الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 08:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-28-2008, 03:39 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    احمــد ..انت من ذلك الاســد
    انهم من عمــالقة البجـــا
    د.ابو محــــمد ابوامــــنة

    الاستاذ الكبير محـمود محـمد طه شـنقوه لانه صاحب رسالة وصاحب تجديد, اراد ان يحرر الدين من كل الشـوائب التي الحقتها به جماعة جهلاء الدين.هؤلاء الجهلة, عندما لم يستطعوا مقارعة الحجة بالحجة والوقوف امام هذا العملاق. قالوا: هذا مرتد وساقوه للمشنقة, ظانين بان افكاره ستندثر,ولكن انظر, انها تزدهر وتنمـو. المشـانق لاتبيد الافكار.وكم من رسول تعرض للتعذيب في سبيل رسالته.
    هتلر حرق كتب ماركس, وانجلز, وتوماس مان, وكانت, وبيبل, وبرشت وحشر المفكرين في معسكرات الابادة. ولكن انظر, لقد فني هتلر ولكن افكار هؤلاء العمالقة لا زالت تزدهر.

    وتمزيق الصفحات لن يؤدي الا الي ازدهارها.

    قل كل هذا لدعاة الظلام. قل لهم ان الحجة لا تقارع الا بالحجة. والحقيقة لاتموت..الشنق والحريق والتمزيق والسجن والتعذيب, هي اسلوب الضعيف, ذلك الذي يفقد الحجة.الاستاذ محمد ادروب سجل للتاريخ, انها كلمات مكتوبة, تمجـد ذلك التاريخ الناصع للبجا. ام انها خرجت قوية كالبركان تزلل مواقع مواقع اصحاب الظلام وجزاري البجا؟ الاستاذ وقف يدافع عن اهله البجا منذ ان كان تلميذا بالثانوية, وثبت علي افكاره يدافع عنها بشموخ واباء رافضا كل الاغرآت والمناصب والجاه. انه اسد من اسود من ابناء البجا.
    وانت من ذلك الاســد..وتلك العملاقة.

    أنها السيدة والدتكم. البجا.. يكرهون الحديث عن الامهات, حتي لو صرن عمالقة العمالقة. ومن اين لهم بهذه العادة الغريبة؟ ولكن هناك استثنآت,فمريم جدة قبيلة الاتمن وكذلك هداة جدة الهدندوة, ومريم المرغنية,التي أحبها اهل الشرق, يذكرن وبفخر. فلا قضاضة في ان نقول انها عملاقة. لقد شاركت الاستاذ في كل نشاطاته, وحملت نفس الافكار وصارت تدافع عنها بنفس الحماس.

    ووراء كل رجل امراة.
    انها ابنة ذلك العمـلاق محمــد مختار, الذي شهدت فيه ميناء بورتسودان ازدهارا ما بعده ازدهار عندما كان مديرا لها. كان مثالا للعفة والنزاهة والكفآءة, الا ان اهل الوسط لم يتركوه وطمعوا في المنصب وماقد يجلبه من ثراء. فقالوا انه عنصري وذلك فقط لانه عين بعض ابناء البجا ومنهم ايلا في بعض المناصب ممارسا بذلك سلطاته كمدير للمرفق. وصارت البرقيات تتواصل لنميري مطالبة بازاحة هذا العملاق من موقعه. فتمت المؤامرة وازيح. ويازاحته زاحت الكفآءة والنزاهة والعفة من الموقع. انها ظاهرة من ظواهر محاربة البجا والعنصرية البغيضة.

    ومحمد مختار هو شقيق مصطفي وحسن مختار اللذان كان لها شرف الاشترك الفعال في تاسيس مؤتمر البجا عام 1958. الم يلعلع الرصاص داخل منزل حسن مختار حين اعتدت قوات الظلام علي موكب البجا في يناير الماضي؟ هل ننسي اعتداء هؤلاء علي مريم مختار ذات السبع سنين؟ الم يضربوا النساء ويعتدوا علي الخال داخل المنزل وامام اعينك؟
    ألم تنطلق انتفاضة البجا من ذلك البرش امام منزلكم؟
    والخيلان كانوا في ذلك الموقع.. احمد , ومختار, وشيبة, وموسي , وحسن, وهدلول. انهم من عمالقة البجا . قالوها بصراحة ووضوح وباصرار: لن نرضي بالتهميش, وبالمجاعات, وبالتشريد, وبالامراض, وبالتخلف وبالاذلال.
    انت ابن هؤلاء العمـالقة, فلا مهادنة مع القتلة وسفاكي دماء البجـا.

    http://www.sakanab.wtcsites.com/
                  

04-28-2008, 03:39 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    عادت الوفاق للصدور والإرهاب الفكري لايزال ماثلا ً
    سليمان الأمين
    وأثبت القضاء السوداني أنه لا يزال فيه خير كثير، وأخذ قضية صحيفة الوفاق في سياقها الصحيح، فهي في جوهرها خطأ تحريري متكرر الحدوث تطالعنا بالإعتذار عنه الصحف بلا استثناء كل يوم مصحوباً بالعبارة الروتينية (مما لا يفوت على فطنة القارئ)، ولكن المتتبع لقضية الوفاق وتداعيات الحدث وتطوراته يدرك مدى عمق الأزمة الفكرية التي تعيشها بلادنا ، وأي نوع من الفكر المسطح يسود ، وأي نوع من الإفلاس يسيطر. هذا الخطأ التحريري المتكرر الحدوث ملأ الدنيا وشغل الناس ، وهُيج به جماهير البسطاء كما يحلو للبعض تسميتهم ، عندما أستنفرهم بعض أئمة المساجد ، يرمون رئيس التحرير الأستاذ / محمد طه محمد أحمد بالكفر ، في أكثر حملات الإرهاب الفكري ضراوة ، دونما اعتبار لأدنى قواعد العدل، حتى المقولة التي يحفظها الجميع ، أن ناقل الكفر ليس بكافر.
    كان يمكن للخطأ التحريري أن يتم تصحيحه بهدوء وبساطة ، وكان يمكن أن يؤخذ في إطارالتدنّي في إمكانيات الصحافة السودانية وحالة العوز التي تعانيها ، وعدم المهنية التي تصاحب كثيراً من أعمالها ، فرئيس التحرير الأستاذ محمد طه ، كما يزعم الكثيرون وبعد أن يكتب جُل مادة الصحيفة، وهذا جهد خرافي لا يستطيعه إنسان بشكل يومي ، يكون قد بلغ به الرهق مداه ، فيترك بقية الصفحات لتملأ من الشبكة الإلكترونية، وبالتالي الذي يعمل على جهاز الحاسوب ، يختار المادة حسب المناسبات ، أمّا وقد كانت المناسبة هي مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فقد كانت ذهن العامل على جهاز الحاسوب منصرفة إلي الموضوعات التي تتحدث عن المولد وغالباً ما يكتفى بالعنوان دون الغوص في ثنايا الموضوع لمعرفة فحواه والتدخل بإعادة التحرير إذا لزم الأمر ، وأكاد أجزم أنه لم يخطر ببال هذا الشخص الذي ينام ملء جفونه ويسهر الخلق من جراء شوارد أصابعه ، أن مادة عن المولد النبوي الكريم يمكن أن تحتوي على مثل هذه الفرية العظيمة ، وأكاد أتصوره وقد فغر فاه من الدهشة عندما علم بحقيقة الأمر.
    وكان يمكن للأستاذ محمد طه محمد أحمد أن يعالج الأمر في ذات السياق ، ولو علم الناس حقيقة السيناريو لعذروه بدلاً من أن ينتهي به الأمر إلي ذلك البيان الحزين والمؤثر والأشبه بالإستتابه على صفحات الصحف ، وكأنّه حقاً قد نافق أو إرتد! ولكنه يفعل ذلك تحت تهديد الإرهاب الفكري القمئ الذي يحاصر هدفه دون رحمة ويحشره في زاوية الدفاع.
    كيف يمكن أن يكون محمد طه متهماً بالإساءة إلي الرسول الكريم ، وهو قبل وقت قليل كان يواجه تهمة الإنتماء إلي الشيعة ، وقد نفى ذلك وبرر حيثيات الإتهام ، إن كان الإنتماء إلي الشيعة يُعد إتهاماً ، لحبه الكبير لآل البيت النبوي الشريف . ولم يشفع لمحمد طه تاريخه الطويل في الحركة الإسلامية ، فقد كان الوحيد الذي يصدر جريدة حائطية هي الأفضل إخراجاً من كل الصحف الأخرى والأكثر إنتظاماً ، فقد كانت صحيفته أشواك علامة مميزة يقصدها مرتادوا مقهي النشاط بجامعة الخرطوم ، عندما كان يضارع ركن المتكلمين في حديقة الهايد بارك بلندن ، ولم يشفع له تصديه منفرداً في وقت كانت تختفي فيه قيادات الإتجاه الإسلامي ، فقد كان يتصدى لركن الجمهوريين معرضاً نفسه لمنطق القراي القوي ولسان أحمد المصطفى دالي اللاذع ، وكذلك الأركان والمنتديات التي تنظمها الجبهة الديمقراطية والتنظيمات السياسية الأخري ، خصوصاً أيام تطبيق الشريعة الأولى المعروفة بقوانين سبتمبر ، فقد كان محمد طه بطل منابرها بشهادة الجميع ، وكل ذلك بإسم الاتجاه الإسلامي ، ولم يُرصد له أبداً أية أنحراف في أفكاره تؤيد ما ذهب إليه متهموه اليوم .
    يُرجي ألا يذهب الظن بالبعض أن كاتب هذه السطور على وفاق تام مع الأستاذ محمد طه ، وتربطهما علاقة سياسية أو مصلحية ، كلا ، بل كانت بينهم خصومة سياسية مشهودة بين الأتجاه الإسلامي الذي ينتمي إليه الأستاذ محمد طه ومؤتمر الطلاب المستقلين الذي ينتمي إليه الكاتب ، الذي لا ينتمي الآن إلي أي تنظيم سياسي وأن كان يعمل بقوة لعودة المستقلين إلي الساحة السياسية عبر مؤتمرات المستقلين المؤسسة على الممارسة المباشرة للديمقراطية من غير ما حزبية أو تحزُّب ، فالكاتب قارئ عادي لما يكتبه الأستاذ محمد طه ، يتفق مع بعضه ويختلف ، ولكنها كلمة الحق التي يجب أن تقال في حق الرجل . فقد هب قلمه ، أي الأستاذ محمد طه منافحاً عن كثيرين تعرضوا للتجنّي والإبتزاز الرخيص والإرهاب الفكري والكيد السياسي من مجموعات مختلفة ، ومنها على سبيل المثال ما تعرض له الدكتور عصام أحمد البشير وزير الإرشاد الحالي في محاولة لإبعاده عن إمامة مسجد العمارت شارع (41) ، وفي سلسلة من المقالات تنبأ الاستاذ محمد طه بأن يكون الدكتور عصام وزيراً للإرشاد وقد كان ، والذين قادوا الحملة ضد الدكتور عصام بالأمس هم الآن من مرؤوسية، ولم نسمع بأن أحدهم قد إستقال ولو على سبيل الحياء. هذا إلى جانب ما تعرض له البروفسير حسن مكي ، عندما أستعرض تاريخ الطبري عن أحداث مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه .
    ولكن محمد طه كان يقف وحيداً إلا من نفر قليل، حتي أضطر لإصدار ذلك البيان الحزين والمحزن ؟ بل على العكس فقد تناوشته الآلسنة والأقلام . وتتالت البيانات المنددة ، ولكن أغربها بيان أتحاد الصحفيين السودانيين الذي غلبت عليه الهتافية وخلا من المهنية والموضوعية ، فقد كان الواجب على الإتحاد تهدئة المشاعر وشرح الموقف بما يؤدي إلي التفهم والتوضيح ، وقضية الأستاذ محمد طه على ضعفها لأنها تقوم على تهم بلا سيقان ، ورغم طبيعتها الكيدية ، والراجح أن هناك من يحرك هذه الأحداث من طرف خفي ، فمحمد طه أعداؤه وخصومه كُثر ، ولكن هذه القضية يجب ألا تنتهي دون أخذ العبر منها وقد كشفت عن عدة جوانب.
    أولاً : كشفت هذه القضية عن ضعف التديُّن الشعبي ، ومن صفاته وعلاماته القابلية للإثارة على غير هدى ، فكثير من هؤلاء الذين ثاروا ضد الوفاق أو أتهموا الأستاذ محمد طه لم يروا المقال وبعضهم ربما لم ير صحيفة الوفاق في حياته ، رغم أن بالقرآن الكريم نص قطعي الدلالة يدعو إلي التثبُّت حتي لا يصاب قوم بجهاله ويعقب ذلك الندم.
    ثانياً : إستسهال عملية رمي الناس بالكفر وإلنفاق والخروج من الملة وهذا لعمري أمر عظيم وخطير ، وينم عن الجهل وعدم الورع ، كيف يجرؤ أمري على رمي أخيه بالكفر ، وحديث الرسول (ص) واضح المعني حيث قال (ص) : (من قال لأخيه يا كافر ، باء بها أحدهما) أي أن كلمة يا كافر هذه لا تسقط إلي الأرض ، فإما أن تناسب من قيلت له ، وإلا إرتدت إلي قائلها.
    ثالثاً : لقد تمت محاكمة الأستاذ محمد طه مرتين ، الأولى الإيقاف للصحيفة مدة ثلاثة أيام من قبل المجلس القومي للصحافة والمطبوعات ، وها هي الثانية يواجهها أمام المحكمة ، ولعل من ألف باء القانون هو ألا يحاكم المرء مرتين في قضية واحدة (Double jeopardy)
    رابعاً : إن الله أبتلى هذه البلاد بفئه من الناس خلعوا على أنفسهم لقب علماء وألقاباً أخرى ما أنزل الله بها من سلطان ، هؤلاء حصروا أنفسهم في جزء من تاريخ الفقه الإسلامي ومع ذلك أحتكروا العلم كله ، وهم الآن يقومون بدور محاكم التنفتيش التي سادت في أوروبا إبان إنحطاطها الحضاري .
    يجب أن يعاد النظر في دور هذه الفئة المتعاظم ، وإعادة تأهيل من هو قابل للتأهيل منهم ، فالإسلام ليس فيه طبقات ، الناس كلهم سواسية ، والعلم بالدين واجب على كل مسلم ومسلمة ، فليس هناك رجل دين يتمتع بسلطة أضافية ، وهذه أحدي النقاط التي تميز الإسلام عن غيره من الأديان التي سبقته ، وبالتالي التأهيل لمكانة العالم ينبغي أن يكون بالتخصص في أي علم من علوم الحياة ، ، هندسة ، اقتصاد ، علوم سياسية ، زراعة ، فلسفة أو طب.. ألخ يكون ذالك متوجاً بالعلم بالدين الذي هو واجب على الكل كما اسلفنا ، ليس من المنطقي أن يقضي أحدهم بضع سنوات في معهد ديني (مع الإحترام الشديد لكل الذين يعرفون قدرهم ويلتزمون حدودهم) ، ثم يفتي بعد ذلك في كل شئ حتى هندسة الجينات وزراعة الأعضاء. هذه الفئة قد تجاوزها الزمن ، ويجب إعادة تأهيليهم وتزويدهم بعلوم الحياة ليمارسوا دورهم مع الناس.
    خامساً : بالعودة إلي محور القضية التي فجرت هذا الخلاف وأدت إلي هذا الهوس الذي أودي بحياة الكثيرين من قبل ، لقد عاب الكثيرون على محمد طه هذا النشر مع قناعتهم بحسن نيته ، متعللين بأن البسطاء لا يتحملون ، ورغم قناعتي بأن الأمر كله لا يعدو خطأ تحريرياً. ولكن لنفترض جدلاً أن الوفاق قد نشرت هذه الفرية الموجودة في كتاب المقريزي عمداً ، وردت عليها وفندتها ! أليس هذا هو المنهج القرآني لمعالجة هذا النوع من التهم. لقد تعرض المصطفى الحبيب (عبارة المصطفى الحبيب كثيرة الورود في كتابات الأستاذ محمد طه) لكثير من الأذي وهو يحمل عبء هذه الرسالة من كفار قريش وغيرهم ، أتهموه بشتى التهم وآذوه أشد الأذى البدني والنفسي ، والقصص معروفة حتى لتلاميذ المدارس ، جزى الله المصطفى عنا بخير ما جزى نبياً عن أمته. ألم يقولوا عنه كذَّاب ، ألم يقولوا ساحر ، وشاعر ، أوَ لم يقولوا مجنون ؟! من الذي وثق لهذه التهم ، هل هو المقريزي وغيره من الكتاب النكرات والمجهولين ؟
    إنه المنهج القرآني في معالجة مثل هذه المواقف ، تبيان التهمة ثم تفنيدها والرد عليها ، وهو ذات المنهج الذي أتبعته صحيفة الوفاق لو أفترضنا أنها فعلت ذلك متعمدة ، وهو منهج عميت عنه هذه الفئة المسماة بالعلماء ، وليقرأ من شاء الإتهامات كما سجلها القرآن الكريم في سورة (ص) ، (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب[4] أجعل الآلهة آلها واحداً إن هذا لشئ عجاب[5] وأنطلق الملأ أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشئ يُراد[6] ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا أختلاق) وفي سورة الحجر (قالوا يا أيها الذي نُزّل عليه الذكر إنك لمجنون) وفي سورة الدخان (ثم تولوا عنه وقالوا مُعَلَّمٌ مجنون[4]) وفي سورة القلم (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون)
    هل هناك عرض لحجج الخصوم أقوى من هذا ؟ وهذه ميزة لا يتميز بها إلا القرآن الكريم ، الأسلوب المنصف وعرض حجج الخصوم وإعطاؤها المساحة اللازمة والكافية لتبيانها ، والأهم من ذلك أنه جعلها نصوصاً مقدسة يُتعبد بها ، ألا يصلى هؤلاء في مساجدهم وكثيرون منهم أئمة عندما يؤمون الناس بهذه السور ، إلا يقرأون هذه الآيات من سورة (ص) والحجر والقلم ، ويتعبدون بها في التلاوة؟ هل سمعوا أحداً يقول أن هذا طعنٌ في صدق رسالة المصطفى الحبيب (ص) أو في أهليته العقلية ، معاذ الله.
    يجب أن يدرك الجميع أن هذه التهم اليائسة والبائسة لن تنال من الإسلام ولا من نبي الإسلام شيئاً ، وعلى المسلمين ان يقرأوا قرآنهم ، فقد أكرم الله نبيه في سورة الشرح بوضع الوزر ورفع الذكر ، ويكفي ما حفظه التاريخ من مدح للمصطفى (ص) ما يملأ مجلدات ومجلدات ولكنه لم يحفظ بيت هجاء واحد ، يكفي أن صفات الذم القليلة التي وجهها النبي الكريم للبعض ظلت ملازمة لهم طوال تاريخهم حتى ألغت أسماءهم الأصلية ، فقليل من الناس يعرف أن أبا جهل هو أبوالحكم عمرو بن هشام ، أمّا مسيلمة فأصبح لقب الكذَّاب يقوم مقام ابيه ، فأي رفع للذكر أكثر من هذا.
    كان الواجب على هؤلاء وبدلاً من إثارة الناس البسطاء كما يزعم البعض أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم ويقوموا بتبصير الناس وتمليكهم منهج التفكير السليم، ويرفعوا من وعيهم حتي لا يظلوا بسطاء وسذجاً أبد الدهر ، اللهم إلا إذا كان في استمرار جهل هؤلاء وسذاجتهم أستمرارٌ لسلطان أولئك ومكانتهم ، وهو منطق لعمري مقلوب.
    أما تهمة جهل النسب هذه على الرسول الكريم ، أنما هي تهمة تافهة ومروجوها تافهون وهي فريه مستحدثة لم يقل بها أهل الزمان الأول الذين عاصروا ميلاد المصطفي (ص) ونزول الرسالة ، ولو أنها ذُكرت في ذلك الوقت لأوردها القرآن ورد عليها بما يفحم مروجيها ، فالله يدافع عن أنبيائه بالمنطق والحجة أو بالمعجزات ، وقصة نبي الله موسى عليه السلام التي وثق لها القرآن معروفة (يا أيها الذين أمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها * يا أيها الذين آمنوا أتقوا الله وقولوا قولاً سديدا ، يصلح لكم أعمالم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً).
    فيا علماء المسلمين في السودان تجاوزاً ، الأقصي في خطر عظيم يواجه خطر الهدم وقد عزم المتطرفون الصهاينة على اقتحامه في إي مطلع للشهر القمري، والبعض يطالب بهدمه نظير الإنسحاب من غزة، وقد أعدوا نموذج الهيكل الذي سيقام على أنقاضه . هبوا لنجدته وحرضوا المسلمين على ذلك ، أخرجوا مظاهرة مليونية يوم الجمعة القادم ، وأتركوا المعارك الإنصرافية. فصحيفة الوفاق هذه ربما هي الوحيدة التي تصدر صفحة منتظمة اسمها «نداء القدس».
                  

04-28-2008, 03:40 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ومن هؤلاء مصطفى الجيلي من السودان الذي تفسح له المنابر العلمانية صدرها ليقدم رؤية بديلة لهذا المشروع، تتضمن "شذرات من الفهم العام لمؤلفات محمود محمد طه الذي كتب أكثر من ثلاثين كتاباً في المعرفة الروحية وتطبيقاتها في الاقتصاد وفي السياسة والتنمية والفنون وضروب الحياة كلها" (؟!) وينطلق هذا الكاتب في رؤيته لإسلامية المعرفة من أن "القرآن يحوي علوم الأولين والأخرين.. ولكننا لا نفهم ذلك للوهلة الأولى، إذ يحتاج لمنهج عملي لإحيائه في الصدور.. لأن القرآن ليس علم ظاهر، ولذلك فليس هو في ظاهر الألفاظ مما تعطي بداهة اللغة، وإنما هو كتاب تعبِّر عنه الآية: "قل هو آيات بينات في صدور الذين أوتو العلم". ولعلّ ذلك يوضح بعداً من أبعاد الجهود العلمانية .......


    http://eiiit.org/article_read.asp?articleID=455&catID=262&adad=276

    __
                  

04-28-2008, 03:41 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    وفي هذا تاتي فكرة رائعة- في خصوص الصيرورة في التشريع تمس فكرة (=ولادة المعنى)- للمفكر السوداني الشهيد محمود محمد طه برؤيته ؛ ان الختم للنبوة (= خاتم النبيين ) وليس للرسالة.

    وكأنه يمكن انتاج رسالة ثانية وثالثة.. على اساس توليد المعنى/ الصيرورة/تكامل الوجود, التاريخ.. كما سلف.

    ولكن محمود محمد طه يقيد رؤيته؛ ان من يطرح التجدد في الرسالة الثانية محصور برجال اتاهم الله الفهم عنه من القران ، واذن له في الكلام وهذا ما يجعلنا نفترق به عن رؤية محمود طه ، بابقاءه حصر المعنى ونتاجه في الحياة ، ضمن الحدود الاسلامية ، وهنا تنهار نزعة الانسنة معرفيا في الرؤية مع طه, مع انسانيته الرائعة. كما انه تظهر فكرة الاحتكار في رؤيته واضحة. وهو مشابه للاشكال الذي يوجه على نتاج فكري مهم سيما مع المدرسة الشيعية في نظرية منطقة الفراغ التشريعي لدى باقر الصدر ومنطقة العفو ، في الفكر السني مع اصول الفقه فيما سناتيه من ارباكات في هذا العلم افضى الى تطوح الحكم الشرعي فتوائيا وتخلفه عن الوجود الديني الاصيل. وكذلك – وهو الانكى - دخول فكرة (الاسلمة) معهما لاشعوريا او مستقلة صريحة مباشرة كما عرف في العقدين السابقين في فكرة اسلامية المعرفة وهي الفكرة الاكثر حسرا للابداع الوجودي في المعنى للانسان. والاكثر ضررا على الدين بزويه من جديد وزوي الحياة معه, بحيث يغدوا من جهة متهما, ومن جهة يغدوا عائقا عن الابداع لانه بكل الاحوال تقييد بوجه وصورة محددة, هي من صنع رجالات الدين لا الدين نفسه. عموما سياخذ ذلك تفصيله لاحقا : بين الانسنة والاسلمة...علما انه من المستحيل ان تجعل كل الناس مسلمين, ولكنه من السهل ان تغني معهم سوية الانسانية.

    http://www.kitabat.com/aljubran_razaq_4.htm
    _________________
                  

04-28-2008, 03:45 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    شهيد العصر



    شعر: محمد عبد الله شمو
    13 فبراير 1986

    سوف امشى للمحطات التى قد احرقوها

    للعصافير التى قد شردوها

    ثم امشى فى الطريق الجانبى

    اشجب النهر الذى خان الضفافا

    ثم امشى فى اليسار العربى

    كى ارى الحمى التى تشتد ما بعد الزفافا

    ***

    ثم امشى وانادى ايها الوجه المطارد

    وفق مايهوى ..الهوس...ايها الفذ المحاكم .. مثل ما يهوى النظام

    كيف لى ان اشتهيك ؟. كيف لى ان التقيك؟؟

    وارى الغامض فيك؟؟

    ثم امشى فالاقى .. ما الاقى

    فى مسار لولبى........ ومناخ كالسديم.

    نحن نرتد كثيرا للقرون الغابره

    فى مناخ هو كالعهد القديم

    ***

    وافتقدناه صباحا.

    كان سرا يعشق الارض واسباب السماء

    فتسامى.... وسما....

    ناسجا كل التفاصيل التى سادت اطار الملحمه

    وتوارى بين حبات الندى

    راضيا كل الرضا.....

    لم يكن يعرف شيئا عن مزاق الكولا والايس كريم

    لم يكن يستعمل التكييف قط.....

    لم يكن يرتاح والدنيا غلط...

    ***

    لم يقل شيئا ينافى ما يراه

    لم يقل شيئا سواه....

    كان ضد المرجفين

    يوم ان كنا جميعا بين... بين....

    يوم ان بعنا عليا والحسينا ....

    ***

    كان شخصا نادرا حتى العدم

    وفريدا مثل خط الاستواء

    كان يمتد سلاما.. و صفاء.. ونقاء..

    ***

    اشرب القهوه فى ركن قصى ثم امضى.

    موغلا فى الحزن حتى الموت

    او ماشابه الموت كثيرا

    ***

    لا مجال الان للتدخين عندى ..... هذا التبغ مر فاتركينى..

    ان فى عينيك سرا غامضا يحتوينى.....

    وانا لا املك الان السؤال ولا باب الاجابه

    ليتنى كنت تمردت على كل نواميس الكتابه...

    فاتركينى احزم اللحظه بضعا من متاعى

    اكتب الشعر الذى يورثنى المجد الملون

    واحتمالات الضياع....

    ***

    يا حبيبى......

    ايها الرابط فينا كقناديل الذره

    ايها الممتد فينا كانحناءات الحقول

    ليلة الفاشست حتما لن تطول

    ليلة الفاشست حتما لن تطول

    ليلة الفاشست حتما لن تطول
                  

04-28-2008, 03:50 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    عبدالغنى كرم الله:

    هاهو الكتيابي، المعني بهذه النبوءة المحمدية، يقسم، ليبره الله، ليشع نوره في الأفاق (ملايين الناس لا تعرف محمود محمد طه، حتى في أوساط الجامعات السودانية، ناهيك في الأفق العربي وأفاق الغرب (والجميع يعرف فودة، ومحمد جابر العابدي، والعظم، بل والكرشة)،.... دهشت حين أدرك مثقف عراقي (ناصر كنانة)، بأن هناك شاعر يسمى (محمد المكي إبراهيم،)، وله برتقاله، سال بطمعها لعاب الجميع...

    لم؟
    وكيف؟
    ومتى؟

    هناك مثقفة كويتية (أمنة راشد)، قالت لنا في مقهى ثقافي، على هامش مهرجان الدوحة الثقافي (السودانيين بعملوا ، براهم، أسوار وحصون على ثقافتهم)... دهشت من أشعار ادريس جماع..
                  

04-28-2008, 03:53 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    الفنان الدكتور يوسف الموصلى:

    لقد كان موقفا مهيبا تنفيذ حكم الاعدام في المفكر
    الاسلامي الشهيد محمود محمد طه

    لمجرد انه ابدي معارضة سلمية قوية للقوانين

    الاسلامية الشهيرة بقوانين سبتمبر انذاك
    كنت وقتها مقيما بالقاهرة مع مجموعة من الفنانين الذين
    فضلوا الغربة عن القهر فاتصل بي زميلي الفنان محمد
    وردي تلفونيا مبلغا اياي غضبه وحزنه الشديد علي هذا
    الظلم المبين وقد وكان ذلك بعد اذاعة خبر التنفيذ فقد
    ابلغني بانه قد لحن

    ياشعبا تسامي ياذاك الهمام
    تشق الدنيا ياما
    وتطلع من زحاما
    زي بدر التمام
    من شعر محجوب شريف


    اما انا فقد قلت له لقد ولد ذلك الحدث اغنية دعوه للثوره
    من شعر عبد القادر الكتيابي فور اذاعة الخبر الاليم


    دعوه للثوره
    اشوفك طالعه من الشوف
    علي طبقات
    عروق الجوف
    وبيت المال
    ومن ابوروف
    وشارع النيل
    ونازله عديل
    علي عين الحجب عينك
    متل ماقبيل
    سهم درويشك الفقران
    نزل لاساهي لاغبيان
    علي تمرة قلب غردون
    يصفي البينو مابينك
    متل ماقبيل
    اشوفك تصحي تمحي الليل
    وتمسحي من جرايد الغير
    حساب دينك
    واشوف قرشك يسير في السوق
    واشوف قطنك
    ملايه علي البحر والبر
    كفن لي من كتف خليك
    سرق خيرك
    ولا خلي الصغير يكبر
    ولا خلي القليل يكتر
    ولا يابس ولا خضر
    ولا يابس ولا اخضر
                  

04-28-2008, 03:12 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    بالوثائق:التآمر الجنائي واستغلال القضاء في اغتيال الأستاذ محمود ( 1_ 2 )
    لماذا اعتذر الأستاذ محمود محمد طه عن قيادة الحركة الإسلامية ؟؟
    الدعوة إلى الإسلام بغير تحقيق فى التوحيد جعجعة لا طائل تحتها
    محمد محمد الامين عبد الرازق
    كتب السيد عبد المحمود نور الدائم الكرنكى مقالا بصحيفة الإحداث 24 /2 / 2008م، حول تاريخ الحركة الإسلامية، جاء فيه: ( عندما كون الاتجاه الإسلامي الجبهة الإسلامية للدستور عام 1954 م ، كانوا جماعة من الشباب المتحمس الذين ليس لديهم أي وزن نقابي، أو عشائري، أو فكري ، وكان كتاب (حياة محمد) لمحمد حسين هيكل، من مراجعهم المهمة، وكانوا يعيشون أزمة حقيقية، ويبحثون عن زعيم يقودهم، وعن أب يسيرون تحت رعايته الحانية، فذهبوا وهم يبحثون عن زعيم ، إلى الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري، والذي أعدمه الرئيس جعفر نميري عام 1985م، قبيل سقوطه، بتهمة الردة ، وكان في السادسة والسبعين من العمر ! وذلك من قبل أن يبحر محمود محمد طه فيما بعد بعيدا عن إسلام الصلوات الخمس، والرسالة الأولى ، ويؤثر أراءه الذاتية فى قضية الاسلام ، ولم يعط الاستاذ محمود شباب الاتجاه الاسلامى ردا إيجابيا ) .. هذا ما أورده الكاتب ، وهو يحتاج الى التصحيح في ثلاثة محاور فيما يختص بإشارته للأستاذ محمود :
    1 / تاريخ المقابلة وتوضيح محتوى الرد الذى اعتذر الأستاذ محمود على أساسه عن قياده هؤلاء الشباب ..
    2/ هل كانت محاكمة الأستاذ محمود اغتيال سياسي مدبر أم قضية ردة ؟
    3/ هل حقيقة أبحر الأستاذ محمود بعيدا عن إسلام الصلوات الخمس، وقدم آراء ذاتية أم أن أفكاره فى الرسالة الثانية انبعثت من قلب الاسلام فى تحقبق التوحيد ، ومسنودة بالكتاب والسنة ؟
    قد يخطيء الإنسان عندما يسجل التلريخ البعيد قبل مئات السنين مثلا ، وذلك للبعد الزمني، وغياب التوثيق الحديث فى الحقب القديمة ، لكن أن يعجز عن أن يسجل الأحداث بدقة ، ويستوثق من صناعها وهم أحياء ، هذا ما يضعف كتابة التاريخ من حيث هي، ويطعن في أمانة المؤرخ ، ويجعل الأجيال اللاحقة تفقد الثقة في المعلومات المسجلة .. فالحياد صفة أساسية لابد أن يتحلى بها كل من يتصدى لمهمة التوثيق.. إن السيد الكرونكى أخطأ في تاريخ المقابلة مع إن بعض من قاموا بها لا يزالون أحياء ، ومنهم الأستاذ محمد يوسف محمد والأستاذ ميرغني النصري، إضافة إلى المرحوم بابكر كرار .. أسوأ من ذلك، فإنه قد تحدث عن الأستاذ محمود بإخفاء كامل للحقيقة، بل بتشويه،أرجو أن لا يكون متعمدا ، لما تم في محاكمته، إذ أنه ذكر أن الأستاذ محمود حوكم بتهمة الردة مع إن الردة كتهمة لم توجه قط الى الأستاذ محمود لا في محكمة الموضوع ولا في المراحل اللاحقة.. فمادة الردة لم تكن قائمة فى القانون الجنائى حينها ،والمحاكمة كانت اغتيال سياسي خطط له ونفذ مع سبق الإصرار ، فهو قتل عمد استغلت فيه ساحة القضاء بعدم مسئولية لا مثيل لها في عصرنا الحالي .. ويؤكد ذلك قرار المحكمه العليا عام 1986 م ، فقد أبطلت الحكم، ونشرت حيثياتها على صفحات الصحف ، فهل اطلع السيد الكاتب على كل ذلك ثم كتب ما كتب ؟ على كل حال سنضع المعلومات بتفصيل حول هذه المحكمة المهزلة أمام القاريء في الحلقة الثانية من هذا البحث..
    إن الكاتب غير محايد تجاه الفكرة الجمهورية ، فهو يحاول أن يدين مؤسس الدعوة بتقديم صورة مشوهة لأفكاره من خلال العبارات التى يستخدمها مثل: ( وذلك من قبل أن يبحر محمود محمد طه بعيدا عن إسلام الصلوات الخمس، والرسالة الأولى ويؤثر آراءه الذاتية فى قضية الاسلام ) .. إن الأستاذ محمود، في حقيقة الأمر، هو أكبر من عرف الصلوات الخمس مبنى ومعنى، وتشهد على ذلك من حيث التنظير، الكتب التي ألفها في تبيين أهميتها وكيفية أدائها كوسيلة للرضا بالله والتحرر من الخوف ، ومنها: ( رسالة الصلاة ) ( تعلموا كيف تصلون ) ( صلوا .. فإنكم اليوم لا تصلون ) ( الصوم ضياء والصلاة نور )،(تعلموا كيف تعرجون بصلاة معراجكم إلى ربكم) .. الخ .. وتشهد على ذلك من الناحية العملية، البصيرة النافذة ، والانضباط بأخلاق القرآن، ثم المواقف المشرفة، التي لازمته في جميع مراحل حياته، إلى أن ختمها بالابتسامة العريضة فوق المقصلة،ولا أجد انطباعا عن ذلك المشهد أجمل من تعبير السيد أسامة الخواضإن الأستاذ محمود سطر كتابه الأخير تعلموا كيف تموتون) ..
    إن الرسالة الثانية من الإسلام أو الدعوة الإسلامية الجديدة،إنما هي دعوة إلى تطوير الشريعة السلفية الى السنة النبوية التى طبقها النبى فى خاصة نفسه ، وذلك فى الأمور المتعلقة بتطور المجتمع البشري ، كالسياسة والاقتصاد والاجتماع .. فالعبادات وقوانين الحدود القصاص قائمة فى الرسالة الثانية كما هى فى الرسالة الأولى، ولذلك فإن عبارة (ذهب بعيدا عن إسلام الرسالة الأولى ) لا تعني الأستاذ محمود بأي حال من الأحوال .. والتطوير ليس قفزا عبر الفضاء وإنما هو انتقال من القرآن المدني إلى القرآن المكي، فالرسالة الثانية تهدف إلى إنزال السنة لنكون شريعة عامة تنظم حياة المجتمع المعاصر ..إن هذه الأفكار مطروحة منذ عام 1951 م ، وجرى حولها حوار ثر مع مؤسسها لا يزال الناس يستمعون إليه في موقع الفكرة الجمهورية على الإنترنت، ولا يمكن أن تعالج بأسلوب الغمز واللمز الذي اتبعه هذا الكاتب ..إذن ما هو الداعي للزج بها هنا واقحامها فى موضوع ليس خاص بها إن لم يكن التشويه المتعمد لشخصية صاحبها ؟ ولو قال : (وكان ذلك من قبل أن يعلن دعوته إلى الرسالة الثانية) لأوصل المقصود وكفانا مئونة الرد.. إذا كان السيد الكرونكى معارضا لأفكار الأستاذ محمود، لا بأس ،فيمكنه أن يطرح رؤيته وهو يجد مساحة يومية بهذه الصحيفة لا تتوفر لمن يكتب عنهم بنفس الدرجة ، ونحن نلاحظ أن قادة الصحف الذين ينتسبون إلى الحركة الإسلامية (باستثناء الأخ محمد طه محمد احمد ) ، يحتاجون إلى (تمارين) طويلة لخوض (مباراة) نشر واحدة لمصلحة أفكار وشخصية الاستاذ محمود محمد طه !! وعندما ينشرون فإن بعضهم يقتطع ما يحلو له بغير حجة ولا موضوعية، فمثلا مجلة الخرطوم العدد 56 الصادر في يناير2008 ، حذفت كلمة (الأستاذ) واستبدلتها بكلمة (الراحل) حتى في إفادات الأخ د.عمر القراي والأخت أسماء محمود !! إن الأمانة العلمية تقتضي نشر حديث المستضاف كما هو دون حذف أو إضافة ،ثم ما هي الحكمة في حرمان (تلميذ) من أن يقول لمرشده (أستاذ) ؟.. وهنا لا بد من الإشادة بالسيد الكرنكي لأته لم ينحدر إلى هذه الدرجة من الغلظة والتعسف..
    تاريخ المقابلة :
    كانت مقابلة وفد الشباب المتحمس المشار اليه للأستاذ محمود في عام 1949م ، وليس عام 1954م كما ذكر الكاتب ، وعندما قدموا رجاءهم للأستاذ بأن يكون رئيسا للحركة الإسلامية رد عليهم : ( لكن الإسلام وينو لامن تعملوا ليهو رئيس !! ) وانتهت المقابلة برد فحواه أن الإسلام غائب عن حياة الناس ، ويحتاج الى بعث من جديد ، لا يملكه الدعاة السلفيون ، فالحاجة ماسة إلى بعث الإسلام كمنهاج حياة شديد الفعالية فى تغيير النفوس أولا وتحريرها من الخوف ، قبل السعي به إلى السلطة وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه .. قال السيد الكاتب :" لم يعطي الأستاذ محمود للشباب ردا إيجابيا " فكأنه قد حدد معنى الإيجابية بتلبية رغبة الشباب ، وهم تنقصهم المعرفة والتجربة والحكمة .. والحقيقة أن هذا الرد فى غاية الإيجابية للشباب أنفسهم ، ولغيرهم ، علم من علم وجهل من جهل .. لقد كان الاستاذ محمود فى ذلك الوقت خارجا من سجن طويل امتد لعامين ( 1946 ـ 1948م ) بسبب قيادته لثورة رفاعة ضد الإنجليز، وقبله في نفس العام قضى خمسين يوما في السجن بسبب إصداره منشورا ضد الاستعمار(التفاصيل بصحيفة الأحداث 13/1/2008م) .. وبعد السجنين اعتكف برفاعة بين ( 1948 ـ 1951م ) فى خلوة للعبادة ، ابتعد فيها عن الخارج الا بعض الكتابات التي كان يرسلها إلى الصحف مشاركا في الحركة الفكرية ..تلك المواقف المتفردة في الصراع المباشر مع الإنجليز، أبرزته في الساحة كقائد لا تلين له قناة، وهذا هو السبب الذي دفع هؤلاء الشباب نحوه.. أسباب الاعتذار نشرت بتفصيل في كلمة بصحيفة (الشعب) يوم 27 / 1/ 1951م تحت عنوان : ( سعيد يتساءل ) وقد كانت ردا على الاستاذ سعيد الطيب شائب الذى انضم الى الحزب الجمهورى آنذاك وصار فيما بعد القيادى الأول للإخوان الجمهوريين حتى عام 1985 م ، فالى الكلمة:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    ( الذين قال لهم الناس : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا ، وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ) صدق الله العظيم
    حضرة صاحب جريدة الشعب ص.ب 266 الخرطوم
    تحية وبعد : فقد اطلعت بعددكم السادس ، على كلمة من الأخ سعيد يتساءل فيها عني ، وقد أعلم أن كثيرا من الأخوان يتساءلون كما تساءل ، فلزمني لهم حق الشكر ، ولزمني لهم حق الإيضاح .. عندما نشا الحزب الجمهورى أخرج ، فيما أخرج منشورين : أحدهما
    بالعربية : ( قل هذه سبيلي ) والآخر بالإنجليزية :
    ( Islam the way out )
    ضمنهما اتجاهه في الدعوة إلى الجمهورية الإسلامية .. ثم أخذ يعارض الحكومة فى الطريقة التى شرعت عليها تحارب عادة الخفاض الفرعونى ، لأنها طريقة تعرض حياء المرأة السودانية للابتذال ، وعلى الحياء تقوم الأخلاق كلها ، والأخلاق هي الدين .. ثم نظرت موضوع الدعوة الى الإسلام فإذا أنا لا أعرف عنها بعض ما أحب أن أعرف .. فإن قولك ( الإسلام ) كلمة جامعة ، قد أسئ فهم مدلولها الحقيقي ، لأن الناس قد ألفوا ، منذ زمن بعيد أن تنصرف أذهانهم عند سماعها ، الى ماعليه الأمم الإسلامية اليوم من تأخر منكر .. وماعلموا أن المسلمين اليوم ليسوا على شئ .. فأنت إذا أردت أن تدعوا إلى الإسلام ، فإن عليك لأن ترده إلى المعين المصفى الذى منه استقى محمد ، وابوبكر ، وعمر .. وإلا فإن الدعوة جعجعة لاطائل تحتها .. ولم تطب نفسى بأن أجعجع .. وبينما أنا فى حيرة من أمري إذ قيد الله ( مسألة فتاة رفاعة ) تلك التى سجنت فيها عامين اثنين ، ولقد شعرت حين استقر بي المقام في السجن ، أنى قد جئت على قدر من ربى فخلوت إليه .. حتى اذا ما انصرم العامان ، وخرجت ، شعرت بأنى أعلم بعض ما أريد .. ثم لم البس وأنا في طريقي إلى رفاعة ، أن أحسست بأن على لأن أعتكف مدة أخرى ، لاستيفاء ما قد بدأ.. وكذلك فعلت..
    فهل حبسنى أبتغاء المعرفة ؟؟ لا والله !! ولا كرامه!! وإنما حبسني العمل لغاية هى أشرف من المعرفة ، غاية ما المعرفة الا وسيلة اليها .. تلك الغاية هى نفسى التى فقدتها بين ركام الأوهام ، والأباطيل .. فإن على لأن أبحث عنها على هدى القرآن – أريد أن أجدها ، وأريد أن أنشرها .. وأريد أن أكون فى سلام معها قبل أن أدعو غيري للإسلام .. ذلك أمر لا معدى عنه ، فإن فاقد الشئ لايعطيه .. فهل تريدون أن تعرفوا أين أنا من ذلكم الأن ؟؟ إذن فاعلموا : إنى قد أشرفت على تلك الغاية ، ويوشك أن يستقيم لى أمرى على خير ما أحب ) .
    محمود محمد طه ـ رفاعة
    في اكتو بر عام 1951م خرج الأستاذ من الاعتكاف بصورة واضحة وعقد اجتماعا بالعاصمة، باشر الحزب بعده نشاطه بالدعوة الى الرسالة الثانية من الإسلام، فمقابلة الشباب تمت اثناء فترة الاعتكاف .. أما عام 1954م الذى ذكره الكاتب خطأ فهو العام الذى تأسست فيه صحيفة(الجمهورية)، الناطقة باسم الحزب في يناير ، وقد كان الاستاذ محمود حينها يعمل مهندسا بشركة النور، وبهذه المناسبة نقدم افتتاحية العدد الاول من الصحيفة وندعو الصحفيين ليتلمسوا روح العمل الصحفي الجاد بين كلماتها :
    (( أيها القارى الكريم : تحية
    أما بعد :
    فهذه صحيفة الجمهوريين يقدمها لك فتية آمنوا بربهم ، فهيمن عليهم الإيمان على صريح القصد ، فهم يقولون مايريدون بأوجز أداء، ويعنون ما يقولون من الألف إلى الياء .. و(الجمهورية) تطمح في أن تخلق تقليدا فى الصحافة فى معنى ما يخلق الجمهوريون من تقليد جديد فى السياسة .. والجمهوريون حزب سياسي ولكنهم لا يفهمون السياسة على أنها اللف والدوران .. وإنما يفهمونها على أنها تدبير أمر الناس بالحق وبميزان .. وللجمهورية فى الصحافة رأى ، وهو أنها يجب أن تعين على العلم ، لا أن تمالي على الجهل .. يجب أن تسير أمام الشعب لأ أن تسير فى زمرته تتسقط رضاه ، وتجارى هواه ، وتقدم له من ألوان القول ما يلذه ولا يؤذيه .. وقد تعرض الجمهوريون في نهجهم السياسي للكثير من العنت ، والأذى من جراء مضائهم فيما يرونه الحق ، والعدل .. فهل تتعرض الجمهورية لشئ من الكساد ، من جراء ما ستجافي من التقليد التجارى بتقديم ما يقدم فى سوق النفاق ؟ .
    إن هذا لا يعنينا بقدر ما يعنينا أن نستقيم على الحق .. فقد أنفقنا عمرنا نبحث عنه ، ولا نزال ، فإن وجدناه ، فإنا سنلقاك به صريحا غير مشوب بتلطيف ، وسيكون عليك أنت أن تختار لنفسك بين وجه الحق ووجه الباطل )) .
    البشارات :
    قلنا أن الأستاذ محمود وظف فترة الاعتكاف إضافة إلى فترة السجن في العبادة ، والصلوات الخمس مضافا اليها قيام الليل، وصيام المواصلة الذي وصل فيه خمسة عشر يوما متتالية ليلا ونهار دون انقطاع.. بعد هذه التجربة خرج بفكرة معالم الدعوة الإسلامية الجديدة ، التى ترتكز على المستوى العلمى من الاسلام الذى طبقة النبى الكريم فى خاصة نفسه كما أسلفنا،وأخذ يبشر بالمستقبل الزاهر للإسلام .. من تلك البشارات نشرت جريدة الشعب يوم 27 / 1 / 1951م الكلمة التالية : ( أنا زعيم بأن الإسلام هو قبلة العالم منذ اليوم، وأن القرآن هو قانونه ، وأن السودان، إذ يقدم ذلك القانون، في صورته العملية، المحققة لحاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة الى الأمن، لهو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب .. ولا يهولن أحدا هذا القول، لكون السودان جاهلا خاملا صغيرا ، فإن عناية الله قد حفظت على أهله من أصائل الطبائع، ما سيجعلهم نقطة التقاء أسباب الأرض بأسباب السماء ) ..
    النذارة هي الوجه الأخر للبشارة فقد حذر الأستاذ محمود من مغبة إقحام الإسلام برسالته الأولى في الحياة الحديثة بغير تطوير وبغير تحقيق .. فىهذا الاتجاه نشرت كلمة فى جريدة ( أنباء السودان ) يوم 6 / 12 / 1958م جاء فيها: (دعاة الفكرة الإسلامية في هذا البلد كثيرون،ولكنهم غير جادين ،فهم لا يعكفون على الدرس والفكر ،وإنما ينصرفون إلى الجماهير، يلهبون حماسهم ،ويستغلون عواطفهم، ويجمعونهم حولهم بغية السير بهم إلى ما يظنونه جهلا دستورا إسلاميا..وهم إتما ينصرفون عن الدرس والفكر ، ظنا منهم أن الفكرة الإسلامية موجودة ومبوبة ومفصلة ، لا تحتاج إلى عمل مستأنف ولا إلى رأي جديد .. فلست أريد أن أشق على أحد من دعاة الفكرة الإسلامية، فإن أكثرهم أصدقائي، ولكن لا بد أقرر أن في عملهم خطرا عظيما على الإسلام وعلى سلامة هذا البلد.. ثم يجب أن نغرف جيدا أن الإسلام بقدر ما هو قوة خلاقة خيرة إذا ما انبعث من معينه الصافي ، واتصل بالعقول الحرة وأشعل فيها ثورته وانطلاقه ، بقدر ما هو قوة هدامة اذا ما انبعث من كدورة النفوس الغثة، وأثار فيها سخائم التعصب والهوس.. فإذا ما قدر لدعاة الإسلام الذين أعرفهم جيدا، أن يطبقوا الدستور الاسلامى الذى يعرفونه هم، ويظنونه إسلاميا ، لرجعوا بهذه البلاد خطوات عديدات إلى الوراء ، ولأفقدوها حتى هذا التقدم البسيط، الذي حصلت عليه في عهود الاستعمار ، ولبدا الإسلام على يديهم، كأنه حدود، وعقوبات، على نحو ما هو مطبق فى بعض البلاد الاسلامية ، ولكانوا بذلك نكبة على هذه البلاد، وعلى الدعوة الاسلامية أيضا ) .
    في ختام هذه الحلقة، نحب أن نذكر إخواننا في الحركة الإسلامية الذين يعطون وزنا للعلاقات القديمة، ويجنحون إلى إدانة الفكر الجمهوري، والإساءة إلى مؤسسه،إرضاء لرؤسائهم، وهم يعلمون في دخيلة أنفسهم أن الحق غير ذلك،نذكرهم بأن يتفطنوا إلى خطورة هذا المسلك، وسوء عاقبته في الآخرة، الوارد في هذه الآية الكريمة قال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين)..إن الأستاذ محمود رغم الفجور في الخصومة الذي كان ديدن معارضيه معه ،فإنه لم يبخس الناس أشياءهم في يوم من الأيام.. وعندما سأله صحفي: أيهم أقرب إليك الأخوان المسلمون أم الشيوعيون ؟ أجاب: الأخوان وعلل ذلك بالاشتراك على الأقل في أرضية الدين، لأن الأفكار الأخرى قد تدفع الإنسان إلى مفارقات في الأخلاق تجعل المسافة بينك وبينه بعيدة..
                  

04-28-2008, 03:13 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    بالوثائق:التآمر الجنائي واستغلال القضاء في اغتيال الأستاذ محمود ( 2_ 2 )
    هل كانت محاكمة الاستاذ محمود اغتيال سياسي مدبر أم قضية ردة ؟
    المحكمة العليا بعد الانتفاضة أعلنت بطلان جميع قرارات محاكم نميري
    محمد محمد الأمين عبد الرازق

    قال السيد الكرونكى فى الفقرة التى أوردنها آنفا ، وهو يشير الى شباب الحركة الإسلامية : ( فذهبوا وهم يبحثون عن زعيم الى الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهورى والذى أعدمه نميري عام 1985 م ، قبيل سقوطه ، بتهمة الرده عن الإسلام وكان في السادسة والسبعين من العمر! ) .. يلاحظ أن الكاتب وضع علامة تعجب بعد عبارة " فى السادسة والسبعين من العمر! " ، فكأن مخالفة هذه النقطة للقانون وللإنسانية واضحة في ذهنه ، ولكننا سنضيف علامتين تعجب بعد جملة " بتهمة الردة عن الإسلام !! " .. وذلك لأن تهمة الردة لم توجه أصلا إلى الأستاذ محمود لا في محكمة الموضوع ولا في غيرها، فهي لم تكن مثبتة كمادة فى القانون الجنائي السائد في ذلك الوقت ، وإنما اقحمتها محكمة المكاشفى " الاستئناف " إقحاما ولم ترجع الأوراق إلى محكمة الموضوع لتعيد المحاكمة بتوجيه التهمة الجديدة وسماع الرد عليها من المتهم .. وعندما رفع الحكم غير المؤسس قانونا الى نميري ، عقد محكمة جديدة وقدم حيثيات لتبرير الحكم الجائر ، قال : ( إن الجمهوريين تحولوا من بائعين للكتب بالنهار الى موزعين للمنشورات فى الظلام ) وهذه هى النقطة الأساسية التي ينطلق منها نميري ، وهى استغلال المحاكم لإرهاب المعارضين السياسيين والتنكيل بهم ، من أجل تثبيت نظامه الذى تهاوى من كل جانب .. فالمسألة كلها إغتيال سياسى لمفكر أبدى معارضة فكرية جرئية لحاكم طاغية .. وإمعانا في تضليل الشعب وخوفا من الرأي العام زج بتهمة الردة لتوحي بأن الأمر دين لاستدرار تأييد البسطاء ، والحقيقة أن توجيه نميرى من بدايته لمحكمة الموضوع بأن يكون الحكم قائما على تهمة الردة ، ولكن القاضي المهلاوي لم يستطع حبك وإخراج رغبة نميري، فاكتفى بإصدار حكم الإعدام فقط ، فخرجت الردة من المعادلة .. ولذلك سارعوا الى إدخالها فى مراحل لاحقة بعد فوات الأوان ، فكانت المحاكمة كلها مخالفات لأبسط إجراءات المحاكم ..إن الوثائق التي ضبطت داخل القصر الجمهوري فيما بعد كشفت التآمر الجنائي وأوضحت النية المبيتة سلفا لتصفية الاستاذ محمود جسديا ، واليك هذا الخطاب الصادر من نميرى ،وهو يوجه بطانته باتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ الاغتيال كنموذج لتلك الوثائق :
    الأخ عوض ، النيل والأخت بدرية :
    سلام الله عليكم
    أخر هوس الأخوان الجمهوريين هذا المكتوب الذى أرى بين سطوره " الردة بعينها " أرجو الاطلاع ومعكم الاخ بابكر ، ساجتمع بكم للتشاور في الأمر إن شاء الله بعد أن تكونوا على استعداد ..
    أخوكم فى الله
    جعفر محمد نميرى
    8 جماد الأولى سنه1304ه
    هذه الوثيقة كتبت بعد حوالى خمسة اشهر من أعلان قوانين سبتمبر 1983م الذي يوافق ذي الحجة من عام 1303 هجرية ، فقد كان الاستاذ محمود حينها داخل المعتقل ومعه مجموعة من تلاميذه منذ يونيو 1982م بسبب الكتب الني أخرجوها في انتقاد السياسات الخاطئة مثل الإعفاءات التي أعطيت لبنك فيصل والتكامل مع مصر، وكشف الهوس الديني، ولمطالبتهم بالمنابر الحرة.. واستمر الاعتقال إلى ديسمبر 1984م حيث أفرج عنهم جميعا تمهيدا لتقديمهم للمحاكمة.. هذا وفد كان الأستاذ محمود على علم بهذا المخطط الذي يستهدف حياته ، فقد قال في أمسية الإفراج 19 / 12 / 1984 م لتلاميذه : ( نحن أخرجناء من المعتقلات لموامرة .. نحن خرجنا فى وقت يتعرض فيه الشعب للإذلال والجوع ، الجوع بصورة محزنة .. ونحن عبر تاريخنا عرفنا بأننا لا نصمت عن قولة الحق.. وكل من يحتاج أن يقال ليهو في نفسه شئ قلنا هو ليهو .. ومايو تعرف الأمر دا عننا ، ولذلك أخرجتنا من المعتقلات لنتكلم لتسوقنا مرة أخرى ليس لمعتقلات أمن الدولة، وإنما لمحاكم ناس المكاشفى .. لكن نحن ما بنصمت ، نميري شعر بالسلطة تتزلزل تحت أقدامه فأنشا هذة المحاكم ليرهب بها الناس ليستمر فى الحكم .. واذا لم تكسر هيبة هذه المحالم لن يسقط نميرى ، واذا كسرت هيبتها سقطت هيبته هو وعورض وأسقط .. نحن سنواجه هذه المحاكم ونكسر هيبتها ، فاذا المواطنيين البسيطين زى الواثق صباح الخير لاقوا من المحاكم دي ما لاقو فأصحاب القضية أولى ) ..
    كما هو واضح فقد كان للأستاذ محمود خطة لإنهاء نظام نميري ،من وحي التكليف القرآني: (ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك سلطانا نصيرا) والحديث النبوي: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) ..هذا وقد شرح الأستاذ لتلاميذه معني الفداء في الإسلام بقوله:إن الأوبئة الفتاكة والفتن التي تفرزها النفوس الملتوية عندما تتولى أمور الناس لا تزول إلا إذا دفع عارف بالله نفسه فداء للشعب، وضرب أمثلة لذلك من تاريخ شيوخ الصوفية في السودان.. ولذلك فور خروجه من المعتقل قال: (نحن ما خرجنا لنرتاح) فأخرج المنشور الشهير (هذا..أو الطوفان) الذي قامت عليه المحاكمة .. وما إن وقع المنشور في أيدي بطانة نميري حتى سارعوا بكتابة الخطاب التالي إليه:
    الأخ الرئيس القائد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    المنشور المرفق وزعه الجمهوريون وقد قبض على ستة منهم، وتم التحقيق معهم وسوف يقدمون للمحاكم.. وبهذا فقد أتاحوا لنا فرصة تاريخية لمحاكمتهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. ولا شك أنها بداية لمسيرة ظافرة بإذن الله يتساقط دون هدفها كل مندس باسم الدين وكل خوان كفور ولله الأمر من قبل ومن بعد، وفقكم الله لقيادة المسيرة الظافرة، وأقام نهج الله على آثار المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن سار بسيرهم ومنهجهم إنه سميع مجيب الدعاء..
    النيل عبد القادر أبوقرون
    6 ربيع ثان 1405 هـ
    الحمد والشكر لله ولصفيه ورسوله محمد رسول الله والله أكبر على المنافقين.. 6 ربيع ثان 1405 هـ نميري .. هذا هو تعليق نميري..
    إن هذه الوثيقة لهي أخطر الوثائق الدالة على الخرق الصريح لاستقلال القضاء الذي كان يمارسه نميري ومستشاروه القانونيون..وعندما تقرأ مع الوثيقة الأولى تتوفر عناصر التآمر الجنائي بصورة جلية.. ولذلك قال الأستاذ محمود عن قوانين سبتمبر أمام المحكمة: (أنها وضعت واستغلت لإرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق إذلاله) وقال أيضا (ومن أجل ذلك فإني غبر مستعد للتعاون مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت أن تكون أداة من أدوات اذلال الشعب والتنكيل بالمعارضين السياسيين) .. فالموضوع من جانب نميري كله سياسة وعبادة للسلطة لا دخل للقضاء به.. فإذا كان الامر بهذا الوضوح فكيف فات على السيد الكرونكى أن يعرف هذه التفاصيل التى نشرت على صفحات الصحف وتحدث عنها الناس كثيرا خاصة فى أيام الاحتفالات بذكرى هذا الفداء العظيم .. ولمزيد من المعلومات نقدم فيما يلى ماذا قالت المكمة العليا عام 1986 م عن تهمة الردة في حيثياتها من الناحية القانونية ..
    حيثيات المحكمة العليا :
    لقد رفعت الأستاذة أسماء محمود بالاشتراك مع الاخ عبدالطيف عمر عريضة دعوى جنائية الى المكمة العليا عام 1986م ، ونظرت الدعوى وأصدرت المحمة حكمها ببطلان جميع قررارات محاكم نميرى وأوردت في نهاية حيثياتها : ( اما ما ترتب على ذلك من أحكام بالإعدام فقد ألغيت في مواجهة جميع المحكوم عليهم فيما عدا والد المدعية الأولى .. ورغم ما شابتها من مخالفات للقانون والدستور ، فقد أصبحت حقائق فى ذمة التاريخ ، تقع المسئولية عليها سياسية فى المقام الاول ) .. وحول تهمة الردة جاء في الحيثيات : ( ولعلنا لا نكون فى حاجة الى الاستطراد كثيراً فى وصف هذا الحكم فقد تجاوز كل قيم العدالة سواء ما كان منها موروثا ومتعارفاُ عليه ، أو ماحرصت قوانين الإجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة ، أو انطوى عليه دستور 1973م" الملغي " رغم ما يحيط به من جدل .. ففى المقام الاول أخطأت محكمة الاستئناف فيما ذهبت إليه من أن المادة 3 من قانون أصول الاحكام لسنة 1983م كانت تتيح لها أو لإى محكمة آخرى توجيه تهمة الردة ) .. هذا وقد اوضحت المكمة سبب الخطأ وهو أن المادة 70 من الدستور " الملغي " تنص على ( لايعاقب شخص على جريمة ما إذا الم يكن هناك قانون يعاقب عليها قبل ارتكاب تلك الجريمة ) .. وحول هذه النقطة قالت المحكمة : ( ومؤدى ذلك أنه ما لم يكن هناك قانون يجرم الفعل وقت ارتكابه فإنه لا مجال لاعتبار الفعل جريمة ، والقانون هنا هو التشريع رئيسياً كان أو فرعياً ) .. وتواصل المحكمة : ( على أن محكمة الاستئناف لم تكن عابئة فيما يبدو بدستور أو قانون ، إذ أنها جعلت من إجراءات التأييد التى ظلت تمارسها المحاكم المختصة فى سماحة وأناة ، وبغرض مراجعة الاحكام مراجعة دقيقة وشاملة ، محاكمة جديدة قامت عليها المحكمة بدور الخصم والحكم مما حجبها ، حتى بفرض صحة توجيه تهمة جديدة فى هذه المرحلة فى أن تعيد الاجراءات مرة آخرى لمحكمة أول درجة لإعلان المحاكمة بموجب التهمة الجديدة ، وذلك فيما تقضى به المادة 238 هـ من القانون ، أو أن تتجه إلى سماع المحكوم عليهم بنفسها وفاء بواجبها فى ذلك بموجب المادة 242 من القانون ذاته ) .. وتواصل ايضا : ( ومهما يكن من أمر النصوص القانونية فإن سماع المتهم قبل إدانته مبدأ أزلى لم يعد فى حاجة الى نص صريح بل تأخذ به كافة المجتمعات الانسانية على اختلاف عناصرها وأديانها ، باعتباره قاعدة مقدمة من قواعد العدالة الطبيعية ) .. وحول بيان نميرى عند التصديق على الحكم جاء فى الحيثيات : ( هذا ما كان من أمر ما تم باسم القضاء ، أما ما صدر من رئيس الجمهورية السابق عند التصديق على الأحكام فإنه يكفي لوصفه أن نقرر: أنه مجرد من أي سند في القوانين والأعراف ، ولا نرى سبباً للاستطراد فيه بأكثر من ذلك لما فيه من تغول على السلطات القضائية ، فقد كاد أن يعصف بها كلها ) .. انتهى..
    أما النائب العام بعد الانتفاضة الأستاذ عمر عبد العاطى ، فقد أودع رده لدى المحكمة كما يلى :
    1/ نعترف بأن المحاكمة لم تكن عادلة ولم تتقبد بإجراءات القانون ..
    2/ إن المحاكمة إجهاض كامل للعدالة والقانون ..
    3/ لا نرغب فى الدفاع إطلاقاً عن تلك المحاكمة ..
    أيها القاريء المحترم: بعد هذا الكم المذهل من الأخطاء القانونية هل استيقنت من صحة عبارة الأستاذ أمام المحكمة: (وأما من حيث التطبيق فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيا وضعفوا أخلاقيا عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم نحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لإضاعة الحقوق وتشويه الإسلام وإذلال الشعب وإهانة الفكر والمفكرين وإذلال المعارضين السياسيين)..
    شهادات أخرى :
    أجاب مولانا خلف الله الرشيد رئيس القضاء الأسبق بجريدة الحرية 9 / 2 / 2002م على السؤال : مولانا أنت رجل قانوني ماهو رأيك فى محاكمة الأستاذ محمود محمد طه ؟
    الأجابة : ما آخذه على المحاكمة هو: بعد أن وزع الجمهوريون بياناً ونشروه فى الجريدة، تم فتح بلاغ ضدهم فى هذا البيان السياسي.. وعندما تمت المحاكمة آثر الجمهوريون الصمت، ولم يتحدثوا، وصدر حكم ضدهم بالإعدام فقام ناس النيابة بإستئناف هذا الحكم.. وفجأة في محكمة الاستئناف تغيرت التهمة الى ردة وهذا هو الخطأ ، إذ أنه كان يجب أن توجه تهمة الردة لمحمود محمد طه ومن معه لأن المسألة تغيرت من مشور الى ردة ولم توجه لهم التهمة ولم يسمع كلامهم، والرسول صلى الله عليه وسلم قال لسيدنا على عندما أرسله الى اليمن : (إذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقض حتى تسمع للأخر كما استمعت للأول ) .. وهذا يسموه حق السمع ويسموه فى القوانين الوضعية حق طبيعى .. وثانياً القانون الذى حوكم به محمود محمد طه لم تكن الردة من ضمن حدوده الموجودة .. انتهى..
    أما الدكتور حسن مكي فقد سألته صحيفة الوفاق بتاريخ : 5 / 12 / 1998 م :
    س : قيل أن لك علاقة خاصة بمحمود محمد طه والبعض قال أن حسن مكى مأثور جدا بشخصية وأفكار محمود ..
    ج : والله أنا من المأثورين به .. أنا كنت أعرفه وأتردد على منزله فى ذلك الوقت .. وكنا كشباب فى الثانويات نجد عنده اللقمة .. نتعشى معه وكنا نتعجب أن الشخص الذى يشغل الساحة الفكرية شخص بسيط زاهد ومتواضع وكان المفكر الوحيد المطروحه كتبه فى السوق ..
    س : وحينما أعدم ؟
    ج : كنت مسرحا لأفكار شتى ، السياسي فينا كان يتكلم أن الحمد لله ربنا خلصنا من خصم قوي ، وكان حيعمل لينا مشاكل، وكان حيكون أكبر تحدي لفكر الحركة الإسلامية السياسية .. والفكرى فينا كان يتحدث بأن هذا الشخص له قدرات فكرية وروحيه أعلم منا وأحسن منا .. ولكن السياسي دائما ما ينتصر هنا ..
    س : والأن ؟
    ج : أنا بفتكر أن محمود محمد طه جرعة كبيرة لا نستطيع أن نتحملها ( الناس ما قادرين يتحملوا حسن مكى يتحملوا محمود محمد طه ؟؟ وضحك ) ..
    س : ولكن أمين حسن عمر قال أن الترابى انتصر عنده الفكري على السياسي وكان ضد إعدام محمود ؟
    ج : أنا لا أريد أن أدخل بين الترابي وأمين , ولكن بعتقد أن الصف الإسلامى فى ذلك الوقت كان جميعه مع إعدام محمود محمد طه ..
    س : نحن نسأل عن موقف د. حسن الترابي ؟
    ج : أنا أعتقد أنو كان خائف على أنو نميرى ينكص عن إعدام محمود محمد طه ويدعو الله ألا يحدث ذلك ..
    س : الرأي الفقهي في هذه القضية و .. ؟
    ج : د / حسن مكى ـ مقاطعاً ـ القضية سياسية ما فيها رأي فقهي خصوصاً وأن محمود كان أقوى فى طرحه ضد الشريعة الاسلامية فى ذلك الوقت ..
    س : ولكن الترابى يعلن دائماً أن المرتد فكرياً لا يقتل ؟
    ج : أنت تريد أن تخرج لموقف الترابى !! وأنا أوثق للتاريخ ..
    س : هناك رأى يقول أن د. الترابي كان حريص على إعدام محمود وأن محمود كان يمثل منافساً شخصياً له على مستوى الطرح الإسلامي ؟
    ج : هسع الأنقاذ ما قتلت ناس ؟ ما قتلت ناس مجدى فى دولارات ؟ لأنه كان مؤثر على سياستها الاقتصادية ؟ فكيف إذا كان مؤثر على المشروع كله ؟ هسع كان جبت الترابي يقول لك أنا ما موافق على قتل مجدي، أمين حسن عمر يقول نفس الكلام !! .
    س : د. حسن مكي جزء من الحركة الإسلامية ؟
    ج : ناس الحركة الإسلامية ناس ما عندهم مقدرات ويمثلوا المجتمع الاسلامى فى زمن الانحطاط وما عندهم عبادات .. انتهى..
    خاتمة:
    إن اتفاقية السلام القائمة اليوم التي أسست حق المواطنة المتساوية لجميع السودانيين، لا فرق بينهم بسبب العقيدة أو الجنس، لا سند لها في الشريعة الإسلامية التي طبقت في القرن السابع الميلادي، وإنما السند في القرآن على أن بفهم وفق منهج الرسالة الثانية من الإسلام.. ففي تلك الشريعة الكتابي لا يساوي المسلم، والمرأة لا تساوي الرجل، والمشرك ليس له حقوق وإنما خياره الوحيد هو أن يدخل في الإسلام وإلا يقتل بنص الآية: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم، واحصروهم، واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)..فإذا كان الواقع قد ارتفع حتى لامس الفكرة الجمهورية لدرجة إنزال مبادئها على الأرض في الدستور، فهل المطلوب أن نتمسك بها ونضعها مصدرا أساسيا لتشريعاتنا وسلوكنا بشجاعة ومسئولية أم نستمر في المغالطة التي لا تسمن ولا تغني من جوع .. إن الشريعة القديمة في تنظيم المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، في وقتها، كانت حكيمة كل الحكمة ،فقد وفرت الحلول الناجعة لمشاكل ذلك العصر،فالعيب ليس فيها هي وإنما العيب في العقول التي تحاول إقحامها في زمان ليس زمانها، لتنظم بها مجتمعنا الذي لا تشبه مشاكله مشاكل ذلك العصر بأي وجه من الوجوه..
    إن المعركة بين الأستاذ محمود ونمبري قد انتهت بإعدام الأستاذ وسقوط نميري، وعليه فقد حقق الأستاذ هدفه وهو أداء الواجب المباشر على أكمل وجه ،ثم الرضا بالنتيجة، وبدا مبتسما فوق حبل المشنقة، ولقي ربه فرحا، فانطبقت عليه الآية: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون)..أما نميري فقد فقد السلطة التي عبد الله من أجلها، وارتكب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، في سبيلها، ولذلك فهو الخاسر في الدنيا بالسلطة وفي الآخرة بالجريمة، فانطبقت عليه الآية: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به ،وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ،ذلك هو الخسران المبين)..
    إن النفس البشرية تستلذ بالسلطة أكثر من الشهوات الأخرى،ولذلك قال الشاعر: لقد صبرت عن لذة العيش أنفس وما صبرت عن لذة النهي والأمر..وقال أحد العارفين: في نفس كل منا أن يقول أنا ربكم الأعلى، وإنما قالها فرعون لأن قومه أطاعوه وزينوا له سوء عمله..فعندما سقطت مايو وجد نميري خارج وطنه، فاقدا الأمل في عودة السلطة، فسألته صحفية بجريدة الصباحية يوم 23 جمادى الآخرة 1412 عن إعدام الأستاذ محمود، قالت الصحفية :وضع نميري يديه على رأسه ونظر إلى أسفل، وامتلأت عيناه بأسى حقيقي حتى أشفقت عليه وندمت على هذا السؤال ، وبعد أن خلت صمته لن ينتهي قالندم العالم كله لن يكفيني حين أذكر محمود محمد طه).. هذه لحظة صدق مع النفس تحققت في ظرف غياب السلطة وفقدان الأمل فيها، ولكن سرعان ما انهار كل هذا عندما لاحت انتخابات رئاسة الجمهورية وعاد الأمل في السلطة من جدبد.. ففي إجابة على نفس السؤال لقناة قطر قال نميري: أنا غير نادم على إعدامه وإذا في إنسان عمل نفس العمل وأنا في السلطة سأقوم يإعدامه.. فمثلما كان نميري يظن أن إعدام الأستاذ سيجلب له مظاهرات التأييد فيتمكن من السلطة أكثر، ظن مجددا أن الاستمرار في إدانة الأستاذ سيجلب له أصوات الناخبين فيعود إلى السلطة من جديد..
                  

04-28-2008, 08:10 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    إعدام القائد والمفكر الإسلامى محمود محمد طه

    نشر مركز "محمد عمر بشير" للدراسات السودانية فى العام 2001 كتابا للراحل مامون بحيرى، وقد أهدى الراحل نسخة من كتابه للعم يوسف لطفى الذى لفت نظرى لذلك الكتاب لما ورد من سيرة الأستاذ محمود، وقد أهدانى، مؤخرا، الأخ عبدالله الفكى البشير نسخة من هذا الكتاب، لفت نظرى أيضا أن بالكتاب صورة للراحل الطيب الهادى يبدو فيها شديد الشبه بشقيفه الأستاذ جلال الدين الهادى:
    الكتاب بعنوان "لمحات" من تجارب رجل خدمة عامة من جيل الرواد السودانيين.
    ورد تحت العنوان أعلاه، فى صفحة 133 من متن الكتاب، ما يلى:
    كنت ضمن العديد من الناس الذين تحركت مشاعرهم وروعوا بالطريقة التى تمت بها محاكمة وإعدام القائد الإسلامى محمود محمد طه. وعلى الرغم من أننى لم ألتق به كنت عادة أسمع عن أفكاره وقرأت له كتابا أو كتابين. كان لا يظهر كثيرا فى الأماكن العامة وأظن أنه كان معروفا فقط لأبناء جيله وأتباعه، وكنت أحيانا أشاهدهم يوزعون كتيباته فى الطرق والميادين أو يخاطبون مجموعات قليلة من التاس. لم أقرأ فى كتبه شيئا يثير السخط من وجهة نظر إسلامية ولم تكن توحى الى إثارة الفتن أو التحريض ضد الحكومة، وأفكاره قد تبدو غريبة ومتضاربة مع توجهات الجماعات والطوائف الدينية الأخرى، لكن حسب رؤيتى للأمر لم يكن فى أفكاره ما يدعو لإتهامه بالردة والحكم عليه بالإعدام.
    كان معروفا لدى الجميع أن المحكمة التى نظرت فى الإتهام الموجه ضد الأستاذ محمود محمد طه كانت مؤلفة من قضاة ينتمون الى جماعات إسلامية مختلفة، جماعات كانت تجهر بعدائها لأفكار وتعاليم الأستاذ محمود. عندما واجه الإتهامات أمام المحكمة رفض الدفاع عن نفسه ولم يكن له محام ليتولى الدفاع عنه، وحسب تحليل بعض القضاة الموثوق بهم لأحداث تلك المحاكمة، قضاة لم يشاركوا فى محاكمته ولا يؤيدون أفكاره، كانت إجرآءات المحكمة مثيرة للسخرية من القضاء.
    أخيرا، قررت المحكمة بالإجماع أنه مرتد وحسب ما تنص عليه الشريعة الإسلامية يجب إعدامه. وحسب آراء العديد من الإسلاميين هناك إلتباس فى التفسير الإسلامى لمحاكم الطوارىء تشتم منه رائحة الدوافع السياسية، فالرئيس نميرى كرأس للدولة له سلطات إجازة ورفض وتعيير حكم المحكمة، كان بإمكانه إطلاق سراح المرشد الإسلامى لإعتبار كبر السن أو إصدار قرار بإعتقاله تحفظيا فى منزله، لكن كان من سؤ الطالع أنه وافق على قرار المحكمة.
    الأستاذ محمود محمد طه، وهو مهندس حسب تعليمه ومهنته وشيخ يبلغ من العمر ستة وسبعين عاما تم إعدامه فى ظل ترتيبات أمنية مكثفة غير عادية، وكانت هناك أجاديث بأن جثمانه حمل بواسطة طائرة الى مكان قصى ليتم دفنه دون علم أسرته.
    وكرجل شارك فى مجلس شارك فى مجلس الشعب وحكومات مايو إعتبر عملية المحاكمة والإعدام عملية يستحيل الدفاع عنها من وجهة نظر الشريعة أو حتى أى قانون علمانى ولم يكن لهذا العمل أى مبررات تقرها الفطرة السليمة المألوفة.
    إعتبر كثير من السودانيين داخل وخارج البلاد، هذه الحادثة نقطة سوداء فى تاريخ السودان.

    http://sudaneseonline.com/maalim.html
    _____
                  

04-28-2008, 08:11 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    اعتذار من جاهل
    الى روح الشهيد العارف بالله الأستاذ محمود محمد طه
    (الحرية لنا ولسوانا)

    لو أن كل واحد فينا فهم هذه المقولة ووعيها وعمل بها لما ضاق صدره بالرأي الآخر،
    ولو أحب كل منا الآخر واحترمه لما حدث ما يحدث الآن في السودان من قتل وتعذيب
    وتشريد وقطع لأرزاق الناس، ولو فهم أهل الإنقاذ جماع حكمة ديننا الجميل في احترام
    الآخر واحترام رأيه وإنسانيته وآدميته وكرامته وحرمة دمه وعرضه وماله (وهذا أصل
    الدين) لما كان بيننا سوى محض المحبة والاحترام وإلا فما الذي بيني وبين عمر البشير
    أو السيد علي عثمان أو حتى نافع أو الزبير طه أو الشيخ حسن الترابي ، بالتأكيد ليس
    بيني وبينهم أية أحقاد أو ضغائن شخصية ويمكن أن يكونوا أصدقاء مقربين لو لم يفعلوا
    ما فعلوه بأهل السودان من تنكيل وتشريد وقتل وامتهان للكرامة البشرية بلغ حدا
    لا يمكن لأي حر إقراره والقبول به، بله التعايش معه، والسكوت عنه.
    إننا في أمس الحاجة الآن لفهم هذه المقولة البسيطة الكلمات العميقة المعاني
    و الدلالات التي كانت جماع قمة فكر الثورة الفرنسية والفكر الغربي المتطلع للحرية
    والانعتاق والتي أتي بها المفكر الإسلامي الرائد الملهم الأستاذ محمود محمد طه
    ليجعلها قلب ولب جماع الفكر الإسلامي الحديث كما فهمه وكما ينبغي أن نفهمه جميعا،
    عليه رحمة الله ورضوانه.
    ومما أذكره من تجارب شخصية إنني قي أواخر ستينات القرن الماضي أ و
    في أوائل سبعيناته (وكنت وقتها فتى غرا لم يخضر شاربه بعد (teen-ager ) أن
    نشرت لي صحيفة الأيام مقالات ثلاث - بعنوان (حول أفكار محمود محمد طه: خمس
    قضايا للمناقشة ) وكانت الأيام وقتها في أوج وهجها يقوم على إدارتها وتحريرها ثلاثة
    من عمالقة صناعة الصحافة: بشير محمد سعيد رحمه الله والمحجوبان (محجوب محمد
    صالح ومحجوب عثمان) أطال الله في عمريهما وأبقاهما ذخرا للسودان وللأجيال
    الصحفية الشابة لينهلوا من تجربتهما وخبرتهما الثرة العميقة التي كانت وما تزال تقوم
    على الصدق واحترام الكلمة والذات . ولم يكن متاحا ولا من عرف الأيام أن تنشر في
    صفحة معرض الرأي الرصينة لفتى نكرة صغير السن مثلي حرفا دع عنك مقالات
    ثلاث... فقد كانت هذه الصفحة محتكرة تقريبا لعمالقة الرأي والثقافة و الفكر من أمثال
    المغفور لهم : بابكر كرار و وصلاح أحمد إبراهيم وعمر مصطفى المكي - وقد دارت كل
    معارك الأخيرين المشهورةعبر هذه الصفحة الرصينة وكذلك الشاعر سيد أحمد الحردلو
    (أمد الله في عمره) الذي كانت له مناكفات أدبية مع المرحوم صلاح أحمد ابراهيم (رحمه الله)
    والأستاذ الشاعر الجميل محمد المكي ابراهيم (أطال الله عمره) كما نشر عبرها السيد الصادق
    المهدي عددا من أفكاره المهمة .
    حينما نشرت لي أول حلقة من هذه المقالات - وأنا غر صغير السن والتجربة والخبرة
    والحنكة عاطل عن كل فكر وحكمة - كما أسلفت – ولم أك أملك شيئا غير مقدرة ضئيلة
    تمكنني من الكتابة دون أخطاء جسيمة تميزني عن بقية أقراني و أترابي في ذلك الزمن
    الذي لا تستطيع أن ترقى فيه سلما واحدا دون منافسة وموهبة حقيقية- فرحت يومها فرح
    طفل أهديت له لعبة يحبها، ولا أخفيكم إن رأسي قد كبر ألف مرة و شعرت إني أصبحت
    بين ليلة وضحاها كاتبا يشار إليه بالبنان.
    وكان ذلك بالطبع وهما كاذبا لم أكتشفه إلا بعد معاناة وتجربة في العمل والكتابة الصحفية
    امتدت أعواما طوالا في الوطن وخارجه.
    وقد جلبت علي هذه المقالات الثلاث غضب إخوتي وأحبتي الجمهوريين حيث أخذوا علي
    بعض عبارات استخدمتها بلا قصد و فسرت بأنها إنقاص من قدر الأستاذ "معاذ الله" –
    حقيقة الأمر إنني لم أنتبه إليها في ذلك الوقت حيث إني كنت أحب الأستاذ محمود كثيرا
    و أجله إجلالا كبيرا كما كان خالنا الأستاذ سعيد الطيب شايب يمثل بالنسبة لي مثالا
    للإنسان الذي يجب أن يكون عليه المسلم الحقيقي – عليه رحمة الله ورضوانه
    - وقد كنت أحبه حبا لا أعتقد إنني سأحبه لأحد غيره .
    و بعد سنوات طويلة نظرت إلى ما كتبته خلال تلك الفترة الباكرة من حياتي فوجدت
    – ولا أكتمكم القول – إن جل ما كتبته كان مجرد خواء وهراء.....خواء فكر
    وهراء قول .... كان نتاج فورة شاب لم تعركه الحياة ولم يعركها
    ونتاج جهل أعيذكم الله منه... "جهل يافع غر" قرأ قليلا فظن انه امتلك جوامع الحكمة
    والكلم وهو أبعد ما يكون عنهما.
    ...... وكان أن نظرت إلى ما كنت قد نقدته من أفكار الأستاذ محمود – رحمه الله –
    فوجدته وأنا أنظر إليه الآن بمنظار ما اكتسبته من خبرات وتجارب – أنه كان رأس
    الحكمة وعينها وقلبها. وأكثر ما يؤلمني الآن انه لم تتح لي فرصة لأعتذر للأستاذ
    شخصيا عن ما كتبت من معان غثة و أفكار فجة وأمان فطيرة وعن كلمات لم تكن
    لتصدر عني لولا "جهل يفاع وصبا "وقصر نظر ، و رغم إن الإخوة الجمهوريين
    لم يغيروا محبتهم لي قط إلا إني ما زلت أشعر بتأنيب ضمير إزاء جهل لم أتعمده.
    وهذا اعتذار مني للإخوة الجمهوريين جميعا برغم انه جاء متأخرا بأكثر من
    ثلاثين عاما برجاء قبوله.
    ما أحببت قوله بهذا للإخوة جميعا في هذا المنبر إنه علينا اختيار كلماتنا
    بعناية حين نناقش بعضنا بعضا حتى وان كان ما يقوله الآخرون لا يتفق مع قواعد
    المنطق السليم ولا مع قناعاتنا ولا مع ما نؤمن به حتى يسود بيننا الاحترام والخلق
    الحسن وأن نتحلى بأدب الحوار و الاعتذار ..... فهذه هي الحرية و الديمقراطية التي ننشدها
    ونصبو إليها..............
    ... ولن تكون هناك ديمقراطية بغير إيمان حقيقي بأن الديمقراطية هي الحرية وان هذه الحرية هي لنا ولسوانا.
    ولك العتبى أيها الشهيد الخالد الغائب الحاضر - الذي غيبته الفئة الباغية -
    حتى ترضى
    فاروق حامد (أبوناصر)

    الاخوة الأعزاء : بما ان الاستطراد قد أخذني بعيدا الى غير ما أملت
    فاني أستميحكم عذرا في استعارة هذا الرد الذي أنزلته في بوست الأخت تماضر
    وعنوانه ( من تماضر بأمريكا الى بيان) الى هذا البوست حيث اني كنت أنوي الرد
    على نفسي لمقالات ثلاث كنت نشرتها بجريدة الأيام قبل أكثر من ربع قرن .. وقد
    أعدت قراءتها مرة أخري وأنا أنبش في أوراقي القديمة فرأيت فيها جهلا وقصورا
    بسبب فورة الشباب وصغر سني وقتذاك حيث لم أكن قد بلغت العشرين من عمري
    وقد وجدت فيها بالفعل بعض التطاول غير المقصود على أستاذنا الشهيد الخالد
    محمود محمد طه (عليه سلام الله ورضوانه) فأحببت أن أعتذر لأستاذنا في عليائه
    ولأحبتي الجمهوريين وعلي رأسهم الحبيب الغائب الحاضر أستاذي سعيد الطيب
    شايب - رحمه الله - برجاء قبولها رغم تأخرها .
    فاروق

    اعتذار تأخر ثلاثين عاما : للشهيد الخالد محمود محمد طه و...ء الجمهوريين عن جهلي
    ____________
                  

04-28-2008, 08:12 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    هناك اتهام للعقل الاصولي وهو اللجوء الى التكفير عند العجز عن مجابهة الخصوم حدث هذا مع نصر حامد -فرج فودة .. الخ في السودان لمحمود محمد طه وكنتم اقرب الى من كفروه الى اي مدى يصح هذا الاتهام؟


    تيارات التكفير بعضها خرج من رحم الحركات الاسلامية رغم ان الحركات طرحت فكراً نهضوياً ولكن بالذات الحركة في مصر وقع عليها ابتلاء كبير من النظام والشخصيات التي كانت اقرب الى الفكر الاشتراكي مثل سيد قطب عندما انضمت للاخوان وشاهدت الاعتقالات والاعدامات بدأت النظرية التي كانت تتبناها حركة الاخوان في مصر هي نظرية تطبيق الشريعة بحيث تسع المسلم وغير المسلم بحيث تطرح قيماً يتفق عليها كل البشر وهي قيم انسانية قد تكون ذات بعد ديني للمتدين وقد تكون قيماً انسانية لغير المتدين هذا الطرح تحول منه طرح الشريعة الى طرح الحاكمية الذي تبناه سيد قطب باثر من المودودي ومدرسة الندوي ولكن عندما وقع العسف تولدت افكار تقول ا ن الاسلام لا يعرف الا نوعين من المجتمع مجتمع اسلامي ومجتمع جاهلي - في ما يتعلق بالحركة الاسلامية في السودان لم يقع عليها اضطهاد شديد وان تطاولت المعتقلات والسجون ببعض القيادات ولكن لم يقع عليهم ما وقع للاخرين لا في عهد عبود ولا جعفر نميري والحركة لم تتطرف .. الشيخ حسن الترابي بعد خروجه من المعتقلات بعد سبع سنوات في عهد النميري طرح ان المرتد ردة فكرية بحتة لا يقتل وعارضه معارضة شديد في ذلك تلاميذ الاستاذ محمود محمد طه وقالوا ان هذا خروج عن الشريعة السلفية لان العصر قد ضغط على الترابي فاذا ضغط عليه العصر او لم يضغط فهذا رأيه وهو لا يزال يعتقد ان المرتد ردة فكرية بحتة لا يقتل وان حد الردة لا يطبق الا على المقاتل الذي يخرج على الدولة الاسلامية وهذا تيار غالب الان في الحركات الاسلامية هذا رأي راشد الغنوشى ومحمد سليم العوا والقرضاوى.


    المحبوب عبد السلام يعترف بالكثير" المثير" .... حوار صحفى...
                  

04-28-2008, 11:05 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    مقالات: الحركة الوطنية لشرق السودان .. الخـــــــــــرُوج من دار الأرقم ..!!
    17-4-1427 هـ
    الموضوع: النيلين
    ثمةُ قائلين لنا، آنما بدأنا هذا الفعل السياسيّ الجّديد، إنّكم لستم بمتجاوزينَ من هم قبلكُم من عُتاةِ المنشطِ السياسيِّ العريق وإنكم- لعَمْرِنَا- ها هنا قاعدون! تلكَ- قِيلَ لنا- إنما هي موجةُ زَبَدِيّةٌ عابرةٌ و’ فهلوةُ ‘ آلِ نضالٍ انترنيتيّين زاهين ومعجبين بما لديهم من نرجسيّاتٍ سياسيّةٍ مهوّمةٍ، فحسب، لذا فهم لن يخرجوا- وإن فعلوا!- بمقدار ذراعين عن شأنِ طقطقةِ بضعةِ مثقّفين صفويّين ( ولهم المكرمة لاعترافهم لنا بأننا ’مثقّفين‘ على الأقل ! ) على لوحات حاسوبٍ مضيئةٍ يُنشّرونَ عليها فقّاعات حساسيّاتهم الشخصيّة وأوهامهم و’عقدهم‘ الموروثة عن شقاقات سياسيّة ماضية ( وذاكَ قيلَ، خصوصاً، عن الصديق المبدع، ذي الفنون المتعددة ، طارق أحمد أبوبكر، الأمين العام للحركة الوطنية لشرق السودان ، حيثُ جُرّدَ جهادُهُ وهمُّهُ كلّهُ إلى كليماتٍ بارداتٍ وقحاتٍ مُتّهماتٍ لهُ بأنه إنما مضى على سبيلهِ الحاليّ هذا فقط - وتنبّهُوا لهذه الـ’ فقط ‘! - لتصفيةِ خلافٍ شخصيٍّ قديمٍ مع رفاقٍ لهُ، طيفيّين وسابقين، في قبيلة اليسار السوداني العتيدة. هكذا- فقط ولاغير- هم شافُوا شأنه، فهل في هذا أيّ إنصاف لهُ، أيّها القارئون ؟! أما الأدهى من ذلك، والذي كُتِبَ وقِيلَ عن رئيس الحركة القويّ الأمين، القائد أحمد محمد طّاهر حمد ، فلستُ خائضاً فيه، بل حسبي منه أن أقولَ أنّ القائد أحمد محمد طّاهر مُتمثِّلٌ، في سلوكهِ إزاءهُ، بِتَمامِ أدبِ الآيةِ القرآنيّةِ الكريمة القائلة:- " وعبادُ الرّحمن الذين يمشون على الأرضِ هوناً وإذا خاطبهم الجّاهلونَ قالوا سلاما " ). هكذا قال عنّا، في البدءِ، الواهمُون ( والاستعارةُ هنا من بحرِ شاعرنا مصطفى سند القديم ). لكنّا نقولُ لهُم:- ألا فاستنيروا يا هؤلاء! ألا فاستنيروا يا هؤلاء! ألا فاستنيروا يا هؤلاء ! فإن لم تستنيروا فسيستبدلُ التاريخُ والنّاسُ بكُم أُنسيّينَ آخرينَ ذوي قُوّةٍ، وليسُوا ذوي عُنفٍ لآلهم وحرثهم، بلا ادّعاءٍ وسِعةٍ، يعملون. ولئن سئل الإنسان هنا عن معنى ’القوّةِ‘ كبديل تاريخيٍّ سياسيٍّ فعليٍّ لـ’العُنف‘ لأجاب بما أجابَ به، من قبل هنري ديفيد ثورو، في مقاله الموسوم حول واجب العصيان المدني، ثمّ ما أجاب به، أيضاً،إرث المهاتما غاندي العظيم حيثُ أُعْطِيَ عمل ثورو الفكريّ هذا عمقاً روحيّاً، أوّلاً، ثمّ اجتماعيّاً، من بعد ذلك ( أو، على الأدقِّ، ’مع ذلكَ‘)، ممّا كان له أثرٌ غيرُ منكورٍ في الواقع السياسيِّ العالميّ العريض وليس الهنديّ فحسب، ثمّ لنا أخيراً في ما فصّل فيه القول على هذا السبيل الأستاذ والسّودانيِّ الشهيد محمود محمد طه - في مجمل ما كتبه عن الفرق بين ’القوة‘ و’العنف‘ وعن ’الثورة الثقافية‘- تركةً سودانيّة حكيمةً وسديدة البصيرة، ومن شاءَ فليُراجع كلّ ذلك في مظانّه فلقد سئمنا من عديدِ الكتاباتِ الإنشائيّات عنا والإدانات التي لن تُجدي، معنا ومع من يتفهّمون أهدافنا، فتيلا. ربّما- حتّى من بعدِ ما سبق وجرى به قلمي الآنَ ومن قبل وما جرت به أقلام زملاء لي مثقفين ومستنيرين لعلّ آخرهم هو القانونيّ المستنير محمّد الأمين عبد الحليم – أمين العلاقات الخارجية بالحركة الوطنية لشرق السودان - في مقاله الذكيّ المسمّى لماذا هي الإنقاذُ غانمة؟- يظلّ بعضُ الناس لنا قاذفين بالحجارة و’ هجّامين رجّامين ‘ لنا بذات ما كانوا به من قبل علينا ’هاجمون وراجمون‘. لأولئك أقول، فقط ولا أزيد:- لكم فهمكم وعملكم ولنا فهمٌ وعمل، ثمّ لا شيءَ من بعدِ ذلك! أو ربّما ’أتفنّنُ‘ عليهم قليلاً وأقولُ، مستشهداً بلازمةٍ محوريٍةٍ في قصيدةِ الشاعر المصريّ المبدع محمّد عفيفي مطر المسمّاة مُنَمْنِمَةُ يؤبّدون لحظة السّراميك ونؤبّدُ الزّلزلة:- لهم رملُهم ولنا رملُنا... ( ولمن يشاء ان يقرأ تلك القصيدة كاملةً أحيله إلى مجلّة القصيدة، العدد 1، خريف 1999، والتي صدرت عن New Poetry Publishing House-London ، بالاشتراك مع المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت/ شركة المتوسط الدولية للصحافة والنشر والإعلان، نيقوسيا ). ذلكم كان في شأن بعضٍ ممّن استكثروا علينا أن نزيد أبداً عن حفنة اللندنيّين الإنترنيتيّين الذين زعموا. أولئكَ آمل منهُم أن يروا، الآن، كيف الذي تحدّثتُ عنه آنفاً عن استبدال قومٍ بقومٍ آخرين قد بدأ، بالفعل، في التحقّق، والشواهدُ على ذلك كثيرةً في بيانات ونشاطات الحركة الوطنية لشرق السودان الأخيرة العديدة في داخل البلاد وعلى أرض عموم الناسِ وهمُومهم، كما وفي تنادِي النّاس من مختلف مشاربهم- طلاب ومهندسين وضُبّاط ومهنيين وشيوخ قبائلٍ وحكمةٍ- إلى السّعي الحثيث في دعم عمل الحركة الوطنية لشرق السودان، السلميّ الواعي والمدروس، من أجل التغيير والتنمية الإنسانية والاجتماعيّة لإنسان الشرق حتى يتمتع بكرامة المعاش مثله في ذلك مثل بقية خلق الله الطبيعيين في بلاد الله الوسيعة. أمّا ذوي السلطة والسلطان ( وقِيلَ الصّولجان ) من آلِ التّجارات والبيع الذي أُحلّ والرّبا الذي عندهم- نظريّاً- قد حُرّمَ فأردّ عليهم ما خاضوا فيه من كلامٍ عنّا بإيرادي، فحسب، لهذه الجّملة الجّامعة عن الحكيم الصينيّ القديم كونفوشيوس:- " لئن تُحْكَمُ دولةٌ ما وفقَ مبادئ العقلِ والرّشدِ فإنّ وجود الفقر والشّقاء فيها يكون مدعاةً للشعورِ بالذنب والعار. أما إن لم ُتحكمُ الدّولةٌ إيّاها وفق مبادئ العقلِ والرّشدِ فإنّ بروزَ البحبوحة والتنعّم والتّشاريفَ بها- وليس الفقر والشقاء- يغدو، آنذاك، مدعاةً للشعور بالذّنبِ والعار". لكأنَّيَ الآنَ بالأستاذ الشهيد محمود محمد طه، آنما دعا، في عديدٍ من أسفاره وأحاديثهِ، لـ" مساواة السودانيين في الفقر حتّ يتساووا في الغنى" ، كان مقدّماً، بمستوىَ إسلاميٍّ وعصريٍّ جديد، لتلك الحكمة فتبيّنوا ذلكَ يا معشر أمصار البنوك والصّكوكِ والتشدّقِ الغليظ الماكرِ بـ" كلوا من طيبات ما رزقناكم " و" قل هل حرّم... إلى آخر الآية القرآنية الكريمة"، فهل تستفيقون؟!

    http://www.sudaneseonline.com/news/modules.php?name=News&file=article&sid=14694
    _________________
                  

04-28-2008, 11:06 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    عن الشيخ الترابي وأزمة الحركة الإسلامية المعاصرة
    د. عبدالوهاب الافندي (*)

    بمحض المصادفة توافقت الضجة التي أثارها الشيخ الدكتور حسن الترابي بآرائه الأخيرة في قضايا خلافية في الفكر الإسلامي مع صدور كتاب عن الفكر الإسلامي الحديث كنت أحد المساهمين فيه بفصل عنوانه حسن الترابي ومحدودية الحركة الإسلامية الإصلاحية الحديثة . محرر الكتاب المذكور (والذي يصدر هذا الشهر عن دار بلاكويل في أكسفورد) هو الدكتور إبراهيم أبوربيعة، المحاضر في معهد هيرتفورد بالولايات المتحدة وعنوانه:
    The Blackwell Companion to Contemporary Islamic Thought
    ويتناول الكتاب الذي ساهم في إعداده لفيف من الأكاديميين والمفكرين من مختلف أنحاء العالم جوانب متعددة من الفكر الإسلامي المعاصر، ومساهمات أبرز الشخصيات المعاصرة فيه. وفي الفصل الذي قمت بإعداده تناولت بالتحديد الإنتقادات والجدل الذي أثارته اجتهادات الشيخ الترابي بدءاً من حكاية حديث الذبابة، وتشكيكه في صدقية بعض الصحابة وفي عصمة الأنبياء وموثوقية صحيح البخاري، وآرائه حول المرأة والردة وزواج المسلمة من الكتابي وغير ذلك. ومن الصعب بالطبع تلخيص كل ما ورد في ذلك النقاش الأكاديمي المفصل والمتعمق لمساهمات الشيخ الترابي وردود الفعل حولها في هذه العجالة، خاصة وأنها تعتبر تكملة لكتابين تناولت فيهما بشيء من التفصيل مساهمات الشيخ، هما ثورة الترابي (1991)، وكتاب الثورة والإصلاح السياسي في السودان (1995). ولكن يمكن هنا إعطاء بعض الإشارات التي تعين علي فهم بعض الجدل الدائر حالياً حول اجتهادات الشيخ، وهو جدل قديم جديد تنبع أهمتيه من أنه لا يعبر عن الإشكاليات التي تطرحها آراء فرد، بغير ما هو انعكاس لأزمة تواجه كل محاولات إحياء الاجتهاد في العصر الحديث.
    فالضجة التي ثارت حول رفض الترابي لحديث الذبابة تجسد في جوانبها المختلفة أزمة أي محاولة لتحديث الفكر الإسلامي في وجه النظرة التقليدية السائدة. ذلك أن حديث الذبابة يمثل حالة نادرة من تعارض نصوص إسلامية معتمدة (في هذه الحالة حديث ورد في صحيح البخاري) مع اكتشافات قطعية خرج بها العلم الحديث. فهناك إجماع بين العلماء علي أن الذبابة تنقل الأمراض فوق ما عرف بأنها تنقل القاذورات. وبالتالي فإن اتباع نصيحة الحديث المنسوب إلي الرسول صلي الله عليه وسلم بغمس الذبابة في الشراب الذي تقع فيه بدلاً من إخراجها تتناقض في ظاهرها مع صريح العلم، رغم أن الحديث المزعوم يقدم ما يشبه نظرية المضادات الحيوية بالقول بأن جسد الذبابة يحمل معه ما يشفي مما تحمله من أمراض. ولا بد من أن نذكر هنا أن الصراع بين الدين المسيحي كما كانت تعبر عنه المؤسسات الكنسية والعلم الحديث كان من أهم أسباب تراجع سلطة الدين في الغرب وهيمنة العلمانية علي الحياة.
    الحركة الإسلامية الحديثة سعت إلي تجنب مصير مماثل للإسلام بمحاولة إحياء الإجتهاد والتخلص من المقولات التي تتعارض مع العلم الحديث أو المفاهيم السياسية والاجتماعية الحديثة (الحريات، حقوق الإنسان، حقوق المرأة، إلخ...)، إما بالتشكيك في صحة نسبة هذه المقولات إلي مصادر إسلامية موثوقة، أو بإعادة تفسيرها وتأويلها. وتميز موقف الترابي بأنه اتخذ موقفاً جذرياً، بدأ برفض سلطة حديث الذبابة جملة وتفصيلاً، وتدرج إلي ذلك بعد أن بدأ بالمنهج التقليدي، وهو التشكيك في صحة الحديث، وبالتالي التشكيك في اعتقاد سائد بين المسلمين السنة بصحة كل ماورد في صحيحي البخاري ومسلم (وهو موقف لا يشاركهم إياه الشيعة). وحجة الترابي هي أن البخاري بشر غير معصوم، ولا بد أنه أخطأ في إسناد بعض ما أورده. ولكن حتي لو كان البخاري علي حق في روايته، فإن من المحتمل أن يكون الصحابي الذي نسب إليه الحديث قد أخطأ فيما نقل أو لم يفهمه كما يجب. والصحابة أيضاً ليسوا بمعصومين، بل إن بعضهم قد سجل عليه كذب وتزوير. وحتي لو تجاوزنا عن هذا وأثبتنا أن السند صحيح وأن الصحابي المذكور قد نقل عن النبي صلي الله عليه وسلم بدقة وموثوقية، فإنه يحق لنا أن نرفض المقولة النبوية إذا كانت تتعلق بشأن دنيوي. فعصمة الرسول صلي الله عليه وسلم تتعلق بالتبليغ في أمر الدين، وهو القائل أنتم أعلم بشؤون دنياكم كما ورد في الحديث الذي نصح فيه المسلمين بعدم تلقيح النخل، وهي نصيحة اتضح أنها لم تكن صائبة.
    من الواضح أن الدافع الأساسي للإصلاحيين الإسلاميين المحدثين هو التعامل مع مطالب الحداثة، ومواجهة الانتقادات الصادرة من الغرب والعلمانيين من أبناء الإسلام، وهي انتقادات يستبطنها الإصلاحيون في أحيان كثيرة استبطانهم مبادئ مثل الإيمان بالديمقراطية أو حقوق الإنسان. ولهذا فإنهم يكونون في صراع مستمر مع أنصار النظرة التقليدية التي تري أن الإسلام يجب أن يؤخذ كما هو. ومن السهل علي الإسلاميين انتقاد ما يصفونه بأنه جمود تقليدي أو تفسير خاطئ للنصوص، أو غلبة موروثات غير إسلامية علي فهم الدين. ولكن الإشكال يأتي حين يواجهون نصوصاً صريحة تتعارض مع ما يقبلون به من أفكار حديثة، مثل الحرية الدينية مقابل حد الردة، أو مساواة المرأة مع الرجل مقابل النصوص حول وضعها وشهادتها وحقها في الميراث، إلخ.
    الحلول التي لجأ إليها معظم الإصلاحيين تمثلت في محاولة التركيز علي نصوص معينة دون أخري، وادعاء أولويتها. ولعل الحل الجذري الأبرز هو ذلك الذي لجأ إليه المفكر الراحل محمود محمد طه وحركته الجمهورية حين قرر نسخ كل النصوص القرآنية المدنية ومعها السنة وما تفرع عنها من موروث إسلامي والبدء من جديد في استحداث تشريع إسلامي من نقطة الصفر. ولكن الحل الجمهوري واجه إشكالين رئيسيين: الأول هو أنه حين كنس التشريع الإسلامي الموروث بأكمله بجرة قلم، أحل محله رؤية تتطابق مئة بالمئة مع المنظور الغربي الحديث في الحريات وحقوق الإنسان، وهو تطابق حري بأن يجعل أي دعوي من هذا النوع مشبوهة. والثاني أن مثل هذا الحل الجذري يحتاج إلي دعوي بسند سماوي جديد، وتصريح إلهي مباشر من إلهام أو نحوه. أي بمعني آخر إن الأمر يحتاج إلي وحي جديد ودين جديد، وهو تحديداً ما تضمنته الدعوي الجمهورية، وهو أمر يجعلها مشبوهة أكثر، خاصة عند أهل الحداثة الذين تستهويهم دعواها الأولي ولكن يصعب عليه تقبل محتواها الصوفي ـ الميتافيزيقي.
    الشيخ الترابي اتهم من قبل خصومه بأنه يقارب في دعاواه الإصلاحية الشطحات الجمهورية، ولكن الترابي لم يدع وحياً جديداً وإنما استصحب دعوي الحداثة الأكبر (ودعوي قدامي فلاسفة المسلمين حتي ابن رشد) من أن العقل الإنساني هو في حد ذاته مصدر سلطة قد تعلو أحياناً علي أي سلطة أخري دون سلطة الوحي، ويمكنها كذلك أن تعيد تفسير الوحي بما ينسجم مع متطلبات الحياة البشرية. من هذا المنطلق استخدم الترابي الأدوات الفقهية التقليدية، مثل التعمق في البحوث اللغوية والتاريخية، ونقد النصوص ومحاولة قراءتها قراءة جديدة ترفض القراءات التقليدية التي تلبست كما يري بمواريث تقليدية غير إسلامية، ترجع إلي حياة المجتمعات الإسلامية وقيمها السابقة علي الإسلام. علي سبيل المثال انتقد الترابي بشدة النزعة الأبوية في المجتمعات الإسلامية التقليدية وتغولها علي حقوق المرأة، بحيث أصبحت شــــؤون المرأة تكاد تكون الجانب الوحيد من الفقة الإسلامـــي الذي يرفض فيه التقليديون (علي غير ديدنهم) صريح النصوص التي تؤكد علي حقوق المرأة بدعوي أن ما كان يصلح للمجتمع النبوي ومجتمع صدر الإسلام لم يعد يصلح للمجتمعات اللاحقة التي لا يمكن أن تضاهي في صفائها الأخلاقي تلك المجتمعــات الطاهرة.
    الإشكال في منهج الترابي هو أنه واجه رفضاً من التقليديين دون أن يجد القبول عند الحداثيين والعلمانيين. فالحداثيون لا يقبلون بما هو دون الحل الجمهوري من تخلص بالجملة من الموروث الإسلامي الفقهي، أو علي الأقل يدعون لما يسميه الدكتور محمد أركون بـ نقد العقل الإسلامي ، أي عملية تفكيك تحلل الموروث الإسلامي من الخارج وتحكم عليه بأنه كان أسير واقع تاريخي معين لا بقاء له خارجه. وبالمقابل فإن التقليديين يرفضون اجتهادات الترابي جملة وتفصيلاً كما يرفضون منهجه. وقد كان الترابي يميل حتي وقت قريب إلي مداراة التقليديين، ولا يحفل كثيراً بنقد الحداثيين، وإن كان يتوجه بكثير من خطابه إليهم وإلي الغرب. فقد اضطر مثلاً إلي التراجع عن معظم أقواله حول زواج المرأة من كتابي وحد الردة والتشكيك في البخاري والعصمة النبوية أمام انتقادات التقليديين العنيفة. وقبل ذلك كان قد نشر كتيبه عن المرأة في مطلع السبعينات باسم مستعار في أول الأمر.
    وقد أدي هذا بدوره إلي ازدواجية في الخطاب. فقد كانت للشيخ الترابي حلقة داخلية صغيرة من الأنصار يخاطبها بصريح آرائه الفقهية، بينما كان يدخر خطاباً آخر لـ عوام الخلق . وقد نتجت عن هذا الوضع عدة نتائج، أولها بروز عقلية صفوية بين أعضاء هذه الحلقة الداخلية تشبه إلي حد كبير ما انتقد الإمام أبوحامد الغزالي عن فلاسفة عصره الذين كانوا يعتقدون التميز عن الأقران بفهم خاص للأمور يرتفع كثيراً عن فهم العامة. وأخذ يسود وسط هذه الصفوة المدعاة استخفاف كبير ببقية المسلمين وفهمهم للدين، بل وبكثير من تعاليم الدين. وهذا بدوره سلب الحركة الإسلامية سلاحها الأمضي في وجه خصومها من العلمانيين، والمتمثل في قدرتها علي تعبئة الجماهير وراء مواقفها بتوسل الشرعية الدينية. ولكن إذا كانت الحركة الإسلامية ترفض الموروث الديني كما هو فإنها تواجه نفس إشكال العلمانيين، بل إشكالاً أكبر، لأن العلمانيين علي الأقل لا يتدخلون في أمور الديــن ولا يسعـــــون إلي تغيير عقائد الناس بل يكتفون بتجاهل الدين ومقولاته أو التظاهر نفاقاً بالقبول بها. وهناك شواهد كثيرة علي أن العلماء التقليديين والجماهير الإسلامية تتقبل الإعراض عن الدين أكثر من تقبلها لما تري أنه تحريف للدين أو تغيير له. ولهذا واجهت الحركة الإسلامية بقيادة الترابي عزلة مزدوجة لأنها كانت تحارب العلمانيين والتقليديين في نفــس الوقت.
    التوجه الجديد للصفوة المحيطة بالترابي كانت له انعكاسات عملية، منها التنكر لتقبل الحركة الإسلامية التقليدية للديمقراطية، لأن الاحتقار للجماهير، بما في ذلك الجماهير المتدينة، يستتبع بالضرورة رفض الديمقراطية كمنهج. وقد ولدت هذه النظرة كذلك استخفافاً بكثير من القيم المتمثلة في الصدق مع الناس أو احترام حقوق العباد، ولعلها كانت مسؤولة إلي حد كبير لما وقع من انتهاكات وتجاوزات ميزت عهد ثورة الإنقاذ تحت رعاية الترابي. وهي بلا شك مسؤولة عما وقع للترابي علي يد تلاميذه الذين تعلموا منه الاستخفاف بالناس وبالقيم دون أن يكون لديهم ما كان له من العلم، فلم يجدوا بأساً في الإيقاع به وإنكار سابقته، لأنهم أصبحوا يرون أنفسهم فوق كل شريعة وعرف. ولا نزال نسمع من بعضهم تصريحات يستخفون بها بالعباد أفراداً وأحزاباً وأمة، إضافة إلي ما نعلمه مما يتداولونه في مجالسهم ويتناجون به من آراء خلاصتها أنهم قادرون علي حكم الشعب بالحديد والنار والكذب والنفاق وشراء الذمم، وأن الأمة بكل من فيها من شمال وجنوب وشرق وغرب ليس فيها فرد أو جماعة تستطيع تحديهم، وهو غرور أورد الترابي ما هو فيه، وسيكتشف تلاميذه قريباً أن شيخهم كان محظوظاً، لأن مصيرهم سيكون أسوأ بكثير.
    آراء الترابي الأخيرة وما ولدته من ردود أفعال لا يجب إذن أن ينظر إليها علي أنها إشكالية فرد أو جماعة، وإنما هي ورطة أمة لم تعد تجد في تراثها ما يكفي لمواجهة الحداثة، ولكنها تتمسك بهذا التراث علي علاته، وتقبل أن يزول هذا التراث جملة من أن يتعرض لتعديلات تضمن بقاءه. وهي أيضاً أزمة نخبة حديثة إما أنها أعرضت عن الإسلام إعراضاً أو أنها فشلت أخلاقياً وفكرياً في قيادة الأمة باتجاه إحياء الفكر الديني، فهي تتأرجح بين قيود التراث ومتاهات الخواء الأخلاقي الحداثي.

    (*) كاتب وأكاديمي سوداني، بريطانيا
    (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 25 أفريل 2006)
    http://www.tunisnews.net/25avril06a.htm
    _________________
                  

04-29-2008, 02:49 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ثانيا واجهنا طوفان الأخوان الجمهوريين ونشهد بان ضعفنا كان بيناً فى العمل و المنطق وكذلك الإستيعاب وهذا يدعم راى الشخصى بان معظمنا يحمل رؤيا دينية سياسية وليست فقهية وكنا نشعر بجهلنا امامهم فى مسائل العقيدة و الدين وتم مناقشة هذا الأمر من القاعدة والى القمة ولم تجدى المنشورات حيث لاحظنا ارتعاش من كنا نراهم اهل الفكر وكنا نواجه ذلك بالعنف الجسدى و اللغوى والآذى واستطاعت القيادة وان تخلصنا منهم وكانو الأعلون فكريا ودينيا وياما حبكنا المناورات المخجلة وعفوك با النحيف اب شنب.


    http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=m...rd=60&msg=1158415240
    _________________
                  

04-29-2008, 02:45 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ورقة قدمت لندوة "دور الاتحاد الأفريقي في فض النزاعات في القارة"

    مركز الكتاب الأخضر فرع سبها

    28/ يوليو/ 2003

    تعقيب على ورقة إيقاد الأخيرة بشأن السلام فى السودان

    د. أسامة عبدالرحمن النور

    قبيل اتفاق مشاكوس في 20/7/2002 اقترحت الحركة الشعبية لتحرير السودان، ثمناً لمشاركتها في الحكم في فترة انتقالية، قيام نظام كونفدرالي قوامه دولتان متكافئتان (الشمال والجنوب) يحكمهما على المستوي الكونفدرالي ـ أي مستوى الحكم المركزي - دستور محايد في موضوع الدين. جاء هذا بفعل إصرار حكومة البشير على ما أسمته "بالثوابت"، أي التمسك بدستور إسلامي (لموقف الحركة انظر خطاب قرنق بمناسبة العيد 19 للحركة الشعبية).



    الكلمتان المفتاح في ذلك الاقتراح هما الكونفدرالية والدستور المحايد في موضوع الدين، وهذان أمران لم يكن وفد النظام على ثقة من النفس بقبولهما لأسباب لا تخفى. وإزاء تدخل الوسطاء والمراقبين انتهى وفد النظام الى قبول ما جاء به اتفاق مشاكوس الإطاري كحل وسط.



    وبما أن الوضع الذى ارتضاه النظام وتبناه الوسطاء يخلق هيكلاً دستورياًَ مختلاً، فقد نبه وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان الى ذلك الخلل مبيناً أن عدم وجود كيان شمالي مناظر للكيان الجنوبي يجعل من الحكومة الاتحادية (المشتركة) حكومة للقطر كله وللشمال أيضاً. طرح الحركة هذا لم يَرُقْ كثيراً لا للنظام ولا للوسطاء. قال النظام لوفد الحركة: "جئنا هنا للتوافق معكم على حل مشكلة الجنوب ولاقتسام السلطة على المستوى الوطني بالتراضي، ولا شأن لكم بكيف يحكم الشمال".



    من جانبهم قال الوسطاء للحركة: "اتفاق مشاكوس يرضي طموحات الجنوب، ويعترف بالظلامات التاريخية، ويحقق قسمة في السلطة والثروة على المستوى الاتحادي تعالج عبرها تلك الظلامات، كما يضمن حياد الدستور في قضية الدين على المستوى الاتحادي، ويفتح لحلفائكم كَوّة في الجدار السميك الذى أقامته الجبهة ينفذون عبرها معكم ومعها للمشاركة في صياغة أطر دستوريه وقانونية جديدة، ويبيح لهم المشاركة في السلطة في حكومة واسعة القاعدة، فما شأنكم باستمرار الشريعة مصدراً للسلطات في دستور الشمال، أو كيف يحكم الشمال؟".



    ارتأيت أن أبدأ بهذا التوضيح تثبيتاً لحقيقة أن إنكار حقوق أهل الشمال لم يك بسبب مشروع ابتدعته الحركة أو أطروحة أصرت عليها، حتى لا نجاري أهل حكومة الخرطوم ادعاءهم بأن قوة خارجية ما (هم العامل الرئيس فى إدخالها الى حلبة الصراع السوداني) تقف وراء الأمر. فلو لم يصر النظام على بقاء الأوضاع في الشمال على صورتها الراهنة، لما كان في مقدور المراقبين من الولايات المتحدة، أو النرويج، أو بريطانيا العظمى الإصرار على أن يبقى هيكل الحكم في الشمال على ما هو عليه.



    نقول بداية أن الورقة التي قدمتها الأسبوع الماضي لجنة دول الإيقاد الراعية لمحادثات السلام السودان، في جولتها الأخيرة في ناكورو بكينيا، استندت إلى رؤية عميقة لأزمة السودان التى تكاد تعصف بوحدته أرضاً وشعباً، فجاءت مثالا للتوازن والعدالة. ولأهمية المبادئ التى طرحتها الورقة أساساً للحوار ارتأيت أن أبرز أهم نقاطها لما أثارته من لغط وما تعرضت له من تشويه متعمد من قبل أجهزة إعلام الحكومة الرسمية.



    * تقترح الورقة إقامة مؤسسة للرئاسة من رئيس النظام الحالي (عمر البشير)، وقائد الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان (د. جون قرنق دي مابيور). وقضت الورقة ألا يصدر الرئيس أي قرار هام حول قضايا السودان المصيرية، إلا بعد موافقة نائبه وشريكه في الحكم الذى سيصبح منذ لحظة التوقيع النائب الوحيد لرئيس الجمهورية. الورقة فى هذا لم تخرج عن مضمون اتفاق مشاكوس الإطاري الذى وقعت عليه حكومة البشير "إجماع الرئيس ونائبه على القرارات التي تمس اتفاق السلام مساً مباشراً". دق الطبول حولها الآن تعبير عن أحد أمرين: إما جهل بماهية السلام أو تنصل عما تمَّ الاتفاق والتوقيع عليه. فالاتفاق بين النظام الحاكم والحركة الشعبية، ليس اتفاقاً بين حزبين على المشاركة في سلطة قائمة بكل مفاهيمها ومؤسساتها وقوانينها. كما ليس هو توافقاً بين طرفين من تيار واحد تفرقت بهما الطرق ثم عادا الى بعضهما البعض. انه اتفاق سلام في البدء والمنتهى. ويعني السلام أن ثمة حرباً كانت تدور رحاها. والحروب لا تشتعل وتتلظى وتدوم إلا إن كانت هناك أسباب لذلك. بهدف معالجة تلك الأسباب، وتوفير الضمانات لكيما لا تطل برأسها من جديد، جاءت ورقة الايقاد. ولئن قبل الفريق البشير تلك القسمة بداية فى ماشاكوس بحسبان السلام شر لا بدَّ منه، وان للسلام ثمن مستحق الدفع، فقد كان ذلك أمر يحسب له لا عليه، لكن تراجعه الآن سيحسب عليه لا له.

    * نصت الورقة على بقاء الجيش الشعبي لتحرير السودان، في مواقعه عند لحظة التوقيع، واحتفاظه بقياداته وجنوده وأسلحته، وأسندت إليه المهام الجديرة فعلا بأي جيش وهي الحفاظ على الدستور، وعلى الاتفاق الذى سيكون الالتزام به أكثر عسرا بعشرات المرات من الوصول إليه، وحماية حدود البلاد، في ذلك الجزء من الوطن الذى يرابض فيه، بعد أن صار في عرف الطرف الآخر جيشا للوطنيين بعد أن كان يسمى جيش المتمردين.

    * أعطت الجنوب والمناطق المهمشة نصيباً في السلطة على المستوى القومي، يعكس وزنها السياسي والسكاني والاقتصادي، كما يعكس قبل ذلك كله، إرادة أهلها في النضال من أجل ما يرونه حقهم ونصيبهم، ويرفع عنها الحيف التاريخي الذى وقع عليها. سيكون للجنوب ولبعض الأقاليم المهمشة نصيب معتبر منذ الآن في كل مستويات السلطة التشريعية، عن طريق البرلمان بمجلسيه، وفي السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة القومية وفي السلطة القضائية، كما سيكون لها نصيب معلوم في الخدمة المدنية وفي كل هيئات القرار الاقتصادي.

    * حددت الورقة بدقة مصارف البترول السوداني، وهى تنمية الأقاليم المهمشة، والتغلب على الفقر والمرض والمجاعات، وإعادة توطين اللاجئين الذين طردهم الهوس الديني من ديارهم واقتلعهم من جذورهم، فضلاً عن أنصبة خصصت لتنمية البلاد على وجه العموم. وكونت لجنة للبترول تمثل فيها بوزن ربما يكون غالباً، الأقاليم المنتجة للنفط والمرشحة في نفس الوقت لإنتاج مزيد من الثروات الطبيعية.

    * ضمنت الورقة للأقاليم المهمشة حقوقها في الحكم الذاتي في إطار السودان الموحد، فقضت بإنشاء برلمانات منتخبة وحكومات إقليمية ولجان للخدمة المدنية وللأراضي. كما أعطت هذه الأقاليم حقوقا متعالية على صلاحيات الدولة الوطنية نفسها، فيما يتعلق بالتعليم والثقافة والدين.

    * قضت الورقة أن تحكم العاصمة القومية بقوانين علمانية تضمن الحقوق على أساس المواطنة وتمنع التفريق بين المواطنين على أساس الدين وتزيل عن كاهل، على الأقل حالياً، ربع سكان البلاد كابوساً من القهر المنفلت باسم الدين، ظل يقلق نومهم وصحوهم طوال 14 عاما.



    أقول أن الورقة انطلقت من رؤية عميقة، بحق، لواقع السودان، ومن استيعاب ممتاز للشر الذى يحكمه حالياً باسم المؤتمر الوطني، ومن إلمام نافذ بالآليات المرعبة التى اعتمد عليها هذا النظام في الفتك الغليظ بشعوب السودان. ونرى أنها تستحق المساندة والدعم للآتي:

    * ضبط مؤسسة الرئاسة بهذا الشكل، ولمصلحة الجنوب وبعض الأقاليم المهمشة، ولمصلحة السودان كله في نهاية المطاف، يغير طبيعة المؤسسة التي اعتمدت عليها الجبهة الإسلامية القومية في إعطاء حكمها الحزبي، طابع القرار الوطني الصادر عن الدولة. وهذه إجراءات تضع حداً لعملية اختطاف الدولة من قبل حزب واحد.



    أعتقد أن تسنم الدكتور جون قرنق دي مبيور، لمنصبه الرفيع في رئاسة الدولة، وإعطائه هذا الوزن الذى يستحقه، يعد إعادة اعتبار تاريخية للمهمشين في كل البلاد، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، ويعد حصاداً طيباً لجهد طويل وعناء شديد، تحمله كل المهشمين طوال عقود طويلة عجفاء، حكمت فيها نخب ضيقة الآفاق، ذاهلة عن طبيعة السودان التعددية، وغير عابئة بمعاناة أهله الأسطورية، التى سببتها هي نفسها.



    * وجود الجيش الشعبي لتحرير السودان في مواقعه الحالية، وباستقلال كامل عن الجيش الحكومي، هو الضمانة الوحيدة لالتزام السلطة بما توقع عليه وتلتزم به. أما إذا ذاب الجيش الشعبي في جيش الحكومة، كما حدث قبل ذلك، أثناء حكم الطاغية نميري، وأثناء الدكتاتورية الحالية، بعد "معاهداتها" مع بعض القوى العسكرية السياسية أواسط التسعينات، فلن يتبقى للحفاظ على هذه الاتفاقات، إلا عدم مصداقية الجبهة الإسلامية المعهودة.



    * منذ مجيئها الى الحكم تصرفت هذه السلطة في ثروات السودان بحسبانها ملكاً حزبياً خالصاً لا حق لشعب السودان فيها مطلقاً، ووظفت السلطة هذه الثروات توظيفاً شريراً ضد الشعب نفسه ومن أجل حرب لا مبرر لها، وأقامت أجهزة أمن جمعت لها عتاة المجرمين الذين نشرتهم في كل خلايا المجتمع كالسرطان. ومكنت أتباعها من الاستيلاء على كل ما تبصره عيونهم وتصل إليه أياديهم من الأموال والمشاريع والمؤسسات. مثل هذه السلطة غير مؤتمنة على بترول السودان، أو على أي من ثرواته، ولذلك فإن نزعه من يديها وكشف كل اتفاقاته للناس، وتوظيفه لخدمة المناطق التى أنتجته، أولاً، ثم لخدمة السودان كله بعد ذلك، هو الخطوة الصائبة والاتجاه الصحيح.



    * إنشاء المجالس التشريعية والحكومات الإقليمية بمناطق جبال النوبا وأبيي وجنوب النيل الأزرق، يمثل أعظم إنجازات هذه الوثيقة، وهى تطبيق جريء لتمكين أهل السودان من اتخاذ القرارات التى تتعلق بحياتهم، على أدنى مستوى إليهم. وهذا ما حققته هذه الورقة بصورة جيدة. وبدلاً من الانتقاص من هذه الحقوق كما تفعل الحكومة حالياً، لا بدَّ من الدعوة الى تعميم هذا الشكل من الحكم الذاتي على كل أقاليم السودان وخاصة دارفور والإقليم الشرقي، ليصبح هو نظام الحكم المعتمد في كل أنحاء السودان في النهاية.



    * حكم العاصمة بقوانين لا تميز بين المواطنين على أساس الدين، وتقيم المساواة بين الأديان، هو التطبيق الوحيد لقانون المواطنة، الذى تعترف به السلطة لفظاً وترفضه فعلاً. والواقع أن تطبيق قوانين المواطنة على العاصمة هو المقدمة الأكيدة لتطبيق ذلك على كل أقاليم السودان الشمالية. وهذا أمر لا يناقض الإسلام في قليل أو كثير، بل يناقض المفهوم الإنسدادي للإسلام الذى تتخذه هذه السلطة علامة عليها، ومنهجاً يخصها في قهر الآخرين والتقليل من شأنهم. إن التماهي الذى تقيمه هذه السلطة بين الإسلام و العقوبات الحدية، وليست الشريعة بالنسبة لها أي شيء آخر غير هذا، هو تماه كاذب وضار أشد الضرر، بالإسلام والمسلمين. كما أن التماهي الذى تقيمه بين الإسلام وحزبها وسلطتها وأفرادها، هو أكبر إساءة وجهت الى الإسلام على طول تاريخه في السودان. والواقع أن أزلية الدين تجبر العقل المسلم المنطقي مع نفسه، أن يتعامل مع مطلقية الدين من خلال نسبية التدين، وأن يأخذ منه بالتالي ما يناسب العصر، وأن يتجاوز منه ما خدم على خير وجه، مجتمعات ماضية، واتجه بالخطاب الى إنسان مغاير. وهذه مهمة أنجزها مصلحون عظام يقف على رأسهم في السودان، شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه، حينما دعا إلى إسلام السماح، والرجوع إلى آيات الأصول، حتى يستجيب الإسلام لحاجات الإنسان المعاصر، كما توصل إليها سياسيو السودان المسلمون في أسمرا عام 1995، في مؤتمر القضايا المصيرية الأشهر. ولا صلح للمسلمين مع عصرهم إلا من خلال هذا الطريق.
                  

04-29-2008, 02:46 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    مأساة محمود محمد طه

    أقدم في هذا الموضوع نبذة عن محمود محمد طه، المفكر الإسلامي السوداني الذي تم إعدامه في سنة 1985 أثناء حكم جعفر نميري الذي قام بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في السودان.
    انطباعي الخاص عن فكره هو أنه يمزج بين تيارات متعددة منها الصوفية و الإشتراكية. نزعته السلمية و اهتمامه بمسائل العبادة و تبنيه لمبادئ الاشتراكية على أنها أمور يصبو لها التشريع الإسلامي، تجعلني أميل إلى هذا الوصف . بشكل خاص تبنى محمود محمد طه فكرة أن الإسلام بحالته المكية هو الأقرب إلى الجوهر الحقيقي له كدين. أما الآيات المدنية مثل آيات التشريعات المختلفة و آيات القتال فهي فروع و ليست الأصل. الغاية من إنزال هذه الآيات كما رأى محمود محمد طه هو أن المجتمع في القرن السابع لم يكن مستعدا لما فيه الكفاية للأصل. و هكذا كان لا بد من إرجاء هذه الأصول حتى يجيء الوقت المناسب.
    تم الحكم على محمود محمد طه بالردة في سنة 1968 إثر رفع دعوى حسبة ضده ، إلا أنه لم يطبق عليه أي حد آنها، كون الدولة لم تكن ملتزمة بتطبيق العقوبات الإسلامية. بعد 17 عاما كان هناك التطبيق الكامل للشريعة و من ثم تم إحياء هذه المحاكمة القديمة و استحداث محاكمة استئناف، رغم أن محمد محمود طه لم يستأنف الحكم أصلا، و عليه فقد أثبتوا ردته و تم إعدامه في ظرف ثلاثة عشر يوما فقط من بداية الاعتقال و المحاكمة!

    بداية المواجهة مع الإسلاميين:

    بدأت المواجهة مع الإسلاميين إثر إساءة شخص منتم للحزب الشيوعي السوداني للرسول و آله. فقام الإسلاميون على أثر ذلك بطلب حل الحزب الشيوعي و طرد أعضائه من البرلمان. على الرغم من قيام المحكمة الدستورية بقول رأيها بعدم دستورية هذا الأمر، إلا أن ما قام به الإسلاميون هو تغيير المادة الخامسة من دستور السودان، و التي تقول: "لجميع الأشخاص الحق في حرية التعبير عن آرائهم و الحق في تأليف الجمعيات و الاتحادات في حدود القانون". تم ما أراد الإسلاميون، وتم طرد الشيوعيين من البرلمان و تم حل حزبهم!
    و في مواجهة فكرية مع الترابي الذي يمثل رأي الإسلاميين قال محمود محمد طه بأن هذه المادة الخامسة "غير قابلة للتعديل لأنها هي جرثومة الدستور، التي إنما يكون عليها التفريع...فإذا عدلت تعديلا يمكن من قيام تشريعات تصادر حرية التعبير فإن الدستور قد تقوض تقويضا تاما". كلمة جرثومة تعني أنها هي الأساس التي يبنى عليه ما سواه من حقوق و قوانين دستورية. و قال كذلك:
    "لدى الفاشي فإن كل شيء في الدولة.. و ليس هناك معنى إنساني، أو معنى روحي..بل و أقل من ذلك، فليس هناك أي معنى ذا قيمة يمكن أن يكون خارج الدولة.. و بهذا المعنى فإن الفاشية مطلقة و الدولة بوصفها تعبير شاملا عن الإرادة الأخلاقية هي الحق و هي صانعة الحقوق"

    و هنا نلمح وجود سمة مشتركة في ما بين أتباع حركة الإخوان المسلمين. فهي حركة براغماتية جدا و تعمل من خلال التغلغل بمؤسسات الدولة و من ثم التحكم فيها. و البرلمانات ليست مستثناة من هذه التكتيكات. فالدستور بصفته وضعيا فإنه غير مقبول لدى الإسلاميين عموما. الحل بالنسبة لهم هو بتغييره متى ما سنحت الظروف حتى و لو تم تفريغه من محتواه. موضوع متصل بموقف الحركات الإسلامية من تعديل الدستور تجده هنا:

    http://www.secularkuwait.org/vb/showthread.php?t=5048

    في بداية الثمانينات من القرن الفائت قام النميري بإعلانه لتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية. و بمجرد تطبيق هذه القوانين قام النظام بقطع أيادي من حكم عليه بالسرقة، رغم عدم استيفاء شروط الحد. و تحت ما تمت تسميته ب"الشروع في الزنا" تم ملاحقة الناس حتى في السيارات الخاصة و من ثم سؤال الرجل و المرأة إن كانا محرمين أم لا. و عند عدم إثبات هذا الأمر يتم جلدهم!
    لهذا السبب قام محمود محمد طه بإعلان اعتراضه على هذا التفسير للشريعة من خلال منشور عنونه ب"هذا أو الطوفان" قال فيه أن هكذا تطبيق للشريعة الإسلامية يشوهها و يهدد الوحدة الوطنية.
    ما إن استخبرت السلطات بأمر هذا المنشور حتى و بدأت المشاورات في كيفية الرد على محمود محمد طه. و ما تفتق عنه فكرهم هو إعادة إحياء الحكم الصادر في سنة 1968 بشأن ردة طه عن طريق محكمة استئناف "شكلية" تهدف إلى إدانة طه بحكم الردة مرة أخرى و من ثم محاكمته بناءا على قوانين الشريعة الإسلامية الحالية و هي الإعدام. إلا أن هذه المرة لم تكن هناك محاكمة لطه فقط، بل و لأربعة من معاونيه كذلك بناء على نفس التهمة!
    مشهد الإعدام كان مؤثرا جدا. توجد صحفية أمركية من جريدة التايمز و قد حضرت لمشاهدة هذا الإعدام. ساحة الإعدام كانت بحجم ملعب كرة القدم تقريبا (يذكرني هذا بمشاهد الإعدام التي كان يمارسها طالبان في ساحات كبيرة، و كانت حقيقة ملاعب تم تحويلها لساحات للإعدام). امتلأت هذه الساحة بالمشاهدين. و كان الجو قبل الإعدام يسوده المرح و تبادل الحوارات القصيرة عن الطقس مثلا، أو عن الأمطار أو المحصول الزراعي و هكذا. جيء بمحمد محمود طه و هو مغطى الرأس. جاؤوا به إلى منصة الإعدام و قرؤوا عليه حكم الإعدام، و لكنه كان في هذا الوقت شامخا و وجهه لا يشير إلى أي علامة للخوف. و ما إن تم تطبيق حكم الإعدام بحقه حتى تعالت الهتافات بين الجمهور: "الله أكبر"، "الله أكبر "، "الإسلام هو الحل"، "أخذت العدالة مجراها". هذه الصحفية الأجنبية لم تألف هكذا مشاهد. فقد اعتادت على أن يكون الحضور من الأقارب الذين يهتمون لأمر المحكوم عليه بالإعدام. و لكن ما حصل كان أشبه بهستيريا جماعية محمومة تشجع القتل.
    ما هو يا ترى الذي يبعث هذه الجموع على التشجيع على القتل؟ هل هي الوحشية؟ هل هي انعدام الرحمة في القلوب؟ أم أنهم رأوا بأن طه كان مجرد قربان للإله طمعا في التقرب له؟ هذا المشهد يذكرني بالمشهد الذي تم فيه قتل المسيح كذلك، و عند مروره بأزقة القدس الضيقة و هو يحمل صليبه على ظهره اجتمع الغوغائيون على أطراف الزقاق و قاموا بالهتاف ضده، هذا على الرغم من أنه تم استقباله بالجموع الحاشدة الهاتفة له حين قدم إلى القدس قبلها بأيام.
    العقلية الجمعية الغوغائية تهتف للنبي و في اليوم الآخر تهتف ضده. هتفت له حين رأت به قائدا جديدا، و من ثم هتفت ضده لأن قائدا آخر أقوى منه قام بالحكم عليه بالإعدام. الجموع تهتف و الجموع تشتم و مشاعر الجماهير تتهيج، و لكن هل الجماهير على حق؟ إنه لغربة لكل مفكر قرر أن يخرج عن النمط التقليدي و هذا ما نراه في حالة طه، و رأيناه في حالة نصر حامد أبو زيد، و رأيناه في حالة نجيب محفوظ .

    بعد تنفيذ حكم الإعدام محمود محمد طه، قام الترابي بمقابلة صحفية و قال فيها:

    "لا أستشعر أي حسرة على مقتل محمود محمد طه. فلا أستطيع أن أنفك لحظة واحدة حتى أصدر حكما بمعزل عن تديني، و ما دمت منفعلا بديني فإني لا أستشعر أي حسرة على مقتل محمود. إن ردته أكبر من كل أنواع الردة التي عرفناها في الملل و النحل السابقة. و لم أتحسر أن ورطه الله سحيانه و تعالى في حفرة حفرها هو للناس. و عندما طبق نميري الشريعة تصدى لمعارضته لأنه رأى عندئذ رجلا دينيا يريد أن يقوم بنبوة غير نبوته هو، و أكلته الغيرة فسفر بمعارضته، و لقي مصرعه غير مأسوف عليه البتة"
    فهل هذا خطاب متوازن، أم خطاب يقصد فيه التشفي و يقطر حقدا؟ و نقرأ هذا التصريح فنشاهد التناقض الذريع، فتارة يقول بأنه ارتد، و تارة أخرى يقول بأن طه قد غالى بمعارضته للنميري! فهل معارضة النميري تستدعي الإعدام؟ و هل حينما يتكلم الفرد عن ممارسات يظنها خاطئة و تشوه الشريعة الإسلامية يصير مصيره القتل!
    و ماذا استفاد الترابي و جماعته من تطبيق قوانين الشريعة؟ إلهاب جلود البعض، تقطيع الأيادي و الأرجل؟ إعدامات؟ و هل سيكون هناك مسوغ للإقليم جنوب السودان بالانفصال لو كان الدستور و القوانين تساوي بين المسلمين و غير المسلمين؟
    و هكذا رأينا أن الرأي المستنير في ما يخص الشريعة الإسلامية هو رأي الأقلية. هكذا كان حال محمود محمد طه و هذا حال أي مفكر آخر له رؤية مغايرة للنظرة التقليدية.

    مرجع المقالة: نحو مشروع مستقبلي للإسلام: ثلاثة من الأعمال الأساسية للمفكر الشهيد، لمحمود محمد طه، المركز الثقافي العربي، و دار قرطاس.

    http://www.secularkuwait.org/vb/showthread.php?t=13154
    _________________
                  

04-29-2008, 02:47 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    نجد خطاب الاخوان الجمهوريين في السودان (الحزب الجمهوري الاسلامي) كاحد الاصوات الفاعلة في التجديد الديني وابرزها منذ وقت مبكر , نجد ان هذا الخطاب – خطاب الاخوان الجمهوريين – اعلا من شأن المرأة وحرص على نيلها حقوقها وقدم رؤي مستنيرة حول تطوير شريعة الاحوال الشخصية للنهوض بالمرأة في السودان من وضعيتها الخاطئة, التي اجبرت على المكوث فيها بسبب فقهاء الظلام , سواء كانوا من اصحاب الفتاوى(ملاك الحقيقة المطلقة) او من حراس التقاليد والعادات البالية التي ترى كل شيء في المرأة , عورة محض .. ربط الفكر الجمهوري قضية تحرير المرأة ومساواتها ,بقضية تطوير شريعة الاحوال الشخصية .. حيث يطرح الفكر الجمهوري مسالة القوامة ,باعتبارها الاساس الذي نهضت عليه التشريعات الاخري الخاصة بوضعية المرأة في المجتمع . ويرى ان هذه التشريعات في وقتها كانت حكيمة كل الحكمة " في القرن السابع وذلك لانه حل مشكلة المرأة في ذلك المجتمع , فقد شرع لها حسب حاجتها وعلى قدر طاقتها وطاقة مجتمعها ايضا ولكن هل هذا الوضع هو مراد الدين الاخير للمرأة ؟ هل هو كلمته الاخيرة في امرها ؟ ام ان هناك وضعا اخر في الدين يمكن ان يقوم عليه تشريع جديد يحل مشكلة المرأة المعاصرة ويكون على قدر طاقتها وطاقة مجتمعها ؟ (19) يرى الجمهوريون ان الفقه شيء اخر غير الشريعة , وان فقهاء المسلمين جانبوا الصواب بتصورهم العقيم للعلاقة الزوجية كمثال – يعني هنا الفقه على المذاهب الاربعة – فقد جاء في الجزء الرابع منه حول تعريف الزواج" (انه عقد على مجرد التلذذ بادمية ) ومن هذا الفهم السقيم القاصر لطبيعة العلاقة السامية – الزواج – جاءت تشريعاتهم التي تنظم لهذه العلاقة جافة وبعيدة كل البعد عن سماحة الدين ومهينة لكرامة المراة وعزتها .. ولذلك فاننا ندعوا ان يتطور القانون من مستوى الوصاية الى مستوى المسئولية .. فتكون في هذا القانون – قانون الاحوال الشخصية – المرأة مسئولة امام المجتمع كالرجل تماما .. المرأة في هذا المستوى تكون حرة في اختيار زوجها , ولها حق الطلاق بالاصالة , كما لزوجها متى ما رأت ان الحياة بينهما استحالت .. وفي هذا القانون كما ان المرأة كلها تكون لزوجها فانه يكون كله لها , بلا تعدد زوجات عليها .. ففي اصل الدين المراة الواحدة للرجل الواحد , لانه – تعالى – قد قرر ان الرجل لا يمكنه العدل بين النساء ولو حرص على ذلك .. هذا بالاضافة الى ان العدل المادي – الذي الى جانب اسباب اخرى – قد اباح التعدد في الماضي قد تغيرت صورته للعدل المعنوي .. فالعدل في القرن السابع فسره النبي (ص) بالعدل المادي – المادي في الكساء والغذاء والسكن وما الى ذلك .. وفي ذلك قال المعصوم " اللهم هذا عدلي فيما املك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا املك " هذا العدل المادي قد تغير في مجتمعنا الحاضر الى العدل المعنوي , لان المرأة في هذا المجتمع اصبحت , وهي تصبح كل صبح جديد , قادرة على الانفاق على نفسها , ولذلك فانها تطالب بالعدل في ميل القلوب .. وهذا ما لا يستطيعه احد بين اثنتين " فلا تؤاخذني فيما تملك ولا املك " ومن هنا وجب ان يكون الزوج كله لزوجته كلها من غير ان تشاركها فيه زوجة اخرى .


    http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=44746
                  

04-29-2008, 02:47 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ويطيب لي هنا استهلال هذه الورقة بمجتزأ لحركة الأخوان الجمهوريين حول : تطوير قانون الاحوال الشخصية, على خلفية افكار الاستاذ محمود محمد طه , اذ يقول هذا المجتزأ :".. من هذه المواقف المختلطة، ومن مشاعر غيرها، تدخل في بابها، جاءت معاملة المرأة، وضرب عليها الحجاب، وعوملت معاملة القاصر، المتهم .. ونزع أمرها من يدها، وجعل إلى أبيها، أو أخيها، أو وليها من أقاربها الأدنين، أو قد يجعل لمطلق رجل من العشيرة، أو للحاكم، أو لزوجها .. ولا يكاد يختلف حظ المرأة في بلد، دون بلد، إلا إختلافا طفيفا

    -----------

    ولا شك ان الاستاذ محمود محمد طه احد اهم المفكرين الاسلاميين ومجددي الفكر الديني ليتلاءم مع روح العصر فضلا عن اهتمامه الفائق بقضية المرأة , وارأءه غير المسبوقة في هذا الشأن , ولاهمية خطابه في دحض خطاب الحركات الاسلاموية التي تعمل على تكريس وضعية متخلفة للمرأة في مجتمعاتنا السودانية قصدنا الاستعانة بهذا المجتزأ كمفتتح لورقتنا .
    استطاعت المرأة السودانية من خلال تراكمات نضالية بمستويات متفاوتة ووفقا لبعض العوامل المجتمعية المساندة ان تحصل على مكاسب هامة وكبيرة
    ----------------
    وهي ذات القوى التي تآمرت وتواطأت مع قوى أخرى عديدة لاغتيال الاستاذ محمود محمد طه , لاستشعارها خطورته البالغة على تكسبها من توظيف الدين في قضايا المجتمع - وتكتسب هذه القوى شرعية متزايدة واضافية , لكونها تكسب الى صف افكارها ملايين النساء , اللاتي يندفعن بوعي او بدون وعي الى ارتداء الحجاب , الذي يتجاوز في هذه الحالة كونه زيا بين ازياء وليصبح (شاءت النساء أم أبين ) رمزا سياسيا متحركا لهذه القوى


    http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=48896
                  

04-29-2008, 02:48 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    قد رأيت الناس في قلب الملايو! (2 من 5)
    د. النور حمد
    [email protected]

    في كتابه المتقدم على أوانه المسمى، "مشكلة الشرق الأوسط"، أشار المفكر الشهيد، الأستاذ، محمود محمد طه إلى أن حركة عدم الإنحياز ليست، في حقيقة أمرها، سوى حركة منحازة. وأشار الأستاذ محمود محمد طه تحديدا إلى دولتين تزعمتا هذه الحركة، وهما الهند منتهجة الخط الرأسمالي، ويوغوسلافيا منتهجة الخط الشيوعي، وعجب كيف أن كليهما قد ضمتهما معا ما سميت وقتها بـ "كتلة عدم الإنحياز"! وللأستاذ محمود أطروحة متميزة في الجمع بين الإشتراكية والديمقراطية تحتاج أن تزار من قبل الباحثين، وأن تتم مقاربتها في ضوء المستجدات الكوكبية الراهنة. وقد تفضل بالإشارة إلى أطروحة الأستاذ محمود محمد طه تلك، الدكتور سمير أمين في كتابه المتفردObsolescent Capitalism ، الذي سلفت الإشارة إليه، كما نوه بأطروحاته ألستاذ محمود محمد طه، أيضا، البروفيسر الأمريكي المعروف، كورنيل ويست في كتابه Democracy Matters.



    كما ذكرت في الحلقة السابقة أن بعض التقارير ذهبت لتقول إن ماليزيا دولة نجحت في استئصال الفقر!! وتلك لعمر الحق شهادة ضخمة، لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم. وعموما ليس ممكنا من الناحية العملية أن تخرج دولة ما، في بدايات أمرها، عن خط التنمية الرأسمالي. ولكن الرأسمالية نفسها طرائق قددا، ربما اقترب بعضها من ملامسة أفق الإشتراكية. فالدولة التي توسع في مظلة الضمان الإجتماعي، فترعى المتعطلين عن العمل، وتقوم بتأهيلهم، وتدريبهم، ومتابعة أمرهم حتى يحصلوا على وظائف، دولة تنفتح رأسماليتها على أفق إشتراكي. والدولة التي تقيم نظاما للتقاعد يحفظ للمتقاعدين كرامتهم حتى يغادروا الحياة، دولة تستلهم قيم الإشتراكية ونزعتها الإنسانية. والدولة التي تفتح فرص التعليم لأبنائها، وتيسره وتسهله، وتجعله في متناول الجميع، وتشجع عليه، دولة تستقبل قبلة إشتراكية أيضا. والدولة التي تقدم لعامليها تأمينا صحيا جيدا، وتوسع من تلك المظلة حتى تشمل غير القادرين على شراء بوليصات التأمين الصحي، وكذلك العاطلين عن العمل، دولة تفتح رأسماليتها على أفق إشتراكي. وقد نحت كثير من الدول الرأسمالية مناحى من هذا النوع، تقل هنا وتكثر هناك، فقطعت بذلك الطريق على المروجين للحركات الثورية الشيوعية، وللتطرف في الأخذ بالنهج الإشتراكي.



    الشاهد أن ماليزيا المحافظة، التي تحررت في عام 1958، لم تتعثر كثيرا عقب إستقلالها، كما تعثر الثوريون من التجريبيين الإعتباطيين الذين اعتلوا أسنمة نوق السلطة في الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا. فقد قيض الله لماليزيا قادة مستنيرين، وحاذقين، وهادئين، عرفوا ما يريدون لشعبهم، فبنوا على بناء بعضهم بعضا. فكان اللاحق منهم يبني على ما أنجزه السابق، ويدفع به إلى آفاق أكثر رحابة. انشغلت ماليزيا بالتعليم الجيد المربوط بالإحتياجات الحقيقية للتنمية وللتحديث والتمدين. كما انشغلت بتطوير البنية الإقتصادية، ورفد إقتصادها ذي الطبيعة الزراعية أصلا بإنشاء بنية صناعية متقدمة. كما أن ماليزيا نأت بنفسها عن الإسراف في الأدلجة والإنغماس في متاهات الشعار الطنان والعنتريات ونزعات التحدي الصبيانية للقوى الكبرى. عملت ماليزيا في صمت وعرفت كيف تحمي أفقها التنموي، وأحلامها الوطنية، وترابها الوطني، من تعارك الكتلتين الكبيرتين عبر حقبة الحرب الباردة. ولذلك تمكنت من أن تحقق ما حققت من إنجاز تنموية باهرة.



    يقولون: "الفضل ما شهدت به الأعداء"! فحين وجدتني أسيرا لحالة طاغية من الإعجاب بما رأيته من انجازات ماليزيا الملفتة، آثرت حرصا على الحيدة، ونأيا عن الإندفاعات العاطفية المتحمسة غير المسنودة بالبراهين الإحصائية، أن أقرأ شيئا عما ورد عن ماليزيا في تقرير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية، المسمى "كتاب حقائق العالم"، CIA World Fact Book، ويحتوي هذا الكتاب على ملخصات إحصائية عن كل دولة من دول العالم. وهو كتاب منشور على شبكة "الإنترنت". وقد أيد ما وجدته في ذلك التقرير مجمل انطباعاتي.



    مما ورد في ذلك التقرير على سبيل المثال لا الحصر، أن سكان ماليزيا يبلغون أربعة وعشرين مليون نسمة. عشرة ملايين منهم يدخلون شبكة "الإنترنت"! فلو حذفنا عدد الأطفال، والطاعنين في السن ممن تعدوا الخامسة والخمسين، نجد أن كل أو معظم القوى العاملة في ماليزيا، مربوطة بشبكة الإنترنت! وهذه النسبة في استخدام الإنترنت ربما تقاصرت دونها بعض الدول الصناعية الكبرى. والإرتباط بشبكة الإنترنت أحد أهم مظاهر التقدم العلمي والإقتصادي، والتجاري، والثقافي أيضا. وهو أيضا مؤشر على إرتفاع متوسط الدخل الفردي وعلى اتساع شبكات الإتصالات ووصولها إلى المكاتب والبيوت وسائر المرافق عبر أجزاء القطر. فشبكة الإنترنت أصبحت اليوم الوعاء الحامل للمعاملات التي تتم على مستوى الكوكب كله. فهي وسيط يتزايد استخدامه كل يوم لقضاء المعاملات البنكية، والتجارية، والإدارية، بل والخدمية. وما تسمى بـ "الحكومة الإليكترونية" إنما تهدف إلى تسهيل وتسريع المعاملات المختلفة، مع تقليل التعامل التقليدي القائم على المكاتبات الورقية التي تتكدس بلا حساب يوما بعد يوم. فالتعامل الإليكتروني يقضي أيضا على مسلسلات التوقيعات الكثيرة، وغيرها من صور الروتين المكتبي البيروقراطي المعقد الذي يهدر الوقت. ولا غنى للحكومة الإلكترونية عن شبكة الإنترنت. الشاهد أن دخول عشرة ملايين فرد من ضمن أربعة وعشرين مليون يمثلون مجموع سكان ماليزيا، إلى شبكة الإنترنت، يمثل في حد ذاته شهادة لا تعادلها شهادة عن حال ماليزيا من التقدم، ومن الرفاه الإجتماعي.



    أيضا يقول التقرير، إن معدل البطالة في ماليزيا حسب تقارير عام 2005 يبلغ 3.6 % فقط!. ومعدل نسبة السكان التي تعيش تحت خط الفقر هي 8 % فقط! أما الأمية وسط الرجال فهي 8%، ووسط النساء 15% فقط. وترجع إحصائية الأمية هذه إلى عام 2002 ولا بد أن هذه النسب قد تغيرت نحو الأفضل اليوم. ويقول التقرير أيضا، إن المعدل المتوسط المتوقع لعمر الفرد من الذكور يبلغ حوالي 69 عاما ويبلغ وسط الإناث 72 عاما. وفي كل أولئك دلالة حقيقية على حال الدولة الماليزية من التقدم.



    ورد أيضا في التقرير أنه على الرغم من أن ماليزيا قد فصلت عملتها الوطنية الـ "رينغيت" عن الدولار الأمريكي، إلا أن سعر عملتها ظل ثابتا ولم يشهد غير تذبذب طفيف. أيضا ذكر التقرير أن ماليزيا كانت الدولة الأقل تأثرا بالهزة الإقتصادية التي ضربت النمور الآسيوية في نهايات تسعينات القرن المنصرم. وقد يكون من الأنسب أن أترجم هذه الفقرة مما أورده كتاب وكالة المخابرات الأمريكية، المشار إليه آنفا. فهي فقرة شديدة الدلالة على الحالة الصحية العالية للإقتصاد الماليزي. فقد جاء في ذيل ذلك التقرير: ((إنخفاض معدلات التضخم، ووجود معدل صحي من إحتياطي العملات الإجنبية، إضافة إلى ضآلة مقادير الديون الأجنبية، كلها عوامل تجعل من غير المتوقع أن تتعرض ماليزيا، في المدى المنظور، لأي أزمة إقتصادية كتلك التي حدثت عام 1997 ))!



    حرصت على إيراد بعض الإحصاءات ليكون حديثي مدعما بالأرقام وألا يعتمد حصرا على إنطباعات المشاهد. رغم أن المشاهدة ربما كفت وحدها في الإستدلال على حال البلد من التقدم، أو التأخر. فمظاهر التقدم لا تحتاج إلى إحصاءات. فالنقص في القدرة على ترويض البيئة الحضرية في منطقة الشرق العربي، والعجز عن نقلها من حالة الإستيحاش إلى حالة الإستيناس، يطالع العين منذ الوهلة الأولى. فالتقدم والتأخر أمران لا يمكن إخفاؤهما. وربما لا يحتاج التحقق منهما إلى أكثر من مجرد نظرة عابرة ماسحة.



    في معظم دول إفريقيا والشرق الوسط، بما في ذلك الدول النفطية، نسبية الغنى، يطالع العين نقص القدرة في الوصول إلى كل جوانب البيئة الحضرية. فأنقاض البناء المبعثرة هنا وهناك، وقبح الأبنية التجارية، وتنافر طابعها المعماري، وقبح المناطق الصناعية التي تتخلل المشهد، وانعدام نسق موحد لللافتات التجارية، ثم فوضى مواقف السيارات، كلها دلائل على نقص القدرة وعلى نقص المعرفة والخبرة لدى المخططين ولدى التنفيذيين من المهنيين بأطراف معادلة خلق المشهد الحضري المتماسك. ولا ننسى أيضا مسلك مستخدمي الطريق من راكبي المركبات والراجلين، ومبلغ انصياعهم أو عدمه لنظم السير، والتزامهم أو عدمه بأصول الاستخدام الصحيح للطريق. فهذه كلها مقاييس بواسطتها نقيس مبلغ تقدم أو تأخر المشهد الحضري. بل إن مثل هذه الظواهر لتتعدى قياس درجة تمدن المشهد الحضري لتدل على حال النظام التعليمي للبلد، ومبلغ وفائه بالجوانب التدريبية المتعلقة بالإنضباط الحضري في شتى تجلياته. فالتقدم لا يحدث إتفاقا، وإنما هو علم، وتخطيط، وتنفيذ، وتوعية، ومراقبة ومحاسبة. فالمتابعة المستمرة بغية تسديد الثغرات ومراجعة أوجه الأداء المختلفة هي صمام استدامة نماء المشهد الحضري.



    الشاهد أن انضباط المشهد الحضري هو أول ما يلفت النظر في ماليزيا. ولهذا الإنضباط جانبان: أحدهما يتعلق بجماليات شكل الشارع والمباني، والعلامات الإرشادية والتحذيرية، إضافة إلى التحكم في المساحات الخضراء، والآخر يتعلق بمسلك البشر المنتشرين في هذا المشهد. ويشمل ذلك أزياءهم، وانطباعهم على القانون، وتقيدهم بقواعد المسلك الحضري. فعبر المسافة الفاصلة بين المطار ووسط مدينة كوالالمبور، والتي تمتد لحوالي الخمسين كيلومترا، لا توجد أي مظاهر من مظاهر الإهمال أو قصور اليد في الوصول إلى كل أجزاء المشهد الحضري وضبطها وتنغيمها. فالمشهد جميعه يقول أن يد الإنسان تطال فيه كل جزئية. وهذا هو الفرق بين القدرة والعجز. فكل شيء في هذا المشهد مضبوط ومنغم في لحن واحد متسق.



    مثل سائر دول جنوبي شرقي آسيا، تتسم شوارع ماليزيا بكثرة مستخدمي الدراجات النارية "سكوترز". وظاهرة الدراجات النارية تحمل دلالة على حيوية الإقتصاد، وعلى الروح العملية وسط أفراد الشعب الذي يريد أن يصل إلى مواقع العمل بأقل التكاليف. وتتمتع العاصمة كوالا لمبور بنظام للمواصلات العامة بالغ الكفاءة. وهو مكون من شبكة ضخمة من البصات تربط كل أجزاء المدينة، ومن مترو أنفاق يربط أطراف المدينة. وتكاليف التنقل في ماليزيا زهيدة جدا. ومع ذلك يفضل قطاع من العاملين استخدام الدراجات النارية لكونها تمنح حرية أكبر في الحركة. غير أن للدراجات النارية عيب غير خاف وهو كونها شديدة التلويث للبيئة، فماكيناتها تعمل عن طريق حرق الزيت مع الوقود. وينطبق هذا على الركشات التي هي ظاهرة هندية انتقلت حديثا إلى شوارع الخرطوم. ولبداية النهضة الإقتصادية أحكامها. المهم هو أن تكون هناك خطط مرسومة لإصحاح البيئة كلما تقدمت حالة الإقتصاد، وتحسنت دخول الأفراد، وأصبحت الدولة والفرد قادرين ماليا على الإستثمار في جهود الإصحاح البيئي بخلق وسائل نقل جماعية كافية لا تستخدم الوقود المحروق.



    أما السيارات في ماليزيا فمعظمها سيارات صغيرة وهي تذكر بالأجيال الأولى من السيارات اليابانية التي ظهرت في عقد السبعينات من القرن الماضي. وهذا النوع من السيارات، وأشهرها سيارة "بروتون" يتم تصنيعها في ماليزيا، بموجب اتفاق مع إحدى الشركات اليابانية الكبيرة. وبذلك النهج ضمنت ماليزيا توفير سيارات تناسب دخول سكانها، وضمنت في نفس الوقت تدريب مواطنيها على صناعة السيارات، كما وسعت فرص العمالة لهم. ومن الملاحظ قلة السيارات الفخمة في شوارع كوالالمبور، خاصة السيارات الأوربية الصنع، من طراز مرسيديس، وبي أم دبليو، وأودي، وفولفو وغيرها من سيارات الفخامة المتوسطة. وقد استنتجت من كل ما تقدم أن الدولة ليست في خدمة الطبقات العليا لذوي الدخول المرتفعة، وإنما هي دولة مهتمة إهتماما أصيلا بعامة الشعب، وآية ذلك حرصها على صناعة سيارات تناسب دخول الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى. هذا إضافة إلى توفير نظام للنقل العام شديد الإتساع، بالغ الإنضباط، وزهيد التكلفة يستخدمه وبراحة كبيرة من لا يقدرون على شراء السيارات ومن لا يريدون إقتناءها أيا كانت أسبابهم.
    (يتواصل)


    http://www.sudaneseonline.com
    __
                  

04-29-2008, 02:49 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    إن التمييز ضد المرأة في العالم العربي سببه الفهم السلفي للإسلام والاستغلال السياسي لهذا الفهم السلفي، ولا حل للمشكلة إلا بنشر الفهم الجديد للإسلام الذي يوضح أن الشريعة الإسلامية التي انتقصت حقوق المرأة ليست هي كلمة الإسلام الأخيرة، وإنما هي شريعة مرحلية فقد كانت جيدة وحكيمة وخطوة تطويرية لمجتمع الجزيرة العربية في القرن السابع وما بعده من قرون مما هي مثله ولكنها لم تشرع لإنسانية العصر الحديث وإنما ادخر الإسلام لهذه الإنسانية شريعة الأصول القائمة على الآيات المكية التي (نُسخت) أي أجلت إلى أن يحين وقتها، ووقتها هو العصر الحديث وفيها حقوق المرأة الكاملة والمساوية لحقوق الرجل، وفيها فضلا عن ذلك نظام سياسي واقتصادي واجتماعي متكامل يقوم على الديمقراطية والاشتراكية والمساواة، وهذا الفهم الجديد للإسلام، هو ما قدمه محمود محمد طه بالسودان الذي حكم عليه بالردة وأعدم شنقا بسبب حديثه عن فهم جديد للإسلام، مع أن هذا الفهم الجديد هو الحل.

    عبد الله الأمين - الخرطوم



    http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/talking_point/newsid_6165000/6165003.stm
    _________________
                  

04-29-2008, 02:50 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    استعير كلمات الأستاذ محمود محمد طه في نقده للدكتور الترابي إذ يقول إن شخصية الدكتور الترابي موضوع حبنا ولكن ما تنطوي عليه من ادعاء ومن زيف موضوع حربنا/ عبد الرحمن



    http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_1191000/1191019.stm
    _________________
                  

04-29-2008, 03:11 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    --------------------------------------------------------------------------------

    نجد خطاب الاخوان الجمهوريين في السودان (الحزب الجمهوري الاسلامي) كاحد الاصوات الفاعلة في التجديد الديني وابرزها منذ وقت مبكر , نجد ان هذا الخطاب – خطاب الاخوان الجمهوريين – اعلا من شأن المرأة وحرص على نيلها حقوقها وقدم رؤي مستنيرة حول تطوير شريعة الاحوال الشخصية للنهوض بالمرأة في السودان من وضعيتها الخاطئة, التي اجبرت على المكوث فيها بسبب فقهاء الظلام , سواء كانوا من اصحاب الفتاوى(ملاك الحقيقة المطلقة) او من حراس التقاليد والعادات البالية التي ترى كل شيء في المرأة , عورة محض .. ربط الفكر الجمهوري قضية تحرير المرأة ومساواتها ,بقضية تطوير شريعة الاحوال الشخصية .. حيث يطرح الفكر الجمهوري مسالة القوامة ,باعتبارها الاساس الذي نهضت عليه التشريعات الاخري الخاصة بوضعية المرأة في المجتمع . ويرى ان هذه التشريعات في وقتها كانت حكيمة كل الحكمة " في القرن السابع وذلك لانه حل مشكلة المرأة في ذلك المجتمع , فقد شرع لها حسب حاجتها وعلى قدر طاقتها وطاقة مجتمعها ايضا ولكن هل هذا الوضع هو مراد الدين الاخير للمرأة ؟ هل هو كلمته الاخيرة في امرها ؟ ام ان هناك وضعا اخر في الدين يمكن ان يقوم عليه تشريع جديد يحل مشكلة المرأة المعاصرة ويكون على قدر طاقتها وطاقة مجتمعها ؟ (19) يرى الجمهوريون ان الفقه شيء اخر غير الشريعة , وان فقهاء المسلمين جانبوا الصواب بتصورهم العقيم للعلاقة الزوجية كمثال – يعني هنا الفقه على المذاهب الاربعة – فقد جاء في الجزء الرابع منه حول تعريف الزواج" (انه عقد على مجرد التلذذ بادمية ) ومن هذا الفهم السقيم القاصر لطبيعة العلاقة السامية – الزواج – جاءت تشريعاتهم التي تنظم لهذه العلاقة جافة وبعيدة كل البعد عن سماحة الدين ومهينة لكرامة المراة وعزتها .. ولذلك فاننا ندعوا ان يتطور القانون من مستوى الوصاية الى مستوى المسئولية .. فتكون في هذا القانون – قانون الاحوال الشخصية – المرأة مسئولة امام المجتمع كالرجل تماما .. المرأة في هذا المستوى تكون حرة في اختيار زوجها , ولها حق الطلاق بالاصالة , كما لزوجها متى ما رأت ان الحياة بينهما استحالت .. وفي هذا القانون كما ان المرأة كلها تكون لزوجها فانه يكون كله لها , بلا تعدد زوجات عليها .. ففي اصل الدين المراة الواحدة للرجل الواحد , لانه – تعالى – قد قرر ان الرجل لا يمكنه العدل بين النساء ولو حرص على ذلك .. هذا بالاضافة الى ان العدل المادي – الذي الى جانب اسباب اخرى – قد اباح التعدد في الماضي قد تغيرت صورته للعدل المعنوي .. فالعدل في القرن السابع فسره النبي (ص) بالعدل المادي – المادي في الكساء والغذاء والسكن وما الى ذلك .. وفي ذلك قال المعصوم " اللهم هذا عدلي فيما املك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا املك " هذا العدل المادي قد تغير في مجتمعنا الحاضر الى العدل المعنوي , لان المرأة في هذا المجتمع اصبحت , وهي تصبح كل صبح جديد , قادرة على الانفاق على نفسها , ولذلك فانها تطالب بالعدل في ميل القلوب .. وهذا ما لا يستطيعه احد بين اثنتين " فلا تؤاخذني فيما تملك ولا املك " ومن هنا وجب ان يكون الزوج كله لزوجته كلها من غير ان تشاركها فيه زوجة اخرى .


    http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=44746

                  

04-29-2008, 03:14 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    بروفايل
    «محمود محمد طه» الفكرة الجمهورية.. الإسلام الجديد وعقاب المقصلة

    مع قليل من المبالغة؛ سيُعدّ السوداني محمود محمد طه - من زاويةِ المعرفة المنزوعة النهايات - من أشهر المجهولين في ساحة الفكر الإسلامي المعاصر، وبشيءٍ من المجازفة فإنه يكاد يكون من قلائل المفكرين الذين عنوا ببلورة أفكارهم على مقربةٍ لصيقةٍ من ساحات العمل. وإذا جرى التسامح مع المبالغة والمجازفة، فلابد أن يُصنّف طه في قائمة ‘’الإسلاميين’’ القلائل الذين نهجوا طريق التنظير لأفكارهم على هدى الإسلام. سيناقش كثيرون في ‘’إسلاميّته’’، وثمة منْ سيناقش في ‘’إسلامه’’ أيضاً، وفي كلا الحالين لن يُتاح للجميع أنْ يطمس الإنتاج الفكري الغزير الذي رفَد به طه أكثر من موقع من مواقع التجديد والنهوض الديني. مبكّراً حدّد في ‘’قل هذه سبيلي’’ بدايات الرؤية في العام ,1953 كان الإسلام حاضراً في قوّته المضمونية، إلا أن الصّيغة الهيكلية كانت مع كتاب ‘’الإسلام’’ الصّادر في العام .1960 ما كان يدعو إليه طه هو إسلام حقيقي، يعود بالناس إلى نهج الإسلام الأول. دعا إلى اعتماد الرسول محمد منهاجاً في السلوك الديني، ولكن وفق طريقة تأويلية لتطوير التشريع الإسلامي، فكانت دعوته للانتقال من الآيات المدنية، إلى الآيات المكية. إنه انتقال يُريد به محاكمة آيات الشريعة بآيات العقيدة، آيات التنظيم والعقود والحدود بآيات العدل والتضامن والمساواة الاجتماعية.
    رفضَ ما أسماه بالهوس الديني والاستخدام السياسوي للدين. كانَ حرباً لا هوادة فيها ضد كهنوتية رجال الدين، وهي تسمية دأب على مجّها مجّاً، واعتبرها وافدة على التحضّر الإسلامي. منذ البدء، جعل الحرية الشعار الأول، ونظرها عمودَ الدين ومفتاحه الحقيقي، ومنها نافح كلّ ما يتعارض معها وصولاً إلى ما يسميه بالمدنية الإسلامية، وانطلق من موضوع المرأة، ليبدأ في جسْر أول قنطرة في أعقد موضوعات الإصلاح الديني. من أصول الدين لا فروعه نجد الخلاص، وانكبّ يُعيد فلسفة الأصول بما يمنحها وظيفة الخلاص المفقودة. في احتدام الجدال الحامي بين التطرف والاعتدال، سيجده البعض نموذجاً لابد منه لإعادة الحيوية للاعتدال الديني، بما هو مطارحة فكرية وجرأة في نقد الموروث. في تلك الصّورة سيُعجب به باحثو الغرب، وسينظرون إلى حياته على أنها تنويعة لصيرورة المفكر الحر في بلد مسلم، كما هي صورة ‘’جاليلو’’ في حقبة الظلام الأوروبي. إنها نمذجة ستكبُر مع حكم الإعدام الذي طال طه في يناير 1985م وعمره يتجاوز السبعين. اُتهِم طه بالردّة. هكذا كان يروي حكم المقصلة. لقد وقفَ ضدّ تطبيق الشريعة الإسلامية في عهد النميري. لم يكن رافضاً للإسلام، كما تقول وثيقته. لقد قال في ‘’محكمة الردّة’’ أن جلاّديه جاؤوا بما فيه’’مخالفة للشريعة وللإسلام’’، وأفعالهم ‘’شوّهت الشريعة، وشوّهت الإسلام ونفّرت عنه’’. لقد كان الرجلُ، إذن، حريصاً على الإسلام، لا رافضا له، ولذلك سيخذله العلمانيون. يحضر فيه مالك بن نبي، وكلاهما مهندس وصاحب نهضة. يمرّ عليه علي شريعتي، حيث الإسلام النضالي والنفرة من رجال الدين. وعندما يُعدَم لا يتذكّره إلا الحلاّج، فقد خرجَ طه من ملئ فراغ الحماس إلى ملئ فراغ الفكر عندما عكفته السجون واعتكف في منزله سنوات، ليخرج بعدها مليئاً بالروح ومتشوّقاً بالمعاني حدّ العروج.
    http://alwaqt.com/art.php?aid=31456
    _________________
                  

04-29-2008, 03:15 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اسرائيل كانت تحفظ لنميري عدة مواقف ... دعمه للسادات إبان زيارته للقدس وصمته عندما ضربت اسرائيل المفاعل العراقي في 1981ثم اتفاق كامب ديفيد الذي أدانه كل العالم العربي وقاطع السادات إلا نميري والحزب الجمهوري
    --------------
    فهناك لعنة اسمها العلاقة مع اسرائيل ؟

    * نعم .. الملك عبد الله دفع حياته في يوليو 1951 ثمنا لمباحثاته السرية مع اسرائيل وتبعه السادات في 1981م بإغتياله وكانت واحدة من الاسباب التي عزلت الجمهوريين وقت اغتيال محمود محمد طه لدعوتهم للصلح مع أسرائيل .. وعزل الإمام نميري من خلافته بعد انكشاف فضيحة ترحيل الفلاشا .. نظرة إلى بنود الإتفاق الذي نشرته الاهرام تدلنا على أن التواصل في علاقة السودان واسرائيل بإطاره التاريخي كانت تتحكم فيه مجريات الأحداث في الشرق الأوسط ولا ترتبط بقريب أو بعيد بالمصالح الوطنية المباشرة ..



    http://www.sudaneseonline.com/ar/article_8899.shtml

    ---------


    ووجد منفذاً لنشر هذه الحصائل في ''سلسلة دراسات في التراث السوداني'' التي طبعناها بالرونيو كالشيوعيين والجمهوريين. ومكنت هذه الفترة للطيب أن يقف على الخريطة الثقافية لضروب الفلكلور وملكات رواته ومؤدييه وأن يكشف عن ''الضفيرة'' النسيقة التي تربط آداب الجماعات السودانية. وكانت هذه الحصائل زاده في رحلته المثيرة في ''صور شعبية'' وكتبه الأخري مثل ''دوباي'' و''المسيد'' و''فرح ود تكتوك'' و''الإنداية''.



    http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=m...ard=3&msg=1171137038
    _________________
                  

04-29-2008, 03:17 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    لقد اكتسب عبد الله النعيم هذه الأفكار لأول مرة عندما كان طالبا في كلية الحقوق في وطنه السودان وكان يبلغ من العمر آنذاك اثنين وعشرين عاما. وكان قد انضم آنذاك إلى حركة الإصلاح الإسلامية بقيادة محمود محمد طه. ولما أُعدم محمود محمد طه بسبب آرائه المخالفة ترك عبد الله النعيم وطنه كلاجئ سياسي.

    ومنذ ذلك الحين وهو يتابع معالجة نظريات قدوته الأستاذ طه في الولايات المتحدة. ويضيف على عجالة: "إنني لا أريد ربط هذه الأفكار بأحد الأشخاص في السودان". ذلك لأن حركات الإصلاح الإسلامية تخضع للرقابة والاضطهاد حتى عقوبة الإعدام.



    http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-579/_nr-13/i.html
    _________________

    (عدل بواسطة عبدالله عثمان on 04-29-2008, 03:20 PM)

                  

04-29-2008, 03:21 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    موت فرح !!!

    حزن عميق اجتاح أجزائي المبعثرة في فضاء ذلك الكون الفسيح ليعلن انتقال ((( فرح ))) عامر به القلب إلى عالم البرزخ المجاور لذواتنا المنهكة من وجع السفر وسياج الحبس القديم ..
    اليوم نفسه والتاريخ نفسه والشهر هو نفسه
    إنها الجمعة العظيمة 18/1/ بدأت تعاود فعلها القديم !!
    أتذكرونها ؟!!
    هي دوما تتوكأ على الصليب و تنسج من أنفاس النحيب حبل الموت الغليظ
    إن كان عند منتصف الثمانينات أو ما يزيد عن ألفي عام بقليل .. هي نفسها حين انشق القمر وحال الغبار الكثيف بيننا وطلعة البدر !
    وإن كانت في السابق من ميلاد الروح العظيم فقد اختارت اليوم تاريخ الهجرة إلى الله 18/1/1427هـ
    ....................
    لقد ذهب فرحي بالكلية يوم ذهبت أنت...
    أيها الجسد الطاهر المخضب في دمائه كالحسين يوم كربلائه
    وكالحسين الآخر المنصور يوم بلائه ...
    وكالأستاذ محمود يوم حمده وشكره واكتمال رضائه ...



    موت فرح !!!
                  

04-29-2008, 03:22 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    وما سبقه إليه الشيخ محمود محمد طه (أُعدم 1985) في «الرسالة الثانية» من دعوة صوفية إلى عفة العقل لا فرض الحجاب، زدت عجباً بتكور الزمن لا انطلاقه كالرمح، ولم يترك الأولون في شرقنا للمتأخرين من حداثة مقالة!



    http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=395502&issue=10235
    _________________
                  

04-29-2008, 03:39 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    عن المرجعية الإسلامية في برامج الأحزاب السياسية المدنية: 2-2
    محمود الزهيري
    Monday, 30 April 2007
    ملامح أزمة في التصور

    وينفى في الكتاب الذي حمل عنوانا فرعيا هو (إشكالية الردة والمرتدين من صدر الإسلام إلى اليوم) وجود أي واقعة في عصر النبي محمد "تشير إلى ما

    يمكن أن يقوم دليلا على قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتطبيق عقوبة دنيوية ضد من يغيرون دينهم مع ثبوت ردة عناصر كثيرة عن الإسلام في عهده (النبي) ومعرفة رسول الله بهم."





    ويضيف أن عهد النبي شهد "مئات" من المرتدين أو المنافقين الذين عمدوا إلى إيذائه والكيد للمسلمين لكنه "ترفع تماما عن المساس بهم" حتى لا يقال إنه يكرههم على الإسلام.





    ويستشهد بآيات قرآنية منها "كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات" من سورة آل عمران. وفي سورة النساء آية تقول "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا." ويقول معلقا إن فيها نفيا لوجود حد شرعي دنيوي للردة.





    ويضيف أن القرآن لم يشر تصريحا أو تلميحا إلى ضرورة إكراه المرتد على العودة إلى الإسلام أو قتله إذا امتنع، وأن "حرية الاعتقاد مقصد مهم من مقاصد الشريعة" في الإسلام.





    ويقول المؤلف إنه يأمل أن يتمثل الباحثون كتابه في "معالجة القضايا الجادة المستقرة في ضمير الأمة (الإسلامية) وثقافتها دون تفريق لكلمتها" حتى يسود منهج في مراجعات التراث "بحيث نجعل تراثنا مما يصدق القرآن عليه ويهيمن. إن أهل التراث الإسلامي هم الاولى والأحق بمراجعته من داخله وبآلياته، وإن الضغط الخارجي أيا كان سوف يؤدي إلى مزيد من التشبث بالتراث بخيره وشره."





    ويقول العلواني إن بعض الفقهاء حين ذهبوا إلى "وجوب قتل المرتد" لم يستندوا إلى آيات القرآن، "وقد تبين أن الفقهاء كانوا يعالجون جريمة غير التي نعالجها إذ كانوا يناقشون جريمة مركبة اختلط فيها السياسي والقانوني والاجتماعي بحيث كان تغيير المرتد عن دينه أو تدينه نتيجة طبيعية لتغيير موقفه من الأمة والجماعة والمجتمع والقيادة السياسية والنظم التي تتبناها الجماعة وتغيير الانتماء والولاء تغييرا تاما."





    وتحت عنوان (كيف حدث الخلط بين الديني والسياسي) يشرح سياق ما عرف في التاريخ الإسلامي بحروب الردة في عهد الخليفة أبي بكر الصديق، الذي تولى الحكم بعد وفاة النبي حيث امتنعت بعض القبائل في الجزيرة العربية عن دفع الزكاة. ويرى أن السياسي اختلط بالديني في تلك الحروب وأن أسبابها "لم تكن محددة بدقة صارمة. كانت لا لإعادة من غيروا اعتقادهم إلى المعتقد الذي فارقوه بل لإلزام مواطنين تخلوا عن التزاماتهم وواجباتهم باعتبارهم أعضاء في الأمة أو مواطنين في دولة" وعليهم الالتزام بالشرعية.





    ويوضح أنه يبحث قضية الردة الفردية التي تعني تغيير العقيدة. ويتساءل "هل الردة تعد خروجا من الإسلام أو خروجا عليه.." مشيرا إلى أن أهم ما يتبادر إلى ذهنه عند ذكر الردة والحديث عنها هو مصطلح المؤامرة "مؤامرة الدولة. الغول البشع على الحرية سواء مارسها فرد أو حزب أو فئة أو عالم. هي مؤامرة الدكتاتورية الغاشمة المجرمة على المعارضين والمخالفين لها أيا كانوا.





    "هي مؤامرة استعباد الطغاة الجبابرة للمستضعفين والتحكم في مصائرهم لا على مستوى الحياة الدنيا فقط بل على مستوى الآخرة إن استطاعوا. هي محاولة قتل وتدمير عباد الله بالافتراء على الله وانتحال صلاحياته وادعاء تمثيله والنطق باسمه، هي تزييف هدايته وتعاليمه، هي مؤامرة الخاطفين للسلطة والمتغلبين على الأمم والمزيفين لإرادة الشعوب ضد معارضين لا يملكون إلا ألسنتهم التي يقطعها الجبابرة عندما لا تنطق بمآثرهم."





    ويقدم العلواني نماذج للذين قتلوا بعد أن اعتبرتهم السلطة السياسية مرتدين، منهم المفكر السوداني محمود محمد طه (1909 - 1985) الذي أعدم بموجب إعلان الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري - الذي اعتلى السلطة بعد أن قاد انقلابا عسكريا عام 1969- تطبيق الشريعة الإسلامية "بعد أن أفلس سياسيا".





    كما يشير إلى أن فيصل بن مساعد الذي قتل عام 1974 عمه فيصل ملك السعودية الأسبق صدر الحكم بقتله "بالسيف حدا بتهمة الردة" رغم اعترافه بارتكاب جريمة القتل العمد "وهي كافية شرعا لإعدامه."





    وشهدت مصر عام 1992 قضية غريبة أثارت جدلا واسعا بعد اغتيال الكاتب المصري فرج فودة (1946 - 1992) أمام منزله بالقاهرة على يد شاب أوعز اليه أن فودة مرتد، لكن أحد رموز من يوصف بتيار الاعتدال الإسلامي اعتبر في شهادته أمام المحكمة الكاتب القتيل مرتدا في إدانة صريحة للقتيل.





    ويقول العلواني إن محامي قاتل فودة طلب شهادة "أكثر علماء المسلمين في ذلك الوقت اعتدالا وهو الشيخ محمد الغزالي، فلم يجد بدا من تقرير مذاهب الفقهاء في هذا الموضوع وهو وجوب قتل المرتد، واعتبر فرج فودة مرتدا يستحق القتل، وأن كل ما فعله هؤلاء الشباب هو تنفيذ حكم الشرع في إنسان مهدر الدم لا حرمة لدمه ولا قيمة. ولكن كان ينبغي على الدولة أن تريق دمه بنفسها وبأجهزتها، وإذ لم تفعل فقد افتأت هؤلاء الشباب (القتلة) على الدولة ونفذوا ما كان ينبغي لها أن تنفذه بنفسها."





    ويقول إن كلمة "حدود" وردت في آيات قرآنية كثيرة لكنها في جميع هذه الآيات لم تطلق على عقوبة وإنما تؤكد الالتزام بتشريعات أو أحكام.





    ويعيب على بعض رموز تيار الإسلام السياسي اختزال الإسلام والشريعة الإسلامية في العقوبات، ويبدي دهشته في إسراع بعض الأنظمة إلى تطبيق بعض العقوبات "لتثبت صلابتها في الدين وتمسكها بالشريعة وقد لا يكون لها نصيب من الشريعة أكثر من تلك العقوبات."





    وفي تعليق للشيخ جمال قطب والذي كان يرأس لجنة الفتوي بالأزهر سابقاً ونشرته المصري اليوم في عددها 987 علي ماتم تسميته بحد الردة حسب تصنيفات الفقهاء وأبدي رفضه :


    جميع الفتاوي السابقة للفقهاء التي تقول بوجوب قتل المرتد، مؤكدا أن الإسلام يقوم علي حرية العقيدة، وأن قتل المرتد كان في فترة محددة فقط في عهد الرسول «صلي الله عليه وسلم».





    وقال قطب في كلمته مساء أمس الأول في ندوة «الحريات العامة في الإسلام»، التي نظمتها جمعية «المقطم للثقافة والحوار» إن القرآن الكريم لم يذكر حدا للردة بل قال تعالي: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكافرين) «المائدة: ٥٤».





    أما ما عرف بحد الردة فمصدره حديث النبي صلي الله عليه وسلم «من بدل دينه فاقتلوه»، وتفسير هذا الحديث أنه كان في فترة محددة من فترات حياة النبي «صلي الله عليه وسلم» بالمدينة.





    وأوضح قطب: لقد كانت معركة رسول الله «صلي الله عليه وسلم» مع آخر فئات اليهود بالمدينة، وهم بنو قريظة الذين كانوا يسكنون حيا من أحياء المدينة فأصبحت هناك إمكانية استقطاب ضعاف النفوس لتغيير دينهم،





    ولذلك قال الرسول «صلي الله عليه وسلم»: «من بدل دينه فاقتلوه»، لكن الأصل العام في الإسلام أنه «لا إكراه في الدين»، لأن الله تعالي لا يعبد جبرا، وأكد أن قتل المرتد لم يكن حدا أبدا ولكنه قرار يسمي عند الفقهاء «سياسة شرعية لأمر محدد في وقت محدد»، ولا يجوز تطبيقه حاليا.





    فبماذا يمكن أن يرد التكفيريون والتجهليون علي هؤلاء العلماء ؟!!


    هل سيتم تكفير طه جابر فياض العلواني ؟!!


    وهل سيتم تكفير الشيخ جمال قطب والذي كان رئيساً للجنة الفتوي بالأزهر ؟!!


    وهل من يقول برأيهم فهو كافر حال كونه حسب ظنهم أنه منكراً لما هو معلوم من الدين بالضرورة ؟!!


    وهل سيتم تكفير كاتب هذه السطور علي إعتبار أن هذا كفر وأن ناقل الكفر بكافر ؟!!





    وهذا عن حد الردة الذي يتشدق العديد من الذين نصبوا أنفسهم وكلاء عن الله وعن الرسول في إستباحة دماء الناس وأرواحهم بزعم أنهم خلفاء لله في الأرض وأنهم ظل لله في أرض الله ، ويتوجب علي الناس جميعاً الإنصياع والطاعة لما يرتأونه من أراء علي أنه من صحيح الدين ، بل وأن أرائهم وأفكارهم وتصوراتهم يريدوها أن تكون معلوماً من الدين بالضرورة !!





    إن هذه الأراء التي إنساق ورائها التكفيريون والتجهيليون والتي يعتقد بها هؤلاء الكارهون للناس والفارون من الحياة إلي الموت والمقابر لايعنيهم أمر الدين ، ولايشغل بالهم أمر الإنسان في شئ سوي تعبيد الناس لله بطريقتهم هم من خلال فتح أبواب الحرام وتضييق أبواب الحلال وإن لزم الأمر إغلاق كل الأبواب المباحة علي زعم ترك المباح مخافة الوقوع في المكروه أو الحرام !!





    فهل أنصار المرجعية الإسلامية لهم موقف من خلال التفسير والتاويل لما يسمي بإنكار ماتم تسميته بحد الردة ولهم رأي محدد الملامح يؤيد مفهوم حد الردة أو ينكره أم سيتم الإكتفاء بمفهوم الردة الحضارية أولاً والإيمان بها علي إعتبار أنها هي أساس للتخلف والرجعية والمذلة والهوان الذي يتعايش معهم جميعاً العالم العربي والإسلامي ؟!!





    عن الأراء المؤيدة لحد الردة :


    قوله تعالى: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"


    وقوله تعالى: "ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم".


    وقوله: "إن الله لا يغفر أن يُشرَك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء".


    وقوله: "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً"


    وقوله: "ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين".


    وقوله تعالى: "كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق.. أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".





    فهذه هي مجموعة من الآيات القرآنية الكريمة التي إستنبط منها الفقهاء ماسموه بحد الردة، ونجد أن مفهوم هذه الآيات لم يتحدث عن إقامة حد الردة وقتل الإنسان المسلم الذي غير دينه إلي دين آخر أو إلي اللادين ، وإنما كان العقاب والجزاء في غالب الأمر مؤجل ليوم القيامة .





    بل وقال بعضهم مستنداً إلي نص الآية القرآنية محاولاً الربط بين النفاق والردة : "ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون".





    فكيف يتم ترك المنافقين أحياء ولايقام عليهم حد من الحدود ، أياً كان هذا الحد ، أو عقوبة من العقوبات ، أياً كانت هذه العقوبة ، بالرغم من أن علماء المسلمين يذهبوا جميعاً إلي أن المنافقون أشد خطراً علي الإسلام والمسلمون من المرتدين الذين أعلنوا كفرهم بواحاً ؟!!





    فالمنافقون يظلوا في المجتمع الإسلامي أحياء يرزقون ويتمتعون بكافة الميزات الممنوحة للمسلمون سواء بسواء ، وذلك بالرغم من أن الأية الكريمة تذهب إلي أن :


    "ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون".





    فهل معني هذه الآية أن المنافقون لايجوز الصلاة عليهم حال وفاتهم ، ولايجوز الوقوف علي قبورهم والدعاء لهم بالرحمة أو التوبة والمغفرة بأي حال من الأحوال ؟!!





    يضاف إلي ذلك أنه لايجوز لأي أحد من المسلمين أن يتعرض لهم بأي أذي أو يتعرض لهم بأي مكروه من المكروهات ويجب تركهم حال حياتهم ، بل وننتظر حتي وفاتهم ولكن لانصلي عليهم ولانقف علي قبورهم لأنهم لم يعلنوا الكفر ولم يرتدوا عن الدين الإسلامي إلي دين غيره !!


    فهل معني ذلك أن دعوة الإسلام دعوة مفتوحة لكل من يقبل أن يكون منافقاً ، ودعوة مقفولة لكل من لايريد الخروج منه ؟!!


    وهل دعوة الإسلام قابلة للمنافقين ورافضة للمرتدين ؟!!





    المرجعية الإسلامية وأزمة المفهوم السياسي الحديث :


    لا أدري كيف يفكر أصحاب المرجعية الإسلامية في كيفية الجمع بين الولاية السياسية الزمنية والولاية الدينية في شكل الحكم والسياسة الحديثة التي تنتهجها معظم النظم السياسية الحديثة ، وذلك في مدي ألحاحهم في تعريفنا بأن المرجعية الإٍسلامية رائدها الوحي ومرجعها القرآن والسنة بالرغم من إيماننا بالوحي ومطلق الإيمان بالقرآن والسنة اللذين هما من أعمدة الدين الإسلامي الذي ننتسب إليه كدين وكعقيدة ، ولكن كشريعة حاكمة تتعدد الرؤي في تفسير وتأويل مفهوم تطبيق الشريعة الإسلامية من خلال النظم السياسية الحديثة داخل إطار من العالمية أو الكونية ذات التوجهات العالمية المعاصرة الرابطة لكل دول العالم داخل إطار أممي عالمي تحت ستار منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية المتخصصة والإقليمية ، بمعني أن هناك إتفاقيات ومعاهدات دولية متعددة وقعت عليها الدول العربية والإسلامية وهذه المعاهدات والإتفاقيات قد تختلف في التفسير والتأويل مع نصوص الشريعة الإسلامية ، وعلي أبسط الأمثلة الجهاد في سبيل الله بإعتباره فريضة إسلامية يري ملايين من المسلمين أنه الفريضة الغائبة عن الأمة الإسلامية في الواقع المعاصر وكذا في إطار العالم المعاصر ، ويستند أصحاب هذه الرؤية ومعظمهم من أصحاب المرجعية الإسلامية ، إلي أن سبب نكبات وهزائم الأمة الإسلامية هو في تخليها عن فريضة الجهاد ، متغافلين عن طبيعة الظروف الدولية والعالمية والمستجدات العسكرية والحربية في عالم الحرب والقتال ووجود ماتم الإتفاق عليه بين الشعوب والأمم في سبيل إنشاؤه وتم الإتفاق علي وجوده لحل النزاعات والصراعات بين الشعوب والأمم وحفظ الأمن والسلم والدوليين ، وهو مجلس الأمن الدولي المنحاز في غالبية قراراته للإدارة الأمريكية ولمصلحة العديد من الدول الغربية ، وكذا إسرائيل !!





    فكيف يتم تفعيل فريضة الجهاد في ظل المرجعية الإسلامية ؟!!:


    أليس من الصدق أنه بمفهوم المرجعية الإسلامية ، أن الأمة الإسلامية أمة آثمة لتخليها عن فريضة الجهاد في ظل وجود أراضي محتلة للدول العربية والإسلامية حسب الأحكام الشرعية التي أسس لها فقها مسلمين قدامي ومحدثين ؟!!


    أليس ترك الجهاد حسب مفهوم المرجعية الإسلامية أمر كارثي للأمة الإسلامية ؟!!





    أليس هناك في الشريعة الإسلامية مايحض ويحرض علي الجهاد والحرب والقتال ضد الأعداء والكفار والمشركين والمنافقين وأهل الكتاب والمحاربين لله ولرسوله ؟!!





    هل يستطيع أصحاب المرجعية الإسلامية أن يفعلوا دور النصوص الإسلامية التي تحرض علي القتال والحرب والجهاد داخل الإطار الوطني الضيق أم انهم سيتعاملون مع القضايا العالمية بمنطلق أوسع وأشمل ليجمع كل الدول التي هي داخلة في إطار المنظومة الإسلامية حسب المفهوم من عالمية رسالة الإسلام وكونية رسالته ، الرسالة التي تحض وتأمر علي الدفاع عن كل شبر مغتصب من الأرض الإسلامية أو كل شبر فيه مسلم مهان أو مستعبد ، مع الأخذ في الإعتبار بالمتغيرات الدولية الحديثة في كيفية حل النزاعات ووسائل وأدوات الحل من خلال النظام الدولي الجديد برغم الجور والظلم الكائن ، حتي من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ؟!!





    أم أن مفاهيم الجهاد والحرب والقتال ستبقي علي ماهو مفهوم من حرفية النصوص الإسلامية المقدسة علي الخلفية التاريخية لتلك النصوص والوضعية الجغرافية بما كانت تحمله من ثقافات وعادات وأعراف وتقاليد كانت هي المحرك للأمر حتي من قبل ظهور الإسلام ؟!!


    وتأييداً لما سبق يري محمد عبد السلام فرج صاحب كتاب الجهاد : الفريضة الغائبة في مقدمته




    الجهاد في سبيل الله بالرغم من أهميته القصوى وخطورته العظمى على مستقبل هذا الدين فقد أهمله علماء العصر وتجاهلوه بالرغم من علمهم بأنه السبيل الوحيد لعودة ورفع صرح الإسلام من جديد ، آثر كل مسلم ما يهوى من أفكاره وفلسفاته على خير طريق رسمه الله سبحانه وتعالى لعزة العباد .





    والذي لا شك فيه هو أن طواغيت هذه الأرض لن تزول إلا بقوة السيف ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم : (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم) ..(أخرجه الإمام أحمد عن ابن عمر ).





    ويقول ابن رجب قوله صلى الله عليه وسلم بعثت بالسيف) يعني أن الله بعثه داعياً بالسيف إلى توحيد الله بعد دعائه بالحجة فمن لم يتسجب إلى التوحيد بالقرآن والحجة والبيان دعي بالسيف.





    وقد يكون محمد عبد السلام فرج يقال عنه أنه رائد من رواد تنظيم الجهاد أو الجماعة الإسلامية ذات الفكر الجهادي فلماذا يتم التدليل بمقدمة كتابه علي فرضية الجهاد بهذه الصورة ؟!!





    ونقول وهل هناك مفهوم آخر غير المفهوم الذي تناوله محمد عبد السلام فرج ؟!!


    والكلام لأصحاب المرجعية الإسلامية مازال مفتوحاُ حول مدي علمهم وتعلقهم بآيات وأحاديث الجهاد والغزوات في المرجعية الإسلامية ، أم أن المرجعية الإسلامية سوف تبني علي خطوط منهجية دفاعية فقط بعيدة عن أدبيات الجهاد في الإسلام ، وأنهم سوف يؤسسوا أحكاماً إجتهادية جديدة حول مفهوم فرضية الجهاد الإسلامي تخالف المفهوم القديم والمتوارث عن كتب التفسير والحديث والفقه والتراث ؟!!





    وهل سيتم قراءة محمد عبد السلام فرج في أرائه الواردة في كتابه الجهاد الفريضة الغائبة قراءة جديدة ، و منها ماورد في مقدمة كتابه وما ذهب إليه من إستدلالات فقهية أباحت القتل والذبح من أن :





    رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خاطب ) طواغيت مكة وهو بها ( استمعوا يا معشر قريش ، أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح ) فأخذ القوم كلمته حتى ما بقى فيهم إلا كأنما على رأسه الطير واقع ، وحتى أن أشدهم عليه ليلقاه بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول : انطلق يا أبا القاسم راشدا فوا الله ما كنت جهولاً ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لقد جئتكم بالذبح ) وقد رسم الطريق القويم الذي لا جدال فيه ولا مداهنة مع أئمة الكفر وقادة الضلال وهو في قلب مكة .





    فهل الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية ستعتمد فقه الجهاد في برامجها السياسية الخاصة بالدفاع والأمن القومي وتنتهج مفهوم الأمة بديلاً عن مفهوم الدولة ؟!!





    هذا سؤال معضلة أيضاً في فقه المرجعية الإسلامية لأن الآيات والأحاديث الواردة عن الجهاد لم تختص بها شبه الجزيرة العربية وحدها وإنما يختص بها المسلمين في الجغرافيا أينما وجدوا فيها وفي الزمان أينما كانوا وحلوا !!





    وأنهم ليسوا مكلفين بتحرير أوطانهم فقط وأنما بتحرير جميع الأوطان والأراضي الإسلامية أينما كان هناك مسلمين وحسبما كان هناك إسلام ،


    هذه الأسئلة وغيرها من المفترض أن تطرح علي بساط البحث والتحقيق لكي يتعرف المواطنين علي ماهية المرجعية الإسلامية وهل هناك فارق بين المرجعية الإسلامية في تصورها النهائي وبين الإسلام ؟





    وأيضاً تساؤل يتوجب إظهاره وهو المتعلق بكون المرجعية الإسلامية المتبعة في البرامج السياسية للأحزاب المدنية صاحبة هذه المرجعية ، وهذا التساؤل يكمن في التعريف بالمرجعية حال كونها فكراً وإستنباطاً وإستخراجاً للحلول للأزمات التي قد تعاصر المجتمعات داخل إطار المنظومة الوطنية وليست المنظومة الأممية أم أنها منظومة خارجة عن الإطار الوطني متعدية للحدود والجغرافيا ضاربة في أعماق التاريخ والزمان علي هدي من تراث الأولين في تفهمهم لمفهوم الوطن والأمة ؟!!





    أعتقد أن فكرة المرجعية الإسلامية تعتبر هروباً من كافة القيود التي فرضت علي التيارات والجماعات الإسلامية في الواقع المعاصر بما يحمله من ضغوطات وطنية ودولية علي المنتمين للتيارات الإسلامية علي إختلاف توجهاتهم ومناهلهم الدينية والثقافية ومن ثم كانت فكرة الأحزاب المدنية ذات المرجعية الإسلامية ماهي إلا عبارة عن ثقب الإبرة أو سم الخياط الذي يريدون الخروج منه للعالم المعاصر محملين بالدين والعقيدة لإقامة وتطبيق الشريعة الإسلامية في عالم اليوم بما يحمله من تخوفات من التطبيقات الدينية الإسلامية للشريعة الإسلامية في دول عديدة قامت فيها مجموعات من الصراعات الدينية وسالت علي إثرها بحور من الدماء علي خلفية أن كل تيار أو فصيل من الفصائل الإسلامية هو الذي يحتمي بالحقيقة المطلقة ، فكانت أفغانستان ، العراق ، ولبنان ، وفلسطين المحتلة ، والسودان ، ومصر ، والمغرب ، والصومال ، والشيشان ، والفلبين ، والمغرب ، واليمن ، وغير ذلك من الدول التي تبدت فيها الجماعات والتيارات الإسلامية معلنة رفضها لتلك المجتمعات والدول التي تعيش فيها وعلي أرضها .





    ماهو موقف أصحاب المرجعية الإسلامية من باقي الأحزاب السياسية المدنية ؟ :


    المرجعية الإسلامية المستندة للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتي تسعي الأحزاب السياسية المدنية إلي تطبيقاتهما في الحياة المعاصرة بجميع أشكالها وألوانها ، يجب أن يتبدي موقفها من باقي الأحزاب السياسية المدنية ذات نفس المرجعية الإسلامية المستندة إلي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، خاصة في حالة تعدد تلك الأحزاب ووجود بعض الإختلافات في الرؤي الشرعية لمسألة من المسائل الدينية التي يتوجب علي تلك الأحزاب البحث عن حلول لها في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، فماذا يكون موقف هذه الأحزاب من هذه الرؤي والإجتهادات التي تخالف بعضها البعض من حيث الرؤية والتفسير والإجتهاد والتصور في المسائل الدينية التي تريد تلك الأحزاب إنزال أحكامها المقدسة بمفهوم السماء إلي واقع الناس علي الأرض ؟!!





    وكيف نصل إلي مراد السماء في تفسير وفهم منطوق وتفسير وتأويل تلك النصوص الدينية المقدسة التي تبغي الأحزاب السياسية إنزالها إلي أرض الواقع ؟!!





    وما الذي يتوجب علي المواطنين فعله من ناحية إتباع الحزب السياسي المدني ذو المرجعية الإسلامية ؟!!


    إذا تعارضت المفاهيم الدينية للبرامج السياسية لتلك الأحزاب في مسألة من المسائل الحياتية فبأي مرجعية يمكن أن نأخذ ونفعل ؟!!





    وهل سيتم تفعيل مرجعية الحزب الحاكم فقط علي إعتبار أن المرجعيات الأخري مرجعيات معارضة خارجة عن إطار الحكم والسلطة ويتوجب مناهضتها وتخطئة أفكارعا ومفاهيمها السياسية المبنية علي المرجعية الدينية المستندة للقرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة المطهرة ؟!!





    وفي هذه الحالة هل يجوز تخطئة هذه النصوص التي يرجع إليها أصحاب المرجعية الذين يقفون في صف المعارضة السياسية علي خلفية من المرجعية الدينية ؟!!




    أعتقد أن المرجعية الإسلامية المزعومة ستواجه بجملة من الأزمات المعوقة لمشروع المرجعية الإسلامية للأحزاب السياسية ، ومن هذه المعوقات موقف هذه الأحزاب من الجماعات الدينية الجهادية ، والسلفية بأنواعها المتعددة والتي لها وجود قد يكون خفي ويعمل تحت الأرض ، أو وجود ظاهر يتحدي المجتمع في مفهومه للدين ، والسياسة ، بل والتحدي في عادات وأعراف وتقاليد المجتمع صاحب المرجعية الإسلامية والمأزوم بالجماعات الجهادية والسلفية المناهضة لكافة تيارات الإسلام السياسي وعلي رأس تلك الجماعات جماعة الإخوان المسلمين الخالطة للنهج الدعوي والنهج السياسي في مشروع واحد علي إعتبار أن ممارسة السياسة في مفهوم تلك الجماعات مخالف للكتاب والسنة ، ومخالف لما كان عليه السلف الصالح !!





    هل من الممكن وجود برنامج تفصيلي واضح ومحدد المعالم والملامح يحتوي حلولاً ولو جزئية للمشاكل المعاصرة في المجتمعات العربية والإسلامية ، بداية من تولية الحاكم ، وانتخابه ، أو عزله وحاكمته ، وكيفية تشكيل الحكومات ، وإسقاطها ، وكيفية رسم البرامج السياسية ، في الحكم والسياسة ، والديبلوماسية ، والعلاقات الدولية والخارجية ، وكيفية تطبيق الحدود في الشريعة الإسلامية ، وتعيينها بنصوص قاطعة في فهمها ومعناها لتطبق علي الجميع بإعتبارها قاعدة قانونية شرعية ، عامة ومجردة وتتصف بعنصر الجزاء ؟!!





    وكيف يمكن تفعيل فريضة الجهاد بإعتباره ذروة سنام الدين الإسلامي ، وذلك في إطار المنظومة العالمية المتربع عليها مجلس الأمن الدولي الذي يتم إصدار قراراته برعاية أمريكية ، لها حق الإعتراض علي أي قرار ، يصدره هذا المجلس الذي يكيل بمكاييل عدة ؟!!





    أعتقد أن الأمر جد صعيب علي الأحزاب السياسية المدنية ذات المرجعية الإسلامية ، لأنها لايمكن لها أن تتباري في تفعيل دورها في ظل أنظمة حكم فاسدة ، وفي حالة غياب تلك الأنظمة ستتاج مناخات الحرية والإبداع ، في كافة الأمور ومن ثم سيكون الدور للشعوب في تقرير مصائرها بعيداً عن إرادات الحكومات والأنظمة الفاسدة ، وبعيداً عن وصايات الجماعات الدينية والأحزاب التي تدعي بأنها أحزاب سياسية مدنية ذات مرجعية إسلامية ، ويكون للأديان دور المكون الرئيسي لوجدان الشعوب ، كل حسب دينه ، وتكون المرجعية للحق والواجب اللذين هما في حقيقة الأمر من أركان كل الأديان !!





    وعلي كل حال ننتظر البرامج السياسية التفصيلية للأحزاب السياسية المدنية ذات المرجعية الإسلامية ، لكي نناقشها ونتعرف عليها ، لأنها منظرة بعقليات بشر يخطئوا ويصيبوا ، ونحن بشر مثلهم نخطئ ونصيب ، ومن حقنا جميعاً أن نتشاور في كل الأمور التي تخص الأديان كل حسب دينه ، اما الأوطان فهي ملك لنا جميعاً !!





    محمود الزهيري

    [email protected]




                  

04-29-2008, 03:41 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اسلامية المعرفة ... خاتمة/8
    ابو القاسم حاج حمد
    Sunday, 01 October 2006
    وليس من ختام مسكي سواء أن نأتي بخطبة الوداع (71) التي أطلق خاتم الرسل والنبيين الخطاب فيها لكل الناس، وهي مقدمات " الدستور " للناس ، وقد وجه الرسول خطابه للناس من على جبل " عرفات " في العام العاشر

    للهجرة – (631-632 م ) وقبل التحاقه بعد وفاته بالملأ الأعلى بعام واحد أو أقل من ذلك .


    " أما بعد أيها الناس : اسمعوا مني أبين لكم ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ، في موقفي هذا .




    أيها الناس ! إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا . ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد. فمن كانت عنده امانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها . وإن ربا الجاهلية موضوع ، ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون . قضى الله أنه لا ربا . وإن اول ربا أبدأ به ، ربا عمي العباس بن عبد المطلب. وإن مآثر الجاهلية موضوعة ، غير السدانة والسقاية.




    أما بعد أيها الناس ! إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهن حق : لكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم غيركم ، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ، ولا يأتين بفاحشة ، فإن فعلن ، فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهنّ وتهجروهنّ في المضاجع ، وتضربوهنّ ضرباً غير مبرّح ،فإن انتهين وأطعنكم ، فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف . واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عوان ، لا يملكن لانفسهن شيئاً وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله ، فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهنّ خيراً . ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد ..




    أيها الناس ! إنما المؤمنون إخوة ، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه . ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد ..




    أيها الناس ! إن ربكم واحد وإن أباكم واحد . كلكم لآدم ، وآدم من تراب . أكرمكم عند الله أتقاكم ، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى . ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد . قالوا : نعم . قال : فليبلّغ الشاهد الغائب."




    فالخطاب للبشرية جمعاء ، ووجه للناس ولم يحدثهم عن خلافة تعقبه ، ولا عن نظامها السياسي ولم يتطرق لعقوبات إصر وأغلال وحتى الجلد لم يذكره بل " الاعضال" وقد قال لهم ( لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا ) .





    علنا بهذا " الموجز " من الطرح نكون فد أدركنا معنى " الرؤية الكونية " وما للغيب الإلهي من جدلية يتفاعل بها مع الإنسان والكون وفق منهجية معرفية للقرآن ، تنفذ إلى تفاصيل وجودنا وما نحن فيه من صراعات مع اللاهوت الذي يعشعش في داخلنا و " الوضعية "و" اللا أدرية " التي انتجت " العولمة المعاصرة " ضد كل القيم الإنسانية فلا يكون خلاصنا وخلاص البشرية إلاّ في كونية القراءة ، وهذا جوهر " أسلمة المعرفة " .(72)




    وهي " أسلمة " دفعتنا عبر منهجنا لتبني " العلمانية " في تأسيس الدولة لأن العلمانية ضمانة لاقصاء " الآحادية " والتسلط الكهنوتي .




    ولكن دون تحوّل العلمانية من ضابط سياسي إلى فلسفة اجتماعية لتماثل الوضعية بالكيفية التي ابتدرها " اوجست كونت " وبنى عليها انجلز ماديته الطبيعية وأحالها إلى الإنسان ، لان العلمانية تتيح " التعددية " ليمارس كل منا عقيدته ويجسد تمثلاته الملتزمة بشريعته في إطار الدولة الوطنية غير الثيوقراطية ودون تدخل الدولة. وننصح في هذا الإطار بالقراءة النقدية التي اجراها ( أحمد واعظي ) للعلمانية والليبرالية والتعددية في إطار ( المجتمع الديني والمدني ) .




    فأنظمة الخلافة الاسلامية لم تترجم مفهوم القرآن لأولى الأمر ( منكم ) إلى اختيار سياسي حر ، ولم تربط ( الشورى ) بالمبدأ الاجتماعي والاقتصادي لمنظومة " الدخول في السلم كافة " كما أن مرحلتها كانت سابقة في التعامل التاريخي مع مبدأ " المواطنة المتكافئة " إذ كان أساس الفرز بين الناس يقوم على الدين .وإن كان الفرز في دولة الاسلام أخف كثيراً في معاناة " أهل الذمة " مما كان عليه حال التغاير لدى الإمبراطوريات المسيحية كما أوضح دكتور " جورج قرم.




    قد ختم الرسول حياته بخطاب لم يوجه للمؤمنين ، ولا للمسلمين ، ولكن للناس كافة ، حرّم فيه الضعف المضاعف من ربا الجاهلية ، وأكد على الإيمان بالله بديلاً عن الشرك الوثني واوصى بحقوق المرأة وأكد على حرمة الأموال والدماء ، وساوى بين الناس ، فالكل لآدم وآدم من تراب ، ولم يتطرق للعقوبات التي يجعلها الأصوليين الآن مدخلهم للشريعة والإسلام؟




    باختتام الرسول لخطبته إلى الناس معلناً أنه لن يلقاهم بعد عامه هذا ولم يسمي – كما يفترض – نائباً عنه أو خليفة له ، تبطل كل حجج من يقول أن الرسول قد استخلف من بعده ، وهذه هي سنة الرسول " الحقيقية " والتي نلتزمها ونؤمن بحجيتها بمعزل عن أباطيل القول بتناسخها مع القرآن وبمعزل عن أباطيل الدس لمحق شرعة التخفيف والرحمة وفرض مفاهيم الحاكمية الإلهية.




    فإن عدم التسمية هذا لمن يخلفه هو من صميم المنهج القرآني حيث جعل الله الأمر من بعد الرسول لأولى الأمر منا ( منكم ) . أما طاعة الرسول فهي من طاعة الله وموصولة بها ، فسلطته علينا إلهية ، والشورى غير ملزمة له ، بخلاف طاعة أولى الأمر على أن يكونوا " منا " باختيارنا الحر كما فصلت آيات سورة النحل التي أتينا عليها (73/79 – ج 14 ) .




    لماذا لم يستخلف الرسول؟




    وكذلك عدم استخلاف خاتم الرسل والنبيين لمن بعده هو أيضاً من صميم المنهج الإلهي بوجه آخر ، فختم النبوة يستوجب " عدم التواصل " في ذرية من الرجال لخاتم النبيين ، وهذا ما حدث " لزكريا " خاتم أنبياء بني إسرائيل بخلاف المسيح " عيسى بن مريم " الذي ولدته أمه العذراء " مريم " بنفح من الروح القدس " جبريل " .




    فزكريا وقد أدركه الكبر ، ثم أن امرأته عاقر عرف أن النبوة في بني إسرائيل قد ختمت به ، فمنهج " الحاكمية الإلهية " و " حاكمية الاستخلاف " المطبقتان على بني إسرائيل ضمن خصائص دينهم اقتضى استمرارية النبوة بحيث لا يموت نبي إلاّ ويخلفه آخر من ذات السلالة ( آل عمران ) فيهم . وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ(87) – البقرة / ج 1. وكذلك: وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ(46) – المائدة / ج 6.




    أدرك زكريا أن النبوة قد ختمت في بني إسرائيل تمهيداً لظهور " المسيح " ومن بعده " النبي الأمي " خارج سلالة آل عمران ومن نسل إبراهيم طبقاً لنصوص سورة " الأعراف " التي أوضحناها ( الأعراف / ج 9 / الآيات من 157 وإلى 158 ).




    ولكنه كان يرغب في الذرية والإنجاب ولهذا كان دعاؤه لله " خفيّاً " فهو يرغب فيما يعلم أنه لا حق له فيه ، فذرية النبي تكون امتداداً له في النبوة والعصمة: كهيعص(1)ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا(2)إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا(3)قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا(4)وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا(5)يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا(6) يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا(7) – مريم / ج 16.




    واستجاب الله ، ( ولكن بشرط ) لا يخل بمنهج ختم النبوة ، وذلك بأن يأتي يحي " حصوراً " لا حاسة جنسية لديه ولا يقرب النساء. هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ(38)فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ(39) – آل عمران / ج 3 . وهكذا جاء " يحيى " حصوراً ومصدقاً بكلمة من الله هو " المسيح " الذي بشر بدوره بأحمد . وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ(6)وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(7)يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ(9) -الصف / ج 28.




    مضمون هذا كله في سورة الأعراف وخطاب الله للنقباء السبعين من بني إسرائيل في الجبل ، غير أنهم كذّبوا المسيح ، ثم كذّبوا محمداً ( أحمد ) وقد شرحنا الفارق بين طبيعة وحقيقة الاسمين " الحامل و المحمول " – أحمد / محمد و المسيح / عيسى والأسماء التي تعلمها آدم في مؤلفنا ( العالمية – المجلد الأول – ص 102/105 ).




    ما انطبق على زكريا ينطبق على محمد ، غير أن محمداً يوصفه خاتماً للرسل والنبيين كان أرفع وعياً وعبودية لله من زكريا ، فلم يدع لنوازعه الذاتية ( الحرص على الذرية ) مجالاً ليخاطب الله ، لا خفياً كزكريا ولا دون ذلك . وقد بيّن الله الأمر حين ربط بين خاتمية النبوة والرسالة وعدم استمرار الذرية من " الرجال " فجاءت الآية: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا(40) الأحزاب / ج 22. فالذين "يدعون بالأئمة المعصومين من آل البيت من بعد خاتم الرسل والنبيين " يجانبون منهج القرآن.(العالمية – المجلد الثاني – ختم النبوة ونفي عصمة اللاحقين – ص 108 و 110) ويجانبون ولاية أولى الأمر " منكم " الى ولاية الفقيه ، سنياً كان او شيعياً وينتهون في النهاية إلى الحجر على عقول المسلمين في تناولهم للكتاب خلافاً لنصوص سورة " النحل " . وهكذا تولد الدول الثيوقراطية الكهنوتية ولو تذرعت بشكليات الشورى طالما ظلت " ولاية الفقيه " وأدبيات " الأئمة المعصومين " مأخوذا" بها .




    ونختم بما ختم به خاتم الرسل والنبيين:




    قد ختم الرسول خطابه بنصوص " حجة الوداع " وإلى " الناس كافة " وتشكل تلك الخطبة " المقدمات الدستورية " للمجتمعات المؤمنة في الإطار العام للإيمان ، فقد اكتفى الرسول في تلك الخطبة " بالمشترك " بين كافة الديانات والمؤمنين ، فليس من بينهم من يبيح القتل ، أو يبيح السرقة ، أو يشرع للضعف المضاعف من ربا الجاهلية ، أو يحض على دونية المرأة أو يستسهل الزنا والفاحشة أو يتعالى بالعنصرية العرقية .




    هذا الأساس والمقدمات الدستورية للناس كافة ،أخضع لتطبيقات نقيضة ، في تاريخنا وتاريخ كل الشعوب ذات المثل الدينية المقاربة لنا وحتى في إطار الأنظمة الديموقراطية الغربية ، وتلك التي تدعي الإسلامية والشورية ، فكان لا بد من أن نلجأ مجدداً للقرآن ومنهجه ، وبآليات معرفية جديدة، لنستنبط من القرآن " ضمانات الشورى " والقواعد المؤسسة لأولى الأمر " منكم " ومجتمع " السلم " اقتصادياً واجتماعياً ومبدأ " الحرية " ، فوجدنا ذلك في المزاوجة بين " المبادئ " الإسلامية التي أشرنا إليها و " الآليات " الغربية ، فدعونا للدستور الديموقراطي ولكن مع حماية الديموقراطية بمؤسسات " المجتمع المدني " ، ودعونا " لعلمانية " السلطة وليس " علمنة " المجتمع ، ودعونا للحرية الليبرالية مع ترسيخ القيم الأخلاقية ضمن " رؤية كونية " تتجاوز اللاهوت والوضعية العدمية معاً ثم من بعد ذلك كله هناك من يقول أنه ليس في القرآن منهج !!!





    ملحق أ: حول الإرادة الإلهية وعلاقة الزمان بالمكان




    كما أن بعضهم يقول أن ليس في القرآن ( منهج ) ، كذلك يظن بعضهم أن الإرادة الإلهية تفعل خارج الزمان والمكان على نحو غيبي ودون " قرائن " دالة عليها ودون مؤشرات على اتجاهاتها.




    فحين كتبت عن " العالمية الإسلامية الثانية " وأنها دورة " تاريخية " تبدأ بعد انقضاء الدورة العالمية الإسلامية الأولى وبعد أربعة عشر قرناً منها ، وأن بداية ظهورها تحول القدس إلى الإسرائيليين اليهود ظن بعض الناس بي " مسّاً " أو " شطحاً " واختلفوا معي هل هي " عودة " أم " احتلال " ؟ وهل إسرائيليو اليوم هم ذاتهم إسرائيليو الأمس ، أم أنهم شذاذ آفاق من " الخزر " سيقوا إلى فلسطين واستوطنوها لتحقيق أهداف " إمبريالية عالمية " تحت طائلة " التذرع " بوعود " أرض الميعاد " – الأسطورية – وبدفع من " الصهيونية " ؟




    وقال بعضهم من المسلمين ، ومنهم فقهاء " حتى إذا سايرناك فيما تقول حول انقضاء " الوعد الأول " في سورة الإسراء للإسرائيليين لينتهي بغزوهم ، فإن ذلك قد تم في ماضي التاريخ على يد الآشوريين عام 721 ق.م. فقلت لهم إن الآشوريين لا تنطبق عليهم صفة الانتساب بالعبودية لله ، فالله يصف غزوهم في نهاية الوعد الأول بأنه يتم على يد " عباداً لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار ، وليس في تاريخ الأرض المقدسة سوى المسلمين الذين جاسوا في ديار اليهود من بني قريظة وخيبر وما يليها من ديار الإسرائيليين اليهود في المدينة المنورة . والمدينة المنورة هي من أرجاء " الأرض المقدسة جنوباً " كما أن الشام من أرجائها شمالاً . أما مكة فهي " محرمة " وأرفع مكانة عند الله مما هو مقدس ولهذا ارتبطت " بالرسالة الخاتمة " و " النبوة الخاتمة " و " عالمية الخطاب " و " حاكمية الكتاب – البشرية " و " شرعة التخفيف والرحمة " .




    وقد بينت مقدمة " سورة الحشر " غزو المسلمين لديار اليهود وصولاً إلى القدس لإنهاء دورة العلو والإفساد الإسرائيلي الأول " انتهاء وعد الأولى " والمقترن بأول حشرهم من جديد . في حين أنهم عادوا من الأسر البابلي ضمن مرحلة الوعد الأول .




    أما انقضاء مرحلة علوهم وإفسادهم الثاني فيبدأ بعد عودتهم " لفيفاً " ومجدداً إلى الأرض المقدسة ، وقد وفدوا إليها بعد الاحتلال البريطاني الفرنسي للمنطقة وتجزئتها بموجب اتفاق سايكس بيكو ثم تنفيذ وعد بلفور . هكذا بدأ علوهم وإفسادهم الثاني حيث جعلهم الله أكثر نفيراً وأمدهم بأموال وبنين.




    ويختم هذا الوعد الثاني وهو " وعد الآخرة " بمواجهة المسلمين لهم مجدداً حيث يربط الله بين " عباداً لنا " الذين أجلوهم في نهاية الوعد الأول ، وذات العباد الذين يسيئون وجوههم لدى انقضاء الوعد الثاني وهم المسلمون. فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا(7) – الإسراء / ج 15.




    وجعل الله الوعد الثاني إظهاراً للهدى ودين الحق منهجياً ومعرفياً في آيات " التوبة " و " الفتح " و " الصف " ومن بعد انقضاء عالمية الأميين " غير الكتابيين " الأولى والتي امتدت أربعة عشر قرناً . ونفذت طاقتها إلاّ من " إسلام شكلي " .




    والانتصار الإسلامي في نهاية الوعد الثاني " وعد الآخرة " ليس بدواعي العصبوية ، قومية كانت أو إسلامية ، ولكن بدواعي التحرر المنهجي والمعرفي " الهدى ودين الحق " وباستقطاب المسلمين للعالم كله في مواجهة أزماته الحضارية الشاملة، فكما استقطب الإسرائيليون العالم عبر أبنيته الرأسمالية والإشتراكية وصراعاته وتداخلوا معه حتى تحققت لهم " العودة " كذلك يستقطب المسلمون عبر تحررهم المعرفي والمنهجي العالم ويتداخلون مع مختلف انساقه الحضارية ، ومفاهيمه المعرفية ، تجاوزاً " للوضعية " باتجاه " الرؤية الكونية الإلهية " . يتم كل ذلك والصراع قائم بين الاستئصال الإسرائيلي للفلسطينيين ، والاستشهاد الفلسطيني في المقابل بدلالة ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) –( الإسراء / ج 15 ى 7 )، وهم لا يحسنون لأنفسهم إذ لا يلتزمون " بحق العودة " ولا " بالتعايش السلمي " ولا حتى بحقوق الإنسان الغربية . فالصهيونية جذرها الآيديولوجي " تلمودي " نافٍ للآخر نفياً مطلقاً بالرغم من ادعائها للعلمانية.




    غير أن مشكلة الحركات " الجهادية الإسلامية " التي تلتزم بالاسلام - حسب فهمها له - تتطلع إلى النصر على الإسرائيليين بموجب انقضاء " وعد الآخرة " ولا زال بعضهم يتطلع إلى " الحجر " الذي ينطق وينبئ المجاهد المسلم بأن " من خلفه يهودي " وأن شجر " الغرقد : هو شجر اليهود الذي يحتمون به .والأمر خلاف ذلك فانقضاء دورة الإسرائيليين الثانية في الأرض المقدسة تستلزم تحولاً في أوضاع المسلمين ووعيهم وتأثيرهم المنهجي عالمياً . "فالتدافع " ليس عصبوي الدلالة لينتصر الله فيه "لأمة " تماثل في ضلالها الأمة الأخرى . فاستعادة الأرض المقدسة بالأصولية لا يدخل في مدار انتصار المسلمين على الإسرائيليين خارج الالتزام بمنهج " الهدى ودين الحق " ، التزاماً معرفياً وعالمياً .





    ملحق ب: حكمة التوقيت الإلهي في الزمان والمكان:




    قد وقت الله بعثة إبراهيم قبل " سبعمائة عام قمري " من بعثة موسى وخروجه بالإسرائيليين من مصر إلى الأرض المقدسة ، أي حوالي سنة 2000 قبل الميلاد حيث حكم " الكلدانيون " إمبراطوريتهم من عاصمتهم " أور " . وارتحل عنهم إبراهيم إلى " حرّان " ثم أرض الكنعانيين ومصر وأعاد بناء البيت المحرّم في مكة حين " رفع " القواعد التي أسس عليها البيت في عصر سابق.




    وبعد تكاثر نسله في أرض كنعان وعلى مدى ثلاثة قرون دخلوا مصر على زمان يوسف ، وبقيوا فيها لأربعة قرون ثم جاءت بعثة موسى الذي أخرجهم من مصر إلى الأرض المقدسة ، فاكتملت بذلك " سبعة قرون قمرية " من إبراهيم وإلى موسى . وامتدت الديانة اليهودية إلى بعثة المسيح بعد " أربعة عشر قرناً " من موسى وإلى المسيح .




    وجاء الإسلام بظهور خاتم الرسل والنبيين بعد " سبعة قرون " من بعثة المسيح . حيث أجلى الإسرائيليون بعباد الله من المدينة المنورة وانقضى وعد علوهم وإفسادهم الأول .




    ثم عادوا بعد " أربعة عشر قرناً " وها هم يستحكمون وقد أمدهم الله بالأموال والبنين ، وجعلهم أكثر نفيراً .




    هذه " السباعية " في دورات التاريخ الديني والتدافع العربي/الإسلامي – الإسرائيلي/اليهودي لها أكثر من مغزى في " القرائن الدالة " على فعل " الإرادة الإلهية " في حركة الزمان والمكان ودون أن " نؤله " علم التاريخ، فحين يعطينا الله " مؤشراً " على انقضاء وعد الثانية بهزيمة الإسرائيليين فإنه يربط ذلك بانتصار الهدى ودين الحق وليس انتصاراً عصبوياً دينياً أو قومياً للعرب . ويظل للتوقيت الإلهي أهميته الكبرى ، غير أن الله لم يكشف لنا عن توقيت النصر في " وعد الآخرة " وإنما كشف عن " استمرارية التدافع " وهذا ما نشهده اليوم وهو تدافع تسطع معه معالم العالمية الإسلامية " الثانية " ولهذا أسميناها " عالمية ثانية " ترتبط بمنهج إظهار الهدى ودين الحق وليس " رسالة ثانية " يوحي بها إلينا .




    وللتوقيت دلالته في سيرة الرسول.




    فالرسول قد ولد في الثاني عشر من شهر ربيع الأول قبل 52 عاماً من الهجرة ، وبما يوافق سنة 571/572 م . ودخل المدينة المنورة بذات التاريخ في الثاني عشر من شهر ربيع الأول لأول عام هجري وافق 25 أيلول/سبتمبر 622 م .




    وصعد إلى الملأ الأعلى بذات التاريخ في الثاني عشر من ربيع الأول عام 11 هجرية الموافق 8 حزيران / يونيو سنة 633 م .




    فليس من توقيت عبثي في تقديرات الإرادة الإلهية ، ويمكن لأي مراجع تاريخي أن يدقق في هذه التواريخ عبر كتب " وضعية " أو كتبها علمانيون لا علاقة لها بالدين أو الغيبيات سواء أكان منهج التاريخ " مادياً جدلياً " أو " موضوعياً " أو " لا أدرياً " . عليهم فقط بعد تدقيق هذه التواريخ أن يجيبونا لماذا كان هذا التوقيت ؟ أما نحن وبمنهجنا الكوني القرآني فندرك ذلك.




    وعلى علماء التاريخ في تدقيقهم التمييز في فوارق التوقيت بين ما هو " قمري " و " شمسي " ، فالقمري يزيد ثلاث أعوام عن " الشمسي " في كل مائة عام: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا(25) - الكهف / ج 15 .




    ويشير القرآن للشمسي " بالسنة " رجوعاً إلى خاصية الشمس التي تحدث المتغيرات في الطبيعة بما تصدره من ضوء وحرارة فيكون " التسنه " : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(259) -البقرة / ج 3 . وهكذا يميز القرآن في الاستخدام الإلهي للغة العربية ما بين الشمس " حرارة وضياء " وما بين القمر " نوراً " لا فعل له في " التسنه "وانما انعكاس لضوء الشمس . هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(5)إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ(6) – يونس / ج 11. فربط السنين بالشمس وربط الحساب الفلكي بالقمر تبعاً لمنازله وهكذا جعل الله الليل وقمره " سكناً " و "سباتا " .





    ولله الحمد كيفما قام به الوجود وتقوّم


    بيروت : 30 ربيع الثاني 1424 هـ


    الموافق : 30 يونيو ( حزيران ) 2003 م




    .......................................................


    هوامش


    (1) د. رضوان السيد – الحركة الإسلامية والثقافة المعاصرة – ص 345 – منتدى الفكر العربي – عمّان الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي – بالتعاون مع مؤسسة آل البيت لبحوث الحضارة الإسلامية – 14 – 16/3/1987.





    (2) شفيق مقار – المسيحية والتوراة – رياض الريس للكتب والنشر – لندن – ط 1 – أغسطس / آب 1992 – ص 353. و ( كذلك ) اندريه هانيبال وميكلوس مولنار وجيرار دى بوميج – سيكولوجية التعصب – ط 1 – ص 8 – دار الساقي – لندن – 1990 – ترجمة د. خليل أحمد خليل.





    (3) مجلة "الباحثون" نشرة دورية يصدرها "مركز البحوث والدراسات الإسلامية" – وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد – ص 7 إلى 11 – السنة الأولى – العدد الثاني – دون تاريخ – ويرجح الكاتب عام 1416 هـ/ 1996 م .





    (4) للكاتب : السعودية – قدر المواجهة المصيرية وخصائص التكوين – ص 162/171 – International Studies and Research Bureau – British West Indies - - 1417 هـ / 1996 م – توزيع دار ابن حزم – بيروت.





    (5) د. محمد عابد الجابري – بنية العقل العربي – دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية – نقد العقل العربي – مركز دراسات الوحدة العربية – ط 1 – بيروت – 1986.





    (6) ميشال فوكو – حضريات المعرفة – ترجمة سالم يفوت – ط 2 – 1987 – المركز الثقافي العربي – بيروت.





    (7) عبد السلام بن عبد العالي – سالم يفوت – درس الابستمولوجيا – دار توبقال للنشر – الدار البيضاء – المغرب – ط 1 – 1985.





    (8) محمد أركون – الفكر الإسلامي : قراءة علمية – مركز الإنماء العربي- ص 9 و 114 و 182 – ترجمة د. هاشم صالح – بيروت 1987 .


    و:


    تاريخية الفكر العربي الإسلامي – مركز الإنماء القومي – بيروت – الطبعة الأولى – 1986 … و كتب أخرى.





    (9) محمد وقيدي – حوار فلسفي – قراءة نقدية في الفلسفة العربية المعاصرة – دار توبقال للنشر – ط 1 – 1985 الدار البيضاء .





    (10) د. نصر حامد أبو زيد – مفهوم النص – دراسة في علوم القرآن – المركز الثقافي العربي – ط 2 – 1994 – ص 117 إلى 134 .





    (11) د. مصطفى زيد – استاذ الشريعة الاسلامية ورئيس القسم بجامعتي القاهرة وبيروت العربية – النسخ في القرآن الكريم – المجلد الأول – ص 283/285 – ط 3 – 1408 هـ / 1987 م – دار الوفاء - المنصورة .





    (12) ع. بنعبد العالي – م . وقيدي – س . بن سعيد – ك. عبد اللطيف – م. حدية – م كداح . م الهراس – إشكاليات المنهاج – دار توبقال للنشر – الدار البيضاء – ط 1 – 1987 – ص 65.





    (13) الملتقى – مساهمة في الإبداع والتجديد – العدد .. – أكتوبر ( تشرين الأول ) 1999 م / جمادي الآخرة 1420 هـ – مجلة غير دورية يصدرها الملتقى الفكري للإبداع – لبنان – بيروت – ص. ب. 621/14 – almultaka @ intracom. Net.lb





    (14) البرت حوراني – الفكر العربي في عصر النهضة – 1798 /1939 – دار النهار للنشر – الطبعة الثالثة – 1977 – بيروت .





    (15) علي المحافظة – الاتجاهات الفكرية عند العرب في عصر النهضة – 1798 / 1914 – الأهلية للنشر والتوزيع – بيروت 1975.





    (16) عبد الله العروي – الأيديولوجية العربية المعاصرة – دار الحقيقة – بيروت – 1970 .





    (17) علي عبد الرازق – الإسلام وأصول الحكم – 7 رمضان 1343 هـ / 1 أبريل ( نيسان ) 1925 – المنصورة – مصر .





    (18) سيد محمد نقيب العطاس – مداخلات فلسفية في الإسلام والعلمانية- الترجمة العربية – محمد طاهر الميساوي – ص 17/20 - المعهد العالي العالمي للفكر والحضارة الإسلامية – ط 1 – 1420 هـ / 2000 م – دار النفائس – الأردن.





    WAN MOHD NOR WAN DAUD – The Educational Philosophy and Practice of Syed (19)


    Muhammad Naquib Al Attas – An Exposition of the Original concept of Islamization – International Institute of Islamic Thought and Civilization (ISTAC) Kuala Lumpur – 1998.





    (20) منهجية القرآن المعرفية – أسلمة فلسفة العلوم الطبيعية والإنسانية – هو كتاب فرغت من تأليفه في واشنطن في شهر ربيع الآخر 1411هـ الموافق نوفمبر / تشرين الثاني 1991 م. وقد تبنّى المعهد العالمي طباعته وتعميمه في تداول محدود ، ثم عقد له ندوة في القاهرة في آذار / مارس 1992 م حيث شارك فيها جمع من الاساتذة من ذوي التخصصات المختلفة وقدم لها الدكتور طه جابر العلواني رئيس المعهد العالمي – كما تناولها أساتذة آخرون من خارج الندوة بتعقيبات مكتوبة .


    وقد شارك في الندوة كل من :





    د.عبد الوهاب المسيري


    د.محمد بريش


    د.علي جمعة


    د.منى ابو الفضل


    د.احمد صدقي الدجاني


    د.محمد عمارة


    د.احمد فؤاد الباشا


    د.حامد الموصلي


    د.محمد بريمة


    د.سيف عبد الفتاح


    د.ممدوح فهمي


    د. جمال عطية





    أما الذين بعثوا بتعقيباتهم كتابة فهم :





    د.الشيخ محمد الغزالي ( رحمه الله)


    د.عادل عبد المهدي


    د.زياد الدغامين


    د.أكرم ضياء العمري


    د.ماجد عرسان الكيلاني


    د.محمد صالح


    د.برهان غليون


    د.إبراهيم زيد الكيلاني


    د.محمد الراوي


    د.عبد الرحمن بن زيد الزبيدي





    والأستاذ حكمت بشير ياسين.


    ملاحظة:


    قد نشرت وقائع الندوة في مجلة " قضايا اسلامية معاصرة " – السنة السابعة – العدد 23 فصل ربيع 2003 م / 1424 هـ – الصفحات 130 إلى 191 – التوزيع – الفلاح للنشر والتوزيع – بيروت – ص. ب. 6590/113 هاتف وفاكس 961-1-856677





    (21) د. طه جابر العلواني – اصلاح الفكر الاسلامي بين القدرات والعقبات – ورقة عمل – سلسلة اسلامية المعرفة – المعهد العالمي للفكر الاسلامي(9) 1401 هـ / 1981 م )





    (22) د. طه جابر العلواني – أدب الاختلاف في الاسلام – المعهد العالمي للفكر الاسلامي – سلسلة قضايا الفكر الاسلامي (2) – 1401 هـ / 1981 م .





    (23) د. طه جابر العلواني – الازمة الفكرية ومناهج التغيير – الآفاق والمنطلقات – المعهد العالمي للفكر الاسلامي – سلسلة أبحاث علمية (12) – 1417 هـ / 1996 م).





    (24) راجع وقائع ندوة منهجية القرآن المعرفية – هامش(20) – مجلة : قضايا إسلامية معاصرة – مداخلة د. محمد عمارة – ص 164/170 – كذلك مداخلة د . جمال الدين عطية 174 / 179.





    (25) حول مسألة الشهيد محمود محمد طه راجع :


    د. المكاشفي طه الكباشي – الردة ومحاكمة محمود محمد طه في السودان – دار الفكر – الخرطوم – ط 1 –1987 م / 1408 هـ .


    ملاحظة : المكاشفي هو الذي أصدر الحكم بالاعدام على الشهيد " محمود محمد طه " عام 1985 م ثم عين أستاذاً للشريعة بجامعة الملك سعود بالرياض!!! علّ ذلك كان مكافأة له !!! والله أعلم !


    يراجع كذلك:


    محجوب عمر باشري – إعدام شعب – ص 136 – طباعة : معامل التصوير الملون السودانية – الإصدار دون تاريخ وأعتقد عام 1987 م.





    (26) للكاتب – العالمية الاسلامية الثانية – جدلية الغيب والانسان والطبيعة – المجلد الاول –الصفحات من 114 وإلى 127 – شبهات التداخل بين العالمية الإسلامية الثانية والرسالة الثانية من الاسلام لمحمود محمد طه - International Studies and Research Bureu – British West Indies – 1996.





    (27) المصدر السابق – العالمية – المجلد الأول – ص 189/190 .





    (28) د. محمد عمراني حنشي – الانقلابات البولصية في الاسلام – المعهد العالمي للفكر الاسلامي نموذجاً – الناشر – عبر المؤلف – ص.ب. 2569 – الرباط المركزي – Rabat (R.P)





    (29) محاضرة للكاتب : علاقة الدين بالدولة في إطار المفاهيم الدالة على علاقة الله بالانسان – جامعة أم درمان الأهلية – 25 ربيع الأول 1421 هـ الموافق 28 يونيو ( حزيران ) 2000 م – نشر وتوزيع المركز السوداني للدراسات والخدمات الاعلامية – سلسلة قضايا فكرية – إصدار رقم 1 .





    (30) د. بدران أبو العينين بدران – استاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء – جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية – السعودية – مؤسسة شباب الجامعة – الاسكندرية – 1983 – الصفحات 16-17-22. وكذلك استاذ ورئيس قسم الشريعة الاسلامية بكلية الحقوق بجامعة الاسكندرية سابقاً .





    (31) د. محمد حسين الذهبي – الاسرائيليات في التفسير والحديث – كان المرحوم استاذاً لعلوم القرآن والحديث في كلية الشريعة بجامعة الأزهر – الصفحات 59/60/61/78/81/85 – مكتبة وهبة – القاهرة –1406 هـ/ 1986 م.





    (32) الأب آي – بي – برانايس – فضح التلمود – تعاليم الحاخاميين السرية – دار النفائس – بيروت – ط 3 – أنظر الصفحة ( 57 ) حيث يقولون عن السيد المسيح أنه كان " إبناً غير شرعي حملته أمه خلال فترة الحيض وأنه مجنون مشعوذ مضلل ، ثم صلب ثم دفن في جهنم " . كما يأمر التلمود إتباعه بقتل المسيحيين ( ايهوداه زاراه – ب 26 - : " يجب القاء المهرطقين والخونة والمرتدين في البئر ، والامتناع عن انقاذهم . " ص 139 ) ، وفي ( سفر اسرائيل – ب 177 – " اليهودي الذي يقتل مسيحياً لا يقترف إثماً ، بل يقدم إلى الله أضحية مقبولة " – ص 146 – نشر الأصل " التلمود " بالعبرية واللاتينية عام 1892 م وتمت الترجمة العربية " زهدي الفاتح " ونشرها عام 1405 هـ / 1985 م .


    ملاحظة : ومع ذلك هناك " مسيحية صهيونية " ؟!





    (33) " كتاب الموطأ " للامام مالك ومعه كتاب " اسعاف المبطأ برجال الموطأ " لجلال الدين السيوطي – إعداد فاروق سعد – ص 949 / 950 – دار الآفاق الجديدة – بيروت – 1401 هـ / 1981 م .





    (34) جبران شامية – الاسلام : هل يقدم للعالم نظرية للحكم ؟ – دار الأبحاث والنشر – ص 78 وإلى 80 – بيروت – 1990 نقلاً عن فجر الإسلام " لأحمد أمين ".





    (35) للكاتب :


    أ – علمانية الخرطوم مطلب إسلامي – صحيفة " الوسط " البحرين – 25 نوفمبر ( تشرين ثاني ) 2002 .


    ب – إشكالية العاصمة القومية في السودان – صحيفة " الوسط " – البحرين – 30 نوفمبر ( تشرين ثاني ) 2002 .





    (36) سيد محمد نقيب العطاس – المصدر السابق – مداخلات فلسفية – ص 19 و 20 .





    (37) د . علي حرب – نقد الحقيقة – المركز الثقافي العربي – ص 70 / 71 – ط 1 1993 – بيروت .





    (38) للكاتب : من المتحدث : كولن باول أم فولتير – وأين القاعدة الاجتماعية للإصلاحات؟ – صحيفة الوسط – البحرين – 17 ديسمبر ( كانون أول ) 2002 .





    Zbigniew Brzezinski " Between two ages, America’s Role in (39) the Technetronic Era – New York, Viking Press , 1970 .





    D.H Meadows , and D.L Meadows, d.Randers and W.W Behrens (40)


    “The Limit to Growth " Second Edition , New America Library , 1974.





    W W W Now . Nz/atp / articles / Catlet (prof Bob Catley, (41) University of otago, p3 4,5.





    Stephen E Ambrose and Douglas G Brinkey (42)


    "Rise to Globalism" – Penguin Books , 5 th Edition Ed, New York ,1997 .








    James D white "Alternative Nations" Futures, vol 30 no 2/3 (43)


    p 133 145 , 1998.








    Samuel Huntington " the Clash of Civilizations and the remarking (44)


    of world order Simon and Schuster New York 1996.





    Fukuyama " the end of History " , National Interest Summer 1989 (45)


    p3 – 36.





    ** المصادر من (39) إلى (45) مستمدة من دراسة محكمة وغير منشورة للدكتور " سلمان رشيد سلمان " بعنوان " البعد الاستراتيجي للمعرفة " – مركز الخليج للأبحاث- دبي ".


    أما مفهوم العولمة الأمريكية فهو من تحليلي .





    (46) د. مصطفى التير – الدين في المجتمع العربي – مركز دراسات الوحدة العربية والجمعية العربية لعلم الاجتماع – ط 1 – ص 606 – بيروت – يونيو ( حزيران ) 1909.





    (47) جون هرمان راندال – تكوين العقل الحديث – مجلدان – ترجمة د. جورج طعمة – دار الثقافة – بيروت – 1965 م.





    (48) د. حسن صعب – المفهوم الحديث لرجل الدولة – ص 61 إلى 75 – المكتب التجاري للطباعة والنشر – بيروت – ط1 – 1959 .





    (49) للكاتب – الأزمة الفكرية والحضارية للواقع العربي الراهن ( دراسة تحليلية لمعالجات الصحوة الإسلامية والبحث عن القوانين الذاتية للخصوصية العربية ) – صحيفة ( الخليج – الشارقة ) بداية من العدد رقم 2852 بتاريخ 12/ جمادي الأول 1407 هـ الموافق 11 فبراير / شباط عام 1987 م ، وانتهاء بالعدد رقم 3049 بتاريخ 9 محرم 1408 هـ الموافق 2 سبتمبر / أيلول 1987 م . ثم قمت بتعميق الدراسة لاحقاً حيث قام " المعهد العالمي للفكر الإسلامي " في واشنطن بطبعها وتعميمها في تداول محدود بتاريخ 19 شوال 1410 هـ الموافق 14 مايو/أيار 1990 م.





    (50) جابر عصفور – هوامش على دفتر التنوير – إسلام النفط والحداثة – ص 83 إلى 115- المركز الثقافي العربي – ط 1 - ص 83/115 – بيروت – الدار البيضاء – المغرب – ط1 –1994.








    (51) مجلة المنار – محمد رشيد رضا – ج 3 – مجلد 26 – 30 ذو الحجة 1343 هـ / 21 يوليو ( تموز ) 1925 م – ص 234/235 – بلاغ من علماء الحرم المكي الشريف في اتفاقهم مع علماء نجد.





    (52) مجلة المنار – محمد رشيد رضا – ج 4 – مجلد 26 – 319/320 – 30 صفر – 1344 هـ/ 18 سبتمبر/أيلول 1925 م.





    (53) للكاتب – خصائص النبوة الخاتمة – ندوة المركز الإسلامي في طرابلس - ليبيا – ديسمبر ( كانون أول ) 1991 .





    (54) للكاتب – العالمية – مصدر سابق – المجلد الأول – مفهوم الأميين بمعنى غير الكتابيين وليس غير الكاتبين بالخط – ص 153 إلى 162 .





    (55) للكاتب – الظاهرة الاسرائيلية في المنظور الاسلامي – سلسلة الدراسات الفلسطينية – 1990 – U.S.A. – Raleigh , N .C. 27607





    (56) المعلم بطرس بستاني – 1819/1883 – محيط المحيط – مكتبة لبنان – طبعة 1987 – ص 127 – مفردة جنح .





    (57) العلامة بن منظور – لسان العرب المحيط – المجلد الأول – دار لسان العرب – يوسف خياط – ص 511 – مفردة جنح .





    (58)جورج قرم – تعدد الأديان وأنظمة الحكم – دار النهار للنشر – الترجمة العربية – 1979 – ص 11 – بيروت .





    (59) أرنولد تويني – تاريخ البشرية – الجزء الأول – ترجمة نقولا زيادة – الأهلية للنشر والتوزيع – بيروت – ط 2 – 1988 – ص 173 مع مراجعة الصفحات 196 وإلى 270 )








    (60) الأب آي . بي. برانايس – فضح التلمود – دار النفائس – ط 3 – بيروت – 1405 هـ / 1985 م – ص 92 .





    (61) بحث ( مقدمات قيام العالمية الإسلامية الثانية ) ألقي في محاضرات المؤتمر الذي عقدته ( لجنة فلسطين الإسلامية ) – المؤتمر الثاني في شيكاغو في نهاية ديسمبر 1989 م .





    (62) فوارق الشرعة والمنهاج بين النسقين الإسلامي واليهودي – بحث مقدم إلى مؤتمر الجامعات الأردنية – عمان – الأردن – أغسطس / آب 1994 م .





    (63) د. نزيه حمّاد – معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء – ص 116 – المعهد العالمي للفكر الإسلامي – 1401 هـ/1981 م – هيرندن – فرجينيا – الولايات المتحدة الأمريكية .





    (64) دراسة ( التأسيس القرآني للمجتمع المعاصر ) وقد ألقيت في ندوة ( تجديد الفكر الإسلامي – نحو مشروع حضاري إسلامي معاصر ) التي أقامها المركز الإسلامي في مالطا بتاريخ 12 نوفمبر 1989 م.


    (65) حقوق الإنسان والقرآن في عالم متغير – مؤتمر ( الإسلام والمسلمون في عالم متغير ) من أجل نظام دولي عادل – المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى – بيروت 24 –28 أبريل / نيسان 1994 م .





    (66) د. كمال عبد اللطيف – الكتابة السياسية عند خير الدين التونسي – الانتلجنسيا في المغرب العربي – ص 85 و 93 – دار الحداثة للطباعة والنشر – بيروت – ط1 – 1984 م.





    (67) أحمد واعظي المجتمع الديني والمدني– ترجمة حيدر حب الله – دار الهادي – إشراف المعهد الاسلامي للمعارف الحكمية – ص 81 إلى 93– ط 1–1421 هـ / 2001 م .





    (68) للكاتب – السودان: المأزق التاريخي وآفاق المستقبل – المجلد الثاني – ص 311/387/552/ 554-International Studies and Research Bureau- British West Indies – 1996.-





    (69) للكاتب – الحركات الدينية – الاشكالية المعرفية وعالمية الثقافة المعاصرة – ندوة جمعية الدعوة الاسلامية العالمية – ليبيا – طرابلس – أغسطس ( آب ) 1991.





    (70) كونية القرآن وعالمية الإسلام – هيئة الأعمال الفكرية – قاعة الشارقة – جامعة الخرطوم – مارس / آذار 1997 .





    (71) محمد حميد الله – مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة – دار النفائس - ط 6 – 1407 هـ / 1987 م – ص 360 ( وهناك زيادات أضيفت لا علاقة لها بالأصل بيّنها محمد حميد الله ).





    (72) للكاتب – المبادئ التطبيقية لأسلمة العلوم الطبيعية والانسانية والاجتماعية – مجلة : قضايا اسلامية المعرفة – ص 273 / 288 السنة السابعة – العدد 23 – ربيع 2003 م – 1424 هـ – توزيع " الفلاح للنشر " – بيروت – ص ب 6590 /113 – هاتف وفاكس


    961-1-856677 كذلك نشرت المجلة وقائع الندوة التي ناقشت بحثي حول " منهجية القرآن المعرفية " – الصفحات من 130 / 191 .


    (73) للكاتب – العالمية الإسلامية الثانية - مصدر سابق – المجلد الأول – الفرق بين الاسم الحامل ( محمد ) والاسم المحمول ( أحمد ) – ص 103/104 . وكذلك موقفنا والتزامنا بالسنة النبوية ص 62/72.





    (74) للكاتب – العالمية الإسلامية الثانية – مصدر سابق – المجلد الثاني – ختم النبوة وإعادة ترتيب الكتاب ونفي العصمة عن اللاحقين – ص 108/110 .





    ملاحظة(أ) : ثبت تاريخ الوقائع أخذ من :


    د. عبد السلام الترمانيني – أزمنة التاريخ العربي – الجزء الأول – المجلد الأول – قسم التراث العربي – المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت –1402 هـ/1982 م .





    ملاحظة(ب) : اعتمدنا فهرسة القرآن الكريم " لمحمد فؤاد عبد الباقي " – المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم – دار الفكر للطباعة – بيروت – 1406 هـ / 1986 م .


    مع تقدير :


    أن الواضع الأصلي للفهرسة القرآنية هو المستشرق الألماني "فلوجل" والذي نشر كتابه : "نجوم الفرقان في أطراف القرآن " عام 1842 م ، وقد أشار " محمد فؤاد عبد الباقي " بحكم أمانته العلمية إلى ذلك في المقدمة.



                  

04-29-2008, 05:29 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    وما سبقه إليه الشيخ محمود محمد طه (أُعدم 1985) في «الرسالة الثانية» من دعوة صوفية إلى عفة العقل لا فرض الحجاب، زدت عجباً بتكور الزمن لا انطلاقه كالرمح، ولم يترك الأولون في شرقنا للمتأخرين من حداثة مقالة!



    http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=395502&issue=10235
    __
                  

04-29-2008, 05:30 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    البابا و تفسير القران
    بقلم دانيال بايبس
    نيو يورك صن
    17 يناير 2006
    المصنف الإنجليزي الأصلي: The Pope and the Koran

    كان من المتوقع أن يكون الإسلام و المسلمون قمة أولويات البابا بيندكت السادس عشر ,إلا انه لم يحرك ساكنا بهذا الشأن خلال الأشهر التسعة الأولى من توليه منصبه . إلا أن تقريرا وحيدا يفيد بإعطاء بعض التلميحات حول ما يفكر به حاليا .

    روى الأب جوزيف د.فسيو في برنامج هاف هيوت تفاصيل الحلقة الدراسية التي حضرها مع البابا في أيلول 2005 حول الإسلام . حيث سمع الحضور بأفكار عالم اللاهوت الليبرالي باكستاني المولد المدعو فازلر رحمن (88-1919), القائلة بأنه لو أعاد المسلمون تفسير القرآن كليةً عندها يصبح بالإمكان تحديث دين الإسلام.

    و حضّ على التركيز على المبادئ الكامنة وراء التشريع القرآني مثل الجهاد ,و قطع أيدي السارقين , و تعدد الزوجات , بغرض تعديلها لتناسب احتياجات العصر.وقد استنتج هذا العالم انه إذا قام المسلمون بفعل ذلك حقا فسيكونون قادرين على الازدهار و العيش بتناغم مع غير المسلمين .

    إلا أن ردة فعل البابا بيندكت كانت قوية تجاه هذا الطرح - لقد اعتاد البابا على عقد مثل هذا النوع من الحلقات منذ عام 1977 . لكنه اعتاد أيضا أن يترك المجال للآخرين ليطرحوا ما عندهم أولا , ومن ثم يقدم ما لديه من تعليق . لكن لم يتمالك أعصابه إزاء سماعه تحليل فازلر رحمن – بحسب ما يستذكر الأب فيسيو .

    قال الأب : هذه المرة الأولى التي يقوم فيها البابا بتصريح فوري –بحسب ما اذكر . إني لأعجب من قوة هذا التصريح ... فقد قال الأب المقدس , بطريقته الهادئة الجميلة و الواضحة , حسنا , هناك مشكلة أساسية في هذا (التحليل) لأنه في العرف الإسلامي , أعطى الله كلمته إلى محمد , لكن هذه الكلمة أبدية وهي ليست كلمة محمد , فهي موجودة إلى الأبد مثلما نزلت دون تغيير ولا مجال لتعديلها أو تفسيرها ..وهو جوهر الخلاف بين الإسلام

    و المسيحية و اليهودية . ففي هاتين الديانتين " عمل الله من خلال مخلوقاته . لذا فهي ليست كلمة الله وحدها بل هي كلمة عيسى , ليست كلمة الله و حسب , بل كلمة مارك , فقد استخدم الخالق مخلوقه الإنسان و أوحى إليه لينطق بكلمته إلى العالم" . إن اليهود و المسيحيون " قادرون على انتقاء ما هو حسن" من تقاليدهم وقولبته . بمعنى آخر , هناك " منطق داخلي يحكم الإنجيل المسيحي , يجيز له و يتطلب أيضا تعديله و تطبيقه بحسب الأوضاع الجديدة ".

    بالنسبة لبيندكت , حيث أن الإنجيل" كلمة الله التي أوصلها عبر المجتمع الإنساني" فانه يفهم القرآن على انه

    " شيء سقط من السماء ولا يمكن تعديله أو تطبيقه" ولهذا الجمود عواقب وخيمة لأنه يعني أن " الإسلام قد علق , انه عالق في شرك النصّ الذي لا يمكن تعديله ".

    إن سرد الأب فيسيو المفاجئ يستدعي اثنين من ردود الأفعال . الأولى , هذه التعليقات قد صدرت في حلقة دراسية خاصة بحضور تلامذة سابقين و ليس أمام العموم . وكما أشار سبنغلر من تايمز آسيا , حتى البابا " عليه أن يهمس" عندما يتعلق الأمر بمناقشة دين الإسلام . فهي إحدى علائم العصر .و ثانيا , ينبغي عليّ إشهار معارضتي . فالقرآن قابل للتفسير , كما فعل ذلك المسلمون مثلهم مثل اليهود و المسيحيين عندما قاموا بتفسير الإنجيل , ولم تتغير هذه التفاسير مع الوقت . إن القرآن مثل الإنجيل , له تاريخه الخاص .

    يمكن الاستشهاد على ذلك بطريقة تفكير عالم اللاهوت السوداني محمود محمد طه (85-1909).لقد بنى طه تفسيره على تقسيم القرآن اصطلاحيا إلى جزأين . فالنصوص الأولى نزلت على محمد عندما كان في مكة نبياً لاحول له ولا قوة , غلبت عليها صفة التفكير بالكونيات . و أما النصوص اللاحقة فقد نزلت عليه عندما حكم المدينة , و تضمنت العديد من القوانين المحددة التي شكلت في النهاية أساس الشريعة أو ما يمكن تسميته القانون الإسلامي .

    يقول طه بان هناك قوانين قرآنية محددة كان العمل بها مقتصرا على المدينة و حسب , لا لأزمنة و أمكنة أخرى . وهو يأمل أن يتمكن مسلمو اليوم من تجاوز هذه القوانين ليعيشوا وفق المبادئ العامة التي أوحيت إلى الرسول في مكة . لكن في حال لاقت أفكار طه هذه قبولا فان معظم الشريعة ستختفي بما في ذلك الأحكام التي عفا عليها الزمن و المتعلقة بالنضال , السرقة و النساء. عندها سيكون المسلمون أكثر استعدادا و انفتاحا على الحداثة .

    حتى دون موافقة المسلمين على خطة بهذه الخطورة , فإنهم قد قاموا بالفعل بخطوات خجولة في نفس الاتجاه . مثال , المحاكم الإسلامية في إيران المعروفة برجعيتها , قد كسرت التقليد الإسلامي لتأذن للنساء بحق طلب الطلاق و تمنح المقتول المسيحي تعويضات مساوية للقتيل المسلم .

    مدلول ما تقدم أن الإسلام ليس عالقا , إلا انه بحاجة للقيام بجهود هائلة لحثه على التقدم بحركة ثانيةً.
                  

04-29-2008, 05:31 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    وتناسلت مع اللحى قيم النفاق والإفك الديني, وبات علي الناس أن يبرهنوا صدق إيمانهم وورعهم ليس خشية من الله بل خشية الفتك بهم باسم الدين أو خشية أن ينتهي بهم الحال, إذا جاهروا برفضهم للنظام كما انتهي الحال بأحد حكماء السودان وهم قلائل في هذا الزمان القميء, الأستاذ محمود محمد طه, الذي دفع بحياته ثمنا حينما قام في وجه الإمام المتسلط, جعفر النميري, رافضا تطبيق الشريعة السبتمبرية, حيث حوكم وقتل ظلما وانتهي الحال به في بطن اليم.



    http://blogs.albawaba.com/Ismail_Taha/62475/2006/12/01/65662-_____
    _________________
                  

04-29-2008, 05:32 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    نبدأ بذكر محاولات "محمود محمد طه" في السودان للتمييز بين رسالتين في الوحي: الرسالة المكية، التي هي الأصل والجوهر، والرسالة المدنية: التي هي رسالة القرن السابع، رسالة التشريع والقانون والثواب والعقاب، وإقامة الحدود بالمعنى القانوني وبالمعنى المجتمعي كذلك. وفي فهم "محمود طه" أن فشل العرب في استقبال الرسالة الأولي بسبب بدائيتهم العقلية جعل من الرسالة الثانية أمرا حتميا مؤقتا حتى يصل الوعي الإنساني رقيا إلى مستوى الرسالة المكية. ولأن "محمود طه" يؤمن أن إنسان القرن العشرين قد تطور وعيه واتسعت مداركه بما يكفي لاستعادة الرسالة الأولى، ونسخ الرسالة المدينية المؤقتة –رسالة القرن السابع الخاصة بالعرب وحدهم- فقد اعتبر نفسه المبشر بالرسالة الثانية للإسلام. نلاحظ هنا أن "محمود طه" يعتمد بشكل جوهري على علمين من علوم القرآن، هما "علم المكي والمدني" و"علم الناسخ والمنسوخ"، لكنه يعطي نفسه الحق في فهم هذين العلمين خارج سياق تاريخ "علوم القرآن" من جهة، وخارج سياق التاريخ الاجتماعي السياسي للسلمين من جهة أخرى. من هنا تأتي نظريته عن "الهجرة" لا كواقعة تاريخية بل كرحلة معرفية من الأعلى إلى الأدنى، لأسباب بيداجوجية. في هذا المحاولة الجريئة نتلمس التفافا حول جوهر المشكل، كما نفتقد تحليلا نقديا للوقائع والأحداث. نحن إزاء تأويل صوفي يتسم بقدر هائل من النوايا الحسنة لتحديث الإسلام إجابة على السؤال الذي صاغه الأفغاني وعبده: كيف نمارس الحضارة ونعيش في العصور الحديثة دون أن نفقد إسلامنا. والإجابة متضمنة في السؤال بشكل اعتذاري واضح: إن إسلامنا حديث بشرط أن نفهمه كذلك. وفي صيغة الجواب هذه تحديدا تصبح الحداثة مرجعية التأويل، ولا يكون "التأويل" أداة للفهم. ومن السهل أن يستعيد المسلم إسلامه من فك الحداثة إذا رفض هذا التأويل الذرائعي الحداثي للإسلام؛ بسبب غياب فهم علمي للإسلام أو لنصوصه التأسيسية.
    قريب من محاولة "محمود طه" محاولة "محمد شحرور" في سوريا رغم اختلاف الأسلوب



    http://www.kwtanweer.com/articles/readarticle.php?articleID=177
                  

04-29-2008, 05:37 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)




    إذا لم نغير ما بأنفسنا سيغير العالم أحوالنا

    د. إقبال الغربي

    أما المقاربة التاريخية فهي تعني القراءة المقاصدية التي تميز بين مقاصد الشريعة و أحكام الشريعة بين المطلق و النسبي و تفصل بين المقدس الديني و المدنس السياسي .

    وربما كانت نظرية الفيلسوف الشهيد محمد محمود طه من أهم الإسهامات في ھﺫا المجال. فقد ميز محمد محمود طه بين مستوين أو مرحلتين لرسالة الإسلام. الأولى هي الرسالة المكية وهي رسالة الإسلام الخالدة الأساسية التي احتوت على القيم الكونية وأقرت الحقوق الطبيعية لكافة البشر دون اعتبار للجنس أو العقيدة أو العرق.أما الرسالة المدنية فهي ذات طابع عملي توفيقي احتوت على مجموعة أحكام متلائمة مع الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و الأمنية للأمة الإسلامية الناشئة.

    و يضيف محمود طه مفككا المرجعية الماوراء لغوية للنص القرآني أن الخطاب المكي كان موجها للبشر كافة " يا بني ادم "و"يا أيها الناس " مما يعني المساواة الكاملة بينهم أما الخطاب المدني فهو موجه بالدرجة الأولى إلى المسلمين كأمة من الأمم لها وضع تاريخي محدد و ظروف جغرافية و سياسية خاصة بها. و يضيف محمود طه انه إذا كان الفقهاء القدامى قد أقاموا الشريعة وفقا للقرﺁن المدني فمن الممكن إعمالا للمبدأ ذاته إقامة الشريعة وفقا للمكي بحيث تكون أكثر تلاؤما مع المنظومة الحقوقية الكونية.

    ھﺫا المنظور يهدف بطبيعة الحال إلى ترسيخ النسبية و التاريخية في وعي الفرد يؤسس لثقافة الغيرية و حقوق الإنسان و يرتقي بنا من المقاربات الانفعالية التبسيطية إلى المقاربات العقلانية أي استخدام قوانين الفكر لاكتشاف قوانين الحياة.



    ھﺫا الفكر النقدي هو الذي سوف يخرجنا من دوائر العقائدية المنغلقة على ذاتها التي تاخد الإسلام خارج الزمان و المكان سواء تلك التي تسمره في الأفق التاريخي الذي نشا فيه في القرن السابع ميلادي أو تلك القراءات الدفاعية التمجيدية التي تريد بكل قسرية إثبات أن كل المفاهيم الحداثية متوفرة في الإسلام أو أخيرا تلك النضرة التحقيرية التي تعتبر أن الإسلام متوفر على رصيد جيني في الاستبداد و الطغيان.




    http://www.metransparent.com/texts/ikbal_algharbi_eithe...world_changes_us.htm
    _______
                  

04-30-2008, 01:15 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    وفي هذا تاتي فكرة رائعة- في خصوص الصيرورة في التشريع تمس فكرة (=ولادة المعنى)- للمفكر السوداني الشهيد محمود محمد طه برؤيته ؛ ان الختم للنبوة (= خاتم النبيين ) وليس للرسالة.

    وكأنه يمكن انتاج رسالة ثانية وثالثة.. على اساس توليد المعنى/ الصيرورة/تكامل الوجود, التاريخ.. كما سلف.

    ولكن محمود محمد طه يقيد رؤيته؛ ان من يطرح التجدد في الرسالة الثانية محصور برجال اتاهم الله الفهم عنه من القران ، واذن له في الكلام وهذا ما يجعلنا نفترق به عن رؤية محمود طه ، بابقاءه حصر المعنى ونتاجه في الحياة ، ضمن الحدود الاسلامية ، وهنا تنهار نزعة الانسنة معرفيا في الرؤية مع طه, مع انسانيته الرائعة. كما انه تظهر فكرة الاحتكار في رؤيته واضحة. وهو مشابه للاشكال الذي يوجه على نتاج فكري مهم سيما مع المدرسة الشيعية في نظرية منطقة الفراغ التشريعي لدى باقر الصدر ومنطقة العفو ، في الفكر السني مع اصول الفقه فيما سناتيه من ارباكات في هذا العلم افضى الى تطوح الحكم الشرعي فتوائيا وتخلفه عن الوجود الديني الاصيل. وكذلك – وهو الانكى - دخول فكرة (الاسلمة) معهما لاشعوريا او مستقلة صريحة مباشرة كما عرف في العقدين السابقين في فكرة اسلامية المعرفة وهي الفكرة الاكثر حسرا للابداع الوجودي في المعنى للانسان. والاكثر ضررا على الدين بزويه من جديد وزوي الحياة معه, بحيث يغدوا من جهة متهما, ومن جهة يغدوا عائقا عن الابداع لانه بكل الاحوال تقييد بوجه وصورة محددة, هي من صنع رجالات الدين لا الدين نفسه. عموما سياخذ ذلك تفصيله لاحقا : بين الانسنة والاسلمة...علما انه من المستحيل ان تجعل كل الناس مسلمين, ولكنه من السهل ان تغني معهم سوية الانسانية.



    في خصوص الرسالة وعدم توقفها مع توقف وختم النبوة.. رسالة ثانية وثالثة.. الرسالة ستكون متجددة في وجودها . تبعا لوجود الانسان ، وما يرافقه من انتاج المعنى ، اتساقا مع القيم المحرزة مع النبوة ، لان مشلكة اليقين تحل فقط مع الانبياء ، تبعا لمفهوم العصمة . الذي وُجِد اصلا لحل هذه الاشكالية ( اليقين ), التي ما زالت الاشكالية المركزية التي ارهقت الفكر البشري مذ ان كان, ولايمكن ان تحل, لانها طريق الكدح للمطلق .

    فطرح رسالة ثانية للاسلام ، يعني طرح معان اخرى في الدين, ولكنها ليس طرح معان اخرى في الانسانية..

    الدين تغير في ثبات الانسانية ، لذا لكل نبي شريعته ( ولكل جعلنا شرعة ومنهاجا ) ولكنهم ينتمون لمقولة واحدة, تبقيهم متوحدين, وهي؛ ( الاله الواحد ، الانسان الواحد ) وهنا ناتي الى فهم اخر للتوحيد ، فهوليس توحيد الله وحسب, بالبعد الرقمي كما هو معروف اكثر، وانما (توحيد الانسانية)… الانتماء الى قبلتها, مبادئها, قيمها…

    ... أي توحيد الارض.. هو الذي يجعلك موحدا للسماء




    http://www.kitabat.com/aljubran_razaq_4.htm

    الحل الوجودي للدين - 4
    (الانقلاب؛ من احكام المعبد الى قيم الوجود)
    كتابات - عبدالرزاق الجبران
    [email protected]
    ________
                  

04-30-2008, 02:09 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ضلالات طبيب القصيم: خالص جلبي
    ويقول عن محمود طه الذي ادَّعى النبوة بالسودان : ( وفي عام 1971م أُعدم محمود طه في السودان بيد الطغمة العسكرية بتهمة الردة , وكان الرجل مُجدِّداً , ولم يكفر ولم يرتد ) ج الشرق ع 8324 في 24/6/1422هـ .

    وقال : ( ومات الحلاج صلباً في بغداد بكلمة اختُلقت ضده بعد جلده ألفاً وقطعت أطرافه .. وأنهى المفكر السوداني محمود طه حياته وهو يتأرجح على حبل المشنقة بتهمة الردة , ماتوا جميعاً لا لذنبٍ فعلوه , بل من أجل أفكارهم ونشاطهم ) (ج الشرق ع 8212 في 1/3/1422هـ) .




    http://www.islamlight.net/index.php?option=content&task...ew&id=2700&Itemid=34
    _________________
                  

04-30-2008, 02:11 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    فى ذكرى إعدام محمود محمد طه: البحث عن بديل للتصفية الجسدية للمختلف

    أحمد زكي عثمان
    صادف 18 من شهر يناير الماضى الذكرى الثانية والعشرين لإعدام المفكر السودانى الإسلامى محمود محمد طه بتهمة الردة عن الإسلام، فى سابقة تاريخية هى الأولى من نوعها فى التاريخ العربى الحديث، حيث لم يحدث أن ارتقى مفكر عربى المقصلة بسبب "آرائه" الفكرية و التى اعتبرتها "الدولة العربية" ارتدادا عن الإسلام. نعم لقد شهد التاريخ العربى قبل و بعد 1985 –تاريخ إعدام المفكر محمود محمد طه-حالات متعددة صدرت فيها قرارت التصفية الجسدية لمفكرين و نقاد وأصحاب رؤى، لكن لم تقم "الدولة العربية الحديثة" من قبل بنزع حياة أحد من الكتاب أو المفكرين أو الباحثين بسبب آرائه السياسية او الفكرية و التى يتوهم أنها تحمل فى طياتها ردة عن الإسلام


    www.sudaneseonline.com
                  

04-30-2008, 02:18 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    Posted: Fri Feb 16, 2007 8:33 pm Post subject:

    --------------------------------------------------------------------------------


    ثم أفتى بارتداد المفكر محمود محمد طه وأمر زبانيته من الشرعيين أن يُصدروا عليه حكم الشريعة، ففعلوا وشنقوا محمود محمد طه والرجل يقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله. وتناسى هؤلاء الزبانية الشرعيين أن زيداَ بن حارثة كان على رأس سرية مرت باعرابي يرعى أغنامه، فارادوا أخذ الأغنام منه، فقال لهم الرجل إنه مسلم ونطق بالشهادتين. ولكن رغم ذلك قتله زيد وأخذ أغنامه. ولما حاسب النبي زيداً برر فعلته بأن القتيل لم ينطق بالشهادة رغبةً في الإسلام وإنما للتخلص من القتل، فرد عليه النبي : "هلا شققت عن قلبه ؟" ويعتبر هذا الرد من النبي مانعاً لاختبار النية في حالة النطق بالشهادتين 7 وفي افغانستان في أغسطس عام 1998 قال المولى مانون نيازي عن قبيلة الحزارة الشيعية : "الحزارة غير مسلمين، يمكنكم قتلهم، فدمهم مباح ولا يمثل قتلهم جريمة" 8. وقد قتلت حركة الطلبان اعداداً هائلة من الحزارة، 9 على أساس أنهم مرتدين عن الإسلام.



    http://www.yassar.freesurf.fr/library/bal540_07.html
                  

04-30-2008, 02:21 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    ولقد ذكرتني مواقف الذين يطالبون بمنع الحجاب بما نشر عن السوداني المدعو محمود محمد طه، فقد كان مهندسا أشغل نفسه بالفكر والثقافة ومما كان يقوله مفتريات على الإسلام وتبنى أفكار المحلدين ومما كان يطالب به الغاء الحجاب حتى قدم للمحاكمة بتهمة الردة عن الإسلام حتى صدر عليه الحكم بالردة ومما جاء في أسباب الحكم إشارة إلى ما جاء في كتابه «رسالة في الإسلام» في صفحة 139 من كتابه عن الحجاب النص الآتي: «الأصل في الإسلام السفور لأن مراد الإسلام العفة وهو يريدها عفه تقوم في صدور الرجال لا عفة مضروبة بالباب المقفول والثوب المسدول» وجاء في الحكم وهو بهذا ينكر الحجاب ويدعو إلى التبرج ويسفه الله ورسوله فالله تعالى يقول: «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً» الأحزاب ـ 59.


    تاريخ النشر:يوم الخميس ,23 نوفمبر 2006

    http://www.al-sharq.com/DisplayArticle.aspx?xf=2006,Nov...rbinmohammedalemmari
    _________________
                  

04-30-2008, 02:21 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    وفي السودان عندما أنشأ الأستاذ محمود محمد طه حزب "ألاخوان الجمهوريين" وحاول تقليل دور الشريعة في قوانين الدولة، اتهموه بالإلحاد وحرقوا كتبه. ولما قال الأستاذ محمود محمد طه انه وصل مرحلةً من العلم جعلت الفرائض العادية كالصلاة لا تنطبق عليه، وهي نفس المقولة التي قالها الصوفيون في القرن الحادي عشر، وجد الإسلاميون فرصتهم سانحة فحكموا عليه بالإعدام وشنقوه عام 1985




    http://www.yassar.freesurf.fr/library/bal529_01.html
    _________________
                  

04-30-2008, 02:23 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    أيضاً يقول في مقال آخر عنوانه (قانون تبادل الأدوار): ( إن المجتمع الإنساني لم يتقدم بدون التجويد الدائم مثل فصل الربيع في الطبيعة واليانج في الفلسفة والاخضرار في الشجرة.. حتى يقول: وفي عام 1971م أعدم (محمود طه) في السودان بيد الطغمة العسكرية بتهمة الردة وكان الرجل مجدداً ولم يكفر ولم يرتد ولكنها السلطة التي لا تتحمل النقد والمعارضة ). كما يقول أيضاً: ( وربما حدثت تجاوزات حيث قضى السهروردي نحبه بفتوى أيام صلاح الدين الأيوبي ).

    هذه الأقوال تفسر قناعة (خالص جلبي) بأن الإنسان لا يستبح دمه من أجل رأيه حتى لو أرتد عن دينه كما هو حال محمود محمد طه في السودان، المولود عام 1916م، وخلال سنوات حياته أدعى النبوة بعد أن درس مذهب الفلاسفة الغربيين، حتى جاز له أن يسقط عن نفسه الصلاة فسجن مرتين، غير أنه لم يتب أو يرجع عن إدعاء النبوة فأعدم في 27/4/1410هـ (1985م)! هذا المرتد يعتبر عند (خالص جلبي) صاحب فكرة جديدة تسهم في تقدم المجتمع الإنساني وأنه كان يمارس النقد!!

    أما السهروردي فلا يختلف عن الحلاج في الضلال، كونه من أصحاب معتقد وحدة الوجود، لذلك لم يتردد الناصر صلاح الدين الأيوبي في صلبه وتخليص المسلمين من شره!!




    http://jsad.net/showthread.php?t=17762
    _________________
                  

04-30-2008, 02:24 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ان الغريب فى الدين والأكثر غرابة لهو آت مع كل صبح جديد لترتفع به الحياة وتخصب به وتسلك به السبل الى ربها ..
    واى الناس من عقلاء الناس ، ينتظر ان يظل معين الدين آسنا مواتا بدلا من ان يكون ثراء دافقا بماء الحياة ، والنماء ؟؟ كما قالت لي ذلك من تشاركني النهل من اكاديمية العلم والسلم لطبيب افكارنا خالص جلبي وهي اخت لي من جدة والتي اضافت ( ان القرآن يعطي أسراره في رمضان أكثر مما يعطيها في غيره من الأزمان ) " عن محمود طه رحمه الله من كتابه الصيام توأم الصلاة ..



    http://www.4hama.com/vb/showthread.php?p=10577
                  

04-30-2008, 02:25 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    مهزلة العدالة الأرضية.. من شيلم وهتلر وصدام.. إلى النعجة دوللي
    ..!
    خالص جلبي


    وأبشع النهايات لم تكن للطغاة بل للمصلحين فقد مات الإيطالي جيوردانو برونو مشويا على نار هادئة مثل الفروج. وقطعت أطراف الحلاج في بغداد بعد أن ضرب ألف سوط. وعلق محمود طه السوداني وعمره 75 سنة على حبل المشنقة لرأي رآه وليس لانقلاب عسكري من نوع انقلابات الترابي.



    http://www.aliraqi.org/forums/showthread.php?t=26816
    _________________
                  

04-30-2008, 02:26 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
                  

04-30-2008, 02:27 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    المثقف وعلاقات القوة؟
    خالص جلبي
    [email protected]
    الحوار المتمدن - العدد: 946 - 2004 / 9 / 4

    (ويجب أن نضيف فقرة جديدة أن أهل السياسة (يُخِّون بعضهم بعضا فيصبح الناس ثلاثة أصناف: من يشير بأصبع الردة الى أدنى حركة عقلية وهكذا شنق (محمود طه 75 سنة) في السودان بتهمة الردة، والرجل لم يرتد ولم تشفع له شيخوخته في النجاة من حبل المشنقة




    http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=22959
    _________________
                  

04-30-2008, 02:28 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تعليقاتكم: من هو أعظم مفكر في العالم؟

    أرى أن السؤال في حد ذاته غير سوي البتة، فطرح سؤال كهذا يأتي بردود متباينة وغير متكافئة، فنحتاج أولا إلى تعريف من هو المفكر وما هو الفكر وما هي شروط إطلاق لقب مفكر على شخص ما، وما هي الضوابط والأسس التي نحكم بها على الفكر. وبمتابعة الردود لاحظت أن بعضا ولحسابات خاصة ونعرات عنصرية وتعصب لفكر معين أوردوا أسماء ما كان لها أن تكون من المفكرين. فالمفكرون في العالم أجمع متعددو المذاهب والفلسفات وكل مفكر له دورة في الاتجاه الذي نحاه، فمثلا لا يمكن مقارنة مفكر باحث في الوجودية مثلا كسارتر وآخر مثل كارل ماركس على النقيض منه.. ولكنني أورد واحدا من المع نجوم الفكر الإسلامي الحديث، هو الأستاذ محمود محمد طه وقد أعدمه النميري إبان حكمه وقد حكم عليه بالردة وتم تنفيذ حكم الإعدام فيه في واحدة من أبشع الإعدامات في العالم من أجل المخالفة في الرأي، وقد أعدم (الأستاذ) كما يلقبه أنصاره محمود محمد طه وهو فوق السبعين من عمره وقد قابل الموت بشجاعة نادرة حيث تم إعدامه أمام الناس.

    عمر التيجاني - باريس فرنسا



    http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/talking_point/newsid_4138000/4138250.stm
    _________________
                  

04-30-2008, 05:35 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    * لماذا يُقْتَل المفكرون في العالم العربي؟
    بقلم: خالص جلبي *
    وهذا المنظر لا يخص لبنان والعراق، بل يمكن أخذ نماذج عينات من كثير من البلدان العربية، فمحمود طه تدلى من حبل المشنقة،



    http://www.thisissyria.net/2005/06/28/levant1.html
    _________________
                  

04-30-2008, 07:27 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)




    في نقد "الإرهاق الخلاّق" لعبد الله علي إبراهيم (3-3)

    المثقف و"الحكيم" الصيني

    عبد الخالق السر
    [email protected]

    كنت قد أشرت في المقال الأول لتحليل الدكتور حسن موسى لموقف المصانع في أدب عبد الله السياسي، والذي أرجعه إلى أن:

    "عبد الله الذي لا ينشد الراحة زاهد في منصب "أشجع أبطال المسرح السياسي"، و لو شئت الدقة لقلت بأنه الأشجع بين ذلك النفر الذي يعرّف في التقليد المسرحي بعبارة "ضد البطل"( "آنتي هيرو") Anti hero.... من منظور "نقد الذهن المعارض" ضد الصورة الأيقونية البسيطة للبطل الوطني التي لا تستغني عن صورة "الخائن الوطني" واختصار التاريخ لمجرد "إذاعة ذكر الأبطال وتحقير الخونة" هو عند عبد الله زوغان عن "الشوف الشامل" في الظاهرة التاريخية.."

    من خلال تتبعنا لمقالتي الكاتب اللتين بنى عليهما كتاب "الإرهاق الخلاّق" وجدنا أن مساومته ، كما في قول مستلف من حسين مروة: "تستبطن رؤية دون الرؤيا ووجهة للإبحار مع الأحلام كيفما اتجهت أشرعتها الأسطورية في المتاهات المتناقضة في عوالم الافتراضات، محذرة من الاتجاه مع رؤية الواقع كما هو واقع".. والاستعاضة عن ذلك بتبني "مساومة" من نسيج رؤية النظام الحاكم، والتي هي كأية رؤية للعالم لها أصولها ومفرداتها التي تشكل خصوصيتها أي بنيتها الثقافية وأساسها الاجتماعي- الاقتصادي الذي يحيلها إلي طبقة مسيطرة تعمل من بعد بوسائل القهر المادي والمعنوي إلى صياغة ثقافية شاملة للعقل الجمعي تعمل من خلاله على تمويه أهداف انقلابها الطبقي. أي أن الكاتب في نهاية المطاف- كما تتبعنا- كان يدفعنا دفعا لـ "مساومة" تتواطأ مع الأسس الأيدلوجية لسلطة برجوازية تبعية جديدة تعمل بهمة لالحاقنا بركب النيو رأسمالية السائدة. وبالطبع هذا ما يثير الاستغراب من كاتب ماركسي عتيد في مقامه. وكان حسن موسى قد أشار – بحق- إلى الحيرة التي تنتاب كل متفحص لمصانعة عبد الله التي تبدو أنها بلا فائدة أو مصانعة "حاصل فارغ" على حد تعبيره لأنها:

    "محيرة حين ننظر إليها من مشهد المصانع الكلاسيكي الذي يلجأ للمصانعة كمكيدة تيسر " الفايدة" و الكسب الشخصي السريع.فهي مصانعة بلا فائدة ، مصانعة " حاصل فارغ". ذلك ان عبد الله الذي يعتبره بعض خصومه من " عملاء" نظام الإنقاذ لم يقبض ثمنا يليق بـ " عميل" من عياره الثقيل النادر.فهو لم يتول أي من تلك المناصب، ذات الفائدة، التي يتقاتل من أجلها بعض التقدميين السابقين ( ناس خالد المبارك و الشوش و منو و منو) ممن انبطحوا تماما أمام نظام الإنقاذ. و حتى طلبه بتصديق لإصدار صحيفة لم ينجح في الحصول عليه من سلطات نظام الإنقاذ. فما معنى هذه المصانعة التي لا تعود على صاحبها بأي منفعة مادية؟ “



    ومما يزيد الأمر تعقيدا ،في تقديري، حيال هذه المصانعة "البلا طائل" هو أن النظر من قرب في سيرة الرجل الشخصية والعامة ينفيان بقوة فرضية المصانع الكلاسيكي الباحث عن منفعة شخصية. وهي مصانعة إن وجدت لكانت أراحت الله وخلقه، وكفتنا كل هذا العنت. فالرجل كمثقف حقيقي وسياسي ملتزم كان وما زال دائم الحذر والتنبيه من الوقوع في حبائل شخصية "الأفندي" أو البرجوازي الصغير المدفوع بأنانيته المفرطة ورغائبه الشخصية التي لا تنفد والتي كبدت ،وما زالت، البلاد والعباد أفدح الأثمان.

    لن أتوقف هنا طويلا أمام هذه الحيرة حد الإعياء والتي على حد تعبير حسن موسى لا يوجد لها تفسيرا مقنعا سوى القول أنها برمتها:

    "ليست سوى تعبير ملتو عن مكابدات شاعر " مجنون" مُحبَط ضل طريقه إلى أرض السياسة ؟و هل انمسخ شاغل الشعر عند عبد الله، الشاعر السرّي ، إلى نوع من انشغال سياسي عصابي يصعّد الممارسة السياسية لمقام الهاجس الشعري؟" مندري؟..."



    بل سأنفذ إلى ما بعد ذلك مبديات عدم موافقتي لشخصية "ضد البطل" التي اقترحها حسن موسى لتحليل مفهوم المصانعة في أدب عبد الله السياسي. وتقديري للأمر ينصب في إغفال حسن موسى أن المسرح السياسي السوداني أصلا موسوم بشخصية الخائن كما تجسده الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال بامتياز، ولا يحتاج إلى خائن آخر أو حتى صاحب خائن ليكتمل مشهد الشوف الكامل كتجسيد لحكمة ونصاحة المثقف ، خصوصا وأن المعارضة هي الأخرى دأبت على تجسيد شخصية غير مألوفة للبطل تظهره كفاقد للحكمة والرشد. وهذا كما يبدو للوهلة الأولى سيناريو غريبا ومشوشا لا يتفق والتيمة المكرورة للبطل موفور الذكاء والقدرات الخارقة والمنتصر أبدا للخير والحق والعدل على قوى الشر والظلام. هذا الوضع الغريب والشاذ لشخصية "البطل" غير المتصف بالحكمة أو "المخستك" – والمخستك في لغة "الرندوق" هو ذلك المجبول على الإتيان بكل ما هو محبط، أو الذي يتفوق "على سوء الظن" في تعبير آخر ينسب للأستاذ الشهيد محمود محمد طه- و"الخائن" الذكي الفاهم لأصول اللعبة لا نجد له معادل إلا في النسخة الكلاسيكية لأفلام الكاراتيه الصينية. ولكن لحسن الحظ فإن العبقرية الصينية قد زودتنا في نفس الوقت بشخصية "الحكيم" لحل هذه الإشكالية وإضفاء بعد روحي ومعنوي لقوى الخير حتى يتبدى انتصاره النهائي معقولا وموضوعيا ويخضع لشروط الواقع. فالحكيم في هذه الأفلام يطّلع بأدوار معقدة تعمل جميعها على تهذيب البطل روحيا وخلقيا وجسديا. لذلك يبدو شديد القسوة اتجاه هفوات بطله في عدم تقديره للأمور، ومن جملة ما يعلمه للبطل كيفية احترام خصمه (الخائن) وعدم الاستخفاف والاستهانة بقدراته. والأصل عندي أن هذا عين ما مطلوب من المثقف أن يلعبه من دور في المشهد السياسي السوداني. فالشدة وتبيان أوجه قصور أداء المعارضة وحثها على سعة الرؤية والتعامل مع خصمها والاستعداد له بما يتوافق وقدراته الحقيقية لا يعني الوقوع في غرام "الخائن" وحث البطل على صداقته كما شاهدنا في نسخة "الإرهاق الخلاٌّق"، وهذا هو الفرق الجوهري بين شخصية "ضد البطل" – المصانعة- التي يرومها الكاتب وشخصية "المثقف-الحكيم" التي تعلم وتقدر في نفس الوقت حجم الشرور التي تحدق بالمجتمع في ظل وجود الخائن.



    الإرهاق الخلاق أم إرهاق الإرهاق؟

    هذا ما كان من أمر كتاب الإرهاق الخلاّق. وهو في تقديري واحد من أضعف ما انتج الكاتب فكريا، ومن الصعوبة بمكان لقارئ ملتزم ومتابع جيد لأفكاره أن يجد أدنى صلة بما جاء فيه وبين ما أثرى به المكتبة السودانية من كتابات في غاية العمق والتماسك الموضوعي والتحليل النوعي والثراء المعرفي جعلت منه واحدا من اكثر الكتاب المعاصرين مهابة وإثارة للجدل. أما هذا الكتاب فيبدو للقارئ مرتبكا فاقد للموضوعية مشوش السياق بشكل يوحي أن كاتبه قد صدره في واحدة من تلك اللحظات النادرة التي يطال فيها العدم كل شيء ويتحول إلى ثقب أسود يبتلع كل ما حوله. وحتى حين عمد في لحظة يائسة أن يراهن على الفنان بداخله على طريقة الخليل الفريدة حين أنهك المرض اللعين جسده: "من حطامك أنا هسه وارق..."، فأهدانا هذا العنوان البديع: "الإرهاق الخلاّق" إلا أنه على ما يبدو كان إرهاقا تمكن بقوة من عصب فكر الرجل، ليعكس – للمفارقة- إرهاقه الشخصي إضافة لإرهاق الوطن ليكون الناتج "إرهاق الإرهاق" على وزن التعبير العامي البليغ (تعب التعب). وهو إرهاق ربما نعزيه ".. لصبر عبد الله الطويل على شبهات المصانعة وعلى وحشة المساومة..." على حد تعبير حسن موسى والذي اتفق معه في أنه لا يوجد له تفسيرا مقنعا في ظل الغموض والعدمية التي تكتنفه.

    هوامش:

    د. حسن موسى (أشغال العمالقة – منبر الحوار)

    sudanile april 30th 2008
                  

04-30-2008, 08:25 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    د.الأفندي يتحدث للراية القطرية عن رحلة خروجه الكبير من إغراء التنظيم إلى رحاب الفكر:
    حاوره / د.طارق الشيخ:

    الأفندي يتحدث للراية عن رحلة خروجه الكبير من إغراء التنظيم إلى رحاب الفكر:
    ما وجهته الحكومة للإسلام والحركة الإسلامية من ضربة عجز عنها أعداء الحركة الإسلامية والإسلام

    الترابي لم يقدم أي نقد ذاتي وماقاله كلام لايقبله عقل وفترته الأولى أسوأ الفترات التي حدث فيها التعذيب وبيوت الأشباح

    الحركة الإسلامية وخاصة بعد الانقلاب تركت موضوع السياسة والحوار واعتمدت السيف والدولار
    على النخبة أن تتخلص من الانتهازية والوصولية التي سادت بينها ولابد لها من مبدئية
    أزمة الترابي هي أزمة الحركة الإسلامية الحديثة عموما
    ضمور الأحزاب وانهيارها سببه غياب الديمقراطية العامة داخل الأحزاب نفسها
    مداراة المفكرين السودانيين وتلونهم من السلبيات التي لاتخدم حلحلة قضايا السودان
    المفكر لا يجب ان يصمت.. ولابد له من رأي في القضايا المطروحة

    لن نتقدم مالم تكن هناك فئة من المفكرين لديهم الجرأة للإفصاح عن آرائهم
    حاوره - د.طارق الشيخ:

    المفكر السوداني د.عبدالوهاب الافندي أحد أولئك السودانيين الذين يجسدون لك عظم مايمكن تسميته بالكارثة التي حلت بالسودان منذ يونيو عام 1989 . إنه قطعة من ذلك الانفجار العظيم الذي عرفه السودان عام 1989 . ومنذ ذلك التاريخ نزف الجرح السوداني كما لم يحدث في تاريخه الحديث . كان السودان ينزف خيرة ابنائه نقطة نقطة ويقذفهم بعيدا بأقصى مافي القدرة . كانوا يتفرقون في ارجاء الكون الفسيح ويعيدون تشكيل أنفسهم وفقا للبيئة الجديدة ويخرجون أفضل ماعندهم من قدرات اهلت بعضهم الى ارتقاء مواقع هامة هنا وهناك في هذا البلد وتلك المنظمة وهذه المؤسسة العلمية . وظهر جيل الهجرة الكبيرة متفرقا متفوقا ربما على اقرانه في داخل السودان وبدرجة ان أصبحت كفة الميزان تميل الى المهاجرين ومنهم تأتي الاخبار السارة في تفوقهم وفي نبوغهم وعلو مراتبهم وبدرجة لافتة. والدكتور عبدالوهاب الافندي كان رجلا من الداخل بمعنى انه وعلى خلاف الكثيرين ممن انتهى بهم المقام خارج السودان بسبب سيطرة الاسلام السياسي على مقاليد الحكم في السودان فقد كان من ابناء التنظيم نفسه، لكنه كان يدرك أن عليه أن يرى الاشياء بعيونه هو وليس بأعين التنظيم ، ويقيس الامور برؤيته ويقلبها بعقله هو لا كما تأتي مصفاة من القنوات التنظيمية للجبهة الاسلامية . وبين هذا وذاك تضاربت الرؤى الشخصية والطموحات الذاتية التي تذهب بعيدا الى ساحة العلم والبحث الاكاديمي وهذه من ضروراتها توفر مساحة كبيرة لحرية البحث وحرية

    التفكير بعيدا عن قيود الحزب وتوجيهاته الصارمة التي لاتحتمل رؤية مغايرة حتى ولو جاءت من خيرة أبناء التنظيم . ولذا فان الافندي يجسد ومن هذه الزاوية.. زاوية الخروج على التنظيم تاريخا حافلا من الخوارج عن الحياة الحزبية وقيودها في السودان . بعضهم نجا بأعجوبة من حرب الحزب على الخارجين .. من قتل الشخصية والمطاردة الشرسة حتى النهاية . بعضهم انتهى به الحال الى النقيض محاربا منافحا الفكرة التي آمن بها من قبل ووهبها عصارة جهده وقوته وشبابه.
    واعتقادي أن الأفندي هو احد القلة المحظوظة من ابناء جيله او قل أبناء حقبة مابعد الانقاذ السيئة التي فعلت بالسودان وأهله مالم يفعله به أحد قط . ربما جمعني به قدر مشترك فكلانا من أبناء الجيل الذي عرف كوارث التجريب من السلم التعليمي الى جحيم المشروع الحضاري . وحينما التحقت بالعمل في جريدة الصحافة السودانية في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي كان اسمه حاضرا يتردد في الصحيفة . كلانا وقف ينظر الى صاحبه كل من على ضفته . واليوم يجمعنا هم التفكير بمصير هذا الوطن الجميل .. نتامل في الصورة المشوشة التي رسمها التجريب السياسي .. ولذا فقد كان هذا الحوار محاولة لسبر غور فكر الدكتور عبدالوهاب الافندي الذي إن أراد لكان اليوم بين من ينعموا بالثراء الفاحش والحياة السهلة مثلما فعل الكثيرون من زملائه في التنظيم الذين آثروا الصمت وفضلوا جاه السلطة على الاحتفاظ بعقلهم راجحا صافيا غير ملوث بجرثومة الصمت التي تعذب الضمائر لكنها تقتل الوطن . كان عليه أن يصمت لكنه فضل الخروج على الصمت واشترى حريته والخروج عن التنظيم مفضلا إياها عن جاه المنصب مع تعذيب الضمير.

    قلت: استمعت اليك مؤخرا وأنت تتحدث من خلال برنامج بلاقيود الذي يبثه التلفزيون السوداني هل تحررت من القيود الحزبية .. كيف كانت رحلة التحرر هذه؟
    - الافندي: كان إيماني دائما بأن المفكر لايجب أن يكون مغلقا في أطر حزبية أو حتى وظيفية . لقد وجدت مشكلة في الوظيفة الدبلوماسية من هذا المنطلق . إنها تضع الانسان في وضع معين ليس فقط تمنع أو تجبر كموظف حكومي من أن تعبر عن رأيك المخالف لرأي الحكومة التي عينتك . وكذلك تتحسب من قول الاشياء التي قد تحسب على الحكومة . أنا ككاتب ومفكر احب ان يكون عندي رأي في الأنظمة السياسية سواء النظام السياسي في السودان أو أنظمة سياسية أخرى . وهو ما لا أستطيع فعله كدبلوماسي فاذا ما انتقدت نظاماً سياسياً عربياً آخر فقد يفهم هذا على أن الحكومة السودانية هي التي تنتقد هذا النظام . وربما هذا يعد جزءا من إشكالية الشيخ حسن الترابي الآن . فعندما كانت تصدر منه في السابق آراء فقهية مختلف عليها وعندما تكون رئيس حزب أو مسئولا في حزب فإن الآراء الفقهية والسياسية لاتعتبر آراء فقهية بل تعتبر مواقف سياسية لحزب معين أو لحركة معينة . ومنذ وقت مبكر جدا كنت أرى أن الانتماء الاسلامي أو الانتماء لتيار فكري يجب أن لايكون انتماء لحزب . ومن الاشياء الطريفة عندما كنت في الجامعة كنت مسؤول الاعلام في التنظيم وكنت أدرس بكلية الفلسفة . في ذلك العام نشرت " مساء الخير " جريدة الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم تعليقا حول موضوع الخاتم عدلان الذي كان قد تخرج من الجامعة بمرتبة الشرف ولم يعين كمعيد في الفلسفة كما ينبغي وإنما عين شخص آخر كان بدرجات أقل منه . وهذه عملية كان وراءها دافع سياسي وتحججوا لها بأن الخاتم عدلان قد تأخر اكثر من اللازم في تخرجه من الجامعة . وكتبت تعليقا على هذا الموضوع في صحيفة الاتجاه السلامي " آخر لحظة " وكنت مشرفا عليها . وكتبت " يجب أن تدخل السياسة في التعليم.. هذا لايصح .. واذا كان الخاتم عدلان هو الشخص الاحق فيجب وبغض النظر عن إنتمائه السياسي يجب أن يعين وأن يكون هذا النموذج في العمل والاختيار " . راح الشباب الذين اعطيتهم الكلام المكتوب وباجتهادهم لمن هو اعلى مني وحذفوا الكلام . ضحكت لهذا " يقول ذلك مسترجعا الماضي ضاحكا " .. لم أقبل الأمر . وهذا منهج قرآني يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا. التوجه الاسلامي الصحيح يدعو الانسان لأن لايكون حزبي التوجه. ولابد من الوقوف مع الحق وهذا مايدعو الى الخروج على الطرح الحزبي أو الفئوي أو القومي أو أي خط آخر .
    كيف وصلت الى قرارك الشخصي لكسر القيد الحزبي والخروج؟
    - اولا كان هذا توجها موجودا عندي . لكن كإنسان مفكر لابد وأن يقيم الاشياء . فعندما كنت دبلوماسيا وهذا هو السبب الاساسي الذي فرض علي الاستقالة من السلك الدبلوماسي . فقبل الدبلوماسي كنت كاتبا وأكاديميا ومفكرا ونشرت مجموعة من الكتب التي حملت افكاري . وعلى هذا الاساس كنت ادعى الى مؤتمرات ولقاءات . ومن ضمن ذلك دعيت عام 1993الى مؤتمر في جامعة انجليزية على موضوع الاسلام وحقوق الانسان . قرأت ورقة أعبر فيها عن آرائي في الموضوع.
    وكنت قبل ذلك استعرضت كتابا " من يحتاج الدولة الاسلامية" وفيه أقوال تنتقد مفهوم الدولة الاسلامية . وطالبت أن تكون دولة المسلمين وأن تكون دولة ديمقراطية . ومادار من نقاش في الجلسة بعد طرح ورقتي لم يكن له علاقة بها . وكانت الاسئلة تطرح حول الحكومة السودانية ، واذا كانت هذه اراؤك فالحكومة السودانية تمارس ممارسات أخرى وانت دبلوماسي في الحكومة السودانية . حاولت أن أقول بأن المؤتمر حول الاسلام وحقوق الانسان وليس حول الحكومة السودانية فتحدثوا معي في هذا الاطار . وكان ذلك من المستحيل . واكتشفت عندها انك لاتستطيع كمفكر وانسان أكاديمي ان تكون في وظيفة حكومية خاصة في حكومة من هذا النوع . في تلك اللحظة اتخذت قراري بأن أترك . وقبل ذلك بعام كتبت مقالا في صحيفة الغارديان البريطانية اعبر فيه عن رؤيتي للديمقراطية في العالم الاسلامي . وجاءت الردود ايضا ومنها رد جاءني من الحركة الشعبية لتحرير السودان . وأخرى من الاستاذ الذي أشرف على رسالتي للدكتوراة . وربطوا بين مااقوله وماتفعله الحكومة السودانية . وقالوا يجب ان ينصح الافندي حكومته السودانية قبل أن يتكلم بمثل هذا الكلام . هذه التراكمات بالنسبة لي هي التي دفعتني الى الاستقالة . واعلنت ذلك وأخطرت الاخوة في السودان بأنني لا أريد ان اعمل في العمل الدبلوماسي . وطبعا ثارت احتجاجات وبعضهم عرض منحي منصبا آخر أعلى . و آخرون تحدثوا عن انشقاقي وأصبح كذا .. وتحول الى الغرب وأصبح من عملاء " سي آي أيه " وقيل الكثير من هذا النوع . وثارت الضجة خاصة بعد صدور كتابي " الثورة والاصلاح السياسي " والذي عبرت فيه عن آرائي وبوضوح حول الوضع الحاصل في السودان في محاولة لاصلاحه . وثارت نفس الانتقادات عن تحولي وتغيري وإنقلابي . حاولت أن أقول أنه كإنسان مفكر له رأي اذا الدولة التي تنتمي لها كانسان تناغمت مع أفكارك وآراءك واصبح هناك انسجام فهذا هو المطلوب وفي هذه الحالة لايوجد تنافر بين دورك في الدولة أو الحركة وبين أفكارك ولكن اذا حدث هذا التناقض الجذري بين ماتفكر فيه وتدعو له وبين الممارسة وبين حتى ماكانت تدعو له الحركة الاسلامية . فالشيخ الترابي نفسه قبل هذا الانقلاب كان يتحدث بالديمقراطية ويدعو لها ويقول مثل هذه الفتاوى التي اصبح يطلقها هذه الايام . لكن عندما جاءت السلطة أصبح الأمر مختلفا . أصبحنا والمفكر كمفكر لازم يقول شهادته للتاريخ . بعض الاخوة وبالذات من الاسلاميين التقليديين انتقدوا خروجي بالعلن بالآراء التي خرجت بها وقالوا ان مثل هذا الكلام ينبغي أن يقال في المجالس المغلقة " المجالس الحزبية " ويجب ان يوجه النصح من الداخل ويجب ان لاننشر الغسيل القذر على الناس . كان رأياً مخالفا لذلك تماما . فأنت كاسلامي ومفكر تدرك أنه لابد وان يكون هناك وضوح . فهناك اجيال قادمة ستأتي فاذا وجدوا في اقوالك مثل هذا النوع من اللبس وعدم الوضوح أو حتى الصمت فقد يفسر هذا الصمت بالموافقة . والفقه الاسلامي به بعض الفقهاء فسر صمت العلماء على بعض الممارسات بالموافقة . فلو قلنا نحن مانريده سرا في المجالس المغلقة فقد ياتي جيل آخر يفسر ذلك على أنه موافقة على مايجري من أمور فيها مخالفة لمعتقداتنا وآرائنا وتوجهاتنا ونظرتنا الاخلاقية للعالم . ولهذا لابد في رأي ان يكون هناك وضوح ولابد ان يكون هناك تصحيح . فالمفكر يجب ان لايصمت . ولابد له من رأي في القضايا المطروحة .
    مثل هذا الجدل يحدث حينما تحل الكوارث فقد ثار في المانيا بعد الحرب العالمية الثانية وابان الستالينية . في المانيا أطلقوا على الذين لاذوا بالصمت وفيهم كتاب كبار مثل توماس مان " الارواح النبيلة " أولئك الذين آثروا السلامة وصمتوا عن ما ارتكبه النازيون من جرائم . مثل

    هذه الارواح النبيلة لدينا منها كم كبير في السودان وخاصة بعد عام 1989 . ودائما ماتضع هذه المنعطفات المفكر بين خيارين إما الصمت والانزواء والجلوس على هامش الحياة الاجتماعية والسياسية مؤثرين السلامة الشخصية. أو الدخول في مواجهة لا أحد يتنبأ بعواقبها .
    - نحن محظوظون.. فأنا شخصيا لا أستطيع أن أقول بأنني كنت في وضع صعب فقد عشت في الغرب ، حيث الحريات واستطعت أن أجد عملا اكتسب منه . لكن من المؤسف أن بعض الناس وهذه مشكلة النخبة دائما وجدوا انفسهم سواء كانوا سياسيين محترفين .. فانت سياسي محترف فلابد وأن تكون وزيرا أو شخصية في الحزب وهذا الحزب يمولك . وحتى كأكاديمي تكون لك وظيفة حكومية . وأحيانا ليس هذا فقط فقد تكون سلامتك الشخصية مهددة فالحديث أحيانا قد يصل بك الى السجن أو تطارد او ان تقتل . ولكن أعتقد نحن كوطن سوداني وكأمة عربية لن نتقدم مالم تكن هناك فئة من المفكرين الذين لديهم الجرأة للافصاح عن آرائهم . الآن توجد حالة من الانزواء والناس تلف وتدور وتخفي آراءها وتنافق واصبحنا فيما يشبه المتاهة . فالمؤتمر الوطني الحاكم يتحالف مع الحركة الشعبية رغم انه لايوجد مايجمعهم . والطائفية متحالفة مع اليسار . وفي هذه التحالفات كل واحد من الاطراف يبتلع مقولاته وكل يقول كلاماً لاعلاقة له بمعتقداته السياسية ويربط نفسه بها . هذه امور غير قابلة للاستمرار .
    وهذه بالفعل مشكلة كبيرة ولابد لها من حل . ولابد كمجتمع ان يضع كل أوراقه على الطاولة ويقول ما يؤمن به ولنتفاوض على أساس ذلك حتى يكون هناك مجتمع سليم معافى وقائم على أسس سليمة وواضحة . لكن وفي هذه الظروف الحالية ومداراة المفكرين وتلونهم من الاشياء السلبية التي لاتخدم حلحلة قضايا السودان . ومن ذلك الكثير من الاخوة المعارضين الذين كانوا معنا هنا في لندن أصبحوا بعد إنتقاد شديد للحكومة أصبحوا جزءا منها بل وأسياد الحكم . فالحكم هو نفسه لم يتغير وهم انفسهم . وماتغير هو أنهم وجدوا إمكانية تغيير اللعبة وتحقيق فائدة وبعضهم اذا وجدته على انفراد يقول نفس كلامه القديم .
    هل هي قدرة حربائية لدى المثقف السوداني ام انتهازية أم جبن؟
    - انها ظاهرة سيئة لاشك. لكنها قديمة ظهرت منذ مؤتمر الخريجين الذي كان ضد الطائفية لكن بعد ذلك دخل كل الخريجين في الاحزاب الطائفية . ربما تكون هذه البداية . المفكر السوداني لديه قدر من عدم الصبر فهو لايريد أن يصبر ويناضل ويريد بلوغ هدفه سريعا . وفي بلد مثل السودان يمكن للمثقف ان يجد ضالته . فالمثقف يريد وظيفة وان تكون اعلى مايمكن كوزير ومتى مارأي نفسه في مكانة افضل من غيره تطلع لأن يكون وزيرا وهذا غاية المنى تحقق له الوضع المادي والجاه والمكانة . والفوائد التي تتحقق بعد ذلك من علاقات تستثمر المكانة في الوزارة لتحقيق مكاسب اقتصادية . اصبح هناك اعتماد شبه كامل على الدولة . وهذا الاعتماد يعني عدم تحمل العيش بعيدا عن المستوى الذي توفره الوزارة ولذا ينتظرون عودة الوزارة سريعا . فيعملون مع المعارضة ويخرجون مع المعارضة ثم يعودون بعودتها . وبعضهم يقدم نفسه ضمن اتصالات سرية لنيل فرصة في وزارة اخرى الخ .. فاصبحت هذه العقلية هي السائدة وربما هي موجودة في الجنوب اكثر من الشمال . فالمثقف الجنوبي اصبح لسنوات إما هو متمرد في الغابة أو وزير او مسئول في الدولة . الشمال أفضل قليلا في هذه الناحية ولكن أيضا لايوجد بين المثقفين التوجه المستقل اقتصاديا والاستقلال الذاتي .
    أنا وأنت وغيرنا وجدنا في هذا المكان خارج الوطن لظروف غير طبيعية يعيشها السودان . بصورة اخرى ظل التجريب السياسي غير المدروس هو السمة العامة للحكم في السودان هل من مخرج .. هل ترى من مخرج من هذه الحلقة الشريرة والمأساوية؟
    - عالميا هذه فترة انتهت فقد عرف العالم العديد من التجارب الانقلابية يسارية ويمينية . في عام 1989حينما وقع الانقلاب في السودان وللمصادفة شهد انهيار سور برلين ومعه انهارت الكثير من التجارب الانقلابية . في افريقيا بعد عام 1991 شهدنا سقوط التجربة في اثيوبيا والصومال . وعرفت افريقيا اتجاها واسعا نحو العودة الى الديمقراطية . والاستثناء الآن هو العالم العربي الذي لايزال يعيش في ذلك العصر . لكن الواضح أنه لم يعد امامنا مناص للتوجه نحو تجربة الديمقراطية الحقيقية . الحكومة في السودان تقول ان الاحزاب السودانية هي المشكلة وانها انتهت وقد يكون في ذلك جزء من الحقيقة . لكن ضمور الاحزاب وانهيارها سببه ايضا هو غياب الديمقراطية العامة وغياب الديمقراطية داخل الاحزاب نفسها . فاذا وجد مناخ ديمقراطي قد تنشأ احزاب جديدة وقد تتطور الاحزاب القائمة بصورة جديدة . وشروط الديمقراطية تختلف حتى في الدول الشرقية لم تكن هناك احزاب أساسا فالحزب الشيوعي الحاكم كان قد محا كل شيء . الآن قامت احزاب واصبحت تحكم . لذا يمكننا الجزم بأن الديمقراطية الحقيقية اذا جاءت يمكن ان تعود الحياة السياسية وروح الاصلاح والتجديد ونأمل ذلك في السودان .
    الانقلاب في السودان دخل تجربة الحكم باسم الاسلام .. ثم أدخل معه وسائل من التعذيب ونشر للفساد بصورة غير مسبوقة في التاريخ السياسي للسودان .. وترك ذلك فصلا بائنا بين الناس داخل المجتمع السوداني سياسيا واقتصاديا .. وأقحم البلاد في حالة من الشك والاشتباه في كل من حولنا .. وهو مالم يكن في حسبان أحد.. كيف تنظر الى ذلك؟
    - أنا وكما قلت في مرات كثيرة سابقة أن ماوجهته هذه الحكومة للاسلام والحركة الاسلامية من صربة عجز عنها أعداء الحركة الاسلامية والاسلام . التجربة وماتبعها من إنشقاقات الاسلاميين انفسهم وتنابذهم بالالقاب وشهادتهم على أنفسهم بهذا التنابذ ، وإتهام الترابي للحكومة بالفساد وموالاة الغرب واتهام الحكومة له بالدكتاتورية والانحراف ، اصبحت التهم من داخل الحركة الاسلامية ومن نفسها لنفسها . وهذا يجعل من الصعب جدا الآن سياسيا الحديث عن أن تأتي حركة اسلامية جديدة وتقدم برنامجا . واذا ماجاءت الآن انتخابات حرة وجاء انسان يتكلم باسم الشريعة فأنا اعتقد أنه سيواجه رفضا من الجماهير، وقلت في مرة أنه سيقذف بالحجارة من الناس . فقد ابتذلت هذه الشعارات وابتذلت الممارسات بحيث اصبحت تحتاج الى وقت للتخلص من آثارها السلبية التي تركتها. ومازاد المشكلة أن الاسلاميين كاسلاميين كما أشرت انت سابقا قد لاذوا بالصمت . فلم يقم حركة اسلامية او تيار اسلامي واسع يرفض هذا التصرف ويبرئ نفسه مما يجري . وعلى العكس من ذلك فان التيار المنشق للدكتور حسن الترابي لم يقدم أي نقد ذاتي .. ولم يقولوا نحن كحركة اسلامية قد أخطأنا في واحد.. أثنين.. ثلاثة ولهذا نأسف من هذه الاخطاء ونتوب عنها الخ .. لكننا نجد انهم على العكس يحاول د.الترابي في ورقته التي اعدها بمناسبة مرور 12 عاما على ثورة الانقاذ عام 2001 ورقة حملت اسم " عبرة المسيرة لاثني عشر عاما " قرأتها بتلهف وكنت أتوقع أن أجد فيها نقدا لهذه المسيرة لاثني عشر عاما فلم يكن فيها شيء من ذلك . بالعكس حاول فيها القول بأن الفترة التي كان فيها ممسكا بالامور حتى عام 1999 ان " كل شيء كان تمام " وأن لمجرد أنه كان يريد نشر الديمقراطية انقلب عليه العسكر لأنهم رافضون للديمقراطية . وهذا كلام لايقبله عقل . بل على العكس فقد كانت الفترة الأولى أسوأ الفترات التي حدث فيها التعذيب وبيوت الاشباح وكل الأمور هذه . فكان عليه أن يقول لقد فعلنا كذا وكذا .. وهذا كان خطأ والآن أدركنا هذا الخطأ. ولايمكن أن تقول ان كل شيء " كان تمام " الى ان جاءت الجماعة الأخرى وانقلبوا علينا . هذا كلام غير مقبول . ولهذا فإن غياب النقد الذاتي في الحركة الاسلامية هو الذي لايسمح الآن اذا جاءت حركة اخرى .. حركة اسلامية وخرجت على الناس ستواجه قطعا مشكلة كبيرة.
    كانت هيمنة مطلقة على السلطة والتفكير باسم الناس وقمع اصواتهم والحكم باسمهم.. إنه تكرار سييء للتجربة في دول شرق اوروبا.. ولقد شعرت بالارتياح وانا أتابعك تتحدث في تلك الحلقة التلفزيونية من دون قيود..
    - كتبت مقالة في صحيفة القدس مقالة حول هذا الموضوع وكتبت من قبل أيضا مقالة صدرت ضمن كتاب صدر هذا الشهر حول فكر الترابي ، وملخص الموضوع ان أزمة الترابي هي أزمة الحركة الاسلامية الحديثة عموما . هناك محاولة للتوفيق بين الاسلام والفكر الحداثي . وهذا مرده للحركة الاسلامية المعاصرة التي نبعت أصلا من الحداثة ومتأثرة بها وبأفكار الديمقراطية وحقوق الانسان وغيرها من الافكار . وتريد أن تبرز الاسلام على انه متوائم مع هذه الحداثة . وتحاول بشتى الطرق التخلص من الاشياء التي ترى فيها أنها تتعارض والحداثة . فهذه قضية صعبة جدا . فقد حاول محمود محمد طه مثلا قلب الآيات المكية والمدنية وأن يقول كل الايات المدنية منسوخة وبالتالي فالسنة نفسها منسوخة . ولم يستطع التخلص من هذا . بالنسبة للآخرين لديك الحدود والمرأة الخ.. ولابد من أن تجد شيئا من التوافق . وحاولوا دائما ان يميعوا القضايا التقليدية . هذا يقود الى رفض من التقليديين والعلماء والشارع عموما لكنه لايصل الى الحد الذي يجد القبول من الحداثيين والعلمانيين واصبحوا في وضع بين .. بين وبالذات الترابي . لأنه بدأ افكاره هذه مبكرا وتكلم عن المرأة وزواجها من الكتابي . لقد حاول أن يقارب الحداثة أكثر ولايتقيد بالنصوص كثيرا ، وكان يأخذ النصوص ويحورها . وهذا خلق له اشكالية مزدوجة كما ذكرت وعزلة بينه وبين الحداثيين وعزلة بينه والتقليديين . وهذا يعود الى نفس القصة الاولى قصة الحوار ، فالسياسة في نهاية الامر هي حوار . انت كحركة سياسية تطرح آراءك التي تامل ان يقبلها الشارع . وانت ومن قبلوها تعمل على الحوار مع من لم يقبلها للوصول الى صيغة وسطى .. هذه هي السياسة . الحركة الاسلامية وخاصة بعد الانقلاب تركوا أصلا موضوع السياسة والحوار . وكانوا يرون أن الأمور يمكن بلوغها بالسوط ( الكرباج ) والسيف والدولار . فكان يتعامل مع الناس إما بادخالهم المعتقلات ومكاتب الامن وتضربهم أو تمنحهم المال والمناصب الخ .. ومايزالون يشتغلون بهذه الفكرة وهذا هو إشكال أيديولوجي ومعه إشكال سياسي مستمر . فلابد من حصول معالجة للإشكال الايديولوجي وكيف يمكن حسم مسألة الاسلام والحداثة . والى أي حد يمكن ان نتحرك في اطارها . وهل الحسم والحل الذي تقترحه هل هو قابل لترويجه بين الجماهير وهل هو قابل للرواج بين النخبة وهذا هو الفصل المهم .
    في ختام هذا الحوار هل من فكرة أو رسالة للنخبة المثقفة تعيد الى السودان توازنه وعافيته وتعيد لنا بعضا من الذي كان .. السودان الذي يتسع للجميع؟
    - أنا أرى شيئين وكما ذكرت في الأول أن النخبة وحتى تقدم مساهمة جادة لابد لها من مبدئية وان تتخلص من الانتهازية والوصولية التي سادت بين النخبة والى الآن . وأن يكون هناك مفكرون مبدئيون . مفكرون يحترمون مبادئهم سواء كانوا يساريين أو يمينيين أو ليبراليين . المهم أن تكون لديهم مبادئ في الأول ، ثم بعد ذلك ان يقوم وعلى أساس هذه المبادئ حوار حقيقي بين الناس على أساس احترام كل مفكر وكل حركة والوصول الى صيغة وطنية بالتراضي بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب بين اليسار واليمين وحتى بين الطائفية والحداثة . وأرى أن نبدع نحن فكرا جديدا . وأن نحن ننزل الفكر الليبرالي الحديث على واقعنا والذي فيه مخالفة لهذا الواقع . فنحن مثلا نرفض الانتخابات اذا ماجاءت بالطائفية. يجب أن نتعايش مع واقعنا وليس أن نكون أسرى لهذا الواقع . ويجب أن ننتج نظريات تتحرك من هذا الواقع لكن أن تحدث التغيير من داخله . وهذا في اعتقادي غائب عنا . أفكارنا سواء كانت ماركسية أو اسلامية أو ليبرالية هي في وادٍ والواقع والمواطن في وادٍ آخر . وهذا أيضا سبب من الاسباب التي تؤدي الى الفشل والدكتاتورية.

    نشر هذا الحوار بتاريخ :16 مايو 2006 م بسودانيزاون لاين
    المصدر:http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/ar/exec/view.cgi/3/74
                  

05-01-2008, 00:32 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الموسوعة الميسرة
    في الأديان والمذاهب والأحزاب
    المعاصرة

    الندوة العالمية للشباب الإسلامي

    ( مع شيئ من التهذيب والتصرف المفيد )
    ===========
    الحزب الجمهوري في السودان

    التعريف:
    هو حزب (*) سوداني أسسه محمود طه ليدعو إلى قيام حكومة فيدرالية ديمقراطية (*) اشتراكية (*) تحكم بالشريعة الإسلامية - كما يزعم - . ومبادئ الحزب(*) مزيج من الأفكار الصوفية الغالية والفلسفات المختلفة مع شيء من الغموض والتعقيد المقصود بغية إخفاء كثير من الحقائق أولاً ولجذب أنظار المثقفين ثانياً.

    التأسيس وأبرز الشخصيات:
    • مؤسس هذا الحزب هو المهندس محمود طه الذي ولد عام 1911م وتخرج في جامعة الخرطوم أيام الإنجليز عندما كان اسمها (كلية الخرطوم التذكارية) عام 1936م.




    www.tawdeeh.com/maktaba/mawsooaa.doc
    __
                  

05-01-2008, 00:33 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    إسلامية المعرفة .. الأصول والتمويه/2
    ابو القاسم حاج حمد

    ". واتهم فكري " بالغنوصية " والأدهى من ذلك أنه ماثله بكتاب للشهيد السوداني المتصوف " محمود محمد طه " الذي أعدمه " نميري " بتهمة " الردة " بتاريخ 18 يناير ( كانون ثاني ) 1985 م / 27 ربيع الثاني 1405 هـ (25)، وقد تشابه عنوانا كتابينا على الدكتور عمارة، فكتابي عنوانه " العالمية " – الإسلامية الثانية وكتاب الشهيد محمود محمد طه هو " الرسالة " – الثانية من الإسلام حيث يماهي دوره بدور خاتم الرسل والنبيين، ومنهج محمود – خلافاً لمنهجنا – " صوفي تأملي " ومنهجنا يقوم على الربط بين " جدليات ثلاث " هي : الغيب والإنسان والطبيعة، ويتضمن كتابي "العالمية " نقداً لمفاهيم محمود محمد طه ونهجه (26) في مقطع عنوانه ( شبهات التداخل بين " العالمية " الإسلامية الثانية و " الرسالة " الثانية من الإسلام ).




    فالدكتور عمارة اتهمني ولم يقرأ لي ولم يقرأ لمحمود محمد طه ثم أنذر بمقاطعة المعهد العالمي للفكر الإسلامي !!! وزاد إلى ذلك " وللأسف نجد لفكر أبي القاسم هذا انتشاراً في بعض البلاد الإسلامية ..




    http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&...ew&id=3860&Itemid=27
    _________________
                  

05-01-2008, 00:34 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    هل يؤمن المسلمون باله واحد؟
    علي الموسوي

    وليس اخيرا ماحصل للمفكرالاسلامي الشهيد محمود محمد طه صاحب( الرسالة الثانية من الاسلام ) الذي اتهم بالارتداد ثم حكم بالاعدام في الخرطوم بتاريخ 18 يناير 1985 في حكومة النميري ، والمفارقة الغريبة ان السيد حسن الترابي كان حين صدور الحكم وتنفيذه النائب العام في السودان ، مما يعني اطلاعه على الحكم ان لم يكن له دور في صدوره ، ومكمن المفارقة ان الترابي الذي شهد اعدام هذا المفكر الاسلامي بلا ان يصدر عنه مايدين ذلك او يحتج عليه هاهو الان يتبنى ذات النسق الفكري الذي قتل الشهيد طه من اجله ، ونصر حامد ابو زيد الذي اضطره ارهاب الكهنوت ان يغادر بلده ليعيش منفيا بعد ان قرروا فصله عن زوجته وآخرين غيرهم .




    http://almothaqaf.com/index.php?option=com_content&task...ew&id=1603&Itemid=81
    __
                  

05-01-2008, 00:35 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    بانوراما عربية فى التصفية الجسدية

    صادف 18 من شهر يناير الماضى الذكرى الثانية والعشرين لإعدام المفكر السودانى الإسلامى محمود محمد طه بتهمة الردة عن الإسلام، فى سابقة تاريخية هى الأولى من نوعها فى التاريخ العربى الحديث، حيث لم يحدث أن إرتقى مفكر عربى المقصلة بسبب "آرائه" الفكرية و التى إعتبرتها "الدولة العربية" إرتدادا عن الإسلام. نعم لقد شهد التاريخ العربى قبل و بعد 1985 –تاريخ إعدام المفكر محمود محمد طه



    http://daftarwatan.blogspot.com/
    _________________
                  

05-01-2008, 00:36 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    فكأن شبح الأستاذ محمود طه، الذي لعب الترابي الدور الرئيسي في إعدامه في 18 يناير 1985، وإخفاء جثّته (ما يزال قبره مجهولاً حتى يومنا) يعود ليلاحق قتلته. يبقى أننا نحن نؤيّد الـ100 شخصية سودانية التي رفضت دعاوى تكفير الترابي واستتابته، وطالبت بإلغاء مادة التكفير من القانون السوداني لأنها "تتناقض مع حرية الفكر والتعبير وحقوق الانسان مشيرين الى ان دعاوى التكفير لا تمثل في حقيقتها مرجعية قطعية في الدين ولا ملزمة للدولة أو المجتمع".




    http://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=article&sid=1270
    _________________
                  

05-01-2008, 03:52 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الاجتهاد كاعدام محمود محمد طه.



    https://mariam.katib.org/rss.xml
    _________________
                  

05-01-2008, 05:48 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    رزنامة الأسبوع

    سِيكُو!

    SICKO!



    كمال الجزولي
    [email protected]

    الإثنين

    ليس أوجع، في باب التعبير عن تربُّص نظام النميري لقتل الشهيد محمود، من رمي محاكمته المهزلة بـ (السلبطة السياسيَّة!)، كما وصفها د. الطيِّب زين العابدين (أجراس الحريَّة، 18/4/08). وفي الحقيقة فقد كانت (السلبطة) ديدن ذلك النظام دائماً، ومنهجه الذي لم يعرف سواه، ولطالما تخيَّر لها قضاة (متسلبطين) كلما أراد تصفية حساب ما مع هذا أو ذاك من الخصوم.

    أذكر أننا كنا، قبيل تلك المحاكمة، قد انتظمنا في هيئة دفاع عن مجموعة بعثيين اتهموا بإدارة (وكر) لطباعة المنشورات المعارضة، وذلك أمام ما سُمي، حينها، بـ (محكمة الطوارئ رقم/1) بأم درمان برئاسة المكاشفي. وأذكر من أعضاء تلك الهيئة التي أبلت بلاءً حسناً، وأبدت مهارة فائقة: د. أمين مكي، د. أبو حريرة، الصادق الشامي، مصطفى عبد القادر، المرحوم عبد الله صالح، سيِّد عيسى، علي السيِّد وآخرين. ولمَّا بدا جليَّاً أن بيِّنات الاتهام على درجة مزرية من الهزال أمر القاضي باستدعاء د. الساعوري، الكادر الاسلاموي، ورئيس شعبة العلوم السياسيَّة بجامعة أم درمان الاسلاميَّة، كشاهد خبرة، فغلب لدينا نزوع المحكمة لتجريم فكر البعث ذاته بحسبانه فكراً (ملحداً)! وكانت المادة/3 من قانون أصول الاحكام القضائيَّة مفعَّلة، وقتها، كأحد أخطر مهدِّدات العدالة، إذ تبيح للقاضي أن يضيف للائحة الاتهام أيَّة (جريمة!) مِمَّا (يتصوَّر) في (الشريعة!)، حتى لو لم تكن منصوصاً عليها في القانون!

    كانت الجلسات تعقد يوميَّاً، ولذا كنا نتوزَّع، مسبقاً، مهمَّة ابتدار مناقشة شهود الاتهام. وحدث أن وقعت من نصيبي مناقشة د. الساعوري ذات يوم تال، فبقيت ساهراً، الليل بأكمله، مهموماً بما عساه يكون مدخلي لدحض إفادته في ما لو ذهب، فعلاً، باتجاه دمغ البعث بـ (الإلحاد)! وانحصرت خياراتي في مدخلين: فكري وعملي. لكن، بالنظر إلى جملة الظروف المحيطة، بدا لي الحِجاج الفكري، أمام تلك المحكمة، عبثاً لا طائل من ورائه! فمَن لي، إذن، بالمدخل العملي؟!

    تذكرت أننا كنا لمحنا، من بين (معروضات الاتهام)، كتاب ميشيل عفلق (في سبيل البعث)، فقدَّرت أن المحكمة ستنتقي بعض فقراته، ولا بُدَّ، كي يُبدي شاهد الخبرة رأيه فيها. ولما كانت ثمَّة نسخة منه، لحسن الحظ، في مكتبتي المنزليَّة، فقد عكفت عليها أراجعها. لكنني ما وجدت سوى فقرة واحدة يصنف فيها عفلق (الإسلام) ضمن (مقوِّمات الحضارة العربيَّة)، جنباً إلى جنب مع (الشعر الجاهلي)، و(الفنون الشعبيَّة) .. الخ. ولعلمي بمنهج الاسلامويين التبسيطي الشكلاني في مطاردة العبارات المجتزأة من سياقاتها، فقد قلت لنفسي: هي تلك، إذن، بلا أدنى شك!

    هداني البحث عن المدخل العملي لأن ألتقط أيضاً من مكتبتي كتيِّباً سودانياً قديماً كان قد وُضِعَ بتأثير الفكر القومي العربي. ولم يطل بي البحث حتى وجدت ضالتي فيه، الفكرة ذاتها مصاغة بما يشبه، حدَّ التطابق، صيغة عفلق! ولا غرو، فتيَّارات القوميين العرب قبيلة تتقارب مصادرها الفكريَّة على اختلاف بطونها وأفخاذها!

    أودعت الكتيِّب حقيبتي، وتوجهت، في الصباح، إلى المحكمة، متوكلاً على الحيِّ الذي لا يموت! وبالفعل، مثلما توقعت، عرضت المحكمة على (شاهد الخبرة) كتاب عفلق مفتوحاً على الصفحة التي تتضمَّن تلك الصيغة، فقرأها بصوت عال، ثم سألته عن رأيه فيها، فأجاب بأنها (إلحاديَّة) تساوي بين كلام الله وكلام البشر! إكتفت المحكمة بذلك، ومنحتني الفرصة لمناقشة الشاهد. فأخرجت الكتيِّب الآخر من حقيبتي، وقدَّمته إليه مفتوحاً على الصفحة التي تتضمن الصيغة المشابهة، فقرأها بصوت عال. ثمَّ سألته إن كان يجد أيَّ فرق بينها وبين صيغة عفلق، فأجاب بلا. فسألته إن كان ذلك يعني أن حكم (الإلحاد) ينسحب عليها أيضاً، وبالضرورة، فأجاب بنعم. لحظتها طلبت منه أن يقرأ عنوان الكتيِّب جهراً، ففعل، فإذا به (ميثاق العمل الوطني)، أحد أهمِّ وثائق (الاتحاد الاشتراكي) .. حزب النميري الحاكم أيامها!

    ما حدث بعد ذلك لم يقتصر على انفجار القاعة بالضحك المجلجل، أو انخراط (الخبير الاسلاموي) في قسم مغلظ بالله تعالى على أنه ما جاء لـ (تجريم) أحد ولا فكر، أو توتر المحكمة التي فوجئت بالأمر فأسقط في يدها تماماً، بل تعدَّى ذلك كله إلى ما هو أكبر أثراً وخطراً، حيث أقدم المرحوم الرشيد الطاهر، وزير العدل النائب العام أوان ذاك، على مخاطبة رئيس الجمهوريَّة، واصفاً المحكمة بأنها "تهرف بما لاتعرف"، وأنها أساءت لسمعة النظام، وجعلته هزءاً، أو نحو ذلك!

    ثمَّة مفارقة أخرى تتصل بتلك الواقعة، هي أننا، بعد أن نجحنا في إسقاط تهمة (الإلحاد) التي أريد لها أن تلحق بموكلينا من باب (السلبطة السياسيَّة)، بمصطلح زين العابدين، وصلتنا خطابات من بغداد، ممهورة بتوقيع المرحوم بدر الدين مدثر، عضو القيادة القوميَّة لحزب البعث، وقتها، يشيد بجهدنا، مؤكداً على أننا .. لا بُدَّ وجدنا في (فكر البعث) حافزاً قوياً للدفاع عن المتهمين!

    الثلاثاء

    حاول، مرَّة، أن تتخلص من صمغ نبرة الخطاب (الثورجي) اللبيك، السائد في الكثير مِمَّا يصابحك، يوميَّاً، من كتابات، وأن تتأمل في ما وراء (ضجَّته) العالية، و(هديره) الدَّاوي، لتكتشف أنه لا يبرح، قيد أنملة، كونه مجرَّد خواء عريض يصلُّ صليلاً، ومحض شنشنة تعزف على أوتار (حريق الرُّوح) الجماهيري العام، وأما في ما عدا ذلك فلا ينطوي على أيَّة (ثمرة) .. لا عِلة تشرَّح، ولا حلاً يُقترح، ولا خطة تقدَّم، ولا مخرجاً، بالمرَّة، من أزماتنا يُضاء! وإنْ هو، في نهاية المطاف، إلا (نقنقة) كثيفة .. والسلام!

    كثرة (النِقة) بلا (ثمرة) مِن أخصِّ خصائص إنتليجينسيا البرجوازيَّة الصغيرة في بلادنا، والتي ينتسب إليها نفرٌ نشط من مسوِّدي الصحائف، بكلِّ ما يخالط مناهجها، وأساليبها، وطرائق تفكيرها من تأثيرات (الذهن الرعوي)!

    وقد سبق لنا، في محاولة لاستكناه جوهر أزمتنا السياسيَّة، أن لاحظنا، للمفارقة، هيمنة فئة الانتلجينسيا، المستعربة المسلمة الخارجة، فى غالبها، من جلباب الطبقة الوسطى، على المفاصل الأساسيَّة للعمل السياسى والاجتماعى فى كلِّ حقوله وساحاته، وتزعُّمها المطلق لأحزابه وكياناته، وتأثيرها الشديد على خطابه وأدائه، فضلاً عن سيطرتها على قنوات المعرفة والاتصال الجماهيري من صحافة وراديو وتلفزيون وما إلى ذلك من المؤسسات المعنيَّة بتشكيل الوعى الاجتماعى العام. على أن الكثيرين منهم، للأسف، ما تنفك تستغرقهم الجزئيَّات المفككة كبقيعات السراب هنا وهناك، يجترُّون سائد تعابيرها، ويتبلغون دارج مسكوكاتها، ليعيدوا إنتاجها (نقنقة) على الورق، ومن فوق المنابر، يداعبون بها (ما يطلبه المستمعون!)، دون أن يرفعوا (أبصارهم)، ولو قليلاً، من تحت الماء، ليمعنوا النظر في (المفكك)، ويحاولوا لمَّ شعثه في (كليَّات) تعينهم على التفكير المستنير، علَّ (بصيرة ما) تهديهم إلى حكمة أخرى، رؤية أقرب إلى الحقيقة، طالما أن الحقيقة المطلقة غير موجودة، وطالما أن إدمان (ركوب الرأس)، و(تجريب المُجرَّب)، لن يُفضي سوى إلى (ندامة) السير بأعين معصوبة خلف (وهم الكونكورد ـ Concorde Fallacy)، أو اتخاذ (المواقف) خلف مرحلة التطور الحيواني التي تفترض هجر الطريق المسدود إلى غيره ، على حدِّ إشارة د. محمد سليمان الذكية في كتابه (السودان: حروب الموارد والهوية).

    إنحدار غالب هذه الفئة الاجتماعيَّة من رحم الطبقة الوسطى بسماتها العامة الملازمة لتركيبتها منذ أول نشأتها في بلد لما يزل تحت الاستعمار كالسودان، هو، إذن، من أهمِّ العوامل التى أورثتها خصائصها الفكريَّة السالبة، وتسبَّبت في إضعاف قدراتها القياديَّة، تحت ثقل السلطة المعنويَّة لمنظومة القيم الاجتماعيَّة السائدة، (الرعويَّة) بالأساس! فقد تنشَّأت هذه الطبقة في إطار خارطة اقتصاديَّة سياسيَّة اجتماعيَّة لعب التدخل الخارجي، عشيَّة ومطالع القرن العشرين، الدور الأساسي في تشكيلها بصورة مغايرة للنمط الذي تشكلت به في المجتمعات الرأسماليَّة الصناعيَّة فى الغرب، حيث ألحق الاستعمار السودان بالنظام الرأسمالي العالمي، في الوقت الذي كانت فيه أشكال الإنتاج السابقة على الرأسماليَّة ما تزال تلعب الدور الأهم في اقتصادياته. وبالتالي أضحت الطبقة الوسطى متنازعة بين إغواء الفرص المتاحة للصعود، وبين رعب السقوط في مصير الفقر المستشري، مِمَّا ابتلاها بدوافع التراجع والانكسار بقدر ما أكسبها من مقوِّمات الثوريَّة! هذا الواقع الملتبس، بالذات، هو الذى شكل العامل الأكثر خطورة ضمن العوامل الجدليَّة لتذبذب هذه الطبقة، وفئة الانتليجينسيا المنحدر غالبها منها، على صعيدي البنية الفكريَّة والأداء السياسى!

    إنهارت الطبقة الوسطى، فعادت أثراً من بعد عين، لكن فكرها ومزاجها ما يزالان فاعلين، ناشطين، بل .. ومتسيِّدين!

    الأربعاء

    بصرف النظر عن أيِّ موقف مؤيِّد أو معارض للحكومة، فإن أقلَّ ما يمكن أن يوصف به منطق مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد المحمود عبد الحليم، هو أنه عجيبٌ حقاً، إن لم يكن مجرَّد .. دافوري!

    وحتى لا نتهم بالتجني على الرجل، ها دونكم إحدى (شوتاته) .. الضفاري! ففي التقرير الذي قدَّمه جون هولمز، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الانسانيَّة، أمام مجلس الأمن بتاريخ 22/4/08، قدَّر أن عدد قتلى النزاع في دارفور قد ارتفع إلى 300,000 قتيل. فما كان من المندوب الدائم للحكومة إلا أن سارع لوصف هذا التقدير بأنه "فاقد للصدقيَّة ومضلل"! وأبلغ (رويترز) بأن العدد لا يتجاوز 10,000، مطالباً هولمز "بالكشف عن مصادر الدراسة التي استقى منها معلوماته!" (الرأي العام 23/4/08). وبالطبع لم يكلف سعادة السفير نفسه مشقة الكشف عن "مصادر الدراسة التي استقى منها معلوماته" هو ذاته، فانطبق عليه المثل الشعبي السائر وسط مستعربي السودان عن (الخاتنة وموساها)!

    لكن صبراً! فليس هذا وحده هو مربط الفرس، إذ أن لسعادة السفير سابقة مشهورة مع (رويترز) نفسها في يناير الماضي، حين تناقلت أجهزة الإعلام العالميَّة، وقتها، أن نيران أسلحة خفيفة وقذائف صاروخية أطلقت، لمدة 12 دقيقة، على قافلة إمداد تابعة لبعثة الامم المتحدة والاتحاد الافريقي المشتركة، خلال توجهها، في ساعة متأخرة من ليلة 7/1/08، الى بلدة الطينة في دارفور، وقالت الأمم المتحدة إن القوات السودانيَّة هي التي أطلقت تلك النيران، فما كان من سعادة المندوب الدائم إلا أن سارع للمغالطة، بذات الأسلوب، وعبر تصريحات صحفيَّة رسميَّة في 9/1/08، بأن متمردي حركة العدل والمساواة، لا القوَّات السودانيَّة، هم الذين أطلقوا تلك النيران! لكن، لم يكد يمضي سوى يوم واحد على ذلك التصريح/المغالطة، حتى أدلى الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة بتصريح مغاير لوكالة السودان للأنباء، نقلته عنها الصحافة العالميَّة، بأن القوَّات السودانيَّة هي التي أطلقت النيران على القافلة نتيجة "خطأ مشترك"، وأن قيادة المنطقة الغربية اعتذرت عن ذلك لممثل بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (رويترز، 11/1/08).

    مع ذلك فإن سعادة السفير ما يزال لا يجد في نفسه حرجاً من رمي الآخرين بـ (عدم الصدقيَّة) و(التضليل)!

    الخميس

    منذ دهور لم يمتعني مخرج سينمائي مثلما أمتعني مايكل مور بفيلمه الوثائقي الأخير (سيكو ـ Sicko). شريط في غاية التماسك عكف عليه هذا المخرج الأمريكي الذي وهبه الله بسطة في البدن والفكر والخيال، مع خبرة وثيقة، ودربة رفيعة، وحرفيَّة عالية، فجاء آية في الاتقان من حيث جلاء الصورة، والصوت، وسلاسة المونتاج، واتساق الألوان، وأناقة الكادرات، ورشاقة حركة الكاميرا، وذكاء زوايا الالتقاط، وقوَّة تعبير المؤثرات المبهرة، ووسامة القطع الموسيقيَّة المختارة.

    في البادي من اسم الفيلم أنه منحوت من اللعب على كلمة (sick) بمعنى (مريض)، ومختصرة (psycho) في معنى (مريض نفسياً). ولعله مستوحى، أيضاً، من الاسم الذي كان أطلقه مخرج أفلام الرُّعب البارع ألفريد هيتشكوك على فيلمه الشهير في ستينات القرن المنصرم!

    مهما يكن من أمر، فقد هزَّني مضمون الفيلم، حدَّ الإفزاع، بأطروحته وافرة البساطة، شديدة التعقيد: خمسون مليون مواطن أمريكي يصلون، صباح مساء، كيلا يصيبهم مرض، بينما ثمانية عشر مليوناً منهم مرشحون للموت خلال نفس السنة، كونهم، وهم مَن يعيشون في جنَّة (الحُلم الأمريكي) الباذخ، عاجزين، بسبب الفقر، عن الحصول على .. بطاقات تأمين صحِّي! نماذج مرضى مفلسين على (الحديدة) يعانون من أورام في المخ، وسرطانات في الثدي، ومشكلات في الشعب الهوائيَّة، وإصابات عمل فقدوا، بسببها، أطرافهم، لكن ليس لهم سوى أن يواصلوا مكابدة شظف العيش، دَعْ أن يوفروا تكلفة العلاج المبهظة. نماذج مكلومين ما أن يستنطقهم مايكل بنفسه، حتى تخنقهم العبرات، ويشرقوا بالدمع الهتون في نوبات بكاء كتيم تستحيل حتى آلة التصوير إزاءه إلى بشر سويٍّ يتفجَّر بأنبل لقطات (كلوز أب) تمزِّق نياط أقسى القلوب! و .. قال منظف الحمَّامات العجوز:

    ـ "سأظلُّ أنظفها حتى أموت، ولا أستطيع التوقف، لأن زوجتي تحتاج إلى ثمن الدواء الذي توفره المؤسَّسة طالما أواصل العمل فيها"!

    ..............................

    ..............................

    يستعرض الفيلم قائمة طويلة بالأمراض غير المشمولة، ابتداءً، ببطاقة التأمين! والأنكى أن ضواري شركات التأمين الخاصَّة يتقنون صناعة الإفلات من الالتزام بتغطية نفقات العلاج حتى للمرضى الذين حصلوا، بشقِّ الأنفس، على هذه البطاقات. هؤلاء قوم لا همَّ لهم سوى مراكمة الأرباح الفاحشة. ولأجل ذلك يستخدمون جيوشاً جرَّارة من مستشارين قانونيين وطبِّيين عملهم الأساسي اجتراح ما لا يخطر على قلب بشر من التفاسير والتأويلات، وما لا أوَّل له ولا آخر من الأحابيل والمغالطات، وكلَّ ما من شأنه أن يخترع ثغرة تخرج الزبون من دائرة الاستحقاق التي يكون قد دفع فيها دم قلبه! أحدهم قال لمايكل، ضاحكاً:

    ـ "لحظة المطالبة تكون أذهاننا مشغولة بأمر واحد فقط .. إلغاء البوليصة بأيِّ سبيل، أو إيجاد أيَّة وسيلة لإخراجها، على الأقل، من نطاق التأمين! ومن أجل هذا نفعل كلَّ شئ، ونتعامل مع كلِّ حالة، مهما صغر شأنها، وكأننا نتعامل مع قضيَّة قتل كبرى! مهمَّتنا، في الحقيقة، أن نضخم أرباح الشركة عند نهاية السنة"!

    وهكذا فإن القاعدة واجبة الاتباع، في كلِّ الأحوال، هي: (رعاية صحيَّة أقل تساوي أرباحاً رأسماليَّة أكبر)!

    لم يستثن لؤم المؤسَّسة من شرور هذه القاعدة حتى أفراد فيالق المطافئ ومتطوِّعي فرق الانقاذ والدفاع المدني الذين واجهوا الأهوال في إثر كارثة الحادي عشر من سبتمبر! فأولئك الذين ظلوا يجوسون، ليل نهار، وببسالة منقطعة النظير، بحثاً عن الضحايا بين أنقاض الهيكل الخرافي المتبقي مِمَّا كان يُعرف بمركز التجارة العالمي الذي اعتبر دائماً من مفاخر العمارة الأمريكيَّة، قبل أن يستحيل، في لحظات قلائل، إلى تلال متراكمة من غبار الخرائب، وكتل الحديد، وأكوام الخرسانة المسلحة، رفعهم الوجدان الوطني الأمريكي، مثلما رفعتهم، للمفارقة، الخطب الرسميَّة المخاتلة، إلى مصاف الأبطال. لكنهم، حين أورثهم عملهم النبيل ذاك، لاحقاً، مختلف الأمراض، جحدتهم المؤسَّسة حقهم المستحق في الرعاية الصحيَّة، وحرمتهم، بشتى الذرائع، من أبسط فرص العلاج!

    ..............................

    ..............................

    ومن ذاكرة الفيلم الاسترجاعيَّة أن آل كلنتون، أوَّل دخولهم البيت الأبيض، رفعت هيلاري، سيِّدتهم الأولى آنذاك، ومرشَّحة الرئاسة، الآن، عن الحزب الديموقراطي، شعار: (رعاية صحيَّة لكلِّ فرد)! فجُنَّ جنون طغمة المؤسَّسة: "ما هذا؟! إشتراكيَّة العلاج"؟! هكذا أطلَّ، على الفور، في كوابيس رأسماليَّة الخدمات الطبيَّة، (شبح الاشتراكيَّة) .. خط (الموت الأحمر) اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً! فانطلقوا يضعون العراقيل أمام الشعار، ويدخلون عصيَّهم في عجلته، وينفقون ملايين الدولارات لسحقه في مهده، مستخدمين في سبيل ذلك كلَّ الأساليب، المشروع منها وغير المشروع، بما في ذلك تقريب (النار) من ثوب الرئيس والسيِّدة الأولى اللذين أفزعتهما الرسالة، فسارعا إلى التراجع غير المنتظم!

    من يومها، وحتى نهاية ولايتهم، لم يعُد أحد يسمع من آل كلنتون حرفاً واحداً عن تلك الخطة (الخطرة)!

    ويمضي الفيلم يفضح الصفقات الوضيعة التي تجري في أروقة الكونغرس لتمرير مختلف المشاريع التي تضمن لشركات التأمين الصِّحي، ومؤسَّساته الخاصَّة، جني المزيد من الأرباح الضخمة.

    ..............................

    ..............................

    وفي مشاهد متلاحقة تحبس الأنفاس، تنتقل كاميرا مايكل إلى كندا وبريطانيا وفرنسا، تقارن، نقديَّاً، بين نظمها الصحيَّة والنظام الأمريكي، حيث تلك أفضل حالاً بما لا يقاس، مِمَّا جعل متوسط الأعمار في ظلها أطول منه في أمريكا!

    نظام الرعاية الصحيَّة، في تلك البلدان، مغطى تماماً بنظام (التأمين الاجتماعي) الشامل، فلا يُشترط أن تكون لدى المواطن بطاقة تأمين صحيٍّ خاصَّة ليتلقى الخدمة الطبيَّة التي يحتاجها بتكاليف زهيدة نسبياً. نائب سابق بمجلس العموم البريطاني عزا الأمر برمَّته إلى (الديموقراطيَّة) التي مكنت من إدخال نظام (التأمين الاجتماعي) أواخر أربعينات القرن المنصرم، في عقابيل الحرب الثانية، قال لمايكل:

    ـ "بدأ الأمر لدينا، وقتها، بتساؤل بسيط عمَّا إذا كان من المقبول عقلاً أن يعجزنا توفير الميزانيات لعلاج الناس، بينما كنا قد وفرناها، خلال الحرب، لقتل الألمان"!

    (الديموقراطيَّة السياسيَّة)؟! نعم، فإليها يعود الفضل، يقيناً، في إشاعة المناخ الملائم لحريَّة التفكير، والرأي، والتعبير، والنقد، وفحص البدائل، وتداول الخيارات، وطرح الأسئلة الصحيحة، ما في ذلك أدنى شك. على أن البرلماني المحترم أغفل الاشارة، في ذات السياق، إلى فضل تأثير (الاشتراكيَّة) التي قدَّمت للعالم، أوان ذاك، نموذجها الضاغط والمتحدِّي في باب (العدالة الاجتماعيَّة) على كلِّ الأصعدة، بما في ذلك (الرعاية الصحيَّة) للجميع، تنهض بواجباتها دولة أحالت الفرز والتحيُّز الطبقيَّين إلى المتحف! فكان لا بُدَّ لأثر ذلك (الحلم الانساني) أن ينعكس، بشكل واضح، وإن بدرجات متفاوتة، على حراكات ملايين الكادحين، ونقاباتهم، واتحاداتهم المهنيَّة، وتنظيماتهم السياسيَّة، ونتاجات مفكريهم ومبدعيهم في البلدان الرأسماليَّة، وفي أوربا، بالأخص، لعوامل القرب الجغرافي، والتشابه الثقافي، والتاريخ المشترك، مِمَّا فرض على الدولة، في هذه البلدان، مجابهة تلك التحديات بابتداع نظم (التأمين الاجتماعي) لتخفيف ضغط الاحتقان المفضي، حتماً، للانفجار! ولعلَّ مِمَّا يؤكد ذلك، بوجه خاص، أنه، ما أن لاحت نذر الضعف والتفكُّك على المنظومة الاشتراكيَّة، حتى برزت إلى السطح، أقوى من أيِّ وقت مضى، بوادر الارتداد عن حقوق الكادحين المكتسبة في تلك البلدان، من خلال نظريات (الريغانيَّة) و(الثاتشريَّة) و(مدرسة شيكاغو) في الاقتصاد، وتيارات (الرأسماليَّة المتوحِّشة) كافة، والتي لا تعترف سوى بمنطق (الرِّبح) .. و(الرِّبح) وحده!

    ..............................

    ..............................

    في الجزء الأخير من الفيلم يصعِّد مايكل من نبرة رؤيته، دافعاً بها إلى أقصى أمداء التجرُّؤ والاقتدار، فيعمد إلى اصطحاب بعض المرضى من (ابطال) الحادي عشر من سبتمبر في رحلة غير مشروعة على متن زورق إلى الساحل .. الكوبي:

    ـ "كوبا التي ظلوا يُدخلون في روعنا، طوال خمسة وأربعين سنة، أنها المكان الأسوأ في العالم، وجدناها مزوَّدة بأفضل نظام للرعاية الصحيَّة، لدرجة أن متوسط عمر الفرد هناك أطول مِمَّا هو عليه في أمريكا"!

    مريضة من (بعثة مايكل) ذهلت لمَّا وجدت أن الكشف الطبي الذي تحتاجه مجَّانيُّ في هذه الدولة الاشتراكيَّة الصغيرة، أما الدواء فلا يزيد سعره عن 5 سنتات، بينما سعره في بلدها أمريكا يتجاوز الـ 120 دولار، أي 2400 ضعفاً .. فأجهشت بالبكاء وهي تحزم منه ما يكفيها لثلاث سنوات!

    ..............................

    ..............................

    فرضيَّة مايكل الأساسيَّة التي ظلَّ يختبرها بصبر وأناة، طوال ساعتين وثلاث دقائق هي زمن الفيلم، قائمة في كون النظام الذي يوفر كلَّ حقوق التعبير والتنظيم والانتخاب، بينما يعيش الناس في ظله محرومين من أبسط فرص العلاج المجاني، ليس نظاماً (ديموقراطياً) بعد! وهذا صحيح تماماً. غير أن الصحيح أيضاً، وبالمقابل، أن النظام الذي يوفر كلَّ فرص العلاج المجاني، بينما يعيش الناس في ظله محرومين من أبسط حقوق التعبير والتنظيم والانتخاب، هو أيضاً ليس نظاماً (إشتراكياً) بعد! وقد حقَّ للناس، في كلا الحدَّين، أن يصرخوا!

    المشكلة، إذن، ليست، فقط، في نوع الأنظمة التي تتأسَّس على شموليَّة خانقة تجحد المواطن حقوقه السياسيَّة والاقتصاديَّة الاجتماعيَّة، بل أيضاً في نوع الأنظمة التي تنكفئ على ممارسة شكليَّة لديموقراطيَّة سياسيَّة خالية من أيِّ محتوى اقتصادي اجتماعي يتسم بالعدل .. وكلا النوعين مرفوض!

    الجمعة

    إستطلعت هذه الصحيفة آراء بعض الكتاب حول (التوجيه) الذي أصدره رئيس الجمهوريَّة، مؤخراً، بتوفير (مِنح تفرُّغ) للمبدعين والباحثين والأكاديميين. ولما كنت أحد الذين استطلعت آراؤهم، فقد استغرقتني، في ما يبدو، أحلام اليقظة، لدرجة أنني مضيت أقترح شكلاً مناسباً لتنفيذ هذا (التوجيه)، قبل أن أتأكد تماماً من أن (رجال الرئيس) ليس لديهم رأي آخر! لكن، حين راجعت الاستطلاع منشوراً في عدد اليوم، نبهتني كلمة د. أبو القاسم قور إلى هذه الحقيقة المؤلمة، إذ جزم بنبرة (ميلودراميَّة)، على حدِّ وصف الأستاذ عثمان شنقر، قائلاً "إن مستشاري الرئيس لن ينفذوا توجيهه هذا"! ثمَّ أضاف: "أرجو ألا تفتح الجراح حتى لا تزداد إيلاماً!" (أجراس الحريَّة، 25/4/08).

    أنعشت هذه الكلمة ذاكرتي، فعدت لما كنت كتبت، ذات رزنامة قديمة، حول (توجيه) آخر كان أصدره رئيس الجمهوريَّة بإلغاء (تأشيرة الخروج)، ومع ذلك بقيت معمولاً بها حتى الآن، مع تغيير اسمها، فقط، إلى (رسوم استيفاء!) أو نحو ذلك (الرأي العام، 20/2/2007م).

    عليه، فها أنذا، وعلى رءوس الأشهاد، أسحب (أحلام يقظتي) الساذجة تلك حول (توجيه) الرئيس بشأن (تفرُّغ المبدعين)، ريثما أرى الداخليَّة تنفذ (توجيهه) السابق بشأن (إلغاء تأشيرة الخروج)!

    ولا يفوتني، طبعاً، أن أعتذر لقور بخصوص (فتح الجراح)!

    السبت

    من أخبار آخر الزَّمان التي لم تعُد تحيِّر، ولا حتى تدهش، أن 17 سودانياً، لا بُدَّ أن جُلهم، إن لم يكونوا كلهم، من الهاربين، فردياً، من جحيم دارفور، ضُبطوا على الحدود المصريَّة الاسرائيليَّة، فأجهضت بذلك محاولة تهريبهم، مع 8 آخرين من إثيوبيا ونيجيريا وإريتريا، إلى إسرائيل داخل .. (شحنة برسيم)، حيث "أبى البرسيم إلا أن يبوح بأسراره!"، على حدِّ التعبير الرشيق لصحيفة الأهرام التي أضافت، استطراداً، أن المباحث المصريَّة كانت أجهضت، في السابق، محاولات لنقل متسللين إلى إسرائيل "بعد (شحنهم) داخل .. (كراتين) فارغة!" (أجراس الحريَّة، 19/4/08).

    نحيت الصحيفة جانباً، وسرحت أتأمَّل هذا الشَّبه العجيب بين (الواقع)، متمثلاً في خبر (الكراتين) و(شحنة البرسيم)، وبين (الخيال الأدبي) في سرديَّة غسان كنفاني القصيرة (رجال في الشمس)، الصادرة عام 1963م، والتي تتمحور حول ثلاثة فلسطينيين دفعهم البحث عن حلٍّ (فردي!) لمشكلتهم (الوطنيَّة!) إلى محاولة الهرب إلى (حلم الثراء) في الكويت، متسللين داخل (خزان وقود)، لينتهي بهم الأمر إلى الموت بفعل الحرارة والاختناق!

    رواية كنفاني مطروحة، في وجه من وجوه عبقريَّتها الابداعيَّة، كمبحث تاريخي في هجاء (الحلول الفرديَّة!) لمعضلة الموت الفلسطيني المتطاول، وكإطار رمزي للتحريض باتجاه الفعل الثوري البديل، حيث، وفي لحظة الختام بالضبط، يعود كنفاني فيفتح روايته على سؤالها الوجودي المقلق: "لماذا لم تقرعوا جدران الخزَّان .. لماذا .. لماذا"؟!

    الأحد

    كان الجنرال فرانكو ثقيلاً على الأسبان في حياته، ثقيلاً عليهم في مماته! فالفترة التي قضاها ديكتاتوراً مطلقاً لا تضارعها في الطول، نسبياً، غير الفترة التي قضاها محتضراً على فراش الموت! ويقال، والعهدة على النكتة السياسيَّة الكبيرة، إنه، ذات إفاقة من إفاقاته القصار بين إغماءاته المتطاولة بالمستشفى، تناهت إلى سمعه ضجة آتية من بعيد، ففتح عينيه، بتثاقل. وحين أبصر كبار سدنة نظامه يتحلقون حول سريره، تلفهم الرهبة والملل، وهم ينتظرون، بفارغ الصَّبر، أن يأخذ صاحب الوديعة وديعته، ليخلصوا من هذا الموضوع، سألهم بصوت واهن متحشرج:

    ـ "الدَوْ .. دَوْ .. دَوْشة .. دي .. شششششنو"؟!

    فأجابوه قائلين:

    ـ "ده الشعب الأسباني جاي يودِّع سعادتك"!

    ففوجئوا به يعود يسألهم بحلق يابس:

    ـ "ليه .. هوَّ .. الشَّع .. شَع .. شَعب .. الأسسسس .. باني .. مِسْ .. مِسْ .. مِسافر وين"؟!


    from sudanile 2005 May 1st
                  

05-01-2008, 09:00 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
                  

05-01-2008, 10:03 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)




    الشيخ العلواني في كتابه «إشكالية الردة والمرتدين»: الإسلام دين تزكية وتطهير لا دين تكفير

    رشيد الخيُّون

    وقتل بقوانين الشريعة بحد الردة أيضاً رجل الدين السودان الشيخ محمود محمد طه، وكان حسن الترابي نائباً عاماً ولم يرد حكم المحكمة. ثم جاءت فتوى آية الله الخميني ضد سلمان رشدي. وكان من نتائج هذه الفتوى شهرة كتاب «آيات شيطانية»، وأخذت قضيته شهرة دولية، وأعتبر الغرب الإسلام معتدياً على قيمة الحرية. وبالتالي جعلت الفتوى من رشدي رمزاً عالمياً للحرية. في «حين أنه لم يكن سوى أجير رخيص جعل من كتابه وسيلة اشتهار وبالون اختبار»(ص .
    ويسأل الشيخ العلواني: «لو طبق هذا الحد عبر فترات التاريخ بشكل كامل، هل كانت مجتمعات المسلمين اليوم خالية من أولئك



    http://baghdadee.ipbhost.com/index.php?showtopic=152&pi...=threaded&show=&st=&
    ____
                  

05-02-2008, 00:10 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    ردة فعل أم تصادم في المصالح والقناعات؟
    GMT 6:00:00 2005 الخميس 2 يونيو
    محاكمة صحفي سوداني في الخرطوم بتهمة الإساءة إلي الدين
    ردة فعل أم تصادم في المصالح والقناعات؟

    حليمة محمد عبد الرحمن الرياض:


    هل سيكون مصير محمد طه محمد احمد شبيه بمصير المهندس محمود محمد طه مؤسس وزعيم الحزب الجمهوري الذي تم إعدامه إبان نظام الرئيس السابق نميري قبل عشرين عاماً خلت بدعوى الردة. الجدير بالذكر، أن الدكتور حسن الترابي كان مستشاراً للرئيس السابق نميري حين تم اتهام وإعدام محمود محمد طه عام 1985.
    طه الذي كان، في ذلك الوقت، من المؤيدين لتنفيذ الحد علي زعيم الحزب الجمهوري، انسياقاً لموقف حزبه، نكص علي عقبيه، بعد عقدين من الزمان. وعمد إلي نشر صفحة كاملة في "الوفاق" تتحدث عن الحزب الجمهوري الذي وصف فكرته عن العدالة الاجتماعية بأنها إضافة هامة في الحياة السودانية. لم يكتف بذلك، بل أشار ضمنيا إلى أن قتل زعيم الحزب الجمهوري، في عام 1985، والذي كان شيخاً طاعناً في السن، تجاوز السبعين عاماً، خطأ فادحاً. ووفقاً لما أوردته شبكة العربية، اقر طه بوجوب مناقشة المرتدين ومقارعتهم الحجة. مقدماً البراهين والحجج بان باب الهداية مفتوح و"أن الإسلام قوته الفكرية هي كلمة الله الأخيرة" ؟




    http://www.elaph.com/ElaphWeb/AkhbarKhasa/2005/6/66471.htm
    _________________
                  

05-02-2008, 01:05 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    سيّد القمني: بئس المفكر الجبان أنت!
    GMT 6:30:00 2005 الأحد 17 يوليو
    د شاكر النابلسي



    --------------------------------------------------------------------------------


    -1- الساقط في بئر الخوف
    قال الباحث والكاتب المصري سيّد القمني ، عبر مكالمة هاتفية تلقتها منه (إيلاف،16/7/2005) ، أنه قرر التوقف عن الكتابة والحديث لوسائل الإعلام والنشر في الصحف، و المشاركة في الندوات. ليس هذا فحسب، بل و أعلن "براءته" من كل ما سبق له نشره من كتب ومقالات وبحوث، قائلاً إنه تلقى تهديدات جدية بقتله إذا لم يقدم على هذه الخطوة، ولأنه " ليس راغباً في الموت بهذه الطريقة"، فقد قرر الامتثال للتهديدات التي تلقاها عبر عدة رسائل في بريده الإليكتروني، ومن هنا فقد قرر أن يتوقف عن الكتابة والإدلاء بأية تصريحات صحافية، ويرجو الذين هددوه أن يقبلوا موقفه، ويعدلوا عن تهديدهم إياه.
    =======
    محمود طه المفكر السوداني، علّقه حسن الترابي على مشنقة جعفر النميري (أمير المؤمنين)، ولم يتخلَّ عن أفكاره.




    http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2005/7/76670.htm
                  

05-02-2008, 03:27 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    إعلان سيد القمنى الاعتزال:
    خواطر وتساؤلات
    بقلم: إبراهيم عوض
    [email protected]
    ظهر للدكتور رفعت سيد أحمد فى مجلة "كتابات" الضوئية بتاريخ 22 تموز 2005م مقالٌ عنوانه "عن سيد القمنى والتهديد بقتله"، وذلك بمناسبة الضجة التى أحدثها سيد القمنى مؤخرا بسبب إعلانه اعتزال الكتابة خوفا من أن تنفذ تهديدها الجماعة الإسلامية التى قال إنها أرسلت له رسالة مشباكية تهدده فيها بالقتل جزاء اجترائه فى كتاباته على الإسلام،

    محمود طه المفكر السوداني، علّقه حسن الترابي على مشنقة جعفر النميري (أمير المؤمنين)، ولم يتخلَّ عن أفكاره



    http://alarabnews.com/alshaab/2005/19-08-2005/awad.htm
                  

05-02-2008, 03:28 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    وقتل الأستاذ العالم المفكر السودانى محمود محمد طه بأسباب مختلقة تخيّر لها من قضاة السلطة حينها من ينفذون ما يريد، تماما مثلما حدث للحجاج حينما قتل آخر من قتل من العلماء الصالحين، كان عمر الرجل العجوز ستا وسبعين سنة عندما أعدم فى 19/1/1985، فلم يدم حكم النميري بعد ذلك أكثر من ستة وسبعين يوما فقط حيث رمى به التاريخ فى مزبلته،

    لعل فى ذلك برهانا ربانيا على أخذ الظالمين، أقول ذلك لا دفاعا عن المرحوم الأستاذ محمود محمد طه ولا إلماما محيطا بآرائه وتفكيره، فلم أكن أقرأ له كتبه ولم أهتم بها يوما من الأيام، ولكن الحجر على الفكر بهذه الطريقة مرفوض ومن يستطيع أن يجزم بتكفير هذا أو ذاك؟ وإن كنت على ثقة من أن المحاكمة التى جرت له كانت سياسية ظالمة لموقفٍ ظالم لرجل مظلوم أراد النظام التخلص منه بحجة ارتداده بما كان يتبنى من أفكار وتكفيره، ولعل صدق حديثى يرتكز على أن محكمة من قضاة الاستئناف المحترفين المحايدين نظروا فى الدعوى التى رفعتها أسرته عقب انتفاضة أبريل للمطالبة بإعادة النظر فى القضية والحكم عليه ميتا، ردا لاعتباره، فأصدرت المحكمة حكمها ببراءة المرحوم.



    http://www.alazmina.info/writers/hassan/book2/06.html
    _____
                  

05-02-2008, 02:23 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    والجدير بالذكر هنا أن هذا القول لم تنفرد به السيدة الصقلي ، بل سبقها إليه فقهاء كبار . وحتى لا تأخذ مطارحتي طابعا فقهيا ، أحيل ذ. طلابي على بعض ما كتبه محمد محمود طه السوداني الذي أعدمه جعفر النميري ، وكذا المناظرة التي كانت بين المستشار سعيد العشماوي والدكتور سيد طنطاوي في موضوع الحجاب هل هو فريضة دينية أم لا



    http://elakhal.friendsofdemocracy.net/default.asp?mode=...og&month=7&year=2005
    _________________
                  

05-02-2008, 02:55 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    التُّرَابِى: حَرْبُ الفَتَاوَى!
    بقلم/ كمال الجزولى
    لست متيقناً تماماً من الفرق بين (مجمع الفقه الاسلامى) و(الرابطة الشرعيَّة للدعاة والعلماء) ، بل وأقرُّ بأننى لم أجد فى نفسى دافعاً للوقوف على هذا الفرق ، فضلاً عن أننى أكاد أجزم ، ولطول عشرة المسلمين فى بلادنا مع هذه المسميات ، متعدِّدة الأسماء متحدة الجوهر ، بأن هذا الفرق لم يشغل ، ولو للحظة ، أحداً مِمَّن اطلع مؤخراً على البيانين الصادرين عن هذين الكيانين ، بقدر ما أهمَّهم دخول (المخاشنة) بين د. الترابى وحوارييه السابقين عمق اللحم الحىِّ!
    =
    فرغم ما لهذه (المخاشنة) من سوابق ، إلا أنها تتجاوز هذه المرَّة ، بالنظر لمجمل الظروف المحيطة ، كلَّ خطوط (استواء) الذهن الشمولى المؤسَّسة ، افتراضاً ، على خبراته القبْليَّة ، حيث يسعى الكيانان ، فى ما يبدو ، لإنتاج ذات الملهاة المأساويَّة التى أفضت لإعدام الشهيد محمود محمد طه عام 1985م ،
    ====
    م أىُّ قضاء هذا الذى يريدون من رئيس الجمهوريَّة تقـديم الترابى إليه ، أسوة ، كما قالوا ، بما فعل النميرى مع محمود محمد طه؟! أهو نفس الحكم الذى قضت الدائرة الدستوريَّة للمحكمة العليا ، عام 1986م ، ببطلانه لمخالفته القانون والتقاليد القضائيَّة ، كون المحكمة التى قضت بإعدام الشهيد ، والتى أيَّدت الحكم فى مرحلة الاستئناف ، قد منحت نفسها سلطة فى التشريع ليست من اختصاصها أصلاً ، وسلبت المحكمة العليا صلاحياتها بلا أىِّ سند فى القانون أو المبادئ العامَّة للشرعيَّة ، علاوة على كونها قد اشتطت بإضافة تهمة جديدة لم يتم توجيهها فى مرحلة المحاكمة ، وبعدم سماعها رد المتهم قبل إدانته ، بالمفارقة للمبدأ الأزلى الذى تأخذ به كلُّ المجتمعات الانسانيَّة ، على اختلاف عناصرها وأديانها ، كقاعدة مقدَّسة من قواعد العدالة الطبيعيَّة ، فهى بذلك لم تغفل ، فحسب ، التقاليد القضائيَّة التى سادت هذه البلاد عبر السنين الطويلة ، بل وخالفت نصوص القانون الصريحة ، ناهيك عن كون ما صدر عن الرئيس السابق (النميرى) من استرسال ، عند تصديقه على ذلك الحكم المعيب أصلاً ، لا يعدو أن يكون محض تزيُّد لا أثر له ، بل وقد اكتفت المحكمة العليا بتقرير صدوره بالتغوُّل على السلطة القضائيَّة ، وبالافتقار إلى أىِّ سند فى القوانين والاعراف؟! (أنظر سابقة: أسماء محمود وعبد اللطيف عمر ضد حكومة جمهوريَّة السودان ، المجلة القضائيَّة لسنة 1986م ، ص 163). فأيَّة (أسوة سيئة) هذى التى يدفعون ، الآن ، رئيس الجمهوريَّة دفعاً كى يتأسَّى بها بعد صدور ذلك الحكم بعشرين سنة؟!



    http://www.midan.net/nm/private/news/kgizouli1_5_06.htm
                  

05-02-2008, 03:02 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)




    ابن تيمية في صورته الحقيقية
    - هديـــــــــل عبد الهادي
    السبت,كانون الثاني 20, 2007
    الرسالة الثالثة من الإسلام - 3 - محمود طه
    بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدمة الطبعة الثالثة

    هذه مقدمة الطبعة الثالثة من كتاب (( الرسالة الثانية من الإسلام)) وكانت الطبعة الأولى منه قد صدرت في يناير من عام 1967، الموافق لشهر رمضان المكرم من عام 1386.. ثم صدرت الطبعة الثانية منه في إبريل من عام 1968، يوافق المحرم من عام ش1388.. وعند صدور هذه الطبعة صرفتنا صوارف العمل عن تصديرها بمقدمة خاصة بها..



    http://1serano.maktoobblog.com/?post=84456
    _________________
                  

05-02-2008, 08:53 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    المفكر عبدالله النعيم: لا ضير اطلاقا في اختيار بعض الناس الإلحاد أو اعتناق بعض المسلمين للمسيحية



    واشنطن ـ آفاق

    2008/29/4
    قال المفكر السوداني عبدالله النعيم إنه لا ضير اطلاقا في اختيار بعض الناس الإلحاد أو أعتناق بعض المسلمين للمسيحية، مضيفا أن "ضمان حرية الاعتقاد هي من أهم الحقوق الاساسية لأنها تضمن لي حرية التدين كمسلم كما تضمن لغيري حق التدين بأي دين" وقال النعيم إن الضرر الاكبر ليس من حرية الملحد أو المرتد وإنما من إكراه الناس على الدين.."


    وقال النعيم في حوار لجريدة الصحافة السودانية ينشر الاسبوع القادم "إن مبدأ لا أكراه في الدين هو أساس إمكانية أن يكون المرء مسلما، فالايمان يقتضي بالضرورة المنطقية إمكانية الكفر. لذلك لا بد أن يكون اعتناق الاسلام كدين عن طواعية وحرية كاملة في الاختيار وقبول الاسلام أو رفضه. من عقيدتي كمسلم أن الله سبحانه وتعالى هو القادر الاوحد على محاسبة البشر على معتقداتهم الدينية، وذلك بالنص الصريح والقاطع لعشرات الآيات في القرآن. كما أن القرآن يفترض امكانية الاسلام ثم الارتداد ومع ذلك يقول بأن الله هو الذي يحاسب المرتد وهذا يعني أنه لا يصح دينا محاسبة المرء على الردة في هذه الحياة الدنيا.."


    واضاف النعيم وهو أستاذ القانون بجامعة إيموري بالولايات المتحدة "من هذا المنظور الاسلامي فإني أقول أولا بأن من حق أي شخص أن يسلم عن حرية كاملة وطواعية بدون أدنى قدر من الخوف أو الطمع. ولذلك لا ضير اطلاقا في اختيار بعض الناس للالحاد أو اعتناق بعض المسلمين للمسيحية أو غيرها من الأديان. في رأيي الشخصي أن الإلحاد أو اعتناق غير الإسلام هو اختيار خاطئ، لكني أحترم تماما حق أي انسان في أن يفعل ذلك في أي زمان ومكان، وأضيف كذلك أن ضمان حرية الاعتقاد هي من أهم الحقوق الاساسية لأنها تضمن لي حرية التدين كمسلم كما تضمن لغيري حق التدين بأي دين أو اعتناق الإلحاد، فكيف أطالب بهذا الحق لنفسي إذا كنت أمنعه عن الآخرين".


    وأوضح " لكني أيضا أرى في ظاهرة الخروج على الاسلام دعوة للمسلمين في النظر إلى الأسباب. فإذا كنا نقدم الإسلام بصورة مغرية وجذابة كدين للسماحة والعدالة والسلام، فسوف يعتنق الناس الاسلام بحرية وقناعة وليس خوفا من عقوبة الردة أو العنف الفردي ممن ينصبون أنفسهم أوصياء على معتقدات الناس على عكس مقتضى المنطق وصريح نص القرآن.."


    وقال الدكتور عبد الله النعيم " من يقول إن المجتمع قد يتضرر من حرية الملحد أو المرتد وأنا أقول إن الضرر الأكبر هو في إكراه الناس على الدين وهو ما يخالف صريح نص القرآن، علينا كمجتمع أن نقنع الناس بالدخول في الإسلام والبقاء عليه عن طواعية ولكن لا يحق ولا يمكن أن نكرههم على الايمان، ومحاولة الإكراه إنما تؤدي إلى النفاق حيث يعلن المرء الايمان خوفا من العقوبة أو العنف من البشر وليس عن قناعة ذاتية. ومصلحة المجتمع هي في إشاعة نموذج الإسلام الحق في العدل والسلام والمحبة حتى نغري الناس بذلك وليس بالإكراه في الدين والمعتقد.."

    وردا على سؤال عن كيفية تقييمه لتجربة طالبان ـ تنظيم القاعدة والتحولات التي خلقتها على مستوى العالم، قال النعيم وهو أحد تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه، مؤسس الفكر الجمهوري والذي أعدمه الرئيس السوداني الاسبق جعفر النميري عام 1983 "إن الفشل الحتمي لتجارب الدولة الاسلامية في السودان ينسحب على تجربة الطالبان في افغانستان ومزاعم تنظيم القاعدة الجهادي المتخلف، كما ينسحب على المملكة العربية السعودية.. "


    وقال النعيم "وأعيد هنا القول بأن مفهوم الدولة الاسلامية هو مغالطة ووهم لم يتحقق تاريخيا ولن يتحقق في المستقبل وأعيد القول كذلك إن العنف لا يخدم أي قضية، وصحيح أن حق تقرير المصير ومناهضة الاستعمار والتسلط الاجنبي من المبادئ العامة المقررة الآن بصورة لا تقبل المغالطة ولا التسويف إلا أن هذه الغايات المشروطة لا تحقق من خلال كبت الحريات وانتهاك كرامة الافراد والشعوب أو العنف الاهوج الذي نراه الآن في أعمال الجماعات الارهابية في فلسطين وانحاء أخرى من العالم الاسلامي أو على مستوى العالم قاطبة..."
                  

05-03-2008, 06:01 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    هل يعيش العرب الآن في ظلامِ القرونِ الوسطى؟!
    شاكر النابلسي

    -1-
    يُطلق بعض النقاد والمفكرين على العصر العربي الحالي، بأنه كعصر القرون الوسطى المظلمة.
    ====
    - قتل محمود طه وفرج فودة وحسين مروة وسليم اللوزي ورياض طه وكريم مروة وناجي العلي وشهدي عطيه وفرج الله الحلو وغيرهم، بدلاً من الحلاج ومهيار الدمشقي وجعد بن درهم والسهروردي وابن المقفع وغيرهم.




    http://almadapaper.com/sub/08-177/p11.htm
    _________________
                  

05-03-2008, 06:39 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)




    - لم تذكر ما قالت انه رد الشيخ القرضاوي علي السؤال الذي وجه اليه حول ادعائها للنبوة وانتقلت للحديث عن المفكر والسياسي السوداني محمود طه الذي أعدمه نميري حيث قالت:

    محمود طه الذي أعدمه نظام الرئيس النميري مسكين لم يدع النبوة وانما كان يقول انه مجدد للإسلام.

    إذن دعوتك كما تقولين ليست مخالفة لرسالة الاسلام وانما لتجديد رسالته وتجديد الروح الانسانية.

    - دعوتي ليست مغايرة لرسالة الإسلام.. أنا أقول لكم أتيت لأبعث الاخلاق من جديد -ماتت الأخلاق- الرسول محمد صلي الله عليه وسلم كان يقول اتيت لأتمم مكارم الأخلاق لأنه كان حينها عندما جاء بالرسالة أخلاقي فجاء ليتمم الأخلاق.




    http://www.al-majalis.com/forum/viewtopic.php?t=520&pos...587b74b4bb06fc6889f4
    _________________
                  

05-03-2008, 03:23 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    بين دعاة الإرهاب ودعاة التنوير
    مجدي خليل

    تم حرق كتاب طه حسين "في الشعر الجاهلي"، وفي عام 1947 قتل المفكر الإيراني أحمد كسراوي عقب فتوي الخوميني بذلك،وعام 1985 أعدم محمود طه على يد جعفر النميري وعصابته،



    http://freecopts.blogspot.com/2005_10_02_freecopts_archive.html
    ___
                  

05-03-2008, 03:42 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)




    تعقيب على ناصر بكداش

    عبد العزيز بادي :
    المشروع الإسلامي - أزمة تطور حضاري(2-2)

    بالرجوع لمقال الأستاذ بكداش (على المسلمين الآن مواجهة الحقائق التاريخية) إلى أن يورد في الفقرة الأخيرة من المقال (لهذا نرى أن الدعوى إلى عملية التجديد الديني في الإطار الإسلامي لهي دعوة حق وحقيقة ، أنها دعوة تفرضها مآلات الوضع والواقع السيئ الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية في ظل صراع الحضارات الدائرة وبعنف في عالم اليوم لذلك فإن النظر إلى بعض المسلمات التي فرضها الخطاب الإسلامي وإعادة تشريعها.. هي أولى المحاولات لتقديم عملية النقد الذاتي المطلوبة والتي يجب أن يتحلى بها كل المدافعين عن ذلك الخطاب...) ، ومن اجل ذلك وأكثر كانت الفكرة الجمهورية صادقة وشجاعة وحاسمة ، بأن قررت وبكل وضوح أن الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين - ولكي لا تجمح العقول المستعجلة المغرضة ، استدرك أن الإسلام يصلح ، ولكن لا تصلح رسالته الأولى وإنما تصلح رسالته الثانية. والرسالة الثانية هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فالرسالة الأولى شريعته لمجتمع القرن السابع ومجتمعات القرون المشابهة وسنته تكون شريعة للمجتمعات المعاصرة التي بلغت ما بلغت بفضل الله ثم بفضل التطوير المادي والتكنولوجيا). وبما أن الفكرة الجمهورية ، هي الفكرة السودانية الخالصة بحكم النشأة وإلا فإن الإفكار ليس لها وطن ، وإنما هي ميراث الإنسانية جمعاء. والتي لم يألُ صاحبها وتلاميذه جهداً في السعي والمثابرة على نشرها وتوصيلها للعامة والخاصة ، مبتدعين أساليب غير مألوفة ، مثل ما يعرف بالحملة ، وهي حمل كتب الفكرة والكتيبات التي تناقش قضايا الساعة ، ويدار حولها النقاش في الشوارع ، ودور العلم ، والأندية ، وكل ما هو ممكن ، وفكرة المنابر الحرة وأركان النقاش ، التي ابتدعها وأسسها الجمهوريون ، وهم يرون ألا وسيلة للتوعية إلا بها والحاجة إليها الآن ماثلة. فكرة في هذه القامة كان يفترض أن تجد ملاحظة أو وقفة من الأستاذ بكداش ، لكن لا ضير ، فإني أعذره وأعذر الكثيرين ، لأن التشويه الذي وقع عليهما كبير ، وأن مالقيه صاحبها لم يحدث في التاريخ القريب ، أضف إلى ذلك عهد الغيهب ، والليل البهيم الذي بدأ في 30يونيو 1989م وأمتد سنيناً عدداً ، والآن والفجر الصادق بدأت تظهر خيوطه ، بفضل مجهودات مناضلي الحركة الشعبية ، وأحرار العالم ، وقلة من تلاميذ الرجل وآخرين من أحرار السودان ، لا أجد العذر لنفسي ولا لإخواني تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه من أن نعيد الكرة لحمل لواء هذه الفكرة ، هذه المذهبية العظيمة ، والتي رشح صاحبها أهل هذا البلد الطيب لتقديمها للعالم أجمع: (انا زعيم بأن الإسلام هو قبلة العالم منذ اليوم ، وأن القرآن هو قانونه ، وأن السودان إذ يقدم هذا القانون ، في صورته العملية المحققة للتوفيق بين حاجة الجماعة إلى الأمن ، وحاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة ، هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب ، ولا يهولن أحد هذا القول لكون السودان خاملا جاهلا صغيرا ، فإن عناية الله قد حفظت علي أهله من أصائل الطباع ، ما سيجعلهم نقطة التقاء أسباب الأرض بأسباب السماء) محمود محمد طه جريدة الشعب يناير 1951م. ثم وإني لما تطرقت لما لحق لهذه الفكرة من تشويه وأذى ، أرجو أن أطلب من الأستاذ بكداش والقراء الكرام أن يقرأوا مقالات الأستاذ راشد أبو القاسم الباحث والمحاضر بالمركز الإسلامي للدعوة والدراسات المقارنة المنجمة بصحيفة الصحافة مؤخرا 9 مقالات وردت تحت هذا العنوان (الجمهوريون الجدد والحلف الرجيم... بسم الله ثم يحترق الهشيم) وأن يتأملوه وينتبهوا لصاحبه الذي يريد أن يحرق في هذا العصر الذي أصبح فيه السلام ضالة البشرية والحاجة إليه حاجة حياة أو موت ، هو يريد أن يحرق أصحاب هذه الفكرة لأنهم في نظره قد شوهوا الإسلام وأساءوا إليه. وهم ببساطة يرون أن الإسلام ليس كما يراه صاحبنا الأستاذ راشد أقرأوا قول أستاذهم ولاحظوا ثقته واطمئنانه للإسلام فإنه يرشحه ليكون قبلة العالم كما جاء في النص السابق وفي هذا النص: (الإسلام عائد عما قريب بعون الله وبتوفيقه.. هو عايد ، لأن القرآن لا يزال بكراً ، لم يفض الأوائل من اختامه غير ختم الغلاف.. وهو عائد لأن البشرية قد تهيأت له ، بالحاجة إليه وبالطاقة به.. وهو سيعود نوراً بلا نار ، لأن ناره ، بفضل الله ثم بفضل الاستعداد البشري المعاصر قد أصبحت كنار إبراهيم بردأ وسلاماً.. إن العصر الذي نعيش فيه اليوم عصر مائي ، وقد خلفنا وراءنا العصر الناري.. هو عصر مائي أنه عصر العلم. العلم المادي المسيطر اليوم والعلم الديني - العلم بالله - الذي سيتوج ويوجه العلم المادي الحاضر غداً. وفي العلم تصان الحرية وتحقن الدماء وتنصب موازين القيم الصحائح...). أيضاً أرجو منك الأستاذ بكداش وكل قراء الصحافة أن تقفوا عند عبارة الأستاذ راشد: (...ولقد أفضى صاحبك الباشمهندس إلى ما قد قدم وأنت إن شاء الله به لاحق فشد حيلك (وسردب). ثم تعيدوا قراءة النص للأستاذ محمود عاليه مضافاً إليه هذا النص للأستاذ محمود أيضاً(:السلام هو حاجة البشرية اليوم.. وهو في ذلك حاجة حياة أو موت ، ذلك بأن تقدم المواصلات الحديثة ، الذي يحاول باستمرار أن يلغي الزمان والمكان ، قد جعل هذا الكوكب أضيق من أن تعيش فيه بشرية منقسمة على نفسها شاكة السلاح متحاربة). أقرأوا وتأملوا هذه المقالات للأستاذ راشد وقارنوا بينها وبين سعي البشرية الحثيث للتوافق ولاحترام الرأي الآخر. وإن الدساتير المختلفة لا تعتبر دساتير إلا إذا حوت كل القيم والتطلعات وحقوق الأقلية وانتفت فيها كل صور التمييز العرقي والديني وبسبب النوع وأضحى الناس سواسية أمام القانون ، تجلس السلطة الحاكمة ومعارضوها في مبنى واحد متساويين في الحقوق. ثم إن الأستاذ المحترم راشد وهو يورد هذا الوعيد للأخ د/عمر القراي مسئول أن عاجلا أو آجلا عن إعادة النظر في أسلوبه وتجنب مثل هذه التصريحات والتلميحات ، لأنه وضح جليا أنها الحافز والمشجع الأساسي للجماعات المتطرفة والمنفلتة التي لا تراعي القيم وحقوق الآخرين. حتى أصبح الغدر عندهم ديناً وشريعة ، أكثر من ذلك أصبحت المطالبة بإعادة النظر في المناهج القائمة على إلغاء الآخر ، وعدم الاعتراف به ورميه بعبارات التوعد والحث على جهاده ليس إعادة النظر فحسب بل المطالبة بإلغائها أضحت سافرة ولا يلبث أن تصبح موضوع حرب ومنع لأن البشرية لا يمكن أن تصرف الجهد والمال على ملاحقة ومطاردة الإرهاب وتفقد الضحايا الأبرياء من النساء والأطفال ومؤسسات تعليمية كبيرة _ علمت أم لم تعلم _ عملها الأساسي إعداد تفريخ وتخريج الارهابيين وماذلك إلا للجمود وعدم معرفة متطلبات العصر وحاجة وطاقة إنسانه ، ثم وهو الأستاذ راشد - عندما أشار للأخ د/ عمر القراي ولصاحبه الباشمهندس وأورد عبارة (سردب) لم تسعفه المعاصرة ودراساته أن يقف عند حكم المحكمة العليا (الدائرة الدستورية) التي أبطلت مهزلة قضاة المخلوع نميري في حق الأستاذ محمود محمد طه وبرأت ساحته. وكأنه بذلك التجاهل متمترس في موقعه ولم يغادره قيد أنملة ، وأنه يريد أن يسود ويستمر العهد الغابر ، عهد الظلام والظلاميين وأن يمنع الفكر والمفكرين ، وتقهر المحاولات الجادة لإعادة النظر في الكثير ، والذي يراه الأستاذ راشد من المسلمات عكس الأستاذ بكداش الذي يرى (الدين الإسلامي كغيره من الديانات التوحيدية مواجه اليوم في ظل التحولات العالمية الواسعة النطاق بعدة تغيرات وتبدلات جذرية في إطار تحديد مواقف واضحة وجلية من ضرورات عصرية راهنة وإعادة النظر في كثير ومعظم المسلمات السابقة على ضوء تلك الضرورات). فلنتأمل معاً: الأستاذ بكداش ، والأستاذ صاحب فكرة الحرق ، هذا الوجود الأجنبي الكبير في بلدنا الحبيب ، ولنسأل أنفسنا عن سبب ذلك ، متذكرين أننا قد نلنا استغلالنا قبل أكثر من نصف قرن ، مستصحبين نذارة الأستاذ محمود محمد طه: (قد يجلو الاستعمار اليوم أو غداً ثم لا نجد أنفسنا أحراراً ولا مستقلين وإنما متخبطين في فوضى مالها من قرار). تحققت النذارة تماما وأصبحنا معرضين لإشفاق الصديق ، وزراية العدو ، حيث لا يوجد بينهما موضع كرامة لنفس الكريم كما قال: الأستاذ محمود محمد طه. وعبركم جميعاً: الأستاذ بكداش ، وكل القراء ، أقول للأستاذ راشد: إن الأخ د/ عمر القراي وكل اخوانه تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه قد تربوا على نهج سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعايشوا أستاذهم الذي علمهم أن يختلفوا ويحاربوا الفكر لا صاحبه ، بل أكثر من ذلك صاحب الفكر يجب أن يحب ، لأنه غاية في ذاته وقد قال عن د/ الترابي: أفكار الترابي موضع حربنا أما شخصه فموضع حبنا ، وخير دليل على ذلك طلب الأستاذ محمود من تلاميذه الذين كانوا في جلسة منعقدة عندما ورد خبر وفاة الأستاذ الأمين داؤود وهو المعارض الأشهر للفكرة - قراءة الأخلاص وبإخلاص ، على روحه: (فهو الآن أحوج ما يكون إلينا) بتعبيره. لصالح المسلمين ، ولعونهم على مواجهة الحقائق التاريخية ، وتلبية لدعوة الأستاذ بكداش ، وللطفرة المادية الهائلة - التي وحدت العالم ، وأوشكت أن تلغي الزمان فإن على المسلمين: خاصة الذين نهلوا من العلم المادي ، أن يفيقوا وينتبهوا ويعطوا الدين الأهمية اللازمة والمرجوة ، ولا يتركوه لمن يسمى برجال الدين ، فإنهم قوقعوه ، حتى أصبح لا أثر له في الحياة المعاصرة ولا للجانب الآخر المتمثل في شكل الإرهاب ، الذي أصبح بين يوم وليلة بعبع العالم ، وإذ اختم هذه المداخلة عوداً على بدء ، فإن الفكرة الجمهورية للأستاذ محمود محمد طه عمل متكامل واجتهاد مقدر ، وأني لأرجو أن يجد فيها الأستاذ بكداش وكل من استحرت شمس الحياة الحديثة تحت مضجعه ضالته ، فإنه بات من المؤكد: المشروع الإسلامي - أزمة تطور حضاري-

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=47584
                  

05-04-2008, 02:42 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    عندما يضحك التاريخ ...كتاب جديد للاستاذ الصحفى حيدر طه
    ==========
    وعند المقارنة بين جعفر نميري والصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني وحسن الترابي وعبد الخالق محجوب باستثناء جون قرنق، نجدهم جميعا من أبناء الجيل الثاني في الحركة السياسية السودانية بعد " جيل أول" كان ممثلا في رموز ساطعة مثل إسماعيل الأزهري وعبد الله خليل والشيخ على عبد الرحمن وأحمد خير المحامي والدرديري محمد عثمان ومحمود محمد طه، نجد بونا شاسعا في الاستعداد الطبيعي أو المكتسب لخوض المعارك السياسية أو لتولي الرئاسة عبر التأهيل والتدريب والبيئة والتهيئة والظروف، وفرقا بعيدا في الوسائل والأدوات التي استخدمها كل منهم في الوصول إلى مركز النفوذ السياسي. وقد يكون جعفر نميري مختلفا عن الآخرين في الاستعداد والتأهيل والظروف والوسائل والأدوات، بل في المراحل والأهداف والشعارات والنهايات.




    http://www.maalinews.com/
    _________________
                  

05-04-2008, 04:45 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    خواطر من زمن الانتفاضة (7)

    المجاعة في غرب السودان عام 1984.. أزمة دارفور الراهنة... و" القفص الآيديولوجى" !!

    د. إبراهيم الكرسنى
    [email protected]

    لدى قناعة راسخة بأن معظم الأمراض الاقتصادية والاجتماعية التى يعانى منها السودان في الوقت الراهن قد بذر بذرتها الأولى جعفر نميرى منذ أن بدأ "قائدا لمجلس قيادة ثورة مايو" يسارية التوجه وإلى أن إنتهى بة المطاف "إماما للمسلمين " متحالفا مع مجموعات الهوس الديني . فقد أسست مايو، بشموليتها الخانقة وسياستها الاقتصادية الخرقاء، لنظام الحزب الواحد ولدولة الفساد المالي والإداري. لقد وجد رأس المال الطفيلي رحما خصبا في نظام مايو، الذى سن كل القوانين والتشريعات الكفيلة بحمايته إلى أن نما و ترعرع، مرويا بدماء شهداء الوطن الذين ضحوا بأرواحهم رخيصة دفاعا عن مصالح الشعب، بدءا بشهداء ود نوباوى، مرورا بشهداء يوليو 71، شهداء حركة حسن حسين 75 ، وشهداء يوليو 76، وإنتهاءا بتعليق الفكر على أعواد المشانق فى الوقفة البطولية الأسطورية للشهيد الأستاذ محمود محمد طه.



    http://www.sudaneseonline.com/news24.html
    _________________
                  

05-04-2008, 01:01 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ثقافة ثقافة ثقافة
    اعداد واشراف: د. وجدي كامل
    مدخل
    المحجوب.. القامة والمعنى
    سوف نعود كثيراً للتحية والاعتراف. نحتفي بذكرى المحجوب في ذكرى رحيله السادسة والعشرين وهو الذي تميز عن العديد من أبناء جيله وتوازي مع محمود محمد طه وعبد الخالق المحجوب واسماعيل الازهري وعلي عبد الرحمن.. وغيرهم في فضيلة الكتابة والتوثيق للافكار والتجربة. (موت دنيا) (نحو الغد) (الديمقراطية في الميزان) (قصة قلب) (قلب وتجارب) (الفردوس المفقود) (مسبحتي ودني) تلك بعض اهداءاته للذاكرة الثقافية الوطنية وهي وغيرها من اسهامات تستحق النظر بعين الانتباه



    http://www.mafhoum.com/ar/ar_index.htm


    http://72.14.205.104/search?q=cache:NG76flhEwTkJ:www.ma...ct=clnk&cd=274&gl=us
                  

05-04-2008, 01:02 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    خواطر من زمن الانتفاضة (12)

    بيني ... وبين الأستاذ محمود محمد طه ... والوالدة "نفيسي بت عسمان"

    د. إبراهيم الكرسنى
    [email protected]

    تعود علاقتي بالإخوة الجمهوريين إلى بداية السبعينيات من القرن الماضي ، حينما كنا حينها فى بداية حياتنا الجامعية . لقد جمعتنى الصدفة المحضة عند دخولي كلية الإقتصاد ، جامعة الخرطوم ، مع أخوة أفاضل من أبناء كسلا ، دخلنا معاً إلى كلية الإقتصاد ، ولاختزال علاقتي قوية ومستمرة مع العديدين منهم إلى يومنا هذا . كان المدخل إلى هذه العلاقة هو الأخ الفاضل عبد الإله محمد الحسن ، أستاذ الإقتصاد لاحقاً بجامعة الخرطوم ، والذي ينطبق عليه بحق المثل القائل " رب أخ لك لم تلده أمك "، فكان ولايزال نعم الأخ العزيز ، متعه الله بالصحة والعافية وله تحية الإعزاز والإكبار .



    قدمني الأخ عبد الإله ، والذى تعرفت عليه بحكم السكن فى داخلية واحدة " البركس " ، لبقية العقد الفريد من أبناء كسلا : محمد أحمد محمود ، بشير محمد إدريس ، مصطفى عبد الرحمن ، هاشم صالح ( أدروب ) ، عمر بخيت ( خال عبد الإله ) ، وبقية الإخوة من أبناء كسلا، حتى الذين يدرسون منهم فى الكليات الطرفية بالجامعة، كالزراعة والطب . حولت معرفتي بهؤلاء الإخوة الأفاضل مجرى حياتي تماماً ، حيث كنت قليل الإهتمام بمسائل الفكر والسياسة ، حتى دخولي جامعة الخرطوم . كنت حتى ذلك الوقت أهتم بأمور الرياضة أكثر من أي شيء آخر ، وكنت " هلالابى على السكين " !! وأذكر أنني أرسلت " جواباً " إلى حارس الهلال العظيم سبت دودو ، وأنا لازلت فى المرحلة الوسطى ، وطلبت منه إرسال صورته إلىٌ. دهشت حقاً حينما رد السيد سبت على رسالتي، لأنني لم أتوقع أن تصله أصلا، وحتى إن وصلته ، لم أكن أتوقع أن يقم حارس الهلال العظيم بالرد على شخص لا يعرفه، ناهيك عن أنه ليس سوى "ولد فنطوط ساكت من أولاد الأقاليم"!! ،لم يقم السيد سبت بالرد على فحسب ، بل ذهلت ، عندما وجدت صورة داخل الرسالة للسيد سبت، وهو فى كامل زيه الهلالي البديع، مثبت للكرة بين أقدامه، مذيلة بتوقيعه فى خلفها، مصحوبا بكلمات لطيفة، للأسف ما عدت أذكرها الآن !! كنت أحتفظ بهذه الصورة المفخرة إلى أن أتت عليها " عصا الترحال " اللعينة، فصرت لا أدرى حتى أين توجد الآن !! لم أكن مشجعاً لكرة القدم فقط ، بل كنت ألعب فى الفريق الأول للمدرسة الثانوية ، بل وحتى ضمن سداسي المدرسة ، وفريق نادي البركل الرياضي بدورى كريمة ... فتأمل !!



    وجدت فى أبناء كسلا نعم الإخوة والأصدقاء ، وبالأخص وجدت فى الإخوة عبد الإله محمد الحسن وبشير محمد إدريس ومحمد محمود إهتماماً بقضايا الفكر ، لم ألمسه من قبل فى حياتي ، بهذا القرب . تصادف دخولنا جامعة الخرطوم بداية عهد النظام المايوى، وما تبعه من حراك سياسي وفكري شمل مساحات واسعة من الساحة السودانية . كنت عندها أميل إلى اليمين ، بحكم الموروث الثقافي والديني الذى شكل خلفيتي الفكرية والإجتماعية فى ذلك الوقت ، حيث إننى أنتمى إلى أسرة دينية معروفة فى شمال السودان ، سوف أتطرق لها فى الوقت المناسب ضمن هذه السلسلة . لقد حول هذا " الثالوث " مجرى حياتي تماماً. فعن طريقهم تلمست طريقي نحوالقضايا الفكرية بمختلف مشاربها ، ولكن بالأخص قضايا الفكر التقدمي . كنا نهتم بكل ما تصدره المطابع، من داخل و خارج السودان، ونلتهمه إلتهاماً . كانت لنا جولات شهرية ، عندما تتوفر "المصاريف" ، على مكتبات العاصمة المثلثة ، و" أكشاكها " كذلك ، لإقتناء الجديد من الإصدارات للإطلاع عليها ، ثم عقد حلقات نقاش حول محتوياتها . لذلك كان الفكر هو مدخلي إلى الموقف، السياسة، عكس تجربة بعض القيادات السياسية، التي كان الموقف فيها هو المدخل إلى السياسة !!

    لقد قرأنا ، ودرسنا، بصفة شخصية، معظم الإصدارات التقدمية فى ذلك الوقت ، وفى مختلف فروع العلم ، وضروب المعرفة . حينما تعود بى الذاكرة إلى أيام الزمن الجميل ، لا أكاد أصدق بأننا قد قرأنا لمفكرين عظام بدءا بهيجل ، مرورا بابن خلدون وماركس ،وتولستوي ، وقرا مشى ، وكولن ويلسون ، وإنتهاءا بمحمود محمد طه ، والكثيرين غيرهم ، ونحن لم نزل طلاباً فى جامعة الخرطوم !! يالها من فترة مفعمة بالكسب المعرفي !!



    بدأت معرفتي بالإخوان الجمهوريين خلال تلك الفترة ، حينما كنا نعقد جلسات حوار مسائي ، نحن الأربعة ، مع الأخ أحمد المصطفى دالي ، له التحية والتقدير ، ومعه شخص أو أثنين آخرين ، حول الفكر الجمهوري فى ركن قصي ب" قهوة النشاط " ، بالقرب من قسم الجغرافيا حالياً ، بعيداً عن مواقع " الخلط " المعروفة بتلك القهوة الشهيرة . كانت حوارات جادة وممتعة ومفيدة فى ذات الوقت . وكان ذلك قبل قيام " أركان النقاش "، بصورتها المعروفة حاليا، و التى كان للإخوان الجمهوريين فضل تأسيسها ثم إنتشارها ، ليس على مستوى الجامعات والمعاهد العليا فقط ، وإنما على مستوى السودان بأكمله . إنني أعتقد بأن تلك الحوارات قد ساهمت، ولو بدرجة بسيطة ، فى بلورة فكرة " أركان النقاش " المعروفة الآن فى الأوساط الطلابية فى جميع الجامعات السودانية . إن كان هناك فضل واحد يذكر للإخوان الجمهوريين على مجمل الحركة الفكرية والسياسية فى السودان، فهو نجاحهم فى تحويل مجرى الصراع السياسي من ساحة المعارك ب " السيخ "، إلى ساحة المعارك " الفكرية " ، التي لم تسلم هي الأخرى من " سيخ " الجماعة ، الذي أصاب معظم الإخوة الجمهوريين ، ولكن القدح المعلى كان من نصيب الأخ أحمد دالي . صحيح أن تنظيم الجبهة الديمقراطية قد رفع شعار " إحلال الفكر محل الإثارة "، بعد أحداث الفنون الشعبية بقاعة الإمتحانات بجامعة الخرطوم فى عام 1968 م ، الإ إنه لم ينجح فى تحويله إلى واقع ملموس كما فعل الإخوة الجمهوريين ... وهنا يكمن الفرق الجوهري بين مرحلة " الشعارات "، ومرحلة الفعل الناجم عن دراية و معرفة !!.



    لقد أكسبنا الحوار مع الإخوة الجمهوريين العديد من المعارف والمفاهيم الجديدة ، أضافت هي الأخرى بعداً عميقاً للدين الإسلامي الحنيف وجعلت من فهمنا له أكثر إستنارة وعصرية ، وفوق هذا كله، فقد إكتسبنا منهم أدب الحوار مع الآخر المختلف عنك والمخالف لك فكرياً وسياسياً، دون أن يفسد ذلك للود قضية !! لقد كان شعار الإخوة الجمهوريين فى ذلك الوقت ، " الحرية لنا ولسوانا " ، شعاراً مثالياً جاذباً ، وبالفعل لم يفسد الإختلاف الفكري ، وإختلاف الرأي ، مع الإخوة الجمهوريين العلاقات الودودة والحميمة التي جمعتنا بهم ، وإلى يومنا هذا . فى ذات الوقت الذي أفسدت فيه إختلافات الرأي، معظم علاقات الود التي كانت قائمة ، حتى بين من ينتمون إلى مدرسة فكرية واحدة ... فتأمل !!



    قمت ب " تجنيد" شقيقى الأكبر ، سعد ، أثناء دراستي بجامعة الخرطوم، حيث عرفته بالإخوة الجمهوريين الذين إنتمى لهم حتى وقتنا الراهن . وقد قام الأخ، سعد، ب "تجنيد" أخونا الأصغر، خليل، والذي ترك هذا المسار السياسي تماماً، كما أعتقد، بعد إعدام الأستاذ، ومهزلة ما سمى ب “الاستتابة"، كما سنرى لاحقاً. إذن فقد كان لجميع أشقاء الأسرة ، فيما عدا أكبرنا ، علاقة ما بالفكر الجمهوري والجمهوريين ، حيث تم تصنيفي من قبلهم فى " خانة " صديق ، فى الوقت الذي أعتقد أن علاقتي بهم هي أعمق من ذلك بكثير ، حيث أعتبر نفسي حليفاً فكرياً لهم . لأنني مقتنع تماماً بأن السودان لم يتضرر طيلة تاريخه الحديث، أكثر من " مجموعات الهوس الديني "، كما يسميها الإخوة الجمهوريين ، أو " تجار الدين " ، كما يحلو لي تسميتهم ، التي سعت وأقامت الدولة الدينية ، من فوق أسنة الرماح ، غير عابئة بالاختلافات الدينية أوالعرقية أوالإثنية أوالثقافية بين أبناء وبنات الوطن الواحد . لذلك تجدني دائماً من أكثر المنافحين ضد قيام دولة دينية فى السودان ، ومن أكثر المتمسكين بشعار " الدين لله والوطن للجميع " !!



    لم تجمعني بالأستاذ محمود محمد طه علاقة شخصية ، على الرغم من حضوري لمعظم ، إن لم نقل جميع ، محاضراته التي كان يلقيها في الجامعات ، وبالأخص في جامعة الخرطوم . وقد حضرت بعض لقاءات الأخوة الجمهوريين بمنزلهم العامر بالحارة الأولى بمدينة الثورة ، وإن كانت قليلة ونادرة، و فى حضور الأستاذ محمود ، إلى أن غادرت السودان للدراسة في الخارج . لكن تلك العلاقة شابها نوع من الفتور بعد أن أعلن الجمهوريون تأييدهم السياسي ، وبلا حدود لنظام جعفر نميرى، تحت زعم أنه قد وقف حاجزاً، أو سداً منيعا، بين " الطائفية " وبين الشعب السوداني ، حيث أعتبر الإخوة الجمهوريين بأن أكبر مهدد للسودان والسودانيين هي الطائفية . كنا نختلف معهم جملة وتفصيلاً في هذا الموقف الذي دفعوا ثمنه غالياً، كما سيتضح لاحقاً.



    حينما رجعت إلى السودان نهائياً في منتصف العام 1982 م ، قادماً من إنجلترا بعد أن أنهيت دراستي العليا بها ، أخبرني أشقائي ، وبعض " أصدقاء " الجمهوريين برغبة الأستاذ في مقابلتي . كان واجب فارق السن والمقام والاحترام والمكانة الفكرية يوجب على الذهاب لمقابلة الأستاذ، ناهيك عن العلاقة التي أصبحت تربطه بأسرتنا، من خلال أشقائي.لكن الخلاف السياسي المدفوع بعنفوان الشباب حال تماماً دون إتمام تلك الزيارة ، حيث كان الأستاذ والإخوة الجمهوريين في قمة تحالفهم السياسي ودفاعهم عن النظام المايوى في ذلك الوقت . لم أتشرف بلقاء الأستاذ بصورة شخصية إلا بعد خروجه من السجن في منتصف ديسمبر 1984 م، وقبل إعدامه بحوالي خمسة أسابيع!! وأعتقد أنني كنت سأكون حاسراً إلى اليوم إن لم أقم بزيارة الأستاذ وقتها، لأقدم واجب " التهنئة " بمناسبة خروجه من السجن ، بعد معارضته لقوانين سبتمبر الغبراء !! بمعنى آخر بعد أن أصبحنا " أخوان ولاد قفص سياسي واحد " ... فتأمل !! سوف أتطرق لهذه المقابلة بالتفصيل في سياق حديثي عن اعتقال واغتيال الأستاذ الشهيد ضمن الحلقة الثانية من هذه السلسلة.





    أعود الآن لعلاقة والدتي المرحومة، نفيسة عثمان محمد بابكر، أو " نفيسي بت عسمان " ، كما يحلو لأهل شبا مناداتها ، بالأستاذ محمود محمد طه . فقد كانت، رحمها الله رحمة واسعة وأحسن

    إليها وجعل الجنة مثواها ، إمرآة صنديدة ومستنيرة, كما سيتضح في ما بعد. فهي، مثلي تماما، قابلت الأستاذ مرة واحدة في حياتها. الفرق بين لقاءينا له هو، أنها قد أمضت معه يوما كاملا، في الوقت الذي لم امضي معه سوي سويعات قليلة !! لكم أن تتأملوا مدي تعثر خطي !! أمضت والدتي- عليها رحمة الله – ذلك اليوم في معية الأستاذ محمود بمنزل الإخوان الجمهوريين الكائن بالحارة الأولي بمدينة الثورة ،بعد أن حضرت إليه خصيصا من قرية شبا لمشاورته في أمر اسري هام يتعلق بزواج شقيقي سعد. حينما تمت هذه الزيارة، كنت لا أزال بانجلترا، لكنني سمعت عن أخبارها و كذلك عن الهدف من ورائها، ولكنني لم ألم بتفاصيلها، إلا بعد رجوعي إلي السودان في منتصف عام 1982م، نسبة لصعوبة وسائل الاتصال في ذلك الوقت!!



    كان أول ما قمت به بعد رجوعي من انجلترا، هو سفري إلي قرية شبا لمقابلة الأهل، وبالأخص الوالد والوالدة، عليهما رحمة الله. لقد أطلعت علي تفاصيل زيارة الوالدة إلي الأستاذ محمود أثناء تواجدي لفترة قصيرة في "البلد"، حيث كنت أود أن أعود إلي الخرطوم بأسرع فرصة ممكنة لاستكمال إجراءات تعييني كمحاضر بقسم الاقتصاد، وما يتبعه من جهد ووقت لتوفير وسائل الاستقرار لأسرتي الصغيرة ومباشرة عملي بصورة رسمية. كانت الوالدة مهمومة دائما بزواج الأخ سعد، حيث طالت فترة خطوبته لبنت خالنا الجمهورية زينب البشير عثمان، زوجته وأم أولاده لاحقا، والتي توفيت فيما بعد، وهي في ريعان شبابها، عليها الرحمة وعوضها الله فسيح جناته عن شبابها الغض.



    أصبح رد الأخ سعد، عند سؤال الوالدة له عن توقيت زواجه، ردا محفوظا بالنسبة للوالدة ، وهو أن الأستاذ لم يأذن له بعد!! لم تكن الوالدة مقتنعة بهذا الرد لأن الأخ سعد قد كان، و لا يزال، جمهوريا "على طريقته الخاصة"، على حد وصف أديبنا الطيب صالح لصديقه "منسي". لهذا قررت الوالدة السفر إلي الخرطوم خصيصا للقاء الأستاذ ، ولتسمع من" اضانو " الرد في هذا الموضوع الحيوي الهام بالنسبة لها.

    بدأت أسئلتي للوالدة عن موضوع زواج الأخ سعد، أثناء "قعدتنا" المفضلة في "التكل" وهي تعد " القراصة " للفطور، بالسؤال الذي كانت تتوقعه مني، وهو كيف كانت رحلتك إلي الخرطوم ولقائك بالأستاذ وموضوع زواج سعد ؟ حكت لي الوالدة بسعادة غامرة عن لقائها بالأستاذ، ومدي الترحاب والكرم والاحترام الذي وجدته منه شخصيا، وكذلك من بقية تلاميذه . وكذلك حكت لي بالتفصيل عن اليوم الكامل الذي أمضته في معيته ... حكت لي عن نوعية وكيفية أكلهم ، وعن كيفية جلوسهم داخل المجلس ، طريقة وأسلوب حديثهم ونقاشهم ، الهدوء والأخلاق العالية التي يتمتع بها الأخوة الجمهوريين .الخ.خ . باختصار فقد حكت لي كل ما علق بذهنها من تفاصيل ذلك اليوم “ التاريخي " في حياتها، ما عدا موضوع زواج الأخ سعد. باغتها ساعتئذ بالسؤال ، " طيب يايما الأستاذ قال ليك شنو في موضوع زواج سعد " ؟



    تنهدت الوالدة قليلا ثم ردت ، " والله يا ولدي ما سعلتو " !! سألتها " كيف يا يُمة وأنتي ده الموضوع الموديكى من البلد " ؟ ، فردت ، " والله يا ولدي الراجل ده تقول عندو" طيلسان" !! وكلمة " طيلسان " هذه هي لغة الوالدة الخاصة التي تعبر بها عن حالة تعتري الإنسان حينما يقع تحت تأثير إنسان آخر، يفقد فيها الأول اللب والشعور، بفضل وقع " طيلسان " الأخير عليه !! هي في اعتقادي مرتبة من مراتب التصوف، وبالتالي تصبح " طيلسان " حالة وليست كلمة !! يعيشها الإنسان وهو في حالة انجذاب صوفي كامل، أو نحو ذلك !! أعدت عليها السؤال مرة أخرى . تنهدت هي، مرة أخري كذلك، ووصفت لي المشهد كالتالي، " أول ما دخلنا رحب بينا محمود، والجماعة المعاهو، ترحيب شديد خلاس ،بعد داك قام محمود سعلني عن كل الأهل، حتى إنت البعيد في لندن سعلني منك ومن أحوالك "، قالتها بصيغة تعجب !! ثم واصلت الحديث، "بعدين محمود قعدلو فوق كرسي وباقي الناس كانوا قاعدين في الواطة .. اها سعد أخوك مشي " وسوسلو " في " اضانو" ... آبعرفو قالو شنو ؟! بعد داك هم انشغلو في السوا البيسوا فيها ديك لامن اتغدينا والواطة مغربت ... قمنا قلنا أخير نمشي نرجع لي بيت محمد، " شقيقي الأكبر الذي رافقهم في تلك المهمة “، في بحري. ودعناهم ومشينا ... والله العظيم تصدق انو محمود أبي ما يرجع لامن وصلنا محل التكسي، " شارع الثورة بالنص "، ووقفلنا التكسي و بعد ما ركبنا ، حتن ودعنا " !!

    فقلت لها ، " يوم كامل يا يما تقضيهو مع الراجل وما تقضى غرضك منو، وما تسأليهو ؟ ! " ، فردت على ، " نان أنا من الصباح قعد أقولك في شنو ! أنا أقولك الراجل عنده " طيلسان " ، ترجع تقول لي مالك ما سعلتيهو ؟! " . تكاد تلك اللحظات تكون من أجمل وأروع ما روته لي الوالدة العزيمشاهد،شاهد ، وما أكثرها . فقد لخصت لي شخصية الأستاذ محمود الفريدة والمتفردة بلغتها الخاصة. ومنذ ذلك الحين كان إعجابها الأسطوري بشخصية الأستاذ محمود ودفاعها المستميت عنه، حتى عند تكفيره وبعد

    استشهاده.

    تصوروا معي امرأة قاطنة في شمال السودان ، وتعيش في وسط محافظ تماماً ، وفوق ذلك تعيش وسط عائلة هم " مشائخ " خلاوى البلد ، ثم يأتي من يتهم فلذات أكبادها بالردة والخروج عن الدين ؟!! هذا ما سوف أرويه لكم، مع ما دار بيني وبين الأستاذ في لقائي الوحيد به، في الحلقة القادمة بإذن الله.


    from Sudanile.com
                  

05-04-2008, 01:13 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    كوبر.. ذاكرة سجن.. (3)

    كان الطبيب الشفيع خضر القيادي الشيوعي يغوص بجسده في الأريكة العتيقة والفخمة بحجرة الاستقبال في منزله ويتطلع الى الأوراق التي كانت على الطاولة، أوراق ذاكرة سجن كوبر ذلك المعتقل الذي صار جزءاً من حياة أعداد لا تحصى من البشر، وتحول الى ما يشبه كائناً يسكن في الخيال، لقد كان الاعتقال الطويل بالنسبة إليه شيئاً قبيحاً وانتهاكاً فظاً للآدمية يحتوي آلية لتحطيم الانسان ويسد الطريق أمام تطور وعي الشخص بنفسه وعالمه، ولكنه كان أيضاً مدرسة لتعلم التاريخ والفلسفة واللغات والفيزياء الى جانب الطهو وعزف العود والتلحين واخراج المسرحيات، وفرصة نادرة يخاطب فيها جوهر الانسان جوهر انسان آخر في ظروف تغيب فيها صراعات الحياة الخارجية وحساباتها، ويخاطب فيها المعتقل أخاه السجان، ويخاطب السجان أخاه المعتقل.لقد دخل كوبر حوالى العام1981 حتى أطلق سراحه على أيدي الجماهيرالتي اقتحمت الأبواب صبيحة السادس من أبريل وكان قد نقل الى سجن شالا بالفاشر لمدة عام ثم أعيد ثانية، وكانت الطائرة تأتي أسبوعياً من الخرطوم الى الفاشر حاملة معها تأييد اعدام شخص أو أكثر، وقبل يوم من وصولها يبدأ محكومو الاعدام يكثرون الصمت والاختفاء، وكان صوت الطائرة وهي تستعد للهبوط في المدينة يسمع له دوي مرعب في السجن، عندها يختبئ كل محكوم في زنزانته فلا يعود يراه أحد حتى تحين ساعته. وللمشانق وقع خاص على النفوس يختلف من شخص لآخر، ومن ذلك أن أحد المحكومين في كوبر وضع في زنزانة الاعدام التي يدخلها الشخص ليقضي فيها آخر لياليه في الحياة، ولكنه لم يكن متوتراً أو مرعوباً، لقد كان رجلاً شاعراً أو حافظاً للأشعار اذ ظل يترنم بمقاطع من الدوبيت طيلة ليلته تلك، ويقال إن ترنيمته لم تتوقف الا لنطق الشهادتين، ولمشنقة كوبر صوت لا يبرح ذهن من يسمعه، حينما يجذب الجلاد ذراع آلة الشنق وتنفتح الكوة بسرعة فائقة تحت الجسد.
    وجدران السجن الحجرية تلوح كسجل حي لأناس كانوا هنا ذات يوم، لقد وجد في زنزانته الضيقة بالغربيات اسم حارس المرمي الأسطورة سبت دودو يور، وأخبره رفيق أنه وجد اسم والده محفوراً على جدار في بعض أنحاء السجن فذهبا معاً وكتب اسمه جوار اسم والده، وكان بعض الضباط الجدد يمنعون هذا التدوين التذكاري على الحيطان، ولكن الضباط القدامي كانوا يتفهمون الأمر، وربما كانوا مفتونين به سراً.

    اعدام محمود محمد طه
    عندما عاد من شالا الى كوبر وتم تحويله للمديرية بدل الغربيات وكان السجن ممتلئاً بالجمهوريين، كان الشفيع محتجزاً في المديرية ومحمود في الغربيات، وبحكم علاقته الوطيدة مع الجنود طلب زيارته فسمح له، وفي مساء الخميس السابع عشر من يناير وقبيل يوم واحد من اعدام الرجل دخل عليه في زنزانته وجلس معه فترة طويلة، كانا يجلسان على برش ويأكلان تمراً كان عندهما، وتحدث محمود عن أفكاره وعن الهوس الديني والمتاجرة السياسية بالدين، وقال انه يرى انهيار النظام في غضون أسابيع أو أشهر، وأخبره أن جماعته الشيوعيين أصدروا بياناً (ارفعوا ايديكم عن محمود)، وبدا له محمود رجلاً ثاقب النظرة ومن طينة نادرة، رصيناً رابط الجأش. وفي طريق العودة للمديرية أخبره العسكري أن أمراً (بطالاً) سيجري فيما يبدو اذ أتي جند كثيف من خارج السجن، وحينما وصل الى العنبر وجد النميري يتلو تأييد حكم اعدام محمود على التلفاز.
    وكان قسم المديرية ملاصقاً لحوش الطوارئ الذي أسماه النميري ساحة العدالة الناجزة، وفيما كانت اجراءات صارمة تنتظم السجن تلك الليلة صمم المعتقلون في المديرية على رؤية الرجل غداً صباحاً وهو يمشي ليواجه مصيره، وهكذا راحوا ينقبون الجدار الحجري طيلة الليل، وكان أبو بكر الأمين صاحب الجهد الأكبر حتى تمكنوا من خلع أحد الحجارة الضخمة من مكانه وانفتحت لهم كوة سرية تطل على ساحة العدالة الناجزة.

    سير محمود الى مصيره
    وفي منتصف نهار الجمعة الثامن عشر من يناير سار محمود بثبات نحو المشنقة، وكان رجلاً نحيل البدن كبير السن يمشي متمهلاً، وكانت الساحة ممتلئة بأنصار إعدامه الذين يهتفون: زنديق زنديق يا محمود..لا إلحاد ولا شيوعية.. وكان مغطى الوجه فأمر القاضي المكاشفي طه الكباشي بكشف وجهه- ليرى الناس يشتمونه كما روى أحد حراس السجن حينها - وفي اللحظة التي كشف فيها عن وجه محمود صمت الناس كلهم صمت القبور، كمايصف الشفيع وفي لحظة واحدة أخذ كل المعتقلين يهتفون بصوت واحد: شهيد شهيد يا محمود.. فاشي فاشي يا كباشي..سفاح سفاح يا نميري.. وبحلول ظهيرة تلك الجمعة أمر كباشي بالتنفيذ، ولف حبل المشنقة الغليظ حول رقبة محمود.
    وكان ذلك الصباح قد شهد اعدام عدد من الناس منهم الواثق صباح الخير، وقطعت أيادي البعض من خلاف، وحمل الحراس تلك الأيادي وساروا فوق الأسوار وهم يرفعونها ليراها الناس.

    أمواج الانتفاضة
    كانت ارهاصات الانتفاضة تأتيهم من الحزب وهم داخل المعتقل، كانت البلاد تغلي في الخارج وكانوا يتابعون أولاً بأول تلك الأصداء، وفي فجر السادس من أبريل شعروا بتلك الحركة غير الاعتيادية في محيط السجن، حركة في كوبري القوات المسلحة وفي سلاح الاشارة المجاورين، وفي اللحظات التي كانوا يسمعون فيها بيان المشير سوار الدهب على التلفاز، انطلقت هتافات تشق عنان السماء، لقد كانت أمواج الناس تحيط بالسجن، وحاول أحد الحراس اطلاق أعيرة نارية في الهواء فانتهره المعتقلون فما كان منه الا أن ابتسم وراح يتفرج على الناس الذين راحوا يتسلقون الأسوار العالية ويقفزون الى الداخل في مشهد درامي، وصعد المعتقلون على سقوف العنابر فرأوا الجموع، وكانت هناك مقطورة تقف جوار ساحة العدالة الناجزة، وكان الناس يحملونها كالريشة ويحطمون بها باب العدالة الناجزة ويهتفون: شعب أكتوبر يكسر كوبر.. شعب أكتوبر يكسر كوبر.. ودخل الجميع الى السجن، وكانت بينهم زوجة محجوب شريف الذي كان يقف بين الحشود ويلقي قصائده.

    http://www.rayaam.sd/News_view.aspx?pid=155&id=10926
                  

05-04-2008, 11:43 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    (أجراس الحرية) في حوارها مع البروفيسور عبد الله أحمد النعيم:

    علمانية الدولة لازمة لمستقبل الشريعة في المجتمعات الإسلامية

    أنا أدعو لفصل الدين عن الدولة وليس لفصل الدين عن السياسة

    أنا لا أدعو الي إعتماد المرجعية البشرية العقلانية علي حساب المرجعية الدينية

    الإسلام يتسامى بكرامة الانسان الى قمم أرفع من الخطاب المعاصر لحقوق الانسان

    أجرته: لبنى عبد الله

    * لماذا يتخوف الناس في الدول الإسلامية من المفهوم العام للعلمانية، وهل فهمك أنت للعلمانية يختلف عن هذا الفهم العام، وهل أنت حقاً تدعو إلى العلمانية؟

    - للإجابة عن هذا السؤال يجب أن أوضح أن عبارة الدولة الإسلامية لا يصح استخدامها إلا مجازاً بقصد القول أن غالبية سكانها من المسلمين، ولا يمكن للدولة نفسها كمؤسسة أن تكون إسلامية، الدولة كمؤسسة لا تستطيع الاعتقاد في أي دين ولا أن تكون متدينة، فبحكم طبيعتها كمؤسسة لا تقدر على العمل الديني ولا تكوين النية اللازمة لصحة العمل دينيا؛ لذلك فالدولة دائماً غير دينية، مهما زعم البعض أنها إسلامية، ولكن الأفراد الذين يعيشون فيها هم الذين يمكنهم الاعتقاد والتدين بالنية الخالصة اللازمة لصحة إسلامهم.

    وعند الحديث عن العلمانية نلاحظ أن هناك مفاهيم عديدة ومتنوعة للعلمانية ومتفاوتة في علاقتها بالدين، كما نرى مثلاً في كتاب عبد الوهاب المسيري (العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة- جزئين- دار الشروق 2002 م) بعض هذه المفاهيم المتطرفة في عدائها للدين، وتحاول إقصاءه عن الحياة العامة، وأخرى معتدلة في ذلك، بل داعمة وداعية لدور الدين في المجتمع، وأعتقد أن عامة المسلمين، وأنا منهم، يتخوفون من العلمانية المتطرفة، وهي تمثل رأي الأقلية حتى في الدول الغربية التي توصف بأنها علمانية، مثل بريطانيا وإيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة وروسيا اليوم، وحتى لدى غالبية الرأي العام في فرنسا.. ففي تلك الدول وغيرها في مختلف أنحاء العالم يفهم غالب الناس العلمانية بأنها التمييز بين السلطة السياسية للدولة والسلطة الدينية في المجتمع، وهي لذلك علمانية الدولة وليست علمانية المجتمع بإقصاء الدين عن الحياة العامة، وأنا أوضح كل هذا بالتفصيل وأدعمه بالبينات بمصادرها في كتابي (الشريعة وعلمانية الدولة) الذي صدر أولاً باللغة الأندنوسية في يوليو 2007 وسيصدر باللغة الإنجليزية في مارس 2008، كما يجري إعداد طبعته العربية الآن.

    أنا لا أدعو إلى اعتماد المرجعية البشرية العقلانية على حساب المرجعية الدينية، بل على العكس، فأنا أدعو لعلمانية الدولة، بمعنى حيادها تجاه المعتقدات الدينية من أجل مستقبل الشريعة في المجتمعات الإسلامية، وذلك يتحقق بالفصل المؤسسي بين الدين والدولة وليس بين الدين والسياسة، من أجل ضمان الظروف اللازمة لإمكانية التديّن الصادق والحماية من دواعي النفاق والغرض عندما يستخدم الحكام سلطة الدولة لفرض رأيهم على الآخرين. هذه المعادلة تقتضي التمييز الدقيق بين الدولة والسياسة، حتى يمكن الفصل بين الدين والدولة مع تداخل الدين والسياسة.. فالدولة هي استمرارية المؤسسات مثل أجهزة القضاء والأمن العام والدفاع والخدمة المدنية والتعليم والسلك الدبلوماسي، والسياسة تتمثل في الحكومة القائمة في أي وقت معين، وهي متغيرة وتفصيلية في تمثيلها للمصالح البشرية المتصارعة، ولذلك يجب أن تخضع لضوابط الدستور والحقوق الأساسية لجميع المواطنين.

    علمانية الدولة بمعنى حيادها تجاه المعتقدات الدينية أصلح لمستقبل الشريعة من تمكين الحكام لفرض آرائهم وخدمة أغراضهم باسم الإسلام، فصل الدين عن الدولة يحمي الشريعة من أهواء الحكام ويضعها لدى المسلمين، كل على مسئوليته الشخصية.

    لا يتسع المجال هنا للتفصيل الذي سيجده القارئ في الكتاب، ولكن يجب تأكيد أنه لا يمكن عملياً إبعاد المعتقدات الدينية عن السياسة والحياة العامة.

    إن سلوك الناخبين وكذلك القائمين على مؤسسات وأجهزة الدولة يتأثر بمعتقداتهم الدينية الخاصة، إلا أن ذلك لا يجعل الدولة نفسها دينية، أو إسلامية في حالة السودان، وإنما تؤكد حقيقة هذا الارتباط الدائم بين الدين والسياسة ضرورة تميز الدولة كمؤسسة يتشارك فيها جميع المواطنين على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم عن الإسلام كدين يختلف المسلمون أنفسهم في فهمه، حتى في إطار المذهب الواحد. فبما أن سلوك الحاكم إنّما يعبر عن فهمه هو للأحكام الشرعية وهو مجال اختلاف واسع ومتشعب بين المسلمين، فلا يجوز له ادعاء قداسة الإسلام لعلمه وعمله البشرى الناقص.

    * على حد قولك "إن إضفاء القداسة على المؤسسات وممارساتها تقليد سياسي قديم منذ أن قال فرعون (أنا ربكم الأعلى) وحتى الدعوة المعاصرة (لتحكيم الشريعة في الأوضاع القانونية" هل أطروحتك ترمي إلى نبذ هذه القداسة الملتبسة بالبرامج الكلية كمثل أي علماني.. أم أنّ جوهر أطروحتك هو تلطيف لهذه القداسة ورفع الغلظة الأيديولوجية عنها؟

    - أنا في سبيل رفع القداسة عن أي فكر أو عمل بشري، وخصوصاً عندما يدّعي له أصحابه قداسة الدين باسم الدولة الإسلامية، ولكن أقول بهذا من منظور مرجعية الدين الإسلامي نفسه وليس استناداً على مجرد العقلانية البشرية، أنا كمسلم أعتقد أن القداسة تحق لما هو إلهي، وليس للفهم والعمل البشري، وبما أن كل فهم للشريعة هو فهم بشري لذلك يجب أن تنتفي القداسة عن هذا الفهم البشري للشريعة، وأستطيع مناهضة جميع البرامج الكلية أو الشمولية لأنها دائما ظالمة ومحتومة الفشل، ولكن ذلك يصعب عليّ كمسلم إذا كان المشروع الشمولي يلتحف قداسة الإسلام، وعندما يظهر لي أن الأمر هو مجرد زعم بشري، يمكنني مناهضته مثل أي عمل بشري آخر..

    و نلاحظ هنا أن كلمة "دولة" لم ترد في القرآن، وإنما هي ضرورة عملية، تعارف عليها البشر على مدى التاريخ في جميع الحضارات. إلا أن شكل وطبيعة الدولة تختلف حسب السياق التاريخي والواقع السياسي لكل مجتمع. مع التفاوت بين المجتمعات الإسلامية اليوم لاعتبارات مختلفة، فإن مفهوم الدولة الغالب في العالم الإسلامي بما في ذلك السعودية وإيران والسودان، قائم على النموذج الأوربي للدولة الوطنية الذي أدخلها علينا الاستعمار، ولم تحدث منذ الاستقلال أي دعوة جادة لتغيير هذا الوضع، ولا يمكن ذلك في الواقع الدولي الراهن. فمن العجب العجاب إدعاء البعض أنهم يحققون الهوية الإسلامية على ذلك النموذج الغربي، فهذه مغالطة كبيرة.

    وحقيقة الأمر أنه لا يوجد نموذج إسلامي للدولة، وإدعاء هذا النموذج باطل من الناحية النظرية، كما لا يمكن تحقيقه عملياً في أي مكان، فكما قلت أعلاه، لا يمكن لأي دولة أن تكون إسلامية، وأي زعم بتطبيق الحكام للشريعة إنّما هو تطبيق ما تزعمه الصفوة الحاكمة. الدولة لا يمكن أن تكون إسلامية وإنما هي مؤسسة بشرية دائماً، ولا تستحق أن نضفي عليها قداسة الإسلام، وكل ما تشرعه الدولة من قوانين وتنفذه من سياسات لا يمكن أن يكون هو الشريعة الإسلامية، بل إرادة الحاكم السياسية. فالمبدأ الشرعي تصح له هذه الصفة عندما يمارسه المسلم طوعا وبالنيّة الصحيحة، وتنتفي عنه صفة الشرعية عندما يفرضه الحاكم قسراً من خلال مؤسسات الدولة.

    * هل تعتقد أن تطبيق المفهوم العام للشريعة يتعارض مع حقوق الإنسان وإلى أي مدى؟

    - إجابتي عن هذا السؤال تتكون من شطرين:

    أولاً، أي تطبيق للشريعة الإسلامية من خلال أجهزة الدولة بهذه الصفة أي باعتبارها الواجب الديني على المسلم يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان ومقتضيات الحكم الدستوري الديمقراطي؛ لأن ذلك يكون دائماً وفق فهم الحكام للشريعة، وفيه تمييز ضد المسلمين الذين يخالفوهم الرأي كما هو إسقاط لحقوق المواطنة لغير المسلمين.

    ثانيا، تطبيق الشريعة من خلال الممارسة الاجتماعية بين المسلمين خارج إطار مؤسسات الدولة إنما يكون وفق فهمهم واعتقادهم في الأحكام الشرعية، وهذا مجال للاختلاف و التفاكر والحوار بين المسلمين. على هذا المستوى أرى أن في الفهم التقليدي لأحكام الشريعة مخالفة لمقتضى الحكمة والعدل من المنظور الإسلامي، وهو لذلك يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان كما أفهمها وألتزم بها كمسلم. فالتمييز ضد المرأة وضد غير المسلمين ومصادرة حرية الاعتقاد في حكم الردة هي من نماذج انتهاك مبادئ العدل والكرامة الإنسانية من المنظور الإسلامي، كما هي انتهاك لحقوق الإنسان.

    وأنا شخصيا ألتزم بمنهج الأستاذ محمود محمد طه في الإصلاح الإسلامي الذي يحقق الفهم الصحيح للإسلام اليوم. ولكن هذا لا يمنعني من النظر في أي منهج آخر في الإصلاح الإسلامي يحقق الغاية التي أنشدها في رفع الاضطهاد عن النساء وغير المسلمين، وحفظ الحريات العامة لجميع المواطنين.

    وخلاصة الأمر عندي أن الإسلام نفسه يتسامى بكرامة الإنسان إلى قمم أرفع مما هو معروف في الخطاب المعاصر بمبادئ حقوق الإنسان. إلا أن الفهم السلفي التقليدي للشريعة الإسلامية بين المسلمين اليوم يخالف المرجعية الإسلامية كما ينتهك حقوق الإنسان.

    *هل يمكن حل التعارض بين الإسلام كما هو عند المولى عزّ وجل ثم النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام كما في فهم البشر؟ بمعنى من يحدد هذه المرجعية؟ أليس هم البشر؟

    * تتصاعد الإنسانية في فهم وممارسة الإسلام من الواقع البشري بين الناس إلى نهايات الإسلام المطلقة عند الله سبحانه وتعالى، كما تفيد الآية: "إنا جعلناه قراءنا عربياً لعلكم تعقلون، وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم".

    والإشكال هو أن بعضنا ينسب كمال الإسلام في تناهياته عند الله سبحانه وتعالى إلى فهمه هو البشري والقاصر، ودليلي كمسلم إلى الفهم الصحيح والمتصاعد للإسلام هو النبي عليه الصلاة والسلام لأنه معصوم وإذا أخطأ صححه القرآن. وعندما التحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى أصبح كل ما تم بعد ذلك من تحاور أو طرح أو حتى إجماع على أحكام الشريعة هو مجرد جهد بشري قابل للخطأ والهوى الإنساني.

    ولكن بما أن المرجعية من الناحية العملية هي للبشر في هذه الحياة الدنيا فيجب أن يكون الأمر بين المسلمين وخارج إطار مؤسسات الدولة التي تضمن الحقوق والمصالح على أساس الجهد البشري الذي لا تتحقق له القداسة الدينية. وفي هذا الإطار يتحاور ويتفاكر المسلمون في حرية تامة وصدق وقبول كامل لحق الخطأ بلا إرهاب ولا تقييد للرأي المعارض، وذلك لكي يعيش كل مسلم على حسب علمه وعمله المسئول عنه أمام الله.

    هذا هو غرض دعوتي لعلمانية الدولة، توفير الضمانات لكل مسلم ليلتزم بأحكام الشريعة كما يفهمها ويعتقد بها هو ويحاسب عليها أمام الله سبحانه وتعالى، وتبقى شئون الإدارة والحكم وفق القانون العام من مرجعية المواطنة بين جميع المواطنين.

    * مفهوم الدولة كمصطلح لديكم يقول بأنها نسيج متشابك من السلطات يقوم بالتوسط بينها والبرامج وفض النزاعات.. ألا يصادم ذلك القول بأن الدولة هي جهاز واحد يعبر عن سلطة (مصالح) مجموعة من الأفراد وليس كل الناس؛ بمعنى أن الدولة ليست ذات طابع ينطوي على المصلحة العامة؟

    الإجابة:
    كما سبق من القول يجب التمييز بين الدولة والحكومة.. فالدولة هي النسيج المتشابك من السلطات أو المؤسسات التي يتم من خلالها فقط توفير الأمن والقضاء، وتوفير الخدمات للمواطنين وضبط الإنفاق العام وما إلى ذلك.. فبحكم طبيعة مهامها تمثل الدولة الجانب الأكثر استقراراً وتروياً في عمليات الحكم، بينما تكون الحكومة القائمة نتاجاً للتنافس السياسي اليومي على تحديد وتطبيق السياسات العامة.. فالحكومة هي التي تحكم من خلالها مجموعة من الناس، والقائمون على أمور الدولة يتبعون فهمهم البشري في إنفاذ سياسات معينة وفق الضوابط الدستورية والمحاسبة القانونية والسياسية، وبهذا فمن المؤكد أنه يوجد اختلاف بين البشر في فهم المصلحة العامة مثلاً في تنمية موارد الثروة وتوزيعها والسياسة الخارجية وتوفير الخدمات، هذه المسائل يختلف حولها الناس على اختلاف الرؤى حول متابعة المصلحة العامة. والمطلوب هو حماية مؤسسات الدولة عن الرأي والغرض الضيق الذي تخدمه الحكومة أو الذي ينفذه الموظف باسم الدولة. فمثلاً قد يقوم ضابط في الإدارة المحلية بمنع نوع من السلوك أو يصادر عقاراً بفهمه هو بأن ذلك للمصلحة العامة، ولكن لابد من الاحتفاظ بالحق الدستوري على مستوى الدولة ليستطيع المتضرر اللجوء للقضاء في مواجهة أي عمل حكومي ضد مصلحته هو، وهذه المعادلة الدقيقة والصعبة تختل تماماً إذا سمحنا للقائمين على مؤسسات الدولة مثل القضاء والأمن العام الزعم بأن ما يقومون به من أعمال هو بمقتضى حكم الإسلام نفسه، ولتفادي هذا الخلط الخطير نقول بأن كل أمور الدولة والحكومة هي دائما عند البشر الخاضعين لسيادة الدستور والقانون، على أساس مرجعية المواطنة، ولا تكون أبدا مقدسة لأنها حكم الإسلام.. فالدولة والحكومة خاضعتان لحكم الدستور والقانون، ولكن لمؤسسات الدولة استمرارية وثبات في خدمة جميع المواطنين وليس فقط إسناد الحكومة القائمة.

    * ما الخطر من الدولة المتلفعة بالدين برنامجياً وسياسياً إذا صبّ كل ذلك في صالح الناس على مختلف أديانهم وأعراقهم وفي الخير والتقدم للجميع؟

    * لا يمكن لأي مؤسسة بشرية أن تحقق الحياد والمساواة وحقوق المستضعفين وهذا هو خطر جوهري في زعم الدولة الدينية، هنالك من يدعي أن الدولة الدينية خالصة من الفساد والغرض والهوى وأنا (عبد الله أحمد النعيم) أقول من يزعم هذا إما مضلل لنفسه أو مخادع للناس، لا يمكن أن يتم ذلك لبشر وأنا أصر على الاحتفاظ بالطبيعة البشرية للدولة، وإذا ادّعت الدولة بأنها دينية فلن يكون هنالك فرصة للمصادمة والمعارضة لأي سياسة حكومية. وإذا نفيت صفة الدين عن الدولة فذلك يوفر للمواطن فرصة في أن ينازع في أي أمر بدون إرهاب ديني. وفي نفس الوقت تبقى فرص الطرح السياسي للجميع، المسلمين وغير المسلمين في إطار المواطنة وليس العقيدة الدينية.

    * كثير من الحركات في العالم الإسلامي تستخدم اللغة الدينية لتصل إلى السلطة، وبعضها صار دولة كما في إيران، وبعضها تطالب بحقوقها بلغة الدين ومفاهيمه.. هل يمكن رفض ذلك بمجرد أن هذه المفاهيم دينية؟

    هذا السؤال يمكنني من توضيح ما أعني بقولي بضرورة فصل الدين عن الدولة مع ارتباط الدين بالسياسة.. الشطر الأول من هذه المعادلة يعني عدم نسبة قداسة الدين لأعمال موظفي الدولة في المؤسسات المختلفة مثل القضاء وتنظيم الاقتصاد. ولكن يحق للمسلمين الاعتماد الذاتي على عقائدهم الدينية في المجتمع.. فإذا أرادوا أن يتم تطبيق أي حكم شرعي من خلال أجهزة الدولة فعليهم تقديم الحجج الداعمة لذلك من غير الاعتماد على مرجعيتهم الدينية، وهذا ما أسميه مرجعية المواطنة والمنطق الوطني العام.

    ولتوضيح المعنى المقصود لنأخذ نموذج الربا مثلاً، فهو موضوع هناك خلاف في تعريفه وترتيب تبعاته. فأنا كمسلم محرم عليَّ دينا أن أتعامل بالربا كما أقبل تعريفه أنا على مسئوليتي الشخصية، وإذا فعلت فأنا محاسب على ذلك أمام الله، سواء منعت الدولة التعامل بالربا أم أجازته، ولكن إذا أردت أن يحرم القانون العام التعامل بالربا فعليَّ أن أقدم هذا المقترح من خلال التنافس السياسي بشرط أن أقدم له الأسباب الموضوعية التي يمكن لجميع المواطنين قبولها أو رفضها على أساس مرجعية المواطنة وليس لأن الربا حرام شرعاً عليّ أنا كمسلم. فالتحدي الذي يواجهني كمسلم هو أن أبين حكمة وعدالة تحريم الربا من غير استدعاء عقيدتي الدينية لدعم موقفي لأن غيري لا يشاركوني هذا المعتقد الديني، فإذا تم منع الربا قانوناً على هذا الأساس غير الديني فيمكن تغيير القانون في المستقبل إذا ثبت ضعف حجتي المدنية في الواقع العملي. وهذا غير ممكن إذا كان أساس المنع هو الزعم الديني.

    May 5th
                  

05-05-2008, 03:30 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    خواطر من زمن الإنتفاضة (13)

    بيني وبين الأستاذ محمود محمد طه ... والوالدة " نفيسي بت عسمان " (الحلقة الأخيرة)

    د. إبراهيم الكرسنى
    [email protected]

    كنت فى طريقي إلى منزل الإخوة الجمهوريين بأم درمان أتأمل في شخصية ومواقف هذه الشخصية الفذة . عندما أيد الأستاذ " ثورة مايو "، وهو السبب المباشر لعدم ذهابي لمقابلته في السابق، فقد أيدها بحماس وقناعة وشرف، وكما يقول أهلنا الطيبون، " الواضح ما فاضح " !! وحينما عارضها لاحقاً عارضها أيضاً بحماس وقناعة وشرف ، بل وقدم روحه الطاهرة فداءاً للشعب السوداني . إنه شخصية واحدة فى رجل واحد، وليس عدة شخوص في رجل واحد ، كحال معظم قياداتنا السياسية، التي تبدل جلدها، كما الحرباء، وفقا لمتطلبات الموقف السياسي !!



    ذهبت إلى الثورة بعد إطلاق سراح الأستاذ مباشرة، وقبل أن يصدر الأخوان الجمهوريين " منشورهم " الذي أسموه " هذا... أو الطوفان!!! " ، والذي أعتقد أنه قد شكل مرحلة فاصلة فى صراع قوى الإستنارة مع مجموعات الهوس الديني ، ليس على المستوى الفكري فقط ، وإنما على المستوى السياسي كذلك . أعتقد أن هذا المنشور، بالإضافة إلى المرافعة المقتضبة التي أدلى بها الأستاذ داخل “ المحكمة / المهزلة "، قد شكلا آخر طلقات " المدفعية الثقيلة " ضد قيام الدولة الدينية في السودان. وحينما تعطل " مدفع " قوى الإستنارة ، بإستشهاد الأستاذ ،فقد أتيحت الفرصة بالكامل لمجموعات الهوس الديني لفرض الدولة الدينية على الشعب السوداني ، من فوق أسنة الرماح !! أكد فرض الدولة الدينية من فوق فوهة البندقية، بأن الأستاذ محمود قد كان بالفعل القلعة الواقية للشعب من نيران مجموعات الهوس الديني ، مما أضطرها لهدم تلك القلعة بالمدفعية الثقيلة حتى تتمكن من فتح الطريق المفضي إلى قيام الدولة الدينية فى نهاية المطاف!! وقد كان لهم ما أرادوا بعد أن تواطئوا مع جعفر نميرى. وبالتالي فقد صار النميرى سدا بين قوى الإستنارة وبين الشعب السوداني، بدلا من أن يكون سدا بين الطائفية و الشعب، كما تنبأ بذلك الأستاذ محمود... فتأمل !!؟؟



    وصلت منزل الأخوان الجمهوريين بالثورة عصر أحد أيام النصف الثاني من شهر ديسمبر 1984 م. لا أتذكر بالفعل من الذي ذهب معي في ذلك الوقت. حينما دخلت المنزل، وجدت الأستاذ جالساً على كرسي، بينما تلاميذه و" حيرانه " جالسون على الأرض ، وهو بالطبع تقليد متبع راسخ عند الأخوة الجمهوريين، يدل على مدى إحترامهم وتوقيرهم للأستاذ. . حينما رآني الأستاذ انتصب واقفاً بقامته الفارعة ، وهو يرتدى " عراقي وسروال، ويتلفح ثوباً ". كانت ملابسه بيضاء ، ناصعة البياض ، وكأنه كائن ملائكي ، ثم أبتسم إبتسامة عريضة ، تذكرتها بتفاصيلها حينما شاهدت إبتسامته الصبوحة فى وجه جلاديه لحظة استشهاده . حييت الأستاذ تحية حارة ، ورد هو بأفضل منها ، حينما قدمنى له أحد تلامذته ، والذى لا أذكر أسمه الآن للأسف الشديد . أحسست بأن الأستاذ يعرفني منذ سنين ، وأعتقد أن هذا الإحساس ينتاب كل من تتاح له فرصة لقاء هذا الرجل الفذ . ولكن لهذا الإحساس سبب آخر . فقد كان شقيقي الجمهوري، سعد، يشبهني إلى درجة كبيرة، كلانا يعطى ملامح من الآخر لدرجة أن بعض الناس يخلطون فيما بيننا عند النظرة الأولى، وبالأخص في فترة الشباب. أذكر بهذه المناسبة حينما كان الأخ سعد يحضر فى إجازته السنوية من بور تسودان ، حيث كان يدرس فى مدرستها الثانوية ، كانت أهم توجيهات الوالدة، رحمها الله، له هو ضرورة تقديم واجب العزاء فيمن قضى نحبه من أهالي البلد وهو بعيداً عنها، بعد أن تقوم بحصرهم . أتذكر تماماً أن سعد يغفل راجعاً بعد فترة وجيزة لا تتناسب مطلقاً وعدد الوفيات التى ذكرت له ، فتبادره الوالدة بسؤال فى صيغة تعجب ، " ما شاء الله يا ولدى تراك خلصت بدرى " !! يرد الأخ سعد ، " والله يا يمه مشيت لى ناس فلان وفلان بس وجيت راجع " ، فتسأل بدورها بتعجب، " مالك يا ولدى ما تميتم " ؟ ! فيرد عليها الأخ سعد ، " والله يا يمه ما تميتم عشان الخيل تجقلب والشكر لى إبراهيم " !! ، بمعنى آخر كان الأخ سعد يقول بأنه لا فائدة من سعيه، حيث كلما يهم بمغادرة منزل العزاء، يقول له أهله، " بارك الله فيك يا إبراهيم " !!



    لذلك لم أندهش حينما تولد لدى إحساس بأن الأستاذ يعرفني منذ سنين ، نسبة للطف غير المعهود الذى يقابلك به، و الذي يفوق لطف السودانيين عند إستقبالهم لضيوفهم . حينما هممت بالجلوس أرضاً ، أمسك الأستاذ بيدي وأصر على الجلوس بجانبه على أحد الكراسي ، التى كان قد أحضرها أحد تلاميذه . حينما جلست بجانب الأستاذ لم يتولد لدى إحساس بالإختلاف أو التفرد عن بقية من هم جلوس على الأرض ، ولا ينبغي لي ، ولكن ما إنتابنى فى تلك اللحظة هو الإحساس بأننى في مرتبة " روحية " متقدمة، ولو قليلاً ، عن بقية الآخرين ، وإن كان ذلك لمجرد شرف الجلوس بجانب الأستاذ . سألنى الأستاذ عن أحوالي وأحوال أسرتي وعن أخبار الوالد والوالدة وبقية الأهل بشبا .



    عندها تولد لدى إحساس غريب، وكأنني أعرف هذا الرجل معرفة شخصية لسنوات طويلة خلت.وأحسست بألفة وحميمية تجاهه ، وبإنجذاب روحي غير عادى، وأنا في حضرته ، ذكرني ب " طيلسان " الوالدة العزيزة ، عليها رحمة الله، عندما إلتقته . بعد أن أديت واجب تحية خروجه من السجن ، والذي أمضى فيه قرابة العامين ، أذكر أننا تجاذبنا أطراف الحديث فى مواضيع عديدة ، ولكن ما علق بذهني هو نقاشنا حول قوانين سبتمبر الغبراء ، والتى أدخل الأستاذ السجن بسبب معارضته المبدئية والشرسة لها . أعتقد أن الأستاذ محمود قد علمنا جميعاً درساً عميقاً فى التأييد والمعارضة للأفكار والبرامج والمواقف السياسية . لقد علمنا أن نكون واضحين في الفكر حينما نؤيد وأن نكون أكثر وضوحاً من الناحية الفكرية حينما نعارض !! لقد إنطبق على موقف الأستاذ من قوانين سبتمبر بيت الشعر القائل :



    إذا كنت ذا رأى فكن ذي عزيمة فأن فساد الرأي أن تترددا !!



    وعندما كثر التردد عند قادتنا، كان هذا هو المدخل لدولة الفساد التى قضت على الأخضر واليابس في البلاد أو كادت !! أذكر جيداً ما قاله لي الأستاذ حول قوانين سبتمبر ، حيث قال ، " تعرف يا دكتور كل شر جواهو في خير، وربما أراد الله خيراً من وراء فرض النميرى لهذه القوانين ... إنشاء الله تبقى سبب عشان البلا يزول من البلد " !! كان ذلك قبل حوالي الثلاثة أسابيع من إستشهاده، وحوالي الأربعة أشهر من الإطاحة بالنظام المايوي ... فتأمل !!



    لم أكن مقتنعاً برأي الأستاذ فى ذلك الوقت ، أو حتى عند لحظة إستشهاده ، بقرب إنفراج الأزمة، ولكنني لم اقتنع بزوال البلاء إلا عندما تمت الإطاحة بنظام مايو تماماً بإنتصار إنتفاضة أبريل المجيدة، وحينما تغنى الأستاذ وردى برائعة محجوب شريف ، " بلا وإنجلى " !! حينها فهمت تماماً " رؤية " الأستاذ فى زوال البلاء من فوق أرض السودان، وعن جماهير شعبه، بعد ما يقارب السبعين يوماً من إستشهاده !! فيا لها من رؤية تفسر عقوداً من الفواصل الروحية بيني وبين الأستاذ !!

    وحينما هممت بالخروج قبيل صلاة المغرب بقليل ، أخذ الأستاذ بيدي إلى خارج المنزل ثم ودعني وداعاً حاراً عند باب عربتي ، قبل أن يغفل راجعاً إلى داخل المنزل ، ولكن بعد أن تأكد تماماً من أن العربة قد غادرت الحدود الجغرافية للمنزل ،وهو المهندس العالم تماماً بتلك الأمور. لا أذكر أنني قد مررت بموقف مشابه، إلا حينما قمت بزيارة العارف بالله الشيخ عبد الرحيم البرعى ، شيخ الزريبة ، عليه رحمة الله ورضوانه ، والتى سوف أروى تفاصيلها فى مناسبة أخرى بأذن الله . حينما أقارن موقف هاتين القمتين الروحيتين بمواقف زعماء " دينيين " آخرين ، لم يقوموا حتى بواجب الوداع عند باب المنزل ، حينما قمت بزيارتهم فى منازلهم بصحبة عدد من الإخوة ، يتأكد لي تماماً الفارق الكبير بين المواقف الروحية المتأصلة فى الإنسان المتدين بحق ، وبين المواقف " المتمسحة " بالدين، عند السياسي بحق ... ويا له من فارق !!



    ظلت حرارة وداع الأستاذ تسرى فى روحي ودمى منذ ذلك الحين ! وأعتقد أن هذه “ ترهات " لا يفهمها إلا أهل التصوف !! ولا زلت أذكرها حينما أتذكر الأستاذ، أو حينما تمر ذكراه العطرة سنوياً علينا ، والتى سوف أفرد لها حلقة خاصة من هذه السلسلة بإذن الله . ما كنت أعتقد بأن الأستاذ سوف يودع الدنيا بأكملها بعد وداعي له بنحو ثلاثة أسابيع فقط ، وكنت سأكون حاسراً بقية عمري كله لو لم أقم بمقابلة الأستاذ ، ولو لبرهة قليلة، مثل تلك التى شرفني بها وأمضيتها فى معيته ، قبل إستشهاده، و التى يكاد وقعها على يعادل عقودا من الزمن !! أصدر الأخوة الجمهوريين منشورهم ذائع الصيت ، " هذا ... أو الطوفان!! " بعد فترة وجيزة من زيارتي للأستاذ، والذي أعقبه إعتقاله مرة أخرى، ومن ثم إستشهاده ، على نحو ما هو معروف . لكن ما يتمنى من هذا الحدث هو الموقف الذي تعرضت له الأسرة، جراء ما خلفه من مواقف درامية، وبالأخص ما تعرضت له الوالدة العزيزة، عليها رحمة الله ورضوانه.

    أعقب إستشهاد الأستاذ إعتقال معظم الأخوان الجمهوريين فى جميع أنحاء البلاد ، حضرها وريفها على حد سواء . بل فى حقيقة الأمر لقد قام بعض الأخوان بتسليم أنفسهم إلى السلطات المختصة بعد التنفيذ مباشرة . وقد كان من ضمن المعتقلين أشقائي، سعد وخليل ، الذين تم ترحيلهم من شبا إلى سجن مروى ، التى يفصلنا عنها نهر النيل العظيم . وما يتمنى أكثر ليس موقف أشقائي فقط ، لأنه قد تم باختيارهم، وهم فى كامل وعيهم ، ولكن ما يهمنى فى حقيقة الأمر هو موقف الوالدة العزيزة ، عليها رحمة الله ، لأنه كان قد فرض عليها تماماً .



    تم إعتقال أشقائي بتهمة الردة والخروج عن الملة !! حينما يتم إتهام أحد بالردة فى قرية نائية من قرى السودان ، فإن هذا يعنى فى واقع الأمر ، إتهامه بالكفر الصراح . فلكم أن تتخيلوا موقف والدتي العزيزة، عليها رحمة الله، حينما تم إتهام فلذات كبدها بالكفر . لم يكن أحد فى شبا بأجمعها يصدق بكفر سعد وخليل ، ليس لمعرفتهم الشخصية بهما ، وما يتمتعان به من أخلاق رفيعة وسمعة طيبة ، ليس داخل قرية شبا وحدها ، وإنما على نطاق المنطقة بأكملها ، حيث إنهما أحفاد الشيخ أحمد الكرسنى ، " تور الجبل " و " راجل البركل " الذي مدحه حاج الماحي فى قصيدته المشهورة " التمساح " ، أو " يا رحمن أرحم بى جودك " ، حيث قال :



    شي لله يا راجل البركل يا قايم بالليل ما بتكسل

    يا عايم بالله توكل قول للدود من بلدي أتفضل

    وحيث تغنى بمآثره الروحية الشعراء والفنانين ، حينما تغنى بأحد تلك المآثر الفنان عثمان اليمنى فى أغنيته " إنبقت طابت "، حيث قال :



    يابا ود الكرسنى الحر جات حرارتا نيران جمر

    يندهوك فى المالح المر يا بطل تصلح وما بتضر



    كان كل أهالي شبا يتساءلون فى ذلك الوقت، هل يمكن أن يأتي حين من الدهر يتشكك فيه أحد فى إسلام أحفاد مثل هذا الرجل ؟ ومن من ؟ من قبل رجل لم يعرف عنه التدين أو الصلاح أو التصوف أو حتى الصدق فى لحظة من حياته !!



    لقد كان الموقف برمته قاسياً على النفس، وبالأخص على نفس الوالدة العزيزة، رحمها الله. ولكن أقسى المواقف على نفسها كان كما روته لي بنفسها، حينما ذهبت إلى مروى لمقابلة أشقائي بسجنها. لقد صادف ذهابها فى ذلك الوقت ذهاب والدة أحد أشقياء المنطقة، التي كانت تود زيارة إبنها المعتقل بسجن مروى بتهمة القتل . وحينما وصلن إلى إستقبال السجن كانت لحظة القسوة والذهول .فقد أتى السجان بذلك الشاب ، مكبلاً بالأغلال ، لمقابلة والدته ، ثم رفض طلب الوالدة لمقابلة فلذات كبدها بحجة أن هناك أمراً مشدداً من السلطات بعدم السماح بمقابلتهم ؟ !! ماذا كان يعنى ذلك فى واقع الأمر ؟ دلالة هذا الموقف تعنى بأن " الجرم " الذي إرتكبه أشقائي هو أكبر بكثير من جريمة القتل ... فتأمل !! . وهنا تظهر قوة شخصية والدتي، عليها رحمة الله، ورجاحة عقلها. فقد تقبلت المسألة برضاء تام، ثم إنتظرت تلك المرأة حتى نهاية وقت الزيارة ، فرجعت معها ، " الحجل بالرجل " ، إلى " الحلة " !!، لم تبدى أي تبرم أو إستياء ، كما لم تبدى تلك السيدة الجليلة أي نوع من الشماتة هي الأخرى !! ما أعظمهن من أمهات!!



    لقد ظلت الوالدة العزيزة تدافع عن الأستاذ بشدة، وعن مواقفه، وعن " صلاحه "، بكل ما أوتيت من قوة ، وكذلك عن موقف أبنائها ... فى تلك الأيام العصيبة ، وحتى وفاتها . قبل مغادرتي الخرطوم متوجهاً إلى شبا ، لرؤية أشقائي ، ولدعم موقف الوالدة، رحمها الله، ولتعزيز صمودها ، طلب منى الأخ العزيز الدكتور عبدالله أحمد النعيم ، له التحية والإحترام والإجلال ، التريث قليلاً حتى يفرغ من الإتفاق غلى الصيغة النهائية لموضوع " الإستتابة " ، مع السلطات المختصة ، لكيما أحمله معي للتوقيع عليه من قبل أشقائي، بإعتبار أنه الموقف الموحد للأخوة الجمهوريين على نطاق القطر بأكمله . وبالفعل فقد إنتظرت حتى حملت وريقة " الإستتابة " معي ، ومن ثم غادرت إلى " البلد " .



    وصلت قرية شبا وقد هالني، بل أذهلني، صمود الوالدة العزيزة، عليها رحمة الله. على الرغم مما كانت تمر به من ظرف حرج، إلا أنها أبدت ، على الأقل أمامي ، رباطة جأش، و بسالة، كانت مصدر إعجابي وفخري . ولكن ما أذهلني حقاً هو رفض الأخ سعد التوقيع على" وثيقة الإستتابة " فى بادئ الأمر. فقد كان الأخ سعد ، ولايزال كما أعتقد، جمهورياً " على طريقته الخاصة" ، على حد وصف أستاذنا الطيب صالح لصديقه " منسي "، كما أسلفت القول فى الحلقة السابقة !! ولكن بعد جهد جهيد، وقع الأخ سعد أخيراً على "وثيقة الإستتابة"، وتبعه الأخ الخليل فى التوقيع، ومن ثم تم إخلاء سبيلهما، بعد أن تم إرجاعهما إلى " حظيرة الدين " !! و لكن أي دين و أي حظيرة؟! بعد أن كانت " القصة " على لسان بعض سكان" الحلة " هي " كفر ولاد كرسني " ، أصبحت بعد توقيع وثيقة " الإستتابة "، "رجوع ولاد كرسني للدين "... فتأمل !! حينما يسلط الله بعض " جهلاء " الأمة عليها ، حينها تختل كل الموازين ، وبالأخص الدينية والأخلاقية والإجتماعية منها !! من هنا يأتي موقفي المبدئي الرافض للدولة الدينية، وتحت أي مسمى أو ذريعة كانت، ليس من ناحية فكرية وحسب، ولكن من تجربة شخصية وأسرية عشتها واقعاً معاشاً مريراً.



    لقد أعجب الجميع بموقف الوالدة العزيزة ، رحمها الله ، أيما إعجاب، وبالأخص لبعد نظرها وصمودها ومواقفها الباسلة حيث كانت تقول لهم ، بينما كانت أزمة أبنائها فى أوجها ، " والله الكافر يا هو النميرى دا ... مو محمود ... والله الكلام البقول فيهو دا كلو كضب ... عاد أنا مو مشيتلو فى بيتو وشفتو "!! أعتقد أنها كانت تسترجع حينها " قصة الطيلسان" تلك !!



    لذلك وحينما أختار الله إلى جواره هذه المرأة الصنديدة، نفيسي بت عسمان ، رحمها الله رحمة واسعة و أدخلها فسيح جناته، رثيتها بأبيات، نشرت من قبل بصحيفة "الخرطوم" الغراء، حينما كانت تصدر من القاهرة، إرتأيت إعادة نشرها هنا بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لرحيلها عن هذه الفانية ، والتي ستصادف السابع والعشرين من أبريل الجاري ، وكذلك بمناسبة يوم الأم الذي مر علينا قبل أيام قليلة.



    في رثاء المرحومة

    الوالدة العزيزة



    نفيسى بت عسمان

    عليكم الله شوفو نفيسي بت عسمان وكان شفتوها شفتو ملايكة الرحمن

    مرةً راسي فوق إيمانا زايدي أمان وضل إيمانا عاد مو غطى كل بكان

    وضلاً بادي من تنقاسى لا عن نورى لمدرمــان

    وحات أسم الله شامل الدنيا لا عن مسقط السلطـــان

    وجيها الصافي ديمة مندى نداهو يسيل يبل الصحراء والخـيران

    وعيونن لامعة ديمة تضوي تشوفها تقول سما الســـودان

    مرةً شايلى هم الناس صغير وكبير وقاسى تفرز الحبان من الجــيران

    إيدا طويلي للمحتاج محل ما كان وخيرا كتير يشبع للبيجيها جعــان

    ديمة تشوفا عند الدوكى تعوس فى الكسرى والقراصة للضيفــــان

    لا بتكلى لا بتملي لا زهجن عليكى يجى بسيمتك ديمة كاسي الوش تزيدو أمان

    مرة ً ما بتعرف الخوف ، تشيل السيف كل الشافا قال من أشجع الفرســان

    تدافع ديمة للمظلوم وكل الناس ، حقوق " جادين" مقدسة زى حقوق " رغمـــان "(1)

    أماني الليلة عاد ما إتهز كل محتاج وأماني إتيتمو الأطفال وفقدو حنـــان

    يدخلو البيت كواريكن تجيك في إضنيك يمه نفيسي زيدي الكسرى والتبـــــان

    يمين ديك ساعة مناك كل يوم ، تملحي فى الصحانه الجد كبيرة ما بيشلا بكان

    تشيلي تغرفي من غير حد ، تخسمى فى الخلق من جم عليكم الله يا الحبـــــــان

    عليكم الله كان درتو الزيادة تجو ، والحلل الكبار مليانة ديمة بتغلى للصرمـــان

    يغشاها الغريب والجار ، وكل الجاكى فوق إيمانو زدتى أمــان

    يدخلو عليكى بإطمئنان ، يحلفو عديل شافو ملاك فى شكل إنســــان

    صبحت يتيم يما نفيسي بعد ما كنت كلى حنــــــان

    وما إتيتمت يما براى يمين إتيتم الســــودان

    هو السودان بلاكم كيف ؟ يمين بس صحراء بس.. قــيزان

    طريتك يما يوم العيد طريت قعدتنا فى الحيشـــــان

    طريت الو نسى نص الليل حجاكى يطول كلامك أصلو ما سلطــــان

    طريتو تمودنا والقنديل جنايناً تحكى للتاريخ عن الفرســـان

    أهلنا الديمه شايلين لى هموم الناس يفرجو كربة الضايق ويزيدو أمــــان

    خلاويهم تضوي الليل وديمه ملانى بالحيــران

    عاد ما هم شيوخ الفقرا عاد من جم ، سلوكن أصلو هو القــرآن

    وزولة ً جاى من ناس ديل سعيدي واحلالا كمــــــــان

    والجبل الحواكى سعيد سعادة ً زى عريس فرحــــــــــان

    ....

    رقدتي مع جدودي الجد ، ومع الصالحات خصوصاً .. فاطنى بت شنــــــــــــــــــــــان (2)

    صلاحك بان فى يوم الوقفة يوم عرفات رويحتك ماشى يوم الرحمة للرحمــــــــــــن (3)

    صلاحك بان فى طوفك عاد على الحبان من بدريي لا عن فاطني وليد كبدك غشيتي كمان(4)

    .....

    أرقدي إرتاحى من غير هم وبالك ما يكون مشغول من تالانا من كل شان

    وناس " شبا " ما بقصرو عاد وقفو معاك وشايلنك يمين بالله فى الأحضان

    وردو جميلك المعروف ، وكل زول قال نفيسي دى هول الناس فى كل بكـــــان

    أرقدي إرتاحى يما خلاص ، بناك شامخ ما بتهزا بى ساهل فى كل زمــــــــان

    أرقدي ... نفيسي بت عسمان وكان شفتوها شفتو ملايكة الرحمـــــــــــــن

    ...................................................

    (1) جادين سعيد من الأقليات التى لا تملك أرضاً زراعية بمنطقة " شبا " ، ومحمد أحمد رغمان أبن عمة الفقيدة .

    (2) المرحومة فاطمة أحمد عبد الحميد الكرسنى ، توفيت قبل الفقيدة بفترة وجيزة للغاية ، وقد دفنتا جنباً إلى جنب بمقابر جبل ود الكرسنى .

    (3) توفيت المرحومة صباح السبت وقفة حجاج بيت الله الحرام بجبل عرفات فى التاسع من ذى الحجة لسنة 1416 ه الموافق 27 أبريل 1996 م .

    (4) إبنتا الفقيدة الأولى تعيش بمدينة " رأس تنورة " بالمملكة العربية السعودية والثانية بمدينة الدامر بالسودان .

    إبراهيم الكرسنى

    الجمعة 3 مايو 1996 م

    مسقط سلطنة عمان

    كما قام برثائها الأخ العزيز، والشاعر الجمهورى المطبوع، الأستاذ العوض مصطفى ، له التحية والإعزاز والتجلة، بقصيدة معبرة أود نشرها هى الأخرى . كما يجب التنويه هنا بأن الأخ العوض كان قد إلتقى المرحومة عند زيارتها لى بمدينة مسقط فى عام 1995.





    أخى الحبيب إبراهيم



    تحيتى ومحبتى



    يودع الإنسان الإحبة ، يعتصره الألم ... وتتولى الوالدة مقدمة الركب ... لا يجد الإنسان معها فكاكاً من هذا الألم ... تنبشه الأيام ... فيخرج دموعاً نفرغ من خلالها أحزاننا فى عالم ملؤه الحزن ... وهذه مشاركتى فى فقد أحس بأنه فقدى ... فقليل اللحظات التى قضيتها مع المرحومة حفرت صورتها داخلى ... لك حار عزائى وللأسرة المكلومة .





    يا إبراهيم قريته رثاك للوالدة الحبيبـــــــــــــــة

    ويا جبار كسور الناس تخفف ها النصيبــــــــــة

    تثبت للقلوب مكلومة كفكف صوت وجيبـــــــــه

    ويا الصلاح تبارو نفيسة .. جاياكم غريبــــــــة

    بتعرفوها كان شفتوها زينة وكيف عجيبـــــــــة

    سودانية من أقدامها تب لا عن سبيبــــــــــــــــه

    بتعرفوها قدامية فى الحارة وقريبـــــــــــــــــــة

    وكان شفتوها روقة فى الكلام راسية وأديبــــــــة

    موية النيل هناك ساقاها من عكرابة طيبــــــــــه

    ومن خصب الجروف روحاً ترفرف زين خصيبه

    بتعرفوها لا بتضارى .. لا بتدى الحبيبـــــــــــــة

    وصالحة صلاحا لا بيندس ، ولو هين نصيبـــــــه

    ومن وسط الخلوق معروفة عطايا ونجيبــــــــة

    أصبر يا سعد أمك مشت داراً رحيبــــــــــــــــة

    وأمك يا الخليل ببراها حب الناس معشش فى قليبه

    ويا البنوت أمسكن – فى العقاب دايماً – دريبـــــه

    ويا محمد عزاكم فيها راحت لى حبيبــــــــــــه

    ويا إبراهيم زيارته ليك ترد الروح تجيبـــــــــه

    والموت أصله حق فوق الرقاب يا خوى ضريبة

    أبرد يا الكريم ناراً يوج فى الجوف لهيبــــــــه

    ويسر للولاد صبراً على فقد الحبيبـــــــــــــــة

    وللجيران وللحبان مبارين عنقريبــــــــــــــــه

    وأنزله فى المقامات العلية العاجى طيبـــــــــه

    دروباً ساهله ما تلاقيها فيها ولا كريبـــــــــــه

    العوض مصطفى

    مسقط – الجمعة 17/5/ 1996 م



    ألا رحم الله الوالدة العزيزة نفيسة عثمان محمد بابكر و الأستاذ محمود محمد طه و أحسن إليهما و أسكنهما فسيح جناته مع الصديقين و الشهداء وحسن أؤلائك رفيقا... آمين يا رب العالمين.



    د. إبراهيم الكرسنى

    18/4/2007
                  

05-05-2008, 08:45 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اسحاق احمد فضل الله
    شهادة منصور خالد
    ‬والإسلام الذي‮ ‬يريده الرجل‮ - ‬ومن الصعب المعجز ايجاز الف وثمانين صفحة في‮ ‬كلمات‮ - ‬هو إسلام‮ ‬يوجزه اهداء الكتاب فالسيد منصور خالد‮ - ‬وهذه ايام النواح على محمود محمد طه‮ - ‬يهدي‮ ‬كتابه الى ثلاثة من الرجال‮.. ‬محمود محمد طه‮.. ‬واسلامه النموذج المطلوب



    http://www.alintibaha.sd/writerdetails.aspx?colID=411
    __
                  

05-05-2008, 10:49 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    هل ينسخ القتل الرحمة؟
    حوار بين لا إكراه في الدين وآية السيف
    الثلاثاء 30 مارس 2004 15:34
    رشيد الخيُّون

    عندما يتعلق الأمر بالإنسان وتفسيره أوتأويله للقرآن الكريم يصبح الفارق كبيراً بين نصوص السلام والتسامح وبين نصوص السيف والقسوة، وما يفرق بينهما هو الحدث والزمن، ولو كانت النصوص تكمل بعضها البعض ما ظهر الناسخ والمنسوخ. والأخطر من هذا أن يُأخذ النص المقدس مجرداً عن الزمنية والظرفية ونعني به "أسباب النزول"، وما يتعلق بالناسخ والمنسوخ، الذي جُمع كلاهما في القرآن فأصبح حمال وجوه (حسب حديث نبوي ووصية لعلي بن أبي طالب)، يجد فيه الجميع حججاً وأدلة. فمَنْ يعلن السلام والتسامح يجد لأحجيته عشرات الآيات، ومَنْ يلوح بالسيف والتكفير يجد لأحجيته نصوصاً أيضاً.

    لكن هناك ما هو أصل وما هو طارئ، فالأصل في القرآن هو "لا إكراه في الدين" والطارئ هو "فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم"، وهي الآية المعروفة بآية السيف (شذت سورتها التوبة أو براءة أنها خالية من البسملة). لأن المعلن في قبول الإسلام هو العقل والنظر وكلاهما يتقاطعان مع الإكراه ويتفقان تماماً مع الحرية. أما ما يتعلق بأمر القتل أو تشريعه فهو علاج لحالة طارئة ومؤقتة لا تتعدى الحرب القائمة بين مشركي قريش والمسلمين. ورغم ذلك فالآية لا تجيز القتل في كل الأحوال، على طريقة أصحاب الأحزمة الناسفة والمتفجرات الهائلة اليوم، يقول نصها الكامل :"فإذا إنسلخ الأشهر الحُرُم فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم وأقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم"(سورة التوبة، الآية الخامسة). ومع زمنية الآية وحدودها المكانية إلا أن فقهاء القتل لا يميزون بين الأزمنة والأمكنة، فمكة غير نيودلهي وكابول، ولا يميزون بين الشهور الُحرُم وغير الحُرُم، ولا يتركون لضحاياهم مجالاً، فإن خيروا بين الطاعة أو الموت بإنفجار لا يبقي من أبدانهم قطعة عظم ولحم، لختاروا الطاعة على أية حال كانت! ورغم ذلك أن فقهاءً عرفوا بتسامحهم وسعة فقهم، مثل الإمام أبي حنيفة النعمان، أجازوا أخذ الجزية حتى من مشركي غير العرب! وكيف الحال إذا وجدنا في القرآن أكثر من سبعين آية تؤثر التسامح وحرية الرأي نسخها فقهاء التشدد والقسوة بآية السيف؟ نأتي عليها بالتفصيل مع المعذرة لكثرة ما سنرده لاحقاً من نصوص.

    المعروف أن ما بين فترة الإسلام النبوية بمكة (13 عاماً) وفترته المدنية (عشرة أعوام) هو ما بين الدعوة والدولة أو ما بين الدين والسياسة. والدعوة بسريتها وعلنيتها المكية حققت قاعدة إسلامية أو أصلاً إسلامياً جوهرهما ما عرفه الشيخ السوداني المقتول محمود محمد طه بآيات "الأسماح"(الرسالة الثانية في الإسلام). والشيخ المذكور أعدمته سلطات جعفر النميري بمباركة حزب حسن الترابي بتهمة الردة في يناير 1985، لمعارضته قوانين (سبتمبر 1983) القاضية بتطبيق الشريعة الإسلامية، حين قال عنها: "شوهت الشريعة وشوهت الإسلام".

    لم تحتج الدعوة الإسلامية، وأي دعوة دينية، إلى العنف وآيات السيف مثلما تحتاج إلى "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها، وتوكل على الله، إنه هو السميع العليم"(الأنفال 62). لكن طارئاً طرأ على مسار الدعوة فأُعلن الجهاد وهو حالة سياسية لا دينية، حالة دفاعية في بداية الأمر، ثم أجتهد فيه مَنْ اجتهد فكانت الفتوحات، التي اختلف حولها المسلمون بين مؤيد ومعترض، حتى أوقفها الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (ت101هـ)، وقرارات هذا الخليفة لها قوة قرارات الخلفاء الراشدين، فقد وصفته المصادر الإسلامية بالخليفة الراشدي الخامس.

    والسؤال هل أكره المسلمون أحداً بمكة على الإسلام؟ لم يحصل هذا لأنها دعوة دينية وفكرية تعتمد القبول الطوعي بمبادئها، وليست دولة وسياسة تكره رعاياها على دينها وعقيدتها! وهذا هو الفارق الأساسي بين الفترة المكية والفترة المدنية. كثرت في الأولى آيات الأسماح، وكانت في مقدمتها آيات سورة "الكافرين" الست، ولنتمعن بما فيها من سعة فضاء الاختيار والحرية "قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولي دينِ".

    نزلت هذه الآيات، حسب الواحدي "أسباب النزول"،في جماعة من قريش اقترحوا على النبي محمد أن يقبل لهم وله إتباع الديانتين. لكن هذه الآية المكية الأصل لم تنسخها آية: "ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض" (الأنفال 67) المدنية، لأن الآية الأخيرة كانت جواباً لحالة طارئة لا تستقر وتدوم عليها الإنسانية مثل استقرارها ودوامها على آيات الاختيار وحرية الرأي والدين، فمنطوقها يدور حول الموقف من أسرى بدر. جاء في تفسيرها: للمبالغة في قتل الكفار (تفسير الجلالين). وجاء في أسباب نزولها: "أن رسول الله استشار في أسري بدر، فقال المسلمون بنو عمك أفدهم، قال عمر: لا يا رسول الله أقتلهم، قال: فنزلت هذه الآية" موافقة لرأي عمر. فقتلوا ما عدا العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث قبل منهم الفداء.

    أما الآية التي يؤكد ظاهرها نسخ آيات الاختيار، وهي "ومَنْ يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"(آل عمران 85) فأنها وإن أرجأت الموقف من الذي اختار غير الإسلام ديناً إلى الآخرة، فأن آية الله محمد حسين فضل الله يتحفظ على نسخها للآيات التي اعترفت لأهل الأديان الأخرى بالوجود، ومنهم المجوس والصابئة المندائيون. قال: "نتحفظ على هذا الجواب لأن مدلول هذه الآية لا يتنافى مع مدلول تلك، حتى نفترض نسخ الثانية للأولى، لأن الظاهر إرادة الإسلام بمعناه المصطلح"(من وحي القرآن). ونقول لأن ذلك الاختيار هو الأصل وما عقبه كان فرعاً، وضع لأمر طارئ، والأصل المقبول عند البشر هو "لا إكراه في الدين"، فالحرية أصل في الإنسان مثلما الإباحة أصل في الدين والفقه، ثم أخذت المحرمات تدخل لمستجدات في الحياة. غير أن المفسرين وعلماء الناسخ والمنسوخ نسخوا كل آية أو ميل في القرآن للرحمة والتسامح بآية السيف وهي الآية الخامسة من سورة "التوبة": "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم"، حتى جعلوها أصلاً. ولنرى ماذا فعل علماء الناسخ والمنسوخ في آيات الرحمة والتسامح أو آيات الأسماح على حد عبارة الشيخ المقتول محمود محمد طه؟

    الآيات التي نسختها آية السيف هي، حسب "الناسخ والمنسوخ" لهبة الله البغدادي (ت410هـ): آية "لا إكراه في الدين"(البقرة 256)، "لا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلونكم فيه"(البقرة 191)، "يسئلونك عن الشَّهر الحَرام قتال فيه"(البقرة 217)، "وإن تولوا فإنما عليك البلاغ"(آل عمران 20)، "فأعرض عنهم وعظهم"(النساء 63)، "ومَنْ تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً"(النساء 80)، "فقاتل في سبيل الله لا تُكلف إلا نفسك"(النساء 84)، "فأعرض عنهم"(النساء 81)، "فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً"(النساء 90)، "ما على الرسول إلا البلاغ"(المائدة 99)، "قل لستُ عليكم بوكيل"(الأنعام 66)، "فمَنْ أبصر فلنفسه ومَنْ عميَ فعليها وما أنا عليكم بحفيظ"(الأنعام 104)، "وما جعلناك عليهم حفيظاً وما أنت عليهم بوكيل"(الأنعام 107)، "قل أنتظروا إنا منتظرون"(الأنعام 158)، "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لستَ منهم في شيءٍ إنما أمرهم إلى الله"(الأنعام 159)، "خُذ العفو وأمر بالعُرف وأعرض عن الجاهلين"(الأعراف 199)، "وإن كذبوك فقل لي عَملي ولكم عملكم"(يونس 41)، "أ فأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"(يونس 99)، "فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومَنْ ضل فإنما يَضل عليها وما أما عليكم بوكيل"(يونس 108)، (وأصبر حتى يحكم الله بيننا"(يونس 109)، "إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل"(هود 12)، "فإنما عليك البلاغ وعلينا الحِساب"(الرعد 40)، "ذرهم يأكلوا ويتمتعوا"(الحجر 3)، "فصفح الصفح الجميل"(الحجر 85)، "وأعرض عن المشركين"(الحجر 94)، "وجادلهم بالتي هي أحسن"(النحل 125)، "ربكم أعلم بكم أن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلاً"(الإسراء 54)، "قل مَنْ كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مَداً"(مريم 75)، "فلا تعجل عليهم"(مريم 84)، "وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون"(الحج 68)، "أدفع بالتي هي أحسن"(المؤمنون 96)، "وأن أتلو القرآن، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومَنْ ضل فقل إنما أنا من المنذرين"(النمل 92)، وقالوا لنا أعملنا ولكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين"(القصص 55)، "ومَنْ كفر فلا يحزنك كفره"(لقمان 23)، "قل لا تسألون عمّا أجرمنا ولا نسأل عمَّا تعملون"(سبأ 25)، "وتولَّ عنهم حتى حينٍ، وابصر فسوف يبصرون"(الصافات 178-179)، "فأعبدوا ما شئتم من دونه"(الزمر 15)، "فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعملون"(الزخرف 89)، "قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله"(الجاثية 14)، "وما أنت عليهم بجبار"(ق 45)، "وفي أموالهم حق للسائل والمحروم"(الذاريات 19)، "فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون"(الطور 45)، "فصب صبراً جميلاً"(المعارج 5)، "وأهجرهم هجراً جميلاً"(المزمل 10)، "فمهل الكافرين أمهلهم رويداً"(الطارق 17)، "أليس الله بأحكم الحاكمين"(التين 8)، "لكم دينكم ولي دين"(الكافرون 6).

    الآيات المنسوخة بآية "أقتلوهم.." مشحونة بالرحمة، المجادلة، الصبر، التواضع، التفكر الحرية والإنسانية، فماذا يبقى في الدين لو عُطلت هذه الآيات من عملها؟ يجمع الشيخ البغدادي بقوله "كل ما في القرآن مثل أعرض وتولى عنهم، وذرهم وما أشبه ذلك فناسخه آية السيف"(الناسخ والمنسوخ، ص202). ويجمع أيضاً "كل ما في القرآن من خبر الذين أوتوا الكتاب، والأمر بالعفو عنهم فناسخه: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر"(المصدر نفسه). فمثل هؤلاء العلماء يبررون للحجاج بن يوسف الثقفي سفكه للدماء لأنهم أخلوا الدين من العفو والرحمة واللين.

    وقف المعتزلة أمام هذه الظاهرة القرآنية، أي اختلاط الناسخ بالمنسوخ، وكثرة الوجوه، وما يرتبط بزمان وحدث محددين فأوجدوا الحل في مقالة "خلق القرآن". والفارق بين أن يكون القرآن كلام الله أو مخلوق من مخلوقاته هو تنزيه الله عن التشبيه والوصف. فلو كان القرآن كلام الله لكان قديماً بقدمه، ولقدم لا يكون إلا لله، وكيف يكون لله تعالى ما هو من صفات وأفعال البشر وهو الكلام، وكيف تقبل كلمات الله التفسير والتأويل وهي المنزلة من اللوح المحفوظ؟

    وحتى لا نحمل مقالات المعتزلة أكثر مما يلزم فهم مؤمنون بالله والإسلام وشيوخهم كانوا فقهاء ونساكاً، ويؤمنون بالقرآن ككتاب سماوي، كذلك مثله التوارة والإنجيل، لكنهم يؤمنون أن الكلام السماوي مخلوق من الله وينزل كإيحاء، مثل أفكار وجوابات على ما يعترض النبي من مستجدات، لا كلام الله على الحقيقة. تتجاوب مقالة المعتزلة في خلق القرآن، إلى حد ما، مع حديث الرواة والمؤرخين حول طبيعة الوحي الذين أكدوا أن الوحي يتم فيما يتم كحلم يقظة أو منام. غير أن بعض الباحثين الجادين ذهب إلى تعيين هدف المعتزلة من القول بخلق القرآن، تلك المقالة التي باركها الخليفة عبد المأمون (ت218هـ) بقوة، أنه للتأثير في قدسية النص من أجل التناغم مع العقل، وفسح المجال للتفسير وتعطيل النصوص غير الملائمة للزمن.

    والأمر قد لا يخص المسلمين حسب في إشكالية زمنية النص وحمله الوجوه، ففي التوراة هناك آيات سيف ومنها قتل المرتد. وقد يستغرب مَنْ يقارن بين إفراط السيد المسيح بالدعوة إلى المحبة والتسامح والسلام وبين وما ورد في الإنجيل "لا تظنوا أني جئت لأحملَ السَّلام إلى الأرض، ما جئت لأحمل سَلاماً بل سيفاً"(متي 10/34). وليس لديَّ العلم الكافي فيما إذا أتكئت محاكم التفتيش والحروب الصليبية في القرون الوسطى بأوروبا على هذا النص، فنصبت المقاصل وأُشعلت محارق للهراطقة والمرتدين. قادني إندهاشي من أن يكون للسيد المسيح سيف وهو الحالم بالسلام إلى إستفسار أكثر من رجل دين مسيحي، أطلعني أحدهم على كتاب تفسير الإنجيل كتبه الأب يوشع داوود أسقف كنيسة مدينة حديثة قديماً (غرب العراق) وقرأ لي بالسريانية (الكتاب من مخطوطات مكتبة جامعة كامبرج): "إن السيد المسيح يسمى ملك السلام، وليس لسلامه حدود، لكنه قال هذه العبارة مشيراً إلى الإنقسام الذي سيحصل بعده بين المؤمنين وغير المؤمنين. فالأبناء يؤمنون بالمسيح ويتركون دين آبائهم فيصبح الخلاف سيفاً بينهم. ولا يتعدى معنى العبارة غير التنبأ بالمستقبل". ومع ذلك لم يخفف هذا التفسير أو التأويل من دهشتي، وظلت فكرة استفادة بابوات محاكم التفتيش من هذا النص تجول في ذهني، مثلما يستفاد الآن شيوخ مسلمون من آية السيف، ويضعون وراءهم الكم الهائل من آيات المحبة والسلام.

    http://www.lebanese-forces.org/vbullet/showthread.php?t=6648&page=2
    _________________
                  

05-06-2008, 04:16 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    25-11-2006, 01:00 pm
    وبخصوص السينما ...لست فقيهة...لكنني أومن انطلاقا من قناعاتي الشخصية بأنها لا يمكن أن تكون حلالا ولا حراما...تماما كما السكين...فقد نستعمله في القتل...أي في الإفساد...أو في أعمال المطبخ مثلا ...أي في الإصلاح

    كلمات قوية وجميلة وجدت لها أصداء في نفسي .. بالمناسبة المقولة ( تنتهي حرية كل فرد عند حدود حريات الآخرين ) . هذه المقولة تناقلها الناس عن شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه ، الحق أن الكثير من كلماته تناقلتها الألسن والأقلام وأذكر أن أحد الكتب التي كتبها الدكتور مصطفى محمود كان يحتوى على الكثير من كلمات الأستاذ محمود محمد طه ، وكتاب الدكتور مصطفى محمود نفسه كان مهداء الى الأستاذ محمود محمد طه . أتابع كتاباتك بشغف أخت صالحة رحوتي .
    إبتسام التريسي أعجبتني العامية السورية .. إفتقدتها وإفتقدت أيمن زيدان وروائع مثل ( الجوارح و الكواسر ) . أفكر في مقال عن الدراما السورية والأصداء الكبيرة التي خلقتها وتخلقها في الأقطار العربية عامة والسودان بصفة خاصة ، حتى أنها كسرت حكر الدراما المصرية على الشاشة البلورية . إتساءل وأنا أعيش خارج حدود الوطن العربي وقد طالت غربتي حتى أن اليأس بدأ يتسلل الى الخلايا العربية ، هل لا زالت سوريا ( تنتج الدراما الخالدة ) وبيروت ( تحارب إسرائيل ) والخرطوم ( تقرأ المعوزتين ) ؟ لن أقول مصر تكتب بصراحة ( كفاية ) . أرجو أن لا يزعل الإخوة المصريين فهذه مجرد دعابة . أقرأ هذه الأيام في الرواية الملحمة ( لون هارب من قوس قزح ) للرائعة منى الشيمي .
    شريف صالح ما أروع شغبك يا طيب القلب
                  

05-06-2008, 01:11 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    --------------------------------------------------------------------------------

    from sudanile


    اولاد العوضية


    يقع حي المرابيع في مدينة كوستي على ضفة النيل الابيض الغربية. تحيط بالحي المستشفي من الجهة الغربية والسكة حديد والنقل النهري من الشرق اما من ناحية الشمال فيحاصره السوق الذي تمدد بلا حياء قاضما اجزاء عزيزة منه . من الناحية الجنوبيه فهناك بيوت الموظفين التى تتفاوت في مساحاتها وان كانت تتفق في اشكالها والوانها البيضاء.

    سكان الحي اغلبهم من الدناقلة والمحس بحكم العمل في السكة حديد والنقل النهري كما ايضا هناك الجعليين والشايقية ولكن اللافت هو وجود الهنود والاقباط الذين يعملون في مجال التجارة وخاصة تجارة الاقمشة. كان الهنود والاقباط وقليل جدا من الاغاريق- تقريبا يعدون في اصابع اليد الواحدة- درر كوستي من حيث حسن الخلق والتعامل الكريم والمشاركة في الافراح والاتراح والهم الوطني.

    سكن هذا الحي الأستاذ الشهيد محمود محمد طه وايضا سكنه المرحوم الأستاذ يونس الدسوقي صاحب مكتبة الفكر الشهيرة، ومن الذين كانوا يترددون عليه المرحوم السيد عبد الرحمن المهدي زعيم طائفة الأنصار والمرحوم الأستاذ عبد الرحمن الوسيلة سكرتير عام الجبهه المعادية للاستعمار.

    زاوج حي المرابيع مابين التجارة ونشرالمعرفة والتنوير فقد تأسست اول مدرسة ابتدائية للبنين وبعد عدة سنوات مدرسة اخرى للبنات في مدينة كوستي في هذا الحي. عندما بدأ مؤتمر الخرجين بفتح عددا من المدارس الأهلية لتستوعب المزيد من طلاب الوطن كان لهذا الحي قصب السبق في انشاء المدارس وايواء طلاب المعرفة .كان يقع منزل المرحوم احمد عبد القادر- الذي كان يشترك مع قريبه وشريكه احمد كوكو في شركة الأحمدين التجارية التى كانت ركيزة وعماد تجارة كوستي بما تملكه من قشارات ومعاصر زيوت وتجارة جملة رائجة ورابحة- في الطرف الاقصي الغربي للحي ولا يفصله عن جامع كوستي الكبير إلا شارع الاسفلت الرئيسي.

    كان هذا البيت هو عبارة عن مربوع كامل او كما نقول عشرة كاملة مقسمة الى عدة بيوت لابناء وبنات السيد احمد عبد القادر .
    هذا البيت الكبيركان بمثابة جامعة او مدرسة عريقه في شكله الخارجي وتقسيماته الداخلية التى تتسم بالبراح والسعة والطمأنينة كان ومايزال يرفل في لون قشيب رغم تكالب وتداعيات صروف الدهر الطبيعية وغيرها!.

    كنا عندما نأتى لنلعب ونحن مازلنا ايفاع لهذا البيت العامر كانت تسبقنا اشواقنا لمقابلة اترابنا واصدقائنا الذين كنا لا نملهم ولا يملونا بل تتجدد محبتنا وتتوثق روابطنا باستشراف العاب جديدة مع اصطحاب القديمة منها. كنا نلعب الكرة والبلي وبوليس وحرامية!! وكابويات!! وايضا كنا نلعب السلم والثعبان والليدو وعندما كبرنا قليلا كنا نلعب الشطرنج. كنا نعامل بسجية سمحة وكرم فياض وكأننا افراد اصلاء من الأسرة. كانت احيانا تمتد فترة مكوثنا في بيت العوضية وخاصة ايام العطلات المدرسية لساعات طوال.

    واذكر ايضا في كثير من الاحيان كنا نأتي لنلعب في وقت الظهيرة والشمس تحرق الاخضر قبل اليابس! بالرغم من ذلك لم نسمع من أي فرد من هذه الأسرة ( شيلو اهلكم يا اولاد.. تعالوا العبو بعدين).........أو مثل( يااولاد النطارة دي بتجيب ليكم السحائي. امشو تعالو العبو بعد الواطة تبرد)............بل كنا نسمع عذب وحلو الحديث مصحوب بكل عبارات الترحيب والدعوة لدوخول الغرف والبرندات إتقاء نيران الشمس الحارقة. هذا المعاملة الكريمة شاهدناها من عميد الأسرة المرحوم السيد احمد عبد القادر الذي كان دائما يصر ان يكون مقعده بالقرب من السائق- الكشيف- ويأمره بإيقاف السيارة –البولقا- لتحيتنا والسؤال عن أسرنا. ايام الخميس عادة كانت لها نكهتها الخاصة، فقد كانت سينما كوستي في تلك الفترة تقدم افلام رعاة البقر والافلام الجاسوسية خاصة افلام جيمس بوند وظورو وغيرها من الافلام التي كانت تجذبنا. كان اولاد العوضية بعضهم في عمرنا وبعضهم اكبر منا والبعض الآخر اصغر-وكلنا في المرحلة الابتدائية- كانت مهمة الكبار منا ارسال اخوتهم الاصغر خاصة الزين وانور والمرحوم عوض لمتجرهم في السوق في اواخر العصريات لاخبار المرحوم التجاني احمد كوكو او المرحوم ابراهيم احمد عبد القادر او اي شخص في المتجر برغبتهم في الذهاب الي السينما بعد اخباره بان الفيلم اليوم كذا ... فيعطوهم الموافقة مصحوبة بالمال اللازم . نظل نحن في الانتظار بفارق الصبر فقد كان لا يبعد المتجر عن البيت كثيرا وعندما نشاهدهم وهم فرحين نعرف ان الأمر قد سار على احسن مايكون، فتغمرنا البهجة والسعادة. لا اذكر ولو مرة واحدة انهم منعوا او خيبوا ظنهم!! كان الدخول للسينما في حد ذاته حدث فريد فقد كان الدخول عادة الى اللوج الدرجة الثانية وكنا نحن نذهب معهم فبتذكرة واحدة يدخل اثنين واحد كبير وواحد صغير وكنت دائما الكبير الذي يشاهد الفيلم مع احد اولاد العوضية الأصغر . اما كيف يتم ذلك الأمر فهو قد رتب قبل وصولنا الى ساحة السينما! المدهش ان الموظف المسؤول في مراقبة الباب كان دائما يبتسم عندما يشاهدنا ولا ينبت ببنت شفة.

    الجاذبة ايضا لنا في هذا البيت هو توفر مجلات ميكي وسمير وسيوبرمان وطرزان والوطواط والصبيان زائدا مجلداتها التى كان الحصول عليها يعد من المستحيلات في تلك المدينة.. كانت في تلك الفترة هي حياتنا التى لا يمكن ان نعيش بدونها !! في رجعتي الاخيرة للسودان بعد انقطاع 16 سنة وجدت الكثير من اصدقائي القدامى اولاد العوضية قد غادروا الى الخليج. اما الذين فضلوا البقاء فلم تغيرهم عاديات الزمان وتداعياته فالاريحية ونقاء النفس والوفاء هي أصائل طبعهم وشيمهم. فسلام ومحبة لاولاد العوضية خالد ،عادل، شمس الدين،مبارك،جمال،الزين،أنور،والمرحوم عوض.
    عمر عبد الله محمد علي

    مونتري-كلفورنيا

                  

05-07-2008, 01:18 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)







    24 ابريل, 2007

    كوستى - حى المرابيع

    ها قد رحل "السمبر" عن نيمة مسيكة!!

    عبدالله عثمان

    هوى أم عمرو جدد العمر فى الهوى فها أنا ذا بعد أن شبت فيه يافعا

    كتب الأستاذ عمر عبدالله محمد على بهذه الصحيفة الغراء "سودانايل" حديثا طيبا عن أسرة عريقة "آل العوضية" بحى المرابيع بكوستى وهى أسرة جديرة بكل الإحترام والتقدير ولامزيد لمستزيد على ما أورد الأستاذ عمرـ غير أن الحديث عن "حى المرابيع" العريق ذو شجون، وقد أصبحنا نحن، أبناء ذلكم الحى، الذين تشتتنا فى المنافى، نجتر مثل هذه الأحاديث كثيرا لأنها مصدر سلوى وعزاء لنا كبيرين. كيف لا وهى تذكرنا بالوطن الأم الذى نتوق له كل حين.

    تكاد تكون صلتى الفعلية بحى المرابيع الذى ولدت فيه قد أنقطعت منذ حوالى 30 عاما، غير أنه لا يكاد يمر يوم الاّ وأجدنى مساقا لتذكر الكثير من أحداثه وشخوصه، أكاد أسير يوميا فى شعابه العتيقة وكأنى أصافح وجوه كريم أهله صباح مساء، فالحى آثر، جد آثر وهو مثال للتعايش السلمى، بين الأعراق المختلفة، فى ذلك الوطن الحبيب الغريب، إذ يسكن وسكن حى المرابيع أقوام مختلفو الأعراق والسحنات منهم الأرمن والأقباط والأغاريق والنيجيريين والشوام والهنود والأحباش واليمن وغيرهم وغيرهم وتعايشوا جميعا فى محبة ووئام رغم إختلاف أديانهم وثقافاتهم.

    إحتضن هذا الحى المدرسة الهندية ومدرسة الأقباط كما أحتضن الخلاوى. وقد مرت على هذا الحى قمم سوامق من البشر، ذكر منهم الأستاذ عمر، الأستاذ محمود محمد طه، والأستاذ المرحوم يونس الدسوقى، فعلى سبيل المثال، لا الحصر، سكن فى هذا الحى القاص المعروف د. مصطفى المبارك وشقيقه الأكاديمى والإعلامى د. خالد المبارك – قرأت له منذ أيام، فى الرأى العام الإلكترونية، عن شاب من حى المرابيع، فى قناة تلفزيون فرنسية إسمه راشد سعيد من أبناء هذا الحى، ومنه أيضا الصحفى خليفة حسن بلة وللإعلامى الراحل د. سيداحمد نقدالله وشائج واصلة بهذا الحى. كذلك، لا بد وأن نذكرالإعلامى الشهير المرحوم الفريق إبراهيم أحمد عبدالكريم "نسائم الليل" ولقد كانت للشاعر إبراهيم العبادى صلات حية بهذا الحى العريق، كذلك وللشاعر الجيلى عبدالمنعم علائق مصاهرة فى هذا الحى أيضا. وقد لا يذكر هذا الحى، فى هذا المجال، الاّ وتتبادر للذهن ذكرى الفنان الراحل إبراهيم الجاك العجيل، وهو من قدامى عازفى الموسيقى بالسودان وقد تخرجت على يديه أجيال وأجيال فى هذا المضمار. فى ذات المنحى وفى مقابلة للإذاعى محمد سليمان مع الراحلة الفنانة عائشة الفلاتية، حكت أن إيقاع التم تم نشأ وترعرع فى كوستى، وقد علمت من بعض أهلى أن "التومات" المعروفات بذلك الإيقاع كن يسكن حىّ المرابيع، فى مكان جامع المحسن عثمان موسى الحالى،. وفى مجال الرياضة نشأت بهذا الحى أندية عريقة، على رأسها المريخ، أشهر فرق المنطقة الرياضية، وأعتقد أن قد لعب له من النجوم الكابتن عمر النور الذى ذاع صيته مع فريق الزمالك القاهرى، ومن أندية الحى فريق الشعلة ولقد لعب لهذا الفريق الشهيد الرائد الفاتح خالد وتربطه عديد الوشائج بهذا الحى، وهو قد أعدم فى إنقلاب 28 رمضان الشهير، وفيه أعدم من أبناء الحى الرائد بابكر عبدالرحمن نقدالله وقد سمعت بشهيد ثالث من أبناء الحى فى ذات المأساة ولكن ضاع على إسمه الآن. من رياضىّ الحى كذلك، المدلك الشهير المرحوم فاروق دين. من أندية الحى الثقافية والإجتماعية نادى كوستى العريق وقد لعب دورا كبيرا فى حياة المدينة الثقافية والرياضية والفنية والتعليمية، كذلك نادى العمال والذى لايقل شأنا عن نادى كوستى.

    رغم صغر حجم الحى، الاّ أنه حوى عددا من المدارس وثلاثة مساجد، لعل أعرقها جامع الخليفة مكاوى حامد الركابى، وقد عرف عن الخليفة مكاوى أيضا شديد صداقته للأستاذ محمود محمد طه شأنه فى ذلك شأن الدكتور جرجس عياد إسكندر والذى كانت له عيادة مشهورة بالحى، وجرجس هذا بجانب كونه طبيبا فقد عرف عنه أهتمامه بعزف الموسيقى وعلم الفلك وهو من قدامى الغردونيين. مما يذكر لدكتور جرجس أيضا، أن عيادته كانت ملاذا لفقراء المرضى الذين يجدون فيها العلاج شبه المجانى أو المجانى، وذات الشأن تجده فى جامع الخليفة مكاوى، فى زمن صارت فيه المساجد مكانا للتباهى، ظل جامع الخليفة مكاوى ملاذا لغمار الناس، ولا يرتاده علية القوم، وفى معظم الأحوال ما تختم فيه صلاة الظهر أو العصر بوجبة غداء سودانية بسيطة فى تركيبها الا أنها كبيرة فى معناها، وقد حكى لى الأستاذ عمر عبدالله قصة عن الخليفة مكاوى تستحق أن تسجل بمداد من نور. والقصة هى أن نساء أثيوبيات، مغلوب على أمرهن، جار عليهن الزمان فأخذن يتكسبن أجرهن كيفما أتفق، يعشن على هامش هذا المجتمع وهن آمنات على أرواحهن وأموالهن. حدثت فى ذلك الزمان أحداث الجزيرة أبا، فخشيت هؤلاء النسوة على أنفسهن فألتجأن لجامع الخليفة مكاوى، فأمر الخليفة أبناءه بأريحية عرف بها أن يكرموا مثوى هؤلاء النسوة الغريبات حتى تنجلى هذه القارعة وقد كان. كذلك كان الحى متكأ لعدد من دور الطرق الصوفية والروابط والجمعيات العرقية والجهوية، ولعل من أميز ما فى ذلكم الحى أن بيوتاته ظلت مفتوحة مثل الداخليات للكثير من طلاب الأرياف الذين لا تمكنهم ظروفهم من إرتياد مدارس حكومية تتمتع بنظام الداخليات. وقد إشتهر الحى بجانب ذلك بسماط الإفطارات الرمضانية التى كانت تبسط فى الشوارع لكل الطراق خاصة المسافرين بالقطارات وغيرها، وكذلك ظللت تتميز المناسبات الإجتماعية فى الحى العريق بطابع خاص، للحد الذى قال فيه ظريف المدينة "بكاء فى المرابيع، ولا عرس فى ......" وليست العبرة هنا فيما يقدم من مأكل أو مشرب، وهو فخيم ولاشك، ولكن السر فى الإريحية التى يقابلك بها أهل المرابيع فتجعلك تشعر وكأنك فرد منهم، وكثير من الكوستاويين الذين التقيتهم، من غير أهل المرابيع، يقولون ما معناه "أن شيئا ما فى ذلك الحى يشدنى اليه" وبالطبع لا أحد يعرف ما كنه ذلك "الشىء"!!! ولعله نفس "السر" الذى حكى لى به راحل من قدامى المرابعيين عن أن الأفندية الذين كانوا يأتونهم من بقاع السودان المختلفة ويتخذون هذا الحى مسكنا، يعجبهم الحال للحد الذى يذهبون فيه – حسب عبارته – للكجور ليسهل أمر مقامهم فى هذه البقعة!!

    وقد لايفوتنى هنا التنويه بالدور الجليل الذى لعبه المربى المرحوم التجانى محمد خير – شقيقه القطب الإتحادى المعروف الزعيم الطيب محمد خير- فى التعليم الأهلى بالمدينة ولعل الشارع الرئيسى فى الحى مسمى بإسمه، بجانب المدارس المعروفة. ولعل فى هذا المنحى أيضا يجدر بى أن أذكر الأستاذ فايز عبدالرحمن عبدالمجيد، فهو ممن قد نشأوا فى هذا الحى العريق، فقد تميّز بتاريخ جليل فى مهنة التعليم، وهى مهنة قد ورثها من آله آل طه ثم بالتدريب، وهو بجانب كونه معلما فقد كان موسيقارا أيضا ومن أعلام المدينة، ومما يحمد له أيضا شقه لطريق بكر، تهيبه كثيرون غيره، إذ إنخرط منذ صبى باكر فى سلك "الأخوان الجمهوريين" تلميذا للأستاذ محمود محمد طه ولعله بذلك أول من شق هذا الطريق فى ذلكم الحى العريق، ثم أن فائزا لايزال مثالا للجد والمثابرة إذ لا يزال يتحصل العلم الآن فى واحدة من أعرق الجامعات الأمريكية بواشنطون العاصمة. يضاف الى ذلك أن منزله وزوجه الدكتورة أسماء محمد الحسن، مثله مثل منازل حيه القديم المرابيع، مفتوحا هنا فى واشنطون بذات القدر، حتى لقب فائز بـ "عمدة واشنطون". وعلى ذكر واشنطون فإن من وجوه "المرابعيين" فيها المحاسب جمال صالح، والناشطة فى العمل الإجتماعى عفراء سند – وأعتقد أن الناشطة فى العمل الإجتماعى أيضا أمل الطيب عبدالله يعقوب قد سكنت مع والدها فترة بالمرابيع – كذلك ثلة طيبة من أبناء آل يعقوب وآل زروق وآل الخير على الخير، وهم جميعهم قلوبهم وبيوتهم مفتوحة وبالطبع هذه الجبلة سمة لازمة "للمرابعيين" فقد رأيتها ولمستها فى بيوتات قدورة الجاك ومرتضى عبدالرحمن وآل على الأمين التى فتحوها بالعاصمة الخرطوم لكل آل كوستى، ثم عشتها بنفسى فى دار كمال كولو وعبدالعظيم ديلوكس والفاتح محمد يس وهم بعد طلاب أيفاع فى بونا بالهند، فى دار بابكر محمد بابكر بمكة، وأمير محمد محمد نور بأبى ظبى، وحاتم جحا بأكرا فى غانا، فى شقة محمد عثمان بابكر بموسكو وبيت عمر عبدالله وأنور سيد إبراهيم بلندن، وهذا قليل من كثير.

    وقد يكون مناسبا، الاّ أختم قبل أن أتذكر وأترحم على كرام أهل هذا الحى الذين رحلوا عن هذه الدار، وخاصة الشباب منهم الذين ماتوا فى الغربة، ومنهم على سبيل المثال، لا الحصر، الراحل أسامة محمد عثمان الفرانى والذى أستشهد بالعراق أثناء حرب الخليج الأولى، عباس الطيب الخاتم والذى قتل فى حادث حركة بأمريكا، عمر حسن بابكر والذى توفى فجأة ببلغاريا، النذير أبوزيد وعمر مصطفى يوسف "أبوشيبة" وقد إنتقل كلاهما بالسعودية، ومن الشباب الذين لهم صلة مصاهرة بالمرابيع نذكر الراحل عمر سمساعة والذى توفى فجأة بنيروبى وقد كان فى طريقه لعمله بساحل العاج، كذلك نسيبه بشير محمد بشير والذى إنتقل بألمانيا، يضاف اليهم الشاب على سيداحمد بشير والذى أغتيل غيلة بالمغرب، وأترحم كذلك وأعزى الأستاذة ليلى الصادق جحا وزوجها الأستاذ عبدالقادر الشيخ فقد فقدا إبنا شابا توفى فجأة منذ أيام بنيويورك. لهم جميعا المغفرة والرضوان ولآلهم حسن العزاء.

    التحية لأهل هذا الحى الكرام وأحب أن أذكر بعضهم هنا، بسبيل من التبرك لا الإستقصاء، آل زروق، آل تكلا، آل فرج، آل كبيدة، آل عتمورى، آل أبوقمزة، آل قلاديوس، آل مركب على الله، آل عكاشة،آل خيرى وأقربائهم آل فقيرى، آل أبوقبالة، آل قلبجى، آل بانقا، آل صادق محارب، آل كبوش، آل جحا، آل ابوالعلا، آل عكاشة، آل بركة،آل مجلع، آل بامسيكة،أل تبيدى آل الرزم، آل كابوس، آل يمنى، آل العبادى، آل جميل، آل العقاب، آل مقلد، آل يسى وآل ساتى وآل شلقامى ونخص بالذكر إبنهم نصرالدين شلقامى والذى ألف كتابا رائعا عن مدينة كوستى منذ ربع قرن تقريبا.

    أبناء هذا الحى تميزوا بالتفتح، منذ عهد باكر، فلعله من قبل أن نوّلد بدأ أبناء هذا الحى فى الإغتراب البعيد لأوربا وقتها، فقد سمعنا ونحن أيفاع بأسماء مثل بشير محمد أحمد بشير ومحمد يوسف ناصر وعبدالرحمن الطيب على طه، ثم لاحقا موسى محمد موسى وعمر حسن بابكر وغيرهم هاجروا فى زمان مبكر ثم تلتهم الآن أفواج من أبناء وبنات هذا الحى تشتتوا فى أربع أركان الدنيا يحييونها بحياتهم الثرة التى تشربوها فى ذلكم الحى وحيهم بعد يموت موتا بطيئا فقد رأيته منذ عشر سنوات تقريبا ليوم واحد فقط فهالنى أن قد رحل "السمبر" عن هامة "نيمة مسيكة"!!


    _________________

    (عدل بواسطة عبدالله عثمان on 05-07-2008, 02:27 PM)

                  

05-07-2008, 02:36 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    --------------------------------------------------------------------------------

    from sudanile




    النُخَب الإنقاذية المُتأسْلِمة !

    من أين أتى هؤلاء ؟ وإلى أيّ دوامة إنحدروا ؟

    (الحلقة الأولى)

    أحمد الأسد/باحث/اقتصادي
    [email protected]

    [email protected]

    مكن إنقلاب يونيو 89 طغمة من العسكريين والمدنيين من الإستيلاء الفوقى على السلطة بدعوى الحاكمية لله وإعادة بناء دولة يثرب الرسالية. وأمسكت نخب الإنقاذ بمفاصل جهاز الدولة عسكرياً وأمنياً وأحكمت قبضتها على الوسائط الإعلامية والموارد المالية والمراكز المؤسسية والمنابر الدينية والنظام التعليمى والخدمات الأساسية.



    أصابت ضربة الإنقاذ القاضية قوى المجتمع السودانى يمينها ويسارها بشلل إرتعاشى إستعصى علاجه على الأمصال التقليدية: الإنقلاب المضاد والعصيان المدنى والإنتفاضة المحمية بالسلاح وإسترداد السلطة بإستنفار الجماهير وبأضعف الإيمان حصراً – الصحوة الإسلامية لتجييش إحتياطى الطوائف الدينية. إستخدمت الإنقاذ وسائل بطش وقهر ورثت بعضها من الإنظمة الشمولية السابقة وأنتقت أفظعها فتكاً من ممارسات سلطات عربية إسلاموية. وإستنجدت الإنقاذ بنخب قياداتها المفعمة بالحقد والكراهية ونزعات الهوس الدينى وأستعانت بنخب المتعلمين والمتاجرين بالدين وأفرغت مرافق الدولة والمجتمع من رأس المال البشرى المكتنز تاريخياً بالمعرفة والكفاءة وحسن الأداء. ولم يقتصر التفريغ وإعادة الشحن - تسريعاً لمهمة التمكين - على محاور المراكز المُسيٍّرة للدولة والمؤسسات بل تفشت أورامها فى أوصال الأحزاب السياسية والهيئات المهنية وهياكل الإدارات (شراء الهاربين من أحزابهم وبناء نقابات المنشأ وتنصيب المؤهلات الولائية وتعيين الولاة وإنتقاء مديري المؤسّسات العامة ومجالس الهيئات التعليمية والإعلامية).



    من أين أتى هؤلاء؟



    من أين أتى هؤلاء؟ سؤال صاروخى أطلقه الروائى الطيب صالح، تناثرت نيازكه فى فضاء الدجل السياسى والهوس الدينى والعهر الإعلامى. لم يجد ذلك السؤال إجابة شافية حتى هذه اللحظة ! توفرت فى البيان الأول وعضوية مجلسى الثورة والوزراء إجابات جزئية صاعقة. الحاكمية لله والإسلام هو الحل والحكم بما أنزل الله ... وتكشفت وجوه يعرفها الناس بسيمائها : عسكر متأسلمون وعلماء سوء جاهلون وسدنة أنظمة بائدة وأزلام جهوية جاهزة للإيجار. تشبع أغلب هؤلاء بفقه الضرورة وتتلمذوا على عبدة النصوص وإستبطنوا شعارات جوفاء خاوية الوفاض لم تؤهلهم لإستنباط برنامج دنيوى أو أُخروى.لجأوا لإغراء بسطاء الناس بنعيم الاَخرة. تساقط رفاق الدرب الإنقاذى وتمزقت أقنعة مشروع الإسلام الحضاري وتبدلت بعد نيفاشا وأبوجا مواقع الأعداء والحلفاء وصّدع الكذب إدعاءاتهم وأمسكت طقمة متسلطة بمفاصل الدولة والمجتمع. هل هبطت سرايا هذه الطقمة من الفضاء؟ لقد تخلقوا فى رحم المجتمع السودانى وخرجوا من بطون بطرانة : العشائر والقبائل والطرق الصوفية والطوائف الدينية والفئات والطبقات الإجتماعية والأحزاب السياسية. إنحدرت غالبيتهم من مناطق الشمال والغرب وتمازجوا فى الوسط . هل نشأت فصائل المتأسلمين السودانيين من خلايا جزعية تميزت بخصائص لم تتوفر لنخب رصفائهم من الأجياال الموازية؟ وإذا ما تقبلنا – إفتراضاٌ - مقولات تقاطع معتقداتهم الوحدانية مع أيديولوجية النخب اليسارية الملحدة فبماذا نفسر نزعاتهم الإقصائية أزاء نخب الملل الإسلامية الأخرى؟ إنهم منشأة فئات منعزلة الوشائج فى المدن الكبرىمنبتة الصلات فى الأرياف وعديمة التواجد بالأصقاع المهمشة.



    كيف تمكنت هذه الطقمة المتأسلمة – على مرأى ومسمع من قيادات الطائفتين الغالبتين وحزبيهما – من الإستيلاء على زمام السلطة وإقصاء غالبية القوى الوطنية والإنفراد بدست الحكم فى مواجهة عزلة إقليمية ودولية ومنازلة عسكرية وسياسية فى حلبتى الصراع الداخلى والخارجى ؟ كيف تمكنت هذه الطقمة - حتى بعد تشظى الإنقسامات فى قمة تنظيمها والتقاطع فى توجهاتها العقائدية – كيف تمكنت من مواصلة هيمنتها لما يقارب سبعة عشرة عاماَ؟ إنهم جزيئات من شرائح الطبقة الوسطى فكيف تمكنوا من تفكيك الكيانات الإقتصادية والإجتماعية والمهنية لشرائح طبقية أقدم وأرسخ منهم بنية وخبرة (الطرق الصوفية والكيانات القبلية والأحزاب الطائفية والتنظيمات النقابية والهيئات المهنية والفصائل اليسارية)؟ أضع فيما يلى تحت مجهر القراء إجابات على الأسئلة المطروحة أعلاه للفحص والتدقيق:



    1- تلقت النخب الإسلامية السودانية منذ نشأتها فىأوآخر الأربعينيات أبجديات توجهاتها السلفية من تنظيم الأخوان المسلمين المصرى الذى بدأ عام 1928 كحركة إصلاح إسلامية ثم تحول للعمل السياسى عام 1938. (د/كمال السعيد حبيب – الحركة الإسلامية من المواجهة الى المراجعة ص: 12). والجدير بالذكر أن البراعم الأولى لنخب الأحزاب الإتحادية والرموز التاريخية لليسار السودانى أنفلقت فى أرض حركة التحرير المصرى وأنبتت خلايا جزعية متباينة، ولكنها تجزرت فى تربة الوطن وإرتوت من روافد التعدد العرقى والدينى والحضارى. فعلى الرغم من الإستقطاب الطائفى (أنصار/ختمية) وتبنى النخب السياسية لتوجهات متعارضة فرضتها ظروف الصراع بين دولتى الحكم الثنائى تمكنت نخب الأحزاب من إستنباط توجهات إقتصادية/إجتماعية وإرتياد مسالك عقائدية مكنتها من إجتذاب قواعد جماهيرية من أعراق وفئات وطبقات متعددة. وفى الوقت الذى تبنى فيه الحزبان الكبيران مناهج ومرجعيات الصوفية الإسلامية وفقاٌ لتوجهات طائفتى الختمية والأنصار، عمد رواد الحركة الوطنية الى إستحداث مناهج وبرامج وثـّقت التواصل بين المقاصد الدنيوية والأخروية دون إقصاء او تخصيص أو إستعلاء على ملة أو فصائل عرقية . لم تتضمن برامج ولوائح هذين الحزبين شروط عقائد إقصائية أو خطوطا حمراء تقيد حرية الإنتماء، إلا ما أفرزه واقع الصراع الطائفى والحزبى من تنافر عقائدى وتوجهات عدائية.



    2- نشأت النخب المتأسلمة فى بوتقة الحركة الوطنية السودانية المتمركزة فى المدن الكبرى للشمال والوسط والغرب وحاولت تسويق بضاعتها العقائدية فى أوساط الزعامات الطائفية وتسللت بخطابها السلفى الى أتباع الطرق الصوفية ولم تجد قبولأ. وحينما فشلت مساعيها لدى السيديين عبد الرحمن المهدى وعلى الميرغنى توددت دون جدوى الى رحاب محمود محمد طه (أسماء فى حياتنا – يوسف محمد يوسف) . ولا يجد المدقق فى نشأة ومسار الحركة الوطنية منذ إنطلاقها من مؤتمر الخريجين الى فترة إنقسامها وتمحور نخبها تحت قطبى الطائفتين الدينيتن الختمية والأنصار – لا يجد المدقق أيّ أثر لفكر موثق أو إسهام سياسى إبتدرته النخب المتأسلمة. هنالك إدعاء تتمشدق به فئة من فقهاء الإنقاذ مفاده أن الحركة الإسلامية قد تخلقت فى رحم الحركة الطلابية وإشتد ساعدها كترياق مضاد لنفوذ اليسار الإلحادى (الحزب الشيوعى السودانى). ولكن هذا إفتراء يضحده خلو قوائم رواد وشهداء الحركة الطلابية من أى إسم لمتأسلم منذ إضراب طلاب كلية غردون التذكارية الى مذابح عبود فى جامعة الخرطوم . ولم ترصد فى قيادات المنظمات النقابية ولا فى إتحادات المزارعين خلال النصف الثانى للخمسينيات أسماء قياديين متأسلمين . فقد عاشت النخب المتأسلمة عزلة مجيدة خلال الفترة المذكورة بسبب عدة عوامل لا يحسب من بينها مواقف عقائدية أزاء إستغلال الدين او هيمنة الإستقطاب الطائفى . لقد كانت العوامل الرئسية التى أدت الى تلك العزلة - حسب رأى بعض المؤرخين: إستسلام النخب المتأسلمة لتقزم الإجتهاد الفقهى والإنكفاء الذاتى على الموروث السلفى والتستر بالطهر الزائف والتذرع بالزهد والورع العقائدى . هربوا بجلودهم من معارك المهنيين والطلاب والعما ل والمزارعين وعاشوا حالة بيات كفت عنهم شرور القمع الإستعماري وتسلط الأنظمة الرجعية وتداعيات الصراع السياسى ولجأوا الى جبل لم يعصمهم من طوفان الحركة الوطنية.



    3- وفى الوقت الذى إهتدت فيه غالبية النخب السياسية الى توجهات قومية وبرامج قربتها من مقاصد الشعب السودانى ومسارات التحررالوطنى، تكلبت النخب المتأسلمة فى أبراجها العاجية متمترسة فى أُنموذج دولة القرن السابع الرسالية (يثرب). لم أعثر خلال تلك الفترة (1945 – 1950) على مواقف إتخذتها النخب المتأسلمة أزاء القضايا الساخنة آنذاك, خاصة إستقلال البلاد والتحرر الأقتصادى والتعدد العرقى والثقافى والدينى والوحدة القومية.



    4- هنالك تشابه فى مسار النشوء والتطور التاريخيين لغالبية نخب الأحزاب السودانية حجبه عن أعين المدقق تصنيف غالبيتها الى طائفية وعقائدية ووسطية .... وحاليا جهوية وعرقية. لم يصب رحم الحركة الوطنية بالعقم وفق مخططات اللورد كتشنر، بل تواصل التلاقح الطبيعى بين القديم والحديث فى تزامن مع التلاقح الأنبوبى الذى أنجب طوائف وأحزاباَ ذات جينات وخصائص متباينة. ونسبة لتعدد الأعراق والديانات والمعتقدات (وثنية ووحدانية) المتجذر من تراكم وصراع وتداخل الحضارات والثقافات فى الداخل والوافدة من الخارج نشأت دويلات وثنية وإسلامية وتمازجت فى الجنوب والغرب والوسط والشمال والشرق عقائد وثقافات إسلامية عروبية/أفريقية بفعل التلاقح العرقى والتداخل الإقتصادى/الإجتماعى والحراك الجغرافى للمجتمعات البشرية. وقد كان التفوق الحضارى والتسلط الدينى من أهم العوامل التى خلَّقت نسيج مجتمعات الأقاليم السودانية المتميزة حاليا بالثقافة والتقاليد الإسلامية/العربية. وفى الوقت الذى لم تجد فيه الديانات الوحدانية (اليهودية والمسيحية والإسلام) منافذ يسيرة الى اقاليم سودانية أخرى ضعف تأثير الوحدانيّة على مجتمعات تلك الأقاليم. ونبادر - درءاَ لأى هجوم مضاد - الى إثبات حقيقة تاريخية هامة وهى: أن دخول الأسلام الى السودان من الشمال(مصر) ومن شمال أفريقيا (بلاد المغرب) ومن الشرق (الجزيرة العربية) ومن الغرب ( بلاد غرب أفريقيا) لم يكن بالسيف وحده، بل بفعل التفوق النسبى العقائدى والحضارى على الديانات الأخرى والسعى التوسعى لأستغلال الموارد المتاحة . كتب عدد من الرحالة والمؤرخين الفرنسيين فى غرب أفريقيا عن دخول افواج من زعماء القبائل والأرقاء فى الإسلام هروباً من قهر الديانات البدائية ونير النظم العبودية السائدة آنذاك. ولم يتمكن أغلب ملفقي الأحداث من تعتيم المقاصد الدنيوية (الماء والكلأ والأرقاء) التى تستر عليها غالبية الغزاة والوافدين لبقاع السودان بدعاوي إعلاء كلمة الله ونشر الحضارة والتقدم. ومن اللافت للنظر ان الذين دخلوا الإسلام فى مختلف بقاع غرب السودان كانوا أفارقة متأسلمين وليس عرباٌ متفقهين (راجع ما كتب د. أحمد ساكنجا عن دور فرتاك الجد فى نشر الإسلام فى بعض أقاليم غرب السودان).



    أبناء كلية غردون



    5. واجهت النخب المتأسلمة منذ نشأتها بنية تاريخية راسخة للإسلام السودانى المتميز بخصائص هجين عروبي/أفريقي إنبثقت مكوناته السلفية من العيسوية/المهدوية ومرجعيات الثورة المهدية وطقوس الطرق الصوفية المهجنة والمدجنة، بما فى ذلك طريقة الختمية النازحة من أقاصى آسيا إلى الحجاز ومصر ثم شرق وغرب السودان هذا بجانب البعث المهدوي المعاصر برعاية آل المهدى. ولابد فى هذا المنعطف من الإعتراف بتواتر إنشطارات الطوائف والملل الإسلامية وتشظى نزعاتها الإنقسامية منذ صدر الإسلام حتى اليوم بجانب التكاثر الأميبي فى نطاق الحركات الإسلامية المعاصرة. ولهذا تقاطعت بنية العقل الإسلامى المستنسخة من الحركة الإسلامية المصرية (ايديولوجية ألنخب المتأسلمة السودانية) مع متغيرات وخصائص الإسلام السودانى. فقد شرعت النخب المتأسلمة فى بث دعوتها المستنسخة من حركة الأخوان المسلمين المصرية فى أواسط الخمسينيات بشعارات إصلاحية فى مجتمع صد جيوش الخلافة العثمانية طراحة الإسلام السلفى ودحر فلول التسلط الخديوي وأنصهرت رؤاه العقائدية فى مواجهة دولتي الحكم الثنائى وإستقطاب الطوائف الدينية. ألف سكان المدن الثلاثة - خلال الأربعينيات - أهازيج شباب الختمية: شي لله يا مرغنى ... وأناشيد شباب الأنصار: نحن جند الإمام.... إلى أن رفعت ثلة من المتأسلمين أنشودة... حسن البنا حسن البنا ما غاب بطلعته عنا! تمحوّرت باكورة النخب المتأسلمة حول قيادات الرعيل الأول داعية لتطبيق الشريعة وتبنى الدستور الأسلامى دون إدرااك لتداعيات المعترك السياسي فى مجتمع متعدد الأعراق والديانات . وقد أحسن شاهد منهم وصف تلك المرحلة وإنحسارها:



    "...لقد قاد حسن البنا الأخوان المسلمين بالطريقة التقليدية المتمثلة بشيخ يريده مريدون فأّتسمت قيادته بالقليل مما يمكن وصفه بالديمقراطية وكان هذا النحو من القيادة يستند إلى نظرية مفادها أن الشورى غير ملزمة، وبأنها لا تعدو أن تكون نافذة يطل منها صاحب الامر على الاَخرين ووسيلة لإقناعهم برأيه، ولكن سرعان ما أهملت هذه النظرية(...) ففى السودان مثلا قامت الحركة الإسلامية على أيدى شبان متقاربين عمراً وثقافة فلم يكن لأحدهم أن يدعي سبقاَ على الآخرين. كذلك فإن جميع الحركات الإسلامية المعاصرة ديمقراطية عمادها التنظيمى مجلس شورى ينتخب القائد ويحتفظ بحق محاسبته، فنموذجها إذاً نموذج ديمقراطى." (د. حسن الترابى – ندوة حوارات فى الإسلام: الديمقراطية، الدولة، الغرب – جامعة جنوب فلوريدا، ألولايات المتحدة، ص 34 - 1992).



    بمثل هذه الهرطقات جادل عراب الإنقاذ صفوة من الأمريكيين والعرب المهتمين بالحركات الأصولية الإسلامية . كان ذلك عام 1992 فى منتصف السنة الرابعة من عمر الإنقلاب الإنقاذى. والعجيب فى الأمر أنه لم يقلل - بمثل هذا الإدعاء - من شأن الحركات الإسلامية السلفية والمعاصرة فحسب، بل أطنب فى الثناء على الحركة الأسلامية السودانية دون غيرها مدعياً بأن مشروعها الحضارى سيكون أنموذجاَ للدولة الرسالية فى العالم. والأدهى وأمر أنه فى سيا ق حديثه عن إكتشاف هويته الإسلامية فى إنكلترا تجرأ على إستكياش المنتديين بقوله:



    " لا مفر من الإعتراف بأن الإسلام لم ينتشر فى السودان من طريق المهدية أو الشريعة أو المتدينين، ولكن من طريق جامعة الخرطوم: فقد كانت هذه الجامعة مهد الإسلام فى السودان بالرغم من أنها لم تنشأ لهذا ألهدف (...) هذه الجامعة لم تسم جامعة الخرطوم إلا بعد قتل غردون باشا . هكذا فلا حرج - حتى فى موقعنا الذى نحن فيه اليوم - بأن نوصف بأبناء كلية غوردن" _(نفس المصدر أعلاه – ص 91)".



    6. أما فيما يتعلق بالجذور الطبقية لفصائل النخب المتأسلمة فلابد لنا من ذكر الاَتى: انجبت إدارة دولتى الحكم الثنائى - بعمليات قيصرية - شرائح من الطبقة الوسطى (عسكريين وإداريين وقضاة وفنيين ومعلمين وتجار) إستكفاءَ لمستلزمات إنشاء وتنمية مؤسساتها الإنتاجية والخدمية. كما إستثمرت دولتا الحكم الثنائى المال العام فى تسمين الطوائف والطرق الدينية وذلك بتوفيرالقروض وتخصيص الأراضى الزراعية والسماح لعرابي الطوائف المتناحرة بإستدرار الزكوات والصدقات والأتاوات من الأتباع والمريدين، مما وفر أنجع السبل وأسرعها للإستحواذ على التراكم الأولي - العيني والنقدي – وإستثماره فى إستزراع الفئات والطبقات الإجتماعية الحديثة. ومصداقا لإعترافات عراب الإنقاذ (الترابى) المذكورة أعلاه يتبين لنا أن باكورة النخب المتأسلمة لم تكن سوى شريحة إنسلخت من الطبقة الوسطى عبر إنقسامات أميبية عقائدية وسياسية تشرنقت فى حضّانات مؤسسات التعليم الإستعمارى (البريطانى/الخديوى). ولا بد لنا من أن ننفذ من تقاطع الرؤى المعترفة بالتفاوت الفئوى والطبقي فى نشأة وتطور المجتمع السودانى وتلك الناكرة لعوامل التمايز الإقتصادى والإجتماعي، لنقف على حقائق أساسية. فلقد كانت ولا تزال الطبقة الوسطى هى الأم الرؤم التى أنجبت كل شرائح النخب العقائدية والمهنية والسياسية الرائدة – على إختلاف مرجعياتها الدينية والأيدولوجية. ولهذا لا غنى عن التنقيب المضني للتعرف على القسمات المتداخلة والفارقة فىالنشأة والمكونات والتطور التاريخى لهذه النخب. هل يفيدنا- لدى قراءة تضاريس البنية الطبقية للمجتمع السودانى - مجرد الإكتفاء بإلصاق مسميات لفظية: الجماهير الشعبية والفئات المهمشة والقوى العاملة والبرجوازية الصغيرة والرأسمالية الطفيلية؟ وهل يجدي تصنيف التكوينات العقائدية الى طرق صوفية وطوائف وسلالات أشراف ؟ لقد ظلت نخب من شرائح الطبقة الوسطى الحديثة ممسكة بأعنة القوى الموجهة لتطور المجتمع منذ نشأة مؤتمر الخريجين مستخدمة قدرات فائقة على تغيير أقنعتها العقائدية والسياسية للإندراج فى سرايا الأنظمة التى إستولت على السلطة عبر صناديق الإنتخابات أو على ظهور الدبابات. يلاحظ أن بعض المهتمين بقضايا الحركة الوطنية يسلطون أضواء إهتماماتهم على وسائل الإستيلاء على السلطة وما تحققه الطقم الحاكمة من منجزات ظرفية دون إستقراء للتداعيات المترتبة عليها فى حياة المجتمع إخفاءٌ لدوافعها ومؤثراتها السالبة فى حياة مختلف الفئات والطبقات الإجتماعية. ولهذا كثيراً ما يشيدون بحسم وإخلاص(وصرامة ودغرية) العسكريين فى إدارة شؤون البلاد (النظم العسكرية) وطهر ونقاء المنتمين الى عترة آل البيت. يمكننا تصنيف شرائح الطبقة الوسطى حسب محاور مكوناتها الإجتماعية والمهنية خلال الخمسينيات إلى : صغار المنتجين الزراعيين والتجار والحرفيين والمهنيين والإداريين ...ألخ. هنالك فئات مقتدرة بين هذه الشرائح إتجهت بوعيها وإستنارتها لمقاصد ذاتية وضعت نفسها طوع توجهات زعامات طائفية أو حزبية أو سلطوية خارج محاور فئاتها أو طبقاتها. لابد للباحث أن ينقب تاريخياً عن أسباب إنقسام مؤتمر الخريجين وسعي الزعامات الدينية لإستقطات نخبه النابهة وتكريس جهودها فى إنشاء أحزاب تسنمت قياداتها رموز وراثية تتقاطع توجهاتها الدينية والإقتصادية مع تطلعات رواد الطبقة الوسطى . ولا يمكن إغفال نزوع بعض شرائح الطبقة الوسطى عقائدياَ وسياسياَ الى شق دروب وطنية أخرى للفكاك من أسر الهيمنة الطائفية. كانت حركة الأشقاء المقدمة الصدامية الأولى التى واجهت إستقطاب الطائفية خاصة تلك التى كلبت أظافر عدائها فى رقاب المراغنة وإندرجت - فيما بعد – تحت رعايتهم فى دوامة الحركة الإتحادية. هذا في الوقت الذى إستجارت فيه نخبة من قيادة الخريجين بالإنحياز لآَل المهدى وأسهمت تحت رعاية المهدوية المعاصرة فى تكوين الحركة الإستقلالية بقيادة حزب الأمة.



    7. لعبت الطبقة الوسطى الحديثة عبرمنعطفات تاريخية متتالية عدة أدوار هامة فى نشأة وتطور الحركة الوطنية السودانية ، نتناول فيما يلى أهم مؤثراتها على الطوائف الدينية والأحزاب السياسية وحركات النخب السلفية والمعاصرة:



    أ- نشأ جهاز الدولة الثنائى تحت إدارة متضادة الأهداف، (توسيع نطاق الهيمنة الإمبريالية البريطانية وتشبث الخديوية بإرثها التركى)، متعارضة الأديان، (الإسلام العثمانى والمسيحية الأوربية)، متباينة المستويات الحضارية (نظام إمبريالى رأسمالى وحطام الخلافة العثمانية شبه الإقطاعى). وعلى الرغم من حدة التناقضات الثانوية - فيما بين سلطتى الحكم الثيائى - حرصت كل منهما على إستئناس الزعامات الدينية والقبائل والنخب المتعلمة التي تواطأت مع الغزات وتوحدت مقاصدها للإطاحة بالحكم المهدوى. فقد طال التدجين الدينى والسياسى أجيال شهداء كررى وأم دبيكرات وأجتاح معاقل بعض الذين ألفت المهدية قلوبهم.



    ب- كان لكل من دولتى الحكم الثنائى سياسات ووسائل متمايزة تناسقت إستراجياتها وتكتيكاتها لدى غزو البلاد وإلحاق الهزيمة بقوى الثورة المهدوية وتقاطعت فى فترات لاحقة بفعل تعارض مصالح الدولتين. فقد أتيحت للمراغنة سبل تحالف وثيق مع دولتى الحكم الثنائى وأعانوا الغزاة واستعانوا بهم ودجنوا بعض الملل الصوفية والقبائل بمختلف الوسائل الروحية والمادية لمحاربة المهدية وإزالة آثارها. كما تضافرت جهود سلطتي الحكم الثنائى فى توفير الوسائل الإقتصادية والإجتماعية والدينية والقانونية (أنظر الفقرة أعلاة رقم 6) لإستنبات براعم شرائح طبقية متباينة التوجهات من البيوتات الدينية الثلاث (المرغنية والمهدوية والهندية). وحينما أحست القوى المنتفعة بنفوذ دولتى الحكم الثنائى بمخاطر حركة نخب الطبقة الوسطى (مؤتمر الخريجين) وتداعيات إنحسار هيمنتها الإقتصادية والدينية عمدت الى تشجيع النزاعات الإنقسامية وإستدرجت مجموعات مميزة من الخريجين وإستقطبتها فى محاور قيادات أحزابها السياسية مكرسة أنقسا م الحركة الوطنية وتطويعها فى خدمة طوائف متنازعة دينيا وسياسيا. وفى الوقت الذى إحتد فيه النزاع بين زعامات البيوتات الدينية للإستحواز على ما يتيسر من المغانم الدنيوية فى تزلف فصامي لقطبيّ الإدارة الثنائية أو إنحياز باين لأحدهما، لم تتوان نخب الزعامات الدينية عن التشبث بخصوصية إستحقاقات تفويضها الديني وتجذر إنتمائها الى اَل البيت. وعلى الرغم من ذلك لم يقو سياج الهيمنة الدينية والإقتصادية والسياسية الذى ضربتة الطائفية المتدينة حول أتباعها ومريديها على صد شرائح الطبقة الوسطى من الإفلات والشروع فى بناء كياناتها الذاتية المتمثلة فى بواكير حلقات الأشقاء والجمهوريين وأنصار السنة والماركسين والإسلاميين. ولا مناص من الإقتناع بأن منشأ بواكير الحلقات المذكورة يتجذر من رحم الطبقة الوسطى، علما بأن عوامل داخلية وخارجية متعددة قد تحكمت فى تشكيل توجهاتها الأيديولوجية والسلوكية.



    ج- يصنف غالبية رواد الفكر السلفيين ونفر من المفكرين المعاصرين مكونات المجتمع السودانى وفقاً لقوامة نخب متمايزة بإجتهاداتها الإقتصادية والإجتماعية والعقائدية تعتيما لشبكية علاقات الإستغلال والإستلاب السائدة فى مجتمعات القرن العشرين (العائلة والعشيرة والقبيلة والجهوية والأمة) تأسيساَ على فعالية التسيير والتخيير والرزق. ويناطح بعضهم طواحين الهواء إنكاراً لوجود طبقات مستغلة (بكسر الغين) فى مسار التطور التاريخى للمجتمع السودانى، بينما يقر البعض الاَخر بواقع الإنقسام الوظائفى (ملاك مستثمرون وفعلة ..ألخ). لقد تفاقم الإنقسام الفئوي والطبقي بوتائر متسارعة فى المدن وتشظي فى الريف مؤججاً بؤر التهميش القبلي والإقليمي. ويلاحظ أن غالبية شرائح الطبقة الوسطى التى إعتصمت بحبل الدين الإسلامي فى مناطق الشما ل الأوفر حظاٌ فى النموً، خاصة نخب أنصار السنة والجمهوريين والإسلاميين لم تقو بواكيرهم على إختراق سياج النفوذ الطائفي ولم تتجرأ على كشف علاقات الإستغلال الفئوي والطبقي المتوارثة تاريخياً فى بنية المجتمع السودانى. كان لبعض هذه الشرائح مبادرات لا يمكن إنكارها فى تعرية الدجل الطائفى وأساطير الغيبيات الصوفية. وقد تميزت - فى هذا الإتجاه - صفوة محدودة بتوجهاتها العقائدية الساعية لتحجيم النفوذ الطائفى، بينما جنحت بعض فصائل المتأسلمين وحفنة من نخب الأحزاب الطائفية الى تنصيب أزلام وهوابات طير ألبسوها أقنعة دينية زائفة. كان لتسلط وهيمنة مجموعات بشرية - مكنتها وسائل الفرز العرقى والدينى من تأسيس دويلات وثنية ومسيحية وإسلامية - اليد الطولى فى تخليق وولادة الفئات والطبقات الإجتماعية من رحم المجتمع السودانى القديم. كما تضافرت جهود إدارة الحكم الثنائى لإرساء لبنات الأساس لهياكل فئات وطبقات جديدة، وتجريف الشرائح القديمة الاَيلة للإضمحلال. كان ذلك بفعل المبادرات الإستثمارية فى بناء مرفقى السكك الحديدية ومشروع الجزيرة وما إصطحبهما من مناشط إنتاجية وخدمية . فقد أنشأت السكك الحديدية تجمعات سكانية جديدة وأعادت الحياة الى مدن نضب معينها ووفرت محاور وظائف قوامها إستخدام العمل المأجور وربطت بين مراكز الإنتاج والإستهلاك السلعى. كما أزاحت إختناقات علاقات الإنتاج والتبادل البدائية بإكتمال مشروعات الرى المنتظم (الجزيرة) وإدخال أنماط إقتصاد شبه إقطاعي شبه رأسمالي (المشروعات الخاصة).



    هل تنزلوا من السماء؟

    " من أين أتى هؤلاء ؟" نواصل تنقيبنا للإجابة على السؤال الصاروخى عن النخب المتأسلمة. نتساُءل هل تنزلوا هدايا من السماء ، كما أخبرنا الترابى عن البشير إذ قال لا فض فوه ساعة اللقاء الأول عشية الثلاثين من يونيو 1989 " إنه (أى البشير ) هدية السماء لأهل الأرض" أو كما فضح أمره حينما تفاصلا: "سلمته بيان الثورة فذهب الى القصر رئيساً وذهبت إلى كوبر حبيساً !!" هذه عبارة ثاقبة كتبها تحت صورة عمر البشير د. عبد الرحيم عمر محى الدين وهو شاهد عيان من أهلهم فى مؤلفه (الترابى والإنقاذ – صراع الهوية والهوى - فتنة الإسلاميين فى السلطة ص 51 دمشق, 20/12/2005). يقع هذا السفر فى 664 صفحة من الورق المصقول سجل فيها المؤلف تفاصيل أدواره المميزة ودوّن فيها معلومات موثقة عن الإنقاذ ومشروعها الحضاري حتى نوفمبرعام 2005.

    تمويه الوعى الطبقي

    وحينما نشير الى إنحدار النخب المتأسلمة من رحم الطبقة الوسطى، لا ننكر أن غالبية النخب القائدة للأحزاب الأخرى (مجموعات الإتحاديين والأمة وفصائل اليسار) قد إنحدرت من نفس الرحم. ولكن نسبةَ التّداخل فيما بين الطبقات الإجتماعية والحراك التاريخي لمكونات التركيبة السكانية والإضمحلال البطىء لهياكل المجتمعات القديمة، يواجه الباحث صعوبات تحول دون ترسيم الحدود متواصلة النمو والمتغيرات فيما بين الطبقات ألإجتماعية. وإذا أردنا تصنيف الأحزاب السودانية حسب معايير وعيها الطبقي يلاحظ أن أدبيات الأحزاب الطائفية تعمدت منذ نشأتها تمويه الوعي الطبقي لدى أتباعها بمبررات دينية (..سواسية كأسنان المشط ..) وإجتماعياً ( درء الفتنة بالتسامح ) وسياسياً (الدين لله والوطن للجميع ). هذا فى الوقت الذى أدمنت فيه النخب المتأسلمة تغييب وعي أتباعها بقناعات الحاكمية لله والتعمية العقائدية بترسيم حدود فاصلة بين المسلمين والكفار. لا يخفى على أحد إنسلاخ بعض الشرائح المستنيرة من الطبقة الوسطى وإندراجها فى خدمة الزعامات الطائفية، الأمر الذى يستدعي فحص حالات تقاعس القيادات النخبوية فى الأحزاب الأخرى (الإتحاديين والجمهوريين والأخوان المسلمين وفصائل اليسار) عن تبنى مفهوم الصراع الطبقى وإجلاء وعي أتباعها فى معارك التغيير الإقتصادى والإجتماعى.

    لقد كان الإنقسام الطبقي ولا يزال ظاهرة ملازمة لنشوء وإرتقاء المجتمع السودانى منذ بداية مكوناته الأولية: العشائرية والقبلية والعرقية والدينية. إنقسمت المجتمعات السودانية الى سادة ورقيق فى الأنظمة الوثنية والمسيحية والإسلامية وإستندت مؤسسة الرق إلى مبررات تاريخية وعرقية وإقتصادية وإجتماعية ودينية ظل سوسها ينخر فى العقول حتى اليوم. ونشير فى هذا المنعطف الى مواقف أعيان أمدرمان الثمانين الذين رفعوا عريضة لسردار الجيش المصرى فى مايو 1898 يعترضون فيها على إنتزاع ما ملكت أيمانهم من الأرقاء الذكور للخدمة فى الجيش. وحينما أصدرت أدارة الحكم الثنائي صكوك تحرير الرقيق (1919) إعترض ألأعيان المميزون دينياً (زعماء الطوائف الدينية الثلاث) مطالبين بإعادة الأرقاء إلى إسيادهم، ومحذرين من عواقب تحرير العبيد (أنهيار الإنتاج الزراعى وزعزعة الأمن) وفك أسر الخدم (تفشي معاقرة الخمور الدعارة). فما كان من أدارة الحكم الثتائي إلا الإستجابة لرعبة زعماء الطوائف الثلاث والأعيان من التجار بإلغاء أحكام صكوك تحرير الأرقاء. وتكررت مواقف مماثلة عقب هزيمة إنتفاضة 1924 مؤكدة التمايز الإقتصادى والعرقى والدينى. وقد كان لنخب مؤتمر الخريجين السبق فى تنظيم المتعلمين من فئات الطبقة الوسطى كما كان لرواد الحركة النقابية فى إوآخر الثلاثينيات من القرن العشرين السبق فى إتخاذ مبادرة للتعبير عن أوضاع ومصالح فئات طبقية حديثة ( إضراب السكك الحديدية)

    تسترت غالبية نخب الطبقة الوسطى على سلبيات الإنقسام الطبقي وفجور تفاقمه فى المجتمع السوداني ومجتمعات الجوار العربية والأفريقية طوال الفترات السابقة واللاحقة للإستقلال. وتراكمت غشاوات التعمية العقائدية والسيا سية إلى أن إنبرت شرائح من الوطنين واليساريين بإدبياتها الأيديلوجية وبرامجها الإقتصادية والإجتماعية إلى ساحات الصراع السياسى ساعية لإستنهاض الفئات الفقيرة فى المدن (المنظمات النقابية) وبؤساء الريف (إتحادات صغار المزارعين) والمهنيين والطلاب. وأمتدت بصيرة الوعي إلى المرأة فى المدن والريف. إرتعدت آنذاك فرائس النخب الدينية والسياسية وعبأت ذخائر فاسدة من مخزون الفكر السلفى والإمبريالى للهجوم على اليسار: التخريب الإقتصادى وإستيراد الفكر الأجنبى وإثارة الفتنة الإجتماعية وتأجيج نيران الحسد ...ألخ. إرتدت ذخيرة الطائفية الى صدور زعاماتها وهرعت أحزابها الى إنتزاع الريادة من اليسار مستخدمة قوانين الإستعمار (محاربة النشاط الهدام) وأستسلمت لتسلط الإنقلابات العسكرية. هل تنزلت سرايا اليسار من عوالم أخرى؟ أم تلقت فكراً شيطانياً من الخارج كما يدعون؟ لا ينكر أيّ عاقل إنحدار النخب المتأسلمة واليسارية من رحم الطبقة الوسطى كما لا يمكن إنكار ما أستوردته النخب السياسية من تجارب ومعارف المجتمعات البشرية (وثنية ودينية وعلمانية وملحدة). هذا بجانب ما أتيحت آنذاك من فرص تاريخية للتلاقح بين المكونات المحلية والخارجية لإستنباط ما يتيسر من المشروعات الحضارية. إهتداء بهذا المفهوم تمكن اليسار من قراءة تضاريس نشوء وتطور التكوين الطبقي فى تاريخ المجتمع السوداني، بينما ظلت النخب المتأسلمة منكفئة على سلفيات صدر الإسلام - يرتد إليها البصر خاسئاً وتصاب بمرج يحول دون إستشراف واقع المجتمع السوداني.

    خارطة طريق الإنقاذ

    نورد فيما يلي الإشارات الفارقة لخارطة الطريق الذى تنكبته النخب المتأسلمة لدفع المجتمع السودانىإلى مشروع الإنقاذ الحضارى:

    1. . بدأ الرعيل الاول من النخب المتأسلمة بالدعوة للإسلام من منابر تغيرت مسمياتها (الأخوان المسلمون, ثم جبهة الميثاق الاسلامي, والجبهة الاسلامية القومية، والمؤتمر الشعبى العربى الاسلامى وأخيراُ حركة الانقاذ بشقيها المؤتمر الوطنى والشعبى). لم تفلح الحركة الإسلامية فى بناء جسور سالكة للتواصل مع الطرق الصوفية ولم تتمكن من إختراق متاريس الطوائف الدينية وأحزابها السياسية مما إضطرها الى مناطحة مؤسسات عقائدية وإجتماعية راسخة البنيان. ولقد إستغلت النخب المتأسلمة فى بداية الستينيات من القرن العشرين عوامل محلية وإقليمية وعالمية مكنتها من إجتذاب فئات طبقية محدودة من المتعلمين والمهنين والتجار والطلاب. ونسبة للأهمية المحورية لهذه العوامل فى فحص الظاهرة الإنقاذية نتعرض لها فيما يلى بقدر من الإيجاز:

    أ. العوامل المحلية وأهمها تغلغل الثفافة الأسلامية العربية فى توجهات وتطلعات الشعب، خاصة فى الشمال والوسط والغرب، وإنحسار نفوذ الطوائف الدينية فى أوساط الأجيال الحديثة، والتقارب الاٌيديلوجى بين الحركات الدينية والقوى الإمبريالية الرأسمالية فى معاداة الإشتراكية والشيوعية، والتعاضد المادي والإعلامى بين المتأسلمين وقادة الأنظمة الرجعية الإقليمية والعا لمية. لقد تضافرت عوامل أخرى أعمق تأثيراً وهى: تكلس فكر الإجتهاد الديني لدى الزعامات الطائفية ونخبها السياسية والتعارض بين سلوكها الدنيويّ وتوجهاتها الدينية. هذا بالإضافة الى إفساح المجال لهجمة المتأسلمين السلفية وتمكينهم من إستغلال الدعوة الإسلامية ضد الخصوم السياسين ومحاصرتهم فى حلبة الصراع السيا سى.

    ب. عجز الثقافة الدينية المهجنة فى حضّانات مؤسسات التعليم البريطانى/المصرى (كلية غردون ومعهد أم درمان العلمى والمدارس المصرية المتأسلمة والمتقبطنة) وقصورها دون مواكبة وعي وتطلعات الأجيال الحديثة المنبثقة من تعدد الأعراق والديانات. تصدت فصائل من يسار الطبقة الوسطى منذ نشوء مؤتمر الخريحين لمختلف التوجهات الدينية المهجنة بمقاومة جريئة ضد التسلط الطائفى كان أبرزها فصيل الجمهوريين بقيادة الأستاذ محمود محمد طه وجماعات الأشقاء التى إلتحمت بعض شرائحها مع رواد النهج الماركسى لتأسيس الحزب الشيوعى السودانى. لم يجنح اليسار فى مسار نشاطاته التنظيمية والسياسية والفكرية إلى إتخاذ مواقف عدائية ضد أيّ إنتماء عقائدي بل تفرد بإستنباط برامج ووسائل عمل أنارت الطريق أمام الجماهير لتوحيد قواها ورعاية مصالحها دون التعرض للإنتماء العقائدي او العرقى أو الجهوي. أنشأ اليسار النقابات العمالية وتحالف مع الختمي والأنصاري والمسلم والقبطى والوثتى. وأنشأ إتحادات المزارعين على نفس المنوال. ولكن حينما إستقوت النخب المتأسلمة بالفكر السلفي المستنسخ من تنظيمات الإسلاميين المصريين واقبلت منكفئة على ذاتها بجمود الإسلام السلفي عميت بصيرتها عن إستكشاف واقع المتغيرات فى العالم وفى الوطن. بدأوا بإقصاء ملل وطوائف المسلمين وجنحوا للعزل الدينى بإستعداء أهل الكتاب. وكفروا كل من سعى اليهم بوفاق عقائدي أو سياسي. وأنزلقوا بعد الإستيلاء على السلطة الى شق البلاد الى دار الحرب (الجنوب) ودار السلام (الشمال) وأججوا نيران حرب دينية يتواصل أوارها حتى الان.

    ج. تقوقع رواد النخب المتأسلمة فى حلقات ضيقة حصرت إهتماماتهم فى التلفع بالشعائر الدينية والدعوة لإقامة دولة رسالية عجزوا عن طرح وسائل إنشائها وتوصيف نظمها الإدارية والإقتصادية والإجتماعية والقانونية. وحينما إحتدم الصراع الأيديولوجي والسياسي قبيل الإستقلال وإنطلقت القوى الوطنية بخيارات برامجها : الوحدة بين السودان ومصر – الإستقلال - سياسة تحرير لاتعمير- الإستقلال التام الهادف الى تحقيق التحرر السياسي والإقتصادي, إبتدرت النخب المتأسلمة نشاطها السياسي بالدعوة الى تطبيق الدستور الإسلامى وتحالفت قياداتها بذكاء إنتهازي مع قوى لم تتخذ من الإسلام توجهاً وتزلفوا الى الد أعدائهم عقائديا وسياسيا. إستعدوا الحزبين الكبيرين على قوى اليسار واستغلوا الفصام الديني/السياسي المتجزر فى عقلية قياداتها ودفعوها الى الإستنجاد بالدستور الإسلامي فى مسرحية المعركة الإنتخابية عام 1969. تصدر السيّد الهادي المهدي وفد حزب الأمة الى القاهرة للإستقواء بنفوذها المادي والسياسي ضد منافسه على رئاسة الجمهورية السيّد إسماعيل الأزهري الذى شق عصى الطاعة - آنذاك - على حلفاء حزبه التاريخين (الحكومات المصرية) وتوجه على رأس وفد نخبوى الى المملكة السعودية مستجيراً بعدائها للناصرية إستدراراً لعطائها المادي وإستنجاداٌ بقواها الدينية. حاول كل وفد تسويق بضاعته فى أوعية الدستور الإسلامى المستساغة لدى نظامين متوازيين سياسيا وإقتصاديا ودينيا. لم يكن الدستور الإسلامى أثتاء تلك الفترة سوى تفكيراُ رغائبياً وشعارات هلامية أطلقتها نخب متأسلمة متباينة العقائد والمقاصد. وعلى الرغم من تبعية النخب السياسية فى الحزبين للبيوتات الطائفية المنسوبة الى عترة اَل البيت لم ترصد ذاكرة الشعب السودانى أية توجهات نظرية أو عملية لإستشراف دولة سودانية ذات دستور إسلامى مكتوب. وقد تبين بما يدع مجالا للشك أن هرولة زعامات الحزبين الكبيرين الى ساتر الدستور الإسلامي لم يكن إلا تكتيكاٌ مرحلياٌ للخروج من مطب تاريخي حاصرتهم فيه قوى دفع متناطحة: ضجة اليمين المتأسلم المتشظية بشعارات الدستور الإسلامى وحتمية تطبيق شرع الله – من جهة - ومدافعات اليسار المستندة إلى واقع معطيات التحول الإقتصادى والإجتماع والعقائدي فى مجتمع متعدد الأعراق والديانات والأعراف – من جهة أخرى. وصلت الحركة الوطنية انذاك الى مفترق طريقين حاسمين: طريقان لا ثالث لهما - دولة إسلامية رسالية أو دولة حديثة قوامها المواطنة.

    أستميح القارئ عفواَ إذا لم يجد إجابة شافية للسؤال الصاروخي: من أين أتى هؤلاء؟ لقد توصلت بعد تنقيب مضن إلى تصنيف النخب المتأسلمة فى عداد الشرائح المنحدرة من رحم الطبقة الوسطى وتبين لى أن بطون كل الطبقات الإجتماعية بطرانة. وتيقنت بأن شرائح الطبقة الوسطى فى المجتمع السودانى توالدت وتناسخت خلال نصف قرن من الزمان وتلاقحت مع متغيرات تاريخية متقاطعة (سطوة الأمبريالية الأوربية المتحالفة مع الخديوية المتأسلمة، أنقسام العالم الى كتلتين متصارعتين، تصاعد حركات التحرر الوطنى، صدامات الفرز العنصرى، تشظى النزاع الأيديولوجى، تفشى النزعات السلفية الدينية والقومية، تراجع الدولة الدينية أمام الزحف العلمانى وزحف أخطبوط الهيمنة الرأسمالية...العولمة...ألخ). لقد ظلت شرائح الطبقة الوسطى، بمختلف مكوناتها وتوجهاتها العقائدية والسياسية، رؤسا لرماح الحركة الوطنية كما كانت ولا تزال الأكثر عرضة للمتغيرات الداخلية والخارجية والأشد حرصاً على إستيعاب المؤثرات التحويلية, السالب أو الموجب منها. ولهذا لم تغالبنى أوهام البحث النظري ولم تدفعني غريزة إقصاء الاَخر لألصاق جميع أسقام ونقائص الطبقة الوسطى بجميع نخب المتأسلمين دون غيرهم من نخب الشرائح الأخرى. فعلى الرغم من إتساع نفوذ طبقتى العما ل والمزارعين فى مسار الحركة الوطنية، لم تتمكن بعض نخبها من تخطى سياج الرؤى العقائدية والدينية للطبقة الوسطى.

    ولاشك أن النخب المتأسلمة قد تأثرت كغيرها من النخب الأخرى بالعديد من الثقافات السلفية والمستحدثة (مرجعيات الصوفية والطائفية ورواسب مناهج التعليم الإستعمارى وتوجهات التغيير الإقتصادى والإجتماعى) ولهذا لم تتورع النخب الإنقاذية المتأسلمة عن إعادة إنتاج سلوكيات فاقت خطايا ًالنخب السالفة كماً وكيفاً. منذ العام الثانى للإستقلال تصدر العسكر ثلاث إنقلابات طفح البيان الأول لكل منها بشعارات إنقاذية أدانت الفساد والفوضى وسوء إستخدام الموارد المتاحة وإتساع نطاق المحسوبية ...ألخ وحرَمتْ نشاط الأحزاب السياسية والهيئات النقابية والمهنية وقيدت الحريات العامة وأشركت فى أجهزة السلطة عناصر من نخب الأحزاب الموصومة بأدران الفساد ولم تتورع عن إرتكاب جرائم حرمتها فأنشأت منظمات سياسية ومهنية وإستحدثت أجهزة مساندة وحامية لأنظمتها القمعية. واللافت لأنظار الباحثين أن البيان الأول لكل من الإنقلابات الثلاث لم يلتزم ببرنامج بديل لما كان سائداً من حالات اللا- برنامج وأن القوى التى أتاح لها الشعب فرصة العودة الى السلطة بعد إسقاط النظامين الأول والثاني لم تتمكن من طرح برامج مدروسة. منذ الإستقلال تدافعت نخب الطبقة الوسطى فى حلبة الصراع السياسي مستهدفة الإستيلاء على السلطة بشعارات ظرفية خادعة: تحرير لا تعمير، تحرر إقتصادى وسياسى، إستقلال تام، ثورة ديمقراطية وطنية، دولة إسلامية ....ألخ.

    ربما يستشف بعض القراء بين السطور إستدراجاً متعجلاً لإصدار حكم نهائى بإدانة النخب المتأسلمة لمجرد إنتمائها لشرائح الطبقة الوسطى أو محاولة لتبرئة الشرائح الأخرى من الخطايا والممارسات التى إرتكبتها طقم النخب المتأسلمة خلال سنين التمكين والهيمنة الإنقاذية. هل يستطيع أى مناكف إنكار الحقيقة المفجعة وهى أن النخب المتأسلمة قد تصدت بجرأة غير مسبوقة لإحتكار الدين وإستغلال الشعائر العقائدية لتجريد نخب الطوائف الدينية والملل الأخرى من أسلحتها التقليدية، وأضرمت نيران الحرب الدينية فى لجنوب (دار الحرب) وأبادت المسلمين فى الغرب والشرق، ثم أدارت ظهرها لحطام المشروع الحضاري: ثورة الإسلام السودانية. لقد أذهل نكوس شقى النخب المتأسلمة (الوطنى والشعبى) أقرب التابعين وخيب آمال المتطلعين للإستنجاد بالإسلام ديناٌ ودولة.

    هنالك أسئلة صاعقة لا مناص من طرحها لكشف طبيعة نخب المتأسلمين وتشريح الخصائص الفارقة فى نشأتها وتوجهاتها ومقاصدها المغلفة بالخداع الدينى والحذق الإنتهازى. ولا يفوتنى أن أنبه القارئ إلى أننى قصدت تكريس الحلقة الاولى من هذا البحث للإجابة على السؤال: من أين أتى هؤلاء؟ وقد تبين لى أن الإجابة لن تكتمل دون التنقيب فى مسار ومآلات الحركة الإسلامية منذ دخول بعض نخبها فى حلبة الصراع السياسي وتورطها فى مأزق إستنساخ دولة يثرب الرسالية. ولا شك أن إسهام القراء فى الإجابة على هذا السؤال سيفضى الى سؤال أكثر تعقيداُ وهو: الى أى دوامة إنحدر هؤلاء؟

    من وضع حجر الأساس لمنصة إنطلاق المشروع الحضارى للنخب المتأسلمة ومن عجن مونتها وضرب طوبها ومن شرع فى بنائها؟ ومن يسندها ويستند إليها وهى آيلة للإنهيار، بل من يجرأ على تقبل العزاء بعد مراسم الدفن؟ نواصل فى الحلقة الثانية الإجابة على هذه الأسئلة.




    sudanile
                  

05-07-2008, 03:00 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    --------------------------------------------------------------------------------

    الجمعة 7 جمادى الآخرة 1428هـ الموافق 22 يونيو 2007م العدد (2457) السنة السابعة

    كتاب اليوم

    سعود البلوي
    لئلا تعود محاكم التفتيش !
    "محاكم التفتيش" سيئة الذكر والسيرة شيء يشبه الجنون. فخلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين كانت إسبانيا مثالاً للدولة السلطوية، تتحكم فيها الكنيسة بتعيين الأباطرة الذين يحكمون كـ"ظل الله في الأرض" ولذلك ظهرت "الهرطقة" كوصف لمن يختلفون مع الشروحات المحددة للنص الديني-الإنجيلي للكنيسة الكاثوليكية. وكانت مهمة محاكم التفتيش تلك البحث في ضمائر الناس وعقائدهم وتوجهاتهم للكشف عمّن يخالفون تعاليم (مصالح) رجال الدين المسيحيين، ولهذا عانى الفلاسفة والمفكرون إلى جانب العقائد والأديان والمذاهب الأخرى من بطش وجور لجان التفتيش، كما أن المسلمين في إسبانيا (الأندلس) قد اضطُهدوا أشد الاضطهاد نتيجة لها، بعد أن وعدهم الإسبان الجدد بالسماح لهم بممارسة شعائرهم والتعايش في ظل الحكم الجديد عقب سقوط مملكة غرناطة، إلا أن التعصب وروح الكراهية طغيا على تلك الحقبة التاريخية المظلمة فأصبح المسلمون وغيرهم ملاحقين في عقولهم وأجسادهم لا لشيء سوى اختلافهم الديني والمذهبي والفكري عما يريده رجال الكنيسة، وتشير بعض المراجع إلى أنه بلغ عدد ضحايا هذه الممارسات المتطرفة أكثر من ثلاثة ملايين مسلم وأجبر البقية على الهجرة خارج إسبانيا أو تبديل دينهم.
    لا أظن أحداً في العالم يتمنى بالطبع عودة محاكم التفتيش ذات الصورة السوداوية المؤلمة. ولو تتبعنا تاريخ المرحلة التي نشأت فيها بذرة تكوين الكيانات السياسية العربية والإسلامية فسوف نجد بالضرورة مظاهر أخرى-وإنْ بصورة مختلفة- لمحاكم التفتيش. حيث كان بعض علماء الدين المسلمين وما زالوا يملكون وسيلة التأثير والسيطرة على المجتمعات ولذا ظهرت ردّات فعل ازدادت وتيرتها حدة ضد كل من يصرِّح برأي مخالف لصوت الفقيه. إذ إن العقل الفقهي المتشدد امتلك فعلياً السبل الفاعلة في الإلغاء والإقصاء للمخالف له رأياً فكان صوت الرأي المضاد ضحية تلك العقليات المتزمتة. ولو عدنا بالذاكرة التاريخية إلى الوراء قليلاً لوجدنا القهر والظلم والتشدد الذي نال المفكرين والمثقفين التنويريين أمثال علي عبدالرازق مؤلف كتاب "الإسلام وأصول الحكم" وكذلك طه حسين عن كتابه "في الشعر الجاهلي" الذي تفجرت أزمته بعد سابقه بأشهر خلال العشرينات من القرن الماضي. وامتدت هذه الأزمة متزايدة في وتيرة الحدة والتطرف لنرى بعدها بعشرات السنين الأزمة التي فجرتها محاكمة المفكر السوداني محمود محمد طه الذي أعدم عام 1985 بعد محاكمة صورية اتهم فيها بالارتداد عن الدين زيفاً. وبعد سنوات تمت قضية اغتيال الكاتب المصري فرج فودة عام 1992. أمر غريب فعلاً في الثقافة العربية الإسلامية أن تتم إعادة إنتاج المأساة بمنهجية منظمة. فمشاهد محاكم التفتيش الأوروبية التي رواها لنا التاريخ لم تكن درساً مفيداً لنا نحن المسلمين مع الأسف الشديد. بدليل ممارسة نفس الفكرة الإلغائية (التي تنطلق من عدم الإيمان بالتعدد الفكري والاختلاف) بطرق أخرى هي أقرب إلى الهوس منها إلى التعقل والتسامح، وكان المحك الرئيس فيها الرأي المخالف للرأي الفقهي على الرغم من أن النصوص التي ينطلق منها التطرف الديني قابلة للبحث عن أراء فقهية أكثر إنسانية وتسامحاً، إلا أن الفكرة السائدة هي الانطلاق من مبدأ: إذا لم تكن معي فأنت ضدي وإذا كنت ضدي فسوف تموت! هذه كانت المحصلة النهائية لهذه الثقافة المرتكزة على تقديس الذات وتضخمها وطمس احتمال وجود رأي آخر مختلف.
    اليوم، ونحن نعيش أصعب الفترات التاريخية في زمن التجاذب بين الحداثة والتقليد، يقوم "التكفير" على مبادئ الإرهاب الفكري والجسدي اعتماداً على الفتاوى الدينية الموغلة في التشدد والتمحور حول الذات والتي تقود بالضرورة إلى محاكم تفتيش مجتمعية بدأت بالتصنيف ولا أدري إلى أين ستنتهي؟
    فالإرهابيون الذين اكتوى الوطن والمواطن بتصرفاتهم غير الإنسانية اعتمدوا على الفتاوى التكفيرية للأنظمة السياسية بدايةً وما لبثوا أن ألحقوها بتكفير رجال الدين، ولكن الغريب حقاً أن يمارس بعض رجال الدين من العلماء الذين يعتقدون بأنهم "ربّانيون" إعادة إنتاج الفتوى ذاتها بحق بعض المواطنين! لا أفهم حقيقة هذا الخلط ولا أجد تفسيراً سوى أن كلا الرأيين ينطلقان من النقطة نفسها ويصبان في المصب ذاته. الاختلاف يجب أن نؤمن بأنه موجود وتهديد الاختلاف هو تهديد للوحدة الوطنية، وأهمية حماية الدولة لا تختلف عن أهمية حماية المجتمع، ويمكننا القول إنّ نظرية "العَقد الاجتماعي" تقوم على صون وحماية المصالح المشتركة بين الناس حين يتنازل الأفراد عن حقوقهم الطبيعية للدولة كي تنظّم هذه المصالح المشتركة للتعايش وفق مبدأي الحرية والمساواة. ولكن يتبادر إلى الذهن سؤال ملحّ: من الذي يملك حق التفتيش في ضمائر الناس وعقولهم ومحاكمتهم بناء على توجهاتهم وآرائهم وعقائدهم ومذاهبهم؟ ولا سيما نحن في زمن أتاح لنا فيه الظرف التاريخي انفتاحاً يمكننا من خلاله أن نبرهن فعلياً على ضرورة نبذ التزمت لا النكوص إليه. في وقت نحتاج إلى الكثير من العمل لصالح إنسانيتنا في هذا الوطن الذي يحتاج الكثير من العمل الفكري في سبيل رقيه ورفعته، وهنا أستطيع التأكيد على دور المثقفين (لا أشباه المثقفين) في هذه القضية. فالمثقف لن يستطيع العمل وسط بيئة غير مأمونة فكرياً يشعر فيها بالتهديد المستمر لعقله وجسده، فإلى جانب عدم التقدير الاجتماعي لما يقوم به يقابل اليوم بالتكفير والزندقة، ونحن نعلم تماماً أن هذه الاتهامات بقدر ما تسهم في عرقلة مسيرة التاريخ وإبطاء تقدم مسيرة الثقافة فإنها تمنح المتربحين منها قدراً لا بأس به من النفوذ والمصالح الذاتية التي لا تعود بالنفع إلا على أصحابها غير أنها لن تستمر إلى الأبد.
    والوعي بالتاريخ قضية ضرورية للاستفادة من دروس الحياة كي لا نخسر إنسانيتنا في النهاية فندخل في نفق مظلم غير آبهين بالمستقبل لأجيالنا القادمة. فمنذ عصور ونحن ندور في ذات الحلقة المفرغة بل نعيد إنتاج المآسي التي تزداد حدة مع تقادم العمر الافتراضي لمجتمعاتنا.. ورغم ذلك لم تزل ثقافتنا في طفولتها الفكرية غير قابلة للانعتاق من زجاجة الماضي الذي أنتج محاكم التفتيش التي يصرُّ البعض على امتطاء صهوتها اليوم.

    كاتب سعودي
    17 : عدد التعليقات
    التعليقات

    سلمت يداك التي خطت هذا الكلام الجميل، ولكن لا حياة لمن تنادي فالمتزمتون هم الطبقة المسيطرة على كل مفاصل الحياة الاجتماعيه وهي الاهم ويليها مفاصل الحياة الاخرى. لقد ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي!
    الاسم حسين جبران

    يعجبني كثيرا أسلوب تفكير سعود البلوي وأتفق معه كثيرا، ولكنني أختلف اليوم معه في جزئية صغيرة وردت في مقاله تتعلق بمن أسماه "المفكر السوداني" محمود محمد طه. يبدو يا أستاذ سعود أنك لم تقرأ كتاب محمود محمد طه "الرسالة الثانية". المسلمون جميعا يعتقدون يقينا أن القرآن صالح لكل زمان ومكان إلا "المفكر السوداني" وأتباعه إذ يرون أن مضي أربعة عشر قرنا وما فيها من محدثات قد تجاوزت القرآن ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم كلها، فهم يرون أن ما "يفكر" به "مفكرهم" هو الرسالة الثانية التي تصلح لهذا الزمان، وما أتى به من شنيع القول أن الصلاة صلاتان: صلاة حركات وهي ما يمارسه عموم المسلمون، وصلاة أصالة في القلب وهي ما يمارسه "المفكر" وأتباعه فتغنيهم عن إضاعة الوقت والجهد (سبحانك ربي). ويبدو أيضا أن الأستاذ سعود لم يقرأ كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين في طبعته الأولى فقد حفل بالكثير من الأقوال الشنيعة منها أن بعض القرآن "منحول" مثله مثل بعض الشعر الجاهلي الذي يرى طه حسين أنه "منحول" من قبل متأخرين. ومع اختلافي في هذه الجزئية أتفق بصفة عامة مع فكرة المقال بل وأشيد بما ورد فيه من دعوة نحو انفتاح فكري لا يخل بثوابتنا العقدية. المشكلة هي في تفسير "ثوابتنا العقدية" وتعريفها عريفا جامعا مانعا.
    الاسم فد العدوان

    يريد الكاتب ترك الحرية لكل شخص بأن يقول ما يشاء دون وازع من دين ، حيث يتهم النصوص الشرعية بأن التطرف الديني ينطلق منها و يتهم من يريد حماية الدين و الذب عن عرضه بأنه يريد إقامة محاكم التفتيش ، وأقول أنا : أنه هناك ماهو أعظم من محاكم التفتيش وذلك يوم القيامة لكل من حارب الله و رسوله ودين الإسلام ، إنها نار تلظى يوم القيامة ، ولن ينفعه ما يسميه الإنفتاح الذي أتاحه الظرف التاريخي ( 11 سبتمبر ) فكل منا محاسب على كل كلمة يقولها ، وعلى كل منا أن ينجو بنفسه
    الاسم فهد بن محمد الحمدان

    اجرؤكم على الفتيا اجرؤكم على النار ... هل حوكم فقيه عندنا بسبب فتواه ؟ او هل منع من الفتيا ؟ لقد ترك لهم الحبل على الغارب فمن افتى مؤخرا ضد الليبرالية لم يعترض عليه ولم تستنكر فتواه من الفقهاء الاخرين رغم ما تحمله فتواه من تجني وجهل تام بالليبرالية التي لا هو ولا السائل كان يعرف حقيقتها ....الفتوى جاهزة ومن يستغلها موجود لكل من يخالفهم ....
    الاسم عبدالرحمن المحفوظي

    شكرا لهذا العقل التنويرى الرائع .أرجو الاتحرمنا من إشعاعاته .
    الاسم alijohary

    محمود محمد طه لم يتهم بالأرتداد زيفا بل زعم أن الصلاة مرفوعة عنه لأنه لا يأتي فحشاء ولا منكر,على اي حال أنا ضد محاكمة معتقدات الناس وضد الوصاية على الفكر
    الاسم jaghoom

    هذا كلام جيد إذا كان على ضوء قول الله ( ما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) وغير ذلك فلالالالالالالا
    الاسم محمد عبدالله

    مقال رائع تشكر عليه ايه الكاتب لكن يبدوا أنك اصبحت وحيدا أو من القلائل في الساحة الذين لا يزالون يمتلكون الشجاغة الفكرية في وقت انهزم فيه الكثير امام محاكم التفتيش
    الاسم أحمد الفارس

    الله كم انت رائع اية الانسان سعود.. شكرا اخي سعود البلوي على هذا التميز الفكري, والى الامام..
    الاسم عبدالعزيز احمد

    لايمكن مقارنتنا نحن بني الاسلام والمسلمين فيما يفعله اهل الكنيسة من النصارى ..واذا كنت تدعو لأن يفتح الباب على مصراعيه فهذا خطأ جسيم فنحن أمة لنا دستورنا وهو القرآن الكريم .وهناك حدود لاتسمح بنشر بعض من منشورات مايتسمون بالتنويريين..بل هؤلا دعاة لنشر منهج مخالف طالما لم يراعو فيه مانهى عنه الاسلام وتعاليمه .
    الاسم براك خليف العصباني

    سبحان الله .. ما هذا الغو والتطرف تجاه فتوى تتكلم عن حكم شرعي محدد . هذا الإيغال والمبالغة في تصوير فتوى من أحد العلماء وإرجاعها إلى عهد محاكم التفتيش غلو آخر في مقابل غلو الإرهابيين .. حقيقة نحن نعيش بين إرهابين ديني وليبرالي متطرفين . ونحن ننبذهما نحن أمة الوسط
    الاسم أحمد

    سيدي من حثك أن تتحدث عن مجاكم التفتيش في نسختها العربيه وذلك من وجهت نظرك طبعاً حيث وصمت بها صراحه من ذكرت بأنهم بعض علماء الدين المسلمين وهؤلاء يعلم الجميع أن دورهم في الحالات التي أوردتها أ قتصرعلى رد الحجة بالحجه والمنافحه بالقلم وليس بالسيف عن الاسلام ولم يكونوا في يوم من الأيام حكاماً حتى يقيموا المشانق لمن خالفهم والتى ذهبوا هم وليس غيرهم ضحية لمن يصح عليهم مثل ما تقول.والتاريخ خير شاهد على ذلك .فقط أحببت أن يزول الألتباس أما ما تطرقت اليه في الحديث عن أرباب الأرهاب وفتاويهم التكفيريه فهؤلاء لاعلاقة لهم بعلماءنا الأجلاء وانما هم مدعين للعلم والدين منهم براء فلماذا التعمبم وخلط الأوراق ورفض القبول بالرأي الأخر الى حد التطرف اي الاخر
    الاسم محمد االحربي

    هل تقارن دين الإسلام دين السماحة حتى مع من يختلفون معنا بالعقيدة بتلك الحقبة من الزمن حين تسلطت الكنيسة ؟ إن كنت منصفا فالإسلام هو الحل لجميع مشاكل العالم .. والوسطية هي مطلبنا .. وليس الغاء الدين كما يريد المتطرفون الليبراليون أو تمييع الدين أو التشدد فيه .. راجعوا الفتوى لأنها فتوى صحيحه من عالم جليل يعلم أن من يعمل بنواقض الإسلام يخرج من الدين وكذلك من يغلو ويتشدد ويفجر فهو أيضا في فتاوى مشائخنا خارج عن دائرة الإسلام الصحيح .. وقتل الأرواح المسلمة والمعهادين أيضا أمر آخر .. محاكم التفتيش في الغرب وليست في الإسلام الوسطي .. فلا تخلط وتأتي بشيء لم ولن يكون في مجتمعنا الإسلامي المحافظ الذي ما بدأ فيه المشاكل وكبرت إلا بعد فتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب في وسائل الإعلام المختلفة وبعض الأفكار المنتنة
    الاسم يعقوب السهلي

    سعود البلوي أعطاك الله قلما وفكرا قادرا على التحليل والاستنتاج ولكن للأسف بعيدا عن ثوابت ربانية ،، فأعد قراءة هذه الثوابت وقيّم كتاباتك في ضوئها،، لأننا ياسعود لسنا أمة تعتمد فقط على المنطق والتحليلات والاستنتاجات ،، بل لدينا ثوابت لا مجال للحياد عنها وإلآ فسنكون حينها ممسوخين بلا هوية لا في هذه الدنيا الفانية ولا في الآخرة الباقية.
    الاسم أحمد

    الكاتب يستعير مصطلحات الفرنسيين خلال فترتهم التي يطلقون عليها ( التنوير ) !! فهل عجزنا حتي عن مناقشة قضايا الخروج علي الثوابت في شريعتنا ( ونقلد الغرب ) حتي في هذه القضايا ؟؟ اسأل الله الهداية للكاتب وأمثاله !!
    الاسم نوف محمد

    اعتقد إن بعض المتدينين أعطوا صورة قاتمة جدا عن الإسلام بتحوليهم الاختلاف في الرأي إلى خلافات عقائدية قد تؤدي إلى التكفير و دائما ما يبنون آرائهم على الشك وقراءة النوايا. كل هذا يحدث بين المسلمين أنفسهم. فإذا كان المسلمين غير متسامحين بينهم, فكيف يتسامحوا ويتعايشوا مع الآخرين؟ شكرا على المقال الرائع
    الاسم محمد الحربي

    فلتسقط الاصنام البشرية ... لا احد يمتلك الحق بالتحدث باسم الرب ويدعي الحقيقة المطلقة مقال رائع
    الاسم Mohammed Ali


    http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=2457&id=971
                  

05-08-2008, 01:39 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    علي سنكل:

    1 يونيو 2007 في الساعة 9:20 م
    معليش تاني أنا جيت ، لأنه سيرة الشهبد محمود محمد طه ذكرتني فاكس أرسله لي صديق قبل 10 سنوات ولازلت احتفظ به وقلت أنقله ليكم بالحرف :
    ( من الأفضل للشعب السوداني أن يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الديني وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية ، إذ أنها بلا شك ستبين لأبناء هذا الشعب زيف شعارات هذه الجماعة وسوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسياً واقتصادياً حتى ولو بالوسائل العسكرية وسوف يذيقون الشعب الأمريين ، وسوف يدخلون البلاد في فتنة ، تحيل نهارها إلى ليل ، وسوف تنتهي فيما بينهم ، وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعاً . . . )

    محمود محمد طه 1977 م

    http://www.alfatihgabra.com/?p=103
                  

05-08-2008, 03:25 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    كانت قد عقدت بمايو الماضى - 2007 - ندوة بفندق الهيلتون شارك فيها عدد كبير مما يسمى فى السودان الآن بالكتاب والمفكرين سميت بـ (الندوة العالمية حول فكر محمد أبوالقاسم حاج حمد) وممن شارك فيها السيد الصادق المهدى وحسن مكى وآخرون وبالطبع لم يبخلوا بعبارات الإطراء للراحل حاج حمد - رغم علم الجميع بأن كثيرا من أفكاره مأخوذة من فكر الأستاذ محمود محمد طه ولكن!!!!
    فى هذه الدراسة يقدم البروفسير ابراهيم محمد زين المحاضر بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا ورقة ربما هى الوحيدة - مما أطلعت عليه حتى الآن - التى تشير - باستحياء - لما قد يكون أخذ من "الرسالة الثانية" لـ "العالمية الثانية"
    ---
    العالمية الثانية وإعادة قراءة التاريخ الديني للإنسانية

    بروفيسور/ إبراهيم محمد زين
    1/ مقدمة
    إن دراسة كتاب (العالمية الثانية) في إطار التطور الفكري لدى الأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد هو في الأصل دراسة لدينميات التطور في الفكر العربي الإسلامي في نهايات القرن العشرين، وهو فوق ذلك يعتبر العمل الأساسي له، تجسدت فيه طريقته الفريدة في التحليل والتركيب وبناء المسلمات الفكرية والجدال حولها، ومن ثم تأكيد القناعات الفكرية التي يجب أن تتجه إليها حركة الفكر وتدور حولها قضايا التغيير الاجتماعي.
    لن نجانب الصواب إن قلنا إن أطروحة الكتاب الأساسية تندرج في معنى إعادة قراءة التاريخ الديني للإنسانية، وفق رؤية كلية تتوخى نقد المشاريع العربية والإسلامية الإصلاحية، ومن ثم تجاوزها وفق أطروحة تتبنى بديلاً حضارياً ينبني على أساس مبدأ قسمة التاريخ العربي الإسلامي إلى عالميتين: العالمية الأولى والتي تتميز بخصائص محددة ونهج واضح المعالم وتاريخ تشكل بكيفية أفضت إلى قيام العالمية الثانية كنتيجة منطقية ومكمل ضروري للعالمية الأولى. ويبقي منهج الجمع أو الدمج بين القرائتين هو العلامة المنهجية المميزة العالمية الثانية، لئن كانت العالمية الأولى قد افتتحها الوحي المحمدي بمنهج الجمع أو الدمج بين القراءتين في سورة (اقرأ) وتولى الرسول الكريم مقام الأسوة الحسنة فيها واقتضى ذلك التطبيق العملي فإن العالمية نهجها هو إعادة إكتشاف منهجية القرآن المعرفية القائمة على الدمج بين القراءتين: قراءة الوحي وقراءة الكون، وهذا التمثيل للمنهج هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة التي تمر بها الحضارة الغربية، فمأزق الحضارة الغربية الوضعي الذي يسقط قراءة الوحي ويتبنى قراءة أحادية مادية قد قاد البشرية إلى طريق مسدود لا سبيل للخروج منه إلا باتباع نهج الجمع بين القراءتين ودمجهما في قراءة واحدة يتوازن فيها فهم الطبيعة والغيب في تكامل يرد للمعرفة شموليتها التي تعبّر عن حقيقة الكائن الإنساني الذي يجمع بين الطبيعة والغيب، ويعبّر عن جدلية الغيب والطبيعة في وعيه الشامل بحقائق الأشياء من حوله. فإن كانت البداية العالمية الأولى هي بداية نزول الوحي في غار حراء بإعلان منهجية القرآن المعرفية المتمثلة في الأمر بالقراءة باسم ربك الذي خلق، والجمع بين تلك القراءة بالقراءة الثانية وهي: اقرأ وربك الأكرم، فهما قراءتان في كتابي الكون والوحي، فإن منهجية القرآن المعرفية التي ترد للإنسانية وعيها الحقيقي الذي سلبته إياه التطورات النكدة التي أفضت بالحضارة الغربية والتي ما آلت إليه من إفلاس فكري هو بالأساس يعبر عن قصور ذاتي في المادية الوضعية بداية العالمية الثانية قد تحددت مفاصل قيامها بقيام دولة إسرائيل والتي أنشئت على أنقاض العالمية الأولى والثانية وهو أن العالمية الثانية لا تقوم على النبوءة وإنما على الوعي القرآني المنهجي الذي حملته الرسالة المحمدية. ولقد لخصت سورة الإسراء تاريخ الإنسانية، حيث إنها نبهت إلى دورتي العلو والسقوط في التجربة الإسرائيلية، وقد صاحبت دورة العلو الأولى التي تبلورت فيها الدولة القومية على يد موسى عليه السلام، وبلغت قمة التمكين فيها في ملك داود وسليمان كنموذج ديني مقابل لدولة الاستكبار القومي التي قادها الفراعنة المصريون، وحينما جاءت العالمية الأولى والتي ورثت التجارب الروحية والفكرية الحضارية للأنبياء الأربعة والعشرون، بالإضافة إلى تجربة خاتم النبيين في المحيط الحضاري للعالم القديم، وصارت اللغة العربية وعقيدة التوحيد هي الناظم الذي يجمع تلك الشعوب المتعدد في إطار واحد، وكان ما كان من أمر سيادة هذه العالمية الأولى والمنجزات الحضارية التي أخرجتها للإنسانية، ثم وقع الأمر كما صورته سورة الإسراء بقيام دولة إسرائيل وإخراج الإنسانية من مأزقها المعرفي.
    فالقرآن بهذه الكيفية هو المعادل الموضوعي للكون، وبناء القرآن اللغوي يعادل بناء الكون الطبيعي، وفهم هذه الجدلية لا يتم إلا بالوعي بمنهجية القرآن المعرفية القائمة على الدمج بين القراءتين، تلك هي معالم الأطروحة الأساسية التي أنجز معالمها وبيّن جزئيات مفاصلها حاج حمد في كتاب العالمية الثانية، فالهم المنهجي الفكري هو محوره الأساسي والعمل على فهم الكيفيات التي يمكن أن تتحقق بها النهضة العربية الإسلامية مثل الجانب العملي في مشروعه الفكري الذي يعرض معالمة حاج حمد يجمع بين قضايا اللغة والفن والفكر والتاريخ الديني والسياسي والفلسفة وقضايا النقد السياسي للعلم والماركسية العربية وكيفيات تفسير القرآن في نسيج واحد – بالطبع – ليس ثمة ناظم يجمع بينها سوى حاج حمد وطريقته الفريدة في التحليل والتركيب التأملي والاحتجاج، لكن لما كان السبيل العلمي لدراسته بقصد فهمه والتنبيه على ما بقي من مشروعه الفكري فاعلاً في توجيه الوعي الإنساني وتشكيله يقتضي التوفر على أطروحة واحدة ضمن نظامه الفكري والموسوعي، فإنني أزعم أن دراسته في إطار محاولة إعادة فهم وتقسيم التاريخ الديني للإنسانية تحتل موضعاً مركزياً في أطروحته الفكرية، ويمثل كذلك الجانب الحيوي من مشروعه الفكري أولاً، ثم بيان كيفية صياغته لأشكال النهضة، وأخيراً تقويم جهده العلمي على سبيل بيان ما تبقى فاعلاً وحيوياً من مشروعه الفكري.
    2. مصادره الفكرية:
    ما من مفكر إلا وتفصح مصادره الفكرية عن طريقته في التفكير وأولوياته في التعبير عن نفسه، ومن ثم فإن التوفر على بيان تلك المصادر والكيفيات التي صيغت بها ضمن أطروحة المؤلف الأساسية تكشف لنا عن معالم طريقته في التفكير والتعبير عن الحركة، والتعبير عنها بكيفية تجد القبول لدى تلك الحركة الفكرية.
    والمصادر الفكرية بقدر أنها توفر حصاداً علمياً وفكرياً يتحرك من خلالها، وقدرته على صياغة هموم تلك الحركة، والتعبير عنها بكيفية تجد القبول لدى تلك الحركة الفكرية. والمصادر الفكرية بقدر أنها توفر حصاداً علمياً وفكرياً يتحرك من خلاله المؤلف كقارئ فطن في المستوى الأول هي كذلك المادة الأولية التي يعيد تركيبها حينما ينتهض ليأخذ لنفسه موقف المؤلف، وموقف المؤلف يعبّر عن هم علمي أملاه الواقع العلمي، ونجحت المصادر الفكرية في التعبير عنه بسبيل يفصح عن قصور ذاتي ينصب المؤلف نفسه رائداً لتجاوز ذلك القصور الذاتي، فالتأليف من خلال المصادر الفكرية يعني أهمية اكتشاف ذلك القصور الذاتي وصياغته في شكل معضلة فكرية أو على أحسن الأحوال على هيئة إشكالية فكرية.
    يبدو لأول وهلة أن اكتشاف المصادر الفكرية أمر في غاية السهولة واليسر، إذ أن طرائق الكتابة المعاصرة تقتضي الإشارة إلى الدراسات السابقة ونقدها في شكل مقالة تتيح للقارئ أن يكتشف مسوغات هذه الدراسة الجديدة، لكننا لابد وأن نؤكد أن تلك الطريقة في الكتابة العلمية لا تفي بالغرض الذي نبتغيه من تركيزنا على أهمية المصادر الفكرية، فهي بهذا المعنى ليست فقط الدراسات السابقة التي أشار إليها المؤلف أو عمل على نقدها وتطويرها صراحة أو ضمناً، وإنما يضاف إلى ذلك ما سكت عنه المؤلف وأراد أن يقنع القارئ بعدم أهميته، وربما اتخذ في سكوته واعراضه منحىً استراتيجياً، بالطبع يستطيع القارئ الفطن أن ينفذ إلى ذلك المستوى ويبيّن موضع ذلك السكوت الاستراتيجي من أطروحة المؤلف الأساسية. فإن كان الحال كذلك فإن المصادر الفكرية يكون لها وضعية مركزية في فهم وتقويم المؤلف وإدراك أبعاد إعادة تركيبه لمصادره الفكرية، وبهذه الطريقة في إعادة اكتشاف المصادر المعلن منها وذلك الذي سكت عنه تستطيع أن تتحاور معه فيما يريد أن يقول وترك أمارات واضحة في قوله لا تحتاج منا إلى عناء وتأويل، وأن تحاوره كذلك فيما قصر عن بيانه وترك لنا الحبل في اتخاذ ما نريد من تأويلات، لكنه في ذات الوقت قد وضع إمارات خفية بإمساكها يتحول التأويل إلى تفسير متقن المعالم، وبلوغ درجة الإلمام لا يتأتى إلا لمن استطاع أن يدرك مستوى المصادر الفكرية للمؤلف.
    الوضع النظري السابق له مميزات عديدة لإعادة وتقويم محاولة حاج حمد في إعادة قراءة تاريخ الإنسانية الديني وفق مبدأ قسمة التاريخ الديني للنبوة الخاتمة لعالميتين، لعل أكثرها بداهة وأولوية هو أن طبيعة أطروحته الأساسية تدعو للتأمل فيما أشار إليه بصورة عابرة من المصادر، وما سكت عنه ضمناً، على الرغم من ذلك الحضور الطاغي في اتجاهه في التحليل والتركيب لذلك المسكوت عنه، ولعل طبيعة النهج التأملي الذي توخاه حاج حمد هو وراء ذلك السبيل في بناء أطروحته، ومن ثم فإن إشارته العابرة لكلٍّ من سيد قطب ومحمود محمد طه تجعل لهما وضعاً مميزاً في طريقته في التحليل والفهم، وأن النعت الذي وصف به سيد قطب والطريقة التي أشار بها إلى محمود محمد طه تقع في دائرة ما وصفناه بالمسكوت عنه في نص حاج حمد، وسنكتفي بهذين المثالين للقيمة العلمية الفائقة لأيٍّ منهما في بيان المراد.
    من الأسباب التي تدعونا إلى اتخاذ هذه الطريقة في النظر إلى أطروحة العالمية الثانية، أن صميم الأطروحة قائم على نهج تأويلي تأملي لا يخضع لكثير من استراتيجيات فهم النصوص التي استقرت عند علماء المسلمين، ولا يلتزم بالقواعد المرعية في فهم لغة العرب، ولكنه كذلك لا يقع في دائرة التأويل التأملية التي حاول بيان معالمها في تحليله ،تلتزم ببعض القواعد المرعية، لكنها تتخذ طريقاً جديداً في التأويل ينبني على إستراتيجية في فهم النص، مفادها أن القرآن ببنائه اللغوي معادل موضوعي للكون، ولذلك فإن السبيل القويم في فهمه هو محاولة اتخاذ نهج تأويلي يتبنى تلك الآليات في فهم النص، كما أقنع صاحبه أن يفهم، ومن ثم يقع التقويم بصورة هي أكثر موضوعية وحيدة ما لو أننا أردنا إسقاط أفهامنا على نصه، ثم قمنا بتقويمه على أساس ذلك الإسقاط، فنكون كمن أخطأ في الفهم أولاً ،وقادة ذلك الخطأ إلى خطأ مركب في التقويم، ومن ثم لا فائدة في تقويمه، ولا سبيل له من أن يمسك بدعوى إعادة النظر فيما قام به المؤلف.
    ومن بداهة القول أن إمكانية أحداث حوار خلاق ومفيد مع تراث المؤلف وفق هذا النهج هو ضرب في عماية، ولما كنا نرى أن قرطسة الهدف الذي نصبو إليه تقع بالكيفية التي بيّناها، فإن الحوار الذي ستنعقد أواصره بين فهمنا وتقويمنا لنص حاج حمد، ومن ثم استخلاص معاني تجيب على سؤال ماذا بقي منه فاعلاً وحيوياً في حراكنا الثقافي والديني سيكون أكثر فائدة في شأن الفهم والتقويم، وما يترتب عليهما من حوار خلاّق يقود إلى خلاصات تجعل لأبي القاسم حاج حمد حضوراً معنوياً يفي بغرض استمرارية الحركة الفكرية في الحضارة العربية الإسلامية، وخصوصيات الدائرة المتعلقة بالسودان.
    لابد من القول كذلك بأن الكتابين الأساسيين له هما: (السودان المأزق التاريخي وآفاق المستقبل) وكتاب (العالمية الثانية)، فقد انتقل حاج حمد في مشروعه الفكري من نقاش قضايا التشكيل التاريخي للإسلام والعروبة في نطاق الإنسانية وتاريخها الديني. ولا شك أن الحضور الفكري والثقافي الذي حصله في خارج السودان أوفر حظاً مما وقع له في السودان، لكن ذلك ليس عيباً فيه ولا في طريقة تفكيره، وإنما يعزى ذلك الخمول النسبي إلى إن أطروحة العالمية الثانية وما تبعها وترتب عليها بصورة مثيرة من جدل حول منهجية القرآن المعرفية اتخذ آفاقاً جدّ مفيدة في تطوير مفعولات الفكر الإسلامي المعاصر، ودفعها باتجاهات أكثر حيوية وثراء. ومن ثم لابد من النظر في مصادره الفكرية في هذا الإطار الواسع الذي جعل من خصوصيات التشكل الحضاري للعروبة والإسلام في السودان مدخلاً لفهم قضايا النهضة العربية في أفقها الإنساني الواسع، وترتب على ذلك النظر الفسيح لدى حاج حمد العمل على طرح العالمية الثانية كبديل للحضارة الأوروبية التي تدعي عالمية تفتقر خاصية الشمول الإنساني، وتنتقص من الإنسان موضعه المميز بين جدل الغيب والطبيعة، وبسبب ماديتها وفلسفتها الوضعية صار "لاهوت الأرض" هو قمة وعيها الإنساني.
    فالمركزية الأوروبية الشاملة أدخلت الحضارة الغربية في مأزق جعلها تفقد زمام المبادرة، بالرغم من منجزاتها الحضارية الماثلة للعيان، وأسهمت تلك الحضارة في قيام دولة إسرائيل، والتي هي حسب تحليل حاج حمد تمثّل الخط الفاصل بين نهاية العالمية الأولى وبداية العالمية الثانية. ولا شك أن هذه المحاور التي اتخذها اقتضت نظراً تأملياً في مآلات الحضارة الإنسانية، ومحاولة فهم دينميات التطور والتشكل فيها، ومن ثم تتسع المصادر الفكرية لديه بصورة تصعب على الحصر.
    ليس من سبيل لإنكار القول: بأنه قد اعتمد وبصورة واضحة على الترجمات العربية، ولم يرجع إلى مؤلفات باللغة الأوروبية إلا كتاباً واحداً Josef R. Royce لكن ثقافته الموسوعية وفهمه العميق لقضايا الحضارة الأوروبية في مستوى العلم والفلسفة والفن والتاريخ تجعلنا نؤكد على أن الذي سكت عنه في مصادره الفكرية أضعاف مضاعفة مما تولى ذكره صراحة، ولعل طبيعة الفكر والمنهج التأملي تقتضي نقل القرارات الفكرية خلال فترات طويلة من التدبر في بطون المؤلفات في شكل عصارة فكرية تأملية، بمبدأ كيفية الصياغة وبيان أساس التركيب الجديد، ومن ثم فإن الوضع النظري الذي انتهجناه أكثر فائدة وأبلغ غاية في تحقيق المطلوب.
    لقد بيّن حاج حمد فيما أسماه "تقدمة" كمقدمة لكتاب العالمية الثانية - والتي يبدو أنه قد كتبها بعد تأليف الكتاب خلال وجوده في دولة الإمارات المتحدة – القضية المنهجية التي سيعالجها وهي جدلية الغيب والطبيعة، لكنه لن يناقشها بحسبانها قضية فلسفية محصة وإنما سيتولى تطبيق ذلك على التاريخ العربي الإسلامي من خلال القرآن الكريم.
    يبدو كذلك من خلال السنوات الأربع التي كتب فيها العالمية الثانية قد حدثت تحولات عميقة في المنطقة، منها اتفاقية كامب ديفيد، واندلاع الثورة الإيرانية، وليس من قبيل الصدفة أن يكون أول من يرجع إليهم في تقدمة كتابه هو سيد علي جوادي، وينبهنا إلى أنه قد استفاد من نقاشات مفيدة مع العاملين بوزارة الخارجية في دولة الإمارات. ثم إن الدكتور رضوان السيد قد قرأ مخطوطة الكتاب، واقترح بعض الملحوظات القيمة، كل هذه الإشارات تفصح عن الحيز الثقافي الذي كان يتحرك فيه المؤلف، وأقل ما يمكن أن يوصف بها هو أن أطروحات رضوان السيد في فهم وتقويم التراث العربي الإسلامي لم تكن غائبة عنه. وكذلك أجواء الصراع الثقافي والديني بين الماركسية العرب والعلمانيين الليبراليين من جهة، وبين دعاة "العصرية" والسلفيين والأطروحات المختلفة في فهم وتقويم التراث التي أنتجها ذلك الحراك الثقافي والفكري، انعكست في المصادر التي اتخذها للتعبير عن المشاريع الفكرية المفارقة لطرحه لقضايا النهضة العربية الإسلامية، لذلك جاء بأطروحات صادق جلال العظم في نقد الفكر الديني، وعبد الله العروي في نقد الأيديولوجية العربية، ثم الجدل الذي أثاره صادق جلال العظم والردود التي قام بها السلفيون وغيرهم لنقض مقولته.
    ثم انتقل إلى قضية الدين والعلم، وأطروحة مصطفى محمود في فهمه العصري للقرآن الكريم على يد الدكتور عاطف أحمد، ثم يختتم الجدل حول العلم والدين بالنظر في محاولة الدكتور خليل أحمد خليل في كتابه جدلية القرآن، ويفرد له مساحة معتبرة، ويفتتح استعراض رأيه قائلاً: "هذا الرجل يبدو في دراسته مؤمن القلب ولكن بعقل ماركسي"، ويبدو واضحاً أن تحولات الفكر الإسلامي في مواجهة العلمانية الأوروبية التي اتخذت الدين خصماً للعلم التجريبي لم ترق لحاج حمد، فتولى نقدها وتمحيصها وبيان مواضع الخلل في أطروحات أولئك الذين اتخذوا التفسير العصري للقرآن مخرجاً، وأولئك الذين تمسكوا بتلابيب القديم وعكفوا عليه، وأولئك الذين تولوا كبر اتخاذ موقف نقد كلي للتراث الديني. ومثلما تطورت اتجاهات وجودية في الحضارة الغربية كذلك انعكست هذه الاتجاهات في داخل الدائرة العربية الإسلامية حذو الفعل بالفعل.
    لأمر ما أراد حاج حمد الربط بين محاولته في النظر إلى مشروع النهضة العربية في إطار جدلية الغيب والطبيعة، وبين أطروحة د. خليل، فأفرد لها مساحة أكبر من غيرها من المحاولات، واستخدم بعضاً من أجزائها في الرد على المخالفين له، وأبدى كلفاً واضحاً بطريقته في التحليل، وإن لم يتفق معه في النتائج التي توصل إليها.
    يسعنا القول: بأنه رأي فيه بداية طيبة للتعبير عما أراد الذهاب إليه في أطروحة العالمية الثانية، من خلال استعراضه للدراسات السابقة في اتجاهات فهم القرآن والإجابة على سؤال النهضة العربية، وقد تابع الاستئناس بكتاب د. خليل. قال: "ذهب الدكتور خليل إلى مكة يحمل معه ثلاثين مرجعاً عربياً، واثنين وعشرين مرجعاً فرنسياً ،وبشكل جدلي دمج القرآن في الواقع والواقع في القرآن" ص 29، ثم يمضي في الإشارة إلى مقتطفات من كتاب د. خليل ليبني أبعاد منهجه في جدلية القرآن، ويعلق عليها بإسهاب لبيان مواضع الاتفاق والخلاف بينه وبين د. خليل، ولابد من القول بأنه لم يفعل ذلك مع إنه ممن أشار إليهم بهذا التفعيل والدقة، وربما نذهب في بادئ الرأي بالقول بسبب أن كتاب د. خليل يحمل عنواناً قريباً من كتابه، لكنه ينبّهنا على الفارق الجوهري بينهما رغم الاتفاق في طرائف التحليل وبعض المبادئ المنهجية قائلاً: من هذه الناحية تعتبر دراسة الدكتور خليل أول محاولة "تحليلية" عربية ضمن المنهج العلمي وفي عصر العلم للقرآن.. ثم يستطرد قائلاً: "وهي محاولة تجد جذوراً لها في آمال الاستشراق الحديث في الغرب لدى أرنولد توينبي "المؤرخ اللا أدري" ولدى علماء الدراسات الدينية المقارنة كـ(ريتشارد بيل) في كتابة (أصول الإسلام في التكوين المسيحي)، مع الفارق – طبعاً – بين الاستشراق الغربي والاغتراب الشرقي "لا يبدو واضحاً ذلك الفارق" ص55، الذي أشار إليه، لكن لنقل إن المراد هو وجود النزعة الإيمانية لدى د. خليل رغم ماركسيته ومحاولته الانتماء للتراث العربي الإسلامي رغم ثقافته الاستشراقية.
    لذلك ينتهي به القول إلى وصف محاولة د. خليل "هذه المحاولة يمكن أن تعطي دفعاً حديثاً (علمياً) لمحاولات التأويل للقرآن استناداً إلى نسبية المخاطبة، وتقرير الظرف التاريخي للمحتوى، أي فهم المدلول الديني فهماً (غير مباشر) من خلال جدلية ذات مسرح تاريخي معين، ووعي مفهومي محدد" ص55. فهي لذلك أفضل بكثير – من ناحية منهجية – من تلك الأطروحات التي لم تراع هذا الموقف المنهجي العلمي – حسب رأي حاج حمد – ولذلك نبهنا إلى نتيجة ذلك هي (ومن ثم النزول بالنتائج إلى بيئة العصر، عوضاً عن التوفيق القسري لبعض الآيات مع وعي العصر المفهومي، وعوضاً عن التركيز على الرمزية بشكل مبالغ فيه. فالأستخدام الرمزي للقرآن من شأنه أن يعود إلى معاني مفارقة باستخدام مناهج متباينة).
    هذا النص له قيمة خاصة علاوة على أنه بيان لمواضع الاتفاق بينه وبين د. خليل، إذ أنه قد نبّهنا على أهمية الاعتماد على معنى موضوعي وعدم الإغراق في الرمزية الذاتية التي تفقد النص معناه، وبالتالي يدور المعنى حسب وجهة المتلقي للنص لا حسب مراد المتكلم بالنص، وبتعدد المتلقين تتعدد الأفهام بصورة لا تنضبط، لأن طبيعة الاتجاه الرمزي في فهم النصوص تدعو إلى ذلك. صحيح أن حاج حمد قد رأى في تجربة د. خليل في النظر إلى القرآن شيئاً يستحق الاهتمام والنظر إليها بجدية واستخلاص القيم المنهجية التي اعتمدتها في دراسة القرآن، لكنه في ذات الوقت نبه على أنها من ناحية المواقف العقدية التي تبنى عليها المناهج لم تتجاوز أفق لاهوت الأرض، وبالتالي فقد قصرت عن استيعاب هم جوهري في جدلية الغيب.
    إذاً يسعنا القول في شأن المصادر التي تحرك بها حاج حمد هي أنها تلكم المصادر التي وفرتها الكتابات الماركسية العربية في توطين الماركسية في العالم العربي الإسلامي، ومحاولة تحليل ذلك التاريخ واستشراق آفاق المستقبل فيه، وهذه الكتابات وتلك التي عملت على نقد الحضارة الغربية على وجه الإجمال، ونقد الماركسية ذاتها من وجهة نظر الحضارة الغربية، ثم ما خرج به حاج حمد من أن الماركسية ابن شرعي للتطورات المادية والعلمية التي حدثت في الغرب، وأن لاهوت الأرض هو النتيجة المنطقية لتلك الحضارة، ثم قراءات واسعة في الأدب الغربي وفنونه المختلفة، ونظر عميق في الفلسفة الغربية، ومتابعات ما يدور في العالم العربي والإسلامي، إضافة إلى نظرات ثاقبة في التاريخ الإسلامي والتراث الكلامي والفقهي. ولا شك فوق كل ذلك نظر عميق في القرآن الكريم قائم على أساس فهم كل مرامي القرآن ومقاصده، وتتبع لموضوعاته في نسق كلي قائم على أساس مبدأ أن القرآن معادل موضعي للكون، ومن ثم يكون النظر إلى آياته واتساقه التعبيرية وفقاً لذلك المبدأ. ويسعنا الذهاب إلى أن حاج حمد قد أعطى د. خليل وكتابه (جدلية القرآن) وضعاً مركزياً في تحليله وبيانه لمنهجية القرآن المعرفية ومبدأ العالمية الثانية لفهم مسألة النهضة.
    وما من أحد يتابع المشهد السياسي والثقافي في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين إلا ويتعجب لذلك السكوت الاستراتيجي عن محاولات فكرية جريئة، وكان لها صدى واسعاً في العالم العربي الإسلامي، أولها كتاب ظلال القرآن لسيد قطب وما تفرع عنه من أبحاث مثل معالم في الطريق، والمستقبل لهذا الدين، وخصائص القصور الإسلامي ومقوماته. ثم مؤلفات محمود محمد طه في الرد على مصطفى محمود في تفسيره العصري، وفي كتابه عن الصلح مع إسرائيل وفهمه للمشكلة الفلسطينية، وأخيراً في كتابه الرسالة الثانية. ولا أحسب أن حاج حمد لم يطلع على هذه المؤلفات، وأنها كذلك لم تثر اهتمامه، وهو قارئ فهم ولا شك أن هذه المؤلفات أثارت اهتمامه، خاصة وأنها تقع في دائرة أطروحة العالمية الثانية التي قد يخطئ الناس في فهمها على أنها الرسالة الثانية لمحمود محمد طه في نسق جديد، وأن حديثه عن المنهج القرآني ونقد الحضارة الغربية وإعلان إفلاسها المنهجي والروحي، وأن مستقبل الإنسانية رهين بالإسلام، والتأكيد على الوحدة العضوية للقرآن وتطوير منهج التصوير الفني للقرآن وتطبيقه بصورة علمية في شكل تفسير موضوعي في مشاهد القيامة، ثم تطبيق ذكر المنهج في تفسير ظلال القرآن في طبعته الأولى في مجلة (المسلمون) ثم الانتقال بمنهج الظلال إلى العمل التحريضي لبناء الدولة الإسلامية، واستئناف الحضارة الإسلامية، والقول بأن القرآن لا يفهم فقط بمعرفة اللغة العربية وقواعدها والمأثور من التفسير، وإنما يجب أن يضيف المفسر إلى عدته القدرة على الحياة في ظلال القرآن والانفعال به، ومن ثم تفتح له كنوز القرآن، ويفهمه كما فهمه الجيل القرآني الذي قاد الإنسانية بالقرآن في تجربة فريدة.
    نقول مرة أخرى ما قرر حاج حمد أن يتبع نهج السكوت الاستراتيجي عن هذين المصدرين في تفكيره واهتمامه العلمي، والطريقة التي سوّغ بها موقفه في حق سيد قطب أولاً: بالقول بأنه لم يكن عضواً في أيٍّ من التنظيمات الإسلامية، وبالتالي لم تكن له صلة بجماعة الأخوان المسلمين أو غيرها من حركات التجديد، وأنه لم يدر في فلكهم أو يتأثر بأطروحاتهم في التجديد لعدم جدواها العلمي (لهذا السبب لم أنتمِ لأي من هذه الحركات التي تظل تردد بأن القرآن صالح لكل زمان ومكان ولكنها لم تقل لنا كيف؟ وكم رأيتهم يرفعون المصاحف في وجه خصومهم السياسيين كما رفعها جيش معاوية، ولكنهم كبعض رجال ذلك الجيش في علاقتهم بتلك المصاحف، فما معنى أن نحتكم لكتاب الله ونحن بعد أن نقرأه فلا يتجاوز حناجرنا). ثم يخفض من حدة نقده قائلاً: (لا أريد أن أشير إلى تنظيم معين، فقد قال الله كلمته فيه واندثر في طي النهاية والله يجزي بإحسانه من كان صادقاً منهم وكثير منهم صادقون).
    إن الحكم بنهاية هذه الحركات واندثارها ليس صادراً عن خصومه فكرية، ولكنه مقتضى تحليله لواقع العالمية الأولى، فكل هذه الحركات الاصطلاحية والتجديدية تنتمي إلى مرحلة العالمية الأولى، وطالما أن فجر العالمية الثانية قد لاح في الأفق فلا معنى لنقاش أطروحات هذه الحركات، ويبدو ذلك الموقف أكثر وضوحاً في المبحث الذي عقده بعنوان: (لماذا فشلت حركة التجديد؟) ليقول في الإجابة على السؤال خاصة في حق حركة الإخوان دور ورثت حركة الأخوان المسلمين فيما بعد دور هذه القوى التجديدية وقد اتجهت بكل قواها إلى مخاطبة العقلية المتوسطة ضمن نفس الأسلوب التوفيقي الانتقائي، مع الاختلاف البيّن في مصادر التكوين الفكري فبعضهم صوفي تأملي (كسيد قطب)، وبعضهم سلفي كسيد سابق، وبعضهم مدافع بلا هوادة في كل الاتجاهات.
    ثم يعلق على منهجية الإخوان في التغيير وأنها لم تتبع الأسلوب "العلمي" مما جعلها تنتمي إلى مخلفات العالمية الإسلامية الأولى، وتقتصر عن اللحاق بركب العالمية الثانية، ولذلك وصفهم بأنهم (فسقط الأخوان كآخر مظهر تجديدي في إطار العالمية الأولى). ورجع بنا القول للوقوف عند وصفه لسيد قطب بأنه "صوفي تأملي"، والذي يقرأ كتاب العالمية الثانية يجده يصف منهجه في الكتاب بأنه منهج تأملي، ومواقفه الكلية بأنها مواقف صوفية، لأن وصفنا حاج حمد بأنه صوفي تأملي فهو ينتمي إلى تلك المدرسة الفكرية، وطالما أنه لم يجعل جماعة الأخوان شيئاً واحداً في حساب المواقف الفكرية وطريقة التعبير عنها رغماً عن أنهم سياسياً ينتمون إلى نفس التنظيم، فهو يفصل بين مناهج تفكيرهم وانتمائهم السياسي. ومن ثم فإن زعمنا أثر سيد قطب عليه لن نجانب الصواب في ذلك، فهو في نقده للتراث الكلامي الإسلامي يتخذ ذات الموقف، وفي دعواه في اتباع منهجية القرآن في الفهم والأداء الحضاري لا يختلف كثيراً، لكن سيد قطب آثر اتباع المأثور من التغيير وتقرير الثوابت الحضاري، وحاج حمد أبعد النجعة في دعواه للعالمية الثانية، والتي اقتضت منه بعض المواقف العلمية من التاريخ الإسلامي تخرجه من دائرة من يلتزمون ثوابت الأمة ويدافعون عنها، وكذا الحال في فهمه للشريعة الإسلامية وكيفيات تطبيقها.
    لن نجانب الصواب إذا ذهبنا إلى ذلك الأثر القوي لسيد قطب في تفكيره وتحليله، بل يمكننا القول لو أننا أخرجنا تلك النقاط المثيرة للجدل لكان هذا الكتاب بزخمه الثوري امتداداً لمدرسة سيد قطب في تفسير القرآن وتفعيله في حياة الناس، هذا السكوت الاستراتيجي ربما كانت له مسوغات كما بينّا من قبل، لكن لن يستطيع القارئ أن يفهم كتاب العالمية الثانية على الوجه القويم لو لم يكن له حظاً من ميراث سيد قطب الثقافي والديني، وأثره في توجيه الحركة الفكرية في العالم العربي والإسلامي على وجه العموم.
    أما المثال الثاني للسكوت الاستراتيجي، فهو يخص محمود محمد طه. وعلى العكس من سيد قطب، فقد قام حاج حمد بنقده وبيان مفاصل الخلاف بين القول بالرسالة الثانية وأطروحة العالمية الثانية. قد يتعجب البعض لعدم ورود اسم محمود محمد طه، ولكن أشير إليه في حوالي ثلاثة مواضع، اثنان منهما بصورة واضحة، وموضح ثالث بصورة ضمنية.
    جاءت الإشارة الأولى ضمن مبحث (الفارق بين التجربتين "العربية واليهودية")، وهي تتحدث عن معنى وراثة الكتاب في الوحي المحمدي ليقول: "فعلاقة من يلي محمداً بالكتاب ولا تكون علاقة نبوة ولا علاقة تجديد ولا علاقة رسالة ثانية ولا ثالثة وإنما علاقة توريث يتفاعل فيها وحي الكتاب مع شخصية العصر، حافظاً لاستمرارية الحكمة والمنهج الإلهي". فهنا يبيّن حاج حمد الفارق الجوهري بين التجربة الدينية اليهودية والتجربة العربية التي ختمها الوحي المحمدي، ومن ثم ختم كل رسالات السماء إلى الأرض، ومن بعد صار معنى الاستمرارية للتجديد الديني متخذاً منهجاً جديداً لم تعرفه التجربة اليهودية، ومن ثم فإن دعوى الرسالة الثانية هي دعوى تخطي فهم منهج التجربة العربية في شكلها الخاتم، صحيح ليست هناك إشارة واضحة لمحمود محمد طه، ولكن إذ ضمت هذه الإشارة مع الإشارة الثانية التي وردت في مبحث "المنهج والعالمية الثانية" حيث مرة أخرى لا يذكر محمود محمد طه بالاسم، ولكن يشير إليه ليبيّن الفرق بين منهج العالمية الثانية والرسالة الثانية قائلاً: (قد أغلق باب النبوة وجفت الصحف ورفعت الأقلام ولم تعد ثمة "رسالة ثانية" كما ادعى بعضهم في باكستان وفي السودان. وإنما عالمية ثانية تأخذ محتواها الجديد، لا من تطبيقات سلفية ومفهوم سلفي، ولكن من تجريد منهجي قرآني يهيمن على معاني التطبيق في المرحلة السابقة، ويحدد الأبعاد الأكثر أصالة للعالمية الثانية".
    ثم أخيراً تأتي الإشارة الثالثة ضمن مبحث "الأفق التاريخي الجديد والظاهرة الإسرائيلية" والتي يبدو أنها تتعلق إما بكتاب محمود محمد طه الذي أصدره عشية النكسة 1967م، ودعى فيه الرؤساء العرب للصلح مع إسرائيل، أو ربما هي إشارة إلى الرئيس السادات بعد إبرامه لصلح كامب ديفيد فيما بعد حرب أكتوبر 1973م، وأحسب أنها موجهة إلى محمود محمد طه بسبب أنها تعالج القضية في مستواها المنهجي والتاريخي ولا تعنى كثيراً بالاتجاهات السياسية الآنية قائلاً: "إذن العلاقة العربية الإسرائيلية هي علاقة نفي وتضاد أبدية، ولا تقبل في حتميتها أي توسط أو معالجة. هكذا قدر الله الأمر وأوضحه قرآنياً منذ أن جعل ظاهرتي الوجود العربي والوجود الإسرائيلي متماثلين ومتقابلين". على الرغم من أن الإشارات التي وردت في حق محمود محمد طه تحتوي على نبرة عالية من السخرية وعدم الرغبة في الإشارة بالتعين، إلا أن أطروحة محمود محمد طه حاضرة في نص العالمية الثانية، فقد أخذت منها كثيراً من المعالم، وتبنت بعض خلاصتها العلمية، ولن نخطئ الرمية إن قلنا إن "العالمية الثانية" هي "رسالة ثانية" دون رسول يعلن عنها، لكننا نلاحظ أن حاج حمد قد عمل جاهداً لإخراج أطروحته من ما وقع فيه محمود محمد طه، لتكون دعوى الأخير تقع في دائرة القول الصوفي الشاطح، ومقالة حاج حمد هي مبدأ علمي في التحليل واكتشاف منهجية القرآن المعرفية، لعل من خبر التراث الفكري لمحمود محمد طه في الرسالة الثانية، أو طريق محمد، أو نقد التفسير العصري لمصطفى محمود، أو محاضرته عن الماركسية وغيرها من الرسائل يرى نقاط اتفاق كثيرة، لكن ما عمله حاج حمد في كتابه هو محاولة بيان نقاط الاختلاف الجوهرية بينه وبين محمود محمد طه، دون أن يعطيه ميزة الذكر بالاسم أو التنويه لمؤلفاته، ولعل في ذلك غرض خفي تغاباه حاج حمد وتركة للقارئ الفطن ليفهم تلك السخرية والحدة في التناول في إطار ما أسميناه بالسكوت الاستراتيجي.
    لعل القصد الذي أردنا الانتباه إليه باتباع هذا السبيل في الإشارة إلى كلٍّ من سيد قطب ومحمود محمد طه، لعل الإجابة الأولية تتعلق بأن الفارق الجوهري بين من سكت عنهم على الرغم من صلتهم بموضوعه، بينما توسع في ذكر صادق جلال العظم، وأكثر من الإشارة إلى د. خليل أحمد خليل العلمي في التحليل، وإن انبنت على مبادئ علمانية، فهي قد توفرت على قدر من الموضوعية جعل حاج حمد يوليها تلك العناية الخاصة، وهي من ثم تمثل النقيضين "العلمي والعملي" للعالمية الثانية.
    أما كتابات سيد قطب ومحمود محمد طه فهي تنتمي إلى ميراث نهايات العالمية الأولى، ربما يعتقد البعض أن لفظ "العلمية" ليس إلا سلاحاً أيدلوجياً يستخدم ضد الخصوم، كما فعل الكتّاب الماركسيون وماركس نفسه إزاء الكتابات الاشتراكية التي لا تتبنى النهج الماركسي، فصارت الاشتراكية العلمية في شكلها الماركسي هي الوحيدة الجدير بصفة "العلمية".
    3/ كيفية صياغة أشكال النهضة:
    حاج حمد هو أول من يثير الانتباه لتلك المسلمات التي تحرك من خلالها لصياغة سؤال النهضة ومحاولة الإجابة عليه. ولعل من أهم تنبيه المسلمات هو تنبيه لتقسيم مراحل العقل الإنساني إلى ثلاث مراحل، أولها العقل الإحيائي، ثم العقل الطبيعي، ثم العقل العلمي، وارتباط قيام العالمية الثانية بقيام دولة إسرائيل، وأخيراً مبدأ العالمية الثانية نفسه. اتخذه حاج حمد كواحدة من تلك المسلمات التي لا تحتاج إلى إثبات وإن عرضها بهذه الكيفية لا يعني مصادرة المطلوب، فلنقم باستعراض معالم كل واحد من هذه المسلمات على حدة، ثم نبيّن من بعد ذلك كيف استخدم هذه المسلمات في صياغة سؤال النهضة، ومن ثم اقتراح حل للمشكل العربي الإسلامي في إطار الحضارة الإنسانية العالمية والذي يقوم على مبدأ العالمية الثانية في إعادة تقسيم التاريخ الديني للإنسانية.
    عليه الرؤية الكلية التي يقترحها لإعادة تقسيم التاريخ الإنساني الديني، تحل إشكالية النهضة العربية الإسلامية وفق إطار إنساني شامل يتخذ فيه العرب المسلمون مركز الصدارة، ولكنه بذلك يقوم على اكتشاف منهجية القرآن المعرفية، وبسبب تداخل هذه القضايا وارتباطها ببعضها البعض يجد القارئ لكتاب (العالمية الثانية) تكراراً للقضايا، إن لم يمعن النظر لحسب أن ذلك من فضول القول الذي يقع ممن لا يحسن التعبير عن ما في دخيلته، لكن الأمر ليس كذلك بل يمكننا القول أن صاحب (العالمية الثانية) قد بلغ قدراً عالياً في مقولاته الخطابية التركيبية من الإبانة.
    ضمن تحريره لمبحث "منهجنا والعالمية الجديدة" ذكر أهمية هذه القسمة الثلاثية في التحليل، لكنه قدم بعض التعديلات التي حسبها جوهرية، ولكنني أرى أنها من باب التعديلات التي تقبل الإطار العام وتعيد تنظيم مفرداته وفق حاجيات جديدة، ولا تمس بأي حال من الأحوال الأصول الأساسية، لكن المثير للدهشة حقاً هو أن مبدأ العلمية هو الذي حدا به لقبول هذه القسمة الثلاثية للعقل، ومحاولة تعديلها في إطار منهجية القرآن المعرفية قائلاً: (في عصرنا الراهن تعتبر مسألة تحديد طبيعة المنهج التحليلي من أهم المسائل المطروحة، وقد ضاعفت الحضارة الأوروبية حساسية الأمر بنقدها المتوالي عبر تطوراتها التاريخية للأشكال السابقة من التفكير البشري) ليحدد صرامة تلك المراحل، فانتقد العقل "الطبيعي" مفهوميات العقل "الإيحائي" الخرافي ثم قفز إلى العقل "العلمي" في مرحلة متقدمة كاشفاً عن عيوب العقل الطبيعي ومفهومايته ومقولاته "ليصل إلى نتيجة مفادها": بذلك أصبحت معركة المنهج تطغى على تصنيفات البحوث نفسها، ليعتبر المنهج عنواناً ومقدمة لطبيعة البحث نفسه "فمن ثم يجد نفسه مطالباً ببيان المنهجية التي سيسلكها للاحتجاج لأطروحته قائلاً: "إن منهجنا وبلا أدنى شك يعتمد على نوع من الحكمة التأملية التي تربط بين قدرات العقل الذاتية باعتباره جملة وعي حساس، وبين مكنونات القرآن باعتباره الوعي المعادل للحركة الكونية في صدوره عن الله" ويذهب بتفصيل أكثر لتوضيح مقتضيات هذا الموقف المنهجي في تعديل فهمه للاتجاهات التي تلبس بها العقل الإنساني في مراحله الثلاث قائلاً: (نحن – إذن لسنا مع مبادئ العقل الطبيعي، كذلك لسنا مع العقل المجرد ضمن الاتجاهات الوضعية الضيقة، وإنما نؤمن بدمج القدرات العقلية جملة من الوعي الهائل بوعي الكتاب الكوني تلمساً لإدراك الأمور ضمن حقائقها وعلاقاتها).
    قد تبدو هذه المقالة مما يقع في خانة الحالة الشاعرية الفائقة، أكثر من كونها احتجاجاً عقلياً، لكن من خبر طريقة حاج حمد في هذا الصدد، خاصة حينما يتعلق الأمر بمواقفه المبدئية، تبدو تلك الشاعرية الطاغية في طريقة احتجاجه، لكن ذلك لا يقلل من قيمتها الموضوعية، بل على العكس من ذلك قد يضفي عليها نوعاً من الحماسة والانتماء لما يريد أن يعلق بذهن القارئ.
    لقد احتلت مسلمة العالمية الثانية وضعاً محورياً في أطروحة حاج حمد، ربما يكون القول فيها أنها مجرد مسلمة، بل يكون أكثر من ذلك حين نرى أنا تنتج عن اكتشاف منهجية القرآن المعرفية، وهي علاوة على ذلك المسلمة التي تلتقي عندها كل المسلمات الأخرى، ويبدأ بها التحليل وتنتهي عندها النتائج الرئيسة. ولذلك بدلاً من أن يخضعها للتحليل والنقد اتخذها مسلّمة أساسية في احتجاجه وفي نقده لقضايا التاريخ الديني والسياسي ومسائل التجديد وقضايا المستقبل ومآلات الإنسانية.
    إن النقد الجوهري للحضارة الأوروبية الراهنة – حسب رأي حاج حمد – يكمن في ذهولها عن منهجية القرآن المعرفية التي تقوم على الدمج بين قراءة الكون والوحي، والبديل الحضاري الذي هو نقيض هذه الحضارة الأوروبية، ينتهض من أعماله لمنهجية القرآن المعرفية، فالإنسان بوعيه الكوني هو الرابط بين جدلية الغيب والطبيعة، وتحويل الإنسان إلى شيء من أشياء الطبيعة، وهو بالجملة إسقاط لجدلية الغيب من المعادلة. وإنسان العالمية الثانية وحده هو القادر على إحداث ذلك الدمج بين القراءتين، وإحداث حضارة قائمة على السلام لا على الصراع، ومن ثم تحل مشكلة المنهج في الحضارة الغربية وتخرج الإنسانية من مأزقها المعرفي، وتستشرف معنى العالمية الإنسانية الحقة التي تحقق السلام العالمي الذي عجزت الحضارة الأوروبية "التي تدعي العالمية" بسبب ذهولها عن المنهج الصحيح وقيامها على أساس الصراع.
    ولعل المباحث التي عقدها فيما أسماه (الجزء الرابع) والذي أعطاه عنوان (باتجاه العالمية الثانية) تتبين فيه معالم هذه المسلمة على وجه الخصوص في مباحث "مقدمات على طريق العالمية الثانية"، وكذلك مبحث "خصائص العالمية الثانية". وإذا أخذنا واحدة من القضايا التي أولاها اعتباراً خاصاً هو التميز بين منهج العالمية الثانية والماركسية قائلاً أما الفارق بيننا وبينهم، أي بين المنهج القرآني لفهم مدلولات الحركة، وبين المنهج الماركسي، فيكمن في طبيعة فهمنا للظواهر الطبيعية كظواهر ذات محتوى إنساني كوني في إطار مقوماتها الطبيعية، وأن العلاقة الكلية التي تربط ما بين مجموعة الظواهر في سياق الحركة العامة هي علاقة كونية وليست بشرية، وأنها لا تقبل المصادفة ولكن التقدير الإلهي الذي ينفذ إلى كل التفاصيل في حياة الشعوب من خصوصيتها وموقعها إلى تركيبها واتجاهات حركتها، تلك إذاً العلاقة الفاصلة بين منهج الماركسية ومنهجية القرآن المعرفية، فالطريقة التي يحتج بها هي أشبه بالتقريرية، ربما بسبب أنه أراد أن يتخذ مما اعتقد أنه من مسلمات القرآن، مسلمات له لكن على سبيل الالتفات لبيان العلاقة الدقيقة على طريقة الفكر التأملي تجد بعض الملحوظات الجوانية، لكنها في مجملها لا ترقى – بالطبع – إلى طريقة الاحتجاج البرهاني.
    وإذا انتقلنا للمبحث الذي عقده لبيان خصائص العالمية الإسلامية الثانية، يسترعي انتباهنا افتتاحية ذلك المبحث، والتي تأخذ قضية عودة بني إسرائيل إلى فلسطين كنقطة ارتكاز معطاة بسببها تنعقد الدلالات الأخرى في التحليل قائلاً (قد قضى الله أن تنتهي العالمية الإسلامية الأولى بعودة بني إسرائيل إلى فلسطين "المسجد الأقصى" وإنشائهم لدولتهم، وأمدهم الله كما قضى بأموال وبنين تتدفق عليهم من أرجاء كثيرة من العالم، وجعلهم أكثر نفيراً. ويبيّن لنا كيف أن قيام دولة إسرائيل كان إيذاناً بانتهاء دورة حضارية في المنطقة، ومن مظاهر انتهاء العالمية الإسلامية الأولى هي التحول نحو البدائل الوضعية والارتداد نحو الإقليمية وعناصر الانقسام داخل الأمة العربية، ثم محاولة إحياء الأصول الحضارية السابقة على الإسلام.
    وللتدليل على ذلك ذكرنا حاج حمد: "كل هذه المظاهر ذات علاقات جدلية متفاعلة باتجاه الهزيمة الكبرى، فليس غريباً إذن أن يعلن الرئيس المصري برنامج للصلح مع إسرائيل وهو يخاطب الصحفيين مشيداً بحضارة مصر الضاربة في الجذور، ومتخذاً من الأهرامات الثلاثة خلفية لمظهره التلفزيوني". إذاً ليس عجباً أن تتداخل مسلمة العالمية الثانية مع رصيفتها قيام دولة إسرائيل ونهاية العالمية الأولى باكتشاف منهجية القرآن المعرفية، وليس ذلك بأية حال من الأحوال – على سبيل الاحتجاج الدائري، ولكنه يبيّن لنا الترابط في أطروحته، مما جعله يتخذ ما يحب أن يكون موضعاً للتدليل مقدمة أساسية في الاحتجاج.
    لا شك أن النظر في كتاب العالمية الثانية – يحسب أن قيام دولة إسرائيل واحدة من المسلمات الجوهرية بسبب التحليل المستفيض للتجربة الإسرائيلية في التاريخ الديني للإنسانية، وإعطائهم وضعاً مركزياً في تطور تجارب البشرية، فإن كانت التجربة الإنسانية قد بدأت بمرحلة الفردية ثم انتقلت إلى مرحلة القومية، فإن تجربة بني إسرائيل قد لقيت عناية فائقة من القرآن – حسب رأي حاج حمد – ولذلك تولى دراستها بالتفصيل في تتبع دقيق لآي القرآن، ابتداءً بسورة البقرة ومروراً بالسور الأخرى مع التركيز على سورة الإسراء وسورتي النحل والكهف لاستنتاج نموذج ديني لمرحلة الدولة القومية، والتي تكون فيه دولة بني إسرائيل بمراحلها في التكوين على يد موسى، وفي العلو على يد داؤد وسليمان نموذجاً نقيضاً للدولة الفرعونية.
    وقد تقرر – حسب رأي حاج حمد – في الدولة الإسرائيلية مبدأ الحكم بالحق: "والحق ليس هو التشريع وإنما مصدر التشريع أي أن يكون هذا المصدر قائماً في نفوسنا ليأتي تطبيقاً للتشريع على نسق الحكمة القابضة للخلق الكوني". ويرتب حاج حمد على هذا المعنى فهماً للعبادة والشريعة مرتبطاً بمنهجية القرآن المعرفية قائلاً: "فالتشريع ليس سوى تجسيد للمنهجية الكونية على مستوى الحياة البشرية في فلكها". فهذه المعاني المتعلقة بين التجربة الإسرائيلية التي تمتد من موسى عليه السلام إلى مجيء المسيح، ثم ختم الوحي الإلهي بالوحي المحمدي، وهذه المقارنات قصد منها إجراء تقابل في التجربتين، بحيث يكون ذلك تمهيداً لاستخلاص معالم العالمية الثانية "طبقاً لمنهجنا فإننا نفسر خلو التجربة المحمدية العربية من الآيات المعجزة برد أصول التجربة إلى (الرحمة الإلهية) في مقابل (الخير العربي) .. هنا يتضح الفارق النوعي في التعامل الإلهي مع تجربة الإيمان العربي، ومع تجربة الإيمان الإسرائيلي، فهو لم يحدث هنا تغييراً ظاهرياً في السنة الكونية، لا في حالة التأييد ولا في حالة العقاب، حتى أن إنزال الملائكة في بدر إلى جانب المسلمين أنفذه الله كحدث غيبي غير مرئي بالنسبة للبشر (إذاً فمحورية قيام دولة بني إسرائيل هي حلقة في سلسلة متلاحقة من المفاهيم والمضامين الدينية، وعدم القدرة على رؤيتها في هذا السياق الذي يجمع بين تاريخ إسرائيل كنموذج ديني للدولة القومية والعالمية الأولى، الديني يتمحور حول إعادة قراءة تاريخ التجربة الإسرائيلية في سياق الفردانية، والدولة القومية قيم العالمية. وهو كذلك يقتضي النظر في آيات القرآن الكريم وفق متوازيات بين التجربتين الإسرائيلية والمحمدية في عالميتها الأولى، ويقتضي أكثر من ذلك إعادة قراءة السيرة النبوية وفقاً لمنهج الجمع بين القراءتين، والذي يجعل من الغيب مقدمة تفسيرية ضرورية لذلك التاريخ، ومن ثم لابد من إعادة كتابة السيرة وفقاً لذلك النهج الذي حاول حاج حمد بيان معالمه. ولا تقف إعادة قراءة التجربتين عن طريق التوازي بينهما لإثبات أن ما حدث في تاريخ بني إسرائيل بين موسى وسليمان تحقق في مدى التجربة النبوية المحمدية، الذي أخرجه القرآن من فرديته إلى عالمية حبه، وبيّن مفاصل التجربة الدينية.
    وفقاً لمنهج القرآن الكريم في الدمج بين القراءتين أقول إنه قد اقترح قراءة أعمق من مراحل الفردية الآدمية والقومية الإسرائيلية والعالمية الأولى، ثم قيام دولة بني إسرائيل كفاتحة للعالمية الثانية، والتي هي خاتمة التاريخ الإنساني حيث يبيّن كيف أن العالمية الثانية هي قمة التطور الروحي لدى البشرية، ليس بسبب الأفضلية ولكن بسبب شروط العصر القائمة على "المنهجية". ويؤكد هذا المعنى حاج حمد قائلاً: "إذن منهجيتنا هي منهجية القرآن التي نشأت منها التجربة المحمدية العربية، ولا ندعي أن ثمة جديد يضاف، سوى محاولة الوعي بالقرآن في إطاره المنهجي الكلي على نحو كوني شامل، بوصفه معادلاً للحركة الكونية وكل دلالاتها.. ولا يعود الأمر لنقص فهم وكمال فينا، وإنما يعود لطبيعة مقومات تجربتهم وخصائص تكوينهم التاريخي والاجتماعي "كفاتحة لعالمية إنسانية تنتهي عند قيام دولة إسرائيل الثانية حسب نبؤة سورة الإسراء، والتي عهد لقيام العالمية الثانية على أساس منهجية القرآن المعرفية، ولتحقيق السلام العالمي وإخراج الإنسانية من دورة الصراع والمناهج الوضعية المادية التي تسقط الغيب في جدليتها.
    من كل ما ذكر نخلص إلى أن حاج حمد في إطار المسلمات مع بعضها البعض بدأ سؤال النهضة مرتبطاً بمآلات تاريخ العرب في ارتباطه بالعالمية الأولى، وبدأ بسبب اكتشاف فُهمت الدراسة على أساسه إشارة سورة الإسراء أن سؤال النهضة قائم على إنجاز فهم للقرآن في مستوى منهجية القرآن المعرفية، وإنجاز قاموس لساني للقرآن، حيث إن بناء القرآن اللغوي معادل للكون ولا يجدي فيه النظر التجريبي أو الخطأ القائم على تحنيط اللغة القرآنية في قواميس تخل بفهم معاني القرآن الكريم، وفي كل ذلك يريد حاج حمد أن يرتفع العرب المسلمون إلى مستوى منهجية القرآن المعرفية وهم يستشرفون بداياتها، ومن ثم فإن إعادة قراءة التاريخ الديني للإنسانية ليس فيه توفير حل لمعضلة النهضة لدى العرب المسلمين، وإنما به تحل مشكلة الإنسانية في مستوى العالمية الثانية.
    4/ تقديم مشروعه الفكري:
    لابد من القول بأن تقديم مشروعه الفكري هو بالأساس النظر إلى ما بقي فاعلاً في حركة الفكر من بعده، ولا يمتري بأن أطروحة منهجية القرآن المعرفية قد أثارت جدلاً علمياً كبيراً لم يتح لأية أطروحة مماثلة من هذا الجدل الشرس في تاريخنا الفكري المعاصر. وحينما عقد المعهد العالمي للفكر الإسلامي ندوته الشهيرة لتقويم كتاب (منهجية القرآن المعرفية) قبل طبعه، بدأ واضحاً أن الأطروحة في صميمها لا غبار عليها، بل إنها أداة للتحليل في غاية الفائدة، وأنها ستعطي مشروع إسلامية المعرفة زخماً معرفياً مرتبطاً بالقرآن الكريم، فحينما اعترض على الأطروحة د. محمد عمارة لم يعترض عليها كأداة للتحيل العلمي، وإنما اعترض على الترتيبات العلمية والخلاصات التي استنتجها حاج حمد، خاصة حينما تستخدم كأداة في إطار ملحمة العالمية الثانية، ولذلك لم يستطع المعهد العالمي للفكر الإسلامي طبع الكتاب وتبنيه في السلسلة المنهجية أو غيرها، وقام الشيخ طه جابر العلواني بتجديد الأطروحة وإعادة صياغتها في إطار مدرسة سيد قطب في التفسير، وطبعت بعنوان منهجية القرآن المعرفية، وتلقتها الحركة الفكرية الدائرة حول فكر المعهد بالقبول، لكن حاج حمد قام بنشرها كما هي نشراً خاصاً به، وعليه إن اتخذنا النقاش الذي دار حول الكتاب (منهجية القرآن المعرفية) في ندوة القاهرة نجد أن الأطروحة هي من أميز ما أنتجته الحركة العلمية في القرن العشرين، وإنها ستستمر في توجيه وتحريك حركة الفكر الإسلامي وشحذ همم قادة الرأي لإنجاز النظام المعرفي الإسلامي، وفقاً لتلك المنهجية وللانتفاع بالنقاش الدائر إلى مصاف الإنسانية لتقديم حلول لمأزقها المعرفي.
    وكما أفضى بنا النقاش في شأن مصادر حاج حمد من أن أطروحة منهجية القرآن المعرفية هي في الأساس امتداد لمدرسة سيد قطب في التفسير، وإنها في هذا الإطار تضمن استمرارية الفكر الإسلامي الذي لا يصادق ثوابت الأمة العقدية والفكرية، ولكنها حينما تخرج عن فكر المدرسة يبدو واضحاً الانقسامات التي ستحدثها، وليس تجربة ندوة القاهرة إلا واحدة من تلك المنتديات، وليس معنى ربط منهجية القرآن المعرفية التقليل من جهد حاج حمد العلمي، بل والحق يقال إن حديث سيد قطب المتكرر عن منهج القرآن لم يكن سوى مجرد شعار كان ينتظر من يقوم بصياغته من ناحية منهجية، وذلك ما فعله حاج حمد، فتجاوز به الأفق المعرفي الذي نادي به سيد قطب، وهو كذلك قد استفاد كثيراً من محمود محمد طه، وإخراج أفكاره من صوفيتها الشاطحة.
    لابد في الختام من القول بأن كتاب (العالمية الثانية) لابد وأن يقرأ مع كتاب (السودان المأزق التاريخي وآفاق المستقبل)، فمستقبل السودان الحقيقي المرتبط بمستقبل العروبة والإسلام – مرتبط بآفاق أطروحة العالمية الثانية.
                  

05-08-2008, 03:29 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    السودان القديم والسودان الجديد !!(4-4)
    د.عمر القراي

    في الحلقات السابقة من هذا المقال ، تعرضنا لتصور الاستاذ محمود للسودان القديم ، وكيفية تجاوزه لتحقيق السودان الجديد ، وتصور د. جون قرنق للسودان القديم ، وطرحه لمشروع السودان الجديد. ثم ما اتفق عليه المفكران، من ان أهم مشاكلنا السياسية ، التي كرست السودان القديم هي دعاوى تطبيق الشريعة .. واهم ما يميز السودان الجديد ، فكرة الوحدة القائمة على تحقيق السلام والمساواة التامة على اساس المواطنة بين جميع السودانيين .. من أجل كل ذلك ، فاني ادعو الى قيام جبهة شعبية عريضة ، من اجل الحفاظ على السلام ، وترسيخ الديمقراطية ، واشاعة مبادئ حقوق الانسان . هذا اقل واجب ، تجاه وطننا ، وتجاه اخواننا في الجنوب ، يعينهم على اتخاذ قرار الوحدة في اطار السودان الجديد ، الذي يمكن بالمحافظة على المبادئ ، ان يضع قدمه على الطريق الصاعد ، الى مشارف الحرية ، والتنمية ، والرخاء.
    هذه الجبهة العريضة ، تجمع كل مهتم بقضايا الوطن ، بغض النظر عن انتمائه ، ما دام يشجب الحرب ، و يتفق على وحدة السودان ، وسلامته ، ويؤمن بالديمقراطية ، والمبادئ الدولية لحقوق الانسان ، ويقر بالمساواة التامة بين جميع ابناء وبنات الشعب السوداني .. ثم هي ليست حزباً سياسياً جديداً ، أو تجمعاً لاحزاب سياسية قديمة ، أو قوى سياسية حديثة ، هدفها الوصول للسلطة . وانما هي جبهة شعبية ، ليس لها صفة حكومية ،لا تهدف الا الى بناء الوطن. وليس مطلوباً ، ولا متوقعاً ، من هذه الجبهةً ، ان تحل كل مشاكل السودان .. ولكن مطلوب منها ، أن توعي الشعب ، بهذه المشاكل ، وتسمع منه رأيه في حلها ، وتوصل صوته لمن هم في موقع أتخاذ القرار، وتربط بين السودان وبين المؤسسات الدولية ، وتكون العين الساهرة ،على أمن المواطنين وحريتهم . ثم هي فوق ذلك ، تجمع المعلومات ، وتعد الدراسات ، التي تشخص المشاكل ، وتحدد ابعادها، وتقترح الحلول ، وتنشروسط الشعب المعلومات ، بصورة تجعل كل مواطن ، يعرف تماماً ، ما يجري في بلده ، ويسهم بما يستطيع ، في دفعها الى الأمام .
    وحتى تستطيع هذه الجبهة العريضة ، ان تؤدي دورها ، فاني اقترح ان تتكون في داخلها ، لجان متخصصة . منها على سبيل المثال لا الحصر :
    1- لجنة قانونية : يكون من مهامها :
    أ- متابعة تنفيذ اتفاقية السلام ، في كافة تفاصيلها ، والتوعية بشأنها في الشمال والجنوب ، من خلال اجهزة الاعلام المحلية ، والعالمية ، وتصعيد الاتصال بكافة المؤسسات الدولية ، بشأن أي خرق ، أو تباطؤ ، او تلكؤ في تنفيذ بنودها .
    ب- مراجعة القوانين السودانية ، لتتناسب مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، ومبادئ الديمقراطية ، وتصعيد الاعلام في الداخل والخارج ، ليتجاوب مع أي خرق ، اومخالفة في هذا الصدد .
    ج- فتح مكتب تابع لهذه الجبهة ، يستقبل شكاوى المواطنين ، بشأن المظالم ، التي لم يفصل فيها القضاء ، لانها لم تصل اليه ، أوفصل فيها بالانحياز للسلطة ففرط في حقوق الناس . ويمكن استلام الشكاوى كتابة ، والاستعانة بمحامين للنظر فيها ، واعادة صياغتها.. كما يمكن اعطاء فرصة للمواطنين المتضررين ، ان يتحدثوا عنها في وسائل الاعلام ، في برامج تخصص لهذا الغرض .
    2- لجنة المنابر الحرة : يكون من مهامها :
    أ- إنشاء وتنظيم منابر للحوار الحر ، في مختلف قضايا الوطن ، وذلك في دور التعليم من المرحلة الثانوية ، وفي الجامعات والمعاهد العليا . كما تقوم المنابر ايضاُ في دور المعلمين ، وفي الاندية الرياضية ، وغيرها من اماكن تجمع المواطنين .
    ب- انشاء منبر ثابت ، في الاذاعة وفي التلفزيون ، ينظم الحوار بين كافة الاطراف ، سواء كانوا افراد او مجموعات أو احزاب .
    ج- انشاء منابر للحوار في الاحياء تنظمها الادارة المحلية للمنطقة تناقش فيها بالاضافة الى المسائل العامة مشاكل كل منطقة ..
    3- لجنة التعليم والإعلام : ويكون من مهامها :
    أ- إلغاء الضوء على مشاكل التعليم ، من معلم ، ومدرسة ، وكتاب ، ووسيلة تعليم ، ومنهج .. واقتراح مناهج جديدة ، تناسب المرحلة الجديدة، وتتسق مع مبادئ السلام ، وتشجع الاخاء ، وتثمن والديمقراطية ، وتربط في التعليم في الشمال والجنوب.. وتستلهم من تراث السودانيين ، في كافة انحاء السودان ، مادة التعليم والتربية بالنموذج المجسد . كما تصر على الاستفادة من الخبرة التكنولوجية ، في مجال التعليم، على قدر طاقة البلاد الاقتصادية .
    ب- إقتراح ان يكون التباين الثقافي ، في وضع المناهج التعليمية ، الاستراتيجية الجوهرية ، التي تستهدف التقارب بين ابناء الوطن ، ومراعاة ذلك في كافة مراحل التعليم ، منذ التعليم الابتدائي ، وحتى التعليم الجامعي ، خاصة الاختلافات اللغوية .
    ج- اعادة النظر في قصور وسائل الاعلام الحالية الموجهة ، عن القيام بالدور الاعلامي ، الثقافي ، المطلوب . ووضع مقترحات محددة ، ببرامج تتصدى للمفاهيم الخاطئة ، وتعطي فرص للتنوع الثقافي . واعادة تاهيل معاهد الفنون والموسيقى والمسرح المختلفة ، التي بتطويرها تتطور وظيفة ومهمة الاعلام.
    د- أعادة النظر في الجامعات والمعاهد العليا، كمعاهد تعليم ، ومؤسسات بحثية. وبحث الوسائل الممكنة لخلق علاقات وطيدة بينها وبين مؤسسات عالمية .. وأحياء المكتبات العامة ، في كل انحاء البلاد ، وتكوينها- ولو بالعون الذاتي والتبرعات- وتوفير كافة انواع الكتب المفيدة للجمهور ، والعناية الخاصة بالاطفال ، ورعايتهم ، وتعليمهم في مراحل قبل الدراسية ، بالوسائل المتطورة التي توسع الخيال .
    4- لجنة اقتصادية : ويكون من مهامها :
    أ- تجميع مساهمات متفاوتة من الاعضاء يتكون منها الصندوق الاساسي ثم تنظيم مقترحات مشروعات تقدم لجهات تمويل من المنظمات غير الحكومية .
    ب- الحصول على المعلومات ، الخاصة بكافة اوجه النشاط الاقتصادي ، خاصة النفط ، وتبسيطها ، وتسليمها للشعب، حتى يعرف الجميع ، كيف تسهم هذه العائدات في بناء الوطن .
    ج- تقديم مقترحات بدراسة مشروعات التنمية المتعثرة ، وتحديد اسباب الفشل وفرص الاصلاح ، ودراسة امكانية دور جديد للبنوك في التنمية .
    د- الاتصال بجهات اجنبية عربية ، و أفريقية ، وعالمية ، حريصة على التنمية في السودان ، والتباحث معها حول مشاريع بنية تحتية ، اساسية كالسكة حديد ، والكبارى ، والطرق السريعة ، وآليات توفير المياه والكهرباء ، ووسائل الاتصال .
    ه- دراسة قوانين الاستثمار، وتقديم مقترحات بتطويرها ، والاطلاع على الاتفاقيات مع الدولة الأخرى ، ومراقبة اي تفريط في مصلحة الوطن الاقتصادية .. ورفع الشكاوي عند وجود ادلة على الفساد ، او استغلال النفوذ ، او الثراء الحرام ، على حساب مصلحة الشعب . مع انشاء وحدات صغيرة ، لمراجعة مسائل اقتصادية عديدة ، مثل الاسعار، وسوق العمل وانشاء الجمعيات التعاونية ، وسوق الاسهم والسندات والنقد الاجنبي ..الخ ألخ
    و- لجنة تنسيق : ويكون من مهامها :
    أ- التنسيق بين عمل كافة اللجان ، وتوفير المعلومات عن العمل المشترك لكل لجنة ، وحفظ ملفات الكترونية ، باجندة وتفاصيل الاجتماعات ، ونتائجها . والسعي لتوفير منابر نشر الكترونية بغرض التواصل بين اعضاء اللجان في جميع انحاء العالم.
    ب- الاتصال بين اللجان وبين الحكومة المركزية ، وتحضير الاجتماعات مع المسؤولين ، في مختلف اماكن السودان بالاضافة الى مقابلتهم في الخارج .
    إن هذه الجبهة العريضة المقترحة ، ليست بديلاً عن الحكومة الانتقالية ، ولاهي ممثل للحكومة ، المنتخبة ، في المستقبل ، وانما يرجى ان تكون صوت الشعب ، الذي يدعم الحكومة ، اذا كانت في جانب الشعب ،ويراقبها ، وينقدها ، ويعارضها ، ويصحح مسارها ، اذا كانت غير ذلك .. فان الشعب السوداني ( لا تنقصه الاصالة وانما تنقصه المعلومات الوافيه وقد تضافرت كل العوامل لتحجبها عنه ) كما قال الاستاذ محمود في منتصف الستينات .
    وقد كان السبب في تكرار اخطاء الحكومات المتعاقبة ، انعزال غالبية الشعب ، عملياً ، عن قضاياه ، وترك امره في يد قلة من السياسيين ، توجهه لمصلحتها ، وضد مصلحتة .. وهكذا عبر حياتنا السياسية ، ابعدت منظمات المجتمع المدني ، وعزلت عن أي دور فعال في واقع الحياة ، وحصرت مهمتها ، في العمل التطوعي ، الخيري ، المحدود وحتى في هذا المجال الضيق ، وجدت تعويق من الحكومات ، ومن الاحزاب ، ومحاولات عديدة ، لاستغلال مواردها ، لصالح بعض الاحزاب، او الحكام !!
    إن التحدي الذي يجب ان ننهض له ، هو اشراك الشعب ، في توجيه مسار حياته نحو الافضل .. فلقد اشتهر الشعب السوداني ، بين شعوب المنطقة ، بانه شعب واعي سياسياً ، ولكن ظل هذا الوعي نظرياً ، عاطفياً ، استطاع ان يصنع ثورة اكتوبر، وانتفاضة مارس أبريل ، ولكنه لم يستطع أن يمنع سرقة تلك الثورات !! وذلك لأن وعيه السياسي ، لم يتسامى عن الرغبة العارمة في التغيير، الى المعرفة العملية بطرائق التغيير، التي تجعله يشارك بفاعليه في توجيه الواقع السياسي ، لمصلحته .. وهذا ما نسعى اليه ، منذ اليوم ، من اجل هذا الوطن العظيم ، الذي قدم المعلم العظيم ، نفسه فداء له .


    صحيفة اجراس الحرية

    May 2008
                  

05-08-2008, 03:40 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    [size=24]فصل العرق عن الدولة
    صلاح شعيب

    يبدو أن هناك عدة إجراءات فصل، منهجية وأخلاقية الطابع، تحتاج أن تحدث في بلادنا الإسلامية والعربية والأفريقية حتى تستقر على مرسى آمن. فصل الدين عن الدولة وحده لا ينهي ازدواجية «المتخيل والواقعي» في العمل الحكومي. نستطيع أن نحيد «الانتماء الديني» في المفاضلات بين القيم الفكرية والبشرية التي تطور، أو تحط بالدولة، ولكن هذا «الفصل المحيد» لا يمثل نهاية المطاف، فما لم نتبعه بفصل آخر بين العرق والدولة، فإن الدولة العلمانية التي نقيمها سوف تواجه بأزمات وأسئلة مستمرة عن طبيعة قدرتها على حل اشكالات المجتمع.
    إجراء الفصل الآخر المهم هو بين الذاتي والموضوعي، فالمسؤول الذي يفصل في تفكيره بين «أ» الدين والدولة و«ب» بين العرق والدولة، لا يستطيع أن يقدم شيئاً مفيداً لمجتمعه ما لم يتجرّد عن مطامحه الذاتية لصالح المصلحة العامة/الموضوعية التي تسهم في استدامة السلام الاجتماعي. أي أن يقدم المسؤول مصلحة الجماعة على ما له من مصلحة عارضة تتيحها وظيفته.
    إذن، فإن هناك أزمة «مفصلة» للمسألة الإسلامية- العربية لا يقف حلها عند إجراء فصل واحد وترك آخر، وربما هذا ما يجعل الأزمة السودانية معقّدة بدرجة البساطة. وإذا انتهت أزمتنا لأن تأخذ «الشكل البسيط» فإن حلها في استقامة وعي الفرد وعمله.. لا شيء غير، غير أن الطريق لتحقيق هذه الاستقامة هو التقعيد نفسه!!
    الدولة العلمانية الديمقراطية والتي هي الحل الصعب الذي جعل العرب والمسلمين يتلجلجون دون تطبيقه حرفياً وذلك بسبب الخوف من إرهاب رجال الدين والإسلامويين والسلطويين. ومع ذلك فإن العلمانية وحدها لن تحل المشكلة. فالدول العلمانية المتقدمة تعايش الآن مطالبات خصماً على رغباتها القديمة في السيادة على «أقلياتها الأثنية والدينية». وجوبهت الحكومات الغربية المتعاقبة بخطابات جديدة تبين ضرورة مراجعة تجاربها التاريخية من أجل تحقيق السلام والعدل والمساواة في التعايش حتى لو تطلب الأمر الاعتذار عن المظالم التي ارتكبت حين وظف العرق تلك الرغبات غير الإنسانية لإنشاء الدولة. وعلى أن يرفق هذا الاعتذار بتعويضات مادية وأدبية.
    فالولايات المتحدة، كدولة علمانية، تعاني اليوم ضغطاً في هذا الاتجاه من أقلياتها لتغيير نمط تفكيرها في التعامل مع المكون المحلي، ولعل المرشح للرئاسة باراك أوباما، بوصوله المتقدم في هذا السباق الرئاسي، رفع الغطاء عن الجرح المتقيح العميق إن لم يكن قد بيَّن مواضع كل الدمامل في جسد التجربة الأميركية التاريخية. وحتى قبل تشيع وهج أوباما السياسي في فضاء الإعلام كان النبس بأهمية التغيير في سياسة الأكثرية البيضاء تجاه الأفارقة السود والهيسبان يتواصل كلما فرضت الأحداث أهميته. فتبعات أحداث كاترينا والتي أغرقت ولاية لوزيانا -ذات الأكثرية السوداء- وترادفت بتجاهل واضح من قمة الرئاسة الأمريكية وأجهزة الطوارئ الفيدرالية كانت من جوهر الأسباب التي أعادت صنع الجدل الغاضب حول الطبيعة المتحيّزة للأقلية البيضاء في معالجاتها للشأن القومي الأميركي.
    في فرنسا، أو أوربا بشكل عام تعاني «الصورة القديمة» للديمقراطيات العريقة -والمحمية بأنظمة علمانية صارمة- هزات واضحة في مقابل التحولات الديمغرافية والاقتصادية التي ضربت هذه الأوطان ما جعل هناك قوميات جديدة، وأديان جديدة، وثقافات جديدة. وهذه القوميات تريد تنصيص حقوقها في الدستور وأن تتمثل في البرلمان، وأن تساوى حقوقها في العمل، وأن تشعر بالاعتراف بخصوصيتها، وما إلى ذلك من احتياجات دنيوية. ولكن تلبية هذا التمثيل يقوض -بمرارة يحسها البعض- كثيراً من الحقائق على الأرض، وحتماً ستكون على حساب الطبقات التي ظلت تحافظ على الشكل التقليدي التاريخي للعلمانية.
    على أنه برغم هذه الاختبارات الصعبة التي تواجه علمانية الولايات المتحدة وأوربا، والتي أثبتت فاعليتها كنسق تنظيم متفق عليه للسياسة، وككابح للتحيز الديني لأي مسؤول سياسي/مهني، إلا أن صحة بيئة الحوار التي تتيحها العلمانية يشجع على قدرة شعوب هذه الدول في تجاوز الاختبارات والوصول إلى حلول ممكنة كما حدث لبعض القضايا التي كانت شائكة في الماضي. والمتوقع أن العمل بهذه الحلول سيكون حتمياً تحت ضغط متواصل لخطابات ونشاطات الأقليات.
    وبالنظر إلى وجود نخب عقلانية داخل النخب المسيطرة أثنياً.. تتضامن مع مطالب الأقليات المتظلمة، وبالنظر كذلك إلى وجود وعي عام بهذه المظالم في المحافل الاجتماعية فإن الديمقراطيات العلمانية الغربية ستضطر إلى الاعتراف بالتقصير في حفظ حقوق الأقليات وتدارك الموقف قبل الانفجار.
    ولكن حالتنا في العالم العربي والإسلامي، حيث لا توجد العلمانية التي تتيح الفرصة للحوار أو تعترف بالآخر الديني أو العرقي أو الثقافي، فإن المطالب الجديدة التي يرفعها ممثلو الأقليات الدينية والعرقية لا تجد الآذان الصاغية وربما جوبهت بـ«الأنكار البديع» أو «التحايل المشهدي» وبالكثير بـ«القمع القاطع» كما شاهدنا في أمر الاكراد وجنوب السودان ودارفور والبوليساريو وموريتانيا... إلخ.
    إن أكثر الذين عمّقوا ضرورة إنجاز العلمانية بالمنظور الديني في العالم الإسلامي هو البروفيسور عبد الله أحمد النعيم، وقد زارنا الاسبوع الماضي وعمق لدينا فهم العلمانية، فمن جهة حضرنا محاضرته القيمة والتي أقامها قسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة جورج تاون العريقة بالعاصمة الأميركية، وانصب النقاش الذي عمه جمهور أميركي متنوع حول كتابه الجديد «Islam and The Secular State» ثم قمنا في «اتحاد الصحافيين بالولايات المتحدة» بإستضافته في نادي الصحافة القومي بواشنطن في حوار مفتوح للوقوف على مستوى اهتماماته الفكرية والقانونية والدينية، وحاججنا النعيم حول كيفية تبيئة العلمانية في مناخ ثقافي يرتاب من هذا المصطلح كما ارتيابه من الضبع.
    وفي عطلة نهاية الاسبوع حاضر جمهور الجالية السودانية عن تطوير الشريعة الإسلامية في إطار المعاني العلمانية، وأخيراً حظيت بإجراء حوار معه لقراء «الصحافة» من أربعة أجزاء، وتطرق الحوار إلى مفهومه للعلمانية كما تحدث عن معظم القضايا التي تشغل الذهن السوداني. هذه النشاطات التي عمقها النعيم بمقولاته الثرة -والتي تتجه معرفياً وتنويرياً بمزاوجة بائنة بين قناعاته الدينية الراسخة ومعرفته الموسوعية- أعطتنا فرصة عظيمة للإستماع إلى وجهات النظر المختلفة عن مفهوم العلمانية على ضوء ما هو ماثل في واقعنا السياسي والاجتماعي والثقافي، ولعل في الحوار المنشور بالصحافة تعريفاً كاملاً عن رؤيته لأهمية العلمانية وبقية المواضيع المثارة. ولعلنا نتفق مع البروفيسور النعيم أن تحييد الدولة دينياً هو المخرج الإجرائي الأول الذي يعيد لها الاعتبار وللمواطنين الأمل والثقة في أنفسهم وفي إصلاح شؤون دولتهم ودينهم. فتجارب الدولة الدينية التي عايشناها في بلداننا لم تقم الدين ولم تقم الدولة، بل تكاد تنزع لتحطيم مركباتها التي ورثتها من المستعمر شذراً مذراً.
    بيد أن الفصل الأهم الذي، كما نرى، يجب أن يسبق فصل الدين عن الدولة هو ضرورة الفصل بين العرق والدولة. وهذه الخطوة التمهيدية تتطلّب عقداً اجتماعياً جديداً بين المركبات الإثنية السودانية حتى تعمل العلمانية على صيانة نفسها به وصيانة الوجود السوداني الذي أصبح اليوم يميل «أولاً» للبحث عن ثمة عدالة لحياته قبل التفكير في دينية الدولة أو يهوديتها، فالناس تكاد اليوم أن تتحالف مع الشيطان في سبيل إخراجهم من جحيم دولة هجرتهم إلى بقاع الأرض وعذبتهم بالقهر والتنكيل وسلطت عليهم باستمرار سيوف التهديد.
    ولا أعتقد أن تأسيس النظام العلماني وحده اليوم سيعمل على اجتثاث جذور المشاكل التي أفرزتها الدولة الدينية للانقاذ، كما أنه يجدر الذكر أن تجاربنا الماضية والتي لم تخلُ من بعض أنواع العلمانية أسهمت في الوصول إلى هذه التجارب الدينية ولم تستطع أيضاً أن تحقق قدراً في الفصل بين العرق والدولة، والمدهش أن النظامين العلماني والديني واللذين انبثقا من المؤسسة العسكرية والتجربة الديمقراطية في السودان لم يسعيا إلى تحييد العرق في واقع ممارسة الناس، ولحظنا كيف اتفقت النخب العلمانية والدينية على تعميق ربط العرق بالدولة للدرجة التي انمحت فيها الفوارق الايدلوجية للحكومات التي يحرّكها المؤمنون بالدولة الدينية والدولة العلمانية معاً. وهؤلاء المؤمنون يتوهمون أنهم بهذا «النسق الشموقراطي» سيجلبون الاستقرار لأنفسهم والدولة.
    وربما ترينا تجربة الانقاذ أهمية الاعتبار لضرورة الفصل بين العرق والدولة قبل التفكير في الفصل بين الدين والدولة. إذ استطاعت توليفة نيفاشا «الشموقراطية» أن تسهم في خلق «وضع تعايش» لهؤلاء المختلفين منهجياً حول فلسفة الدولة بل ويبدون من الأعمال والتصريحات ما يؤكد استماتتهم للمحافظة على هذا النظام من دون إجراء إصلاحات جوهرية في بنيته.
    إن جزءاً كبيراً من المشاكل التي تعاني منها مجتمعاتنا يتعلّق بالانحياز الاثني وسط النخب المسؤولة عن الدولة المركزية، وخلقت هذه الانحيازات مرارات وضغائن عرقية تحوّلت إلى مهدد مستمر لشعب الدولة ووجودها. وبغير ذلك فإنها لم تحقق السلام والاستقرار حتى في مجتمعات النخب الاثنية المهيمنة على الدولة. بل أدت هذه الضغائن إلى نشوء إنحيازات إثنية مضادة ضد الدولة وبعض المستضعفين المنتمين لاثنيات وتحميلهم وزر المسؤولية، برغم أن لا يد لهم في السلطة، وبالتالي تولّدت الحروب التي أودت بالعديد من أبناء السودان. والملاحظ أنها لم تمس هذه النخب التي تذكي في نار الضغينة الاثنية. ولقد بقي دور النخب المهيمنة على السلطة هو دفع الشباب إلى أتون الحرب في الوقت الذي ينعمون بالأمان والامتيازات، ولم يفكروا على الإطلاق بأن يكونوا قدوة لهؤلاء الشباب في قيادة المعارك بأنفسهم لمواجهة المتظلمين الذين يشهرون بأسلحتهم ضد الدولة.
    فضلاً عن كل هذا، فإن الانحيازات في تركيز التنمية في المناطق التي يتحدر منها أصحاب القرار في الدولة، خلق فجوات في هائلة بين منطقة وأخرى. وأسهم هذا الوضع في حدوث الهجرات الجماعية نحو وسط السودان وبقيت أقاليم البلاد طاردة لأبنائها، وعانت، من ثم، شحاً في الكوادر التي يقوم عليها عمل التنمية الخدمية والصحية والتعليمية والاجتماعية والثقافية.
    إن الكثافة السكانية لمدينة الخرطوم المترهلة لهو أكبر إثبات على هذا الفراغ في الكوادر المتدربة التي تعاني منه أقاليم السودان المختلفة، وما الهمس الدائر عن توطين سكان من دول الجوار إلا سبب لفشل تنموي سببه تجاهل النخب الحاكمة للأقاليم، وتركيز التنمية، على قلتها، في العاصمة المثلثة. وصحيح أن كل الأقاليم تعاني تردياً عاماً في هذه الخدمات التي يحتاج إليها المواطن، ولكن من السهل جداً قياس التفاوت بين إقليم وآخر، وبين التنمية البشرية التي حدثت لأهل إقليم وحال أهل آخرين، وبين فرص العمل في جهاز الدولة لأقاليم ما وأخرى، وبين تمهيد السبيل لأبناء عرقيات معينة لتنمية وضعهم في سوق العمل الخاص وأبناء عرقيات أخرى.
    وهكذا ينهض هذا التفاوت المقنن شاهداً على أن النخب المسؤولة عن ديمقراطية الدولة، أو عسكريتها، أو علمانيتها، أو دينيتها، أو«شموقراطيتها» لم يسعوا -أو بالأحرى لم يحسوا بضرورة- فصل العرق عن الدولة، بل لا يرون أن من الأهمية بمكان فتح حوار حوله ويكادوا يجمعون على مقابلة الأصوات الاثنية المتظلّمة بمزيد من الانكار لحقائق الواقع.
    إن العلمانية التي ينادي بها البروفيسور النعيم تعتبر حقاً مدخلاً من مداخل الحلول للأزمة التي تواجها الدول ذات الأغلبية المسلمة. وبوصفه أحد التلاميذ النجباء للشهيد محمود محمد طه فإنه يؤمن بأهمية نشدان العدالة الاجتماعية والتي تسهم العلمانية الديمقراطية في ترسيخها، حيث بأدواتها المختلفة ستوفر الحوار الصحي حول قضايانا ذات الصلة بالعرق وغير العرق، بل ونؤمن إيماناً قاطعاً أن الديمقراطية العلمانية قادرة على إتاحة واقع أفضل لكل السودانيين والمساهمة في تصحيح الأخطاء التاريخية كما فعلت وستفعل الديمقراطيات العريقة.غير أن تسويق هذه العلمانية الديمقراطية كونها الحل الأمثل والعاجل لأزمة المجتمعات الإسلامية، ونحن من بينها، ينبغي أن يرافقه طرح موازٍ لفصل العرق عن الدولة. ولعلنا نجد في الوضع السوداني الماثل كل الأسباب التي تحرض مفكراً صادقاً مثل النعيم الانشغال بأمر فصل العرق عن الدولة: ونأمل أن تكون أزمة العرق في البلدان الإسلامية عموماً وبلادنا كذلك واحدة من اسبقياته الفكرية، خصوصاً في ظل عدم الثقة من طروحات النخب المهتمة بأمر الإسلام في السودان.[/size]

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=48040
                  

05-08-2008, 08:06 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    أوثان في فكر الدعوات الإسلامية «٢ ـ ٢»

    بقلم جمال البنا ١٤/١١/٢٠٠٧
    كتبت في الجزء الأول من مقال الأسبوع الماضي عن مضامين تغلغلت في أفئدة الإسلاميين، وأصبحت «موثنة» مثل الماضوية والسلفية، وفي الجزء الثاني نستأنف عرض هذه المضامين:

    ٣ ــ السذاجة:

    السذاجة طابع رئيسي للدعوات الإسلامية جاء نتيجة لإيمانها بالماضوية من ناحية التاريخ، ومن أنها تقصر كل ثقافاتها علي التراث الإسلامي، أي التفسير والفقه والحديث والأدب العربي كما يقدمه «الأغاني»، أما الدراسات الجادة التي قام عليها العصر الحديث، فهي لا تعني بها مطلقاً، فكيف يمكن أن يعالج أحد الشيوخ الربا إذا كان يجهل التطور الاقتصادي الحديث وظهور البنوك وظهور «الائتمان» إلي آخر الآفاق التي تفتحت أمام السياسات المالية،

    وهل يمكن أن تقارن الربا في هذا العصر بالربا في عصر الرسول «هاء بهاء» كيف يمكن أن تدرس نظم الحكم دون أن تدرس تاريخ النظم التي حكمت العالم مثل ظهور وسقوط الإمبراطورية الرومانية، ثم الكفاح الذي قامت به شعوب أوروبا ووصولها إلي تحقيق مشاركة الشعب والتخلص من حكم الملوك، وحقهم الإلهي إلي حق الجماعات والجماهير،

    كيف يمكن أن تفهم شيئاً في السياسة وهي لا تدرس الفكر الاشتراكي وما جاء به من نظريات وما أسفرت عنه تجربة الاتحاد السوفيتي من إنجازات وما وقعت فيه من أخطاء، إن من أكبر وجوه النقص في التاريخ العربي والإسلامي افتقاد المنهج وعدم إقامة الآليات، وهذا النقص هو الذي مكن معاوية بن أبي سفيان من أن يقلب الخلافة إلي ملك عضوض،

    فلو أن عمر بن الخطاب مثلاً وهو إداري الدولة وضع مجلسًا تشريعيا من عدد محدد من الأعضاء، وله اختصاصات معينة، ومدة معينة، وطريقة معينة في التوصل إلي أعضائه، لو كان هذا المجلس قائمًا لما سيطر علي المدينة مجموعة من شذاذ الآفاق في عهد عثمان وقتلوه، بل لقد كان من الممكن ألا ينتخب عثمان أصلاً.

    إخواننا في الدعوات الإسلامية لا يدرسون تجارب العالم في التنظيم السياسي وإذا درسوه فليس بنية الاستفادة منه، رغم أن الحكمة هي ضالة المؤمن، ولكنهم يدرسونه كجزء من المقررات الدراسية.

    ولهذا فإنهم حتي الآن لا يمكن أن يدركوا درجة التعقيد الاجتماعي والقوي التي تؤثر علي العاملين فيه، والأثر المدمر للسلطة مع عدم وجود الحرية، وبالتالي عجزوا عن أن يحددوا الموقف في السياسة وفي الاقتصاد، والموقف من الملكية والفائدة، وهم يرفضون الديمقراطية والاشتراكية والفاشية، ولعل لهم حقاً ومبررًا بشرط التوصل إلي البديل المحكم، وهذا هو ما يعجزون عنه.

    نتيجة لهذا فإنهم يتصورون أنهم يمكن أن يحكموا حكمًا يخلص من سوءات النظم السابقة، ولكن الحقيقة أن التخبط هو الذي ينتظرهم، ولم يكن ينقص بعض ضباط ٢٣ يوليو النية الحسنة،

    ولكنهم ارتكبوا الموبقات وأخرونا مائة سنة إلي الوراء، لأنهم لم يكن لديهم نظرة محددة فتخبطوا، ولأنهم لم يؤمنوا بالحرية، والإسلاميون جميعًا لا يؤمنون بالحرية، فأخطأوا، وتفاقم الخطأ بعد الخطأ حتي أصبح كل شيء في مصر فاسداً، السياسة، الاقتصاد، الاجتماع، ولا ينتظرنا علي أيدي الإسلاميين شيء أفضل.

    ٤ ــ الحجاب:

    الحجاب يعد وثناً ورمزاً للفكرة الذكورية عن المرأة التي حاول الإسلام أن يقضي عليها، ولكن المدة القصيرة لحكم الرسول «عشر سنوات في المدينة و١٢.٥ سنة حكم أبي بكر وعمر» لم تسمح بذلك، بل عادت مع الحكم العضوض ومع العصبية ومع الاستبداد، وهم يريدون أن يحكموا علي المرأة بالحجاب، فإذا التزمته فقد طبقت الفريضة وإذا أبدت شعرها فقد كفرت، لأن الحجاب فريضة مثل الصلاة والصيام، وأقصي ما يسمح به الحجاب هو الوجه والكفان، أما شعر الرأس فلا،

    وهكذا استعرت معركة حادة حول شعر المرأة ! وأن إظهاره انتهاك لإحدي الفرائض، وعلامة علي عدم التزام المرأة الإسلامية، وآخر ما جاءنا في هذا الصدد هو ما ذهب إليه الدكتور صبري عبد الرؤوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر عن أن المرأة التي ترتدي الحجاب وتخلعه وتعود إلي ملابس السفور تكون قد خرجت عن دائرة الإسلام وأنكرت ما هو معلوم من الدين بالضرورة، فيجب إثناؤها،

    فإن هي أصرت علي ما هي عليه تكون كافرة، وهذا الحكم المنكر الذي يخرج سيدة تقول «لا إله إلا الله» وتصلي وتصوم، ولعلها تكون أفضل أم وأفضل زوجة، ولعلها تضرب المثل في الالتزام بالجدية والإخلاص في العمل،

    وقد تكون عالمة مثل مدام كوري أو مبرزة في أبحاثها، كل هذا لا يشفع لها إذا أظهرت شعرها، وتكون كافرة! وهذا الرأي الذي يرتكز إلي أن الحجاب من المعلوم بالضرورة، وإن كان يبدو جديدًا فقد ذهبت إليه المحكمة السودانية التي حاكمت محمود محمد طه وقضت عليه بالإعدام، وجاء من ضمن الحيثيات المبررة للحكم أنه «أنكر الحجاب وهو من المعلوم من الدين»، وهو ما ذهب إليه علماء مصر عندما وضع وزير التربية والتعليم زيا موحدًا للبنات في المدارس إذ كتبوا في مذكرة استنكار أن ذلك يخالف الحجاب وهو من المعلوم من الدين بالضرورة.

    « إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً» (العكنبوت: ١٧.

    في صميم أزمة البوسنة والهرسك كان رجال من السعودية يترددون في نصرة إخوانهم الذين يذبحون بلا رحمة لأن نساءهم لا يضعن الحجاب، وأخيرًا جدًا حاولوا النيل من سيدة جاءت من آخر الدنيا لتدافع عن الإخوان المسلمين الذين يحاكمون أمام محكمة عسكرية ظلمًا لأنها لا تضع حجابًا!

    إن مما لا يتصور أن نفرض علي المرأة المسلمة في أوروبا وأمريكا في هذا العصر، وفي عصور آتية، أن تغطي شعرها، ومن شأن التمسك بهذه الشكلية الهزلية أن تصد عن الإسلام نفوسًا كنا سنقدم لها الهداية، وكانت ستقدم لنا العون والتأييد.

    ٥ ــ وأخيرًا تطبيق الشريعة:

    ولو سألت أحدهم ما الشريعة ؟ لتملكته الحيرة، وقد يقول هي تطبيق الحدود، والحدود جزء صغير من قانون العقوبات، لأنها لا تضم إلا أربع عقوبات، وبقية العقوبات تعزيرية، أي يترك للدولة أو للقضاء تحديدها، وقانون العقوبات كله جزء من القانون، والقانون جزء من الشريعة، والشريعة بأسرها هي المكون الثاني للإسلام بعد العقيدة.

    لا أتردد في القول إن الشريعة اليوم هي العدل والتنمية، وبقدر ما يتحقق العدل سياسيا والعدل اقتصاديا، وبقدر ما تتحقق التنمية التي ترفع مستوي المعيشة، وتكفل لنا الاستقلال الاقتصادي ـ نحقق الشريعة.

    وقد يقال أين خصيصة الإسلام التي تميز عدالته وتنمويته؟

    فأقول إنه ليس من المهم أن يكون هناك خصيصة، لأن الإسلام يريد العدل، وحيثما يكن العدل تكن الشريعة بتعبير ابن القيم، وأينما تكن الكفاية الاقتصادية تكن الشريعة، ومع هذا فإن الإسلام يضفي لمسة أخلاقية ومعنوية تميز العدالة والتنمية الإسلامية.

    أما حكاية الحدود فإنها قضية جزئية، وإعمال الفكر في ضوء المستجدات وفي ضوء روح الإسلام ومقاصد الشريعة سيعطينا صورة عن الحدود تختلف عما في ذهن عامة الناس، فلم يأت الإسلام ليقطع الأيدي أو يجلد الأجساد، لقد جاء الإسلام بالعدل، وعندما ينتهك فرد ما هذا العدل، فإنه يعاقب بما يستحقه، أما إذا لم يكن هناك عدل، فلا حدود، فالحديث عن الحدود يسوقنا إلي العدل أيضًا.

    الشريعة أعظم مما يتصورون، لأنها تتناول علاقة الحاكم بالمحكومين، الرجل بالمرأة، الغني بالفقير، وفي هذه كلها فإنها تندد بالظلم والأثرة وتدعو إلي العدالة والمساواة، وتستهدف إعلاء كرامة الإنسان وأن تكون العزة للمؤمنين،

    وكيف تكون لهم وهم جهلاء ضعفاء، مستذلون للأغنياء والأقوياء والحكومات، هنا يظهر دور الشريعة، وأنها هي التي تقوم بالثورة الاجتماعية ـ السياسية ـ الاقتصادية لتحقيق العدالة وكفالة الكرامة.
                  

05-08-2008, 11:34 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    قرار عبد الواحد الرجيم: الصفوة والوهن من فلسطين
    د. عبد الله علي ابراهيم

    تكاثرت اللعنات على الأستاذ عبد الواحد محمد نور أحد زعماء حركة تحرير السودان الدارفورية التي صبها عليه معظم الطيف السياسي بعد إعلانه فتح مكتب للحركة بإسرائيل. وأزعجني هذا الاتفاق على تبكيته لا لأنني أتفهم (ناهيك أن أتعاطف مع) قرار عبد الواحد الرجيم. ولكني خشيت أن يكون هذا الكورس اللاعن هو بعض حيلة صفوتنا السياسية الحاكمة والمعارضة (رسمياً) لطرد الأرواح البغيضة من جسدها من غير أن تقف عند البؤر التي تتوالد فيها هذه الأرواح وتستبد. وهذه البؤر عديدة. تطرقت في كلمة الأسبوع الماضي إلى واحدة منها وهي ما أسميتها بالمعارضين بلا حدود. وأعنى بذلك سيادة مبدأ أن تتحالف حتى مع إسرائيل - الشيطان لطلب حق مشروع لا تحتاج في بلوغه إلى هذا الدرك من الوضاعة. أما البؤرة الأخرى فهي الوهن الضارب أطنابه بين صفوتنا حيال القضية الفلسطينية. فتجدهم يروجون للصلح معها ويذكرون للمرحوم الأستاذ محمود محمد طه بعد نظره لدعوته منذ الستينات أن نتصالح مع إسرائيل. ويمجدون الرجل في نفس واحد لاستشهاده الرصين عند ما اعتقد أنه الحق. وتقتضي الكياسة، اتفقنا أو اختلفنا مع اجتهاد الأستاذ القديم عن قضية فلسطين، أن نترك للفلسطينيين تقدير ما يستحق أن يفتدوه. فقد اختلفت جمهرة واسعة من السودانيين مع الأستاذ حول إن كانت مثل عقيدته مما يستوجب الفداء. ولما وقف وقفته عند ما اعتقد أنه الحق امتثلنا له وجعلناه فينا شهيدا. وهناك بؤرة ثالثة من وارد الاغتراب السوداني في الجزيرة العربية. فقد استغربت دائماً لمنطق الطير الذي يناقش به مغتربون كثر مآل فلسطين. فتجدهم يستهينون بانتفاضة شعب فلسطين وحقه في أرضه السليبة بالنظر إلى أنواع العنت التي كبدهم لها فلسطينيون في مهجرهم. ولا أعرف بؤس استدلال (أو فحشه) أبأس من هذا السقط. وهو من ترهات الأفندي السوداني الذي اتسعت دائرته وهاجر مع حملته حيث هاجروا. فهم يكيدون لفلسطينيين الشتات بتبخيس فداء أهلهم في فلسطين المحتلة. وهذه لوثة لا يحتمل وزرها ونارهــا إلا أفندي حاقن. وبؤرة رابعة من بؤر وهننا حيال فلسطين هي تحويلنا للقضية الفلسطينية إلى قضية عربية إن صلح العرب صلحت وإن خابوا خابت. فإن سألتهم ما منطقكم للصلح مع إسرائيل قالوا "ياخي ما هم العرب ديل كلهم صالحوا. نحن مالنا. نحن ذاتو أفارقة" كأن الأفريقي خرعة أجوف لا ينزع إلى الحرية ولا يتعرف عليها عند غير الأفريقي. علماً بأن من أشد أنصار فلسطين في هذا الزمان الوخيم أفريقيين لا ترقى إلى شهادتهم الريب. وعلى رأسهم نلسون مانديلا وديسموند توتو أسقف كيب تاون السابق والحائز على جائزة نوبل في 1985. بل إن الكاتب النيجيري بول شوينكا، الحائز على جائزة نوبل في 1986، كتب عن عنت الإسرائيليين في 2004 على امتعاضه من مواطنيه من مسلمي نيجريا والإسلام ذاته. وقد قلت للينيّ الركب هؤلاء من السودانيين من مراقبي العرب إن من ترونهم عرباً ليسوا عرباً. إنهم أمة مضطهدة. وقد استوحيت هذه العبارة من الشاعر أحمد فؤاد نجم. وهناك بؤرة وهن أخرى استجدت بنزاع حماس وفتح الذي انتهى باقتسامهما المعروف للضفة والقطاع. وبدا للمصابين بالإنهاك من فلسطين منا أن في ذلك نهاية القضية. وهناك من يرد حرب الأخوة هذه إلى العرب "الأصلو ما فيهم فائدة." وهذه شنشنة عنصرية عرفناها.وغاب عن هؤلاء القاعدين أن صراع الإخوة ممارسة شائعة ومؤسفة حتى بين من لا يلقون الهول الأعظم مثل الفلسطينيين الذين ابتلاهم الله بخصم في علاقة "خاصة" مع دولة عظمى كأمريكا. وقد رأينا صورة من صراع الإخوة خلال نضال الجبهة الديمقراطية المتحدة في جنوب أفريقيا في الثمانينات حيث أوقعت السلطة البيضاء بين الرفاق بمساوماتها الفجة القاصرة القاصدة لتسودّ بتفريق الخصم. فلما استطال النضال وغاب عن مسرحه القادة المجربون في السجون تنازع أنصار الجبهة المتحدة مع جماعة آزابو في إقليم الترانسفال وإقليم الكيب ومع حزب الزولو، إنكاتا، في إقليم ناتال. وسال الدم الأفريقي بيد أفريقية والعنصريون البيض في نشوة من أمرهم. فلم يبتدع العرب جديداً في جهة تعثر النضال وتطاوله وتفرق المناضلين بعد اجتماع وتحول البنادق لصدور الأشقاء بدلاً من صدر العدو. ولا يذهب مثقال ذرة من النضال سدى. فقد تعثر نضال سود جنوب أفريقيا وطال لقرون ثلاثة منذ 1652 حين جاءهم المستوطنون البيض. وتكسرت النصال فوق النصال خلال نضالهم المعاصر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فقد قضت الحكومة العنصرية البيضاء في جنوب أفريقيا على جهاد الجبهات المتحدة في جنوب أفريقيا في 1960 و1985 وأهلكتها دون تحقيق أهدافها. وأذاقت "حربة الأمة"، وهو جيش تحرير جنوب أفريقيا، الأمرين. ثم عَنُفَت مع دول الجوار مثل موزمبيق وانجولا المتعاطفة والمعينة ودمرتها تدميراً حتى أملت عليها اتفاقات مهينة تنصلت بها رسمياً عن دعم كفاح سود جنوب أفريقيا. ولكن لم تزلزل هذه الخيبات يقين أولئك السود في حقهم ولم تفسد ذوقهم للحرية أو تطعن في استحقاقهم لها. ولم يكن بوسع هؤلاء السود نيل حكم الأغلبية في 1994 بغير هذه العزيمة التي امتثل لمنطقها القاهر الطغاة العنصريون بعد أن ماطلوا الحق طويلاً. ويستغرب ساسة الحيرة عندنا ركوب حماس لرأسها. ولكن وقفة حماس (اتفقت معها أو اختلفت)، التي أصلها ثابت في نضال فلسطين الطويل، تأتي أكلها حالياً. فلربما تطرفت حماس (بل ولربما شذت) ولكنه التطرف المحمود عند الأمريكيين أنفسهم. فهم يقولون لك أن تخطئ شريطة أن يكون خطؤك على الجانب الصحيح من المسألة. ومن ثمار هذه الوقفة اجتماع الرئيس كارتر بزعمائها منذ أيام ولم يهتم بالبناء أو البجيب الطوب. فقد اتهمه غلاة الصهيونية بمعاداة السامية منذ أصدر كتابه عن السلام أم الفصل العنصري وإسرائيل. ولكنه لم يلق لهم بالاً والتقى بحماس كطرف في النزاع لا مهرب من قراءة أفكاره. وقد استفتى صاحب برنامج على شبكة تلفزيونية هنا المشاهدين حول سداد خطة كارتر فأيدها أغلبهم. ومن مكافآت الاستقامة في النضال الفلسطيني العجيبة نشأة لوبي إسرائيلي في أمريكا كما جاء في جريدة النيويوك تايمز. ودعواه أنه ليس شرطاً أن تكون إسرائيل صحيحة في كل موقف وأنه من حق مؤيديها أن ينتقدوها متى كبت بلا غضاضة. وهذا تقدم نادر في بلد أصبحت قولة بغم عن إسرائيل جريمة شنعاء. كانت آخر أخبار عبد الواحد وأنا أكتب كلمتي هذه عنه أنه رفض لقاء وفد فيه عزيزنا الدكتور شريف حرير جاءه إلى باريس لينقل له ما اتفقت عليه كلمة بعض جبهات دارفور المختلفة. واستغربت لعبد الواحد يطلب من الفلسطينيين والإسرائيليين أن يكفوا عن الحرب ويجنحوا للسلم وهو الذي يستعلي لا على حكومة السودان (الخصم اللدود) بل على رفاق له يسعون بالسلم بين جباه دارفورية تناحرت حتى أفسدت مسألتها فساداً كبيراً. عشنا وشفنا من لا يصالح رفاقه في القضيـة يملأ فمـه بالدعوة إلى في قضية عرف فيها شيئاً وغابت عنه أشياء وأشياء.

    http://www.rayaam.sd/Raay_view.aspx?pid=159&id=11106
                  

05-09-2008, 00:03 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ولقد ظلت دعوة الأستاذ محمود دائما لاعادة تعليم المتعلمين، ولاعادة كتابة التاريخ!! فالتاريخ يكتبه "من بيدهم القلم" كما هو معروف، فالشواهد القريبة، حتى التى شهدناها ونحن أحياء، تتعرض لتزييف مزر، أفلا يتبنى الإسلاميون الآن ثورة اكتوبر؟؟!! بلى!! انهم ليفعلون!! ويعدون دكتور الترابى فولتيرها!! وقد سمعت بأذنى شهادة حية من الراحل المقيم الأستاذ على عبد العزيز بالحلفاية، عن سبب انسلاخه من تنظيم "الأخوان المسلمين" وقتها، قال كان هو ضابط اتصال ينقل مجريات الأحداث لدكتور الترابى شخصيا، قال أنه لما "حمى الكوع"، ظل الأستاذ على ليلة كاملة لم ينم فيها، ما بين داخليات جامعة الخرطوم والمشرحة بمستشفى الخرطوم.. وفى الصباح كان عليه نقل تقرير للدكتور الترابى فسأل عنه فعلم أنه – وقد كان دكتور الترابى عائدا لتوه من فرنسا- فى قصور انسبائه بالملازمين (سكناهم قصور وضياع، وسياساتهم ضياع وقصور!!) قال لما دخل عليه، وجده حليقا متهندما بالـ " الروب دو شامبخ" الفرنسى الكامل، وموضوعة أمامه فاخر آنية الشاى والكيك!! والناس تموت "فى الجزء المقابل من سياج الحديقة"!! قال الأستاذ على أنه أحس فى تلك اللحظة أن ليس ذلك من يكون له زعيما!! ولكن دكتور الترابى، بعد أن خلع "الروب دو شامبخ" وأعتمر كوفية "عدة الشغل" سارع هو ونسيبه السيد الصادق المهدى "بعدما حلت للدعس"!! للصلاة "أئمة" على الشهيد أحمد القرشى طه، ثم ان قرية "القراصة" أقرب من مشرحة مستشفى الخرطوم!! قال النبى الكريم عليه السلام "أئمتكم شفعاؤكم!! فانظروا بمن تأتمون"..

    الشكر أيضا لكل الذين شاركوا. أخص الأخ عمر54 ، وأما بخصوص موضوع مذكرة تحرير العبيد، فيمكننى فى عجالة أن أذكر ما كتب عنها دكتورخالد المبارك فى سودانايل ديسمبر2002 اذ قال: "ما أقوله هو أن الإدارة الاستعمارية اتخذت إجراءات إنسانية تحديثية مثل إلقاء الرق وتحرير الأرقاء ومثل تحريم الخفاض الفرعوني. نذكر أن قادة السودان الشمالي قدموا مذكرة للإدارة الاستعمارية تعارض تحرير العبيد. وفي موقف مؤازر قاد الأستاذ محمود محمد طه انتفاضة احتجاج علي تحريم الخفاض" انتهى
    ثم رد الدكتور عمر القراى عليه فى نفس الاصدارة الأثيرية "سودانايل" بقوله:
    ((وما دام د. خالد المبارك يظن ان موقف الأستاذ محمود يشبه موقف هؤلاء القادة ، فلماذا لم يذكرهم بالاسم ، ويصفهم بالرجعية ، والتخلف ، كما وصف موقف الأستاذ محمود؟! ألأنهم هم الذين لا زالوا يملكون الصحف التي ينشر فيها د. خالد المبارك مفكرته السودانية البريطانية؟! أم لأنهم يملكون الأحزاب الكبيرة التي لا يود د. خالد المبارك أن يقطع فيها العشم؟!
    ان المذكرة التي أشار اليها د. خالد المبارك ، رفعها السيد علي الميرغني ، والسيد عبد الرحمن المهدي ، والسيد الشريف الهندي ، رحمهم الله ، للحاكم العام البريطاني يطلبون منه اعادة النظر في قرار تحرير العبيد .. ولما كان زعماء الطائفية ، اصحاب اقطاعيات كبيرة ، فقد ذكروا في تلك المذكرة ، أن تحرير العبيد ، قد يؤدي الى فقدان العمال الزراعيين، ونقص المواد الغذائية!! هؤلاء اقطاعيون يدافعون عن مصلحتهم الإقتصادية والسياسية ، وهم اصدقاء للإنجليز يتوددون اليهم بما يطيل بقاءهم ، ويعود عليهم بألقاب "الشرف" التي منحها لهم المستعمر .. فهل يمكن لرجل عاقل ، أمين ، أن يقارن هؤلاء برجل واجه المستعمر فسُجن ، ثم حين أطلق سراحه ، انتقد المستعمر مرة اخرى ، وقاد ثورة استهدفت كسر هيبة الاستعمار ، بمعارضة قوانينه ، وتوضيح أسباب مقاومتها ، وهو في ذلك يستهدف حد سلطان الاستعمار من ان يتدخل في اخلاق الشعب وعاداته ؟!
    لقد نعى الأستاذ محمود محمد طه، على هؤلاء الزعماء، تقسيم البلاد باسم الطائفية، وهاجمهم لتعاطفهم مع المستعمر، فقد جاء في بيان أصدره الحزب الجمهوري في 18/2/1946م (ياجماعة الأشقاء وياجماعة الأمة – أيها القاسمون البلاد باسم الخدمة الوطنية – أيها القادحون قادحات الاحن بين أبناء الأمة – أيها المذكون ثائرات الشر والتفرقة والقطيعة ، أيها المرددون النغمة المشئومة – نغمة الطائفية البغيضة – انكم لتوقرون أمتكم وقرا يؤودها ..
    ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تلتمسون الحرية بالانتماء الى المصريين فتتمسكون بأسباب رمام ، وأنتم تلتمسون الملك بالبقاء تحت الانجليز فتتهيأون لدور الهر الذي يحكي بانتفاخه صولة الضرغام .. أنتم تريدون ابقاء المصريين ، وأنتم تريدون ابقاء الانجليز ، فاذا اجتمعت كلمتكم فانما تجتمع على ابقاء المصريين والانجليز معا ..
    ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تتمسحون بأعتاب المصريين لأنكم لاتقوون على مواقف الرجال الأشداء ، وأنتم تتمسحون بأعتاب الانجليز لأنكم صورتم المجد في أخلادكم صورا شوهاء .. أنتم تريدون السلامة ، وأنتم تريدون الملك .. أنتم تضيعون البلاد لمّا تجبنون وأنتم تضيعون البلاد لمّا تطمعون .. أنتم تستغلون سيدا لايعرف ماتريدون ، وأنتم يستغلكم سيد يعرف مايريد ، والبلاد بينكم أنتم ، وأنتم ، على شفا مهواة ومهانة ..) راجع "معالم" – صفحة الجمهوريين بالانترنيت ..هذا هو موقف الأستاذ محمود من زعماء الطائفية ، وذلك هو موقفه من الاستعمار )) انتهى

    وأمر الرق بالطبع موضوع فى غاية الحساسية، وينبغى الا ندفن رؤوسنا فى الرمال، لمجرد تلك الحساسية، وأن ندع العاصفة تمر، فينبغى مثلما دعا السيد الصادق المهدى "لأن نعتذر لأهل الجنوب عن مظالم كثيرة"!! ينبغى أن نجسد ذلك بالفعل فى وقت أصبحت فيه المشاعر الانسانية الراقية من تآخ، وتعايش سلمي، وحقوق متساوية الخ الخ.. هى العملة الجيدة التى تطرد العملة الرديئة المتمثلة فى مصالح الاقطاعيين الضيقة، ومعروف أن العامل الاقتصادى، كان هو أس نظام الرق!! ذلك لا يتم الا بما تدعو له الفكرة الجمهورية من تطوير للتشريع الاسلامى، فكلكم تعلمون أنه كثيرا ما يرد فى دروس التربية الاسلامية الحديث عن العبيد.. فمثلا الدرس عن الزكاة يبدأ هكذا: (تجب الزكاة على الحر المسلم...) وكلكم قد درستم ذلك ووعيتموه، وعى "الحر، المسلم البالغ الرشيد!!!"

    والشيخ صديق عبدالحي رئيس مجلس الافتاء الشرعي فى سبيعنات القرن، المنصرم لتوه، ورد عنه مايلي فى كتاب الجمهوريين "المفتي والضحية وحكم الوقت":

    ((.. وممّا يزيد في برهاننا على صحة هذا التقرير أنّ الشيخ صديق نفسه – رئيس لجنة الافتاء، في احدي فتاواه لسائل معاصر، عام 1976، تحدث بعفوية شديدة عن الرّق، كعنصر من عناصر التعامل، التي يمكن أن تكون في مجتمع اليوم!! فقد قال هذا الشيخ عن كفارة الحنث باليمين للسائل (عليك اما أن تصوم ثلاثة أيام واما تعتق رقبة)!! أرأيتم الي أي حد يبلغ قصور الفقهاء عن الواقع الاجتماعي، وعن أصل الدين؟؟ ففي أصل الدين ليس هناك رق، وانما كان الرق في الشريعة الاسلامية لأنه ظاهرة من ظواهر المجتمع في الماضي، ولأنه لازمة من لوازم الجهاد الأصغر، الذي أوجبته المرحلة الماضية.. وأمّا الواقع الاجتماعي في أخريات القرن العشرين فيستحيل فيه وجود هذه (الرقبة) التي وضعها الشيخ كخيار ثان (للكفارة)، من غير مراعاة للحساسية، والانطباع السيء، الذي يتركه مجرد ذكر هذا الأمر، في المجتمع السوداني!!)) انتهى.
    تلك هى مناهجنا، بل حتى أن أغانينا – التى لا تزال مسجلة بمكتبة الأذاعة، يأتى فيها ذكر هذا الأمر- صراحة وتلميحا- مثل ((غنى وشكرى يا أم "قرقدا" عليت))!!
    ومثل: ((البى خالو أريتو يستر حالو!! خل الخالو فى جبالو!!)) وغيرها كثير!!!

    وقد تابعت في رمضان برامج دينية وغيرها، في القناة الفضائية السودانية، تجعلك تحتار في أي عصر يعيش أهل السودان، تراوح طرحها ما بين دفع الجزية ـ ولاحظ أن البلاد تجرى فيها محادثات سلام ـ فهل من تسالم سيدفع الجزية ذليلا حقيرا مهانا، كما قال ابن كثير؟؟"!! ويتحدث البرنامج عن تقسيم الفيء "فى زمن أصبحت فيه بلاد المسلمين أنفسهم – بهوانهم على الله – فيئا!!" ويمضى البرنامج الي محاولات ما سميت بـ "منظمة الاعجاز العلمي في القرآن" بالتداوي بالقرآن من فقهاء لا يحسنون حتي تلاوة القرآن نفسه، وأرجو الاّ أكون قد أفتئت عليهم ولكن متحدثهم ومستضيفوه قد تلجلجوا في قراءته كثيرا!! أما برنامج في ساحات الفداء فأمره أعجب، فينشد منشدهم أشعار مثل
    اخي خلف السدود
    وبان عليه أثر السجود
    لا تدعنا نستكين لظلم"العبيد"!!!
    ولا يجدون أي حساسية من استخدام كلمة (عبيد) هذه أيا كان مقصد من ينشد، في مثل ذلك الجو!! أما السيدة مقدمة البرنامج فتعجبها عبارة قائدهم وهو يحثهم علي لقاء العدو قائلا: "شد قاشك وأي حشرة تلاقيك دوسها بالبوت!! آآ!! دوسها بالبوت!!" تكررها هي، المذيعة، ثم تأتي بها بصوت سعادة العميد نفسه والجنود يصرخون ويهللون!! ولعلها ليست طرفة، وانما تحكى واقعا مريرا، آن له أن يزول.. ما يتداول عن أهل حى أمدرمانى عريق، عرف أهله بالظرف وسرعة البديهة، مع دماثة الخلق والتميز فى كل شئون الحياة، هم سود البشرة، ولهم فى ذلك طرف يتداولونها فيما بينهم فى روح انسانية حقة، وتواضع بل سمه ان شئت -تعال "صوفى" محبب، يجبر المرء ليحنى رأسه اجلالا لهم: مما يتداولون أن فقيها جاءهم ليقرأ القرآن فى أحد بيوتات عزائهم، فتلا الفقيه الآية: وما ربك بظلام "للعبيد"!! فانبرى له أحدهم ((يا مولانا: ما عندك قرآن أحسن من دة؟!)) (آسف للسنسرة والا، فان عبارات الطرفة قحة وأعتذر عن ايرادها فى هذا المقام، ولكن ما أوردت لا يخل بمعنى ما أردت أن أقول). ويمكن فى أمر الرق هذا، أيضا، الرجوع لدورية حقوق الانسان السودانى، فى تقريرها عن الرق لعام 2000 فى الزيارات التي شارك فيها ممثلون لمنظمة التضامن المسيحي ومجموعة تمثل التلفزيون والصحافة الكندية - تحقيقات ميدانية ومقابلات مباشرة مع الضحايا-
    ويجدر بى هنا أن أسجل حادثة لها دلالات من عدة أوجه، فقد حدث أنه فى سبيعنات القرن المنصرم أن جاء للسودان باحث أمريكى من أصل أفريقى، وقد أبدى اهتماما بالاسلام، فاهتم به طلاب الاتجاه الاسلامي وقتها، خاصة لما رأوا سعيه لمقابلة الاستاذ محمود محمد طه، فرأوا أن يدبروا له مقابلة مع الدكتور الترابى، ذهب ذلك الباحث الأمريكى لإفطار رمضانى على مائدة الدكتور الترابى، فذكر أنه لاحظ أن رجلا أسود البشرة يخدمهم، فسأل دكتور الترابى عن ذلك، فقال أن دكتور الترابى قال له ما معناه أنه من أولاد البيت، ولكن ذلك بالطبع لم يجز على فطنة الباحث الأمريكى، ولعل تلك الحادثة كانت هى سبب احجامه، احجاما تاما، عن "الاسلاميين"، ثم زار، بعدها، الأستاذ محمود محمد طه وحكى له ما كان من أمر الرجل، ثم علق للأستاذ بأنه اقتنع بأن دكتور الترابى "منافق"
    Hypocrite
    ولكن الأستاذ محمود قال له: لا!! لا تقل ذلك عن الرجل!!
    في محاولة لحمل موقف الترابي على محمل حسن، وهذا يتسق بالطبع مع مقولة الأستاذ "ان شخصية دكتور حسن موضع حبنا، ولكن ما ينطوي عليه من جهل هو موضع حربنا"
    كما قلت فى بداية حديثى، يجب الا نتعامى عن مثل هذه المسائل، ويجدر بنا أن نحرر مناهجنا، وعقولنا من كل إرث الماضى، فنحن، كمسلمين وغير مسلمين، جميعا فى مركب واحد، ولن تتم لنا نجاة بغيرما يطرح الأستاذ محمود، فإن ما يطرحه الأستاذ محمود لهو، هو الناطق عن المصحف اليوم!! وحري بالناس عامة، وبالمثقفين على وجه الخصوص، الأخذ بهذا الأمر بالجدية التى تناسبه. نعم!! هو قد يكون غريبا ولكن أليس البشارة بعودة الاسلام تقوم على الغرابة كما جاء فى الحديث النبوي "بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء!! قيل من الغرباء: قال: فئة قليلة مهتدية، فى فئة كثيرة ضالة" وفى رواية "من يحيون سنتى بعد اندثارها" وهذا ما يدعو له الأستاذ محمود: أن نعود (للمعين الصافى الذى استقى منه أبوبكر وعمر))!! على الناس الا ينكروا ذلك على الأستاذ محمود فيكونوا مثل "أهل الغرة بالله" الذين قيل فيهم: ((((ان من العلم كهيئة المكنون، لا يعلمه الا أهل العلم بالله... فاذا تحدثوا به لا ينكره الا أهل الغرة بالله!!)) ثم اختم حديثى بأن أهديكم جميعا إهداء الجمهوريين فى كتابهم:

    جنوب السودان
    المشكلة والحل

    الإهـــداء :
    الشعب السوداني الكريم ! !
    إن قطرك الذي تسكنه ـ و هو السودان ، إنما
    يمثل القلب في أفريقيا ! ! في العالم ؟ ؟
    هو من حيث الشكل الجغرافي الذي يظهر به
    علىالخريطة يشبه القلب ! !
    و هو من حيث الموقع الذي يحتله من القارة
    يشبه القلب أيضاً ! !
    هذا القطر ، بشمالييه ، و جنوبييه ، يمثل الرجل الواحد ! !
    هو يمثل الروح ، والنفس ، في البدن الواحد ! !
    وطريق الروح، والنفس، في البدن الواحد، هو الوحدة،
    والإنسجام، والتواؤم، وما هو بطريق التفرقة، ولا النشوز،
    ولا الإعتراض ! !
    فعلى المثقفين ، من أبناء الشمال، ومن أبناء الجنوب،
    واجب عظيم هو توحيد شقي البدن الواحد بالفكر الثاقب
    والعلم الصحيح ، والخلق القوي، الرصين، حتى تخرج من توحيد السودانيين : شماليين، وجنوبيين، قومية واحدة، خصبة، ذات خصائص متنوعة، ونكهة متميزة، يشحذ فكرها، ويخصب عاطفتها، الملكات المختلفة، المشرجة في تكوين الشماليين، والمشرجة في تكوين الجنوبيين،
    كلٍ على حدة، وعلى السوية ! !
    ليس لهذا الشعب غير الوحدة ! !
    وليس لهذا القطر غير الوحدة ! !
    كان على ربك حتماً مقضيا ! !

    أملكيون أكثر من الملك.. رد على د. عبد الله علي إبراهيم
                  

05-09-2008, 00:12 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    عفوا، فليست هذه دراسة نقدية متخصصة، وإنما هى "قول على قول" مع العذر، للرائع حسن الكرمى، على الإقتباس. لعله ليست من الصدف أن أهدانى الأستاذ عبداللطيف عمر حسب الله، قبل حوالىعقدين من الزمان، رائعة الشيخ بابكر بدرى "حياتى"، والآن يهدينى إبنه الباشمهندس محمود عبداللطيف كتابين رائعين عن "حكاوى أم درمان" للأستاذ شوقى بدرى "حفيد الشيخ" ، ويجدر بى هنا أن أسجل اعجاب الأستاذ محمود بتجربة الشيخ بدرى، فقد ورد فى إستهلال كتاب "الإسلام وإنسانية القرن العشرين" قول الأستاذ محمود: ((حيّا الله ذكرى الأستاذ الجليل، منشئ هذه المعاهد، وطيب ثراه.. فإن معاهد الأحفاد، مجال، كان ولم يزل، من مجالات الفكر الحر.. ولقد كان الأستاذ الكبير الشيخ بابكر بدري طفرة في وقته.. كان يتمتع بقدر كبير من حرية الرأي، ومن التقدم)) إنتهى
    أنا كوستاوى المولد والنشأة، ولكنى أصبحت أمدرمانى الهوى، على قول العارف:
    رأى البرق شرقيا فحنّ الى الشرق ولو كان غربيا لحنّ الى الغرب!!
    هواى لأم درمان جعلنى، ومنذ زمن بعيد، شديد التعلق بأمدرمانيات الأستاذ شوقى بدرى، فى جريدة الخرطوم، ثم فى "الرأى الآخر" التى كان يرأس تحريرها الأستاذ النور حمد فى تكساس، وقد كان يشدنى اليه، ولا يزال، شديد إيمانه بـ "الزول" الأمدرمانى بخاصة، فالسودان عنده هو أم درمان!! أنا، مثل الأستاذ شوقى، أقف كثيرا، عند الدلالات الروحية لكون راديو "أم درمان" يقول لك "هنا أم درمان" سواء أكنت فيها، فى "عد الغنم" أو فى "كاب الجداد"، كأن السودان هو أمدرمان!! ويتغنى أهل "ربوع السودان" بـ "أم در يا ربوع سودانا"!! لكن "أمدرمان" الأستاذ محمود هى "السودان"، فالأستاذ محمود يؤمن بالسودان إيمانا لا حدود له، أقرأ معى رده على الباشا:
    "أنا زعيم بأن الإسلام هو قبلة العالم منذ اليوم.. وأن القرآن هو قانونه.. وأن السودان، إذ يقدم ذلك القانون في صورته العملية، المحققة للتوفيق بين حاجة الجماعة إلى الأمن، وحاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب.. ولا يهولن أحدا هذا القول، لكون السودان جاهلا، خاملا، صغيرا، فإن عناية الله قد حفظت على أهله من أصايل الطبائع ما سيجعلهم نقطة التقاء أسباب الأرض، بأسباب السماء.." إنتهى
    إيمان الأستاذ محمود بالسودان مبنى على تجربة دينية صرفة، وبؤسس لها كذلك بمستفيض الأحاديث النبوية مثل ماورد فى شرح ابن كثير عن الآية "ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين" "لن تكتمل ثلتنا، الا برعاة الإبل من أهل السودان" وحديث النبى الكريم عن أن هذا الدين ينصر آخر الزمان بـ "الجعد ذوو الجلاليب من وراء البحر" وغريب حديثه عن "أصائل الطبائع" (رحم الله السودان أرق أمتى قلوبا)!! وتجربة الأستاذ شوقى بدرى تجربة "شاعرية" قائمة على مخالطته للذين تشربوا بأصائل تلك الطبائع فطفق يتغنى بها، وفى التوحيد، ان الفرق بين التجربتين، هو إختلاف مقدار وليس إختلاف نوع، كما يقول الأستاذ محمود. والأستاذ محمود يقول أن "العارف" و"الشاعر" كلاهما يقطفان من شجرة واحدة، العارف يظل مهيمنا على تلك الشجرة من عل يقطف منها ما يريد ويضعه حيثما يريد، بينما الشاعر "يتشابى" لتلك الشجرة شأنه شأن"حاطب الليل" يصيب ويخطىء.
    فى رائعة الشيخ بابكر بدرى "حياتى" تشدنى، بخاصة، قصته التى حكى عن سنين شدة كانت فى ام درمان، وذهاب الشيخ لقضاء بعض شأن مع أحد تجارها، فوجد الشيخ ذلك التاجر يصيب طعاما طيبا، ودعى التاجر الشيخ فتأبى الشيخ!! لم يرتض التاجر ذلك، وعدّه اهانة وظل يلح على الشيخ أن يعرف السبب!! ويلوذ الشيخ بصمت مهيب، حتى دارت الأيام دورتها، وجاءت سنينا أصابوا فيها بعض رخاء، فحكى الشيخ للتاجر، ليسرى عنه: ان ما منعه من تناول "طيب" طعامه، يومذاك، أن "الشيخ" كان فى حال إملاق شديد، وكانت له زوجة، شابة، حينها، وكانا يتقاسمان طعاما فقيرا، قليلا، وكانت الزوجة، الشابة، قانعة، راضية، فأبت نفس "الشيخ" أن يأكل "سمنا" و"دهنا" ثم يذهب و"يتجشأ" لها فى صدرها!!و لعل ثلاثة الأجزاء لو لم يكن فيها غير هذه، لكانت كافية، لترينا من هو ذاك "الشيخ" الجليل. فـ "زول" الأستاذ بدرى "الأمدرمانى" تكاد تنتظم حياته جميعها، هذه الجبّلة، التى تتأبى "التجشؤ" والآخر فى إملاق!! يطالعك ذلك والأستاذ شوقى يرتحل بك مع "زوله" من "أم سويقو" لكوبنهاجن!! الأستاذ محمود شديد الإعجاب ببيت المعرى:
    فلاهطلت على ولا بأرضى سحائب ليس تنتظم البلادا
    وهو كذلك كثير الإستشهاد بحديث الأشعريين، ولعلى لم أسمعه من غيره قط، على كثرة ما قرات: (رحم الله الأشعريين، إذا أملقوا، أو كانوا على سفر، أفترشوا ما عندهم من زاد وأقتسموه بينهم بالسوية، أولئك قوم أنا منهم وهم منى)، وهو، كذلك، يردد كثيرا من دارجة اهل السودان: "الما بحل رفيقو شن فايدة سبحتو وإبريقو"؟؟!! ويستشهد من "حقيبة" أم درمان بكثير أبيات فى التعلق بـ "أصائل الطبائع" مثل رائعة خليل فرح "نحن سوجو عروضن" ورائعة الأمدرمانى عبد المنعم عبدالحى – أنا امدرمان- وتكاد تكون كل "أمدرمانيات" شوقى بدرى تدور حول هذه القصيدة التى كان الأستاذ محمود يطلب السماع لها حتى سمع العالم فى 18 يناير 1985:
    فيا سودان اذ ما النفس هانت أقدم للفداء روحى بنفسى!!
    وقد يدهش كثير من الناس لواسع معرفة الأستاذ محمود بالتراث الشعرى والغنائى، وقد طلب مرة من الفنان الأستاذ عبدالرحمن بلاص أن يغنيه رائعة تراث الشايقية "وامغستى!! رحل تلوت الليل" وهى اغنية تفيض رقة وأصائل طبائع، كذلك معرفة الأستاذ بمدن وقرى السودان وأهلها، وبخاصة بقاع التصوف، مما قد يضيق الحيز هنا عن إيراد، حتى، بعض الشواهد. أما عند شوقى، فنرى شديد إعتزازه بأهل أمدرمان و"تقوقعهم" فى امدرمانهم، فتراه معجبا بأمدرمانيين سألهم فى الثمانينات وربما التسعينات: متى رأوا الخرطوم؟ فأجابوا فى ثورة أكتوبر!! وكما يثمن الأستاذ شوقى بدرى الدور الرياضى والإجتماعى لأندية أمدرمان، والسودان، الكبار المريخ والهلال والموردة، فإن الأستاذ محمود يثمن لذات الأندية ورصيفاتها أنها أخرجت السودانيين من "الأنادى للأندية"!! وان "أفنديتها" هم الذين أخرجوا الأستعمار بينما تجلبب رجال الدين بكساوى "عدم" شرف الإنجليز!!
    لشوقى بدرى إعتزاز كبير بثورة أكتوبر وربما بالدور الأمدرمانى الكبير فيها، وله ملاحظة حصيفة أن الثوار فى أكتوبر رأوا أحد الغوغاء يريد أن يستغل المظاهرات ليسلب أحد بقالات اليونان، على ما أعتقد، فمنعه الثوار من ذلك!! قارن شوقى ذلك بما تم فى العراق من نهب حتى للمتاحف!! وللأستاذ محمود إعتداد كبير بثورة أكتوبر، أيضا، بوأ به الشعب السوداني الكريم مقعد الأستاذية بين الشعوب (راجع مقدمةكتاب لا اله الا الله) بموقع الفكرة الجمهورية، وبمناسبة العراق هذه، فقد قرأت فى كتاب "نيل الأوطار" مقارنه لطيفة بين النيل والفرات تشرح لما للنيل من مزايا لا تعد على الفرات – مع أن كلاهما من الجنة كما فى الأثر-
    فى تراث الأستاذ محمود، غير المكتوب، قصص يضيق الحصر عنها، عن طيب شمائل السودانيين، وطيب أرومتهم، على إختلاف قبائلهم، ونحلهم، ومواقعهم الجغرافية فى السودان، ولكن شوقى يقصر كل القصص، وهى، بعد، من ذات الأديم، على اهل امدرمان، وقد يغرينى ذلك لتسجيل بعض ملاحظاتى عن السودانيين "اللذين لا يصدأون" كما عبرت د.ثريا العريض، فى بلدان مختلفة رأيتهم فيها، على ذات نهج الأستاذ شوقى بدرى. هل تصدقون مثلا، أن حلم بعض العراقيين ، بعد أن ينزلون المعاش، ان يشترى أحدهم تاكسيا فيوكل عليه سودانيا يديره له!! وتسأله: لم سودانيا بالتحديد؟ فيقول لك: لأنه لا يقشمر!! تسأل وما "يقشمر" هذه؟؟ فتعرف أنها لا يأكل أموالى!! ويحكون لك كيف يتركون أهلهم فى خلاءات، ومزارع، العراق مع الرعاة السودانيين وهم مطمئنون!! سمعت قصصا كثيرة من هذا القبيل، وتذكرت ما حكى لى الأستاذ عبداللطيف عمر، مرة، أنه قرأ فى مذكرات أحد جنرالات جيوش الحلفاء فى الحرب العالمية يحكى عن إحتفال حضره فى ليبيا شاركت فيه وحدات رمزية من جيوش الحلفاء، قال الجنرال أنه لاحظ لما مرت الوحدة السودانية أمام المنصة أنها قوبلت بتصفيق وإحتفال كبير!! فدهش ذلك الجنرال وتسآل فقيل له: إنهم وحدهم هم الذين كانوا لا يعتدون على أعراضنا!! بل يمنعون من يحاول ذلك!! فى الهند قرأت إعلانا لتاجر يعرض شققا ويفضل السودانيين فسألت بعض الطلاب عن السبب فقالوا لى الكثير، وأقله انهم، حتى، ولو سافروا فإن الهندى يضمن إن إيجاره سيصله، وفى الإسكندرية رأيت طبيبا صوماليا، يتخير شقق السودانيين ليودعهم زوجته وطفلها الذى يريده ان يتعلم العربية، إذ سيذهب الوالد لدراسة بإيطاليا، وهو، مطمئن لزوجته فى كنف صلاح دفع الله وإخوته!! وفى مدينة أمريكية صغيرة، تقوم بعض فضليات السودانيات بإدارة حضانة للأطفال، كان هناك تخوفا وترددا، فى بادىء الأمر، من جانب السكان المحليين لإيكال أمر أطفالهم لهؤلاء "السود الأغراب" ولكن لم يمض وقت طويل حتى أصبحت بعض الأمهات عندما يسافرن لا يجدن لأطفالهن ملجأ غير أحضان أولئك النسوة "السود الغريبات" وقد تجد طفلا فى "مولات" الأمريكان يرقص على إبقاع "كدى كدى" وينام عليه!!
    لقد سكن الأستاذ محمود ام درمان منذ زمن بعيد، سكن فى بيت المال زمانا، ثم رحل لبيت جالوص، مثل سواد السودانيين، بالمهدية، الحارة الأولى، وقد كانت للحزب الجمهورى دارا معروفة بالموردة بأم درمان، وقد أجريت بالموردة فى عام 1971 أول زيجة جمهورية على مشروع "خطوة نحو الزواج فى الإسلام" الذى أسس له الأستاذ محمود، وقد دهشت لكونى لم أجد اى إشارة فى كتابى الأستاذ بدرى للأثر الكبير الذى أحدثته تجربة الأستاذ محمود فى "أمدرمان" الستينات والسبيعنات من القرن المنصرم، وهى الفترة التى أرّخ لها شوقى، فى معظم الكتابين. كنت أحب ان أقرأ له عن بعض الأسر الأمدرمانية العريقة التى لها علاقة، بصورة أو بأخرى، بالأستاذ محمود، ولعل فى الموردة نفسها أسر مثل أسرة العم الراحل محمد فضل محمد صديق، ولا تزال له بها دار معمورة ببنتيه نجاة وإعتدال وأسرتيهما وهن من أعلام أمدرمان عامة، والموردة بخاصة، وأسرة العم إبراهيم أحمد نصار، أطال الله عمره، وهو الذى تمت بمنزله، ولبنته الراحلة كوكب الزيجة آنفة الذكر، من الأعلام كذلك الراحل الفنان التوم عبدالجليل وفى العباسية أسرة العم عباس عيسى الحلو وزوجه أم مهل عبدالله الحلو وهم من أحفاد الأمير على ودحلو، وفى بيت المال آل الأمير أبوقرجة، آل الغول فى ودأرو، وآل حجاز فى أبىروف، عن الشاعر العارف الشريف البيتى، والشاعر أبوطراف النميرى والهادى نصرالدين فى ودنوباوى، عن آل شكاك وآل عبدالرحيم البخيت وعن الطبيب البلدى الفذ حسن خشم الموس وآخرين كثيرين. كنت أحب أن أسمع أكثر عن غريب قصص الشيخ غريب الله أبى صالح مثلا.

    عموما قد أعجبت أيما إعجاب، بكتابى الأستاذ بدري عن "حكاوى أم درمان" رغم ما قد يأخذه بعض الناس على الصراحة المتناهية فى بعض أجزائهما، ولكن ذلك تاريخ على كل حال، وإن لم يتعود السودانيين بعد على تلك الصراحة. حتى الجانب الفكاهى "ديل مقانين!! غنماية ولا بابور بحر؟؟" وقصص كمال سينا عليه رحمة الله، وشخصية "باب الله" ملازم الإمام عبدالرحمن المهدى، وعلى فكرة فقد كنت أشارك فى هذا المنبر بإسم "باب الله"، صحيح هى الأحرف الأخيرة من إسم جدى بابكر والفاصلة الأخيرة من مركب إسمى الأول، ولكن كان، ولا يزال يأسرنى فى ذلك الإسم رمزيته، رمزية "باب الله" لإنكسار السودانيين، ودعاء القلب، وأرجو أن أكونه، فـ "هو" عند المنكسرة قلوبهم من أجله!!
    كأنى بأم درمان، التى احبها الأستاذ محمود، وأتخذها مسكنا، قد تأبت أن يتم، ما تم فى 18 يناير، على أرضها، ولكنها عادت وأصبحت "مثوى" له، حسب شهادة الطيار فيصل مدنى صالح، فأستشهد "الأمدرمانى" العريق د.منصور خالد عبدالماجد، فى رائعته، عن ملحمة الأستاذ محمود، بأبيات الطوسى:
    لم تبق "بقعة" غداة ثوى الإ وأشتهت انها القبر!!
    إكرم بها من "بقعة" وإكرم بساكنها من ساكن!!
    فيا "بهجة أمدرمانى" لك منى تعظيم سلام ... قيام!! جلوس!!
                  

05-09-2008, 00:15 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    بخصوص موضوع امدرمان بين الاستاذ محمود و شوقي بدري .
    في 1998 دعيت لمأدبة عشاء في منزل الزعيم التجاني الطيب بابكر بمناسبة حضور مصطفي خوجلي و شوقي بدري فكتبت في جريدة الخرطوم ( الدنيا دي الزول اصلو ما يقنع منها ، ما كنته في يوم من الايام متصور او متخيل انو في يوم من الايام يلموني مع البروفيسر مصطفي خوجلي ) و الحقيقه ان الحياه كثيرا ما تعطيني اكثر من ما استحق و ها انا مره اخري يلموني مع المفكر الاستاذ محمود محمد طه و لقد كان اخي الدكتور كمال ابراهيم بدري احد جلسائه و المستمعين اليه و كان معجبا به . استميح كل الجمهوريين عذرا لانني لم اكتب او اتطرق للاستاذ محمود لسبب بسيط لانني عندما غادرت السودان و انا في التاسع عشر لم يكن الفكر الجمهوري قد صار معروفا كما صار في الستينات و السبعينات . و الاستاذ محمود( من عندنا) فرفاعه هي مسقط رأس الكثير من ال بدري و قصص جدودنا و عماتنا و أعمامنا كانت تدور حول رفاعه . و لكم التحيه
    شوقي
                  

05-09-2008, 00:23 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    عبدالمنعم عجب الفيا
    تاسسس الحزب الجمهوري سنة 1945م وكان حزبا سياسيا اول امره واخذ اسمه من دعوته الي قيام جمهورية رئاسية مستقلة في السودان،
    لتكون خيارا وسطا بين دعوة الاتحاديين الي الاتحاد مع مصر تحت التاج المصري،ودعوة حزب الامة والانصار الي قيام مملكة سودانية
    مستقلة، تحت التاج البريطاني.

    وقد انتخب الاستاذ محمود محمد طه رئيسا للحزب .وكان الحزب صغيرا ومن اعضائه المؤسسين :منير صالح عبد القادر ،عبدالقادر المرضي
    منصور عبد الحميد،ذون جبارة ،امين صديق ،محمد الفضل الصديق،ومحمد المهدي المجذوب. ويقال ان المجذوب كان اصغرهم سنا.
    ويلاحظ ان بين هؤلاء الاعضاء ثلاثة شعراء ،هم ،المجذوب ومنير صالح ومنصور عبدالحميد.ويبدو انه ربطت المجذوب علاقة صداقة حميمة بمنير صالح، حيث وردت اليه اشارات في شعر المجذوب. بدا الحزب بالمقاومة بمواجهة الاستعمار الانجليزي علانية،وذلك في
    في الوقت الذي اثرت فيه بقية الاحزاب اتباع اسلوب المهادنة والمذكرات.وكان الحزب يوزع المنشورات التحريضية باسمه ويقيم افراده الندوات والخطب الحماسية في المقاهي والاماكن العامة. فازعج ذلك سلطات الاحتلال الانجليزي ،فاعتقلت الاستاذ محمود وحمكت عليه بالسجن
    عاما بتهمة اثارة الكراهية ضد الدولة،مع وقف التنفيذ وامضاء تعهد بعدم ممارسة النشاط السياسي،فرفض الاستاذ توقيع التعهد،وفضل السجن
    فاودع سجن كوبر ،وكان ذلك سنة 1946 م. واثناء سجن الاستاذ محمود ،كتب محمد المهدي المجذوب،قصيدة :
    المنتظر - نشرت بديوانه:"نار المجاذيب" حملت تاريخ:سنة 1946 م
    ومما جاء في هذه القصيدة:

    وطني وما رعيت وخالفت هدي الكتاب عمائم الاحبار
    الدين مقود جاهل، اقباده سبح تسوخ بخطوه في النار
    ما للمراغنة انطويت مكابرا يوم الخلاف ولا انا انصاري
    اهلي علي الحب العميم وليلهم ليلي وشمس نهارهم لنهاري
    * *
    محمود قم واخرج بسيفك عادلا علما يؤم كتيبة الاحرار
    * *

    وقد افرج عن الاستاذ قبل ان يكمل العام بعفو من الحاكم العام. وبعد شهرين فقط من خروجه وقعت حادثة رفاعة،حيث سجنت امراة خفضت بنتها مخالفة قانون الخفاض الذي سنه الانجليز،فاستغل الاستاذ محمود الحادثة لتاجيج الشعور العام لمقاومة المستعمر وقوانينه،وخطب
    خطبة عصماء في مسجد رفاعة ثم قاد جمهور رفاعة وهاجموا سجن الحيصاحيصا وخلصوا المراة.فقبض علي الاستاذ ومعه بعض اعضاء الحزب
    وبعض المواطنيين . وكان المجذوب من بين المعتقلين .وقد سجل حادثة اعتقاله والتحقيق
    معه ومحاكمته في قصيدة: سيدة رفاعة - ديوان :الشرافة والهجرة
    وقد جاء فيها:
    والقيت علينا في الليل شرطة وما هزنا سهد الحراسة والجبر
    فيا حارسي مهلا بيمناك سنجة واضحك هل في الانجليز له صهر
    واوسعه لوما فيصغي ويتقي مصيري ويغضي مل نظرته عذر
    * *
    يسائلني قاض عن الحزب عابسا ومن محنتي هذا الدعي له اجر
    يقلب وجها ذا بريق يزمه حذاء وهل ومض الحذاء به كبر
    اتسهر يا مولاي تحمي خواجة يعشيك من سلطانه الطبل والزمر
    تسجل اقوالي واني شاهد عليك وحكمي الحكم واقترب الفجر

    ويواصل في نفس القصيدة تمجيده للاستاذ محمود،قائلا:

    ابايع محمودا علي الحق بيعة هي الصبر والرضوان في عقدها بدر
    ابي الله ان تلقي هوانا مصونة وما ذنبها الا العفافة والطهر
    حماها ابي الدين والعقل ثائر له منبر ما فيه خوف ولا ستر
    تخطي اليها السجن والنار دونه ولم يجد انذار المفتش والزأر
    لك النصر يا محمود والنور باقيا واعطيت ما اعطي بصائرنا الفجر
    عرفنا رجالا قدرهم ليس قادرا وغيرك في السودان ليس له قدر

    وقد حكم علي الاستاذ في هذه الحادثة سنتيتن،وبعد خروجه سنة 1948 اعتكف
    في خلوة برفاعة لمدة ثلاثة سنوات.ثم خرج علي الناس بدعوته الجديدة للاسلام، سنة 1951 م.وعاود الحزب الجمهوري نشاطه وقد تحول من حزب سياسي الي حزب ديني.فتخلي عن الحزب معظم الاعضاء المؤسيين ومنهم المجذوب ومنير صالح عبدالقادر.ولم يتبقي مع الاستاذ سوي ،امين صديق وذو النون جبارة ومحمد الفضل.

    ويبدو ان السبب الرئيسي لخروج المجذوب من الحزب ،هو تخلي الحزب عن خط المواجهة والمقاومة، وانتهاج الاسلوب السلمي في التغيير،ويكشف
    المجذوب عن هذا السبب ،في نهاية قصيدته الطويلة:شحاذ في الخرطوم
    التي كتبها سنة 1969م .حيث يوجه حديثه الي الاستاذ محمود قائلا:

    يا ولد الهميم ايها العارف ساحمني
    اقلني من بيعتي
    كيف افتيت بخمود آية السيف ،كيف
    والفساد ما تري ،
    ابايع المختار خارجا مع الحسين !

    والهميم هو جد الاستاذ محمود والمذكور في كتاب الطبقات.
    وقد نشرت قصيدة شحاذ في الخرطوم سنة 1984 م في كتيب صغير.

    * هذه لمحة سريعة عن حياة المجذوب وعلاقته بالحزب الجمهوري ارجو ان تكون قد كشفت عن جانب من سيرة المجذوب ،غير مطروق
                  

05-13-2008, 03:35 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    البروفيسور عبدالله أحمد النعيم لـ«الصحافة»1 ـ 4
    عاش الاستاذ محمود ومات على تجسيد قيمة التوحيد والصدق المطلق في الفكر والقول والعمل
    حاوره في واشنطن: صلاح شعيب

    البروفيسور عبدالله أحمد النعيم يعتبر وجها مشرفا للمفكرين السودانيين في المحافل الأقليمية والدولية، واستطاع ببحوثه وكتبه الفكرية القيمة حول الاسلام والمسلمين وحقوق الانسان وقضايا التحرر الانساني والقانون الدولي أن يقدم مساهمات ثرة في الجدل الدائر منذ فترة عن هذه المواضيع الشاغلة للذهن الاسلامي بشكل خاص والانساني بشكل عام. فوقا عن ذلك أسهم النعيم في ترجمة بعض الكتب من الانجليزية إلى العربية والعكس ولعل آخر اسهاماته في هذا المضمار نقله رواية البروفيسور فرانسيس دينق إلى قراء العربية»طائر الشؤم».
    وفي المجال الأكاديمي، والذي استهل مشواره محاضرا في جامعة الخرطوم التي تخرج فيها، عمل بالعديد من الجامعات العربية والافريقية والاوربية والامريكية محاضرا واستاذا زائر وهو الآن استاذ القانون بجامعة ايموري بالولايات المتحدة منذ عام 1995. وظل على مدار العقدين الماضيين يسهم في مجال تخصصه «القانون» ويشارك بتقديم المحاضرات وأوراق العمل حول تلك القضايا الفكرية والسياسية التي إنشغل بإجلاء وجهة نظره حولها، وبالتوازي مع هذه المجهودات الاكاديمية الرفيعة شارك في العديد من المؤتمرات الفكرية حول العالم وانصب عمق مشاركاته داخل الولايات المتحدة التي استقر بها.
    وبوصفه تلميذا وفيا لأستاذه محمود محمد طه، والذي قدم نفسه شهيدا في ميدان الفكر الديني والسياسي، لعب البروفيسور النعيم مع بعض تلاميذ آخرين للاستاذ دورا مقدرا في إبراز وتوضيح وتفسير مقولات مؤسس الفكر الجمهوري عبر العديد من الكتابات والندوات الثقافية.
    وأخيرا صدر للنعيم كتابا جديدا حول العلمانية بالانجليزية ـ وترجم إلى ثماني لغات ـ وصاحب هذا النشر تلبية لعدد من الدعوات لتوضيح الفكرة الاساسية للكتاب وقدم إلى منطقة واشنطن بدعوة من قسم الدراسات الاسلامية والعربية بجامعة جورج تاون وقدم محاضرة هناك، وأعقبها بأخرى أقامتها مدرسة الجالية السودانية بالميرلاند بالتعاون مع الجالية السودانية .
    «الصحافة» انتهزت فرصة تواجد البروفيسور عبدالله أحمد النعيم وأجرت معه هذا الحوار الذي تطرق لعدد من القضايا، فإلى الجزء الأول منه:
    * نرجو أن تعطينا فكرة عن نشأتكم والعوامل التي قادتكم للانضمام لجماعة الاخوان الجمهوريين؟
    ـ ولدت عام 1946 بقرية المغاوير التي تقع غرب النيل من شندي، وكانت طفولتي المبكرة في مدينة الخرطوم بحري، ثم عطبرة حيث كان والدي جنديا بالجيش السوداني ـ سلاح المدفعية. وكانت المرحلة الأولية من تعليمي بمدرسة عطبرة الشرقية الابتدائية، ثم عطبرة الاميرية في المرحلة المتوسطة، ثم مدرسة الاحفاد الثانوية بأمدرمان، وانتهيت بكلية القانون بجامعة الخرطوم، حيث تخرجت من القسم المدني عام 1970، وتم تعييني معيدا بكلية القانون وابتعاثي فيما بعد للدراسة العليا بجامعة كمبردج للماجستير وجامعة أدنبرة بأسكتلندا للدكتوراة في القانون، وعدت إلى السودان عام 1976 للعمل كمحاضر بكلية القانون بجامعة الخرطوم.
    ولم يكن في طفولتي ونشأتي مايميزني عن أقراني، أو يؤهلني للإنتساب للاستاذ محمود فيما بعد. قضيت طفولتي وشبابي الباكر متنقلا بين عطبرة وقرية المغاوير وكانت بدايات تعليمي بخلوة الشيخ المأمون بالمغاوير، حيث حفظت بعض جزء عم من القرآن، ثم تنقلت في المراحل الدراسية المختلفة والاطلاع على الروايات ومتابعة الحوارات الفكرية خلال الستينات من القرن العشرين. كما أنني كنت مثل غيري من أبناء جيلي في حيرة من أمري..إذ كنت متنازعا بين عقيدتي كمسلم من ناحية وميلي للفكر التحرري اليساري من الناحية الأخرى. ولحرصي على استقلالي بأمر نفسي لم انتسب لجماعة الأخوان المسلمين ولا إلى التنظيمات الديمقراطية اليسارية في أي من المراحل الدراسية. واستمر الحال هكذا حتى السنة الثانية بجامعة الخرطوم حيث بدأت العمل في صفوف ما كان يسمى بالمؤتمر الديمقراطي الاشتراكي. ولم أجد في نفسي حماسا للمشاركة الواضحة في ذلك التنظيم الطلابي لأنه كان يعرف نفسه بمعارضة الإتجاه الاسلامي من ناحية والجبهة الديمقراطية من الناحية الأخرى، لكنه كان يفتقر للرؤية الفكرية والسياسية الخاصة به. وخلال العطلة الصيفية بين السنة الثانية والثالثة بجامعة الخرطوم تيسر لي الاستماع للاستاذ محمود محمد طه لأول مرة بنادي الخريجين بعطبرة وكانت تلك هي نقطة التحول الكبرى في حياتي وإن لم أكن واعيا تماما بذلك وقتها وعند عودتي لمواصلة دراستي بجامعة الخرطوم للعام الثالث واصلت حضور ندوات الاستاذ محمود بمكتبة «للهندسة المدنية» بعمارة ابن عوف بالسوق العربي بالخرطوم، ثم حضور الندوات التي كان يقيمها بمنزله بمدينة المهدية فيما بعد. وبذلك تواصل انتسابي لجماعة تلاميذ الاستاذ محمود محمد طه منذ عام 1968 ومشاركتي في العمل العام بين الاخوان الجمهوريين حتى استشهاد الاستاذ محمود محمد طه في يناير 1985 حيث غادرت بعدها السودان في ابريل عام 1985 للعمل كباحث ثم استاذ زائر بجامعة كلفورنيا، لوس انجلس ومواصلة العمل في مواقع مختلفة خارج السودان منذ ذلك الحين..
    * إذن كيف كان وقع إعدام الاستاذ محمود محمد طه عليكم شخصيا وتاثير ذلك على الجماعة وفكرة تأسيسها وواقعها التنظيمي السياسي؟
    ـ لقد كان استشهاد الاستاذ محمود محمد طه علي شخصيا فاجعة كبرى أكثر مما أقدر على التعبير عنها حتى اليوم. ولكنه أيضا الدليل القاطع عندي على حق وصدق دعوته وصلاح منهجه في الحياة فقد عاش الاستاذ محمود ومات على تجسيد قيمة التوحيد والصدق المطلق في الفكر والقول والعمل . وبما أن جماعة الاخوان الجمهوريين لم تكن حزبا سياسيا ولا حتى تنظيم لحركة أجتماعية فلم يكن اثر استشهاد الاستاذ محمود على هذه الجماعة إلا كما ينبغي أن يكون. فالشاهد على حق الفكرة هو في النموذج الكامل الذي قدمه الاستاذ محمود نفسه بحياته ومماته ولا غاية لتنظيم الجماعة ولا قيمة لواقعها السياسي أكثر من ذلك.
    * ولكن هل تصنف الفكرة الجمهورية يا بروف كونها فكرة للإصلاح الديني أم كونها مشروع سياسي سوداني لمقابلة احتياجات سياسية أكثر من كونها دينية؟
    ـ الفكرة الجمهورية كما يعرفها صاحبها وداعيها الاول الاستاذ محمود محمد طه هي السعي الجاد إلي بعث الاسلام واعادته إلى قوته لتغيير الانسان وترفيعه إلي مكارم الاخلاق والمسؤولية والرشاد فجوهر الفكرة الجمهورية هو الاسلام، وهو منهاج النبي عليه الصلاة والسلام في العلم والعمل، في العبادة والسلوك اليومي بين الناس ولأنها هي الاسلام فإن الفكرة الجمهورية تهتم بالقضايا السياسية ولديها مواقف واضحة ومحددة في كل مجريات الاحداث التي تهم المسلمين والبشرية جمعاء. ولكن ذلك لا يجعل الفكرة مجرد مشروع سياسي سوداني لمقابلة الاحتياجات السياسية للشعب السوداني فقط. فهذا المشروع السياسي هو ضمن مناشط العمل لتحرير الانسان من الخوف والجهل واعانته على تحقيق العبودية الكاملة لله وحده سبحانه وتعالي وهذا سعي سرمدي في هذه الحياة الدنيا وما بعدها إلى الأبد. والمجتمع الصالح، كما يؤكد الاستاذ محمود في كتابه «الرسالة الثانية» هو من أنجع الوسائل في تحقيق الحرية الفردية المطلقة وتلك هي غاية الفكرة الجمهورية لأنها هي غاية الاسلام وجميع الاديان ولأنها هي الاسلام فإن الفكرة الجمهورية ليست فقط محاولة في الإصلاح الديني وإنما هي المنهج والسبيل الأوفق عندي في إصلاح الانسان، من حيث هو أنسان ، فإذا انصلح الانسان واستقام على مكارم الاخلاق انصلحت بذلك جميع أحواله وأموره بما في ذلك مجريات السياسة والاقتصاد والعلائق الاجتماعية . وإن لم ينصلح الانسان بالتدين الصادق فلن تجدي المشروعات السياسية وحتى لو أجمع عليها الناس.
    * إذن كيف ترون مصطلح «الاسلام السياسي»، وهل تعتبر الفكرة الجمهورية جزء منها، وفي حال الاتفاق ان هناك إسلاما سياسيا فهل هناك إسلام غير سياسي؟
    ـ مصطلح الإسلام السياسي هو اشارة إلى مشروعات سياسية في المقام الاول وإن كانت تدعي قداسة الاسلام أو تزعم تحقيق غايات الاسلام في الحياة العامة . وبما أن الفكرة الجمهورية هي الاسلام عندي فإن مصطلح الاسلام السياسي لا ينطبق عليها. ولا يعني هذا ان هناك اسلاما سياسيا واسلاما غير سياسي، لأن الإسلام يهتم بالسياسة كأحد الوسائل لتحرير الانسان وإصلاح المجتمع كما سبق القول. وكما كان الاستاذ محمود محمد طه يؤكد بإستمرار فإن الحزب الجمهوري سابقا وحركة الاخوان الجمهوريون بعد ذلك لم تكن احزابا سياسية بالمعنى المألوف وإنما فقط وسائل في تنظيم الدعوة للاسلام وفق منهاج النبي عليه الصلاة والسلام. وكان الاستاذ محمود يؤكد أيضا أنه إذا إنصلح حال الناس أفرادا وجماعات فلا يهم من يتولى القيادة السياسية نيابة عنهم. وإذا لم ينصلح حال الناس في دخيلة ذواتهم وحقيقة معاملاتهم فلن يجدي أن يتولى قيادتهم من يدعى المنهجية الإسلامية في الحكم أو يزعم تحقيق غايات الاسلام في العمل السياسي.
    * الاخوان المسلمون أو الجبهة الاسلامية أو الاتجاه الاسلامي في السودان يعتبر خصما أساسيا للفكرة الجمهورية وبذلوا مجهودا في منازلة الفكر الجمهوري وإغتيال قائده..مع ذلك هل يمثلون بالنسبة لكم جزء اساسيا من تيارات الفكر السياسي الاسلامي التي لا يمكن تجاوزها؟
    ـ هذه المزاعم معروفة عن الاخوان المسلمين «بأي تسمية إتخذونها لأنفسهم» وقد دفع السودان وبعض المجتمعات الاسلامية الأخرى ثمنا غاليا لذلك التخبط الاهوج. وكما راينا في تجربة السودان عند نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين فإن بعض قيادات الاخوان المسلمين قد تنازلت عن مزاعمها السابقة من إدعاء تأسيس الدولة الاسلامية أو إعادة صياغة المجتمع وفق تصورهم هم لمقتضيات التوجه الحضاري الاسلامي المزعوم. وهكذا نرى أن هذه التنظيمات لا تبقى على حال واحد، بل هي تتغير بإستمرار من خلال عراك داخلي وصراع خارجي مع التيارات السياسية الأخرى. وكما كانت سنة التطور في الحياة دائما فالباطل يذهب كزبد السيل والصالح يبقى وينمو بقدر مقدرته على التصحيح الذاتي. وأنا لا أرجو لأي من قيادات الاخوان المسلمين أو غيرهم من الصفوة السياسية البقاء والفناء إنما أعلم تماما أن الباطلا لا يجوز إلا على نفسه، وإن المغامرات الهوجاء محتومة الفشل.
    * مشروع الدولة الدينية في السودان تمثل في تجربتي أواخر ايام مايو وواقع الدول السودانية الحالية، كيف تقيمون التجربيتين وأثرها على مستقبل السودان..؟
    ـ مشروع الدولة الدينية، أو مايسمى عندنا بالدولة الاسلامية، هو زعم باطل مفهوميا ولا أساس له من التجربة التاريخية ولا فرصة عملية في ممارسة المجتمعات الإسلامية ، كما أقرر من خلال عرض تاريخي وتحليل ممفهومي في كتابي «الاسلام والدولة العلمانية» الذي صدر باللغة الاندونيسية في يوليو 2007 وباللغة الانجليزية في مارس 2008 فالدولة هي دائما مؤسسة سياسية لا تقدر على التدين أو الاعتقاد في ذاتها، فالمقصود بهذا الزعم هو القول بأن القائمين على أمر الدولة يستغلون مؤسساتها وسلطاتها لتنفيذ فهمهم للدين.
    وإذا ظهر الامر على حقيقته هذه فسنرى بوضوح خطل الزعم وخطره على مصالح الناس وقد دفع السودان منذ نهايات عهد مايو وإلى نهايات عهد الانقاذ الثمن الباهظ لهذه المغامرات الهوجاء كما سبق القول . وعلى فداحة هذا الثمن فإن أثر هذه التجارب الفاشلة سيكون لصالح السودان وصالح كافة المجتمعات البشرية في المستقبل القريب إن شاء الله لأنه سيكفينا عن مثل هذه الحماقات ويقودنا في سبل الخلاص بتصحيح سوء الفهم وردع سوء القصد والغرض.
    * تقولون إن «مشروع الدولة الدينية، أو مايسمى عندنا بالدولة الاسلامية، هو زعم باطل مفهوميا ولا أساس له من التجربة التاريخية».. هل هذا يعني أن ليس من أهداف الفكرة الجمهورية تحقيق الشريعة الاسلامية في المجتمع المسلم وإذا كان تحقيق الدولة الدينية ليس من أهدافكم هل هذا ضمنيا يعني أن الهدف الاساسي هو تحقيق الدولة العلمانية؟
    ـ من الضروري أن نميز هنا بين المجتمع المسلم والدولة الاسلامية المزعومة . كما رأينا في تجربة السودان فإن مزاعم الدولة الاسلامية إنما تنجح في إشاعة النفاق والفساد ولن تنجح الدولة في اي مكان على إقامة الشريعة بين الناس لأن الالتزام بأحكام الشريعة الاسلامية لا يكون إلا بالنية الخالصة والصدق في القول والعمل وذلك دائما هو حال المسلم في خاصة نفسه وضميره المغيب عن أجهزة الدولة.
    وبما أن الفكرة الجمهورية هي الإسلام فإن منهجها في إشاعة الشريعة بين الناس هو منهج الاسلام القائم على العلم والعمل لدى كل مسلم لتغيير وإصلاح نفسه. فالفكرة الجمهورية تهدف إلى تصحيح إلتزام الإسلام لدى كل مسلم حتى يتحقق بذلك المجتمع المسلم وليس بإقامة دولة تزعم أنها اسلامية وتلك هي مغالطة وخداع للنفس وأرهاب للناس، وأرجو أن تذكر القارئ بالاطلاع على الفصل الاول من كتابي باللغة العربية على موقعي: www.law.emory.edu/fs.
    * في حال المجتمعات ذات الاغلبية المسلمة هل نستطيع أيضا ان نفرق بينها ودولتها، وهل نستطيع أن نبعد قيام اركان هذه الدول على هدى من الشريعة الاسلامية ما دام أن غالبية المجتمع مسلمة.. ثم ماذا لو أن شعبا ما طالب عبر الديمقراطية بتديين دولته..؟
    ـ التمييز بين الدولة والمجتمع ضروري في كل المجتمعات بما في ذلك المجتمعات ذات الاغلبية المسلمة وكذلك من المفيد التمييز بين الدولة والحكومة. فالدولة هي استمرارية المؤسسات مثل القضاء والتعليم والخدمة المدنية والخدمة الدبلوماسية، فهذه المؤسسات تلحق بسيادة الدولة ومصالح جميع المواطنين لذلك يجب ان تبقى مستقلة عن هيمنة الحكومة التي تختلف وتتغير حسب إرادة الناخبين في النظام الديمقراطي. وكما نرى في حالة السودان وغيره من البلدان الاسلامية فإن وجود أغلبية من المسلمين لا يعني إتفاقهم السياسي بل تختلف الفرق والاحزاب بين المسلمين، فالقول بان أغلبية المواطنين من المسلمين لا يعني بحال من الاحوال الاجماع على سياسة معينة وحتى لو حصل ذلك فهو على مستوى الحكومة وليس على مستوى الدولة..فالخيار الديمقراطي هو دائما للحكومة بصورة تقبل تغيير الحكومة في الدورة القادمة وهذا هو السبب في التمييز بين الدولة والحكومة، لأن الدولة تبقى في خدمة جميع المواطنين دائما على السواء بينما تأتي الحكومة أو حكومة أخرى وتذهب حسب خيار الناخبين. واستحالة تدين الدولة هي مسألة في جوهر الدين والدولة. الدولة مؤسسة لا تملك ولا تقدر على الاعتقاد الديني إطلاقا حتى لو اجمع جميع المواطنين على هذا المطلب والخيار الديمقراطي يعني أن حكومة منتخبة مثل ما نرى في تركيا الآن تملك التفويض لمتابعة سياسات يراها البعض إسلامية حسب رغبة الناخبين ولكن هذا لا يغير طبيعة الدولة التركية نفسها، وفي الدورة التالية قد يتم انتخاب حكومة اشتراكية أو محافظة/رأسمالية ثم تقوم بمتابعة سياساتها هي. فالحكومة تتغير والدولة تبقى.
    * كيف تنظرون لمركبات الدولة السودانية إثنيا وثقافيا واجتماعيا..هل يجوز القول أن هناك أمة سودانية واحدة ذات ثقافات متعددة؟
    ـ من قيم الاسلام وحكمه معرفة العلاقة بين الوسائل والغايات ووضع الامور في نصابها. ومن ذلك معرفة أن الغاية من ضبط وتنظيم شؤون المجتمعات هي توفير المناخ المناسب لانجاب الفرد الحر الكريم وأي وسيلة تهدد هذه الغاية النبيلة هي وسيلة فاسدة ومفسدة ومن ذلك الانشغال بأمور الامم عن غاية حفظ الكرامة للانسان وتوفير سبل الحرية والعدل والمساواة، فلا اعتبار عندي لأوهام القومية السودانية أو غيرها من الامم على حساب حرية وكرامة جميع الافراد والجماعات في سبيل سراب الوحدة أو أوهام المجد للامم فإذا نظرنا إلى الامر في هذا الاطار فسنجد أنه من الممكن التوفيق بين التعددية الاثنية والثقافية والاجتماعية في اطار القطر الواحد. وإذا انشغلنا عن قاعدة أن الانسان هو دائما غاية التنظيم الاجتماعي والسياسي فسوف نبدد الجهد في مطاردة أوهام الدولة والامة على حساب الغاية المرجوة من ذلك، فلا ضير من تصور الامة السودانية إلا إذا كان ذلك على حساب كرامة وحرية الانسان السوداني للانتماء لكل انماط التركيبات الاجتماعية سواء كانت إثنيا أوثقافيا. فكرامة الانسان هي الغاية والوحدة القومية لا تستقيم إلا مع الرعاية الكاملة لتلك الغاية.
    * جاء في حديثكم أن «لا ضير من تصور الامة السودانية إلا إذا كان ذلك على حساب كرامة وحرية الانسان السوداني للانتماء لكل انماط التركيبات الاجتماعية إثنيا وثقافيا واجتماعيا» بيد أن هناك فرق بين تصور هذه الامة فكريا وتحققها على ارض الواقع..ألا ترون أن السودان بمفهوم الامة لم يتشكل بعد، وهل المظاهر المتحققة ألا ترونها تمثل وجها للثقافة العربية الاسلامية، بنما لا يوجد تأثير للثقافات الأخرى كما يشكو بعض الناس..؟
    ـ هذا التصور الصحيح للأمة السودانية يكون على المستوى الفكري حتى يتحقق على أرض الواقع إلا أن العلاقة بين النظرية والممارسة هي سجال وتفاعل بين الفكروالعمل بحيث يكشف الفكر الواعي عن عيوب الممارسة ثم يتبع العمل لتصحيح الخلل على أرض الواقع. ومن هذا المنظور فإن مفهوم الامة السودانية لا يزال في مجال التكوين والتداول بين الخطأ والصواب. وفي حقيقة الامر هذا التداول والتطور هو حال جميع الامم حتى في الدول المستقرة والتي لا تزال أبدا في محاولة مستمرة لتعريف نفسها وتحديد هويتها إلا أن الصراع حول هوية الامة أكثر حدة في الدول النامية مثل السودان مما هو في الدول المتقدمة ومن مظاهر هذا الصراع في حالة السودان أن مقومات الثقافة العربية والإسلامية اكثر هيمنة على مظهر الامة السودانية من المقومات الاخرى، وهذا خلل كبير وقصور في تحقيق حق المصير لجميع قطاعات الشعب السوداني. فالمطلوب هو تصحيح التصور النظري والممارسة العملية حتى تجد الثقافات الأخرى نصيبها في تشكيل الهوية القومية للسودان كأطار لوطن يمثل جميع السودانيين. ولكن يجب أن نرى ذلك الجهد في إطار التكوين والتحولات المستمرة في صياغة الهوية القومية، وليس كخيار صارم بين الهوية الافريقية والهوية العربية الاسلامية، وكذلك يجب أن نرى ما يسمى بالهوية الافريقية أو العربية الاسلامية على حقيقتها المتنازعة والمتغيرة بإستمرار، فكل هوية هي دائما في حراك وتحول، ولا تبقى على حالة واحدة. كذلك يجب أن نرى تنوع الهوية وتعددها في حالة الفرد الواحد والجماعة. فأنا سوداني وذلك يعني أني أفريقي ومسلم وأتحدث العربية وأتفاعل مع قضايا التحرر الافريقي والعربي وكذلك أنتمي إلى حركة حقوق الانسان العالمية ومناهضة الاستعمار والسعي لتحقيق التنمية الشاملة وكل ذلك في تساند وتعاضد مع أناس من مختلف أنحاء العالم.
    * أراك قدمت نفسك كأفريقي أولا على غير عادة أغلبية معتبرة من السودانيين الذين يقدمون عربيتهم على أفريقيتهم كأنك توحي بأن عروبتك ثقافية وليست جينية بقولك إنك تتحدث العربية..؟
    ـ نعم أنا أفريقي مسلم وأتحدث باللغة العربية وهذه هي الحقيقة الظاهرة والموضوعية فغالبية أهل شمال السودان ليسوا عربا عرقيا وإن كنا ننتسب للثقافة العربية .بل أنا لا أرى أي قيمة حضارية في الانتساب للعروبة التي لم تدخل التاريخ إلا عن طريق الاسلام ، فالعروبة عنصرية ضيقة والانتساب للاسلام هو القيمة الحضارية الانسانية فيكفيني أني مسلم وحقيقة تكويني العرقي الجيني هو أفريقي تماما ومع هذا فأنا لا أعول على الهوية العرقية ولا الثقافية بصورة تستبعد ابعادا أخرى لكياني ووجداني كأنسان مشغول بقضايا التحرر وحماية حقوق الانسان وأقف في ذلك مع من هو عربي وأوربي وهندي وصيني ما دام يشاركني هذه المواقف.ومن هذا المنطلق في فهم هويتي الافريقية وثقافتي العربية وتنوع انتماءاتي ومشاركاتي في الحياة العامة فأنا أدعوا إلى تجديد وتصحيح مفهوم السودان بين السودانيين ليكون شاملا لجميع الاعراق والثقافات التي ينتمي إليها أهل السودان حسب رؤيتهم الذاتية لأنفسهم وليس كما تصنفهم الصفوة الحاكمة. وتصحيح وتجديد مفهوم السودان ليس هو سودان جديد وإنما يقوم على نفس السودان وفقط يدعوا إلى إعادة صياغة المفهوم سياسيا وإجتماعيا.


    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=48245[/size]
                  

05-14-2008, 02:02 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    البروفيسور عبدالله أحمد النعيم ل*«الصحافة»2 - 4
    لا أجد فرقاً يذكر بين مناورات ما يسمى بالمعارضة السياسية السودانية ومناورات النظام
    حاوره في واشنطن: صلاح شعيب
    البروفيسور عبدالله أحمد النعيم يعتبر وجهاً مشرفاً للمفكرين السودانيين في المحافل الإقليمية والدولية، واستطاع ببحوثه وكتبه الفكرية القيمة حول الإسلام والمسلمين وحقوق الإنسان وقضايا التحرر الإنساني والقانون الدولي أن يقدِّم مساهمات ثرّة في الجدل الدائر منذ فترة عن هذه المواضيع الشاغلة للذهن الإسلامي بشكل خاص والإنساني بشكل عام. فوقاً عن ذلك أسهم النعيم في ترجمة بعض الكتب من الإنجليزية إلى العربية والعكس ولعل آخر اسهاماته في هذا المضمار نقله رواية البروفيسور فرانسيس دينق إلى قراء العربية «طائر الشؤم».
    وفي المجال الأكاديمي، والذي استهل مشواره محاضراً في جامعة الخرطوم التي تخرج فيها، عمل بالعديد من الجامعات العربية والأفريقية والأوربية والأمريكية محاضراً واستاذاً زائراً. وظل على مدار العقدين الماضيين يسهم في مجال تخصصه «القانون الدولي» ويشارك بتقديم المحاضرات وأوراق العمل حول تلك القضايا الفكرية والسياسية التي إنشغل بإجلاء وجهة نظره حولها، وبالتوازي مع هذه المجهودات الأكاديمية الرفيعة شارك في العديد من المؤتمرات الفكرية حول العالم وانصب عمق مشاركاته داخل الولايات المتحدة التي استقر بها.
    وبوصفه تلميذاً وفياً لأستاذه محمود محمد طه، والذي قدّم نفسه شهيداً في ميدان الفكر الديني والسياسي، لعب البروفيسور النعيم مع بعض تلاميذ آخرين للأستاذ دوراً مقدّراً في إبراز وتوضيح وتفسير مقولات مؤسس الفكر الجمهوري عبر العديد من الكتابات والندوات الثقافية.
    وأخيراً صدر للبروفيسور النعيم كتاب جديد حول العلمانية بالإنجليزية -وترجم إلى ثماني لغات- وصاحب هذا النشر تلبية لعدد من الدعوات لتوضيح الفكرة الاساسية للكتاب وقدم إلى منطقة واشنطن بدعوة من قسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة جورج تاون وقدم محاضرة هناك، وأعقبها بأخرى أقامتها مدرسة الجالية السودانية بالميرلاند بالتعاون مع الجالية السودانية.
    (الصحافة) انتهزت فرصة وجود البروفيسور عبدالله أحمد النعيم وأجرت معه هذا الحوار الذي تطرّق لعدد من القضايا، فإلى الجزء الثاني منه:

    ? كيف تقيمون عمل الحركات السياسية المسلحة، هل تكتسب مشروعية عملها من خلال فشل الدولة في تلبية احتياجات من يمثلون؟
    * القاعدة الأساسية في سياسة أمور الامم والشعوب هي أن العنف لا يجدي إلا في مضاعفة المعاناة وجلب الخسائر على أصحاب كل قضية وبخاصة على النساء والأطفال والمستضعفين بينهم إلا أن الدفاع عن النفس والعرض والكرامة ليس عنفاً، بشرط أن يكون ذلك في أضيق الحدود وفقط من أجل حمل الاطراف المتشددة على التفاوض الذي من خلاله يمكن التوفيق بين المصالح المتصارعة. ولأننا لا نرى دائماً أن اللجوء إلى العنف حتى باسم الدفاع عن النفس إنما هو تسويف لفرص الحوار والتفاوض والتي لا بد منها في نهاية المطاف فإني اتشكك دائماً في نوايا قيادات الحركات المسلحة.
    وحتى لا يصرِّف القارئ قولي هذا بأنه تعميم غير مفيد فأنا أقول بالتحديد أن قيادات الحركات السياسية المسلحة في دارفور مثلاً عليها واجب التفاوض بالطرق السلمية وصحيح أن بعض قيادات الحكومة تراوغ وتتحايل لتجنب التفاوض الحاسم. إلا أن هذا لا يعفي قيادات الحركات المسلحة من واجب التفاوض فهناك فرق بين اللجوء للعمل المسلح طلباً للتفاوض والتذرع بضيق فرص التفاوض لتبرير استمرار العمل المسلح. والسؤال لقيادات الحركات االمسلحة في دارفور هو لماذا تدعو وتسعى من وراء المعارضة للحكومة، وكيف تختلف عن القيادات السياسية التقليدية؟ كيف نعرف ان القيادات الجديدة لن تستغل قضية المستضعفين في دارفور في خدمة الصفوة كما فعلت القيادات السا بقة؟
    ? المعارضة السياسية السودانية.. على اعتبار أنكم طرف أصيل فيها من ناحية مقاومة مشروع الدولة الدينية فكرياً.. كيف تقيمها؟
    * لا أجد فرقاً يذكر بين مناورات ما يسمى بالمعارضة السياسية السودانية ومناورات النظام الراهنة فكل أطراف الصراع على السلطة في السودان هي مجرَّد فصائل وقيادات متناحرة على نفس المكاسب الضيقة وبنفس الوسائل العقيمة. فلدى التحليل العلمي والموضوعي لحقيقة الصراعات السياسية في السودان منذ الاستقلال سنجد أن نفس القيادات تتناوب أدوار الحكومة والمعارضة في دوامة مفرغة وذلك على حساب استقرار وتنمية البلاد وسلامة وكرامة المواطنين. فما يسمى بمشكلة الجنوب أو مشكلة دارفور الآن هما أعراض لنفس المرض وهو غياب المذهبية الواعية وتدني مستوى المسؤولية لدى قيادات الشعب السوداني ولكل من هذه الأعراض سماته الخاصة ومواصفاته المحددة إلا أنها لن تجد الحل إلا بإقامة المذهبية الواضحة وتحمل المسؤولية في تأسيس العمل السياسي على مبادئ الحكم الدستوري الديمقراطي داخل الأحزاب نفسها حتى تكون قادرة على تحقيقه على مستوى القطر.
    ? تفضلتم بالقول إنه «لا أجد فرقاً يذكر بين مناورات ما يسمى بالمعارضة السياسية السودانية ومناورات النظام الراهنة فكل أطراف الصراع على السلطة في السودان هي مجرد فصائل وقيادات متناحرة على نفس المكاسب الضيقة وبنفس الوسائل العقيمة..» كأنك تستطرد على ما قاله الاستاذ محمود إن الشعب السواداني عملاق ويتقدمه أقزام؟
    * كان الأستاذ محمود يقول بعد ثورة أكتوبر 1964 إن الشعب السوداني عملاق يتقدمه أقزام، والمؤسف والمحزن أن هذا القول لا يزال صحيحاً في حق القيادات السياسية الراهنة. بل أن هذه القيادات لا تزال لنفس الافراد والذين ما زالوا على نفس التخبط والقصور وعدم الكفاءة، إلا أن المجال مفتوح في كل يوم لجميع أفراد الشعب السوداني لتقدم وتحمل مسؤولية قيادة نفسه في المكان الاول وتحريرها من الخوف والجهل وذلك هو السبيل الوحيد لتصحيح حال قيادة الأمة جمعاء، فعلى الشعب السوداني العملاق أن يعلم الخلاص من قيادة الاقزام له إنما هو في قيادته لنفسه بنفسه.
    مشكلة الجنوب هل هي جزء من الصراع الديني في السودان أم يمكن النظر إليها بوصفها تجل لمظاهر صراع التركيبات الاثنية السودانية؟
    * أعتقد فيما يسمى بمشكلة الجنوب أننا نجد بعداً دينياً وهو كذلك طرف من تعقيد التركيبات الاثنية والثقافية ولن يكون حل هذه المشكلة بإذابة الفوارق الدينية والثقافية بين الجنوب والشمال، أو في الجنوب، أو في الشمال.. وإنما يكون الحل بتأسيس الحكم الدستوري الديمقراطي الذي يمكن جميع السودانيين من التفاوض المستمر وتقاسم السلطة والثروة بين جميع القطاعات والشرائح وليس في مساعي الوحدة مخرج للجنوب ولا للشمال على حساب حرية وكرامة الإنسان السوداني في كل أنحاء القطر.
    ? ما هي مساهمات الجمهوريين في حل مشكلة دارفور كجزئية ملحة في إطار الصراع السوداني الكبير؟
    * لا أتحدث أنا باسم أستاذي محمود محمد طه ولا ينبغي لي ولا أملك حق الحديث باسم الاخوان الجمهوريين وإنما أقول عن نفسي وعلى مسؤوليتي الشخصية أن حل مشكلة دارفور يقتضي حفظ الأمن أولاً وإيقاف نزيف الدم، ثم التفاوض بين جميع الأطراف. وبما أن النظام القائم في السودان اليوم هو أحد هذه الأطراف فلن يقدر على ضمان الشروط المطلوبة للحل السلمي بدون تدخل المجتمع الدولي. إلا أن المجتمع الدولي ليس أميركا ولا بريطانيا وهي دول استعمارية كما نرى في العراق في الوقت الحاضر وليس أي من الدول الاوربية الأخرى أو الافريقية هي المجتمع الدولي وإنما المجتمع الدولي المقصود عندي هو كافة الدول مجتمعة شريطة أن تعمل من خلال المؤسسات والمنظمات الدولية وهي الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي. صحيح أن هناك بعض المشاكل والعقبات الواضحة في عمل هذه المنظمات الدولية ولكن لا سبيل إلا من مواصلة الجهد لحل تلك المشاكل وتجاوز العقبات من خلال هذه المنظمات نفسها. وبما أن أهل السودان قد فشلوا في حل مشاكلهم عن طريق التفاوض السلمي فمن واجب وحق المجتمع الدولي التدخل كمجتمع دولي مؤسسي وليس بتدخل دول معينة، سواء كانت غربية أم شرقية أو أفريقية. فتدخل الدول الأخرى هو دائماً لخدمة مصالحها هي، والمطلوب هو تدخل المجتمع الدولي ككل من خلال مؤسساته المشروعة.
    ? قلت إن «المجتمع الدولي ليس أميركا ولا بريطانيا وهي دول استعمارية كما نرى في العراق في الوقت الحاضر وليس أي من الدول الاوربية الأخرى أو الافريقية هي المجتمع الدولي وإنما المجتمع الدولي المقصود عندي هو كافة الدول..» ولكن عملياً نعرف هيمنة أميركا وأوربا على القرار الدولي: كما أن مفهوم المجتمع الدولي الذي تدعو إليه لا يتحقق عمليا على أرض الواقع في ظل عالم النظام العالمي الجديد..؟
    * صحيح أن الولايات المتحدة وحلفائها في اوربا لا يزالون يهيمنون على القرار الدولي ولكن ذلك هو الحال لقصورنا نحن في العالم الثالث عن النهوض لتحمل المسؤولية في قيادة أنفسنا والمجتمع الدولي كذلك، فكما هو الحال بالنسبة للشعب السوداني العملاق الذي يتقدّمه أقزام فلن تتنازل الدول الكبرى عن هيمنتها إلا إذا نهضت الشعوب الأخرى بمسؤوليتها عن نفسها، فكما قال المفكر الإسلامي مالك بن نبي بأن الاستعمار هو النتيجة للقصور الداخلي وليس هو السبب للقصور الداخلي ومع أن التحدي يبدو كبيراً علينا اليوم بأكثر مما نقدر عليه إلا أن هذا هو فقط بسبب ضعف ثقتنا في أنفسنا وقصور همتنا ولنا في هذا المجال المثل الرائع على انتصار الشعوب على الهيمنة الأجنبية حالة الهند تحت قيادة المهاتما غاندي، فعندما بدأ غاندي في المطالبة بخروج الاستعمار البريطاني من الهند وكان نضاله من أجل ذلك بالسبل السلمية فقط بدأ الأمر وكأنه في حكم المستحيل، ومع ذلك فقد تحقق ذلك عملياً وتحررت الهند وهي اليوم في عداد الدول العظمى، ها هو السبيل لتحقيق مفهوم المجتمع الدولي الذي أعنيه وهو السبيل لتحقيق النظام العالمي الجديد حقاً وليس مجرّد القديم في ثوب جديد» وهو كذلك السبيل لتحقيق تحرر السودان وجميع الدول النامية.
    ? أنت تقول بتحرر السودان والحركة الشعبية كانت تنادي بتحرره وحركات دارفور كذلك.. هل تعني أننا نحتاج إلى سودان جديد يجب القديم.. مماذا تريدون تحريرنا؟
    * أقول مرة أخرى إني أتحدث عن نفسي فقط وليس باسم الاستاذ محمود أو الاخوة الجمهوريين وعن نفسي اقول إن الفكرة الجمهورية تدعو إلى تحرير الإنسان من الجهل والخوف بتصحيح التوحيد من خلال تقليد النبي عليه الصلاة والسلام فإذا تحرر الإنسان من الجهل والخوف فسيرى أن تعدد الهوية والانتماء الثقافي هو من طبيعة البشر وذلك لا يمنع التعاون والمشاركة في مواطنة البلد الواحد.
    ? كيف تقيّمون تجربة طالبان-تنظيم القاعدة والتحولات التي خلقتها على مستوى العالم؟
    * ما سبق قوله عن الفشل الحتمي لتجارب الدولة الإسلامية في السودان ينسحب على تجربة الطالبان في أفغانستان ومزاعم تنظيم القاعدة الجهادي المتخلّف، كما ينسحب على المملكة العربية السعودية وإيران والسودان أيام الإنقاذ المزعوم. وأعيد هنا القول بأن مفهوم الدولة الإسلامية هو مغالطة ووهم لم يتحقق تاريخياً ولن يتحقق في المستقبل وأعيد القول كذلك أن العنف لا يخدم أي قضية. صحيح أن حق تقرير المصير ومناهضة الاستعمار والتسلط الاجنبي من المبادئ العامة المقررة الآن بصورة لا تقبل المغالطة ولا التسويف إلا أن هذه الغايات المشروعة لا تتحقق من خلال كبت الحريات وانتهاك كرامة الأفراد والشعوب أو العنف الأهوج الذي نراه الآن في أعمال الجماعات الإرهابية في فلسطين وأنحاء أخرى من العالم الإسلامي أو على مستوى العالم قاطبة.
    ? ولكن ماذا تقول عن تبرير الولايات المتحدة لإسقاط نظام طالبان والنظام العراقي وما صاحب الغزوين من انتهاك لحقوق الإنسان في هذين البلدين؟
    * غزو أفغانستان والعراق انتهاك صريح للقانون الدولي وانتكاس في المجتمع الدولي إلى عهد الاستعمار التقليدي. ربما يكون غزو أفغانستان مجال خلاف موضوعي من منظور القانون الدولي ولكن لا مجال للشك على الإطلاق أن غزو العراق هو انتهاك صارخ لأهم قواعد القانون الدولي، بل هو تحدٍ كامل لإمكانية حكم القانون في العلاقات الدولية.
    ? وماذا كان موقفك أثناء غزو العراق بوصفك جزءاً من المجال الأكاديمي في الولايات المتحدة والذي قام نفر فيه بمعارضة شديدة للغزو؟
    * لقد أسهمت بمقالاتي ومحاضراتي العامة حتى قبل بداية غزو العراق في مارس 2003 بأن هذا هو الاستعمار التقليدي الذي عانت منه المجتمعات الأفريقية والآسيوية، ومن قبلها المجتمعات الأخرى في مختلف أنحاء العالم.. فالتعريف القانوني العلمي للاستعمار هو اغتصاب حق الشعوب في السيادة عن طريق الغزو العسكري من غير مبرر قانوني، وذلك هو ما فعلته الولايات المتحدة وبريطانيا في العراق.. ويمكن الاطلاع على بعض هذه المقالات باللغة الإنجليزية في موقعي على الانترنت، وهو: www.Law.emory.edu/ aannaim.
    إلا أنني كذلك في نفس المقالات قلت بأنه من واجبي كمسلم أن أقف في مناصرة القانون الدولي والدفاع عن السلام والتعاون في العلاقات الدولية وذلك لأني ألتزم بهذه المبادئ من منطلق ديني كمسلم بغض النظر عما تفعل الدول الأخرى، فإذا تنازلت أنا عن هذه المبادئ لمجرّد أن الدول الغربية الكبرى تنتهك سيادة الشعوب فسأكون قد سلّمت بأن الغرب هو الذي يحدد ويعرف القانون الدولي بحيث ينتفي وجود هذا القانون أو يبقى بحكم مواقف الدول الغربية.
    وأضيف هنا أن الإدانة الدولية الكاملة لإستعمار العراق، حتى بين غالبية شعوب الدول الغربية نفسها، هو الدليل العملي لصحة وضرورة القانون الدولي ولزوم السلام والتعاون في العلاقات الدولية.. وهكذا نرى أن انتهاك الولايات المتحدة لهذه المبادئ قد أسهم في تأييد نفس المبادئ رغم أنه كان في بداية الأمر انتهاكاً صريحاً لها.
    ? هناك اتجاهات إلحادية عربية نشطة بعد مثول تجربة الانترنت كما ان هناك منصرين مسلمين جدد سواء في السودان أو العالم الاسلامي، كيف ترى مستقبل هذه المضاعفات في بنية الوجود الإسلامي؟
    * مبدأ لا اكراه في الدين هو أساس إمكانية أن يكون المرء مسلماً، فالايمان يقتضي بالضرورة المنطقية إمكانية الكفر. لذلك لا بد أن يكون اعتناق الإسلام كدين عن طواعية وحرية كاملة في الاختيار، سواء كان ذلك بقبول الإسلام أو رفضه. من عقيدتي كمسلم أن الله سبحانه وتعالى هو القادر الأوحد على محاسبة البشر على معتقداتهم الدينية، وذلك بالنص الصريح والقاطع لعشرات الآيات في القرآن. كما أن القرآن يفترض امكانية الإسلام ثم الارتداد تكراراً ومع ذلك لا يذكر أي عقوبة في هذة الدنيا «الآية 137 من سورة النساء». وهذا يعني أنه لا يصح ديناً معاقبة المرء على الردة في هذه الحياة الدنيا.
    ومن هذا المنظور الاسلامي فإني أقول أولاً بأن من حق أي شخص أن يسلم عن حرية كاملة وطواعية بدون أدنى قدر من الخوف أو الطمع. ولذلك لا ضير اطلاقاً في اختيار بعض الناس الالحاد أو اعتناق بعض المسلمين للمسيحية أو غيرها من الأديان. في رأيي الشخصي أن إلحاد أو اعتناق اي دين غير السلام هو اختيار خاطئ، لكني أحترم تماماً حق أي انسان في أن يفعل ذلك في أي زمان ومكان، وأضيف كذلك أن ضمان حرية الاعتقاد هي من أهم الحقوق الأساسية لأنها تضمن لي حرية التدين كمسلم كما تضمن لغيري حق التدين بأي دين أو اعتناق الإلحاد فكيف أطالب بهذا الحق لنفسي إذا كنت أمنعه عن الآخرين. ولكني أيضاً أرى في ظاهرة الخروج على الاسلام دعوة للمسلمين في النظر إلى الاسباب. فإذا كنا نقدم الاسلام بصورة مغرية وجذابة كدين التسامح والعدالة والسلام، فسوف يعتنق الناس الاسلام ويبقون عليه بحرية وقناعة وليس خوفاً من عقوبة الردة أو العنف الفردي ممن ينصبون أنفسهم أوصياء على معتقدات الناس على عكس مقتضى المنطق وصريح نص القرآن.
    ? ولكن بعض الأئمة يرون أن المجتمع قد يتضرر من حرية الملحد أو المرتد ما يؤدي لافساد الأخلاق على حسب زعمهم، كيف يجوز حفظ حق الفرد والجماعة في الجتمع في هذا الخصوص؟
    * نعم، هناك من يقول إن المجتمع قد يتضرر من حرية الملحد أو المرتد وأنا أقول إن الضرر الأكبر هو في إكراه الناس على الدين وهو ما يخالف صريح نص القرآن علينا كمجتمع أن نقنع الناس بالدخول في الإسلام والبقاء عليه عن طواعية ولكن لا يحق ولا يمكن أن نكرههم على الإيمان، ومحاولة الإكراه إنما تؤدي إلى النفاق حيث يعلن المرء الإيمان خوفاً من العقوبة أو العنف من البشر وليس عن قناعة ذاتية ومصلحة المجتمع هي في إشاعة نموذج الإسلام الحق في العدل والسلام والمحبة حتى نغري الناس بذلك وليس في الإكراه في الدين والمعتقد.

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=48303
                  

05-14-2008, 09:53 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    السودان القديم والسودان الجديد !! (2-4)
    د. عمر القراي

    إن تعامل حكومات ما بعد الاستقلال، بعفوية ، وقصر نظر، مع هذه القضايا الحساسة – غياب المذهبية الرشيدة للحكم، والقوانين الإسلامية، وقضية الهوية – هو الذي شكل ما يمكن ان يسمى السودان القديم، والذي نطمع، ونطمح إلى تغييره . فلم يكن لحكومات الأحزاب التي جاءت مباشرة بعد خروج المستعمر، معرفة بالتنمية ، أو رغبة فيها ، وإنما كانت الحكومة فرصة لمساعدة المحاسيب ، على حساب الشعب .. وكان الخلاف، والتنافس السياسي على كراسي الحكم، كاف ليشغل المشغولين به، عن كل قيمة، ويدور بهم ، في حلبة صراع لا تنتهي .. ولم يستمع الأفندية ، الذين حققوا الاستقلال ، لنصيحة الشاعر أحمد محمد صالح حين قال :
    يا قادة الرأي حققتم لنا أملاًُ قد كان قبل سراباً خلباً حلماً
    كونوا جنوداً فللجندي حرمته لا تجعلوا للكراسي بينكم قيماً
    فقد إهتموا بكراسي الحكم، للحد الذي أهملوا معه كل قضايا الشعب ، فرغم قصر فترتهم ، استقبل الشعب الحكم العسكري الاول، غير آسف على حكومة الاحزاب، الضعيفة، المضطربة ، المتناحرة .. ورغم ان نظام عبود قد بدأ بالاصلاحات الإقتصادية، ونال تأييداً كبيراً ، إلا انه أخفق في مواجهة القضايا الهامة، وضلع في تصعيد الحرب في الجنوب، في محاولة جائرة، لفرض التعريب والأسلمة ، باءت بالفشل ، وخلفت مرارات في النفوس .. ثم ان النظام في الشمال، آل الى صور من الفساد ، تجرأ الشعب على نقدها، واظهار الضيق بها . وحين نقد الطلاب في جامعة الخرطوم ، ممارسات النظام ، وتظاهروا ضد سياساته في الجنوب، وتدخل البوليس لقمع حركتهم، اندلعت ثورة أكتوبر، واطاحت بالحكم العسكري الاول ..
    لقد كانت ثورة أكتوبر، إجماع شعبي فريد ليس له نظير ، فقد شل تماسك الجماهير ووحدتهم السلطة، ومنعها من استعمال العنف .. وكان يمكن لولا غياب مذهبية الحكم، ان يدخل بها السودان عهد عزته وكرامته .. فالشعب الذي ضاق بالفساد ، وتطلع الى الصلاح ، لم يكن يملك فكرة التغيير، وان ملك رغبة التغيير. ولهذا استطاعت قوى الطائفية ، ان تسرق الثورة، وتضغط على حكومة جبهة الهيئات، حتى يضطر رئيس وزرائها، الى حلها، وتكوين حكومة حزبية .. وهكذا عادت الأحزاب الى الحكم ،دون الشعور بانها قامت بانقلاب مدني ، ودون ان تستفيد من التجربة السابقة ، فلم تحرص على الديمقراطية التي رفعت شعارها، وتعاملت معها بعفوية، وعدم إكتراث ، ثم انها لم تفعل شئ في مجال التنمية.
    وعلى حساب ضعف الأحزاب التقليدية، برزت الحركة الإسلامية باسم جبهة الميثاق الإسلامي، وبدأت تستقطب بشعارات تحكيم الشريعة الإسلامية، شباب الأحزاب، وتعبأه ضد خصومها التقليديين من الشيوعيين .. ففي عام 1965م أفلحت جبهة الميثاق، في دفع الاحزاب الى حل الحزب الشيوعي، وكانت تحرج زعماء الاحزاب، بمخاطبة جماهيرهم بان زعمائهم الدينيين، لا يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية . ولقد كانت الدعوة الى تطبيق الشريعة الإسلامية، خدعة سياسية، تريد جبهة الميثاق ان تصل بها للحكم، رغم انها لا تملك القاعدة الجماهيرية التي تبرر ذلك .. لقد عبر أبيل ألير عن تلك الفترة، بقوله ( كانت حمى الدستور عالية . ووجهت الأحزاب القائمة على الطائفية الأمة ، والحزب الاتحادي ، وحزب الشعب الديمقراطي بتحد هائل من جبهة الميثاق الإسلامي . وتم تحت ضغط نفوذها دفع الأحزاب الشمالية السابقة ، عدا الحزب الشيوعي ، للتقدم بمقترحات لتحقيق نوع من الدستور الإسلامي ، وحتى الزعماء في قدر ومكانة المرحوم اسماعيل الأزهري ، والمرحوم محمد أحمد محجوب، برغم سعيهما الحثيث لإقامة دولة علمانية ، تم اجبارهما لمساندة مطلب الدستور الإسلامي. أصر النواب الجنوبيين الذين كنت اتحدث باسمهم في لجنة مسودة الدستور وضغطوا بشدة من اجل دستور علماني. لكن دون فائدة ...برزت العديد من المشاكل مثل قضايا تاريخ العلاقات بين الأقليمين العرقية ، الثقافية، والتطور الإجتماعي والاقتصادي غير المتكافئ . برزت كل تلك القضايا، واصبحت اسس وحدة القطر بذلك في خطر. كانت الحجة المؤيدة للدستور الإسلامي تقول بأن غالبية سكان الشمال مسلمين وكان أحد مخاطر ذلك الإقتراح امكانية معارضته باثارة المسألة العرقية . إن فرض التجانس الديني يدعو الى رد فعل عرقي كقوة مضادة وموازنة ... وفي ديسمبر 1968 حزمنا حقائبنا وانسحبنا من اللجنة . وبذلك قد توصلنا لمقاطعة لجنة مسودة الدستور للمرة الثانية خلال عشرة أعوام .) ( فرانسيس دينق: صراع الرؤى –نزاع الهويات في السودان. ترجمة عوض حسن. ص 146 -147).

    ومن الاساليب التي دفعت بها جبهة الميثاق الأحزاب لتأييد موضوع الدستور الاسلامي قضية حل الحزب الشيوعي .. فقد بررت حله، بما نسب لشاب في ندوة بمعهد المعلمين العالي، اساء فيها للبيت النبوي الكريم . وكانت الرسالة التي اشاعتها جبهة الميثاق، هي ان السودان يحتاج للدستور الإسلامي، حتى نحمي عقيدتنا. ولم تستطع الاحزاب ان تعارض، رغم ان ذلك إقتضى تعديل الدستور، و مخالفة قرار المحكمة العليا .. وحتى الجنوبيين، الذين حدثنا ابيل ألير فيما نقله عنه فرانسيس دينق، انهم انسحبوا من لجنة الدستور، لم يستطيعوا مقاومتها .. كما كان الحزب الشيوعي معترضاً على مؤامرة حله ، ورافضاً لاغلاق دور حزبه ، لكنه لم يكن يملك الجرأة ، على الخوض في الابعاد الدينية، التي أدت الى تلك الصورة المؤسفة . ولم يكن قادراً على توعية الشعب بها ..
    ورغم ان السيد ابيل ألير لم يذكر الجمهوريين، الا انهم هم الذين قاوموا جهالة الدستور الإسلامي .. فقد أصدر الحزب الجمهوري منشوراً بتاريخ 21/11/1965م بعنوان " استغلال الدين للاغراض السياسية أضر بالدين ، وباخلاق الأمة من دعوة الإلحاد السافرة " ومما جاء في ذلك المنشور ( طالعتنا الصحف بخبر عن الطالب شوقي محمد علي يقول انه " سيطلق سراحه بعد ان يتم أخذ أقوال السيدة سعاد الفاتح كتابة ، وبعد ارساله لمستشفى الامراض العصبية ، بناء على طلب السيد فتحي حسن كاشف محامي المتهم الذي قدم طلباً للمحكمة قال فيه ان المتهم مصاب بمرض عصبي، وكان يتعالج في مستشفى الأمراض العصبية " ، ومعنى هذا ان جميع أقوال واعمال المسئولين في هذا البلد، قد انبنت على قولة طالب غير مسئول شرعاً ، ونحن لم نكتب الآن لنقرر هذه الحقيقة المؤلمة ، فان محاسبة المسئولين ، غير المسئولين، سيجئ بها يوم ، تجف من هول سؤاله أسلات الألسن ، وانا لذلك اليوم لمنتظرون .. فلينتظروا ، ولكننا كتبنا لنبين للشعب الآتي :
    1- الحزب الجمهوري يدعو لتطوير بعض صور الشريعة الإسلامية ، التي جاءت وهي تحمل سمة "الموقوتية" ، لتصبح أقدر على حل مشاكل عالم اليوم ، فتصبح بذلك أدخل في أغراض الاسلام ، لأن أغراض الإسلام هي التشريع للمجتمع في مستوى مشاكله ، ومستوى امكانه ، ومستوى مجتمعنا الحاضر ، من جميع الوجوه ، غير مستوى مجتمع اسلافنا .
    2- جميع الهيئات الإسلامية ، وعلى رأسها الاخوان المسلمون ، يعارضون رأي الحزب الجمهوري في التطوير، ويرون ان جميع صور الشريعة الإسلامية الواردة فيها النصوص القطعية لا تحتاج منا الا الى التطبيق من جديد لتحل مشاكل عالمنا الحاضر على أتم الوجوه .
    3- ومع ذلك ، فان جماعة الأخوان المسلمين ، مجاراة منها لحكومة أكتوبر الأولى ، أعطت المرأة حق التصويت وحق الترشيح ، على قدم المساواة مع الرجل .
    4- جماعة الأخوان المسلمين قدمت أمرأة شابة ، هي السيدة سعاد الفاتح ، لتحاضر طلبة معهد المعلمين العالي في بعض شؤون المرأة المسلمة ، كما بلغنا، وقد وقع الحادث المشئوم في تلك المحاضرة .
    5- من حق الشعب المسلم ان يسأل هذه الجماعة من أين جاءت بعملها هذا الذي تنسبه للاسلام بتشريعه الحاضر؟) ( منشورات الحزب الجمهوري للفترة 1964-1969م)
    وفي اتجاه نقد الدستور، واظهار تناقضاته ، بغرض توعية الشعب، بمعارضته كتب الجمهوريون ( وهذا الدستور الذي بين يدي الجمعية التأسيسية الآن ، والذي تسميه جريدة الميثاق دستورياً اسلامياً ، لا يستحق ان يسمى دستوراً ، على الإطلاق ، فهو قد تغول على أصل الحقوق الأساسية تحت ستار محاربة الشيوعية ، وتغول على استقلال القضاء ، ثم هو مثل من التناقض المحزن .. ففي المادة الأولى يقول " السودان جمهورية ديقراطية اشتراكية ، تقوم على هدى الإسلام" وفي المادة نمرة 113 يقول " الشريعة الاسلامية هي المصدر الاساسي لقوانين الدولة " وفي المادة نمرة 114 يقول " يعتبر باطلاً كل نص في أي قانون يصدر بعد اجازة هذه الدستور ويكون مخالفاً لاي حكم من احكام الكتاب والسنة الا اذا كانت تلك المخالفة قائمة في جوهرها قبل اجازة الدستور" ونحن نقرر هنا أن ليس في الشريعة الإسلامية – الزكاة ذات المقادير- اشتراكية وليس في الشريعة ديمقراطية .. ومن ثم فان في هذه المواد تناقضاً يجعل الدستور حبراً على ورق .
    وتناقض آخر ، على سبيل المثال، في المادة نمرة 18 " تكفل الدولة للوالدين الحق في اختيار التعليم الذي يريدونه لابنائهم " وفي المادة 22 " تعمل الدولة على تحقيق العدالة الاجتماعية في الإقتصاد وتحرير المجتمع من الظلم والاحتكار والربا وعلى توجيه النهضة الاقتصادية بالتخطيط العلمي الدقيق بما يضمن زيادة مضطردة في الانتاج تحقق الاكتفاء الذاتي وتكفل العيش الكريم للمواطنين وبما يمنع الاستغلال الاقتصادي ويحقق توزيع الدخل القومي توزيعاً عادلاً بين المواطنين " . هذا مجرد انشاء جميل ، ولم يقصد منه غير ذلك ، والا فكل من أوتي ادنى بصر بالأمور يعرف ان التخطيط الاقتصادي الدقيق يعني اعداد فنيين بأعيانهم ، كما ، وكيفاً ،فأنت لا بد لك من ان تخرج مهندسين معماريين ، وميكانكيين ، وكهربائيين ، وزراعيين ، ولا بد لك من اطباء بيطريين ، وبشريين . ولا بد لك من كافة الفنيين ، لتخرجهم باعداد مرسومة ، فاذا قلت كما قالت المادة نمرة 18 " تكفل الدولة للوالدين الحق في اختيار التعليم الذي يريدونه لابنائهم " فإنك تكون أحد رجلين .. أما رجلاً لا يعني ما يقول ، حين تتحدث عن التخطيط الاقتصادي ، أو رجلاً لا يفهم ما يقول .. أقرأ ان شئت المادة نمرة 14 " تسعى الدولة جاهدة لبث الوعي الديني بين المواطنين وتعمل على تطهير المجتمع من الإلحاد ومن كافة صور الفساد والانحلال الأخلاقي " تجد انشاء جميلاً يروقك ، وقد يكسبك بسرعة الى جانب مشروع الدستور .. ولكن قف ، واسأل ، كيف يتم للدولة " تطهير المجتمع من الإلحاد ومن كافة صور الفساد " ألسنا نعرف جميعاً أن اجهزة الدولة كلها فاسدة ؟ ألسنا نشكو من هذا الفساد في الوزراء ؟ وفي الخدمة المدنية ؟ وفي النظام الحزبي ؟ أم هل ننتظر ان نجني من الشوك العنب ؟؟ ) ( محمود محمد طه : الدستور الإسلامي ؟ نعم .. ولا !! 1968 م ص 47-49 ) .

    لقد جاءت مايو، بمثابة انقلاذ للبلاد، من مؤامرة الدستور الاسلامي المزيف ، واوقفت نزيف الدم في الجنوب ، بعقدها لاتفاقية أديس ابابا ، وطرحت برنامج الاصلاح الزراعي، واقامت مشاريع التنمية ، ففرح بها الشعب، وغنى لها شعراؤه وفنانوه .. وبفضل التفاف الشعب حولها، نجحت مايو في صد التآمر ضدها، فهزمت الطائفية والشيوعيين ، وقهرت تجمع الشيوعيين والإتجاه الإسلامي، في الفترة بين 1970-1973م . وحين تآمرت الطائفية وغزت البلاد من الخارج ، دحرتها مايو في عام 1976م .. ولكن الجماعات الإسلامية، والاحزاب الطائفية، دارت حول مايو، وضللتها، وساقتها للمصالحة عام 1977م .. وبموجب تلك المصالحة ، دخلوا في الحكومة، واخذوا يستغلون امكاناتها، لخدمة اجندتهم، ثم عاودوا من داخل اجهزة الحكومة، طرح برنامجهم القديم للدستور الإسلامي، وحاولوا تنفيذه من خلال حكومة مايو .. فبوحي منهم، وتضليل، أعلن نميري قوانين سبتمبر، وسماها القوانين الأسلامية . وحتى ينسجم مع التوجه الجديد، الذي يخدم مصالح القوى المتخلفة، تراجع عن اتفاقية السلام ، وقطع أيادي الفقراء، وهو يعلن المجاعة في عام 1984م ، واقام محاكم العدالة الناجزة ، وزودها بغير المؤهلين من اعضاء الجماعة الاسلامية .. فلم ينل الشعب على أيديهم الا السيف والسوط ، فشعر الناس بالهوان، وتجرعوا الذل ، وعانوا من الفقر والفاقة .. وفشلت مشاريع التنمية، تحت ضربات الفساد، ولم يبق من مايو التي إلتف الشعب حولها من قبل، الا اسمها .. واشتعلت الحرب في الجنوب من جديد ، ونشأت حركة جديدة أكثر وعياً بالصراع ، ومتطلبات النجاح فيه، من الانانيا، سمت نفسها الجيش الشعبي لتحرير السودان.. وبرز في قيادتها رجل عرف الشمال كما عرف الجنوب، وفهم التيارات السياسية ومواقعها المختلفة في خريطة الوطن، فطلب القيادة بحقها من الوعي، والتجرد، والتضحية فاجمع عليه الثوار في الجنوب، واحترمه الاحرار في الشمال ، ذلك هو الدكتور جون قرنق دمبيور .
    ومنذ انضمامه للحركة ، بدأ د. جون يضع الاسس النظرية لها، والتي اعتمدت على قراءة صحيحة للسودان القديم ، مكنته من طرح بديل دقيق للسودان الجديد . ومع تصاعد حركة الهوس الديني، بقيادة نميري وحلفاؤه من الجماعات الإسلامية في الشمال، تصاعدت مقاومة الحركة الشعبية في الجنوب، وامتدت الى مناطق أخرى للمهمشين .. وكانت الساحة في الشمال خالية، الا من مواجهة الجمهوريين، الذين أصدروا منشوراً ، رسموا فيه الخطوة الأولى نحو السودان الجديد .

    د. عمر القراي
    أجراس الحرية
                  

05-15-2008, 08:38 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    السودان القديم والسودان الجديد !! (3-4)

    إن تصور د. جون قرنق للسودان الجديد، انما هو تصور لوحدة السودان . ولكن الوحدة التي ينشدها تختلف من الوحدة التي يقوم عليها السودان القديم، تلك الوحدة التي كانت تقوم على سيطرة القبائل التي تنسب نفسها الى الجذور العربية، وتركيز الثروة والسلطة في يدها، وتهميش كل القبائل الاخرى، ذات الاصول الافريقية، وفرض الوحدة من منطق القوة المركزية التي لاتحفل بالاقاليم البعيدة .. ان الوحدة التي تقوم على عدالة توزيع السلطة والثروة ، والمشاركة المتكافئة ، والاعتراف الكامل بحق المواطنين في بلدهم، لا يمكن ان تفرض بالقوة، وانما هي منسجمة تماماً، مع ما انتهت اليه الحركة الشعبية ، من اعطاء المواطنين الجنوبيين حق تقرير المصير ..

    لقد نظر د. جون الى تاريخ السودان الضارب في القدم ، فوجد انه عبر كل الأزمنة، كان يقطنه اناس تجمع بينهم سبل الحياة، ويختلفون في ثقافتهم، ومعتقداتهم، وتراثهم.. ثم نظر الى حاضر السودان، فوجد ان القبائل التي تقطنه في الشمال، والشرق، والغرب، والجنوب، تختلف كما كان يختلف اسلافهم، وان جمعت بينهم نفس الارض.. هذا التنوع الراسخ القدم ،الباقي حتى اليوم، هو الذي مد د. جون بفكرة السودان الجديد، الذي يتحول فيه التنوع الى مصدر اثراء، يغني الوحدة ويغذيها .. لقد طرح د. جون مفهوم حكومة الوحدة الوطنية، قبل اتفاقية السلام الشامل بعدة سنوات، فقال ما يمكن ترجمته كالاتي ( نحن أيضاً نطرح مقترح ثالث لا يتحدث عنه الناس كثيراً . نحن نقول : دعونا نكون حكومة وحدة وطنية يكون فيها الجبهة القومية الاسلامية ، ونحن، وبقية اعضاء التجمع الوطني الديمقراطي ممثلين . عندما افكر في هذه الكلمات حكومة الوحدة الوطنية ، هذه كلمات جيّدة . انها جذابة بشكل عاطفي ولكن عن اي وحدة نتحدث ؟ هل نعني نفس الاتجاه الذي كان متبع منذ عام 1956 م أم هل نفترض ان اننا نسير في اتجاه آخر؟ مرة أخرى مع التجمع الوطني الديمقراطي الذي يقول لا لأي مفاوضات مع حكومة الجبهة القومية الاسلامية وكون الحركة الشعبية لتحرير السودان عضو في التجمع وهي تقترح حكومة وحدة وطنية قد يظن الناس انه هذا تناقض . ولكن حكومة الوحدة الوطنية في اذهاننا نحن الذين اقترحناها في نيروبي تفترض عدة اشياء : 1- الدين والدولة منفصلان عن بعضهما البعض لانك لا يمكن ان تتحدث عن حكومة وحدة وطنية عندما يكون الدين والدولة غير منفصلين وهذا مطلب اولي للحركة الشعبية لتحرير السودان. 2- رفع الحظر عن الاحزاب السياسية أي اعادة نظام حزبي تعددي . هذا يتطلب من الجبهة القومية الاسلامية اذا وافقت على حكومة الوحدة الوطنية ان تقوم بالغاء كل القوانين الدينية التي سنها نميري والتي سنتها الجبهة الاسلامية القومية والا لن تكون هنالك حكومة وحدة وطنية ) (رؤية السودان الجديد : اشكالية الوحدة والهوية : خطاب د. جون في القاهرة 1998م . تحرير د. الواثق كمير ص 81-82 ). لقد كان د. جون واعياً بان أهم دعائم السودان القديم القوانين الاسلامية المزعومة .. وكان يعلم انها هي العائق الاساسي امام الوحدة الرشيدة، وهي من ثم ، المانع لقيام حكومة الوحدة الوطنية، التي يمثل فيها كل الشعب ، بمختلف فئآته، وكياناته، وثقافاته، ولهذا لم يتوانى في مقاومتها بكل سبيل.

    وحين اعترض د. جون على القوانين الاسلامية، باعتبار انها فرض قناعات مجموعة واحدة على عدة مجموعات اخرى تختلف معها في المعتقد، اعترض عليها الاستاذ محمود محمد طه باعتبار انها لا تمثل أصل الدين الاسلامي، وان مثلت فروعه التي ناسبت المجتمع البشري في القرن السابع الميلادي.. ذلك ان اصل الدين الاسلامي، انما يقوم على حرية الاعتقاد، والمساواة التامة بين اصحاب المعتقدات المختلفة. وحين وقف الاستاذ محمود محمد طه ، أمام محاكم البغي والعدوان ، التي ابتدعها المخلوع نميري ، متهماً باثارة الكراهية ضد الدولة ، كان يعلم انه يمثل صوت الشعب السوداني ، بعد ان استطاعت الحكومة بالترغيب والترهيب ، ان تقهرالمعارضة في الشمال ، وتحتوي اطرافها ، وترفع شعارات الاسلام ، لتخضع بها الشعب ، وتجمع حولها المهووسين تمهيداً للقضاء على المقاومة في الجنوب . فاعترض الاستاذ على قوانين سبتمبر، وطالب بالغائها، تمهيداً للحل السلمي لمشكلة الجنوب، فاعاد بذلك الى الأذهان ، موقفه التاريخي ، حين وقف بنفس القوة ، في وجه الاستعمار الانجليزي ، قبل اربعين سنة ، متهماً بنفس التهم، وكان قد اعترض على سياسة الانجليز وقصور المثقفين الوطنيين عن مواجهة قضية الجنوب!!
    ولقد كانت قضية الجنوب ، هي العامل الثابت ، في كلا الموقفين ، العظيمين . فقد لخص منشور " هذا أو الطوفان " الذي جرت بسببه المحاكمة في الثمانينات ، التي اعدم على اثرها ، موقف المناهضة لحكومة نميري، في :
    1- إلغاء قوانين سبتمبر ، لتشويهها للاسلام ، واذلالها للشعب ، وتهديدها للوحدة الوطنية .
    2- حقن الدماء في الجنوب ، واللجوء الى الحل السياسي السلمي .
    3- إتاحة فرص التوعية والتربية للشعب .
    كما حوت مقاومة الاستعمار في الاربعينات ، التركيز على مشكلة الجنوب أيضاً . ففي 11/2/1946 م صدر منشور عن الحزب الجمهوري ، جاء فيه (ما سكوتكم عن الجنوب ايها السودانيون- ما سكوتكم!؟ تعالوا فاتركوا هذا العبث السخيف – هذه المذكرات والوثائق – هذا التحالف والاتحاد – وواجهوا الحقائق المرة، فالجنوب مشكلتنا الأولى، والسكوت عنه مزر بكرامة السودانيين أبلغ زراية .. وإن سكوتكم عن الجنوب أيها السودانيون، لييئس منكم الولي، ويطمع فيكم العدو.. الجنوب ارضكم .. والجنوبيون أهلكم .. فإن كنتم عن أرضكم واهلكم لا تدافعون فعمن تدافعون؟... ولتخسأ تلك السياسة التي تركت اخواننا الجنوبيين يعيشون في القرن العشرين حفاة عراة مراضا جياعا بمعزل عنا....أيها السودانيون ان الإنجليز ليرمون الى جعل الجنوب مهجرا بريطانيا، ومزارع بريطانية على غرار كينيا ويوغندا، ولكن الحزب الجمهوري، الذي يسعى الى تحقيق وحدة السودان، أولا وقبل كل شئ ، يقف اليوم امام صخرة الجنوب ، وقد عقد النية على ازالتها عن طريق الوحدة ، بالغ ما بلغ امرها، ونحن اذ ننوء بأعباء هذا الطريق الوعر، ليس لنا من عتاد غير الشعب السوداني، اليه نتجه، وبه نهيب، وله ندعو بالهداية الى صوت الحق ، من بين هذا النعيق، الذي يزحم الأفق)( منشورات الحزب الجمهوري : الجنوب 2 )

    وفي مقال له عن مشكلة الجنوب في الخمسينات يقول الاستاذ محمود (فعلى الذين فدوا رحمة الله، وعلى الذين فدوا الا يجعلوا دماء موتاهم تهراق في غير طائل، هذا هو الواجب .. علينا جميعا من شماليين وجنوبيين، الا نجعل دماء موتانا في قضية الجنوب تهراق في غير طائل، وذلك بالحرص والعمل الجاد، في سبيل حل المشكلة، وفي سبيل خدمة مواطنينا في كلا الأقليمين.. ونحن حتى الآن، لم نقم بهذا الواجب..نحن، حتى الآن مشغولون بالعداوة لبعضنا البعض، بأكثر من شغلنا بالعمل على تنمية اقليمينا، وعلى توعية مواطنينا...) ( منشورات الحزب الجمهوري : الجنوب 3)

    وكان من الممكن ان ان تكون انتفاضة مارس /أبريل ، بداية عهد جديد ، يضع فيه السودان قدمه ، على الطريق الصاعد ، لو لا ان القوى الحزبية التقليدية ، أفرغت الانتفاضة من محتواها ، وزيفت مبادئها ، وسرقت زخمها ، كما فعلت من قبل بثورة اكتوبر المجيدة . وبلغ من فشل الاحزاب ، الكبيرة ، بعد الانتفاضة ، انها عجزت حتى عن الائتلاف ، وانشغلت بالصراعات حول المكاسب المالية ، عن قضايا الوطن ، في الشمال والجنوب . واستمرت الحكومة المنتخبة بقيادة السيد الصادق المهدي ، دون ان تلغي قوانين سبتمبر، أو توقف الحرب في الجنوب !! وحين لاحت بادرة السلام ، في اتفاق الميرغني – قرنق 1988م رفضتها الحكومة ، التي كانت وحليفتها الجبهة الاسلامية ، تعدان للسودان ، القوانين الاسلامية الجديدة !!
    في تلك الظروف ، لم تكتف الجبهة الاسلامية، بالتحالف مع الحكومة ، فقررت ان تنفرد بالسلطة ، فكان انقلاب يونيو 1989م . ولقد كان الجبهة الاسلامية ، منذ ان كان اسمها جبهة الميثاق الاسلامي ، تدعي ان تطبيق القوانين الاسلامية، سيحقق للشعب الأمن، والخير والسلام . وحين فشلت وسقطت حكومة نميري ، زعم الترابي وقد كان مستشاره ، انه لم يكن يشاوره ، واعتبر ابعاده ، السبب الاساسي في فشل المشروع الاسلامي !! ولكن هذه المرة ، لم تجد تلك الحيلة ، لأن الجبهة الاسلامية انفردت وحدها بالحكم ، ورفعت مرة اخرى الشعارات الاسلامية ، وزعمت انها ستحقق المشروع الحضاري ، وسمت نفسها حكومة الانقاذ الوطني !! ولم يجد الشعب ، على يديها ، الا القهر، والبطش ، والفقر، والجوع ..
    ولقد صعدت حكومة الجبهة ، الحرب في الجنوب ، واجبرت الشباب في الشمال ، بالقوة ،على التجنيد تحت مظلة الدفاع الشعبي ، ورفعت شعار الجهاد ضد المواطنين السودانيين في الجنوب ، وفي جبال النوبة ، فاحرقت القرى ، وقتلت عشرات الآلاف ، ونزح اضعافهم من اوطانهم . وبدلاً من ان يوحد المشروع الحضاري السودانيين ، أدى الى انقسام الجبهة نفسها ، بين الشعبي والوطني !! ولم يكن الشعبي حريصاً على الشعب، ولا الوطني مشغولاً بالوطن ، وانما من جراء صراعهما ، من اجل مصالحهما ، أشعلا الحرب في دارفور بين ابناء الاقليم الواحد .. ورغم تضحية كثير من السودانيين ، في الشمال ، في مقاومة نظام الجبهة ، الا ان العبء الاكبر، والأقدر ، تولته الحركة الشعبية لتحرير السودان ، بقيادة د. جون قرنق ، التي بذلت ما بذلت ، لتسمع صوت المقهوريين من أبناء السودان للعالم ، ولتسوق الحكومة الى مفاوضات السلام ..
    فلئن قدر الله لهذا الشعب ، بعد كل هذه الحروب ، ان توقع إتفاقية السلام ، رغم تردد الحكومة فيها ، وخشيتها من نتائجها ، ومحاولاتها للتنصل عنها .. فقد قدر للاستقلال من قبل ، ان يعلن عام 1956م من داخل البرلمان ، رغم ان الحزبين اللذين كانا يشكلان الحكومة والمعارضة ، كان يدعو احدهما لوحدة وادي النيل ، تحت التاج المصري ، والآخر للانتداب تحت التاج البريطاني !! ولم يكن الاستقلال، الا مطلب الشعب، الذي جرت به يد القدرة الالهية ..
    ولقد بدت الحكومة، بعد الاتفاقية واصرار الحركة الشعبية على تطبيقها، اكثر دبلوماسية ، واوعى بالواقع السياسي الدولي، الذي فرض دخول القوات الدولية في دارفور .. ولكن مازال تطبيق الدستور، وتطبيق الاتفاقية لم يتم، بما يحقق التحول الديمقراطي المنشود. بل ان حزب الحكومة يسعى الى ان يضم تحت جناحيه الحزبين الكبيرين، فتتجمع نفس الكتلة القديمة التي طرحت الدستور الاسلامي المزيف ، وحلت الحزب الشيوعي وطردت نوابه المنتخبين. ان هذا الاتجاه الخطير الذي يهدد وحدة البلاد بما ينفر منها ويهدد تطورها بسيادة الفكر المتخلف الذي يمنع التحول الديمقراطي وتحقق السودان الجديد ، لا بد من مواجهته وتعريته في هذه الظروف . ولكن ذلك يحتاج الى تضافر جهود تيار عريض يستشعر هذه المسئولية الوطنية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا السياسي . ولا يستبعد ان ينضم الاحرار في الحزبين الكبيرين الى هذا التيار الوطني خلافاً لقياتهما التقليدية . إن العالم ينظر الى الشعب السوداني ، اليوم ، وسيحكم عليه غداً.. وسنعتبر جميعاً كباراً لو استطعنا ان نحافظ على وحدة السودان ، وننقله من حالة القهر، والضعف ، والتمزق ، والاحتراب ، الى حالة الاستقرار، والحرية ، والتقدم .. أو نعتبر جميعاً صغاراً ، لو فرطنا في وحدة السودان ، وضيعنا السلام ، بسبب اطماع الافراد ، وتخلف الجماعات المتحجرة ، وطمع القاصرين، الجهاة في الاستحواذ على السلطة !!
    د.عمر القراي

    صحيفة أجراس الحرية
                  

05-15-2008, 05:56 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    السودان القديم والسودان الجديد !!(4-4)
    في الحلقات السابقة من هذا المقال ، تعرضنا لتصور الاستاذ محمود للسودان القديم ، وكيفية تجاوزه لتحقيق السودان الجديد ، وتصور د. جون قرنق للسودان القديم ، وطرحه لمشروع السودان الجديد. ثم ما اتفق عليه المفكران، من ان أهم مشاكلنا السياسية ، التي كرست السودان القديم هي دعاوى تطبيق الشريعة .. واهم ما يميز السودان الجديد ، فكرة الوحدة القائمة على تحقيق السلام والمساواة التامة على اساس المواطنة بين جميع السودانيين .. من أجل كل ذلك ، فاني ادعو الى قيام جبهة شعبية عريضة ، من اجل الحفاظ على السلام ، وترسيخ الديمقراطية ، واشاعة مبادئ حقوق الانسان . هذا اقل واجب ، تجاه وطننا ، وتجاه اخواننا في الجنوب ، يعينهم على اتخاذ قرار الوحدة في اطار السودان الجديد ، الذي يمكن بالمحافظة على المبادئ ، ان يضع قدمه على الطريق الصاعد ، الى مشارف الحرية ، والتنمية ، والرخاء.
    هذه الجبهة العريضة ، تجمع كل مهتم بقضايا الوطن ، بغض النظر عن انتمائه ، ما دام يشجب الحرب ، و يتفق على وحدة السودان ، وسلامته ، ويؤمن بالديمقراطية ، والمبادئ الدولية لحقوق الانسان ، ويقر بالمساواة التامة بين جميع ابناء وبنات الشعب السوداني .. ثم هي ليست حزباً سياسياً جديداً ، أو تجمعاً لاحزاب سياسية قديمة ، أو قوى سياسية حديثة ، هدفها الوصول للسلطة . وانما هي جبهة شعبية ، ليس لها صفة حكومية ،لا تهدف الا الى بناء الوطن. وليس مطلوباً ، ولا متوقعاً ، من هذه الجبهةً ، ان تحل كل مشاكل السودان .. ولكن مطلوب منها ، أن توعي الشعب ، بهذه المشاكل ، وتسمع منه رأيه في حلها ، وتوصل صوته لمن هم في موقع أتخاذ القرار، وتربط بين السودان وبين المؤسسات الدولية ، وتكون العين الساهرة ،على أمن المواطنين وحريتهم . ثم هي فوق ذلك ، تجمع المعلومات ، وتعد الدراسات ، التي تشخص المشاكل ، وتحدد ابعادها، وتقترح الحلول ، وتنشروسط الشعب المعلومات ، بصورة تجعل كل مواطن ، يعرف تماماً ، ما يجري في بلده ، ويسهم بما يستطيع ، في دفعها الى الأمام .
    وحتى تستطيع هذه الجبهة العريضة ، ان تؤدي دورها ، فاني اقترح ان تتكون في داخلها ، لجان متخصصة . منها على سبيل المثال لا الحصر :
    1- لجنة قانونية : يكون من مهامها :
    أ- متابعة تنفيذ اتفاقية السلام ، في كافة تفاصيلها ، والتوعية بشأنها في الشمال والجنوب ، من خلال اجهزة الاعلام المحلية ، والعالمية ، وتصعيد الاتصال بكافة المؤسسات الدولية ، بشأن أي خرق ، أو تباطؤ ، او تلكؤ في تنفيذ بنودها .
    ب- مراجعة القوانين السودانية ، لتتناسب مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، ومبادئ الديمقراطية ، وتصعيد الاعلام في الداخل والخارج ، ليتجاوب مع أي خرق ، اومخالفة في هذا الصدد .
    ج- فتح مكتب تابع لهذه الجبهة ، يستقبل شكاوى المواطنين ، بشأن المظالم ، التي لم يفصل فيها القضاء ، لانها لم تصل اليه ، أوفصل فيها بالانحياز للسلطة ففرط في حقوق الناس . ويمكن استلام الشكاوى كتابة ، والاستعانة بمحامين للنظر فيها ، واعادة صياغتها.. كما يمكن اعطاء فرصة للمواطنين المتضررين ، ان يتحدثوا عنها في وسائل الاعلام ، في برامج تخصص لهذا الغرض .
    2- لجنة المنابر الحرة : يكون من مهامها :
    أ- إنشاء وتنظيم منابر للحوار الحر ، في مختلف قضايا الوطن ، وذلك في دور التعليم من المرحلة الثانوية ، وفي الجامعات والمعاهد العليا . كما تقوم المنابر ايضاُ في دور المعلمين ، وفي الاندية الرياضية ، وغيرها من اماكن تجمع المواطنين .
    ب- انشاء منبر ثابت ، في الاذاعة وفي التلفزيون ، ينظم الحوار بين كافة الاطراف ، سواء كانوا افراد او مجموعات أو احزاب .
    ج- انشاء منابر للحوار في الاحياء تنظمها الادارة المحلية للمنطقة تناقش فيها بالاضافة الى المسائل العامة مشاكل كل منطقة .
    3- لجنة التعليم والإعلام : ويكون من مهامها :
    أ- إلغاء الضوء على مشاكل التعليم ، من معلم ، ومدرسة ، وكتاب ، ووسيلة تعليم ، ومنهج .. واقتراح مناهج جديدة ، تناسب المرحلة الجديدة، وتتسق مع مبادئ السلام ، وتشجع الاخاء ، وتثمن والديمقراطية ، وتربط في التعليم في الشمال والجنوب.. وتستلهم من تراث السودانيين ، في كافة انحاء السودان ، مادة التعليم والتربية بالنموذج المجسد . كما تصر على الاستفادة من الخبرة التكنولوجية ، في مجال التعليم، على قدر طاقة البلاد الاقتصادية .
    ب- إقتراح ان يكون التباين الثقافي ، في وضع المناهج التعليمية ، الاستراتيجية الجوهرية ، التي تستهدف التقارب بين ابناء الوطن ، ومراعاة ذلك في كافة مراحل التعليم ، منذ التعليم الابتدائي ، وحتى التعليم الجامعي ، خاصة الاختلافات اللغوية .
    ج- اعادة النظر في قصور وسائل الاعلام الحالية الموجهة ، عن القيام بالدور الاعلامي ، الثقافي ، المطلوب . ووضع مقترحات محددة ، ببرامج تتصدى للمفاهيم الخاطئة ، وتعطي فرص للتنوع الثقافي . واعادة تاهيل معاهد الفنون والموسيقى والمسرح المختلفة ، التي بتطويرها تتطور وظيفة ومهمة الاعلام.
    د- أعادة النظر في الجامعات والمعاهد العليا، كمعاهد تعليم ، ومؤسسات بحثية. وبحث الوسائل الممكنة لخلق علاقات وطيدة بينها وبين مؤسسات عالمية .. وأحياء المكتبات العامة ، في كل انحاء البلاد ، وتكوينها- ولو بالعون الذاتي والتبرعات- وتوفير كافة انواع الكتب المفيدة للجمهور ، والعناية الخاصة بالاطفال ، ورعايتهم ، وتعليمهم في مراحل قبل الدراسية ، بالوسائل المتطورة التي توسع الخيال .
    4- لجنة اقتصادية : ويكون من مهامها :
    أ- تجميع مساهمات متفاوتة من الاعضاء يتكون منها الصندوق الاساسي ثم تنظيم مقترحات مشروعات تقدم لجهات تمويل من المنظمات غير الحكومية .
    ب- الحصول على المعلومات ، الخاصة بكافة اوجه النشاط الاقتصادي ، خاصة النفط ، وتبسيطها ، وتسليمها للشعب، حتى يعرف الجميع ، كيف تسهم هذه العائدات في بناء الوطن .
    ج- تقديم مقترحات بدراسة مشروعات التنمية المتعثرة ، وتحديد اسباب الفشل وفرص الاصلاح ، ودراسة امكانية دور جديد للبنوك في التنمية .
    د- الاتصال بجهات اجنبية عربية ، و أفريقية ، وعالمية ، حريصة على التنمية في السودان ، والتباحث معها حول مشاريع بنية تحتية ، اساسية كالسكة حديد ، والكبارى ، والطرق السريعة ، وآليات توفير المياه والكهرباء ، ووسائل الاتصال .
    ه- دراسة قوانين الاستثمار، وتقديم مقترحات بتطويرها ، والاطلاع على الاتفاقيات مع الدولة الأخرى ، ومراقبة اي تفريط في مصلحة الوطن الاقتصادية .. ورفع الشكاوي عند وجود ادلة على الفساد ، او استغلال النفوذ ، او الثراء الحرام ، على حساب مصلحة الشعب . مع انشاء وحدات صغيرة ، لمراجعة مسائل اقتصادية عديدة ، مثل الاسعار، وسوق العمل وانشاء الجمعيات التعاونية ، وسوق الاسهم والسندات والنقد الاجنبي ..الخ ألخ
    و- لجنة تنسيق : ويكون من مهامها :
    أ- التنسيق بين عمل كافة اللجان ، وتوفير المعلومات عن العمل المشترك لكل لجنة ، وحفظ ملفات الكترونية ، باجندة وتفاصيل الاجتماعات ، ونتائجها . والسعي لتوفير منابر نشر الكترونية بغرض التواصل بين اعضاء اللجان في جميع انحاء العالم.
    ب- الاتصال بين اللجان وبين الحكومة المركزية ، وتحضير الاجتماعات مع المسؤولين ، في مختلف اماكن السودان بالاضافة الى مقابلتهم في الخارج .
    إن هذه الجبهة العريضة المقترحة ، ليست بديلاً عن الحكومة الانتقالية ، ولاهي ممثل للحكومة ، المنتخبة ، في المستقبل ، وانما يرجى ان تكون صوت الشعب ، الذي يدعم الحكومة ، اذا كانت في جانب الشعب ،ويراقبها ، وينقدها ، ويعارضها ، ويصحح مسارها ، اذا كانت غير ذلك .. فان الشعب السوداني ( لا تنقصه الاصالة وانما تنقصه المعلومات الوافيه وقد تضافرت كل العوامل لتحجبها عنه ) كما قال الاستاذ محمود في منتصف الستينات .
    وقد كان السبب في تكرار اخطاء الحكومات المتعاقبة ، انعزال غالبية الشعب ، عملياً ، عن قضاياه ، وترك امره في يد قلة من السياسيين ، توجهه لمصلحتها ، وضد مصلحتة .. وهكذا عبر حياتنا السياسية ، ابعدت منظمات المجتمع المدني ، وعزلت عن أي دور فعال في واقع الحياة ، وحصرت مهمتها ، في العمل التطوعي ، الخيري ، المحدود وحتى في هذا المجال الضيق ، وجدت تعويق من الحكومات ، ومن الاحزاب ، ومحاولات عديدة ، لاستغلال مواردها ، لصالح بعض الاحزاب، او الحكام !!
    إن التحدي الذي يجب ان ننهض له ، هو اشراك الشعب ، في توجيه مسار حياته نحو الافضل .. فلقد اشتهر الشعب السوداني ، بين شعوب المنطقة ، بانه شعب واعي سياسياً ، ولكن ظل هذا الوعي نظرياً ، عاطفياً ، استطاع ان يصنع ثورة اكتوبر، وانتفاضة مارس أبريل ، ولكنه لم يستطع أن يمنع سرقة تلك الثورات !! وذلك لأن وعيه السياسي ، لم يتسامى عن الرغبة العارمة في التغيير، الى المعرفة العملية بطرائق التغيير، التي تجعله يشارك بفاعليه في توجيه الواقع السياسي ، لمصلحته .. وهذا ما نسعى اليه ، منذ اليوم ، من اجل هذا الوطن العظيم ، الذي قدم المعلم العظيم ، نفسه فداء له .
    د.عمر القراي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 9 „‰ 10:   <<  1 2 3 4 5 6 7 8 9 10  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de