد حنا هذا هو وريث مكرم عبيد الذي كان يقول في زمان لم يميز أهله بين المواطنين على أساس الدين: "أنا مسلم وطناً وقبطي ديناً". في ذلك الزمان كان الشعار الرسمي لحزب الوفد هو تلاحم الهلال والصليب. أويفهم دعاة الشقاق والتمزق ما نعنيه بالإسلام الذي لا يحتمل فقط بل يستوعب غير المسلم؟
    الأمر الثاني الذي أريد استذكاره حول العلمانية هو النموذج الهندي. كنت قد سألت الأستاذ علي عثمان غداة اختيار سونيا غاندي لما ينوهن سنغ كرئيس للوزراء في دولة الهند التي يرأسها (رئيس الجمهورية) العالم المسلم عبد الكلام. قلت متى سنكون كالهند؟ قال "نحن على الدرب سائرون". ما عنيته بالسؤال لا شأن له بالرموز والكلمات الشفرية: دولة دينية، دولة علمانية، دولة ثيوقراطية. مدلول السؤال ببساطة هو: متى نستطيع التصالح مع النفس ونتجاوز التراتبيات الاجتماعية والسياسية التي فرضناها أو افترضناها مع فرط حديثنا عن الوطن الواحد، وإسرافنا في ترداد شعارات مثل "الوطن للجميع"، "المواطنون متساوون في الحقوق"، "المواطنة أساس الحقوق". فعندما يصبح في دولة مثل الهند يبلغ عدد سكانها أكثر من بليون نسمة، ويبلغ عدد الناخبين المسجلين فيها أكثر من ستمائة مليون يمارسون حقهم الانتخابي دورياً وبانتظام منذ الاستقلال، المسلم الذي لا تمثل جماعته 10% من السكان رئيساً للجمهورية، ويصبح المواطن المنتمي لطائفة السيخ (2% من السكان) رئيساً للوزراء في نفس العهد، الا يتوجب علينا أن نخجل قليلاً من أنفسنا ونحن نردد ما نردد من شعارات حول المواطنة ووحدة الوطن، في ذات الوقت الذي يكون فيه أهم موضوع للنقاش في منتدياتنا السياسية هو احتمال وصول مواطن غير مسلم لسدة الرئاسة.
    في معرض التخليط الاستعدائي تناول صاحب المنبر إشارتنا لما ورد على لسان قطبي المهدي حول الأندلس. قطبي رجل لم التقه إلا على صفحات الصحف، ولم يصدر منه ما يسئ إلى كما لا أعرف عنه ما يحملني على الإساءة إليه. كل ما عنيت في حديثي لـ «الرأي العام» بالتعقيب على حديثه الرمزي حول الأندلس أمرين. الأول هو شجب الترميز الذي يوحى أن في السودان قوميتين، عربية وأفريقية. فالأندلس هذه لا ينتمي لها بالقطع الدينكا والفور والنوبة والنوبيون، من القبائل غير الشمالية، وربما استثنيت من أولئك الفونج الذين يزعمون أنهم من بني أمية مما يجعلهم أقرب لعبد الرحمن الداخل من المهندس العربي القُح ومن قطبي المهدي ومن العباسيين أمثالنا، أو هكذا يقول عنا أهلنا. ما أغنانا عن كل ذلك التفاخر غير المُجدي، فنحن سودانيون وكفى، أياً كانت أصولنا. ثم أن هذا التمييز بالأعراق بين أهل الوطن الواحد قد يقود لا محالة إلى تطرف عرفته مصر من غلاة آخرين ذهب ريحهم، أولئك هم الذين كانوا يقولون إن مسلمي باكستان أقرب إلينا من مسيحيي مصر، ومسيحيو مصر هم القبط أهلها الاصليون. لم أخل مطلقاً أن هذا هو ما رمى اليه قطبي، وإنما هو بالقطع ما يوحي به حديثه. الأمر الثاني هو إبانة خطورة أوهام الحق التاريخي، جاءت من عرب السودان، أو عرب الشام ورثة تيجان بني عبد شمس الذين فتحوا الأندلس وشادوا مجدها. فدول العالم كلها نتاج هجرات وغزوات، ولو أصبح كل منا يتباكى على ما فقد من فردوس ويتمنى أن يُرد اليه فلن يبقى وطن على حاله في العالم. لقد احتلت روما نصف العالم القديم ثم فقدته ولا أحسب أن أحفاد جاستينيان يتباكون اليوم على فراديسهم المفقودة. وتمددت فارس حتى البحر المتوسط ولن نسعد كثيراً إن تحدث الفرس اليوم عن فراديسهم المفقودة في أرض العرب بدءاً من سُر من رأي، لا سيما ونحن نستنكر عليهم حتى النسب الرمزي لمجرى الماء المتوغل في اليابس، الذي ظلت كل أطالس الجغرافية ـ بما فيها الأطالس العربية ـ تسميه الخليج الفارسي إلى ما قبل ارتفاع راية "أمة واحدة من المحيط إلى الخليج". وفي التاريخ الحديث كان لبريطانيا فردوس هو الهند درة التاج، وكان لفرنسا فردوس هو الجزائر. وما زالت الهند تتحدث الانجليزية بجانب لغاتها الكُثر وتلعب أيضاً الكريكيت وتهزم فيه بريطانيا. وما زالت الجزائر تتحدث الفرنسية مع عربيتها وأمازيغيتها وتلعب التيرسي (Tierce ) كل يوم أحد. مع ذلك، أيُحِلُ هذا للبريطاني أو الفرنسي ـ إلا على مستوى الشوق والحنين ـ الحديث عن استرداد الفردوس المفقود ولو من باب التمني.
    وكان لينين يقول يوم أن أشاد إمبراطوريته السوفيتية إن أوكرانيا هي رأس روسيا فان اقتطعت منها فقدت روسيا رأسها. مات لينين، وتمزق الاتحاد السوفيتي، واستقلت أوكرانيا دون أن تفقد روسيا رأسها، ولكن ما زال بين الروس حتى اليوم من يعاوده الحنين لذلك الرأس المقطوع. أقرب أن تسترد روسيا رأسها المقطوع من أن يسترد صاحب المنبر أو أحفاد بني عبد شمس فردوسهم المفقود.
    النقطة الأهم من كل هـذا هى أن أكثــــر دول العالم اليوم ابتناءً لحقها في الوجود على الأوهام التاريخية هي دولة إسرائيل. أو هــل هذه هي الصحبة التي يتمناها لنفسه وريث عبد الرحمن الداخل عندما يقول إن منصور خالد بتعقيبه علــى ما جاء على لسان قطبي "يصر على أن يبصق على هويتنا وتاريخنا" (الصحافة 15/6/2004).
                  

العنوان الكاتب Date
ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-03-04, 05:32 PM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد Shinteer07-03-04, 06:10 PM
    Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد Shinteer07-03-04, 10:10 PM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد عبدالماجد فرح يوسف07-04-04, 01:16 PM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-04-04, 05:38 PM
    Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد محمد حسن العمدة07-04-04, 06:54 PM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-05-04, 01:34 AM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-05-04, 01:49 AM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-05-04, 03:44 AM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-05-04, 03:54 AM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-05-04, 03:57 AM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-05-04, 03:58 AM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-05-04, 04:00 AM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-05-04, 12:20 PM
    Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد Agab Alfaya07-05-04, 07:46 PM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-05-04, 09:14 PM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-06-04, 09:52 AM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد Amjad ibrahim07-06-04, 10:52 AM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-07-04, 01:15 AM
  ويل للتكفيريين .. Yasir Elsharif07-07-04, 05:17 AM
  Re: ويل للمتربصين- الي صاحب المنبر المريب- مقال لد/منصور خالد ahmed haneen07-07-04, 10:20 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de