الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-29-2024, 09:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-07-2008, 02:36 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    --------------------------------------------------------------------------------

    from sudanile




    النُخَب الإنقاذية المُتأسْلِمة !

    من أين أتى هؤلاء ؟ وإلى أيّ دوامة إنحدروا ؟

    (الحلقة الأولى)

    أحمد الأسد/باحث/اقتصادي
    [email protected]

    [email protected]

    مكن إنقلاب يونيو 89 طغمة من العسكريين والمدنيين من الإستيلاء الفوقى على السلطة بدعوى الحاكمية لله وإعادة بناء دولة يثرب الرسالية. وأمسكت نخب الإنقاذ بمفاصل جهاز الدولة عسكرياً وأمنياً وأحكمت قبضتها على الوسائط الإعلامية والموارد المالية والمراكز المؤسسية والمنابر الدينية والنظام التعليمى والخدمات الأساسية.



    أصابت ضربة الإنقاذ القاضية قوى المجتمع السودانى يمينها ويسارها بشلل إرتعاشى إستعصى علاجه على الأمصال التقليدية: الإنقلاب المضاد والعصيان المدنى والإنتفاضة المحمية بالسلاح وإسترداد السلطة بإستنفار الجماهير وبأضعف الإيمان حصراً – الصحوة الإسلامية لتجييش إحتياطى الطوائف الدينية. إستخدمت الإنقاذ وسائل بطش وقهر ورثت بعضها من الإنظمة الشمولية السابقة وأنتقت أفظعها فتكاً من ممارسات سلطات عربية إسلاموية. وإستنجدت الإنقاذ بنخب قياداتها المفعمة بالحقد والكراهية ونزعات الهوس الدينى وأستعانت بنخب المتعلمين والمتاجرين بالدين وأفرغت مرافق الدولة والمجتمع من رأس المال البشرى المكتنز تاريخياً بالمعرفة والكفاءة وحسن الأداء. ولم يقتصر التفريغ وإعادة الشحن - تسريعاً لمهمة التمكين - على محاور المراكز المُسيٍّرة للدولة والمؤسسات بل تفشت أورامها فى أوصال الأحزاب السياسية والهيئات المهنية وهياكل الإدارات (شراء الهاربين من أحزابهم وبناء نقابات المنشأ وتنصيب المؤهلات الولائية وتعيين الولاة وإنتقاء مديري المؤسّسات العامة ومجالس الهيئات التعليمية والإعلامية).



    من أين أتى هؤلاء؟



    من أين أتى هؤلاء؟ سؤال صاروخى أطلقه الروائى الطيب صالح، تناثرت نيازكه فى فضاء الدجل السياسى والهوس الدينى والعهر الإعلامى. لم يجد ذلك السؤال إجابة شافية حتى هذه اللحظة ! توفرت فى البيان الأول وعضوية مجلسى الثورة والوزراء إجابات جزئية صاعقة. الحاكمية لله والإسلام هو الحل والحكم بما أنزل الله ... وتكشفت وجوه يعرفها الناس بسيمائها : عسكر متأسلمون وعلماء سوء جاهلون وسدنة أنظمة بائدة وأزلام جهوية جاهزة للإيجار. تشبع أغلب هؤلاء بفقه الضرورة وتتلمذوا على عبدة النصوص وإستبطنوا شعارات جوفاء خاوية الوفاض لم تؤهلهم لإستنباط برنامج دنيوى أو أُخروى.لجأوا لإغراء بسطاء الناس بنعيم الاَخرة. تساقط رفاق الدرب الإنقاذى وتمزقت أقنعة مشروع الإسلام الحضاري وتبدلت بعد نيفاشا وأبوجا مواقع الأعداء والحلفاء وصّدع الكذب إدعاءاتهم وأمسكت طقمة متسلطة بمفاصل الدولة والمجتمع. هل هبطت سرايا هذه الطقمة من الفضاء؟ لقد تخلقوا فى رحم المجتمع السودانى وخرجوا من بطون بطرانة : العشائر والقبائل والطرق الصوفية والطوائف الدينية والفئات والطبقات الإجتماعية والأحزاب السياسية. إنحدرت غالبيتهم من مناطق الشمال والغرب وتمازجوا فى الوسط . هل نشأت فصائل المتأسلمين السودانيين من خلايا جزعية تميزت بخصائص لم تتوفر لنخب رصفائهم من الأجياال الموازية؟ وإذا ما تقبلنا – إفتراضاٌ - مقولات تقاطع معتقداتهم الوحدانية مع أيديولوجية النخب اليسارية الملحدة فبماذا نفسر نزعاتهم الإقصائية أزاء نخب الملل الإسلامية الأخرى؟ إنهم منشأة فئات منعزلة الوشائج فى المدن الكبرىمنبتة الصلات فى الأرياف وعديمة التواجد بالأصقاع المهمشة.



    كيف تمكنت هذه الطقمة المتأسلمة – على مرأى ومسمع من قيادات الطائفتين الغالبتين وحزبيهما – من الإستيلاء على زمام السلطة وإقصاء غالبية القوى الوطنية والإنفراد بدست الحكم فى مواجهة عزلة إقليمية ودولية ومنازلة عسكرية وسياسية فى حلبتى الصراع الداخلى والخارجى ؟ كيف تمكنت هذه الطقمة - حتى بعد تشظى الإنقسامات فى قمة تنظيمها والتقاطع فى توجهاتها العقائدية – كيف تمكنت من مواصلة هيمنتها لما يقارب سبعة عشرة عاماَ؟ إنهم جزيئات من شرائح الطبقة الوسطى فكيف تمكنوا من تفكيك الكيانات الإقتصادية والإجتماعية والمهنية لشرائح طبقية أقدم وأرسخ منهم بنية وخبرة (الطرق الصوفية والكيانات القبلية والأحزاب الطائفية والتنظيمات النقابية والهيئات المهنية والفصائل اليسارية)؟ أضع فيما يلى تحت مجهر القراء إجابات على الأسئلة المطروحة أعلاه للفحص والتدقيق:



    1- تلقت النخب الإسلامية السودانية منذ نشأتها فىأوآخر الأربعينيات أبجديات توجهاتها السلفية من تنظيم الأخوان المسلمين المصرى الذى بدأ عام 1928 كحركة إصلاح إسلامية ثم تحول للعمل السياسى عام 1938. (د/كمال السعيد حبيب – الحركة الإسلامية من المواجهة الى المراجعة ص: 12). والجدير بالذكر أن البراعم الأولى لنخب الأحزاب الإتحادية والرموز التاريخية لليسار السودانى أنفلقت فى أرض حركة التحرير المصرى وأنبتت خلايا جزعية متباينة، ولكنها تجزرت فى تربة الوطن وإرتوت من روافد التعدد العرقى والدينى والحضارى. فعلى الرغم من الإستقطاب الطائفى (أنصار/ختمية) وتبنى النخب السياسية لتوجهات متعارضة فرضتها ظروف الصراع بين دولتى الحكم الثنائى تمكنت نخب الأحزاب من إستنباط توجهات إقتصادية/إجتماعية وإرتياد مسالك عقائدية مكنتها من إجتذاب قواعد جماهيرية من أعراق وفئات وطبقات متعددة. وفى الوقت الذى تبنى فيه الحزبان الكبيران مناهج ومرجعيات الصوفية الإسلامية وفقاٌ لتوجهات طائفتى الختمية والأنصار، عمد رواد الحركة الوطنية الى إستحداث مناهج وبرامج وثـّقت التواصل بين المقاصد الدنيوية والأخروية دون إقصاء او تخصيص أو إستعلاء على ملة أو فصائل عرقية . لم تتضمن برامج ولوائح هذين الحزبين شروط عقائد إقصائية أو خطوطا حمراء تقيد حرية الإنتماء، إلا ما أفرزه واقع الصراع الطائفى والحزبى من تنافر عقائدى وتوجهات عدائية.



    2- نشأت النخب المتأسلمة فى بوتقة الحركة الوطنية السودانية المتمركزة فى المدن الكبرى للشمال والوسط والغرب وحاولت تسويق بضاعتها العقائدية فى أوساط الزعامات الطائفية وتسللت بخطابها السلفى الى أتباع الطرق الصوفية ولم تجد قبولأ. وحينما فشلت مساعيها لدى السيديين عبد الرحمن المهدى وعلى الميرغنى توددت دون جدوى الى رحاب محمود محمد طه (أسماء فى حياتنا – يوسف محمد يوسف) . ولا يجد المدقق فى نشأة ومسار الحركة الوطنية منذ إنطلاقها من مؤتمر الخريجين الى فترة إنقسامها وتمحور نخبها تحت قطبى الطائفتين الدينيتن الختمية والأنصار – لا يجد المدقق أيّ أثر لفكر موثق أو إسهام سياسى إبتدرته النخب المتأسلمة. هنالك إدعاء تتمشدق به فئة من فقهاء الإنقاذ مفاده أن الحركة الإسلامية قد تخلقت فى رحم الحركة الطلابية وإشتد ساعدها كترياق مضاد لنفوذ اليسار الإلحادى (الحزب الشيوعى السودانى). ولكن هذا إفتراء يضحده خلو قوائم رواد وشهداء الحركة الطلابية من أى إسم لمتأسلم منذ إضراب طلاب كلية غردون التذكارية الى مذابح عبود فى جامعة الخرطوم . ولم ترصد فى قيادات المنظمات النقابية ولا فى إتحادات المزارعين خلال النصف الثانى للخمسينيات أسماء قياديين متأسلمين . فقد عاشت النخب المتأسلمة عزلة مجيدة خلال الفترة المذكورة بسبب عدة عوامل لا يحسب من بينها مواقف عقائدية أزاء إستغلال الدين او هيمنة الإستقطاب الطائفى . لقد كانت العوامل الرئسية التى أدت الى تلك العزلة - حسب رأى بعض المؤرخين: إستسلام النخب المتأسلمة لتقزم الإجتهاد الفقهى والإنكفاء الذاتى على الموروث السلفى والتستر بالطهر الزائف والتذرع بالزهد والورع العقائدى . هربوا بجلودهم من معارك المهنيين والطلاب والعما ل والمزارعين وعاشوا حالة بيات كفت عنهم شرور القمع الإستعماري وتسلط الأنظمة الرجعية وتداعيات الصراع السياسى ولجأوا الى جبل لم يعصمهم من طوفان الحركة الوطنية.



    3- وفى الوقت الذى إهتدت فيه غالبية النخب السياسية الى توجهات قومية وبرامج قربتها من مقاصد الشعب السودانى ومسارات التحررالوطنى، تكلبت النخب المتأسلمة فى أبراجها العاجية متمترسة فى أُنموذج دولة القرن السابع الرسالية (يثرب). لم أعثر خلال تلك الفترة (1945 – 1950) على مواقف إتخذتها النخب المتأسلمة أزاء القضايا الساخنة آنذاك, خاصة إستقلال البلاد والتحرر الأقتصادى والتعدد العرقى والثقافى والدينى والوحدة القومية.



    4- هنالك تشابه فى مسار النشوء والتطور التاريخيين لغالبية نخب الأحزاب السودانية حجبه عن أعين المدقق تصنيف غالبيتها الى طائفية وعقائدية ووسطية .... وحاليا جهوية وعرقية. لم يصب رحم الحركة الوطنية بالعقم وفق مخططات اللورد كتشنر، بل تواصل التلاقح الطبيعى بين القديم والحديث فى تزامن مع التلاقح الأنبوبى الذى أنجب طوائف وأحزاباَ ذات جينات وخصائص متباينة. ونسبة لتعدد الأعراق والديانات والمعتقدات (وثنية ووحدانية) المتجذر من تراكم وصراع وتداخل الحضارات والثقافات فى الداخل والوافدة من الخارج نشأت دويلات وثنية وإسلامية وتمازجت فى الجنوب والغرب والوسط والشمال والشرق عقائد وثقافات إسلامية عروبية/أفريقية بفعل التلاقح العرقى والتداخل الإقتصادى/الإجتماعى والحراك الجغرافى للمجتمعات البشرية. وقد كان التفوق الحضارى والتسلط الدينى من أهم العوامل التى خلَّقت نسيج مجتمعات الأقاليم السودانية المتميزة حاليا بالثقافة والتقاليد الإسلامية/العربية. وفى الوقت الذى لم تجد فيه الديانات الوحدانية (اليهودية والمسيحية والإسلام) منافذ يسيرة الى اقاليم سودانية أخرى ضعف تأثير الوحدانيّة على مجتمعات تلك الأقاليم. ونبادر - درءاَ لأى هجوم مضاد - الى إثبات حقيقة تاريخية هامة وهى: أن دخول الأسلام الى السودان من الشمال(مصر) ومن شمال أفريقيا (بلاد المغرب) ومن الشرق (الجزيرة العربية) ومن الغرب ( بلاد غرب أفريقيا) لم يكن بالسيف وحده، بل بفعل التفوق النسبى العقائدى والحضارى على الديانات الأخرى والسعى التوسعى لأستغلال الموارد المتاحة . كتب عدد من الرحالة والمؤرخين الفرنسيين فى غرب أفريقيا عن دخول افواج من زعماء القبائل والأرقاء فى الإسلام هروباً من قهر الديانات البدائية ونير النظم العبودية السائدة آنذاك. ولم يتمكن أغلب ملفقي الأحداث من تعتيم المقاصد الدنيوية (الماء والكلأ والأرقاء) التى تستر عليها غالبية الغزاة والوافدين لبقاع السودان بدعاوي إعلاء كلمة الله ونشر الحضارة والتقدم. ومن اللافت للنظر ان الذين دخلوا الإسلام فى مختلف بقاع غرب السودان كانوا أفارقة متأسلمين وليس عرباٌ متفقهين (راجع ما كتب د. أحمد ساكنجا عن دور فرتاك الجد فى نشر الإسلام فى بعض أقاليم غرب السودان).



    أبناء كلية غردون



    5. واجهت النخب المتأسلمة منذ نشأتها بنية تاريخية راسخة للإسلام السودانى المتميز بخصائص هجين عروبي/أفريقي إنبثقت مكوناته السلفية من العيسوية/المهدوية ومرجعيات الثورة المهدية وطقوس الطرق الصوفية المهجنة والمدجنة، بما فى ذلك طريقة الختمية النازحة من أقاصى آسيا إلى الحجاز ومصر ثم شرق وغرب السودان هذا بجانب البعث المهدوي المعاصر برعاية آل المهدى. ولابد فى هذا المنعطف من الإعتراف بتواتر إنشطارات الطوائف والملل الإسلامية وتشظى نزعاتها الإنقسامية منذ صدر الإسلام حتى اليوم بجانب التكاثر الأميبي فى نطاق الحركات الإسلامية المعاصرة. ولهذا تقاطعت بنية العقل الإسلامى المستنسخة من الحركة الإسلامية المصرية (ايديولوجية ألنخب المتأسلمة السودانية) مع متغيرات وخصائص الإسلام السودانى. فقد شرعت النخب المتأسلمة فى بث دعوتها المستنسخة من حركة الأخوان المسلمين المصرية فى أواسط الخمسينيات بشعارات إصلاحية فى مجتمع صد جيوش الخلافة العثمانية طراحة الإسلام السلفى ودحر فلول التسلط الخديوي وأنصهرت رؤاه العقائدية فى مواجهة دولتي الحكم الثنائى وإستقطاب الطوائف الدينية. ألف سكان المدن الثلاثة - خلال الأربعينيات - أهازيج شباب الختمية: شي لله يا مرغنى ... وأناشيد شباب الأنصار: نحن جند الإمام.... إلى أن رفعت ثلة من المتأسلمين أنشودة... حسن البنا حسن البنا ما غاب بطلعته عنا! تمحوّرت باكورة النخب المتأسلمة حول قيادات الرعيل الأول داعية لتطبيق الشريعة وتبنى الدستور الأسلامى دون إدرااك لتداعيات المعترك السياسي فى مجتمع متعدد الأعراق والديانات . وقد أحسن شاهد منهم وصف تلك المرحلة وإنحسارها:



    "...لقد قاد حسن البنا الأخوان المسلمين بالطريقة التقليدية المتمثلة بشيخ يريده مريدون فأّتسمت قيادته بالقليل مما يمكن وصفه بالديمقراطية وكان هذا النحو من القيادة يستند إلى نظرية مفادها أن الشورى غير ملزمة، وبأنها لا تعدو أن تكون نافذة يطل منها صاحب الامر على الاَخرين ووسيلة لإقناعهم برأيه، ولكن سرعان ما أهملت هذه النظرية(...) ففى السودان مثلا قامت الحركة الإسلامية على أيدى شبان متقاربين عمراً وثقافة فلم يكن لأحدهم أن يدعي سبقاَ على الآخرين. كذلك فإن جميع الحركات الإسلامية المعاصرة ديمقراطية عمادها التنظيمى مجلس شورى ينتخب القائد ويحتفظ بحق محاسبته، فنموذجها إذاً نموذج ديمقراطى." (د. حسن الترابى – ندوة حوارات فى الإسلام: الديمقراطية، الدولة، الغرب – جامعة جنوب فلوريدا، ألولايات المتحدة، ص 34 - 1992).



    بمثل هذه الهرطقات جادل عراب الإنقاذ صفوة من الأمريكيين والعرب المهتمين بالحركات الأصولية الإسلامية . كان ذلك عام 1992 فى منتصف السنة الرابعة من عمر الإنقلاب الإنقاذى. والعجيب فى الأمر أنه لم يقلل - بمثل هذا الإدعاء - من شأن الحركات الإسلامية السلفية والمعاصرة فحسب، بل أطنب فى الثناء على الحركة الأسلامية السودانية دون غيرها مدعياً بأن مشروعها الحضارى سيكون أنموذجاَ للدولة الرسالية فى العالم. والأدهى وأمر أنه فى سيا ق حديثه عن إكتشاف هويته الإسلامية فى إنكلترا تجرأ على إستكياش المنتديين بقوله:



    " لا مفر من الإعتراف بأن الإسلام لم ينتشر فى السودان من طريق المهدية أو الشريعة أو المتدينين، ولكن من طريق جامعة الخرطوم: فقد كانت هذه الجامعة مهد الإسلام فى السودان بالرغم من أنها لم تنشأ لهذا ألهدف (...) هذه الجامعة لم تسم جامعة الخرطوم إلا بعد قتل غردون باشا . هكذا فلا حرج - حتى فى موقعنا الذى نحن فيه اليوم - بأن نوصف بأبناء كلية غوردن" _(نفس المصدر أعلاه – ص 91)".



    6. أما فيما يتعلق بالجذور الطبقية لفصائل النخب المتأسلمة فلابد لنا من ذكر الاَتى: انجبت إدارة دولتى الحكم الثنائى - بعمليات قيصرية - شرائح من الطبقة الوسطى (عسكريين وإداريين وقضاة وفنيين ومعلمين وتجار) إستكفاءَ لمستلزمات إنشاء وتنمية مؤسساتها الإنتاجية والخدمية. كما إستثمرت دولتا الحكم الثنائى المال العام فى تسمين الطوائف والطرق الدينية وذلك بتوفيرالقروض وتخصيص الأراضى الزراعية والسماح لعرابي الطوائف المتناحرة بإستدرار الزكوات والصدقات والأتاوات من الأتباع والمريدين، مما وفر أنجع السبل وأسرعها للإستحواذ على التراكم الأولي - العيني والنقدي – وإستثماره فى إستزراع الفئات والطبقات الإجتماعية الحديثة. ومصداقا لإعترافات عراب الإنقاذ (الترابى) المذكورة أعلاه يتبين لنا أن باكورة النخب المتأسلمة لم تكن سوى شريحة إنسلخت من الطبقة الوسطى عبر إنقسامات أميبية عقائدية وسياسية تشرنقت فى حضّانات مؤسسات التعليم الإستعمارى (البريطانى/الخديوى). ولا بد لنا من أن ننفذ من تقاطع الرؤى المعترفة بالتفاوت الفئوى والطبقي فى نشأة وتطور المجتمع السودانى وتلك الناكرة لعوامل التمايز الإقتصادى والإجتماعي، لنقف على حقائق أساسية. فلقد كانت ولا تزال الطبقة الوسطى هى الأم الرؤم التى أنجبت كل شرائح النخب العقائدية والمهنية والسياسية الرائدة – على إختلاف مرجعياتها الدينية والأيدولوجية. ولهذا لا غنى عن التنقيب المضني للتعرف على القسمات المتداخلة والفارقة فىالنشأة والمكونات والتطور التاريخى لهذه النخب. هل يفيدنا- لدى قراءة تضاريس البنية الطبقية للمجتمع السودانى - مجرد الإكتفاء بإلصاق مسميات لفظية: الجماهير الشعبية والفئات المهمشة والقوى العاملة والبرجوازية الصغيرة والرأسمالية الطفيلية؟ وهل يجدي تصنيف التكوينات العقائدية الى طرق صوفية وطوائف وسلالات أشراف ؟ لقد ظلت نخب من شرائح الطبقة الوسطى الحديثة ممسكة بأعنة القوى الموجهة لتطور المجتمع منذ نشأة مؤتمر الخريجين مستخدمة قدرات فائقة على تغيير أقنعتها العقائدية والسياسية للإندراج فى سرايا الأنظمة التى إستولت على السلطة عبر صناديق الإنتخابات أو على ظهور الدبابات. يلاحظ أن بعض المهتمين بقضايا الحركة الوطنية يسلطون أضواء إهتماماتهم على وسائل الإستيلاء على السلطة وما تحققه الطقم الحاكمة من منجزات ظرفية دون إستقراء للتداعيات المترتبة عليها فى حياة المجتمع إخفاءٌ لدوافعها ومؤثراتها السالبة فى حياة مختلف الفئات والطبقات الإجتماعية. ولهذا كثيراً ما يشيدون بحسم وإخلاص(وصرامة ودغرية) العسكريين فى إدارة شؤون البلاد (النظم العسكرية) وطهر ونقاء المنتمين الى عترة آل البيت. يمكننا تصنيف شرائح الطبقة الوسطى حسب محاور مكوناتها الإجتماعية والمهنية خلال الخمسينيات إلى : صغار المنتجين الزراعيين والتجار والحرفيين والمهنيين والإداريين ...ألخ. هنالك فئات مقتدرة بين هذه الشرائح إتجهت بوعيها وإستنارتها لمقاصد ذاتية وضعت نفسها طوع توجهات زعامات طائفية أو حزبية أو سلطوية خارج محاور فئاتها أو طبقاتها. لابد للباحث أن ينقب تاريخياً عن أسباب إنقسام مؤتمر الخريجين وسعي الزعامات الدينية لإستقطات نخبه النابهة وتكريس جهودها فى إنشاء أحزاب تسنمت قياداتها رموز وراثية تتقاطع توجهاتها الدينية والإقتصادية مع تطلعات رواد الطبقة الوسطى . ولا يمكن إغفال نزوع بعض شرائح الطبقة الوسطى عقائدياَ وسياسياَ الى شق دروب وطنية أخرى للفكاك من أسر الهيمنة الطائفية. كانت حركة الأشقاء المقدمة الصدامية الأولى التى واجهت إستقطاب الطائفية خاصة تلك التى كلبت أظافر عدائها فى رقاب المراغنة وإندرجت - فيما بعد – تحت رعايتهم فى دوامة الحركة الإتحادية. هذا في الوقت الذى إستجارت فيه نخبة من قيادة الخريجين بالإنحياز لآَل المهدى وأسهمت تحت رعاية المهدوية المعاصرة فى تكوين الحركة الإستقلالية بقيادة حزب الأمة.



    7. لعبت الطبقة الوسطى الحديثة عبرمنعطفات تاريخية متتالية عدة أدوار هامة فى نشأة وتطور الحركة الوطنية السودانية ، نتناول فيما يلى أهم مؤثراتها على الطوائف الدينية والأحزاب السياسية وحركات النخب السلفية والمعاصرة:



    أ- نشأ جهاز الدولة الثنائى تحت إدارة متضادة الأهداف، (توسيع نطاق الهيمنة الإمبريالية البريطانية وتشبث الخديوية بإرثها التركى)، متعارضة الأديان، (الإسلام العثمانى والمسيحية الأوربية)، متباينة المستويات الحضارية (نظام إمبريالى رأسمالى وحطام الخلافة العثمانية شبه الإقطاعى). وعلى الرغم من حدة التناقضات الثانوية - فيما بين سلطتى الحكم الثيائى - حرصت كل منهما على إستئناس الزعامات الدينية والقبائل والنخب المتعلمة التي تواطأت مع الغزات وتوحدت مقاصدها للإطاحة بالحكم المهدوى. فقد طال التدجين الدينى والسياسى أجيال شهداء كررى وأم دبيكرات وأجتاح معاقل بعض الذين ألفت المهدية قلوبهم.



    ب- كان لكل من دولتى الحكم الثنائى سياسات ووسائل متمايزة تناسقت إستراجياتها وتكتيكاتها لدى غزو البلاد وإلحاق الهزيمة بقوى الثورة المهدوية وتقاطعت فى فترات لاحقة بفعل تعارض مصالح الدولتين. فقد أتيحت للمراغنة سبل تحالف وثيق مع دولتى الحكم الثنائى وأعانوا الغزاة واستعانوا بهم ودجنوا بعض الملل الصوفية والقبائل بمختلف الوسائل الروحية والمادية لمحاربة المهدية وإزالة آثارها. كما تضافرت جهود سلطتي الحكم الثنائى فى توفير الوسائل الإقتصادية والإجتماعية والدينية والقانونية (أنظر الفقرة أعلاة رقم 6) لإستنبات براعم شرائح طبقية متباينة التوجهات من البيوتات الدينية الثلاث (المرغنية والمهدوية والهندية). وحينما أحست القوى المنتفعة بنفوذ دولتى الحكم الثنائى بمخاطر حركة نخب الطبقة الوسطى (مؤتمر الخريجين) وتداعيات إنحسار هيمنتها الإقتصادية والدينية عمدت الى تشجيع النزاعات الإنقسامية وإستدرجت مجموعات مميزة من الخريجين وإستقطبتها فى محاور قيادات أحزابها السياسية مكرسة أنقسا م الحركة الوطنية وتطويعها فى خدمة طوائف متنازعة دينيا وسياسيا. وفى الوقت الذى إحتد فيه النزاع بين زعامات البيوتات الدينية للإستحواز على ما يتيسر من المغانم الدنيوية فى تزلف فصامي لقطبيّ الإدارة الثنائية أو إنحياز باين لأحدهما، لم تتوان نخب الزعامات الدينية عن التشبث بخصوصية إستحقاقات تفويضها الديني وتجذر إنتمائها الى اَل البيت. وعلى الرغم من ذلك لم يقو سياج الهيمنة الدينية والإقتصادية والسياسية الذى ضربتة الطائفية المتدينة حول أتباعها ومريديها على صد شرائح الطبقة الوسطى من الإفلات والشروع فى بناء كياناتها الذاتية المتمثلة فى بواكير حلقات الأشقاء والجمهوريين وأنصار السنة والماركسين والإسلاميين. ولا مناص من الإقتناع بأن منشأ بواكير الحلقات المذكورة يتجذر من رحم الطبقة الوسطى، علما بأن عوامل داخلية وخارجية متعددة قد تحكمت فى تشكيل توجهاتها الأيديولوجية والسلوكية.



    ج- يصنف غالبية رواد الفكر السلفيين ونفر من المفكرين المعاصرين مكونات المجتمع السودانى وفقاً لقوامة نخب متمايزة بإجتهاداتها الإقتصادية والإجتماعية والعقائدية تعتيما لشبكية علاقات الإستغلال والإستلاب السائدة فى مجتمعات القرن العشرين (العائلة والعشيرة والقبيلة والجهوية والأمة) تأسيساَ على فعالية التسيير والتخيير والرزق. ويناطح بعضهم طواحين الهواء إنكاراً لوجود طبقات مستغلة (بكسر الغين) فى مسار التطور التاريخى للمجتمع السودانى، بينما يقر البعض الاَخر بواقع الإنقسام الوظائفى (ملاك مستثمرون وفعلة ..ألخ). لقد تفاقم الإنقسام الفئوي والطبقي بوتائر متسارعة فى المدن وتشظي فى الريف مؤججاً بؤر التهميش القبلي والإقليمي. ويلاحظ أن غالبية شرائح الطبقة الوسطى التى إعتصمت بحبل الدين الإسلامي فى مناطق الشما ل الأوفر حظاٌ فى النموً، خاصة نخب أنصار السنة والجمهوريين والإسلاميين لم تقو بواكيرهم على إختراق سياج النفوذ الطائفي ولم تتجرأ على كشف علاقات الإستغلال الفئوي والطبقي المتوارثة تاريخياً فى بنية المجتمع السودانى. كان لبعض هذه الشرائح مبادرات لا يمكن إنكارها فى تعرية الدجل الطائفى وأساطير الغيبيات الصوفية. وقد تميزت - فى هذا الإتجاه - صفوة محدودة بتوجهاتها العقائدية الساعية لتحجيم النفوذ الطائفى، بينما جنحت بعض فصائل المتأسلمين وحفنة من نخب الأحزاب الطائفية الى تنصيب أزلام وهوابات طير ألبسوها أقنعة دينية زائفة. كان لتسلط وهيمنة مجموعات بشرية - مكنتها وسائل الفرز العرقى والدينى من تأسيس دويلات وثنية ومسيحية وإسلامية - اليد الطولى فى تخليق وولادة الفئات والطبقات الإجتماعية من رحم المجتمع السودانى القديم. كما تضافرت جهود إدارة الحكم الثنائى لإرساء لبنات الأساس لهياكل فئات وطبقات جديدة، وتجريف الشرائح القديمة الاَيلة للإضمحلال. كان ذلك بفعل المبادرات الإستثمارية فى بناء مرفقى السكك الحديدية ومشروع الجزيرة وما إصطحبهما من مناشط إنتاجية وخدمية . فقد أنشأت السكك الحديدية تجمعات سكانية جديدة وأعادت الحياة الى مدن نضب معينها ووفرت محاور وظائف قوامها إستخدام العمل المأجور وربطت بين مراكز الإنتاج والإستهلاك السلعى. كما أزاحت إختناقات علاقات الإنتاج والتبادل البدائية بإكتمال مشروعات الرى المنتظم (الجزيرة) وإدخال أنماط إقتصاد شبه إقطاعي شبه رأسمالي (المشروعات الخاصة).



    هل تنزلوا من السماء؟

    " من أين أتى هؤلاء ؟" نواصل تنقيبنا للإجابة على السؤال الصاروخى عن النخب المتأسلمة. نتساُءل هل تنزلوا هدايا من السماء ، كما أخبرنا الترابى عن البشير إذ قال لا فض فوه ساعة اللقاء الأول عشية الثلاثين من يونيو 1989 " إنه (أى البشير ) هدية السماء لأهل الأرض" أو كما فضح أمره حينما تفاصلا: "سلمته بيان الثورة فذهب الى القصر رئيساً وذهبت إلى كوبر حبيساً !!" هذه عبارة ثاقبة كتبها تحت صورة عمر البشير د. عبد الرحيم عمر محى الدين وهو شاهد عيان من أهلهم فى مؤلفه (الترابى والإنقاذ – صراع الهوية والهوى - فتنة الإسلاميين فى السلطة ص 51 دمشق, 20/12/2005). يقع هذا السفر فى 664 صفحة من الورق المصقول سجل فيها المؤلف تفاصيل أدواره المميزة ودوّن فيها معلومات موثقة عن الإنقاذ ومشروعها الحضاري حتى نوفمبرعام 2005.

    تمويه الوعى الطبقي

    وحينما نشير الى إنحدار النخب المتأسلمة من رحم الطبقة الوسطى، لا ننكر أن غالبية النخب القائدة للأحزاب الأخرى (مجموعات الإتحاديين والأمة وفصائل اليسار) قد إنحدرت من نفس الرحم. ولكن نسبةَ التّداخل فيما بين الطبقات الإجتماعية والحراك التاريخي لمكونات التركيبة السكانية والإضمحلال البطىء لهياكل المجتمعات القديمة، يواجه الباحث صعوبات تحول دون ترسيم الحدود متواصلة النمو والمتغيرات فيما بين الطبقات ألإجتماعية. وإذا أردنا تصنيف الأحزاب السودانية حسب معايير وعيها الطبقي يلاحظ أن أدبيات الأحزاب الطائفية تعمدت منذ نشأتها تمويه الوعي الطبقي لدى أتباعها بمبررات دينية (..سواسية كأسنان المشط ..) وإجتماعياً ( درء الفتنة بالتسامح ) وسياسياً (الدين لله والوطن للجميع ). هذا فى الوقت الذى أدمنت فيه النخب المتأسلمة تغييب وعي أتباعها بقناعات الحاكمية لله والتعمية العقائدية بترسيم حدود فاصلة بين المسلمين والكفار. لا يخفى على أحد إنسلاخ بعض الشرائح المستنيرة من الطبقة الوسطى وإندراجها فى خدمة الزعامات الطائفية، الأمر الذى يستدعي فحص حالات تقاعس القيادات النخبوية فى الأحزاب الأخرى (الإتحاديين والجمهوريين والأخوان المسلمين وفصائل اليسار) عن تبنى مفهوم الصراع الطبقى وإجلاء وعي أتباعها فى معارك التغيير الإقتصادى والإجتماعى.

    لقد كان الإنقسام الطبقي ولا يزال ظاهرة ملازمة لنشوء وإرتقاء المجتمع السودانى منذ بداية مكوناته الأولية: العشائرية والقبلية والعرقية والدينية. إنقسمت المجتمعات السودانية الى سادة ورقيق فى الأنظمة الوثنية والمسيحية والإسلامية وإستندت مؤسسة الرق إلى مبررات تاريخية وعرقية وإقتصادية وإجتماعية ودينية ظل سوسها ينخر فى العقول حتى اليوم. ونشير فى هذا المنعطف الى مواقف أعيان أمدرمان الثمانين الذين رفعوا عريضة لسردار الجيش المصرى فى مايو 1898 يعترضون فيها على إنتزاع ما ملكت أيمانهم من الأرقاء الذكور للخدمة فى الجيش. وحينما أصدرت أدارة الحكم الثنائي صكوك تحرير الرقيق (1919) إعترض ألأعيان المميزون دينياً (زعماء الطوائف الدينية الثلاث) مطالبين بإعادة الأرقاء إلى إسيادهم، ومحذرين من عواقب تحرير العبيد (أنهيار الإنتاج الزراعى وزعزعة الأمن) وفك أسر الخدم (تفشي معاقرة الخمور الدعارة). فما كان من أدارة الحكم الثتائي إلا الإستجابة لرعبة زعماء الطوائف الثلاث والأعيان من التجار بإلغاء أحكام صكوك تحرير الأرقاء. وتكررت مواقف مماثلة عقب هزيمة إنتفاضة 1924 مؤكدة التمايز الإقتصادى والعرقى والدينى. وقد كان لنخب مؤتمر الخريجين السبق فى تنظيم المتعلمين من فئات الطبقة الوسطى كما كان لرواد الحركة النقابية فى إوآخر الثلاثينيات من القرن العشرين السبق فى إتخاذ مبادرة للتعبير عن أوضاع ومصالح فئات طبقية حديثة ( إضراب السكك الحديدية)

    تسترت غالبية نخب الطبقة الوسطى على سلبيات الإنقسام الطبقي وفجور تفاقمه فى المجتمع السوداني ومجتمعات الجوار العربية والأفريقية طوال الفترات السابقة واللاحقة للإستقلال. وتراكمت غشاوات التعمية العقائدية والسيا سية إلى أن إنبرت شرائح من الوطنين واليساريين بإدبياتها الأيديلوجية وبرامجها الإقتصادية والإجتماعية إلى ساحات الصراع السياسى ساعية لإستنهاض الفئات الفقيرة فى المدن (المنظمات النقابية) وبؤساء الريف (إتحادات صغار المزارعين) والمهنيين والطلاب. وأمتدت بصيرة الوعي إلى المرأة فى المدن والريف. إرتعدت آنذاك فرائس النخب الدينية والسياسية وعبأت ذخائر فاسدة من مخزون الفكر السلفى والإمبريالى للهجوم على اليسار: التخريب الإقتصادى وإستيراد الفكر الأجنبى وإثارة الفتنة الإجتماعية وتأجيج نيران الحسد ...ألخ. إرتدت ذخيرة الطائفية الى صدور زعاماتها وهرعت أحزابها الى إنتزاع الريادة من اليسار مستخدمة قوانين الإستعمار (محاربة النشاط الهدام) وأستسلمت لتسلط الإنقلابات العسكرية. هل تنزلت سرايا اليسار من عوالم أخرى؟ أم تلقت فكراً شيطانياً من الخارج كما يدعون؟ لا ينكر أيّ عاقل إنحدار النخب المتأسلمة واليسارية من رحم الطبقة الوسطى كما لا يمكن إنكار ما أستوردته النخب السياسية من تجارب ومعارف المجتمعات البشرية (وثنية ودينية وعلمانية وملحدة). هذا بجانب ما أتيحت آنذاك من فرص تاريخية للتلاقح بين المكونات المحلية والخارجية لإستنباط ما يتيسر من المشروعات الحضارية. إهتداء بهذا المفهوم تمكن اليسار من قراءة تضاريس نشوء وتطور التكوين الطبقي فى تاريخ المجتمع السوداني، بينما ظلت النخب المتأسلمة منكفئة على سلفيات صدر الإسلام - يرتد إليها البصر خاسئاً وتصاب بمرج يحول دون إستشراف واقع المجتمع السوداني.

    خارطة طريق الإنقاذ

    نورد فيما يلي الإشارات الفارقة لخارطة الطريق الذى تنكبته النخب المتأسلمة لدفع المجتمع السودانىإلى مشروع الإنقاذ الحضارى:

    1. . بدأ الرعيل الاول من النخب المتأسلمة بالدعوة للإسلام من منابر تغيرت مسمياتها (الأخوان المسلمون, ثم جبهة الميثاق الاسلامي, والجبهة الاسلامية القومية، والمؤتمر الشعبى العربى الاسلامى وأخيراُ حركة الانقاذ بشقيها المؤتمر الوطنى والشعبى). لم تفلح الحركة الإسلامية فى بناء جسور سالكة للتواصل مع الطرق الصوفية ولم تتمكن من إختراق متاريس الطوائف الدينية وأحزابها السياسية مما إضطرها الى مناطحة مؤسسات عقائدية وإجتماعية راسخة البنيان. ولقد إستغلت النخب المتأسلمة فى بداية الستينيات من القرن العشرين عوامل محلية وإقليمية وعالمية مكنتها من إجتذاب فئات طبقية محدودة من المتعلمين والمهنين والتجار والطلاب. ونسبة للأهمية المحورية لهذه العوامل فى فحص الظاهرة الإنقاذية نتعرض لها فيما يلى بقدر من الإيجاز:

    أ. العوامل المحلية وأهمها تغلغل الثفافة الأسلامية العربية فى توجهات وتطلعات الشعب، خاصة فى الشمال والوسط والغرب، وإنحسار نفوذ الطوائف الدينية فى أوساط الأجيال الحديثة، والتقارب الاٌيديلوجى بين الحركات الدينية والقوى الإمبريالية الرأسمالية فى معاداة الإشتراكية والشيوعية، والتعاضد المادي والإعلامى بين المتأسلمين وقادة الأنظمة الرجعية الإقليمية والعا لمية. لقد تضافرت عوامل أخرى أعمق تأثيراً وهى: تكلس فكر الإجتهاد الديني لدى الزعامات الطائفية ونخبها السياسية والتعارض بين سلوكها الدنيويّ وتوجهاتها الدينية. هذا بالإضافة الى إفساح المجال لهجمة المتأسلمين السلفية وتمكينهم من إستغلال الدعوة الإسلامية ضد الخصوم السياسين ومحاصرتهم فى حلبة الصراع السيا سى.

    ب. عجز الثقافة الدينية المهجنة فى حضّانات مؤسسات التعليم البريطانى/المصرى (كلية غردون ومعهد أم درمان العلمى والمدارس المصرية المتأسلمة والمتقبطنة) وقصورها دون مواكبة وعي وتطلعات الأجيال الحديثة المنبثقة من تعدد الأعراق والديانات. تصدت فصائل من يسار الطبقة الوسطى منذ نشوء مؤتمر الخريحين لمختلف التوجهات الدينية المهجنة بمقاومة جريئة ضد التسلط الطائفى كان أبرزها فصيل الجمهوريين بقيادة الأستاذ محمود محمد طه وجماعات الأشقاء التى إلتحمت بعض شرائحها مع رواد النهج الماركسى لتأسيس الحزب الشيوعى السودانى. لم يجنح اليسار فى مسار نشاطاته التنظيمية والسياسية والفكرية إلى إتخاذ مواقف عدائية ضد أيّ إنتماء عقائدي بل تفرد بإستنباط برامج ووسائل عمل أنارت الطريق أمام الجماهير لتوحيد قواها ورعاية مصالحها دون التعرض للإنتماء العقائدي او العرقى أو الجهوي. أنشأ اليسار النقابات العمالية وتحالف مع الختمي والأنصاري والمسلم والقبطى والوثتى. وأنشأ إتحادات المزارعين على نفس المنوال. ولكن حينما إستقوت النخب المتأسلمة بالفكر السلفي المستنسخ من تنظيمات الإسلاميين المصريين واقبلت منكفئة على ذاتها بجمود الإسلام السلفي عميت بصيرتها عن إستكشاف واقع المتغيرات فى العالم وفى الوطن. بدأوا بإقصاء ملل وطوائف المسلمين وجنحوا للعزل الدينى بإستعداء أهل الكتاب. وكفروا كل من سعى اليهم بوفاق عقائدي أو سياسي. وأنزلقوا بعد الإستيلاء على السلطة الى شق البلاد الى دار الحرب (الجنوب) ودار السلام (الشمال) وأججوا نيران حرب دينية يتواصل أوارها حتى الان.

    ج. تقوقع رواد النخب المتأسلمة فى حلقات ضيقة حصرت إهتماماتهم فى التلفع بالشعائر الدينية والدعوة لإقامة دولة رسالية عجزوا عن طرح وسائل إنشائها وتوصيف نظمها الإدارية والإقتصادية والإجتماعية والقانونية. وحينما إحتدم الصراع الأيديولوجي والسياسي قبيل الإستقلال وإنطلقت القوى الوطنية بخيارات برامجها : الوحدة بين السودان ومصر – الإستقلال - سياسة تحرير لاتعمير- الإستقلال التام الهادف الى تحقيق التحرر السياسي والإقتصادي, إبتدرت النخب المتأسلمة نشاطها السياسي بالدعوة الى تطبيق الدستور الإسلامى وتحالفت قياداتها بذكاء إنتهازي مع قوى لم تتخذ من الإسلام توجهاً وتزلفوا الى الد أعدائهم عقائديا وسياسيا. إستعدوا الحزبين الكبيرين على قوى اليسار واستغلوا الفصام الديني/السياسي المتجزر فى عقلية قياداتها ودفعوها الى الإستنجاد بالدستور الإسلامي فى مسرحية المعركة الإنتخابية عام 1969. تصدر السيّد الهادي المهدي وفد حزب الأمة الى القاهرة للإستقواء بنفوذها المادي والسياسي ضد منافسه على رئاسة الجمهورية السيّد إسماعيل الأزهري الذى شق عصى الطاعة - آنذاك - على حلفاء حزبه التاريخين (الحكومات المصرية) وتوجه على رأس وفد نخبوى الى المملكة السعودية مستجيراً بعدائها للناصرية إستدراراً لعطائها المادي وإستنجاداٌ بقواها الدينية. حاول كل وفد تسويق بضاعته فى أوعية الدستور الإسلامى المستساغة لدى نظامين متوازيين سياسيا وإقتصاديا ودينيا. لم يكن الدستور الإسلامى أثتاء تلك الفترة سوى تفكيراُ رغائبياً وشعارات هلامية أطلقتها نخب متأسلمة متباينة العقائد والمقاصد. وعلى الرغم من تبعية النخب السياسية فى الحزبين للبيوتات الطائفية المنسوبة الى عترة اَل البيت لم ترصد ذاكرة الشعب السودانى أية توجهات نظرية أو عملية لإستشراف دولة سودانية ذات دستور إسلامى مكتوب. وقد تبين بما يدع مجالا للشك أن هرولة زعامات الحزبين الكبيرين الى ساتر الدستور الإسلامي لم يكن إلا تكتيكاٌ مرحلياٌ للخروج من مطب تاريخي حاصرتهم فيه قوى دفع متناطحة: ضجة اليمين المتأسلم المتشظية بشعارات الدستور الإسلامى وحتمية تطبيق شرع الله – من جهة - ومدافعات اليسار المستندة إلى واقع معطيات التحول الإقتصادى والإجتماع والعقائدي فى مجتمع متعدد الأعراق والديانات والأعراف – من جهة أخرى. وصلت الحركة الوطنية انذاك الى مفترق طريقين حاسمين: طريقان لا ثالث لهما - دولة إسلامية رسالية أو دولة حديثة قوامها المواطنة.

    أستميح القارئ عفواَ إذا لم يجد إجابة شافية للسؤال الصاروخي: من أين أتى هؤلاء؟ لقد توصلت بعد تنقيب مضن إلى تصنيف النخب المتأسلمة فى عداد الشرائح المنحدرة من رحم الطبقة الوسطى وتبين لى أن بطون كل الطبقات الإجتماعية بطرانة. وتيقنت بأن شرائح الطبقة الوسطى فى المجتمع السودانى توالدت وتناسخت خلال نصف قرن من الزمان وتلاقحت مع متغيرات تاريخية متقاطعة (سطوة الأمبريالية الأوربية المتحالفة مع الخديوية المتأسلمة، أنقسام العالم الى كتلتين متصارعتين، تصاعد حركات التحرر الوطنى، صدامات الفرز العنصرى، تشظى النزاع الأيديولوجى، تفشى النزعات السلفية الدينية والقومية، تراجع الدولة الدينية أمام الزحف العلمانى وزحف أخطبوط الهيمنة الرأسمالية...العولمة...ألخ). لقد ظلت شرائح الطبقة الوسطى، بمختلف مكوناتها وتوجهاتها العقائدية والسياسية، رؤسا لرماح الحركة الوطنية كما كانت ولا تزال الأكثر عرضة للمتغيرات الداخلية والخارجية والأشد حرصاً على إستيعاب المؤثرات التحويلية, السالب أو الموجب منها. ولهذا لم تغالبنى أوهام البحث النظري ولم تدفعني غريزة إقصاء الاَخر لألصاق جميع أسقام ونقائص الطبقة الوسطى بجميع نخب المتأسلمين دون غيرهم من نخب الشرائح الأخرى. فعلى الرغم من إتساع نفوذ طبقتى العما ل والمزارعين فى مسار الحركة الوطنية، لم تتمكن بعض نخبها من تخطى سياج الرؤى العقائدية والدينية للطبقة الوسطى.

    ولاشك أن النخب المتأسلمة قد تأثرت كغيرها من النخب الأخرى بالعديد من الثقافات السلفية والمستحدثة (مرجعيات الصوفية والطائفية ورواسب مناهج التعليم الإستعمارى وتوجهات التغيير الإقتصادى والإجتماعى) ولهذا لم تتورع النخب الإنقاذية المتأسلمة عن إعادة إنتاج سلوكيات فاقت خطايا ًالنخب السالفة كماً وكيفاً. منذ العام الثانى للإستقلال تصدر العسكر ثلاث إنقلابات طفح البيان الأول لكل منها بشعارات إنقاذية أدانت الفساد والفوضى وسوء إستخدام الموارد المتاحة وإتساع نطاق المحسوبية ...ألخ وحرَمتْ نشاط الأحزاب السياسية والهيئات النقابية والمهنية وقيدت الحريات العامة وأشركت فى أجهزة السلطة عناصر من نخب الأحزاب الموصومة بأدران الفساد ولم تتورع عن إرتكاب جرائم حرمتها فأنشأت منظمات سياسية ومهنية وإستحدثت أجهزة مساندة وحامية لأنظمتها القمعية. واللافت لأنظار الباحثين أن البيان الأول لكل من الإنقلابات الثلاث لم يلتزم ببرنامج بديل لما كان سائداً من حالات اللا- برنامج وأن القوى التى أتاح لها الشعب فرصة العودة الى السلطة بعد إسقاط النظامين الأول والثاني لم تتمكن من طرح برامج مدروسة. منذ الإستقلال تدافعت نخب الطبقة الوسطى فى حلبة الصراع السياسي مستهدفة الإستيلاء على السلطة بشعارات ظرفية خادعة: تحرير لا تعمير، تحرر إقتصادى وسياسى، إستقلال تام، ثورة ديمقراطية وطنية، دولة إسلامية ....ألخ.

    ربما يستشف بعض القراء بين السطور إستدراجاً متعجلاً لإصدار حكم نهائى بإدانة النخب المتأسلمة لمجرد إنتمائها لشرائح الطبقة الوسطى أو محاولة لتبرئة الشرائح الأخرى من الخطايا والممارسات التى إرتكبتها طقم النخب المتأسلمة خلال سنين التمكين والهيمنة الإنقاذية. هل يستطيع أى مناكف إنكار الحقيقة المفجعة وهى أن النخب المتأسلمة قد تصدت بجرأة غير مسبوقة لإحتكار الدين وإستغلال الشعائر العقائدية لتجريد نخب الطوائف الدينية والملل الأخرى من أسلحتها التقليدية، وأضرمت نيران الحرب الدينية فى لجنوب (دار الحرب) وأبادت المسلمين فى الغرب والشرق، ثم أدارت ظهرها لحطام المشروع الحضاري: ثورة الإسلام السودانية. لقد أذهل نكوس شقى النخب المتأسلمة (الوطنى والشعبى) أقرب التابعين وخيب آمال المتطلعين للإستنجاد بالإسلام ديناٌ ودولة.

    هنالك أسئلة صاعقة لا مناص من طرحها لكشف طبيعة نخب المتأسلمين وتشريح الخصائص الفارقة فى نشأتها وتوجهاتها ومقاصدها المغلفة بالخداع الدينى والحذق الإنتهازى. ولا يفوتنى أن أنبه القارئ إلى أننى قصدت تكريس الحلقة الاولى من هذا البحث للإجابة على السؤال: من أين أتى هؤلاء؟ وقد تبين لى أن الإجابة لن تكتمل دون التنقيب فى مسار ومآلات الحركة الإسلامية منذ دخول بعض نخبها فى حلبة الصراع السياسي وتورطها فى مأزق إستنساخ دولة يثرب الرسالية. ولا شك أن إسهام القراء فى الإجابة على هذا السؤال سيفضى الى سؤال أكثر تعقيداُ وهو: الى أى دوامة إنحدر هؤلاء؟

    من وضع حجر الأساس لمنصة إنطلاق المشروع الحضارى للنخب المتأسلمة ومن عجن مونتها وضرب طوبها ومن شرع فى بنائها؟ ومن يسندها ويستند إليها وهى آيلة للإنهيار، بل من يجرأ على تقبل العزاء بعد مراسم الدفن؟ نواصل فى الحلقة الثانية الإجابة على هذه الأسئلة.




    sudanile
                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:38 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:41 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:43 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:49 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:50 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:51 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:52 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:53 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:54 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:55 AM
                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:55 AM
                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:56 AM
                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:57 AM
                          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:58 AM
                            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:00 AM
                              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:00 AM
                                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:01 AM
                                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:02 AM
                                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:03 AM
                                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:04 AM
                                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:14 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 04:06 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 04:08 AM
  رد Mohamed fageer04-02-08, 04:30 AM
    Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:05 PM
      Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:07 PM
        Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:08 PM
          Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:09 PM
            Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:10 PM
              Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:11 PM
                Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:12 PM
                  Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:13 PM
                    Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:13 PM
                      Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:14 PM
                        Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:15 PM
                          Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:16 PM
                            Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:23 PM
                              Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:39 PM
                                Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:47 PM
                                  Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 02:44 PM
                                    Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 02:59 PM
                                      Re: رد عمار محمد حامد04-02-08, 07:21 PM
                                    Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 00:40 AM
                                    Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:30 AM
                                      Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:34 AM
                                        Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:36 AM
                                          Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:38 AM
                                            Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:40 AM
                                              Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:45 AM
                                                Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:46 AM
                                                  Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:49 AM
                                                    Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:52 AM
                                                      Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:58 AM
                                                        Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 02:03 AM
                                                          Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 02:07 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 07:23 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:34 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:35 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:36 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:37 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:39 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:40 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:41 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:42 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:45 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:45 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:46 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:47 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:48 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:49 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:50 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:51 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:51 AM
                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:52 AM
                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:53 AM
                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:54 AM
                          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:55 AM
                            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:56 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:02 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:04 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:06 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:08 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:09 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:10 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:11 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:12 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:13 AM
                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:14 AM
                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:15 AM
                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:16 AM
                          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:17 AM
                            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:18 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 03:33 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 07:06 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 07:44 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 10:04 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 10:05 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 11:34 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-04-08, 03:19 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-04-08, 00:31 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-06-08, 04:51 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de