علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 09:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-22-2004, 01:14 PM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟!


    الزملاء الأعضاء والمتصفحون..

    هذه مساهمة من المستشار علي التوم كان من المفترض انزالها في وقت سابق..

    رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟!

    بقلم علي التوم
    مستشار التنمية والسياسات الاقتصادية

    مقدمة:

    نقلت وسائل الاعلام داخل السودان وخارجه نبأ زيارة وفد من علماء الأسلام السودانيين لكينيا ولقاءاته بثنائي الحكومة والحركة في ضاحية نيفاشا..
    ......عند سماعنا للخبر لأول وهلة، وقبل أن تتجلي صورة الوفد علي شاشات التلفزيون ويُعلن مقدموا البرامج أسماء أعضائه، ظننّـا من الصيغة المعمّمة التي أذيع بها الخبر بأنه وفد من الأطباء والمهندسين والزراعيين والبياطرة وأساتذة الجامعات وغيرهم من المهنيين وذوي التخصّصات العملية ممن ذهبوا الي هناك بهدف مواصلة مشوار السلام والاسهام في استبيان برامج وأسبقيات إعادة التاهيل والأعمار في الجنوب والمناطق الأخري المهمّشة والمتأثرة بالحروب. فتبيّن لنا بعد إعلان الأسماء والكيانات الدينية المنتمية اليها أنه وفد من رجال الدين الأسلامي "والدكتورة سعاد الفاتح البدوي". لم يقلل ذلك من اهتمامنا بالوفد وبمقاصده بل، علي العكس، زاد اهتمامنا به في ضوء تلك المرحلة الحرجة التي تمّر بها المفاوضات الثنائية.

    مصداقية وجدوي وفد العلماء الزائر:

    لعلـّه من الصعب تفسير أو قبول فكرة زيارة ذلك الوفد في خضم تلك المرحلة من المفاوضات إلا بشئ واحد وهو محاولة غير موفقة لاستعراض العضلات دعماً وتأييداً لطرف الحكومة المفاوض وإعطاء رُعاة وشركاء المفاوضات الانطباع بأن وفد الحكومة يحظي بتأييد أغلبية أهل الشمال، خاصة وان أجهزة الاعلام الرسمية قد أعلنت بأن الوفد يضمّ فيمن يضمّ ممثلين عن الحزب الاتحادي الديموقراطي وحزب الأمة من غير التوضيح الواجب والواقع بأن تلك ماهي إلا الاحزاب المنشقة من أصولها "والمتوالية" مع حكومة الانقاذ. ومن جهة أخري ربما كان من بين أهداف زيارة الوفد إظهار "العين الحمراء" للطرف الثاني وتخويفه وإجباره علي المزيد من التنازلات في القضايا التي إحتدم فيها الخلاف. ولعلّ ذلك كان واضحاً من خلال سطور الخطب والتصريحات التي جادت بها قريحة بعض أعضاء الوفد . وتغلبت السماحة والاريحية وطيب الخلق عند بعضهم فركزوا في خطبهم علي إحتمال الاسلام للرأي الآخر وهو التعبير الذي صاغته النظم الشمولية تحت ضغوط المطالبة بالديموقراطية العادلة والمتكافئة الحقوق والواجبات..!

    المعايير المنهجية والعقلانية لتوصيف العلم والعلماء:

    قبل نحو سبع سنوات التقيت في القاهرة بعالم أمريكي مسلم من أصول افريقية جاء في زيارة دراسية وبحثية للجامعة الامريكية بالقاهرة. قال لي ما معناه أنه درس تاريخ الاسلام حتي حصل علي إجازة الدكتوراه من جامعة امريكية ذات مكانة اكاديمية رفيعة وأضاف ان الفرص من زيارته لمصر ولدول عربية واسلامية أخري هو البحث عن إجابة لسؤال ظلّ يحيّره لفترة طويلة وهو لماذا تقدّم الغرب في العلوم والتكنولوجيا وتخلّفت الدول الاسلامية برغم أن الغرب كان قد أخذ عن العالم العربي والاسلامي اسس ومبادئ أغلب العلوم.

    التقيت بالامريكي العالم مرتين او ثلاثة كان حوارنا يدور خلالها حول هذا السؤال. وبرغم أن الموضوع لا يقع في دائرة معارفي او تخصصي، فقد حفزني علي التفكير مستفيداً من ما تيسر لي من قدر قليل من تاريخ السودان ومن أدوات جدلية البحث العلمي. وعندما سألني الباحث الامريكي عمّا إذا كنت قد وجدت له مفتاحاً لسؤاله الباعث علي حيرته، قلت له لا تفسير عندي لتخلف العرب والمسلمين عن ركب العلم والتقدم قياساً بما حققه ومايزال يحققه الغرب إلا بدخول من الانكفاء علي الذات ومن ارثوديكسية الاسلام في عهود مظلمة (Dark ages) الفهم والتفسير للدين بنهج غلب عليه الجمود والتحجّر. وفي كثير من الأحيان زاد من سلبيات ذلك الجمود الفتوحات الاسلامية في بلاد كانت أكثر تقدماً حضارياً من بلاد العرب مثل بلاد فارس وبلاد الرافدين والهند والاندلسّ، وتركيا، وبدلاً من أن تحفز تلك البنيات الحضارية المسلمين للتفاعل معها بتطوير وتوأمة بل وقيادة الفكر الاسلامي المتطور لها، غلب علي الفاتحين لهم السلطة وانغمس بعضهم في ملذات الحياة وأجبروا علماء الدين علي تحسين وتزيين ما يخالف تعاليم الاسلام "فيلم سقوط قرطبة". وأضفت لضيفنا الزائر بأن أغلب بلاد الاسلام اليوم تسير علي نفس المنوال ، فهي لا تخضع الاسلام للسلطة فحسب، بل إنها تنتهج سياسات تعليمية لا تنتج إلا الجهلاء الذين ينكرون العلم وما التقدم عندهم إلا الراحات والإستهلاك البذخي الوارد من الغرب. وما يزال كثير من علماء الاسلام يكفرون من يقول بأن الأرض كروية.

    كتب لي ضيفنا العالم بعد فترة من عودته لبلده وبعد أن زار عدداً من الدول الاسلامية بعد مصر كان من بينها المملكة العربية السعودية وإيران والهند وباكستان وماليزيا وغيرها. واشكره علي كلماته الطيبة التي خطاني بها بعد عودته كما اشكره لأنه حفزني للمزيد من الاطلاع والبحث في هذا الموضوع.

    أعتذر للقارئ عن هذا الاسهاب في موضوع لقائي بالعالم الامريكي المسلم والذي حسبته موضوعاً ذا صلة مباشرة وحميمة في سياق ما يدور في السودان اليوم. فلنعد لموضوعنا عن معايير تحديد العلم والعلماء. فما هي تلك المعايير في ضوء ما حققه الاسلام من تجارب إيجابية وسلبية خلال الاربعة عشرة قرناً هجرياً.
    وبصفة خاصة في سياق التجربة السودانية تلكم المعايير في رأينا هي:

    أولاً:

    الفهم الدايناميكي والمتطور لمبادئ وتعاليم وقيم الاسلام في سياق مستجدات العصر مع الادراك التام للظروف والظرفية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي نزل فيها القرآن والتي تفاعلت وتعاملت معه الاحاديث النبوية الصحيحة إضافة إلي التقييم الموضوعي للفقه المقارن ولاجتهادات المجتهدين المتأثرة هي الأخري بالظرفية وبالمستجدات وبخصوصية الزمان والمكان.

    وثانياً:

    زهد العلماء والدعاة وتعاملهم مع جمهور المسلمين بالتي هي أحسن وعدم بيع دعاويهم وفتاويهم بالمال والجاه أو بالمزايا والمناصب خاصة إذا كان ذلك علي حساب عباد الله المستضعفين في الأرض.

    وثالثاً:

    الفهم لطبيعة وتركيبة المجتمع الانساني الذي يعيشون فيه ويتعاملون معه.

    ورابعاً:

    ان يفهم علماؤنا ويفسروا تفسيراً صحيحاً وقويماً قوله تعالي " وما اوتيتم من العلم إلا قليلا " " صدق الله العظيم ". وهو ما يعني أن آفاق العلم مفتوحة بلا حدود ، كما يعني أن إحتكار العلم أو جمود تأويلاته يضّر بالدعوة ويقفل باب الاجتهاد ويحول دون تطوير المجتمع بالأصالة والريادة وبجدلية الحركة التي تبنيه مجتمعاً نامياً وراشداً تسوده العدالة والطهارة وسؤددية القيم الانسانية لا النهب والسلب واستعباد المسلم للمسلم ولغير المسلم.

    أين "علماؤنا" من تلك المقاييس والمعايير؟

    نعم، اسمحوا لنا أن نقيّم وفد العلماء الذي شدّ الرحال الي كينيا في ضوء تلك المبادئ والمعايير . ومنعاً لأيّ شكوك في مقاصدنا، فإننا، تأكيداً منا لموضوعية المنهج والطرح ، لن نتطرق للأسماء او النعوت الشخصية. ففي رأينا أنه في ضوء تلك المعايير لا يوجد بين وفد العلماء المذكور اكثر من ثلاثة اشخاص ممن تنطبق عليهم تلك المعايير تطابقاً إيجابياً. أما البقية فهم، وبكل الأسف، ومع احترامنا لاشخاصهم كأفراد عُرفوا بالالتزام والاستقامة حيناً من الدهر، قد أضعفوا كثيراً من مصداقيتهم العلمية والقيادية بدخولهم في متاهات تسييس الدين الاسلامي والجنوح ، إن لم يكن الانحراف به إلي توجهات واهداف هي ابعد ما تكون عن مقاصده.

    فمن اولئك العلماء مثلاً من سمعناه قبل بضعة أشهر يقول عبر أجهزة الاعلام بلا أدني تحفظ او تحوّط أن كرة القدم مكروه لأنه يلهي الشباب عن ذكر الله .... أي والله هذا ما قاله "عالمنا" الهمام بالحرف الواحد. ومنهم من قال في ندوة تلفزيونية قادها الدكتور أمين حسن عمر بوصفه رئيساً لهيئة العلماء وعضو الوفد المفاوض باسم الحكومة في كينشاسا، قال زميله في تلك الندوة التلفزيونية بأن تولّي غير المسلمين لمناصب سياسية قيادية لا يجوز. لقد انبرينا لذلك الهراء بالنقد الموضوعي في حينه ، وكانت الأمانة العلمية تقتضي ان يردّ علينا عالمنا الهمام ولكنه لم يفعل حتي اليوم. أو كانت الأمانة تقتضي ان يعتذر عن الانضمام لوفد العلماء الذي جعله وجهاً لوجه مع زعيم الحركة الشعبية الذي تمّ الاتفاق معه ومع رفاقه سلفاً علي أن يتولي منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية خلال الفترة الانتقالية، وهو ما يعني بالطبع أن الدكتور جون قرنق او أحد رفاقه من المسيحيين سيواصل توليه لذلك المنصب ولمناصب قيادية أخري بعد الفترة الانتقالية، او المقام الذي سيكون له مقاله، مقام ديموقراطية الارادة الشعبية الكاملة غير المنقوصة، ديموقراطية العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بعيداً عن الهوس والشعوذة والغرض المسنود بوسائل أخري..! يومئذ سيتواري امثال هؤلاء من علماء الدين المسيّس وراء شعارات لا تمتّ لا للاسلام الحقيقي ولا للديموقراطية الشعبية بصلة، شعارات مثل "الشوري" وهي ديموقراطية المجتمعات القبلية والعشائرية ومجتمعات النبلاء التي سادت قبل الاسلام، ومثل "الرأي الآخر"، الشعار الذي لا يحتاج لكثير عناء لفهم أن القصد منه أن هنالك رأي أساسي ذو صفة متميزة وقوّة حقوقية طاغية، وما "الرأي الآخر" بجانبها إلا حق لشخص من الدرجة الثانية ، وربما الثالثة.... والاعاذة بالله. إن استمرار ترديد تلك الشعارات والمفاهيم لا يعني إلا الاصرار علي السلطة والتسلّط باسم الاسلام وبمباركة زمرة العلماء السياسيين، ولا يعني في سياق المفاهيم المدسوسة علي الاسلام إلا التسلط السياسي والتغوّل علي حقوق الناس.

    لقد آن الأوان للتمييز بين العلم و الجهل:

    كنا نأمل أن تنأي القلّة الخيرة من العلماء والملتزمة بقيم الاسلام الحق ، وهم الذين استثنيناهم في مستهل هذا المقال، أن تنأي بنفسها عن دعاوي الباطل وان تدثرت في ثياب الحق. وبقدر معرفتنا للآلاف من دعاة الحق بالحق ، ظللنا نرصد الكثيرين من دعاة الحق بالباطل ممن لم يكونوا ليتجرأوا علي المجاهرة بدعاوي الباطل لولا السلاح والمال الذي يوفر لهم الحماية. فكم قبلهم من صالوا وجالوا باسم العلم والدين في زيف مفضوح. من اولئك ذلك "العالم" حامل لقب الدكتوراه الذي كان يقول للرئيس جعفر نميري عندما يزوره "لا تجلس يا ريّس علي هذا الكرسي ولا تسمح للأخرين بالجلوس عليه لأنه كرسي الملائكة وهي وحدها التي ينبغي ان تجلس عليه ......." كان ذلك العالم الهمام هو وزير الزكاة الذي بطلت مزاعمه وانفضح جهله عندما كانت فحوي اوراق اعتماده كوزير أن حصيلة الزكاة وحدها كفيلة بتغطية نفقات الدولة واحتياجاتها ، بل ان تلك الحصيلة ستفيض عن احتياجات الدولة . وحدث إفلاس الدولة التاريخي في أقل من ستة اشهر من تولي العالم الهمام لمنصبه.

    وهناك مقعد شاغر في وفد العلماء لمفاوضات نيفاشا كان ينبغي ان يملأه العالم الآخر والخريج الجامعي الذي أمر ذات يوم بتحطيم تماثيل فنية من إبداعات طلبة وطالبات المعهد الفني في بداية عهد الأنقاذ، أمر بتحطيمها بدعوي أنها أصنام مستبقاً بذلك جماعة طالبان في أفغانستان.

    وثمة مقعد شاغر آخر في وفد العلماء كان ينبغي أن يكون من نصيب أحد ممن تعاقبوا علي وزارة التربية والتعليم، ذلك الهمام الآخر الذي وجّـه بجعل سورة المجادلة من بين مقررات اطفال السنة الرابعة في مرحلة التعليم الاساسي "عمر 9 سنوات"، فتبيّن أنهم لا هم ولا حتي مدرسيهم يستطيعون تفسير أغلب آيات السورة. هذا بالاضافة الي أن ما يزيد علي 45 بالمائة من مقررات التعليم الاساسي قرآن وفقه مع ترك باقي المقررات لجميع العلوم الأخري من غير أدني أهتمام بالقدرة الاستيعابية لأطفال مرحلة الأساس للعلوم التي تمثل المداخل لمناهج التنمية والتحديث والتقدّم.

    وتمتد المناهج غير المتوازنة لتخريج علمائنا الي التعليم الجامعي . فلقد بلغنا ونكاد لا نصدق بأن الخريج الجامعي من أي كليّة علمية "طب- هندسة- زراعة- بيطرة- علوم الخ" لا يحصل علي شهادته الجامعية إلا بعد أن يجتاز إمتحاناً كثيف المواد في تعاليم الدين الاسلامي.

    والشئ بالشئ يُذكر:

    وبمناسبة وفد العلماء موضوع حديثنا هذا، من حقنا أن نسأل ابن العم السيد وزير العدل عن قانون الثراء الحرام و "من أين لك هذا؟" .... القانون الذي وجّـه سيادته بتحضيره قبل نحو ستة أشهر . هل وصل مشروع القانون للمجلس الوطني "البرلمان"، أم هل وضعت عليه "ثقّـالة" "خلّوها مستورة". لقد ظللنا نترقب صدور ذلك القانون لعدد من الأسباب من بينها معرفة رأي بعض علماء الانقاذ فيه؟!

    الرجوع الي الحقّ فضيلة:

    ان القضايا التي تواجهنا نحن السودانيين كثيرة ومشحونة بالتحديات أما هرولة الوفود الي نيفاشا باسم الدين الاسلامي وبغيره فلن تجدي ولن تساعد في حلّ تلك القضايا بل ستزيدها تعقيداً. ولقد كان الدكتور جون قرنق ذكياً وبعيد النظر عندما أصغي الي وفد العلماء بأدب وأحترام وعندما تجاوب مع امانيهم ومقاصدهم بما يُشبه الموافقة والتوافق. والذين يرون في تلك الاستجابة المهذبة نهاية المطاف واهمون علي أحسن الفروض. فغاية الدكتور قرنق سودان ديموقراطي كامل ومتكامل الحقوق والواجبات بالعدل والمساواة بين جميع مواطنيه من غير وصاية أو تفريق بين الاول والآخر. وليس لدينا شك في حرصه وأغلب رفاقه علي وحدة السودان الديموقراطي ولكنهم يملكون بين ايديهم وبضمانات إقليمية ودولية حق الانفصال في حالة عدم حصولهم علي حقوقهم الكاملة بالحق والفعل لا بالخطاب الممسوخ والمعلن باسم الاسلام كما ورد في خطب بعض أعضاء وفد العلماء. إن دكتور قرانق وشعبه أذكي وأكثر تعلماً من تجارب الماضي من أن تنطلي عليهم تلك الأراجيف الملبّسة بالعبارات المعسولة.

    ......... فاتقوا الله في دينكم وفي شعبكم ووطنكم ياهؤلاء. وثقوا بأن الشعب السوداني في الشمال قبل الجنوب لن يفرّط في حقوقه أو يسمح بأن تُغيّب عليه مصالحه باسم الدين او بغيره . أما إن كنتم تشككّون في مقدرة الشعب علي كشف الحق من الباطل فتعالوا نحتكم اليه بلا تسلّط او مواربة، ومن غير ابتزاز أو تخويف باسم العقيدة ولنطرح له في إستفتاء صريح السؤال المحوري الآتي:

    " هل يحكم السودان حُكماً ديموقراطياً عادلاً وسوياً بالجمع بين أحكام الدين وسلطة الدولة أم بالتفريق بينهما مع إعطاء كلّ منهما مكانته الكاملة من غير وصاية من أحد او بإدعاء منه بالعلم والمعرفة اكثر من الآخرين، فإذا قبل أهل الانقاذ مبدأ الاستفتاء يمكننا الاتفاق علي شروطه وآلياته. وكنا قد ضمّـنا الاقتراح بالاستفتاء حول مستقبل الحكم في السودان في خطاب وجهناه للسيد رئيس الجمهورية قبل أكثر من شهر وها نحن نعيد تقديم الاقتراح اليوم. فإذا كان عند اهل الانقاذ الثقة في نظامهم وخطابهم وثوابتهم التي حكموا بها السودان نحو خمسة عشر عاماً، قليقبلوا الاقتراح ويعملوا مع الآخرين علي إنقاذه ، والا فليتحملوا المسئولية التاريخية ، مسئولية مصير السودان. والأمر المحوري الذي ينبغي ان يفهمه أهل الانقاذ جيداً هو أن معادلة مشاكوس/ نيفاشا، بقي السودان في وحدة هلامية او تجزأ، ستؤدي الي نهاية الانقاذ بلا ادني شك.

    أما الحزبين التقليديين المستندين إستناداً عضوياً علي السند الطائفي والعشائري وشبه الاقطاعي فعلي قياداته أن تحدّد موقفها بوضوح وشجاعة من علاقة الدين بالسلطة والحكم. وقبل هذا وذاك علي هذه الاحزاب ان تراجع تاريخ ومنهجيات تعاملها مع السياسة السودانية باسم الديموقراطية وأن تنتقد مساراتها نقداً ذاتياً موضوعياً وان تستفيد من تجاربها وتجارب الانقاذ، وأن تستشف نبضات قواعدها المستمدّة من تلك التجارب وأن تتسلح بالشجاعة والأمانة والصدق في رسم وتطوير سياساتها المستقبلية . وفي غياب هذا المنهج الواقعي او ترددها في الاخذ به، علي تلك الأحزاب ألا تضيع وقتها ووقت الآخرين ظناً منها ان الحكم والسلطة ستأتيها في طبق من ذهب كما كانت تأتيها من قبل. فالأجدر بها في هذه الحالة أن تتحالف مع الانقاذ من غير إدعاء للخلاف والمخالفة وأن تتحمل مع سياسيه وعلمائه مسئولية ما سيقرره الشعب صاحب المصلحة في السودان الديموقراطي المتقدم بالمساواة والعدالة.

    وتتواصل دعوتنا لمؤتمر وطني جامع بهدف الحوار المفتوح، المؤتمر الذي يضمّ رجال السياسة والدين من كل طيف وكلّ لون..... المنبر الذي تُطرح فيه جميع القضايا ذات الصلة بمستقبل الوطن وبصفة خاصة علاقة الدين بالسياسة والسلطة. وليفهم علماء الانقاذ جيداً، من شدّ منهم الرحال الي نيفاشا او من بقي في انتظارهم بأننا لن نسمح لهم باحتكار الفكر الاسلامي مهما حسنت النوايا. وأن الحكم بيننا هو الشعب السوداني الذي سيستردّ حقوقه في نهاية المطاف.

    وإلي ان تتهيأ الظروف لذلك الحوار المفتوح والهادف نأمل ان يبذل علماء الانقاذ جهداً واضحاً في نُصح قياداتهم السياسية بأن يطفئوا ما أشعلوه من نيران في شرق السودان وغربه وأن يضعوا حداً للاحتراب الذي تكشفت طبيعته الاثنية وقتل المسلمين للمسلمين لكلّ العالم الذي يبرهن كلّ يوم انه أحرص منا وبحق وصدق علي تأكيد حقوق الانسان والدفاع عنها . ونأمل صادقين وافوياء لشعبنا بأن لا يأتي اليوم الذي نردّد فيه قول الشاعر العربي:
    "امرتهم أمري بمنعرج اللوا
    فلم يستبينوا النُصح حتي ضُحي الغد"

    اللهم قد بلّغنا اللهم فأشهد.

    القاهرة في-5يونيو 2004م
                  

العنوان الكاتب Date
علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟! Raja06-22-04, 01:14 PM
  Re: علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟! Raja06-23-04, 12:15 PM
    Re: علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟! degna06-23-04, 03:27 PM
      Re: علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟! Raja06-24-04, 10:31 PM
  Re: علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟! bushra suleiman06-25-04, 09:05 AM
  Re: علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟! Yasir Elsharif06-25-04, 11:04 AM
  Re: علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟! Raja06-26-04, 03:37 PM
  Re: علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟! لؤى06-26-04, 06:21 PM
    Re: علي التوم: رحلة علماء الانقاذ الي نيفاشا: دعوة حق أم صيحة مغلوب؟! Raja06-27-04, 04:09 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de