|
Re: جزيئات الماء تحس، ولها ذاكرة.. باحث ياباني.. (Re: Yasir Elsharif)
|
لقد كانت آخر كتابة كتبها الأستاذ محمود عبارة عن ديباجة لكتاب أسس دستور السودان الذي طبع لأول مرة في عام 1955.. وقد تحدث الأستاذ في الفقرة 13، من تلك الديباجة عن البيئة التي نعيش فيها، ووصفها بأنها بيئة روحية ذات مظهر مادي.. وهذا الكلام يعني فيما يعني أنها بيئة عاقلة، بمعنى لها إدراك معين، وليست بيئة صماء كما يخيل لنا.. أرجو أن نقرأ كلام الأستاذ محمود في تلك الفقرة:
"13"
إنما من أجل التواؤم بين حياة الحي البشري، و بين البيئة، نشأ الدين، و نشأ العلم المادي، ونشآ كتوأمين، في وقت واحد، كما سبقت إلى ذلك الاشارة.. ثم نشا المجتمع، فعمق معني الدين، وطور العلم المادي .. و لقد ظلت البشرية، في طول عمرها، تسير علي رجلين من روح، و من مادة.. و هي لم تستغن، في أي وقت من أوقاتها، عن أي رجل من هذين الرجلين.. و كل ما هناك أنها كانت، في سيرها، تقدم رجل الروح تارة، و رجل المادة تارة أخرى .. كما يفعل الإنسان حين يسير علي رجليه من يمين و شمال .. والآن فان البشرية قد قدمت رجل الروح في القرن السابع.. ثم أخذت تتهيأ لتقديم رجل المادة، من ذلك الوقت البعيد .. اليوم العالم مادي .. و حتى المتدينون من يهود، ومن نصاري، ومن مسلمين، ومن غيرهم من الملل، والنحل، إنما يظهرون التدين، ويبطنون المادية .. أسوأ من ذلك !! فان أغلبية المتدينين إنما يتوسلون بالدين، و يستغلونه، للمادة.. و لقد تطور، بفضل الله، ثم بفضل الصراع بين الأحياء البشرية، السلاح، من مستوي السلاح الحجري، حتى وصل القنبلة الذرية، علي يد علماء العلم المادي التجريبي المعاصرين .. وبمحض الفضل الإلهي، فإن العلم المادي التجريبي قد أعان البشرية علي مزيد من التعرف علي البيئة التي نعيش فيها، و ظللنا، طوال حياتنا الطويلة، نتوق إلى التعرف عليها .. لقد أظهر العلم التجريبي، بانفلاق الذرة، أن المادة، بصورها المتعددة، كلها وحدة.. بل لقد اظهر أن المادة التي نعرفها فيما مضي، ونلمسها، ونحسها بحواسنا، أو ندركها بعقولنا، ليست هناك، وإنما هي طاقة، تدفع، و تجذب، في الفضاء .. ويعرف العلم المادي التجريبي هذه الطاقة، و لكنه يجهل كنهها .. بل إن كنهها لا يدخل في نطاق تجاريبه .. ولا هو يدعي أنه سيدخل، يوما ما، في نطاق تجاريبه .. و حين تطور العلم التجريبي المادي حتى رد المادة في جميع صورها إلى أصلها الأصيل في الوحدة ـ في الطاقة ـ تطور توأمه الدين، حتى لقد وصل بتصعيد التوحيد إلى رد كل المناشط البشرية، و الطبيعية، في العوالم المنظورة، و غير المنظورة، إلى اصل واحد .. إن العالم جميعه، ماديه، وروحيه، إنما هو مظهر الله الذي خلقه، وقدره، و سيره.. علي ذلك اتفق إنجاز العلم المادي التجريبي، و العلم الروحي التوحيدي .. بإيجاز فان البيئة التي نعيش فيها اليوم، و ظللنا نعيش فيها في عهودنا السحيقة، ونحاول التعرف عليها، بكل وسائل البحث، و التقصي، قد انكشفت اليوم، بفضل الله علينا و علي الناس.. أنها ليست بيئة مادية كما توهمنا ـ بمعني المادة التي نألفها ـ و إنما هي في الأصل بيئة روحية ذات مظهر مادي .. هي ذات الله متنزلة إلى حياته، ثم متنزلة إلى علمه، ثم متنزلة إلى إرادته، ثم متنزلة إلى قدرته .. فبعلمه الإحاطة، و بإرادته التخصيص، و بقدرته التجسيد .. وبالتجسيد جاء المظهر المادي، بمعني ما اصطلحنا عليه من معني المادة .. فلما فتت العلم التجريبي المادة، فردها إلى طاقة معروفة الخصائص، مجهولة الكنه، و صلنا إلى الإرادة الإلهية التي قهرت الوجود، و سيرته إلى الله .. إن العلم المادي التجريبي، والعلم الروحي التجريبي ـ التوحيدي .. اتحدا اليوم في الدلالة علي وحدة الوجود. لقد انفلقت نواة المادة فأحدثت دويا عظيما، و توشك أن تنفلق نواة الدين وسيُسمع لها دوي أعتى، وأعظم، من ذلك الذي أحدثته الذرة حين انفلقت.. والديباجة كاملة موجودة بهذا الرابط، http://www.alfikra.org/forum/viewtopic.php?t=19 وأنا سعيد جدا بأن كثيرا من الباحثين، من أمثال الأخ العزيز أسامة الخواض، يهتمون بفحص الفكرة الجمهورية وإخضاعها للدراسة وأتمنى له التوفيق في مسعاه..
|
|
|
|
|
|
|
|
|