الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 01:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-14-2008, 03:28 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    النشوف اخرتا
    محمود ومصطفى

    سعد الدين ابراهيم
    كُتب في: 2006-01-23



    * يتزامن تاريخ جيل المفكر محمود محمد طه مع ذكرى رحيل الفنان مصطفى سيد احمد.
    ـ اعتقد ان ثمة ملامح مشتركة بين الراحلين الاعزاء.
    * فمحمود صاحب فكرة عميقة دافع عنها حتى الاستشهاد النبيل.. ولم يترك من يخلفه في الساحة بقدر قامته الباذخة.. ومصطفى صاحب فكرة تجديدية ثورية في الغناء مضى بدون خليفة يرث مكوناته التي هي ليست صوته فقط فصوت مصطفى ليس متفردا تجد عشرات يقلدونه لكن مصطفى كل متكامل صوت وذائقة ووجدان واختيار.
    ـ محمود صارع الجلاد ولم يتنازل عن موقفه كان الوحيد الذي صدع بكلمة الحق السلطان الجائر.. فكان ابتلاء محمود بحاكم طائش وزمرة فقهاء يزينون له القتل في التخلص من خصومه.. فمضى مثل الحلاج وبقيت كلماته تمشى في الشوارع وموقفه النبيل يسعى في الطرقات يذكر الناس بأنه ما زال بينهم من يموت ليزود عن فكرته.
    ـ مصطفى صارع المرض اللعين.. ودفع ثمن مواقفه النبيلة هي الاخرى فكان ابتلاء مصطفى بداء عضال وزمرة ادعياء يحاكمون المواقف في الاشخاص فتركوا مصطفى بلا وجيع يواجه قدره وحده حتى يموت فيصبح فكرة تستعصي على النسيان.

    ـ محمود اسس لمدرسة فكرية متينة البنيان متشعبة التفاصيل ومصطفى اسس لمدرسة غنائية اصيلة.. تنتخب الانساني والثوري ولا يأبه بفنون الاستعارة والكناية فقدم الاغنية الموقف.

    ـ محمود خلخل الفكر التقليدي وانبرى يرتاد الاراضي البكر ولم يخش حراس بوابات الفكر الاسلامي تحداهم وفند دعاويهم.. فاصبحت ذكراه نسائم تهب على الوطن وعلى الفكر فتنعشه بالجميل والرائع.

    ـ خلخل مصطفى سيد احمد بنية الاغنية التقليدية وغنى الكلام العفوي المباشر وادهش حراس بوابات الغناء السوداني فكتب اسمه ضمن عباقرة الغناء.. فمن يستطيع ان يؤرخ للاغنية السودانية فيذكر الكاشف والعميد وابو داؤد ووردي وكابلي وعثمان حسين وابو الامين فهل يجرؤ على ان لا يذكر ضمنهم مصطفى سيداحمد لا يستطيع!!

    ـ صقل محمود تجربته بالاطلاع والهجرة والتأمل.. انقطع تارة وعاش الحياة تارات ودرس واطلع وعايش.. فكان نتاج تجربة فكرية حقيقية.

    ـ صقل مصطفى تجربته بالدراسة في معهد الموسيقى لكنه ايضا لم ينكفيء على النظريات واعتمد على وجدانه الشفيف ووقف على اكتاف من سبقوه فاضاف في بعض سنوات ما اضافه غيره عبر عشرات السنوات.

    ـ مصطفى ومحمود ذكرى موت نبيل.. وحضور شفيف بالروح بعد ان راح الجسد.!

    ـ مصطفى ومحمود نموذجان للفكر والفن اضاءا سماء بلادنا وتوهجا كالشهاب وما زال ضؤهما يملأ المكان.. فشمس محمود وقمر مصطفى يشعان في الذاكرة ويخلدان.. عليهما رحمة الله



    http://alsahafa.info/index.php?type=6&col_id=25&issue_id=841&bk=1
    _________________
                  

04-14-2008, 03:28 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    النشوف اخرتا
    وخلق الله الجزيرة مباشر

    سعد الدين ابراهيم
    كُتب في: 2005-09-18



    * وخلق الله قناة الجزيرة مباشر.. لتوفر علينا الذهاب الى الندوات السياسية في الخرطوم فما أن تفتحها حتى تجد وقائع ندوة سياسية سودانية وتشاهد الوجوه السودانية السياسية الحلوه وغير الحلوة.
    * وينسى بعضنا ان السودان في الجزيرة على الهواء مباشرة فيمارسون مجانية شوهاء وسريعاً ما تدب الفوضى الى جسد الندوة ويختل الترتيب فنصدر الفوضى السودانية الى العالم.. أو نعرض عليهم كيمياء سنة اولى ديمقراطية.
    * في ندوة دكتور الشعراني تحدثت الزعيمة فاطمة احمد ابراهيم بعذوبة وبموضوعة وبمنطق هادئ وجاء غازي سليمان وتحدث بحماس وجرأة وعلى كيفه.. ولم تفارق سيجارته اصابعه حتى لو لم يجذب منها انفاساً.. وهمس بوضوح واصفاً التهريج والمقاطعة بقسوة.
    * بعد ذلك انفلت العقد وتحدث الشباب عن حرية (ستات العرقي) وبدأت الاتهامات.. ووجه احدهم انتقاداً الى غازي بغيابه حين حُرقت ودمرت جامعة ام درمان الاهلية- فما كان منه إلا أن يجيب اين كنتم انتم حين ا قتحمت عصابة مباني الجامعة.
    * وحقيقة استوقفني سؤال غازي حين تذكرت شجاعة طالبات الاحفاد حين قمن بحماية مدير جامعتهن حتى لا يتم اعتقاله بمهانة بحجة الضرائب.. نبهني فقط الى هذا واعاد المفهوم الشعبي البسيط الى النقاد والمتمثل في مقولة (البكا بحرروه ناسوا).
    * تلك الندوة اضطرت الجزيرة الى قطعها حيث ساد الهرج والمرج.. وقد اسفت على هذا المآل.
    * لكن آخر ندوة شاهدتها قدمتها الجزيرة مباشر شاهدت واستمعت الى كثير من مساهمة الاخ بشير آدم رحمة الذي طرق كثيراً من المسكوت عنه.
    * قال الاخ بشير الى ان الناس يذهبون الى انه في حالة الصراع بين الحكومة والمعارضة غالباً ما تفضي الى انتخاب افراد في الحكومة لقوتها في الانتخابات لكنه راهن على العكس وان الناس في حالة السودان الراهنة لن يصوتوا للحكومة لعدة اسباب ذكرها.
    * بيد ان الاخ بشير طرق أمر اسرائيل التي ستظل تلعب بورقة دارفور حتى يقوم السودان بتطبيع علاقاته مع اسرائيل فهل تقوى الحكومة على التطبيع ولكنه لم يثر السؤال حين تكسب المعارضة هل تقوى على التطبيع مع اسرائيل؟
    * وقد يتبادر الى الذهن ان الاخ بشير يغرِّد بعيداً عن الاسراب.. مثلما ذهب البعض الى خيالية الحاج وراق حين تساءل عن دور (الموساد) في اغتيال جون قرنق.
    * لكن في اعتقادي المتواضع ان الاخ بشير طرح تساؤلاً مهماً.. فالتطبيع مع اسرائيل هو الموضة وهو معركة اسرائيل الكبرى فبعد موريتانيا والدول العربية التي طبعت او سارت على درب التطبيع.. فان تركيا برمزها الاسلامي التاريخي طبعت وباكستان تمضي قدماً نحو التطبيع.. وقد جاء دور السودان.
    * والافارقة في الغالب لا يجدون تناقضاً بينهم وبين التطبيع مع اسرائيل ولما كنا دولة (افروعربية) فإن مناخ التطبيع ينسجم مع الافريقية فينا.. واذكر ان كاتباً شاباً جنوبياً قد قال في ندوة شهيرة.. لماذا يحمل جواز سفري انا الجنوبي عبارة صالح لجميع الدول عدا اسرائيل.. وقال انه لا مشكلة بينه وبين اسرائيل وطالب بشطب العبارة من جوازه.
    * وبغض النظر عن حديثه في الامر من عدمها فان ثمة فكرة قد بدأت تنمو في الاذهان.. وبعض الذين يتخوفون من انفصال الجنوب من العروبيين والمؤمنين بالقضية الفلسطينية يذهبون الى ان اسرائيل ستطبع مع الجنوب في حالة انفصاله.
    * واعتقد ان فلسطين ذاتا في طريقها الى التطبيع لولا وقفة (حماس) الجسورة ضد هذا الامر.. بل رئيس فلسطين الجديد هو أول المطبعين.
    * عموماً طرح هذه القضية من قبل الاخ بشير آدم رحمة.. ربما لم يجئ في وقته تماماً لكنها قضية تستحق النقاش.. ولكننا كعادتنا لا نناقش الامر إلا حين يقع الفاس في الراس.. الراحل الشهيد محمود محمد طه هل نعتبره من بوادر المطبعين مع اسرائيل لوجهة نظره حول موضوع فلسطين؟



    http://alsahafa.info/index.php?type=6&col_id=25&issue_id=742&bk=1
    _________________
                  

04-14-2008, 03:29 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    اشياء صغيرة
    كش ملك.. مات الملك

    امل هباني
    كُتب في: 2005-08-29




    سؤال من قتل قرنق؟ جواب: قتله المستفيد من موته ولننظر من حولنا.. قرنق كان الملك في رقعة الشطرنج التي تديرها ايادٍ خفية وعلانية خبيرة مستفيدة من لعبة الحرب كما تستفيد ايضاً من لعبة السلم.. والجنوب قضى خمسة عقود من الحرب يسبقتها خمسة عقود من اتباع سياسة المناطق المقفولة الاستعمارية، لا يسمح للشماليين الوصول اليه او العمل فيه الا بأمر الحاكم العام للسودان، وكان نتيجة ذلك ان بعدت الشقة بين ابناء الجنوب والشمال اجتماعياً ووجدانياً، خطط لها هذا المستعمر بدقة.. والاستعمار هو ذات الاستعمار من 1905م الى 2005م انه العالم الرأسمالي يفرض سيطرته على الدول المسكينة التي لم يتكون بعد وعيها السياسي الاجتماعي، والفرق ان ذاك جاء بالقوة اليك.. وهذا يقنعك بالقوة للاستعانة به والارتماء في احضانه، خاصة بعد ان اصبح العالم الرأسمالي الامبريالي هو النظام الاوحد بعد ان سحق النظام الاشتراكي الشيوعي الذي كان يقف موازناً له في القوة.
    وخط السودان من ذلك النظام الرأسمالي الاستعماري الممتد الى الآن انه غير مسموح الالتفاف حول قادة عظماء قادرين على خلق مشروع مجتمع «قومي» قوي.. والصورة الذكية التي تجمع علي عبد اللطيف بقرنق التي كتب عليها نحو سودان جديد من 1924-2005م هي ابلغ تعبير على ذلك.. كان قرنق قادراً على صنع ذلك والسودان.. كما كان علي عبد اللطيف قادراً برؤيته على خلق تلك الطبقة المثقفة الواعية التي تنهض بالسودان على أسس قومية ووطنية بعيداً عن العرقية والجهوية.. لكن ما حدث ان علي عبد اللطيف اجهض مشروعه ومات مجنوناً لا يلوي على التفكير في مشروع قومي او مجتمع سوداني او شئ آخر.. واستعيض عنه بطبقة رخوة وضعيفة على أسس طائفية وزعامات عشائرية تنسف مشروع علي عبد اللطيف للوعي القومي نسفاً..
    منذ ذلك الحين ومصير علي عبد اللطيف هو مصير كل واعٍ ومستنير يبحث عن مشروع القومية السودانية، فمعاوية نور الذي عاد من مصر مؤمناً بضرورة خلق طبقة مثقفة واعية تصدى لقضايا السودان القومية يمنع من الموظفية الحكومية لان تقريراً يرفع عنه بانه Too cleverولا يصلح.. ومن علي عبد اللطيف إلى قرنق قائمة من امثال هؤلاء الابطال الوطنيين يتلقفهم الموت والجنون والمرض عبد الخالق محجوب، محمود محمد طه، وغيرهما مما يعني انهم لم يسمح لهم بالتقدم الى الامام ومقابل ذلك تتسع دائرة هذه الصفوة الهشة التي حتى صفويتها هذه نالتها من جهات اجنبية وعلاقات مريبة ومشبوهة لجهة «ما» ذات مصلحة والامر اكثر وضوحاً وسفوراً في الحالة التي تعيشها الآن العام 2005م حالة الفراغ الفكري والقومي والاجتماعي والثقافي المميت.. ومنذ ان وقع قرنق اتفاق السلام كان الامر محسوماً باستبدال ذلك القائد الذكي الطموح المتطلع للعب دور ربما على مستوى القارة الافريقية جميعها لا يتماشى ومصالح محركي رقعة الشطرنج.. والامر سهل، الآن الملك في حالة استرخاء من الحرب الطويلة فليباغته احد جنود النظام الاوفياء بدافع الحسد او الغيرة وربما الخوف.
    والمفاجآت.. والاحداث ستظهر في الاشهر والسنوات القادمة.. بعد ان مات «الملك» استهلت اللعبة من جديد.



    http://alsahafa.info/index.php?type=6&col_id=27&issue_id=724&bk=1
                  

06-14-2008, 03:27 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
                  

04-14-2008, 06:43 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    النشوف اخرتا
    موت فكرة.. حياة رجل

    سعد الدين ابراهيم
    كُتب في: 2005-03-05



    - في بداية السبعينات ونحن على مدارج جامعة القاهرة الفرع. أو في المنتديات الكثيرة العامة.. كانت ظاهرة الشباب الذين يعرضون علينا كتب الاخوان الجمهوريين.. وكانوا يتمتعون بصبر هائل.. وبعضنا يسخر منهم وقد يستفزهم ولكنهم ما كانوا يستجيبون للاستفزاز وكنا نجابههم بما يتردد شعبياً بأن الاستاذ لا يصلي باعتبار ان الصلاة رفعت عنه وكانوا يستنكرون ذلك ويفندون تلك الدعاوى.
    - لم اطلع على كتابات الاستاذ التي كانت تصدر بكثافة لكنني رأيت في جماعته نموذجاً مختلفاً خاصة ان سدنته كانوا من المثقفين أو من الأكاديميين المرموقين، وكانت المرأة الجمهورية نموذجاً مختلفاً بزيها المحتشم والذي يكون ثوباً ابيضاً دائماً.
    - وقد ادهشنا هذا الولاء بلا حدود لزعيمهم ولفكرتهم، وكنت ارى عجز خصومه حتى انهم رموه بالسحر فقد ذكر أحد الشيوخ الاجلاء انه عندما كان يحاوره كان يشاهد أشياء غريبة مما يوحي بأنه يمارس نوعاً من السحر.
    - إلى أن انتهت الظاهرة باغتيال الاستاذ وقد كان نموذجاً للمدافع عن الحرية الفكرية ودفع حياته ثمناً لفكرته.. بعد كل هذا.. اتساءل هل لمع مفكر أو كاتب أو صاحب فكرة مثل محمود محمد طه ومثل الجمهوريين.. واتساءل كيف تضاءلت الفكرة وتقلصت بموت زعيمها.. وهل تضحية الاستاذ تستحق الاشادة والاعجاب.. أم انه كان يمكن ان يفدي نفسه حتى يظل الملهم للفكرة إذ لم يجنح الى خلق قائد أو تلميذ في مثل قامته يخلفه في المضى قدماً بفكرته.
    - وازعم ان المفكر لم يكن مقصوداً في شخص الشهيد محمود.. بل كان المقصود هو السياسي الآن وقد بدا الاستاذ بعيداً والفكرة الجمهورية لم يعد لها ذياك البريق.. هل يمكن أن تجد فكرة جديدة ومفكراً جديداً يحظى بذلك الولاء والانتماء.
    - إن مسرحية مأساة الحلاج لصلاح عبد الصبور تذكرني بالاستاذ محمود في الملمح العام ربما لذلك ظلت نظرتي إليه يملؤها الاحترام والتقدير رغم عدم قراءتي لفكره وعدم معرفتي لمنهجه إلا في خطوط عامة.. إلا ان موته الجميل.. ظل عندي اسطورياً فمنذ متى لم يستشهد مفكر في سبيل فكرته.. ولم يبل مثله في الدعوة إلى المساواة والحرية.



    http://alsahafa.info/index.php?type=6&col_id=25&issue_id=563&bk=1
    _____
                  

04-14-2008, 06:44 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    حول كتاب ما المنفى وما الوطن؟
    نجم الدين محمد نصر الدين
    مباشرة وجرح الرحيل ابيض بليدا نازفا تباعا ، ولوعة الفراق تدمى قلوب من عرفوا الاستاذ الخاتم وتقاطعت دروبهم معه فى الحياة ، اقترح المهندس بكرى ابو بكر صاحب الموقع الاسفيرى الالكترونى الاوفر حظا فى الصيت والشهرة مقارنا برصيفاته من مواقع ، ان تتم طباعة كتاب يعود ريعه الى اسرة الاستاذ الخاتم تحديدا زوجه تيسير مصطفى وولديه منها احمد وحسام اللذين يقول لك عنهما والدهما انهما ولدا فى اليوم والتاريخ نفسه بفارق 4 سنوات مما تعدون ، وقد طالب المهندس المشتركين من اعضاء الموقع باقتناء الكتاب فور صدوره او الالتزام بهذا الاقتناء ليسهم ذلك كله ويصب فى خانة معاونة هؤلاء النفير الكليم الكريم لكى يكفهم ذل السؤال ومنة البخلاء والتكفف كاولوية قصوى مقدمة على غيرها ، فتوفر الجميع على إعداده وتجهيزه وكانت فكرته اول الامر هى ان يتم جمع للمواد التى كتبت عن الاستاذ الخاتم باقلام الاخرين وهى كثيرة وعديدة وكافية لهذا الغرض اوغيره. الى ان تم العدول عن ذلك واصداره مما ترك قلمه السيال وفكره النابض الحي المتجدد من مواد وموضوعات ، ولقد تم جمع الكتاب وقامت دار الساقى بطباعته فى 392 صفحة من الورق الابيض الناصع المتوسط وقام بتصميم غلافه الاستاذ الياس فتح الرحمن كما قام الصديق د. بشرى الفاضل بمراجعة النص وإرساله إلكترونيا ، ولقد صادف ذلك عقبات فنية لكبر حجمه كما اخبرنى لاحقا حين التقينا فى الخرطوم ما قعد به ، واكتفى بمراجعة الاستاذ الياس فتح الرحمن الناشر للنص كما تم إرداف المراجعة بالكتابة عن لغة الاستاذ الخاتم الكتابية والجماهيرية قام بذلك صاحب البنت التى طارت عصافيرها ، وتمت قراءة اجزاء منها نيابة عنه فى حفل التأبين بمدينة واشنطن الكبرى. إن السفر هو باكورة إنتاج دار الخاتم عدلان« للاستنارة»، ذلك العمل الذى اوقف حياته له وبذل النفس والنفيس فى سبيله حتى آخر لحظة من حياته الحافلة العامرة، ونتمنى ان نرى لواء الاستنارة محمولا بعده علي خير وجه إيفاء لما سعى لبسطه وتعميمه لولا معاجلة الايام وسبق الاجل ، ولقد قامت المجموعة المشرفة على تبويب الكتاب بريادة د. الباقر العفيف مختار واركان حربه وهو من القلائل الذين كما وصفهم معلمهم الاول السابق الاستاذ محمود من «الما نقضوا مما عقدوا» فى إشارة الى ان التزامهم كان صميما وكانوا عليه امناء واحسبه كان كذلك ولا يزال بعد ان انضم لجماعة حق قاموا وبمشاركة الاستاذة تيسير مصطفى والتى كانت دوما عضدا ومشاركا فاعلا بتقسيم الكتاب على الطريقة التى تم ذلك بها، مصيبين فى تقديرى النجاح كله ، فالكتاب حديقة غناء يضوع منها العبير ويفوح الشذا وتتنوع فيها المغروسات وتتعدد المحصولات والنواتج وتتشكل ، ابتداء من التبيين والاجلاء لاوجه الخلاف بين البقاء فى الحزب الشيوعى السودانى والتغيير الذى طراء على افكار الراحل الفقيد وجعل الاستمرار بالنسبة له على النهج نفسه ضربا من إستهلاك الذات وجمع الشى وضده ، مافشلت نفسه الشفيفة وروحه الندية فى قبوله ونادى بالاصلاح والتغيير مؤذنا بان دواعيه واوانه قد اتيا وحان ورده ، فلما لم يجد اذنا صاغية بل وجد بدلا من ذلك إزدراء تقدم باستقالته موضحا الفوارق والاسباب التى حملته على ذلك ، فكان مانفيستو حركة القوى الحديثة ودعوتها وطرح برامجها التى قوبلت بالرفض كله من التجمع الوطنى الديمقراطى شاملا ذلك المطالبة بالقضاء عليها والاجهاز على استعدادها حينها الذى ابدته ، حتى للانخراط فى العمل العسكرى التقاطا لقفاز التحدى الذى القى به السيد رئيس الجمهورية مع الاخرين ، فحيل بينهم وبين هذا الاسهام الفاعل . ولقد شدنى السفر وجذبنى لحافليته بالتنوع والغنى الشئ الذى يعز انتاجه للمشتغلين بالسياسة فى السودان وعالمنا الثالث ، فكأنها لا تكون ولا تتأتى الا خصما على غيرها من قدرات ومواهب ، فالساسة لدينا تعميهم و تستغرقهم المكايدات الحزبية وما شابهها واتصل بها . فالكتاب فى جملته هو وعاء افكار مؤلفه والتى هى حقا على قدر من التميز ويمكن اكتشاف ذلك بسهولة تامة بقراءته ونوعية الموضوعات التى تتم الكتابة حولها وطرقها بواسطته ، وما سعى وجهد لان يكون هو ما يشكل الاداء السياسى فى القادم من ازمنة ولقد تضمن الكتاب مجموعة مقالات بعضها فلسفى غارق فى الفلسفة ولكنه يتحول بقدرة الكاتب على اداء السهل الممتنع الذى يميز كتابته فى عمومها ويحيلها الى مادة مفككة تسهل قراءتها وهضمها بل استيعابها وفهمها كذلك ،بجانب ما تمت كتابته عن المنطق علاوة على المقالات السياسية التى غطت بعض الظواهر التى لايقف الناس عندها هنا كثيرا: مثل التناول بالتحليل للاعتذار الذى قدمه العقيد الفقيد الشهيد الدكتور جون قرنق دى مبيور للسيد بونا ملوال عقب رميه له بما ساقه من اتهامات ، انتهى امره بما اوجب عليه الاعتذار له عنها ولقد حدث كل ذلك بالفعل وبشكل طقسى تم فيه تمثيل تقاليد الدينكا فى مثل حالاته فى ان جرى فى حضور كبار القوم والعلية ، والفقيد فى عنفوان قوته وقدرته والعالم مشرئب الاعناق ينظر اليه ولم تأخذه العزة بالأثم فعلها مع امثاله وغيره ، بل سعى الى غرس هذه القيمة الاضافية فى حياتنا الخالية من شبيهاتها بما يشكل محتذى تاما وقدوة كم نحن فى امس الحاجة للتأسى بها .تناول الكاتب اداء الجبهة الاسلامية وما قامت به فى حق شعبنا وكذلك د. الترابى بالتشريح والتفصيل لادائه والتساؤل عن امكانية ان يكون بديلا لنظامه الذى اوجده وسواه ولم يعدله ، ويأتى للقول بالانقلاب عليه السؤال الذى لم يثره الكثيرون بل تغافلوا عنه تقية او خوفا او قعودا عن المنافحة الواجبة ، بل مسايرة ومجاملة ومعايشة فى خلط بين للاجتماعى بالرسمى والسياسى تغليبا للمصلحة الخاصة ونائيا عن خوض المعارك وتقاعسا شأن السياسة والمشتغلين بها فى السودان ، بل ابعد من ذلك رصا للصفوف وتحالفا ، فمن المعروف ان المؤتمر الشعبى الذى يدعي المفاصلة مع الوطنى لم يخرج على الناس ببرامج مبينة مفصلة فيه اوجه التناقض ان كانت هنالك ، بين المؤتمرين الحاكم والاخر غير القابل بذاك او على الاقل المتظاهر بعدم القبول ، هذا بالرغم عن انه ومع تغير الظرف كله فلقد خفت حدة اظهار البينونة فى الفراق على النحو الذى كان وخفتت تلك الاصوات وسكن قرع الطبول بل وابتدأت المغازلة والهجرة العكسية ، فى العودة الى صفوف الوطنى بالذرائع كلها واولها الوطنية التى يبدو انها كانت فى اجازة، خصوصا وهى ذريعة صالحة وتجارة رابحة فى هذه الايام ان كسد غيرها وبار لدى الانقاذ والانقاذيين. .فى محاولة رد القوات الاممية وصدها عن القدوم الى دارفور حماية للمدنيين ولمن هم لها فى حاجة . فى السياق نفس إحتوى الكتاب مقالات متفرقة فى مواضيع شتى وكان جمالها فى تنوعها والتعدد كما يقولون عن وطننا السودان ، الاهم من هذا كله ان السفر حوى فصلا كاملا متصلا بالنقد والدراسة التحليلية لكتابات كاتبة سودانية تعيش فى المنفى فى بلاد الفرنجة هى الاستاذة ليلى ابو العلا وتكتب بلسان سكسونى مبين وتشكل اضافة تامة للابداع السودانى المفتقر للعالمية والذيوع ، خصوصا بين من يسم التفرد ادائهن بجانب تناول نقدى فى ثنايا مقابلة صحفية مطولة تم تقديم للكاتبة المرموقة من خلالها ، هذا بجانب تناول بعض الكتب بالاستعراض ككتاب رؤية من الداخل لثورة افريقية لمؤلفه الدكتور لام اكول اوجاوين وزير الخارجية الحالى، عقب انشقاقه عن الحركة وعودته اليها التى حملته الى كرسى الوزارة فيما لم نجد له قبلها تناولا ، هذا مع الفصل الاخير بحسب التبويب الذى تم فيه التناول لافضل الكتب الامريكية والانجليزية التى صدرت فى العام 2004 اظهارا للمتابعة اللصيقة المتصلة والمواكبة التى لا يجعلها الاشتغال بغيرها منعدمة كما هو الامر لدى قوم ساس يسوس ومن لف لفهم .فصل آخر حاويا لمقابلات صحفية اجريت مع الاستاذ الخاتم داخل السودان وخارجه تناولت فى مجملها غوصا فى تفكيره ومحاولات لاجلاء وفلق التوجهات التى انتهى اليها عقب نشره لارائه المختلفة عما بذل عمره الا اقله من اجله وعاش له ، وماهية جذور خلافه الفكرى هذا مع النظرية الماركسية فى مجملها ومدى تأثير التطورات الحادثة فى العالم الان على بنيتها الفكرية الاساسية ، ومن ثم الدعوة لحركة القوى الديمقراطية «حق» والمناداة التامة بالطهر السياسى والالتزام الامين بالديمقراطية واستصحاب العمل العام والانخراط فيه هو المحقق لطموح وآمال شعبنا السودانى فى الحياة الحرة الكريمة العامرة بالرفاه والتعددية ، القائمة على الصدق فى التوجه والنبل فى المقاصد والثورية العامرة بالشفافية والنقاء ، والكتاب اضافة حقيقية للمكتبة السودانية ،املنا هو ان يتواصل اصدار وجمع ما تبقى مما تركه الكاتب والمفكر والسياسى النابه الفقيد الخاتم.وان تظل شعلة الاستنارة متوهجة فى دار الخاتم عدلان للاستنارة وان تتم معاجلتنا بآخر او اخريات من الاسفار ، بجانب تحقيق الفكرة الاولى من الكتاب بجمع ما كتب عن الفقيد الخاتم تعريفا به وبافكاره خصوصا لتلك الاجيال التى لم يكن لها فى معرفته نصيب او لم يصفه بعض منسوبى حركته واتباعها بانه ثالث ثلاثة فى تاريخ السودان ؟



    http://alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147508002&bk=1
    _
                  

04-14-2008, 08:09 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    خفت البلاد إلى داره بعد سماعها النبأ المشؤوم
    محمد طه محمد أحمد ... اغتالته الذئاب رغم أنه لم يكن قاصياً !!
    رصد علاء الدين بشير
    حجم القلق المرتسم على الوجوه ونطقت به الالسن من المصير المجهول الذى يمكن ان تنزلق اليه البلاد جراء اعتماد التصفية الجسدية كآلية لحسم الخلافات الفكرية او السياسية كان موازيا للصدمة التى ضربت المجتمع امس بعد ان صك مسامعه نبأ الاغتيال البشع لرئيس تحرير صحيفة الوفاق الاستاذ محمد طه محمد احمد .
    فالرجل عاد الى داره بحى كوبر بالخرطوم بحرى مساء امس آمنا بعد جهد يوم شاق وبينما خلد الى فراشه للنوم طرق داره قرابة منتصف الليل طارق فهب لاستقبال الزائر الليلى بكل اريحية وهدوء ... فتح الباب وقبل ان ينبس ببنت شفة انقضت عليه مجموعة من الرجال وحملوه الى سيارة كانت تنتظرهم امام الدار !! الطارق الليلى المريب وعدم سماع تبادل عبارات الترحاب المعتادة , حركت ساكن الشك فى دخيلة اهل محمد طه , فخفوا الى الخارج فوجدوا الرجل داخل العربة البيضاء المنزوعة اللوحات وقد تحركت مسرعة بعيدا عن الدار , ولان الليل كان ادخل انفه فى المدينة , فإن الشارع كان خاليا تقريبا من (ابو مروة) ليفزع الاسرة المرعوبة على اختطاف عائلها , سوى سائق دراجة نارية اعمل جهده فى مطاردة الجناة الخاطفين لكن دون جدوى !! , واستطاع المجرمون ان يفرور بصيدهم الاستاذ محمد طه رغم حالة (الاستعداد) التى كانت عليها الجهات الامنية والارتكازات المنصوبة فى عدة مناطق من العاصمة , تهيئا لرد تظاهرة المعارضة المعلن عنها صباح امس , ويخرجوا به من قلب الخرطوم الى اطرافها النائية حيث نفذوا جريمتهم الشنعاء ومثلوا بجثته والغوها فى العراء .
    التساؤلات الحيرى كانت بادية على وجوه جموع المعزين الذين خفوا الى منزل الاستاذ محمد طه عقب سماعهم بالفاجعة عن من يكون وراء الجريمة الشنعاء ... المعزون كانوا كل السودان ...كل الصحافيين . وزيرا الدفاع والداخلية ومسؤولون حكوميون ومن المؤتمر الوطنى , الحركة الشعبية بقيادة ياسر عرمان .. حركة تحرير السودان بقيادة محجوب حسين , الامام الصادق المهدى . الشيوعيون السودانيون وقوى اليسار الاخرى .. الجمهوريون الدكتور عمر القراى واخرون , قيادات المؤتمر الشعبى , والاتحاديين , الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد ومجموعات الاخوان المسلمين , وزملاء الراحل فى الدراسة , واهله الذين غطوا عين شمس ظهيرة الامس اللاهبة .. دخل الجميع فى تكهنات حول من يكون المجرمون , صعب الامر عليهم , فقد كان محمد طه قلما جريئا صادعا بما يعتقد انه حق غير هياب للمآلات التى يفضى اليها رآيه , ورغم انه يعد احد الاقلام المحسوبة على الانقاذ , الا انه دخل فى معارك مشهودة مع معظم المتنفذين فيها اليوم وقبل المفاصلة , طالت انتقاداته القوية سلطة الانقاذ فى قمتها وفى رموزها , كانت آخرها معركته الشهيرة مع اسامة عبدالله حول اراضى الولاية الشمالية . اشتهر محمد طه بأنه ذاكرة متقدة يدعم كتاباته بارشيف من المعلومات حول الشخصية مدار الحدث , لذا فإن الكثيرين يعتبرون ان قلم محمد طه مهاب من قبل خصومه لهذه الاسباب , كان الرجل مقداما فى كشف الفساد والمفسدين بما استطاع الى ذلك سبيلا , يساعده انه لم يكن مغلول القلم واللسان حيث انه يسير صحيفته بالكفاف . ورغم ان كثيرين يختلفون معه بمقدار ومقادير الا ان خصومه يشهدون له بأنه كان صادقا فيما يعتقد انه حق ومنافح عنه لدرجة التطرف حتى ولو كان ذلك خطأ صريح فى نظر الاغلبية .
    دخل محمد طه قبل عام ونصف فى معركة ضد تيارات دينية متشددة حول مقال للدكتور المقريزى , اعتبرته هذه الجماعات اساءة للنبى الكريم صلى الله عليه وسلم, ورفعت ضده دعوى فى المحكمة واصدرت فتوى بردته , ورغم ان طه اعتذر عن المقال وقال انه نشر خطأ , الا ان ذلك لم يوقف سيل الهجوم عليه من منابر مساجد تلك المجموعات , وانتهت القضية فى المحكمة بتبرئة ساحته الشخصية وتغريم الصحيفة ماليا , الا ان الفتوى بردته الصادر ة من المجموعات المتشددة لم تسقط بالتقادم , وقد تعرض لاكثر من اعتداء شخصى عليه اوعلى مقر صحيفته , بدوافع دينية وجهوية وسياسية . وسيرة محمد طه المثيرة للجدل ممتدة من ايام دراسته بجامعة الخرطوم واصداره لصحيفته الحائطية (اشواك) ومساجلاته المشهورة مع الجمهوريين , ورغم الخصومة الشديدة معهم وقتذاك وتهليله لاعدام زعيمهم الاستاذ محمود , الا ان محمد طه عاد الان لافساح المجال لبعض تلاميذه بالتعبير عن افكارهم من خلال صحيفته كما انه ظل على الدوام يحيى ذكرى اعدام الاستاذ محمود بمقال لايخلو من النقد لفكرته والاعجاب بشخصيته الزاهدة والصميمية . ومع ان محمد طه عرف منذ دراسته الجامعية بانتمائه إلى الاتجاه الإسلامي وعمل في منتصف الثمانينيات مديرا لتحرير صحيفة "الراية" الناطقة بلسان حزب الجبهة الإسلامية القومية , الا ان الاسلاميين ظلوا يتشككون حول ميوله الشيعيه لذا فإنه كان دائم الاحياء لذكرى رحيل زعيم الثورة الايرانية الامام الخمينى , كما انه اجتهد ابان الحرب السادسة الاخيرة فى تأصيل نسب زعيم حزب الله حسن نصر الله حتى اوصله بالبيت النبوى ,ورغم أنه يعتبر من أبرز كوادر الإسلاميين، عرف بالاستقلالية في آرائه ما كان يتسبب في خلافات حادة مع قيادة الحزب.وأصدر طه صحيفة الوفاق في العام 1996 بعد السماح بصدور الصحف المملوكة لشركات، وكانت لفترة إحدى أكثر الصحف انتشارا وخاض رئيس تحريرها العديد من المعارك مع الحكومة والمعارضة على حد سواء, وظل شعار صحيفته القول المأثور (انما يأكل الذئب من الغنم القاصية) .وبالامس كان الذين يقودون الهتاف للثأر لمحمد طه فى سرادق عزائه هم خصومه واصدقاؤه فى نفس الوقت من رموز اليسار , ويقولون : مليون شهيد فدى التنوير ... دم محمد لن يروح ... وعندما وصل الى سرادق العزاء وزيرا الداخلية والدفاع انقلبت الهتافات ضد السلطة بما اغضب بعض شباب الاسلاميين وكاد دم محمد طه ان يصبح مدارا للتنازع حول من هو احق به , بينما التزم اهله الحياد وان كان الشك يملؤهم حول من قتلوه ومن تواطأوا فى قتله .ولم يكن حظ الوزيرين من الهتاف الغاضب ضدهما فى المشرحة من جموع الصحافيين الغاضبة التى هتفت .. استقيل يا وزير , ولم يقفوا عند هذا الحد بل خرج بعض منهم متظاهرا فى الشارع الامر الذى اوقعه تحت غضب الشرطة التى كانت متحفزة منذ الصباح ضد تظاهرة المعارضة ففرقت تظاهرتهم ولم تفرق شملهم اوجمعهم .
    اغتيال محمد طه يعيد الى ذاكرة الصحافة السودانية قصة اغتيال رئيس تحرير صحيفة "الناس" ، مكى المنا، فى بيروت مع اختلاف الدوافع والمكان والزمان والمناخ السياسى .



    http://alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147506043&bk=1
    _
                  

04-14-2008, 08:10 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الأستاذ والمقصلة والأراجوز
    نزار أحمد أيوب
    يناير وشتاء، في العام الخامس والثمانين بعد تسعة عشر قرناً لميلاد المسيح عليه السلام.. وصباح محتقن بالترقب والفجيعة والانتظار، وجمعة حزينة تشكو للرحمن ظلم بني البشر للانسان.. الباحة الامامية والشوارع الخلفية للسجن العمومي تمتليء بالسابلة والساسة، طلاب ومهنيون، نساء واطفال وشيوخ، خوذات وبنادق وصمت مقدس يلف المكان.. ومكان تحتبس انفاسه في انتظار اللحظة.
    وجاء الرجل يمشي اليها
    ويصعد اليها عادياً تماماً!!
    حتى ادهش جلاده.. فقال:-
    «رأيت الكثيرين، نعم الكثيرون يؤخذون اليها، بيد اني لم أرَ من يمشي اليها.. كأنه ذاهب الى بيته».
    بعد العِشاء الاخير.. جاءوه وساوموه.. ايها الراحل، تنح ولو قليلاً.. قد انملة تكفي.. فحدثهم حتى السحر، عن السهروردي المقتول وابن درهم المذبوح، والحلاج المصلوب، وعند الفجر نادوه ليتهيأ، استفسروه عن الرجاءات والوصايا.
    إثماً ظننتم «فهؤلاء ليسوا محل الرجاء. رجائي قربان. اما وصاياى فتتمشي بينهم افعالاً لا اقوالاً».
    ما بين الزنزانة والمقصلة، سألوه عن الاشتهاءات الاخيرة ومطالب الوداع والنهاية، فقال بهدوء «فكوا عن يدي الاغلال لاودعهم وابشرهم وادعو لهم ولكم بان تشملكم العناية».
    لن نسمح .. انها تعليمات
    رد.. حاضر، لا بأس
    زحزح نعليه، ليزيل ما تبقى من آثار الحصى والرمل والنجاسة..
    وصعد اليها..
    كشفوا الغطاء، وازاحوا المزلاج
    فبرقت الابتسامة، ختام نشيد ورضاء العبور لحيز الميلاد الجديد..
    وكما تقول المتصوفة:
    مرحباً بالموت الذي فيه اللقاء.. ولقاء ربك جل يوم العيد
    استدار الزمان.. وارتفعت الابتسامة، كبرت وتناسلت، ملأت الأفق سجادة فارسية على اطرافها اصطف الزهاد والعباد، الفضيل بن عياض وابن مشيش والشبلي والشيخ الاكبر واختهم رابعة تطوف عليهم باباريق المحبة.
    من هو؟؟
    زعم مريدوه انه اصيل ومفرد، وصاحب حقيقة وشريعة، وتلك مسألة تندرج في اطار المعارف الذوقية، حيث لا العقول ولا اخضاع الافتراضات للبحوث الامبريقية هما طرائق الامساك بالنواصي. والحقائق نفسها في هذا المضمار، تكتنفها الطلاسم والطواسين، تتشعب طرقها وتتدرج مقاماتها، وتتنوع مقاديرها من حيث الكثافة واللطافة. وتحيطها نيران شهيقة ودونها مفازات عميقة. وحظنا في ذلك «كنصيب الحزبين والطائفتين في قسمة نيفاشا».
    غير ان الشواهد من الافكار والأقوال والأعمال، والتي يمكن اخضاعها للاختبارات الاجتماعية «الاكلينيكية» تكاد لا تحصى ولا يتسع لها المقال، وتفضي جميعها الى حقيقة وحيدة.. انه كان استثنائياً واصيلاً!!
    بيت الطين:
    قدم الاستاذ محمود نفسه كزعيم وقائد متفرد واصيل، بانموذجه القيادي، او بوسائل ادارته للجماعة، فاقام نسقاً قيادياً على قاعدة تسليكية بسيطة ومعقدة في ذات الحين «في امر الدنيا انظر الى اسفل.. وفي امر الدين انظر الى اعلى» فاضحى بذلك الامام والمأموم. يتقدمهم في شؤون الدين.. وتتثاقل خطاه في شؤون الدنيا. اظلفوا انفسكم اكبحوا شهواتكم اقطعوا عروق العلائق وفروا من وطن العوائق تشرق عليكم انوار الحقائق.
    هذه هي الرؤيا.. فماذا كان الفعل؟
    أولاً: في شأن المسكن، فرغماً عن تخرجه مهندساً في كلية غردون غير انه اختار بيت الطين والجالوص رقم «242» في الثورة الحارة الاولى، في الوقت الذي اختار فيه كل رصفائه الغردونيين الانخراط في نادي البرجوازية السودانية المتعلمة، ولسان حاله يقول لهم مع الرازي «دياركم هامانية ومراكبكم قارونية وولائمكم فرعونية.. فأين أنتم من الطريقة المحمدية؟
    ثانياً: في شأن الملبس. لم يقتن من الأشياء الا اوتارها. جلباب واحد، وعمامة، ملفحة و«عراقي» ونعلين، ولكن لغرضين مختلفين لا يمكن توحيدهما، وقلنسوة واحدة!!
    والأدهش.. في مجافاته لاستخدام صنبور المياه «الدُّش» عند الاغتسال. والابتعاد عن شرب المياه المثلجة، بدعوى انهما غير متوافرين لغالب أهل السودان في البوادي والأرياف، وهو داعية لمساواة السودانيين في الفقر. فكيف له ان يستقيم على الطريق، بينما تتناقص أقواله وأفعاله!!
    ثالثاً: في شأن المطعم. غض النظر عن عدد الناس المتواجدين في بيت الجالوص، فالمائدة واحدة والإدام واحد. والمتغير الوحيد هو القدح. يتحلقون حوله، ثمانية او عشرة، يأكلون ويذهبون.. ثم يعيدون الكرة. وفي الختام.. يجلس هو وأصحاب الاعذار، وقطة داجنة، غالباً ما تشاركهم طعامهم، فيطعمهم بيديه، ثم يأكل قليلاً من الفتات ممزوجاً مع الماء القراح.
    زهداً وورعا واستقامة.. خلقت منه زعامة «كاريزما» ملهمة.. لا تستمد مشروعيتها بالطرائق التقليدية... من تسلسل رئاسي في المنظومة، أو سلطة القائد في المكافأة والعقاب والإكراه النفسي والعاطفي، أو الخبرات الأعلى والمعلومات الأوفر. فابتدع نهجاً قيادياً متفرداً يستند على سطوع وجاذبية النموذج المرجعي reference power، فكان هو الأب في حنوه لا في تسلطه. فأخاط الجماعة بوشائج الإخوة والمحبة الحقة. فنجت بذلك من الداء العضال والجرثوم الفاتك الذي أصاب الأحزاب السياسية السودانية. فقد عانت جميعها دون استثناء من الانقسام والتشظي والخروج الجماعي واتهام الآباء المؤسسين بالاستبداد والكهنوتية أو التخريفية العقائدية. فما من «أب» غيره إلا وقد خرج عليه أبناؤه وأتباعه يلعنون ويقذعونه. أما هو فحتى أبناؤه الذين انكروه تحت ظلال السيوف في جلسات تفتيش الضمائر.. عادوا لعروتهم الوثقى. والآن قد تفرقت بهم السبل، فما باتوا يأتلفون على شيء سواه.
    بيت الزجاج:
    كثيراً ما قال.. أصدقوا ولا تكذبوا.. بوحوا ولا تضمروا، وحدوا أبنية النفوس المنقسمة، لتكون أقوالكم ترجمان أفكاركم، وأفعالكم تجسيد أقوالكم، فيثمر هذا الثالوث المتوحد.. برا ولطفا بالاحياء والأشياء والناس لتتسنموا قمم حرياتكم الفردية المطلقة، وتصبحون زهوراً معطارة تفيض بالشذى من غير تكلف.
    هذه المعاني التوحيدية الرقيقة.. لها تجلياتها على المستوى الديني والسياسي والانساني. وقد جر حبلها من عالم المعاني الى عالم المباني، فأنشأ أول مؤسسة دينية وسياسية في السودان تعتمد الشفافية «قبل ان تصبح من شعارات الألفية الثالثة»، تعتمدها كمقصد ديني وضابط أخلاقي وناظم للسلوك السياسي. فأسس بنيانه على أساس متين، لا على شفا جرف هارٍ.. معماراً خالياً من سراديب العمل السري ومكاتب المعلومات التآمرية او التنظيم الخاص ذو المهام والاهداف الخاصة؟!!، ولا الفراكشنات fractions، وتلك يعرفها أهل اليسار!؟ ليمُسي الحزب الجمهوري هو الكيان الوحيد.. صحب الكتاب المفتوح. فمصادر تمويله معلنة ومعلومة.. وتقتصر فقط وحصراً على عوائد بيع الكتيبات واشتراكات الاعضاء. أفكاره معروضة في الأسواق والجامعات والشوارع، جلساته مفتوحة حتي للغوغاء والدهماء من اعدائه.. والذين كثيراً ما تطاولوا على الأستاذ في عقر داره. فقد اختار الشفافية كقيمة ذات إسناد ديني ورجوح اخلاقي لم تنتش منها نوائب الزمن ولا نوازل السياسة.
    الجدري السياسي:
    بعد الاطلاق الأخير في يناير 85، جمع التلاميذ وحدثهم عن جدل الفداء والابتلاء، وان الإبتلاءات الكبرى لابد ان يفتديها أصحاب القامات العظمى، وانهم انفقوا وقتاً ليس باليسير في المقروء والمسموع، وقد حانت اللحظة للسمو في مدارج العبودية والصوفية السلف وهم الخلف، وقد كانوا يفتدون الناس، فالشيخ الرفيع ود الشيخ البشير مات بالجدري، وحكى لهم ان الشيخ طه مات في رفاعة بالسحائي، ثم انحسر الوباء، وان الشعب في انتظارهم.. ليفتدوه بأعلى سامق نخل فيهم. لم يدركوا.. وحسناً فعلوا.. لانهم لو ادركوا ما كان هو.. هو..
    حضرة السلام:
    في إحدى الجلسات الصباحية، التلاميذ يتحلقون حول الأستاذ.. يتدارسون وينشدون العرفانيات جاء الناعي.. بأن اعدى اعداء الفكرة من المتفيقهين.. قد انتقل للرفيق الاعلى. وكان من الخائضين زوراً وتجريحا.. في الفكرة وشخوصها وعروضها واستاذها، إفكاً وبهتاناً تقاصر بصاحبه عن قامة المتدينين وطبائع السودانيين.. جاء الناعي.. فشخصت ابصارهم نحوه، ليوميء بالتوقف عن الجلسة الروحية «إننا نعرف الرجل وتاريخه، ولكنه اليوم هو احوج ما يكون الينا، فلنقرأ الاخلاص باخلاص على روحه احدى عشرة مرة» أهي حضرة السلام.. مخروطية القوام.. قاعدتاه كف الاذى.. وقمتها مسامحة الاعداء ومباركة اللاعنين؟؟!
    أسئلة على هامش الفكرة:
    إنتقى من كل حدائق الفكر.. ليصمم نسقاً «معرفياً» يستدمج في دواخله شواهق الابداع الانساني.. مهتدياً ومسترشداً بالنصوص القرآنية الكريمة والسنة المحمدية الشريفة وإرث الصوفية التليد.. نسقاً له اتساقيته الداخلية، والتي لا تلغي مشروعية التساؤلات حوله:
    أ/ أسئلة حول نخبوية الفكرة.. وطوباويتها.. ترفعها واستعلائها؟ صلاحيتها واستعداديتها في الانتقال من نهج صفوة منتقاة الى تيار شعبي؟؟
    ب/ جدواها الاقتصادية في حال شيوعها كناظم للدورة الانتاجية والاستهلاكية؟ وهل ينمو الاقتصاد بتوسيع خيارات الاستهلاك؟ أم بتجييف الدنيا وتبخيسها، ثم سحقها بين النعلين؟ وغياب التنافسية الاقتصادية هل يصلح كأساس للنهوض والتنمية؟
    ج/ أخلاقية الإدعاء حول التعايش مع مستصغر الشرر تجنباً للفتنة الكبرى، والاستظلال بالمستبد الأصغر خوفاً من فراعنة المستقبل؟
    د/ ما هي المعايير الموضوعية لقراءة النص وهل تصلح الذوقانية الذاتية كمدخل لتأويل النصوص الدينية ومقاربة القضايا السياسية والاجتماعية؟
    هـ/ ترجيح اللا عنف والسلم كقيم مطلقة دون النظر في الملموس، ربما ينجح على المستوى الفردي، ولكنه قد يضع مفاتيح التاريخ عند الطغاة والكولنيالين فقط!!
    ع/ توهان التلاميذ الفكري والروحي بعد مضي الأستاذ وانتظارهم لاذن قادم من برازخ الغيب.. أو نصر فجائي ينبت كالخرافة من ثنايا الهزيمة.
    و/ صمم الأستاذ استمارة شاملة للتغير والاصلاح وضبط السلوك.. تصادر الاحلام الصغيرة لاجل امتخاض الكمالات، وطقوس احاطية كثيفة تبدأ من ارتشافه شاي الصباح حتى السجدة الأخيرة لصلاة القيام.. فكرة لا تتسع جنباتها لملعب كرة القدم، ولا تطأ قدماها دور الخيَّالة، ولا تستمع أذنيها لدندنة حسن عطية ولا طمبرة عثمان اليمني.
    أليس ذلك ببرزخ الشمولية الجديدة.. الذي انقطع عن عالم الملك ولم يلتحق بعالم الملكوت.
    أسئلة وأسئلة.. لكنها لا تقدح في مصداقيتك، فكم انت رحيباً.. وكم ضيقة هي الفكرة!!
    وعفواً أيها الركابي الوضيء المضيء ان أدرت لهم ايسرك ليصفعوك فاخذوا الخد والجسد!!



    http://alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147494832&bk=1
    _________________
                  

04-14-2008, 08:12 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    محمد سعيد القدال
    الإرهاب.. الإرهاب «2-3»
    طرحنا في الحلقة السابقة السؤال الاساسي وهو: لماذا يبرز الارهاب مخرجاً لجيل الشباب المحبط؟ هناك مجموعات من الشباب نأت بنفسها عن كل مساقط الطفيلية ورذائلها، منهم من استمسك بقيم مجتمعه، ومنهم من وجد في الاغتراب كنفاً يلوذ به، وإن كان صعب المراس. ومنهم من انكفأ على نفسه يغرق فيها رايات طموحاته المنكسة.
    وفي هذه الحُلكة «بضم الحاء» برزت حركات الهوس الديني، وأسميها الهوس الديني، بينما يسميها البعض الاسلام السياسي أو التأسلم أو الاسلاموية. ولكنها في جوهرها كلها هوس ديني Fanaticism. وتتخذ من الاسلام شعاراً لها بدرجات متفاوتة، رغم أنها كلها حركات سياسية. فهى حركات سياسية لا علاقة لها بالاسلام. إن الاسلام دين هداية. جاء القرآن يحمل رسالة أزلية وهى هداية البشر ليقتربوا من الخالق، ليقتربوا من المطلق، وهو اقتراب فيه مشقة، ويحتاج الى درجة عالية من مجاهدة النفس. إن القرآن من أول سطر فيه الى آخره يقوم على الهداية. ولكن حركات الهوس اقحمت الدين في معترك السياسة، وهى تتوهم أنها عندما تلصق الاسلام بها سوف يعطيها حصانة ويضفي عليها قدسية. وتهجم على مخالفيها ليس لأنهم يختلفون معها سياسياً. ولكن لأنهم خرجوا على قداسة الدين.
    ومالنا نذهب بعيداً. فقد اعلن نميري في العام 1983م دولة دينية. ونميري أحد بلطجية الهوس الديني، رغم أن نظام الانقاذ الحالي يقيم معه حلفاً. فقام نميري باعدام محمود محمد طه في مسرحية فجة، لعلها أسوأ ما شهده المسرح السياسي في السودان. وكان محمود أعف لساناً وأطهر يداً من كل الزبانية الذين تجمعوا يرقصون طرباً حول المقصلة.
    وعندما تتخذ تلك الحركات من الاسلام شعاراً لها، نقف ونسأل: أي اسلام يقصدون؟ هل هو اسلام طالبان؟ ام اسلام بن لادن؟ أم اسلام الزرقاوي؟ أم اسلام نميري؟ أم اسلام الانقاذ؟ أم اسلام السعودية؟ أم اسلام الخلافة العثمانية التي يحفظ التاريخ مخازيها، والتي سجلها الروائي اليوغسلافي اندرتش في روايته الشهيرة «جسر على نهر درينا» وحصل بها على جائزة نوبل للأدب. وعندما سقطت تلك الخلافة خرَّ البعض بكياًَ.
    أى اسلام تنادي به تلك الحركات. الاسلام ليس برنامجاً معداً سلفاً ما علينا إلا أن نستله ونديره فيعمل آلياً. الاسلام له تجلياته المختلفة التي تعكس وعي كل عصر ودرجة تطوره. ولكن حركات الهوس الديني اتخذته شعاراً لنشاطها السياسي وجرَّدته من منهج الهداية الشمولي، وهو منهجه الخالد. ثم استلت لها برنامجاً لا يخرج عن إغلاق الخمارات والجلد بالسياط وحجاب النساء وفتح الباب على مصراعيه للنشاط الطفيلي يعربد في جنبات المجتمع تحرسه قوة الدولة الباطشة.
    وتستل حركات الهوس الديني آيات من القرآن وتجردها مضمون الهداية ومن محتواها التاريخي. فقالوا إن الديمقراطية مضمنة في قوله تعالى: «وأمرهم شورى بينهم»، وقوله: «وشاورهم في الأمر» ولكن الآيتين وردتا في سياق منهج الهداية، ولا يمكن تلخيص كل نظام الحكم بهذا التبسيط.
    ويصفون نشاطهم السياسي بانه جهاد، وخصومهم كفرة وملاحدة. ومالنا نذهب بعيداً فقد كانت الحرب في السودان بين الشمال والجنوب تدار على أساس انها حرب دينية، ويخرج جحافل الشباب تحت رايات التهليل والتكبير. والذين يموتون في أتونها يصبحون شهداء. وبعد أن انطفأت شمعة ذلك الشباب الغض، انطلق النشاط الطفيلي يمضي رخاء، ثم جلس المتحاربون يتفاوضون سلمياً. هذا هو الهوس الديني يعبث بالدين ما شاء له العبث، ويريدنا أن نبقى أذلاء.
    وتصف حركات الهوس الديني الاستعمار بأنه صليبية جديدة، والصهيونية بأنها يهود، والجهاد ضدهم واجب مقدس. وهؤلاء أصحاب كتاب وليسوا وثنيين، ولكن وصفهم بالاستعمار والرأسمالية والطفيلية، يرتفع بدرجات الوعي، ويساعد على كشف سوءة الطفيلية.
    والهوس الديني له مظاهر أخرى، ولكن ما هى علاقة الهوس الديني بالإرهاب؟ نتعرض للقضيتين في المقالة القادمة.




    http://alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147500801&bk=1
    _
                  

04-14-2008, 08:13 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تحالف الصادق والترابي: لمحة تاريخية «1 ـ 3»

    د. محمد سعيد القدال
    التقى مؤخرا السيد الصادق المهدي والدكتور الترابي في تحالف جديد. ولسنا هنا بصدد تناول الدلالات السياسية لهذا التحالف، فهذا شأن آخر، ولكن نريد ان نستعرض التحالفات التي تمت بين الزعيمين خلال الحقب الاربع المنصرمة، منذ عام 1964، لعل هذا العرض يساعد على فهم التحالف الجديد وما يحمله للمستقبل.
    «التحالف الاول»: كان اللقاء الاول للزعيمين بعد ثورة اكتوبر وكانا في بدايات العقد الرابع من العمر. ولعل ثورة اكتوبر من اهم المنعطفات في تاريخ السودان الحديث وشهدت زخما ثوريا فريدا في نوعه. وكانت اشرعة الناس تنفخ فيها رياح الآمال العراض، ولكن كان على الحزب الشيوعي ان يضع في اعتباره ان الحياة السياسية لا تسير فقط باندفاع الثورة وبدوره في ذلك الاندفاع. فتوازن القوى الذي مال لصالح الحزب الشيوعي ما كان له ان يستمر طويلا. فما زال للاحزاب الاخرى مؤيدون اضعاف ما للحزب الشيوعي. فعالجت الاحزاب ذلك الخلل بخطأ آخر. فسرعان ما كونت الجبهة الوطنية في مواجهة جبهة الهيئات التي فجرت الثورة وقادتها في مراحلها الاولى. «القدال، معالم في تاريخ الحزب الشيوعي ص 135 ـ 137» والنتيجة للموقفين ان الثورة لم تأخذ مدى انطلاقها الذي دفع الشباب دماءهم من اجله. ثم كانت انتخابات الخريجين التي اكتسحها الحزب الشيوعي «حصل هو ومن يؤيدهم على 11 مقعدا من 15» ثم كانت منافسة عبد الخالق لازهري في دائرة ام درمان الجنوبية حيث فاز ازهري بفارق الف صوت.. فتحولت الجبهة الوطنية الى حلف لمواجهة الحزب الشيوعي في صعوده الجماهيري. فكان ذلك التحالف سلبيا.
    «التحالف الثاني» وقف الصادق المهدي والترابي وقفة كبرى في معركة حل الحزب الشيوعي ولعل قضية حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان من اخطر القضايا التي مرت بها التجربة الديمقراطية في البلاد ان لم تكن اخطرها.
    ولا نقول هذا من اجل النواح والبكاء على الاطلال. ولكن لان الحادثة كانت طعنة نجلاء في كبد النظام الديمقراطي. فالدستور والانتخابات والبرلمان اصبحت مجرد ديكور يمكن الاستغناء عنهم من اجل المكاسب الحزبية الضيقة. فانفتح الباب امام قوى اخرى لتعبث بالنظام الديمقراطي اللبرالي، وما لها لا تعبث به اذا عبثت به الاحزاب ذات المصلحة في بقائه.
    الامرالثاني ان المعركة ادخلت الدين في المعترك السياسي بطريقة فجة. فاطلقت العنان للهوس الديني الذي اكتوى به القريب والبعيد. كتب عبد الخالق يقول: ان القوى الاجتماعية التي شهرت سلاح الدين هي وليدة العنف البرجوازي. وقد ظلت تلك القوى راضية عن الاستقرار العسكري في عهد عبود، وبعد ثورة اكتوبر شكلت تلك القوى مع قوى التخلف والساسة الانتهازيين جبهة واحدة ضد الثورة ودخلت في حلف مقدس لا يستهدف فقط منع التحول الثوري، بل ايضا مواصلة السير في طريق التطور الرأسمالي. فامتشقت تلك القوى سلاح الالحاد.
    وبرز الشعار بعد انتصار ثورة اكتوبر مباشرة فكانت الخطب الملتهبة التي اطلقها الصادق المهدي ونصر الدين السيد في اجتماع شعبي في حي المهدية ضد الشيوعيين هي الضوء الاخضر لسيل متدفق من الحملة تحت اسم الاسلام في وجه الخطر الشيوعي كما صور للناس «القدال، معالم، ص 151 ـ 153»
    ادرك الحزب الشيوعي خطورة الدجل الديني في السياسة.. فجاء في تقرير المؤتمر الرابع للحزب عام 1967 ما يلي: علينا ان نقر ان السلاح الفكري للثورة المضادة واتجاهاتها الدائمة لفرض العنف على حركة الثورة، تسير دائما تحت مظلة التهريج والدجل باسم الدين. وفي مواجهة هذا الموقف لا يكفي الاقتناع بالدفاع عن الحياة السياسية العلمانية وفصل الدين عن السياسة فمن اجل مواجهة الخطرالمستمر من الهجوم الفكري يصبح لزاما على الحزب الشيوعي ان ينمي خطه الدعائي حول قضية الدين الاسلامي وعلاقته بحركة التقدم الاجتماعي. وان يدخل بين الجماهير لا بصفته داعية للنضال السياسي بل كقوة فكرية تتصدى لهذا الخطر وتواجهه بخط يضع الدين في مكانه بين حركة الشعوب «الماركسية وقضايا الثورة السودانية ص 168 ـ 170»
    الامر الثالث ان الاحزاب لم تدرك ان الديمقراطية اللبرالية لها منابر غير الانتخابات البرلمانية مثل النقابات والصحافة والليالي السياسية وفوق كل ذلك المقدرة على الافصاح فخاض الحزب المعركة بكل طاقته لكسر اندفاعها ثم رفع قضية دستورية وكانت تلك معركة اخرى.
    ولم يمض حل الحزب الشيوعي دون ان يكون له ردود افعال متباينة اتخذ بعضها طابعا دراميا عندما اقدم شاب في مدينة مدني بحرق نفسه احتجاجا على قرارالحل. والمهم ليس صحة قرار الشاب المهم السلوك الانتحاري لذلك الشاب الذي عبر فيه عن اعنف تعبير عندما يضحى الانسان باغلى ما يملك.
    وجاء ردالفعل العقلاني من حسن بابكر نائب الحزب الوطني الاتحادي عن الدائرة 3 فقال مخاطبا نواب البرلمان: رجائي ان تتركوا الحماس جانبا وتحموا الديمقراطية التي عادت الينا بعد تضحيات لم نبذل مثلها في معركة الاستقلال. فتأكدوا انها ستنزع برمتها منكم كما انتزعت في الماضي.. ولا اريد ان اسجل حربا على الديمقراطية فخير لابنائي ان يدفنوني شهيدا من شهداء الديمقراطية بدلا من ان اعيش في عهد وأد الديمقراطية.
    ولعل العم امين التوم عطر الله رمسه، السياسي الوحيد الذي لم تأخذه العزة بالاثم فقال: اما تعديل الدستور وتحريم الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان بتلك السرعة وبتلك العجلة فامر ارى ان تعجلا مضرا حدث بمقتضاه. «امين التوم ذكريات ومواقف»
    اما الصادق المهدي فالتعليق الوحيد الذي وقفت عليه هو الحديث الذي ادلى به لمجلة طلاب جامعة الخرطوم عام 1985 فقال «ما حدث كان انفعالاً.. ان الذي حدث في موضوع حل الحزب الشيوعي كان موقفا سياسيا غير محسوب نتج عن موقف انفعالي.. ان حديث الطالب في معهد المعلمين فجر المشاعر.. وان مثل الذي حدث قد يتكرر» وهذا الحديث مليء بالمغالطات. فوصف الذي حدث بانه انفعال غير صحيح، لان الانفعال لا يستمر لاسابيع من 9نوفمبر الى 7 ديسمبر كما ان الانفعال لا يكون ضد حزب سياسي لم يصدر منه ما يسيء لعقائد المجتمع وتراثه وانما ضد الشخص الذي فجر ذلك الانفعال. والقول بأن الموقف غير محسوب يتعارض مع كل الخطوات المحسوبة التي اتخذتها الاحزاب. كما ان الاحزاب التي تدير شئون البلد لا تمضي دون ان تحسب خطوها. والتهديد بتكرارالحدث مرة اخرى حديث من باب حفظ ماء الوجه. واذا كان السيد الصادق فوق النقد لانه اصبح اماما فهذا شأنه ولكن الصراع السياسي فوق الافراد وفوق الامامة.
    اما الترابي فكان اكثر وضوحا في الدفاع عن ذلك الموقف فاصدر كتابا في يناير 1968 بعنوان «اضواء على المشكلة الدستورية: بحث قانوني مبسط حول مشروعية حل الحزب الشيوعي» وتولت المطبعة الحكومية في الخرطوم طباعته وسوف نتناول محتواه عند مناقشة القضية الدستورية. وادرك الاستاذ محمود محمد طه اضطراب الكتاب، فالف كتابا في الرد عليه بعنوان «زعيم جبهة الميثاق الاسلامية في ميزان: الثقافة الغربية ـ الاسلام. اضواء على المشكلة الدستورية. وقال: ان الكتاب من حيث هو فلا قيمة له ولا خطر منه لانه متهافت ولانه سطحي، ولانه ينضح بالغرض ويتسم بقلة الذكاء الفطري.
    كان ذلك هو التحالف الثاني. ونتناول في الحلقة القادمة التحالفات الاخرى.



    http://alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147499822&bk=1
                  

04-14-2008, 08:15 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    عودة إلى مأزق الأفندي!!ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(2ـ2)
    مفهوم الحرية عند الأفندي
    د. عمر القراي
    يقول الأفندي (من هنا فإن من قادوا حملة تكفير الشيخ الترابي لم يحالفهم التوفيق. فإنه يحق لمن شاء أن يخالف الترابي واجتهاداته ولكن لا يحق لهم التشكيك في عقيدته ونياته. ولا علاقة لهذا بما ذهب اليه البعض «عمر القراي في جريدة الصحافة.. على سبيل المثال» من ان التكفير اعتداء على حرية التعبير. فالقراي هنا يناقض نفسه حين يدافع عن حرية التعبير بينما يهاجم الذين يعبرون عن رأيهم الديني. فكما أشرت أيضاً في مقالة سابقة في «القدس العربي» فان حرية التفكير تستتبع حرية التكفير. ذلك ان توضيح اسس العقيدة في كل دين يشتمل على تحديد للاطار الذي يحدد حدود العقيدة وما هو داخلها وما هو خارجها. فأنظمة اللاهوت كما يقول محمد أركون هي نظم من الاقصاء المتبادل. والقائمون على كل ملة من العلماء وغيرهم يرون أن من واجبهم التنبيه الى ما يرونه خروجاً عن أُسس العقيدة).
    أول ما تجدر الاشارة اليه، هو ان كل انسان حر، ولكن ثمن الحرية هو حسن التصرف فيها.. وآية حسن التصرف، ان تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين. ولهذا لا يجوز لك ان تقول انني حر في ان اقول ما اشاء، ولو كان تكفير الآخرين، والاساءة الى معتقداتهم وعقائدهم.. فالتكفير اعتداء سافر على حرية التعبير، الغرض منه في النهاية، اسكات صوت الشخص الذي تم تكفيره بإنهاء حياته، أو بإجباره على التنازل من معتقداته.. لهذا فالذين كفروا الترابي، طالبوا بإيقاف محاضراته، والذين كفروا الاستاذ محمود من قبل، طالبوا باحراق كتبه، وقفل دور حزبه.. أسوأ من ذلك فإن التكفير، يمثل إعطاء رخصة للمتطرفين، لأخذ القانون في أيديهم، وقتل الشخص البرئ، الذي تم تكفيره.. وهذا ما حدث للمفكر المصري د. فرج فودة، فقد افتى احد الاشياخ بكفره، فخرج عليه شابان من الجماعة الاسلامية، واردياه قتيلاً.. ولقد ذكر الشاب الذي حاول قتل الكاتب المشهور نجيب محفوظ، انه لم يقرأ أي كتاب من كتبه، وانما فعل ما فعل، لانه سمع فتوى من شيخ، يكفِّر فيها الكاتب الكبير!! فإذا جاء الافندي بعد كل هذا، ليحدثنا عن ان التكفير، لا يمثل اعتداءً على حرية التعبير، فإنما هو رجل لا يدرك معنى ما يردد.
    إن الفكر الغربي الحديث، يعتمد في أمر الحقوق والحريات، على مرجعية الشرعة الدولية لحقوق الانسان، التي تتكون من: الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة.. وفي كل هذه المواثيق، تكرر تأكيد حرية الاعتقاد، وحرية التعبير عن المعتقد، وعدم حق الافراد او الدول في التغول على هذا الحق، بإرهاب اي شخص، أو اجباره على التنازل عن اعتقاده، أو تحقيره، والتمييز ضده، أو حرمانه اي مكانة سياسية، أو اجتماعية، بسبب دينه أو معتقده. فاذا كان الافندي يفهم هذا، فما هو التناقض الذي يأخذه علىَّ، حين ادعو الى حرية التعبير، وأدين في نفس الوقت، الاشياخ الذين كفَّروا الترابي، وامروه بالتوبة عن آرائه؟!
    أما من حيث الفهم الديني، القائم على اصول القرآن، فإن كل شخص حر، في أن يؤمن أو يكفر.. قال تعالى في ذلك (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).. وواجب المسلم، ان يذكر الناس بالدين، ولا يجبرهم عليه.. قال تعالى (فذكر انما انت مذكر * لست عليهم مسيطر).. فإذا دعاهم يدعوهم بالحسنى.. قال تعالى (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).. ثم هو يجب ألا يلح عليهم، لأن هدايتهم ليست من واجبه.. قال تعالى (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء).. فاذا رفضوا الدعوة، وأبوا ان يدخلوا في الاسلام، فليس من حق المسلم، ان يسب معتقداتهم، ويسئ الى عقائدهم.. قال تعالى (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زيَّنا لكل أمة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون).
    ان ما ذكره الافندي، من أن أصحاب العقائد لا بد لهم من وضع حدود لعقيدتهم، وتحديد من هو خارجها أو داخلها، وان العلماء لذلك يمكن لهم، بل من واجبهم تكفير من يرون انه يخالف اسس عقيدتهم، أمر معروف.. ولكن ما لا يعرفه الافندي، وهو يحتاجه ليخرج به من مأزقه، هو ان هذا المستوى هو مستوى الشريعة، وهو قد كان حكيماً كل الحكمة في وقته، ولكنه لا يناسب وقتنا الحاضر، لانه يخالف اصول الاسلام، التي تحدثنا عنها أعلاه، ويخالف الشرعة الدولية لحقوق الانسان.. ولهذا فأنا لا أدعو لتطبيق الشريعة، التي تقوم على فروع القرآن، وانما ادعو الى السنة التي تقوم على اصوله.. بهذا الفهم المؤسس الذي طرحه الاستاذ محمود محمد طه، فيما عرف بتطوير التشريع الاسلامي، في الانتقال من الفروع الى الاصول، ومن الشريعة الى السنة، الحل الجذري لأزمة الحركات الاسلامية، التي عجزت عن تطبيق الشريعة، كما عجزت عن رؤية المستوى الأرفع من الدين.. ولكن الافندي ذكر انه لا يريد ان يناقش الفكرة الجمهورية، ولكنه لم يستطع ان يهملها تماماً، فهو يرهق نفسه في امرها، دون طائل، ويصدق فيه قول القائل:
    وعن مذهبي لما استحبوا العمى على الهدى
    حسداً من عند انفسهم ضلوا
    فهم في السُرى لم يبرحوا من مكانهم
    وما ظعنوا في السير عنه وقد كلوا
    لقد ذكر الأفندي، أنه خالف اخوانه المسلمين، حين طالبوا بإسكات سلمان رشدي، رغم ادانته لما كتب، فلماذا فعل ذلك؟ لقد افتى الامام الخميني، بكفر سلمان رشدي، ووضع جائزة لمن يقتله. فاذا كان الافندي يرى ان من حق الخميني، ان يكفِّر سلمان رشدي، قياساً على حق العلماء في تحديد من هو داخل العقيدة، فكيف يقبل بالتكفير، وينكر اولى نتائجه، وهي اسكات صوت الكافر؟! ان الشريعة التي أعطت العلماء حق حماية العقيدة، بتكفير من يرونه خارجاً عنها، هي نفسها التي امرت بإسكات صوت الكافر، ومصادرة حقه في الحياة، فليأخذها الافندي كلها، أو يتركها كلها!!
    وتعصب أصحاب العقائد الى عقائدهم، ونعتهم من خالفهم بالكفر، هو ما جعل محمد أركون يعتبر اللاهوت اقصاءً منظماً. وما فات على اركون، هو ان اللاهوت يبدأ من مرحلة العقيدة، حيث الاقصاء للآخر، ويرتفع نحو مرحلة العلم، حيث القبول بالآخر، مهما كان اعتقاده، واعطاءه الحق في التعبير، وعدم تكفيره، فليقرأ اركون ان شاء قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
    ضعف الفهم الديني
    ومن ضعف الفهم الديني قول الأفندي (والعقيدة الاسلامية هي ما تواضع عليه المسلمون وتوارثوه كما ان اللغة العربية هي ما تحدث به العرب)!! والخطل في هذا التقرير، هو ان اللغة قد صنعها الناس في حركة حياتهم اليومية، وطوروها لتعبِّر عن حاجاتهم المختلفة، بينما العقيدة جاءت من إلمامة السماء بالارض، لتهذِّب اعراف المجتمع، وتربطها بالاعالي.. والمسلمون قد يتواضعوا على مفاهيم، وعقائد، ويتوارثوها، ثم تكون مفارقة للدين، وتصبح جماعة المسلمين رغم كثرتها بلا وزن عند الله لمفارقتها للحق، فقد جاء في الحديث (يوشك أن تداعى عليكم الأمم، كتداعي الأكلة على القصعة. قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل انتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل لا يبالي الله بكم).. فالجماعة ليست المرجع، وانما المرجع الحق، وان قل انصاره..
    ولقد بنى الأفندي على تقريره، ان ما يتواضع عليه الناس هو العقيدة الاسلامية، رأياً فحواه أن الفكرة الجمهورية خارجة عن الاسلام، لانها قدمت فهماً لا يوافق عليه المسلمون.. أسمعه يقول (وبالمثل فإن من جاء بفهم جديد للاسلام يناقض ما تواضع عليه المسلمون «بغض النظر عن صحة مقولته او عدمها» يقف خارج أرضية الاسلام) هذا ما قاله الافندي.. فاذا فرضنا ان هذا الشخص، الذي خالف المسلمين، قدم مقولة صحيحة، فإنه يكون قد جاء بالحق، فهل يمكن ان نقول لمن جاء بالحق، إنك خارج على أرضية الاسلام لأنك خالفت ما تواضع عليه المسلمون؟!
    ان الافندي الآن ينقد الحركة الاسلامية جناح الترابي ، وجناح الحكومة، وهو بهذا ضد الحركة الاسلامية السودانية، فهل يعني هذا انه بالضرورة يقف خارج ارضية الاسلام؟!
    في مقاله السابق، تناول الافندي حديث تأبير النخل المشهور، فقال (فعصمة الرسول صلى الله عليه وسلم تتعلق بالتبليغ في أمر الدين وهو القائل «انتم اعلم بشؤون دنياكم» كما ورد في الحديث الذي نصح فيه المسلمين بعدم تلقيح النخل وهي نصيحة اتضح أنها لم تكن صائبة)، ولقد ذكرت رداً على الافندي ما يلي (وخطأ د. الافندي يجئ من عدة وجوه:
    1- إفتراضه ان النبي صلى الله عليه وسلم، الذي عاش كل حياته، في جزيرة العرب، لا يعرف ان النخل يلقَّح، مع ان هذه المعرفة، متوفرة لأي اعرابي، لمجرَّد معيشته هناك.
    2- أسوأ من ذلك!! افتراضه ان النبي صلى الله عليه وسلم، يفتي فيما لا يعلم، وهو بذلك يسلك في مستوى، دون ما طلب الله من المؤمنين، في قوله تعالى (قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وان تقولوا على الله ما لا تعلمون).. فهو عليه السلام، لا يقول بما لا يعلم، ولا يتحدث فيما لا يعنيه، ولقد كان يُسأل، فيصمت، أو يقول لا أعلم، انتظاراً للوحي.
    3- لو كان ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، في امر تلقيح النخل خطأ، لصححه الوحي، وهذا مقتضى العصمة، فالمعصوم هو الذي اذا اخطأ صححه الوحي). انتهى حديثي في المقال السابق.
    ولم يناقش الأفندي هذه الحجج، وتركها جانباً، ليقول (وبحسب القراي فإننا والصحابة وكل اجيال المسلمين السابقة على خطأ بل واسأنا الادب مع الرسول صلى الله عليه وسلم حين اتهمناه بالجهل بأمر تلقيح النخل وهو ابن الصحراء... هذا الفهم غاب كما ذكرنا عن كل اجيال المسلمين حتى فتح الله به على القراي وشيخه بوحي منه حيث لا توجد وسيلة اتصال اخرى مباشرة ليصحح بها الرسول هذا الفهم الخاطئ. وهذا يعني ان الرسول صلى الله عليه وسلم كتم الرسالة وغش المسلمين حين لم يوضِّح لهم الامر بهذه الصورة وهي تهمة أسوأ بكثير من الجهل بإجراءات تلقيح النخل)
    وليس كل الاصحاب، وكل السلف الصالح، يتفقون مع الافندي في اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بالجهل بأمر تلقيح النخل، لأن منهم من يعتقد انه صلى الله عليه وسلم، علم علوم الاولين والآخرين، فالبصيري امام المديح يقول مخاطباً النبي الكريم:
    فان من جودك الدنيا وضرتها * ومن علومك علم اللوح والقلم
    ولقد كتب السادة الصوفية كثيراً، عن الفرق بين علم الشريعة وعلم الحقيقة.. واوضحوا كيف ان النبي صلى الله عليه وسلم قد خاطب الاصحاب بالحقائق، ولم يكلفهم بها، وانما نزل لهم لما يطيقون من الشريعة.. وضربوا المثل بحديث النخل، وحديث العدوى، وحديث البقرة التي تتكلم وغيرها.. فهل اطلع الافندي على هذا العلم المبذول، قبل ان يقرر في سطحية مؤسفة، انه لا يتأتى إلا بالوحي؟!
    ولئن كان وصف النبي الكريم، بكتمان الرسالة، أسوأ من اتهامه بالجهل بتلقيح النخل، فان هذا ايضاً ذكره الافندي، ولم نذكره نحن. وذلك لاننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يؤمر بأن يبلغ الناس، كل ما وعي عن ربه، وانما امر ان يبلغ الرسالة، فهو القائل (نحن معاشر الانبياء أمرنا ان نخاطب الناس على قدر عقولهم)، واكبر من علم الرسالة، علم النبوة وعلم الولاية.. وفي حديث المعراج، المشهور الطويل، قال (علمني ربي ثلاثة علوم: علم امرني بتبليغه للخاص والعام من امتي وهي الانس والجن، وعلم خيَّرني في تبليغه، وعلم اخذ عليَّ كتمانه اذ علم انه لا يقدر على حمله غيري).. ومن أمثلة علم النبوَّة، الذي خير في تبليغه، واختار له بعض اصحابه، انه اخبر حذيفة بن اليمان بالمنافقين، ولم يخبر بهم بقية الاصحاب.. فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذا قدمت جنازة، لا يصلي الا بصلاة حذيفة. فهل يظن الافندي ان النبي صلى الله عليه وسلم، اذا لم يخبر الاصحاب عن سر اثمار النخل دون تلقيح، يكون قد كتم الرسالة؟!
    ولقد كرر الافندي هنا، مرة اخرى، ادعاء ان الفكرة الجمهورية تقوم على وحي، رغم اننا طالبناه ان يثبت ذلك من كتبها فلم يقدر.. وهذا إن دل على شئ، إنما يدل بالاضافة الى على عدم الامانة، على الاستهتار، وعدم الجدّية، وعدم الاكتراث، والعجز عن النهوض بالمسؤولية العلمية، التي تقتضي التوثيق، وإبراز المصادر، وهو ما يفترض ان يكون الافندي قد تدرَّب عليه، في اوليات البحث العلمي، حين حضر درجته الاكاديمية، التي لم يكن في حديثه عن الفكرة الجمهورية، مخلصاً لمنهجها.
    ورغم ان الأفندي قد علَّق على كل هذه المواضيع، إلا انه قد ختم مقاله، بأنها ليست الموضوع الاساسي، وانما الامر الذي كتب من أجله، هو الموقف من الوحي!! فان لم تصدقوا هذا فأقروا قوله (إن القضية المحورية في الجدل الذي ثار حول فتاوى الشيخ الترابي ليست هي قضية حرية الرأي، وهي مسألة مفروغ منها، وليست قضية إيمان الترابي من كفره. وليست هي من باب اولى قضية مواقف العبد الفقير الى مولاه السياسية. القضية اكبر من كل ذلك. وهي الموقف من الوحي والعلاقة معه وما هي مكانة العقل الانساني في التلقي والتأويل)!!.



    http://alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147504002&bk=1
    __
                  

04-14-2008, 08:16 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    عودة إلى مأزق الأفندي!!(1ـ2)
    د. عمر القراي
    توقع بعض القراء، الذين تابعوا مقالي السابق في الرد على د. الأفندي، ان يرد بمواجهة المسائل المحددة التي أثرتها في ذلك المقال.. فيعقِّب مثلاً، على ما ذكرته من جهله بالفكرة الجمهورية، ثم عدم تردده في الخوض فيها، واتهامها دون الرجوع لمصادرها، بأنها تدعو إلى دين جديد، وتدعي وحياً من الله!! أو ما أثرته عن ان د. الافندي يقع في مأزق، فهو يعارض د. الترابي، شيخه السابق، ويعارض الجناح الآخر من الحركة الاسلامية، ثم لا ينفي أنه ما زال في اطار الفكر الاسلامي، ثم هو لا يحدثنا عن رؤية جديدة، تختلف عن اجتهادات الترابي، التي هاجمها، أو آراء خصومه الذين كفَّروه، وتتفق مع الاسلام، ومع مفاهيم الحداثة الغربية التي يزعم انه عالم بها.
    لقد كان نقدي السابق، مؤسساً على ما كتب الافندي، فلم يترك لصادق مندوحة إلا الموافقة عليه، أو على أقل تقدير قبوله، وعدم التعقيب.. ولقد كنت لحسن ظني بالأفندي، اتوقع منه ذلك، ولكنه اخلف حسن ظني، فلم يواجه الموضوع كما تصوَّر بعض القراء، ولم يصمت كما توقعت أنا، وانما دار هنا وهناك، يباعد الامر ويقاربه، ويذكر اسمي على استحياء، وكأنه لم يكتب ليرد عليَّ، وينسب لي التناقض فيما لا تناقض فيه، وذلك ليبرر لنفسه وللقراء، انه قد رد على مقالي، وانه يتابع ما يكتب حول آرائه، ثم يجنح مرة اخرى للتعميم، ليؤكد أنه غير متأثر بنقدي له، ولا يود متابعته بالرد المفصل، الذي يوهم القراء بأنه يستطيعه ثم يزعم أننا لم نفهم القضية الاساسية، ويخبرنا انها ليست تكفير الترابي، ولا هي قضية حرية الرأي، ولا هي مأزقه هو، ويقفز بنا الى مسائل جديدة مثل جدلية الوحي والفكر الانساني ويدعي أنها هي الموضوع الاساسي للحوار!! ولو كان د. الافندي واثقاً من ثقافته الغربية، ومن فكره الاسلامي، لما اضطرب كل هذا الاضطراب، في قضايا بدهية، كان عدم المامه بها، كافياً ليحرمه من الكتابة فيها، لو كانت الكتابة، تقتضي اي قدر من المسؤولية العلمية أو الدينية.
    أسوأ المآزق ما لا يشعر به صاحبه
    يقول د. الأفندي (وبالتالي فإن تكرار الحديث بأن العبد الفقير إلى مولاه يواجه «محنة» أو «مأزقاً» بسبب التدهور الذي اصاب الحركة الاسلامية عامة والسودانية خصوصاً يعكس محنة ومأزق من فرضوا على نفسهم الأمية ويريدون كما كررت سابقاً للكاتب ان يكتب ثم يقرأ نيابة عنهم، وهو دور للأسف لا نملك الوقت ولا الرغبة في القيام به. فلسنا وكلاء عن من فرضوا على أنفسهم الأمية خاصة في عصر الانترنت الذي يكفي ان تجري البحث فيه عن اسم كاتب فترِدك آلاف الصفحات عما كتب وما كتب عنه بكل اللغات. ونحن ننصح هؤلاء الاخوة بمداواة أميتهم بشئ من القراءة أو أن يسألوا أهل الذكر كما يفعل الاميون الذين يحترمون انفسهم قبل أن يخوضوا فيما ليس لهم به علم). هذا ما قاله الافندي، وهو ينضح بالغرور والادعاء، إذ يتهمنا بالأمية، وينصحنا بالقراءة، ويشرح لنا كيف نستعمل الانترنت كي نداوي اميتنا، أو نسأل أهل الذكر اذا لم نستطع استعمال الانترنت!! ولكن مع كل ذلك، عجز الافندي عجزاً بيِّناً، عن دفع الاتهام بأنه هو شخصياً يعيش في مأزق.. ليس بسبب التدهور الذي أصاب الحركة الاسلامية السودانية، وانما بسبب عجزه هو شخصياً، عن ان يتبنى رؤية جديدة، تمثل فكراً اسلامياً بديلاً، يخرجه من هذه الأزمة العامة، الى ما تطمئن به نفسه، ويصح به دينه.
    فلو أن الافندي عقَّب على حديثنا السابق عن مأزقه، بأنه لا يعاني أي مأزق، وانه خلافاً للترابي، وخلافاً لجماعة الانقاذ، منسجم مع افكاره، ولم يغيِّر مواقفه ومنطلقاته، وانه حين ادان هؤلاء، يملك الفهم الاسلامي الصحيح، البديل عن تطبيقاتهم الخاطئة، ودلل على ذلك من كتابته التي ذكر انها تسد الافق، لواجه الاتهام الذي رفعناه في وجهه. ولكن الافندي فضَّل أن يقف موقف المتفرج، في لعبة لا تعنيه، ينظر فيها من عل الى الحركة الاسلامية، التي تربى في كنفها، وهي تعاني من محنة انقسامها، وفشل شعاراتها، وتكفير مرشدها، وفساد حكامها.. وكأن مهمته في الحياة هي مجرد النقد، وكأنه لم يكن الى وقت قريب، يعمل مع حكومة الانقاذ، التي وصفها في مقاله بالظلم والفساد، ولم يكن متبعاً للترابي كشيخه وقائده.. إن الافندي يريد ان يمسح تاريخه بجرة قلم، ويلقي باللوم على اخوانه في الحركة الاسلامية، ويظل هو رغم حيرته، بمعزل وكأنه المفكر الذي لا يعاني من اي مشكلة.. أليس هذا في حد ذاته، انفصاماً غريباً، يحتاج صاحبه الى علاج، ينبغي ان يشغله عن نقد الآخرين؟!
    أما نحن فقد ركزنا على مأزق الافندي، لحرصنا عليه، لاننا نرى ان الافندي غاية في ذاته، وان واجبه الاساسي هو تدارك امر نفسه.. وذلك لان الاعتبار الديني الاول، هو اعتبار الانسان لنفسه، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم الى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم تعملون). وقال جلَّ من قائل (ومن يرغب عن ملة ابراهيم إلا من سفه نفسه).. فلماذا يريد د. الافندي ان يسفه نفسه، ولا يحفل بمصيرها، ثم اذا ذكر بذلك يتطاول على من نصحوه، ويصفهم بالأمية؟!
    ولا عبرة لوصف الافندي لنا بالأمية، لأن فهمه لها فهماً سطحياً، فهو لا يعني اننا لا نستطيع القراءة والكتابة، وانما الأميه عنده مطابقة للجهل، وهذا هو الفهم الشائع، والسطحية دائماً، تأتي من اتباع الفهم الشائع.. والحق أن الأمية لا تعني الجهل، فقد كان أعلم الخلق وأكرمهم على الله أمي!! قال تعالى (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر).
    أما الاستاذ محمود محمد طه، فإنه حين رفع النبي صلى الله عليه وسلم، نموذجاً تتأسى به البشرية جمعاء، في كتابه (محمود محمد طه يدعو الى طريق محمد)، رفع الأمية، كقيمة ايجابية، فقال (والأمية تعني سلامة الفطرة من زغل التحصيل وتعقيد التفلسف والتنطع الذي يصاحب التعليم عادة).
    ما هي القضية الأساسية؟
    نحن نرى ان القضية الاساسية، هي ان الأفندي غير مؤهل لنقد الحركة الاسلامية.. لانه كان ولا يزال جزءاً منها، ولأنه في داخلها مضطرب الولاء والتفكير، ولأنه انتقد الترابي وانتقد جناح الانقاذ الحاكم، ثم لم يحدد رؤيته الاسلامية التي تختلف عنهما، ومن هنا تحدثنا عن مأزقه.. ولكن الأفندي لا يظن ان فكره، ومواقفه هي القضية الاساسية، بل يرى ان (القضية الاساسية التي اردنا معالجتها «وظللنا نعالجها من زوايا مختلفة لاكثر من اربعة قرون» هي المتعلقة بالفكر الاسلامي المعاصر، وهي انه فكر يستصحب الحداثة والعقلانية الاوربية المعاصرة في نظرته للتراث الاسلامي. والفرق بين الاسلاميين وخصومهم من العلمانيين هو ان الآخيرين يحاكمون التراث الحداثي الغربي. بينما يتخذ الاسلاميون موقف الدفاع عن التراث الاسلامي عبر محاولة المواءمة بينه وبين ما يصعب رده من مقتضيات الحداثة. ولكن موقف الاسلاميين الدفاعي يختلف أيضاً عن موقف التقليديين الذين يماثلونهم في بناء الخنادق الدفاعية في أن الحركات الاسلامية تحتضن بعض مظاهر الحداثة، بل تعتبر نتاجاً لها وترفض بعض توجهات التقليديين المحافظة).
    هذا وصف الافندي للقضية الاساسية، وهو وصف خاطئ، ولكننا لا نود ان نقف عنده الآن.. فلو اننا سلمنا جدلاً، بأن وصفه هذا صحيح، فهل قدَّم حلاً للحركات الاسلامية أو العلمانية؟ وهل وضَّح للقارئ ايهما افضل اتجاه تبني الحداثة ام اتجاه التعصب الذي يرفض الحداثة أم اتجاه العلمانيين؟ وهل أبان عن موقفه هو من هذه التيارات؟
    ان مثل هذا السرد القصصي، الذي يشبه الروايات الضعيفة، هو ما شغل به الافندي نفسه، خلال اربعة عقود، فلم يعطه وقتاً ليفكر في نفسه، ويهتم بمصيرها، واين يضعها بين هذه الجماعات المتباينة.
    اما الخطأ في هذا الوصف، فيجئ من ان الحركة الاسلامية، لم تختر الحداثة عن قناعة، ولم تستصحبها عن نظر متعمق، يدرك قيمتها، وانما اضطرت إليها اضطراراً، حماية لمصالحها في الكسب السياسي، الذي لا علاقة له بالدين.. فالترابي نفسه بدأ متشدداً، ولقد صرَّح حين طرح الدستور الاسلامي لأول مرة، بأن غير المسلم، لا يجوز له مجرد الترشيح، لمنصب رئيس الجمهورية، وكان هو من وضع مادة الردَة في القانون.. فاذا قال اليوم إنه ضد التكفير، وان غير المسلم يمكن ان يتزوَّج المسلمة، وعارض حكومة الانقاذ التي كان عرَّابها، فهل فعل ذلك لانه أراد ان يستصحب الحداثة، ام لانه يريد ان يصاحب مصلحته، التي لا علاقة لها بالدين؟!
    والافندي كنموذج آخر، بدأ مؤيداً لحكومة الانقاذ، وموظفاً فيها، ثم شعر بأن هناك هجمة عليها من الدول الغربية، التي تبنت مؤخراً اتجاه الهجوم على الارهاب والتشدد الاسلامي.. ولما كان يريد ان يظهر كمفكر وباحث، في جامعاتها، كان لا بد ان يركب موجة نقد التطرف الاسلامي.. وهو لا يمكن ان يقبل منه ذلك، الا اذا اثبت بنقد الحركة الاسلامية المكثف، انه لم يعد عضواً فيها، وهكذا فضَّل مصلحته الدنيوية على معتقده الديني!! والدليل على ان الافندي ليس مخلصاً للفكر الغربي الحديث، بل ليس ملماً به بالقدر الكافي، ما ظهر في مقاله عن فهمه للحرية، مما سنعرض له في موقعه.
    [email protected]




    http://alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147503968&bk=1
                  

04-14-2008, 08:17 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    تعقيب على مقال الأفندي «عن الشيخ الترابي وأزمة الحركة الإسلامية المعاصرة» 1ـ2
    مأزق الأفندي..!!
    في صحيفة «الصحافة» بتاريخ 25 -4-2006 ، كتب د. عبد الوهاب الافندي ، مقالاً على ضوء الضجة الاخيرة، التي اثيرت حول آراء د. الترابي .. ولقد انشغل د. الافندي، عن جوهر القضية، الذي ينبغي ان يركز عليه كل مثقف حر، مهتم بحرية الفكر، وبكرامة الانسان.. فبدلاً من مواجهة اتجاهات «التكفير» ، وادانة مصادرة الحق في التعبير، من حيث المبدأ، على انها اعتداء سافر على الحقوق الاساسية ، ثم هي مفارقة كبيرة ، لاصول الاسلام ، المتمثلة في قوله تعالى «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، ترك د. الافندي كل هذا جانباً ، ليحدثنا عن الكتاب الذي شارك في اعداده «لفيف من الاكاديميين والمفكرين من مختلف انحاء العالم»، والذي كتب فيه فصلاً عن آراء الترابي .. لقد كان حرياً بدكتور الافندي، ان يدين الحملة الجائرة التي كفرت الترابي، وطالبته بالتراجع عن افكاره، قبل ان يحدثنا عن آرائه، و يسعى لتبريرها، او رفضها.
    أقول هذا، دون ان اغفل عن ان د. الترابي ، هو الذي اسس للاعتداء على حرية الفكر ، وحرية التعبير في هذا البلد .. وذلك منذ اثارته لقضية حل الحزب الشيوعي السوداني65م، ثم اخراجه للمسيرة المليونية ، تأييداً لقوانين سبتمبر 83م التي قطعت ايادي الفقراء ، بينما كانت حكومة نميري تعلن المجاعة !! ثم ضلوعه في مؤامرة اغتيال الاستاذ محمود محمد طه ، وتصريحه اكثر من مرة ، بان الاستاذ الشهيد يستحق القتل ، بسبب آرائه ، التي اعتبرها الترابي ردّة !! والترابي هو الذي كان قد افتى بان الردِّة الفكرية لا غبار عليها ، ثم هو الذي اعاد مادة الردة في القانون الجنائي !! وهو الذي كان عرَّاب حكومة الانقاذ ، الذي ساقها الى تبني الشعارات الاسلامية، التي سجنت بها خصومها في بيوت الاشباح ، وعذبتهم بسبب آرائهم ، ثم رفعت برعاية الترابي ، وتوجيهه ، شعار الجهاد، وقتلت اخواننا في جنوب السودان ، وفي جبال النوبة بنفس دعاوي التكفير .. ولقد بدل الترابي ، وغيَّر كثيراً في مواقفه وافكاره ، وما حديثه اليوم - حين ردت اليه بضاعته - عن حقه في حرية التعبير، الا ضرب من عدم الصدق.
    والاشياخ الذين هرعوا لتكفير الترابي، ليسوا افضل حالاً منه !! فقد كفروه لاباحته زواج المسلمة من الكتابي ، ورفضه لنزول المسيح ، لانه بذلك خالف نصوصاً من القرآن والحديث.. ولكنهم هم ايضاً ، كاعضاء في مجمع الفقه ، التابع لرئاسة الجمهورية ، قبلوا ان يكون نائب رئيس الجمهورية ، مسيحياً ، وان يكونوا تابعين له ، وموالين له ، فخالفوا بذلك قوله تعالى « يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين»!!
    ومهما يكن من امر الترابي وآرائه ، فإن د. الافندي لم يكن محدداً تجاهها، فتارة يبدو مدافعاً عنها ، وتارة يبدو ناقداً لها ، وبين هذه وتلك ، يضطرب ، ويتردد، ويحاول شرح معانٍ دينية عميقة ، بلا علم ، وبنفس منهج الجرأة الزائفة، الذي عابه علي الترابي .
    حديث الذبابة وحديث النخل:
    تعرض د. الافندي الى حديث الذبابة ، وتعليق الترابي المشهور عليه ، فقال «وتميز موقف الترابي بأنه اتخذ موقفاً جذرياً بدأ برفض المنهج التقليدي وهو التشكيك في صحة الحديث وبالتالي التشكيك في اعتقاد سائد بين المسلمين السنة بصحة كل ما ورد في صحيحي البخاري ومسلم .... وحجة الترابي هي ان البخاري بشر غير معصوم ولا بد انه اخطأ فيما اسناد بعض ما اورده. ولكن حتى لو كان البخاري على حق في روايته فإن من المحتمل ان يكون الصحابي الذي نسب اليه الحديث قد أخطأ فيما نقل او لم يفهمه كما يجب، والصحابة ايضاً غير معصومين بل ان بعضهم قد سجل عليه كذب وتزوير، وحتى لو تجاوزنا عن هذا واثبتنا ان السند صحيح وان الصحابي المذكور قد نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بدقة وموثوقية، فإنه يحق لنا ان نرفض المقولة النبوية اذا كانت تتعلق بشأن دنيوي. فعصمة الرسول صلى الله عليه وسلم تتعلق بالتبليغ في امر الدين وهو القائل «انتم اعلم بشؤون دنياكم» كما ورد في الحديث الذي نصح فيه المسلمين بعدم تلقيح النخل، وهي نصيحة اتضح انها لم تكن صائبة» هذا ما قاله د. الأفندي يدفع به عن آراء د. الترابي، ويعلن صراحة، موافقته عليها !!
    فلماذا الحديث عن التحري عن صحة الحديث ، وعن صدق الصحابة ، اذا كنا ببساطة «يحق لنا ان نرفض المقولة النبوية اذا كانت تتعلق بشأن دنيوي» كما قرر د. الافندي؟! ان الدقة في التحقق والتحري، سببها انه يجب علينا ، بمقتضى الايمان ، ان نقبل بتسليم ، ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم .. قال تعالى في ذلك «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً» وما يشجر بيننا ، انما يتعلق بأمور الدنيا ، وليس امور الآخرة.. فالترابي قد خالف نص هذه الآية ومعناها ، وهو لم يقل بتضعيف الحديث، كما حاول د. الافندي ان يوهم القراء ، وانما قال «هذا امر طبي آخذ فيه برأي الطبيب الكافر ولا آخذ رأي النبي ولا اجد في ذلك حرجاً ولا اسأل عنه عالم دين» «راجع كتاب الصارم المسلول لأحمد مالك» .. فالترابي يرفض رأي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجد في نفسه حرجاً ، بينما انه لو قبله ، ووجد في نفسه حرجاً ، لاخرجه ذلك من الايمان، حسب ما نصت الآية !!
    والترابي في رفضه لحديث الذباب قد بنى على حديث النخل ، والافندي تابع له في ذلك .. فقد ورد في الحديث «ان النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة ، وجد الناس يلقحون النخل ، فقال: لو لم تلقحوه لأثمر . فلم يلقحوه ولم يثمر. فقالوا : يا رسول الله لم نلقحه ، ولم يثمر قال: اذهبوا فأنتم اعلم بشؤون دنياكم» .. فحين لم ينظر الترابي والافندي بعمق ، ظنوا ان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخطأ ، بل ان الافندي قال في جرأة ، لا تدانيها غفلة ، الا جرأة الترابي «كما ورد في الحديث ، الذي نصح فيه المسلمين بعدم تلقيح النخل ، وهي نصيحة اتضح انها لم تكن صائبة» !! والحق ان الافندي هو الذي أخطأ ، ولما لم يكن هنالك ادب ديني مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا ورع يعصمه عن التورط في التهلكة ، فإنه لم يتردد في قول ما قال .. وخطأ د. الافندي يجئ من عدة وجوه:
    1- افتراضه ان النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي عاش كل حياته ، في جزيرة العرب ، لا يعرف ان النخل يلقح ، مع ان هذه المعرفة ، متوفرة لأي اعرابي ، لمجرد معيشته هناك.
    2- أسوأ من ذلك !! افتراضه ان النبي صلى الله عليه وسلم، يفتي في ما لا يعلم ، وهو بذلك يسلك في مستوى، دون ما طلب الله من المؤمنين ، في قوله تعالى «قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وان تقولوا على الله ما لا تعلمون» .. فهو عليه السلام ، لا يقول بما لا يعلم ، ولا يتحدث فيما لا يعنيه ، ولقد كان يسئل، فيصمت ، او يقول لا اعلم ، انتظاراً للوحي.
    3- لو كان ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، في امر تلقيح النخل خطأ، لصححه الوحي ، وهذا مقتضى العصمة، فالمعصوم هو الذي اذا اخطأ صححه الوحي.
    ان الفهم الصحيح ، هو ان النخل لا يثمر بالتلقيح ، وانما يثمر باذن الله، وهذه الحقيقة هي مقتضى التوحيد .. ولقد قصد النبي الكريم ، ان يدعو الاصحاب ، الى مستوى رفيع من التوكل ، حين دعاهم لاسقاط الاسباب ، اعتماداً على الله ، وتوكلاً عليه ، فقال «لو لم تلقحوه لاثمر» ، لان الله في الحقيقة ، هو سبب الاثمار وليس التلقيح .. ولكن الاصحاب ، لم يحققوا هذا المستوى من التوكل ، فلم يثمر النخل .. ولهذا دعاهم مرة اخرى، الى الاسباب، حين قال «اذهبوا انتم اعلم بشؤون دنياكم» !! أي ان دنياكم دنيا اسباب ، ولهذا اذا لم تؤدوا الاسباب، سوف لن تجدوا نتائج، الا اذا ارتفعتم من الاسباب ، الى رب الاسباب.
    أما مريم ابنة عمران ، فإنها تركت الاسباب، ولم تلتفت اليها ، فتحقق لها ما تريد .. قال تعالى «كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب» فهي لم تترك المحراب لتكسب رزقها ، فارسل الله لها رزقها في محرابها ، بلا حاجة لسبب!!
    ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يعلم ان الاصحاب دون هذا المستوى الرفيع، من التحقيق ، ولكنه كان يشدهم اليه ، حتى يشمروا نحوه، ويحققوا منه اقداراً متفاوتة .. فقد ورد في الحديث انه صلى الله عليه وسلم قال «لا عدوى ولا طيرة» فقال اعرابي: يا رسول الله انا نرى البعير الاجرب يلحق بالقطيع فيحيل ما فيه من الابل جرباً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فمن اجرب اولها ؟!» فسكت الاعرابي . ففي الشريعة هناك امراض معدية، وواجب الاصحاء ان يجتهدوا في الابتعاد عن المرضى، ولكن في الحقيقة ان المرض بيد الله ، وانه ليس هناك عدوى!!
    حديث الافندي عن الفكرة الجمهورية يفتقر للصدق:
    يقول د. الافندي «ولعل الحل الجذري الابرز هو ذلك الذي لجأ اليه المفكر الراحل محمود محمد طه وحركته الجمهورية حين قرر نسخ كل النصوص القرآنية المدنية ومعها السنة وما تفرع عنها من موروث اسلامي، والبدء من جديد في استحداث تشريع اسلامي من نقطة الصفر. ولكن الحل الجمهوري واجه اشكالين رئيسيين: الاول هو انه حين كنس التشريع الاسلامي الموروث بأكمله بجرة قلم، احل محله رؤية تتطابق مائة بالمئة مع المنظور الغربي الحديث في الحريات وحقوق الانسان. والثاني أن مثل هذا الحل الجذري يحتاج الى دعوى بسند سماوي جديد وتصريح الهي مباشر من الهام او نحوه. أي بمعنى آخر ان الامر يحتاج الى وحي جديد ودين جديد وهو تحديداً ما تضمنته الدعوى الجمهورية، وهو امر يجعلها مشبوهة اكثر، خاصة عند اهل الحداثة الذين تستهويهم دعواها الاولى، ولكن يصعب عليهم تقبل محتواها الصوفي الميتافيزيقي».
    ولو كان د. الافندي باحثاً جاداً ، او مفكراً مسؤولاً ، لما خاض في امر الفكر الجمهوري ، بهذه السطحية ، وهذه العفوية. ذلك لأن الفكرة مرصودة في كتبها ، ومسجلة على اشرطة ، وقد وضعت في صفحات الكترونية ، يطلع عليها من شاء ، من جميع انحاء العالم .. وكل من قرأ ولو كتابا واحدا للفكرة الجمهورية ، يعلم ان الاستاذ محمود، لم يقل مطلقاً بنسخ كل النصوص المدنية، ولم يقل بنسخ السنة، بل دعا الى بعث السنة .. وهو على التحقيق، لم يقل بـ «كنس التشريع الإسلامي الموروث بأكمله بجرة قلم» !! فهل يعارض الأفندي الفكرة، بأن ينسب اليها ما لم تقله، ام ان ما يليق به كباحث هو ان يرجع اليها في مظانها، ويناقشها فيما جاء في الكتب؟
    ولما كان د. الافندي لا يعتمد على الفكرة الجمهورية، ولا يورد ما يصدق دعواه من كتبها، فإن ما قرر انه اشكالية تواجهها ، لا يقوم الا في وهمه فقط .. فهو قد قال ان اشكالية الفكرة الجمهورية الاولى ، انها قدمت رؤية تتطابق مئة بالمئة ، مع المنظور الغربي الحديث ، في الحريات وحقوق الانسان .. وهذا غير صحيح !! فالفهم الغربي الحديث ، يوافق اصول القرآن ، التي دعت اليها الفكرة الجمهورية، اجمالاً.. ولكن هنالك خلاف جذري ، بين الفكرة وبين الفكر الغربي الحديث ، لا يتسع المجال لتفصيله. ولكن فحواه هو ان الفكرة الجمهورية ، حين دعت للحرية ، والديمقراطية ، طرحت منهاجاً اخلاقياً تربوياً، هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، لتحقيق هذه القيم ، بينما الفكر الغربي لا يملك منهاجا ، ولا يهتم بالتربية الاخلاقية.
    والاشكالية الثانية ، حسب زعم د. الافندي ، ان الحل الجذري يحتاج الى وحي جديد، وهو ما تضمنته الفكرة الجمهورية، وجعلها مشبوهة !! فأين ذكرت الفكرة الجمهورية ، انها دين جديد ، وانها تحتاج الى وحي جديد ؟! ان ما زعمه د. الافندي ، عار تماماً من الصحة ، ومنذور الحظ من الصدق و الامانة العلمية ، ثم هو يتناقض تماماً ، مع ما ذكرت الفكرة في كتبها .. فهل كان د. الافندي يعرف ذلك ، ثم ادعى ما ادعى ليخفف وطء مفارقات الترابي ؟! أم ان د. الافندي لا يعرف شيئاً ، ويعتقد حقاً وصدقاً ، ان الفكرة الجمهورية تدعو الى دين جديد ؟! وهذا ان صح ، فإنه جهل فريد من نوعه ، لا يجاريه فيه ، غير وعاظ التكفير ، امثال عبد الحي يوسف ، الذي حين اورد نصوصاً من كتب الاستاذ ، اضطر لبترها ، تزويراً ، وتحريفاً ، وكذباً ، حتى يستطيع ان يخلص الى تكفير الاستاذ محمود والجمهوريين.



    http://alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147503451&bk=1
    _________________
                  

04-14-2008, 08:19 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في ذگـــــرى صاحبـــــي مشـــــــروع الوعـــــي
    خالد فضل
    * تحل هذه الايام الذكرى الثانية بعد العشرين لاغتيال شهيد الفكر الاستاذ محمود محمد طه، وتزامنت معها ذكرى مرور احد عشر عاماً على رحيل الفنان الانسان مصطفى سيد احمد. وكلاهما، المفكر والفنان من اصحاب مشاريع الوعي، كل بطريقته واسلوبه لكنهما يشتركان في الهدف، وهو جعل الحياة الانسانية ارفع قيمة، وجعل الانسان، خاصة في السودان يرتقي بعقله وسفوره الى مصاف الكمال.
    * فالمهندس، الاستاذ محمود محمد طه كان قد نذر حياته ومنذ وقت مبكر للغوص في منعرجات ومطبات الفكر الاسلامي، اراد بسعيه ذاك ان يجعل حياة الشعور والفكر الاسلامي عافية تسري في عقل الانسان المسلم، فينهض من كبوة التخلف، ويتحرر من اغلال المعتاد والمكرر، ويفك اسره من سلاسل التقليد الاعمى والركون الببغائي لمسلمات الماضي، فينقاد كالبهيمة يؤشر لها الراعي فتتبعه، نظر الاستاذ محمود في الدين الاسلامي فوجده ذاخراً بالقيم النبيلة، والمثل العليا، والاخلاق الفاضلة، والافكار النيرة، التي تحتاج الى جهد عقلي وتدبر وتأمل عميق حتى يشع ضياؤها، ويستعر وهجها، فتملأ الارض نوراً ربانياً باهراً، ثم تأمل في حياة المسلمين ومعتاد شؤونهم فرأى فيها من اسباب التخلف، وانقطاع الاسباب، وانسداد السبل ما يستدعي الجهر بدعوة التجديد، فأوقف حياته لدعوته وجاهر بها دون ان يهاب او يخشى ردود الافعال المتعجلة، وهجمات الظلام التي لا تريد للفكر ان ينداح، ولا تسمح للعقل بالعمل، إذ ان مجد جيوش الظلام يبني في الحقيقة على وأد أي بؤرة يشع منها النور فكان ما كان من تعرضه للاذى فصمد، وما واجهه من صعاب فتحداها، حتى اصبحت حياته وسلوكه اليومي مدرسة قائمة بذاتها في تطابق نادر بين (الفكر والحياة) (النظرية والتطبيق) فاقتنع بدعوته عدد كبير من الناس خاصة من صفوتهم الذين منحوا بسطة في العقل، وسلامة في النظر، ومقدرة على التمييز، ورغبة في الاستقلال والتحرر من التبعية دون وعي، وظل الفكر الجمهوري والاخوان الجمهوريون نماذجَ للتفاني، ومثالاً للحياة الانسانية في صورها الزاهية، حيث تعلو قيمة الانسان بمقدار كدحه الفكري، وحيث يسمو البشر عن صغائر (الأنا) وآثرة الذات المفضية الى التكلس والجمود وشح النفس والبخل، ولأن الحرية هى مناط التكليف والعقل هو الامانة التي اودعها الله سبحانه وتعالى لدى البشر، جميع البشر، فقد كانت قيم المساواة من ارفع ما نادى به الاستاذ محمود محمد طه وبالممارسة، فقد انتظم الجمهوريون والجمهوريات على ذات الدرب دون تمييز.
    * فلما ادلهم ليل السودان بحالك سنوات القم والقهر على أخريات عهد المخلوع نميري، وبمعونة وتدبير من جماعة الاخوان المسلمين وزعيمهم وقتذاك د. حسن الترابي، وفي غمرة الهياج العاطفي، بدعوى تطبيق الشريعة الاسلامية وعبر اجراءات الطواريء، ومحاكمها الايجازية، واتخاذها كوسيلة لارهاب الشعب، وتخويفه، وردع تحركه السياسي النشط للتخلص من الديكتاتورية وحكم الفرد، وقوانين القهر والكبت، في تلك المعمعة اوائل الثمانينات، صدع الاستاذ محمود بالرأي الساطع والقول الجهير، ان ما يسمى بالشريعة يعتبر اكبر واخطر اساءة للاسلام كدين حنيف ومنهج حصيف، فوجد الزبانية فرصتهم من خلال قانون أمن الدولة وهو في الحق قانون ردع الفكر ووأد الطموحات وقمع الشعب، فلفقوا فيه تهمة الردة، وعجلوا بمحاكمة صورية افتقرت لابسط قواعد المحاكم العادلة، وفي حادثة بشعة تم تنفيذ حكم الاعدام شنقاً، فتدلى جسد الشيخ الذي جاوز السادسة والسبعين من العمر حينها، ملوحاً في الفضاء بعد ان شعت ابتسامة واثقة عن وجهه الصبوح وهو يودع الدنيا، ليستقبل ملكوت الرحمن الذي لا يُظلم في رحابه احد ولن يفلت من عقابه مجرم.. اغتيل الشيخ محمود، وبقيت فكرته ودعوته وافكاره ومواقفه ورمزيته، وحتماً سيأتي يوم يثوب فيه الناس الى عقولهم فيجدون مشروع الوعي والتنوير الذي اخترعه محمود محمد طه هادياً ومرشداً.
    * اما مصطفى سيد احمد، فهو الآخر صاحب مشروع انساني حميم، اتخذ الاغنية والكلمة واللحن مدخلاً رحيباً للنفوس، وسبيلاً مرهفاً لمخاطبة الوجدان وتنمية الحس وبسط فكرة الانسان المعافى، وهو مثل سابقه انفق حياته القصيرة جداً، الكبيرة بشمول الكون، من اجل جعل حياة الانسان تأخذ حقها الكامل وشكلها الطبيعي، ككائن يستحق العناية، فغنى لشعبه (ومين يمنعني)، غنى للحب الانساني الرفيع وهو يتجسد في علاقة ندية لا تنفصم قوامها ثنائية عذبة تمزج بين الارض والبذرة، بين الحقل والمطرة، فحق فيه الوصف بأنه لم يكن مغنٍ للطرب بقدر ماهو مغنٍ صاحب فكرة، ورائد للوعي عبر الكلمة واللحن، لذلك فقد ظل مصطفى، وظلت اغنياته ومشواره الفني الغني محل احترام يبلغ حد الخشوع في محرابه، وظل اسمه تميمة ضد الخنوع والاحباط والانكسار فقد علَّم الناس المهابة، وارتفع بوعي وذائقة اجيال كاملة من الشباب والشابات الذين يجدون في اغنيات مصطفى التعبير عن طموحاتهم في الحياة، ويجدون في سيرة حياته القدوة الطيبة وروح المقاومة والصمود في وجه الشدائد.. يدون الوطن في نورا وطيبة وهو محمول في حدقات العيون.. سمحة وسمريه وبدموع الناس مسقية النالا.. لا الاسامي الاجنبية لا العمارات السوامق تمحي من عيني ملامحك.. وانت داقشة المغربية!!
    * مصطفى.... يا هذا الغائب الحاضر.. لسه بيناتنا المسافة والعيون واللهفة والشوق والظنون.. لسه فينا عايش جوه في اعماقنا ساكن، يفرهد صوتك الطلق فترهف الآذان السمع، وتتغلغل اشعة الضياء الى العقول.. الحقول.. في كل ارجاء الوطن الفسيح شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً.. فعبر الكلمة واللحن والاداء اوجدت لكل فرد مكاناً تحت الشمس، ولأن مشروعك الفني كان معنياً بالانسان ومهموماً بشجونه وآماله وآلامه فقد غاصت ذكراك عميقاً في عصب الخاطر.. ويمر عام تلو عام.. وتبقى ذكراك على الدوام حاضرة مجلجلة وهكذا اصحاب الرسالات، يمضون بأجسادهم وتبقى مشاريعهم الخيرة دعوة للحب والجمال والخير والعدالة والإنسانية في تمام كمالها.


    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509376&bk=1
    _________________
                  

04-14-2008, 08:20 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ظاهرة التعاطف مع الطغاة!!
    خالد فضل
    * لا ادري كيف ينظر الالمان الى زعيم النازيين، ومستشار بلادهم، خلال حقبة الثلاثينيات وبداية الاربعينيات من القرن الماضي ادولف هتلر، وما اذا كان يتم تخليد ذكراه كبطل قومي، اعاد امجاد الامة ولو على جثث واشلاء ملايين البشر الآخرين، وربما بعض الجرمان ممن لم يؤيدوا سياساته وهوسه وجنون العظمة الذي تقصمه. ام انهم -اي الالمان- ينظرون الى هتلر وحقبته باحتقار باعتباره طاغية وديكتاتورا اسهم بشكل كبير في تدمير بلادهم وتحطيمها وجعلها ترسف في اغلال الرقابة الدائمة جيلاً اثر جيل؟؟ وتساؤلي هذا ضروري لعقد مقارنة بين نظرات بعض الشعوب في العالم للطغاة والديكتاوريين مهما قدموا من منجزات مادية، وبين حالة بعض شعوب المنطقة العربية والاسلامية ممن ينظرون للبطولة بمنظار لا يفرق بين الجلاد والبطل، الطاغية والرمز..
    * فصدام حسين -يرحمه الله- لم يكن رئيساً منتخباً، كما ان طريقة ادارته للشأن العراقي لم تعتمد الا على القهر والسطوة الامنية، والعنف والبطش بالمناوئين واخذ الناس بالشبهات، كانصع نموذج للدولة البوليسية القابضة، وقد حدثنا احد اساتذتنا الاجلاء انه زامل اثنين من اساتذة الجامعات العراقيين اثناء دراسته لنيل درجة الدكتوراة ببريطانيا، وقد لاحظ ان هذين الاستاذين لا يدليان باي حديث او تعليق على اي حدث او شأن عراقي مهما عظم ودار حوله نقاش بين مجموعة الدارسين، هذه الحالة تنطبق عليهما عندما يكونان معاً، اما اذا غاب احدهما فإن الآخر يتحدث ويعلق بطلاقة على الشؤون العراقية، فلما تم سؤال كلا منهما على حدة عن سر «صمتهما» المشترك وطلاقتهما الفردية، اجاب كل واحد منهما بانه لا يثق بأن زميله الآخر من عناصر المخابرات يترصده ويرصد كل حركاته وسكناته ويسجل احاديثه وتعليقاته حول الوضع العراقي، ولو كانت المناسبة ذكر شهور الحر وفصل البرد في العراق، فأي حديث حول هذا الامر يمكن أن يعتبر انتهاكاً للامن القومي للبلد، وتخريبا للاقتصاد الوطني، باعتبار ان سائحاً اجنبياً ربما يسمع مثل هذا التعليق حول درجة الحرارة في العراق في تلك الفترة المحددة وتغير رأيه في السفر للاصطياف بالبلد بناءً على هذه المعلومة!! وبالطبع لا تعدم اجهزة المخابرات عندما تكون يدها «مطلوقة» ما تنسجه من تهم وما تلبسه لمن تستهدف من جرائم.
    * كما أنه ليست هناك مغالطة حول حجم المنجز المادي الذي تم في عهد سيطرة حزب البعث العربي الاشتراكي -فرع العراق- بيد ان المنجز الدموي على حساب البشر مما يندي له جبين الانسانية خجلاً، وما تعرضت له مجموعات واسعة من مكونات الشعب العراقي من انتهاكات لادنى حقوقها في الحياة، مما يستدعي النظر بموضوعية واحاطة بفترة هيمنة وسطوة البعث وزعيمه -المشنوق- صدام حسين.. ثم النظر بعقل وتدبر قبل إطلاق جيشان العواطف بالتأييد او الشجب، وفي هذه النقطة يمكن الأخذ في الاعتبار بردود الأفعال الموضوعية الصادرة عن جهات ومنظمات وافراد ينتمون الى بلدان تتمتع شعوبها بالحريات وحكم دولة القانون، فهذه المجموعات التي شجبت عملية اعدام صدام يمكن الاخذ بآرائها مأخذ الجد، مثل اعتراض منظمة العفو الدولية، وتحفظات البلدان الاوروبية وحتى الامين العام الجديد للامم المتحدة ومجموعة من الكتاب والصحافيين والناشطين في مجالات حقوق الانسان في البلدان الديمقراطية، فقد تركزت معظم الاعتراضات حول - انفاذ عقوبة الاعدام نفسها باعتبارها من العقوبات القاسية ضد الانسان، كما تم التركيز على شرعية «المحكمة» واستيفائها لشروط المحاكمة العادلة، آخذين عليها - اي المحكمة- تغيير القضاة، واغتيال بعض أعضاء هيئة الدفاع والشهود، بل تم وصف المحاكمة من قبل بعض الجهات «انها محاكمة سياسية وليست قضائية».. كل هذه الاعتراضات موضوعية، ويمكن التركيز عليها للتعبير عن الرأي المناهض لعملية الاعدام، اضافة بالطبع الى الشعور الانساني العام، وخاصة لدى بعض المسلمين -السنة تحديداً- باعتبار تزامن تنفيذ الحكم مع صبيحة عيد الفداء، ولكن في المقابل لا يمكن اغفال صور الابتهاج والاحتفالات لدى قطاع عريض من العراقيين أنفسهم، خاصة الشيعة والاكراد والمجموعات غير العربية، وغير البعثية بمن فيهم بعض العرب السنة، كذلك ردود الفعل المؤيدة الصادرة عن دولتين مجاورتين هما ايران والكويت، وهما بلدان اسلاميان، واحدهما عربي كذلك!!
    * أما عن حالنا هنا في السودان، فلعل المرء يستعيد صوراً للمظاهرات الشعبية العديدة التي كانت تخرج في الماضي للمطالبة «برأس نميري» مثلاً.. فهل كانت تلك المظاهرات تطالب بأن يوضع «تاج على رأس نميري» ام هي في الواقع تعبر عن مطلب «القصاص» بقطع الرأس لرئيسها الاسبق؟ وهل اذا تمت الاستجابة لذلك المطلب وعقدت محكمة قررت شنق النميري جراء جرائمه في الجزيرة ابا وود نوباوي واحداث يوليو 1971م واحداث 1976م وغيرها، هل كان سيجد التعاطف معه واعتباره رمزاً قومياً وبطلاً. ولعلنا جميعاً نذكر كيف أن نظام نميري قد صور وقائع ثورة يوليو 1976م بأنها «غزو ليبي من مرتزقة»، فهل اذا قدر لتلك الثورة النجاح وتقديم نميري للمحاكمة وشنقه كحكم صادر عنها، كان سينظر الى المحكمة بانها محكمة «ليبية»، وان قضاتها أدوات في قوات الغزو الليبي الغاشم؟؟ علماً بأن عدداً كبيراً من اسلاميي سلطة اليوم كانوا جنوداً وقادة في «عملية الغزو الاجنبي المزعومة تلك»!!
    * بيد أنه من اللافت للنظر كذلك، نحيب ونواح بعض الاسلاميين عبر صفحات الصحف وبعض تنظيماتهم، وتصويرهم لصدام كبطل قومي، وادانتهم لعملية اعدامه لدرجة وصفها بالاغتيال.. ونفس هؤلاء السادة الاماجد، ايدوا قبل اثنين وعشرين عاماً، عملية اغتيال الشيخ الهرم محمود محمد طه عن عمر يناهز الـ «76» عاماً، اثر صدور حكم قضائي تم نقضه لاحقاً بوساطة المحكمة العليا، وهي المحاكمة السياسية التي لم تخطئها عين أحد، الا اسلاميي السودان الذين هللوا لاغتيال الاستاذ محمود وكبروا، ولم يتحدثوا عن عدم أهلية المحكمة وتأهيل قضاتهم -قضاتها- وتحويل التهمة نفسها من قضية تتعلق بأمن الدولة الى قضية ردة.. فهل يعتقد هؤلاء الاباطرة ان ذاكرة الناس معطوبة لهذا الحد.. ام انهم في الحقيقة يتمثلون القول الشعبي «ينبح الكلب حرصاً على ضنبو»؟؟


    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509331&bk=1
    ___
                  

04-14-2008, 08:21 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ندوة وصف الطبيعة... في أغنيات سودانية
    رصد: أحمد الفضل أحمد
    أقامت الجمعية الثقافية والأدبية بنادي الخريجين بود مدني أمسية الاثنين الماضي ندوة حول أغاني الطبيعة في الغناء القديم والحديث، وصحب ذلك بعض الأغنيات من مطربي مدينة ود مدني (عادل هارون، وابراهيم عوض، وأحمد طابت والموسيقار عاصم مدني).. وقدَّم لها وأدارها الأستاذ: خليفة النوحي..
    من طبيعة بلادنا أضفى شعراؤنا روائع أشعارهم... فأنت إذا أردت استجلاء شخصية أديب أو شاعر فانظر انتاجه والمورد الذي استقى منه صوره وأخيلته ومشاعره.. ويتعلَّق نظم الشاعر حول بيئته وأرضه الصحراوية عند الشاعر البدوي الجاهلي في الترحال والتجوال، ويرتبط مع طبيعته على قساوتها، ويستمد صوره من الأطلال والصحراء والسماء المُرصَّعة بالنجوم والرعد والحيوان من الريل والإبل والخيل والزهر والشجر والجبل وحتى الزواحف.. لقد سبق شعراء الجاهلية ومن أتى بعدهم الحركة الإبداعية الرومانسية التي أسست مذهبها على وصف الطبيعة الحية وحملوها نبض أحاسيسهم وخفايا أعماقهم وكوامن نفوسهم.. وامرؤ القيس حين يقول:
    وليل كموج البحر أرخى سدوله
    فهو بالطبع لم يشأ أن يطول الليل وظلامه بقدر ما أراد أن يجد تشبيهاً لسهاده وهمومه من الحياة.
    ونُقدِّم لكم في هذه الأمسية نماذج من الأغنيات التي جعلت من الطبيعة وسيلة للكشف عن الخفي من مشاعر المبدع وايحاءاته وإحساسه وعمق دلالاته في الروح والنفس بالتشبيه والإستعارة من الطبيعة وانعكاس لحس الشاعر بالشيء المشبَّه ورؤيته له، فالطبيعة كائن حي في الفرح والحزن والألم والشدو والسهر وخلف الوعد وصدقه والحب والبُغض عندما يختلقه الشاعر..!
    أزهري عبد القادر:
    شاهدنا قديماً أغنية الخرطوم على شاشة السينما المتجوِّلة ولم تكن الصورة كتقنية اليوم «فيديو كليب» وفي اللحن بعد جمالي يمثل ما تحمل الكلمات من معانٍ وهي مرحلة ثانية ما بعد زمن غناء - الحقيبة-.
    محمد الحسن:
    أغنية ام درمان لعبد المنعم عبد الحي سبقت أغنية الخرطوم لعبد الرحمن الريح.
    بابكر الدقوني:
    التأمل صفة من صفات الصوفية ومفردات الطبيعة في الغناء رمز للعفة.. ومحاسن الطبيعة في أغنيات البان جديد وفي الضواحي.
    حامد محمد حامد- جريدة الايام:
    كانت أغنية حسن عطية «الوان الزهور» في منتصف الخمسينيات وجماليات مدينة الخرطوم في ذلك العهد وما بعده حتى الستينيات تعج بالجاليات الأجنبية التي أفرزت صالات الرقص والموسيقى وفندق «القراند أوتيل» وصالات السينما تستجلب أفلام الاستعراض.. وكان حسن عطية يدخل للقراند أوتيل يُحيي الحفلات لما بعد منتصف الليل حيث يحلو السهر والسمر.
    الطيب محمود:
    وصف الطبيعة مشهود في أغنيات الحقيبة لدى خليل فرح في (زهرة روما)، ولدى مصطفى بطران ولدى علي المساح، الذي نعرف له كثيراً من الآثار التي سنتحدث فيها في جلسة أخرى منفصلة.. وتأملوا قليلاً في قصيدة (ظبية الخدر).
    محمد عثمان ساتي:
    أضافت قبائل شمال السودان كثيراً من الآداب والفنون لتراث الشعب السوداني.. ونأخذ مثالاً من شاعر الدناقلة في لغته «محجوب عبدون، ريِّس المركب» الشراعي في نصوصه من صور الطبيعة في اعتزازه بنفسه في مواجهة العواصف وتماسيح النيل وإبراز صور الفروسية والوصف.. وقد قال لم ير أحد من الناس الهدهد يشرب الماء.. وفي الأمثال الشعبية كثير من استلاف مفردات الطبيعة وخاصة في إقليم دارفور.. الذي جمعنا منه الكثير.
    مجدي سليم/ المحامي:
    السياسة تقترب من الفن.. وكنا نرى استاذنا المرحوم بابكر كرار.. يفكِّر ويكتب على أنغام السيدة أم كلثوم والفن غذاء روحي.. ويبدع ابراهيم ناجي في لوحته الأطلال ويستمع لها أستاذنا:
    ومشينا في طريق مقمر
    تثب الفرحة فيه حولنا
    وضحكنا ضحك طفلين معاً
    وعدونا وسبقنا ظلنا..
    وداعة الله الشيخ بخيت:
    لماذا الطبيعة؟ وما من شيء إلا يسبح بحمده، فالوجود متكلم والوجود ناطق ومسبِّح ويتجلى في أحيائه وجماداته.. وأعلى المبدعين هم الأنبياء.. (والسيد المسيح) أطرى جمال أسنان الجيفة التي سدَّ الحواريون أنوفهم من رائحتها. وقديماً قال الأستاذ محمود محمد طه إن شعراء غناء الحقيبة هم صوفية زمانهم!
    ومن استنطاق الأغنية تتشكَّل اللوحة صورة مجسَّدة..
    حامد محمد حامد:
    اسمي يتطابق مع حامد الآخر وهو صحفي معروف!! وفي المجتمعات غير العربية تلعب الموسيقى دوراً كبيراً في المصانع والمعامل والمعاهد والأماكن العامة.. والثقافة الموسيقية تساعد في الربط بين الموسيقى والطبيعة.. ومنهج الموسيقى في التعليم ضرورة ومادة أساسية، والموسيقار (حافظ عبد الرحمن) صاحب مقطوعات آلة الفلوت معروف ومشهور في أكشاك الموسيقى الأوربية كسفارة متجوِّلة.. يتذوقون خصوصيتها.
    مبارك الصادق:
    أغاني الطبيعة المعلومة عندنا تقع في ايقاعات رقصة الفالس كما في أغنية «في سكون الليل مهدي الامين، أحمد المصطفى»، «فيرد لونا حسن عطية، محمد أحمد محجوب».. وعموماً فإن الموسيقى تمنح الصحة والعافية.
    أحمد الفضل أحمد:
    تغنى أحمد طابت بـ (جدي الريل).. لعبد الرحمن عبد الله، وهناك أمثلة عديدة في غناء كردفان، ولدى عادل هارون من المساح (غصن الرياض)، وكان غناءً سليماً أظهر بوضوح ثقافة وعبقرية المسَّاح في ثرائه وبلاغته العصامية في إضماره وتضمينه وتناصه مع الطبيعة وتوظيف مفرداتها المحسوسة ومثله في ذلك كل شعراء زمانه الوصَّافين.. وفي معظم الأحوال تبدأ قصة كل أغنية بالتقاط مشهد تتداعى حوله السردية والدلالة.. وكانت الفتاة «الفريع» على شاطئ النيل الأبيض تقف غافلة ومستطلعة للباخرة النيلية الواقفة على المحطة تفرغ شحنة الركاب «والفريع» متكئة على كثيب الرمل.. صاحت لها رفيقتها «يا الفريع».. والتقط الصورة الشاعر فنظم من فوره «يا فريع ياسمين متكي في رمالوا..» والسرد الوصفي على الدوام باذخ وممتلئ وفيه حكاية..! وحقيقة فإن غناء الحقيبة مترع بمواعين العفة والمسحة الصوفية في تجلياتها وتشبيهاتها العليا وجمالياتها البلاغية.. فكان فن المديح سابقاً لنظم الغناء المُؤطر بسماته التي ترسَّخت بداية من الربع الأول من القرن العشرين، خروجاً على نظم المربعات وأداء الطنبور..
    وفي فن (المسادير لدى شعراء البطانة) مجالٌ للتأمل في وصف الطبيعة والقصة الطويلة.


    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509181&bk=1
    _________________
                  

04-14-2008, 08:22 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    لقد كان قبل اليوم صعباً قياده
    د.فتح العليم عبد الله
    .........
    منظر الإعدام ونبأ حمل صدام بالطائرة استدعي أبياتا من الشعر كانت مخزنة في ذاكرتي (التي تعمل موسميا ً) قالها الشاعر المطبوع عبد العزيز التوم في رثاء الأستاذ محمود محمد طه:
    قتلوك باسم محمد وقتلتهم يا فيلسوف العصر باسم محمد
    قتلوك في ظلم الحسين ومن يمت
    بثباته في رأية يستشهد
    حملوك فوق ذرى السحاب مخافة ً
    أم ذاك شأنك في العلو المصعد
    ونزلت ليس إلى التراب وإنما
    في حضن موج الواهب المتفرد
    يا ماشيا ً ثبت الجنان كأنما
    نوديت من ذي الوعد لا المتوعد
    عندما وضع الوهق (وهو حبل
    حكمه دسمة:
    اتقوا معاصي الله في الخلوات فإن الشاهد هو الحاكم.



    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509133&bk=1
    _________________
                  

04-14-2008, 08:22 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    أحكام الإعدام
    كيف تنفذ وماهو موضعها في القوانين السودانية
    أ . أسعد الطيب العباسي
    .................
    وبالطبع لم يتم تنفيذ اى حكم بالاعدام بموجب المادة 126 المذكورة لانه لم يصدر اصلا غيراننا سنتعرض بايجاز للحكم الذي صدر بالاعدام ونفذ في قضية حكومة السودان ضد محمود محمد طه فقد صدر هذا الحكم في ظل قانون العقوبات الملغي لسنة 1983 والذي قررت فيه محكمة الطوارئ ردة المحكوم عليه وامرت باعدامه مع الصلب ووافق عليه رئيس الجمهورية وتم تنفيذه على الرغم من ان قانون 83 لم يتضمن الردة كجريمة وحسناً فعلت المحكمة الدستورية لاحقاً وإن كان الحكم قد نفذ بالفعل عندما قررت بطلان تلك المحاكمة وعدم دستوريتها.



    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509098&bk=1
                  

04-15-2008, 02:46 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    صحارى النسيان!!
    عادل الباز
    [email protected]
    كنّا على مقهى النشاط بجامعة الخرطوم نمارس هوايتنا الىومية في سلخ النملة السياسية. وكان ذلك المساء متوتراً توتراً استثنائياً، كنّا في انتظار ما سيفعله النميري بالأستاذ محمود محمد طه. كان القرار متوقعاً، وكان الجميع بلا حيلة ينتظرون حلاً إلهياً. كنت شخصياً حتى قبل صدور القرار بوقت قليل أقول إن النميري ليس غبياً بهذا القدر ليرتكب تلك الحماقة. حين أطل من تلفزيون كافتيريا النشاط ذلك المذيع وهو يتمظى ليتلو بياناً هزيلاً مرتجفاً يعلن المصادقة على قرار إعدام الأستاذ محمود، أطبق الصمت على النشاط. صمت مذهل، الجميع صمتوا. لم تغب تيكم اللحظة عن ذاكرتي ماحييت. أشد معارضي الأستاذ محمود لم يقوَ أحدهم على الكلام. بعد النبأ لم نصدق أن الأستاذ سيُعدم غداً. كان الجمهوريون أكثر الناس إيماناً باستحالة إعدام الأستاذ، وكنت أميل لرأيهم وفقا لتحليلاتي الخاصة، وليس لرؤاهم الغيبية.
    في ذلك المساء، دعا الجهموريون لركن نقاش عاجل في الميدان الغربي، وهنالك أعلن المتحدثون انه لا يمكن لبشر أن يمس شعرة من الأستاذ. ازددت قناعة أن شيئا ما سيحدث خلال الليل ليوقف تلك المهزلة. لم أنم، ظللت أجول ما بين الغرف في البركس وداخليات الوسط حتى صلاة الصبح. بعد أن صلينا الصبح في مسجد الجامعة، لاحظت ان جموعا من الطلاب تتحرك صوب كبري كوبر لمشاهدة لحظات الإعدام. ما المتعة في مشاهدة شيخ على حبل المشنقة.!!.عدت لغرفتي يحدوني أمل ضئيل ان معجزة ما لا بد من حدوثها في اللحظات الأخيرة، فينجو الأستاذ. أغلقت باب الغرفة على نفسي، لم أك مستعداً لحديث مع أي شخص. لم أسمع بما جرى إلا في مساء يوم الإعدام. بكيت الاستاذ كما لم ابك زعيماً من قبل ، ولا أظنني سأبكي آخر من بعد.
    كانت حلقات النقاش التي أسسها الجمهوريون في الجامعة هي الحاضنة الأساسية التي تربت فيها ثلة من أجيال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. كانت أركان النقاش حلقات للحوار الثر، وفضاءات لتعلم آداب الحوار، والتعرف على الأفكار التي كانت تصطرع في الجامعة ، خاصة لمن وفدوا من الاقالىم من أمثالنا. هنالك تعرفنا على الفكر الجمهوري، ومن حلقات النقاش انطلقنا نبحث وننقب في فكر الأستاذ محمود. كانت الكتب متاحة، وكان تلاميذ الأستاذ الذين تأدبوا بأدبه متاحين في أية لحظة للحوار والرد. بل كان الاستاذ نفسه متاحاً. كنت في ذلك الوقت أسكن الثورة الحارة الخامسة ، وكان منزل الاستاذ في الحارة الاولي ، فكنت كل خميس اقصد منزله لاسمع منه حول الفكر الجمهوري . وكانت له طريقة مدهشة في تربية تلاميذه. كان التلاميذ يأتون بحصاد الأسبوع من الأسئلة التي سألوها، ولم يعرفوا إجاباتها في مختلف اركان النقاش، سواء أكان ذلك في الجامعات او في الطرقات حيث توزع الكتب. وكان الاستاذ يسمع ويبتسم. وحين يبدأ الرد على التساؤلات لا يأتي بشئ جديد ، انما يذكر تلاميذه بما جاء في كتبه ويحيلهم الى ماجاء في كتب ، اشار علىهم بها من قبل. نادراً ما يورد نصاً او فكرة جديدة. كنت اتعجب من تلك الطريقة، ولكن يبدو انه يحاول ان يذكرهم بشكل دائم بما بين ايديهم من علم كافٍ مبثوث في كتبه.
    كنت وصديقي الحاج وراق ، قبل ان ينخرط في الحزب الشيوعي، من الزبائن الدائمين لاركان نقاش الجمهوريين. وكنا يومها من مواقعنا المستقلة نحاور نجوم الاركان في تلك الايام ( دالى - القراي - الله يطراهم بالخير) حول الفكر الجمهوري.لم نك مقتنعين بكثير من الافكار التي يطرحها الاستاذ محمود ، ولم نتوصل الى اي فهم مشترك رغم احترامنا لاشخاصهم. بعد ان طال جدالنا وامتد نحو عامين ، اقترح علىنا دالي مقابلة الاستاذ محمود في منزله لمزيد من الحوار حول بعض الافكار الملتبسة علىنا.وافقنا بلاتردد فتلك بالنسبة لنا فرصة لملاقاة الاستاذ وادارة حوار مباشر معه . واذكر انني في صحيفتي ، التي كنت اصدرها على ايام الجامعة ( الرأي ) ، نشرت وقائع ماجري في اللقاء ، فأثار اللقاء ضجة في النشاط. استمع لكلانا مطولا وهو مطرق حتى ظننا انه انصرف عنّا ، ولكن حين تحدث لم يترك فكرة او عبارة لم يرد علىها. اقتنعنا ببعض الافكار ، وصعب علىنا هضم الاخرى ، وكان يقرأ في متابعتنا لردوده ، اننا لم نصل لقناعة كاملة بمايطرح ، فقال لنا (ادراك الحقائق كلها في بداية الطريق ليس ممكنا)، ودعانا لنسلك وستتكشف لنا الحقائق من بعد. لم ترق لنا الفكرة إذ انه في مجال الافكار ليس ممكنا كتابة شيك على بياض.
    على ان مارسخ في ذهني هي الطريقة التي عاملنا بها الاستاذ.تواضع لا حدود له، خرج لملاقتنا خارج عتبة الغرفة وانتهي بوداعنا خارج المنزل( بيت الجالوص).
    سالمنا كأننا اخلص واحب تلامذته، وودعنا كأننا اصدقاء مقربين.على كثرة ما التقيت في عمري من بشر ، ما عرفت شخصا اجتمع له العلم والتواضع ونظافة الىد وعفة اللسان كالاستاذ محمود. خرجنا منه كما دخلنا علىه مختلفين معه فكريا ، منبهرين بشخصه.الآن تمر ذكراه فيحتفل به ، فأين الذين نصبوا له المشانق ، دفنوا في صحارى النسيان أحياءً ، والشيخ الذي قبروه في صحراء العتمور لايزال حياً يوقد فكره المنابر.

    المصدر
    http://www.alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147509488&bk=1
    ..
                  

04-15-2008, 02:47 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الإصلاح السوداني: هل يمكن أن يتم خارج دائرة التفكير «العربسلاموي»؟!

    صلاح شعيب).

    الواقع ان منح صفة المفكر من الصعوبة بمكان وفيها كامل الالتباس المعرفي، فهي ليست مثل درجة البروفيسور وقريب من صعوبتها تأتي صفة الموسيقار والتي أراها الآن تمنح لبعض الموسيقيين السودانيين كما تمنح صفة الفنان، وأذكر في حواري مع صديقي الدكتور محمد وقيع الله إنه وصف الترابي بالمفكر وحجب الصفة عن الاستاذ محمود محمد طه ومحمد عابد الجابري. .

    ====
    الإصلاح السوداني: هل يمكن أن يتم خارج دائرة التفكير «العربسلاموي»؟!

    صلاح شعيب
    الملاحظة الأولى هي أننا الآن ليس لدينا وصفة سودانوية جاهزة لمعالجة القضايا العربية والإسلامية.. أو بالأحرى دعنا نقول إننا - تاريخياً- ليس لدينا مساهمة فكرية مؤثرة في إصلاح نظرة المركز العربي لمسائل الفكر السياسي والتنظير الديني مثلاً، صحيح إنه لدينا منظرون في شؤون الفكر والدين والثقافة والأدب بيد أن تأثيرهم عربسلاموي ما زال محل شك.
    بخلاف الطيب صالح، أو الفيتوري بحد ما، وهما من الأدباء، لا نجد منظراً سودانوياً واحداً قد شغل دنيا العرب وظل مثار تقديرهم. بالنسبة للدكتور محيي الدين صابر والدكتور حيدر إبراهيم والاستاذ عبدالعزيز حسين الصاوي فإنهم حاولوا جهد المستحيل، الأول كان رئيس المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ونظر من وجهة النظر العروبية في قضايا ذات صلة بالمحيط العربي، والثاني اشتغل على البحث الانثربولوجي من خلال جهده في جمعية علماء الاجتماع العرب، وتعاون مع مركز دراسات الوحدة العربية بالمغرب فأصدر بحثاً حول ظاهرة الإسلام السياسي، الجبهة الإسلامية السودانية/نموذجاً، وكذلك أصدر بعض الأبحاث حول السلطة والمثقف وكانت كل مراجعه في ذلك هي تنظيرات المفكرين العرب حول الإسلام وظاهرة صعود التيارات الاسلامية، أما الثالث فقد تناول القضية السودانية بمرجعية عروبية آمن واستهدي بها في محاولاته الفكرية الدائبة حول استنطاق صخر الأمور السودانية التي تبدأ من النظام التعليمي وتمر بالسكن العشوائي وتنتهي في (حقيبة الفن).
    إمكانية وصف هؤلاء الأفاضل بالمفكرين على النطاق السوداني والعربي ممكنة، وربما هناك آخرون خلافهم، غير أن الاتصاف بصفة المفكر تدخلنا في تعريف خاصية المفكر من الناحية الأولية. فالمفكر في تقديري الشخصي هو الذي يقدم «عملاً مفارقاً» لم يسبق له مثيل. إذاً فإن الدكتور محيي الدين صابر كان قد أصدر كتباً فكرية تجوِّز له أن ينال هذه الصفة، وكذلك يستحق الدكتور حيدر ابراهيم الصفة ببحثه القيم عن ظاهرة الإسلام السياسي المتسودنة، كما أن الصاوي يستحق اللقب إذا قرأنا بحق كتبه الكثيرة وبحوثاته المنتظمة في العقد الأخير، ولكن السؤال كيف يمكن صمود صفاتهم هذه عربياً إذا قارناهم بالدكتور نصر حامد ابو زيد بحفرياته المنهجية في النص القرآني، أو الدكتور محمد أركون بتفكيكاته الابستمولوجية للتاريخ الإسلامي، أو الطيب تزيني بتنظيراته المتميزة.. إلى صادق جلال العظم وسمير أمين ومحمد جابر الأنصاري ومحمود أمين العالم؟
    الواقع ان منح صفة المفكر من الصعوبة بمكان وفيها كامل الالتباس المعرفي، فهي ليست مثل درجة البروفيسور وقريب من صعوبتها تأتي صفة الموسيقار والتي أراها الآن تمنح لبعض الموسيقيين السودانيين كما تمنح صفة الفنان، وأذكر في حواري مع صديقي الدكتور محمد وقيع الله إنه وصف الترابي بالمفكر وحجب الصفة عن الاستاذ محمود محمد طه ومحمد عابد الجابري. إذاً -وبصرف النظر عن منطلقاته الأكاديمية في تحديد صفة المفكر- فإن التربية الايديولوجية تتدخل أحياناً، أكثر من التحصيل المعرفي، لإنصاف هذا الشخص ومنحه الدرجة المعرفية المشكَّلة في تفاصيل إجازتها إذا إرتبطت بأقانيم جهده المكتوب، ولكن هذا ليس موضوعنا، إنما هو تأثير الفكرانيين كما يقول أهل الحداثة اللبنانية، وإذا شئت قل الكتاب السودانيين في معالجة قضايا الواقع الحضاري بالدرجة التي تلفت الانتباه إليهم كصانعي إختراق معرفي في فضاء الاشكالات العربسلاموية والتي أيضاً تبدأ من تحليل أو تحريم الغناء، وتمر بقانون الخلع، وتنتهي في الموقف من الحفاظ، أو عدمه، علي عمود الشعر العربي كما بيَّن أوزانه الفراهيدي.
    في الواقع أعترف أن الموضوع شائك -وهل كانت المواضيع العربسلاموية غير شائكة؟- ويتطلب، للإنصاف، بحثاً يتقصى حدود ما هو سودانوي وما هو عربسلاموي في كتابة المنظرين السودانيين حول الدين والسياسة والديمقراطية والأدب والرسم والموسيقى والهجرة مثلاً، فضلاً عن ذلك فإن السؤال الجوهري هو هل كان إنتاجنا في هذه الضروب عروبياً صرفاً، خصوصاً وإننا نتموضع ضمن المتعدد في العروبة/ الرابطة الثقافية الاستراتيجية، أم إنه عربي بتبيئة سودانية أم هو سوداني بتبيئة عربية، أم هو في الحقيقة إنتاج سوداني بمؤثرات كيفما تجئ. أم هو «سودانوي» بحت وفي هذا الحال يمكن إعتماد سودانوي هذه وفقاً لتعريف الراحل أحمد الطيب زين العابدين الذي يرى أن السودانوية قديمة الوطء، وإنها التراث النازل منذ القدم والمستوعب بواسطة السودانيين الذين استخرجوه في غنائهم وفنونهم التشكيلية ومهرجانات الأعراس ومراسم دفن الموتى ومواسم الحصاد وطريقة صناعة ملبسهم وطعامهم... إلخ.
    الملاحظة الثانية هي إنه عند بحث دور التقانيين السودانيين في المشهد العربي، فإن ذلك يبدو جلياً بما لا ينكر، فإذا أخذنا الخبرات التعليمية والأكاديمية والطبية والهندسية والإدارية والقانونية والإعلامية والمصرفية والرياضية والموسيقية فإننا نكاد نكون المنافسين الوحيدين للخبرات المصرية التي أسهمت في بناء الخليج العربي عموماً ومضافاً إليه اليمن وليبيا.
    وهنا ينطرح السؤال الآخر وفحواه هو هل إن السودانيين حين توافرت لهم بيئة العمل المجزية، برعوا فعلاً في الأشغال التقانية التي هي بلا شك ليست إنتاجاً خالصاً للمركز الحضاري العربي، بينما أخفقوا في التأثير الفكري والذي هو في خاتم الأمر يمثل الانتاج الخالص لتيارات الإسلام السياسي السني والفكر العروبي واليسار العربي؟ وإذا كان هذا الفشل متفقاً عليه، بدليل إننا فشلنا سودانياً حتى هذه اللحظة في الاجابة على أسئلة الدين بدولته أو أسئلة الدولة بعلمانيتها وقضايا تحقيق الديمقراطية وتبني النظم الإدارية الغربية، فهل يعني ذلك أن الاصلاح السوداني العام يتأتى بالضرورة من خارج هذه الدائرة العربسلاموية، أي وفق أطر نظرية سودانوية كما أجاب عليها زين العابدين، وبالتالي يمكن لنا إحراز النجاح وتصديره حتى إلى المركز العربسلاموي والأفريقي.. ربما، هذا خصوصاً إذا أبعدنا التواضع السوداني الضال ونظرنا إلى حصاد الفكر العربسلاموي من موقع النقاد الأعزاء لا من موقع المتلقين الأجلاء للقرضاوي وهيكل.
    الملاحظة الثالثة، هي إننا، على الرغم من غياب الصناعات الفنية الثقيلة، أثرنا موسيقياً على مستوى الجوار الأفريقي )أثيوبيا، والصومال، وأريتريا، والنوبا العليا، وتشاد( وغرب أفريقيا، ونتيجة لذلك يجد فنانونا التقدير في رحلاتهم الفنية لهذه الدول، كما تم منح لقب «فنان أفريقياً للاستاذ محمد وردي، وفي ظني أن هذا التأثير الثقافي يعود إلى الاستخدام التقاني الجيد لأدوات التأليف الموسيقي واعتمادنا على السلم الخماسي، لا السباعي، والذي عبره يمكننا تجاوز الأقطار المستخدمة عالمياً لهذا السلم مثل الصين وكوريا واليابان والهند وأجزاء من أميركا اللاتينية. فمن ناحية القدرة على إستخدام نغمات السلم الخماسي، أما من ناحية الفن التشكيلي الحديث فإننا نرى أن الجوائز العالمية قد تقاطرت نحو مبدعينا التشكيليين مثل سيف الدين اللعوتة، وراشد دياب، ومحمد عمر خليل، وحسن موسى، ودرمة، والسر حسن، وحسين جمعان وغيرهم.
    كما يمكننا الرجوع إلى مقالة منصفة للراحل بلند الحيدري الذي تحدث عن )الحروفية السودانية( التي أبدعها الأستاذ عثمان وقيع الله مع زملائه شبرين والصلحي، وأذكر إنه قال إن الفن التشكيلي السوداني يقف متصدراً الحروفية العربية الحديثة.
    كل هذا يعني أن الاعتماد على المرجعية السودانوية للإبداع هي التي خلقت إصلاحاً فنياً داخل أطر التفكير الإبداعي السوداني، وجعل من الممكن لا اختراق المركز الحضاري فقط، وإنما الوصول إلى مستويات عالمية.



    طبعاً غالب الانتاج الفكري العربسلاموي، والذي تشربناه جيداً، بغير إنه لم يحل قضايا المراكز العربسلاموية ولا هوامشهما كما هو واضح الآن، فإنه مثل دوراً سلبياً على مستوى الوجود السوداني المختلف ثقافياً وعرقياً، ولعل هذا تمظهر بما لا يدع مجالاً للشك في التعامل مع الصراعات الجهوية التي أتت كردات فعل للتوجه العربسلاموي القامع، ليس ذلك فحسب فإن نتيجة الإصطراع بين الهامش والمركز ولدت إتجاهات عنصرية مضادة في الهامش وأخرى متضامنة مع المركز.
    إن إنتاج العرب والمسلمين ليس كله سيئاً، والحقيقة هي أن هناك تيارات إصلاحية تاريخية داخل المركز الحضاري العربسلاموي تعرّضت ولا تزال إلى القمع، ونكاد نعثر على اجتهادات فكرية وثقافية وأدبية عربية أكثر إنسانية في تقييم هذا التاريخ العريض من الفشل السياسي وتقديم بدائل أكثر وعياً بأسباب تنكب المجتمعات العربية والاسلامية عن جادة الطريق السليم، بيد إننا كما نعرف إن هذه التيارات الاصلاحية تعاني القمع السلطوي والحرمان من الأجهزة والمنابر الرسمية.
    الشئ الآخر إنه ليس من الحكمة في شئ تبرئة أنفسنا وإدانة العرب وتراثهم الحضاري عند محاولة البحث عن حلول لقضايانا، فالشئ العملي هو إدانة محاولات تقفي الأثر لحل إشكالاتنا إنطلاقاً من ما هو مكتوب عربياً.
    إذاً، فإن كيمياء العرق العربي وجوهر المبادئ الإسلامية تركيبياً بريئان من هذا الفشل المتواصل لدويلات المجتمعات العربسلاموية، والأصح هو القول إنه متى تيقَّن العرب والمسلمون أن أسس الإصلاح تتوافر بنقد السيرورة التاريخية لتجربة ذاتهم -النقد الذي يثمر عن وصفات حقيقية لجذور الأزمة- فإن الحال آنئذ سيثبت أن مكونات العرق والعقيدة لم تكن سبباً للنكوص وإن الإصلاح ليس هو إصلاح لكيمياء العرقية أو معطيات العقيدة، وأنى له أن يكون.
    نخلص إلى أن الأزمة العربية -الإسلامية، في المقام الأول، ليست أزمة في التكوّن البايلوجي للعرق العربي أو أزمة، وهمٌ ثيوقراطي يكمن في سلوك مسلمين، وإنما هي أزمة في طريقة تفكير الذات العربية والفهم الخاطئ للمسلمين من غير العرب لامكانات تصحيح الخطأ في التجربة التاريخية لدول المسلمين التي هي موضع إشكال دائم وليست محفزاً أسطورياً للتقدم.
    إذا كان هذا يبدو مفهوماً، وبما يبعد شبهة الإتهام الجاهز بتقويض فضل العربان على بلاد السودان -وهو فضل غير منكور- أو شبهة تهديم ركن من أركان الدين كما يتصوّر ثمة أصوليين، فإن المرء يرى أن الإصلاح السوداني ونعني به الإصلاح على جهة التفكير والممارسة السياسيتين ليس إلا، يمكن أن يأتي من خلال )وصفات سودانوية( أكثر من كونها عربسلاموية محضة، هذا لا يعني بالكاد نبذ الموروث العربي كلية ولا المعطى الديني برمته، إذ كيف يمكننا سلخ جلودنا أو تبطيل صلواتنا، وإنما يعني إعادة قراءة الموروث والمعطى على ضوء الحقائق الجديدة التي أفرزها صراعان مستعران نحو الهيكلة السياسية للدولة. (1) الصراع الذي تم ايديولوجياً عبر نخب المركز وأنتج تجارب سياسية مسيخة، مذكاة بواسطة تثاقفنا مع المركز الحضاري الكبير. (2) الصراع المركزي لتجاربنا السياسية المسيخة نفسها نحو استقطاب أو استيعاب أو دمج أو تدجين الهوامش القصية والدانية أثناء عملية التنظيم الإداري القيصرية للدولة الوطنية منذ عشية الإستقلال. هذا بدلاً من تنمية الهوامش فيدرالياً على النحو الذي يثري المختلف الثقافي.
    والطريف إنه إذا برأنا المركز -كما يرغب البعض العاطفي- من شبهة الصراع الأقوامي حول السلطة بإعتبار أن محركه الذي يعلو بصوته كان ايديولوجيا فحسب، فكيف يمكننا تبرئة صراع المركز ضد الهامش من شبهة حصر حصاد الدولة ليكون مكاسب لأقوام دون آخرين؟
    إن الإجابة على السؤال تكمن في الإعتراف أن الإطفاء الحقيقي لنار الصراعين هي بواسطة التواضع على تسوية سودانوية، غير متوافرة لا في فكر عمرو موسى وأيضاً المنظمة العربية التي تنظر لقضية الهامش إنها «محض محاولات لتقويض هيكلية الدولة». ولا في فكر عرّاب المحافظين الجدد فوكياما، وكذلك الدول الغربية التي ترى أن مشكلة السودان في مركزه الذي يهيمن عروبياً على إثنيات أفريقية. هذا برغم أن الفكرتين لا تخلوان من بعض حقائق فرعية، وليست جوهرية.
    إذاً، علينا خلق وصفة علاجنا إنطلاقاً من تمايزنا.



    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147508778&bk=1
    _________________
                  

04-15-2008, 03:11 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    لمــاذا يصمـت الجميــــع عنـــها ؟
    قضيـة محمـود محمد طه بـين محكمتين !!
    المحرر السياسى
    في 25 فبراير 1986 وبعد انتفاضة ابريل 1985 ، التى اطاحت بنظام الرئيس الاسبق جعفر نميرى ، رفعت اسماء محمود، وعبد اللطيف عمر حسب الله ، عريضة دعوى، تطالب باعلان بطلان اجراءات المحاكمة، التي تمت للاستاذ محمود محمد طه، وأربعة من الاخوان الجمهوريين ابان العهد المايوى ، والتى قضت باعدام الاستاذ محمود بتهمة الردة واستتابة تلاميذه الاربعة . ولقد رفعت الدعوى ضد حكومة جمهورية السودان، الى المحكمة العليا، الدائرة الدستورية، وتم نظرها بواسطة القضاة :
    محمد ميرغني مبروك رئيساً، هنري رياض سكلا عضواً، فاروق أحمد إبراهيم عضواً، حنفي ابراهيم محمد عضواً، زكي عبد الرحمن عضواً، محمد حمزة الصديق عضواً، و محمد عبد الرحيم عضواً.
    وكانت هيئة الدفاع، التي تولت رفع الدعوى، مكونة من السادة المحامين :
    د. بيتر نيوت كوك، عبد الله الحسن، عابدين إسماعيل، طه إبراهيم، جريس أسعد، والاستاذ محمود حاج الشيخ. وبعد تقديم هيئة الدفاع مرافعتها طلبت المحكمة، من النائب العام، السيد عمر عبد العاطي، باعتباره ممثل الحكومة، ان يرد على مذكرة الادعاء المرفوعة بواسطة المحامين، فجاء ردّه كالاتي ::
    1- نعترف بان المحاكمة لم تكن عادلة ولم تتقيد باجراءات القانون .
    2- ان المحاكمة اجهاض كامل للعدالة والقانون .
    3 - لا نرغب في الدفاع اطلاقاً عن تلك المحاكمة .
    وبعد المداولات، جاء قرار المحكمة العليا، الذي ابطل الحكم الاول ونورد منه هنا ما يأتي :
    (ان محكمة الاستئناف، وفيما نوهنا به، اشتطت في ممارسة سلطتها على نحو كان يستحيل معه الوصول الى حكم عادل تسنده الوقائع الثابته وفقاً لمقتضيات القانون. ويبين ذلك جلياً مما استهلت به المحكمة حكمها حين قالت :
    «ثبت لدى محكمة الموضوع من اقوال المتهمين ومن المستند المعروض امامها وهو عبارة عن منشور صادر من الاخوان الجمهوريين ان المتهمين يدعون فهماً جديداً للاسلام غير الذي عليه المسلمون اليوم... الخ».. وبمراجعة المستند المشار اليه واقوال المتهمين التي ادلوا بها امام المحكمة الجنائية لا نجد سنداً لهذه النتيجة الخطيرة التي نفذت اليها محكمة الاستئناف مما يكشف عن حقيقة واضحة هي ان المحكمة قد قررت منذ البداية ان تتصدى بحكمها لفكر المتهمين وليس لما طرح امامها من اجراءات قامت على مواد محددة في قانون العقوبات وامن الدولة ، وأدى الى تحريكها منشور محرر في عبارات واضحة لا تقبل كثيراً من التأويل .
    وبعد تمحيص طويل ونظر مدقق فى الحيثيات والبينات التى استند اليها الحكم الاول قررت المحكمة ما يلى :
    1- اعلان بطلان الحكم الصادر في حق المواطنين محمود محمد طه والمدعي الثاني في هذه الدعوى من المحكمة الجنائية ومحكمة الاستئناف .
    2- الزام المدعين برسوم واتعاب المحاماة في هذه الدعوى.
    ( حيثيات المحكمة في قضية أسماء محمود وآخرين ضد حكومة السودان) .
    ونشر ذلك الحكم فى الصحف المختلفة وقتذاك الى جانب مجلة الاحكام القضائية لعام 1986 ، واقام اتحاد الكتاب السودانيين احتفالا ضخما وقتها بمناسبة صدور الحكم ، دعا له عددا من المفكرين والادباء فى الدول المجاورة ، كما نظمت ايضا نقابة اساتذة جامعة الخرطوم فى نادى الاساتذة احتفالا مشهودا بالمناسبة .
    لكن ورغم هذه الوقائع الواضحة ، الا ان حكم محكمة المهلاوى الاولى فى العهد المايوى والتى قضت بردة الاستاذ محمود وبالتالي اعدامه ومصادرة كتبه والزراية بتلاميذه لاتزال هى المستحكمة على الوعى الجمعى ليس فى السودان وحسب وانما فى سائر البلدان العربية والاسلامية ، ولا تجد احدا من بين المفكرين او المثقفين يمينا ويسارا ووسطا يشير فى اىة مناسبة الى اسهامات الاستاذ محمود الفكرية فى مجالات التجديد الاسلامى او فى الفكر السياسى فضلا عن نضالاته ضد الظلم منذ ايام الاستعمار وحتى صعوده الى حبل المشنقة ، الا عددا قليلا منهم ، كما لم تشر المناهج التعليمية فى السودان لا من قريب او من بعيد الى دور الاستاذ الطليعى فى مقارعة الاستعمار كأول سجين سياسى عام 1946 ، بينما يرد ذكر كثير من طلائع الحركة الوطنية من ابناء جيله .. الغالبية التزمت الصمت المطبق ولم يبحث احد اسباب ذلك .
    سألت خلف الله الرشيد رئيس القضاء الاسبق عن الاسباب الحقيقية لهذا الصمت ، فبادر الى التأكيد على بطلان الحكم الاول، واوضح انه قال رأيه من قبل بأن الاستاذ حوكم بتهمة لم تكن موجودة فى القانون الجنائى السودانى وقتها ، وهى تهمة الردة ، وان القاضى اجتهد رأيه فى توجيه التهمة وليس من حقه ان يفعل ذلك ، واضاف انه لم يقتنع بالحيثيات التى اوردها القاضى المكاشفى طه الكباشى فى كتابه عن قضية اعدام محمود محمد طه ، لان الحكم استند على تهمة الردة التى لم تكن موجودة فى القانون الجنائى وبالتالي الاجراء باكمله يعتبر باطلا ، وتابع كما ان المحكمة الشرعية التى نظرت فى القضية لم يكن ذلك من اختصاصها ، حيث كان موكولا لها النظر فقط فى قضايا الاحوال الشخصية . ورأى الرشيد ان اصرار البعض على مادة الردة رغم ان غالبية الفقهاء والمفكرين يرفضونها ، راجع الى اعتماد كثيرين فى معرفتهم بالدين على الكتيبات وليس على الاصول ، واكد ان رفضهم لها راجع الى انها قد تستغل سياسيا كما حدث بالنسبة لقضية الاستاذ محمود . وارجع الرشيد الصمت الذى يطبق على قضية محمود محمد طه من قبل كثيرين الى التوظيف السياسى للقضية ، كما ان الحكم صدر ونفذ ، ولن يجدى بعده صدور حكم اخر لان احدا لن يهتم به .
    ورغم ان البروفيسور حسن مكى قال لى انه غير راغب فى الحديث حول قضية الاستاذ محمود ، الا انه قال لى بعد الحاح منى ان القضية صارت مثل قميص عثمان تستخدم لاضعاف التيار العام للثقافة العربية والاسلامية ، وان من يوظفونها ليس لديهم محبة حقيقية للاستاذ محمود ولا لافكاره ولا للدين ، واشار الى ان التناول لها كان مثل التناول الذى تتم به قضية دارفور حاليا .
    لكن الدكتور عمر القراي القيادى الجمهورى المعروف ، دفع فى حديثه لى بأن من تصدوا الى قضية الاستاذ محمود من غير الجمهوريين كانت هى منظمات حقوق الانسان ونظرت الى ذلك من زاوية دفاعها عن الحقوق كما منصوص عليها فى المواثيق الدولية ، واستنكر القراي صمت كثير من المثقفين والقوى السياسية بمن فيهم الاسلاميون، وعدم تثبيتهم لموقفهم بالتأكيد على اختلافهم فكريا وسياسيا مع الاستاذ محمود ، ولكنهم ضد محاكمته على افكاره فى محكمة باطلة كما بينت ذلك المحكمة الثانية .
    واذكر ان جامعة النيلين بالتواطؤ مع السلطات كانت قد منعت اتحاد الجامعة قبل نحو خمس سنوات من اقامة الاحتفال بذكرى الاستاذ محمود محمد طه بدار الاتحاد ، وقد بررت ادارة الجامعة ذلك ، فى بيان وزعته على الصحف ، بأن الجامعة تضم اكبر كلية للقانون فى البلاد ، وبالتالى فانها لن تقبل ان تتعرض حرمة القضاء للطعن من داخل مبانيها ، وقد رد الدكتور عبد الله على ابراهيم فى عموده (الذى يصلحك) بالصحافى الدولى ، على ادارة الجامعة مذكرا اياها بحكم المحكمة الثانى الذى طعن فى القضاء الاول ، وانه كان على ادارة الجامعة وكلية القانون بها ان تدرس ذلك لطلبتها بدلا عما وصفه (باللجلجة والشنشنة) حول حرصها على حرمة القضاء .
    ويقول الدكتور القراي ان معظم المثقفين جبنوا فى ابراز قرار المحكمة الثانية ، وكان بامكانهم فعل ذلك على الاقل من باب تبرئة ساحة القضاء السودانى ورد الاعتبار له ، والذى تم بالفعل بعد الحكم الثانى . لكن القراي يرد (الخوف) الذى يلف قضية الاستاذ محمود، الى انها كلها قضية فكرية وقع عليها تشويه عن قصد لانها لامست مسائل لديها قداسة عند الناس ، ويضيف ان من شوهوا افكار الاستاذ مارسوا ارهابا على المثقفين فى ان يشيروا الى اى موضوع له صلة بالاستاذ محمود حتى لا يعتبروا مناصرين لشخص مرتد من وجهة نظرهم ، وتابع ان اجواء الارهاب لاتزال مستمرة وهى التى تتيح لشخص مثل المكاشفى طه الكباشى ان يدافع عن حكمه على الاستاذ محمود فى احدى الصحف قبل يومين دون ان يشير هو الى حكم المحكمة العليا الدائرة الدستورية الذى قضى ببطلان الحكم الاول ، او حتى يتجرأ الصحفى بسؤاله عنه ، بما يؤكد على ان رأي الاستاذ محمود فيهم بانهم ضعفوا اخلاقيا وفنيا لايزال قائما ، غير ان القراي يستثني مثقفين كبارا قال انهم (ركزوا) فى وجه الارهاب الفكرى ، ونافحوا عن الحقيقة ، كان ابرزهم الدكتور منصور خالد والبروفيسور محمد ابراهيم خليل ، رئيس الجمعية التأسيسية السابقة .
    ويرى نائب رئيس الحزب الاتحادى الديمقراطى ، علي محمود حسنين ، ان محمود محمد طه مفكر اسلامى ينبغى ان تؤخذ افكاره او ترفض وفقا للحجج العلمية و المنطقية ، وقال انهم رفضوا اعدامه رغم انهم كانوا مختلفين معه سياسيا لانه كان مؤيدا لمايو طوال سنوات بطشها بالمعارضين من القوى السياسية الاخرى ، ولم يعادى مايو الا بعد ان طبقت افكارا تختلف عن افكاره ، وقطع حسنين بان محاكمته كانت باطلة وقد بينت ذلك محكمة الانتفاضة ، ونفى حسنين ان يكونوا جبنوا فى ذكر حكم المحكمة الثانية وقال انهم ثبتوا على مواقفهم من قبل ولا يحتاجون الى ان يصدحوا بها دون مناسبة لان كل الذين اعدمهم نظام مايو فى الجزيرة ابا وود نوباوى وفى 1971 و 1976 شهداء ولا يكثر الناس الحديث عنهم .
    ولم ينسحب الصمت حيال قضية الاستاذ محمود من الناحية القانوية فحسب ، وانما امتدت حتى ناحية افكاره ، وقد ظل احد تلاميذه وهو البروفيسور عبد الله النعيم يشدد على ان الوفاء للاستاذ محمود لا يكون بكتابة المراثى الجياشة حول سيرته وشجاعته وانما باتخاذ موقف فكرى نقدى مما طرح واخضع مقولاته للفحص والنظر للحكم بمدى تماسكها ومخاطبتها لقضايا العصر او تخلفها عنها . ويطرح ذلك سؤالا عن ما اذا كان ذلك سببا فى انقطاع نشاط تلاميذه من بعده ، ويقول الدكتور حسن مكى فى هذا الخصوص ان الفكرة الجمهورية جربت ولم تأت بنتائج ولذلك لم يتحمس الناس لها مرة اخرى رغم الطريقة التى قتل بها صاحبها . بينما يشدد حسنين على ان عودة الجمهوريين للساحة هى مسؤوليتهم وحدهم ، واذا ما قرروا العودة سيؤيد الناس مطلبهم .
    لكن الدكتور القراي يرى ان التأثير الواقع على الوعى الجمعى فى دول العالم الثالث تجاه الفكرة راجع الى غياب المنابر الحرة التى تسمح بنشر الوعى بعيدا عن تأثيرات القداسة ورجال الدين والفقهاء الذين لديهم حلف مع الحكومات فى المنطقة يعمل على استدامة حالة الوعى القائمة حفاظا على مصالحهم ، واوضح القراي بان افكار الجمهوريين لم يفسح بينها وبين الشعب السودانى ، ولم يسمح لها يوما بالاطلالة عبر التلفزيون ولا الاذاعة ولا حتى المساجد وبالتالى لم يترك للجمهور ان يقول رأيه فيها ، ويضيف ان قدر المساحة التى وجدها الجمهوريون فى التعبير عن رؤاهم وجدت تجاوبا كبيرا من الشعب ، وقطع القراي بانه متى ما اتضح لنا ان الشعب يرفض رؤانا فسننسحب لاننا ليسوا طلاب سلطة .
    وقد اهتمت بعض الدوائر العالمية بما كتب الاستاذ محمود خصوصا بعد ان صار العالم على حافة صراع حضارى بسبب من ظاهرة الارهاب ،وذلك فى محاولة منه لفهم الاسلام بشكل اعمق ، وفى هذا الصدد فقد ترجم الفاتيكان الكتاب الاساسى لافكار الاستاذ محمود «الرسالة الثانية من الاسلام» الى ثلاث لغات اوربية ، فيما ترجم فى الولايات المتحدة الى اللغة الانجليزية ، بينما اعتبرت اليونسكو الاستاذ محمود فى الموسوعة التى اشرف عليها البروفيسور على مزروعى احد ابرز المفكرين الذين سعوا لنهضة افريقيا ما بعد الاستعمار ، بينما ينشط بعض تلاميذه فى مجالات التأليف على هدى الفكرة فى الخارج . ويقول المفكر المصرى البارز الدكتور حسين احمد امين فى مقدمة الترجمة العربية كتاب (نحو تطوير التشريع الاسلامى) للدكتور عبد الله النعيم :
    (يبدو أنَّ المصريين قد اعتادوا واستمرأوا فكرة أن تكون بلادهم مصدر الإشعاع الفكرى فى العالمين العربى والإسلامى، ذلك أنَّ القليلين من مثقفيهم هم الذين يلقون بالاً الى الثمار الفكريَّة فى الأقطار المحيطة بقطرهم، أو يقدرون الضرر الذى سينجم حتماً، عن هذه العزلة وهذا الإغفال. وها قد مضى أكثر من ربع قرن على ظهور كتاب فى السودان، هو كتاب «الرسالة الثانيَّة فى الإسلام» للشهيد محمود محمد طه، الذى أعدَّه،أهم محاولة ينهض بها مسلم معاصر لتطوير التشريع الإسلامى، والتوفيق بين التعاليم الإسلاميَّة ومقتضيات المعاصرة، دون أن يحظى فى مصر «أو فى بلد إسلامى خارج السودان على حد علمى» بالإهتمام الذى هو أهل له، ودون أن نلمس له تأثيراً فى إتجاهات مفكرينا ومثقفينا وجمهور شعبنا، رغم إحتوائه على فكرة أساسيَّة ثوريَّة لا شكَّ عندى فى قدرتها متى صادفت القبول لدى الرأى العام الإسلامى، على أن توفر الحلول لمعظم المشكلات التى تكتنف موضوع تطبيق الشريعة، فى إطار إسلامى) .
    بينما يقول المفكر السودانى الدكتور فرانسيس دينق فى كتابه (صراع الرؤى فى السودان) : (اذا ما قدر لمحمود محمد طه ان ينجح فى تحقيق نظريته للمسيرة الاسلامية مرشدا للحركة الاسلامية فى البلاد لسادت الظروف المساعدة على المساواة بين المواطنين وشجع احترام الاسس الديمقراطية فى خلق رؤية للوطن تجد الاحترام من الشماليين والجنوبيين على حد سواء ، وكان يمكن حينها ان يكون الاحساس بالهدف الوطنى مدفوعا بتعاليم الاسلام الليبرالية والمتسامحة كما فسرها الاخوان الجمهوريون) .
    لكن صراع السياسة (الخشن) وليس الافكار ما زال هو السيد فى الحلبة وربما كان هذا هو السبب الذى جعل قضية الاستاذ محمود لا تزال (تابو) يخشى الاقتراب منه ..



    http://www.alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147509523&bk=1
                  

04-15-2008, 03:13 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    في «نقد نقد» الرمز السوداني:

    صلاح شعيب
    منصور خالد والصادق والريفي ــ نماذج!! كثيرة الكتابات التي تناولت شخص منصور خالد أو الصادق المهدي أو الترابي، ولكن قليلة التي ناقشت فكرهم، ولعل هناك فرقاً كبيراً بين أن تتناول مسار الذات في«الصادق الانسان» وأن تنتقد سيرورة الرأي عند «الصادق العقل».. إنك بطبيعة الحال تستطيع أن تمهِّد بمنهج التحليل النفسي إبحاراً في الدماغ التاريخي لمنصور، أو دماغ أية «شخصية/ رمز» ما من أجل الوصول لنتيجة ما تفيد في معرفة تضاريس النفس الانسانية حين تتعلق بالممارسة المرتبطة بجدل الحياة، ولكن السؤال هو: حتى لو أفاد هذا التحليل النفسي في كمال عرضه المنهجي ولكن ألم تكن تخريجات سيقموند فرويد رائد علم النفس مثيرة في بعضها للاشمئزاز حين يرد الهيستيريا إلى أمومة سيئة؟ إذاً فما الذي يضمن لنا أن تحليل نفسية الترابي أو الميرغني كان مسبوقاً بموقف نفسية الناقد الايدلوجيي من حملة الرأي الديني، أو ربما مسبوقاً بكره نفسي من الناقد الجهوي الذي يشملهما ضمن مفهوم الجلابة الذي قفز فجأة لسطح الأحداث؟ أبعد من ذلك ربما يذهب المرء للتساؤل عن حتمية صحة إستخدام المناهج الأكاديمية والتي كان آخرها المنهج التجريبي، وربما سينضج منهج الباراسايكلوجي ويزيدنا بتهويماته عما قريب، ألا تمثل هذه المناهج إسقاطاً للذاتي على الموضوعي؟ وإذا إستثنينا مناهج العلوم الطبيعية التي تحلل الظاهرات والمواد الطبيعية-الكيمياء والفيزياء مثلاً، هل ينتج هذا الاستخدام للعلوم الاجتماعية عن رؤى متمترسة بسلطة الأكاديميا، برغم أهميتها وفاعليتها وعمليتها أحياناً- هذا لو كانت موضوعية؟ أتساءل هكذا، وفي ذاكرتي أن هذه السلطة الأكاديمية مارست شكلاً تسلطياً واتقت به إزاء الآخر المخالف «محمد عابد الجابري نحو جورج طرابيشي.. حسن حنفي نحو صلاح أحمد إبراهيم في خلافهما حول حوار الشرق والغرب.. ومحلياً محاولات تيتاوي خريج الإسلامية، صحافة وأعلام، ضد الراحل محمد خليفة طه الريفي في حوار الصحافة بين الموهبة والتخصص، وفي الموسيقى حوار الدكتور مكي سيد أحمد مع الراحل جمعة جابر حول الأبعاد النغمية للسلم الخماسي»، ولا ننسى الاستخفاف لا النقاش- الذي مارسه الراحل العلامة عبدالله الطيب نحو النقد الذي وجه لقصيدته التي قيل إنها من النظم أو من الصنعة الشعرية إن أردت، وأذكر أن الراحل العلامة، غفر الله له ولنا، أن هذا النقد كان يتم لحسد شخصي أكثر من كونه الحق الأصيل للنقاد لتحليل القصيدة التي لا ترتبط بالحاجيات الأساسية للمجتمع الذي تحصده الملاريا وتصفعه الحكومات بينما الشاعر يحظى بالكرامات السلطانية. إذاً.. إذا كانت هذي أجزاء يسيرة ومضحكة في الآن ذاته من وعثاء و«بخ بخات» بعض المنهاجيين، فكيف نسلم من مسبوقات ونتائج التحليل النفسي للميرغني أو الراحل عبد الجبار المبارك واللذين ينفضحان أكثر بغير عدم الاستلطاف، إنهما ينفضحان بقصر النظر الذي يبينه التحليل المعرفي. إن تحليلات علم النفس، مع الاعتبار للدكتور التيجاني الماحي لا تخلو أحياناً.. أحياناً من إسقاط نفسي وليس إستنتاجاً نفسياً والفرق واضح بين المعنيين ولكن إذا كان البعض منا يصر على أن هذا التحليل من المطلوبات السياسية ومفيد نقدياً في طريقة فهم التركيبة النفسية للرمز السوداني، أياً كان شغله فكرياً، تجارياً، عسكرياً، وإذا كان الهدف من التحليل نفسه هو إضافة بعد مدرسي نفسي جديد للكتابة المعتاشة على الاستهلاك الشعبي السريع، فإنها -أي التحليلات- ستوصل البعض البسيط إلى قناعة بأحكامها ولكن هناك دائماً الرأي الآخر الذي يسخر من أشياء مثل أن هتلر عايش طفولة قاسية، وأن أتاتورك ابن زنا وأن كارل ماركس أحس بالفلس من بعد رغد ولذلك أراد أن ينتقم ضد الرأسمالية، أو أن الصادق المهدي ركبته موجة نبوة باكرة أخرجه منها جده السيد عبدالرحمن.. نعم يسخر المرء في حال أن يكون هذا التحليل النفسي نافياً للصراع الوجودي أو العرقي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الديني المسبِّب لوجود أشخاص مثل هتلر وكارل ماركس وأتاتورك ومحمود محمد طه، والذين إذا لم «ينوجدوا» كأفراد فإن حتمية الظاهرة ستتمثل في آخرين.. في الواقع أن لا شيء هناك متفق حوله لو إنه نتاج سلوك بشري يرتبط بالممارسة المجتمعية، وعندئذ يغدو محمود محمد طه أو عبد العزيز خالد أو علي الحاج أو غازي العتباني الذوات التي هي من حيث عملهم محل التأويل لمعرفة خطوط الخطأ والصواب وما ذهب جيداً في تفكيرهم وما ذهب بالسوء في مسارهم السياسي أو الفكري، وحتماً لا يمكن أن يكونوا محل الإدانة أو الاتهام الغليظ عبر السطور وتحتها بــ «الكفر، الإلحاد، السي آي ايه، التفسخ الاخلاقي، الطعن في العرق الفلاتي أو التركي، الارتهان للغرض الاجنبي، والذي يفهم على أنه الطعن في الذمة والضمير، ويفهم أيضا على أنه ليس إرتهاناً لما تمليه النفس».. وللأسف ما كانت كثير من الكتابات التي تناولت هؤلاء ملتزمة بشروط منهج التحليل النفسي حتى، وإنما حاولت بشيء من المزاوجة الفاشلة للمنهج بالرؤى القرائية الاخرى أن تصل لادانة سريعة بكذا وكذا.. إن في ذهني التوظيف القيم لعلم النفس ضمن علوم أخرى والذي مارسه الدكتور بولا في دراسته القيمة «في نسب شجرة الغول».. حيث إنه برشاقة أكاديمية مدعومة بخلفية نقدية أبستملوجية قائمة على دعامات علم الجمال الذي كان تخصصه، بولا استطاع أن يقدم حصيلاً معرفياً لفكر ونفسية ما أسماهم بـ «الجماعة العربسلاموية» المشتغلين في صنعة الأدب والفن السودانيين، وكذلك تأتي للذهن التجربة الباكرة في توظيف جزء من علم النفس في فهم بني مدرسة الغابة والصحراء بقلم الدكتور عبدالله علي إبراهيم والذي بحث في الخلفية الفكرية والنفسية لانتاج الشعراء «محمد عبدالحي، محمد المكي إبراهيـم، النور عثمان ابكر» هؤلاء الذين أرادوا الذهن السوداني متثبتاً بمرجعية الافروعروبية للتعامل مع واقعها المعقد ثقافياً وإثنياً. هذا لا يعني أن هناك إتفاقاً كاملاً مع النتائج التي توصل لها الباحثان، وإنما قصدت القول إن مجهدهما الدراسي ومجهودات أخرى تمخضت عنها نتاجات فكرية وأدبية منضبطة بسياق أكاديمي مثمر، ولكنها لم تكن إنتهائية في نتيجتها، والدليل أن النقاد ولدوا من هذه الدراسات تساؤلات ونقاشات أخرى هادفة، ولا أظن أن مسألة الكتابة تتجاوز أكثر من خلق الجدل وتأكيد قصورها عن الاحاطة والشمول. أذكر أن الطيب صالح قال عبارة حكيمة ما برحت استدل بها، وهي: إن أجمل نقد هو ما كتب عن محبة، ولهذا أوليس ممكناً أن يخرج من بين الصفوف أحد أحباب ابوالقاسم حاج حمد لينقده، لا كما «ينقد» الدجاج الحبة ليكسرها إلى شذرات، وإنما لتأكيد إبداعيته في الرؤيا من جانب وفشله في الجانب الآخر، والامر قد ينطبق على السيد الصادق المهدي، والذي بقي مجالاً خصباً للقدح والمدح معاً، وفي قناعتي أن التصرفين لا يفيدان في الإضافة الفكرية للذهن، ذلك أن كثيراً من هذا القدح والمدح مشخصن لفكرة العلاقة بين «الرمز- الكاتب» والقارئ.. إن علاقتنا مع سيد صادق كما يقول بعض أنصاره هي بالضرورة في عموم ما عمل سياسياً وما طرح فكرياً، لا في خصوصية رؤيتنا له كذات سودانية مثلها مثلنا، تحاول البحث عن المعرفة في التعامل مع وضعها التاريخي، ويسعى لفرادته وربما تقدميته، كذلك يسعى إلى الطرق التي بها يسهم سياسياً ويصحح أخطاء الرصيد الماضي ما دام هو في هذه الحال لا يختلف عن زعامات أخرى تنطبق عليها ما ينطبق عليه، ألهم إلا لو لدينا مسبوقات نفسية أو أيديولوجية تجاهها. جانب من الجدل هو أن الغزارة الفكرية والقدرة على التواصل مع مجاميع السودانيين ومبارحة الشفاهة المقيتة -أو كما يسمونها «سلطة البياض» التي تضرب في أقانيم السياسي- سمت الرمز منصور خالد، فالشاهد إننا قرأنا له بعض كتبه المثيرة للحوار إضافة إلى المقالات والحوارات، ثم وقفنا على مشاركاته الدولية ثم مايو وتجربته المستمرة في الحركة الشعبية، من خلال كل هذا أرى أنه يشارك بقناعاته الفكرية والسياسية والتي يفضِّل أن تكون محل تقييم موضوعي لا فوضوي يسعى إلى تصويره تارة إنه ذيل للاستعمار أو إنه يطعن في عروبة السودان بخنجر مسموم أو يقضي بارسياته في كذا وكذا أو يلاطف في ليل القاهرة... وغيرها من العبارات التي تدعي نقد الرجل بمرجعية الاسلام تارة والعروبة مرات والوطنية مرة ثالثة. إن ما قدمه منصور خالد للمكتبة السودانية إختلفنا أو إتفقنا مع ما جاء فيه يعتبر إنجازاً وطنياً لا يقل عن دوره كسياسي أمر جرده لا يكون بإدانة تجربته في مايو ومعارضتها أو إنضمامه للحركة الشعبية، فكلا التنظيمين من إفرازات إرثنا السياسي وفرضهما واقع محلي وإقليمي، وقبل ذلك داخلي، لا بد أن تحمل أسبابه بكل شجاعة، فمشاركة منصور في جانب زاملتها مشاركات لأحزاب ورموز حية ما زالت حتى الآن تحاول المشاركة في صنع المستقبل، وإنه من الكيل بمكيالين لو أن إستهدفنا تلك المشاركة الماضية له وصرفنا النظر عن الآخرين الذين احتوتهم مايو ونظروا لها بالأناشيد والاغاني، وشرعوا لها كيفية تجديد إستمراريتها بالاتكال على قوانين الله، وهناك آخرون شاركوا بالمحافظة عل« الوظيفة ولم يتقدموا بإستقالتهم عن العمل الحكومي كموقف وطني أو أخلاقي يتناسب مع قناعاتهم. إن واحدة من الأشياء التي توطَّنت عليها البيئة العالمثالثية عموماً هو عدم التواضع على معيار لوزن الاختلاف مع الآخر، فكثيراً ما أصبح الآخر كافراً مرتداً، أو إنتهازياً أو مهادناً أو تابعاً أو متآمراً مع الأجنبي أو اصولياً ظلامياً، وعليه غدا من السهل قياد الناس لكره أو لعن هذه الشخصية أو تلك حتى إنه لم يسلم رمز سياسي من هذه الاتهامات. إن الكتابة التي تتحرك بمنطلق نفسي في وضع أحكام جزافية حول الرمز السوداني تخلقها أسباب الإحباط واليأس الذي ملأ نفوس الكثيرين وما عادوا ينظرون أكثر من أرنبة الانف، وهي في جانب آخر مشحونة بأثقال الخصومة التي تعمي البصائر عن الموضوعي، وبالتالي تصبح الرؤى حول الرموز متشخصنة ومليئة بالثأر، ولكن المهم هو إلى أي حدٍّ تستطيع هذه الكتابة النفسية أو تلك الانطلاق من الموضوعية، وربما في هذا وجدنا الدكتور منصور خالد نفسه برغم إرثه من العيار الثقيل في الكتابة قد حرَّكته مجامر الغضب في النفس للثأر ضد من يخالفونه الرأي.




    http://www.alsahafa.sd/Search_Result.aspx?ser=%u0645%u0...+%u0637%u0647&type=2
    _________________
                  

04-15-2008, 03:14 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    النشوف اخرتا
    سلخ صدام لا يهم
    سعد الدين ابراهيم

    * نحن عادة لا نشاهد تنفيذ احكام الاعدام في أية قضية .. وقد حاورنا في احدى الصحف الاجتماعية التي رأست تحريرها في فترة سابقة .. احد العاملين بتنفيذ حكم الاعدام .. ويسمونه (الشناق) وهي مهنة ذات مواصفات محددة وقد ذكر لنا انه يتعامل معها بصفتها مهنة عادية لكن مشكلته في نظرة الناس الى المهنة اذ يعتبرونها مهنة غيرمحببة، وحكى عن قواعد تحكم عملية الاعدام من وزن للمنفذ فيه حكم الاعدام وضرورة ذلك بما يعني بأن آلة الشنق تعمل بمواصفات محددة اهمها انها في البدء تفصل اعصاب الاحساس فلا يشعر المشنوق بشئ بعدها. * واعدام صدام كان مشاهداً للجميع .. وايضا لم نشاهد حالة الذين ينفذ فيهم حكم الاعدام ربما يكونون بنفس درجة الثبات للاستسلام للمصير ، لذلك فنحن نتحدث في امر لا نعرف أية خبرات عنه ولم نشاهده .. ولم يحكِ لنا احد عن سلوك الذين تم اعدامهم .. مثل شهداء يوليو فما يُحكى ان الشهيد عبد الخالق محجوب واجه الموت بثبات .. كذلك الشهيد محمود محمد طه .. وما يُحكى عن الشهيد عبد القادر ودحبوبة .. والشهيد عمر المختار. * إذن فالحديث عن شجاعة وثبات الراحل (صدام حسين) يصبح بلا جدوى .. وربما اتفق تحليلا مع رأى الصديق القاص والروائى محمد خير (حنيمات) في ان الخوف من الموت شئ طبيعي وان لم يخف الانسان من الموت فهو ليس انسانا طبيعياً. * لكن من الثابت أيضا ان كل الطغاة واجهوا الموت بثبات حتي (ماري الطوانين) وهي في طريقها الى منصة الاعدام اعتذرت للشرطي الذي يقودها لانها داست على قدمه فهل هذه شجاعة وثبات. * اعتقد ان الرواية بأن صدام ارتبك وكان يرتعد لا تنقص من قدره كما ان ثباته لا يزيد من قدره. * ومن طرائف القدر أننا اصبحنا نتحدث عن شجاعة صدام او عدم ثباته وانشغلنا بهذا الامر متناسين ما صحب الامر برمته من انتهاك لحقوق الانسان وفي استعجال في التنفيذ ومن تواطؤ على التنفيذ. * هكذا نحن العرب واهل الدول المتخلفة نتصرف عن الجذور الى القشور وعن الاسئلة الموضوعية الى الهمهمة والشفشقة الجوفاء. * ثم ان قضايا كثيرة كان يجب ان يساءل عنها صدام مثل غزوه للكويت المسالمة المتحضرة .. اعتقد انها الاسوأ اما قضية الدجيل والانفال وغيرها فهي تدخل في باب ردة الفعل على نشاط مناوئ لسلطة صدام ،أما غزو الكويت فكان فيه الكثير من العقوق والكثير من الهمجية كنا نريد ان نعرف ذلك .. لكن العجلة اخفت عنا الكثير من الامور. ماذا يضير الشاة بعد ذبحها .. وهل السلخ يؤثر او يهم .. اننا تناسينا الذبح واخذنا نتحدث عن السلخ فما أبأس ما وصلنا اليه من مآلات.



    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=30107
    ____
                  

04-15-2008, 03:15 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)




    بشفافية
    شعب عظيم يتقدمه أقزام
    حيدر المكاشفي
    تهل علينا يوم الخميس القادم الموافق الثامن عشر من يناير ذكرى حزينة ويوم كالح السواد عُلّقت فيه العدالة على حبل المشنقة قبل أن يتدلى منها جسد الشهيد محمود محمد طه الذي اغتيل قبل إثنين وعشرين عاماً في 18/1/1985م بعد محاكمة صورية وعلى يد قضاة «غير مؤهلين فنياً وضعفوا أخلاقياً عن أن يمتنعوا من أن يضعوا أنفسهم تحت السلطة تستعملهم لاضاعة الحقوق وحرية القضاء وإهانة الفكر الحر والمفكرين» على حد وصف الشهيد لهم الوارد بين علامتي التنصيص والذي وافقه عليه كبار القانونيين الذين تابعوا مجريات «المسخرة» التي لم تكن تمت للقضاء العادل بأدنى صلة وتحولت فيها قاعة المحكمة إلى خشبة مسرح تم إعدادها لاخراج الحكم بالإعدام الذي صدر سلفاً قبل تشكيل المحكمة، ومن عجائب القدر وسخرياته أن الذين دبروا مكيدة اغتيال الاستاذ محمود وأساءوا إخراجها ثم هتفوا مهللين عند شنقه «سقط هبل.. سقط هبل» يتباكون اليوم على إعدام صدام ويذرفون عليه دموع التماسيح ويلعنون القضاة العراقيين الذين أصدروا الحكم ويسبون السلطة العراقية التي كانت وراء المحاكمة ومن خلفهم الاميركان الذين كانوا وراء كل شيء، ما بال هؤلاء يفعلون ذات الشيء مع الشهيد محمود ثم يستنكرونه على العراقيين، ألا ساء ما كانوا يحكمون، رغم انعدام المقارنة بين إعدام الاستاذ محمود الذي كان إعداماً للفكر وحرية الفكر وتشويهاً لنزاهة القضاء وانتهاكاً صارخاً لحرية التعبير وتم لمجرد أنه أصدر بياناً من بضعة سطور ينتقد فيه قانوناً أصدرته السلطة، بينما أُعدم صدام لأنه أعدم مائة وثمانين نفساً لمجرد شبهات لم تتوفر لها أدلة ولم تنعقد لها محكمة بالمعنى القانوني المعروف ولم يرأسها قاض محترف... وتحضرني هنا بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لاغتيال الشهيد محمود محمد طه مقولة له لا أمل من ترديدها لفرط ما فيها من حكمة وما انطوت عليه من تلخيص جامع مانع لكل أزمات السودان التي يكون في الغالب الأعم سببها القادة الذين يتقدمون هذا الشعب العظيم، ولعل أى جرد حساب أمين يتم لكل نكباتنا وخيباتنا وفشلنا يكشف عن صدق مقولة الشهيد «شعب عظيم يتقدمه أقزام» والحساب لا يكذب ولا مجال فيه للمغالطات. فمنذ «جلطات» السودنة والتنكر للفيدرالية في بواكير الخمسينات من القرن الماضي وحتى طلائع القرن الحالي بكل ما ينوء به المشهد الوطني من مماحكات وألاعيب ولعب على العقول وتذاكي على الآخرين واستعباطهم وتلاعب بالقضايا من أجل مكاسب حزبية أو أمجاد شخصية لا تراعي للوطن حرمة ولا ترعى لأهله إلاّولا ذمة إنما هي من فعل الحاكمين الذين يتكرّس جل نشاطهم من أجل البقاء على سدة الحكم إن كانوا قد نالوه بـ «الضراع» ووضع اليد أو التفكير في كيفية العودة إليه إن كانت صناديق الانتخابات هي التي حملتهم إليه... وما ذهب إليه محمود أشار إليه أيضاً منصور خالد في مؤلفه الموسوم بـ «النخبة وإدمان الفشل»... لقد مضى محمود إلى ربه وكان راسخ القدم وثابت الجنان كما شهد بذلك السجّان الذي أشرف على حبسه حتى حبل المشنقة ولكنه ترك فينا قيمة راسخة وثابتة عن كيف يكون الصمود في وجه الطغاة والانتصار للفكرة والمبدأ...



    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=30109
    ___
                  

04-15-2008, 03:16 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    --------------------------------------------------------------------------------

    الأستاذ طلحة جبريل مدير مكتب «الشرق الأوسط» بواشنطن لـ «الصحافة» «2/2»

    خلال لقاءاتي بالقذافي وجدته مختلفاً عن صورته النمطية في الإعلام
    حاوره في واشنطن: صلاح شعيب
    يعتبر الاستاذ طلحة جبريل أحد مفاخر الصحافيين السودانيين في الصحافة العربية. وقصة نجاحه تعتبر جديرة بالتوثيق نظرا للظروف التي مر بها في مشوار النجاح في قيادة صحف عربية خارج وطنه، وتسنمه للعديد من المناصب الصحافية، آخرها ابتعاثه للعاصمة الاميركية ليكون مديرا لمكتب صحيفة «الشرق الاوسط» بواشنطن. ورحلته في صاحبة الجلالة لم تبدأ من داخل السودان، حيث قادته الظروف إلى المغرب للدراسة، وهناك بعد التخرج عمل صحافياً ومراسلاً لـ «الشرق الأوسط»، إلى أن أصبح مديرا لمكتبها بالعاصمة المغربية الدار البيضاء. وهناك عاش حياة صحافية حافلة بالتجارب، أهلته لاصدار عدد من الكتب السياسية والادبية التي من بينها الكتاب الذي أصدره مركز الدراسات السودانية وحمل عنوان «مع الدرب» حوى فيه شذرات من السيرة الذاتية للاديب السوداني الطيب صالح، وتضمن أيضا حوارات عميقة مع الاديب، أجلت بعض الاسرار والمواقف في مساره الابداعي. وظل الاستاذ طلحة جبريل من خلال وجوده وتغطيته لاحداث المغرب العربي الكبير، مرجعا للقنوات الفضائية حول الشؤون السياسية والثقافية لذلك الاقليم، كما إنه حاضر في الجامعات المغربية في مادة الصحافة.
    ومنذ أن وصل إلى واشنطن ظل الاستاذ طلحة من المشاركين في النشاطات السودانية والعربية والاميركية، وأقام ندوات هنا وهناك في الشأن السوداني، كما ظل يقيم بعض الندوات في الجامعات ومراكز الأبحاث بالعاصمة الاميركية. ويعكف الآن على إصدار بعض الكتب السياسية.
    في هذا الحوار يتحدث الاستاذ طلحة جبريل لـ «الصحافة» عن تجاربه التي تتراوح بين الصحافة والسياسة والادب والتأليف والاقامة خارج السودان لفترة تقارب الثلاثين عاما ونيف. و«الصحافة» إذ تقدمه عبر هذا الحوار بصفته معلماً بارزاً من نجاحات الصحافيين السودانيين بالخارج.. فإلي مضابط الحوار.



    * انت من الذين أسهموا في موقع «إيلاف» الاليكتروني لمؤسسه الاستاذ عثمان العمير رئيس تحرير جريدة «الشرق الاوسط» السابق.. كيف ترى تأثير هذه التجربة على صحافة الانترنيت؟
    * عثمان العمير صديق عزيز طلب مني الالتحاق بصحيفة «إيلاف» بعد تأسيسها، ثم عينني مديراً للتحرير وكلفني باصدار «إيلاف» الورقية، الى جانب عملي كمدير لتحرير «إيلاف» الاليكترونية. وبالفعل اشرفت على ماكيت النسخة الورقية، لكن مشروع الورقية تعثر، وبعد سنتين من العمل المضني في «إيلاف» استأذنت في الانصراف بعد ان شعرت بالاعياء. ولا شك أن «إيلاف» لها الريادة في الصحافة العربية الاليكترونية.
    * من خلال فشل النسخة الورقية لـ «إيلاف» هل ستنتهي صحافة الورق في المستقبل؟
    * التلفزيون لم يلغ الاذاعة، والانترنت لم يلغ الصحيفة. واذا جاء اختراع آخر لا يلغي الانترنت، ولكل وسيلة مذاقها ومتلقيها.
    * الأزمة السودانية: الجذور والمعالجات؟
    * هذا سؤال طويل عريض يا عزيزي صلاح. والجذور ضاربة في اعماق هذا البلد الذي ظلمه التاريخ ولم تنصفه الجغرافيا، والمعالجات تتطلب قبل كل شئ ان تنطلق من حب الوطن، وبلدنا ابتلي بأناس لا يحبونه ... هكذا تبدو لي الاشياء.
    * الديبلوماسية الاميركية وقضية الشرق الاوسط؟
    * الاميركيون يقدرون كثيراً الحرية ويعيشونها، لكنهم لم يستطيعوا نقلها الى خارج حدودهم، وهذا ما نلمسه يومياً في منطقة الشرق الاوسط.
    * وماذا عما يقال بتضييق على العرب والمسلمين؟
    * منذ أن جئت إلى أميركا وانا مسلم، لم اشعر باي نوع من المضايقة.
    * هناك حديث مُثار عما جناه السودان من الانضمام لمنظمة الوحدة العربية.. باعتبارك قريباً من دوائر صنع القرار العربي ماذا ترى في الموضوع؟
    * لست قريباً من دوائر صنع القرار العربي كما تقول، انا صحافي، وبهذه الصفة التقي بالمسؤولين العرب لانقل للقارئ ما يدور في أذهان هؤلاء الساسة وصناع القرار. اما بشأن ما جناه السودان من عضويته في الجامعة العربية، فاظن أن هذه المنظمة ليست «شركة» يمكن الاستفادة او عدم الاستفادة من عضويتها، بالمقابل اود ان اسألك هل الانسحاب من الجامعة سيفيدنا؟ وفي ماذا سيفيدنا؟
    * الهوية السودانية ؟
    * في رأيي أن السودان حالة شبيهة بحالة يوغسلافيا، لذلك هو حالياً «يوغسلافيا أفريقيا». ويبدو ان مسألة «حق تقرير المصير» تشكل مدخلاً لحل مشاكله بما في ذلك مشكلة الهوية. ولا يمكن بناء وحدة بلد ما بفوهة البندقية، والوحدة بالتأكيد هي حالة تراضٍ وتساكن وتعايش.. وفي مطلع الثمانينيات عندما طرحت ضرورة منح حق «تقرير المصير» لجنوب السودان في مقال، اعتبر ذلك الموقف «خيانة»، الآن اصبح هذا الرأي متضمناً في وثيقة دولية انهت الحرب في الجنوب، واتذكر انني عندما طرحت فكرة «يوغسلافيا افريقيا» في حوار منشور مع السياسي الجنوبي «باقان أموم» قال لي مازحاً وما هي «جمهورية الجبل الأسود»؟ قلت له هي «المديرية الشمالية»... أفقر مناطق السودان على الاطلاق وانا من هناك، لكن هنيئاً لكم النفط والغنى... المهم ألا يشعر اي سوداني بالغبن او انه ظلم ، انا مع الحق حتى ولو كانت عشيرتي هي اول من سيدفع الثمن.
    * هل تعني أن هناك استقطابا جهويا داخل السلطة وداخل الحركات المسلحة المعارضة؟
    * النظام الشمولي هو الذي افرز هذه الظواهر. ويكرس الظلم سواء أكان جهويا اواجتماعيا او قبليا.. ماذا تنتظر من شخص يقول لك انه يملك الحقيقة..؟
    المحافظون الجدد قرروا ان يكون غزو العراق بداية لدمقرطة العالم العربي.. باعتبارك متابعا في الشأن العربي لماذا لم تكن هناك تجارب ديمقراطية؟
    * يجب فصل موضوع العراق عن مسألة الديمقراطية. فالأزمة العراقية شئ والديمقراطية شئ آخر. والديمقراطية لا يشيدها الا الديمقراطيون، ولا توجد تجارب ديمقراطية ناضجة في العالم العربي، لان ثقافة وروح القبول بالآخر ليست شائعة. اليس من المفارقات ان تكون افضل التجارب الديمقراطية في العالم العربي حالياً هي في أفقر دولة وهي موريتانيا. والسودان انطلق كبلد ديمقراطي في مطلع الخمسينيات، وبلادنا لم تعرف ظاهرة الهجرة الى الخارج الا بعد ان وئدت الديمقراطية الاولى، ولم تتفاقم هذه الهجرة الا بعد وأد الديمقراطية الثانية، ولم تتردَ احوالنا الا في ظل الانظمة الشمولية والتجربة الحالية ماثلة امامنا، مع الاقرار ان فترة حكم عبود كانت افضل نسبياً، لكن ذلك الحكم اعاق بالفعل اقلاع البلاد نحو الازدهار السياسي والاقتصادي.
    * الصحافة والسياسة ايهما يستغل الآخر؟
    * العمل السياسي والعمل الاعلامي عملان متلازمان يفترض ان لا استغلال بينهما. والصحافة النزيهة هي ضمير الرأي العام، والسياسي النزيه هو الذي يدرك أهمية الصحافة في تدفق العملومات. وحرية الصحافة هي بالضبط حرية مناقشة صنع القرار وتدفق المعلومات.. هذا رأيي.
    * ولكن الملاحظ أن الصحافة مستغلة من قبل السياسي في العالم العربي؟
    * من يقبل الاستغلال سواء أكان صحافياً او غيره لا يستحق الحرية.
    * الحركة الاسلامية السودانية الى أي مدى يمكن ان تقود الدولة الى بر الامان؟
    * هذه الحركة تهيمن على بلادنا منذ يونيو 1989م.
    هل وصلنا الى بر الامان؟ اين كنا واين نحن الآن؟ والى اين نسير؟
    * ليست لدي احكام قيمة، بل واقع يعيشه السودانيون قاطبة.
    * وماذا يقول هذا الواقع؟
    * هم وكما قال القائل «يتحدثون عن الرخاء والناس جوعى ... وعن الأمن والناس في ذعر... وعن الاصلاح والبلد خراب». لن اتحدث عن الاعدامات وعن «بيوت الاشباح»، وعن تشريد الآلاف، و«التجنيد الاجباري»، وعن «الحرام» الذي كاد يختزل في ارتداء الحجاب وشرب الخمر، اما القتل والفساد المالي والاداري والمحاباة وحرمان الناس من أرزاقها فكلها «حلال». وهم يعتقدون ان مشاكل جميع المعارضين يمكن ان تحل إما بمناصب «مساعدين ومستشارين في رئاسة الجمهورية» او بالعضوية في نادي الوزراء الذي اصبح يضم المئات، او بتعيينهم نواباً، هذا الاسلوب لم يحل المشكلة امس ولن يحلها اليوم او غداً. وهم يعرفون ما هو الحل وكل السودان يعرف ما هو الحل.
    * هناك حديث بأن هناك مفكرين سودانيين خلف فكرة وتنظير اللجان الثورية الليبية.. الى اي مدى ترى ان العقيد معمر القذافي يمتلك القدرات الفكرية التي خطها عبر «الكتاب الاخضر» خاصة انك التقيت به؟
    * لقاءاتي مع العقيد القذافي لم تخرج عن اطار المغرب العربي، ولم يحدث ان طرحت عليه سؤالا او استيضاحا حول «الكتاب الأخضر» ولا اود ان ادخل في جدل حول هذا الموضوع.
    * وماذا عن قدراته الفكرية؟
    * خلال كل اللقاءات كان الحديث عن الآني، ولم تتح لي فرصة لمناقشة افكاره.. والمؤكد أنه كان يدرك تماما ماذا يريد ان يقول.
    * وماذا عن شخصيته؟
    * بصراحة وجدته ليس بصورته النمطية التي توجد في وسائل الاعلام التي عرفتها.. ولست في اطار اطلاق احكام قيمة، ربما تجد جواباً على سؤالك في كتاب اعكف حالياً على وضع آخر اللمسات عليه سيصدر بعنوان «الملك والعقيد»، لقد سألت القذافي الكثير وعن الكثير واجاب كما يريد.
    * القوات الدولية في دارفور ورفض الحكومة؟
    * كيف نقبل القوات الدولية في الجنوب وفي جبال النوبة وفي النيل الازرق، بل وتوجد قيادتها في الخرطوم، ونرفضها في دارفور، وعلى الرغم من ان السؤال تجاوزته الاحداث، فإنني اسأل سؤالاً بسيطاً: ما هو الفرق بين جندي من رواندا «مسيحي» وآخر من بنغلاديش «مسلم»؟ اليس كلاهما أجنبي؟
    * ولكن فلسفة الحكومة تقول إن الجنسيات من مسلمين أو عرب أفضل؟
    * للحكومة أن تقول ما تريد، وليس كل ما تقوله هو الحقيقة.
    * من خلال علاقتك بالفيتوري هناك حديث عن عدم سودانيته.. كيف تصف سيرة الفيتوري وأدبه؟
    * الفيتوري تحدث مراراً عن هذا الموضوع، ولن أضيف شيئاً حول هذه المسألة. أما أدب الفيتوري فلا يحتاج مني الى شهادة، فلا شك انه من افضل شعراء العربية خلال القرن العشرين.
    * وماذا عن الجدل حول سودانية الفيتوري، باعتبارك كنت قريباً منه.. هل لك أن تفيدنا في هذا الجانب؟
    * الفيتوري سوداني ويتمسك بجذوره السودانية.. وربما له اصول تعود الى ليبيا مثل كثير جدا من السودانيين الذين لهم اصول تعود الى مصر او اثيوبيا او غيرها.
    * ولكن أذكر مرة أن مصطفى سند قال إن لا علاقة للفيتوري بجذور سودانية؟
    * شخصيا لا اناقش الامور بهذه الكيفية، لان هذه عنصرية لا معني لها، فالمؤكد ان الفيتوري من ناحية الام هو سوداني لا نقاش في ذلك، ومن ناحية الجد فله اصول ليبية.. لكني اقول ان الوطنية ترضع من ثدي الام، واظن ان الفيتوري رضع السودانية من امه.
    * أفضل حوار صحفي أجريته؟
    * كان أول حوار يجري مع الكاتب المغربي محمد شكري، وينشر في العالم العربي.
    * خبر نشرته وكان له صدى واسع؟
    * تعيين محمد بوضياف رئيساً للجزائر.
    * أفضل رئيس تحرير عملت معه؟
    * محمد العربي المساري الذي كان رئيساً لتحرير صحيفة «العلم» المغربية والذي أتوسم في خيراً.
    * فنان سوداني وعربي؟
    * هناك أغانٍ مفضلة، وليس فناناً مفضلاً في السودان اوخارجه، لكنني ما زلت أطرب لاغاني مغنى اعتزل باكراً وهو محمد كرم الله، ربما لأنه يذكرني بفترة الصبا في قريتي، وهي فترة كانت في رأيي خصبة، وبالطبع لن تعود.
    * ومَنْ على المستوى القومي تستمع له؟
    * هناك ثلاثة مطربون لا تتناطح حول ريادتهم عنزان، وهما محمد الامين والكابلي ومحمد وردي، ولكنك ربما تفاجأ اذا قلت لك ان هناك مطربين استمع اليهما بتلذذ وهما ابراهيم حسين وعبد الرحمن عبد الله.
    * جون قرنق؟
    * كان سياسياً ذكياً.. ومن المفارقات انه كان يؤمن بافكار لا تؤمن بها الحركة التي يقودها.
    * رياضي؟
    * اعشق كرة القدم، وكنت منبهراً كثيراً باداء لاعب وسط المنتخب المغربي محمد التيمومي.
    * طائرة أقلتك وتعرضت لعطب؟
    * لم يحدث ذلك على كثرة ما امتطيت من طائرات.
    * العولمة؟
    تمثلها حالياً شبكة الانترنت ... كل شئ متاح الغث والسمين.
    * عبد الخالق محجوب؟
    * لم التق به.. عندما اعدم كنت بعد طالباً قبل الثانوي، لكن المؤكد انه كانت لديه جرأة فكرية كبيرة، والمسألة التي حيرتني كيف أنزلق الى تأييد مغامرة عسكرية «انقلاب يوليو» لم يكن معها، وهو طيلة حياته كان يؤمن بـ «العمل الجماهيري»، ورغم ذلك كان اعدامه جريمة تتساوى مع جريمة اعدام الشيخ المفكر محمود محمد طه، والانقلاب ... يبقى انقلاباً على الشرعية، سواء نفذه ابراهيم عبود او جعفر نميري او هاشم العطا او عمر البشير.
    * المقال الصحافي؟
    * الذي ينبني على معلومات موثقة.
    * كتاب؟
    * في العربية «موسم الهجرة الى الشمال» و«خريف الغضب». وفي الاجنبية «زهور من أجل السيدة هاريس».
    * صحافي سوداني؟
    * ليس صحافياً بالمعنى المهني، لكنه عمل في الصحافة، وهو فنان الكاريكاتور عز الدين عثمان.
    * عمود صحافي لا تمل قراءته؟
    * اقرأ لاي صحافي، اذا كانت الفكرة جديدة والمعالجة نزيهة واللغة رشيقة.
    * الصحافة موهبة أم تخصص؟
    * الموهبة عندي تأتي قبل التخصص.
    * مشاريع صحافية تتمنى تحقيقها؟
    * هل هناك أفضل من صحيفة تصدر من البلد وتحمل رسالته للعالم.
    * محمد حسنين هيكل؟
    * متعة القراءة وفائدة المعلومة.
    * سياسي سوداني؟
    * أي سياسي يؤمن بحق الآخرين في الاختلاف.
    * أسرة سودانية؟
    * الاب كان حمالاً والام تبيع الشاي، والابناء تربوا على المروءة.
    * مدينة؟
    * مراكش واسواق الخضر في وسط باريس.
    * بيت شعر عامي؟
    * البطن الجابتك والله ما بتندم
    أسد الكداد الفوق خلاك رزم
    سحاب الخريف الفي سماك دمدم
    بابك ما انقفل نارك تجيب اللم
    وما بتعزم تقول غير السريع حرم
    * أحد طلابك النابغين في الصحافة؟
    * هما اثنان، طالبة تدعى نادية وطالب يدعى اسماعيل الروحي، لا اعرف ماذا فعلت بهما الايام.
    * مفكر عالمي ؟
    * برنارد شو.
    * الترابي؟
    * يبدو لي انه تلميذ نجيب للسفسطائيين، إذ انه يملك براعة الدفاع عن الفكرة ونقيضها، وفي الوقت نفسه في إطار ما يسميه «فقه الضرورة». وكان السفسطائيون يقولون «نحن على استعداد للدفاع عن الحقيقة ونقيضها». ويقولون ايضاً «لا توجد حقائق مطلقة .. ما تجده حاراً قد يكون بارداً والعكس». اليست مسألة محيرة ان يعتقد شخص ما ومهما أوتي من العلم بانه أذكي شخص في الكون. والسياسة أخلاق قبل أي شئ وبعد كل شئ.
    * جامعة الخرطوم؟
    * لدي ملاحظة اقولها باستمرار، وهذه الملاحظة اطرحها في سؤال: لماذا كلما يأتي نظام شمولي في السودان حتى يجد خزانا من خريجي جامعة الخرطوم وأساتذتها الذين لديهم الاستعداد التلقائي ليصبحوا وزراءً في حكوماته.؟ لنتذكر على سبيل المثال حكومات نميري من النذير دفع الله وحتي محمد عثمان ابو ساق، ولا ننسي الذين جعلوا من نميري اعظم سوداني وهم على وجه التحديد د. جعفر بخيت ود. منصور خالد، الناس تظن ان ليست لدينا ذاكرة .. ذاكرتنا جيدة جدا وتعرف من كان ولاؤه للشعب والذين ظل ولاؤهم للمناصب.
    * الدارالبيضاء؟
    * مدينة عصية على الوصف.
    * مؤتمر الخريجين؟
    * هؤلاء الخريجون كانوا يقولون لا قداسة مع السياسة، لكنهم هم الذين كرسوا القداسة واساءوا للسياسة،
    لان السياسة قبل كل شئ هي الاخلاق، وليس القفز من حزب الى آخر طمعا في المناصب ومواقع القيادة.
    * علاقة السودان دبلوماسياً مع الافارقة؟
    * إذا كان المقصود علاقات النظام الحالي، فأنا لا اعرف.
    * محمد شكري؟
    * صديق عزيز اكتب عنه الآن كتاباً بعنوان «وصايا محمد شكري».
    * إذ لم تكن صحافيا ماذا كنت تتمنى ان تكون؟
    * تصعب عليَّ الاجابة على الاسئلة الافتراضية.
    * ولكن من خلال اجاباتك في هذا الحوار يشعر المرء بأن العمل البديل لك خارج نطاق الصحافة هو العمل الدبلوماسي؟
    * اذا خيرت بين مهنة الصحافة واخرى سأختار مهنة المزارع، لأنني من بيئة زراعية اولا. ولانني ثانيا اؤمن بأن المزارعين لهم فلسفة في هذه الحياة ربما هم انفسهم لا يدركونها، وهي فلسفة انتظار الغلة التي ترمي في جوف الارض والصبر عليها حتى تتحول الى خيرات وعطاء ونماء.
    ===
                  

04-15-2008, 03:18 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    صدي
    رجال مدينة رفاعة

    امال
    كُتب في: 2006-12-12

    [email protected]


    * في مرة فائتة عقب الأستاذ محمد خير حسن على اقتراح طرحته في صدى على اهل مدينة رفاعة للاحتفال بمرور مائة عام على تعليم المرأة واليوم يواصل في ذات الموضوع.
    * هذه المدينة - رفاعة- كانت بنتاً ولوداً.. ولدت كما ذكرنا في غير هذا المقام الشيخ النور التنقاري، امام شريف، شيخ لطفي، عبيد عبد النور، محمود محمد طه، ميرغني النصري، ادريس البنا، يوسف عايدابي، انور الهادي، عبد الرحمن الزهاوي ابراهيم، حافظ قيلي.
    * امثال ما ذكرنا كُثر لا يمكن ان نحصيهم قادوا مواكب الحركة الوطنية وساهموا بأموالهم وارواحهم في طرد المستعمر البغيض حتى الجلاء عن الوطن العزيز جابوا الفيافي والغفار ركبوا الحمار والقطار فتحوا مكاتب القضاء ودواوين الخدمة المدنية ساهموا في التجارة والبناء والعمران كانوا مهندسين وصناع وعمال مهرة يشيرون إليهم بالبنان. اما المعلمون فقد علموا كل من هب ودب على صدر هذا القطر الحبيب ما ونوا ولا هبطت لهم همه كان همهم ان يؤدوا الرسالة كاملة غير منقوصة.
    اليوم صارت تلك البنت الولود، عجوزاً شمطاء ترقد في سرير المرض باحدى المستشفيات وستدخل غداً غرفة العناية المركزة المكثفة.. وتحتاج الى عدة قوارير دم.. فهل يهب اليها ابناؤها او احفادها.. وما اكثرهم.. لا اقول ان المثل السوداني ينطبق عليهم (إنهم ضل دليب) ولكن اقول.. اخشى عليهم من المثل الآخر ( إنه كالابرة يكسي الناس وهو عار). او مثل بخيته (للناس نشيطة ولي رقبتها مسكتا الخبيتا).
    نجد اليوم اعداداً غفيرة من ابناء هذه المدينة داخل وخارج القطر ونقول جاء يومهم- عليهم بعد ان يلتفتوا خلفهم ويمعنوا النظر وسيرون ما آلت اليه هذه المدينة الصابرة التي تحتسب اجرها عند الله- والله لا يضيع اجر من احسن عملاً.. فهى قد قدمت الكثير والكثير لابنائها ولابناء السودان ألتسم ابناءها.
    انها تحتاج لعدد بسيط من مشاريع التنمية وتحتاج الى أشياء هامة اتركها لهم.. عليهم ان يجتمعوا في دار احدهم بالعاصمة ودراسة الامر بجدية واخلاص وصدق في العمل والتنفيذ فقد لاحت اشراقات التنمية، وانهمرت رؤوس اموال الاستثمار.. غرب، عرب او افارقه.. انتم ادرى بها مني فأغلبكم يعمل مستشارين لاصحاب رؤوس الاموال التي ترغب في استثمارها في هذا القطر المؤهل لذلك، تعالوا الى مدينتكم ومعكم أصحاب رؤوس الاموال قدموا لهم دعوة لزيارة هذه المدينة حتى يروا بأم أعينهم تلك الاراضي الواسعة الممتدة شرقها، جنوبها.. اراضي ما ( اتلوت فيها سلوكة) منذ بدأ الخليقة.
    اعملوا بجد واخلاص وشجاعة.. واعلموا ان شعب هذه المدينة قد هب من غفوته.. واصدقكم القول إنهم صاروا اليوم على قلب رجل واحد.. نبذوا الحزبية، العنصرية، الجهوية، الحقد، البغضاء، الانانية، النفعية، انهم يمدون اليكم أياديهم وأموالهم ورقابهم إن دعا الداعي.
    تعالوا اليهم اطلبوا منهم ما تشاءون.. فهم كرماء ستجدونهم كما عهدتوهم.. لن يخيبوا ظنكم.. انهم عقدوا الرأي والعزم على الوحدة والعمل.
    كانت هنا محاولات جادة لتنمية وتعمير هذه المدينة، قام بها رجال اكفاء، جاءوا من رحم هذه المدينة- رفاعة- ما خيبوا ظنها.. لكن ما اسعفهم الحظ.. كان منهم اللواء زين العابدين قسم الله بابكر، حمل لواء بناء كبري رفاعة الحصاحيصا واخراج مشروع جامعة رفاعة الى حيز الوجود عندما كان رئيساً لمجلس المدينة (1992-1996م) قاوم كل العقبات التي انتشرت في طريقه ولكن (الله غالب) اراد هو شيئاً واراد غيره اشياء.. نسأل الله له الصحة والعافية.
    لكن اطمئنوا.. اعلموا، عندما تشرعون في تنفيذ مشروع الاحتفاء باليوبيل الذهبي لتعليم المرأة في السودان، ستمد لكم الايدي البناءة القوية من كل انحاء السودان.. لأن هذا ديدن الفرد السوداني.. يخف للنجدة والمساعدة ويعف عند الطمع.. فقد عرف الشعب السوداني بالنفرة والنجدة وإغاثة الملهوف.. ومساعدة الضعيف.. فأنتم يا رجال رفاعة، اقوياء أشداء أذكياء.. متعكم الله بهذه الخصال وسدد خطاكم لبناء السودان القوي المتحد.. ووفقكم الله في تنفيذ مشاريع تنمية رفاعة. انه سميع مجيب دعاء المضطر إذادعاه.
    تقدموا.. التوفيق حليفكم.. ستجدون كماً هائلاً من نساء هذه المدينة وقد ذكرنا منهم النذر اليسير في مقالنا السابق.. سيقفن خلفكم.. لأنكم عظماء.. سيشدون من اذركم.. وسينجذن هذا العمل الضخم على اجمل لوحة فقد جبلن على مثل هذا النوع من الاعمال لا لأن لهن في الامر غاية، بل لأنهن إعتدن أن يخرجن أي عمل يناط إليهن في أبهى صورة وإبدع حلية.
    محمد خير حسن سيد أحمد
    رفاعة
                  

04-15-2008, 03:19 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    د. عمر القراي
    ----------
    ســــــلام على يونــــس الدســــــوقي قي العالمـــــــين!!
    رجل فقير، نزيه، عف اللسان، مستقيم الخلق، ينضح إباءً وشمما، مثقف يدمن الإطلاع، ويطرب للحوار، في عينيه حزن دفين، تراه فلا تخطئ في ملامحه هموم الوطن ومعاناته، إذا حدثك وددت لو انه لا يصمت، وإذا انصت إليك تمنيت لو انه ينطق بكلمة!! كان جلَّ وقته مقسماً بين الجلوس، في كرسي قديم، داخل كشك ملئ بالكتب والمجلات، في وسط سوق مدينة كوستي في الستينيات، وقد كتب عليه بطلاء باهت «مكتبة الفكر».. وبين المعتقل الذي ما يكاد يخرج منه، حتى يدخله من جديد، باعتباره من أهم قادة الحزب الشيوعي السوداني، في المدينة، بل وعلى نطاق السودان.. ثم الوقت الذي يقضيه في المحاضرات، والندوات، وجلسات الحوار، بمنزل صديقه الاستاذ محمود محمد طه بحي المرابيع.. تلك باختصار كانت الحياة الثرة، التي عاشها العم يونس الدسوقي، والتي لم يمل تكرار الحديث عنها، حتى آخر أيامه..
    لقد كان يونس الدسوقي مثقفاً عتيداً، تخرّج من مدرسة الكادر، يناقش في الديالكتيك، والمادية التاريخية، ويقرأ بنهم لكافة المدارس الفكرية والأدبية، ويحفظ نهج البلاغة، والمتنبي، وابوتمام والبحتري، ومقاطع من الأدب العالمي، عن ظهر قلب!! ويحاور زبائن مكتبته في ما يشترون من كتب ومجلات..
    أول مرة سمعت عن عم يونس الدسوقي، كانت من الاستاذ محمود.. قال: «لما كنا في كوستي كان من ضمن الناس البزورونا، شيخ فلان (ذكر الاستاذ الاسم ولكني لا اذكره الآن).. وكان القاضي الشرعي، وإمام الجامع الكبير، وبرضو اظنو المأذون.. يقعد معاي مرات ساعة أو ساعتين، ما يتكلم الا عن تأخر العلاوة، وكيف انو جماعتو في الشؤون الدينية، منعوا عنو الترقية.. بعدين تلقاه يتكلم عن الغلاء، وزيادة سعر اللحم، والسكر وكدا.. بعد شوية يجي صاحبنا يونس الدسوقي، راجل اغبش، وشيوعي معروف، ودائماً يعتقل، أول ما يقعد أسالو عن حالته، طوالي يبدأ يتكلم عن وضع البلد، واخطاء سياسات حكومة ناس عبود.. وكيف الناس تعبانة والوضع في الجنوب متأزم.. وتشعر انو يتحسر على الفقراء، ويتألم لحالة المعدمين، )ثم ابتسم وقال) رجل الدين مشغول بي علاوته، والشيوعي مشغول بحال الناس!!».
    قبل أن أقابل عم يونس في القاهرة، حيث استقر حين هجر السودان، حدثني الأخ د. صلاح الزين بأن عم يونس، قابل مجموعة من المثقفين السودانيين، فنقد لهم، موقف المثقفين من محاكمة الاستاذ محمود واغتياله.. وحدثهم كيف أن الاستاذ حين واجه المحكمة، كان يعبر عن ضمير الشعب السوداني، ولم يكن يعبر عن فكرته، التي يختلفون معه حولها.. ولهذا لم يكن يستحق منهم هذا الخزلان.. ثم أخذ يحدثهم عن سيرة الاستاذ محمود حتى بكوا جميعاً!!
    عندما زرت عم يونس الدسوقي، في الفندق الصغير، الذي كان يقيم فيه بالقرب من ميدان رمسيس، في وسط القاهرة، في منتصف التسعينيات، وعرفته بنفسي بادرني قائلاً: وين جمعة حسن؟! أخبرته أنه في أمدرمان. فقال: جمعة دا كان طالب في المدرسة الصناعية، في كوستي لما دخل معانا في الحزب الشيوعي.. وكان طاقة عجيبة، يمكن يساوي عشرة من زملاهو.. قام غاب عننا زي سنة كدا، لقيتو شايل كتب الجمهوريين يبيع فيها!! قلت ليهو: يا جمعة الحكاية شنو؟ مالك خليتنا وبقيت مع الجمهوريين؟! قال لي: يا عم يونس انا والله بحترمكم.. لكن اليقين الشفتو في عيون الاستاذ محمود، ما شوفتو في غيرو.. قلت ليهو: صدقت يا ولدي.. صدقت!!
    دعوت العم يونس في شقتنا بحي النصر، وحضر عدد من الاصدقاء، وطلبوا منه ان يحدثهم عن حركة النضال الوطني، حين كان ناشطاً فيها، في الخمسينيات والستينيات.. فتحدث قليلاً عن نشأة مؤتمر الخريجين، وبدايات الاحزاب السياسية، ومواجهة الحزب الشيوعي لنظام عبود.. ثم آثر ان يتحدث عن الموضوع، الذي يعشقه، ولا يمل الحديث فيه، وهو سيرة الاستاذ محمود فقال: «محمود كان شغال في المشاريع، بتاعة النيل الابيض، هو مساح شاطر، لكن أشتهر أكثر، بانو برضو أمين، ودقيق، بصورة ما طبيعية.. الملاك كانوا ما بدو غيرو شغل الا ما يلقوه.. كان يقضي ثلاثة، اربعة شهور، في المشاريع، وبعدين يجي كوستي، كان يجيب معاه حصيلة عمله حوالى خمسة آلاف جنيه!! ودا كان مبلغ خرافي.. اذا كان قاضي المديرية كانت ماهيته ثلاثين جنيها.. في غرفتو بتاعة بيتو الفي المرابيع، كان عندو تربيزة، بتاعة حديد يخت فيها القروش ديك كلها.. ومن الصباح للمسا الناس داخلين وما رقين.. نسوان ورجال ما عندهم شغلة بالندوة ولا النقاش البكون داير.. كل واحد منهم، يوسوس مع محمود، فيقوم يأشر ليهو على التربيزة، يمشي يشيل المبلغ الطلبو ويمرق!! المسألة دي تستمر لغاية ما القروش تكمل.. لا عندو خزنة ولا جزلان!! الناس ديل، فيهم واحدين بكفرو محمود، ويسبوه في غيابو ولما يجي، يجوا يشيلو منو قروش!! مرة واحد كان حاضر الحكاية دي، خلى الراجل شال الفي النصيب ومرق.. قام قال لي الاستاذ محمود، الزول دا بقول عنك كلام ما كويس.. وكان داير يشرح، محمود قام وقفو طوالي، وقال ليهو: أنا ما بهمني رأيو فيني شنو.. لكن بهمني رأيي أنا فيهو شنو.. ورأيي انو بستحق المساعدة!! يقولو ليك في كتب الادب، فلان كان كالريح المرسلة، عليّ الطلاق محمود محمد طه، أجود من الريح المرسلة.. والمشاكل الكان بحلها لي ناس كوستي، والقرى الحولها، يمين وزارة الشؤون الاجتماعية ما تحلها!!»
    لقد كنا نحاول أن يستريح عم يونس من الكلام قليلاً، فنعطيه ماء او شاي، ولكنه كان يرشف رشفة، ثم يواصل حديثه.. قال: مرة محمود جاني في المكتبة، وطلب مني كتاب ما بذّكر اسمو هسع.. لكن قال وهو دايرو، عشان يعرف منو اسم الفرعون، الكان مع سيدنا موسى.. اتصلت بي سودان بوكشوب في الخرطوم، ما وجدنا الكتاب.. قمت رسلت لي مكتبة في بيروت.. بعد أيام ارسلو الكتاب، عن طريق بنك باركليز، والجماعة اتصلو بي في المكتبة، عشان استلم الكتاب واسدد ثمنه، لكن التكلفة ما كانت عندي.. مر عليّ محمود كلمتو، برضو ما كان عندو.. وهي التكلفة كانت عشرة جنيه!! قلت لمحمود طيب نعمل كيف؟! قال: خلي البنك يرجعو!! بعد ما مشى، جاني القاضي المقيم، وكان الوقت داك عبد العزيز شدّو، حكيت ليهو القصة.. طوالي اتصل بمدير البنك، وقال ليهو من المبلغ العندكم باسم القاضي المقيم، اخصم عشرة جنيه، وارسل الكتاب لمكتبة الفكر.. بكرة لما محمود جا قلت ليهو: بالله دي حالة دي.. لا انا ولا انت عندنا عشرة جنيه، والمغفلين ديل عندهم مئات الجنيهات، واشرت الى بعض التجار. فقال: ما كفاية عليهم انهم مغفلين، كمان داير يكونوا فقرا!! مرة كنت مفلس حق قفة الملاح ما عندي، وقاعد في الكشك ما عارف اعمل شنو، قام جا محمود.. قلت ليهو: يا استاذ انا تعبت من الفقر أعمل شنو؟! قال لي: كلم الله. قلت ليهو أكلمو كيف، وأقول ليهو شنو؟ قال لي: اطلع برا الكشك وارفع بصرك للسماء وقول: «رب اني لما انزلت الى من خير فقير» وصمت عم يونس ثم أردف: يا سلام يا محمود!! وعاجل دمعة، طفرت رغماً عنه، من مؤخرة عينه، بمنديل كان يحمله في يده، ثم راح في صمت وقور. صمتنا كلنا لدقائق، حتى خرج عم يونس من حالة الحزن، التي احتلت مشاعره.. فسأله احد الحاضرين: وعملت كدا يا عم يونس؟! قال : والله يا ولدي عملتها ، وكان ما محمود ما بعملها .. وفعلاً في نفس اليوم، جاتني بيعة كتب، وكراسات للضهاري، يمكن حصَّلت قريب الثلاثين جنيها!!
    سأله أحد الحاضرين: انت يا عم يونس اكتر حاجة عجبتك في الاستاذ محمود شنو؟! صمت للحظة، وكأنه يفكر بعمق، ثم قال: الخلاني موله بحب محمود، مقدرته غير العادية على اشعار كل انسان بي قيمتو الانسانية.. بعاملك على اساس إنك حر، ويحترمك، مهما اختلفت معاه!! أنا ما كنت بفوت محاضرة، ولا ندوة، ولا حتى جلسة داخلية للجمهوريين.. وكان محمود يعرّفني، بقولو دا يونس الدسوقي صديقنا، وحتى مرة قالها في محاضرة عامة.. مع دا كلو، ما حصل محمود قال لي انت شيوعي ليه.. ولا حصل قال لي ابقى معانا جمهوري!! مرة واحد مولانا اسمو شيخ عبد الله، كان قاعد معانا، وقال لمحمود: يونس صاحبك دا ما عندو دين.. قام محمود قال لي: انت دينك شنو يا يونس؟! قلت ليهو: انا ديني حب البروليتاريا!! مولانا قال: اعوذ بالله، أعوذ بالله.. فقام محمود قال: الله دينو محبة الأحياء والأشياء.. الله خلق الوجود بالمحبة. مولانا قال: لا يا استاذ.. الله خلق الوجود بقوله كن فيكون!! محمود قال ليهو: يعني بالإرادة يا مولانا؟! شيخ عبد الله قال: ايوة. محمود قال ليهو: الشيخ العبيد ود بدر قال الارادة ريدة.. يعني محبة!! فسكت مولانا.
    وواصل عم يونس: في واحد من اصحاب المشاريع، بعرف الاستاذ محمود حق المعرفة، وتعامل معاه كتير.. وكان يجي يكلمني عن اخلاقو ومعاملتو بإعجاب شديد.. مشى الحج وجا بقى من جماعة الاخوان المسلمين!! يوم جاني في المكتبة قال لي: قالو صاحبك ما بصلي!! قلت ليهو: انت رايك شنو في اخلاق محمود؟ قال لي: ما فيها كلام.. قلت ليهو: ومعاملتو للناس؟ قال لي: اصلو ما شفنا زول زيو.. قلت ليهو: طيب ياخي اذا كان الزول، ممكن يكون زي محمود دا بدون صلاة، وبدون دين، الدين لزومو شنو؟! قال لي: انت بتقول كدا عشان شيوعي. قلت ليهو خليني انا، النبي ذاتو ما قال الدين المعاملة؟ فسكت. لما نقلت النقاش دا لي محمود، قال لي: هم الناس ديل ما عندهم حاجة.. لكن انتو المثقفين، انسحبتو من ميدان الدين، وتركتوه ليهم يتحكمو فيهو..
    وواصل عم يونس: انا مرة اعتقلت بواسطة البوليس السري، وختوني في سجن كوستي.. ونحنا معروف عندنا، لما واحد يعتقل، ما في زول بسأل عنو ولا يزورو، عشان ما ندي فرصة لاخذ معلومات.. يوم الشاويش قال لي عندك زيارة.. قلت يارب المغفل الزارني دا منو، يمكن يكون واحد من اهلنا الشايقية، جا من البلد، وما عارف الحاصل.. لما مشيت مكتب القمندان، لقيتو دا الاستاذ محمود!! قال لي: انا كنت في المشاريع، واول ما جيت كوستي، عرفت انك معتقل، قلت اشوفك . قلت ليهو: يا استاذ نحن ما دايرين زيارات، عشان البوليس السري، ما يقوم يدخلكم في مشكلة. ابتسم وقال: انت الخوف العندك دا، داير تنقلوا لي أنا؟! قلت ليهو: يا استاذ قالو من خاف سلم. ضحك وقال: هي سلم نفسها معناها شنو، غير السلامة من الخوف؟! ولما طلعت من المعتقل، بعد كم شهر، لقيت ناس البيت عاملين كرامة وضابحين، وعازمين الناس.. وانا عارف انهم ما عندهم حاجة.. قلت ليهم محمود محمد طه جاكم هنا؟! قالو: لا.. وانو القروش أداهم ليها واحد اسمو ابراهيم عبيد.. لما قابلتو بعد كم يوم في السوق، وسألتو، قال لي القروش، رسلها معاهو محمود من الرنك، وقال ليهو اديها أسرة يونس الدسوقي، ولما وصل صادف قبل يوم، من خروجي من المعتقل..
    قال لي عم يونس: ان شاء الله نرجع السودان، عشان اعرفك بي ناس، معرفتهم تطرب.. وذكر اسماء منها الاستاذ عبد الكريم ميرغني.. ورجع عم يونس الى السودان قبلي، وحين رجعت كان همي، ان اعرف مكان اقامته لازوره.. ولم يقدر الله لي لقاءه، فتوفي قبل ان اقابله.. لقد كان سر اعجابنا جميعاً، بالعم يونس الدسوقي، هو مقدرته الفائقة، على تحقيق قولة اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.. لقد كان باذلاً لنفسه من أجل الحزب، ومن اجل البلد، ولم يظفر بكلمة ثناء، او اعانة على مصائب الدهر من كليهما.. عاش حر الرأي، شجاع الكلمة، شديد الانضباط، متعلقاً بالقمم السوامق من مكارم الاخلاق.. لقد كان انموذجاً رائداً للسوداني الاصيل، الذي يملؤه الوفاء شعوراً بأقدار الرجال.. فسلام على يونس الدسوقي في العالمين..



    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=31320
    ___
                  

04-15-2008, 03:20 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    مفاكرة الجمعة

    الشيخ عمر الأمين أحمد
    الماركسية كانت طبخة نيئة فما بالك بالنظرية النقدية؟
    =========
    إنما على مشروع ايجابى وأفق للتطور الإنسانى الى نهاية النهايات المادية، تلك التى لا تخرج عن تلخيص لها قدمه الأستاذ محمد حامد شداد ــ رد الله غربته ــ وهو يجادل به أستاذه اللاحق الشهيد محمود محمد طه فى كلمتين هما «تقليل الجهد».
    ========
    لكن كثرت علىَّ وتراكمت طلبات للكتابة فى مواضيع بعينها، وأكثرها موضوعان. الأول طلب عكس رؤيتى لأطروحة الحركة الشعبية، مشروع «السودان الجديد». أما الثاني فهو دعوة وبإلحاح أن أقدم رؤيتى لمشروع الأستاذ الشهيد محمود محد طه «الفكرة الجمهورية». وقد بدأت فى التجهيز لكتابة الموضوع الأول، أما الثانى فهو جاهز بأمر سيدى الشيخ الطيب الشيخ على المرين ــ رضى الله عنه وأرضاه ــ منذ أكثر من تسع سنوات، فقط ينتظر إذن الخروج.
    وقد ارتأيت أن الموضوعين سيفتحان على ــ بلا شك ــ نيراناً قد يكون فى بعضها ما لا قبل لى بمواجهته، لكنها نيران لا بد من مواجهتها، طال الزمن أم قصر. وهذا وعد بظهور أحدهما ربما الأسبوع القادم ان شاء الله.




    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=31500
    _
                  

04-15-2008, 03:21 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    صحيفة الصحافة - الفكر الجمهورى على بساط بحث منهجية التـأويل


    الجمعة 9 مارس 2007م، 20 صفر 1428هـ العدد 4933
    رأي

    مفاكرة الجمعة
    الفكر الجمهورى على بساط بحث منهجية التـأويل
    أولاً : تاريخ وجغرافيا الدعوة الجمهورية
    لا أدعى الإحاطة بكل تاريخ حركة الأستاذ الشهيد محمود محمد طه و حزبه الجمهورى، لكن وبحكم نشأتى فى أصول ينتمى مؤسس الحزب اليها فقد كانت تلك نشأه فى بيئة تحوم حولها الدعوة الجمهورية. فقد تزوج الأستاذ الشهيد من ابنة عمه و كان ذاك داخل ( خشم بيتنا ) أى من خالتى ــ متعها الله بالصحة والعافية ــ الشريفة آمنة بت شيخ (أمحمد) بضمة على همزة الألف ــ ود عبدالله ود قوى الذى كان يشتهربلقب أطلقه عليه الشيخ بابكر بدرى حتى طغى على إسمه الحقيقى فصار يدعى بالشيخ ( لطفى ) و الذى هو إبن عم شقيق لجدى لوالدتى الشريفة زينب بت الشيخ على ود الشيخ أحمد ود قوى ــ يرحمهم الله أجمعين رحمة واسعة ويجعل الجنة متقلبهم ومثواهم ــ .
    و قد تفتحت عيناى فى تلك البيئة التى تمثل دوحة إيمانية وارفة الظلال تفيأتها على أيام التصاق و محبة طاغية بجدى لوالدتى (الشيخ على ) وجدتها منطبعة على ذاكرة طفولة باكرة استمرت حتى فترة بدايات المراهقة ، حين انتقاله للرفيق الأعلى فى خريف العام 1965 . فقد كنت حينها فى مطلع عامى الثالث عشر ، فأكملته فى السنة الثالثة الوسطى وحيداً لا أجد مؤانساً، ولا تالياً لقرآن الفجر أستمع إليه فأتحرق شوقاً كى يصبح عليه الصباح فأسمّعه ما حفظته استماعاً من تلاوته وما يأتى بعدها من أدعية وهو يحتسى قهوته الصباحية قبل أن أودعه ذاهباً الى مدرستى .
    ثم أكملت عامى الرابع عشر جهاداً للدخول الى المدارس الثانوية ، وعلى ترتيب المائة و العشرين فى امتحان الشهادة السودانية تم قبولى بمدرسة وادى سيدنا الثانوية، فكان ارتطامى بتياراتها السياسية الجامحة و بداية دورة للجموح السياسى فى حياتى، أظن أنه ما كبحها إلا نشأتى تلك التى تواصلت بعدها على ظلال حوارات ومناقشات بين إخوالى أشقاء والدتى مبارك ومختار ــ يرحمهما الله رحمة واسعة ــ وكانت تدور حول كتاب الرسالة الثانية من الإسلام الذى أكملت قراءته وأنا فى الأجازة الصيفية الأولى من المرحلة الثانوية فى شهر مايو من العام 1968 م و كتاب رسالة الصلاة الذى حملته معى بعد الإجازة الى مدرسة وادى سيدنا ، وناقشنى فيه من كان مكلفاً بتجنيدى لجماعة الأخوان المسلمين دون طائل أخاً أسمه محمد على واصل بعده دون طائل أيضاً الأخ بهاء الدين حنفى ، بعد أن أهدانى كتاباً للشيخ الأمين داؤود بعنوان : ( مع نبى آخر الزمان) فأرجعته إليه متأسفاً على مستوى الطرح، و أظن ذاك كان أكبر عاصم لى من الدخول فى حظيرة جماعة الأخوان المسلمين إثر ملاحظتى لضعف فى أطروحات ذلك الكتاب مما يعجب الأخوان المسلمون فى مقابل فكررصين كان يعجبنى فى أطروحات الأستاذ الشهيد.
    و قد شهدت تلك البيئة نشأة وترعرع ابنها بادى الذكاء حينها المهندس الناشئ شديد الحيوية السياسية محمود ، ذلك الذى استطاع أن يحول غضب أهالى مدينة رفاعة فى حادثة الختان الشهيرة الى ثورة عارمة إقتلعت مكاتب مركز رفاعة وطاردت عساكره الى الحصاحيصا وخاضوا معهم معركة اسفرت عن اعتقال معظمهم و على رأسهم الشيخ على و ابن أخيه محمود ، أفلح الشيخ لطفى فى احتواء آثارها وإطلاق سراحهم ما عدا محمود الذى تم تحويله لسجن مدينة ودمدنى.
    و قد حدثت نتيجة لقوة فى أصول تلك البيئة ما يمكننا أن نسميه ( حماية بيئوية طبيعية ) فهؤلاء الرجال الذين نما وترعرع محمود بين ظهرانينهم ثم استوى على سوقه كإبن و صهر لهم ، فلم يكن هنالك من يجرؤ علي الوقوف فى وجههم مواجهة، فالسادة الصادقاب كانوا ملاذاً لا يجرؤ كائن من كان أن يمس من يلوذ بهم . وفى السادة الصادقاب فالأمر هذه المرة فى حوش الشيخ لطفى ذاته فمن ذا الذى يقدر على الدخول الى عرين أسد الأسود.
    وتلك فترة لا ينظر إليها عادة كجزء من تاريخ الأستاذ محمود . استمعت إليها من أفواه ما زال بعض أصحابها ــ نساء ورجال ــ على قيد الحياة منهم والدى الشيخ الأمين ود أحمد الشهير بالأمين ود جربان و خالتى الشقيقة الصغرى لوالدتى الحاجة حرم وشقيقتها الحاجة شباك كريمتا جدى الشيخ على و هؤلاء يعضدون روايات معاصرين ومشاركين فى بواكير الدعوة مثل خالى مختار وخالى مبارك ــ يرحمهما الله رحمة واسعة ــ. وأظن أن تلك الفترة تحتوى أحداثاً يمكنها أن تضيف رؤى من زوايا مختلفة على قصة رجل بدأت من خلوة سجن حادثة الخفاض الفرعونى و انتهت بأحداث فى سجن كوبر يناير 1984 م حينما ساق جعفر النميرى الشهيد الى حبل المشنقة.
    و القصة من بدايتها تجرى كما يلى : استطالت خلوة كانت مواصلة لخلوة الشهيد إبان فترة سجنه وكان يتابع أخبارها بحكم وقوعها داخل ( حوشه ). الشيخ لطفى بواسطة أحد أبناء أخواته لخالاته من قبيلة الضباينة هو العم الأستاذ عبدالجليل محمد على ــ يرحمه الله رحمة واسعة ــ الذى رفض مواصلة ملازمة الشهيد وخدمته فى خلوته و قال بعدم استطاعته تحمل ما يبدر من الشهيد من حديث إضافة لاحتجاجات أخرى ذكرها أدت الى أن يلجأ الشيخ لطفى لأخيه ابن عمه و كبير مشايخ السادة الصادقاب حينها بمدينة رفاعة الشيخ على الشيخ أحمد ود قوى طالباً منه العون و المناصحة .
    ثم حدث أن كان والدى يومها فى معيه عمه الشيخ على فاصطحبه معه حيث تم إخطار الشهيد بزيارة عمه الشيخ فى خلوته ، وقيل أنه طلب مهلة لإصلاح حاله فتهيأ و أذن لعمه الشيخ بالدخول عليه فدخل الشيخ الخلوة ممسكاً بيد والدى فسلم عليهما الشهيد وأجلسهما على فراش قبالته و ظهرهما الى القبلة فى مواجهة الشهيد الجالس على فرش أمامهما ووجهه قبالة القبلة حسب رواية والدى.
    وقد بدأ اللقاء بتبادل التحايا الذى أخذ وقته على عادة أهلنا السادة الصادقاب. ثم سأل الشيخ على الشهيد سؤالاً مباشراً بعد أن اطمأن على أحواله وما لاقاه فى خلوته حسب ما رواه له عنها مما دعا الشيخ للقول : (و كت كدى أها شنو البخلى عمك شيخ لطفى ما مرتاح لغاية ما يرسل لى أجى من رفاعة لى الديم ) إذ أن شيخ على كان قد رحل من ديم رفاعة الذى يقع غربها بمسافة كيلومترالى داخل المدينة بعد أن تزوج من أحد بيوت العبابسة ممن هاجروا من منطقة الباوقة من توسم فيه التقوى و الصلاح وكان يعمل فى صناعة وقيادة المراكب الشراعية التى كانت تشكل حينها الناقل التجارى الرئيسى.
    فقال الشهيد ( والله يا عمى شيخ على أنا الله فتح على ، فقد عشت الحقيقة العيسوية و أرجو أن أعيش الحقيقة المحمدية.) أو كما قال مما رواه والدى من حديث. و كان حينها الشيخ على ينكت الأرض بعصاه التى كان يحملها فى يده موجهاً نظره اليها. وبعد أن انتهى الشهيد من حديثه رفع الشيخ وجهه ونظر إليه نظرة مباشرة قال لى والدى الذى قال أنه كان ينظراليه حينها : ( والله يا ولدى ديك كانت نظرة ، ما كان يستطيع أعتى الرجال أن يقابلها بنظرة مواجهة ) ثم قال أن الشيخ على قال للشهيد : ( و الله يا محمود يا ولدى إنت يا كا ولدنا . و أكان الله فتح عليك ، يا هو الفتح علينا كلنا . دحين نحن أبواتك و الشئ الطيب البحصل ليك نحنا نفرح بيهو كلنا ونهز فيهو . و نحن دايرين الله يفتح عليك بى أكتر من كدا. لكن يا محمود يا ولدى نحنا أبواتك وأعمامك ديل ناس طريق ، بنخبرو زين وبنعرف علاماتو والبحصل فيهو ، و أكان الله فتح عليك قدر كدى يا ولدى، دحين أدينا أمارة ولا علامة تخضع بيها رقابنا ديل . أكان قدرتا على كدى يا ولدى بنصدقك ، و أنا براى بسافر أجيب أبواتك الصادقاب كلهم يجدّعوا سبحهم ويتابعوك ويخضعوا لأمرك . لكن أكان دا ما عندك ، دحين مد أيدك النمرقك من الحفرة الوقعت فيها دى ) ثم قال والدى : ونهض الشيخ على بعد هذه العبارة مباشرة قائلاً ( أرح يا اللمين يا ولدى نحنا أتأخرنا كتير ).
    و كان أحب من أستمع منه الى هذه الرواية هى والدتى التى تواصلها قائلة : ( ومن صباحاً بدرى طلب محمود تجهيزالحمام و أدوات الحلاقة ، فأستحم و حلق ، ثم نهض خارجاً من خلوته مخطراً عمه الشيخ لطفى برغبته فى السفر الى الخرطوم بعد أن حكى له رؤيا رآها فى نفس تلك الليلة.و جاء فى ذلك الصباح الباكر لعمه الشيخ على يستسمحه و يحكى له ما رآه حيث قال أنه رأى نفسه غاطساً فى حفرة من الوحل الى نصفه. وكان يزداد غوصاً كلما ازداد حراكه لإخراج نفسه منها فصاح طالباً النجدة والمروة فظهر له عمه الشيخ على وقال له مد إيدك النمرقك فمدها و أخرجه منها ثم ودعه وانصرف. ) وقد قدرت تقديراً يقع فى مكانة تنتوشها الظنون أن الشهيد قد اعتبر نتائج تلك الرؤيا بمثابة مباركة من أبواته السادة الصادقاب وإذناً للجهر بالدعوة الجمهورية التى بدأها ببيانه الأول الموجه خاصة الى المتطرقين من أهل الصوفية .
    ثم وردت رواية أخرى تحتوى على إشارات من نفس الشاكلة ، تحدث فيها الشهيد عن نهايته التى قال إتها ستكون نهاية ( عيسوية ). قال هذا الحديث مباشرة لخالى مختار الذى رواه للشيخ على أكبر أبناء الشيخ لطفى من الأحياء ـ متعه الله بالصحة والعافية ــ والذى كان يفترض أن يجلسه السادة الصادقاب على خلافة والده عن أخيه الشيخ عبدالله لطفى لولا تفرغ الشيخ على حينها للدعوة الجمهورية. و قد استمعت لتأكيد رواية حديث الموتة العيسوية من فم الشيخ على الشيخ لطفى نفسه، ولا أملك مطلق الحق أن أقرر فى شأنها، أهى من رؤى ما بعد الحقيقة العيسوية أم تنتهى قبلها ولا تصلها فتجعل حديث الشهيد حول عيشه الحقيقة العيسوية التى ذكرناها آنفاً حديثاً يحتاج الى المزيد من المراجعة والتدقيق.
    و أظن أن مصادر تلك الأخبار كلها مشهود لها بالصدق والإستقامة، فقد سمعت أخبار تلك الوقائع من والدى . و كذلك من فم جدى الشيخ على وهو يرويها لأحد زواره من شيوخ السادة الصادقاب ما كنت أذكر شخصيته لأنى كنت حينها إبن ست سنوات. ثم تواترت قصة نهاية تلك الخلوة على فم خالتى حرم وشباك ــ متعهما الله بالصحة والعافية ــ و تطابقت مع الروايتين و مع رواية والدتى ، و خالتي ( الحرم ) حفظها الله ورعاها ومتعها بالصحة والعافية ــ و التى ما زالت بحمد الله تتمتع بصفاء ذهنى عجيب ، فهى إحدى تلميذات بقايا فصل الشيخ بابكر بدرى لتعليم النساء بمدينة رفاعة وتتمتع بقدر عال من الذكاء و الثقافة و القدرة على الإطلاع مما كان يدهشنا أيام شبابنا.
    و مما أراه من اصطراع السياسى مع الصوفى فى فكر الشهيد أن تلك الخلوة ما أخذت كفايتها ليجد ذلك الصراع مجراه الذى يفترض فيه أن يجرى فيه و لذلك سبب بلا شك. ولو تتبعنا فكر أستاذنا الشهيد إذاً لرأيناه على خطوط المواجهة ما بين الصوفى المتجافى الهارب من تقاتل القوم على جيفة الدنيا و بين السياسى الممسك بكل خيوط لعبة السلطة والسياسة. لذلك فرغم احتواء طريقته على قدر معتبر من سبل الخير و الحق والجمال ، لكن تنتوشه أسئلة محورية تمسك بزمامه و لا تنفك ، فتطالبه تلك بالإعتصام الى الصوفى فى حين تمسك به هذه مطالبة بضم السياسى الى الركب فلا نكاد نطال تلك و لا هذه.
    لكن الشاهد أن السادة الصادقاب كانوا يكتفون بالنظر الى إبنهم فلم يعادوه ، رغماً فلم ينقادوا له . وقد حكى لى الشيخ على الشيخ لطفى رواية للشيخ طه بن سيدى الشيخ الباقر أنه فى رؤيا له رأى الشهيد محمود وقد نزل له والده سيدى الشيخ الباقربن الشيخ الهميم فأجلسه فى مجلسه ونزل الشيخ الى الأرض تحته . والشيخ الباقر الشيخ بن الهميم ــ رضى الله عنه و أرضاه ــ كان ممن يعدهم السادةالصادقاب من الأولياء الكمل. وقد كان أن توجهت بسؤال مباشر للشيخ طه عن رؤيته تلك فى حضور سيدى الشيخ نورالدين الشيخ أحمد فأجاب بالإيجاب على هذه الرواية و صدق ما رواه عنه الشيخ على الشيخ لطفى.
    إضافة فقد حكى لى الخال عبدالعال الفكى خالد بن الشيخ أحمد ود قوى ــ متعه الله بالصحة والعافية ــ أن ابن أخ الشهيد مختار محمد طه ــ لا أذكر إسمه ــ كان على الطريقة العركية كما كان والده مختار. وكان على حالة عداء شديد للشهيد درجة احتفاله بيوم شنقه.هذا الشيخ الذى ظل بعد ذلك مجاوراً الى أن انتقل الى الرفيق الأعلى ، فقد صادفه الخال عبد العال فى إحدى زياراته للروضة الشريفة فسأله عن حال عمه الشهيد فقال له : ( والله يا عبد العال يا خوى محمود غشانا و فلت مننا . والله شفتو فى رؤيا واضحة و أنا على هذه الروضة الشريفة أنه يخدم الحضرة النبوية على لباس مكتمل الإخضرار.
    والآن ، كلما مر بى طيف ذكرى خروجى من فسيح حظيرة الإيمان ، الى ضيق براثن الإلحاد و الماركسية ، أرى فى ذلك تقلبات ليوم ظهور أمانة كانت مودعة عند السادة الصادقاب كانت تحتاج الى معرفة تصل الى نهاية هذه الماركسية بوصفها آخر ما يمكن التوصل إليه بواسطة منظومة الفكر المادى الأوروبى. و قد كان دخولى إليها لا يشبه خروجى عنها ، فالدخول كان سلساً و هادئاً ، لكن الخروج كان قهراً و أخذاً بيمين بالغة القوة لسيدى الشيخ الطيب الشيخ على المرين استسلمت لها بعد ملاواة وتفلت و حصار محكم ضرب على لم أجد بعده بد من التسليم ، فأتيت رافعاً يدى أرجو توبة نصوحة. رغماً فلم أجد غير مقود هين لين سلس لسيدى الشيخ وهو يقول بعد كمال الإستسلام : ( تعال يا ولدى أديك أمانة حافظنها ليك عندى أبواتك حقت ناس أولاد قوى و حقت المديناب) ثم حدث أن سألته عن هذه الأمانة قبل أن يجلسنى سيدى الشيخ على بن الشيخ محمد رأس السجادة القادرية السودانية على سجادة خلافة جدى لوالدتى الشيخ على الشيخ أحمد ود قوى بأمر سيدى الشيخ الطيب الذى أجابنى حينها عن ذالك السؤال القديم قائلاً : ( أها يا ولدى الأمانة بقت حقتك ، ختيناها فى إيدك فافعل بها ما تراه) ثم حدث أن جاء الى زيارته بعض الأخوة الجمهوريين فى إحدى الليالى التى كنا نحييها فى حضرته الشريفة ، فطلبنى وجئته كعادتى مهرولاً فقال لى : أها جماعتك جوك قوم عليهم. و ما كنت فى مكانة من يجرؤ على سؤال سيدى الشيخ عنهم و عن كيفية أنهم جماعتى ، وما كان سيدى الشيخ ينتظر سؤالى فقال : ( يا هم جماعتك أكان رضيت و أكان أبيت ، ما هم باقى أمانة ود قوى). ثم جلست إليه بعد ذلك مرات فحكى لى فيها آخر لحظات الشهيد قبيل ساعات من شنقه حيث قابله سيدى الشيخ بأمر من النميرى . و كان يرمس فى كل رواية من رواياته ــ غير حلاوتها وطلاوتها ــ بعداً لا نعرفه إلا بعد ذلك بأيام بعد أن نقلب الأمر و نقلته اجتراراً ، ثم نرى فيه بعد ذلك الحق أبلجاً فلا نملك إلا أن نزداد إيماناً والتصاقاً و تلمذة.
    و ملخص الحديث فتلك بيئة خلصت منها الى رؤى منهجية التأويل ، وهى منهجية بالغة القدم ، منظور إليه بعين جديدة ،سلكت بواسطتها مسالكاً فيها بمعاونة سادتى الصادقاب النظر فيما سبق من ملامسات و مقاربات منها هذا التنازع ما بين الصوفى والسياسى فى الفكرة الجمهورية. و الله أسأله التوبة و الهداية، وأن يجنبنا سبل الشك و الغواية ، بتمام الصلاة و كمال التسليم على حبيبه المصطفي ، و على صحابته الغر الميامين ، وعلى آل بيته دليل الصراط المستقيم بداية ونهاية.
    الشيخ عمر الأمين أحمد [email protected]




    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=31818
    _________________
                  

04-15-2008, 03:22 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    وقد نفذ إلى جوهر الدين بعض أصحاب البصائر المبصرة، والقرائح المتقدة، كما هي حالة الأستاذ محمود محمد طه مؤسس مدرسة الفكر الجمهوري في السودان في القرن الماضي، فكانت أفكاره العظيمة حول (المساواة) والحريات، وكنه الوصول بالإنسان إلى مصاف (يد الله وعينه) والتماهي مع الرب في (شفيف) تساميه بما يحقق فعلياً معنى (الخلافة) على الأرض!!
    =====
    معاً
    الرجال والنساء على حدٍّ سواء
    خالد فضل
    الخميس الماضي 8 مارس صادف اليوم العالمي للمرأة، وهو مناسبة للمراجعة وجرد حساب المجتمع فيما يلي تبادل أدواره وادارج شأنه على المعطى الأساسي وهو أن الحياة البشرية بوجه خاص تقوم على هذه الثنائية الربانية البديعة (ذكر وأنثى)، بحيث لا تستقيم أعمدتها ولا تقوى على النهوض من دون هذين الركيزتين الأساسيتين، ومن هنا تكمن حتمية (الإستواء) للطرفين حتى لا يختل البناء الإنساني، ولهذا أنظر من وجهة نظري الشخصية لحركة المناداة بالمساواة الكاملة بين الرجال والنساء على أنها حركة إنسانية نظرت إلى جوهر الحياة فوجدت أن هذه الثنائية لا تستقيم من دون هذه المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات، وليس من منطق أن النساء لا بد أن يصبحن رجالاً أو العكس، فهذا المنطق لا يقوى أمام طبيعة التكوين البيولوجي لكلا الطرفين، وفي ذات الوقت فإن هذا التكوين لا يمنح الرجل أي أفضلية على المرأة، فليس كون أن جوف المرأة يحتوي على (الرحم) يعد من دواعي النقصان لها، بل العكس، لماذا لا ينظر إلى هذه الميزة باعتبارها (زيادة) مثلما لا يعني شيئاً ذا بال أن أعضاءها التناسلية ليست بارزة كما هي الحالة في البناء الجسدي للرجال، فهي من ناحية فيسيولوجية تقوم بذات المهام التي يقوم بها الرجل.. إذاً، من ناحية البناء الجسدي ليس هناك ما يدعو الرجال للإعتداد بكونهم ذكورا، قبل أن نؤوب إلى نقطة مهمة وجوهرية، هي أن لا الرجال ولا النساء الحاليين، كهولاً أو أطفالاً في المهد أو (لسه في طور الخلق والتكوين)، قد اختاروا لأنفسهم هذا النوع أو ذاك، إنما هي عمليات تخصيب تلقائية تتم بالطبع وفق المشيئة الربانية باعتبارها فوق كل اعتبارات الكون.
    * إن المناداة بالحقوق والواجبات المتساوية هي مجرَّد دعوة إنسانية مدنية تعتد بحقوق الإنسان، وتحترم كيانه قبل أن يكون (بنتاً أو ولداً)، إذ أن ضروب الحياة وأوجهها المختلفة وحاجاتها المتعددة لا تنفصل أو يمكن تقسيمها إلى حاجات (ذكورية وأخرى أُنثوية)، فالحاجة إلى الأمان أو الطعام أو الكساء، أو الجنس، أو الإنتماء، أو التميز أو السمو وغيرها من هرم الحاجات الإنسانية هي في الواقع حاجات (إنسانية محضة) لا دور للنوع فيها، بيد أن البشر أنفسهم هم من (قسّم المجتمع إلى نساء ورجال)، وحددوا للنساء بعض الأدوار وأجازوا للرجال (كل الأدوار)، ومع التطور العقلي والذهني للإنسانية، واضطراد المخترعات، وتيسير سبل الحياة والإنفجار المعرفي، والثورة التقانية، باتت المقدرات الذهنية والإستعدادات النفسية والتدريب والتأهيل هي (المعايير) الوحيدة للتفوق، ولم يعد للتكوين العضلي الصارم الذي ظل يميز الرجل من ناحية البناء الجسدي هو المعيار، ولعل الرياضيات من النساء يبرهن دائماً على مقدرات فذة يتساوين فيها مع الرياضيين من الرجال، أما في مجال الأعمال التي يتم اتقانها بالتدريب، فإن فتيات المارينز الأميركيات، وشرطيات نيويورك يتفوقن على نظرائهن من الشباب والشرطيين في هذه المجالات، كما أن كونداليزا رايس قد أدت واجباتها المهنية بكفاءة واقتدار وهي تتولى قيادة الـ (CIA) أو وهي تقوم بمهام (سكرتير الإدارة الأميركية) المعروف بمنصب وزير الخارجية.. وغير هذا من النماذج المتعددة التي تدحض نظرية تفوق الرجل على المرأة كما يتوهم الكثير من الرجال، ويشاركهم في هذه النظرية حتى النساء في المجتمعات التي ظلت تقبع تحت نير القمع والإستكانة، بدواعي الموروثات، والمحافظة على التقاليد والعادات، مما قاد إلى استغلال البعض للمفاهيم الدينية وتحويلها إلى وسائل لإحكام المزيد من الهيمنة وإضفاء (قداسة) على أفكارهم البشرية، وتحوير وتفسير النصوص الدينية بما يخدم رؤيتهم مع وضع حجاب وستار معنوي كثيف حتى لا يتم اختراق هذه الرؤية، والولوج إلى جوهر الأديان، وبخاصة الدين الإسلامي الحنيف الذي تقوم أصوله على مباديء الحريات والمساواة المطلقة، بينما اقتضت ظروف تطور المجتمع أن يتم اعتماد بعض التشريعات لملاءمة حالة المجتمع في تلك الحقب السحيقة.. بينما تبقى الأصول هي التي تؤكد صلاحية (الإسلام) لجميع الأزمنة حتى قيام الساعة.. وقد نفذ إلى جوهر الدين بعض أصحاب البصائر المبصرة، والقرائح المتقدة، كما هي حالة الأستاذ محمود محمد طه مؤسس مدرسة الفكر الجمهوري في السودان في القرن الماضي، فكانت أفكاره العظيمة حول (المساواة) والحريات، وكنه الوصول بالإنسان إلى مصاف (يد الله وعينه) والتماهي مع الرب في (شفيف) تساميه بما يحقق فعلياً معنى (الخلافة) على الأرض!!
    * أما وقد وصلنا بمقالنا لهذا اليوم إلى هذه المراقي، فإن الواقع الذي نعيش فيه اليوم يضج بالمفارقات مما يجعل من مسألة (يوم المرأة تتجاوز تلك الخطب البرتوكولية) ومظاهر الإحتفال ذات الطابع الرسمي أو الأهلي، فقد أضحت هذه المراسم مكرورة ومحفوظة وهي لا تتجاوز ساعات الفعالية المعينة وقراءة العناوين والشعارات التي تشكل خلفية (الاحتقال) إذ يبقى الواجب المطلوب عمله هو التحرك خطوات واسعة ومحددة الأهداف واتباع الوسائل الصحيحة لبلوغ مرحلة (تمكين المرأة) ليس شعاراً سياسياً أو دغدغة عواطف أو للظفر بأصوات انتخابية في أي منافسة نقابية أو سياسية، بل المطلوب هو انفاذ ما يتم تداوله من مصطلحات، وهذا يتطلب جرأة في النظر إلى القوانين السائدة واللوائح المتبعة، ومراجعتها وتنقيتها من كل ما من شأنه حجب سريان (فكرة المساواة)، كما يجب المصادقة والتوقيع على الاتفاقية الدولية في هذا الشأن وأعني بها اتفاقية سيداو وتضمينها في صلب الاتفاقات الدولية التي يستند عليها الدستور القومي ودساتير الولايات وحكومة الجنوب.. وهذه الخطوة تفتح الطريق أمام التمكين الدستوري والقانوني، ووضع مقياس ومعيار لمواءمة التشريعات المتفرِّعة مع الدستور من عدمها، إذ من غير المنطقي مثلاً أن يظل سفر المرأة محكوماً بوجود (مرافق) في ظل إرتياد المرأة للفضاء وليس في رفقتها إلا عقلها وقلبها وربها، وليس أدل على مدى الإمتهان والنظرة التجريمية السائدة من (لوائح السكن الجامعي) للطالبات، اللائي يتم النظر إليهن وفق هذه اللوائح والشروط والجزاءات وكأنهن جميعاً مشروعات (عاهرات) وليس مشروعات (كوادر) مدربة... إلخ.
    * لقد آن الأوان للنساء، بحكم مقدراتهن الفذة، وأدوارهن العظيمة في الحياة السودانية أن ينلن كامل حقوقهن، دستورياً وتشريعياً وسياسياً ومهنياً واقتصادياً، وآن الأوان لنشر الوعي بالحقوق، وانتشال النساء والفتيات والصبايا اللائي يرزحن تحت جحيم (القمع) وإهدار الكرامة، وتمارس ضدهن أقسى العقوبات الجسدية (الخفاض) والمعنوية (الإزدراء والتهوين من الشأن والتخوين) واعتبارهن (عورات) يجب سترها... إلخ.. آن الأوان لمجتمعنا أن يستقيم بنيانه وينتصب عماده.. على ركيزتين متساويتين (رجالاً ونساء) دون تمييز.
    * لقد تم إلغاء (ندوة يوم الأربعاء 7/مارس 2007) تمت الدعوة لها لمناقشة ورقة حول (المرأة والانتخابات) من دون مبررات أو مسوغات وهذا الحجر والمنع والوأد للحريات هو أنسب مناخ لسيادة الهيمنة واستمرار إعوجاج بناء المجتمع.. فالحرية هي صنو النهوض، والديكتاتورية والاقصاء هي طرق العقود.. ولا بد أن شعبنا كله يرجو النهوض.. فلنتحد جميعنا من أجل الحرية والعدالة والمساواة وكفالة حقوق الرجال والنساء على حدٍّ سواء.





    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=31893
    ___
                  

04-15-2008, 03:23 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    مفاكرة الجمعة الفكر الجمهوري على بساط بحث منهجية التأويل «1»
    الشيخ عمر الأمين أحمد
    [email protected]

    ثالثاً: العلم ليس على «كيفِكُم»
    انصب حديثنا فى المفاكرة الماضية حول الرسالة الثانية من الإسلام كشكل قال به الأستاذ الشهيد محمود محمد طه، ولاحظنا أمر احتوائها بصورة ضمنية على تناط الى مقام المصطفى ــ عليه وعلى آله أزكى وأفضل الصلاة وأتم وأوجب التسليم ــ إذ يمكن بسهولة الوصول الى استنتاج أن رسول الرسالة الثانية يقف معه على قدم واحدة من حيث أخذهما لرسالتيهما، وربما يتفوق عليه، إذ أن الرسالة الثانية ترتيبا فى نزولها أرض الواقع التطبيقى، هى الأولى التى تأخر أوان نزولها الى حين ارتفاع قامة البشرية الى مقام يمكّن من تنزيلها، والتى هى بحسب هذه الصفة ترفع مقام رسولها بحكم ارتفاع قامة أمته، والتى ربما يستنتج أنهم الأخوان الجمهوريون، بحكم ظهورهم فى أوان رفع فيه حكم الشريعة التى قيل إنها لا تصلح ــ وفق هذا الفهم ــ لإنسانية القرن العشرين.
    ويبدو أن رسول الرسالة الثانية قد استحق هذا التفوق كيفما نظرنا إليه، فهو رسول رسالة الأصول، بينما رسول الرسالة الأولى كانت رسالته رسالة فروع، إضافة فرسول الرسالة الثانية قد استحق هذا المقام كفاحاً بينما تسنمه صاحب الأولى هبة أو عصمة. ولا عبرة بدفوعات تتساءل عن نصوص صريحة تؤدى الى هذا الفهم، فإذا ما توفرت إمكانية استخراج استنتاجات على هذه الشاكلة عن هذه «الفكرة»، فذلك مما يضعف فصل خطابها، ويخرجها من نسق بيان رغم تحريه لجوامع الكلم ، إلا أنه لا «لكنة» فيه، يبدأ بكمال بيانى وينتهى إليه، ظاهراً وباطناً، تأويلاً وعنعنة، منذ بدء النزول الذى تصدره ــ لأول مرة على نطاق البشرية ــ نزول العلم كمصطلح ونزل معه المنهج العلمى كاملاً سليماً مبرأ من كل عيب أو نقص أو تشويه ولو قل حجمه، درجة أننا لا نلحظ ما يمكن أن يقال إن فيه نسقا للتطور فى الفهم تبعاً لتراكم الخبرة والتجربة كما يحدث عند البشر. ومما هو واضح من
    ارتباط للعلم بأول التنزيل، أن ذلك بالتحديد هو ما جعل الأستاذ الشهيد يصل الى استنتاج أن أول التنزيل كان هو الأصل، على خلاف التجربة البشرية المتصاعدة من أسفل الى أعلى، حيث يبين فيها بوضوح أثر التراكم، فيأتى آخرها أكثر اكتمالاً من أولها. ألم تنظر الى مبدأ التنزيل، فيزاولك بيان أن ذلك ربما كان منتهاه فى قوله: «اقرأ باسم ربك الذى خلق ü خلق الإنسان من علق ü اقرأ وربك الأكرم ü الذى علم بالقلم ü علم الإنسان ما لم يعلم» فذلك بيان وبلاغ مفصح مبين لم تنقض عجائبه، ولم يخلق على كثرة الرد، ولم تلتحقه الظنون منذ القرن السابع الى يومنا هذا. ويضاف إليه بيان من لا ينطق عن الهوى ــ عليه وعلى آله أزكى وأفضل الصلاة وأتم وأوجب التسليم ــ الذى لم يستعدل فى مرحلة من مراحله فيلحق به التطور سيراً على مدارج الخبرة البشرية العادية الملحقة تلحيقاً بخبر السماء. بل كان فصل خطاب باهر مبين، لا تكاد تتصل بنهاياته إلا وتباينك بداياته المرموسة فى مدارج الكمال المعرفى العلمي، فيقلبنا ــ نحن أهل الخبرة البشرية الناقصة المحدودة المنكودة ــ فى سلم من الترقى لا فواصل فيه، رسالة واحدة هى الدين عند الله، الإسلام ، وكفى بك نقصاً أن لا ترى هذا الكمال الكلى غير المجزأ لرسالتين أو لثلاثة كما يفترض أن يتم التوصل إليه إذا ما لوحظ فى «لا علمية» المنهج «الجمهورى» فرضية يفترض أن تقودك الى أن الرسالات يجب أن تكون ثلاثا، بحسب أنها لثلاث أمم فى الإسلام، أولها إسلام قالت الأعراب آمنا ، ثانيهما امة المؤمنين، وثالثتهما أمة المسلمين الأخيرة الواردة فى قوله ــ جل وعلا: «قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين» فما يمنع من ذلك؟
    والعلم ليس «على كيفكم»، تتناوشه الظنون، وتحيط به استنتاجات منكورة بقول على شاكلة: «أين وجدت الأستاذ يقول صراحة بمقولة أنه أخو المصطفى» فى حين يصفعك هذا الاستنتاج صفعاً على خدك قائلاً: هو أخوه، هو صاحب المقام المحمود، وهو الأستاذ على اخوان المصطفى من الجمهوريين.
    و «على كيف» الإخوة من «الأخوان الجمهوريين»، و«على كيف» استاذهم الشهيد ــ على حد تعبير الشاعر الكتيابى الذى استلفه الأستاذ عادل البازــ فلا شأن لنا في ما يرونه فى أنفسهم ــ فكل شاةٍ معلقة من عصبتها ــ ونحن كذلك على كيفنا فى رفض هذه «الفكرة» وما فيش حد أحسن من حد، على حد تعبير إخواننا فى شمال الوادى. لكن عندما يصطدم الأمر بالعلم، فليس هنالك «كيف» ففى مجال العلم لا ينبغى، بل يجب أن يتم الاحتكام الى ميزان الحق، فالقيم هنا بالأوزان، والصنج ظاهرة لا يكاد تتخطاها حتى عيون الغريرين معرفياً. انظر الى أمر «الفكرة الجمهورية» من مبدأها لتلاحظ أن قولك «جمهورية» مضافة الى «فكرة» تحمل رسالة ثانية من الإسلام. ألا تلاحظ أن الأمر من بدايته مختل ويحتاج الى تقعيد علمى. فأى «جمهور» وأية «جمهورية». دع عنك أنه خبر جديد، لم يقل به المصطفى ــ عليه وعلى آله أزكى وأفضل الصلاة وأتم وأوجب التسليم ــ ولو ضمنياً فى رسالتيه ــ بحسب الفكرة الجمهورية ــ الأولى التى هو رسولها والثانية التى حملها معه ــ ربما كأمانة تبليغ ــ الى حينما يحين أوان رجالها. فمع ذلك كله فالجمهورية ليست فكرة جديدة أو عاطلة عن المعنى تنتظر القرن العشرين حتى يحين أوان اكتسابها صفة الرسالوية الإسلامية. فهى «فكرة قديمة أوى» منذ «إفلاطون» ولها جغرافيا وتاريخ وصل فى القرن العشرين الى أن قرنت بالفاكهة حتى قالوا «جمهورية الموز». وهى فوق كل ذلك أوروبية السمت والمحيا لم تطرق ديار الإسلام إلا بعد القرن التاسع عشر، حينما تهيأت البشرية لا بارتفاع قامتها، إنما بهبوطها الى درك مصادرة حريات شعوبها واستعبادها بالاحتلال الاستيطانى والاستعمار الأوروبى الذى أطبق على العالم من أقصاه الى أدناه، ثم سحب عليه بساط جمهوريته فكساه بها شاء ذلك أم لم يشأ. والغريب المريب فى الأمر أن للأستاذ الشهيد محمود تاريخ ناصع وضئ فى منازلة هذا الاستعمارومنافحته وجهاده، فكيف فلتت وتسربت إليه هذه الجمهورية، فهذا ما يحيرنى حيرة مطبقة شديدة.
    والشاهد أن الجمهورية ــ ذات الأصول الفكرية الإفلاطونية ــ لم تتنزل الى أرض الواقع الأوروبى إلا فى جمهورية أخرى، تلك التى بشر بها المفكر والفيلسوف الفرنسى «جان جاك روسو» عبر ما أسماه «العقد الاجتماعى» وفيه يتم تحرير العبيد الأقنان ويخرجون من حالة «العبيد الأقنان» الى حالة «الجماهير»، فيخرج وفق ذلك نظام للحكم جديد، يقام على عقد اجتماعى «جماهيرى» أكثر «حداثة» من صيغة الدولة الإقطاعية أو المملكة أو الإمبراطورية الأوروبية، الى «الجمهورية» فى الدولة الأوروبية الوطنية القطرية الحديثة.
    والآن على أيامنا هذه تنشط كثير من أندية المعرفة والعلم، خاصة فى العالم الذى كان مستعمَراً ــ بفتحة على الميم ــ للنظر فى سوءات ما جلبته وجرته هذه «الجمهورية» اللعينة على أوطانهم.
    والشاهد أنه متى ما تم توخى العلم والنظرة العلمية، تسقط مقولة «على كيفى» إذ يكيف العلم والعقل ــ الذى لا بد من عودته بعد حين ــ هذه المقولات ويحكمها الى رتاج موازين الحق فيسأل: من أين لك هذا؟ وحينها فلا شئ يضيع أو يتسرب من بين أصابع المعرفة العلمية، فنتبين «كيف وكم» هى غريبة هذه الجمهورية على التشريع الإسلامى أياً كان عدد رسالاته، وعلى الثقافة الإسلامية، درجة أنه لا تصح إجابة عن هذا السؤال إلا بعد اكتشاف اختراق علمى وثقافى مورس على إبنائنا دون أن يشعروا به فى كلية غردون التذكارية وما لحق بها. ومن نجا منهم من حبائل هذا الاختراق أمثال معاوية محمد نور، مورس عليه ما يورده الى زمرة المجانين



    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=32409
    _________________
                  

04-15-2008, 03:23 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    د . حيدر ابراهيم علي

    نحو فهم ثقافي سوداني لحقوق الإنسان

    ولا ننسى ان جموعا غفيرة شهدت اعدام الاستاذ محمود محمد طه عام 1985م وكانت تهلل وتكبر. وفي نفس تلك الفترة، كانت مشاهد قطع اليد او القطع من خلاف مناسبات للفرجة او الونسة.
    =======
    يدعي السودان ـ باستمرار ـ الخصوصية والذاتية ولكنه يقع في فخ العالمية والعولمة كل مرة. وأثناء نقاش لجنة حقوق الانسان بجنيف لأزمة دارفور. قلت في نفسي ألم يكن اجدى وأكرم للوفد السوداني ان يعلن على رؤوس الاشهاد: «نحن آتون من ثقافة مختلفة وذات خصوصية لا تؤمن بما تتحدثون عنه من مباديء لاحترام حقوق الانسان!» وفي هذه الحالة يوفر السودان جهد المغالطات والتوتر ومحاولات كسب تأييد دول تشبهه تماما في ثقافتها وموقفها العملي من حقوق الانسان. وأظن ان العالم كان سيحترم السودان أكثر لصدقه واتساقه وعدم تناقضه. فالقضية ليس فيها أي انتصار طالما ظل الشك في احترام حقوق الانسان قائماً. ولماذا يبقى السودان مثل تلميذ بليد يقف امام هذا الاختبار الصعب؟ بل صار مثل التلميذ الذي يبهدله مدرس الانجليزي لاخطاءالـ (Spelling) ثم يعاود جلده مدرس الحساب لانه غير حافظ جدول الضرب حتى حصة الدين يعاقب بسبب نسيان سور القرآن! فهو في لجنة حقوق الانسان بجنيف يسعى لأصوات من دول قد تسأل ماذا يهتم هؤلاء الخواجات بكلمة انسان، وفي الامم المتحدة يغالط في تفسير اتفاق اديس ابابا حول الحزمة الثالثة لتدخل القوات الاممية، اما في لاهاي امام المحكمة الجنائية الدولية فهو «بارك ديس» حسب لغة الجيل القديم.
    إن القول باختلاف الثقافة لا يعني اننا ضد حقوق الانسان مبدئيا وجذريا، ولكن يعني ان لدينا فهمنا وتاريخنا الخاص في حقوق الانسان. أولاً، هذا موضوع جديد على الدول العربية والاسلامية والافريقية والآسيوية، لم يظهر بقوة الا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي العظيم. فقد غمرت فترة الحرب الباردة فكرة الدفاع عن حقوق الانسان، فهي انحراف عن محاربة الامبريالية ووقف عودتها بأشكال جديدة بعد الاستقلال. وكانت الديمقراطية السائدة هي الديمقراطية الجديدة او الديمقراطية الثورية، اما الليبرالية فهي كلمة حق يراد بها باطل، وهي حصان طروادة الذي تدخل به البورجوازية البرلمان لحماية مصالحها بطريقة شرعية تماما، لذلك، لم يكن الديمقراطيون الثوريون مع الليبرالية ولا التعددية الحزبية والتي تعنى الانقسام والتفتت، والحزب الاوحد هو ضمانة الوحدة والالتفات حول الزعيم. وكان الانقلابيون يحسون بقوتهم المطلقة أي في مجيء العسكر الى السلطة رغم الصعوبات والخاطرة. وقد كان للنميري كلمة يرددها في مناسبات الدعوة للتحالفات مع الاحزاب الاخرى. فقد كان يقول بامتنان: «نحن الذين حملنا رؤوسنا صبيحة الخامس والعشرين من مايو!» وهي تعني فضل المخاطرة والتضحية. لذلك، لم يكن يقف امام الانقلابيين والعسكر اي رادع في سبيل تثبيت سلطتهم وتحقيق برنامجهم. وهكذا لم تكن كلمة حقوق الانسان ذات أولوية في القاموس السياسي السوداني.
    هذا عن الحاضر والماضي القريب ولكن حين نسأل انفسنا هل عرفنا تاريخيا احتراما او اهتماما بحقوق الانسان؟ لا نريد متابعة المذابح والتصفيات الجسدية والتعذيب الذي يحفل به تاريخنا. ولكن، اعقد مقارنة بسيطة في تطور التاريخ البشري. فحين وقعت انجلترا الميثاق الاعظم (Magna Carta) عام 1215 والذي أقر حكم القانون ومهد للحكم الملكي الدستوري، كان العالم العربي الاسلامي يعيش توترات دموية، فمن العادي ان نقرأ عن تلك الفترة:
    «اغتيل آخر سلاطين الايوبيين في عام 1250 على يد افراد من حراس قصره المماليك (......) وكانوا في الحقيقة عبيده قانونا جندت صفوفهم بشراء اطفال الرقيق وجلهم من السكان الاتراك المسيحيين» (النوبة رواق افريقيا ص 463).
    وفي مقارنة اخرى، حين اندلعت الثورة الفرنسية 1789 رافعة شعارات: الحرية، الاخاء والمساواة، نجد ان دولة الفونج المعاصرة لتلك الحقبة كانت تعيش عهود الاضطراب والقمع. وكان من العادي ان تذكر الروايات التاريخية: «وتولى بعد بادي الاحمر، ابنه أونسة، وكان صاحب لهو وفساد» او «استغل السلطان بادي ابو شلوخ بادارة شؤون الدولة واسرف في الطغيان وارتكاب الجرائم، حتى عرف بالجهمان وأطلق يد اولاده وبطانته فارتفعت الشكاوى. ولكنه تغاضى عن جرائمهم ومفاسدهم وأنزل العقاب بمن يطالب بحقه المغتصب». (شاطر البصيلي، معالم تاريخ وادي النيل، ص 89).
    هذا ما يسمى بالفوات التاريخي أي الفجوة التي تفصل بين الشعوب والمجتمعات المختلفة في الوقت الراهن، اذ تعيش دول ومجتمعات في القرن الحادي والعشرين وأخرى تعيش واقعيا في القرن الخامس عشر. فهناك مظهر خارجي للمعاصرة في العالم ولكنها معاصرة حسب الزمن الفلكي وليس الزمن الحضاري. لذلك ليس غريبا ان تختلف الرؤى حين تجلس هذه الدول معا في مجلس حقوق الانسان بجنيف او في الامم المتحدة او أي محافل دولية. وهذا الفوات التاريخي هو الذي يفسر لماذا تختلف المواقف حول مضمون حقوق الانسان وحول تحديد ما هي انتهاكات حقوق الانسان؟ ففي حالة دارفور، بعيدا عن الاشتباكات حول الاغتصاب وحرق القرى والتهجير، ألا تعتبر الحالة التي يعيشها اللاجئون الدارفوريون انتهاكا عظيما للحقوق الاساسية في الغذاء والمسكن والتعليم والصحة؟ ولكن الاعضاء الذين وقفوا مع حكومة السودان، بحثوا عن مخارج قانونية مضحكة، مثل ان اللجنة لم تزر دارفور! ولم يسألوا انفسهم هل رفضت او تقاعست اللجنة عمداً عن دخول دارفور؟ ألم يسمعوا برفض الحكومة منح تأشيرة دخول للجنة لان احد الاعضاء «متحامل» على السودان؟ والأهم من ذلك ألا يوجد ملايين الهاربين الى خارج السودان ويمكن استجوابهم مباشرة؟
    من الواجب اعتبار اختلاف رؤيتنا الثقافية والتاريخية الخاصة لحقوق الانسان. وتدل أغلب مواقفنا السياسية وسلوكنا الاجتماعي على هذا الاختلاف. فقد عاش السودان حرباً اهلية دامت نصف القرن، استخدمت فيها كل الاطراف الفظائع لارهاب الطرف الاخر أو القضاء عليه. وطوال هذه السنوات لم تخرج مظاهرة شعبية واحدة، حتى مثل تلك التي تؤيد فلسطين او ايران او ضد الرسوم في الدنمارك، تطالب بوقف الحرب. ويتكرر نفس الشيء بالنسة لدارفور هذه الايام. هل مازلنا نجد في الحرب والاقتتال شجاعة ورجالة وضكارة وفق قيم مجتمعنا الذكوري الأبوي؟ وهذه ظاهرة تاريخية عرفت اوروبا في عهود الفروسية، فهل مازلنا ضمن الفوات التاريخي ضمن تلك العهود، ولذلك من العيب ان تحركنا الدماء والمعاناة؟
    تذخر ثقافتنا بأشكال متنوعة لانتهاكات حقوق الانسان، فنحن لسنا بعيدين عن الختان والشلوخ التي تراجعت قبل عقود قليلة. والعقوبة الجسدية مقبولة في المدارس والمحاكم والسجون، ولا تثير الاحتجاج والاستنكار الا بين مجموعات ضئيلة العدد تعتبر غريبة عن عادات وتقاليد وثقافة البلد. وقد يتهم المعارضون لها بالميوعة او حتى التخنث او تقليد الغرب. ولا ننسى ان جموعا غفيرة شهدت اعدام الاستاذ محمود محمد طه عام 1985م وكانت تهلل وتكبر. وفي نفس تلك الفترة، كانت مشاهد قطع اليد او القطع من خلاف مناسبات للفرجة او الونسة.
    يمكن أن نفاخر كسودانيين بالشجاعة والكرم ولكن يصعب ان نفخر بالانحياز لحقوق الانسان، وإلا كيف نفسر هذا الفقر والعوز والتشرد الذي يمشي في المدينة وسط العمارات والعربات المظللة ومحلات الذهب والسيراميك والثياب السويسرية؟ ألا نطرد التلاميذ والطلاب من المدارس والجامعات او نحرمهم من الامتحانات بسبب عجز أولياء أمورهم عن دفع الرسوم؟ أليس في بلادنا يمكن ان ينزف المصاب امام بوابة مستشفى الحوادث لانه لا يملك التكاليف المطلوبة؟ اعتقد ان السودان من اكثر دول العالم استخداما لخدم المنازل وهذا تحديث لفكرة العبودية والرق والتي الغاها البريطانيون قانونيا قبل اقل من القرن. لذلك استمرت ثقافياً واجتماعيا، فمازالت كلمة عبد وخادم وفرخ وفرخة وفيه عرق، تستخدم دون استهجان. وقد سمعتها بين بعض ناشطي حقوق الانسان والمجتمع المدني.
    وفي الختام، نطالب بشدة ألا يفرض علينا العالم قيمه ومفاهيمه الخاصة بحقوق الانسان، فنحن اصحاب خصوصية ثقافية لها الحق في موقف مختلف من حقوق الانسان. وهذا الاختلاف هو حق أقرته مواثيق حقوق الانسان نفسها، وأية محاولة لاجبارنا على تبني المفاهيم والرؤى الغربية، هو انتهاك صريح لحقنا في الاختلاف.



    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=32456
                  

04-15-2008, 03:24 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الفكر الجمهوري على بساط بحث منهجية التأويل
    صفحة رأى باب مفاكرة الجمعة للشيخ عمر الأمين أحمد
    الصحافة الجمعة 16 مارس 2007 صفحة 9

    ثانيا: ما يتوجب علينا تنقيته فى "الرسالة الثانية"
    وكما كنت أتوقع فقد انفتقت على إثر المفاكرة الماضية عن الفكر الجمهوري فتوقات قد يصعب رتقها إذا ما استمر (محبو الأستاذ الشهيد) ومبغضوه (معارضوه) فى حالتيهما اللتين تتراوحان ما بين التقديس والتبخيس المجانيين، فقد اعترض على وصب جأم غضبه كلا الفريقين، إذ يأخذه فريق منهما كأنه المخلص المنتظر، بينما يعتبره الفريق الآخر كافرا وملحدا ومرتدا كقول قاضي محكمة الردة الشهيرة المهلاوي.
    ورغبة من هذه المفاكرة فى اختيار موقف التوسط فلا كراهة مجانية ولا تقديس فى غير محله، إذ أن محمودا رجل منا خصه الله بعقل كبير، رضينا ذلك أم أبينا، فقام –وله كل الحق فى ذلك- بتقليب النظر فى ما بين يديه من معتقد –فخرج باجتهادات جهر بها ودافع عنها بفكره وبنفسه التى بذلها لهذه الفكرة حتى أفناها فيها فى شجاعة وكريم خصال وجود بالنفس نادر الوجود وقليل المثال.
    فإذا علمنا أن الجود بالنفس كانت تقف وراءه دافعة هذه الإجتهادات فأقل ما يوجبه ذلك هو النظر فيها، ومن ثم فإما القبول بها أو رفضها بعد تقديم مسببات لذلك الرفض أو القبول ببعضها مع تنقية الشوائب ولا يخرج ما أقوم به من هذا الإطار. وبرغم غزارة ما طرحه الأستاذ الشهيد من تفكر عميق وعرفانية، فإن كتابه "الرسالة الثانية من الإسلام" يظل أم الكتاب لديه بحكم محورية فكرته حتى يصير ذلك السفر مقدما على ما سواه، ويتبعه "رسالة الصلاة" ثم "طريق محمد". وأبدأ –بعون الله وبتوفيق منه إن شاء الله- تناول الرسالة الثانية من الإسلام شكلا. وفيها أتجه إلى فحص الأطر الحاملة لهذه الرسالة ومحدداتها وذلك قبل الدخول فى فحوصات المعاني ومرامى وخلفيات هذه الدعوة بالغة الجدية والخطورة.
    إشكاليات أولية مبسطة:
    شكلا تستند الرسالة الثانية من الإسلام إلى ما تقول إنه أصول التنزيل وهو القرآن المكي، وهى –كما يقول الأستاذ الشهيد- أصول لم تطقها نفوس ولا عقول أمة الرسالة الأولى والتى هى أمة المسلمين المعنيين بقوله: "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم.." (14) الحجرات.
    أما أمة المؤمنين وهى الأمة المهيأة كي يحدث فيها انبعاث الرسالة الثانية، فهى المعنية بقوله جل وعلا: "يا أيها الذين آمنواآمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا" 136 النساء. فهى أمة بما حفظ الله لها وللإنسانية جمعاء تحت قيادتها من كمال حياة الفكر وكمال حياة الشعور، أمة مؤهلة لأمر نزول الرسالة الثانية إلى حيز الفعل مباشرة.
    إذن فالرسالة على كمالها قد تنزلت على مرحلتين الأولي فى مقامها والثانية فى ترتيبها التاريخي هى رسالة أمة المؤمنين ورجالها هم أخوان المصطفى –عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- الذين ما جاء حينها أوانهم، ومشار إليهم بالحديث الشهير:"واشوقاه لأخواني الذين لما يأتوا بعد!" فقال أبوبكر: "أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟" قال"بل أنتم أصحابي!" ثم قال ثالثة: "واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!" قالوا: "من إخوانك يا رسول الله" قال "قوم يجيئون فى آخر الزمان، للعامل منهم أجر سبعين منكم" قالوا "منا أم منهم" قال "بل منكم" قالوا "لماذا؟" قال "لأنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون على الخير أعوانا". أما الرسالة الثانية مقاما الأولى من ناحية تاريخ النزول فهى التى بدأت بنزول الوحي فى مطلع القرن السابع الميلادي.
    وللرسالتين الأولى والثانية نبي واحد فقد ختمت النبوة بالمصطفى –عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- أما من ناحية الرسل فقد كان المصطفى –عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- هو رسول الرسالة الأولى إلى أمة المسلمين أما رسول الرسالة الثانية فهو صاحب المقام المحمود وأمته هى أمة المؤمنين وصاحب المقام "المحمود" وهو من يدعو المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها لبعثه كلما سمعوا آذانا يدعوهم إلى الصلاة قائلين "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه اللهم المقام المحمود الذى وعدته إنك لا تخلف الميعاد". وعلينا بعد ذلك أن نربط ما نفكك مما قيل ضمنيا فى هذه الفكرة أن مبعوث الرسالة الثانية من الإسلام وهو رسولها بالطبع، وهو من عاش الحقيقة المحمدية فى كمالها وإطلاقها وتم بعث المصطفى –عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- فيه كما هو موعودز
    ولست فى مكانة من يمتلك مطلقا حق رفض هذه الفكرة شكلا ومضمونا لسبب بسيط هو أنى لست محيطاولا منبأ بكمال انبائها ولا بكمال مقاصد الحق –جل وعلا- فيها، ومقاصد أكمل وأتم عبيده مقاما الذى ما سمى وأصبح "المعصوم" إلا لأنه المصطفى –أصلي وأسلم عليه وعلى آل بيته صلاة لا تتعد ولا تنهد ولا تنقض- فقد قال وقوله الحق: إن له أخواناً يشتاق إليهم يأتون فى آخر الزمان، ولكن عندما نود تربيط هذه الفكرة مع هو ثابت من البعث فى المقام المحمود، وربطهما إلى الأستاذ الشهيد ورسالته الثانية وظهور الأخوان الجمهوريين وأجد نفسي ملزما بواجب الإعتصام بهم بحكم واقع ما زعموا حيث الهلاك يطال من لا يعتصم إليهم، فإنى أجد نفسى حينها مدفوعا إلى سؤال أهل الذكر والبحث عن "الخبراء" الذين أشار الحق –جل وعلا- باللجوء إليهم عند السؤال عن الرحمن، وأجد نفسي حينها مأخوذا بدفوعات سيدي الشيخ علي الشيخ أحمد ود قوي بالغة الخبرة، مع كونه من أهل الذكر عندما قال: "أين الأمارة. أين العلامة".
    لكن يقع ضمن ما تم تزويدنا به من موازين الشرع العقلية والنقلية، حيث يتوجب علينا أن نتوخى مراعاة الحق كميزان مطلق الصحة أقيم به التنزيل منسجما مع سنن الحياة وسنن الكون فقد قال جل وعلا : "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" .. (23) الإسراء.. فربط بين عبادته والإحسان بالوالدين ثم قال بالمصطفى –عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- فى حديث له لمن اشتكى استئثار والده بأمواله: "أذهب أنت ومالك لأبيك" فثبت شأن الإنسجام الكامل بين سنن الشرع الحنيف وسنن الحياة وسنن الكون وتلك سنن ما تم خرقها إلا بواحد هو المصطفى –أصلي وأسلم عليه وعلى آل بيته صلاة لا تتعد ولا تنهد ولا تنقض- فهو أول الأنبياء قاطبة. بعث سيدنا آدم ومن ورائه كل الأنبياء والمرسلين –عليهم السلام- على هدى رسالته مع ذلك فهو قد جاء بعدهم جسداً، مع كونه الأوحد سيادة على ولد آدم بما فى ذلك أباؤه آدم وابراهيم واسماعيل أما ما عدا ذلك فإن ميزان الشرع يقتضي الترتيب بما قضى الله من ربط لعبادته مع الإحسان للوالدين وبملكيتهم الكاملة لأبنائهم.
    وقد سبق أن رفض الأستاذ الشهيد إتهاما بعدم تقيده بميزان الشرع درجة أنه يرى أن الرسالة الثانية حملا شرعيا زائدا عن حالة تلطيف قدر حاجة العقول فى الرسالة الأولى. لكن يقع خطاب الأستاذ الشهيد فى استعماليته لمصطلح "إخوان المصطفى" عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم –فى اشكالية فى التراتيب فإذا اتفق أن كان الأخوان الجمهوريون هم الذين أتوا فى آخر الزمان فى أوان بعث الرسالة الثانية، فكأنما يعنى ذلك أنهم أخوان المصطفى - عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- الذين آن أوانهم وأستاذهم الشهيد رسولها.
    ورغم أن هذا الأمر لم يشر إليه ببيان صريح مباشر، إلا أن تلك إستنتاجات لا تحتاج لكثير نظر تؤدى إليها كل أقوال وبيانات الرسالة الثانية. وعندها يقف الأمر فى مفترق عظيم، فارتفاع قامة الأخوان الجمهوريين هو ما مكنهم من بلوغ حكم وقت حلول هذه الرسالة، وهو وقت حلول زمان يبعث فيه "المعصوم" فى صاحب المقام المحمود. وتقوم إستنتاجات على هذه الأرضية من الفهم أستعيذ بالله مسبقا من مجرد التفكير فيها فالمصطفى –عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- سيكون مقامه هو مقام إخوته من الجمهوريين مرتفعا عنهم كلهم صاحب المقام المحمود وصاحب الرسالة الأصل الذى أرجأ أوان نزولها حتى تطيق عقولنا ونفوسنا الولوج إلى مقامها الرفيع وهو وفق هذا الترتيب أعلى مقاما من "المعصوم" هكذا بدون صلاة وتسليم، وكيف لا فالمعصوم وجد بعصمته معونة إلهية، أما صاحب المقام المحمود الذى اعتلى مقامه كفاحا، فذلك شرف أرقى ومقام أعلى لا يدانيه شرف أو مقام، "ولا شنو، يا أخواننا الجمهوريين؟ أتجدونني جائرا فى الوصول إلى هذه الاستنتاجات؟
    حسنا، لتكن الإجابة "لا" على هذه التساؤلات ولنقل أن الأخوان الجمهوريين ما كان مقصود وضعهم فى ذلك المقام كإخوة للمصطفى - عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- ولم يكن مقصودا الوصول إلى فهم أن يكون الشهيد فى مقام أعلى من الإخوة على جمعهم وقبلنا هذا العذر متجاوزين أن تلك الفكرة كان ورودها عفو الخاطر فلا بد أن يكون هنالك معنى مقصود من إيراد حديث الأخوان هذا، ولا بد أن يكون حينها المقصود بإخوة المصطفى - عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- هو الذى أخذ الأمر كفاحا من ربه. وحينها يمكننا أيضا أن نستنتج أن المصطفى - عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- هو أخو رسول الرسالة الثانية محمود وعلى درجة أقل منه خاصة إذا ما اعتبرنا أمر العصمة المعطاة وأمر الكسب بالكفاح، إذ أن الكتوف هنا لم تتلاحق وحسب بل وتناطت. ولا أدرى هنا كيف أقولها "محمود" غير مسبوقة بعبارة صلاة وتسليم وأسأل الإخوة الجمهوريين كيف كنتم تقولونها؟
    ومن أجل المزيد مما أراه منقوص المعنى فى شكلانيته، أنه متى ما رأينا "محمود" من آل البيت من الدوحة الحسينية المشرفة، فذلك يجلسه على أقصى ما يمكن أن يطاله وهو مقام الحفيد وهو مقام لا بد أن يتقاصر شرعا من مقام الأب صعودا إلى المصطفى جد الأشراف الحسينية - عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- فكيف بربكم ينتقل الحفيد المتقيد بحكم الشرع الحنيف ليصير فى مقام الأخ.
    ومع كمال التسليم بحديث المصطفى - عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- حول أخوانه الذين لما يأتوا بعد، وبوضعه مع حديث آخر عن رجل من حفدته سيبعث فى آخر الزمان فيملأه عدلا، يظل أمر قول إخوة تطال الحفدة قول محفوف بالمتناقضات. وليس لنا هنا إلا أن نعتبر أن من أشير إليهم بصفة "إخوان" كذلك ينطوي على سر كبير سيبايننا متى ما بعثهم الله فيتل, وحاصل الأمر أن رقى المطفى وارتفاع قامته وعلاقته، بأمته، وعلاقة كل ذلك بالبشرية ثابته فى التنزيل الحكيم وتقع أشكال دوائر لا صعود ولا هبوط فيها. وذلك ثابت فى قوله –جل وعلا- "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" 143 البقرة. ودقة الإشارة فى هذه الآية وقو تحكمها الشكلانية جعلتها تقع هى نفسها فى مكان تراتبي متوسط من سورة البقرة.
    ومما يلتبس ولو بقليل إلتباس ورود شكل قد يشير إلى التخطي أو الوقوف كتفا بكتف مع المصطفى - عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- واستغفر الله من قبل ومن بعد فى ورود هذه الفكرة- فذلك يشير إلى تكسير هذه الأشكال الدائرية فيضعها متعددة فى الزمان والمكان ويقيم لها أشكالا أخرى منها اللولبية المتصاعدة وهذه تحتوى على إشارة قوية –أعوذ بالله من ترديدها- أنه ربما وقع فى حق من بامكانه التناطى إلى هذا المقام وتجاوزه، أن يقيم الحجة والشهادة حى على المصطفى ذاته "والعياذ بالله" فما الذى يمنع من وقوع ذلك وفق هذا الفهم.
    وليس ذلك الفهم ملتبسا فى الفكرة الجمهورية وحدها، بل هو كثير الورود، ربما كان "حلاجي" السمت أكثر من كونه "عيسوي" وفيه بعض شئ من "إبن عربي" فهؤلاء كلهم يرون المصطفى - عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- قيمة معطاة لهم يعبون منها كيفما يشاءون دونما حدود، فيقعون فيما وقع فيه أبو حسين بن منصور الحلاج من سوء فى الأدب فى حضرة المصطفى –أصلي عليه صلاة لا تنعد ولا تنهد ولا تنقض- حتى قال له أحد العارفين وأظنه ذو النون المصري وهو يمر عليه وهو مصلوب: "لقد أحدثت فى جدار الإسلام ثلمة لا يسدها إلا رأسك". وإلى هذا الفهم المتخاتل ترد كثير من إشارات العارفين كسيدي شيخ الطائفة أبو القاسم الجنيد وسيدي الباز الأشهب الشيخ عبد القادر الجيلاني الذى واجه ما هو أعتى مما واجهه الشهيد فى سيره، فقد قالوا "زنوا الأمور بميزان الشرع فما وافقها فخذوه وما خالفها فدعوه".
    لذلك وبناء عليه، فمما تلقيه هذه التجزئة لرسالة الإسلام الخالدة إلى رسالتين تحتوي على حقيقة شديدة التخفى والتلبس، أن هذا الأمر وفق هذه التجزئة الرسالوية مرموس تطبيقيته فى تناط إلى مقام رسولنا ونبينا وحبيبنا وشفيعنا المصطفى - أصلي عليه إلى أن أموت صلاة لا تنعد ولا تنهد ولا تنقض- فى حين لا يمل المؤمنون أن يظلوا ماكثين تحت قدميه كخدم له، لا يكادون أن يبلغوا مقام أقربهم إليه، وهم أكثرهم محبة عنده من آل بيته، الزهراء وعلي والحسن والحسين –عليهم صلوات الله وسلامه، بل يضع المؤمنون أنفسهم في مقام ورائهم وتابع لهم فى وقع خطوات سيرهم وجهادهم السرمدي فى الله، فيهتدون كأقصى ما يمكنهم أن يصلوه إلى السير خلفهم على هدى المصطفى صاحب الطريق منذ بدايته وصاحب نهايته على حوضه المورود - عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم-
    وقد يقول قائل –كما هو أحدهم فى المنبر العام فى "سودانيز أونلاين، إن ما قلته ليس هجوما على محمود ولا فكره، إنما هى تهيؤات وأوهام أقمناها عنه. ولهؤلاء أقول إن ذكاء وثاقب ودقيق فكر محمود كان كافيا كي يجنبنا الزلل بإيراد هذه المشتبهات فى فكره. فلم آت بها تجنيا، بل توصلت إليها مأخوذة من إشارات واضحة واردة عنه، وقعت فى مكان التباس فى فهوم الكثيرين عامة وخاصة.
    وتلخيصا أقول: إن الرسالة الثانية ومستلزماتها، خاصة الحلاجية المبثوثة فيها كأنما هى عيسوية، فهى ما يتوجب علينا تنقيته وتصفيته، حتى يكتسب الفكر المحمودي بحق وحقيقة صفة السير فى طريق "سيدنا محمد" - عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأوجب وأتم التسليم- غير المحتاج لتجزئة ثنائية. وذلك بالطبع يحوي اعتراف أن فكر "محمود" عدا ذلك ومعه القليل، يحتوى على رؤى مبهرة مجيدة، وعبقرية قلّ أن يجود الزمان بها. والقليل الذى أعنيه، وهو ما سأراجعه –بإذن وتوفيق منه إن شاء الله- فى مفاكرتنا المقبلة والله نسأله أن يحفظنا من تلبس الغواية الشيطانية بالصلاة والسلام على حبيبه السيد الأوحد الذى تتدلى منه كافة الحقائق آدمية وإبراهيمية وعيسوية وموسوية وسليمانية على صحابته الغر الميامين، وعلى آل بيته بيته منارات الهدى وعلى أحبابه بما فى ذلك السادة الأنصار السودانيين وغرمائهم السادة السمانية.
                  

04-15-2008, 03:25 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)




    الشيخ والشأن العام المخصخص له!!
    نجم الدين محمد نصر الدين
    ووجود سدرة المنتهى من عدمه ، وخلق آدم ابو البشر وحواء ، وهز كل الموروث والمتواتر عن هذه المسائل وغيرها ، فيما لا يتسع هذا المجال للخوض فيه وتفصيله ، مما شكل لدى البعض انكارا لما هو معلوم من الدين بالضرورة، الشئ الذى يرقى الى الاتهام بالردة، الذى اُطلق فى حق الاستاذ محمود محمد طه وهو الشيخ السبعينى، بينما التزم من هم علماء بزعمهم فى الرد على هذه المراوغة والالتفاف، وكانوا حربا على كل شخص آخر اقترب من هذه المناطق واشباه هذا التناول للقضية والمسائل الفقهية، باعنف الردود واقواها وبلا هوادة على نحو ماشهدنا وظللنا نشهد بين كل فينة واخرى، دون طول امد او انتظار بين الفينتين فأين يندرج هذا؟



    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=32859
                  

04-15-2008, 01:15 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    مفاكرة الجمعة
    السودان الجديد ، أهو أطروحةعتيقة؟
    الشيخ عمر الأمين أحمد


    مع ذلك فقد كان من تكرم علينا السيد أموم فى شأن السودان (الوطن) هو إشراكنا فى الفعل السياسى التخريبى و التكسيرى فقال: (نحن البلد الأفريقى الوحيد الذى أصبحت فيه الحرب هى القاعدة بينما السلم هو الإستثناء) ولم يردف بحشفه وسوء كيله المباحثى القول موضحاً أن كان ذلك بفعل من ، لكنه أردف مباشرة قصصاً موحية يشاركنا فيها بسودانيته فقال: (و كذلك نحن البلد الوحيد الذى فى مقدوره قتل قادته السياسيين من أمثال الإمام الهادى المهدى و الأستاذ عبد الخالق محجوب والأستاذ محمود محمد طه بهدوء دون أن تهتزلنا شعرة واحدة) صحيفة الصحافة مصدر سابق . فضرب لنا مثلاً و لم يتناسَ ما قدمت يداه وحسب، بل لخبط حساباتنا فى شأن الإستعلاء العرقى و التهميش و مسببات حرب امتدت من قبيل الإستقلال و لم تضع أوزارها إلا قبل شهور من حديثه الشهير بقاعة الصداقة مع وفد المقدمة .



    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=33451
                  

04-15-2008, 01:16 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)




    «نحــو محــاولة للاعتـــذار التـــاريخي»
    «الاعتـذار أم مصـالحة وطنيـة؟»

    لقد بدأت جسور التواصل بين الشمال والجنوب بصورة صادقة ومخلصة منذ الخمسينات من خلال فكر الشهيد محمود محمد طه وحديثاً من خلال كتب د. منصور خالد وغيرهما من مفكري ومثقفي الشمال الذين بدأوا يكتبون الحقائق عن دور الحكومة المركزية، التي تسيطر عليها النخبة الشمالية، في تعميق الفرقة بين شقي الوطن ، لابد من اقامة جسور التفاهم متينة بين الشمال والجنوب، جسور تستند أعمدتها علي العقول والفهم التاريخي الصادق لعلاقات الشقين وستظل تلك الجسور قائمة حتى لو تمكن دعاة الفرقة والعنصرية وبقايا الفكر النازي السوداني من تشطير و تقسيم هذا الوطن .
    أتيم قرنق د ، ديكويك




    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=33453
    ___________
                  

04-15-2008, 01:17 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الترابي قائدا لحركة التنوير السودانية
    عبد العزيز حسين الصاوي

    الترابي الآن اهالت عليهم اطنانا من طين تهم التكفير والردة وبقيادته هو بالذات. وفوق ذلك فإن آلافا مؤلفة من الشابات المحجبات ناقصات الحقوق في المحاكم والجوامع والزواج بما يتناقض مع تخريجاته السابقة واللاحقة نصا وروحا وبالتأكيد منهجا، كانوا العمود الفقري لحركته. مع ذلك فإن نقطة واحدة من ذلك الطين لا تلتصق الآن بثياب الترابي السياسية. فهو لايزال واحدا من اهم ثلاثة زعماء للمعارضة ومصداقيته كقائد ومفكر اسلامي بقيت متماسكة لدى الآلاف من الشباب والشابات رغم «ارتداده» عن دفن تلك التخريجات مروجا بذلك ضمنا لمنهج في تفسير القرآن يفتح نفاجا الى العلمانية. هذا بينما كانت فعالية هجمة الحركة الاسلامية بقيادته علي دعاة هذا النوع من التفسير، وحتى علي من اتهمتهم بها وبما يشبهها زورا، تتجاوز تلويث ثيابهم السياسية بالطين كثيرا، أي الى درجة الشنق الفعلي محمود محمد طه «وشبه الفعلي» محاكمة الفكر البعثي في نفس التوقيت تقريبا وبنفس المواد وفي افضل الاحوال الى الشنق المعنوي كما تجلى في جو الارهاب الفكري الخانق. لماذا يبقي الترابي قادرا على تفادي دفع ثمن اخطائه؟ لماذا لا يظهر على جلد كريت هذه بالذات ما تفعله بالقرض؟




    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=33905
    __
                  

04-15-2008, 03:54 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    حول مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي
    (علماء) بزعمهم!! (2-2)
    د. عمر القراى
    ==
    شهادة د. الطيب زين العابدين
    في تعليقه على المؤتمر، ذكر د. الطيب زين العابدين، أن الكاردينال زبير واكو، رئيس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية، قد ذكر في بداية كلمته، أنه حضر مؤتمر حوار الأديان عام 1994م، وقرر بعدها ألا يحضر مثل هذه المؤتمرات، لأن ذلك المؤتمر قد كان أشبه بالعرض المسرحي!! وكان تعليق د. الطيب «كان المناخ في أول التسعينيات شمولياً (يقطع النفس) وكانت الحرب (الجهادية) في الجنوب على أشدها، وكانت (الإنقاذ) تظن أنها أصبحت دولة عظمى ورقماً لا يمكن تجاوزه في القارة الأفريقية والعالم الإسلامي! ولم تكن في حاجة لأن تستمع لشكوى الأسقف الكاثوليكي (المسكين) دعك من أن تستجيب له في حاضرة دولة (المشروع الإسلامي)».. ولكن عن المؤتمر الحالي، الذي شاركت منظمته فيه، قال د. الطيب «السبب الرئيسي في نجاح المؤتمر الحالي إنه جاء في مناخ سياسي مختلف، في عقب اتفاقية السلام الشامل التي مكنت الجنوبيين من حكم الجنوب تماماً والمشاركة في حكم الشمال، وفي ظل دستور ديمقراطي تعددي رغم (اللكلكة) التي تعتري تطبيق مواده الخاصة بالحريات». (الصحافة 10/7/2007م).
    أول ما تجدر الإشارة إليه، هو أن المؤتمر ليس مؤتمراً سياسياً، حتى يتأثر باتفاقية السلام مباشرة، وإنما هو مؤتمر يقوم على المفاهيم، والأفكار، وهذه لا تتغير بين عشية وضحاها، وهي لم تتغير، حين اضطرت الحكومة لتغيير خطابها السياسي، وهذا هو سبب (اللكلكة) في التنفيذ التي أشار إليها د. الطيب.. وإذا كانت المواد الخاصة بالحريات، ومنها حرية الاعتقاد والتعبير، وهي روح الدستور، لم تطبق كما ذكر د. الطيب ، فهل يظن أن هنالك تغييرا جوهريا، يمكن أن يجعل هذا المؤتمر ناجحاً؟! أم لعل الدكتور يرى أن الفقهاء، ووعاظ التكفير، قد غيروا أفكارهم، وآمنوا بالتسامح مع المسيحيين، لأنهم خرجوا بهذه الوصايا، فإن كان ذلك كذلك، فإنه لا يعدو النظر السطحي للأمور.. إن خلاصة المؤتمر، هي محاولة خداع المسحيين، وتضليلهم، وخداع المجتمع الدولي، كاستراتيجية لمواجهة خطر التدخل الأجنبي، ولقد شارك د. الطيب زين العابدين، بوعي، أو بغير وعي، في هذا التضليل المنظم!!
    إن واجب د. الطيب ومنظمته، أن يشير إلى الاضطهاد الديني، الذي بلغ حد هدم الكنائس في الشمال، فإن أوقفت هذه الممارسات بعد اتفاقية السلام، يجب أن تتم المطالبة بالمحاسبة والتعويض.. لماذا تنقل صلوات المسلمين، في الإذاعة وفي التلفزيون، وتوظف برامج عديدة لشرح دينهم، ولا يجد المسيحيون، وأصحاب الأديان الأخرى، فرصة في الإعلام القومي؟! لماذا يدرس الدين الإسلامي، في مدارس النازحين، ومعظمهم من غير المسلمين، ويعتبر النجاح فيه، شرطاً للقبول في جميع الجامعات، مما يضيق فرص غير المسلمين؟! ولماذا لم يثر د. الطيب زين العابدين هذه القضايا، بدل التعميم والتضليل، الذي سار عليه المؤتمر؟
    إن شهادة د. الطيب زين العابدين عن هذا المؤتمر مهمة، لعدة أسباب، منها إنه صاحب منظمة تدعو للتعايش السلمي بين الأديان في السودان، وأنه يمثل نشاطاً ملحوظاً ناقداً للحركة الإسلامية ولحكومتها. ولكنه لما كان لا يزال يتحرّك تحت خيمة الفهم السلفي، فقد عجز عن رؤية المفارقة التي ظهرت في هذا المؤتمر.
    المأزق والمخرج:
    إن المأزق الذي وقع فيه (العلماء)، الذين شاركوا في هذا المؤتمر، مأزق تاريخي، لا يمكن الخروج منه، إلا بقفزة كبيرة، تتجاوز كل الموروث السلفي الفقهي، إلى رحاب أوسع من الدين.. فالفقهاء الذين درجوا على ترديد عبارة (الدين نقل وليس عقلا)، إنما يعيشون بفكرهم، في مرحلة تاريخية ماضية، مع إنهم يعيشون بأجسادهم، وكافة متطلبات حياتهم، في المرحلة التاريخية الحاضرة. والفهم الذي تتلمذوا عليه، يعتبر الشريعة هي الإسلام، ولا يقبل أن يكون هناك فهم في الإسلام غيرها، ويعتبر نموذجه الذي يتطلع إلى تطبيقه، ما طبقه الأصحاب رضوان الله عليهم.. ولكن هذا المستوى، الذي لا يعرفون غيره، قام على قتال المسيحيين، وإهانتهم.. ومن أمثلته الواضحة، ما ورد في معاهدة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مع نصارى من أهل الشام، فلقد اضطرهم أن يكتبوا على أنفسهم (إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب ولا نجدد ما خرب منها.. ولا نمنع أحدا من ذوي قرابتنا من الدخول في الإسلام إن أرادوه وأن نوقر المسلمين وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس ولا نتشبّه بهم في شيء من ملابسهم.. ولا نركب السروج ولا نتقلّد السيوف ولا نتخذ شيئاً من السلاح ولا نحمله معنا ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ولا نبيع الخمور وأن نجز مقاديم رؤوسنا.. وأن لا نظهرالصليب على كنائسنا وأن لا نظهر صلبنا ولا كتبنا في شيء من طرق المسلمين...). (تفسير ابن كثير- الجزء الثاني ص332-333 ).
    إن (علماء) المؤتمر، يودون في دخيلتهم، ان يفعلوا ما فعل عمر رضي الله عنه.. ولكن واقع الحال، فرض عليهم في المؤتمر، ان يتبنوا رؤية مغايرة تماماً، فأعلنوا في ما خرجوا به من توصيات انهم مع التعايش القائم على التسامح والاخاء بين المسيحيين والمسلمين!! فهم إذاً يظهرون أمراً ويبطنون غيره، ويخفون ما علموا من الكتاب، حتى أشبه حالهم حال المفارقين من أهل الكتاب، الذين قال تعالى عنهم: «إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب عظيم».
    ولولا قلة الفهم الديني، وحظوظ النفوس، والحرص على المناصب، والألقاب، لأدرك هؤلاء (العلماء) بزعمهم، بأن المخرج قد جاءهم في فكر الأستاذ محمود محمد طه، حيث أوضح بأن مستوى الشريعة، الذي من ضمنه قتال أهل الكتاب، وعدم المسامحة معهم، إنما هو مستوى مرحلي، قام على فروع القرآن، وناسب حاجة وطاقة المجتمع البشري، في القرن السابع الميلادي، والمجتمعات التي تلته مما هي مثله.. وأن المستوى الذي قرر أن إله الأديان واحد، ودعا للتعايش السلمي بينها، واحترام معتقداتها، مثل قوله تعالى «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم و إلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون»، إنما هو أصل ديننا، وقد قام في جملته على القرآن المكي، الذي كانت أحكامه، أكبر من طاقة وحاجة مجتمع القرن السابع، فنسخت بفروع القرآن، ولم يقم عليها التطبيق.. إن فكرة تطوير التشريع الإسلامي - التي فصلها الأستاذ محمود في أكثر من ثلاثين كتاباً- تقوم على الانتقال من فروع القرآن إلى أصوله.. وأقامة الدولة الإنسانية، التي تحترم جميع الأديان، وتقدر معتنقيها.. وإنما بإقامتها، يتجاوز المسلمون مستوى الشريعة، ببعث أصول القرآن، التي كانت في الماضي منسوخة بسبب حكم الوقت يكون المسلمون، قد عاشوا أحسن ما أنزله ربهم.. قال تعالى «واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون».. هذا هو المخرج الوحيد، الذي إذا صرف (العلماء) الناس عنه، ردحاً من الزمان، حسداً من عند أنفسهم، فسيظلون في التيه، المكان الذي رحلوا منه، يعودون إليه.. يقول الشاعر العارف:
    وعن مذهبي لما استحبوا العمى على الهدى حسداً من عند انفسهم ضلوا
    فهم في السرى لم يبرحوا من مكانهم وما ظعنوا في السير عنه وقد كلوا
    وبدلاً من خداع اخواننا المسيحيين، كان الأجدر بـ(العلماء)، أن يعتذروا للشعب السوداني في شماله وجنوبه ويطلبوا منه الغفران، عما سببته فتاويهم وتحريضهم على القتال، بدعوى الجهاد، من ازهاق للأرواح، وتشريد للبسطاء، وإهلاك للحرث والضرع.. أيعجز (العلماء)، بعد أن ادعوا التسامح والاخاء، أن يكونوا مثل الأستاذين باقان أموم، والحاج وراق اللذين اعتذرا للشعب السوداني عن ما ارتكب من فظائع في الحرب من الجانبين؟!
    إن إرادة الله التي فرضت السلام، على المستوى السياسي، هي التي ستزرعه في القلوب والعقول، في المآل.. وحينذاك يردد الناس، كل الناس، بلسان الحال، ولسان المقال، قول الكبير المتعال «سلام هي حتى مطلع الفجر» وقوله «المجد لله في الأعالي وبالناس المسرة وعلى الأرض السلام».

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509582&bk=1
    _________________
                  

04-15-2008, 03:55 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    نحو خطاب اسلامى ديمقراطى
    د. الطيب زين العابدين
    عنوان هذه المقالة كان موضوع الندوة التى أقامها مركز القدس للدراسات السياسية فى اليومين الأول والثانى من شهر سبتمبر الجارى بالعاصمة الأردنية، دعى لها مشاركون من عشرين بلد غطت معظم دول العالم العربى بالاضافة الى تركيا وايران وأندونيسيا وماليزيا وكينيا والمملكة المتحدة. حرص الأستاذ عريب الرنتاوى، مدير مركز القدس والصحفى المرموق فى جريدة "الدستور"، على دعوة مشاركين ناشطين فى الحركات الاسلامية والعمل السياسى الاسلامى من أمثال الدكتور أبو العلا ماضى الذى انشق عن الاخوان المسلمين ليؤسس حزب الوسط فى مصر، والأستاذ سامح فوزى الناشط فى شئون الكنيسة القبطية بمصر، والأستاذ هانى الفحص الكاتب اللبنانى والشيعى الليبرالى صاحب العلاقات السياسية الواسعة فى لبنان والعراق وايران، والدكتور أحمد الراوى مدير الوقف الأوربى والمقيم فى بريطانيا «عراقى الأصل» والحركى فى العمل الاسلامى، والدكتور المرتضى المحطورى الأستاذ بجامعة صنعاء وعضو جمعية علماء اليمن ورئيس مركز بدر الثقافى الذى تتهمه أجهزة صنعاء بأنه فقيه حركة الحوثى الزيدية فى صعدة دون أن تجد دليلا تقيمه عليه الا أنها اعتقلت العديد من تلاميذه فى مركز بدر، والدكتور محمد شريعتى الذى كان مديرا لمكتب الرئيس خاتمى والكاتب فى الشئون الفكرية والسياسية، والدكتور محمد خالد مسعود أستاذ الدراسات الاسلامية سابقا بالجامعة الاسلامية فى اسلام آباد ورئيس مجلس الأيدولوجية الاسلامية فى حكومة برويز مشرف، والدكتور زكى الميلاد رئيس تحرير مجلة الكلمة ذات التوجه الشيعى والتى تصدر من خارج موطنه فى السعودية، والاستاذ عيسى الشارقى الشيعى الناشط فى جمعية التجديد الثقافية بالبحرين والتى أدهشتنى بانتاجها الثقافى الوفير «أهدونى أكثر من عشرة كتب مطبوعة على ورق صقيل» الذى يفيض بالمعانى الباطنية ولا تستطيع أن تفهم منه توجهات الجمعية، هل هى إمامية أم اسماعيلية أم علوية أم نبت شيعى جديد؟ والدكتورة عائشة الحجامى أستاذة القانون الدستورى فى جامعة مراكش والمعنية بدراسات حقوق المرأة فى الاسلام والتى توازن بمستوى رفيع بين تعاليم الاسلام وقيم المعاصرة، والدكتور عروس الزبيرى أستاذ العلوم الاسلامية فى جامعة الجزائر والذى أتعبنى هو وصاحبه بالسؤال عن المرحوم محمود محمد طه وأحسب أنى كنت منصفا للرجل فى اجابتى رغم اختلافى مع معظم أطروحاته، والدكتور عصام سليمان أستاذ القانون فى الجامعة اللبنانية النشط فى المركز العربى لتطوير حكم القانون، ولو لم يقل لك أحد أنه مارونى الديانة لما عرفته نسبة لاسمه المشترك ولحديثه المعتدل غير الطائفى.
    ومن الملفت أن جبهة العمل الاسلامى فى الأردن تغيبت عن الحضور رغم دعوة ثلاثة من أعضائها البارزين، ويبدو أنها مقاطعة مقصودة ربما لعدم ثقتهم فى مركز القدس الذى يديره شخص ليبرالى التوجه يريد أن يحشر نفسه فى الحوار الاسلامى السياسى أو فى منظمة كونراد أديناور الألمانية التى مولت المؤتمر أو ظنا منهم أنهم أولى بمثل هذا النشاط الذى يبحث فى مزاوجة الاسلام مع قيم العصر «والأخيرة هذه داء قديم آن للاسلاميين أن يتعافوا منه»، وقد قاطعوا المؤتمر الأول تحت ذات العنوان الذى عقد العام الماضى.
    أحسن مركز القدس بجمع هؤلاء النشطاء السياسيين من السنة «وهابية وديوبندية واخوان مسلمين» والشيعة «امامية وزيدية» والمسيحيين «أقباط وموارنة» فى ملتقى واحد ليناقش مشكلة تهمهم جميعا وهى أسس الخطاب الاسلامى السياسى فى مجتمع تعددى معاصر، وذلك لأنهم مواطنون فى هذه المجتمعات المسلمة المتعددة والتى بدأت تعلو فيها أصوات ونشاطات الحركات الاسلامية السياسية بما فى ذلك المحظورة قانونا «فى مصر والسعودية والمغرب والجزائر والكويت وتركيا». جرت العادة أن يلتقى الاسلاميون وحدهم من تيارات مختلفة لمناقشة مثل هذه القضايا، ولكن أن يلتقوا فى ذلك مع الشيعة والمسيحيين أمر جديد يستحق الإشادة والتقدير. وكانت النتيجة أن جرى حوار حقيقى حول المسائل المعروضة واستغرق معظم الوقت مقارنة بما يدور فى المؤتمرات المماثلة، وتكونت لجنة صياغة البيان الختامى من ممثلين لمصر والأردن والسودان والمغرب والسعودية واليمن، ولقيت التوصيات نقاشا مستفيضا من جلسة المؤتمر العامة، وأجيزت بما يشبه الإجماع. لعل السبب فى ذلك أن اختيار المشاركين انحصر فى العناصر المعتدلة من كافة الاتجاهات، ومن الذين يعرفون مشكلات العالم المعاصر ومن ذوى القناعة بالنظام الديمقراطى التعددى. ورغم أن حصر الدعوة فى المعتدلين وحدهم له سلبيته، الا أن خطوة البداية لقضية شائكة مثل «الاسلام السياسى» تحتاج الى اتفاق المعتدلين أولا لتكوين رأى عام وسطى التوجه قبل الانطلاق الى فئات أخرى لا تؤمن بالديمقراطية أو لا تؤمن بحق الاسلام السياسى أن يعبر عن نفسه أو بحق الشيعة أو المسيحيين فى الاعتراض على هذا أو ذاك من أطروحات الاسلام السياسى. وقد كثرت مثل هذه المؤتمرات التى تناقش قضايا الاسلام السياسى فى السنوات الأخيرة فى بلاد مثل مصر ولبنان والأردن وقطر والمغرب، وتجد تمويلا ميسورا من المؤسسات الغربية فى أمريكا وأوربا وكندا. ولا يمنعنى التمويل الغربى الذى له أجندته من وراء هذه المنتديات أن اشترك فيها طالما كفلت لى حرية التعبير عن رأى وحرية الاعتراض على ما لا أقبل، وأشهد أن الغربيين أكثر سماحة فى هذا الأمر من الاسلاميين الذين عشت بين ظهرانيهم دهراً طويلا. ثم ما هو البديل؟ الحكومات الاسلامية لا تمول مثل هذه الأنشطة الفكرية السياسية، ورجال الأعمال فى العالم الاسلامى لا يرقى بهم الخيال الى دعم النشاط الفكرى المجهول العائد، والجماعات الاسلامية لا تحاور الا نفسها! لاحظت أن مسز مريا التى مثلت منظمة أديناور فى المؤتمر لم تنطق بجملة واحدة عن موضوع النقاش، وحصرت مشاركتها فى معالجة مشكلات التذاكر والحجز وترتيبات الفندق والمواصلات.
    كانت الأوراق الرئيسة التى عرضت على المؤتمر هى: النظام السياسى فى ظل الخلافة والإمامة، المبادئ العامة لمسودة دستور اسلامى، حقوق المواطنين وواجباتهم، المواطنة فى دستور اسلامى، الدستور الاسلامى وقضايا المرأة.
    نادى البيان الختامى بضرورة الحوار بين الحركات والمثقفين الاسلاميين وبين التيارات السياسية والفكرية الأخرى، وبالحفاظ على زخم عملية الاصلاح السياسي والتحول الديمقراطى رغم ما تعرضت له من انتكاسات، وبالحاجة الملحة لإدماج تيار الاسلام السياسى عمليات التحول الجارية فقد برهنت التجربة على امكانية تراجع الحالة الديمقراطية بعدم استيعاب الحركات الاسلامية فيها. وخلصت الرؤية المشتركة للمؤتمرين الى أن الاسلام لم يقرر شكلا معينا للدولة وترك الأمر مفتوحا للاجتهاد على قاعدة العدل والحرية والمساواة بما يجلب المصالح ويدرأ المفاسد، وأن الأمة هى مصدر السلطات، وأن الاسلام لا يعرف الدولة الدينية الثيوقراطية لا شرعا ولا تاريخا، وأن الدولة الحديثة قطرية الاقليم فدولة الخلافة الأممية كانت خيارا تاريخيا لم يعد قائما، وأن الشورى ملزمة للحكام من خلال مؤسساتها المنتخبة، وأن التعددية السياسية والثقافية والاجتماعية حق مصان لكل مكونات المجتمع، وأن الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية واجب النفاذ، وأن تداول السلطة مبدأ أساس يجرى بالانتخاب حسب ما يقرره الشعب. وأن على الدولة كفالة حقوق وحريات المواطنين، وأن المواطنة مصدر الحقوق والواجبات، وأن الاسلام يكفل المساواة بين المرأة والرجل ويؤكد حقها فى تولى المناصب العامة بما فيها رئاسة الدولة، وأن مشاركة غير المسلمين فى ادارة الدولة حق شرعى بحكم المواطنة المتساوية، وأن حرية الإعتقاد حق مصون بالدستور، وكذلك حرية الصحافة والتعبير والتنظيم، ولكل مواطن حق العمل والتعليم والصحة والسكن.
    لا شك أن البيان يمثل خطوة متقدمة لما تقول به كتب الفقه التراثية ولما تنادى به بعض التيارات السلفية الاسلامية، وبما أن هذه الأسس هى التى تقوم عليها الدولة الحديثة، وتتضمنها الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها معظم الحكومات المسلمة، وينادى بها المواطنون المستنيرون فى الدول الاسلامية بما فيها غير المسلمين وتنظيمات الشباب والنساء، وأنها تمثل حركة التاريخ التى تسير فى اتجاهها المجتمعات البشرية، فانها بذلك تستحق النقاش الجاد والهادئ بين كل قوى المجتمع السياسية والدينية والفكرية حتى نصل الى كلمة سواء فى أسس الحكم وشكله وتداوله نتراضى عليها. أما المزايدة الغوغائية وتهم التكفير أو العلمانية أو العمالة أو ضعف الدين فلن تؤدى بنا الا الى المشاكسة والنزاع والتفرق الذى يجعلنا لقمة سائغة للأعداء. فهل هذا ما يريدون؟.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147510259&bk=1
                  

04-15-2008, 03:56 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    صلاح البندر: هل غرق في سحر المعلومة..؟
    بقلم صلاح شعيب
    يفترض المرء أن التجارب البحثية القيمة التي يمتلكها الدكتور صلاح البندر كان ينبغي أن تجعله قادراً على النفاذ إلى حلول لِكُنه القضايا التي هو بصدد بحثها، وفوقاً عن ذلك فإن البندر يملك أيضاً من زخيرة المعرفة بالمعلومة وبأهميتها ما تتيح له قراءات متقدّمة للمشكل السوداني أو العربي أو الإنساني عموماً.
    وكل هذه التفردات في شخصيته المتواضعة تجعلنا ننظر له كباحث، المأمول عنده هو العثور على حلول منطقية وعملية يقود الناس إليها وبالتالي يتم النظر إليه كعقل ملهم ومستنير، وكذات مجتمعية نرتجي منها إعادة المثابرة لروح السودانيين الذين يظنون أن الأزمة التي يعايشونها يمكن أن تزول.
    بيد أن الدكتور الفاضل كاد يحبطني -عبر ندوة أقامتها الجالية السودانية في واشنطن- بمعلوماته الغزيرة التي قبضت على روح الاستشراف التي تميّز المفكر والباحث، وعليه إنتهى إلى روائي يجيد الانغماس في التفاصيل، حتى الدقيقة، من دون أن يضفرها في مشروع فكري لإحياء ذلك الأمل السوداني، بل وجدته مفتوناً بامتلاك المعلومة أكثر من أن نكون نحن مفتونين بما في جرابه من معلومات حلول لقضايانا، ولا أعتقد أن عقلاً باحثاً مثل صلاح البندر يفتقد الإمكانية لتقديم الرؤى المشجعة لقوى التغيير الديمرقراطي، ولكنه آثر أن يطلق لخياله العنان في الاتجاه السلبي ليؤسطر الواقع بإنطباع ينهي أي طموح لتغييره.
    وفي اعتقادي أن المعلومة هي الأمر القيم، وهي وسيلة الباحث والمواطن لاتخاذ الموقف وليست غايتهما، ولكن مشكلة شعبنا السوداني الكريم لا تكمن في غياب المعلومة ولكن في طريقة التعاطي معها وتحويلها إلى حافز للتغيير، وحينما قال المرحوم محمود محمد طه إن الشعب السوداني لا تنقصه الأصالة وإنما غياب المعلومة كان يقصد أن الشعب لم يتوافر وقتها على وعي بالمعلومة العامة ولم يقف على وعي معلوم بالقيادات التي تدبر شأنه.
    ولكن نحن نقول مع التقدير أَجلَّه لذلك الشيخ الوقور، الزاهد محمود محمد طه -والذي راح ضحية غياب المعلومة عن همه الديني الإصلاحي- إن المعلومة حول الشأن الوطني متوافرة في «صينية غداء» المواطن وفي آثار التعذيب التي يتحسس الفرد نتوءاته حين يتلقى حماماً دافئاً ويلحظها في الشوارع التي صرفت عليها الدولة ما صرفت ثم دثرها التراب بعد حين نسبة لخريف متوسط الأمطار، والمعلومة كامنة في تناسل أملاك الأثرياء من زملاء الدراسة أو زملاء الحي أو هؤلاء الجهويين الذين انتهوا إلى المتاجرة بقضايا مناطقهم.
    والمعلومة غير متخفية في تناطح العمارات لهؤلاء الناشطين في جبهة العمل العام. ولعل الأسلوب المتكاسل الذي يسيِّر به الإداريون دولاب الدولة لا يخفيها، وربما تكمن المعلومة في الإحساس بجهة الذين يسيطرون على حواف السلطة والثروة وفي غلاء الأسعار وفي فساد الذمم وفي نوعية المذلة التي يبذلها الفرد لأهل الولاء حتى يجد البراء من كل شيء، وتكمن المعلومة في الآلاف المؤلفة التي وجدت نفسها في شارع الله أكبر مقطوعة من حبل الوظيفة، على أن ألسنة المعلومة ممدودة بخيلاء في خيابة دليل الملايين التي كان من بينها مجموعات وجدت في الدولة اليهودية منجاة من سعير الدولة الإسلامية، والعياذ بالله.
    كل هذه الأحوال المتمظهرة عياناً بياناً -والتي يمكن لأي مواطن عادي أن يلتقطها من أي قارعة طريق أو مستشفى أو دار رياضة أو في زيارة لسجن النساء أو في شعر هاشم صديق أو في اسكتشات الهيلاهوب- توضح معلومات متنوعة للكيفية التي دبر ويدبر بها القادة أمر البلاد، وكذلك للكيفية التي بها يمكن أن تحدد حول ما إذا كان من الممكن أن يخلق المرء تصوراً عاماً لما ينبغي أن يكون عليه البديل السياسي، والذي يخلق واقعاً تختفي فيه تلك المعلومات المؤسفة وبالتالي يتجسّد لنا الحكم الرشيد الذي يحقق مفاهيم العدالة الاجتماعية والسلام والحرية والوحدة... إلخ،
    ولكن كيف نصل إلى هذه الأهداف الإنسانية ونحن ما زلنا نشرح ونفصِّل في نتاج الدولة الدينية/الإثنية والتي نعرف مسبقاً، مسبقاً، مسبقاً سقوف الخطل في منهجها وتجربتها؟ وهل يجوز بعد كل هذه «السنين المرة» البحث عن معلومة تدلنا على كيفية صنع الدواء للداء اللعين: جدلية المركز والهامش، أو لعبة الديمقراطية والشمولية، أو التراوح بين الإسلاموية والعلمانية، أو تنازع العامل الخارجي مع الداخلي، أو التخاذل بين الشعب والقادة، أو تقديم الذاتي على الموضوعي/القومي، أو سم الجدليات إن شئت.
    وإذا كانت الدولة الدينية ما بعد تجربة مدينة الهدى وتسبيح الملائك في ذوابات النخيل قد أغرقت، ما عدا نموذج سيدنا عمر بن عبدالعزيز، المسلمين في بحور من الدماء، وأنواع من الكهنوت، وفساد في التعاطي مع مجمل الواقع، وتأخر دون ركب الأمم- ذلك الذي وضع الدول الإسلامية في قمة لائحة الدول الفاشلة -فكيف إذاً نستغرب أو نندهش لأسوأ معلومة جديدة ناتجة عن منهج وتجربة هذا النوع من الدولة المجرّبة في التاريخ القديم والحديث؟
    والسؤال الأشق على الفؤاد هو أنه كيف نصل لتلك الأهداف القيمية في وضع بائس كما هو لنا بينما الوضوح في الانحياز الإثني يتجسد على مستوى وسامة الأفراد الذين يسيّرون الدولة وتقعيداتها الأرضية وفي مستوى الاتجاهات الجغرافية للتنمية المنشورة في الصحف وفي مستوى الإستدارة على اتفاقات لمعالجة التظلمات الجهوية وتحويلها إلى ساحة تلاعب وفي مستوى اضمار منهج الخبث والفتنة الذي يقضي على سلامة مرافعات لتظلمات قيض لها حمل الأسلحة والرماح وكلفت المواطن السوداني هذا الرهق والضياع والتمزق؟
    إن المعلومات التي يدركها شعبنا عن سوء مآله وتغرقه من أشعث رأسه حتى أقمص قدميه لا تحتاج إلى باحثين «مهولين» ليعرفونه بها ولا تحتاج إلى نظريات أكاديمية حتى يستوعبها وذلك لسبب بسيط: إذ أنه يكتوي يومياً بتأثيرها عليه ويدفع ثمنها آناء الليل وأطراف النهار، ولعل العبد حين يرفع يديه إلى الله بالدعاء إنما يتمنى أن يزيل عليه الكرب لا أن يمهد له وجود المثقفين الأشاوس ليعلمونه كيف إنه أصبح جائعاً وذليلاً وفاقداً للدليل و«تشابه عليه بقر حلوب أو عجاف».
    إنما شعبنا ينتظر من هذا «الابن».. أو تلك «الابنة» التي أوتيت من الحكمة شرح الطريق للإصلاح، وإذا كان طائر الفينيق ينهض من الرماد وأن الوردة تنبت من «التبن» وأن الصمغ ينبثق من بين أهداب الفروع فإن وظيفة المثقف أن يضع هذه المعلومات في معمل البحث ليخرج لأهله بتصور حلول لحالهم البائس ذاك، لا أن يعمق في أسباب الشقاء ويحبط الهمم أثناء السير نحو المستقبل، ونحن نعرف سلفاً عبر كتب التاريخ أن رهط الأنبياء يأتي بحلول للمشاكل المجتمعية العصية برغم قتامة الواقع، وأن الفلاسفة يمتلكون معلومة الوجود من الواقع الردئ فيعطون العلاج للأزمات المجتمعية، وأن المفكرين في كل ضروب الحياة وهم يسعون لقيادة أمة أكثر معرفة بالمحكات البئيسة، وينحتون أمخاخهم حتى يقودوا الناس إلى طريق التساكن والتسامح، وأن الإصلاحيين في بيئات الأعمال الاجتماعية يقدرون هذا المأزق الإنساني ويدرسونه ثم يملكونا أبواب الفرج القريب أو البعيد. وإذا جاز أن نعدد عن دور الأنبياء والفلاسفة والمفكرين لاحتجنا لأبحاث تشريح.
    إن قيمة المفكّر أن يؤثر، مع امتلاكه لتلك المعلومات القيمة، على واقع الناس وأن يخلق الرؤية الحصيفة والفصيحة التي تجعل المنتجين لهذه المعلومات معطوبين لجهة تغذيتها أو توظيفها لاستمرارية القبح. ثم ما هي قيمة المثقف أو المفكّر حين يستسلم للواقع االمعوج دون أن يستزيد بتراث التغيير الإنساني الذي قاد البشر إلى طريق الهدي؟ وما هي قيمة الناشط الوطني إن كانت وظيفته أن «يعفرت» الواقع بما يحبط دعاة التغيير؟ وما هي قيمة المتعلم الذي يرجوه أهله حين يعجز عن استشراف الرؤى القيمية للبناء والنماء؟ ثم هل كان دور المفكر أن يشتغل فقط عند المحكات السهلة حتى إن تطوّرت وتعقدت راح يطلق لنفسه الخيال حتى تتلبسه التفاصيل؟ وإلى أي مدى يظل التقدير وارداً للعقل الذي لا يبسط في معادلة الخير والشر الوجودية ثم يقنع الناس بإتباع ما يفيدهم.
    إنني كنت وما زلت أكن تقديراً كبيراً للعقلية البحثية للدكتور صلاح البندر التي لها منجزها المكتوب ولكن للأسف غاب ظني في منهجه غير المتماسك وبعجزه في أن يقودنا بخيط فكري واضح لحل أمهات القضايا، وحسبت أن الطريقة التي يعالج بها القضية الوطنية تشعل من النيران ما يصعب إطفاؤها. فمن جهة يقول إنه لا يملك «وصفة سحرية» للواقع ولكنه في مسيس الحاجة لتوظيف المعلومة، يصل بنا إلى أحكام تدمّر أفكار أصحاب التغيير في الشمال وفي الجنوب أيضاً وينتهي إلى القول إن ريك مشار وأهله النوير سيشعلونها حرباً ضراماً ضد الدينكا، وإذا كان من شأن أي باحث أن يصل إلى خلاصاته بالطريقة التي تصنع الخلاف الخلاق فإن هذه الخلاصات لا تنبني على أسس من المنطق والشواهد والتحليل وربما تبقى درباً نحو «ضرب الرمل».
    مثلاً يشكك الدكتور الفاضل في قيمة ما جاءت به اتفاقية نيفاشا على صعيد الشمال والجنوب ولكنه ينسى هذه المكتسبات التي حققتها: «1» ايقاف الحرب التي دمرت الاخضر واليابس وأزهقت الإرواح، «2» إعطاء حق تقرير المصير للجنوب بضمانات دولية، الحق الذي يعطيهم الفرصة لحكم أنفسهم رغم المصائب التي يواجهونها من المركز ومن بعض الإنتهازيين وسطهم في محاولة بناء حاضرهم ومستقبلهم كما يريدون، «3» إن الاتفاقية أتاحت للقوى السياسية سقفاً للحراك السياسي بالمقارنة بما قبله، «4» إنها حررت المركز الذي سيطرت عليه النخب الشمالية من الثقل الاستعلائي الذي مارسوه تجاه الجنوبيين وأنسنت أنفسهم تجاه المختلفين معهم دينياً وثقافياً، «5» إنها أتت بفكر السودان الجديد السلمي المتجاوز لكل الأفكار السياسية للمركز مهما تصعبت الظروف أمام تنفيذه، «6» إنها خلقت الأمل ولو كان ضئيلاً تجاه إمكانية الوحدة والتي تدمر سبلها اماما السلطة في الخرطوم، «7» إنها أنهت إسطورة الثوابت الدينية الخربة التي وظفناها تجاه هؤلاء الاخوة وتجاه الشماليين أجمعين، «8» إنها أعطت الأمل بأن الحوار يمكن أن يكون طريقاً للسلام بين السودانيين المحتربين،«9» إنها مهّدت حرية الصحافة التي تتيح للدكتور الفرصة للتحدث إلى صحف الخرطوم وقراءة أفكاره، «10» وأخيراً وليس آخر فإن الاتفاقية وفرت هذه الملايين من الدولارات التي كانت تذهب هدراً وأوقفت الموت الذي حصد الأرواح، وكم يتوقع المرء عدد الذين سيموتون إن لم يتحقق سلام نيفاشا.
    إن الايجابي في اتفاقية نيفاشا لا يحصى ولا يعد ولكن هل بالإمكان أن نحمل الجنوبيين الفشل في تحقيق أمانينا نحن أهل الشمال والتي يعلم الدكتور إلى أي مدى تقاعست القوى السياسية في تفتيتها بالتقاعس السياسي وتعاون كوادرها النافذة مع النظام السياسي القائم وتماهي مصالحها السياسية والإثنية معه، وهل يدرك الدكتور النحرير أن الحركة الشعبية التي لا تتعدى العامين في التأسيس السياسي لا يمكن أن نحملها وزر الأحزاب السياسية التي تناثرت إلى ملل ونحل بلغت «التسديس» ثم ماذا عن الحركات المسلحة الدارفورية التي تحتاج إلى مايكروسكوب لرصد تشظياتها.. وحين تقول إنه لا توجد وصفة سحرية، هل الاستعانة بمرجعية «القضايا المصيرية» نوع من الترف الفكري. صحيح أن نيفاشا لم تحقق كل رغبات الجانبين ولكن ألا تعتبر في حد ذاتها خطوة للأمام وأن التعمّد البائن في عدم تطبيق بنودها لا يلغي أهميتها كأفضل وثيقة سودانية لإنهاء الصراع بين الشمال والجنوب؟
    ثم يتحدث الدكتور الفاضل عن الرجوع إلى مقررات أسمرا كحل للقضية السودانية، ولكن هل يعتبر هذا شيئاً عملياً أم هو جزء من عقلية نقض الوعود الذي حذَّر منه مولانا أبيل ألير في سفره الوثيقة، ثم ألم نبدأ نحن الشماليين في تجاوز هذه المقررات بنظريات «ترجعون» التي أعادت التاريخ إلى عصر المصالحات..؟ ثم ماذا نقول للمجتمع الدولي الذي شهد المئات من ممثليه في توقيع الاتفاق...؟ وهل هذا النكوص عن الاتفاقية من الحكمة التي يقبل بها الاخوة في الجنوب بعد هذه المرارات تجاه الذهنية الشمالية التي استمرأت التحايل على الوقائع حتى الاتفاقات.. يا أيها الناس أوفوا بالعهود؟
    وإذا كان هناك تقصير في تنفيذ بنود نيفاشا فمن إذاً الذي تحايل على قسمة الوزارات، أولم يكن العقل السلطوي المركزي قبل غيره وهو العقل الذي شتت الحركات المسلحة في دارفور إلى نثارات وأذهب شوكتها.. وإذا كان الجنوبيون قد دارت بهم دائرة الفساد كما يحكي لنا الدكتور ولكن السؤال هل غاب الفساد عن العالم وكيف نقارن فسادهم بالفساد التاريخي للنخبة الشمالية بكل جهوياتها، وهل سكت الجنوبيون عن هذا الفساد أم سعوا إلى فتح ملفاته بالمقارنة لسكوتنا الاجماعي عنه سواء على مستوى الدولة أو المعارضة..؟ وهل يمكن أن نقول إننا تاريخياً قد أفسدنا هذه النخب بذرائع تمييع قضيتهم.. هل لدينا الشجاعة يا دكتور في الجلوس القرفصاء لنضرب الرمل لنتنبأ حول كم من الملايين من الدولارات كلفتنا لتدجين الاخوة الجنوبيين إلى صف الحكومات المركزية وقتل ضمائرهم.
    إن الصورة القاتمة التي يرسمها الدكتور عن مستقبل الجنوب وهي من بعد يعوزها الشهادة إنما تدق أسفيناً في جسد العلاقة بين الاخوة الجنوبيين وكان الأحرى به أن يكون لديه فائض قيمة فضائلية لحث الجنوبيين بمحبة «العابد الناسك» على لملمة صفوفهم الاثنية ورتق ثقوب التمايزات العرقية فيما بينهم وتنبيههم بمحبة لائقة لمصائب الانحياز للعرق بدلاً من إطلاق عبارات الفتنة وتقسيمهم إلى نوير ودينكا والتأسيس الأكاديمي للاحتراب التاريخي الذي لا ينتهي بينهم كما قال.
    إن المهمة الأخلاقية للمفكر أن يطفو فوق الحسابات العرقية ليحولها إلى تألفات في الحياة ويجب ألا ينسينا إنتماءنا العقدي والعرقي من تقديم بوادر عمل «صالح نافع» للذين هم خارج الملة ولا أعتقد أن هذه الضرورات إلا من شيمة الصفاء الروحي والأخلاقي للنشطاء في حقول المعرفة الإنسانية المنمازة، وكما قلت من قبل فإن مسؤولياتنا تجاه الجنوبيين لا تنتهي بإعلان تقرير مصيرهم خصماً على الوحدة.
    إن واجبنا أن نسهم في تأسيس دولتهم إذا كان خيارهم الإنفصال وبنص الوضعيتين الدينية والأخلاقية فنحن مطالبون بالتمهيد لحسن الجوار ناهيك عن أُخوتنا التاريخية للذين يشاركونا في هذا الجوار. ولا يأتي هذا القول اعتباطا وإنما تمليه أيضاً مصلحتنا الاستراتيجية في استقرار الدولة المتصورة ودعمها، ولا أعتقد أن الحدود ستفصل مصالح أهل الأرض فيما بينهم.
    وهل من فكر مستقبلي بناء يمهد لنا تصوراً لكيفية تمتين العلاقة الشعبية بين البلدين، إذا انفصلا، خصوصاً وأن هناك مصاهرات ومصالح بين الجانبين لا تنتهي بنهاية الدولة الموحدة وهل يمكن أن نتصور أن الأخوة الجنوبيين يمكن أن يستعينوا بالكوادر السودانية في بناء الدولة بما يجعل الاستفادة ممكنة لهم ولنا، وهل يمكن أن نشكل تكاملاً في بعض الجوانب، الزراعية والاقتصادية والإعلامية مثلاً لمصلحة الشعبين، وهل لدينا الشجاعة الأخلاقية لإقامة مؤتمرات يشارك فيها الخبراء السودانيون تساعد كوادرهم في تجاوز أخطاء الدولة السودانية فيما يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي في كل جوانب الحياة؟ وهل هناك أفق للتعاون بين المستثمرين السودانيين في الداخل والخارج للإسهام في بناء الجنوب بما يفيده ويفيدنا سواء أصبحت الوحدة جاذبة أم لا؟ وعلى المدى البعيد وإذا تحققت دولة «أنزانيا» التي تصورها الدكتور هل نستطيع أن نطرح تعاوناً بأسس عميقة حول الدفاع المشترك أو العملة الواحدة أو شبكة الطرق التي تربط حركة اقتصادهم باقتصادنا أو حركة تجارتهم بتجارتنا؟
    إن الأمل في الدكتور صلاح البندر لا يزال كبيراً في أن يوظف علمه لمراجعة منهجه في مخاطبة الأزمة السودانية وهو الذي لديه من تراث للنجاح في قضايا الدعوة للديمقراطية في العالم العربي والاهتمام بحقوق الإنسان والبحث حول الكثير من القضايا الإنسانية ما يجعله في طليعة النشطاء العرب والأفارقة في هذا المجال وليتقبّل نقدنا هذا إذا كان الخيار الوحيد المتروك لنا الآن الاختلاف الضروري لصنع الاتفاق المأمول.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509680&bk=1
    _________________
                  

04-15-2008, 03:57 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    نظَّمتها رابطة الكتَّاب وكلية ود مدني الأهلية «2-2»:
    ذكرى محمد عبد الحي الثامنة عشر
    ذكر لي «د. سعد الدين عبد الحي»، أن الدكتور يسأل عنك وأنت تمر طائراً ولا تغشى البيت مع أنه قريب من موقع الطيران. هذا عتاب كبير.. وأتضاءل!!
    فهل من وصايا وتحيّات منقولة سافرة وطازجة «لعبد العزيز المقالح» في جامعة صنعاء أم للشاعر «سيد أحمد الحردلو» في السفارة.. ولم نلتقه وهو الأحق بالزيارة ويستحقها، فهل التقى به الأخ الشاعر «محمد نجيب محمد علي» وكان معنا في الجبال؟؟
    قبل السفر لليمن بشهر واحد كنا في زيارة المرحوم «عثمان حسن أحمد الكد»، بمكتب النشر بالخرطوم، وقد عاد من الملحقية الثقافية بواشنطون.. اقترح أن نذهب معاً لزيارة «محمد عبد الحي وعلي المك»، هكذا في ذلك الزمن الوجيز وللشخصيتين الكبيرتين، وكان «عبد الحي» قد أجاد الكتابة بيده اليسرى تماماً واستمر في عطائه لحين من الدهر!!
    يبتهج «عثمان» بصحبتهم «عبد الحي وعلي المك ومحمد المهدي المجذوب وجمال محمد أحمد وأستاذه القديم د. أحمد الطيب أحمد».
    ليلة الإثنين السادس من أغسطس كانت الذكرى الثامنة عشرة لمحمد عبد الحي بقاعة المحاضرات «في كلية ود مدني الأهلية». وهي التفاتة من عميدها العالم والأديب «بروفيسور عصام عبد الرحمن البوشي» الذي اهتم بمبادرة رابطة الكتاب السودانيين بالخرطوم.. ولكلية ود مدني الأهلية دورها المؤثر في المجتمع، وقد أقامت من قبل بالتضامن مع جريدة (الخرطوم) سمناراً عن قضايا ومشاكل ومقترحات ولاية الجزيرة القضايا والحلول «التعليم، الصحة والبيئة، الثقافة، مشروع الجزيرة، الرياضة، التعليم العالي».
    شرَّفت حضور الذكرى «د. عائشة موسى السعيد» وابنها وضّاح.. تعيش الأسرة الذكرى يستعيدون الأيام القديمة بتفاصيلها ثم تغشاهم الطمأنينة والفرح. يسقطون عنهم الأحزان وكأنه بينهم لم يفارقهم.. وما كان يملك إلا عفش البيت دون جدران والكتب والأولاد!!
    تقول كان يقرأ لها قصائده الجديدة يشجعها على قول رأيها.. لا يغشاهم أحد من منسوبي الثقافة اليوم ويدعي بعض الكاذبين تاريخاً مزيّفاً يربطهم به، وكذلك مواقف وآراء حول مؤلفاته ولم يحدث ذلك.. مطلقاً تتجاهلهم عائشة ويكظمون تلفيقاتهم..!!
    وأين كانت الخرطوم «عاصمة الثقافة العربية» من عبد الحي وآخرين، وقد هجم عليهم الغرباء من منسوبي الثقافة في لجان أضاعت الكتب ونشرت بعض ما لم يمكن نشره، فمن أين أتى هولاء وما شأنهم بالاحتفالية التي لا يملكون لها رصيداً واسهاماً وتخطيطاً وأفقاً واستنارة أو حتى قواسم مشتركة تجمع بينهم، وأجهض الحلم الكبير في الاحتفالية العظمى!
    وآخرون في آخر الزمان يتحسسون من «العربية» يقفون على الرصيف يبخسون ويتملصون ويلمزون وينكرون نكراناً متزايداً مع إنهم يكتبون بها ويتذوقون بها عذب النغمات العبقرية ويرونها منتشرة تتفرّق بين المجموعات حتى في الأقاصي فهي طيعة وجامعة وكامنة وذات عدوى، وما هي التهمة والجزيرة هنا ولتكن عربية أو أفريقية فما الذي يدعو ينشغل بكيفية الإختيار للمنتوج والمنطوق والمشكول في لونيته وسحنته المتميزة الخضراء؟
    ولماذا تجيئ شهادة البراءة من الآخرين بالإنتساب ونخنع ونخضع للنتيجة، فنهدم ذاتيتنا ووجودنا الذي نحسه ونعيشه بطريقتنا!! ونرجع للوراء فنتأمل بطاقة الدخول «للجامعة العربية» وما أثير حولها من لغط ساقط ومتهالك وجد له سنداً اليوم ينبشونه على تصوراتهم الدارجة والفقيرة التي لن تجعل لرجل الشارع البسيط اليوم من اهتمامات بتلك المقولات الهشة والتي لن تفيده في شيء فهي دعوات للإنصراف عن قضايا كبرى تمس كرامة وإنسانية الإنسان أيَّاً كان!
    «وعبد الحي» يشير لسنار التي تسفر في بلاد العرب زرقاء قوساً وحصاناً أسود الأعراف تتناهى بعيداً كالنجوم وكالمئذنة.
    ينشرح «بروفيسور عصام» في سرديته عن صداقته اللصيقة «بمحمد» وفي أيام المحنة كان رسولاً ومبعوثاً يحمل تمنيات الشفاء للروح الشفيفة من الأستاذ «محمود محمد طه» يمسحه بالنور المشعشع في المقامات بأسرارها الإقدسية.
    دواوين «محمد» الشعرية المطبوعة معروفة وبقيت الآثار والرسائل والكتابات والترجمات والبحوث التي لم تنشر وعلى المنصة أعلن بروفيسور «عصام» استجابته لمبادرة رابطة الكتاب السودانيين بكفالة مطبوعات وآثار أعماله المحفوظة عند زوجته. وهذا عمل كبير تقوم وتشرف عليه الكلية الأهلية، وكذلك فإن دار النيل الأزرق للطباعة ستسهم في ذلك وعلى لسان «الرشيد أحمد إبراهيم حمد» ورابطة الكتّاب السودانيين.
    عميد الكلية «عصام» كان متجلياً ومنجذباً في حضرة ذلك الاجتماع الذي ترفرف عليه روح الفقيد نشوانة طربة
    كالطفل في الفردوس يمرح
    رغم رائحة الحنوط
    ورغوة رمل المقبرة
    من الجامعة المفتوحة -يقول عبد الرحمن عامر- هذه ليلة مباركة عن أستاذ شامخ يشار نحوه، يأخذ من «إسماعيل صاحب الربابة» ويشرب من نبع فتوحات ابن عربي «محيي الدين» العصيّة والمغلقة على كثيرين لم يتمرسوا ويفتح لهم!
    ويهدي «محمد» غناءه المرسل العشوق.. ويذبح فؤاده المتيم ويقف ببابه في العذاب يجمجم:
    أسفرت فيَّ فإنني مرآة وجهك يا جميل
    وسَمَلت عيني كي
    أراك بعين قلبي يا خليل
    فأنا الضرير يقودني
    شوقي إليك ولا دليل
    وأراك دوني محض
    وهم مشرق فوق الزمان
    وأراك دون قصائدي
    لغةً تفتش عن لسان

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509615&bk=1
                  

04-15-2008, 03:58 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    العميد أمن «م» حسن بيومي في حوار حول دور جهاز الأمن في ترحيل الفلاشا:
    رئيس جهاز الأمن اجتمع بنا وقال «هذه أوامر الرئيس نميري»..!!
    العملية سرية لكنها نفذت بمهنية ضعيفة..!!
    * متى عرف جهاز الأمن السوداني أن عمليات لترحيل الفلاشا تجرى في محيط قرية عروسة بشرق السودان؟... ولماذا القي القبض على بعض المتهمين الذين شاركوا في عمليات الترحيل ثم أُفرج عنهم؟... من الذي أصدر الأوامر لجهاز أمن الدولة بترحيل الفلاشا عبر العمليات موسى وسبأ؟... وكيف أديرت العملية أمنياً؟ ... وما هي حقيقة الخلافات التي حدثت بخصوص العملية داخل الجهاز؟ ... هل أسهمت العملية فعلا في الاطاحة بنظام نميري؟ وهل صمت الجهاز على مخطط اميركي للاطاحة بنميري حتى يتولي رئيسه عمر محمد الطيب السلطة في السودان؟... هذه التساؤلات وغيرها فتحت قناة «الجزيرة» الفضائية أخيراً ملفها عبر العميد «م» حسن بيومي المسؤول بجهاز الامن ايام حكم الرئيس جعفر نميري، في حوار اثار بين الثنايا كثيرا من التساؤلات حول العملية كلها.. لذا آثرنا الجلوس اليه لنضع نقاط بعض التساؤلات الحائرة على الحروف.
    العميد أمن «م» حسن بيومي
    * بداية هل كان الرئيس يملك حق إصدار اوامر مباشرة لضباط الجهاز، ام ان الاوامر كانت تأتي عبر الجهاز التنفيذي؟
    * لرئيس الجمهورية الحق في تكليف الجهاز باية مهام يراها.
    * كان من المعتاد ان يتدخل ويكلف الجهاز بمهام؟
    * لا ... لم يكن يتدخل.
    * لكنه تدخل هذه المرة؟
    * لحساسية العملية بدأت بمنتجع قرية عروسة وغيرها .... والاسرائيليون كانوا موجودين في السودان.
    * اين وكيف؟
    * كانوا يحضرون بجوازات سفر صادرة عن اميركا وسويسرا وغيرها. ومن الصعب تحديد ما اذا كانوا اسرائيليين او سويسريين مثلا.
    * أثناء عمليات تهريب الفلاشا من قرية عروسة أين كنتم؟ .. ولماذا وجهاز الأمن حينها كان قابضاً لم يتنبه للعملية؟
    * في قرية عروسة جاءت شركة سويسرية واتصلت بالسياحة، وطلبت استئجار القرية ... كان عملا تجاريا ....لم نفكر في ابعد من ذلك ...لكن فيما بعد وضح ان المسألة غطاء لتهريب الفلاشا.
    * كيف عرفتم ان تهريبا للفلاشا يتم في عروسة؟
    * عندما بدأنا نلحظ أشياءً ما تحدث هناك خلال وجود الشركة، وهو وجود كان في حدود الثلاثة اشهر.
    * هناك مسؤولون بالدولة زاروا المنتجع؟
    * لا الذين زاروا المنتجع كانوا من المسؤولين الاجانب، وذهبوا الى هناك للسياحة.
    * ذهبتم للمنطقة لمعرفة ما يدور هناك؟
    * نعم.. ووجدنا آثارا واضحة لطائرة «سي. ون. ثيرتي» وهي طائرة عملاقة هبطت بمنطقة الشوك. ووجدنا بعض المتعلقات الخاصة بمن تم ترحيلهم كالاحذية وغيرها، اضافة الى اعقاب سجائر غير مستعمل بالمنطقة كالمارلبورو... ووجدنا انهم استعملوا طريقة المطارات المتحركة ذات الاضاءة الذاتية... وبدا واضحا ان عملية ترحيل للفلاشا تمت في هذا المكان.
    * بعض الذين كتبوا عن العملية، تحدثوا عن واقعة اشتباك بين جنود سودانيين والجهة التي تولت الترحيل.
    * لا لم يحدث ... لو حدث امر كهذا لعلمنا به.
    * هل عرفتم عدد الرحلات التي تمت من قرية عروسة ومحيطها؟
    * لا.
    * لماذا؟
    * من اين جاءوا ... لدينا حدود طويلة جدا مع اريتريا واثيوبيا ... جاءوا عبرها، ونحن لا نملك تغطية في المكان ... لا حرس حدود ولا رادارات ... جاءوا عبر البحر الاحمر حيث لا نملك دفاعا جويا او وجودا مكثفا للقوات المسلحة في المكان .... ودرسوا المنطقة بصورة جيدة ... وكانوا يعرفون تماما مكان الثغرة.
    * لم تجدوا المستثمرين السويسريين بعد اكتشاف الامر في قرية عروسة؟
    * لا ... هربوا عندما شعروا بتحركاتنا... ووجدنا فقط متعلقاتهم وسياراتهم.
    * والوثائق؟
    * لم يتركوا وثائق خلفهم ... ثم أن العملية كانت ترحيلا للفلاشا.
    * ألقيتم القبض على مجموعة منهم في الجنوب؟
    * نعم... ألقينا القبض على كيني واثيوبي برفقة اثنين من الاميركيين ... كانوا يريدون الاحتماء بالكنيسة، لكننا قطعنا الطريق امامهم والقينا القبض عليهم.
    * كان بامكانكم القبض عليهم حتى لو دخلوا الكنيسة؟
    * صعب جدا ... الامر كان سيصبح معقدا، فنحن لن نقتحم الكنيسة وسندخل في عملية تفاوضية ... الامر كان سيثير مشكلة.
    * هم اثاروا مشكلة بعدها، مع انكم القيتم القبض عليهم قبل ان يدخلوا الكنيسة؟
    * نعم هذا صحيح ...الكونغرس الاميركي بدأ يتصل بسفارتنا في واشنطن، طالبا الافراج عن الاميركيين والكيني والاثيوبي.
    * وأفرجتم عنهم؟
    * هناك اسباب جعلت امر اطلاق سراحهم ممكنة.
    * مثل؟
    * الرئيس نميري كان في طرطقه لزيارة اميركا، ووقتها بدأ السودان يعاني من مشكلة المجاعات والجفاف والتصحر وحركة النزوح الكثيفة من الأطراف... وكنا في حاجة ماسة لفك الحظر على المعونات.
    * لماذا تم حظرالمعونات الاميركية اصلا؟
    * بسبب حرب الجنوب ومقتل محمود محمد طه وانفاذ الشريعة الاسلامية .. وكانت الظروف معقدة.. مجاعات في الغرب والشرق وجفاف وتصحر.. والمنطقة الشرقية ملتهبة بالمعارضات الاثيوبية والاريترية.. ونحن بلا موارد ... لو كنت الرئيس ماذا تفعل ... وماذا يعني لو انك سلمت الاميركيين والكيني والاثيوبي لواشنطن؟
    * الخرطوم سلمتهم للسفارة؟
    * نعم وجاء السفير الاميركي في الخرطوم، وزار عمر محمد الطيب نائب رئيس الجمهورية واعتذر له. والامر ترتبت عليه نتائج في مصلحة السودان مثل فك المعونات.
    * فك المعونات كان مرتبطا بترحيل الفلاشا لا المعتقلين؟
    * الشد بدأ في المعتقلين الى ان جاء الرئيس بوش الاب للخرطوم.
    * حتى ذلك الوقت لم يصدر امر بتدخل جهاز الامن لترحيل الفلاشا؟
    * نعم.
    * من أصدر الأمر ببدء عمليات الترحيل؟
    * الرئيس نميري.
    * مباشرة لنائبه عمر محمد الطيب..؟!
    * نعم ... بمقتضى قانون جهاز الأمن.
    * تم ترحيلهم من المعسكرات الى مطار الخرطوم عبر آليات جهاز الامن؟
    * نعم ... الآليات سودانية، وجاءت طائرات بلجيكية نقلتهم الى الخارج... كانت طائرات استأجرها الاميركيون لتنفيذ العملية ... الامر كان مخططا له ان يكون عملية سرية .. لكن العملية نفذت بمهنية ضعيفة.
    * كيف؟
    * الامر واضح.. لو اننا اردناها عملية سرية لماذا نقلناهم لمطار الخرطوم؟ لماذا لم ننقلهم من الشرق مباشرة الى خارج البلاد؟
    * ألم يخضع الأمر للنقاش داخل الجهاز؟
    * دارت نقاشات حول الأمر ... وكانت هناك اعتراضات داخل الجهاز.
    * حول العملية نفسها أم حول طريقة التنفيذ؟
    * حول طريقة التنفيذ، لأن العملية بأمر من الرئيس وليس بوسع الجهاز أن يعترض عليها ....السؤال كان لماذا يتم نقلهم الى الخرطوم... كنا نعتقد أن طريقة التنفيذ خاطئة.
    * كانت هناك تخوفات من افتضاح الامر، الشيء الذي قد يثير العالم العربي على نظام مايو؟
    * السرية كانت لان السودان اعتاد ان «يبالغ في أي شيء» .. اليمن الجنوبي جسر جوي «عديل» للمخابرات البريطانية والعراق والمغرب مع المخابرات الفرنسية ... كان هناك ترحيل لليهود.
    * الحكومة السودانية كانت محرجة جدا؟
    * الحرج جاء من كوننا من أكثر الدول العربية التصاقا بالقضية الفلسطينية.
    * ومع ذلك رحلنا الفلاشا لاسرائيل؟
    * لو تم ترحيلهم علنا بحكم القانون الدولي، لا يحق للسودان أن يعيدهم أو يحدد وجهتهم... من حقهم ان يغادروا.
    * ألم تشعر بالذنب على الصعيد الشخصي؟
    * اطلاقا لم أشعر بالذنب ... انا اطبق القانون ولدي مقتضيات وطنية... هؤلاء الناس موجودون في مناطق ملتهبة ...انظر للبعد الاستراتيجي.
    * ما هو البعد الاستراتيجي هنا؟
    * هؤلاء الفلاشا لو ذهبوا لاسرائيل «ما منهم فايدة» إلا بعد حوالي «24* 25» سنة.
    * حسب نظريتك حالياً «منهم فايدة»؟
    * نعم ... ومعروف ان كتيبة من الفلاشا شاركت في القتال ضد الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية.
    * من خلال كتاباتكم وامتناع عمر محمد الطيب عن الكلام.. هناك مؤشرات واضحة لإحساسكم بالذنب؟
    * لا لا ... لم اشعر بالذنب ... نحن لدينا اسبابنا كما ذكرت، وهي التزامنا بالقانون الدولي والمواثيق الدولية ومقتضيات الامن السوداني ... هؤلاء الناس دفعوا للسودان حتى يدخلوا تحت مظلة القانون الدولي .... وليست هناك حلول متوافرة امامي ... اناس عجزة ومصابون بالامراض.. في منطقة ملتهبة ومليئة بالصراعات.. وفي ظل وجود مجاعات بالسودان.. وأنا ليست لدي الرغبة في الاحتفاظ بهم.. والقانون الدولي نفسه لا يمنحني حق ابقائهم.
    * حتى لو ذهبوا لاسرائيل؟
    * يذهبوا الى اي مكان «ده ما شغلي».
    * ماذا عن البعد الاستراتيجي؟
    * لم يكن غائبا.
    * بمعنى؟
    * تأثير الفلاشا في تلك الفترة لم يكن ضمن الحسابات الاستراتيجية، لكنهم بعد عقد او اثنين سيشكلون استراتيجياً مشكلة ليس للفلسطينيين فحسب، بل لكل القارة الافريقية.
    * لن نجادل اذن في ان الحكومة السودانية لم تفكر آنذاك في البعد الاستراتيجي للعملية؟
    * نعم ... لم يكن ضمن الاعتبارات بالصورة الجدية.. كنا نعلم انهم بحاجة الى وقت طويل حتى يتمكن الاسرائيليون من الاستفادة منهم.
    * هذا الوقت حان الآن وبدأنا نشاهدهم في الوحدات العسكرية الاسرائيلية؟
    * صحيح.. يتم استخدامهم الآن في القوات العسكرية والموساد.. والخطورة الحقيقية في استخدامهم ضمن عناصر الموساد.
    * كيف؟
    * السحنات أفريقية وسط كم هائل من الافارقة، كيف يتسنى لك معرفة ما اذا كانوا مجرد وافدين افارقة أم اسرائيليين من الموساد.. ونحن بلد مفتوح من الصعب معرفة عدد الموساد الفلاشا الموجودين الآن بيننا.
    * هل تعتقد ان الفلاشا يتم استخدامهم كعناصر مخابرات في افريقيا؟
    * ليس في افريقيا فقط، بل حتى في الخليج. واصلا الحكاية بدأت قبل عام 1967م بعد مؤتمر اللاءات الثلاث، واغلقت افريقيا امامهم، ففكروا في الفلاشا لانهم بحاجة الى عنصر افريقي يعمل استخباراتيا في افريقيا.
    * من الذي سرب للاعلام الغربي معلومات عن العملية الاولى لنقل الفلاشا من السودان؟
    * هم من سرب المعلومات.
    * نشر الموضوع في الخارج أحدث هزة داخل الحكومة السودانية؟
    * بالتأكيد لأن الاتفاق كان ان يذهب هؤلاء المرحلون الى بلجيكا.
    * الاتفاق مع من؟
    * مع الاميركيين ... ثم ان العمليات التي كان من المفترض ان تكون سرية لم تكن كذلك .. كان يفترض ان يذهب وفد من السودان الى بلجيكا ويصورهم ويحتفظ بصورهم في اماكن اقامتهم ببلجيكا. وكان من المفترض أن نصعد مع الفلاشا الى الطائرات حتى نطمئن على انها ذاهبة بالفعل الى بلجيكا وليس الى اسرائيل.. لكن للأسف كل هذا لم يحدث.
    * لم تعترضوا؟
    * قلنا رأينا واجتمع بنا رئيس جهاز الامن وقال «دي اوامر الرئيس».
    * افتضاح الامر في وسائل الاعلام الغربية ادي لتوقف العملية؟
    * نعم.. الى ان جاء الرئيس الاميركي جورج بوش للخرطوم، وتحدث بشأن استئناف عمليات ترحيل الفلاشا. والرئيس نميري قال له بوضوح إن النقل يجب أن يتم من شرق السودان، وان يذهبوا الى اميركا .. وهذا ما حدث.
    * ذهبوا الى امريكا؟
    * نعم جاءت قوات اميركية ونزلت في المنطقة ورحلتهم.
    * وانتشر أمر العملية في الإعلام الغربي مرة اخرى؟
    * لان المخطط كان يتجه لاسقاط جعفر نميري وابعاده عن السلطة.
    * لماذا؟
    * كانوا يرون انه استنفد اغراضه.
    * الأمر كان واضحا لديكم في جهاز الامن؟
    * كان واضحا من خلال التحليل في البداية، لكن في النهاية الامر كان واضحا بالمعلومة.
    * جهاز الأمن غض الطرف عن التعاطي مع الموضوع بجدية، لأنه كان يرى أن رئيسه عمر محمد الطيب سيتولى الحكم بعد نميري؟
    * هذا هو الوضع الطبيعي.
    * يقال إنه تردد في استلام السلطة؟
    * لماذا تردد وما يقال عن الامر وما اذا كان متعلقا بالقسم، هذه امور الشخص الوحيد القادر على الاجابة عليها هو عمر محمد الطيب.
    * موقف النظام تأزم تماما مع الدول العربية آنذاك؟
    * ارجو ان تقرأ الاوضاع بصورة صحيحة، فجعفر نميري رفض تسليم الفلسطينيين الذين اقتحموا السفارة السعودية في الخرطوم وقتلوا نائب السفير السعودي والسفير البلجيكي للامريكان، وسلمهم لحركة «فتح»، وجعفر نميري عندما حدثت المجازر في الاردن بين القوات الاردنية والفلسطينية وكان ياسر عرفات محاصرا في المخيمات ومؤتمر القمة منعقدا في القاهرة.. الرئيس الوحيد الذي ذهب وركب الدبابة واخرج عرفات من هناك برفقة الملك حسين كان نميري، اضافة الى ان السودان وقت معاناته من المجاعات، استضاف الفلسطينيين على اراضيه.
    * الا تعتقد أن حجم التناقض هنا بين دعم القضية الفلسطينية وترحيل الفلاشا كبير؟
    * لا ارى تناقضا في الموضوع.. نحن حتى الآن لم نطبع علاقاتنا مع اسرائيل، مع انها سعت ومازالت تسعى لاقامة علاقات مع السودان باعتباره دولة محورية، ومازال السودان رافضا لاقامة علاقات معها، رغم ان كثيرا من الدول العربية لديها علاقات الآن مع اسرائيل في السر والعلن.
    * ما رأيك هل من الأفضل ان نستمر في المقاطعة ام نطبع مع اسرائيل؟
    * أنا مع فتح القنوات غير الرسمية ...لاعرف على الاقل ماذا يريدون تحديدا.. ثم دعني اقول ان اسرائيل موجودة، فكثير من قيادات المعارضة الذين انضموا للحكومة تلقوا تدريباتهم في اسرائيل ... حتى قادة الجيوش الافريقية الموجودة في دارفور اغلبهم تلقوا تدريبات في اسرائيل.
    * معلومة أم تحليل؟
    * معلومة .... هناك قواعد عسكرية في اثيوبيا وافريقيا الوسطي وتشاد و.....
    * «قاطعته» ... هذه قواعد اميركية؟
    * اقرأ الامر دائما على خلفية التحالف الاستراتيجي بين اميركا واسرائيل .. ثم عندما اتصلوا بنا لترحيل الفلاشا ... من الذي اتصل بنا ... الاسرائيليون ام الاميركان .... اسرائيل موجودة حتى في مكاتب دولتنا ... وموجودة علنا في اسمرا ... حيث يوجد قادة الحركات المسلحة وقادة المعارضة ... وأخيراً ظهرت مسألة فتح الطريق امام بعض السودانيين الى اسرائيل من مصر.
    * هؤلاء أفراد يتم تهريبهم عبر بدو سيناء؟
    * لا ...لا ... انظر الى البعد الاستراتيجي للامر ... هم بحاجة لميزات السودان وميزات موقعه... دخول بعض السودانيين الى اسرائيل لن يؤثر الآن لكن الـ «5» آلاف سيصبحون «20» الفاً بعد عدة سنوات، وساعتها ستتغير الامور.
    * بعد انتهاء عمليات نقل الفلاشا الثانية بدا واضحا ان نميري ذاهب الى افق مجهول؟
    * الامر كان واضحا.. لكن لو قلت لي ان سوار الذهب سيأتي بعد نميري لن اصدقك، لان المنطق حينها كان يقول ان خليفته اما عمر محمد الطيب او عبد الماجد حامد خليل.
    * الفلاشا كانت من بين الاسباب التي عجلت برحيل النميري وخلقت رأيا عاما ضد نظامه؟
    * كما ذكرت لك، هناك عوامل اخرى مثل تقسيم الجنوب، رغم انه جاء بطلب من الجنوبيين انفسهم، اضافة لجزئيات متعلقة بأخطاء صاحبت تنفيذ قوانين سبتمبر ومقتل محمود محمد طه.
    * كيف .. وجهاز الامن كان وراء مقتله؟
    * رأي جهاز الامن في مقتل محمود محمد طه كان واضحا.
    * بمعنى؟
    * الجهاز وانا كنت المسؤول عن التقارير التي ترفع للرئيس، كان رأيه واضحا، هذا الرجل يجب الا يصل للمشنقة اطلاقا. وكان هناك رأي أن يناقشه مجموعة من العلماء حتى يعدل عن رأيه.
    * واذا لم يقتنع ويعدل عن رأيه؟
    * يبعد الى منطقة كتم.
    * المحكمة كانت منحازة ضده؟
    * لن اتحدث عن القضاء... لكن انا سلمت التقرير بيدي لعمر محمد الطيب في القصر يوم الاربعاء، بحكم إننا اعتدنا تسليم التقارير للرئيس يوم الاربعاء من كل اسبوع ... وأذكر أن عمر محمد الطيب كتب بخط يده على هامش الورقة، تحذف الفقرة التي تطالب بعدم اعدامه، لان الرئيس اصلا قرر ألا يعدم محمود محمد طه.
    * لكنه أُعدم؟
    * عدلنا التقرير وسلمنا النسخة المعدلة يوم الخميس. وفي ظهر اليوم نفسه اتصل بي عمر محمد الطيب وقال إن الرئيس غير رأيه.
    * قلت اكثر من مرة ان الاميركان هم من اطاح بنظام نميري، كأنك تتعمد عدم النظر الى الوضع الداخلي وحالة الهياج والمظاهرات في الشوارع يومها؟
    * الشارع «طلع كم مرة خلال فترة حكم نميري» ورجع.
    * الجيش كان سيتسلم السلطة لو كان جعفر نميري موجودا في الخرطوم؟
    * لا اعتقد.
    * لم تطلبوا منه العودة الى الخرطوم سريعا؟
    * طلبنا منه العودة لكن الاميركان تعمدوا ابقاءه بعيدا عن الخرطوم.
    * أين كنتم بصفتكم جهازا لامن الدولة والنظام يسقط؟
    * عايزنا نعمل شنو؟
    * هل كان الجهاز يضم فعلا آنذاك فنانين ومذيعين وجيوشا جرارة من المخبرين ضمن عضويته؟
    * نعمل بيهم شنو؟
    * للحصول على المعلومات؟
    * معلومات عن الفنانين... أي نوع من المعلومات هذا الذي قد احصل عليه من فنانين ومذيعين وغيرهم؟
    * لماذا لم تحضروا في المحكمة لتؤكدوا أن امر ترحيل الفلاشا كان من النميري وليس عمر محمد الطيب؟
    * المحكمة كانت مسرحية سياسية.
    * لم يتم استدعاؤك للمحكمة؟
    * ابدا.. لكن كنت سأسألهم وهم ناس قانون، هذا هو القانون الدولي وها هم الفلاشا.. كيف ستتصرفون بصورة قانونية .... هؤلاء حكموا على عمر محمد الطيب بـ «90» سنة، فقط لأنه الموجود على رأس نظام مايو ... في مثل هذ النوع من المحاكم انت مدان، سواء دافعت عن نفسك او لم تدافع.
    * بعض افراد جهاز الامن ممن نفذوا العملية تلقوا اموالا من اسرائيل؟
    * غير صحيح... اذهب الى منزل اي واحد منهم .... بعد «25» سنة مفروض تكون الثروة ظاهرة عليهم .... «يا اخي ديل ماشين بي كرعيهم» ... اين ذهبت الاموال؟
    * اين ذهبت؟
    * اصلا لا توجد قبضيات واموال كما تصور البعض.
    * اميركا ألم تدفع؟
    * دفعت اثنين مليون دولار لتشييد مبني جهاز الامن.. هذه الاموال وجدت في حساب ببريطانيا.. وعمر محمد الطيب اعترف بها ... وهي اموال معروفة لتشييد مبنى الجهاز، وهو امر معروف وخرائطه كانت جاهزة آنذاك.
    * والقصور التي وجدت في بريطانيا؟
    * كانت مسجلة باسم حكومة السودان وليس جعفر نميري ... وللأسف تم بيعها باثمان زهيدة، فقط لان جعفر نميري هو من اشتراها.
    * هل تعتقد انه من الموضوعي شراء قصور في لندن باسم شعب يعاني المجاعات؟
    * ليست قصورا.. هذه منازل للوفود التي تذهب الى هناك ... انظر الى وضع سفاراتنا في الخارج اغلبها «ايجار» وباسعار غالية، لو انك اشتريتها ستوفر على الخزانة العامة اموالا طائلة.
    * أين كنتم باعتباركم ضباطا في جهاز امن الدولة يوم الانتفاضة؟
    * كنا في مباني الجهاز كلنا.. وكنا نؤدي عملنا بصورة اعتيادية... حتى عندما اعتقلنا لم نكن في منازلنا بل اعتقلنا من داخل مباني الجهاز .... حتى الضباط الذين كانوا في الخارج بصفتهم قناصل عندما طالبناهم بالعودة عادوا الى السودان فيما عدا ضابط واحد فقط.. نحن شأننا شأن القوات المسلحة والشرطة «ناس شغالين للبلد».
    * عندما تم التحقيق معك.. ما هي الاسئلة التي وجهت إليك؟
    * أنا شخصياً حقق معي الرئيس الحالي.
    * تقصد الرئيس البشير؟
    * نعم ومعه بلية وشخص من المباحث.. سألوني عن سيرتي الذاتية ودوري في جهاز الامن .... وقلت دوري أن اكتب تقارير للرئيس.... وسألوني عن اشياء اخرى في الجهاز، وقلت انني لا أعلم شيئا سوى العمل الذي كنت اؤديه.
    * طلعت على البيت ام المعتقل؟
    * ذهبت الى منزلي في اليوم الثاني.
    * كلهم مثلوا امام نفس اللجنة.
    * نعم.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509791&bk=1
    ____
                  

04-15-2008, 03:59 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    نحو خطاب اسلامى ديمقراطى
    د. الطيب زين العابدين
    عنوان هذه المقالة كان موضوع الندوة التى أقامها مركز القدس للدراسات السياسية فى اليومين الأول والثانى من شهر سبتمبر الجارى بالعاصمة الأردنية، دعى لها مشاركون من عشرين بلد غطت معظم دول العالم العربى بالاضافة الى تركيا وايران وأندونيسيا وماليزيا وكينيا والمملكة المتحدة. حرص الأستاذ عريب الرنتاوى، مدير مركز القدس والصحفى المرموق فى جريدة "الدستور"، على دعوة مشاركين ناشطين فى الحركات الاسلامية والعمل السياسى الاسلامى من أمثال الدكتور أبو العلا ماضى الذى انشق عن الاخوان المسلمين ليؤسس حزب الوسط فى مصر، والأستاذ سامح فوزى الناشط فى شئون الكنيسة القبطية بمصر، والأستاذ هانى الفحص الكاتب اللبنانى والشيعى الليبرالى صاحب العلاقات السياسية الواسعة فى لبنان والعراق وايران، والدكتور أحمد الراوى مدير الوقف الأوربى والمقيم فى بريطانيا «عراقى الأصل» والحركى فى العمل الاسلامى، والدكتور المرتضى المحطورى الأستاذ بجامعة صنعاء وعضو جمعية علماء اليمن ورئيس مركز بدر الثقافى الذى تتهمه أجهزة صنعاء بأنه فقيه حركة الحوثى الزيدية فى صعدة دون أن تجد دليلا تقيمه عليه الا أنها اعتقلت العديد من تلاميذه فى مركز بدر، والدكتور محمد شريعتى الذى كان مديرا لمكتب الرئيس خاتمى والكاتب فى الشئون الفكرية والسياسية، والدكتور محمد خالد مسعود أستاذ الدراسات الاسلامية سابقا بالجامعة الاسلامية فى اسلام آباد ورئيس مجلس الأيدولوجية الاسلامية فى حكومة برويز مشرف، والدكتور زكى الميلاد رئيس تحرير مجلة الكلمة ذات التوجه الشيعى والتى تصدر من خارج موطنه فى السعودية، والاستاذ عيسى الشارقى الشيعى الناشط فى جمعية التجديد الثقافية بالبحرين والتى أدهشتنى بانتاجها الثقافى الوفير «أهدونى أكثر من عشرة كتب مطبوعة على ورق صقيل» الذى يفيض بالمعانى الباطنية ولا تستطيع أن تفهم منه توجهات الجمعية، هل هى إمامية أم اسماعيلية أم علوية أم نبت شيعى جديد؟ والدكتورة عائشة الحجامى أستاذة القانون الدستورى فى جامعة مراكش والمعنية بدراسات حقوق المرأة فى الاسلام والتى توازن بمستوى رفيع بين تعاليم الاسلام وقيم المعاصرة، والدكتور عروس الزبيرى أستاذ العلوم الاسلامية فى جامعة الجزائر والذى أتعبنى هو وصاحبه بالسؤال عن المرحوم محمود محمد طه وأحسب أنى كنت منصفا للرجل فى اجابتى رغم اختلافى مع معظم أطروحاته، والدكتور عصام سليمان أستاذ القانون فى الجامعة اللبنانية النشط فى المركز العربى لتطوير حكم القانون، ولو لم يقل لك أحد أنه مارونى الديانة لما عرفته نسبة لاسمه المشترك ولحديثه المعتدل غير الطائفى.
    ومن الملفت أن جبهة العمل الاسلامى فى الأردن تغيبت عن الحضور رغم دعوة ثلاثة من أعضائها البارزين، ويبدو أنها مقاطعة مقصودة ربما لعدم ثقتهم فى مركز القدس الذى يديره شخص ليبرالى التوجه يريد أن يحشر نفسه فى الحوار الاسلامى السياسى أو فى منظمة كونراد أديناور الألمانية التى مولت المؤتمر أو ظنا منهم أنهم أولى بمثل هذا النشاط الذى يبحث فى مزاوجة الاسلام مع قيم العصر «والأخيرة هذه داء قديم آن للاسلاميين أن يتعافوا منه»، وقد قاطعوا المؤتمر الأول تحت ذات العنوان الذى عقد العام الماضى.
    أحسن مركز القدس بجمع هؤلاء النشطاء السياسيين من السنة «وهابية وديوبندية واخوان مسلمين» والشيعة «امامية وزيدية» والمسيحيين «أقباط وموارنة» فى ملتقى واحد ليناقش مشكلة تهمهم جميعا وهى أسس الخطاب الاسلامى السياسى فى مجتمع تعددى معاصر، وذلك لأنهم مواطنون فى هذه المجتمعات المسلمة المتعددة والتى بدأت تعلو فيها أصوات ونشاطات الحركات الاسلامية السياسية بما فى ذلك المحظورة قانونا «فى مصر والسعودية والمغرب والجزائر والكويت وتركيا». جرت العادة أن يلتقى الاسلاميون وحدهم من تيارات مختلفة لمناقشة مثل هذه القضايا، ولكن أن يلتقوا فى ذلك مع الشيعة والمسيحيين أمر جديد يستحق الإشادة والتقدير. وكانت النتيجة أن جرى حوار حقيقى حول المسائل المعروضة واستغرق معظم الوقت مقارنة بما يدور فى المؤتمرات المماثلة، وتكونت لجنة صياغة البيان الختامى من ممثلين لمصر والأردن والسودان والمغرب والسعودية واليمن، ولقيت التوصيات نقاشا مستفيضا من جلسة المؤتمر العامة، وأجيزت بما يشبه الإجماع. لعل السبب فى ذلك أن اختيار المشاركين انحصر فى العناصر المعتدلة من كافة الاتجاهات، ومن الذين يعرفون مشكلات العالم المعاصر ومن ذوى القناعة بالنظام الديمقراطى التعددى. ورغم أن حصر الدعوة فى المعتدلين وحدهم له سلبيته، الا أن خطوة البداية لقضية شائكة مثل «الاسلام السياسى» تحتاج الى اتفاق المعتدلين أولا لتكوين رأى عام وسطى التوجه قبل الانطلاق الى فئات أخرى لا تؤمن بالديمقراطية أو لا تؤمن بحق الاسلام السياسى أن يعبر عن نفسه أو بحق الشيعة أو المسيحيين فى الاعتراض على هذا أو ذاك من أطروحات الاسلام السياسى. وقد كثرت مثل هذه المؤتمرات التى تناقش قضايا الاسلام السياسى فى السنوات الأخيرة فى بلاد مثل مصر ولبنان والأردن وقطر والمغرب، وتجد تمويلا ميسورا من المؤسسات الغربية فى أمريكا وأوربا وكندا. ولا يمنعنى التمويل الغربى الذى له أجندته من وراء هذه المنتديات أن اشترك فيها طالما كفلت لى حرية التعبير عن رأى وحرية الاعتراض على ما لا أقبل، وأشهد أن الغربيين أكثر سماحة فى هذا الأمر من الاسلاميين الذين عشت بين ظهرانيهم دهراً طويلا. ثم ما هو البديل؟ الحكومات الاسلامية لا تمول مثل هذه الأنشطة الفكرية السياسية، ورجال الأعمال فى العالم الاسلامى لا يرقى بهم الخيال الى دعم النشاط الفكرى المجهول العائد، والجماعات الاسلامية لا تحاور الا نفسها! لاحظت أن مسز مريا التى مثلت منظمة أديناور فى المؤتمر لم تنطق بجملة واحدة عن موضوع النقاش، وحصرت مشاركتها فى معالجة مشكلات التذاكر والحجز وترتيبات الفندق والمواصلات.
    كانت الأوراق الرئيسة التى عرضت على المؤتمر هى: النظام السياسى فى ظل الخلافة والإمامة، المبادئ العامة لمسودة دستور اسلامى، حقوق المواطنين وواجباتهم، المواطنة فى دستور اسلامى، الدستور الاسلامى وقضايا المرأة.
    نادى البيان الختامى بضرورة الحوار بين الحركات والمثقفين الاسلاميين وبين التيارات السياسية والفكرية الأخرى، وبالحفاظ على زخم عملية الاصلاح السياسي والتحول الديمقراطى رغم ما تعرضت له من انتكاسات، وبالحاجة الملحة لإدماج تيار الاسلام السياسى عمليات التحول الجارية فقد برهنت التجربة على امكانية تراجع الحالة الديمقراطية بعدم استيعاب الحركات الاسلامية فيها. وخلصت الرؤية المشتركة للمؤتمرين الى أن الاسلام لم يقرر شكلا معينا للدولة وترك الأمر مفتوحا للاجتهاد على قاعدة العدل والحرية والمساواة بما يجلب المصالح ويدرأ المفاسد، وأن الأمة هى مصدر السلطات، وأن الاسلام لا يعرف الدولة الدينية الثيوقراطية لا شرعا ولا تاريخا، وأن الدولة الحديثة قطرية الاقليم فدولة الخلافة الأممية كانت خيارا تاريخيا لم يعد قائما، وأن الشورى ملزمة للحكام من خلال مؤسساتها المنتخبة، وأن التعددية السياسية والثقافية والاجتماعية حق مصان لكل مكونات المجتمع، وأن الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية واجب النفاذ، وأن تداول السلطة مبدأ أساس يجرى بالانتخاب حسب ما يقرره الشعب. وأن على الدولة كفالة حقوق وحريات المواطنين، وأن المواطنة مصدر الحقوق والواجبات، وأن الاسلام يكفل المساواة بين المرأة والرجل ويؤكد حقها فى تولى المناصب العامة بما فيها رئاسة الدولة، وأن مشاركة غير المسلمين فى ادارة الدولة حق شرعى بحكم المواطنة المتساوية، وأن حرية الإعتقاد حق مصون بالدستور، وكذلك حرية الصحافة والتعبير والتنظيم، ولكل مواطن حق العمل والتعليم والصحة والسكن.
    لا شك أن البيان يمثل خطوة متقدمة لما تقول به كتب الفقه التراثية ولما تنادى به بعض التيارات السلفية الاسلامية، وبما أن هذه الأسس هى التى تقوم عليها الدولة الحديثة، وتتضمنها الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها معظم الحكومات المسلمة، وينادى بها المواطنون المستنيرون فى الدول الاسلامية بما فيها غير المسلمين وتنظيمات الشباب والنساء، وأنها تمثل حركة التاريخ التى تسير فى اتجاهها المجتمعات البشرية، فانها بذلك تستحق النقاش الجاد والهادئ بين كل قوى المجتمع السياسية والدينية والفكرية حتى نصل الى كلمة سواء فى أسس الحكم وشكله وتداوله نتراضى عليها. أما المزايدة الغوغائية وتهم التكفير أو العلمانية أو العمالة أو ضعف الدين فلن تؤدى بنا الا الى المشاكسة والنزاع والتفرق الذى يجعلنا لقمة سائغة للأعداء. فهل هذا ما يريدون؟.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147510259&bk=1
    _________________
                  

04-15-2008, 04:00 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    دراسة حالة د. قرنق (
    د.عبد الرحيم بلال
    بدأنا سلسلة هذه المقالات بالسؤال عن أسباب جاذبية وشعبية القادة السياسيين وخلصنا إلى أن هناك سببين رئيسيين لذلك، هما الصفات الشخصية من كاريزما وقوة إشعاع وصفات قيادية متميزة بجانب الخطاب السياسي الذي لا بد أن يخاطب عامة الشعب وقضاياه واحتياجاته والنخب كذلك بمبادئه العامة الجاذبة والنسق الفكري المتسق والذي اسميناه الإطار المفاهيمي الكلي وأهم مكوناته المقولات المفصلية والأساسية فيه، والتي هي بمثابة حزم مضامينية مكثّفة تحدد الأهداف والوسائل لتحقيق ما يسعى إليه السياسيون. وبما أننا مقبلون على انتخابات يحتاج المواطنون -وخاصة الشباب منهم- لأدوات لتحليل برامج الأحزاب والسياسيين وخطاباتهم للمشاركة الفاعلة فيها، وبمناسبة الذكرى الثانية لرحيل دكتور جون قرنق حاولنا تطبيق إطارنا التحليلي هذا على خطاباته وأسباب جاذبيته وشعبيته التي سلّط عليها الضوء الكثير من المقالات والأعمدة في الصحافة السودانية.
    اعتمدنا في مقالاتنا على خطابات لدكتور قرنق في كتاب: جون قرنق- رؤيته للسودان الجديد وإعادة بناء الدولة السودانية، تحرير وتقديم د. الواثق كمير، 2005م.
    في المقالات السابقة تناولنا المعلم الأساسي الرابع في الإطار المفاهيمي الكلي لدكتور قرنق وهو قدرته على التنقّل والتحرّك على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية حين يتناول قضايا السلام والثقافة والتهميش والإقصاء في كلياتها ليستخلص الدروس والعبر في التطبيق وفي تحقيق هدف السودان الجديد، كما تناولنا المعلم الأساسي الخامس للإطار المفاهيمي الكلي للدكتور قرنق وهو التنقل والتحرك بين الحقب التاريخية المختلفة ليكشف عن تاريخ علاقة سودان اليوم بالسودان القديم في تنوعه الثقافي والعرقي والديني.
    في هذه المقالة نتناول المعلم الأساسي السادس للإطار المفاهيمي الكلي للدكتور قرنق وهو المنظور الكلي للساحة السياسية السودانية وكل اللاعبين فيها، إن دكتور قرنق وفي مفهومه للتهميش لا يأخذ بمنهج التحليل الطبقي، على الأقل في الخطابات الثلاثة التي هي موضوع هذه المقالات، ليحلل الفاعل والمفعول به في عملية التهميش بل يركز على الدولة المركزية الإقصائية في علاقتها بالمهمشين في كل أنحاء البلاد وحتى في داخل المركز نفسه. فهو لا يحلل الجوهر الاقتصادي الاجتماعي للدولة المركزية ومكوناتها السياسية والاجتماعية بالرغم من حديثه عن قوى السودان الجديد. إنه يفعل ذلك ربما ليتفادى الاستقطاب والاستعداء السياسي أو بهدف التبسيط الذي يفهمه عامة الناس المهمشين فهو لا يتحدّث عن الرأسمالية الطفيلية أو الرأسمالية الوطنية أو عن الدولة الريعية ولا عن دولة الجلاّبة بالمعنى الاقتصادي الاجتماعي ناهيك عن المعنى الإثني الذي ينأى بنفسه عنه تماماً بالرغم من أنه يتحدّث عن الصراع بين القوى التقليدية والقوى الحديثة منذ الاستقلال في عام 1956م وهذا النهج يختلف عن نهج بعض المحللين الذين يحددون مكونات الدولة المركزية من القوى التقليدية من زعماء دينيين وزعماء قبائل وتجار وتنكوقراط عسكريين ومدنيين، كما يفعل د. عطا البطحاني ونيبلوك مثلاً، إذ يرى هؤلاء أن جوهر الدولة المركزية هذا لم يتغيّر منذ الاستقلال، إن د. قرنق يركّز على طبيعة الدولة المركزية الاقصائية في علاقتها بالمهمشين بدلاً من التركيز على تكويناتها الاقتصادية والسياسية بل يعترض د. قرنق على بعض دوائر في القوى الحديثة في دعوتهم لعزل الأحزاب التقليدية «حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي» في التجمع الديمقراطي، مشيراً في موضوعية إلى القاعدة الاجتماعية السياسية لهذه الأحزاب «ص155- 156» ويجعل من التحرّك نحو السودان الجديد المقياس والمعيار للحكم على القوى السياسية المختلفة.
    ويحلل د. قرنق التحالف بين القوى الحديثة وسكان الريف الذين دعا وعمل على تسييسهم ويقول عن سكان المدن الذين يشملون القوى الحديثة «إذا هرشت جلدهم بأظافرك فإنك ستلمس (ريفيتهم) إنها قرب السطح». (ص154) أليس في ذلك دعوة للوفاء لسكان الريف الذين تمتد لهم جذور سكان المدن والقوى الحديثة والتي تتناسى قطاعات كبيرة منها اليوم هذه الحقيقة الدامغة فيراكمون الثروة في تعالٍ وإقصاء وتهميش لأهلهم في الريف؟
    في هذا السياق نتساءل كيف يحذّر بعض قيادات الحركة الشعبية اليوم من التحالف مع هذه الأحزاب في اختلاف واضح مع رأي د. قرنق هذا؟ وفي ذلك نشير إلى عمود للأستاذ حيدر المكاشفي في صحيفة (الصحافة) بتاريخ الأربعاء 25/7/2007م بعنوان: (غازي الذي عرفته والذي لم أعرفه) والذي يكتب فيه: «طفق يكيل الاتهامات والسباب للأحزاب وزعاماتها حتى بلغ به الهياج ضد الأحزاب كافة فيما عدا المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إذ طالبها بأن ترمي برامجها في سلة المهملات وتصطف خلف الشريكين...»، ويواصل الأستاذ حيدر المكاشفي: «ولم يقف تصريحه الناري عند هذا الحد بل امتد لهيبه ليحذّر زملاءه في الحركة الشعبية من مغبة أي تحالف مع مَنْ يسمون أنفسهم بالمعارضة.»
    نختم هذه السلسلة من المقالات بذكر تعليق ساخر -لا داعي لذكره- من أحد أعضاء الحركة الشعبية على مقالتي بعنوان: «محمد طه: يا دوب ما تفتحو خشمكم!!!» في صحيفة (الصحافة) بتاريخ 11/9/2006م. كما حذّرني أخوة آخرون عند قراءته من مخاطر على من جهة قتلة محمد طه. في حين أن اخوة من الحركة الإسلامية أثنوا على المقالة سابقة الذكر. هأنذا اليوم أحصد تعليقاً غاضباً من أحد الاخوان الذين ربطتني بهم علاقة الاخوّة في حركة الاخوان المسلمين في الخمسينيات فقد اشتاط غضباً حين قرأ الإعلان عن التجمع الذي دعت له الحركة الشعبية بمناسبة الذكرى الثانية لرحيل الدكتور قرنق، وقد ورد اسمي فيه كأحد المتحدّثين. لقد غضب هذا الاخ عليَّ وكأنني خرجت من الملة! وأظن أنه سيصب عليَّ جام غضبه حين يقرأ هذه السلسلة من المقالات وسيشاركه في هذا الغضب بلا شك أخوة آخرون، وقد يحكمون عليَّ بالخروج عن جادة الطريق في حين أن أحد الاخوة من الحركة الشعبية أثنى على هذه المقالات! ولكن أليس من واجبنا أن نؤرّخ للفكر السوداني السياسي الحديث؟ لا شك أنه سيأتي ذلك اليوم، وربما قريبا، والذي سيدرس فيه أساتذة الجامعات في مناهج خاصة بتاريخ الفكر السياسي السوداني آراء د. قرنق، ود. الترابي، والسيد الصادق المهدي، والاستاذ محمود محمد طه، والأستاذ محجوب محمد صالح، والأستاذ أبيل ألير، ود. فرانسيس دينق، ود. حيد إبراهيم، والأستاذ كمال الجزولي، والأستاذ الحاج وراق، ودكتور عبد الوهاب الأفندي، ودكتور التجاني عبد القادر، والدكتور غازي صلاح الدين، ودكتورالطيب زين العابدين، والأستاذ عبد العزيز حسين الصاوي، ودكتور محمد جلال هاشم، ومحمد علي جادين وغيرهم من الكتّاب والصحافيين، ممن وثقوا آراءهم وأفكارهم وتجاربهم وخرجوا بها من ثقافة الشفاهية إلى الكلمة المكتوبة في مقالات ومؤلفات وخطابات وحوارات فدفعوا بها إلى ساحات الفكر السياسي والمكتبة السودانية فصارت مواضيع للتداول والحوار ومراجع للدارسين والباحثين. إنه انتاج فكري غزير، ولكن ما زالت الخيبات السياسية تلاحقنا والفشل السياسي يخنقنا! ما هو السبب في ذلك؟ هل هو بعد هذا الإنتاج الغزير من المواطنين ومعاشهم وظروف حياتهم أم هل هو بُعد منتجي هذا الإنتاج الغزير من القضايا الحياتية مما يصعب معه تحريك الكتلة المرجّحة لجهة التغيير وحل الأزمة. ولعل هذا الإنتاج الفكري الغزير وهذا الفشل وهذه الخيبات هي بداية الطريق إلى المشروع الوطني الذي غاب طويلاً وما زال غائباً.. المشروع الوطني الذي يتعافى به السودان الموحّد أم المقسّم! ولتكن هذه المقالات مساهمة متواضعة في دراسة الفكر السياسي السوداني في الحاضر.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147510682&bk=1
                  

04-15-2008, 04:01 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    كسلا.... محمد عثمان محجوب (راجل البركس)
    عمار محمد ادم
    كحنين النوق الى الفصيل..كحنين الجزع اذ فارقه المصطفى.. احن اليك ايها الراحل عنا.. وانت الذي ربيتنا فأحسنت تربيتنا وعلمتنا ونحن حينئذٍ لم نزل صغارا.. كيف ننساك ايها الراحل المقيم.. والمفارق العظيم كان والدك يصطحبك الى السيد الحسن وانت حينئذ مشبع بالفكر الاسلامي الثوري من مدرسة الاخوان المسلمين بروح الامام الشهيد حسن البنا وفكر شهيد الفكر والمبدأ الشهير سيد قطب ..
    كان السيد الحسن يحبك وكنت تحبه تجمع بينكم اواصر الروح ووشائج القلوب التي تحابت بالله وفي الله.
    كسلا تحن اليك كحنيني وتذكر صوتك الصادق القوي وانت تتحدث في حماس عن الدولة الاسلامية والمجتمع المسلم والعدل والمساواة والصدق والرحمة ومبادئ ومعاني تداعبنا في صحونا ومنامنا.. وقد افنيت اخصب سنوات عمرك وانت تعمل وتنتظر وتنشدنا:
    قد اختارنا الله في دعوته
    وانا سنمضي على سنته
    فمنّا الذين قضوا نحبهم
    ومنا الحفيظ على ذمته.
    آهـ من الذكرى حين تقطر دما من دماء عشرات الشباب يقدمون ارواحهم في سبيل مبدأ وفكرة يقطعون دراستهم الجامعية ليلتحقوا بمعسكرات التدريب في ليبيا ليقاتلوا النظام المايوي البغيض وهم يحلمون بدولة العدل والحرية والمساواة و وسقطوا مضرجين بدمائهم تحت سياط التعذيب في سجون النظام المايوي الذي ارتهن البلاد للغرب وسلم زمام امره للرأسمالية البغيضة.. مازالت اصداء صوت محمد عثمان محجوب تتردد وهو ينشد حين خاطب الشهيد جبل ا لعوينات:
    الجبل الساكن قد اوّب
    برضاء الله لنا صوّب
    للرمي الناجز يتأهب
    واللحظة تأتي بملاك
    كان اسدا هزبر وليثا هصوراً يصول ويجول في عرصات جامعة الخرطوم قلعة النضال الصامده يجادل ا لاخوان الجمهوريين في غيرة على الاسلام والشريعة الاسلامية الغراء.. وكان لا يمل ولا يفتر وكان يتحرك في كل الاتجاهات. خطيبا مفوّها. او محاورا مقتدرا.. او كادرا تنظيميا نشطاً.. يصرخ في وجه حسن الترابي (انت قايل الحركة الاسلامية دي بتاعت ابوك) ولكن الترابي لم يكن يكرهه اويغتاظ منه لانه يعرف مداه وحده فهو لا يعرف التآمر والخبث ولكنه يفرغ مافي نفسه من شحنات ثم يستريح وهو ابن كسلا حين تعلم الوضوح وتشرب القوة وهو ابن (نوري) جزيرة (ايشيما) حين يتصل اصله بفرعه فجزع كسلا وفروع الميرغنية من اصل نوري وهو ا لفتى كريم الاصل عزيز المنبت حين تربى في ارقى احياء مدينة كسلا وترعرع في اعلى مقاماتها ووالده الخليفة الاصيل الصارم الملتزم بالطريقة الختمية وكان يلقب صغيره محمد عثمان ومنذ نعومة اظفاره (بالدغري) ذلك لان (الناجح من عشو يزوزي) ولا انسى قسمات الحزن البليغ في وجه شقيقه الاصغر حيث انتقلت والدته الى الرفيق الاعلى ومحمد عثمان يكتم الحزن في داخله لكنه يبدو .. ولا اذكر اين كان محجوب؟ وما زلت اسأل اين محجوب ولا اريد ان اقصم ظهره.
    بل اين المقداد ذلك الطفل الذي كان يحبه والده حبا جما ويجادله وكأنه رجل كبير وكم بت معهم وهم يسكنون نصف بيت مؤجر في حي الصحافة ومحمد عثمان حينئذ نائب في الجمعية التأسيسية عن دوائر الخريجين ولا أنسى ذلك المؤذن الذي يوقظنا لصلاة الفجر مرعوبين وهو ينبه قائلا (الصلاة الصلاة الموت جاء)
    محمد عثمان محجوب مدرسة في البساطة والقوة معا ابتلاه الله بالمرض العضال يسري في دمه فصبر وظل يجهد نفسه ويعمل حتى اشتد به المرض فانتقل الى جوار بيت الله الحرام والف كتابا من الاذكار والادعية المأثورة لم يجد حتى الآن طريقه الى النشر.. واصبح صباح ذلك اليوم الحزين حين جاءنا الخبر الفجيعة فقد فجعنا في رجل اخشى ان انظر في وجهه الذي يعبر عن مافي صدره من معانٍ رسالية تنوء بحملها نفوسنا الواهية الضعيفة فتتجلى في حاضرنا فنصعق وكان العزاء في منزل السعيد والحزن كان سيد الموقف والحسرة ايضا.
    اشتجرت معه في السيارة ونحن في جولة في منطقة مروي ففتحت الباب ونزلت على الرمل وطلبت منه ان ينزل لينازلني وانا غضبان فقال لي في استغراب وتضاربني انا يا عمار؟ وطلب مني الصعود للسيارة ففعلت وانتهى الامر وكان معناعبدالهادي الخليفة وكليهما مضى الى الله وبقيت انا احمل هذا الكم الهائل من الاسرار والذكريات وصديقي صلاح عبدالله محمد صالح يقول لي (اصبر على الاسرار الفي صدرك) وكيف لي ان اصبر هذا اوان البوح فهل ادركت شهزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح ام انهم باحوا فاستبيحت دماؤهم وكذا دماء البائحين تباح) ومابين الجنيد والحلاج البوح والكتمان فهل يكتب صلاح عبدالصبور مرة اخرى (مأساة الحلاج) ومتى؟؟

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147494007&bk=1
                  

04-15-2008, 04:02 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    محنة الوطن..!! (1-2)
    د. عمر القراي
    «فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسونü فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين» صدق الله العظيم.
    المواطن السوداني البسيط «في الشمال»، الذي وسط معاناة توفير حاجيات شهر رمضان، وجد فجأة ان سعر دقيق الخبز قد زاد، كما زاد سعر السكر، والبنزين من قبل، وما تبع ذلك من ارتفاع في كل السلع .. المواطن السوداني البسيط، الذي يعجز عن دفع إيجار منزله، ودفع فاتورة الكهرباء، وتعليم أطفاله بسبب الرسوم، رغم جعجعة الحكومة بمجانية التعليم .. المواطن السوداني البسيط الذي لازال يموت في دارفور قتلاً ، ويتضور في المعسكرات في تشاد وفي اطراف الخرطوم جوعاً، ولا تستطيع الحكومة ولا القوات الأفريقية حمايته ومساعدته .. المواطن السوداني البسيط الذي يعاني الفشل الكلوي والسرطانات، وكافة الأوبئة التي انتشرت، والدولة عاجزة ازائها .. المواطن السوداني البسيط، الذي خدم الوطن عشرات السنين ، ثم فصل سياسياً، وتعسفياً، حتى ينعم شخص «إسلامي»، بوظيفته، من باب «التمكين»، ثم وعد مع من وعدوا، بإرجاع المفصولين، ولا يزال ينتظر هذه الخدعة، على الرصيف.. المواطن السوداني البسيط، الذي انتزعت عنه أرضه، وهجر منها قسرياً، بدعوى إقامة خزانات، لم تسبقها دراسات، ولم تشرح له جدواها، وحين احتج على هذا الظلم الكالح، ضرب بالرصاص دون رحمة، وسجن دون محاكمة.. المواطن السوداني البسيط الذي يلتفت يمنة ويسرى، فيرى الإعلانات عن العام الثامن لتصدير البترول، ولا يرى لذلك اثرا في حياته، بل يزيد سعر المواصلات، التي أصبح يلهث وراءها، من مكان لآخر، وهو يرى بعينيه عائدات البترول، عربات فارهات، وقصور شامخات، ينعم بها قادة النظام، وذووهم، ومحاسيبهم .. وحين استبشر هذا المواطن الطيب، بتصريح المراجع العام الذي ذكر فيه وجود الفساد، في حكومة الشمال، لم ير محاسبة، ولا مساءلة، لجموع الفاسدين من ذوي المناصب التي لا حصر لها، وبدلاً عن المحاسبة، انشغلت الحكومة، بأن تحدثنا عن الفساد في حكومة الجنوب، مع أن حكومة الجنوب لم تنكر الفساد، بل قامت بتحقيق ومحاسبة.. فماذا فعلت حكومة الشمال بأموال البترول، وهي أكثر من نصيب الجنوب، ومتى ستحاسب أعضاءها على الفساد؟! المواطن السوداني البسيط، الذي بسبب القهر، والفقر، والحروب، فضل اللجوء إلى إسرائيل، على العيش في السودان، لأول مرة في تاريخ السودان، فقبلته، وآوته الصهيونية العالمية «المتهمة بتحريض الحركة الشعبية على تجميد نشاطها في الحكومة» !! هذا المواطن السوداني البسيط في الشمال، إذا كان متضررا كل هذا الضرر، من حكومة حزب المؤتمر الوطني، وقيادتها للبلاد، فهل يعقل أن تكون الحركة الشعبية، التي تمثل الجنوب، غير متضررة، من هذا النظام؟! وهل يظن أحد أن حكومة الشمال وهي تعاني هذا الفشل، تريد لحكومة الجنوب ان تنجح لتكون أفضل منها ؟! ألا تشكل الانتخابات القادمة، حافزاً للمؤتمر الوطني، ليستغل كل إمكانات الدولة، ليضعف شريكه، حتى لو اضطر للتدخل في اختيار وزرائه، حتى يضمن تمثيلاً ضعيفاً، ومشاركة غير فعالة، ورقابة خائرة ؟!
    أصل المشكلة:
    إن حكومة الإنقاذ حين قامت، لم يكن السلام من أجندتها، وإنما أذكت نار الحرب، وادعت انها الجهاد الإسلامي، ووظفت لها كل طاقات البلاد المادية، والبشرية، والإعلامية، وظنت جهلاً وسوء تقدير، انها تستطيع ان تقضي بالسلاح، على الجيش الشعبي لتحرير السودان، حتى أنها سمت إحدى غزواتها «نهاية المطاف» !! ولكنها هزمت في تلك المعركة، وتوالت عليها الهزائم، حتى اقتنعت بجدوى السلام.. ثم ووجهت بضغوط دولية، اضطرتها الى أن تقبل اتفاقية السلام، مذعنة ، فوقعت عليها، وهي غير مقتنعة بها، بل كانت تضمر الخيانة، وتسعى لكسب الوقت، وهي تعد العدة، للاستعداد للحرب مرة أخرى، متى ما أصبحت الظروف الدولية، مواتية والأوضاع الداخلية قابلة للتصعيد مرة أخرى.
    وبعد توقيع اتفاقية السلام في 2005 م، ظهرت نوايا الحكومة، بإصرارها على البقاء على الوضع القديم ، فلم تطبق الدستور، ولم تحفل بموضوع التحول الديمقراطي، وسنت القوانين المنتهكة لحقوق الإنسان، وأغفلت كل بند من بنود الاتفاقية يمنح شريكها مشاركة حقيقية في الحكم.. وكأنها وهي تفعل كل ذلك، تقول للحركة الشعبية بلسان حالها: «لقد عجزنا عن إخضاعكم بالحرب، لهذا أوقفنا الحرب، لنخضعكم بالسلام، وذلك عن طريق التسويف، وإضاعة الوقت، وعدم تطبيق الاتفاقية، وتعيين وزرائكم نيابة عنكم، فإذا لم يعجبكم هذا ارجعوا للحرب».. وهم في ذلك، يريدون ان يوهموا العالم، خاصة الذين شهدوا على اتفاقية السلام، انهم مازالوا مع السلام، وان الحركة الشعبية هي التي تهدد بالحرب، وهي التي رفضت بمحض إرادتها، الدخول في الحكومة.
    إن سبب المشكلة التي تعاني منها البلاد اليوم، هو ان المؤتمر الوطني، قد اكتشف انه أخطأ في توقيع اتفاقية السلام.. وان هذه الاتفاقية، من شأنها ان تقضي على هيمنته الفردية، لو قدر لها ان تحقق، وهذا ما قصده د. نافع حين قال، ان للحركة الشعبية أجندة خفية، تريد ان تصفي بها مشروعهم !! والذي يريده المؤتمر الوطني الآن، هو ان يتراجع عن الاتفاقية، ويفض الشراكة، مع الاستمرار في الحكم، وكأن شيئاً لم يكن !! وهو في هذه الأثناء ، ينفق الأموال الطائلة، على الدفاع الشعبي، وعلى الجيش النظامي، ويؤمن مواقعه في الجنوب، ويرفض الانسحاب الذي نصت عليه الاتفاقية، تحسباً للحرب. وهو اذ يفعل ذلك يتمنى ان تقبل الحركة الشعبية ذلك دون ان تفعل شيئاً، لأنه يراهن في حسابات المتطرفين من اعضائه على عدم مقدرة الحركة على الرجوع للحرب.. ولكن كل هذه الحسابات جائرة وخائنة، ولم تراع عهداً ولا ذمة، ثم إنها أيضاً خاطئة، وستضر بالحكومة أكثر مما تنفعها.. فإذا كانت الحكومة قد جارت على شريكها، ولم تنفذ اتفاقها معه، فمن الذي يؤمن لها من حركات دارفور أو شرق السودان أو غيرها؟؟ وهل تستطيع هذه الحكومة المجردة من السند الشعبي، المعتمدة على آلية البطش والإرهاب، أن تقود الحرب في جميع أنحاء السودان، لو قدر للحرب أن تشتعل مع الحركة الشعبية؟
    إن العالم الذي شهد اتفاقية السلام، وعرف حرص الحركة عليها، يستطيع ان يميز ان الحركة قد كانت مضطرة، إزاء إهمال وتحقير وإغفال حكومة الشمال، الى تجميد عضويتها، وعدم مشاركتها في حكومة تحرف الاتفاق، وتعطل الدستور، وتستمر رغم ذلك في حكم البلاد، بالبطش والإرهاب.
    الحركة الشعبية تستحق الإشادة:
    لقد خاضت الحركة الشعبية، الحرب وحدها، دون مساعدة تذكر، من الأحزاب، رغم مشاركتها معهم في التجمع.. وبعد توقيع اتفاقية السلام، ظلت تقاوم في صبر وثبات، كل محاولات المؤتمر الوطني في التغول على حقوقها، دون أن تجد أية مساندة من الأحزاب، او من المثقفين عموماً، بل أن أقلامهم انبرت في نقد الحركة، فوصفوها تارة بالانتهازية والتنصل عن مبادئ التجمع، والقبول بالمشاركة وحدها في السلطة.. كما وصفوها تارة بالضعف، وتارة بالتوافق مع المؤتمر الوطني، وخذلان الشعب في الشمال والجنوب.
    ورغم ذلك، واصلت الحركة الشعبية نضالها، وأصرت على بناء كياناتها السياسية في الشمال.. وقام قطاع الشمال بعمل خارق، أثر على أعداد كبيرة من الشباب في الشمال، وزاد من تعاطفهم مع الحركة، وتفهمهم لمواقفها، كما فتح داره للحوارات الفكرية، والثقافية، بداية للمنابر الحرة التي لن تتم توعية هذا الشعب بغيرها.. لكل هذا انزعج المؤتمر الوطني، وانفق الأموال الطائلة ليشق صفوف الحركة، بالإغراءات، وبإثارة النعرات القبلية، لإشعال العداوة بين أفرادها، وتأليبهم على بعضهم البعض .. ولكن الحركة استطاعت ان تجمع نفسها، وتواجه سلبياتها، وتقاوم ضعاف النفوس من أعضائها، وتعلن الفساد وتطارده، وتهيئ نفسها للتحول الديمقراطي .. ثم هي رغم ذلك، كانت تعمل في مواجهة الحكومة، وتذكيرها بالتزاماتها بالاتفاقية، وبحقوق الإنسان التي نصت عليها، وتقاوم كافة محاولاتها في التغول على الحريات، وفي وضع القوانين المعارضة للدستور.
    لقد كان الأمر المتوقع من كل المثقفين الأحرار، أن يدعموا الحركة الشعبية، وان اختلفوا مع طرحها السياسي، ذلك أنها حين تقاوم المؤتمر الوطني، إنما تقاوم الهيمنة، المدعومة بالهوس الديني، والحكم الشمولي الطويل، الذي لم يذق الشعب على يديه، غير القهر، والإفقار والتعذيب.. وبدلاً عن ذلك، نظر إليها المثقفون وقادة الأحزاب وكأنها بمشاركتها في السلطة وفق الاتفاقية، قد أصبحت مثل المؤتمر الوطني، ولهذا نقدوها، دون النظر بعمق الى الدور الذي تقوم به في هذه المرحلة.

    ========
    محنة الوطن..!! (2-2)
    د. عمر القراي
    الأقزام:
    وحين اتخذت الحركة الشعبية، هذه الخطوة الشجاعة، بتجميد نشاطها، حتى تحقق مطالبها، التي تنص عليها الاتفاقية، لم تجد من الزعماء السياسيين فيما خلا زعيم حزب المؤتمر الشعبى، الدكتور حسن الترابى، مسانداً !! ففي مقابلة لجريدة «الأحداث» مع الأستاذ محمد إبراهيم نقد سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني، اعترض على خطوة الحركة بتجميد نشاطها في الحكومة، قائلاً «لن يستمر لأن وجودهم في الحكومة المركزية يغذي حكومتهم الإقليمية، وفي رأيي انه لا جدوى من المناورة بهذا الكرت من ناحية سياسية، لأنهم يعلمون أنهم لا بد سيعودون في يوم ما» «الاحداث 16/10/2007م» .. وحين سأله الصحافي عن ما يمكن أن يؤدي له فض الشراكة، واثر ذلك سلبياً على السودان، قال «يجب ألا يهددنا أحد بالانفصال ودعني أسالك اذا أرادوا الانفصال أين سيذهبون» !! «المصدر السابق» فهل هذه قامة زعيم وطني، قائد لحزب تقدمي، يرجى منه الإسهام في حل مشكلة بلده؟! انظر كيف يظن ان الحركة الشعبية حين تهدد بالانفصال، إنما تهدد المواطنين الشماليين، فيرد عليها، وكأنه الطيب مصطفى، بنبرة لا تخلو من النعرة العنصرية.. ولقد لاحظ الصحافي الذي يحاوره انه يتبنى نفس خط المؤتمر الوطني، فقال له «وكأنك تتحدث بلسان المؤتمر الوطني؟؟» !! وحين سأله الصحافي قائلاً «إذاً كيف يكون سيناريو الخروج من التحالف ؟» «ضحك ثم أردف قائلاً: كل زول يطلق مرته بالكيفية التي يراها» !! وحين ألح عليه الصحافي ليدلي برأيه حول تصوره للمخرج، قال «نحن قادرين نحل مشاكلنا لنفكر في مشاكل الآخرين» «المصدر السابق».. فهل رأى الناس مثل هذا الضعف وهذا الهوان ؟! إن اعتراف الأستاذ محمد إبراهيم نقد، بعد كل هذه السنين من الالتزام والاختفاء، بعجزه عن حل مشاكل حزبه، اعتراف لا تزينه فضيلة التواضع، لأنه خالٍ تماماً من الصدق.. وإلا لتنحى نقد عن زعامة الحزب التاريخية، وأعطى الفرصة لمن يأنس في نفسه الكفاءة، لحل هذه المشاكل، والإسهام في حل مشاكل الوطن.
    أما السيد الصادق المهدي فكل همه - كما هي عادته- ان يستغل الأزمة التي تمر بها البلاد، ليجد السبيل ممهداً للسلطة، لذلك أصر على أن حل الأزمة، هو تكوين حكومة قومية جامعة، بدلاً عن الشريكين، يظن انه سيكون رئيسها !! ولا حاجة للتعليق على مبلغ سطحية تصريحات السيد الصادق، ذلك ان المؤتمر الوطني، وقد ضاق بشريك واحد، لا يمكن ان يقبل بعدة شركاء.
    وحتى الاتحادي الديمقراطي، الذي كانت مواقفه أفضل من حزب الأمة، فقد بدا في هذه الأزمة متخبطاً مثله .. فقد جاء «وجه الأمين العام للحزب الاتحادي بالإنابة فتح الرحمن شيلا، انتقادات قاسية إلى الحركة الشعبية، واعتبر أزمتها الحالية مع المؤتمر الوطني نتاجا طبيعيا لانفرادها بالشراكة في الحكم، وتعمد تجاهل وعزل حلفائها السابقين .... مزيحاً الستار عن تحريض بعض الجهات- لم يسمها- للتجمع والحزب الاتحادي لمغادرة الحكومة أسوة بالحركة، لكنه أكد ان الاتحادي لن ينحاز في الأزمة الحالية الا لمصلحة الوطن، وأردف لن نكون تبعاً للحركة ...» «الاحداث 16/11/2007م» .. إن الحركة لم تنفرد بالشراكة في الحكم، بدليل مشاركة الأعضاء من الاتحادي، الذين أشار شيلا الى أنهم لن يخرجوا من الحكومة بخروج الحركة !! وهؤلاء كان يجب أن يخرجوا من الحكومة، لا تقليداً واتباعا للحركة، وإنما لأن الحكومة لم تطبق الاتفاقية التي شاركوا بموجبها في السلطة، اللهم إلا إذا كانت الكراسي لا المبادئ هي همهم .. وبعد تصريحات شيلا، وهجومه على الحركة الشعبية، الذي يشبه تماماً تصريحات، وهجوم المؤتمر الوطني، قرأنا قرار التجمع بالوقوف الى جانب الحركة !! ثم تصريح نائب رئيس التجمع، ووزير التقانة بالحكومة، عبد الرحمن سعيد الذي نقله عنه نائب رئيس الجمهورية، والذي اعتبر الوقوف بجانب الحركة، لا يمثل رأي التجمع !! ولم نسمع من السيد محمد عثمان الميرغني، تأييداً لشيلا، أو لعبد الرحمن سعيد، ومن ثم ظل موقف الاتحادي على ضعفه غامضاً.
    المخادعون:
    في مؤتمره الصحفي، الذي عقده لتوضيح وجهة نظر الحكومة، قال الأستاذ علي عثمان نائب رئيس الجمهورية «والسؤال الآن لو ان هذا الموقف الذي اتخذته الحركة الشعبية، كان من باب الحرص على المواطن في جنوب السودان الذي لم يجد بعض حظه، أو إجابة على الأسئلة المطروحة عن الحصاد الذي يجنيه بعد عامين من تطبيق اتفاق السلام في خدماته الأساسية، وفي أوضاعه الأمنية وفي حرياته السياسية» ... «الاحداث 22/10/2007م» .. ومعلوم ان حكومة الجنوب، لم تتحصل على حصتها من عائدات البترول، بمجرد قيامها، وإنما بعد إلحاح متصل، وفي منتصف السنة الثانية .. ومعلوم أيضا، ان الجنوب قد كان أرض المعركة، طيلة سنوات الحرب، مما دمر بنيته التحتية، وقضى على الطرق، وزرع الألغام، التي تعوق الزراعة والرعي، وتحد من حركة المواطنين.. فهل كان متوقعا من حكومة الجنوب، أن تصلح البنية التحتية، وتشق الطرق والقنوات، وتجني عائدات التنمية، فيتحسن وضع المواطن، ويستوعب كل العائدين من النازحين واللاجئين، الذين شردتهم الحرب، وتتحقق الديمقراطية، في هذه الشهور التي استلمت فيها حصتها من عائدات البترول؟! هل كان ذلك يمكن ان يحدث، حتى لو أنها استلمت حصتها، في نفس يوم توقيع الاتفاقية..؟!
    إن السؤال الحقيقي هو: إن حكومة الإنقاذ قد حكمت منذ عام 1989م، ولقد بدأت تستلم عائدات البترول منذ عام 1999م، فلماذا عجزت في 18 عاما ان تطبق في الشمال التنمية والديمقراطية التي تطالب حكومة الجنوب ان تطبقها في عامين فقط ؟!
    سُئل د. أمين حسن عمر، المدير العام للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، عن اعتراض السيد رئيس الجمهورية على مرشحي الحركة الشعبية من الوزراء، وهل لديه حق الفيتو على الاتفاقية، فقال «الرئيس لديه الحق بالعرف المعمول به في كل الدنيا، ان يعترض على أي وزير يعتقد انه غير مناسب، وكيف يستقيم ان يأتي كل حزب بمجموعته وفق هواه. ومن ثم يصبح هذا الجمع حكومة، والاتفاقية عندما تحدثت عن تشكيل الحكومة بالتشاور كانت تعني هذا». «الأحداث 21/10/2007م».
    أليس هذا محض التواء؟؟ لماذا يترك الرئيس الاتفاقية التي وقّع عليها، وهو مسؤول عنها ديناً وقانوناً، ويتبع العرف الذي تعمل به دول أخرى، لم توقع مثله على اتفاق محدد؟! ثم هل تظن الحركة الشعبية، أن الوزراء الذين اختارهم المؤتمر الوطني ليمثلوه، مناسبين، أم تعتقد انه قد أتى بهم «وفق هواه» ومع ذلك قبلت بهم، احتراماً للاتفاقية؟
    إن تصريح د. أمين حسن عمر، بالإضافة الى تعمده الخداع، يفتقر إلى المعرفة بالديمقراطية والنظام التعددي، الذي يختار فيه كل حزب ممثليه، حسب رغبته، وخلافاً لرغبة الحزب الآخر. ومع ذلك يمكن أن تكون الحكومة منسجمة ومتماسكة وفعالة، لأنها مقيدة بالدستور ومتفقة على مصلحة البلد. واتفاقية السلام قد نصت على تكوين الحكومة بالتشاور، ولكنها احتاطت لتغول الحكومة على شريكها، لهذا لم تعط الرئيس الحق في الاعتراض على وزراء الحركة، من هنا اعتبر اعتراضه خرقاً للاتفاقية، وتعدياً على حقوق شريكه.
    ولم يكن من المعقول، ولا من المقبول، أن ترضى الحركة بمثل هذا التغول السافر، الذي يلغي وجودها في السلطة.. ولقد تنبه السيد الرئيس لذلك، فقبل المذكرة، وقام بتعيين الوزراء المقترحين، فاستجاب للمجموعة الواعية من مستشاريه.. ولكن المذكرة، كانت تحوي مطالب أخرى، تعتمد أيضاً على الاتفاقية، لم تتم الاستجابة لها، أو التعليق عليها، مما يبرر تجميد الحركة لنشاطها داخل الحكومة، بصفته تعبيرا حضاريا، عن عدم الموافقة على إهمال مطالبهم الدستورية، والتي تتفق مع ما جاء في الاتفاقية.
    فهل يمكن لحكومة الوحدة الوطنية، ان تستمر بدون الحركة الشعبية، ولو تظاهرت بأن غيابها لن يؤثر؟! إن غياب الحركة الشعبية، يرجع الحكومة إلى عهد حكومة الإنقاذ التي تمثل حزبا واحدا، يطرح طرحاً متشدداً، غير مقبول داخلياً، وإقليمياً ودولياً .. وليس من مصلحة الحكومة أن تتبع الجناح المتطرف، الذي يدفعها في هذا الاتجاه.. فإذا كان المجتمع الدولي يشك في تورطها في جرائم دارفور، والقوات الأفريقية تظن أنهم متورطة في جريمة حسكنيتة، والفصائل المحاربة في دارفور تنظر إلى رعايتها لاتفاقها مع الحركة باعتباره نموذجا يمكن ان تطبقه معها، فليس من مصلحة الحكومة انتهاز تجميد الحركة لنشاطها، للاستيلاء على كل السلطة، في انقلاب على الشرعية، التي ارتضتها كل الأطراف، والتي لا يمكن أن تمثل بغير الدستور الانتقالي، واتفاقية السلام الشامل التي لا تقوم بغياب احد أطرافها.
    ود. أمين حسن عمر، باعتباره المسؤول عن الإذاعة والتلفزيون، ماذا فعل وفقاً للإتفاقية في حدود صلاحياته؟ أليست هذه أجهزة قومية؟ لماذا لا تزال محتكرة، ومستغلة للدعاية لحزب المؤتمر الوطني، دون سائر الأحزاب؟ لماذا تقوم كل البرامج على طرح الرؤية الدينية المتخلفة، التي يتبناها المؤتمر الوطني دون سواه.. ولماذا غيبت الحركة الشعبية، وفكرها وثقافتها، ورؤاها، من أجهزة الإعلام القومية، واستغلت هذه الأجهزة، مع قرب الانتخابات للدعاية للمؤتمر الوطني؟!
    لقد ألقت الحركة الشعبية حجراً، في بركة السياسة السودانية الآسنة، الراكدة، فحركتها.. وهذا في حد ذاته، عمل عظيم، يضاف إلى مواقفها المشرفة.. ولقد أظهرت بهذا الموقف، قصر قامة القادة السياسيين، في الحكومة وفي المعارضة.. وأكدت بذلك، مقولتين شهيرتين للاستاذ محمود محمد طه أولهما، قيلت في مطلع الخمسينيات، وهي: «حل مشكلة الجنوب، في حل مشكلة الشمال» !! والثانية قيلت في منتصف الستينيات ، وهي: «الشعب السوداني شعب عملاق، يتقدمه أقزام»..!!

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=40427
    ________
                  

04-15-2008, 04:03 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)




    عن المثقّف والسلطة وسبل كسب العيش في السودان
    د.عبدالوهاب الأفندي
    يبدو أن أبعاد الأزمة السياسية -الأخلاقية- المعرفية التي ناءت بكلكلها على سوداننا الحبيب أكثر عمقاً وتشعّباً من أسوأ التوقعات حولها. ويتجلى هذا في طبيعة ومستوى الحوار الدائر حول الأزمة، الذي يسيطر عليه -مع استثناءات مهمة- الطابع الحزبي أو الأيديولوجي الضيّق، والتراشق بالتهم والتنابذ بالألقاب. وعلى الرغم من الظاهرة الصحية التي تمثّلت في زيادة عدد المعلقين وكتاب الأعمدة المستقلين في الصحافة السودانية، إلا أن هؤلاء كثيراً ما يعانون من أزمة مزدوجة تتمثّل في التصنيف المسبق ممن لا يرضيه حديثهم، إضافة إلى عدم الفهم لمنطلقاتهم خاصة من الجهات الحكومية (وكثير من الجهات الحزبية والمعارضة) التي تعتبر كل نقد عملاً عدائياً. ولا يخلو الأمر من تراشق بين بعضهم وتنابذ بالألقاب يعيد بعضهم إلى خانة الانتماء الأيديولوجي حين يجد الجد.
    ولا يعني هذا بحال أننا ننتقد الإنتماء الحزبي أو العقائدي أو نعتبره مذمة أو منقصة، بل بالعكس، فإن الإنتماء السياسي -خاصة حين يتجرّد من طلب المنفعة الشخصية والولاء الأعمى- يمثل مرحلة أعلى من التجرّد الأخلاقي ونكران الذات. فالشباب الجامعي وغيرهم من الناشطين الذين يقتطعون من وقتهم وجهدهم (وأحياناً من مواردهم المالية الشحيحة) الكثير لينخرطوا في النضال السياسي، ويشتبكوا مع بعضهم البعض في النقاش حول الهم العام، ويقدّمون التضحيات في سبيل ذلك، هم بالقطع أكثر عطاءً وأنبل مقصداً من أولئك الذين يقتصر اهتمامهم على الشأن الشخصي ومتابعة الدروس، وإن كان طلب العلم في حدّ ذاته قيمة اجتماعية يتعدى نفعها الشخص المعني إلى مجتمعه، ولكن من جمع الحسنيين من الجد في طلب العلم مع الاشتغال النشط بالشأن العام يستحق ما فضّل به الله المجاهدين على القاعدين.
    وهناك مع ذلك درجة أعلى، هي درجة المثقّف المشتغل بالشأن العام من منطلق غير حزبي، أو بدون أن يسجن نفسه في قالب حزبي ضيّق. مثل هذه الشخصيات ضرورية لأنها تلعب دور ضمير المجتمع، لأنها لا تعارض السلطة فقط، بل قد تعارض المواقف والقيم والمعتقدات السائدة في المجتمع، وتتحمّل في سبيل ذلك الأذى. وقد يتعرّض أفراد هذه الطائفة للاضطهاد، وربما القتل، وفي أحيان كثيرة لا يعرف الناس فضلهم إلا بعد رحيلهم عن الدنيا. ولكن ما يتمتعون به من تجرّد أخلاقي وصلابة مبدئية يجعلهم يتميّزون عن غيرهم، وينال الاعتراف حتى من خصومهم.
    ولأسباب لا تخفى فإن هذا الدور لا يمكن أن تلعبه إلا قلة من الناس، أولاً، لأن المؤهلات اللازمة له نادرة، وثانياً، لما يتطلبه من تضحيات جسام. ذلك أن من يمتلك مثل هذه المؤهلات النادرة يكون ميالاً لاستثمارها في ما يعود عليه بالنفع القريب. وعليه فحتى حين نتأمل في الأفذاذ الذين ارتبطت أسماؤهم بمثل هذه المقامات عبر التاريخ (على سبيل المثال لا الحصر: سقراط، أحمد بن حنبل، توماس مور... إلخ)، فإننا نجد أكثرهم اضطر اضطراراً إلى ركوب هذا المركب الصعب، في حين كانوا يفضّلون السلامة. ولكن ما يميّزهم هم أنهم حين «امتحنوا» اجتازوا الامتحان بنجاح وصمدوا على ما رأوا أنه الحق حتى النهاية المرة.
    الذي تغيّر مع مطلع الحداثة وبزوغ العصر الرأسمالي هو ظهور إمكانية أن يجمع المثقف بين استثمار مواهبه لمنفعته الشخصية مع الاحتفاظ بتعاليه الأخلاقي على العالم من حوله. ولهذا لم يكن عجباً إن كان أحد أبرز الرموز للمثقف العام في العصر الحديث هو إميلا زولا، الروائي الفرنسي الذي تحدى في مقاله «إني اتهم» السلطات القائمة والرأي العام في نفس الوقت. ولكن زولا كما نعرف كان روائياً مشهوراً يكسب مبالغ طائلة من عائد بيع رواياته، وبالتالي لا يحتاج إلى أن يقف بباب سلطان يسأله العطاء، ولا يخشى أن يفقد وظيفة يعتمد عليها هو وعياله، ويخشى الهلاك إن فقدها. ولأنه معروف مشهور فإنه لم يكن يخشى بأس السلطة ولا سلطان الرأي العام، بل كانت السلطة تخشاه والرأي العام يهابه. وهكذا يمكن أن يقال إن المثقف الحديث ودوره العام هما النتاج المباشر لاقتصاد السوق وبنية الدولة الحديثة وتمايز المؤسسات فيها. فقيام الإعلام وصناعة النشر المستقلين، إضافة إلى الاستقلال الذي تمتعت به المؤسسات الأكاديمية، حرم أهل السلطة من استخدام سلاح قطع الأرزاق كوسيلة ضغط لإخضاع المثقف لسلطانهم.
    وهنا بالضبط تكمن إشكالية المثقف في السودان ومعظم الدول العربية والأفريقية التي تعجز أسواقها المتواضعة عن دعم صناعة الثقافة، ولا تتمتع مؤسساتها الثقافية والأكاديمية باستقلال كاف. وأهم من كل ذلك فإن العمل في هذه المؤسسات حتى وإن تمتعت باستقلال محدود أصبح لا يمكّن المثقف من أسلوب معيشة الطبقة الوسطى الذي أصبح المثقف يراه حقاً له، ولازمة من لوازم الكرامة والمكانة الاجتماعية اللائقة. وقد تكرس هذا الوضع في السودان ومعظم دول المنطقة بعد الطفرة النفطية في السبعينيات وما تبعها من أزمات اقتصادية عصفت باقتصاد هذه الدول وكانت الطبقة المتعلّمة وعلى رأسها المثقفون من أول ضحاياها. وقد أصبحت خيارات الطبقة المثقفة محدودة جداً، فإما الهجرة أو الالتحاق بركب السلطة أو الرضى بعيش الكفاف مكرهين.
    إضافة إلى هذا فإن الحكومات غير الديمقراطية تتعمّد زيادة تضييق مساحة الاستقلال المتاحة كما فعلت حكومتنا السنية القائمة اليوم، والتي نستغفر الله من وزر المساهمة في سيء أعمالها. فقد زادت الطين بلة، حيث زادت الناس فقراً على فقر في أول عهدها، ثم لم تكتف بذلك فاستخدمت سلاح قطع الأرزاق -على قلة غنائها- عن مَنْ لم ترض عنهم أو شكت في ولائهم، حتى أفقدت المؤسسات الأكاديمية والثقافية كل استقلال. وهي وإن كانت قد تراجعت مكرهة عن بعض تلك السياسات، خاصة في ما يتعلّق بالرجوع إلى مبادئ اقتصاد السوق وإتاحة قدر لا بأس به من حرية الإعلام، إلا أنها أخذت تستخدم عين آليات اقتصاد السوق لتطويع المثقفين والكتّاب. فهي من جهة تستخدم سلاح الإعلان لتطويع الصحافة، وتستغل تركيز الموارد في يدها -إما مباشرة عبر عائدات النفط، أو غير مباشرة عبر سيطرة الموالين على قطاعات مهمة من السوق- لإغداق العطاء على من ترضى وفرض الحرمان على من عاند.
    هناك إضافة إلى ذلك دلائل على أن الإشكالية تتعدى الحكومة الحالية وممارساتها إلى ما هو أعمق، لأن بنية الأحزاب السودانية القائمة تعاني من إشكاليات مماثلة ترهن إرادة مثقفيها للقيادات الطائفية أو القبلية أو (في حالة الجنوب) العسكرية، رغم قيام محاولات عدة للخروج من هذا الإسار منذ مؤتمر الخريجين مروراً بإنشاء الحزب الوطني الاتحادي ثم محاولة إعادة إحيائه في منتصف الثمانينيات قبل أن يعود رموزه إلى بيت الطاعة الطائفي. وبين هذا وذاك كانت هناك محاولات أخرى، منها إنشاء جبهة الهيئات عشية ثورة أكتوبر 1964 ومحاولة مشابهة مع انتفاضة أبريل 1985، ولكن فشل هذه المحاولات عمّق إشكالية وضع المثقف السوداني المستقل وعجزه عن أن يفرض وجوده وسلطته الأخلاقية وإيصال صوته إلى الشعب مباشرة.
    ولا بد أن نكرر هنا إلى أن هذا لا يعتبر انتقاداً (على الأقل ليس في هذا المقام) للأحزاب الطائفية أو حتى للقبلية، رغم تحفظاتنا على البنى والطبيعة غير الديمقراطية لهذه التركيبات. فهذه المؤسسات لها دور إيجابي يمكن أن تلعبه في الفضاء السياسي والاجتماعي. ولكن الإشكال هو في التناقض الذي يعيشه المثقف السوداني الذي يفضل أن يمارس دوره السياسي في استقلال عن هذه الكيانات، كما عبرت عن ذلك طلائع المثقفين منذ أيام مؤتمر الخريجين بل منذ مطلع العشرينيات، ولكنه يجد نفسه مكرهاً للسير في ركابها. نفس الشيء يمكن أن يقال عن قطاع واسع من الإسلاميين يعارضون سياسات الحكومة الحالية والأسلوب غير الديمقراطي لاتخاذ القرار في أروقتها، ولكنهم يختارون مع ذلك الاستمرار في العمل من داخلها لاعتبارات عدة ليست كلها شخصية.
    هناك رأي يقول بأن هذا التصور لدور ريادي للمثقف هو من قبيل المثالية الساذجة، إذ أن من الأفضل بكثير العمل من داخل الحكومة أو الأحزاب القائمة من التعلق بأوهام كمال وتجرد بعيدة عن الواقع. ويزيد هؤلاء فيقولون إن مثل هذه الدعاوى المثالية الحالمة تصدر في الغالب من أشخاص مثلنا يقيمون في الخارج ولا يتعرّضون مثل غيرهم للمعاناة والضغوط التي يتعرّض لها المثقف السوداني في الوطن. وترتبط هذه التهمة بتهمة أخرى تقول إن مثل هذه التحليلات تنضح بالتعالي الأخلاقي، وهي تهمة أطلقها البعض في إطار مختلف، كما فعل الأخ أمين حسن عمر في تعليقه على اتهامي للحركة الإسلامية بالتعالي الأخلاقي على بقية عباد الله.
    ويجب أن أعترف بأن في هذه الاتهامات قدراً من الصحة، فنحن مثل بقية المثقفين تعودنا أسلوب حياة الطبقة الوسطى، ولا شك أن إدراكنا أن مواقفنا الممانعة لن تكلّفنا خسارة هذا الأسلوب بسبب وضعنا المتميّز في الغرب والخيارات المتاحة لنا يؤثر في قراراتنا، ولكن من جهة أخرى فإن الاتهام بالمثالية المفرطة في غير محله، لأننا مثل غيرنا كنا على استعداد للتعامل مع الواقع على مبدأ أن ما لا يدرك جله لا يترك كله، ومن هذا المنطلق تعاونا مع الحكومة الحالية على أساس مبادئ وأهداف مشتركة عمادها أولاً دفع الضرر الذي كان يحيق باستقرار بل وجود الوطن حينها، ثم محاولة إيجاد صيغة توافقية تخرج البلاد من أزمتها. ولكن هناك فرق بين الواقعية التي تقول إننا نبدأ من الواقع كما هو ثم ننتقل منه إلى ما هو أفضل، وبين الاستسلام لهذا الواقع والبقاء أسرى له، بل والانحدار منه إلى الأسوأ. فليس من يقفز إلى المستنقع لينقذ العالقين فيه كمن يتخذ المستنقع مستقراً له ويتكيّف مع الحياة الدائمة في داخله. والإشكال عن أكثر مثقفينا أنهم يبررون -وكثير منهم مخلصون في اعتقادهم ذاك- الصفقات التي يدخلون فيها بأنها ترتيبات مؤقتة تهدف للتغيير «من الداخل»، إلا أن التغيير يحدث في داخلهم هم، بينما يبقى الواقع على ما هو عليه أو يزداد سوءاً.
    من جهة أخرى فإنه من المجافاة للحقيقة أن يقال إن المثقفين السودانيين في مجملهم اختاروا المداهنة إلا من أغناه الله من فضله. فهناك الكثيرون مِنْ مَنْ اختاروا التضحية، وحتى دخول السجن أو المنافي على المداهنة. وهناك من ضحى بحياته من أجل المبادئ. وقد مرّت على البلاد أجيال من المفكرين والسياسيين اختارت باستمرار العفة والاستقامة والزهد في متاع الدنيا الزائل حتى حين آلت إليهم السلطة. بل هناك من تميّزوا في هذا المجال واتخذوا الزهد منهجاً ومذهباً. وفي هذا المجال يحضرني مثال المفكّر الراحل محمود محمد طه، الذي اختلف تماماً مع مذهبه العقائدي، ولكن أي مراقب لا يسعه إلا أن يحترم منهجه في الزهد المنهجي (لا زهد الاضطرار) في المظهر والمعاش، ناهيك بالثبات على المبدأ حتى الموت.
    ولكن إشكالية أكثر مثقفينا لا تكمن في الجنوح إلى الفساد واختيار المنفعة الشخصية مثلما تكمن في «الواقعية» المفرطة، واستعجال النتائج وقلة الصبر على الطريق الطويل، فهناك كثيرون انتموا إلى كيانات ثورية بطبعها، مثل أحزاب اليسار والحركات الإسلامية أو حتى الحركة الشعبية، وقدموا التضحيات من جراء من ذلك الانتماء، ولكنهم حين شهدت تلك الحركات انحرافات بيّنة حتى بمقاييسها هي، فضلوا البقاء فيها على المفاصلة والبراءة، تبعاً للحجة المكررة بأن حركتهم على علاتها هي أفضل من غيرها. وهذا هو أس البلاء.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147512132
    _________________
                  

04-15-2008, 04:04 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    «السودانوية»: محمود محمد طه!!
    صلاح شعيب
    أزمة الحكم في السودان حتماً ترتبط بأزمة التفكير حول كيفية الحكم في الدول الإسلامية والأفريقية عموماً. إن أحوالنا السياسية متشابهة، بالدرجة التي لا تخطئها العين، مع أحوال كل الدول التي تمثلها أغلبية مسلمة، حيث يتوق المسلمون وغير المسلمين هنا وهناك إلى مثال لدولة إن لم تلحقهم بالتطوّر أغنتهم بكرامة الحياة وقدرتهم كبشر. ولكن للتطور التزامات فكرية وأخلاقية ومنهجية لا تزال بعيدة التحقيق. نحن لسنا استثناء عن مصر وأثيوبيا وليبيا وسوريا والكونغو وسلطنة عمان وزيمبابوي والعراق والجزائر. إنطلاقاً من اختبارنا لأوضاعها، نجد أن معظم البلدان الإسلامية والأفريقية تفتقد للمفكر السياسي الملهم الذي يخرجها من الظلمات إلى النور، من الإشكالات حول توفر عدالة للمشاريع التنموية للأمصار إلى ترقية المرافق الصحية الموبوءة بالناموس- هكذا، من تدعم العشائرية في دولة الأقوام والتي هي مرحلة في التفكير الإنساني إلى التفكير العصري، حيث تستقر الدولة وتراجع أخطاء ممارستها بالفصل البديع بين السلطات التشريعية والسياسية والتنفيذية والإعلامية.
    ولكن، أيضاً، لا يزال الوقت مبكراً حتى نعثر على الزعماء المفكرين الذين يعملون بجد لتحقق مثل هذا التصور الضروري للدولة، وبالتالي يضحون برقابهم في المقصلة من أجل صالح شعوبهم في حال الاصطدام مع سدنة مشروع الدولة المركزية، الأصيلين والموظفين الذين يريدون أن تسير الدولة مثل طائر صغير، مهيض الجناح يطير بغير رهق إلى السفح والذرا.
    الذين يمارسون السلطة الآن من السياسيين والذين يعلّقون على حيوات المسلمين بشكل عام، من حيث محاولتهم أن يصبحوا مفكرين، يفتقدون «الكاريزما المعرفية» التي توجد ثورة في التغيير الاجتماعي، ويفتقدون أيضاً الشجاعة للتضحية، ومع ذلك يريدون أن يكونوا زعماء راسخين في دولة ملتهبة، وفي ذات الوقت يريدون أن ينعموا بنعيم الدنيا.
    في الأقطار العربية والإسلامية والأفريقية مرّ عدد هائل من السياسيين والمفكرين والكتّاب والنقاد، ولكنهم لم يخلقوا أثراً مفارقاً يقود أهل هذه الدول إلى الطريق الصحيح نحو التقدّم، وبالتالي يكونوا قد قطعوا بين زمان الجهل والتنوير. وحتى المفكرون والسياسيون الذين تعرضوا للقتل أو التصفية من الديكتاتور لم يؤثروا على المواطنين في الدولة المعنية على الرغم من أهمية ما قدموا من إنجاز فكري، ربما أثّروا على شريحة محددة من الناس حاولت وتحاول الآن أن تواصل وتجدد في مسار الفكرة التي طرحوها، ولكن، أيضاً، ظل أغلب الناس يرتجون شخوصاً تقودها إلى تلك اليوتوبيا، يأتون في لحظة ما من الزمان، ليكونوا هداة الركب إلى السبيل السياسي المستقيم، شخوص يمتلكون القراءة الفكرية العميقة للواقع ويخرجون بوصفة معقولة للعلاج، وليقنعوا الناس بصدقهم وأمانتهم ونزاهتهم وشجاعتهم وقدرتهم على تحمل كل شيء في سبيل تحقيق حلم مواطنيهم
    إذاً، لو صح الاعتقاد عاليه، فليصبر الشعب في السودان كثيراً حتى يجد من يرسي به إلى بر الأمان، والصبر كما نعرف ترياق ضد الانتحار والارهاب الحضاريين بالتخصيص، ولعل سبب لزوم الصبر، ولا شيء غير الصبر، هو أننا ما زلنا نتبع ثيمات الفكر العربي والإسلامي حتى يحدد لنا ما هو حلال وما هو حرام في العملية السياسية والاجتماعية ومن ثم نتبعه ونتحوّل بضربة لازب إلى مرحلة جديدة في حكم أنفسنا، وفي تواصلنا مع الجغرافيات القريبة والبعيدة.
    حتى الآن لا يوجد مفكّر سوداني واحد يمارس القطيعة مع منتجات الأزهر أو فكر سيد قطب أو كتابات التوسير وماكس فايبر وإلياس فرح وانطوان سعدة ويوسف القرضاوي، لينظر للواقع السوداني من داخله ويفهمه وبالتالي لا يأتي بحزم توصيات فكرية صمدة وصادمة من الخارج ليحاول صبها صباً في واقعنا المتفرّد الذي هو جماع الأفريقانية والعربية.
    طبعاً هؤلاء المفكرون والكتّاب المذكورون لهم أهميتهم في التاريخ الذي يمثلوه ولهم تأثيراتهم الفكرية والأكاديمية والفلسفية والأدبية والدينية، ولو تمت دراسة كل واحد منهم أكاديمياً لتحصلنا على معرفة، فمسألة تسييس المعرفة بالمواقف ليست على طريقة «مع أو ضد» مثلما أبانت الأصولية الجاهلة للمحافظين الجدد في أعقاب حادثة الحادي عشر من سبتمبر، وإنما هي أبعد من ذلك، فالمفكر الذي نقرأ له -ثمن وزنه أو قل- فإنه يتيح لنا زبدة المعرفة بجميل ما كتب أو بسوء تقديره للواقع مما يجعل هناك ضرورة للتصحيح، فالموقف من قراءة إنتاج الأصولية الإسلامية أو التاريخ الماركسي السياسي مثلاً لا ينبغي أن يكون عدائياً مليئاً بالضغينة العرقية أو الحضارية، والضغينة لا توجد موضوعية لنقد ما يلتبس في ذهن حاملها..
    أيضاً، ولكن المشكلة التي تتلبسنا في محاولة البحث عن مقاربات نظرية لواقعنا أننا نسلم الواقع السوداني كله لمرجعيات من خارجه ونتحاجج، بغير وفاء للحقيقة، إن التبيئة قد حدثت للماركسية وتسودنت بالقدر الذي لا يجعلها تحذو ماركس حافراً بحافر، والأمر مثله ينطبق على الإسلامويين الذين يقولون بأن الزعيم الترابي قد بذل جهداً ملائكياً لسودنة ما قصده سيد قطب وحسن البنا للمدى الذي خاصم الجماعة الإسلاموية، ولكن نكتشف بأن الممارسة كذبت هذا الزعم.
    أما بالنسبة للأخوة بالبعث المتشظي إلى كتل وجيوب، فقد وجدنا أن مساهمة المفكرين البعثيين التاريخية في نقد أنطوان سعدة وإلياس فرح وشبلي العيثمي ومحمد خلف الله، لم تكن أصلاً واردة وإنما كان دورهم هو الإتباع وليس الابتداع في النظرية البعثية، ليست فقط لسودنتها وإنما لتتبع مقولاتها التاريخية واختبار جذور استناداتها الفكرية كما فعل الدكتور محمد عابد الجابري. أما الأحزاب الموسومة بالطائفية فهي تتراوح في المنطقة ما بين استبطان قيم للسودنة والارتكاز على الرصيد الفكري العربي -الإسلامي التقليدي، وأزمتها -الأحزاب المعنية- تتمثّل في أن قادتها يقاطعون التراث الزفريقي السياسي ولا يستدلون به، بل وربما يرون عدم أهمية درس البيئة الأفريقية بكل ميثولوجيتها لمعرفة حول ما إذا كان من الممكن أن تهديهم لخدمة وطنهم المتعدد.
    هذه التيارات الفكرية الأربعة والتي تقاسم ثقل التفكير السياسي منذ نشأة الدولة السودانية لم تتعرض لـ«النقد الملحمي» الذي يبيّن خطأ استراتيجيتها الفكرية بالشكل الذي لا يقلل من ضرورية وجودها كمصادر لانتماءات السودانيين الفكرية، فالدور الذي كان يفترض أن يلعبه مستقلون داخل المركز والهامش أصبح مجالاً للاستقطاب بين كل هذه المرجعيات الفكرية المؤثرة في ديموقراطيات السودان وشموليته.
    فقط من بين الذين انبثقوا من رحم الاستقلال الديني والسياسي السوداني كان هناك الراحلان، الأستاذ محمود محمد طه، والدكتور جون قرنق ديمبيور. الأول حاول ممارسة القطيعة مع التراث الفكري العربي-الإسلامي النازل من مركز القاهرة ودمشق وفاس وبغداد في منطقة الخصوصية المتعددة، وأراد، من حيث درايته بأزمة المعتقد في المركز العربسلاموي الذي انحط في مسائل تعامله الإيجابي مع المعتقد وترجمته في واقع «الأمة»، واحترام الإنسان والتساكن مع «الأجنبي/الأعجمي»، أن يضيف مساهمة فكرية تخرج أمته السودانية من الورطة التاريخية التي سببتها لهم التفكير «1» الأصولي و«2» القومي العربي و«3» العلمانية الماركسية و«4» الشموليات العلمانية.
    في تقديري أن القيمة الفكرية والإنسانية والسودانية للأستاذ محمود محمد طه ليست في صحة تفسيراته للدين من حيث أنه مر اسلامياً بمرحلتين «مكي ومدني» أو في رباطة جأشه حين ثبّت موقفه البطولي كمفكر إزاء بطش ديكتاتور جاهل، أو في صحة المنهج الذي إتبعه في التحرّك من البعد السودانوي. إن خطورته بالنسبة لي - على الأقل- أنه فتح المجال للباحثين السودانيين، والمسلمين والعرب، لرؤية التراث العربي الإسلامي من زاوية الناقد لا المتلقي الذاعن لقضه وقضيضه. صحيح، إن تلك القيم تمثل تكميلاً لشخصيته الفذة في تاريخنا المعاصر ولا يعرف إلا بها ولكن جماله وبهاءه -كما أرى- في أنه إنطلق في رحلة النشوق بين «القيف والقاع» غائصاً عن اللؤلؤ بأدوات ليست لغيره وإنما بأدواته هو التي نسج عيدانها وشباكها وحيلتها من صنع تفكيره وحتى الذين يحاولون القول إنه امتداد لفتوحات ابن عربي فإنه لو صح الزعم حتى، فإنه اختار استعادة التفكير من المنطقة الإشكالية في الإرث العربي الإسلامي ولم يتكاسل بحيث أن يتوافر على الفكر السائد والراكد في المركز العربي والذي ارتبط بالسلطة بالدرجة التي لا نعرف فيها المفكر الديني المتواطئ مع السلطان أو الناقد له. ولعل هذا الموقف يرينا توطن ذهنه الإبداعي لا الابتداعي في محاولة التفكير.
    إن السودانوية تمثّلت باذخة في سلوكه وملبسه ومسكنه وتواضعه... إلخ، ولم يترك سلوكاً سودانياً طيباً إلا مارسه بكل فخر وإباء وعليه بقيت كاريزماه تتقطّر صدقاً وتتكامل مع جوانيته الفكرية كرمز سياسي وفكري مختلف وعميق عن كل الذين عاصروه وربما سيأتي اليوم الذي تعيد الأجيال القادمة الاعتبار له وتبحث عن بقايا جسده ليحتصن الثرى عبر احتفال قومي ضخم يتناسب مع فكره وتضحيته من أجل الحقيقة والشعب والإنسانية.
    يرى البعض أن الأستاذ محمود محمد طه هو المفكر السوداني الوحيد الذي تنطبق عليه هذه الصفة، كونه راكم انتاجاً بحثياً مختلفاً من حيث النوع ويستدل به على مستوى الفكر العربي والإسلامي والعالمي، ولذلك لم أفاجأ يوماً حين كنت أقرأ مؤلفاً للمفكر الأمريكي كورنيل ويست « Democracy Matters » والذي عد الأستاذ كأول في قائمة القلائل من المفكرين المسلمين المميّزين في عطائهم ووضعه فوق مجموعة ضمت محمد عابد الجابري ومحمد أركون وغيرهم.
    لا أريد هنا أن أمارس بعض قراءة لجملة ما صدر من كتب ومحاضرات كرّسها الأستاذ محمود محمد طه لخدمة دينه ومواطنيه، فالمجال لا يسمح بهذه القراءة التي تحتاج إلى منهج ومجالها، حتماً، الفصليات والدوريات المتخصصة، وقد فعل بعض تلامذته ومحبو شخصيته الفريدة في تاريخنا. فعلوها بالقدر الذي شرحوا إضافاته الفكرية والسياسية والدينية والوطنية والاجتماعية، ولكني أتخذه هنا كنموذج للذات الفكرية «المتسودنة» فقد كان موقفه السياسي مصدر قلق للسلطة الاستعمارية الذي سجنته في الأربعينيات، وكذلك مصدر تهديد للأنظمة الشمولية وجماعات التفكير التكفيري الذين تواطأوا مع سلطة مايو لاعدامه في ذلك اليوم، بعد محاكمة سياسية لقضية هي فكرية في صميمها تتعلّق بموقفه من قوانين سبتمبر.
    إن التجديد الفكري للموروث الديني الذي بذله الأستاذ محمود محمد طه كان اجتهاداً يتقاصر عن فهمه الذين تكلسوا مفهومياً وصاروا أسرى لنصوص الاجتهاد الديني القديم، ولذلك لم يكن هدفهم -بتدبير أمر محاكمته هو حماية الدين من شائبة الهوى الشخصي في تفسيره- بل كان الهدف هو تدمير الأوليات الفكرية لمثل هذا النوع من المشاريع الفكرية السودانوية التي تمارس القطيعة المعرفية مع التراث الفكري النازل من المركز الحضاري.
    كان لا بد للأستاذ محمود محمد طه أن يدفع ثمن هذه الاجتراح الفكري الذي قصده وظيفياً، وكان لا بد أن يكون مصيره متطابقاً مع مصائر الذين حاولوا من قبله الخروج عن التفكير الديني السائد لفتح كوّة للإصلاح الإسلامي، ولترجمة المعتقد بالصورة التي تساعد في حفظ المتحقق من تراث الدولة الإسلامية أينما وجدت.
    فمشروع الأستاذ كان متقدماً في الرؤيا، ويصطدم أول ما يصطدم مع الحرس الديني التاريخي للدول المسلمة، وكان كل أمله تحرير هذا التراث مما علق به من تفاسير ارتبطت بزمانها مرة، وارتبطت بتحالف العلماء مع السلطان المستبد في الدولة المسلمة التي أوصلوها إلى الحالة التي أصبحت فيها عاجزة عن المحافظة على تركيباتها الإثنية والاجتماعية فيما أصبح المسلم «عبداً مطيعاً» للماضي من المقولات الدينية التي لا تسعفه في فهم اللحظة، فيبدو حيراناً بين المثال المعتقدي والواقع المتناقض.
    إن النظرة السودانوية المتصلة بأمر السياسة لا تقلل من أهمية المعارف الإنسانية في كل ضروب الحياة، بل إن المعارف الخارجية تتناص مع المعرفة السودانوية، كما أننا نعرف أن وظيفة المرء في الحياة أن يتدبّر الحكمة متى ما وجدها وأينما كان مصدرها، غير أن كل مصادر المعرفة تختمر في ذهن المرء نفسه لتفسير معطى واقعه السياسي/الاجتماعي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هناك مصدر واحد لتفسير الظاهرة السودانوية في تفاصيلها المتشعّبة والمختلفة وإن تقاطعت مع تفاصيل إنسانية أخرى.
    ولذلك كان وعي الأستاذ محمود حاضراً، فلم يتدجّن بكل القراءات التي مارسها في سبيله لاستنباط المنهج السياسي السودانوي الذي به يناضل والسلوك الذي بواسطته يعرف. لم تغرقه بلاغة اللغة في مخاطبة الجماهير أو يقعرها آن يكتب وإنما تحدّث بالمفردات التي يفهمها العامة وكتب بالسهل الممتنع الذي يبين ويتعمّق.
    ووجدناه لم يتأثر بمناخ كلية غردون كما حدث التأثر هذا مع أترابه، ومن ثم يحترف لبس البذلات وإنما حافظ على لباس من الدمور ليدل على زهده، ولم يتنافس مع زملاء له من مهندسين وبقية أفندية وقتها في بناء القصور كما يفعل الآن قتلته وإنما تواضع لله فعاش سودانياً كريماً في منزل من «الجالوص» ولم يهرب من مجاورة عامة الناس إلى «الأحياء الثرية» التي هرب إليها قضاته. ولم يبرح وطنه هرباً من بطش أو خوفاً من ديكتاتور، وإنما تسمّر حضوره بين أهله وتلاميذه فعانى ما عانوه وشقى بما شقوا.
    كان يأكل من غالب طعام الشعب، وليس مثل من استمتعوا برؤية مشهد جثته تتدلى والابتسامة الساخرة كأنها تغفر لهم جهلهم، هؤلاء الذين تمتلئ ثلاجات منازلهم بما لذ وطاب من طعام، وكان في «برندته» يستقبل ضيوفه ومن بينهم تلاميذه الذين يجلسون على الأرض، فيما وجدنا أن قتلته يستقبلون لا يرتضون إلا بقصور تمتلئ بالثريات ومرفقة بأحواض للسباحة.
    كان ذلك هو الرمز السودانوي محمود محمد طه الذي عاش عمره فقيراً من جاه أو مال أو حاشية أو ذبانية أو منصب حكومي ولا تعرف له بعض بواخر تجوب عرض البحار، بل ولا يعرف له حظ في البورصة الدولية كما هو شأن الذين كفّروه وكادت ضغينتهم تجاهه أن تصلبه. هذه هي السودانوية التي تبحث عنها الجماهير عند زعمائنا السياسيين فلا يجدونها، فكيف إذاً، لا نصبر على بؤس الحال وشقاء المآل.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147512277
                  

04-15-2008, 04:20 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    وما استطعتم فاقرأوا..
    د. عمر القراي
    كتب الصحافي النابه، الأستاذ صلاح شعيب، عن الأستاذ محمود محمد طه «إن السودانوية تمثّلت باذخة في سلوكه ومسكنه وتواضعه... إلخ، ولم يترك سلوكاً سودانياً طيباً إلا مارسه بكل فخر وإباء، وعليه بقيت كاريزماه تتقطّر صدقاً وتتكامل مع جوانيته الفكرية كرمز سياسي فكري مختلف وعميق عن كل الذين عاصروه وربما سيأتي اليوم الذي تعيد الأجيال القادمة الاعتبار له...». (الصحافة 11/11/2007م).. وبهذا المقال فتح الأستاذ صلاح شعيب، باباً تعذّر على غيره، من كبار الصحافيين، والسياسيين، والمثقفين، الذين عاصروا الأستاذ محمود، وشهدوا حركته، ثم تآمروا عليها بالصمت، وأبعدوا سيرته الفريدة، من تاريخنا الوطني السياسي.
    حين وقف الأستاذ محمود، أمام المفتش الإنجليزي، متهماً بإثارة الكراهية ضد الدولة، عام 1945م، طلب منه أن يكتب تعهّداً، ألا يعمل في السياسة فرفض، وفضّل أن يدخل السجن!! فكان أول سجين سياسي، في مطلع الحركة الوطنية.. وبعد نحو أربعين عاماً، أعلن نميري قوانين سبتمبر، التي شوّهت الشريعة، ونفّرت عن الإسلام، وأذلت الشعب.. فقال الأستاذ محمود «نحنا لما نهضنا في مواجهة الإنجليز كنا شباب مليانين حماس، هسّع البتعمل فيهو الحكومة دي، أسوأ مما عمل الإنجليز، ولا بد من المواجهة مرة تانية.. أنا بقيت عجوز ماني زي زمان، لكن الظاهر أنو مافي زول راح يلعب الدور دا غيري»!! وبالفعل كان أول من واجه قوانين سبتمبر، وقضاتها، ولم يتردد في أن يقدّم نفسه فداءً لمبادئه ووطنه.. هذه التضحية من أجل السودان، هي التي تؤكد أنه هو رمز عزة السودانيين جميعاً.
    ولم يقاوم الأستاذ محمود الاستعمار السافر فحسب، بل قاوم كل محاولات الوصاية، على هذا الشعب الكريم، مما لم يكن كثير من قرنائه من المثقفين، واعين به، ناهيك عن أن يقاوموه.. فقد كتب إلى الرئيس المصري، محمد نجيب، بعد أن أطاح بالنظام الملكي «وشيء آخر نحب أن نشير إليه هو علاقة مصر بالسودان، فإنها قامت، ولا تزال تقوم على فهم سيء، فإن أنت استقبلتها بعقل القوي، تستطيع أن تبرئها من المطمع المستخفي، والعطف المستعلن، فإن السودانيين قوم يؤذيهم أن يطمع طامع فيما يحمون، كما يؤذيهم أن يبالغ في العطف عليهم العاطفون». (18/8/1952م).
    ومرة سمع الأستاذ محمود نشيد (أنا سوداني) الذي يغنيه المرحوم حسن خليفة العطبراوي فقال لتلاميذه وضيوفه «أحسن بيت في القصيدة دي شنو؟» فعدد الحاضرون معظم أبيات القصيدة. فقال الأستاذ «أنا شايف انو أحسن ما فيها (أنا سوداني)»!!
    لقد وقع الأستاذ صلاح شعيب ببصيرة ثاقبة، على جانب أساسي في شخصية الأستاذ محمود، حين أشار إلى احتوائه على كمالات الشخصية السودانية.. والحق أن هذا الأمر ليس عفوياً، وإنما ينطلق من معرفة الأستاذ محمود الحقيقية بالدين، وثقته بأن جوهر الدين متسق مع تكوين الشعب السوداني وفطرته، ولذلك قال في الخمسينيات: «أنا زعيم بأن الإسلام هو قبلة العالم منذ اليوم، وأن القرآن هو قانونه، وأن السودان، إذ يقدّم ذلك القانون في صورته العملية، المحققة للتوفيق بين حاجة الجماعة إلى الأمن، وحاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب.. ولا يهولن أحداً هذا القول، لكون السودان جاهلاً، خاملاً، صغيراً، فإن عناية الله قد حفظت على أهله من أصائل الطبائع ما سيجعلهم نقطة التقاء أسباب الأرض بأسباب السماء...» (محمود محمد طه: جريدة الشعب 27 يناير 1951م) وحين سئل عن أصائل الطباع التي حفظها الله على هذا الشعب قال: «عفة النساء وكرم الرجال»!!
    ومن اعتزازه بالسودان، جاء تقديره لأفريقيا ونظره لمستقبلها، فقال «السودان يقع من أفريقيا موقع القلب وهو بشكله يمثل شكل القلب.. وأفريقيا هي القارة التي كانت ولا تزال، تسمى القارة المظلمة.. فهي في مؤخرة القارات، ولكنها أخذت اليوم تتحرّك حركة دائبة، نشطة، بها تتحرر شعوبها كل حين.
    أفريقيا هي الموطن الأول للإنسان، فيها ظهرت حياته، في البدء، وفيها ستتحقق حريته، في النهاية.. والسودان من أفريقيا بحيث ما ذكرنا» (محمود محمد طه: الدين والتنمية الاجتماعية 1974م). ولقد كان لا يتردد في الانتساب لأفريقيته.. ومرة قال: «أنا أفريقي عشان كدا بحب الليل والحر والبخور»!!
    بهذا التصوّر، المتعالي تحقيقاً، على عقابيل العرقية، استقبل الأستاذ محمود بفكره الثاقب مشكلة الجنوب.. ولقد ذكر الأستاذ أتيم قرنق في ذكرى الاحتفال بالأستاذ محمود في يناير الماضي أن الأستاذ دعا للحكم الذاتي للجنوب قبل الساسة الجنوبيين أنفسهم!!
    وحين وقف الأستاذ صلاح شعيب، عند زهد الأستاذ محمود، لم يجد له نظيراً بين نظرائه، ولعل هذه القيمة أيضاً، مرتبطة بمعرفته، ومعيشته لحقائق الدين الكبرى.. فالزهد تحرر من رق الأشياء، ثم هو به أيضاً، يعايش شعبه الذي يحبه، ويكره أن يتميّز عليه، ولكأن الشاعر عناه حين قال:
    متجرداً عرف الحياة فعافها ü وأبى تجرّع كرمها وسلافها
    عيناه صومعتان في غيبيهما ü ألق يمس من القلوب شغافها
    قهرت سفينة فكره بحر المدى ü ما أوهنت ريح الهوى مجدافها
    فمضى يسطّر للعلا بيراعه ü حتى غدا نور الدجى عرّافها
    يرنو إلى حرية سلميةü في الدين يرسم أصله أهدافها
    ولقد أشار الأستاذ صلاح شعيب، في مقاله الوفي، إلى أصالة الفكرة الجمهورية، والحق، إنها الفكرة الوحيدة، السودانية من حيث المنشأ، ثم هي الفكرة الوحيدة العالمية، من حيث التوجه والخطاب.. ولعلها أيضاً، الفكرة الوحيدة، التي نشأت في العالم الثالث، ثم استطاعت أن تطرح نقداً للفكر الغربي، يصحح مساره.. يقول الأستاذ محمود: «عجز الفلسفة الاجتماعية المعاصرة في إدراك العلاقة بين الإنسان والكون، أكبر من عجزها في إدراك العلاقة بين الفرد والجماعة، ولكن أثره أقل ظهوراً.. ذلك بأن علاقة الفرد بالجماعة واجهت التطبيق العملي، في السياسة والتشريع والتنفيذ، بينما لا تزال العلاقة بين الفرد والكون في الحيّز النظري، وما ذاك إلا لأننا لا نزال في قبضة غريزة القطيع، ولم يقو بنا الفكر حتى نبرز إلى منازل الفرديات، ولكن مما لا ريب فيه، أن عهد الجماعة أصبح يخلي مكانه لعهد الفرد الذي أخذت شمسه تؤذن بشروق، وسيحل يومه حين يتم نظرياً، ثم عملياً، فض التعارض المتوهّم بين الفرد والجماعة، وهو أمر سنتحدّث عنه بالتفصيل بعد قليل، إن شاء الله.. ومهما يكن من أمر بين الشرق الشيوعي والغرب المسيحي، فإن المدنية الغربية الآلية الحاضرة ليست مسيحية، وهي قد عجزت عن إدراك العلاقة بين الفرد والجماعة، كما عجزت عن إدراك العلاقة بين الفرد والكون، وهي من جراء هذا العجز، قد منيت بالقصور العملي عن الجمع بين الاشتراكية والديمقراطية، وذلك أكبر مظاهر فشلها.. ولسنا نحن الآن بصدد الزراية عليها، ولا بصدد التقليل من شأنها، وإنما نحن بصدد دراسة علمية لها، تضعها في موضعها وتعرف لها حقها، وتدعو إلى سد النقص فيها لتغدو مدنية، بعد أن أصبحت حضارة». (محمود محمد طه: الرسالة الثانية من الإسلام).
    لقد ابتدر الأستاذ صلاح شعيب، القراءة في فكر الأستاذ محمود وحياته، وهو قد فتح بذلك الطريق لأبناء جيله، للنظر المتأمّل في هذه الشخصية الفذّة، علّهم يكفّرون عن جريمة أجيال سابقة، خانت أمانة الفكر، والثقافة، والحرية، فانضوت تحت رايات الطائفية، وولغت في مستنقع التخلّف الفكري، والهوس الديني الآسن.. ثم وسعت ما وسعتها الحيلة، لتغطي قامة رجل كان أمة.. المفكرون والمثقفون الأحرار، والكتّاب، وحملة الرأي، مدعوون إلى مواصلة ما ابتدره الأستاذ صلاح شعيب، لعلّهم بذلك، يرفعون شيئاً من حيف الماضي ويستجيبون لدعوة الشريف محمد أحمد البيتي حين قال:
    وأيقظـــوا عــقولـــكم ü وعـــودوها النظـــرا
    وما استطعتم فاقرأواü هذا الكتاب الأكبرا

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147512491
    _________________
                  

04-15-2008, 08:06 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    بروفيسور وليم استيف وتجربته في السودان لربع قرن


    دفع الله سليمان
    استضاف منتدى اشراقة الأسبوعي بروفيسور وليم استيف مدير معهد الدراسات الأفريقية بجامعة أوهايو متحدثاً عن تجربته وعلاقته بالسودان في الفكر والثقافة والتصوف. أدار الندوة الإعلامي الشاعر عبد القادر الكتيابي. وتحدّث الدكتور عمر القراي معرّفاً الضيف بأنه أستاذ بجامعة أوهايو وهي تعتبر من الجامعات العريقة. تأسست عام 1804م، ويعتبر بروفيسور وليم استيف عالم انثربولوجي جاء للسودان أثناء دراسته لنيل درجة الدكتوراة عام 1981م، وقد ظل مرتبطاً بالسودان حتى بعد انهاء دراسته فوق الجامعية. زار السودان ومكث فيه كثيراً ويزوره من وقت لآخر كما له ذكريات جميلة وطريفة عن السودان. ابتدر البروفيسور حديثه، معبّراً عن سعادته شاكراً للحضور والمنتدى قائلاً إن علاقته بالسودان امتدت لأكثر من 26 عاماً، حيث جاء إلى السودان عام 1981 أثناء دراسته لنيل درجة الدكتوراة في علم الاجتماع وأنه عاش في أفريقيا وعرف الشريط الأفريقي من السنغال حتى أريتريا، وتعتبر هذه أول تجربة له مباشرة مع المسلمين. قرر بعدها أن يتخصص في الدراسات الأفريقية. وذكر أنه قرأ كثيراً عن السودان قبل زيارته له ولكنه أراد معرفة التصوّف وقد تحقق له ذلك عند زيارته للسودان. تعلّم اللغة العربية الفصحى، ولكنه يفضل التحدث بالدارجة السودانية. عاش في بعض زوايا الطرق الصوفية.. «الحياة كانت جميلة وممتعة» على حد قوله. زميلته بجامعة الخرطوم ذكرت له أن هناك ذكرا وانشادا بدار الاستاذ محمود محمد طه، وكانت هذه بداية معرفته بالاخوان الجمهوريين. تردد كثيراً على ذكر الجمهوريين وعاش بينهم أكثر من ثلاث سنوات وأنه فخور بعلاقته بهم. بعد رجوعه لأمريكا تخصص في الدراسات السودانية وعند عودته للسودان وجد به بعض التطوّر، ولكنه تطوّر بدون تخطيط. جاء للسودان في بحث روحي وتحدّث كثيراً مع السودانيين في ما يتعلّق بالتصوّف وكان الفكر الجمهوري مناسباً له لصدقه وعمقه. الاخوة الجمهوريون منفتحون على العالم كله ولديهم الاستعداد للنقاش والحوار، والفكر الجمهوري فكر واسع وفكر نقاش وعبادة وعلاقات. ذكر بروفيسور وليم أنه يحب السودان والثقافة السودانية.. المجتمع السوداني مجتمع مفتوح والثقافة السودانية ثقافة جميلة، وما لفت نظره في السودان حرارة السلام والاستقبال، بالإضافة للكرم السوداني الذي لا مثيل له في العالم. صورة الإسلام في الغرب متخلّفة. الناس يعتبرون الإسلام فكرا متخلفا وهذه الصورة غير صحيحة، الساسة الغربيون يعتبرون المسلمين صناع مشاكل. بروفيسور وليم استيف، قرأ كثيراً عن الإسلام والتصوّف ووجد ما يبحث عنه، عرف الإسلام والمسلمين وعرف التوحيد. في مداخلته عبّر الأستاذ عبد القادر الكتيابي عن سعادته بالندوة وموضوعها وذكر أن البروفيسور يتحدّث عن الغرب لجهله جغرافيته ولم يتحدّث عنه كديانات فما هي رؤية البروفيسور من ناحية فكرية وكيف كانت رؤيته للإسلام قبل وبعد معرفته به. الأستاذ هاشم فتح الرحمن يعتبر تجربة بروفيسور وليم استيف ثرّة وعميقة. الغربيون لا يبالون بتغيير دينهم ولاحظ في تجربة استيف كيف بمقدور الإنسان تغيير دينه ونمط حياته، وكيف استوعب الثقافة السودانية.. مشكلة العالم التعايش السلمي بين الشرق والغرب. دخل الإسلام السودان عن طريق التصوّف وهذا هو الذي استهوى بروفيسور وليم، الأستاذ محمود محمد طه عرف من القرآن كل ما يتعلّق بالإنسان من قيم الخير والعدل والمساواة، وفي رأيها والحديث للأستاذة عواطف عبد القادر أن يكون الدين منهاجاً لتغيير حياة الإنسان والمجتمعات كما ينبغي علينا كمسلمين أن نعكس الوجه المشرق للإسلام وذلك بممارساتنا وقيمنا وأخلاقياتنا. الهوس الديني يعتبر ظاهرة جديدة على السودان. يعتقد الأستاذ عبد المنعم الكتيابي أن بروفيسور وليم عالم له رؤيته للعالم والأشياء وهذا يجعلنا نرتفع بالحوار إلى آفاق أرحب. الغرب يعلم أن صورة الإسلام ليست هذه الصورة التي يتبناها الإعلام الغربي ويعلم أن ما يقدم به بعض الأفراد لا يمثل الإسلام ولا يمت إليه بصلة وإننا كمسلمين يجب ألا ننساق وراء شعارات الهوس الديني.

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=42841
    _______________
                  

04-15-2008, 08:08 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    إلى الأستاذ عبد الله الأمين المحامي:
    التنمية الاقتصادية أهم من الإصلاح السياسي المزعوم..!!

    د. محمد وقيع الله
    دخل الأستاذ عبد الله الأمين على جدالي مع القوم، بمقال بدأه بإنكار انتسابي إلى الإسلام الحق، ونسبني إلى ما أسماه بالعقلية «الإسلاموية». وهي صياغة خالف فيها قواعد الصرف والمنطق معا. أما مخالفة قواعد الصرف فبإضافة هذه الواو «اليسارية» المنكرة إلى اللفظ. وأما مخالفة قواعد المنطق فبعدم تعريفه لهذا المصطلح الذي جاء به، واستخدمه كثيرا في مقاله، وجعله عنوانا له، وكان الأمر يقتضي منه التعريف. وقد أورد في نقده المطول لآرائي نقاطا كثيرة ليست لها علاقة كبيرة بالجدال مع القوم الذين اندحروا. ولكن لأنها تمثل أهمية خاصة له، فقد أسهب في الحديث عنها، وضخمها، واستثمرها لصالح معتقداته السياسية «الآيديولوجية». ويمكن بلورة ما قاله في نقاط محددة حتى يتسنى الرد عليها بإيجاز. البعد الديني غير المرئي في الصراع: زعم الأستاذ عبد الله الأمين أنني لا يجوز لي أن انتقد من أسماه بـ «الراحل المقيم قرنق» لسبب أورده، وهو أن الانقاذ أبرمت معه اتفاقية وقف العدائيات. والواقع أني لا أمثل حكومة الإنقاذ، ولم أعمل، ولا أعمل، ولن أعمل في أية وظيفة فيها، كما أني لم انتقد قرنق إلا عرضا في كلمة واحدة، عندما رددت على رباح بأن أباها مسؤول جزئيا عن كل دم سفكه قرنق لأنه سانده وايده، ودعمه، وأبرزه للناس. هذا ما أخذه المحامي عليَّ وأراد أن يُسكتني عن قوله. هذا مع ملاحظة أن هذا المحامي ذو العقلية القانونية «المنصفة»، لم يكتب شيئا يأخذ فيه على بعض قادة حركة التمرد، شدة غلوهم في نقد الإنقاذ، ومشاكستها عمليا، واستفزازها بشكل دائم. فهذا التطرف من قبل قادة حركة التمرد- عند المحامي المنصف - أمر تجيزه اتفاقية وقف العدائيات، أما ما لا تجيزه الاتفاقية فهو أن يتحدث شخص كمحمد وقيع الله بشكل عرضي طارئ عن قرنق..!! والغريب أن الأستاذ عبد الله الأمين أجاز لنفسه أن يتحدث عن المجاهدين الإخوان والأنصار البواسل، الذين تصدوا لنميري في عام 1976م ، فوصفهم بالمرتزقة، ولم تشفع لهؤلاء عنده اتفاقية المصالحة الوطنية في عام 1977م، وهي اتفاقية وقف عدائيات، من أن يقوم بوصمهم بهذا الوصم المسئ. وبعد أن أبدى المحامي كرهه للإخوان والأنصار بهذا الشكل المستفز عاد وفسر سببه، فأعلن- من جديد - تأييده القديم لمايو، لأن انقلابها أجهض: «محاولة تمرير مؤامرة «الدستور الإسلامي» المزيّف».. فالمحامي كان مع مايو لأنها كانت ضد الدستور الإسلامي، وهو يساند الآن حركة التمرد لأنها أيضا ضد التوجه الإسلامي..!! ثم زعم الأستاذ عبد الله الأمين المحامي: «أن قرنق وحركته الشعبية قد كانوا يحاربون من أجل قضية عادلة ... فماذا فعلت «الإنقاذ» في حربها ضدهم؟ رأت أن تستخدم فيها الدين كما تستخدمه دوماً في أغراضها السياسية «لا بديل لشرع الله» فأعلنت «الجهاد» وحوّلت الحرب إلى حرب دينية، بين مسلمين وكفار». وهنا نسأل هذا الأستاذ المحامي «المنصف» لماذا يرى البعد الديني في جانب أعمال الحكومة الإنقاذية، ولا يراه في جانب أعمال حركة التمرد، التي تتلقى أكثر مددها العسكري والإغاثي والإعلامي والدبلوماسي من الكنسيين؟! ولماذا لا يعرف أن هذا البعد لم يكن جديدا مما طرأ خلال العقدين الأخيرين، بل هو بعد أصيل نشأت منه الحركة منذ أواسط الخمسينيات، وهو بعدٌ الكل يراه رأي العين، ولا ينكره إلا هؤلاء الكتاب من أمثال الأستاذ عبد الله الأمين، الذين يحاولون أن يوهموا من يظنون أنه قابل لأن ينطلي عليه الوهم، أن دولة الإنقاذ هي التي جاءت بالبعد الديني لصراع جنوب السودان. استمعت مرة لواحد من هؤلاء الغلاة اليساريين، من أمثال الكاتب، يخطب في حفل حاشد في واشنطون، ويقول إنه حضر خطابا ألقاه قرنق في إحدى الكنائس، في كلورادو، ولم يشعر من خلال الخطاب أن قرنق نصراني، وأنه هو «أي السامع الشمالي اليساري!» مسلم..!! لم يشعر السامع أن قرنق كان يتحدث في كنيسة، ولم يعرف أن مجرد الحديث في كنيسة يدل على هوية قائله وتوجهه. ولم يشعر هذا السامع أن زعيم حركة التمرد كان يستقطب في خطابه ذاك الدعم الكنسي ضد المسلمين، ولكن هذا السامع يشعر - كما يشعر الأستاذ عبد الله الأمين - شعورا بينا متى هتف الدبابون بالتكبير في سوح الوغى، بدخول عامل الدين «الإسلامي» في ساحة صراع جنوب السودان..!! وهكذا يريد هؤلاء اليساريون المناصرون لحركة التمرد، أن يروا الصورة من جانب واحد، وبعين واحدة، هي السخط على دعاة هذا الدين «الإسلامويين»..!! المرأة الإنقاذية هي الأقوى: وكتب المحامي عبد الله الأمين في نقطتين متناثرتين، أولاهما في أول مقاله والثانية في خاتمته، يقول إنني من أصحاب «العقلية الإسلاموية» الذين يحتقرون المرأة، وينظرون إليها: «كمخلوق ناقص العقل والدين، وجسده وصوته عورة، وغير قابل للرشد، ولا يستحق المساواة بالرجل، بل ولا يستحق الخروج من وصاية الرجل، ولن تفلح أمة تضعه في منصب حكم أو قضاء». وهذه جمل مثقلة باتهامات شتى، واكتفي بجمل تنقض سائرها، فأقول إن القول القائل إن المرأة ناقصة عقل ودين لم ابتدعه أنا. وإنني لست من الذكاء بحيث أجيئ بقول حصيف كهذا يُعدُّ من قوانين الخلق وسُنن الاجتماع البشري العظمى. فهذا هو قول سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنا أقبله على علاته ولا أناقش فيه أبدا. وكذا تقبله على علاته صاحبات الشأن، وهن النساء المؤمنات، ولا يمارين فيه على الإطلاق، وذلك بالرغم من أنه يتحدث عن نقص دينهن وعقولهن. ونقص العقل المذكور في هذا الحديث لا يعني ان المرأة «بليدة» كما يتوهم هذا المحامي، أو أنها مخلوق غير قابل للرشد كما يظن. وإنما يعني أنها حادة العاطفة جدا، وأن عاطفتها تطغى أحيانا على حكمتها وبصيرتها. وبعد ذلك قد تكون المرأة «أشطر» من الرجال، كما نشهد نحن المدرسون لطالباتنا الكريمات بانهن على الأغلب «أشطر» من زملائهن من الطلاب الكرام. فنقص العقل لا علاقة له إذن بالشطارة ولا البلادة، وإنما بالتدفق العاطفي لبنات حواء هداهن الله. وأما القول الآخر: «خاب قوم ولوا أمورهم امرأة» فهو أيضا ليس من بنات أفكاري حتى يأخذه هذا المحامي عليَّ، وإنما هو قول سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو حديث شريف صحيح، يمنع إعطاء المرأة الخلافة العظمى «وليس رئاسة الدولة القومية أو القطرية كما ظن المحامي» ولا يمنع إعطاءها منصب القضاء كما استنتج هذا المحامي. وإذا كان الأستاذ عبد الله الأمين المحامي يرى أن دولة الانقاذ هي دولة إسلامية، أو بتعبيره هو دولة «إسلامويين»، فعند ذلك لا يصح أن يرمي بهذه التهمة في وجوههم، فهم قد اعطوا المرأة السودانية من المناصب السياسية والقضائية أكثر مما أعطتها جميع الأنظمة العلمانية التي حكمت السودان من قبل. ولا يخطئ ناظر منصف أن يلاحظ أن حضور المرأة السودانية المسلمة المجاهدة في الدوائر السياسية الإنقاذية هو على العموم اكثر مما هو متاح للنساء في دوائر الأحزاب السياسية السودانية الأخرى، إذن فكلام الأستاذ عبد الله الأمين ليس له وجه صحيح لا على مستوى النظرية، ولا على مستوى التطبيق..!! لا يميز الآية من الحديث: وفي مجال آخر استشهد الأستاذ عبد الله الأمين بعدد من الأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، منها قول: «الدنيا مطية الآخرة»، و: «الفتنة نائمة، لعن اللهُ من يوقظها»، وساق الآية الكريمة: «الفتنة أشـدُّ من القـتـل»، على أنها حديث نبوي. وأخطأ في نص هذه الآية الكريمة، ونصها الصحيح يقول: «والفتنة أشدُّ من القـتـل» ولا يحذف الواو اعتباطا..!! ومع ذلك فقد نتسامح مع الأستاذ عبد الله الأمين، ولا نرى في عدم اقتداره على التفريق بين الأحاديث الصحيحة، والضعيفة، والموضوعة، وبين الآية والحديث، ما يمنعنا من الاستماع إلى أقواله وبيناته، والانتفاع بعلمه، وقبول ارشاده، وتوجهه الصادق نحو تفقيهنا في الشريعة الإسلامية، التي درسناها من قبل على يد الشيخ الأمين داؤود، والشيخ مجذوب مدثر الحجاز، والشيخ يوسف حامد العالم، رحمهم الله. ونَعدُّ هذا الأستاذ بأننا سنستفيد من أفكاره متى ما كانت صحيحة، وسنرجع عن أفكارنا متى ما اتضح لنا أنها خاطئة. ولكن لا يحق له أبدا أن يحدثنا بأن تشريعات دين الإسلام الذي ندين به، تشريعات مرحلية لا تصلح للعصر الحالي، وأن المفسرين الأوائل قد أخطأوا في فهم الدين وأصاب هو. فهذه دعوى يصعب علينا هضهما وتمثلها، حتى لو جاءت من شخص يعرف الفرق بين الحديث الصحيح، والضعيف، والموضوع، ويميز الآية من الحديث. يقول الأستاذ عبد الله الأمين وهو ينص على هذا المعنى: «وتنشأ عيوب العقلية الإسلاموية، في مجملها، من الفهم الخاطئ لبعض النصوص الإسلامية المرحلية، التي أخطأ المفسرون من فقهاء السلف فهمها، حيث نظروا إليها كنصوص مجرّدة، فأخرجوها من سياقها التاريخي والجغرافي، وجرّدوها بذلك من حكمتها المرحلية، وعـمموها على جميع العصور، بما يخالف الفهم السليم للإسلام». ونيابة عن هؤلاء «الإسلامويين» أجمعين، أقول للأستاذ عبد الله الأمين، إننا نقبل أن نتعلم من هؤلاء السلف الصالح، ونرفض أقوالك، وأقوال محمود محمد طه، وطه إبراهيم جربوع، ومحمد أبي القاسم حاج حمد، متى ما اصطدمت بأقوال السلف الكرام. لماذا يطالب بتطبيق حد الرجم؟ وقد انخرط الأستاذ عبد الله الأمين في مقاله الردئ في مزايدات شتى، فذكر أن الإنقاذ لا تطبق الإسلام، وتساءل مستنكرا: «هل شرع الله مجرّد قانون عقوبات «حدود وقصاص وتعازير» أم إنما هو دين مكتمل، بكل بما يحوي من أخلاق وقيم ومثـل وتربية وتوعية وعدالة ومساواة ...؟». بمعنى أن على الانقاذ أن تطبق كل الأخلاق والقيم والمثـل والتربية والتوعية والعدالة والمساواة، قبل أن تطبق القانون. ولم يسأل هذا المحامي نفسه ما هي فائدة تطبيق القانون بعد ذلك؟! إن القانون وأنت «قانوني» تعرف ذلك ودرسته في الجامعة، أداة تربوية كبرى لإقامة الأخلاق والمثل ورعايتها وحمايتها. ثم إنك أيها المحامي تناقض نفسك في وضوح، عندما تطالب الإنقاذ بإصرار بتطبيق حد الرجم، وذلك في قولك: «ثم هل يقضي قانونه على الزاني المحصن بعقوبة «الإعدام» شنقاً كما نصت قوانين سبتمبر، أم إنما يقضي عليه بعقوبة «الرجم» بالحجارة؟ هل يوافق الإسلام على استبدال عقوبة «الرجم» بعقوبة «الاعدام» شنقاً أو حتى بعقوبة «القـتل» بالسيف؟» فإذا كنت ترفض تطبيق القانون الإسلامي ابتداءً، فلماذا تطالب الآن بتطبيق أكبر عقوباته وأعظمها على التو؟!! والغريب أن هذا المحامي يتحدث عن قوانين سبتمبر، ويكرر ذكرها، مع أن القوانين التي يحكم بها السودان الآن ليست هي قوانين سبتمبر ولا أُخذت عنها! وهذا ما يدل على أن هذا المحامي ما يزال يغرف حججه ضد القوانين الإسلامية «الحالية» من بوتقة الأدبيات القديمة التي أفرزها اليساريون والعلمانيون اليمينيون في معارضة قوانين سبتمبر1983م، فهو يخوض معركته إذن بسيف كان قد انثلم منذ زمان بعيد..!! التنمية الاقتصادية غير مهمة..!! ومن ضروب المزايدات التي أدمنها هذا المحامي، ما عقب به على احصاءات المنظمات الدولية التي اوردتها في مقالي الذي رد عليه. وهي الاحصاءات التي افادت ان إجمالي الدخل القومي السوداني قد قفز من «10.3» بلايين دولار في عام 2000م، إلى «18.5» بليون دولار في عام 2004م، إلى «23.3» بليون دولار في عام 2005م، وأن مستوى الدخل الفردي قد قفز من «310» دولارات سنوياً في عام 2000م، إلى «522» دولاراً في عام 2004م، إلى «640» دولاراً في عام 2005م، أي أنه تضاعف خلال خمس سنوات. وهنا ذكر المحامي أن هذا كله لا اهمية له، وقال: «إن «مستوى دخل الفرد» إنما يقاس في هذه الاحصاءات عن طريق قسمة الدخل القومي الإجمالي على عدد السكان، ويكون حاصل القسمة هو «مستوى دخل الفرد» وحيث أن الدخل الإجمالي، في الواقع، لا يوزّع على السكان بالتساوي، بل وفي عهود الفساد السياسي يذهب جله إلى قلة قـليلة، بينما لا «ينوب» الأكثرية منه سوى الفتات». والواقع إن الذي لا قيمة له إنما هو منطق المحامي هذا الذي يجادل به. فهذا هو المقياس الاقتصادي العلمي العالمي المتبع في تحديد درجات التقدم الاقتصادي لجميع حكومات العالم، فلماذا تستثنى منه الإنقاذ؟ّ هل تستثنى لمجرد أن هذا المحامي الفاضل لا يستلطفها، أو انه يكرهها ولا يحبها..؟! ولا يبدو هذا سببا كافيا للاستثناء..!! ثم كشف هذا المحامي «المسيَّس» عن هدفه الأصيل في المزايدة على الانقاذ، عندما أنكر أهمية التنمية الاقتصادية، مع أنها هدف عظيم. وما أنكر أهميتها إلا لأن الانقاذ حققتها بنجاح كبير، فقال: «فهل تكفي التنمية الاقتصادية وحدها لتحقيق الاستقرار السياسي، دون أن يرافقها ولو الحد الأدنى من الإصلاح السياسي؟ كلا ولا كرامة». فالمطلوب إذن ليس التنمية الاقتصادية، وانما ما يسمونه بالاصلاح السياسي، الذي يعنون به إبعاد الإنقاذ عن الحكم لا غير، تماما مثلما يطلب الصادق المهدي بمفهوم المؤتمر الدستوري القومي الجامع، مجرد إعادة توزيع القوى السياسية في وقت انعقاد المؤتمر على أساس انتخابات 1986م، التي أعطت حزبه الأغلبية التي جاءت به إلى الحكم، فهذا هو مقصده الأول والأخير من دعوته التي لا يسأم من التنادي بها لعقد المؤتمر الدستوري القومي الجامع، ولا يطلب من وراء ذلك شيئا آخر..!!

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=42874
                  

04-15-2008, 08:09 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في ذكرى الاستقلال

    من زيّف تاريخنا؟! (1-3) تهتم كل أمة من الأمم بتاريخها، وتحاول أن ترصده بدقة، وبحيدة تكاد تبلغ حدّ التقديس.. ثم تبسطه في مناهج التعليم، في مختلف المراحل، مما يزيد من ارتباط الناشئة بأوطانهم، وشعورهم بالعزة والفخار، لانتمائهم لتلك الأوطان، وكونهم من أحفاد العظماء الذين روى التاريخ مآثرهم.. ولما كانت الأحداث تشمل كل المواطنين، بمختلف تياراتهم الفكرية والسياسية، فإن كتّاب التاريخ في الدول التي تحكمها نظم ديمقراطية، قد درجوا على تقصي الحقائق، وذكر إيجابيات جماعات يختلفون معها فكرياً، أو سياسياً، أو دينياً، فلا يكتب التاريخ بعزل فئة مهما كان إسهامهاً محدوداً.. أما نحن في السودان، فلم نعرف الحياد، فقد درجنا على إدخال توجهاتنا السياسية، وأغراضنا الشخصية، في التاريخ، وكتابته من وجهة نظر متحيّزة، ضيّقة، تحجب مآثر من نظن أنهم أعداءنا، أو خصومنا الفكريين والسياسيين، في محاولة يائسة، للإنتصار عليهم. ولعل أكبر من حجب تاريخه عن الأجيال، الأستاذ محمود محمد طه.. فلم تدرس مقاومته للاستعمار، ولم يذكر مجرّد ذكر في كتب التاريخ، بل لم يتناول المثقفون والكتاب السودانيون -باستثناء قلة- فكره بالمناقشة أو النقد، مثلما ما فعلوا بكتابات أقل شمولاً وعمقاً.. ولقد تآمروا بصمتهم عن فكره، مع الجهات الرسمية، التي أرادت أن تخفي فكرته بكل سبيل، رغم أنها الفكرة السودانية الوحيدة.. وحتى حين وقف في وجه قوانين سبتمبر، وأعلن أنه يعارضها، لأنها وضعت، واستغلت، لإذلال الشعب، ثم بذل حياته ثمناً لمقاومتها، وثار الشعب لذلك، وأسقط نظام نميري بعد 76 يوماً، استكثر الزعماء وهم يحتفلون بزوال نظام السفاح، وبالمناصب التي تقلّدوها بسبب زواله، أن يذكروا الرجل في مناسباتهم الرسمية، أو يسموا باسمه شارعاً، أو ميداناً أو قاعة في جامعة.. وحتى نقلل من هذا الحيف، وهذا الجور، ونعرّف الشباب بهذه الشخصية، السودانية المجهولة، نود أن نلقي بعض الضوء، على بذله في مناسبة الاستقلال، لعل القراء يعرفون من الذي صنع الاستقلال، ومن الذي نال الشكر والحمد عليه. السفر الأول: نشأ الحزب الجمهوري في أكتوبر 1945م، وكان أول ما أعلن به عن ظهوره، كتيب صغير سماه السفر الأول. ولقد كانت الحركة الوطنية، في ذلك الوقت، تتحرّك من مؤتمر الخريجيين نحو تكوين الأحزاب الكبرى. ولقد كان أمل الشعب معلّقاً بهذه الأحزاب وبالمؤتمر، ولذلك لم يقدّم نقداً لهما، يضع يده على الخلل، ويطرح البديل.. ولقد جاء عن ذلك: «...فعندما قيّض الله للبلاد فكرة المؤتمر استجابت لها، والتفت حولها، فدرج المؤتمر مرعياً مرموقاً.. وانخرط الخريجون بزمامه في حماس باد، وأمل عريض.. فدعا إلى إصلاحات جمّة، فأصاب كثيراً من النجاح، ووفق، بوجه خاص، في يوم التعليم.. فقد جمع الأموال وافتتح المدارس في شتى أنحاء القطر، أو، إن أردت الدقة، أنه ساعد العاملين من أبناء مدن القطر على إنشاء المدارس الوسطى التي أرادوها، وقد كان، كلما أنشأ مدرسة، أو ساعد على إنشاء مدرسة، تخلى عنها لمصلحة المعارف تسييرها وفق مناهجها وأولاها ظهره، وتطلّع لغيرها.. فقد جعل وكده إنشاء المدارس ولا شيء بعد ذلك.. ولدت الحركة السياسية في المؤتمر، وذلك يوم بعث بمذكرة للحكومة يطالب فيها إلى جانب حقوق أخرى بحق تقرير المصير.. ولقد أحاط المؤتمر هذه المذكرة بتكتم رصين، عاشت فيه، حتى اللجان الفرعية في ظلام دامس.. ثم أخذ يتداول مع الحكومة الردود بهذا الشأن بدون أن يعنى بأن يقول للجان الفرعية، بل الشعب، كيف يريد أن يكون هذا المصير الذي يطلب أن يمنح حق تقريره.. ثم انقضت فترة، ومشت في المؤتمر روح شعبت أتباعه، شيعاً، على أساس الصداقات، وتجانس الميول، بادئ الرأي، ثم اتخذ كل فريق اسماً سياسياً، وجلس يبحث مبادئه، ودساتيره.. فمنهم من يريد للبلاد اندماجاً مع مصر، ومنهم من يريد لها اتحاداً، ومنهم من يريد لها شيئاً لا هو بهذا، ولا هو بذاك، وإنما هو يختلف عنها اختلافاً، هو على أقل تقدير، في أخلاد أصحابه، كاف ليجعل لهم لوناً يميّزهم عن هؤلاء، وأولئك.. انبثت هذه الأحزاب، وتعددت، واختلفت، فيما يوجب الاختلاف، وفيما لا يوجب الاختلاف.. ولكنها كلها متفقة على الاحتراب على كراسي المؤتمر، وعلى الاستمرار في حرب المذكرات هذه، مع الحكومة. وان الحال لكذلك، وإذا بالخبر يتناقل بقرب مولد حزب جديد. ثم ولد حزب الأمة بالغاً مكتملاً.. وجاء بمبادئ يغاير المعروف منها مبادئ الأحزاب الأخرى مغايرة تامة، ويكشف المجهول منها غموض يثير الريب.. والمؤتمر في دورته هذه بيد الأشقاء، وهم قد كان مبدؤهم الإندماج التام، أول أمرهم، ولكنهم، عندما قدّموا مذكرتهم للحكومة -حسب العادة المتبعة- ظهر أنهم اعتدلوا، وجنحوا إلى الاتحاد، ولكن الحكومة ردت عليهم رداً لا يسر صديقاً.. فعكفوا عليه يتدارسونه حسب العادة أيضاً، ولكن هذه مساعي التوفيق تسعى، بين الأحزاب، لتتحد، وتقدّم مذكرة جديدة للحكومة.. فكانت مساومات وكانت ترضيات.. بين من يريدون الإنجليز، وبين من يريدون المصريين، وظهرت الوثيقة -هكذا أسموها هذه المرة- الوثيقة التي تنص على حكومة ديمقراطية حرة، في اتحاد مع مصر، وتحالف مع بريطانيا.. ولسائل أن يسأل: لماذا لم يسر المؤتمر في التعليم الأهلي على هدى سياسة تعليمية موضوعة، منظور فيها إلى حاجة البلاد كلها في المستقبل القريب والبعيد؟ ولماذا لم يعن المؤتمر، بمناهج الدراسة، كما عني بإنشاء المدارس؟ وله أن يسأل لماذا، عندما ولدت الحركة السياسية في المؤتمر، اتجهت إلى الحكومة تقدّم لها المذكرات تلو المذكرات ولم تتجه إلى الشعب، تجمعه، وتنيره، وتثيره لقضيته؟؟ ولماذا قامت عندنا الأحزاب أولاً، ثم جاءت مبادؤها أخيراً؟؟ ولماذا جاءت هذه المبادئ حين جاءت مختلفة في الوسائل مختلفة في الغايات؟؟ ولماذا يحدث تحوّر، وتطوّر، في مبادئ بعض هذه الأحزاب، بكل هذه السرعة؟ ثم لماذا تقبل هذه الأحزاب المساومة، في مبادئها، مساومة جعلت أمراً كالوثيقة عملاً محتملاً، وقد وقع واستبشر بع بعض الناس؟ نعم لسائل أن يسأل عن منشأ كل هذا -والجواب قريب هو انعدام الذهن الحر، المفكر، تفكيراً دقيقاً، في كل هذه الأمور...» (محمود محمد طه: السفر الأول 1945). مقاومة الاستعمار: لقد اتجهت الأحزاب، إلى بلورة الرأي العام، حول الوثيقة التي تدعو للاتحاد مع مصر والتحالف مع بريطانيا، وتكون على أساسها، الوفد الذي أعد ليسافر إلى مصر، فقد جاء «أن الوفد السوداني عقد مؤتمراً صحفياً أعلن فيه: أن مطالب السودانيين تتلخّص في: (1) إقامة حكومة سودانية ديمقراطية حرّة في اتحاد مع مصر وقد ترك تحديد نوع هذا الاتحاد معلقاً لم يبت فيه. (2) مصر والسودان سيقرران معاً طبيعة هذا الاتحاد. (3) عقد محالفة مع بريطانيا العظمى على ضوء هذا الاتحاد المصري السوداني». (جريدة الرأي العام بتاريخ الأربعاء 28/3/1946). وبين ما كان هذا اتجاه الأحزاب الكبرى، وضع الأستاذ محمود ورفاقه، الأفكار التي يريدونها في دستور حزبهم، ومنشوراته، ثم أخذوا يطبقون رؤيتهم تماماً، حسب ما نقدوا الأحزاب الأخرى، فاتجهوا إلى الشعب مباشرة يثيرونه ضد الاستعمار، بالمواقف الصادقة، وبالرأي السديد.. ومن ذلك مثلاً نقرأ (مثل الأستاذ محمود محمد طه المهندس أمس أمام قاضي الجنايات المستر مكدوال متهماً من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الإخلال بالأمن العام، وقد أمره القاضي أن يوقّع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيهاً لمدة عام لا يشتغل خلالها بالسياسة ولا يوزّع منشورات. ويودّع السجن لمدة سنة إذا رفض ذلك.. ولكن الأستاذ محمود رفض التوقيع، مفضلاً السجن، وقد اقتيد لتوّه إلى سجن كوبر (الرأي العام- 3/6/1946م). بهذا الاعتقال أصبح الأستاذ محمود محمد طه، أول معتقل سياسي، في مستهل الحركة الوطنية. ولمّا كان قد فضّل الاعتقال بغرض تصعيد المواجهة، وتحريك الشعب، فقد رفض الانصياع لقوانين السجن، حتى عوقب عقوبات مضاعفة داخل السجن.. وكانت السلطة البريطانية، في حيرة من أمره، لأنها لم تكن لها سابق تجربة مع معتقلين غيره، ولأنه كان قد فاجأها في كل لحظة بما لم تتوقّعه.. فقد رفض أن يعمل كما يعمل المساجين، ليؤرخ لضرورة التمييز بين المعتقل السياسي والمجرم العادي، بل رفض أن يقف لضابط السجن، وأخبره أنه ليس لديه مشكلة معه، ولكنه لم يعص الحكومة في الخارج، ليطيعها في الداخل.. وعن ذلك نقرأ (بيانا رسميا من مكتب السكرتير الإداري عن رئيس الحزب الجمهوري: «ظهرت بيانات في الصحف المحلية حديثاً بخصوص محمود محمد طه الذي هو الآن تحت الحراسة بالخرطوم بحري نتيجة لرفضه أن يمضي كفالة المحافظة على الأمن.. وهذه البيانات قد احتوت على معلومات غير دقيقة، والحقائق كالآتي: لمدة يومين رفض محمود محمد طه أن يشتغل، وهذا يخالف قوانين السجن فلم يعمل له أي شيء في اليوم الأول، أما في المرة الثانية فقد حكم عليه بالبقاء ثلاثة أيام «بالزنزانة» و«الأكل الناشف» ولو أنه رفض أيضاً أن يقف عند الكلام مع ضابط السجن فإن العقوبة التي نالها الآن لم تعط له نتيجة المخالفة لنظام السجن، وبهذه المناسبة يجب أن يعلم أن كل المساجين مهما كانت جنسياتهم يجب أن يقفوا إلى ضابط السجن انجليزياً كان أم سودانياً»). (الرأي العام- 26/6/1946م). وحين كان الأستاذ محمود يقاوم الاستعمار، من داخل السجن، كان رفاقه في الحزب الجمهوري، يصعّدون المقاومة في الخارج، فقد نشرت جريدة (الرأي العام)، في نفس الأسبوع الذي سجن فيه الأستاذ، الخبر التالي: )ألقى الأستاذ أمين محمد صديق سكرتير الحزب الجمهوري خطاباً عاما أمس الأول عن الجنوب في الخرطوم بحري في جمهور كبير أمام السينما الوطنية، وأعاد إلقاءه مرة أخرى في نفس الليلة في مكان آخر في الخرطوم بحري، وقد استدعاه البوليس هذا الصباح وحقق معه فاعترف بكل ما حصل وزاد بأن هذا جزء من خطط كبير ينفذه الحزب الجمهوري). ولما تصاعدت المقاومة من الجمهوريين، على قلة عددهم في ذلك الوقت، خشيت الحكومة البريطانية من تعاطف الشعب معهم، فأطلقت سراح الأستاذ محمود. وبالرغم من أن الحزب الجمهوري قد كان الأصغر، من بين الأحزاب، ألا أن مئات التهاني، وعبارات التضامن والتقدير، للدور الوطني، الذي لعبه رئيسه، قد وردتهم من جميع أنحاء السودان، مما يدل على استعداد الشعب للثورة، لو أن قادته قد كانوا في المستوى المطلوب.. ويكفي أن نذكر بعض تلك البرقيات التي وردت للحزب الجمهوري آنذاك، عرفاناً لأصحابها الأحياء منهم، والأموات، فقد دخلوا بها التاريخ: (سكرتير الحزب الجمهوري- أم درمان كان سجن الرئيس درساً وطنياً قيّماً لشباب الجيل في الإيمان والروح وقد سررنا لخروجه لا شفقة عليه ولكن ليواصل الجهاد الوطني. حسن بابكر- القضارف 24/7/1946). )محمود محمد طه- الحزب الجمهوري أم درمان: تأكل النار الصدأ واللمما وبها يسمو كريم الذهب ويرى الحر العذاب المؤلما لذة في الحق يا للعجب يا سجيناً قدره قد عظما وسما حتى جثا في السحب. أحمد محمد عثمان- عطبرة 29/7/1946). (الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري- أم درمان أعضاء جبهة المؤتمر الوطنية بالأبيض يرون في خروجك من السجن آية واضحة للإيمان بالوطنية الصادقة ويعدّون جهادكم رمزاً للكرامة السودانية، فبقلوب مفعمة بالغبطة يشاركون إخوانهم الجمهوريين السرور بعودتكم لميدان الجهاد. السكرتارية 24/7/1946). )أمين صديق، البوستة الخرطوم للرئيس دخلته رجلاً وغادرته بطلاً وضربته مثلاً. علي عبد الرحمن- الأبيض 32/7/1946م). (سكرتير الحزب الجمهوري- الخرطوم إن جميع أعضاء الجبهة الوطنية بسنجة مستبشرون بالإفراج عن رئيس حزبكم العظيم وهم جميعاً يبتهلون إلى الله أن يسدد خطاكم ويتمنون للرئيس العافية وحسن الجهاد. سكرتير عام الجبهة الوطنية- سنجة 2/8/1946م). (محمود محمد طه- أم درمان عرفنا فيك المثل الأعلى منذ عهد الطلب، فسرّنا أن يعرف القاصي والداني هذا القلب الكبير. صديق الشيخ- كوستي 30/7/1946). )محمود محمد طه- أم درمان أوفيت كرامة السودان وإبائه حقهما- فلتعش رمزاً صادقاً للوطنية الخالصة، لك تقديرنا وإعجابنا. اتحاد طلبة كردفان- الأبيض 23/7/1946م). )محمود محمد طه- أم درمان لقد سجّلت بعزمك القوي وإيمانك الصادق فخراً للأجيال فلتعش مرفوع الرأس.. لك مني التهاني. الطيب حسن/ عطبرة 24/7/1946م).
    د. عمر القراي

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=43048
                  

04-15-2008, 10:37 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اتحاد الكتاب وشبهة التمويل الأجنبي
    أم صلمبايتي ولا كدكاي هنا زول أب صلمباية

    د. أحمد محمد البدوي
    * من جوامع الكم، الدالة على منتهى الحكمة ورجاحة العقل، هذا المثل الرنان، الحاسم السمت، الداعي الى التمسك بالاستقلال، وإن كان عائده المادي ضئيل القدر، والنامي عن التفريط فيه، وإن كان عائده المادي ضخماً مغرياً يسيل له اللعاب. أي ان يكون العمل الثقافي غير خاضع لاستخذاء التمويل الاجنبي وإن عظم! والصلمباية تعني الفأر الصغير والكدكاي هو الفأر الكبير الضخم: الجقر نقول هذا في مستهل تناولنا لمقال الاخ الفاضل رئيس اتحاد الكتاب: شكراً للهولنديين: السودانيون وجوائز الأمير كلاوس (الصحافة: 27/12/2007) ، حيث تناول الاستاذ ابراهيم اسحق قضية حصول اتحاد الكتاب على «منحة» الأمير كلاوس، وهذه المنحة نالها الاتحاد في عهد اللجنة السابقة، ولكن الاتحاد استهلها مؤخراً في عهد الاخ ابراهيم اسحق فهى تركة ورثتها لجنته وآلت اليه من سلفه. يقول في مقاله مُعرّفاً بالأمير: « ولد الأمير كلاوس في المانيا وقضى الشطر الاول من حياته حتى عام 1938م في تنزانيا حيث كان لابيه اطيان كبيرة. وفي الحرب العالمية الثانية التحق بالخطوط الالمانية في ايطاليا عام 1945 إلا انه وقع في أسر القوات الامريكية في ميرانو حتى قبل اشتراكه في القتال». ويسمح لنا الاخ الفاضل ابراهيم اسحق بتصويب معلومة، معروفة بالبداهة، ان لفظ:تنزانيا «ضرب» من النحت لأن اللفظ مستمد من كلمتين اثنتين هما تنجانيقا وزنجبار، واطلق على البلدين عندما اندمجا متوحدين في بلد واحد، عند الاستقلال من بريطانيا، برئاسة المعلم نايريري، وقد حدث ذلك قطعاً بعد عام 1938 بأكثر من عشرين سنة. لقد كانت المانيا تستعمر تنجانيقا، عائلة الأمير كانت مقيمة ايام الاستعمار في تنجانيقا واكتسبت بفضل نفوذ الاستعمار الالماني ملكية مزارع شاسعة المساحة، اطلق عليها الاخ ابراهيم عبارة: اطيان كبيرة، ومن المؤكد أن العمل فيها، كان يجري حسب نظام السُخرة أو ما يشبه السخرة. فالأمير حسب وضعه العائلي وصلته الاستعمارية جزء من ظاهرة الاستعمار الالماني والاوروبي في افريقيا، وقد فقدت المانيا مستعمراتها في شرق افريقيا وغربها إثر هزيمتها، وآلت تلك المستعمرات الى بعض الدول الاوروبية التي الحقت الهزيمة بالمانيا النازية، فعلاقة الأمير بأفريقيا ليست علاقة بريئة، ولو كانت تلك البراءة محصورة في عمل تبشيري. الأمر الآخر، وثالثة الاثافي، أن الأمير نازي حتى النخاع لأنه شارك في الحرب، وفي مكان خارج الارض الالمانية، ووقع في أسر القوات المعادية، قوات معسكر الحلفاء، ولو أنه أسر في بلده، أو في بلد يضم اطيان عائلته في افريقيا، لاعتبرناه مدافعاً عن حوزته وحماه، عن وطنه وحقه. ومن بعد الحرب ، عمل الأمير دبلوماسياً في السفارات الالمانية ولعل صلته الاستعمارية ببلد افريقي، كانت عائلته تقيم فيه، وكان على معرفة ما بالجو الافريقي، اهلته للعمل في بعض الدول الافريقية، الى ان التقى بملكة هولندا، وتزوجها، وتخليداً لذكراه اقامت الحكومة الهولندية هذه المؤسسة ذات الهبات السنية باسمه، ولعل استخدام الاخ ابراهيم لكلمة: المنحة أصح وأوقع من الجائزة، فهى منحة نالها اتحاد الكتاب بعد أن تقدم لها وطلبها وكفل لنفسه اسانيد من التزكية وإثبات حسن السير والسلوك والبراءة من السوابق الماحقة للفوز، وتلك عملية معقدة تدور تحت سطح الماء الظاهر للعين الرائية!. ويقول الاخ الفاضل ابراهيم اسحق مُعرفاً بالمنحة الهولندية التي استلمها الاتحاد من سفير هولندا في حفل خاص (مدنكل) اقامه السيد السفير على شرفها، يقول عن المنحة إنها: «تستهدف بالتكريم اشخاصاً ومنظمات تعكس المقتربات التقدمية والمعاصرة لقضايا التنمية والثقافة». ولا ندري على وجه اليقين ما دلالة كلمة (المقتربات) ولكن يمكن أن نعرف أنها في نهاية التحليل، يمكن ان تدل على ما تدل عليه كلمة الاعمال أو الانشطة. افلا يدل استهداف المنظمة للمنظمات التي تعكس (المقتربات) التقدمية والمعاصرة لقضايا الثقافة، في حالة اتحاد الكتاب السودانيين، على انحياز تلك المنظمة لنمط معين من (الاعمال) وإدارة ظهرها بمعنى فقدان الاستهداف في حالة المنظمات التي لا تنتج اعمالاً تقدمية ومعاصرة. من يأمل في المنظمة توخي العدل والموضوعية، يجدها أبعد ما تكون في هذه الحالة عن العدل والموضوعية، لأنها راعت الانتقاء المتعمد، فمنحتها لاتحاد هو منظمة واحدة من منظمات المجتمع السوداني المدني العاملة في محيط الكتاب، مثل: 1/ رابطة الكتاب السودانيين شابو وعيدروس. 2/ اتحاد الادباء والكتاب: د. عمر قدور وحمدتو. 3/ اتحاد الادباء: حديد السراج. 4/اتحاد الصحفيين: 5/ نادي القصة السوداني: من أندية اليونيسكو. 6/ هيئة علماء السودان. ولأن هذه المنظمة هولندية، وليست سودانية، وقد منحت مبلغاً من المال، بالدولار، لاتحاد الكتاب، وهو منظمة سودانية، افلا يدل ذلك على تدخل هذه المنظمة الاجنبية، في شؤوننا الداخلية في السودان، ودس أنفها في حلبة الصراع والتنافس بين المنظمات السودانية العاملة في المجال نفسه، لأنها آثرت ودعمت اتحاداً واحداً وبالتالي صار لها موقف مضاد وسلبي، تجاه (الاتحادات الاخرى) اتحادات الكتاب السودانيين! الذين لا ينسجون على منوالها (التقدمي) (المعاصر). ربما يقول قائل ان هناك منظمات سودانية لا حصر لها تتحصل على عون مادي: اموال من الخارج ولاسيما من اوربا وامريكا، والرد على ذلك واضح وبسيط، هناك شبهة تلحق كل المنظمات السودانية التي تتلقى عوناً من دول اوربية ومن امريكا، صحيح ان هناك منفعة واضحة من الحصول على الدعم في بعض الحالات، ولكن الصواب ايضاً ان الشبهة واردة، والكمون تحت (السحاب) وارد، والافضل الاستعصام بالاستقلالية والنأي عن الشبهة. ولعله من المناسب ان نذكر هنا أن اتحاد الكتاب، في عهد الانتفاضة، استقدم الشاعرة الكويتية سعاد الصباح، فجاءت بهيلها وطائرتها ومنحت الاتحاد عطية بالدولارات، لا ندري كيف تصرف فيها الاتحاد، ولكن الجدير بالبحث هو لماذا هذا التهافت على الدعم المالي من خارج الحدود ولم؟ بل لماذا لا تؤمن (الجائزة) الهولندية بحق الحرية، حرية الرأى، فمن حق الكاتب ان يختار الموقف المضاد للمعاصرة، والمخالف للتقدمية؟! والا يعاقب على ذلك في بلده! نحن -أعني- المهتمين بالدراسات العربية والاسلامية نعرف مدى عناية هولندا بثقافتنا، ومرامي مراكزها المرموقة مثل جامعة (لايدن)، ومطبعة (بريل) العريقة، وسوق المخطوطات، ووضع الثقافة العربية في بلاد المسلمين التي اسرتها هولندا بمعنى استعمرتها في اسيا، وحرصها على استضافة د. نصر حامد أبو زيد، وإنشاء كرسي دراسات اسلامية من أجله، ومنحه هالة علمية لا تستحقها كتاباته لا لمحتواها وموقفها الفكري الذي اثار ضجة، وإنما لانها من حيث الاداء الاكاديمي تتمخض عن لهوجة، وسطحية، واستهبال، وتهويل، و(لطش) من المسكين الاستاذ محمود محمد طه! أما اذا كان اتحاد الكتاب السودانيين لا يرى حرجاً في الحصول على عون من الحكومة الهولندية، وأنه لا يكمن وراء الأكمة أي غرض آخر، فارجو ان يسمح لي برواية الحكاية التالية: في عام 1966م، ظهرت سلسلة مقالات في صحيفة امريكية، ورد فيها ان المخابرات الامريكية مولت منظمة فورد تمويلاً جزئياً، وأن منظمة فورد كانت تمول المنظمة العالمية لحرية الثقافة، ومقرها في باريس ولما كانت هذه المنظمة تمول وترعى مجلة (حوار) العربية التي تصدر من بيروت، فقد استقال رئيس تحريرها توفيق صائغ: متنبي قصيدة النثر، وتوقفت المجلة عن الصدور، وبعد سنوات توفي توفيق صائغ في امريكا. لقد تعرضت المجلة لحملة ضارية ضدها وخاصة من اليسار والقوميين العرب، وكان توفيق صائغ يقول إن المجلة تصدر عن المنظمة العالمية وأن مؤسسة فورد هى التي تضخ المال: منحة او جائزة او مقاربة! وأن لا علاقة له بأمريكا ومخابراتها! وأنه لا يرى أي اهداف خبيثة كامنة وراء التمويل، إنما عطاء مفيد للثقافة العربية، والحق نقول انه ما من مجلة خدمت الثقافة السودانية مثل هذه المجلة، لأنها نشرت كل اعمال الطيب صالح، قدمته وكفلت له الذيوع، وكتب في المجلة وشارك في تصميمها سودانيون منهم: مدثر عبد الرحيم، مصطفى مبارك، محمد عبد الحي، جمال محمد احمد، محي الدين محمد، شبرين، الشوش مراسلها في الخرطوم، جعفر محمد علي بخيت. ومع ذلك فإن نبرات الصوت الذي هاجم حوار وجرمها، هى نبرات الصوت نفسه الذي بارك المنحة الهولندية، منحة الأمير النازي المشارك في استعمار افريقيا، وهى نبرات الصوت نفسه الذي قبل العون الآن في منظمات المجتمع المدني السوداني، من المراكز ومن منظمات حقوق الانسان. إما أن يكون قبول الدعم الخارجي- كالمنحة الامريكية او الهولندية- امراً مقبولاً لا مشاحة فيه، وعندئذ علينا أن نقر ببشاعة الجريمة التي ارتكبت في حق مجلة حوار صاحبة الفضل على الثقافة السودانية، وإما ان يكون الحصول على المنحة من عظائم الامور التي تستحق الويل والثبور، ويكون الحاصل عليها مساوياً لمجلة حوار في سقوط القيمة! لا يصح إلا الصحيح:أ بصلمبايتي ولا كدكاي هنا زول أب صلمباية، ودنيا دبنقا.

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=43099
    ______________
                  

04-15-2008, 11:44 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    م. عيدروس في شاهد على العصر:
    معاوية نور أثر في بعض نقاد مصر..!!


    هل حقا نحن جيل بلا أساتذة ولا نقاد..!! في إطار نشاط نادي القصة السوداني الأسبوعي وتكملة للسلسلة التي بدأها النادي بعنوان «شاهد على العصر» والتي قدم فيها من قبل د. عمر شاع الدين والشاعر عبد الله شابو، استضاف النادي الناقد مجذوب عيدروس. وفي البداية قدم الناقد السينمائي محمد مصطفى الامين الاسبق قائلا: تعود علاقتي بالناقد مجذوب عيدروس لاكثر من خمسة وعشرين عاما، التقيت به اولى مرة عندما ذهبنا الى نادي السينما بمدينة ود مدني، وقابلت هناك الاستاذ محمد عوض عبوش رئيس تحرير مجلة الثقافة السودانية الذي انتقل للعمل في بنك الادخار السوداني، والاستاذ علي مؤمن. وتعرفت على مجذوب عيدروس في هذه الرحلة.. والاستاذ مجذوب يعرفه الناس من خلال الادب ونقده، ولكنه الى جانب ذلك، فهو مسرحي وله اضافات عميقة في المسرح والتراث، وهو ملم به، وهو موسوعي الثقافة، ويملك «سحارة» مليئة بالمعارف نحاول ان نخرج منها الكثير في هذه المسامرة. وابتدر مجذوب عيدروس حديثه بأنه لمن يعرفونه شخص في غاية البساطة. والعقاد قال ان الانسان له ثلاث صور ـ العقاد كما خلقه الله والعقاد كما يعرفه الناس، والعقاد كما يعرف نفسه، وكل انسان ينظر له من زاوية خاصة به، وسأحاول ان اقدم بعض ما اعرفه لعله يساعد في رسم صورة عن الزمان الذي عشت فيه. حقيقة ادرك ان صفة ناقد قد لحقت بي، وما انا الا قارئ ادون ملاحظاتي على ما اقرأ. ولدت عند منتصف القرن في مدينة الدامر، وحدثني ابي والشيخ الزبير عبد المحمود «صاحب كتاب ارشاد البدوي للدين النبوي» ان الشيخ الزبير والاستاذ احمد حسون وهما من قيادات انصار السنة، اعترضا على اسمي، وكان ابي يضمر ان يسميني صلاح الدين، ومع اصرار بعض اهلنا الذين تربطنا بهم صلة من المجاذيب تمت التسمية. وهذا وحده يوضح مدى القدرية والمصادفات في حياتنا. وعشت الفترة الاولى بين بربر وشندي، ثم نقل الوالد الى ود مدني، حيث استقررنا هناك، وسكنا اولا في حي الدباغة ثم مربع «11»، حيث دخلت الخلوة لشهر واحد وهجرتها بسبب قسوة الشيخ على تلاميذه، رغم انه لم يعاقبني قط.. ثم انتقلنا الى حي الموظفين في بيت حكومي واسع الارجاء، وهناك التحقت بالمدرسة الشرقية، حيث صادفنا مجموعة من خيرة الاساتذة: الطيب ميرغني، طه عابدين، السر محمد فضل وادريس عبد الحميد الذي شجعني كثيرا وتنبأ لي بأني سأكون كاتباً! وانتقلنا الى مدرسة مدني الاميرية، وفي المدرسة كانت هناك جمعية ادبية المشاركة فيها ملزمة. وحصة اسبوعية للمكتبة، وحجرة اسمها حجرة القراءة بها مجلات، اذكر منها مجلة القصة السودانية ومجلة العربي الكويتية والهلال والمختار والآداب والصحف اليومية. وفي الجمعية الأدبية قدمت لي جائزة عبارة عن خمسة كتب، اذكر منها كتاب «أبو الشهداء» للعقاد، مما دفع الوالد لاعطائي مجموعة من كتب العقاد التي زادت على الخمسين كتابا عنده.. وهذا الوالد كان قارئا متميزا، وكثيرا ما ناقش اصدقائي ومنهم علي مؤمن الموجود الآن في هذه الجلسة، والراحل عبد الله محمد ابراهيم، وعبد القادر شقيقي، واحمد الفضل احمد القاص وغيرهم... واذكر من الطلاب الذين وجدناهم في رابعة وسطى ونحن بالسنة الاولى، احمد الفضل احمد، والفريق عبد الرحمن سر الختم، والبروفيسور الزبير بشير طه، ومحمد عثمان محمد سعيد وغيرهم. وفي الفصول الأخرى عماد عبد الرحمن، وعارف عبد الرحمن، وعبده عز الدين، والخواض عمر أحمد وحسين حميدة، وعبد العظيم عبد القادر الذي ترأس رابطة الجزيرة للآداب والفنون فيما بعد. وقد سكنا في حي الموظفين بود مدني ـ قريبا من نادي الخريجين ومنزل الاستاذ احمد خير المحامي ـ ومن جيراننا المحامي محيي الدين عووضة المحامي، والبروفيسور احمد صفي الدين عوض، وغير بعيد منا الشيخ مدثر البوشي الذي جمعت شعره فيما بعد، ودفعته الى كتابة مذكراته «مفاتيح الجهاد السافر».. والمشهد الثقافي الذي نشأنا فيه خلال الستينيات، كان فيه صراع حاد ومستميت بين انصار الشعر التقليدي وشعر التفعيلة. وهنا اؤكد ان الشعر السوداني ومنذ فترة مبكرة فقد خصوصيته، فقد كتب محمد عمر البنا قصائده وهو مجايل لمحمود سامي البارودي، ولا يقل عن البارودي ورصفائه، وقصيدته الشهيرة «الحرب صبر واللقاء ثبات ـ والموت في شأن الاله حياة».. وكذلك السلاوي الذي مدح عمرابي بقصيدة «شغل العدا بتشتت الاحزاب ـ والله ناصرنا بسيف عرابي»، وحينما دخلت قوات الاحتلال البريطاني القاهرة كان الشاعر السوداني مطلوبا من السلطة الاستعمارية، فلجأ الى سيد محمد سر الختم الميرغني الذي دبر إخراجه الى استانبول، حيث عمل مفتشا للغة العربية في وزارة المعارف. وكذلك جاء محمد سعيد العباسي وعبد الله عبد الرحمن الامين وعبد الرحمن شوقي والبوشي، وكلهم في مصاف الشعراء العرب الكبار، والاشكالية أن شعرنا ونقدنا لم ينشرا في اوقات مناسبة، حتى ان المجذوب طبع ديوانه الاول «نار المجاذيب» بعد ثلاثين سنة من الكتابة، وهناك شعراء كثر خارج العاصمة، مما جعلهم بعيدين عن الاضواء. وفي الفترة الأخيرة توجهت بعض كليات الآداب إلى الاهتمام بدراسة الإبداع السوداني. ومنذ فترة مبكرة اهتمت كلية الموسيقى والدراما التي درست فيها بهذا الشأن، فكان التوثيق لتجارب خالد ابو الروس وابراهيم العبادي ـ ومحاولات لتأصيل ظاهرة المسرح.. ولدي بحث عن الظواهر المسرحية في السودان، اشرف عليه د. خالد المبارك، وقد اهتم هاشم صديق بتأسيس مكتبة المسرح السوداني في الكلية، وكانت بها مكتبة ضخمة، وفوجئت في زيارة لها باختفاء معظم الكتب. والنقد الأدبي في السودان بدأ بدايات جيدة، وكان الامين علي مدني «1900 ـ 1926» ناقدا جريئا، وحينما قدم محاضرة عن شعر البنا في نادي الخريجين بام درمان، حاول أحدهم الاعتداء عليه بكرسي، وكان معجبا بالعقاد وجبران، ويدعو الى تقليد مدرسة الديوان وادب المهجر وطه حسين. ومن هنا رأى المجذوب في مقدمة الحان واشجان «ديون محمد محمد علي» ان البنا وزملاءه مقلدون، وكذلك من قلدوا الديوان والمهجرين واستثنى حمزة الملك طمبل.. الذي كان يبحث عن ملامح الذات السودانية.. وكان ايضا هناك ناقد كمحمد عشري الصديق وكتابه «آراء وخواطر» وإلى جانب كتاب حمزة الملك طمبل الادب السوداني وما يجب ان يكون عليه... وقد علق المازني على ما كتبه عشري، وكذلك كان هناك معاوية محمد نور الذي اقول ان هناك تأثيرا له على عدد من النقاد المصريين، منهم انور المعداوي في الاداء النفسي، وتفصيل ذلك في دراسة اعدها عن معاوية. والشعر السوداني كانت له علاقة وثيقة بنهضة المسرح منذ الثلاثينيات، وشعراء العامية هم من قادوا نهضة التأليف المسرحي «ابو الروس ـ العبادي ـ حميدة ابو عشر الخ»، وشعراء العامية والغناء قد اهمل دورهم الوطني والسياسي، فمثلا علي المساح كان مؤسس جمعية اللواء الابيض في ود مدني 1922م حسب المؤرخ محمد عبد الرحيم. وفي تطورات شعر التفعيلة لم تسلط الاضواء على دور الشعراء السودانيين في تثبيت حركة شعر التفعيلة في مصر من خلال الشعراء: جيلي عبد الرحمن ـ الفيتوري ـ محيي الدين فارس ـ تاج السر الحسن. وكانت هذه الحركة قد ظهرت اولا في العراق على يد بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وبلند الحيدري وشاذل طاقة. ونلاحظ ان هؤلاء ومعهم آخرون كلهم درسوا في دار المعلمين العالية «حاليا كلية التربية ـ جامعة بغداد». ومن الآخرين السوري سليمان العيسي وعبد الرزاق عبد الواحد ـ لميعة عباس عمارة ـ وكان من أساتذتهم جبرا ابراهيم جبرا، وهو صاحب محاولات في تجديد الشعر وتجديد النقد، ومن اهم المترجمين العرب. ووجود الشعراء السودانيين ساهم في نقل المعركة الى مصر جنباً الى جنب مع صلاح عبد الصبور واحمد عبد المعطي حجازي. وفي ذلك الجيل كانت هناك مساهمات من عدد من الاكاديميين العرب الذين درسوا في الجامعات هنا، وارتبطوا بالسودان، وفي طليعتهم د. احسان عباس «فلسطين» اقام عشر سنوات، وساهم في الحركة الثقافية بدراسات جادة، وساهم في نشر عدد من الكتب، منها «البرجوازية الصغيرة ـ مجموعة قصصية لعلي المك وصلاح احمد ابراهيم وهما من طلابه». وفي قرية مجموعة قصصية لعلي المك، وديوان الصمت والرماد لمحمد عثمان كجراي. وساهم في مجلة القصة السودانية، وكتب في مذكراته عن فترته بالسودان، وتحدث عن حزنه والعائلة لخروجه الى الجامعة الاميركية في بيروت، وكذلك كان هناك الباحث د. عبد المجيد عابدين والناقد الشاعر عبده بدوي، ولهما عدة كتب عن السودان، وكذلك د. محمد مصطفى هدارة، وقبله دكتور محمد النويهي، ود. سلمى الخضراء الجيوشي ود. حسن حنفي، ود. سعد الدين الجيزاوي، وهو ابن خالة حمزة الملك طمبل. ودخل النويهي وكذلك هدارة في مساجلات مع ادباء السودان، وهجا صالح عبد القادر، النويهي «لو كان ذا خير للحق بأهله»، ولي الحق فإن بعض العرب يرون في الأمر حساسية سودانية ـ والنقد نفسه في السودان عانى من هذه الحساسية، وذلك لطبيعة المجتمع البدوي، ولهذا لا بد من الموضوعية ومغالبة الهوى، والكتابة النقدية موجهة للنص ولعمل الكاتب لا لشخصه. ومازال البعض يردد مقولة سليمان فياض القاص المصري «نحن جيل بلا نقاد» والتقطها هنا اسامة الخواض، وفياض كتبها في زمن كان فيه جيل العقاد قد بدأ يخلي الساحة، وكان هناك طه حسين ود. لويس عوض ود. عبد القادر القط وسامي خشبة وصبري حافظ ود. محمد مندور وعشرات النقاد، وهي قد انتقلت الآن الى الجيل السوداني الشاب، وكانت في الستينيات ما عرفت بفضيحة مسرحية «الهواء الأسود» حيث لفق الكاتب الساخر أحمد رجب مسرحية زعم انها مترجمة ضمن مناخ مسرح اللا معقول الذي شمل المنطقة بكاملها، وبلع النقاد الطعم ما عدا العقاد الذي قال انها لا تشبه كتابات فردريش دورنيمات الذي قال إنه ترجمها عنه.. وفي السودان اواخر الثمانينيات حدث مثل هذا في موجة القصة القصيرة جدا، حيث كتب احدهم قصة قصيرة جدا زعم انها لتولستوي، لينظر ناقد عن اسبقية تولستوي. مرة قال احد الادباء انني مؤرخ ادبي ولست ناقدا، وقلنا يا ليت ذلك يكون. فطه حسين وسانت بيف مؤرخا ادب. والمؤرخ الادبي يعمل على تثبيت العلامات البارزة في الادب والحديث عنها، ولديه الوعي الذي يغربل به الاعمال، وقد يكون في الجيل عشرات الشعراء، ولكن المجيدين الذين تحتفظ بهم الذاكرة الادبية لا يتجاوزون قلة من الشعراء. والنقد السوداني يحاول أن يواكب ما يحدث في العالم والمنطقة- المدرسة الرومانسية جاءت وانتجت هنا شعرا وقصصا، وقدم محمد احمد محجوب نقدا مميزا منذ الثلاثينيات. وعندما جاءت الواقعية استفاد منها الكتاب في تقديم صورة عن البيئة والحياة السودانية ونماذج من الشخوص.. وعودة الى نقد محمد محمد علي، فقد كتب بجرأة عن النحو، وحاور محمود محمد طه في انزال الفلسفة على الارض، كما انه درس في الشعر السوداني في المعارك السياسية 1880 ـ 1924م الشعر العامي الذي تناول الثورة المهدية. وهناك اشكاليات برزت، هي أن شعر التفعيلة قد استسهله الكثيرون، وكذلك يفعل الكثيرون بقصيدة النثر على ايامنا هذه.. وضعف القصائد في الحالتين يعود الى الشاعر وقصور ادواته وقلة موهبته وفقر قاموسه اللغوي، وخياله المحدود. وشهد القرن العشرون الميلادي نهضة، اذ جاءت الثقافة الغربية مع الاستعمار، ولقيت ثقافة محلية وعربية وتفاعلت معها، وقد ساهمت المجلات الثقافية في ارساء دعائم النهضة «النهضة السودانية ـ الفجر ـ ام درمان ـ القصة ثم القلم والخرطوم والثقافة السودانية الخ». وفي بداياتنا وجدنا عبد القدوس الخاتم، وكانت علاقاقتنا معه عبر البريد من مدني، واحتفى بهذا النتاج المتواضع ولم القه الا في مكتب الراحل محمد عبد الحي عام 1980م، واحسب انني افدت من مناقشات مع محمد المهدي مجذوب ومحمد عبد الحي، الى جانب الصحبة الادبية مع زملاء رابطة الجزيرة للآداب والفنون التي شاركت في تأسيسها عام 1972 ـ 1973م بود مدني، وكان اول رئيس لها الاستاذ محمد الحاج محمود صالح، وقد شجعنا على الكتابة، وكانت ميزة هذه الرابطة انها كانت ديمقراطية ويتعايش فيها افراد بمختلف اتجاهاتهم الفكرية والسياسية، رغم انها نشأت في عهد مايو وكان القمع على اشده. وكان لنا رأي دائما بأن مسألة صهر الثقافات السودانية في ثقافة واحدة امر غير دقيق، ولكننا نؤمن بالحوار بين ثقافات مختلفة، ونحتاج الى ان نتعلم ان الحوار والاعتراف بالآخر وافساح المجال للتثاقف بين المجموعات السودانية المختلفة، هو الطريق الأمثل. وقد قرأت هذا الاسبوع في كتاب «فردوس الامبريالية ـ الادارة البريطانية في جنوب السودان» لدكتور روفائيل ترجمة محمد علي جادين، ان الانجليز عملوا على ان يكون جنوب السودان حاجزا امام انتشار الاسلام واللغة العربية في افريقيا، وخلق حالة من العداء امام العروبة والاسلام. والمطلوب نظرة واعية لثقافات الآخرين، والثقافة العربية لها القدرة والمرونة على التكيف في اي مكان ذهبت اليه. ورغم أن لنا انتماءاتنا الفكرية، إلا ان المنظور يظل متسعاً، ونرفض تصعيد الادباء من وجهات نظر سياسية وتنظيمية، واعلاء شأن البعض دون الآخر، وكلها أخطاء وخطايا ترتكب في حق الحركة الثقافية. وفي عام 1980م بدأت البنيوية في الظهور ـ سودانيا ـ وكانت فرصة طيبة للخروج من إطار النقد المضموني الذي يركز على العوامل المحيطة بالنص، وقد رأينا أن لوسيان غولدمان بجمعه بين البنيوية والماركسية هو الاقرب للنقد الذي يجمع بين التركيز على النص والدور الاجتماعي للادب، حتى لا تستحيل المتابعة على القارئ. والناقد المعاصر مطالب بدراسة المناهج النقدية الحديثة. وقد تناقشت مع د. عمر شاع الدين حول جدوى المجلات الثقافية القديمة الآن في تكوين ثقافة الناقد الأدبي، وقد لا تكون لها فائدة في التعريف بالمناهج الحديثة، ولكنها مفيدة في التعرف على المناخ الادبي السائد آنذاك. في معهد الموسيقى والمسرح، درسنا على يد اساتذة منهم هاشم صديق ود. جعفر ميرغني ود. عبد الرحمن الخانجي الذي درسنا النقد على مدى عامين، وكان ما يميز المعهد وجود عدد كبير من المبدعين من الاساتذة والطلاب ومنهم: محمد محي الدين ـ مصطفى سيد احمد ـ يحيى فضل الله ـ قاسم ابو زيد ـ محمد نعيم سعد ـ د. نجاة محمود وغيرهم. والمهم في الامر هذه لمحة من مشهد عايشناه، ولكن تبقى هناك تفاصيل كثيرة تحتاج إلى الاضاءة.

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=43163
    _________________
                  

04-15-2008, 11:54 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    التخطيط بين العلم والايديولوجيا
    د . حيدر ابراهيم علي
    يحاول البعض الخلط بين التخطيط كفعل معرفي وعلمي يرتكز على الحقائق والاحصائيات الموثقة، أو كفعل سياسي ايديولوجي يرفع الشعارات والوعود شبه المستحيلة لأنها ترتكز على الأماني والأوهام. ولا يحتمل موضوع التخطيط بالذات في البلدان المتخلفة غوغائية السياسة باعتباره محاولة، يفترض فيها أن تكون جادة، للخروج بالبلد من وهدة التخلف. والأهم من ذلك هو أن التخطيط يتجرأ على المستقبل ويبدأ تحديده مقدما من الآن. لذلك لا يترك التخطيط لقلة، ولا بد أن يكون قوميا وشاملا، بمعنى إتاحة الفرصة للمتخصصين والخبراء الحقيقيين بكل حرية للمساهمة، دون أن تتدخل سلطة تنفيذية أو بيروقراطية في توجيههم عند وضع الخطة والحوار والاختلاف حولها، والبعد عن التصورات الايديولوجية المسبقة التي تدعي العلمية. والتخطيط يختلف عن بناء الحزب الواحد، سواء أكان الاتحاد الاشتراكي أو المؤتمر الوطني، لأنه لا يحتاج لشعارات خاوية وحناجر واسعة وأقلام غير صادقة. فالتخطيط يقوم على المعرفة والعلم والحوار وقبول الاختلاف. فالقاعات الواسعة المكيفة والملفات الضخمة والموظفون المداهنون لا يصنعون خطة ولا استراتيجية، ويتحول الأمر كله إلى جزء من سيرك ظللنا نشاهده منذ «18» عاما. أعتقد من أكبر سقطات أي تخطيط، أن يلجأ من البداية إلى تجنيد ما أسماهم المسيح بالانبياء الكذبة للدفاع عن الخطة الاستراتيجية، لأنهم غير مؤمنين بما يدافعون عنه، فهم موظفون عيونهم على مخصصاتهم وظروف الحوافز السمينة. لذلك تجدهم ملكيين أكثر من الملك، ولديهم القدرة على السب والشتم والاساءة بلا ضمير وكثير أخلاق. لأن سبل كسب العيش في السودان انتجت اخلاقها وقيمها المنحدرة، فهم يقومون بدور الفتوات لحماية المعلم الكبير، وقد قارنت سابقا بروايات نجيب محفوظ، فالفتوة يقول للمعلم: «هذا الشخص ليس مستواك سيبو لينا نأدبه ونلقمه حجرا» وهذا بالضبط ما فعله الاستاذ عوض الكريم حين كتب «.. انما هي معالجة سياسية دارجة تعوزها الحصافة السياسية دعك من الرصانة العلمية التي تنبغي لمن يقود مركزا للدراسات السودانية، فهي تعج بالمهارشة والمماحكة» «الصحافة 12/12/2007م» هذه قدرة اعجازية ان يشحن شخص في سطرين فقط هذا القدر من الاساءة والشتم والاستهزاء. والاعجب ان هذا الرجل سعى الاستاذ الشهيد محمود محمد طه الى ان يؤدبه باخلاق محمد «ص» ولكنه فضل اخلاق الانقاذ التي تشجعه على الاساءة المجانية للناس بقصد ابتزازهم وتخويفهم، لكي لا يقربوا نقد الانقاذ والصمت عن مشروعاتها الفاشلة والخاوية. ينطلق الاستاذ موسى من استراتيجية مهمة في المبارزة الكلامية والمهاترة، وهي البدء بإثبات عدم قيمة الخصم شخصيا، وبالتالي يكون كل كلامه ـ بالضرورة ـ لا قيمة له. لذلك، بدأ باخراجي من الاخلاق ما اسماه «قواعد الامانة»، واضاف اليها العلمية لكي يخرجني من مجال العلم، وكل هذه في جملة او عنوان سريع ومثير. وهنا يجبرك على الحديث عن نفسك ليس دفاعا او تزكية للذات، بل تأكيدا لحقائق تدعم ما كتبت وتنفي تهمة لا قيمته بسبب لا قيمة صاحبه. اولا الموضوع ليس سياسيا، وصاحبه لا يدعي انه سياسي بالمعني المعروف، ولكنني اتعاطى السياسة من منظور فكري والتزام الى جانب الشعب ـ كما كانت صحيفة «الصراحة» كان هدفي علمي بحت يرفض التسييس وتحزيب الاستراتيجي. ولم يكن قصدي كما قال معلق آخر «الهجوم على كل ما تفعله الانقاذ» «كمال أحمد محمد صالح، الصحافة 24/12/2007م» هناك فرق كبير بين ان تهاجم الانقاذ وان تدافع عن الشعب السوداني، ولكن لان الانقاذ اذلت الشعب السوداني، صار من الصعب ان تدافع عن الشعب السوداني دون ان تنقد الانقاذ «هناك فرق بين النقد والهجوم ايضا». لا بد في البداية من التأكيد على انني لست متطفلا على موضوع التخطيط ولا اعالجه سياسيا. فهو تخصص علمي واهتمام فكري بالنسبة لي. فقد نشرت كتاب «التغير الاجتماعي والتنمية مدخل نظري» عام 1981م، في العين بجامعة الامارات العربية، ويدرس في اغلب جامعات الخليج العربي. الامر الثاني، لقد كنت ضمن خمسة اشخاص وضعوا استراتيجية التنمية الاجتماعية الشاملة العربية عام 1985م. ولو قلب الاستاذ هذه الاستراتيجية اثناء صياغة استراتيجيتهم الحالية، لوجد هذه الاسماء لواضعي الاستراتيجية: عادل حسين، دارم البصام «العراق» الطاهر لبيب «تونس» عبد الباسط عبد المعطي «مصر» وشخصي ـ الخارج عن قواعد الامانة العلمية ـ في السودان. هذا حديث عن النفس لا احبه واجبرت عليه، لانه كما يقولون: التكبر على المتكبر حسنة. واؤكد ليس مكابرة او عنادا، نحن امام برنامج حزبي انشائي ركيك اللغة، لانه يلجأ الى تكرار يدل على عدم التركيز او سوء المراجعة او التحرير الردئ. هناك شعارات ضخمة وكلمات كبيرة خاوية مثل الطبول. والدخول في تفاصيل لا تذكرها عادة الاستراتيجيات او الخطط، لان قضاياها وموضوعاته من نوع الـ Macro سواء في الاقتصاد او السياسة. والكلمات خالية من الدلالات العميقة لانها مترادفات، فحين تذكر الاستراتيجية في التمهيد بأن الهدف هو «استكمال بناء أمة سودانية موحدة آمنة متحضرة متقدمة متطورة» فهذه ثلاث كلمات لا يوجد بينها فرق دقيق، ولو قالت امة حديثة لكفى. وبالفعل الخطة انشائية تعتمد على الكلمات وليس توليد الافكار، فكثيرا ما نقرأ مثل هذه الثرثرة الخاوية من الافكار الحية والجديدة. «أمة فيها وحدة اهداف وغايات امة بتنوع ثقافي واجتماعي وسياسي وجغرافي، اكتسبت جزئياته وكلياته بعوامل القوة الدافعة الى التطوير والتحديث المرتكز على الفكر والسلوك المتحضر». اما بخصوص الارقام والاحصائيات، فقد جاء المدخل وهو اكثر من «80» صفحة دون رقم مفرد، مجرد كلام عليه كلام آخر. وتقر الخطة بنقص قواعد البيانات «ص 11» وهذه مشكلة حقيقية..!! وجود المعلومات والوصول اليها «راجع الاستاذة رباح الصادق، الصحافة 29 ديسمبر 2007م». ومن الصعب ان تتجرأ اية جهة وان تدعي بوضع خطة وهي لا ترتكز على الاحصائيات والبيانات، بالذات حين تتحدث الخطة عن الاهداف والانجازات. فهذه الخطة التي بين أيدينا تركز على تقليص نسبة الفقر. ولكن السؤال ما هو العدد التقريبي للفقراء ونسبتهم؟ والأهم من ذلك هل الفقر مفهوم فني ام اجتماعي ـ اقتصادي وثقافي، ام طريقة حياة؟ ثم يأتي القياس والارقام. وتربط الخطة بين غايات الخطة الخمسية 2007 ـ 2011م وبين بلورة سياسات علمية ممكنة التحقيق والقياس. ولكن اغلب الغايات المذكورة غير قابلة للقياس لأنها شعارات سياسية، مثل: استدامة السلام والسيادة الوطنية والوفاق الوطني، ثم المواطنة والهوية السودانية، الحكم الراشد وحكم القانون. وحتى الغايات ممكنة القياس مثل التنمية المستدامة، الفقر وتحقيق اهداف الالفية، المعلوماتية فالخطة لم تكن واقعية، بمعنى أنها لم تقدم احصائيات راهنة دقيقة ثم اسقاطات على المستقبل. وحين نطالع تقرير وحدة معلومات صحيفة الايكونومست عن توقعاته للسودان خلال عام 2008 ـ 2009م، تتأكد لنا خيالية الخطة. فهي اي الصحيفة، ترى انه رغم خطط زيادة الدخل وتخفيض المصروفات، فمن المتوقع استمرار عجز حوالى 3% من الدخل القومي، وبالتالي سوف يتناقص نمو الدخل القومي بنسبة سنوية تبلغ 8% ومن المتوقع ان تظل نسبة التضخم 8%، ورغم ان الموازنة تتضمن دخلا اجماليا 20 بليون جنيه، فهي ستسجل عجزا يصل الى 5.4% من اجمالي الدخل القومي، ولن تتوقف عملية الاستدانة الخارجية، فهل وضعت الخطة الخمسية 2007 ـ 2011م كل هذه الاعتبارات وهي ترفع تلك الشعارات الطموحة؟ ومن المتوقع ان يزيد الانفاق الحكومي ـ بسبب التوسع في الوظائف والمناصب الدستورية والحكم الفيدرالي ـ بمعدل 17% عام 2008 و15% عام 2009م. السؤال: هل قاست او توقعت الوضع الاقتصادي الملائم والقادر على تحقيق الغايات المعلنة؟ إن مشكلة الخطة تكمن في لا تاريخيتها ووهمها في قيمتها الحقيقية ضمن تطور البلاد. فهي الأولى والاخيرة حين تقول «لما كان التخطيط الاستراتيجي بمفهومه العلمي جديدا على الثقافة السودانية «ص 11» لذلك خلت الاستراتيجية الراهنة من اي تقييم او تقويم للخطط السابقة التي بدأت منذ الستينيات من القرن الماضي في العهد العسكري الاول. وقد عرفت البلاد مؤتمر اركويت الاقتصادي بصورة منتظمة، وكانت وقائعه تمثل خطة اقتصادية شاملة. والأهم من ذلك عقد نفس النظام الحالي الحاكم مؤتمر الاستراتيجية القومية الشاملة، واستمر على مدى شهرين بقاعة الصداقة بهدف أن «يخطط للسودان في كافة المجالات في فترة العشر سنوات القادمة في خطة متوسطة المدى الذي دعت له ثورة الانقاذ الوطني ليضع ملامح السودان لما بعد مرحلة البرنامج الثلاثي للانقاذ الذي ينتهي في العام القادم»، ويستمر التعريف «ان مؤتمر الاستراتيجية الشاملة عمل قومي رائد، لانه يعني بالتخطيط الاستراتيجي الشامل لكافة قوى الدولة من أجل حشد الطاقات الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية من أجل تحقيق الغاية القومية من خلال الاهداف القومية وشمولية التخطيط، هي السمة المستحدثة في هذا المؤتمر لأنه في الماضي كان التخطيط جزئيا». وهي نفس الشعارات الواردة في الاستراتيجية الحالية التي تدعي ايضا انها الاولى والاخيرة. وان كانت الخطة السابقة جاءت بكشف لا بد من اثباته كلما حانت الفرصة، اذ جاء في تغطية صحفية للمؤتمر ما يلي: « في جلسة مناقشة ورقة الاستراتيجية القومية، تحدث الدكتور عمر أحمد فضل الله، عن ايمانه بامكانية الاستعانة بالجن المؤمن في كافة مجالات التطور والنهضة. وقال إن استعانة الانس بالجن هي مسألة واردة، وهنالك سوابق كثيرة على ذلك. وقال الدكتور اننا نستطيع أن نستعين بالجن السوداني المؤمن في تفجير الطاقات وكافة الاستخدامات المطلوبة.» «صحيفة السودان الحديث 22 ديسمبر 1991م». كان من المتوقع ان تبدأ الاستراتيجية الحالية مما انتهت اليه تلك الخطة التي حشدت الانقاذ لها الموارد البشرية وفوق البشرية. وكان من المفيد تقييم تلك الاستراتيجية، لانها جزء من تراث وتاريخ نظام الانقاذ. وقد نجم عنها كثير من القرارات التعسفية مثل اعادة صياغة الانسان السوداني وانشاء وزارة التخطيط الاجتماعي لتكون قاطرة هذا التغيير. فالمواطن السوداني يريد أن يعرف ماذا تم بالنسبة لاستراتيجيتكم الاولى؟ وما هو الانجاز والاخفاق؟ ولماذا فشلت لكي لا يعيد التاريخ نفسه؟ ولكن الاستراتيجية الحالية قفزت على كل هذا ولم تشغل نفسها رغم الثرثرة بأي حديث عن فشل السودان، رغم الخطط والاستراتيجية في الاقلاع من مرحلة التخلف؟ تظل الاستراتيجية الحالية برنامجا سياسيا مترهلا وخياليا، لانها يا سيد موسى افتقدت الفلسفة والمنهج، ما هي الرؤية وما هي الوسائل المناسبة لتحقيق الروية؟ وهنا كجملة اعتراضية احيل السيد م. كمال احمد محمد صالح «الصحافة 24 ديسمبر 2007م» الى الخطة التي يدافع عنها، حيث لم اخلط بين الرؤية والرؤيا، فقد كتبت رؤيا ـ هكذا ـ في كل الصفحات الاولى في الاستراتيجية ثم تحولت لاحقا الى رؤية! فالاستراتيجية القومية كما تجسدها الخطة المقدمة برنامج حزبي بامتياز، لأنها عجزت بسبب الاخطاء المنهجية الحقيقية- يا سيد موسى- عن اختيار مفهوم التنمية الذي ننشده الذي ضاع في شعارات مثل «تعزيز الثقة والانتماء للوطن والمحافظة على السلام واشاعة ثقافة الحوار»، وحين تحاول تتساءل: كيف؟ تأتي اجابات مرتبكة ومشوشة، مثل: «باحداث نقلة نوعية بين المجتمع الريفي المتخلف الى مجتمع مدني متحضر، وبتنمية مشاركة المجتمع المدني المنظم ازاء دور الدولة الرسمي»، وفي هذه العبارة الكبيرة خلط مخجل بين المجتمع المدني Society Civil والمجتمع المديني Urban Society نسبة الى المدينة، وهو المقصود لأنه مقابل المجتمع الريفي. اذ من المستحيل خلق هذه النقلة بجعل المجتمع الريفي مجتمعا مدنياً. ان اشكالية الاستراتيجية هي عدم التفرقة بين النمو الاقتصادي Economic Growth والتنمية الاقتصادية E.Development والتنمية البشرية ثم الانسانية لاحقا Human Development والعالم كله يعمل على الاخيرة اي الانسانية حتى وليس البشرية، فقد تم تجاوز كل الاشكال التي تبنتها الاستراتيجية. ولو كانت مجموعة واضعي الاستراتيجية مواكبة لاكتفت بتبني مبدأين بالنسبة للسودان لكي ينهض: قيام مجتمع المعرفة بالاضافة للقضاء على الفقر. وانجاز هاتين المهمتين يعني بالضرورة والحتم تحقيق كل الاهداف والغايات التي ملأت الصفحات والملفات. ورغم ان الاستراتيجية كتبت عن الوضع التقني والعلمي، الا انه لم يخرج عن الانشائية القاتلة، فهي لم تذكر، مثلا، اعداد المهندسين والاطباء والفنيين والخبراء الذين خرجتهم الجامعات الفطرية الموجودة، ثم كم تحتاج الخطة منهم خلال السنوات الخمس القادمة؟ واكتفت بقول سياسي ايضا «حرمان البلاد من الحصول على التقنيات الحديثة بسبب العقوبات»! ولا ادري هل منعتهم العقوبات من وضع مناهج حديثة في العلوم والرياضيات كما فعلت ماليزيا وسنغافورة؟ لو تصفح اصحاب الاستراتيجية اي تقرير حديث للتنمية الانسانية العربية، لوفروا كثيرا من الجهد والوقت والمال، طبعا على هذا الشعب المغلوب على امره. فهناك عمل علمي وفكري تراكم منذ منتصف القرن الماضي في مجال التنمية، حتى توصل الى مفهوم جامع ومانع للتنمية الانسانية هو المطلوب تحقيقه. فالتنمية الانسانية اصبحت تعرف ببساطة بأنها توسيع خيارات الفرد، وهذه الخيارات غير محدودة وتتغير مع الزمن. ولكن في كل الاحوال، تبدأ بثلاث قضايا او مجالات: 1 ـ الحق في حياة طويلة وصحية. 2 ـ اكتساب المعرفة. 3 ـ الوصول الى موارد مطلوبة لتحقيق مستوى حياة محترم. واذا لم يتحقق هذا الهدف يبقى من المستحيل الوصول لاية اهداف اخرى مثل الدولة الآمنة والمتحضرة والمتطورة. واضيف لهذه الخيارات: الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفرص أن يكون الفرد مبدعا ومنتجا، وان يتمتع باحترام ذاتي مع ضمانات حقوق الانسان. الاخوة مجموعة الاستراتيجية القومية الشاملة، لو كان هدفكم التنمية الانسانية السودانية فأنتم تحرثون في البحر. ولا يمكن ارهابنا وابتزازنا بالمجلدات الضخمة والقاعات المليئة بالافندية والساسة، ولا بالرحلات المكوكية لشرح الخطة العبقرية في الاقاليم.. هذا استهلاك للورق والمال والطاقات يتمخض فأرا ضئيلا في شكل برنامج حزبي لا ينافس في القرن الحادي والعشرين، ولا يجيب على تحديات الواقع السوداني المعقد.. فعليكم ايها الإخوة بالتواضع والصدق وارضاء الضمير.

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=43227
    ___
                  

04-15-2008, 11:55 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في ذكرى الاستقلال
    من زيّف تاريخنا؟! (2-3)

    د. عمر القراي
    ولقد كان نقد الحزب الجمهوري، للأحزاب الكبرى، منصبّاً على تخاذلها من مواجهة الاستعمار، وقبولها للتنازل عن حق الوطن في الحرية والكرامة، بمساومات.. (ورفض الحزب الجمهوري الوثيقة التي إئتلفت عليها الأحزاب الأخرى في 25 أغسطس 1945م وتبناها المؤتمر في أكتوبر 1945م لأنها تختلف في جوهرها عن دستور الحزب. وقد سبقت الإشارة إلى أن أحد بنود الوثيقة ينص على قيام حكومة سودانية ديمقراطية حرة في اتحاد مع مصر وتحالف مع بريطانيا. وفي معرض تعليقه على هذا البند قال الحزب الجمهوري «إننا لا نفهم لماذا نتقيّد باتحاد وتحالف فنضع بذلك حق البلاد الطبيعي في الحرية موضع المساومة بأن ندفع ثمن الحرية اتحاداً مع هذه أو تحالفاً مع تلك»). (فيصل عبد الرحمن على طه: الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني بشأن السودان. ص231). ولما لم يسمع زعماء الأحزاب الكبرى لصوت الجمهوريين، اتجه الجمهوريون للشعب يثيرونه ضد الاستعمار، وضد الطائفية، وكان من منشوراتهم التي كانت توزّع حتى داخل دور تلك الأحزاب، المنشور التالي: (هذا نذير من النذر الأولى ياجماعة الأشقاء ويا جماعة الأمة- أيها القاسمون البلاد باسم الخدمة الوطنية- أيها القادحون قادحات الإحن بين أبناء الأمة- أيها المذكون ثائرات الشر والتفرقة والقطيعة، أيها المرددون النغمة المشئومة- نغمة الطائفية البغيضة- إنكم لتوقرون أمتكم وقراً يؤودها.. يا هؤلاء، وهؤلاء، أنتم تلتمسون الحرية بالإنتماء إلى المصريين فتتمسّكون بأسباب رمام، وأنتم تلتمسون الملك بالبقاء تحت الإنجليز فتتهيأون لدور الهر الذي يحكي بانتفاخه صولة الضرغام.. أنتم تريدون إبقاء المصريين، وأنتم تريدون إبقاء الإنجليز، فإذا اجتمعت كلمتكم فإنما تجتمع على إبقاء المصريين والإنجليز معاً.. يا هؤلاء، وهؤلاء، أنتم تتمسّحون بأعتاب المصريين لأنكم لا تقوون على مواقف الرجال الأشداء، وأنتم تتمسّحون بأعتاب الإنجليز لأنكم صورتم المجد في أخلادكم صوراً شوهاء!! أنتم تريدون السلامة، وأنتم تريدون الملك.. أنتم تضيعون البلاد لمّا تجبنون وأنتم تضيعون البلاد لمّا تطمعون.. أنتم تستغلون سيداً لا يعرف ما تريدون، وأنتم يستغلكم سيد يعرف ما يريد، والبلاد بينكم أنتم، وأنتم، على شفا مهواة ومهانة.. فليلطّف الله ببلاد لا يخدم نهضتها إلا صغار الموظفين، أو كبار الموظفين، وليتدارك الله دينا باسمه يحيّا أناس في برد العيش، وقرار النعمة، ورخاء الدعة، وباسمه هم لأبنائه يكيدون.. ياهؤلاء، وهؤلاء: ان الله لواحد، وان الدين لواحد، وان الوطن لواحد، ففيم تنقسمون على هذا النحو المزري. يا هؤلاء، وهؤلاء: كونوا ليوثاً غضاباً، أو فكونوا قردة خاسئين، وارحموا شباب هذا الوادي المسكين، فقد أوسعتموه غثاثة وحقارة وهواناً.. يا هؤلاء، وهؤلاء- لأنتم أشأم على هذه البلاد من كل شؤم وشؤم.. أيها السادرون من هؤلاء وهؤلاء، لا تحسبن الكيد لهذه الأمة مأمون العواقب، كلاً!! فلتشهدن يوماً تجف لبهتة سؤاله أسلات الألسن، يوماً يرجف كل قلب، ويرعد كل فريصة...). (ارشيف الجمهوريين: منشور 1945م). ثورة رفاعة: في أواخر عام 1945م كانت أصوات السودانيين ترتفع مطالبة بحق تقرير المصير، وكانت دولتا الحكم الثنائي بريطانيا ومصر، تدرسان هذا الطلب نزولاً عند مبادئ ويلسون بعد الحرب العالمية.. في هذه الأثناء أصدرت الإدارة البريطانية قانون منع الخفاض الفرعوني. ولقد كان الإنجليز يتوقّعون رفض القانون، ومقاومته، لعلمهم بأن هذه العادة متأصّلة، وبأنها ترتبط في الوعي الشعبي بالعفة والشرف، وتعد من أخص خصوصيات الأسر.. ولكنهم حين أعلنوا القانون، كانوا يخططون لاستثمار الرفض المتوقّع كدليل على أن الشعب السوداني لا يزال متخلفاً، وهو من ثم، لا يستحق الحكم الذاتي أو الاستفتاء لتقرير المصير.. هذا هو الغرض من إصدار القانون في ذلك الوقت بالذات.. فالقضية إذاً في جوهرها قضية سياسية، وهي لا يمكن أن تواجه إلا على المستوى السياسي. لهذا عارض الجمهوريون قانون الخفاض الفرعوني علناً، وكشفوا نوايا المستعمر، خاصة في منشورهم الذي صدر في ديسمبر عام 1945م، والذي جاء فيه (إننا بمعارضتنا لهذا القانون لا نود أن ندافع عن عادة الخفاض الفرعوني، أو نحلل الأسباب التي أوحت بها لأبناء السودان وجعلتها تستمر بين ظهرانيهم حتى يومنا هذا، ولكننا نود أن نناقش ترتيبات خاصة وسياسات خاصة إبتدعتها حكومة السودان إبتداعاً وتريد أن تجبرنا على إتباعها...)، ويمضي المنشور ليقول (إن الخفاض عادة سيئة ولها مضارها المتعددة، ولكن السودانيين كبقية الشعوب لهم عاداتهم الحسنة، وعاداتهم السيئة والعادات السيئة لا تحارب بالقوانين وإنما بالتربية والتعليم الواعي... لا شك أن مجرّد التفكير في الالتجاء الى القانون للقضاء على عادة مستأصلة في النفوس تأصل الخفاض الفرعوني دليل قاطع على أن حكومة السودان اما أن يكون رسخ في ذهنها أننا شعب تستطيع القوة وحدها أن تثنيه عن كل مبدأ، أو عقيدة أو أن تكون قد أرادت أن تقول للعالم الخارجي إن السودانيين قوم متعنتون وأن تعنتهم الذي الجأنا للقانون لاستئصال عادة الخفاض الفرعوني الهمجية، هو نفس التعنت الذي وقف في سبيلنا، وشل أيدينا عن استعمال الأراضي الواسعة الخصبة في الجنوب والاستفادة من مياه الدندر والرهد والأتبرا، والتوسع في التعليم.. هذا من ناحية الالتجاء للقانون، واما القانون في حد ذاته فهو قانون أريد به إذلال النفوس، واهدار الكرامة، والترويض على النقائص والمهانة.. قل لي بربك أي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره؟ وأي كريم يرضى أن يكون سبباً في إرسال بنات جاره أو صديقه أو عشيرته للطبيب للكشف عليهن؟ عجباً لكم يا واضعي القانون أن تستذلونا باسم القانون؟ أومن الرأفة بالفتاة أن تلقوا بكاسبها في أعماق السجون؟!) (ارشيف الجمهوريين: منشور مقاومة قانون الخفاض 1946م). في سبتمبر 1946 قبضت السلطات على إمرأة، في مدينة رفاعة، بتهمة خفاض ابنتها وأودعتها السجن.. فاتصل أهلها بالأستاذ محمود محمد طه، الذي قام في نفس المساء، بالطواف على مقاهي سوق رفاعة، وحدث الناس وذكّرهم بمنشور الجمهوريين ودعاهم للتجمع في صلاة الجمعة.. وبعد الصلاة قام فيهم خطيباً، فهاجم القانون، ووضح القصد منه، وذكر أن الناس لو سكتوا يكونوا قد نكصوا عن نصرة المظلوم ورد الظالم.. ومما جاء في تلك الخطبة الشهيرة التي تحرّك المصلون على إثرها لإطلاق سراح المرأة (ليس هذا وقت العبادة في الخلاوى، والزوايا، أيها الناس، وإنما هو وقت الجهاد.. فمن قصّر عن الجهاد، وهو قادر عليه، ألبسه الله ثوب الذل، وغضب عليه، ولعنه. أيها الناس: من رأى منكم المظلوم فلم ينصفه، فلن ينصفه الله من عدو. ومن رأى منكم الذليل فلم ينصره، فلن ينصره الله على عدو. ألا أن منظر الظلم شنيع، ألا أن منظر الظلم فظيع.. فمن رأى مظلوماً لا ينتصف من ظالمه، ومن رأى ذليلاً لا ينتصر على مذلّه، فلم تتحرّك فيه نخوة الإسلام، وشهامة الإسلام إلى النصرة، والمدافعة، فليس له من الإيمان ولا قلامة ظفر...). صحيفة (الرأي العام) تتابع الأحداث: ونحن لا نريد أن نذكر تفاصيل ثورة رفاعة، وإنما نحب أن نعكس ما سجلته صحيفة (الرأي العام) مما يمكن الرجوع إليه في مضابطها أو في دار الوثائق: الرأي العام 21/9/46 -نشرنا قبل أيام، أن السلطات في رفاعة حكمت على امرأة بالسجن تحت قانون منع الخفاض، لأنها خفضت بنتا، وأن الجمهور قابل هذا العمل بروح الاستياء العميق واضطرت السلطات إلى اطلاق سراح المرأة بضمانة.. وجاءنا اليوم تلغرافيا، بتوقيع أهالي رفاعة، أن السلطات عادت فسجنت المرأة، وعندما علم الجمهور بالأمر خرج من الجامع، واقتحم السجن، وأطلقوا سراح المرأة، ومكث أفراده الذين ملأوا السجن بدلاً عنها.. فأمر المفتش بسجن الضامنين، ولكن الجمهور رفض ذلك أيضاً، وفي منتصف ليلة البارحة اقتحم البوليس منزل المرأة، وأخذها الى جهة غير معلومة.. فقامت رفاعة بأسرها قاصدة الحصاحيصا، ومنعت السلطات المعدية من العبور، وأضربت المدارس، وأغلق السوق، وقامت مظاهرة عمومية، ويحتشد الجمهور الآن بالشاطئ، وفي كل مكان. تعليق:- رغم منع السلطات عبور المعدية فإن الجمهور عبر بقوارب الصيد.. الرأي العام الإثنين 23/9/46 - وقفنا بالقارئ أمس الأول عند تجمع سكان رفاعة على شاطئ النهر، ومنع المعدية من العبور.. وقد عبر بعد ذلك فريق من المتظاهرين الى الحصاحيصا، ومن هناك انضم اليهم خلق كثير من الناس.. فتوجّه الجمع إلى المركز في مظاهرات واسعة، وبدأوا في قذف المركز بالطوب وغير ذلك، فتحطمت كثير من الأبواب، والنوافذ، واصطدم المتظاهرون بالبوليس الذي عمل جاهدا لتفريق المتظاهرين.. وعلى إثر ذلك، أمر سعادة مدير الجزيرة بالنيابة بإطلاق سراح المرأة السجينة، فأخذها جمع من الناس وتوجه بها الى منزلها برفاعة. الرأي العام 25/9/46 - تمّ اعتقال بعض الناس من رفاعة، والحصاحيصا، منهم الأستاذ محمود محمد طه، وشقيقه مختار محمد طه، فوضعوا في سجون رفاعة، والحصاحيصا، ومدني. الرأي العام 25/9/46 - اجتمع أعضاء الحزب الجمهوري مساء أمس، وساروا في موكب اخترق شارع الملك بالخرطوم.. وقد خطب منصور عبد الحميد في إحدى المقاهي التي صادفتهم في الطريق، فاعتقله البوليس للتحقيق- وكان الغرض من الموكب، والخطبة، الاحتجاج على اعتقال رئيسه، والتنديد بقانون الخفاض. الرأي العام 27/9/1946 - اعتقل بوليس الخرطوم بحري مساء أمس ذا النون جبارة، وعبد المنعم عبد الماجد عندما ألقيا خطابين أمام السينما الوطنية بالخرطوم بحري.. نددا فيهما بالمجلس الاستشاري، وقانون الخفاض، وكبت حرية الرأي والخطابة. الرأي العام 1/10/1946م بيان رسمي عن الحزب الجمهوري تريد الحكومة أن تؤكد أن الأشخاص الذين قبض عليهم، في رفاعة، ثم في الخرطوم، والخرطوم بحري، لم يقبض عليهم لآرائهم عن القانون الذي يمنع الخفاض الفرعوني.. فكل شخص له الحق في أن يكون له رأي خاص، وأن يعرب عنه، بالطريقة المشروعة.. فالأشخاص الذين في رفاعة قبض عليهم لإثارة الشغب، والذين في الخرطوم والخرطوم بحري، قبض عليهم لإلقاء خطب مثيرة، علانية، يحتمل أن تعكر صفاء الهدوء العام، وأن تثير إخلالاً بالأمن. الرأي العام 7/10/1946: جاءت قوة كبيرة من البوليس من مدني، برئاسة مفتش المركز وفي نفس الوقت عسكر خارج رفاعة البلوك الرابع من فرقة الهجانة بقيادة الصاغ أحمد عبد الله حامد الذي دخل الى رفاعة برفقة ضابط سياسي، وقابل المفتش، وقمندان البوليس، ورجع إلى مقر فرقته.. واعتقل الأستاذ محمود محمد طه، وأحضر الى المركز.. وإثر ذلك تحرّك جمهور كبير نحو المركز، وفي الحال نقل الأستاذ محمود إلى معسكر البلوك الرابع، خارج المدينة.. وتحرّكت فصيلة من البلوك الرابع لتعزيز قوة بوليس مركز رفاعة.. وكان اطلاق الرصاص بأمر مفتش المركز، عندما رفض الجمهور اطاعة أوامر البوليس المتكررة بأن يتوقفوا عن تقدمهم صوب المركز، وقد أطلق البوليس دفعة فوق رؤوس الجمهور وهم على بعد 40 ياردة تقريباً من المركز، ولما لم يقفوا، أطلقت دفعة أخرى على الأرض أمام أقدامهم، في وقت كانت فيه مقدمة الجمهور على بعد 25 ياردة من المركز، ولم يصب غير أربعة أشخاص، إثنان منهم بإصابات بسيطة جداً، وأما الرابع، فقد كسرت ساقة كسراً سيئاً. الرأي العام 21/10/1946 - صدرت أحكام بالسجن بمدد تتراوح بين شهر وسنة على كل من: عباس المكي، عوض القريض، أحمد الأمين، محمد إلياس، الزبير جاد الرب، عبد العال حسن، أحمد عثمان، حمد النيل هاشم، علي مالك، محمد الحاج علي، بابكر وقيع الله، عبد الله حامد الشيخ، حسن أحمودي، منصور رجب، عبدون عجيب، وحكم على «صبي» بالجلد. الرأي العام 17/10/1946 - حكمت محكمة كبرى بودمدني برئاسة القاضي أبورنات، بسنتين سجناً على الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري، بتهمة إثارة الشغب في رفاعة.. كما حكم عليه بوضعه تحت المراقبة لمدة سنة أخرى بعد إتمام مدة سجنه. الرأي العام 19/10/1946 - أصدرت محكمة الجنايات حكمها على بعض أعضاء الحزب الجمهوري المتهمين تحت المادة 105 وكانت الأحكام كالآتي: عثمان عمر العتباني- ثلاثة شهور سجناً، سعد صالح عبد القادر- شهر سجناً، ذا النون جبارة- شهر سجناً، وكانت المحكمة برئاسة استانلي بيكر، وعضوية محمد أفندي محمود الشايقي مفتش الخرطوم بحري، والعمدة عمر كويس. الرأي العام 24/10/1946 - بهذا اليوم، أتم الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري السجين، ستة أيام من صيامه.. وقد أغلقت أمس أندية الخريجين في مدني، والأندية الرياضية، احتجاجا على سوء معاملته.. وتتوالى برقيات الحزب الجمهوري، والمواطنين على السلطات بالاحتجاج.

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=43285
    _________________
                  

04-15-2008, 11:56 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    منوعات اخيرة
    طقس الوطن
    الحركة الشعبية تحتفل بذكرى محمود محمد طه تحتفل الحركة الشعبية بالذكرى الثالثة والعشرين لاستشهاد المفكر محمود محمد طه فى السابعة من مساء اليوم بدارها بالمقرن وذلك عبر ندوة عن التحول الديمقراطى يتحدث فيها الدكتور عمر القراى والاستاذ ياسر جعفر الى جانب مجموعة من القيادات بالحركة

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147514036&bk=1
    _______
                  

04-15-2008, 11:56 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ذكرى محمود محمد طه بمركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية في إطار الاحتفالات بذكرى شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه يقيم مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية ندوة بعنوان: (أثر الحركة الجمهورية في السودان في الماضي والحاضر والمستقبل)، تتحدّث فيها الأستاذة أسماء محمود محمد طه ويعقّب عليها هالة محمد عبد الحليم وطه إبراهيم المحامي. وذلك في السابعة والنصف من مساء غد السبت بمقر المركز بالعمارات شارع (57) جوار السفارة التشادية

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147514011&bk=1
    _________________
                  

04-15-2008, 11:57 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في ذكرى الاستقلال
    من زيّف تاريخنا؟! (3-3)
    د. عمر القراي
    تجاوب الصحافيين:
    لقد حرّكت بيانات الجمهوريين، وأحداث رفاعة، والخطب السياسية، الملتهبة، في شوارع الخرطوم، المثقفين وأخرجت بعضهم من سلبيتهم، وأخذوا يستشعرون سوء هذا القانون، الذي نبّه إليه الجمهوريون نظرياً وعملياً، من أول وهلة. واتخذت استجابة المثقفين شكل التعليق في الصحف.. وفي ما يلي بعض ما ورد في افتتاحية جريدة (الرأي العام)، وهي تعلّق على الأحداث، بعد أن نقضت السلطات، بواسطة المحكمة، حكم السجن على امرأة رفاعة، وذلك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هيبتها، وتهدئة الثورة.. وقد سمعت المرأة الحكم بإطلاق سراحها، وهي في بيتها، لأن السلطات قد اضطرت، قبل ذلك، لاطلاق سراحها بسبب ثورة رفاعة: (أصبح واجباً لزاماً علينا أن ننبه الحكومة، على ضوء ما حدث أخيراً، في أول تجربة لتطبيق هذا القانون، إلى الخطر الذي ينجم من التسرع في تطبيقه، وإلى النكبه الاجتماعية الخطيرة التي ستتعرّض لها المرأة السودانية عند تطبيق هذا القانون عليها.. ففي الحادث الأخير بدا واضحاً أن الطريقة التي اتبعت في اعتقال هذه المرأة كانت مثيرة، ولا تتفق مطلقاً مع كرامة الحكم وهيبة القضاء، فانتزاع المرأة من بيتها، في غسق الليل، وبإزار النوم، وتهريبها إلى الحصاحيصا، لا معنى له غير إثارة الخواطر أكثر ولا يجدر بالحكومة أن تلجأ إلى أساليب هي أشبه بأساليب الاختطاف التي يلجأ إليها رجال العصابات.. وليست هذه الطريقة التي اتبعت هي موضع الخطر في هذا القانون، ولكن هناك خطراً جسيماً، ولا بد من التنبيه عليه، ذلك أن المرأة السودانية الشريفة، الحرة، لم تتعرض، حتى الآن، إلى محنة السجن، بحكم حياتها الاجتماعية، التي تنأى بها عن مواطن الجريمة. وقانون الخفاض، بوضعه الحالي، سيخلق عقاباً لجريمة سوف تتعرّض لها بالتأكيد كرائم النساء السودانيات اللواتي لا يرين أن الخفاض جريمة، بحكم ما يسيطر على عقولهن من سلطان العادات الموروثة، والتقاليد المتبعة ومعنى هذا، أنه من المحتمل جداً أن يتعرّض لسطوة القانون هذا النوع من النساء السودانيات المحصنات.. ويقيناً أن إلقاء هؤلاء في السجن، بغض النظر عن ما يثيره في نفوس رجالهن، وذويهن، فإنه من ناحية النظرة الاجتماعية المحضة، يقضي على سمعتهن، وكرامتهن قضاء مبرماً.. وما أحسب أن امرأة محصنة توضع في سجن، من هذه السجون السيئة الوضع، والرقابة، تخرج منه وهي محتفظة بسمعتها، ولن يتقبّلها المجتمع السوداني بعدها تقبلاً حسناً، إذن فالعقاب بالسجن، لمثل هذا النوع من النساء، لا يعد اصلاحاً وتهذيباً لنفوسهن، ولا يردع غيرهن، وهذا هو الغرض من سجن المجرم، إنما يعد إفساداً لخلقهن، وقضاءً مبرماً على سعادتهن في المجتمع). (الرأي العام أكتوبر 1946م).
    دفاع الأستاذ أمام محكمة مدني:
    جاء في الأخبار (علمنا أن الأستاذ محمود محمد طه رفض أن يقبل محامياً للدفاع عنه وأنه أعلن بأنه لن يدلي بأية أقوال للتحقيق إلا على أساس مناقشة قانون منع الخفاض الفرعوني. وكان الأستاذان المحاميان الأستاذ أحمد خير والأستاذ زيادة قد تقدما للدفاع عن الأستاذ فشكرهما الأستاذ واعتذر لهما بأنه سيباشر القضية بنفسه). (الرأي العام 12/10/1946م).
    حين وقف الأستاذ محمود أمام القاضي أبورنات في محكمة مدني مدافعاً عن نفسه كان مما قاله:
    «1- أهالي رفاعة جميعهم أبرياء، وزملائي الذين سجنوا أبرياء، وأنا برئ، والمسألة في الحقيقة، سلسلة أخطاء من الإدارة، من أولها إلى آخرها.. كلما أخطأت الإدارة مرة، وتمسك الناس بحقهم، اعتبرته مساساً بهيبتها، فاستعلت، وأخذتها العزة بالإثم، فقفزت في خطأ آخر، هو في زعمها، يعيد لها هيبتها في نفوس الناس.. وما علمت أن اجتماع الأخطاء، لا ينتج منه ولا صواب واحد.
    2- الوضع الصحيح المجمل لهذه المسألة، هو أن الإدارة قد ضربت أهالي رفاعة فصاحوا من ألم الضرب بصوت خفيض، ثم ضربتهم فصاحوا، ثم ضربتهم فصاحوا، فاستاءت من أن يصيح المضروب المتألم، فقدمتنا للمحاكمة، فكانت هذه المحكمة.. ولو كنا نملك ما تملك، لقدمناها نحن لهذه المحكمة، ولكنا لا نملك جيشاً، ولا بوليساً، ولا سجوناً وقيوداً، ولو ترك القطا ليلاً لنام.
    3- قلت بالأمس، إني وبالمثل أي عضو من أعضاء الحزب الجمهوري، لا أنكر تهمة الإثارة، لمجرّد أنها تهمة إثارة، إنما أنكر تهمة الإثارة، بالنقد الذي لا يحترم الحقائق وبالتشويش المغرض.. ولقد كان من دواعي الشرف لي، ولحزبي، لو صح أني أنا الذي أثرت أهالي رفاعة حول هذه القضية، لأنها من القضايا التي نقدنا فيها الحكومة، وسننقدها إلى أن تقلع عنها.. ولكن للأسف، فإن الإدارة قد سبقتني إلى هذا الشرف، فأثارت أهالي رفاعة، وأثارتني معهم.. فلننظر.
    7- قالت جريدة (الرأي العام) في يوم 24 سبتمبر، تحت عنوان رئيسي (القضاء ينظر في قضية الخفاض برفاعة)، بعد حديث لها (وقد علمنا من مكتب الصحافة هذا الصباح، أن قضية الخفاض التي سببت كل هذا الشغب، هي الآن، تحت نظر رئيس القضاء بالمصلحة القضائية، وأن التهم الموجّهة إلى الذين اعتقلوا في هذه الحوادث، لا دخل لها بآرائهم في موضوع الخفاض.. ولكنها تتعلّق أولاً وأخيراً باستخدام القوّة، لتحقيق غاية، في الوقت الذي كان في الاستئناف مفتوحاً أمام المتظاهرين).
    8- هل باب الاستئناف مفتوح أمام المتظاهرين؟ لننظر.
    9- قالت الحكومة في بيان رسمي، في الصحف، ما يأتي «حصلت أخيراً في رفاعة حادثة أدينت فيها إمرأة لخفضها ابنتها خفاضاً غير مشروع وحكم عليها بأربعة أشهر سجناً، وقد قدم استئناف لمدير المديرية، فرفضه، وحبست المرأة في السجن».. ومع ذلك فالحكومة تقول إن باب الاستئناف مفتوح!! وهذا الاستئناف رفض مع أن المرأة، مسجونة بغير أدلة كافية للإدانة، وفي ما أعلم لم يخبر المستأنفون، ولا نحن مندوبو الهيئات، الذين قابلنا المفتش، بهذا الاستئناف، وإنما أعيدت المرأة للسجن والسلام.. فإن لم يكن هذا سوء النيّة والاستخفاف بالناس فماذا عساه يكون؟
    12- مفتش رفاعة، سجن أمرأة مصونة شابة، في سجن عمومي مع خادمة عاهرة.. فحدثناه في ذلك، فاعترف بعدم صلاحية السجن للنساء، في رفاعة، فأطلقها بضمانة، وظل ما ظل في رفاعة لا يذكرها، فلماذا عندما ذهب إلى الحصاحيصا، أمر بإعادتها إلى نفس السجن؟! فهل تسمي هذا استخفافاً بدين الناس، وأخلاقهم، أم تسميه جهلاً بالناس أم هما معاً؟! سمه ما شئت فهو برهان ثالث.
    13- إن تصرف المفتش هذا، يجعل ما قمت به أنا، في الجامع، وما قام به الناس بالمركز، شيئاً مفروضاً علينا، في واجب الدين، وواجب الأخلاق، وواجب الحياة نفسها، بل إن الناس قد سلكوا سلوكاً يستحق الثناء، وقد شرحنا تفصيله للمحكمة.
    15- وضعت المرأة بسجن مدني، وما أدراك ما سجن مدني؟! بهذا السجن اليوم 23 امرأة، منهن أربع مجنونات، يفحشن بألفاظ يندى لها وجه الرجل، وسائرهن عهر، أحضرن من بيوت عامة، وحوكمن في جرائم خمرة.. بين عنبرهن وعنبر الرجال، نحو (15) متراً يفصل بينهم السلك الشائك.. مع هؤلاء، في هذا السجن، يراد سجن إمرأة شابة حرة، مسلمة، مصونة، تشرف على تربية بنات وأولاد، تركهم لها زوجها، الذي توفي قبل شهر.. فإذا قال أهلها لا، وناصرهم إخوانهم في الدين، وفي الجنس، وفي الوطن، قالت الحكومة هذا شغب، وهذه فتنة، وهذا تهديد!!
    16- تتهمني الإدارة بأني أثرت أهالي رفاعة، وهي تتهمني هذه التهمة، لأنها تجهل الناس جهلاً، شنيعاً، وتستخف بأحلامهم، وأخلاقهم، وإلا فهل أحد يحتاج إلى من يثيره مع كل هذا؟! وهل أستطيع أنا، أو يستطيع أبلغ خطيب، أن يثير الناس أكثر من إثارة الإدارة هذه أياهم؟! وأهالي رفاعة، خارج رفاعة، من الذي أثارهم؟ أسمع تلغراف أهالي رفاعة، من مدني وتندلتي.. هؤلاء الناس، لو كانوا شهوداً، لتولوا كبر الثورة.. هل أثارت هؤلاء واخوانهم الإدارة، أم أثارهم محمود في جامع رفاعة؟!).
    سوء الفهم والتزييف:
    بالإضافة إلى التزييف المتعمّد للتاريخ، من قبل الحكومات المتعاقبة على السودان، والتآمر على ابعاد دور الأستاذ محمود في الحركة الوطنية، وحجبه عن الأجيال، فإن هنالك تزييفاً تم بواسطة بعض المثقفين، بسبب جهلهم بالوقائع، وسوء فهمهم لها. ولقد اهتم الجمهوريون بالتصحيح، في كل وقت، ومن ذلك نقرأ (لقد انخدع بعض المثقفين بقانون الخفاض الفرعوني، ولم يطالعهم وجهه الآخر.. ولما تزل هذه الخدعة تجوز على كثير من الناس، بل انها قد جازت على بعضهم بأثر رجعي!! ومن هؤلاء الدكتور سعيد محمد أحمد المهدي، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم، سابقاً فقد عبَّر عن تقويمه لهذا الأمر في مقال له بجريدة (الصحافة) بتاريخ 30/11/1968، وهو يعلّق على مهزلة محكمة الردّة.. حيث قال: «وأذكر أنه قبل عشرين عاماً، بالتمام والكمال، وأنا طالب في مدرسة رفاعة الأميرية الوسطى بالسنة الأولى، أن الناس كانوا يتحدّثون عن ثورة محمود محمد طه التي سجن من جرائها. ذلك أنه قاد الجماهير الغاضبة من رفاعة إلى مركز الحصاحيصا..». ويمضي الدكتور سعيد فيقول «وهذه الثورة رغم أنها رجعية، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني إلا أنها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار..». هذا ما قاله الدكتور سعيد بعد عشرين عاماً من أحداث رفاعة.. ولئن عذرنا عامة المثقفين لالتباس الأمر عليهم، ولنقص المعلومات التي لديهم عن هذه الواقعة، فلن نعذر الخاصة من هؤلاء، بل من يكون منهم على رأس مؤسسة من أكبر المؤسسات القانونية.. ذلك بأنه لا يقوم نقص المعلومات، التي يمكن الحصول عليها، وتمحيصها، عذراً أمام هؤلاء في أن يتناولوا واقعة تاريخية، مثل واقعة قانون الخفاض الفرعوني، تناولاً مجرّداً من الملابسات المحيطة بها، فيأتي، من ثم، حكمهم عليها ساذجاً وسطحياً.. أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية، بعد عشرين عاماً، من مناهضة قانون الخفاض الفرعوني، فيقول «أنها تؤيد الخفاض الفرعوني» ولذلك «فهي ثورة رجعية».. إن الثورة كانت ضد القانون وليست دفاعاً عن الخفاض.. ليست ضد القانون في ذاته، ولكن للملابسات التي تكتنفه.. أرجو أن لا يكون ابناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم، يدرسون، عن هذه السابقة القانونية، على طريقة الدكتور سعيد !!) «الاخوان الجمهوريون: معالم في طريق تطوّر الفكرة 1980م).
    ومن الذين حاولوا تشويه هذا التاريخ المجيد بسوء فهم وسوء نيّة، د. خالد المبارك، ولعل الرجل كان في هجومه على الأستاذ محمود، يتسقّط رضا حكومة الإنقاذ، ويطمح في نيل عطفها ووصلها، فهل يحس، الآن، أنه كسب نفسه، لأنه نال منصباً دون منصب السفير، في إحدى سفاراتنا بالخارج؟!
    قال د. خالد المبارك «لكن الأستاذ محمود محمد طه ارتكب أيضاً عدة أخطاء تقديرية جسيمة. حدثت إنتفاضة رفاعة -التي أشاد بها المتحدث- احتجاجاً على قرار الإدارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني. قيل للعامة (يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شيء حتى... بناتكم)، وفعلاً ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الأستاذ محمود. كان موقفه متخلّفاً ورجعياً في مواجهة قرار تحديثي جرئ وسليم. انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا ويقع وزرها على كاهل الأستاذ محمود محمد طه. قيل لنا إنها مثل إضرابات الطعام في المدارس واضرابات زيادة الأجور العمالية مجرّد ظاهرة اجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار، وهذا دفاع واه لأن الأستاذ محمود لم يراجع موقفه علناً أو يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال». (د. خالد المبارك: محمود محمد طه وأنصاف الحقائق. الرأي العام 19/11/2002).
    وقبل أن نوضّح حقيقة ما جرى في حادث رفاعة المشهور، نود أن نركّز في البداية، على مسألة شديدة الدلالة، على مبلغ تدني خطاب د. خالد المبارك. فقد أورد في النص أعلاه عبارة (قيل للعامة يريد الإنجليز أن يتدخلوا في كل شيء حتى... بناتكم)، أوردها هكذا بين قوسين، ليوهم القارئ بأن هذه العبارة قد قالها الأستاذ محمود أو الجمهوريون!! ولقد تعمّد أن يضع نقاطاً، بدلاً عن الكلمة البذيئة، التي حذفها، وترك استنتاجها للقارئ!! ولو كان للكاتب معيار أخلاقي يحاكم إليه، لأمكن لومه على هذا التلميح المسف، والذي ينطوي على عدم احترام للمرأة السودانية، وعلى التعريض بعرضها بلا حياء.. وحسبنا من تقييم د. خالد المبارك إنعدام الأمانة الفكرية، ومحاولة تضليل القراء، بأن هذه العبارة التي تحتوي على الكلمة النابية، يمكن أن يكون قد قالها رجل عف الخلق واللسان، طاهر السيرة والسريرة، مثل الأستاذ محمود محمد طه.. (عمر القراي: أنصاف الحقائق أم انصاف المثقفين؟! سودانايل يناير 2003م) . ما عذر حكوماتنا، ومثقفينا، ومؤرخينا، وكتابنا في تزوير تاريخنا؟ ولمصلحة من تم اخفاء دور الأستاذ محمود عن الأجيال؟!

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147514081&bk=1
    _________________
                  

04-15-2008, 11:59 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    مايو والطوفان الإسلاموي:
    عبد الله الأمين ، المحامي
    يقول وقيع الله: «والغريب أن الأستاذ عبد الله الأمين أجاز لنفسه أن يتحدث عن المجاهدين الإخوان والأنصار البواسل، الذين تصدوا لنميري في عام 1976، فوصفهم بالمرتزقة، ولم تشفع لهؤلاء عنده اتفاقية المصالحة الوطنية في عام 1977، وهي اتفاقية وقف عدائيات، من أن يقوم بوصمهم بهذا الوصم المسيء» انتهى.. ولقد سلف توضيح تحفظي على وصفهم بالمرتزقة، ولكني نقدتهم على أي حال، ووقيع الله يزعم أن اتفاقية مصالحتهم الوطنية مع مايو، والتي تمثـل أيضـاً اتفاقية وقـف عدائيات، توجب عدم نقدهم، طالما أني كنتُ مؤيدًا لمايو، فكأن مايو قائمة الآن!! وكأن اتفاقها معهم قائم الآن!!.. والواقع أنهم لم يلتزموا باتفاق المصالحة الوطنية، وإنما ظلوا يفسدون مايو، من داخلها، إلى أن أوصلوها إلى نقض اتفاقية أديس أبابا، وإصدار قوانين سبتمبر المشئومة، وإدعاء أنها «شرع الله»، ثم استخدامها في الإرهاب الديني للخصوم والمعارضين، ومصادرة الحقوق والحريات، وتكريس الاستبداد، واستخدامها، جلدًا وتقطيعـاً وتنكيلا وقـتلا وصلبـًا، في إرهاب عامة الشعب وقهره وإذلاله، وكل ذلك قد كان مـدًا ودعمـاً لأمواج الهوس الديني، الإسلاموي، حتى تفجر طوفانه.. ولقد أرادت مايو التراجع عن خط الهوس، ولكن بعد فوات الأوان، فووجهت بتيارين ثائرين، تيار الشعب المغبون مما آلت إليه الأمور من ظلم وكبت وقهر وهوس، وتيار الهوس الديني الذي يخشى التراجع عنه، فأطيح بها، ثم ما لبث طوفان الهوس الديني أن سيطر على البلاد ردحــاً من الزمان، إلى أن بدأ ينحسر أخيرًا، بفضل الله تعالى، ثم بفضل مفاوضات واتفاقـاً نيروبي، وميشاكوس، ونيفاشا، والقاهرة، وطرابلس، وأبوجا، وأروشا، وأسمرا، وغيرها، والتي هي نتاج نضال طويل لأحزاب وحركات وفعاليات قوى الشعب المتعددة، وعلى رأسها الحركة الشعبية بقيادة الراحل المقيم د. جون قرنق
    الصلوات والصلاة الوسطى:
    يقول وقيع الله: «إن القانون وأنت "قانوني" تعرف ذلك ودرسته في الجامعة، أداة تربوية كبرى لإقامة الأخلاق والمثـل ورعايتها وحمايتها» انتهى.. والحق أن القانون، حتى عندما يكون دستوريـاً وحكيمـًا، ليس وسيلة لإقامة التربية أو الأخلاق، إلا في معنى سد ثغـرات التربية.. فالقانون وسيلة للتوفيق بين حاجة الأفراد للحياة والحرية، وحاجة المجتمع للأمن والعدل.. والتربية هي الوسيلة الأصلية لتحقيق هذه الغاية، وهي أكمل وأشمل وأسبق من القانون، فهي تبدأ منذ الطفولة، حيث يجب أن تقوم الأسرة والمدرسة والمجتمع بتربية الطفل، وذلك بتعـليمه ضرورة وكيفية التوفيق بين حريته وحقوق الآخرين، وبالتربية ينشأ المجتمع الصالح.. والقانون الدستوري الحكيم إنما هو أداة لسد ثغـرات التربية، وليس بديلا عـنها، وليس هو وسيلة لإقامة التربية أو الأخلاق ابتـداءً.. وربما ينشأ هنا سؤال: كيف يقوم الكبار بتربية الصغار إذا كان الكبار أنفسهم يفتقرون إلى التربية؟.. فما هي وسيلة تربية الكبار أنفسهم، وكيف تقام؟.. وللإسلام إجابة وافية على هذا السؤال، ولكن ليس الإسلام كما يفهمه الإسلامويون، الذين يزعمون أن وسيلة التربية هي «القوانين الإسلامية» ليبرروا بذلك استئثارهم بالسلطة.. والحق أن التربية في الإسلام تسبقها وترافقها التوعية، وذلك بنشر الفهم الصحيح للإسلام، أو سمه الفهم الصحيح لمعاني القرآن، بما يحوي من توعـية شاملة بحقائق الوجود، والحياة، والبيئة، والنفس البشرية، ثم تجيء التربية، ووسيلتها المنهاج النبوي في العبادة والمعاملة والتوكل «طريق محمد».. قال تعالى: «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين».. و«الصلوات» إشارة إلى العـبادة، و«الصلاة الوسطى» تعني المعاملة.. والحد الأدنى في المعاملة هو أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، وقد سميت بالصلاة الوسطى لأنها إنما تمارَس بين كل صلاة وصلاة، ثم لأنها هي نفسها صلاة، ولقد قال النبي الكريم: «الدين المعاملة».. وأما قوله تعالى: «وقوموا لله قانتين»، فيعني وكونوا متوكلين على الله، راضين به ربـّا، أي متصرفــًًا في جميع شئوننا ومدَّبـرًا له فليقرأ كتاب «طريق محمد» للأستاذ محمود محمد طه، في موقع: «www.alfikra.org«
    الإسلامويون وقضية المرأة:
    يقول وقيع الله: «إن القول القائل إن المرأة ناقصة عقل ودين لم ابتدعه أنا. وإنني لست من الذكاء بحيث أجيء بقول حصيف كهذا يُعدُّ من قوانين الخلق وسُنن الاجتماع البشري العظمى. فهذا هو قول سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنا أقبله على علاته ولا أناقش فيه أبدا. وكذا تقبله على علاته صاحبات الشأن، وهن النساء المؤمنات، ولا يمارين فيه على الإطلاق، وذلك بالرغم من أنه يتحدث عن نقص دينهن وعقولهن» انتهى.. ولن أتوقف كثيرًا عند عبارة «على علاته» التي لو سمعها الإسلامويون، ممن ينتمي إليهم وقيع الله نفسه، وعرفوا معناها اللغوي، لأخرجوا مظاهرات الهوس الديني ضده، ولظنوه أحد عملاء الصهيونية المندسين بينهم، لأنه وصف أقوال الرسول الكريم بالعلة، والعلة في وصف الأحياء تعني المرض، وفي وصف الأقوال تعني العيب أو النقص أو المأخذ، ولكني أعرف أن وقيع الله لا يعني ما يقول، فقد ظن أن عبارة «على علاته» تعني «برُمته» أي كما هو، دونما تعديل أو تبديل.. وإنما يهمني هنا موقف الإسلامويين من قضية المرأة حيث يظنون أن القول بأنها ناقصة عقل ودين هو «من قوانين الخلق وسُنن الاجتماع البشري العظمى» كما عبر وقيع الله.. والحق أنه ليس كذلك، وإنما هو قولٌ مرحليٌ حكيم، يخاطب مجتمعـاً معينـًا، تحيط به ظروف تاريخية وجغرافية محددة، فأغلب نسائه ناقصات عقل ودين، بسبب تلك الظروف.. وهناك في الإسلام أحكام مرحلية كثيرة، موجهة إلى مجتمعات العصور السالفة، ولا تخاطب المجتمعات الحاضرة، ومنها ما ورد في آيات قرآنية، مثـل الحكم الوارد في قوله تعالى: «والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين».. فهذا الحكم يبيح لمجتمعات عصور الرق والجواري أن يكون للرجل المسلم جواري فضلا عن زوجاته، ولكن القرآن اليوم لا يبيح ذلك لمجتمعات حقوق الإنسان التي تجاوزت عصور الرق، فاتخاذ الجواري اليوم حرام إسلاميــًا، ويعتبر زنا، ويعاقب عقوبة الزنا، وإن كان بالأمس حلالا شرعـًا.. فالإسلام مستويان: مستوى الإسلام الأصلي، الموجه إلى الإنسانية جمعاء، والذي يخاطب المجتمع الكوكبي الحاضر، في عصر العـلم، والتكنولوجيا، والاستنارة، والمؤسسية، والعولمة، والمواثيق الدولية، وحقوق الإنسان، والدولة الحديثة، ذات السلطات المستقـلة عن بعضها البعض، التشريعية والقضائية والتنفيذية، الخ، ومستوى الإسلام الفرعي، الموجه إلى «أمة المؤمنين»، والذي يخاطب مجتمعات عصور القبائل والرق والجواري، ليطورها بالرفق والحكمة والتدرج إلى الأمام نحو التقدم المنشود.. ولا يتسع المجال هنا للتفصيل في ذلك، ومن أراد التفصيل فليقرأ مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه، في موقع «www.alfikra.org»
    وأما قول وقيع الله: «ونقص العقل المذكور في هذا الحديث لا يعني أن المرأة «بليدة» كما يتوهم هذا المحامي، أو أنها مخلوق غير قابل للرشد كما يظن. وإنما يعني أنها حادة العاطفة جدا، وأن عاطفتها تطغى أحيانا على حكمتها وبصيرتها» انتهى، فلا عبرة به إذ أن العاطفة إمّا أن تكون ناضجة سامية، وهذه عاطفة حُب وإخاء، أو أن تكون بدائية فجة، كعاطفة الإسلامويين، وهذه يغـلب عليها الكره والعداء، فإذا كانت سامية فهي لا تؤثر سلبـاً على العقل والدين، ولا تنتج نقصـاً فيهما، وإنما هي، على العكس من ذلك، تـقـوِّيهـما، وإذا كانت فجة فهي مرحلية، لا يدوم عليها البشر، وإنما يرتقون عنها نحو العاطفة السامية.. والعاطفة ليست خاصة بالنساء، فالرجال أيضـاً عاطفيون، وإن كانت لدى النساء أقوى منها لدى الرجال، كقاعدة عامة.. يضاف إلى ذلك أن نقص العقل والدين، لدى أغلب نساء الجزيرة العربية في ذلك الوقت الذي قيل فيه الحديث، لم يكن مرتبطــاً فقط بالعاطفة الفجة، وإنما كانت له أيضـاً أسباب أخرى، منها بقاء المرأة في البيت، وعدم مشاركتها في الحياة العامة.. وأما نساء اليوم فإن عاطفتهن لم تعـد، في مجمل الحال، بدائية فجـة، ومشاركتهن في الحياة العامة لم تعـد محدودة.. والخلاصة أن عبارة: «النساء ناقصات عقل ودين» لم يكن مقصودًا بها نساء اليوم، ولم تعـد قائمة اليوم.
    التناقض وضعـف الفكر والالتواء:
    ولقد نتج عن إدمان الهروب من واجب التفكير، والإختباء منه خلف التكفير، أن صارت العقلية الإسلاموية ضعيفة الفكر، وملتوية، وتتورط في التناقض الصارخ دون أن تشعر به.. وكمثال للتناقض الصارخ ففي مقاله السابق بعنوان: «الاستقرار السياسي وعبقرية الإنقاذ» الذي نشر بهذه الصحيفة في 31/10/2007، يقول وقيع الله: «من بينهم أبوها ـ يعني الصادق المهدي ـ الذي دعا ولا يني يدعو إلى النقمة والخراب، وهو بلا ريب من أكثر من أسهموا في إشعال النيران بين جنبات هذا الوطن، مرة بحجة محاربة النميري، ومرة بحجة محاربة البشير» انتهى.. بينما يقول في مقاله محل هذا التعقيب: «المجاهدين الإخوان والأنصار البواسل، الذين تصدوا لنميري في عام 1976» انتهى.. فهو هناك، في مقاله السابق، يصف الصادق بأنه من دعاة النقمة والخراب، وأن محاربته للنميري هي واحدة من إسهاماته في إشعال النيران في الوطن، بينما يصف هنا، في مقاله الحالي، من حاربوا النميري عام 1976، وهم أنفسهم الصادق والإسلامويون بـ «المجاهدين الإخوان والأنصار البواسل الذين تصدوا لنميري عام 1976»!!.. ومن أمثـلة التواء الفكر: ففي مقاله السابق المذكور كان قد وصف قوانين سبتمبر بأنها «شرع الله» فرددتُ على ذلك وأوضحتُ أنها مخالفة للشريعة جملة وتفصيلا، وذكرتُ ضمن مخالفتها في التفاصيل أنها بدلت عقوبة الرجم بعقوبة «الإعدام»، فجاء ضمن تعقيبه على هذه النقطة قوله: «والغريب أن هذا المحامي يتحدث عن قوانين سبتمبر، ويكرر ذكرها، مع أن القوانين التي يحكم بها السودان الآن ليست هي قوانين سبتمبر ولا أُخذت عنها! وهذا ما يدل على أن هذا المحامي ما يزال يغرف حججه ضد القوانين الإسلامية الحالية من بوتقة الأدبيات القديمة التي أفرزها اليساريون والعلمانيون اليمينيون في معارضة قوانين سبتمبر1983، فهو يخوض معركته إذن بسيف كان قد انثـلم منذ زمان بعيد» انتهى.. وكأني من بادر بالحديث عن قوانين سبتمبر، أو كأن حديثي عنها لم يكن ردًا على وصفه إياها بـ «شرع الله»!!.. ثم لاحظ عبارة «يخوض معركته بسيف كان قـد انثـلم»!!.. ألم أقـل أن العقلية الإسلاموية لا ترى الحوار مع الآخر إلا حربـاً ومعركة تـثير لديها شهوة الكـُره والعـداء؟
    من الذي أظهر الحرب كحرب دينية؟؟:
    يقول وقيع الله: «لماذا يرى البعد الديني في جانب أعمال الحكومة الإنقاذية، ولا يراه في جانب أعمال حركة التمرد، التي تتلقى أكثر مددها العسكري والإغاثي والإعلامي والدبلوماسي من الكنسيين؟! ولماذا لا يعرف أن هذا البعد لم يكن جديدا مما طرأ خلال العقدين الأخيرين، بل هو بعد أصيل نشأت منه الحركة منذ أواسط الخمسينيات، وهو بعدٌ الكل يراه رأي العين، ولا ينكره إلا هؤلاء الكتاب من أمثال الأستاذ عبد الله الأمين، الذين يحاولون أن يوهموا من يظنون أنه قابل لأن ينطلي عليه الوهم، أن دولة الإنقاذ هي التي جاءت بالبعد الديني لصراع جنوب السودان» انتهى.. فإذا افترضنا جدلا ـ والأمر ليس كذلك ـ أن الحركة الشعبية في حربها قد كانت تبطن دوافع دينية مسيحية ولكنها تظهر أهدافــاً سياسية مشروعة، حيث تعلن أنها إنما تريد سودان التعدد الديني والعرقي والثـقافي، فهل دوافعها الدين أم من يرفع للحرب شعارات دينية بينما يبطن أغراضه السياسية غير المشروعة «الاستئـثار بالسلطة وبالثروة»؟
    الخوف من الإصلاح السياسي:
    كنتُ في مقالي السابق، سالف الذكر، قد أوردتُ قول وقيع الله: «إن الاستقرار السياسي هو رفيق للتقدم الاقتصادي، وقد كان من عبقرية الإنقاذ، كما ذكرنا، أنها تمضي قدمـاً في تحقيق الاستقرار السياسي، عن طريق تنفيذ خطط ناجحة للتنمية الاقتصادية، ومهما يكن الأمر فإن هذا يؤكد أهمية توطيد الاستقرار السياسي في البلاد، لأنه هدف وغاية» انتهى.. ثم علقتُ عليه بقولي: «فهل تكفي التنمية الاقتصادية وحدها لتحقيق الاستقرار السياسي، دون أن يرافقها ولو الحد الأدنى من الإصلاح السياسي؟.. كلا ولا كرامة.. إن الحد الأدنى، على الأقـل، من الإصلاح السياسي أمر ضروري من أجل الاستقرار.. وهذا الحد الأدنى يقتضي أولاً معالجة المظالم الدينية والعرقية والسياسية وإزالة آثارها والعمل على نشر ثـقافة السلام والتعايش السلمي واحترام القانون، ويقتضي ثانيـاً المساواة بين المواطنين في الدستور وفي القانون، مع سيادة حكم القانون، ويقتضي ثالثــاً العدل في توزيع الثروة، وذلك بأن يكون أهم وأغلب وسائل الإنتاج، ومرافق الخدمات، ومشاريع التنمية، مملوكــاً للقطاع العام، لا للقطاع الخاص، مع توزيع هذه الوسائل والمرافق والمشاريع على مختلف المناطق الجغرافية، وتوسيع فرص العمل والوظائف فيها، وأن يكون معيار التعيين الكفاءة وليس الولاء، مع التقريب بين مستويات الأجور والمرتبات، وذلك يبدأ برفع الحد الأدنى للأجور وخفض الحد الأعلى، بحيث لا يزيد الفرق بين أعلى مرتب «مرتب رئيس الجمهورية» وأدنى مرتب «مرتب خفير أو فرَّاش» عن سبعة أضعاف، مثلا، أو عشرة أضعاف، كبداية، ثم تتجه السياسات، كلما تحسن الوضع الاقتصادي، إلى رفع الحد الأدنى للأجور بمعدل أكبر مما ترفع به الحد الأعلى، بحيث تضيق الشقة بين الحدين إلى أن تضيق إلى أقصى حد ممكن، مع دعم وتوسيع فرص العلاج والتعليم وغيرهما من الخدمات الحياتية الضرورية، في كافة أنحاء البلاد، وتطبيق كافة السياسات الأخرى مما يدخل في معنى العدل في توزيع الثروة.. ذلك هو الحد الأدنى من الاصلاح السياسي، وبغيره لن يكون هناك استقرار سياسي في السودان» انتهى.. هذا حديثي عن الإصلاح السياسي، وهو واضح ومحدد ويمكن أن تطبقه أي حكومة، سواء كانت حكومة الإنقاذ، أو حكومة الوحدة الوطنية، أو غيرهما، فبماذا عقب عليه وقيع الله؟
    عقب بقوله: «ثم كشف هذا المحامي «المسيَّس» عن هدفه الأصيل في المزايدة على الانقاذ، عندما أنكر أهمية التنمية الاقتصادية، مع أنها هدف عظيم. وما أنكر أهميتها إلا لأن الانقاذ حققتها بنجاح كبير، فقال: «فهل تكفي التنمية الاقتصادية وحدها لتحقيق الاستقرار السياسي، دون أن يرافقها ولو الحد الأدنى من الإصلاح السياسي؟ كلا ولا كرامة». فالمطلوب إذن ليس التنمية الاقتصادية، وانما ما يسمونه بالاصلاح السياسي، الذي يعنون به إبعاد الإنقاذ عن الحكم لا غير» انتهى.. هذا ما عقب به وقيع الله على ذلك الحديث الواضح المحدد عن الإصلاح السياسي، وذلك بعد أن بتر جُـله وأورد جزءًا صغيرًا منه.. فرغم ما به من وضوح وتفصيل، لا يريد أن يفهم منه شيئـاً سوى أنه «إبعاد الإنقاذ عن الحكم لا غير»!!.. وكان في بداية مقاله الحالي قد وصف من حاوروه قبلي بقوله: «القوم الذين اندحروا».. ووصف رده على أحدهم في مقاله السابق سالف الذكر بقوله: «بعـد ردي الصاعـق عليه».. فهو رغم كل ما سلف بيانه من سطحية وضحالة في أقواله، يركز كثيرًا على الزعم بأن ردوده «صاعـقة» ومحاوريه «مندحرون».. فاعجب لكل ذلك إن شئت أو لا تعجب فإنها العـقـلية الإسلاموية على كل حال.
    عبد الله الأمين ، المحامي
    [email protected]

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147514149&bk=1
    ___________
                  

04-16-2008, 02:36 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الذكرى الثالثة والعشرون لاستشهاد المفكّر محمود محمد طه
    في إطار الاحتفالات بذكرى شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه احتفت الأوساط الثقافية والفكرية بمرور ثلاثة وعشرين عاماً على استشهاده حيث أقام مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية ندوة بعنوان (أثر الحركة الجمهورية في السودان في الماضي والحاضر والمستقبل).. تحدثت فيها الأستاذة اسماء محمود محمد طه، وعقّب عليها هالة محمد عبد الحليم وطه ابراهيم المحامي. وذلك يوم السبت الماضي.
    كذلك أحيا اتحاد الكتاب السودانيين الذكرى بمركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بام درمان يوم الخميس الماضي بندوة كبرى تحدّث فيها كلّ من الدكتور محمد جلال هاشم الأمين العام للاتحاد بجانب الأستاذ ابراهيم يوسف وعبد القادر محمد ابراهيم. وقد احتوت الأمسية على انشاد ديني جمهوري.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147514146&bk=1
    ____
                  

04-16-2008, 02:37 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب على د. محمد وقيع الله (3)

    العـقـلية الإسلاموية واستخدام التكـفير للتهرب من التفـكير



    عبد الله الأمين ، المحامي



    [email protected]



    الإسلامويون وقضية المرأة:



    يقول وقيع الله: «إن القول القائل إن المرأة ناقصة عقل ودين لم ابتدعه أنا. وإنني لست من الذكاء بحيث أجيء بقول حصيف كهذا يُعدُّ من قوانين الخلق وسُنن الاجتماع البشري العظمى. فهذا هو قول سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنا أقبله على علاته ولا أناقش فيه أبدا. وكذا تقبله على علاته صاحبات الشأن، وهن النساء المؤمنات، ولا يمارين فيه على الإطلاق، وذلك بالرغم من أنه يتحدث عن نقص دينهن وعقولهن» انتهى.. ولن أتوقف كثيرًا عند عبارة «على علاته» التي لو سمعها الإسلامويون، ممن ينتمي إليهم وقيع الله نفسه، وعرفوا معناها اللغوي، لأخرجوا مظاهرات الهوس الديني ضده، ولظنوه أحد عملاء الصهيونية المندسين بينهم، لأنه وصف أقوال الرسول الكريم بالعلة، والعلة في وصف الأحياء تعني المرض، وفي وصف الأقوال تعني العيب أو النقص أو المأخذ، ولكني أعرف أن وقيع الله لا يعني ما يقول، فقد ظن أن عبارة «على علاته» تعني «برُمته» أي كما هو، دونما تعديل أو تبديل.. وإنما يهمني هنا موقف الإسلامويين من قضية المرأة حيث يظنون أن القول بأنها ناقصة عقل ودين هو «من قوانين الخلق وسُنن الاجتماع البشري العظمى» كما عبر وقيع الله.. والحق أنه ليس كذلك، وإنما هو قولٌ مرحليٌ حكيم، يخاطب مجتمعـاً معينـًا، تحيط به ظروف تاريخية وجغرافية محددة، فأغلب نسائه ناقصات عقل ودين، بسبب تلك الظروف.. وهناك في الإسلام أحكام مرحلية كثيرة، موجهة إلى مجتمعات العصور السالفة، ولا تخاطب المجتمعات الحاضرة، ومنها ما ورد في آيات قرآنية، مثـل الحكم الوارد في قوله تعالى: «والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين».. فهذا الحكم يبيح لمجتمعات عصور الرق والجواري أن يكون للرجل المسلم جواري فضلا عن زوجاته، ولكن القرآن اليوم لا يبيح ذلك لمجتمعات حقوق الإنسان التي تجاوزت عصور الرق، فاتخاذ الجواري اليوم حرام إسلاميــًا، ويعتبر زنا، ويعاقب عقوبة الزنا، وإن كان بالأمس حلالا شرعـًا.. فالإسلام مستويان: مستوى الإسلام الأصلي، الموجه إلى الإنسانية جمعاء، والذي يخاطب المجتمع الكوكبي الحاضر، في عصر العـلم، والتكنولوجيا، والاستنارة، والمؤسسية، والعولمة، والمواثيق الدولية، وحقوق الإنسان، والدولة الحديثة، ذات السلطات المستقـلة عن بعضها البعض، التشريعية والقضائية والتنفيذية، الخ، ومستوى الإسلام الفرعي، الموجه إلى «أمة المؤمنين»، والذي يخاطب مجتمعات عصور القبائل والرق والجواري، ليطورها بالرفق والحكمة والتدرج إلى الأمام نحو التقدم المنشود.. ولا يتسع المجال هنا للتفصيل في ذلك، ومن أراد التفصيل فليقرأ مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه، في موقع «www.alfikra.org»



    وأما قول وقيع الله: «ونقص العقل المذكور في هذا الحديث لا يعني أن المرأة «بليدة» كما يتوهم هذا المحامي، أو أنها مخلوق غير قابل للرشد كما يظن. وإنما يعني أنها حادة العاطفة جدا، وأن عاطفتها تطغى أحيانا على حكمتها وبصيرتها» انتهى، فلا عبرة به إذ أن العاطفة إمّا أن تكون ناضجة سامية، وهذه عاطفة حُب وإخاء، أو أن تكون بدائية فجة، كعاطفة الإسلامويين، وهذه يغـلب عليها الكره والعداء، فإذا كانت سامية فهي لا تؤثر سلبـاً على العقل والدين، ولا تنتج نقصـاً فيهما، وإنما هي، على العكس من ذلك، تـقـوِّيهـما، وإذا كانت فجة فهي مرحلية، لا يدوم عليها البشر، وإنما يرتقون عنها نحو العاطفة السامية.. والعاطفة ليست خاصة بالنساء، فالرجال أيضـاً عاطفيون، وإن كانت لدى النساء أقوى منها لدى الرجال، كقاعدة عامة.. يضاف إلى ذلك أن نقص العقل والدين، لدى أغلب نساء الجزيرة العربية في ذلك الوقت الذي قيل فيه الحديث، لم يكن مرتبطــاً فقط بالعاطفة الفجة، وإنما كانت له أيضـاً أسباب أخرى، منها بقاء المرأة في البيت، وعدم مشاركتها في الحياة العامة.. وأما نساء اليوم فإن عاطفتهن لم تعـد، في مجمل الحال، بدائية فجـة، ومشاركتهن في الحياة العامة لم تعـد محدودة.. والخلاصة أن عبارة: «النساء ناقصات عقل ودين» لم يكن مقصودًا بها نساء اليوم، ولم تعـد قائمة اليوم.



    التناقض وضعـف الفكر والالتواء:



    ولقد نتج عن إدمان الهروب من واجب التفكير، والإختباء منه خلف التكفير، أن صارت العقلية الإسلاموية ضعيفة الفكر، وملتوية، وتتورط في التناقض الصارخ دون أن تشعر به.. وكمثال للتناقض الصارخ ففي مقاله السابق بعنوان: «الاستقرار السياسي وعبقرية الإنقاذ» الذي نشر بهذه الصحيفة في 31/10/2007، يقول وقيع الله: «من بينهم أبوها ـ يعني الصادق المهدي ـ الذي دعا ولا يني يدعو إلى النقمة والخراب، وهو بلا ريب من أكثر من أسهموا في إشعال النيران بين جنبات هذا الوطن، مرة بحجة محاربة النميري، ومرة بحجة محاربة البشير» انتهى.. بينما يقول في مقاله محل هذا التعقيب: «المجاهدين الإخوان والأنصار البواسل، الذين تصدوا لنميري في عام 1976» انتهى.. فهو هناك، في مقاله السابق، يصف الصادق بأنه من دعاة النقمة والخراب، وأن محاربته للنميري هي واحدة من إسهاماته في إشعال النيران في الوطن، بينما يصف هنا، في مقاله الحالي، من حاربوا النميري عام 1976، وهم أنفسهم الصادق والإسلامويون بـ «المجاهدين الإخوان والأنصار البواسل الذين تصدوا لنميري عام 1976»!!.. ومن أمثـلة التواء الفكر: ففي مقاله السابق المذكور كان قد وصف قوانين سبتمبر بأنها «شرع الله» فرددتُ على ذلك وأوضحتُ أنها مخالفة للشريعة جملة وتفصيلا، وذكرتُ ضمن مخالفتها في التفاصيل أنها بدلت عقوبة الرجم بعقوبة «الإعدام»، فجاء ضمن تعقيبه على هذه النقطة قوله: «والغريب أن هذا المحامي يتحدث عن قوانين سبتمبر، ويكرر ذكرها، مع أن القوانين التي يحكم بها السودان الآن ليست هي قوانين سبتمبر ولا أُخذت عنها! وهذا ما يدل على أن هذا المحامي ما يزال يغرف حججه ضد القوانين الإسلامية الحالية من بوتقة الأدبيات القديمة التي أفرزها اليساريون والعلمانيون اليمينيون في معارضة قوانين سبتمبر1983، فهو يخوض معركته إذن بسيف كان قد انثـلم منذ زمان بعيد» انتهى.. وكأني من بادر بالحديث عن قوانين سبتمبر، أو كأن حديثي عنها لم يكن ردًا على وصفه إياها بـ «شرع الله»!!.. ثم لاحظ عبارة «يخوض معركته بسيف كان قـد انثـلم»!!.. ألم أقـل أن العقلية الإسلاموية لا ترى الحوار مع الآخر إلا حربـاً ومعركة تـثير لديها شهوة الكـُره والعـداء؟

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147514192&bk=1
    _________________
                  

04-16-2008, 02:38 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    فلنواصل الحوار مع د. محمد وقيع الله 2/2
    عبد الله الأمين ، المحامي
    [email protected]
    إنكار الحقائق الساطعة لا يخفيها ولا ينفع الوطن
    ثم إن الإنقاذ لم تستخرج البترول في سنواتها الأولى، كما يدعي، وإنما تأخرت في استخراجه نحو عقدٍ من عمرها، وذلك بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، مما جعل بعض القوى الضاغطة في المجتمع الدولي تفرض عدم التعامل معها، إلى أن تعاملت معها أخيرا بعض الشركات الآسيوية، واستخرجت لها البترول.. والحق أن استخراج البترول، إذا لم يكن مصحوبا بسياسة عادلة في توزيع الثروة، فإن استخراجه عندئذٍ لا يمثـل إنجازا ايجابيا وإنما يمثـل نهبا لثروة الشعب.. ولقد سبق أن أشرتُ، في مقالي السابق، سالف الذكر، إلى بعض ملامح سياسة العدل في توزيع الثروة، ومنها أن يكون أهم وأغلب وسائل الإنتاج، ومرافق الخدمات، ومشاريع التنمية، مملوكــًا للقطاع العام، لا للقطاع الخاص، مع توزيع هذه الوسائل والمرافق والمشاريع على مختلف المناطق الجغرافية، وتوسيع فرص العمل والوظائف فيها، وأن يكون معيار التعيين الكفاءة وليس الولاء، مع التقريب بين مستويات الأجور والمرتبات، وذلك يبدأ برفع الحد الأدنى للأجور وخفض الحد الأعلى، بحيث لا يزيد الفرق بين أعلى مرتب «مرتب رئيس الجمهورية» وأدنى مرتب «مرتب خفير أو فرَّاش» عن عشرة أضعاف، كبداية، ثم تتجه السياسات، كلما تحسن الوضع الاقتصادي، إلى رفع الحد الأدنى للأجور بمعدل أكبر مما ترفع به الحد الأعلى، بحيث تضيق الشقة بين الحدين، إلى أن تضيق إلى أقصى حد ممكن، مع دعم وتوسيع فرص العلاج والتعليم وغيرهما من الخدمات الحياتية الضرورية، في كافة أنحاء البلاد، إلى آخر ما يدخل في معنى العدل في توزيع الثروة.
    ثم يقول وقيع الله: «وقد واصل هؤلاء السياسيون هزءهم ومساخرهم اللفظية، عندما هبطت أسعار البترول إلى تسع دولارات في وقت استخراج الإنقاذ له، فقالوا في ذلك ما قالوا من هذر القول، ولكن التاريخ كان في صف الإنقاذ، إذ سرعان ما ارتفع سعر البترول، حتى تخطى اليوم حاجز المائة دولار. ولهؤلاء السياسيين العاجزين الهازلين الهازئين وأتباعهم أرفع هذا السؤال المشروع: كيف كان للسودان أن يدبر اليوم نقدا يستورد به البترول من الخارج بهذا السعر الرهيب؟ وكيف كان يمكن أن تحصل البلاد على البترول اليوم، لو لم تقم الإنقاذ ببعد نظرها الثاقب، باستخراجه من باطن الأرض في ذلك الزمان؟» انتهى.. فكأن الإنقاذ، في زعمه، قد علمت «ببعد نظرها الثاقب» أن أسعار البترول سترتفع بحيث تعجز البلاد عن شرائه، ولذلك قامت باستخراجه في ذلك الوقت بالذات، قبيل ارتفاع أسعاره، حتى تغني البلاد عن شرائه، عند ارتفاع أسعاره، ولكن هذا الزعم لا صلة له بالواقع، وإنما هو محاولة بائسة لاختلاق فضيلة للإنقاذ، بأية وسيلة، فالواقع أن الإنقاذ لم تكن لتتأخر لحظة عن استخراج البترول، منذ استيلائها على السلطة، لو وجدت شركة أجنبية تتعاقد معها في ذلك الوقت، وذلك لأسباب عديدة، منها على سبيل المثال أن البترول، في ظنها، سيقويها ويدعم سلطانها ويقيم لها دولة «التمكين» المنشودة.
    مستوى دخل الفرد:
    ثم يقول وقيع الله: «لقد أدى استخراج الإنقاذ للبترول إلى تغيير الخارطة الاقتصادية، وأدى إلى تحسن الوضع الاقتصادي باضطراد، وبذلك نجحت الإنقاذ في رفع مستوى معيشة المواطن السوداني إلى حد ملحوظ. إذ تضاعف معدل الدخل الفردي خلال خمس سنوات فقط، ما بين 2000 و2005م، ولا يملك من يتعامل بلغة الأرقام إلا أن يقرَّ بأن المواطن السوداني يتمتع الآن بأعلى مستوى معيشي في تاريخه أجمع. هذا من حيث توفر الأشياء الاستهلاكية، وتوفر وسائل الرفاهية التي يجدها الآن، ولم ينعم بها بهذا القدر الكبير من قبل» انتهى.. والواقع أن «معدل الدخل الفردي» في الاحصاءات إنما يعني «متوسط دخول الأفراد» فهو يقاس عن طريق قسمة الدخل القومي الإجمالي على عدد السكان، ويكون حاصل القسمة هو «مستوى دخل الفرد» أو «معدل الدخل الفردي» ولكن الدخل القومي الإجمالي، في الواقع، لا يوزع على السكان بالتساوي، بل وفي عهود الفساد السياسي يذهب جله إلى قـلة قـليلة، بينما لا تجد الأكثرية منه سوى الفتات، ولذلك فإن «معدل دخل الفرد» الاحصائي، لا يصلح كدليل على مستوى الدخل الفعلي لدى أغلبية الأفراد، ولذلك فلا عبرة به، فإذا كان الاقتصاد إنما ينمو ويتحسن لصالح قـلة قـليلة دون الأكثرية، فما هي أهمية نموه وتحسنه؟.. وكنتُ قد ذكرتُ ذلك في مقال سابق، فكان مما رد به وقيع الله على هذه النقطة قوله: «والواقع إن الذي لا قيمة له إنما هو منطق المحامي هذا الذي يجادل به. فهذا هو المقياس الاقتصادي العلمي العالمي المتبع في تحديد درجات التقدم الاقتصادي لجميع حكومات العالم، فلماذا تستثنى منه الإنقاذ؟ هل تستثنى لمجرد أن هذا المحامي الفاضل لا يستلطفها، ولا يبدو هذا سببا كافيا للاستثناء» انتهى.. ولكني لم أطلب استثناء الإنقاذ من هذه الاحصاءات، لقياس حجم الدخل الكلي الإجمالي، مثلا، وإنما أوضحت أن هذه الاحصاءات، عندما تتحدث عن مستوى دخل الفرد، فإنها إنما تعني «متوسط» دخل الفرد، أي الدخل المتوسط، بين دخول الأفراد ذوي الدخول العليا، ودخول الأفراد ذوي الدخول الدنيا، وذلك لأنها إنما تقسم الدخل الإجمالي على عدد السكان، وحاصل القسمة هو «متوسط دخل الفرد». وبديهي أن هذا «المتوسط» ليس مرتكزا في تحديد نسبة الفقر «نسبة عدد الفقراء إلى مجموع الشعب» فقد يكون المتوسط عاليا، والفقراء أكثرية في ذات الوقت، لا سيما إذا كانت الحكومة تطبق سياسة غير رشيدة، وغير عادلة، في توزيع الثروة، كما فعلت الانقاذ
    سياسة «التحرير» الاقتصادي:
    وأما زيادة حجم السلع والخدمات، بمختلف أنواعها، والكمالية منها بصورة خاصة، في أواخر عهد الإنقاذ، فهو صحيح، وسببه فتح السودان كسوق «حر» لمنتجات الشركات الخاصة، الأجنبية والمحلية، تنفيذا لسياسة «التحرير» الاقـتصادي، وكلمة «حر» في وصف السوق، وكلمة «تحرير» في وصف الاقـتصاد، إنما يقصد بهما امتناع الدولة عن سن قانون لحماية المستهلك، يضع قيودا على الإنتاج، أو على الأسعار، أو على وسائل التسويق، بمعنى عدم تدخل الدولة بين المنتج والمستهلك، وترك السوق «حرا» مع تخلي الدولة عن الإنتاج للقطاع الخاص، مما يعني ترك المستهلكين فريسة للمنتجين، وحيث أن هدف الشركات الخاصة إنما هو تحقيق الربح لنفسها، ولا تهمها مصلحة المستهلكين، ولا تعنيها، فإن سياستها، في كل مكان، هي العمل على تسويق ما تـنتج، وليس إنتاج ما يُسوَّق، أو قـل، بعبارة أخرى: السعي إلى خلق حاجة المستهلك لما تـنتج، بهدف خلق الطلب لما تنتج، وليس إنتاج ما هو مطلوب أصلا، أو ما يحتاجه المستهلك أصلا.. وهناك في الواقع سلع وخدمات سلبية ووهمية، عديدة، ضارة بالمستهلك، وهي السلع والخدمات التي لم يكن يحتاج إليها المستهلك أصلا، أو كان بإمكانه أن يستغـنى عنها بغيرها، مما هو أقـل سعرا منها، ولكنه مع ذلك يرغب فيها، هي بالذات، نتيجة تعرضه لتأثير ايهامي، يوهمه بالحاجة إليها، ويخلق رغبته فيها، في ظل غياب التوعية والترشيد، وغياب قانون يحميه.. ومن أبرز وسائل التأثير الايهامي الدعايات والإعلانات، التي تـتبارى وتـتـنافس وتـتـفـنن وتبدع في وسائل ترغيب المستهلك في ما تقدم من سلع أو خدمات، حتى أن العديد من الشركات قد صار يقدم جوائز قيمة، كسيارة جديدة مثلا، كل شهر، أو كل عام، أو كل يوم خلال شهر معين من كل عام، بحيث تعطى الجائزة، عن طريق الاقـتراع، لأحد مستهلكي السلعة أو الخدمة التي تقدمها الشركة، مما يجعـل الملايين، ممن لا يحتاجون إلى السلعة أو الخدمة، يشترونها رغم عدم حاجتهم لها، وكل منهم يمني نفسه بأن يكون أحد الفائزين بالجائزة، فتحقق الشركة بذلك أرباحا طائلة، تغطي بجزء يسير منها ثمن الجوائز التي تقدمها، بينما يصير الباقي ربحا صافيا لها.. ومن السلع والخدمات السلبية والوهمية ما هو ضار صحيا، كالسجاير وأمثالها، ومنها ما هو ضار اجتماعيا وأخلاقيا، كالسلع والخدمات التفاخرية والتبذيرية، مثـل «آخر صيحات الموضة» في عالم كذا وكذا، من السلع والخدمات، ومنها ما هو ضار ثـقافيا وأخلاقيا، كالسلع والخدمات الإفسادية والتضليلية، مثـل الأفلام والأغاني الهابطة والمبتذلة، التي تباع في أشرطة أو أسطوانات، ومثـل السلع والخدمات التي تتعامل مع المرأة كأنها مجرد «أنثى» لا دور لها في الأسرة وفي المجتمع، ولا قيمة، سوى «الأنوثة والجاذبية» الخ.. ويجب أن نعلم أن كل السلع والخدمات السلبية، والوهمية، ضارة اقـتصاديا، لأنها إنما تمتص الأموال من أيدي المستهلكين، وهم الأكثرية، وتحولها إلى أيدي أصحاب الشركات المنتجة لتلك السلع والخدمات، وهم الأقـلية، دون أن تقدم نفعا حقيقيا للمستهلكين، فتساهم بذلك في المزيد من الإفقـار للأكثرية الفقيرة، والمزيد من الإثراء للأقـلية الثرية.. ولعل في ما تقدم بعض التوضيح لطرف يسير من سوء وسلبية ما يسمى بالتحرير الاقـتصادي، وهو في الحقيقة ليس تحريرا اقتصاديا، وإنما هو، على العكس، تسلط اقـتصادي، تمارسه الأقـلية الغنية، على الأكثرية الفقيرة، بينما تقف الدولة «التي يفترض أنها نائبة الشعب» متفرجة، فلا تصدر قانونــاً يحمي المستهلكين من تسلط المنتجين عليهم، والإضرار بهم، ونهب أموالهم.. بينما لو كانت الدولة ذات حكومة ديمقراطية رشيدة ومسؤولة، وتولت هي إنتاج السلع والخدمات، بقطاعها العام، لاتجهت إلى إنتاج ما يحتاجه المستهلك، وما ينفع المستهلك، من الضروريات، ثم من الكماليات، لأنها لا تهدف إلى الربح بقدرما تهدف إلى مصلحة الشعب، وترقيته، وإثـرائه، وترفيهه، ثم إنها حتى لو حققت أرباحا مما تنتج فإن أرباح الدولة توظف لمصلحة الشعب نفسه لأنها مال عام.. هذا وسنواصل، بإذن الله تعالى، مناقشة وتقييم بقية ما يدعيه وقيع الله من إنجازات، ومن إحصاءات، في مقال لاحق.
    عبد الله الأمين المحامي


    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147515190&bk=1
    ____
                  

04-16-2008, 02:40 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الاجتهاد الديني برؤية الدكتور النور حمد
    صلاح شعيب
    الدكتور النور حمد لا يتوانى في كل الكتابات الرصينة التي قرأتها له من التذكير بضرورة بحث دور الدين في الحياة، وهذه الورقة التي نشرها هنا تمثل إضافة لإنشغالاته البحثية المتعددة بأمر الفكر الإسلامي عموما، والفكرة الجمهورية خصوصا. ووجدت أن ورقته ـ والتي هي في جانب تتمظهر كلمحة وفاء للشهيد محمود محمد طه ـ تلهم بالكثير من التأويلات لما تحتويه من رؤى وأفكار مستندة على جزء من فكره، من جانب، وقراءات لما قال به الاستاذ محمود محمد طه حول موضوع الاجتهاد من جانب آخر، ونسبة لتقديري الكبير للدكتور النور كأحد رموز فكر الاستنارة في السودان وفنان يتعامل بالريشة، رأيت ان اسهم بهذه المداخلة التي ـ نشرت في موقع «سودان فورال» ـ تغلبها حيلة الإحاطة بكل ما حملت الورقة من ثمرات رأي، ولكن فليكن مضمونها محاولة متواضعة لقراءة بعض جوانبها:
    طرحت مسألة الاجتهاد في الفقه الإسلامي نفسها بإلحاح في السنوات الأخيرة، وذلك برغم أن الاجتهاد وتطبيقه لم يتوقف منذ لحظات احتضار النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وظل إلى يومنا هذا ممارسا سواء عن طريق السلطات الدينية التابعة للدولة أو عن طريق أفراد أو جماعات ينتمون إلى المجتمع المسلم. والسؤال هو لماذا تتعاظم فرص الجدل بين الفينة والأخرى حول التجديد أو التحديث في الفقه الاسلامي، بينما أن هذه المسيرة ظلت متوارثة أبا عن جد مسلم..؟
    الثابت هو أن «1» فشل المسلمين في التعامل مع دولتهم، و«2» كون أن اقطارهم صارت مهيأة للتدخل الخارجي، و«3» لأن إسهامهم الحضاري توقف منذ زمن على الصعيد الفلسفي والفكري والعلمي، و«4» عدم تمايزهم كثيرا عن المتدينين الآخرين في سلوكياتهم الفردية والجماعية، هو السبب الاساسي الذي جعل كل تلك الاجتهادات السلفية والمعتدلة والحداثية في مهب الريح، وهي من بعد لم تبق اثرا ولم تقطع ارضا، فالمسلم ظل كما هو يتخبط في المسافة بين ما رسخ في ذهنه من تعاليم اسلامية سمحة والواقع الخرب الذي يحيطه، واقع دولته وواقع الآخرين الذين يتساكنون في دولة الرفاه.
    ببساطة متناهية صار الدين الذي يعتقد فيه المسلم مصدرا للالم اكثر من كونه المصدر الذي عبره يمكن أن يعيش في صفاء روحي، وتظلله غيم السماحة والعدل والمساواة والفضيلة.. إلخ القيم والمعاني المضمومة بين دفتي كتاب كريم لا يأتيه الباطل لا من خلفه أو يمينه.. ولكن..؟
    الدكتور النور حمد، وهو إذ يطرح مسألة الاجتهاد للبحث ويعمق النظر إليها بفكره الثاقب وتأمله الحصيف، إنما تمكن له الامساك بجوهر القضية التي ما فتئت تفت تاريخيا في عضد مجتمعاتنا المسلمة، خصوصا إذا تمت معرفة أن الاسلام هو العمود الفقري في ثقافة الاقطار المسلمة، وأنه الوسيلة الحضارية التي لا نرى أن أية ديانة أو ثقافة أخرى قادرة على أن تسد الفراغ الروحي للمسلمين إذا ما تم التخلي عن الاسلام في جانبه الفقهي وجانبه المعاملاتي.
    ولعل الجانب الأخير هو الاشد امساكا بتفاصيل ازمة المسلمين إذا كان الجانب الفقهي ـ تطوره أو انحطاطه ـ يتغذى أصلا من جانب المعاملات الذي يحكم الفرد المسلم في علاقته مع الله ونفسه وجاره وزوجه وابنته وشجرة الطريق وكلبه، وتلقيه المعرفي واحترامه لمجتمعه أو دولته أو رؤيته للآخر المسلم المذهبي قبل الآخر الذي يدين بديانات سماوية أو وضعية أو لا يدين بأي شئ حتى.
    قصدت القول إن تركيز المسلمين الآن، خصوصا المثقفين غير الاسلامويين منهم، يتم على صعيد تطوير فقه معاملات المسلم ـ بغير مرجعية إسلامية بحتة ـ ويغضون الطرف عن تطوير فقهه الروحي، والسبب يعود إلى أن هؤلاء المثقفين وهم الاقدر تملكا للادوات الفكرية والنقدية الحديثة، يعانون من ضعف تدين ضمن ضعف عام يواجهنا بصفتنا مسلمين. وقد قل بحث هؤلاء النفر من المسلمين حول أزمة قراءة النص القرآني وتفسيره وإعادة قراءته التاريخية، إلا بعض الاكاديميين، ولهذا السبب تخصبت التربة للجماعات السلفية والأصولية في ملء المساحة البكر التي تجاهلها القوميون واليساريون أو المستقلون، بدعوى أن تطوير فهم المسلم يتم هكذا إذا ما تم تبني المفاهيم العلمانية، حيث أنظمة الحكم الديمقراطية واحترام الحريات الفردية.
    إن المثقفين السودانيين، وخصوصا اليساريين، ولأنهم يتحركون فكريا في فضاء اليسار العروبي، يهتمون بوضع النضال ضد الأنظمة الاستبدادية كأولوية ـ لا أخرى غيرها ـ قبل دراسة الأسباب التي هيأت ظهور هذه الانظمة، وبالتالي تكون فلسفة الأنوار التي شاعت في اوروبا مرجعيتهم، على اعتبار انها حررت الإنسان من «تابو» الاصولية الكنسية، وفتحت الطريق أمام الناس لممارسة حرياتهم، والاعتقاد الحر، واحترام حقوق الإنسان وحرية الصحافة والتجارة الحرة، وجلبت عصر الثورات الزراعية والصناعية والتكنولوجية والاتصالاتية أو المعلوماتية، ولذلك حين قلت إن الاستاذ محمود محمد طه فتح مجالا للسودانيين والعرب والمسلمين اجمعين لم يتهيأ لأحد خلافه، كنت أعني ما أقول، فالتجديد الذي بذله طه وسار تلامذته عليه من بعده، والنور احد النجباء، كان قد ارتبط بتجديدين، الاول يتعلق بعلاقة الإنسان مع نفسه، حيث تهذيبها دينيا ولجم انتهازيتها أو ضعفها. والثاني تعلق بموقف الإنسان من باطشيه. والتجديدان تمثلا في الاستاذ محمود محمد طه، حيث كانت حياته ونهايتها أكبر دلالة على صدق التجديد الذي بذله، بصرف النظر عن إتفاق الناس او الاختلاف معه.
    يقول الدكتور النور«.. ويظن كثيرون أن التكفير والإخراج من الملة أمر يطال فقط أولئك الذين يأتون بآراء تشذ عما تواضعت عليه الأكثرية. كما يظنون أن هناك فهما للدين تتشاركه غالبية من الناس، يشذ عنهم بعض الشواذ الذين يجب ردعهم..».
    إن التكفير والإخراج من الملة لعدم اعتراف قطاعات فكرية وسياسية داخل الدولة المسلمة بالآخر، والذي يمتلئ جهازه العصابي بما هو مختلف عما في ذهن هذه الملل والنحل المكفرة ـ يعتبر من اكثر الاشياء التي تلازمت مع المسلمين في هذا العصر. ولكن من ناحية ثانية إذا درسنا تاريخ الاغتيالات ـ في الدولة القطرية العربية ما بعد الاستقلال فقط ـ نجد انها اطاحت بملايين الرؤوس لمجرد أنهم يختلفون معها. وبرغم أن هذا الإهدار في الأرواح لم يكن ليتم عبر مرجعية دينية/ سلفية، إلا أن هذه الاغتيالات هي الأخطر في تاريخ المسلمين. ولو قمنا بعمل إحصاء لوجدنا أن الذين تم سحقهم باسم الدين أقل كثيرا من الذين انسحقوا تحت طائلة التفسير السياسي للديكتاتور الرئيس أو الملك، فضلا عن ذلك فإن الدولة القطرية ولخطأ سياساتها، دلفت بالملايين من جنودها في حروب لا مبرر لها.
    وفي تصوري أن «التكفير السياسي» من أخطر الأزمات التي واجهت المسلمين بما فيهم من علمانيين وسلفيين وتكفيريين حتى. ولعل من واجب الفكر الإسلامي أن يركز أيضا على «التكفير السياسي» الذي هو أحد عوامل استشراء «التكفير الديني»، كما أن الاخير هذا كثيرا ما استخدم لدوافع سياسية تسبق الدوافع الدينية، كما شاهدنا في مقتل الاستاذ محمود محمد طه. وبشكل عام فإن الجماعات الاصولية مثل القاعدة وطالبان والجبهة الاسلامية في الجزائر التي جزت مئات الآلاف من الرؤوس، تمثل في واقع الأمر ـ مع الاعتبار للسبب الديني العميق ـ فشلا موازيا للفشل السياسي والاقتصادي والتنموي ..إلخ، الذي سببته سياسة الدولة المسلمة، وما تبع ذلك من تدخلات خارجية ساهمت هي الأخرى في التمهيد للتكفير الديني، ومن ثم اتباعه بالعمل.
    قال د. النور إنه «.. بعد هجمة الحادي عشر من سبتمبر 2001م في نيويورك، كثرت المؤتمرات التي تنعقد تحت مسميات حوار الأديان والتسامح الديني. غير أن من يشارك في هذه المؤتمرات، ممن يحلو لهم بأن يسموا أنفسهم «علماء الإسلام» لا يملكون زادا يمكن أن يشاركوا به في موائد الحداثة، سوى اجتهادات فقهاء الحقب السوالف..».
    نعم إن حادثة الحادي عشر من سبتمبر ظلت تكثر من تلك المؤتمرات، ولكن بالنسبة للمرء فإن الاولوية هي إقامة حوار المذاهب داخل البيئة الإسلامية وهذا هو الاهم، إذ ان الحوار الذي ينبغي التركيز عليه، إذا كان لا بد من ذلك، هو حوار السنة والشيعة الذي يمثل أولوية قبل أولوية الحوار بين المسلمين والمسيحيين أو بين المسلمين واليهود، والمنطق لهذا هو أنه كيف يستطيع المسلمون محاورة الآخر المعتقدي، وهم لما ينتهوا بعد من فرد صيغة لاحترام خلافاتهم المذهبية، وظلوا يتقاتلون كأعداءً تاريخيين، ويتربص هذا بذاك في كل منعطف تاريخي..؟ ثم من هم الذين يحاورون باسم المسلمين ولمن يتبعون، الأزهرـ القيروان، الزيتونة..المدارس الباكستانية، خلاوى أم ضوا بان أم ماذا ـ ما دام ان المسلمين يتمايزون في فهمهم، وما برح الاسلام «إسلامات» إذا جاز الاشتقاق اللغوي..؟
    وكما نعرف أن هناك بعض مسلمين يمارسون الاسلام على طريقة الصوفية والوهابية، والقسمان بينهما جولات من التكفير واتهامات بالزندقة، كما أن الطوائف الشيعية متعددة، وبغير هذا فهناك المسلم الاوروبي والاميركي والاوسترالي واللاتيني والعلماني، وهؤلاء تختلف نظرتهم للاسلام باختلاف تناقضاتهم المذهبية، بل أن داخل القسم الشيعي وجدنا أن هناك اتجاهات تكفر اخرى، والامر كذلك بالنسبة للسنيين. ثم ماذا عن حوار المسلمين فيما بينهم داخل الدولة التي تضمهم ـ أنصار، ختمية، أخوان، أصحاب طرق صوفية..إلخ.؟
    وصحيح ما يقول به الدكتور النور ـ والحال هذي ـ بإن علماء المسلمين يفتقدون الزاد الفكري الذي به يتحاورون مع الآخر الديني. ولكن في تقديري أن حوار الاديان أكذوبة كبرى ما دام أن القرآن الكريم به من النصوص ما تجعل بعض المسلمين ينظرون لدين المسلم «غير المبتغى» بأنه غير مقبول إلهيا، هذا برغم محاولات الاخوة الجمهوريين في تبيين آيات النسخ التي اشار إليها الدكتور الفاضل، ولعلنا نحتاج لوقت طويل حتى يفهم الناس الفكر الجمهوري في محاولته لحل معضلة القراءات المتناقضة للنص القرآني.
    وعلى الطرف الآخر وجدنا أن لا اليهود ولا المسيحيين يعترفون بنبوة النبي محمد «ص»، وبالتالي يبدو هذا الحوار طرشانَ عبر تخريجات إعلامية، وفي ذهني أن الحوار الاجدى والاقيم يمكن أن يحدث إذا بقي «حوارا جادا» على المستوى السياسي والفكري بين أتباع الاديان جميعها، وذلك بأجندة تتعلق بمصلحة البشرية كلها.. مثل الحوار حول كيفية محاربة التعصب الديني أو محاربة الجوع والامية او التعاون التكنولوجي أو التعاون الزراعي والاقتصادي. ولعل هذا الحوار قائم أصلا وبعض نتائج له ملموسة ايجابيا على الارض، ولكن لا بأس من تفعيله ليمس الجوانب الحقيقية التي تنتج الارهاب والارهاب المضاد.
    والشيء الآخر نجد أنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الحوار بين الحكومات، ولا مناصَ أن يتم على مستوى منظمات المجتمع المدني، اقول بهذا وفي ذهني أن هذه الاجراءات المتعلقة بالحوار بين الامم لن تكون كأولوية ناجزة ما لم تسنح الظروف بمعالجة الخلل في بنية تفكير الدولة والمجتمع الاسلاميين اينما وجدا. والامر نفسه ينطبق على الاطراف الاخرى التي لديها الكثير مما يؤخذ عليها من تصرفات حمقاء في جبهات السياسة والاقتصاد والاعلام ...إلخ.
    والحوار بين الأديان ليس أولوية انسانية بالنسبة لنا بصفتنا مسلمين وبالنسبة لغير المسلمين، فالاولوية الاساسية هو الحوار حول كيفية احترام الانسان داخل الدولة المسلمة او اليهودية أو البوذية أو المسيحية، ومتى ما كان الإنسان محترما ومتمثلا بقيم الاحترام للآخر وثقافته ودينه وملبسه وأكله وسلوكه، فإنه يستطيع أن يحترم الآخر الديني ويتحاور معه. وكيف تستطيع أغلبية المقموعين الآن في العالم إجراء حوار حول أديانهم وحكوماتهم، تقمعهم ليل نهار او تمتص عرقهم في حقول العمل، وتمنحهم اجورا لا تكفي للرعاية الصحية..؟!
    ويؤكد د. النور أن «.. ما يحتاجه العالم الإسلامي اليوم هو اجتهاد جديد مستند على أصول القرآن وجوهر رسالة الإسلام المتمثلة في السلام وفي المسؤولية الفردية. ومثل هذا الاجتهاد لا يكون بغير الخروج عن إطار أحكام الشريعة السلفية في ما يخص شؤون حرية الاعتقاد، وحرية الرأي، وسائر الحقوق الأساسية، ليستند على أصول القرآن التي تلتقي في الإطار العام بما تنص عليه الدساتير، والديمقراطيات، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان..». ويقول في جانب من ورقته «..أما محاولة ترك الدين جانبا والاتجاه صوب «العلمانية» كما يرى بعض المثقفين المسلمين، فتمثل في نظري محاولة للسير في ذات الخط التاريخي الذي سارت عليه حركة فصل الدين عن الدولة، كما جرت في المجتمعات الغربية..».
    في ظني أن ما يسميه د. النور بـ «الدساتير، والديمقراطيات، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان..». جاءت عبر تفكير علماني، ويكون من الصعب تبني هذه الخلاصات الإنسانية ما لم تبق الدولة أبعد من كونها متبنية للمنهج الديني الذي ينظم شؤونها من الالف للياء. ومن نافلة القول الاشارة إلى أن العلمانية لم تحل كل مشاكل الدول الغربية أو الشرقية، ولكنها عمليا حققت للدولة وأفرادها تقدما يصعب نكرانه، كما أنها طورت العلم وقللت الاصطدام المذهبي بين اصحاب الاعتقاد في الدولة الغربية بالمقارنة مع واقعنا. وفي ظني أن قيم الاصلاح ذات المرجعية الدينية المعنية بتلك المجتمعات، يمكن بكل سهولة أن تجد مجالا خصبا للازدهار في الارض العلمانية، إذا كانت هذه القيم الاصلاحية ترى أن تطبيق الأفكار العلمانية قد أضر بسمو الجانب الروحي لدى الإنسان.
    والملاحظ أن تطوير ونشر الفكر الجمهوري في اوروبا والولايات المتحدة العلمانيتين، اكثر يسرا من أي مكان في العالم الإسلامي، ولعل الاحتفاء الذي وجده فكر الاستاذ محمود محمد طه في العالم الغربي/ العلماني، يعتبر المؤشر الحقيقي إلى ان البيئة العلمانية هي الوحيدة التي تحترم الآراء المختلفة، بصرف النظر عن مصدرها الديني. وفي رأيي أنه لو تحقق لنا العثور على دولة يمسك بقرار العقد والحل فيها الإخوة الجمهوريون، وهي آنذاك قد تدير ظهرها للعلمانية، فإن المرء لا يضمن للدكتور النور نفسه موضعا مريحا فيها لو أنه اختلف معها جوهريا ووجد نفسه في الشارع السياسي يدعو بخلاف ما تدعو له تلك الجمهورية الاسلامية، وحتما سنجده سيسعى بمرجعية دينية لهدم أركانها..لإعادتها إلى «سيرتها الاولى» مثلا، أي حينما كان قد ساهم في جعلها واقعا ملموسا بعد فوز ديمقراطي.
    وفي ناحية أخرى اتفق مع د. النور في أن ترك الدين جانبا دون الاهتمام بتجديد القراءة له، لن يحل أزمة «أهل المثقفين المسلمين». ولكن هناك دائما الطريق الثالث الذي يوازي بين تبني الاجتهاد الذي يدعو له استاذنا النور لتوظيف الجانب الروحي في التقدم، وكذلك إعمال الحكمة في الاستفادة من المتحقق الانساني، خصوصا إذا كانت النتائج الماثلة من هذا المتحقق تقبلت كل المسلمين الذين أتوا من العالم الاسلامي دون أن يشعروا أن وجودهم في الدولة العلمانية لم يضر بتدينهم، بل أعطاهم فرصة لنشر الاسلام الذي لم يتمكنوا من نشره في البلدان الاسلامية، ووجدوا أيضا أن العيش بكثير من معاني الكرامة الانسانية مما لا شك فيه.
    وهل يمكن الاعتراف بهذا «الطريق الثالث» بأنه اجتهاد له بعض الجذور في الاسلام أكثر من كونه يتجذر علمانيا، ما دام أن من يطرحه هو من أحد المسلمين الذين لا يزكون أنفسهم..؟ عموما: كل التقدير لك د. النور وآمل ألا اكون قد خرجت من دائرة التفكير حول هذه الورقة المحفزة للحوار. مع تقديري.
    _________________
                  

04-16-2008, 02:41 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    صدام وذوالفقار بهوتو : مقارنات الحياة والموت
    [email protected]
    شهدت الخرطوم وعدد من مدن المنطقة العربية والاسلامية اواخر الشهرالماضي واوائل الجاري مهرجانات تأبينية بمناسبة مرور عامين على اعدام الرئيس العراقي صدام حسين في 30 ديسمبر 2006 استذكر فيها الحاضرون مناقبه الشخصية وتاريخه السياسي بالتمجيد والاحتفاء. والحقيقة هي ان الكثيرين ممن اختلفوا مع صدام بما يصل درجة العداء المفتوح او بما يقل عنها وجدوا انفسهم يتماهون مع اولئك المتفقين معه اصلا، تحت تأثير قيمة عليا في الثقافة الشعبية العربية الموروثة وهي الشجاعة. مشهد اعدام صدام الذي غمر وسائط الاعلام بكل انواعها الحديثة والتقليديه وثباته في وجه الموت، اضافة لما احاط بلحظة التنفيذ من صرخات فوران لغريزة ثأر سياسي بدائيه، تضاءلت امامه اختلافات الرأي والتوجه العام لدى هذه الشريحة من العرب والمسلمين. مع هذه الاحتفالات استعادت الذاكرة السودانية مشهد ثبات اخر في وجه المقصله سبقه بثلاثة وعشرين عاما ولكن في نفس الايام تقريبا وفق الروزنامه الشهريه هو ذكرى اعدام محمود محمد طه في 18 يناير 1985. وفيما عدا هذا التزامن الجزئي ومايقترب من اصوات التهليل الانحطاطي عند التنفيذ في سجن كوبر، ليس من جامع شكلي او موضوعي بين سيرة الرجلين. حتى التحولات المتأخرة الى المنحى الديني في فكر وخطاب الرئيس العراقي لاتغطي الفجوة الفاصلة بينهما بالنظر للطابع الصوفي شديد الخصوصية لاسلامية محمود محمد طه.
    على ان موجات الاضطراب السياسي التي تضرب العالم الاسلامي تقذف الى السطح بنموذج آخر للشجاعة ازاء حبل المشنقه قابل للمقارنة مع النموذج الصدامي يتعلق بذو الفقار علي بهوتو ( 1928-1979 )، السياسي الباكستاني والد بي نظير التي اغتيلت في 27 ديسمبر الماضي وكان قد اعدم شنقا في ابريل 1979 . في كتاب بعنوان ( آخر 323 يوما في حياة السيد بهوتو ) يصف العقيد رفي الدين مسئول السجن يوم اعدامه على النحو التالي : " دخلنا زنزانة بوتو الساعة السادسة وخمس دقائق مساء بتاريخ 3 .1979.4. وجدناه مستلقيا علي فرشة على الأرض وأبلغناه بقرار تنفيذ الإعدام.... ولم تبدُ علي وجه بوتو أية علامات للخوف.... وكان هادئا ً ومرتاحا ً وعَـلـَت وجهه ابتسامة.... وقد أدهشتني الطريقة التي تلقي بها الخبر... ونظر مباشرة في عيني الضابط الذي كان يقرأ له القرار وقال: كان على السلطات المعنية أن تخبرني قبل 24 ساعة على الأقل، رغم أن القانون يقضي بسبعة أيام . وقد كانت زوجتي وإبنتي هنا الساعة الحادية عشرة ونصف صباحا ً ولا علم لهن بذلك ." .ويضيف رفي الدين بأن بوتو نادى المنظف عبد الرحمن وطلب منه ماء دافئا ً لكي يحلق ذقنه (للعلم حافظ السيد بوتو على كامل أناقته وهيئته كرئيس للوزراء طوال محاكمته) وان بهوتو " استدار نحوي وسألني، ما هذه المسرحية؟ فقلت يا سيدي لقد صدرت الأوامر بتنفيذ حكم الإعدام هذا اليوم.... فأشار بوتو بيده وقال، إذا ً انتهي الموضوع؟ فأومأت برأسي، نعم يا سيدي... وسأل متى سيتم ذلك؟ فأشرت له بسبعة أصابع... فقال سبعة أيام...؟ قلت سبع ساعات يا سيدي ." ويقول رفيّ الدين بأن بوتو قد أوصى بإعطاء ساعته إلى عامل النظافة... وفي الساعة التاسعة وخمسة وخمسين دقيقة فرك أسنانه وغسل وجهه ومشط شعره... وسأل كم بقي من الوقت؟ فلم يجبه أحد... فقال محدثا ً نفسه، ربما أستطيع النوم لمدة ساعة أو اثنتين.. وفي الساعة الحادية عشرة وعشر دقائق أ ُقفلت الزنزانة ونام بوتو بهدوء ".
    والمعروف ان الجنرال ضياء الحق قائد الانقلاب الذي اصدر حكم الاعدام كان قد تعرض لضغوط شديده من حكام الخليج وغيرهم لعدم تنفيذ حكم الاعدام الى درجة انه حاول التخلص منها بتسهيل هروب بهوتو لكن الاخير رفض قائلا في تصريح مكتوب : " أنا لن أهرب من بلدي لانني على حق وصاحب الحق لا يهرب بل الذي سيهرب هو ضياء الحق ".: كما انه رفض المخرج الآخر الذي قدمه الجنرال وهو التقدم بأسترحام للعفو عنه من قبل حزبه او عائلته واوصي ابنته بي نظير بألا تقدم للرئيس الباكستاني طلبا للإسترحام نيابة عنه وان تسير على خطى مبادئه في قيادة حزب الشعب وذلك عندما احتفلت بعيد ميلادها الخامس والعشرين معه في الزنزانه.
    في هذه الوصية اشارة اولى الى بعض تشابه مع سيرة صدام ( 1937 - 2006 ). فقد اغتيلت بي نظير وهي تخوض معركة انتخابية وسياسية شرسة ضد التيارات التكفيريه والدكتاتورية العسكريه متمشية في ذلك مع الوصيه بينما كان مقتل ابني صدام في تبادل لاطلاق النار مع القوات الامريكيه بعد وشاية من مضيفيهم، نتيجة تربية تحض على الرجولة القتالية. على ان الجامع الموضوعي والاهم بين الرجلين في بداية حياتهما العامه هو انتماؤهما الي قيادات العالم الثالث التي تشكل وعيها السياسي في مرحلة المواجهة مع الاستعمار الامريكي الطالع في زمن بداية افول الاستعمار التقليدي وظهور المعسكرالاشتراكي والتطلع لبناء مجتمعات حديثه على اساس اشتراكي منذ اواخر خمسينات القرن الماضي.
    صدام حسين قدر له ان يكون اهم زعماء المرحلة الثانية في مسيرة حزب البعث العربي الاشتراكي بعد مرحلة مؤسسيه عفلق والبيطار من خلال مركزه الطاغي في تشكيل التجربة التطبيقية في العراق بعد انقلاب عام 1968 ، وبالضرورة اعادة تشكيل البعث نفسه، وذلك على غرار تجارب عربية وعالمثالثية اخرى بدأت بنفس الاسلوب وغلبت مهمة البناء العسكري- الاقتصادي والديموقراطية الاجتماعية على الديموقراطية السياسية. اما مسيرة ذو الفقار بهوتو فقد كانت عكسيه رغم وحدة الاطار العام فقد بدأ حياته السياسية وزيرا في حكومات انقلابات عسكرية ولكنه غادرها اثر خلاف يعود الى تمسكه بأنهاء حالة العداء والحرب مع الهند لتشكيل حزب الشعب الباكستاني، اقرب الاحزاب الباكستانية الى العلمانية والديموقراطيه رغم طابعه العائلي. وبعد فوز كاسح لحزبه في انتخابات عام 1970 وقع معاهدة سلام مع الهند كرئيس للوزراء واتخذ عدة اجراءات اشتراكيه اهمها تأميم المؤسسات الاقتصادية الكبرى واخرى للاصلاح الزراعي. وهي اجراءات مشابهة لاجراءات شهدها العراق ايضا ظل بهوتو بعدها رقما رئيسيا في الحياة السياسية لباكستان حتى الانقلاب العسكري عام 1977 الذي انهى حياته بعد ذلك بعامين. اما صدام فقد تدرج من كادر حزبي مدني ليصبح حاكما عسكريا-مدنيا متزايد السلطات ذا توجهات اسلاميه انعكست على حزب البعث نفسه وجاء الغزو الامريكي- البريطاني ليهدم النظام الذي ارتبط بشخصيته وينهي حياته بتسليمه الى غرمائه العراقيين.
    هل يمكن ان نجد في خلفية هاتين الشخصيتين الحياتيه تفسيرا لهذا الافتراق في تطورهما من البداية المشتركه مكملا لذلك الخاص بأختلاف ظروف البلدين؟ تباين هذه الخلفيه كان كبيرا للغايه لذلك فإن التأثير في هذا الخصوص وارد حتما : صدام حسين ابن اسرة ريفية بسيطه انقذته من مصير الآلاف من مجايليه قوة ارادته التي دفعت به للتعليم حيث اكمله بصعوبه نتيجة انقطاعات متكرره عائدة الى نشاطاته النضاليه اليومية منذ سن مبكره بين اختفاء ونفي. ذو الفقار ابن اسرة ريفية ولكنها اقطاعية موسره تلقي تعليمه العالي في الولايات المتحدة واكسفورد ومارس المحاماه في بريطانيا قبل ان يعود لبلاده. الارجح ان البيئة العائلية ليست العنصر الحاسم في الاختيارات السياسية الشبابيه ولكن الدخول في مرحلة الالتزام الجدي وسن النضج قد يميل بالقادم من بيئة مرتاحة مادية بما في ذلك تكوين تعليمي متين ومجزي مهنيا الى اختيار طريق التدرج في العمل العام بأكثر مما هو الحال بالنسبة للقادم من بيئة عائلية مختلفة. ويبدو ان هذا هو ماأنتج الاختلافات والتشابهات في هذين النموذجين.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147514767&bk=1
                  

04-16-2008, 02:42 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    «تعقيب على تعقيب عمر القراي»
    الجمهوريون الجدد والحلف الرجيم.. بسم الله ثم يحترق الهشيم
    (1)
    راشد أبو القاسم
    الالتباس الثقافي:
    إن اول ما تصاب به الامم في اطوار تراجعها الفكري والمعرفي والثقافي مفاهيمها واول ما يتأثر بعمليات الصراع الفكري والثقافي مفاهيمها كذلك، وأهم الامراض التي تعتري المفاهيم الميوعة ثم الغموض، فالميوعة تنشأ عن التساهل في الاكتساب المعرفي، فقد تستعيد الامة اسما او مصطلحا في نسق معرفي آخر بطريق القياس القائم على توهم التماثل والتشابه، لتتداوله مع مفاهيمها كمفهوم مرادف، او مساو، او بديل، او مترجم، وقد تتناسى الامة خصوصيتها المعرفية، وتخلط بين ما هو مشترك انساني كالعقليات والطبيعيات والتجريبيات وما هو من الخصوصيات الملية، فتتساهل باستعارة المفاهيم من غيرها حتى تفقد خصوصيتها الملية والشرعية والثقافية والمنهجية المتعلقة بها، فتدخل مفاهيمها دائرة الغموض والارتباك، فتتعدد الكلمات وتتبعثر الثوابت وتفقد الامة هويتها واسمها ورسمها، وكلما ازداد الانتاج التقني والصناعي كلما ازدادت تيارات الحمل الفكرية فرفعت درجة حرارة الصراع الداخلي «للبنيويين العرب» «اسرى الجاشتلت» فولد لنا ظاهرة اطلق عليها «ظاهرة الالتباس الثقافي» لتصل اللاعودة في مرحلة «الالتباس الثقافي» ليختم لها بخاتمة الشقاء بالموت سريريا في مرحلة الاستلاب الثقافي، لتعلن التمرد على السائد الشرعي وتخرج عن المألوف الطبيعي بتمزق نسيج الانتماء، ومن ثم تحتاج لمن يعيد لها هويتها، ويسبر اغوار ذاتها ليعيد اكتشافها وتعريفها بنفسها لنفسها، لترفع رأسها وتتحسس قدراتها بعد ان كانت تمشي بين الامم على استحياء.
    الهزيمة النفسية ونفسية الهزيمة:
    كلما قرأت مقالا او كتابا لاحد «البنيويين العرب» وهو يقدح في الاسلام ويمتهن تراثه وثوابته العقائدية ارتدت الى ذاتي لاسأل نفسي لماذا يفعل هؤلاء كل هذا بانفسهم؟ لماذا هذا التهافت؟ ما الباعث الحقيقي لهكذا جلد ذات؟ قلت لعلهم لم يعرفوا الاسلام كما ينبغي ولم يعطوا لانفسهم الفرصة الكافية ليسبروا اغواره، وليتصالحوا معه ولو مرة واحدة في حياتهم، ليكون حكمهم عن دراية لا عن رواية او دعاية، كمثل ذلك البدوي الذي لا يعرف في الارض التي يرعى غنمه فيها غير ذاك المكان الذي يقضي فيه حاجته ولا يعلم ان تحتها بحيرة نفطية ستغير مسرى حياته بل وحياة العالم بشكل ادق، انهم يعانون من حالة فقدان هوية وذلك لانعدام الجاذبية الثقافية والفكرية الناتجة عن تحليقهم بعيدا عن مراكز التأثير العقائدي الاسلامي، فتولد عندهم حالة طرد مركزي ادت الى انفصام ذات عن السائد الحولي، وانفصلت «الأنا» عن «النحن» وتوهمت «الهُم» فعاشت «الهَم» وسكنها «الوهم» واصبحت مسكونة «بالهلنستيه الجديدة» وثم اعيد تدجينها لصالح مشروع «الباكت امريكانا» فيما يشبه عصاب «عارض استوكهولم» حيث يأخذ المصاب بهذا المرض النفسي العضال دور الجزار في تشريح ذاته وتمزيق نفسه بمنتهى الحماس والنشاط والمرح، بشكل يبعث الاشمئزاز والاسى، وبالجملة فكل ذلك مرده الى قلة الثقافة الدينية وخفة كثافة التراث الاسلامي في حياة هذا «المأزوم».
    ولكن ليس بعيدا عن ذاك ما تناقلته اجهزة الاعلام حتى اصبحت قضية الساعة عن «البازار الإعلامي الامريكي» المسمى «بالعولمة الإعلامية» وما تمخض عنه في شراء لبعض الاقلام الاسلامية والعربية، وذلك لتجميل وجه امريكا القميئ وتغطية جرائمها بالمنطقة، بنشر «البروباقندا الزائفة» واذكر هنا نقلا عن الكاتب والصحفي اللبناني «ناصر قنديل» رئيس مركز دراسات الشرق عن مصدر رفيع: ان «جون ورمر» السكرتير الاعلامي لوزير الدفاع الامريكي السابق «رامزفيلد» قال: «ان الاعلام العربي والاسلامي بالاساس معادي لنا، وان تمنطق بالحداثة، وكل ما نحتاجه الآن هو جوقة من الاعلاميين مختلفة تشبه في تركيبها سفينة نوح، تعيد صياغة المفاهيم لصالحنا، وليعلنوا للجميع انه ليس ثمة مؤامرة» بمعنى طليق جوالة مثقفين كشفية متقدمة تسبق مجنزرات الاجتياح العسكرية، بشكل او بآخر الموضوع لا يعدو ان يكون حالة استلاب حضاري، يعاني منها هؤلاء المأزومون المهزومون وكما قال ابن خلدون «المهزوم مجبول على تقليد هازمه، معجب به يرى كل ما يفعله على وجه التقدير والاستحسان وذلك لاحد امرين اما لشهود حال التفوق عند خصمه، او استشعار حال الوهن في ذاته، والذي كان سبب انهزامه» وهذا امر طبيعي، ولن ابالغ لو قلت ان نفس الشيء قد حدث بالنسبة لهم يوم كنا اصحاب الوقت وسادة العالم، ولنترك احد رجال الدين النصراني وهو «الفارو القرطبي» يوصف لنا حال الشباب النصارى امام الحضارة الاسلامية فيقول «وا أسفاه.. ان الشباب المسيحي الذين هم ابرز الناس مواهب، ليسو على علم بأي ادب ولا اية لغة غير العربية.. فهم يقرأون كتب العرب، ويدرسونها بلهفة وشغف، وهم يجمعون منها مكتبات كاملة، تكلفهم نفقات باهظة، وانهم ليترنمون في كل مكان بمدح تراث العرب، وانك لتراهم من الناحية الاخرى يحتجون في زراية اذا ذكرت الكتب المسيحية، بأن تلك المؤلفات غير جديرة بالتفاتهم، فوا حر قلباه لقد نسي المسيحيون لغتهم ولا يكاد يوجد واحد في الالف قادر على انشاء رسالة الى صديق بلاتينية مستقيمة، ولكن اذا استدعى الامر كتابة باللغة العربية فكم منهم من يستطيع ان يعبر عن نفسه في تلك اللغة باعظم ما يكون في الرشاقة، بل قد يقرضون من الشعر ما يفوق في الصحة نظم شعراء العرب انفسهم». وهكذا تدور على الامم ا لدوائر و«لكل امة اجل».
    ولكن ما يزيد العرض اثارة، والفكرة ضراوة، دخول عنصر جديد لحلبة الحوار ممثلا في حالة «عمر القراي» كعينة لهذه الظاهرة، وهي ظاهرة الفكر الباطني، ممثلة في الفكر الجمهوري حيث سطر في 4 مقالات مسلسلة في حوالي «9 آلاف كلمة» ردا على بروفسور جعفر شيخ ادريس» حول موضوع الشريعة الاسلامية، ولكن للاسف لم اقع الا على حلقتين فقط 3 و4، ولكن في تصوري انهما تكفيان لكشف هذا التوجه، ولتبين الحالة، وتوصيف المشكل، واعترف انه تواجهني مشكلة، وهي ان شظايا الشبهات التي القاها «القراي» كثيرة ومتناثرة لا يحويها مقال او مقالان ولكن تحتاج الى بحوث معمقة كل على حدة فهناك الحديث عن «الدستور الاسلامي، والعدالة الاجتماعية في الاسلام، ونظام الحكم، والعلاقة بالآخر، وموقفنا في الحداثة ومسألة المرأة، وقضية الاقليات في المجتمع المسلم.. غير الكلام عن التاريخ الاسلامي.. ومسألة الثابت والمتغير في حياة الفرد والمجتمع الخ هل تتصور ان اجمع كل هذا في مقال بل في سلسلة مقالات واحدة؟
    بالتأكيد يتعذر، ولكن اعد بأن افرد لكل جزئية مقالا خاصا بها وكما قيل «ما لا يدرك كله لا يترك جله» وسأعرض لمعظم هذه القضايا ولكن بمس خفيف.
    وكما تعلمون ليس الاثبات كالتفنيد ولا البناء كالهدم فيمكن لطفل صغير ان «يشخبط» جدران المنزل في دقائق لكننا نحتاج لطاقم «عمال نقاشة» لاعادة طلائها. فهل عرفت طبيعة مهمتي «الله المستعان».
    ان ما سطره «انتلجنسيا الجمهوريين» هو تلخيص وزبدة المدرسة الجمهورية والتي لا تستطيع ان تتميز بين شخصيتها الاعتبارية وشخصية الكرزمتك «محمود محمد طه» كمنتج لها، الامر الذي حمل بعض المنسوبين اليها لفك ارتباطهم بها حال موت الرجل، كما ان التنظيم قد تبدد حينما قضى الباشهمهندس، وتلاشت الفكرة الا ان عمر القراي الذي يحاول ان يحيد انتاجها بايقاظ محمود محمد طه الرجل الذي نبش رفات «ابيقور (اللذي)» وصاح «بالحلاج» في الهاوية، ونادى «اسبنوزا» في رقدة المخالفة، ما هي الا مساهمة بسيطة في الاكتتاب على اسهم شركات متعددة الجنسيات عابرة للقارات تعمل تحت العلم الامريكي بدوام اضافي، ولا غرو فقد فقست «بيضة القبان» «الجمهوريون الجدد» في نيوريورك كما صرح بذلك احد مؤسسي حركة القوى الجديدة بالخارج في حديثه عن تكوين حركة «حق» بالسودان ولست بصدد الحديث عن الفكر الجمهوري بالاساس، ولكني بصدد تفكيك ظاهرة اسميها «تحالف الهشيم» ذلك الحلف الرجيم الناشيء عن تفاقم اضداد وتجمع متناقضات الا ان حبلا سريا واحدا يغذي هذه الاجنة الحرام، وعقلا جمعيا يدوزن نمط التفكير في ذهنيتهم.
    شرب الغرب وسكرنا
    ذات السياقات الفكرية ونفس النمطية في النقاش، حاولت ان اكتشف جديدا يقدمه لنا الكاتب فلم اجد الا انه اعادني لايام الحركة الطلابية، وبيئة التعانف الفكري في فترة المراهقة السياسية، نفس المحفوظات، وذات الخطاب «الديماجوجي الحامضي» ليس ثمة جديد كل ما في الامر ان اضاف للمزيج نكهة الجمهوريين الجدد، فما الذي يجمع هذه الاضداد «قبائل اليسار+ العلمانيين+ الباطنيين) وللاجابة على هذا السؤال اليكم الحكاية من البداية.
    كان يا ما كان في قديم الزمان، حضارة في اسبرطة وبلاد اليونان يقال لها «الحضارة الهيلينية» تميزت هذه الحضارة بعلاقة التضاد والكراهية الشديدة بين الله والانسان.. الله ممثل في آلهة الاولمبك والانسان ممثل في «مواطن البوليسي» ظل هذا الصراع مديدا والفصام كاملا كما يحكى ذلك هوميروس في «الالياذة» و«الاوديسا» مع كل ما هو إلهي حتى جاءت النصرانية لتعمد الشعوب بسم يسوع المسيح مصلوبا على خشبة.
    وهذا كل ما عرفه «شاوول الطرسوسي» الملقب «ببولس» وهذا كل ما اراد ان تلتزم به الشعوب الوثنية. ليحصل لها الخلاص بدم يسوع المسيح، ولتتعاطى طقس «الافخريستيا» في عيد الفصح لتدخل في شركة الرب. هذا كل ما في الامر، ولم يزعجهم «بولس» باي التزامات اخرى يعكر بها صفو عاداتهم، واستمع الى شهادة الآباء اليسوعيين في العهد الجديد في مدخل الى الرسالة الاولى الى اله فورنتي صفحة 508: «تتفرع المسائل الخاصة التي بحث فيها بولس في هذه الرسالة في مشكلة اساسية تعرضت لها الكنيسة في جميع حقب تاريخها، ولا سيما في نشاطها الارسالي ولا تزال تتعرض لها اكثر منها في الماضي وهي مشكلة تأصيل الرسالة المسيحية في ثقافة تختلف عن الثقافة التي عاشت فيها من قبل، يدور الكلام هنا عن انتقال ثقافة العالم اليهودي الفلسطيني الى ثقافة العالم الهليني التي تسيرها وتنظمها قوى دافعة مختلفة جدا فتمثلها حتى انه ليخشى ـ لا ان تشوه الرسالة فحسب ـ بل ان تذهب الى ابعد من ذلك على نحو التمثيل البيولوجي فلا تحفظ الثقافة الهيلينية ـ وهي وثنية في جوهرها ـ في الرسالة الانجيلية الا ما يوافقها وتنبذ ما سواه كثيرا ما حدث مثل ذلك ولا سيما في التيارات الغنوصية المسيحية في القرن الثاني وعلى مر العصور في البلدان التي تم تبشيرها على عجل فكانت النتيجة ان الوثنية السابقة بقيت كما هي، بعد ان زخرفت من الخارج ببعض عناصر اخذت من الايمان المسيحي».. كان موقف بولس في هذه المشكلة هكذا بل واشتبك مع الرسول برنابا احد الوكلاء الرسوليين تلميذ يسوع وفك ارتباطه به لاجل احتجاج بعض الوثنيين في «كورنتوس وغلاطيا» على بعض التكاليف الدينية ومن ضمنها مسألة الختان وهي بحسب «العهد القديم» «التوراة» يعني انها عهد الرب مع ذرية ابراهيم، ولكن حتى هذه رفضها بولس حتى سمى انجيله «انجيل العزلة» بمقابل «انجيل الختان» عند خصومه اللاهوتيين، كما رفع عنهم حتى قصاصات الآخرة ان شئت راجع رسالة «روميه اصحاح 3 العدد 27، وغلاطيا اصحاح 2 العدد 21»
    وعلى اساس المقولة الانجيلية التي تدعم فصل الدين عن الدولة «اعط ما لله لله وما لقيصر لقيصر» تم اعفاء المؤمنين الجدد من اي التزامات سياسية فقبلت اوربا بهذه الملة غير المكلفة.
    وأما على المستوى الفردي فالامر يزداد تشوقا، فتكفي جلسة 10 دقائق على كرسي الاعتراف كالذي عند «برسوم المحرقي» حتى ينتهي كل شيء وتنتصب النشوة ويعم المرح.. فقبل الجميع يسوع المسيح مخلصا شخصيا لهم، وهكذا تغطت الوثنية الهيلينية بطبقة رقيقة من الجليد للتعاليم الكنسية الجديدة فترومت النصرانية ولم تتنصر روما، واستمر الوضع على هذه الشاكلة الى ان نقضت الكنيسة عهدها مع هذه الشعوب، وتنكرت لعقدها الاجتماعي. واستبدلت مشروعها الطوباوي بالمشروع «الثيوقراطي» بتحالفها مع السلطة الزمنية ممثلة في الاباطرة والاسر الحاكمة والسلطة الاقتصادية ممثلة في الاقطاع والتجار الرأسماليين الانتهازيين، فتأسست مملكة الشيطان في الاقانيم الثلاثة «السلطة والمال والدين» فعاثت الفساد في الارض، وحكمت بالحق الالهي، وباعت الجنة بالامتار وبالتقسيط المريح، في مهزلة صكوك الغفران، التي اقرها المجتمع الثاني عشر المنعقد عام 1215م وفاحت رائحة الفساد الكنسي بعد ان ابتلعت حليفها «السلطة والمال»، هنا فقط انتفض المارد الهيليني مرة اخرى هذه المرة على آلهة الكنيسة، ممثلة في طاقم «الاكرليوس البابوي» بدلا من آلهة «الاولمبك» وبهستريا صرخ ميرابو «اشنقوا آخر قسيس بامعاء آخر ملك» وعادت الهيلينية ولكن بطبعة جديدة اكثر ضراوة وحشرت الكنيسة في اضيق جحر، واجبرتها على الاعتراف بكل ما يخالف تعاليمها حتى الشذوذ الجنسي فباركت بعض الكنائس زيجاته «لعيشوا في تبات ونبات» فجعلت الانسان هو المركز وما سواه هامشي، هو الثابت وما سواه متغير، هو القطعي وما سواه ظني، هو الحقيقة وما سواه خيال، هو الاصل وما سواه مزيف، هو المبدأ والمآل هو الاله الاوحد الاحد.. فكانت ردة فكرية عاطفية متشنجة بكل المقاييس فولدت مفهوم «الهيومانزم» وما اختلف التناول لهذه القضية بين مدارس اليمين واليسار الا على تعريف هذا المركز هل هو الانسان» الفرد ام الكل «البشري» وعلى اساسها تم توزيع المسافة بين اليمين واليسار الى «يمين الوسط» و«يسار الوسط» و«وسط الوسط» «وحزام الوسط!!» فانتجت لنا علمانيات بنكهات مختلفة «علمانية بالشيوعية» «علمانية باللبرالية» «علمانية بالفاشية» «علمانية بالبطيخ» وفي الآخر خالص «علمانية سليقة ساكت».
    يقول ولتر استبس: «انه عندما صدمت الكشوفات العلمية الايمان الديني المبني على الخرافة الكنسية وفقد الناس على اثر ذلك ايمانهم بالله. بدأوا يشكون في ان يكون للعالم هدفا وغرضا طالما ان ليس هناك خالق، ثم بدأوا يشكون ان للعالم الخالي من المعنى والغرض نظاما اخلاقيا ايضا، بمعنى انه اذا كان العالم ذو طبيعة عبثية غير هادفة، فان الاخلاق ايضا غير موضوعية لانه ليس هناك مرجعية يستند اليها بعد فقد المرجعية الالهية، والغائية الالهية في خلق الكون وبذلك انتقلت الاخلاق من مرجعية الهية موضوعية ثابتة الى مرجعية بشرية متغيرة فحدث اول نقلة خطيرة في هذا المجال «الاخلاق» بان تحولت القيم والاخلاق من موضوعية الى ذاتية ومن مطلقة الى نسبية» سلوك انفعالي جمعي اعاد ترتيب الاوضاع في اوربا، واذا حضر الانفعال غاب العقل الامر الذي منعهم من البحث عن بديل سماوي ارفع وانفع.
    انتبه انا الآن اوصف الحالة والعقلية التي ستنتج لنا فيما بعد انماطا فلسفية وعقائدية وطرائق سياسية وحكمية يبشر بها «البنيويون العرب» ويستنبتونها في طبغرافيا ارض مختلفة، ويبيئونها ظروفا موضوعية لا تشبهها، كالذي يريد ان يزرع الصنوبر بصحراء الربع الخالي، وحتى على مستوى الحداثة حينما حاول «الحاج وراق» اعادة ترجمة تعريق الحداثة لبولريد «الشاعر الفرنسي» القائلة «ان الحداثة طريق مستقيم ومضاد» اضاف اليها وراق كلمة «وفيها تبلدية» وكان دقيقا حينما اختار بمنتهى الشيفونية «التبلدي» دون «النخيل» مثلا لانها الصق بسودانيته وافريقانيته المتنزهة عن العروبة برمزية النخيل، هكذا ينتهي الفصل الاول ليبدأ الفصل الثاني.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147514798&bk=1
    __
                  

04-16-2008, 02:43 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    --------------------------------------------------------------------------------

    اجتراح الخطيئة 2
    راشد ابو القاسم
    (الفصل الثاني)
    وفي مكان آخر وبمرجعية تاريخية ايضا نجد ان اساطين الفرق الباطنية (كالحشاشين) وا(البويهيين) اشباح (قلق إلموت) و(الحلولية) و (الاتحاديون) كلهم قد استلفوا تعليمهم العقائدية في ترجمات الحضارات الوثنية القديمة (كالمنوست) و (الكنفوشيست) و (الهيلبنست) و(المزدكية) فكونت قطعياتها المعرفية ، مشوبة بالاسلاميات، فأنتجت لنا (الحلول والاتحاد)، ووحدة الوجود، و(الانسان الكامل)، وهو ترجمة للوجوس الهيلني والعقل الفعال، والعلة الفاعلة، ثم اعتمدت اسلوب الهداطقة في اعادة تفسير النص المقدس، بعد عزلة في محتواه الموضوعي، واغراقه في رمزية لا متناهية ، تبدده ولا تبقى منه غير الدسم فقط، ويتسترون بهذه التفسيرات ولا يطلعون احداً على هذه الاسرار الا في شرح بالباطنية صدرا، وملكهم مفاتيح ارادته وعقله ، لذا اخذوا بجدارة لقب (الباطنية) وهذا عين ما اعاد انتاجه الباشمهندس محمود محمد طه واليك بعض النظائر فمثلا يقول (اهورا مزدا )، في الافذتا، لذاردتشت ان اصولنا تنبني على قول الحق فعل الحق التفكير الحق، ويقول محمود الفرد البشري الحر الذي يفكر كما يريد ، ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول، وفي اقتباس آخر يقول ابن عربي: إن تكن بالله قائما لم تكن بل انت هو انت ظل الغيب في اسمائه والشمس هو..
    ويقول محمود : ويومئذ لا يكون العبد سيدا انما هو مخير قد اطاع الله حتى اطاعه الله معارضة لفعله، ، فيكون حيا حباه الله وقادرا قدرة الله ومريدا ارادة الله ويكون الله، وفي تماثل آخر..
    انتقد (إسبنوزا) الكتاب المقدس وفكك النص واعاد تركيبة كذا فعل محمود مع ما اسماه (آيات الاصول وآيات الفروع).
    والآن اخي القاريء الاريب اللبيب هل التقطها؟ هل وجدت ذلك الرابط العجيب بين الحكايتين؟ يمكنك ان تتوقف عند هذا الحد، وفكر في طبيعة العلاقة بين المذهبين: مذهب علماني يرفض كل ما هو الهي ومذهب باطني يؤكد كل شيء وجودي يثور بالانساني وباطني يثور على الانسان. اعتقد انك وجدتها.. المسألة باختصار انها علاقة تبادلية تكاملية تراكمية في وجه ونفعية انتهازية مصلحية في وجه آخر ، وذلك ان العلمانيين رفضوا كل ما هو إلهي ابتداءا ، ولكنهم لم يمانعوا ان يكون البديل هو الانسان نفسه، يعني (الأنا العليا)، وبالتالي سيعم البشرية تعاليمه وسيكرز الشعوب..
    بإنجيل (الهيومانزم) وبرسامة كنيسة الديمقراطية، بدل عن كنيسة الثيوقراطية، وهذا ما امنه لهم الجمهوريون حين قال محمود: وانما كان الانسان الكامل زوج الله!! لأنه انما هو في مقام العبودية، ومقام العبودية مقام انفعال في حين ان مقام الربوبية مقام فعل، فالرب فاعل والعبد منفعل ، حتى قال : وحين يتم اللقاء بين هذين الزوجين الذات الإلهية والانسان الكامل ينبت العلم اللدني في فيض يغمر العبد الصالح في جميع اقطاره، وما سبق ادق في الدلالة ..
    ثانيا: العلمانيون والوجوديون ثاروا بالانسان علي الاله، ولكن الباطنيين ثاروا على الانسان ليس بوصفه انسان ولكن بوصفه مشروع إله (الانسان الكامل) الذي سيحاسب الناس يوم القيامة باعتبار ان القيامة زمان ومكان والله متنزه عن الزمان والمكان ! على حد زعم محمود محمد طه .. ثالثا: طبيعة العلاقة النفعية في اتحاد الهدف في رؤيتهم العقائدية ، وهي تهشيم المقدس، وتفتيت الشريعة، بعد ان اعلن دانتي موت الاله في (الكومديا الإلهية). اعلن محمود ان لكل احد شرعته وممارسته الخاصة للتدين حيث قال: (... والنبي هو جبريلنا نحن، يرقي بنا الى سدرة منتهى كل منا ويقف هنالك - اي النبي - كما وقف جبريل حتى يتم اللقاء بين العابد المجدد وبين الله بلا واسطة فيأخذ كل عابد مجرد في الامة الاسلامية المقبلة شريعته الفردية بلا واسطة ، فتكون له شهادته، وتكون له صلاته وصيامه وزكاته وحجه ويكون في كل اولئك اصيلا).
    رابعا: طبيعية العلاقة التراكمية التبادلية فهي تتجلى في تسويق وتسويغ كلا الطرفين لبضاعة الآخر، فالعلمانيون يصرخون بفصل الدين عن الدولة وليفسحوا المجال لدين غير مكلف (كالجمهوريين) اما الجمهوريون فهم يبشرون بالمباديء العلمانية بوصف انها اصل اصول الدين وهكذا يتبادلون الغزل (كحديث الرجل لزوجته).. كذا الاشباه والنظائر وفي خلال قراءة نقدية لمقالات (عمر القراي) استطيع ان ادلل على طبيعة هذه العلاقة وهذا الحلف النكد..
    وتحضرني هنا حالة شاذة اخرى مشابهة بالمناقل في آب ، اغسطس عام 1999م، وهي حالة المدعو (على تاج الدين)، مصابة بذات العصاب (حمى الفكر المتصدع)، نتيجة فايرس (انفلونزا الظهور) نعوذ الله من (جنون البشر).
    الثابت والمتغير:
    يقول القراي (وليس في الشريعة الاسلامية دستور، لأنها لا توفر حق الحياة وحق الحرية لكل مواطن فقد احكمت الشريعة القتل في المشركين لا يدفع عنهم الا اذا قبلوا الدخول في الاسلام .. ولا استحبذ رواية الحجي بالمعنى ولكن انقل بالنص.. ويقول ايضا المقال رقم (3) (ولما كان ذلك المجتمع يقوم علي عرف حكم شيخ القبيلة فقد جاءت الشريعة بحكم الفرد - الخليفة - مجاراة للواقع).
    هكذا بمنتهى الابتسار.. وكأن الشريعة هي وليدة تراكمات اجتماعية وثقافية ترسبت مع تجارب انسان الربع الخالي او كونتها سواليف البادية وحداء الركبان، ان الشريعة التي اذابت روح القبيلة والفوارق الاثنية يوم قال الله : (إن اكرمكم عند الله اتقاكم) فكان التفاضل كسبيا وليس جبليا، وعندما اعلن رسول الله (لا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى). هل يمكن لمن بعث رحمة للعالمين وهل يمكن لهكذا شريعة ان تماري او تباري روح القبيلة، ان الجاهلية التي طعنها سيدي رسول الله في الصميم حين قال لأبي ذر : (إنك امرؤ فيك جاهلية)، يوم ان عير ابوذر بلال بأن قال (يا ابن السوداء)، الامر الذي ادى بأبي ذر ان يضع خده في الارض ليطأه بلال،

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147514846&bk=1
    _________________
                  

04-16-2008, 02:45 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    فلنواصل الحوار مع د. محمد وقيع الله
    إنكار الحقائق الساطعة لا يخفيها ولا ينفع الوطن
    عبد الله الأمين المحامي
    [email protected]
    كان د. عبد الوهاب الأفندي قد كتب مقالا رفع فيه الفاتحة على روح من أسماها بالحركة الإسلامية، وقدم العزاء لذويها، وهو بعض ذكرياته «الشجية» من أيامها، ومن البديهي أنه لم يكن يقصد حكومة الوحدة الوطنية الحالية، ولا حتى حكومة الإنقاذ السابقة، وإنما قصد الحركة الإسلاموية قبل أن تصل إلى السلطة، والتي كانت حركة نشطة في الوسط السياسي، خارج السلطة، ومن الواضح أن حديثه عن موتها إنما يعني أنها ماتت نتيجة لسياسات «الإنقاذ» الفاشلة، ثم نتيجة لاضطرار حزب المؤتمر الوطني الحاكم إلى تجاوز مرحلة الإنقاذ نفسها، بكل شعاراتها الدينية، ومشروعها «الحضاري» الإسلاموي، والتحول إلى مرحلة حكومة «الوحدة الوطنية» الحالية، والتي جعلته حزبا وطنيا، وليس دينيا، بمعنى أنه قد صار ينافس باسم الوطن لا باسم الإسلام، ويشارك مسيحيين في إقامة دولة الوطن، لا دولة الدين، وفي كفالة الحقوق المتساوية على أساس المواطنة، لا على أساس الدين، ويقبل أن يكون نائب رئيس الجمهورية مسيحيـًا، الخ، وكل ذلك، بطبيعة الحال، مخالف للفهم السلفي للإسلام الذي كانت تقوم عليه الحركة الإسلاموية، قبل أن تصل إلى السلطة، أو قـل مخالف للشريعة الإسلامية السلفية التي كانت تدعو لتطبيقها.. وهذا يعني أن الحركة الإسلاموية قد ماتت في حادث اصطدامها بقطار العصر، عند وصولها إلى السلطة.. والواقع أن الحركة الإسلاموية قد ظلت تحمل بذرة فنائها، في داخلها، منذ نشأتها في مصر على يد مؤسسها حسن البنا، لأنها لم تقم على فهم جديد للإسلام يناسب مقتضيات العصر، وإنما قامت على إدعاء تطبيق الشريعة الإسلامية السلفية التي تقضي بأن يكون الحكام مسلمين بالضرورة، وأن يدفع المسيحيون «الجزية» عن يدٍ وهم صاغرون، أي ذليلون مهانون، كما تقضي بأشياء أخرى كثيرة لا تتوافق مع مقتضيات العصر، فالشريعة الإسلامية السلفية لا تسع العصر الحاضر، وإنما تضيق عنه، بينما يسعه الإسلام، في مستوى أصوله المكية، وفقا لما دعا إليه الأستاذ محمود محمد طه، ولم يتوصل إليه بالتفكير المجرد، وإنما بالعلم المتحصل عن طريق التقوى، قال تعالى: «واتقوا اللهَ ويعلمكم اللهُ، واللهُ بكل شيء عليم» صدق الله العظيم.وكردٍ على مقال الأفندي المذكور، كتب د. محمد وقيع الله مقالا بعنوان «خمسون إنجازًا للحركة الإسلامية السودانية، ليقرأ الفاتحة على نفسه من يريد أن يقرأها عليها» نشر بهذه الصحيفة مجزءًا في 24 و25 و30 يناير 2008م.. والواقع أن وقيع الله لا يدافع عن الحركة «الإسلامية» التي عناها الأفندي، ولا عن ابنيها معا «المؤتمرين الشعبي والوطني»، وإنما يدافع عن «المؤتمر الوطني» بالتحديد، فهو قد انتقد الترابي في مقال سابق ووصفه بأنه من دعاة النقمة والخراب.. فدفاعه عن الحركة «الإسلامية» إنما هو في حقيقـته دفاع عن «المؤتمر الوطني» فقط.. ومما جاء فيه قوله: «والحق أقول فإنني ما كنتُ أتخيل قط أن الحركة الإسلامية السودانية ستصل بنجاحاتها إلى هذا المدى البعيد الذي أمّـنت فيه نفسها وأمّـنت فيه الوطن والمواطن، وأسهمت بقدح معلى في ترقية الحياة وتهذيبها وتشذيبها وضبطها بإطار الإسلام» انتهى.. فأما تأمين «المؤتمر الوطني» لنفسه، إن كان يعني تمكين نفسه من مفاصل السلطة والثروة، وإقصاء الآخرين، فقد نجح فيه ردحا من الزمن، ثم بدأ يفشل فيه أخيرا، وهو على كل حال لم يكن إنجازا ايجابيا، وإنما كان احتلالا آحاديا للبلاد، ونسفا لأبجديات العدل، ونهبا لثروات الشعب.. وأما الوطن والمواطن، فلم يوضح لنا كيف قام «المؤتمر الوطني» بتأمينهما، والواقع أنه في مرحلته السابقة «مرحلة الإنقاذ» قد فعل العكس، إذ أثار الحروب والنزاعات والفتن الدينية والعنصرية، في كافة أنحاء الوطن، فزعزع بذلك أمن الوطن والمواطن، بل وأوشك أن يلقي بالوطن في هاوية التمزق والاقتتال، وهذه حقائق يعرفها الجميع، ولا تجدي المغالطة فيها.. وأما «ترقية الحياة وتهذيبها وضبطها بإطار الإسلام» فلم يذكر أية نماذج لها، ولعله يقصد منع البارات، ومنع المطاعم في نهار رمضان، وما إلى ذلك، فإذا كان يقصد ذلك، ويظنه تهذيبا أو ضبطا اسلاميا للحياة، فقد كان قائما في عهد حكومة الأحزاب التي انقض عليها الحزب الإسلاموي، بزعامة الترابي، ليلا، وفق خطة خداعية، درامية، اعتقـلوا فيها زعيمهم، الترابي، نفسه، ثم زعموا أنهم قوميون، لا ينتمون لأي حزب، وأن رأيهم في «الجبهة الإسلامية» أنها «ركن من أركان الفساد، كسائر الأحزاب» الخ.. ورغم أن ذوي الفـِطـَر السوية يعلمون بداهة أن أية حركة سياسية، تدَّعي الدين، ثم تفتـتح عهدها في السلطة بمثـل هذا الخداع، ما لم تأسف وتعتذر عنه، وعن غيره من خطاياها في حق الشعب، فإنها لن تنجح بصفتها حكومة، ولن تنفع الشعب، ولن تنفع نفسها باعتبارها حركة، ولن تكون لها إنجازات ايجابية، بيد أني مع ذلك سأحاول مناقشة وتقييم ما يدعيه وقيع الله من إنجازات.. فلقد أقاموا لاحقا دولة «التمكين» الإسلاموي، ثم انتزعت الحركة الشعبية منهم، فيما بعد، حق فتح البارات في الجنوب، وفتح المطاعم في نهار رمضان، حتى في الخرطوم، وهذه أيضا حقائق يعرفها الجميع، فإذا سلمنا جدلا بأن منع البارات، ومطاعم نهار رمضان، وما إلى ذلك، يعتبر تهذيبا وضبطا اسلاميا للحياة، فأيهما الذي كان هذا «التهذيب والضبط» مطبقا في عهده بصورة أوسع: حكومة الحزب الإسلاموي الذي أسقط حكومة الأحزاب، أم حكومة الأحزاب؟؟.. والحق أن تهذيب الحياة لا يكون إلا بتوعية وتربية إسلامية، لا يعرفها الإسلامويون، وقد ذكرتُ طرفا منها في مقال سابق، نشر بهذه الصحيفة في أربعة أجزاء، من 22 حتى 25 يناير 2008م.
    تأمين النظام لنفسه:
    ثم يقول وقيع الله: «فلقد انتقلت الحركة الإسلامية السودانية ـ بحمد الله ـ من طوْرها القديم لتصبح دولة حديثة، وجيشا مهيبا، وجهازا أمنيا متينا مكينا ركينا يحميها، فأصبحت هي الحركة الإسلامية الوطنية التي تستحق هاتين الصفتين الكريمتين معا» انتهى.. فالمؤتمر الوطني، في نظره، قد صار وطنيا لأنه أمّـن نفسه بهذه الصورة، فمعيار الوطنية عنده هو تأمين النظام لنفسه، فإذا أخذنا بهذا المعيار فإن كافة الأنظمة الدكتاتورية المستبدة في العالم تعتبر وطنية لأنها لا تقصِّر في تأمين نفسها.. ثم يقول: «فمنذ تنفذ الحركة الإسلامية السودانية وتمكنها بفجر الإنقاذ الأغر، أصبحت هي الفاعل الأكبر، الذي يدير العمل السياسي السوداني بالمبادرة والاقتدار، بينما لم يعد معارضوها وأعداؤها الحزبيون يشكلون سوى ردود فعل شاحبة خائبة غارقة في الضلال، فأصبحت الحركة الإسلامية السودانية بذلك هي الحركة الوطنية بحق وحقيق، بينما انتمت أكثر الجهات الحزبية المعارضة لها، إلى جهات أجنبية مشبوهة، لاذت بها، واستذرت بظلالها، ووظفت نفسها في خدمة أجندتها، المضرة بأجندة الوطن، فهذا واحد من أكبر إنجازات الإنقاذ، أنها مازت لنا الخبيث من الطيب، وأبانت لنا المعلول من الصحيح، وكشفت لنا العميل من الأصيل»، انتهى.. ولم يحدد لنا الجهات الأجنبية «المشبوهة» التي انتمى إليها، حسب زعمه، أكثر الأحزاب، كما لم يحدد الأجندة الأجنبية المزعومة التي خدموها.. والواقع أن أغلب حديثه، عن معارضي «المؤتمر الوطني» من الأحزاب الأخرى، إنما هو مثـل هذا الحديث، مجرد اتهامات مرسلة بلا تحديد وبلا دليل، فإذا كان يقصد لجوء التجمع الوطني إلى القاهرة وأسمرا، فقد كان سبب ذلك استبداد حكومة الإنقاذ السابقة، وطغيانها، فقد حلت الأحزاب، وصادرت دورها وممتلكاتها وحرية العمل السياسي، وبطشت بالمعارضين، ومارست التعذيب، الخ، مما ألجأ الأحزاب إلى الخارج، ثم إن الحركة الإسلاموية نفسها قد سبق أن لجأت إلى الخارج، في العهد المايوي، حيث اشتركت مع الصادق المهدي آنذاك في إرسال «المجاهدين» من ليبيا لزعزعة الأمن والاستقرار بغرض إسقاط مايو.. ويبدو أن وقيع الله يحب أن يصدِّق الشعارات الإسلاموية دون أن ينظر في مدى تحقيقها على أرض الواقع، فقد أكثروا، في عهد «الإنقاذ» السابق، من ترداد شعارات وعبارات مثـل «استقلال القرار» و«العقيدة والوطن» و«الأرض والعرض» و«أميركا روسيا قد دنا عذابها» الخ، وفات عليهم أن الله تعالى إنما يمتحن الصدق، عند كل من يبالغ في إدعاء الدين، أو البطولات، أو الفضائل، لنفسه، فيضعه على المحك، فيفضح مبلغ عجزه عما يدَّعي، ولذلك صارت الإنقاذ أكبر مطيع للدول العظمى، وللضغوط الخارجية، في ما هو ايجابي وفي ما هو سلبي، على حدٍ سواء، فمن قبيل الطاعة في الايجابيات طرد من كانت تأوي من المتطرفين الأجانب، وقبول اتفاقية السلام مع السودانيين، بما تتضمن من تفاصيل، منها الاعتراف بالتعددية وعودة الأحزاب وكفالة الحريات وإنهاء مرحلة «الإنقاذ» الدينية، والتحول إلى مرحلة «الشراكة» الوطنية، الخ، وأما الطاعة في السلبيات، فإن من السلبيات الضارة بالشعب السوداني، والتي أطاعت الإنقاذ فيها قوى «السوق الحر» العالمية، سياسة الخصخصة و«التحرير» الاقتصادي، حيث يوضع الشعب، بأكثريته الفقيرة، تحت رحمة الشركات الخاصة، التي لا يهمها سوى الربح الوفير، تتحكم في حاجاته الحياتية الضرورية، مثل العلاج والتعليم والكهرباء والماء والتموين والاتصالات، الخ، علما بأن الشعب هو صاحب الحق الأصلي في البترول، وفي غيره من المال العام، وفي كافة الأراضي والمنشآت والمرافق العامة التي تباع لجهات خاصة، ولا يعـلم الشعب بكم تباع، وأين تذهب أثمانها، وأين تذهب الضرائب، لا سيما أن الحكومة، بسياسة «التحرير» نفسها، لم تعد تقدم دعما يذكر حتى للخدمات الضرورية مثل العلاج والتعليم وغيرهما
    ثم يقول وقيع الله: «ولدى إحساس الإنقاذ بتبعاتها الوطنية الملحة الكبرى، سعت للتو لإنقاذ الوطن من كيد الخصوم، واتجهت لإنجاز استقلال الوطن الاقـتصادي قدر المستطاع، فأخذت ملاحم البناء، والنمو، والدفاع، تتالى لتحقق وعد الإنقاذ الحق» انتهى.. والواقع أنها سعت لبسط سلطانها الآحادي على كل البلاد، بما فيها أراضي الجنوب ذات البترول الوفير، فواجهت معارضة في ذلك، من أحزاب وحركات سودانية متعددة، وهي ما عناه بعبارة «كيد الخصوم»، فأخذت ملاحم الحرب، وليس البناء، تتالى، ولكنها فشلت في النهاية، فاضطرت الإنقاذ إلى قبول السلام بثمنه، وهو مشاركة الآخرين معها في السلطة وفي الثروة، فالسودان وثرواته ليس ملكا لها وحدها.
    استخراج البترول:
    ثم يقول وقيع الله: «ففي غضون سنواتها الأولى وفي أقسى ظروف الحصار الذي ضرب عليها، تمكنت الإنقاذ من تحقيق إنجازها الأكبر، الذي قلب كل المعادلات، وهو استخراج البترول من باطن الأرض، بعد أن ظل استخراجه وتسويقه في عداد أحلام السياسيين العاجزين القاصرين» انتهى.. ومن يقرأ هذا الحديث يتصور أن عملية استخراج البترول تتطلب أن يقوم الحكام أنفسهم، من رؤساء ووزراء، بحمل أدوات حفر بدائية مثل «الطورية» و«الأزمة» في أيديهم، ثم يقومون بحفر الأرض حتى يخرج منها البترول، مما يوحي بأنها عملية شاقة ومضنية للحكام، وأن تسويقه معضلة كأنه شيءٌ لا يرغب أحد في شرائه.. والواقع أن بيع البترول لا يحتاج تسويقا لأنه الطاقة التي يحتاج إليها كل العالم، وأما عملية استخراجه فليست سوى اتفاق مع شركة أو شركات أجنبية على استخراجه مقابل ثمن معين، تأخذه من البترول نفسه بعد استخراجه، فهل هناك حكومة تعجز عن مثـل هذا الاتفاق؟ وهل هناك حكومة في العالم وُجد في أرضها بترول ثم عجزت عن استخراجه أو تسويقه؟.. إن وقيع الله يحاول أن يصور استخراج البترول وتصديره وكأنهما معجزة، خارقة، ليختـلق للإنقاذ بطولة، أو أفضلية على سواها، ولكن هيهاتَ هيهات.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147514878&bk=1
                  

04-16-2008, 02:46 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب حول «مغالطات» القراي في «أغلاط» الإمام
    الطاهر أسحق الدومة
    Email : thirdoom @yahoo.com
    هذه الشبهات ملَّ الناس سماعها ما هو الجديد يا د. القراي؟
    كثير جداً من بني البشر يجيدون التقليد والتكرار لأحداث عفى عليها الزمان، وليتهم يأتون بطريقة كيفية الاتعاظ من الأخطاء الماضية بقدر ما يأتون في كيفية الشماتة والهمز واللمز الذي نحن في غنى عنه الآن.
    لقد شبع السودان وشعبه خلافات بعضها «هايفة» وأخرى خطيرة مازالت تمشي لا ندري في أية محطة ترسو بنا. وكان ومازال من المفترض العشم في القوي النيرة او تلك التي تدعي الحداثوية في إطاراها العام، أن تحاول أن ترسم طريقاً يخرج البلاد مما هي فيه من مصاب وخطب، بدل التكرار الممل في نشر أو بعثرة المواقف للشخصيات الوطنية في محاولة بائسة ويائسة للنيل من الرموز الوطنية الشامخة في هذا الأوان تحديداً.
    وبتاريخ 17 فبراير في جريدة «الصحافة» في صفحة الرأي ورد مقال بعنوان أغلاط «الإمام» لكاتبه د. عمر القراي.
    نعم انه دكتور لا ندري أية دكتوراة يحملها لكنها درجة علمية تستحق الاحترام، ومن ثم الوقوف عند في ماذا تضخ هذه الدكتوراة من فكر وأدب وذوق وتحليل علمي رصين ووضع النقاط فوق الحروف بصورة تفيد ليس القراء فحسب، إنما الوطن كله بغية خروجه من هذا الهراء والعصف الذي يرزح تحت نيره.
    ربما تتضاءل خبرتنا في التعقيب على قامة الدكاترة إذا أتوا الينا بمقتضيات الفكر الرصين والنقد الأنيق الذي يقوم ولا يهدم يؤطر ولا يؤزم، مراعين في اختيار كلماتهم للنقد البناء عبر الأفكار المستنيرة التي سبروا غورها بحثاً بالمراجع أو اكتساباً عبر التجارب، ومن ثم الخروج بإضافات عميقة يمكن أن نسميها فكراً أو بحثاً جديراً بالتوقف عنده، سواء كان تاريخياً أو غيره.
    أولاً: قبل الولوج في كنف المقال نود أن نعرف القارئ ولله الحمد، أن كاتب المقال أي شخص جزء من الذين نوه إليهم الكاتب في نقضهم لخطوات الحزب الأخيرة في التقارب مع المؤتمر الوطني، بكافة أشكاله حتى موضوع بشري باعتبار أن المؤتمر الوطني الاقتراب منه غير مأمون الجوانب من خلال تركيبته وأدائه سلطوياً وسياسياً - إلى- نعم ولله الحمد نحن جزء من شباب الحزب الذي له موقف في هذا الإطار، ولازلنا أن لم يغير المؤتمر الوطني أداءه التسلطي والقمعي ونظرته السالبة لبقية القوي السياسية ومكونات المجتمع السوداني نفسه الذي يعتمل فيه بسياسة فرق تسد ولا تحتاج إلى دليل.
    ثانياً: من وحي كتابة الدكتور يبدو انه من زملائنا الديمقراطيين أو الجمهوريين أو من الداعين لازالة نظام الجبهة.
    ثالثاً: من خلال الصورة والسرد للأحداث يبدو أن الدكتور من جيل الإمام الصادق أو على مقربة منه، ومن خلال علاقات السودانيين الخلافية تجب المواقف الإنسانية وتوقف التراشق لمواقف جراح غائرة ينتظر الناس على أقل تقدير غياب الأيام السوداء في الفقد الجلل التي تصيب الشخص، ومن ثم يتناول الناس أمورهم بصورة عادية على شاكلة المقالات «الشخصية» بالرغم من أن المهدي شخصية عامة كل يقول كما يجب ووفقاً لنظرته في النقد؟؟
    وعلى قراءة عامة في المقال الذي سطره الدكتور القراي هو عبارة عن مغالطات علي شاكلة أركان النقاش الطلابية، أو ما يتضح في المآتم أو اللقاءات العفوية بين الناس، وإن كان السؤال الذي يطرح نفسه يا تري لماذا الآن حتى قبل ان تجف دموع الأمام على فقده الجلل؟
    ولماذا الآن تحديداً إثارة مثل هذه الشبهات التي ملَّ الناس سماعها- ما هو الجديد من «أغلاط» الإمام- فحينما اتخذ الدكتور دخول بشرى لجهاز الأمن ليتنفس ويخرج على ما يبدو انه قد حمله سنين عدداً ويريد من هذه «الغلطة» أن ينسف الحزب أو الكيان طالما كان ابن الإمام وفقاً لتحليله فضل جهاز الأمن على الحزب حينما قال الدكتور: «هذا أن دل على شيء إنما يدل على صغر أمر حزب الأمة في صدر ابن زعيمه- اختار جهاز الأمن- لعل موقفه يثير تساؤلات بين شباب حزب الأمة ممن هم في عهده، فهل يستحق هذا الحزب الذي عرفه ابن زعيمهم أكثر منهم، ويتوقع أن يرتقي بداخله أكثر منهم، ثم بعد كل ذلك ضحى به من اجل جهاز الأمن، أن يضحوا هم من أجله»، هكذا باختزال مخل- وبنظرة قاصرة من دكتور يعتصر كل مبادئ ومواقف الكيان جعله هباءً منثوراً. لان ابن الصادق ذهب الى جهاز الأمن- إذا كانت مواقف الأبناء والأقارب في كل الأفكار والعقائد والديانات نظرتهم سلبية هل يعني ذلك مثلاً أن ابن نوح كان صاحا ووالده خطأ؟ وهل انتهت الفكرة بانضمام ابن نوح للكفر عندما أتي «ص» وحاربه أقاربه أبناء عمومته وطردوه هل انتهت فكرته؟ وعندما قام الفكر الاشتراكي أو الشيوعي وانسلخ منه المتبرجزون هل انتهت الشيوعية كحزب. وعندما انسلخ دهاقنة الجمهوريين هل انتهي الفكر الجمهوري.
    وعندما يثير الدكتور هذا السؤال المفروض هذا الموقف يثير تساؤلات شباب حزب الأمة- هل يستحق هذا الحزب؟ لقد تناسى الدكتور إن شباب حزب الأمة أنفسهم لم يدخلوه إلا وفقاً للمبادئ، ومن كان انتماؤه لترضية شخص لا أظن أن مكانه حزب الأمة، فليذهب كما ذهب بشرى للأمن. ومن قال لك إن أبناء الإمام يرتقون على أكتاف الثوار بنسبهم للإمام؟ إذا كان هذا صحيحاً أين كبير أبناء الإمام عبد الرحمن من الحزب مع احترامنا الشديد له؟ فهذا الكيان أو الحزب إلى الآن لم تستطع أقلام بعض الدكاترة أن تنصفه حينما يشخصون كل نضالات الأنصار في أشخاص أو في العائلة المهدية، نعم لهم دورهم وحب الأنصار بإرادتهم الحرة، ومواقف بعضهم تجاه المبادئ والثوابت هي التي جعلتهم في القيادة وقتما حادوا منها، فلا شك ايضاً يجيد الأنصار منهم والشواهد متاحة لك الآن.
    أما عن موقف الصادق في فترة الستينيات والاغلاط الكثيرة حول تلك الفترة فلم ندافع عنه، ولكن نقول إذا اخطأ الصادق في حل الحزب الشيوعي هل كان وحده؟ ومن ثم عندما انتقم الحزب الشيوعي أو اليسار وأخذ السلطة، هل كان ذلك واجباً لرد الكرامة الشيوعية التي أصدرها الصادق المهدي؟ ومن ثم عندما أخذ الشيوعيون الحكم بواسطة نميري وقتلوا آلاف الأنصار هل كان ذلك فعلاً انتقاماً، لأن الصادق ساهم في حلَّ الحزب الشيوعي؟ وأين مواقف الجمهوريين من تلك المجازر والموقف الأخلاقي لحزب الأمة عندما أعدم محمود محمد طه - لماذا التركيز في هذه الفترة «لأغلاط» الصادق وحده وتركت بغية «المغالطين»؟ هل كانوا أنقى سريرة من الصادق في تلك الفترة؟ لماذا لم تتحسر للانتقام وتقول إن انتقاماً حدث بدل أن تقول الصادق ضيع تلك الديمقراطية؟
    وحول إحداث 1976م حسناً حينما اختزلتها كلها في الصادق الذي يريد كرسي الحكم، هل كانت فكرته لوحده؟ وأين بقية الناس معه؟ حسناً لقد مدحت حين أردت الذم، ووضحت الحقيقة حينما قلت إن الصادق خاصم للغزو وصالح لوحده- لماذا؟
    نعم خاصم حينما دفعه الأنصار وهاجروا من تلقاء أنفسهم ودفعوا أرواحهم رخيصة لمبادئهم في كرامة الإنسان الحريات الديمقراطية، رجوع الجيش للثكنات، وصالح لأن الضحايا كانوا أشكالاً محددة ومعينة عنصراً وعقيدة، كانوا هاجساً للطاغوت نميري الذي استخدم قوة الدولة العسكرية في محاربتهم بشتى السبل، أصدر أوامره لقواته الخاصة بالاعتقال والتقتيل والتشريد بالأشكال الأنصارية المعروفة، وبالانتماء الجغرافي؟ وبعد كل هذا الناس تتفرج على «المرتزقة»، وكانوا بالأمس القريب بينهم ومعهم، وأحداث 1976م، فمازال هناك الكثير المثير مخفياً في صدور الرجال الذين نعرفهم نحن أبناء الأنصار والكيان.
    ليتك قرأت جزءاً من مقالات المؤرخ الأستاذ صديق البادي، وموقف قيادات أخرى من التفاوض مع النظام؟ في جريدة «الصحافة» في الشهر المنصرم..!!
    وليتك تنازلت من عليائك وتعاطفت مع الضحايا أو أسرهم في مارس 1970م و 1976م- طالما كنت معهم في وطن واحد، ودبجت المقالات التي تعظم الرجال لا تلك التي تأخذ من قيادتهم أو من مبادئهم الشامخة..!!
    أما عن مغالطات القراي في عهد الصادق المهدي في عهد الديمقراطية الثالثة وتحالفاته مع الجبهة وخذلانه له بالانقضاض على حكمة، ومن ثم مسيرة الحزب النضالية أبان عهد الإنقاذ إلى الآن.. اعتقد أن هذه الاستقراءات لا نريد تحليلاً لإثبات كذا كذا، فكل حزب له قراءاته التحليلية وله مبادئه وفقاً لذلك.
    لكن ما حرمه على حزب الأمة حلله على غيره من الأحزاب التي شاركت وأخذت الوظائف التنفيذية والتشريعية من أحزاب التجمع، فشتان بين موقف تفاوضي وآخر اندماجي في السلطة: نعم هناك نفر مقدر داخل الحزب ضد التفاوض، ولكن عزاءنا أن هناك مؤسسات منتخبة من القواعد هي التي تقوم بهذا العمل وليس الصادق المهدي وحده، فالرجل له قراءته لكن له مؤسسات هي التي تجيز القرارات الخطيرة. والشباب الذين وصفتهم بالثوار في حزب الأمة هم على قدر التحدي، ثوار لم تلن لهم عزيمة في التمسك بالمبادئ والتمسك بالمؤسسات واحترام الشخوص وإبراز الرأي السديد بالحجة والمنطق، دون وجل من أحد أو حد من احد أو رمز. وعليه ثوابت ومبادئ الحزب هي التي عبرها يتم تقييم من يجسدها.
    أما المغالطات حول المحاولة التخريبية، فالحمد لله شخوصها أحياء بيننا، والظروف كانت معلومة والتقديرات في مسايرة اللعبة السياسية آنذاك كانت معلومة، لكن هذا الذي ذكرته لم تأت بجديد فيه، ومحاولتك للتشكيك في الصادق المهدي في ذاك الظرف لا يفوت على فطنة كثير من المراقبين، ولذا في الغالب لا تخرج من كونها «مغالطات» يثيرها كثير من الحانقين على مسيرة الرجل. ولا ينكر احد أن الأخطاء واردة بمثلها الصواب، ولكن ايضاً هناك فرق في تصيد الأخطاء وفرق من شخص لآخر في التحليل.
    أخيراً يبقي حوار حزب الأمة مع المؤتمر الوطني العبرة بالنتائج والخواتيم والمسألة حتى الآن هي بمؤسسات الحزب، وهي التي تجيز أو تعطل ما توصل له المكلفون بالتفاوض. تماماً كما حدث في قرارات فبراير 2001م، أما حكومة قومية أو انتخابات.
    واعتبار أن ما أقدم له الصادق غلطة هو لو كان يمثل شخصه فذاك تقديره، أما إذا كان يمثل حزبه فحزبه على أهبة الاستعداد عبر كوادره وشبابه ومؤسساته أن يقولوا رأيهم بحرية كاملة ويتخذوا قرارهم وفقاً لمصلحة حزبهم والسودان.
    فمشكلة د. القراي أنه يأخذ تصريحات الإمام كمسلمات وقرارات، ويحاول أن يصطاد في المياه العكرة، بأن الصادق فعل وفعل وقال، وهاكم الدليل عبر التصريحات الصحفية، ومن ثم يتناسى عمداً ويتجاهل أن لكل مهاراته وتقديراته في دائرة التعاطي السياسي في أي موضوع مطروح، نعم ربما أسلوب التصعيد والتهريج- ولكن قل لي هل تنازل من ثوابت ومبادئ الحزب في التحول الديمقراطي، ومثال التنسيق للانتخابات مع القوى السياسية الأخرى والدعوة للحل القومي للمشكلة أو الأزمة السودانية؟

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147515191&bk=1
    _________________
                  

04-16-2008, 02:47 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب علي تعقيب عمر القراي (6)

    الجدد والحلف الرجيم .. بسم الله ثم يحترق الهشيم
    راشد ابو القاسم
    الفرع الذي إلتهم الأصل ....
    يقال إن شجرة الموز هي الشجرة الوحيدة التي لا تنمو إلا بعد ان تقضي على أمها.. ويبدو أننا مقدمون على حقل من الموز..
    يقول صاحبنا (واستعرضها على شكل نقاط ويمكن مراجعة المقال الأصلي)..
    ٭ القرآن ليس بمستوى واحد وكذلك السنة
    ٭ القرآن المكي أرفع من المدني
    ٭ ونحن مأمورون بـ (واتبعوا أحسن ما انزل إليكم من ربكم)..
    ٭ وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطبق الشريعة كلها في وقت واحد، (ياساتر)
    ظننت في البداية انه يقصد بتباين المستويات اي مستويات المخاطبين حتى فاجأنا بقوله ،ان المكي (ارفع) ومفهوم المخالفة يقتضي ان هناك (رفيع) وان هناك والعياذ بالله (وضيع) ولم اتجن على الرجل فالذي يوصف بأن ليس فيه مساواة ولا عدالة ولا سلام لا شك ان ينطبق عليه لازم هذا القول والادلة بالقرائن، ثم المفاضلة بينهما (واتبعوا احسن ما أنزل اليكم من ربكم ) بعد ان اقتطعها من سابقاتها وفصلها عن لاحقاتها فهذا ايضا يقتضي ان هناك مستويات في الصحة والجودة والكفاءة، فهل يعقل ان يحكم هكذا على الله ويتم معيرته وتقييمه وتمريره على لجنة (ضبط الجودة) و (قانون المصنفات) لتحديد الحسن من غير الحسن والمناسب من (المشاتر)، وتعالوا نسأل امي ام المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما ، عن هذا الامر، فتجيب فديتها: (إن اول ما نزل من القرآن القصار المفصل تذكرهم بحق الله عليه وتوعدهم الجنة وتخوفهم من النار ، حتى اذا ثاب الناس ، الى رشدهم نزلت آيات التحليل والتحريم ، فلو كان اول ما نزل لا تشربوا... الخمر لقالوا والله لا ندعها ابدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا والله لا ندع الزنا ابدا( أ.هـ.)
    اذا الموضوع متعلق بذهنية ووجدان المكلفين فقد كانوا في مرحلة المراهقة الفكرية وقيود الآبائية والتفكير الخرافي الذي يسلب الانسان ارادته ومادة تفكيرية واداة التغيير فيعيش مستلبا مبهما هائما على وجهه ينتظر حدوث الخوارق ، كل ذلك في مرحلة الطفولة العقلية، فجاء الوحي لينشل هذه الارواح المتكلسة والعقول المتحجرة المفوضة لمرحلة الرشد البشري فيستوعب الواجبات المناطة به والحقوق المؤداة وان يكون رسول سلام للعالم ، قال ربعي لرستم (لقد ابتعثنا الله لاخراج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن جور الاديان الى عدل الاسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة)، هل تأملت في هذا الذكاء الوجداني؟ هل تستطيع الآن ان تفرق بين نفسية الحرص الابوي، وشيفونية الوصاية والاستعلاء ؟ النظر ستة على ستة؟
    اذا القرآن والسنة بمستوى في التنزيل واحد الا ان المستويات المتفاوتة هي طبيعة (المواعين) الغارفة، فالخطاب للمشرك منكوس الفطرة ليس كالخطاب لمن شرح بالايمان صدرا ، فالزراعة تختلف عن السقاية و (التأسيس) يختلف عن (التأثيث) (من اثاث).
    اما الاجتزاء والانتقاء في النصوص فهذا هو التهافت بعينه وتحويل الايمان الى مسألة مزاجية (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، ولم يكمل الآية (إنا اعتدنا للظالمين نارا احاط بهم سرادقها) ، فما رأيك في بقية الآية المكية هل تسرك هذه الخاتمة؟! ام تفسد مزاجك الانتقائي؟!
    رأس مال المفاليس:
    يلاحظ فيما مضى وما سيأتي ان (القراي) وفصيلته يعتمدون في حكمهم على مسائل الدين على امرين الاول: الاجتزاء واخراج النص من مضامينه وسياقاته الموضوعية، الثاني: يحكمون على هذا المجتزء بمزاجية شخصانية ونسبية موغلة في التهافت وتحميل النص فوق طاقته فهل يعقل للاميين دينيا لمن لا يحفظ من القرآن ما يحفظه اطفال المسلمين في رياض الاطفال ومن لا يحفظ حديثا واحدا باسناده ولا يعرف من الفقه ما يقوم حياته او حتى صلاته لأنه ليس معني بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل منكب على صلاة (الاصالة) ولم يعرف (المحكم) من (المتشابه) و(المقيد) من (المطلق)، ولا (المجمل) من (المفصل) ولا (العام) من (الخاص) و (لا الناسخ) من (المنسوخ) ولا يعرف اسباب النزول ولا يحفظ في الدين إلا (طلع البدر علينا).. لماذا نصغي لهؤلاء في امور ديننا هل يقبل الرياضيون ان يعلق على (الدوري الممتاز) من لم يعرف (دارالرياضة) قط في حياته، هل يسمح لأي انسان ان يكتب (روشتة) دواء لمريض ، فلماذا يكون وزن الدين في نفوسنا اقل من جرعة دواء او كرة تركل، والشيء الذي لم استطع ان افهمه كيف تكون النسخة المطورة اقل مستوى من النسخة المطور منها هل يمكن ان تكون سيارة موديل 8002 اقل مستوى من سيارة موديل 5791 مثلا ، ولكن حين يغيب العقل ويتوارى المنطق يمكن ان نجد من يقول هذا... وعلى كل حال هذه المفاضل المعني بها اولا هو منزل هذا الكتاب (رب الارباب) وحينما تلقاه .. ولسوف تلقاه ستجد الوقت الكافي للحديث حول هذا الامر ولقد افضى صاحبك الباشمهندس الى ما قد قدم وانت ان شاء الله به لاحق فشد حيلك و(سردب) واعد للسؤال جوابا..
    النسخ والمسخ:
    ثم يفاجئنا (الملا عمر القراي) بفهم جديد نقلا عن صاحبه (العضيني) ان النسخ معناه الارجاء وليس الالغاء، وكالعادة ليس ثم مرتكزات مهنية في مهنية في التحقيق والتوثيق العملي، او ادنى مستوى لمرجعية ما لغوية كانت او فقهية ولا حتى عقلية فمن اي شيطان استمد هذه الاحكام على كلام الله.. كل هذا ليكرس لفكرة تطوير الشريعة كأن الشريعة شيء معتق متكلس عفا عليه الزمن، وهو هنا لا يعني (التجديد) بمعنى ان ينفض عنه غبار المفترين وانتحال المبطلين وتأويل الغالين، ولكن يعني ازاحته، واحلال بديل آخر من بعد ان يقوم بتشويهه ومسخه بدرجة لا تستطيع فيها التعرف عليه مرة اخرى.. ثم يضعنا امام خيارين اما ان نطور الشريعة او ان نلتمس حل مشاكلنا في فلسفات اخرى، والمضحك انه يقول (وهذا مالا يقول به مسلم)!! كأن ما سبق وما سيأتي يقول به مسلم!! وكأنه لم يستمد بعد افكاره من الفلسفات الاخرى!! فإن اقر بهذا اي نفي الفلسفات الاخرى كمرجعية لافكاره ، فلا يكون امامه الا احد خيارين..
    اما ان يقول ان مرجعيته التراث الاسلامي (وهذا ما يرفضه)، واما ان يقول مرجعيته آراء الخاصة واحلامه الشخصية (وهذا ما نرفضه).. يا جماعة الخير أليس من طبائع الاشياء واصول الامور ان لكل شيء سلفاً وأصلاً ومرجعية؟! فما هي المرجعية فيما سبق ام انه (جنون الموضة)..
    وتستمر الملهاه:
    يستدل على قوله بتطوير الشريعة هو اختلاف المستويات المجتمعية ويقول بالنص... (والانتقال من آيات الفروع الى آيات الاصول هو ما اسماه الاستاذ محمود محمد طه تطوير الشريعة الاسلامية!! ان السبب في اختلاف شرائع الامم هو اختلاف مستوى المجتمعات.. فعلى الرغم من ان الدين واحد هو الاسلام فإن شرائع الامم اختلفت لاختلاف مستوياتها.. ويكفي في الدلالة على ذلك، ان نذكر باختلاف شريعة الزواج بين آدم عليه السلام، ومحمد عليه الصلاة والسلام)، ثم يدرج كلام استاذه في الرسالة الثانية للاسلام: (فإن كان الاختلاف الشاسع بين الشريعتين سبب اختلاف مستويات الامم، وهو في غير ادنى ريب كذلك، فإن من الخطأ الشنيع ان يظن انسان ان الشريعة الاسلامية في القرن السابع تصلح بكل تفاصيلها للتطبيق في القرن العشرين..)

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147515288&bk=1
                  

04-16-2008, 02:48 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    على هامش إصحاح الإمام?? لا أغلاطه كما قال البعض? -بقلم? صديق حماد الأنصاري
    مدخل?
    ?الحرية لنا ولسونا?
    الشهيد محمود محمد طه
    رسالة?
    هذه رسالة لكل من انحنى الى الريح ، او اساء للإنسان بالقول والتجريح?? رسالة مضمونها عش للناس، يحبك الناس?
    ??? دمع اليراع?
    كم عصى على اليراع، ان يندلق ?العمار? في جب محبرة، ليختط سطراً، او يعبر عن مكنون ود لمقام في الوجود الانساني، لرجل اضمر الداعون حبه بحثا عن المجد، بإظهار العداوة، وتاه المحبون في العشق سكرا فإذا قوة الشقاوة بالحلاوة، هو الامام الصادق المهدي حدث ولا فخر?
    اسم يتردد صداه فتنبسط ذاكرة الأسماء، فيتفرد صيته علما بينها في الداخل، وفذا بمساهماته في العالم الخارجي?? بلا تمييز، فقد لسمت من الود يهبه الله سبحانه وتعالى لعباده المخلصين، ونصيب لكل مجتهد في الحياة ?وكل ذي نعمة محسود??
    ??? صدى الميلاد بعد السبعين?
    من غرابة الصدف ان يطابق تاريخ ميلاده يوم فرحة الاعياد، عند الايمانيين مسلمين ومسيحيين، يوم الخميس ?? ديسمبر ????م، الموافق ??شوال ????هـ ? فلنقل تلك هي الصدفة رغم التعجب ?? ?حتى نرضي غرور قوم حاقدين??
    ??? ملعقة الذهب أصفاد من حديد?
    يحمد له انه استطاع باجتهاده وسيرته الحميدة، ان يحول ملعقة الذهب التي وجدها في يديه الى اصفاد من حديد، كما تقول سيرته العطرة، حينما خطا اول خطوة نحو بلاءات حب الوطن، دخل روضة احفاد الابطال في ?كرري وام دبيكرات?، فتشبثت ذاكرته بصمود فتيان المروءة?
    وفي ?الجزيرة أبا? معقل الصمود في وجه ?طغاة السودان?، على مر التاريخ خديوية او ?مايوية? حيث انطلاقة دعوة الامام المهدي، قرأ الكتاب وفك الحرف? واكتمل صباه بثانوية الاحفاد ايضا بام درمان ?البقعة المباركة? حيث الأهل والأمان، ومن ثم امتدت السيرة، وبدأت المسيرة لأكثر من سبعين ربيعا، من العطاء، وقد لازمت الذات والزوج والابناء منها ثلاثة عشر عاما كما قال صاحبها، وآثرت البقية كدحا لملاقاة ربها في شأن الدين والوطن، فمن هنا جاء التمييز والتفرد بل والعداء?
    ??? من الحب ما قتل?
    يعاتبه البعض على حب الناس له، وبسماحته المعهودة يبتسم مجتهدا كي يوصل لهم قولا وفعلا، ما هو سر هذا الحب الشره عند المريدين والمضمر ?بالنقد الجارح? في جوف الخصوم???؟?
    ??? التأسي باخلاق النبي صلى الله عليه وسلم?
    عذرا على هذه التداعيات الذاتية، والتي فرضتها ?هتافية النقاد? وسهام ?الخصوم الجارحة? التي نحت جانب الشخصنة، في تناولها لمفكر استثنائي ?في زمن الحزن وفقد الزوج? دون مراعاة لخصوصية الموقف، بل يكاد يكون هذا الامام هو المعيار الانموذج للتأسي بأخلاق النبوة وحياة النبي صلى الله عليه وسلم التي عاشها ?في خاصة نفسه? وبين اصحابه، واكثر ما يميزه أنه اذا عاهد لا يغدر وان خاصم لا يفجر، بل في كل الاحوال ظل محافظا على المساحة التي بينه والآخر ?باسطا يده بيضاء وعافيا عند المقدرة??
    ??? السماحة الزائدة عن الحد?
    سماحته الزائدة عن الحد، هي أوضح نقاط الضعف فيه كإنسان، ومن غريب الصدف ان كل من جنى على الامام، أثبتت له الأيام ?ان الاسماء تورث الصفات?، وحتى من جرد قلمه وسنه كالخنجر، او أخرج لسان وسيف صحيفته ?الراية وألوان? في العهد الديمقراطي، ليبدأها بذم الرجل ويختمها بسبه، فيرد عليه باخلاق الملائكة بالصفح والود، ولسان حاله يقول?
    ?إن سيد القوم لا يعرف الحقدا??
    بل قد ثبت كما جاء على لسان الاستاذ حسين خوجلي، أن كل باحث عن المجد والشهرة، في دنيا العمل العام، وحتى الخاص، لا بد له من اضمار الحب واظهار العداوة للصادق المهدي، فذلك هو الملاذ الآمن لكل صاحب حاجة، بل هذا هو الإنسان المفطور على الصدق، والذي آثر أن يكون الاب لكل ابناء السودان، بل والدواء لكل علل الانسان ان شاء الله?
    ??? المفكر الصادق المهدي وقراءة الأحداث?
    يصفه البعض جهلا ومن غير ما ادراك لفكره، باستباقه للاحداث احيانا، وبالتردد في احيان أخر، ولكن إذا ما رجعنا الى تقييمه للمواقف، سندرك كم هو صائب في القراءة، وسابق لكل من اندهش بموقفه لحظتها، ومؤمن بحدسه الذي لا يكذب?
    خاصم ?مايو البغيضة? ورد لها الصاع صاعين، على مجازرها في الجزيرة ابا وود نوباوي، وعندما جنح طغاتها ومناصروها للسلم ?صالح الدكتاتور نميري?? وقد قال البعض من رفقاء المعارضة، لماذا كانت المصالحة بعد الانتفاضة المسلحة في يوليو ????م؟ فرد عليهم الطاغية نميري ?قاتل الامام الهادي وعبد الخالق ومحمود محمد طه?، فماذا قال في كتاب النهج الاسلامي لماذا؟?
    ?يسألوني لماذا كانت المصالحة، لكملة شرف قالها الرحل ?أعني الامام الصادق? مهما كان الخلاف بيننا فلا ندع مجالا للغريب أن يتوسطنا? انتهى?
    فأين نحن اليوم، وقد اضحى الغريب ولي امرنا??
    يعيبون عليه كثرة الكلام، ولم يحمدوا له ظلمة غياهب السجون? وصفوه بحبه للسلطة، ولم تشفع له عندهم ليالي المنافي والغربة، ضنوا عليه بشهوة التسفار، ولم يواسه في ظلمهم له حمله لحقيبة الوطن العزيز، اينما حل وارتحل، بل ما هاجر الا بهدف تبييض وجه السودان مما فعلت به ?الشمولية? وانصارها، وما خط ارجله بأرض الا وكان همه اسلام الصحوة، لا دعاوى الهدم والانكفاء والغفلة، لم يحمل فكره واجتهاده بضاعة بهدف الاسترزاق والتسويق، بل تأبطه اجتهادا وتجديدا بلا تزييف?
    ??? مدرسة الإمام?
    يعد الامام الصادق المهدي واحدة من المدارس الفكرية المعاصرة التي ناصرت الحداثة منذ عقد الستينيات من القرن الماضي ?طرح آفاق جديدة?، ولاقحت الاصالة ?جدلية الأصل والعصر? ليتفرد طرحها الذي يمثل وسطية الاسلام المميزة بين الاديان، دونما افراط بألحاد او تفريط بارهاب، بل اجتهاد في الاصل وتجديد في العصر، وهي مدرسة فكرية متفردة صنعتها المقدرات الذاتية لصاحبها، وعجمت عودها التجارب، وغذتها الافكار الفلسفية والعلمية الاخرى، بعد أن استقت من نهر التاريخ الجاري وارتوت من ضفتي الدين والوطن، واكسبها الارث مجد الاهلية، لكن دون التمييز، بل ذهبت بكل ما وجدت نفسها عليه من اجل المسار، واحالت ملعقة الذهب التي فطمت عليها الى اصفاد من حديد?? بعد أن استقوت بالاجتهاد وفطرت على حب المعرفة ونقد الذات، وحينما استوت على جادة الطريق، لم تضل ابدا، بل استطاعت ان تتقبل البلاءات بالصبر والجلد ?دع عنك النقد الجارح والإسفاف? ولسان حالها على الدوام يتمثل القول المأثور? ?كل ما لا يقتلني يقويني??
    فقد عملت في السابق على إحالة دار الحبس وغياهب السجون الى سوح للآداب واشعاع للعلم، فاستنارت بذلك حتى غالبت شهوات النفس وحب الذات بالتربية البدنية والروحية، فحل نبض الوطن مقام حب ?الجنا والضنا? حقا لا مجازا، ففي خلوته كما حدثني من رافقه في ظلمة القضبان، فإن هذا الامام لا تعرف أجفانه فسحة النوم المعتادة، فقد جبل على ملازمة الأذكار في الأسحار، وقتل الملل بمطالعة الافكار، وإن اعطى الى النفس مساحة للهو، فتلك راحة للقلوب حتى لا تكل وتعمى?
    ???? وقفة مع الناقد القراي?
    الاستاذ الدكتور عمر القراي، ارجو ان تكون سيرة العظماء ?عندكم وعند غيركم? كما تقول القاعدة ?الحرية لنا ولسوانا? عظة وعبراً بلا صيد في ?الماء العكر?، وأن النقد ملمح للكشف والاستبصار اذا كنت حقا تنشد الالتفات الى جانب الحق دون الغرض الذي بالضرورة هو اول اعراض المرض، فسيرة الامام الصادق المهدي في العطاء اذا اخذناها بالحياد، ودونما شك قد تضمنتها العديد من السلبيات، وتلك هي طبيعة البشر المجبولة على الخطأ، الا أن ما وضعته من بصمات ?لا يمكن اعتباره كله اغلاط?، فقد أدخلها التاريخ من ابوابه العراض، دونما ان تعي وتسعى لذلك، وتميزت حينما تفردت بتقبلها للنقد ?بروح المؤمن? وإيثارها بالكثير للغير رغماً عن الخصاصة، ومن غير ما منٍ ولا أذى، وإن يكن الامام الصادق المهدي قد أعطى ذاته وما يخصها للدين والوطن، فقد أخذ أقيم ما عند الإنسان ?الحب? بل حب الناس جميعا وذلك أعظم الأثمان?

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147515395&bk=1
    _________________
                  

04-16-2008, 02:50 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ذاكرة
    بقلم: مصعب الصاوي
    * جوائز موسيقية:
    حققت مغنية البوب إيمي واينهاوس رقماً عالمياً جديداً بحصولها على جائزة قرامي الموسيقية، وهي الجائزة الأهم في الولايات المتحدة الاميركية واوربا عن أغنيتها Rehab وهي أغنية ذات وظيفة اجتماعية تنادي بحماية الشباب من خطر الادمان على المخدرات، وضرورة الذهاب لدور التأهيل النفسي والبدني للاستشفاء من المخدرات، وتدعو المجتمع خاصة الأسرة إلى مساعدة المدمن في الاندماج في المجتمع دون توبيخ او عزل أو إساءة. والشاهد ان حصول الفنانة إيمي على هذه الجائزة، جاء على خلفية تجربة شخصية، مما اضفى على العمل صدقاً تعبيرياً، ونفذ الكليب في قالب درامي سينمائي.
    * عركي وأميقو:
    من أعظم الأغنيات التي ربطت بين الموسيقار أميقو والفنان ابو عركي، أغنية «لو كنت ناكر للهوى زيك» من كلمات عوض أحمد خليفة. قدم فيها أميقو أفضل ما عنده على الكلارنيت، وأثبت فيها عركي قدراته الهائلة في الربط بين العلم والموهبة والقدرة على الاداء العميق الذي يتغلغل بين سطور النص الشعري، ويخرج من طبقاته كنوز واشراقات المعاني والشجن، مما جعل هذه الأغنية تصنف ضمن الروائع الخالدة في تاريخ الغناء الحديث.
    * غيِّر حياتك:
    أتابع كلما سنحت لي الفرصة برنامج «غيِّر حياتك» على قناة «النيل الأزرق» والبرنامج جيد ومبتكر من حيث القالب ومن حيث التناول، وفيه الكثير من حداثة الفضائيات، وفيه من الجرأة والتجريب على مستوى العرض والتقديم، مما يجعله في مصاف البرامج المنوعة والهادفة. وآمل ان يجد هذا البرنامج مزيداً من الدعم لتطويره، فهو برنامج مهضوم ومنافس.
    * المدائح القديمة:
    الفترة ما قبل أذان المغرب وحتى أذان العشاء، فترة يمكن ان نصنفها بأنها فترة صفاء روحي. وكنت في الماضي الاحظ حرص كبار السن والمشايخ على ان يكون الراديو جوارهم للاستماع للمدائح القديمة، خاصة بأصوات «ابضرس» وشيخ زين العابدين وشيخ بشير الحضري والامين القرشي وعلي بخيت. وأتمنى ان تحافظ الاذاعة على هذا التقليد، لانها تلبي أشواق هذه الشريحة المهمة في المجتمع.
    * بشريات:
    أتوقع أن تشهد أروقة نادي الفنانين المزيد من الأنشطة بعد تقلد عبد القادر سالم دفة قيادة هذا الكيان المهم. والحقيقة عبد القادر سالم يتمتع بكل مواصفات القائد، بتفانيه الدائم في خدمة الآخرين وبعمق وسعة ثقافته، وباحترامه للفن باعتباره مهنة ورسالة، وبتقديره واحتفائه الدائم بالرواد والشباب معاً. ومن قبل ومن بعد، نعمة القبول وهبها الله لهذا الفنان النادر.
    * عمر علي احمد المحامي :
    أظن أن أم درمان قد دخلت «بيت الحبس» باكية فقيدها المحامي الضليع والانسان الجميل عمرعلي احمد والد كل من بثينة ومحمد وعلي. وهذا الشخص له أفضال على الدراما والفن والثقافة، فقد كان الفنان جمال حسن سعيد يصوِّر المشاهد الدرامية في منزله العامر بالثورة. وكانت مكتبته العامرة بكنوز التراث مائدة مبسوطة للغاشي والماشي، خاصة طلاب العلم والفنون. وكان رحمه الله ام درماني المزاج، متديناً في غير تزمت، عاشقا لاغنيات أحمد المصطفى وعبد الله الماحي، معتزا بتراث منطقته كبوشية، وكان يقول لي دائماً: كبوشية دي أصل الفن والفنانين. وكان يسمي كرومة بـ «العبقري». واتذكر طقوسه في القراءة والمؤانسة والظرف والطرفة الذكية والسخرية المحببة. وقدّم ديوان الأستاذ يوسف قباني، وهو صنو روحه وصديقه المفضل. وربطت الراحل صلات المودة والمحبة بالأستاذ محمود محمد طه. وتعتبر مكتبته من أهم المصادر والوثائق التي حفظت آثار الاستاذ محمود محمد طه والاخوان الجمهوريين، لذا تنادوا لوداعه من كل أنحاء السودان، وقد روى لي ان الأستاذ محمود كان يحب أغنية «أنا أم درمان» واختارها لتكون ضمن الانشاد العرفاني، وايضاً أغنية «قايد الأسطول» لسرور، وأغنية خليل فرح «عزة في هواك».

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147515426&bk=1
    _____________
                  

04-16-2008, 02:51 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب علي تعقيب عمر القراي (9-9)

    الجمهوريون الجدد والحلف الرجيم .. بسم الله ثم يحترق الهشيم
    راشد ابو القاسم الطاهر*
    هذرمة الهرموناطيقا:
    الهرموناطيقا هو علم تأويل «النص المقدس» وهو بخلاف علم الهيئة عند «بطليموس» فالهرمونطيقي يمد يده ليخرج «النص» من كونه نصا إلهيا موحى به ملهما، الى نص ادبي مبهم خاضع للنقد. وسرعان ما يضعه على طاولة التشريح ليعمل فيه مبضع الجراح تفكيكا ومواءمة، ومر هذا العلم بثلاث مراحل هي «الرومانسية والفننولوجية والتاريخية».. تنطلق من مصادر شتى 1- اما الاصالة الكاتب. 2- او اصالة النص. 3- او اصالة الناقد. وسبب هذا العلم كما قدمت في بداية السلسلة ولربط الموضوع هو اولا الاغراق في الرمزية في الكتاب المقدس بعهديه، وان شئت فاقرأ على سبيل المثال: «سفر المزامير» والتي يعتقد ان كاتبها داؤود و«سفر الرؤيا» وهي عبارة عن «حلم في المنام» ليوحنا، وهي اسفار باعتراف آباء الكنيسة مفعمة بالرمزية غارقة في الغموض، لا يفك طلسمها الا آباء الكنيسة كما في مقدمة الكتاب المقدس.



    ثانياً: حالة الفصام بين المقدس والعلم، حينما اصطدمت الكنيسة بالكشوفات العلمية مثل مركزية الشمس والعالم الجديد اميركا.. الخ.. فكاد المكتشفون يدفعون حياتهم ثمنا لهذا الاصطدام الرهيب «كولومبوس وجاليلو» نموذجا.
    ثالثاً: سقوط القداسة من الكنيسة وتمرغها في أوحال الدناسة حينما تعاطت الرذيلة باسم «الاب»، عندها صرخ مارتن لوثر وكالفن كلين في وجه البابا «هذا ليس دين يسوع الناصري».
    فتمزق النسيج وتعرض كل شيء للنقد، وهذا عين ما فعله عالم الرياضيات والفيلسوف «اسبينوزا»، وما تأثر به العالمانيون ونسج على منواله محمود محمد طه. وقد اخبرني صديقي الباحث القدير «محمد الفاتح» أن «اسبينوزا» قد سرق نقده للكتاب المقدس من ابن حزم في «الملل والنحل» «بالمسطرة» ومن الواضح، والواضح جدا، ان ايا من الظروف والادواء السابقة لم تعتر النص القرآني ولا شريعة الاسلام، فالقرآن لم يصطدم بالعلم ولا بالعلماء، بل كرس للبحث والاكتشاف والتأمل، كما انه خالٍ من الرموز والطلاسم والاسرار، والاعجاز العلمي في القرآن اكبر دليل على ذلك، وتقدم المسلمين مع كونهم متمسكين بدينهم يشي بذلك ايضا، كما ان الشريعة اسست لمجتمع الفضيلة وحاربت الرذيلة.. فليس ثم مسوغ لوضعها في سلة واحدة مع ما سواها من الملل والنحل، والقرآن يتحرى ومازال يتحرى «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم الحق من ربهم».
    رمتني بدائها وانسلت:
    ولما عجز أعداء الشريعة عن تحريف «النص» لجأوا لتحريف «التفسير» حتى يتحول النص الى مجرد صورة ويختطفوا هم المعنى، ثم يفرغون الدين من محتواه ويميعونه في نفوس منتسبيه، والإجهاز عليه في نهاية المطاف بإغراقه في موج متلاطم من التفاسير الطوطمية يبلع بعضها بعضا. ويضعون مكانه نصبا تذكاريا يقول «كان هنا نص مقدس».
    ولأدلل على هذا اقرأ معي «في الرسالة الثانية للاسلام» تعريف العبادة وعلاقتها بالجنس يقول: «فهذا الوضع بين الذات الالهية والانسان الكامل ـ انفعال العبودية بالربوبية ـ هو الذي جاء الوضع منه بين الرجال والنساء انفعال الأنوثة بالذكورة وهو ما يسمى عندنا بالعلاقة الجنسية» هل لهذا التعريف صلة بمفهوم العبادة او حتى الجنس؟! ويقول أيضا: «وليس لله تعالى صورة فيكونها ولا نهاية فيبلغها، وانما حظه في ذلك ـ لاحظ حظه في ذلك ـ أن يكون مستمد التكوين بتجديد حياة فكره وحياة شعوره في كل لحظة، والى ذلك تهدف العبادة» أبهذا وصف الله تعالى نفسه؟! هل يا ترى يمكن أن يطلق على هذه الهذرمة وهذا الهذيان بأنه دين محمد؟! هذا لعمري صنعة التفريغ وعين الازاحة والاحلال، وحرفة التشويه بامتياز، فمن الذي فرغ الدين من محتواه؟! يا دكتور؟!
    وختاما أوقع مقالتي بالديباجات الآتية:
    تدبيج «1»
    ٭ إن الله تعالى الذي خلق هذا الكون بهذا الاتساق والتناسب والاعجاز، لا يعجزه ان يضع قوانين تسير حياة البشر، ونحن اهون مخلوقاته من حيث التعقيد، والتكوين «أأنتم أشد خلقاً ام السماء بناها».
    تدبيج «2»
    ٭ إن القرآن الكريم الذي أعجز الفصحاء فصاحة والبلغاء بيانا، واحتوى بين دفتيه على اكثر من «2465» اعجازا علميا اكتشف حتى الآن، ومازالت مناجم كنوزه بكر لم تكتشف بعد في كافة المجالات «الفلك، والبيولوجي، وعلم الجينات والاجنة، والبحار، والطبغرافيا، والاحياء الدقيقة.. الخ». قمين بهذا الكتاب ان يشكل اعجازا آخر في تنظيم حياة البشرية.
    تدبيج «3»
    ٭ إن الشريعة الإسلامية التي أسست في مدة لا تذكر من عمر الزمان، اكبر امبراطورية عرفها التاريخ، وصهرت موازييك الحضارات والشعوب في بوتقة «التوحيد»، حري بها ان تحكم العالم.
    تدبيج «4»
    ٭ إن الدين الذي يدعو للتوحيد، ويؤسس لملكوت الفضيلة، ويشجع العلم ويسند التقدم الحضاري، ويبني على الحق والعدل والرحمة، لجدير بأن تدين به الانسانية وتبشر به الأمم.
    تدبيج «5»
    ٭ إن الإسلام دين واحد، لا يسع المكلفين فيه أن يؤمنوا ببعض ويكفروا بالآخر، فاما قبوله كما هو او تركه على ما هو، وحذف حرف منه كحذفه جميعا، وسنة الانتساب اليه «يا أيها الناس ادخلوا في السلم كافة».
    تدبيج «6».
    ٭ ان تاريخ المسلمين هو ازهى تجربة انسانية في اطوار النضج البشري، والذي اخطأه جزء من منجزه الثر، وهذا هو الفرق بين «الكمال» و «الاكتمال» فتأمل.. وإن من الاخطاء ما تكون حصيلتها من كوامن الخير اكثر من الصواب لو ارتكب ابتداءً، ولكن من الناس من هم كالذباب لا يقعون الا على جراح المسلمين.
    تدبيج «7»
    ٭ إن الفترة المسحوقة التي تمر بها الامة لا تعفي ابناءها من تسنم سنام المبادرة وتصحيح المواقف، ولا يسوغ لهم جلد ذاتهم ولعن سنسفيل اجدادهم، فلم تمنع الهزيمة «إلفرد» الاكبر من تكوين الرايخ الاول ليكرر المحاولة «باسمارك» فيكون الرايخ الثاني، لينجح النمساوي «هتلر» فيكون الرايخ الثالث ليبتلع العالم.
    تدبيج «8»
    ٭ إن وهج المدنية الغربية لا يعمي الا الاعشى، ولا يغير في حكم الاشياء شيئا، فاذا تقدموا تقنيا فقد سقطوا «بالثلاثة» انسانيا واخلاقيا، كما ان المدنية تبنى في نطاق «المتغير الحادث» والقيم والاخلاق والعدل تبنى في نطاق «الثابت الكوني»، فلكل مضماره، وبكل منجزه، ويحكم العلاقة بينهما «التوازن والتكامل» والقومية فيه للثابت والشريعة لا على منتجات الحضارة الغربية السائلة «وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا او يلم».
    تدبيج «9»
    ٭ إن العقل الذي يسبق ادراكه بالاشياء «جهل» ويغشاه مع الايام نسيان، يصاب بالامراض والعلل والاكتساب، سمته النسبية وتعتريه المزاجية يصيب ويخطئ، ويخطئ اكثر مما يصيب، متناقض مع محدداته، محدود في قدراته، ويختم بنهاية المطاف بالخرف والهذيان.. لا يتصور لهكذا مخلوق أن يحكم على شريعة الرحمن، وحسبه في الامر ان يدلنا على صحة نسبتها لله تعالى، ثم بعد ذلك يفوض الامر لله، وان يسلمها لرائد الشرع لتستقر به في روض الجنان، ولا تعارض ما بين ثاقب العقل وصحيح النقل، يقول المجد «ابن تيمية»: «ولا تعارض في الاسلام بين صحيح المنقول وصريح المعقول، ذلك ان مصدر العقل والوحي هو الله، فلا يمكن أن يقع التناقض والتعارض، وان اي تعارض معناه ضعف في سند المنقول، او عجز او خطأ في كيفية الاستدلال، وعند احتمال التعارض فإن حكم الوحي المعصوم مقدم على حكم العقل المظنون» أ.هـ
    تدبيج «01».
    ٭ ان الله تعالى قد اعزنا بهذا الدين، فمهما ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله، وما كنا سادة الوقت وسلاطين الزمان واصحاب العالم الا بعد ان تمسكنا باهداب الدين، فاحترمتنا الامم ودالت لنا الدول، وخاطبنا السماء «امطري حيثما تمطري فسيأتينا خراجك».
    ترى ما الذي «التقطه» تلستوي ولم يدركه «القراي» حين قال تلستوي «شريعة محمد هي التي ستسود لانها تنسجم مع العالم»، وما الذي فهمه صاحب «قصة الحضارة» «ول ديورنت» حين قال «لو حكمنا على العظمة فإن محمد أعظم العظماء»، وكذا «جورج ويلز» و«تومسي كارييل» و«مايكل هارت» و«غاندي» و«برنارد شو» و«ليمارتين» وغيرهم وغيرهم والقائمة تطول. ويمكن «للقراي» واشباهه ان يستمعوا ايضا لهؤلاء لانهم اصحاب عيون زرقاء وشعرهم اشقر تماما «كمنتس كيو» و«انجلز» و«دوركيم» و«سارتر».
    وكل ما قلته هو في عداد مناورات الاشتباك الاول، ومقدمة لنقد الديمقراطية ومفهوم الحداثة، ولنا عود ان شاء الله.
    وهكذا.. يحترق الهشيم، وتتساقط الأقانيم، ويتبدد الحلف الرجيم، وتبقى الحقيقة مطلقة.. وإني غال على مقالتي، وكل يأتي يوم القيامة بما غل يوم ينادي «علي» و«عليه» «هذان خصمان اختصموا في ربهم».
    وعلى من اتبع الهدى السلام.
    * الباحث والمحاضر بالمركز الاسلامي للدعوة والدراسات المقارنة

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147515482&bk=1
    _
                  

04-16-2008, 02:52 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب على الطاهر الدومة
    عودة إلى أغلاط الإمام!!
    د. عمر القراي
    لم يواجه الأستاذ الطاهر اسحق الدومة، ما أثرته في مقالي السابق عن أخطاء السيد الصادق المهدي، واكتفى بأن يصف المقال تارة بـ(المغالطات) وتارة بـ(الشبهات)، كما ذكر أن ما ورد فيه أشياء معروفة، ومكررة، وقد ملّ الناس سماعها!! ولو كان المقال كما ذكر، لما احتاج إلى تعقيب، اللهم إلا إذا كان الغرض من التعقيب، هو مجرّد الرد، حتى لا يقال إن الناشطين في حزب الأمة، وأعضاء المكتب السياسي، قد قبلوا نقد قيادتهم في صمت..
    والأستاذ الدومة يوافق على أن هنالك تقارباً في الأفق، بين حزب الأمة وبين المؤتمر الوطني، ويؤكد أنه من المجموعة التي ترفض هذا التقارب -بما فيه موضوع السيد بشرى- وأنهم في داخل الحزب، قد قاموا بنقده، ويقول «إن كاتب المقال -أي شخصي- جزء من الذين نوَّه إليهم الكاتب في نقضهم لخطوات الحزب الأخيرة في التقارب مع المؤتمر الوطني بكافة أشكاله حتى موضوع بشرى باعتبار أن المؤتمر الوطني الاقتراب منه غير مأمون الجوانب من خلال تركيبته وأدائه سلطوياً وسياسياً» (الصحافة 21/2/2008م). إن مقالي الذي حاول الأستاذ الدومة الرد عليه، إنما ثبّت هذه الحقيقة، وأضاف أنها من أخطاء السيد الصادق المهدي، ثم عدد أخطاء أخرى، جرت منه في حقب سابقة.. فإذا كان الأستاذ الدومة يقاوم التقارب مع المؤتمر الوطني، ألا يفعل ذلك لأنه خطأ؟! فإن أقر الدومة بهذا الخطأ، فلماذا وصف مقالي بأنه (مغالطات)، ولماذا لم يقبل الأخطاء الأخرى، التي عددتها للسيد الصادق خاصة وأنه لم يستطع أن ينفها؟!
    يقول الأستاذ الدومة «فمشكلة د. القراي أنه يأخذ تصريحات الإمام كمسلمات وقرارات ويحاول أن يصطاد في المياه العكرة بأن الصادق فعل وفعل وهاكم الدليل عبر التصريحات الصحفية». (المصدر السابق). فهل هذه حقاً مشكلتي أم أنها مشكلة حزب الأمة إذا كان رئيسه يصرِّح بما لم يقرره حزبه؟! ومن الذي يجب أن نأخذ تصريحاته كمسلمات، إذا لم نأخذ بتصريحات الإمام؟! لقد حاسبت السيد الصادق بما قاله وفعله، فلم يقبل الأستاذ الدومة بذلك، فكيف يحاسب الأستاذ الدومة والمكتب السياسي السيد الصادق؟! إنهم لا يحاسبونه على تصريحاته، لأنهم يعتبرونها مجرد (تصعيد) و(تهريج) سياسي!! فإن لم تصدِّقوا ذلك فاقرأوا قول الدومة «فمشكلة د. القراي أنه يأخذ تصريحات الإمام كمسلمات وقرارات ويحاول أن يصطاد في المياه العكرة، بأن الصادق فعل وفعل وقال، وهاكم الدليل عبر التصريحات الصحفية، ومن ثم يتناسى عمداً ويتجاهل أن لكل مهاراته وتقديراته في دائرة التعاطي السياسي في أي موضوع مطروح، نعم، ربما أسلوب التصعيد والتهريج». !! (المصدر السابق)
    يقول الأستاذ الدومة «ومن ثم عندما أخذ الشيوعيون الحكم بواسطة نميري وقتلوا آلاف الأنصار هل كان ذلك فعلاً انتقاماً لأن الصادق أسهم في حل الحزب الشيوعي؟ وأين موقف الجمهوريين من تلك المجازر والموقف الأخلاقي لحزب الأمة عندما أعدم محمود محمد طه» (المصدر السابق). وليس في عبارة الدومة هذه، ولا في مقاله كله، ما ينفي (غلطة) السيد الصادق في قضية حل الحزب الشيوعي.. ثم لماذا يسأل الجمهوريون عن ما حدث في مجازر الجزيرة أبا، بدلاً من سؤال السيد الصادق، الذي صالح النظام، الذي فعل كل هذا بأهله وأتباعه، ودخل في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، وأدى قسم الولاء لثورة مايو الظافرة؟! أليست هذه (غلطة) ظاهرة من أغلاط الإمام، أم إن الدومة يعتبرها من (المغالطات)؟! وما هو الموقف الأخلاقي لحزب الأمة من اعدام الأستاذ محمود؟ لقد اتهم السيد الصادق الأستاذ محمود بالخروج عن الأسلام، وشبهه بالبهائية، والقاديانية، وقدّم بذلك مسوغاً لتكفيره، فكان بذلك، لا يختلف من الترابي، ونميري، وسدنته من الإسلاميين، الذين دبّروا تلك المؤامرة المنكرة.. وحين سقط نظام نميري، بسبب مواجهة الأستاذ وتضحيته، وانتفاضة الشعب المجيدة ضد قوانين سبتمبر، جاء السيد الصادق إلى الحكم، فأبقى على القوانين التي أعدمت الشهيد، ورفضها الشعب، رغم إنه هو نفسه قد صرّح قبل الانتخابات مراراً بأنها لا تساوي المداد الذي كتبت به!!
    وفي محاولته اليائسة، لتبرير أغلاط الإمام بكل سبيل، شبه الأستاذ الدومة السيد الصادق بنبي الله نوح عليه السلام، وشبّه ابنه الذي التحق بجهاز الأمن، بابن نوح الذي كفر بالدين وهلك مع المغرقين!! يقول الدومة «لأن ابن الصادق ذهب إلى جهاز الأمن- إذا كانت مواقف الابناء والأقارب في كل الأفكار والعقائد والديانات نظرتهم سلبية هل يعني ذلك مثلاً ان ابن نوح كان صاحاً ووالده خطأ؟ وهل انتهت الفكرة بانضمام ابن نوح للكفر؟» (المصدر السابق). وأنا لا أوافقه على هذا التشبيه، لأنني أرى ان المفارقة الدينية الكبيرة، هي مفارقة السيد الصادق، لا مفارقة ابنه، لأنه كان يعلم أن ابنه قد إلتحق بالجهاز، ولم يعترض في إطار التقارب مع المؤتمر الوطني، وحين اعترض بعض أعضاء الحزب، صرّح بأن تلك (غلطة)، وانها (ستصحح) !! ومع ذلك، لم يحاسب ابنه، ويطرده من الحزب، كما فعل من قبل، مع السيد مبارك الفاضل، مما يعد محاباة، وتقويضاً لكل الأسس والمبادئ الديمقراطية، التي يزعم انه مؤمن بها.. يفعل ذلك ليتقارب مع النظام، الذي قال عنه «المؤتمر الوطني وحكومته ظلا أسيرين لشعارات فارغة ربطت الإسلام بالدكتاتورية والقهر والنهب»!! (بيان السيد الصادق للشعب السوداني: سودانايل 7/6/2004م) لكل هذا، فإني أعتقد أن موقف السيد الصادق، أقرب إلى موقف ابن نوح من موقف نوح عليه السلام..
    يقول الأستاذ الدومة «ومن كان انتماؤه لترضية شخص لا أظن أن مكانه حزب الأمة فليذهب كما ذهب بشرى للأمن. ومن قال لك إن ابناء الإمام يرتقون على أكتاف الثوار بنسبهم للإمام؟ إذا كان هذا صحيحاً أين كبير ابناء الإمام عبد الرحمن من الحزب مع احترامنا الشديد له؟» (الصحافة 21/2/2008م) وأنا لا أعرف أين السيد عبد الرحمن، أكبر ابناء السيد الصادق المهدي، ولا أعرف موقفه من الحزب، ولكني أسال الدومة لماذا كان في مقابلة والده للسيد رئيس الجمهورية، إذا لم تكن له علاقة بالحزب؟! وإذا كان الأستاذ الدومة يظن أن حزب الأمة تحكمه المؤسسات، وأن علاقة الدم لا أثر لها في تحديد القيادة داخله، وأنه يمكن أن ينافس أيٍّ من ابناء السيد الصادق، على رئاسة الحزب، فإن الحزب قد أسسه السيد عبد الرحمن المهدي، وخلفه في قيادته ابنه السيد الصديق عبد الرحمن المهدي، ثم خلفه ابنه السيد الصادق الصديق عبدالرحمن المهدي، فلماذا عبر كل هذه السنين لم يفز واحد من الآلاف من جماهير الحزب، من خارج آل المهدي بقيادة الحزب؟! إن حزب الأمة يمكن أن يصبح حزباً ديمقراطياً، تحكمه المؤسسات، كما يتمنى الأستاذ الدومة، حين يوقف هذا التوارث، الذي لا نظير له إلا في حكم الملوك..
    ولو كان الأستاذ الدومة يملك دليلاً واحداً، على أن ما ورد في مقالي السابق، هو مجرد (مغالطات) لما تأخر في ابرازه، بدلاً من الإكتفاء بترديد كلمة (مغالطات)، دون طائل أسمعه يقول «أما المغالطات حول المحاولة التخريبية فالحمد لله شخوصها أحياء بيننا والظروف كانت معلومة والتقديرات في مسايرة اللعبة السياسية آنذاك كانت معلومة» (المصدر السابق).. ولكن الدومة لم يذكر لنا هذه التقديرات، والمسايرة، التي اضطرت رجل مثل السيد الصادق المهدي، أن يدين أعضاء حزبه، ويتبرأ مما اتهموا به من وسائل الإعلام الرسمية، ويذكر بأنهم اعترفوا بجريمتهم، دون أن يتعرضوا لتعذيب.. أكثر من ذلك!! فإنه قد اتهم هؤلاء الاعضاء، بأنهم باعوه.. فحين سأله محرر الشرق الأوسط (تتحدث بعض الأطراف من أن الصادق المهدي باع أعوانه من أجل إطلاق سراحه ما ردكم؟) قال: «إطلاق سراحي لم يكن جزءاً من الصفقة لأني اعتقلت للتحري ولم يعد للمتحرين ضدي حجة بعد أن أوردت قرائن تثبت عدم معرفتي بالموضوع وأبديت استعدادي لمقابلة من زج اسمي في مواجهة. إذا كان هناك بيع فالصحيح أن يقال لقد حاول بعض زملائي بيعي بذكر اسمي في هذه القضية»!! (الشرق الأوسط 11/7/1994م).
    في مقدمة مقاله قال الأستاذ الدومة «وبتاريخ 17 فبراير في جريدة الصحافة في صفحة الرأي ورد مقال بعنوان: (أغلاط الإمام لكاتبه د. عمر القراي. نعم، إنه دكتور ولا ندري أية دكتوراة يحملها لكنها درجة علمية تستحق الاحترام)!! وما دام الأستاذ الدومة يحترم الدرجة العلمية مهما كان مجالها فلماذا تساءل عن هذا المجال؟! ولولا أن تساؤله قد حمل جانباً من السخرية، لحدثته عن تلك الدرجة العلمية وتفاصيلها.. ومما ذكره الأستاذ الدومة أيضاً دون تحقق، قوله «من خلال الصورة والسرد للأحداث يبدو أن الدكتور من جيل الإمام الصادق أو على مقربة منه» والحق إنني أصغر من جيل السيد الصادق المهدي، ولكن عمر الفرد الثقافي، لا يقاس بعمره الزمني.
    لقد حاول الأستاذ الدومة، أن يستدر عاطفة القراء، ويصوّر نقدي للسيد الصادق المهدي، وكأنه خال من المشاعر الإنسانية، لأنه لم يراع الحالة النفسية، التي كان يمر بها السيد الصادق المهدي ، فقال «ومن خلال علاقات السودانيين الخلافية تجب المواقف الإنسانية وتوقف التراشق لمواقف جراح غائرة ينتظر الناس على أقل تقدير غياب الأيام السوداء في الفقد الجلل التي تصيب الشخص»، ويقول أيضاً «السؤال الذي يطرح نفسه يا ترى لماذا الآن حتى قبل أن تجف دموع الأمام على فقده الجلل؟» والحق أن المقال كان يفترض أن يظهر في اليوم التالي لوفاة المرحومة السيدة الفضلى الأستاذة سارة الفاضل، حرم السيد الصادق المهدي، ولكنني أجّلت المقال، للاعتبارات التي ظن الدومة أنني لا أراعيها.. ثم حين رأيت السيد الصادق في الإعلام، وهو يجتمع بالسيد رئيس الجمهورية، ويشارك بالحديث في مؤتمر الحركة الشعبية، ويمارس نشاطه السياسي، داخل وخارج السودان، قمت بنشر المقال.. فإذا كان هذا الفقد الجلل، وما يستتبعه من حزن، لم يمنع السيد الصادق من السعي للتقارب مع المؤتمر الوطني، فإنه بالتأكيد، لن يمنعني من نقده، على هذه الخطوة التي اعتبرها من ضمن أخطائه.
    مع كل ذلك، فإني أود أن أؤكد للأستاذ الدومة، ولكل أعضاء حزب الأمة، بمن فيهم السيد الصادق نفسه، أن شخصية السيد الصادق المهدي، هي محل حبي وتقديري، ولكن ما تنطوي عليه تلك الشخصية، من زيف، وجهل، وتضليل للبسطاء باسم الدين، والاستعلاء عليهم بسبب الطائفية، وتقديم المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن، هو محل نقدي، وسبب اصراري عليه.. وإني لأرجو الله، أن يبرئ نقدي من حظوظ نفسي، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147515555&bk=1
                  

04-16-2008, 02:53 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب على راشد ابو على القاسم
    أين أخلاق الإسلام وأين فهمه؟! (1)
    د. عمر القراي
    (وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين٭ فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون). صدق الله العظيم
    كنت قد كتبت مقالاً، وقع في أربع حلقات، تعقيباً على بروفيسور جعفر شيخ إدريس، حول موضوع الشريعة وحقوق الإنسان.. فردّ السيد راشد أبو القاسم، بمقال من تسع حلقات، رغم أنه لم يقرأ كل مقالي!! فقد قال «ولكن للأسف لم أقع إلا على حلقتين فقط 3 و4 ولكن في تصوري أنهما تكفيان لكشف هذا التوجه» (الصحافة 10/2/2008م). ولم يكلّف السيد راشد نفسه، تحرياً للحق، واتباعاً لأسس البحث العلمي، أي عناء، ليجد نصف المقال الذي يريد التعقيب عليه، ولم يرجع له في ارشيف الصحافة.. وما ذاك إلا لأنه لا يهتم في الحقيقة بما ذكرت، وإنما يظن أن مهمته، أن يكشف ما افترض بناء على فهم مغلوط -مأخوذ من كتابات خصوم الفكرة الجمهورية-أنه باطل يسهل القضاء عليه.. ومن عجب أنه يظن أنه بمعارضة ما لم يطلع عليه، وورطه الغرض في تشويهه، ينتصر للإسلام، ويحرق من اعتقد أنهم أعداؤه كالهشيم، ويرجو أن يلقى الله يوم القيامة، وهو يحمل ما سوّد في هذه الصفحات، فيقول «واني غال على مقالتي وكل يأتي يوم القيامة بما غل» (الصحافة 29/2/2008م). أما أنا فإني أرجو الله، أن يعينني على أن أضع يد راشد على باطله، ويعينه هو على تقبل ذلك، قبل أن يلقى الله وهو يحمل وزره، فيكون كمن قال الله تعالى في حقهم (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون).
    وقبل متابعة ما ورد في ذلك المقال الطويل، أود أن ألفت نظر القارئ، إلى مسائل عميقة الدلالة على مستوى نقد السيد راشد، ليتابع تفاصيلها في متن المقال:
    1- رغم أن الكاتب قد عرّف نفسه، بأنه باحث، ومحاضر، بالمركز الإسلامي للدعوة والدراسات المقارنة، فقد أورد نصوصاً غير صحيحة، نسبها للفكرة الجمهورية، ولم يذكر مصادرها، وحين ذكر مصدراً، لم يكن مصدر النص الذي ادعى أنه ورد فيه!!
    2- جملة ما سطره الكاتب، عن التعليق على ما جاء في مقالي، أو ما جاء في الفكرة الجمهورية، يمكن أن يجمع في حلقة واحدة فقط. ولم يكن راشد يحتاج لكل هذا الحديث، المطوّل، عن الوثنيين، والبنيويين، والمسيحيين، واحصائيات الفساد الأخلاقي في دول الغرب، الذي استغرقه لتسع حلقات، لأنها ليست موضوعه، ولأنه لم يستطع الربط بينها وبين الفكرة الجمهورية التي حاول نقدها.
    3- جنح الكاتب إلى الإساءة، والسخرية، والاستهزاء فسماني (الملا القراي)، و سمى الأستاذ محمود (العضيني)، ووصف كتابتي بأنها (وقاحة)، وأنها (تهريج)، و(استحمار) لخلق الله، وبأنني لا أحفظ من الدين إلا (طلع البدر علينا)!! ،أنا لن أبادله الإساءة بمثلها، وما ينبغي لي، وما استطيع، وذلك لأن كل إناء بما فيه ينضح.
    4- يروِّج الكاتب في جملة مقاله إشاعة مفادها أنني أعارض الإسلام، وأخالف النبي صلى الله عليه وسلم، ويصوّر حديثي عن قصور بعض صور الشريعة عن جوهر الإسلام، وكأنه طعن في الإسلام، وتقليل من عظمة الشريعة.. ولذلك أخذ يذكرني بعظمة الإسلام، ومكانة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان السيد راشد باحثاً حقيقياً، أو رجلاً صادقاً، لاطلع على الفكرة الجمهورية في مظانها، ولعلم أنها دعوة لبعث الإسلام، وبعث سنة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإن دعت لتطوير الشريعة، سواء اختلف أو اتفق مع تفاصيلها.
    التنطّع الأجوف:
    بدأ السيد راشد مقاله بنقد (البنيويين العرب)، الذين كانوا (اسرى الجاشتلت)، وكيف أن لديهم (انفصاما ذات السائد الحولي)، وأنهم اصبحوا مسكونين (بالهلنستية الجديدة)، التي أعيد تدجينها لصالح مشروع (الباكت أميركانا)، الذي (يشبه عصاب عارض استوكهولم).. ثم ذكر (الحضارة الهيلينية)، وهوميروس، و(الإلياذة) و( الاوديسا)، و(شاوول الطرطوسي)، و(طقس الافخريستيا)، واحتجاج بعض الوثنيين في (كونتوس وغلاطيا). كما ذكر (برسوم المحرقي)، و(طاقم الأكرليوس البابوي)، ثم وصف المدارس العلمانية، بقوله «فأنتجت لنا علمانيات بنكهات مختلفة (علمانية بالشيوعية) (علمانية بالليبرالية) (علمانية بالفاشية) (علمانية بالبطيخ) وفي الآخر (علمانية سليقة ساكت)»!! (الصحافة 10/2/2008م).
    فهل من أسس البحث العلمي، التي يفترض أن يكون السيد راشد قد تدرّب عليها، أن تقتصر مسؤوليته ككاتب، على مجرّد القاء هذه الأسماء، ثم يترك لي ولك من القراء، مهمة معرفة معانيها وعلاقتها بموضوعه؟! أم ان راشد يريد فقط ان يثبت للقراء، انه مثقف، لأنه يعرف كل هذه الاسماء، التي حشدها في مقدمة مقاله!!
    ثم هل شرح لنا راشد فهمه للعلمانية، حتى يصفها بأنها (بطيخ) و(سليقة ساكت)؟! وهل هذه العبارات سخرية من فكرة العلمانية، أم أنها مجرد هزل، أورده الكاتب لنضحك ونحن نقرأ هذا المقال البائس؟! إن رجلاً يهزل في مقام الجد، ويسخر من الأفكار التي ينقدها، ليس حرياً بأن يدافع عن الإسلام، ولا هو مشرف لأي مركز أبحاث حقيقي، خاصة إذا وصف ذلك المركز المنكوب نفسه بأنه (إسلامي).. ثم ما علاقة كل هذا التكلف، والتنطع، والتعالم، الفارغ، بالفكرة الجمهورية، أو بتعقيبي على البروفيسور جعفر شيخ إدريس؟!
    يقول السيد راشد عن علاقة ما ذكره بالفكرة الجمهورية (إلا أن عمر القراي الذي يحاول أن يحيد انتاجها بايقاظ محمود محمد طه الرجل الذي نبش رفات أبيقور (اللذي) وصاح بالحلاج في الهاوية ونادى اسبينوزا في رقدة المخالفة) (الصحافة 10/2/2008م). فهل فهم القارئ من هذه العبارة، ما هي علاقة الأستاذ محمود بأبيقور أو الحلاج أو اسبينوزا؟! بل هل عرف ما هي الآراء التي يرفضها راشد في أفكار هؤلاء الرجال؟! وإذا افترضنا جدلاً، أن الأستاذ محمود تأثر بأيٍّ منهم ، فهل يصح التعبير، عن تأثر المفكرين ببعضهم، بعبارة قميئة، مثل قوله «نبش رفات»؟!
    ثم انظر إلى التنطع، والتكلف، والتحذلق، في عنوان المقال (الجمهوريون الجدد والحلف الرجيم بسم الله ثم يحترق الهشيم) ولم يذكر الكاتب في مقاله، من هم الجمهوريون الجدد، ومن هم الجمهوريون القدامى.. ولقد تعرّض المقال لما نسبه للأستاذ محمود، فهل فعل ذلك لأن الأستاذ محمود كان من الجمهوريين الجدد؟! ولعل الكاتب قد انشغل بشكل العنوان، عن علاقة العنوان بالمحتوى، فأورد كلمة (الهشيم) لتقابل كلمة (الرجيم) حتى يصبح العنوان مسجوعاً، تقليداً لكتب السلف مثل ( الإصابة في معرفة الصحابة) أو (درة العيون ومفرح القلب المحزون) أو (الدرر السنية في هدى خير البرية) دون أن يحوي مقاله نذراً يسيراً، من أدب السلف في الحوار والمناظرة.
    كتب السيد راشد (حالة عمر القراي.. حين سطَّر رداً على بروفيسور جعفر شيخ إدريس) (الصحافة 10/2/2008م) فهو يثبت لبروفيسير جعفر اللقب العلمي وينزعه عني!! وهذا يدل على عدم الحياد، بسبب الغيظ والحنق، الذي لو مارسه شخص عادي، لأعتبر منقصة في حقه، فكيف بداعية إسلامي؟!
    لا يكذب المؤمن:
    يقول السيد راشد «وهذا عين ما أعاد انتاجه الباشمهندس محمود محمد طه وإليك بعض النظائر فمثلاً يقول أهورمزدا في الافذتا لذرادشت ان أصولنا تنبني على قول الحق فعل الحق التفكير الحق ويقول محمود الفرد البشري الحر الذي يفكر كما يريد ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول وفي اقتباس آخر يقول ابن عربي إن تكن بالله قائماً لم تكن بل أنت هو أنت ظل الغيب في اسمائه والشمس هو..) (الصحافة 11/2/2008م). هل تدرون لماذا أورد الكاتب مصدر عبارة أهورمزدا، ولم يورد مصدر العبارة التي نسبها للأستاذ محمود؟! السبب لأنه لن يجدها بهذه الصورة، المبتورة، في أيٍّ من كتب الأستاذ محمود.. وحتى في القدر الذي أورده راشد، فأين النظائر في قول أحدهم إن أصولنا تنبني على قول الحق، وفعل الحق، والتفكير الحق، وقول آخر إن الفرد الحر هو الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول؟! وحتى لو فرضنا جدلاً، أن الأستاذ محمود أخذ من فكرة أهورمزدا، كما اوردها زرادشت، فما العيب في ذلك، ما دام الرجل يدعو للتمسّك بقول الحق وفعل الحق؟! ألم يقل السيد راشد نفسه «إن المشترك الإنساني ليس حكراً لأحد كما ينشأ بالتراكم والكل قد أسهم فيه فلا مجال للامتنان.. ولنا في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة حينما استفاد من تجربة الفرس بحفر الخندق)؟! (الصحافة 14/2/2008م). ولم يذكر لنا راشد أين قال الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي، هذا البيت الذي كتبه راشد خطأ ثم نسبه للشيخ دون تردد؟! وهو بطبيعة الحال، لن يجده في كتب ابن عربي، لأن البيت من شعر الشيخ عبد الغني النابلسي، وموجود في ديوانه، وهو من قصيدة مشهورة، ينشدها عندنا في السودان، السادة الختمية، والسمانية، والبرهانية في حلقات أنشادهم الديني.. وإن استنكرها الوهابية لجهلهم بحقائق الدين.
    يقول راشد «الإنسان الكامل الذي سيحاسب الناس يوم القيامة باعتبار أن القيامة زمان ومكان والله متنزه عن الزمان والمكان على حد زعم محمود» (الصحافة 11/2/2008م). والسؤال الذي يواجه هذا (الباحث) الذي لا يورد المصادر هو: أين زعم الأستاذ محمود هذا الزعم؟ في أي كتاب أو في أي محاضرة؟!
    يقول السيد راشد «يقول محمود ويومئذ لا يكون العبد سيداً إنما هو مخيّر قد أطاع الله حتى أطاعه الله معارضة لفعله، فيكون حيّاً حباه الله وقادراً قدرة الله ومريداً إرادة الله ويكون الله» (الصحافة 11/2/2008م). ولم يورد راشد مصدراً لهذا النص الملئ بالأغلاط، وربما نقله من أحد المعارضين سماعاً، أو قرأه في كتبهم، وهو لما كان سيء الظن بالفكرة، لم يرجع ليتحقق من النص، ليدرك أنه مبتور بسوء نيّة، تستهدف التحريض والتشويش على الفكرة.. ومهما يكن من أمر، فإن ما فعله راشد بإيراد هذا النص، بهذه الصورة، مفارقة صارخة لروح الصدق، وللأمانة العلمية.. ومن حقنا أن نتساءل عن هذا المركز، الذي قال راشد انه يعمل به، أين هو؟ وهل يتبع للحكومة أم أنه منظمة طوعية؟ وكيف أعطى تصديقاً للعمل في مجال البحوث، وموظفيه بهذا المستوى المتدني من التأهيل؟! وهل البحوث المقارنة، التي قام بها المركز، عن الأديان الأخرى، أو المذاهب الدينية المختلفة، تناولها باحثون مثل راشد؟!
    أما النص المقصود فقد جرى هكذا (وحين تطلع النفس على سر القدر، وتستيقن ان الله خير محض، تسكن اليه، وترضى به، وتستسلم وتنقاد، فتتحرر عندئذ من الخوف، وتحقق السلام مع نفسها، ومع الأحياء والأشياء، وتنقي خاطرها من الشر، وتعصم لسانها من الهجر، وتقبض يدها عن الفتك. ثم هي لا تلبث أن تحرز وحدة ذاتها، فتصير خيراً محضاً، تنشر حلاوة الشمائل في غير تكلف، كما يتضوع الشذا من الزهرة المعطار. ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيراً، وإنما هو مخير. ذلك أن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله، حتى أطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حيّاً حياة الله، وعالماً علم الله، ومريداً إرادة الله، وقادراً قدرة الله، ويكون الله. وليس لله تعالى صورة فيكونها، ولا نهاية فيبلغها، وإنما يصبح حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين، وذلك بتجديد حياة شعوره وحياة فكره، في كل لحظة، تخلقاً بقوله تعالى عن نفسه «كل يوم هو في شأن». وإلى ذلك تهدف العبادة، وقد أوجزها المعصوم في وصيته حين قال «تخلقوا بأخلاق الله، إن ربي على سراط مستقيم». وقد قال تعالى «كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون» )محمود محمد طه: الرسالة الثانية من الإسلام.. الطبعة الثالثة، 1969م. الخرطوم. ص 107-108).
    والمعنى المقصود من هذه العبارة، هو الدعوة للتطوّر نحو كمالات الرب التي لا تستنفد.. فقد ورد في الأثر، أن العباس بن عبد المطلب، عم النبي (صلى الله عليه وسلم)، قال له: ما أطوع ربك لك يا محمد!! فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): لو أطعته لأطاعك يا عماه. وفي الحديث القدسي المشهور (ما تقرب إليَّ عبدي بأحب الى مما افترضته عليه، ولا يزال العبد يتقرّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، وقدمه التي يسعى بها...). والإنسان مؤهل للكمالات الإلهية لأن به روح الله، قال تعالى (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين).. وفي الحديث (إن الله خلق آدم على صورته)!! وليس لله تعالى صورة حسيّة، وإنما صورته هي أنه تبارك وتعالى حيَّ، وعالم، ومريد، وقادر، وسميع، وبصير، ومتكلم، وقد خلق الإنسان كذلك. بيد أن صفاته تبارك وتعالى كاملة، وصفات الإنسان ناقصة.. ومهمة العبادة هي تطوير الإنسان من نقص صفاته، نحو الكمال الإلهي.. غايته من ذلك، أن يكون كاملاً كمال الله، وهيهات!! وإنما مبلغ ما يحققه من ذلك، أن يكون متطوّراً بلا توقف، مجدداً لحياته، وفكره، وفق العلم الذي يتعلّمه من الله في كل لحظة. ومعلوم أن مثل هذا الفهم يشق على أمثال السيد راشد، ممن تأثروا بالوهابية، وظنوا أن الإسلام هو مجرد التهجم على معارف السادة الصوفية، وإنكار كراماتهم، ولراشد بطبيعة الحال، كل الحق في أن يعارض هذا الفهم، ولكن بعد أن يورده بدقة كما كتبه صاحبه.
    ومن كذب راشد وغروره، قوله مشيراً إليَّ (فهل يعقل للأميين ديناً لمن لا يحفظ من القرآن ما يحفظه أطفال المسلمين في رياض الأطفال ومن لا يحفظ حديثاً واحداً باسناده.. ولا يحفظ في الدين إلا «طلع البدر علينا») (الصحافة 24/2/2008). فهل يعرفني السيد راشد ويعلم حقاً وصدقاً، بأنني لا أحفظ من الدين إلا «طلع البدر علينا»؟! ثم هل «طلع البدر علينا» من الدين؟! أليس هذا هو الكذب الصراح المتعمّد؟! جاء في الحديث، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل: هل يسرق المؤمن؟ قال: قد يسرق!! قيل: هل يزني المؤمن؟ قال: قد يزني!! قيل: هل يكذب المؤمن؟ قال: لا يكذب المؤمن.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147515786&bk=1
    _________________
                  

04-16-2008, 04:57 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب على راشد أبو القاسم
    أين أخلاق الإسلام وأين فهمه؟! (2) الزوجية هي ثنائية الوجود:
    ومما يدل على أن راشد لا يحفل إطلاقاً بقيمة الصدق، قوله «ولأدلل على هذا إقرأ معي في الرسالة الثانية للإسلام تعريف العبادة وعلاقتها بالجنس يقول (فهذا الوضع بين الذات الإلهية والإنسان الكامل انفعال العبودية بالربوبية هو الذي جاء منه بين الرجال والنساء انفعال الأنوثة بالذكورة وهو ما يسمى عندنا بالعلاقة الجنسية) هل لهذا التعريف صلة بمفهوم العبادة أو الجنس؟» (الصحافة 29/2/2008م). أولاً: اسم الكتاب هو (الرسالة الثانية من الإسلام)، وليس الرسالة الثانية للإسلام. وثانياً: هذا النص لم يرد في كتاب الرسالة الثانية من الإسلام!! وهو ليس تعريفاً للعبادة، وعلاقتها بالجنس، كما ذكر راشد، وإنما هو تعريف بمستويات الخلق، في التنزل، من الثنائية في قمتها، بين الذات الإلهية والإنسان الكامل، إلى الثنائية في القاعدة بين الرجل وزوجته، وتنزل ثمرة العلاقة، من اللذة الروحانية، إلى اللذة الحسية التي يحققها الزواج.. والنص مسبوق بفقرات قبله، توضّحه، لم يوردها راشد، لأنه قصد الإثارة، ولم يقصد تحري الحق.. فالنص يجري هكذا: (وإلى خلق الأزواج كلها أشار، تبارك وتعالى، بقوله «سبحان الذي خلق الأزواج كلها، مما تنبت الأرض، ومن أنفسهم، ومما لا يعلمون».. «ومما لا يعلمون» هذه، تحوي الإشارة إلى زوج الذات الحادثة «ومن أنفسهم» هذه، تحوي العبارة عن أزواجنا -المرأة- و«مما تنبت الأرض» هذه، تحوي الإشارة إلى كل شيء.. وحين يكون إنجاب الذرية هو نتيجة العلاقة «الجنسية» بيننا وبين نسائنا: «وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء»، تكون ثمرة العلاقة بين الذات القديمة وزوجها -الإنسان الكامل- المعارف اللدنية.. فإن انفعال العبودية للربوبية يرفع الحجب التي أنستنا النفس التي هي أصلنا- نفس الله، تبارك، وتعالى: «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة».. وحين يتم اللقاء بين هذين الزوجين -الذات الإلهية والإنسان الكامل- ينبث العلم اللدني، في يفيض يغمر العبد العالم من جميع أقطاره.. ومن هذا العلم اللدني، رجال، ونساء «وتلك الأمثال نضربها للناس، وما يعقلها إلا العالمون».. فهذا الوضع بين الذات الإلهية، والإنسان الكامل -انفعال العبودية بالربوبية- هو الذي جاء الوضع منه بين الرجال والنساء، انفعال الأنوثة بالذكورة وهو ما يسمى عندنا بالعلاقة «الجنسية».. وهي علاقة عظيمة الشرف لأنها، حين تقع بشريعتها بين الأطهار الرفعاء، العارفين بالله، تكون ثمرتها، المباشرة تعميق الحياة، واخصابها، ووصلها بالله، بغير حجاب.. وهذه هي ذروة اللذة.. وتكون ثمرتها، شبه المباشرة، المعارف اللدنية، التي تفاض والتي تغمر الذكر، والأنثى، اللذين تقع بينهما هذه المشاركة النظيفة الرفيعة.. ثم تكون ثمرتها، غير المباشرة، الذرية الصالحة من بنين وبنات «وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء»).. (محمود محمد طه: تطوير شريعة الأحوال الشخصية. الطبعة الثالثة، 1979م. الخرطوم ص 60-61). وراشد ليس عنده ما يعترض به على هذا الفهم، ولكنه ظن أنه يمكن فقط، أن يشوّش على العامة، وينفرهم من الفكرة، لو نقل لهم ما سمعه، من أن الأستاذ محمود يتحدّث عن مستوى زوجية بين الذات الإلهية والإنسان الكامل، ويربط بينه وبين العلاقة بين الرجل وزوجته.. والمعنى المقصود، هو أن الله تبارك وتعالى، كان موجوداً وحده، قبل أن يخلق الخلق، فكان الوجود في حالة (فردية).. ثم خلق أول الخلق، في أكمل صورة، وهو الإنسان الكامل، قال تعالى في ذلك، «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم». وفي حديث جابر بن عبد الله المشهور قال: بابي أنت وأمي يا رسول الله!! ما أول ما خلق الله؟ قال: نور نبيّك يا جابر.. وبظهور الإنسان، في ذلك المستوى الرفيع، أصبح الوجود في حالة (ثنائية)، وهي المراد بالزوجية، إذ أصبح هناك الرب والعبد. والعلاقة بينهما هي إن الرب يعلم العبد، فينفعل العبد بهذا العلم، ويترجمه إلى حياة.. على أن لحظة الانفعال بالعلم الإلهي، تحقق للعارف لذة عارمة، يحسها لإكتشافه الحقيقة من داخل نفسه.. وتلك هي قمة اللذة الحقيقية الدائمة، وذروة الحياة، التي يشعر بها العارف، حين يغمره العلم الإلهي من جميع أقطاره.. من هذه الزوجية الرفيعة، تنزّلت زوجية أخرى، ومن لذتها المعنوية كأصل، تنزلت اللذة الحسيّة الزائلة كفرع، وتلك هي التي تنتج حسياً، عن انفعال الأنوثة بالذكورة.
    إن النقص في هذه اللذة الفرعية، سببه الخوف، وبالانتصار عليه بتحقيق التوحيد، يمكن أن تتعمّق اللذة الناقصة، لو تمت بشريعتها، بين الأطهار السالكين إلى الله، حتى توصل الزوجين بالله، فيشعران حينئذ باللذة الكبرى.. وحين كانت ثمرة الزوجية العليا «العلم اللدني» في القمة، كانت ثمرة الزوجية الدنيا، تعميق الشعور بالحياة ووصلها بالله، ثم المعارف الإلهية التي يحققها الزوجان، حسب مستواهما، ثم الذرية الصالحة، من بنين وبنات. هذا هو الزواج في الحقيقة، وهو أرفع من الزواج في الشريعة، ولتنزل زواج الشريعة منه، أعطي منزلة الشرف، وأحيط بكل القدسية والاحترام. ونحن غالباً، ما نقرأ في مراسيم العقد في زواج الشريعة، قوله تعالى «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيباً» أو ربما نقرأ (ومن آيته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، دون أن نتعمّّق ما يربط بين هذه المعاني.
    الشريعة والحقيقة:
    إن الإسلام، كما جاء في القرآن الكريم، معنى واسع، لا يقتصر على الشريعة، بل إنه يشمل الشريعة والحقيقة.. والشريعة هي طرف الإسلام، الذي تأثر بمجتمع القرن السابع الميلادي، فقنن له بما يناسب طاقته وحاجته. أما الحقيقة، فهي جوهر الدين الباقي، والذي تنزلت عنه الشريعة.. والحقيقة أرفع من الشريعة، ولما كان القرآن المكي في جملته معبّراً عن الحقيقة، بأكثر من القرآن المدني، قلت إن القرآن المكي أرفع من القرآن المدني، فكيف رد راشد، على هذا الفهم؟ قال (ظننت في البداية أنه يقصد بتباين المستويات أي مستويات المخاطبين حتى فاجأنا بقوله إن المكي «أرفع» ومفهوم المخالفة يقتضي أن هناك «رفيعا» وأن هناك -والعياذ بالله- «وضيعا».. فهذا أيضاً يقتضي أن هناك مستويات في الصحة والجودة والكفاءة، فهل يعقل أن يحكم هذا على الله ويتم معايرته وتقييمه وتمريره على لجنة «ضبط الجودة» و«قانون المصنفات» لتحديد الحسن من غير الحسن والمناسب من « المشاتر») (الصحافة 24/2/2008م)، يعترف راشد هنا، أنه فوجئ بهذا الفهم، ولكنه سبق أن قال «حاولت أن اكتشف جديداً يقدمه لنا الكاتب فلم أجد إلا أنه أعادني لأيام الحركة الطلابية وبيئة التعانف الفكري في فترة المراهقة السياسية، نفس المحفوظات وذات الخطاب الديماجوجي الحامض ليس ثمة جديد» (الصحافة 10/2/2008م). والحق أن راشد لم يحضر هذه النقاشات إيام الحركة الطلابية، لأنه لو حضرها لما فوجئ بقولنا إن القرآن المكي أرفع من المدني، لأن هذه العبارة قد رددت مئات المرات، وتم النقاش حولها لعدة سنوات، حتى لم يعد يرفضها أحد من الطلاب مهما كان رأيه في الفكرة.. ومع ذلك، سأشرحها من جديد، فقد يقبلها راشد الآن بعد أن تجاوز مراهقته السياسية.
    القرآن كله حسن، ولكن بعضه أحسن من بعض.. ولهذا جاء في الحديث (سيد آي القرآن آية الكرسي) ، وجاء (أن لكل شيء قلب وقلب القرآن يس...) وقال تعالى «واتبعوا أحسن ما انزل إليكم من ربكم».. ومعلوم بداهة، أن آية الصلاة (وأقم الصلاة لذكري)، أرفع من آية الدين (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين فاكتبوه..). وليس في القرآن «وضيع»، ولكن هذه عبارة جاء بها راشد، وهو سيحملها يوم القيامة، مع ما قال إنه سيحمله، إن لم يعجّل بالتوبة.. ونحن عندما نتحدّث عن فهمنا لمستويات القرآن، لا نحكم على الله، وإنما نتعلّم منه، لنطيع أمره باتباع الأحسن، وترك الحسن.. أما عبارات راشد عن «ضبط الجودة» و«قانون المصنّفات» و«المشاتر» فإنها من سوء الأدب مع القرآن، وهذه هي الحالقة التي لا تبقي ديناً ولا تذر..
    كنت في تعقيبي، على بروفيسور جعفر شيخ إدريس، قد ذكرت أن الشريعة، قد كانت حكيمة في وقتها، ومع ذلك، فإنها إذا طبقت اليوم، لن توفر الحرية والمساواة، لكل المواطنين ولهذا لا يمكن أن يستمد منها دستور.. فعلّق السيد راشد بقوله: (إن الشريعة أذابت روح القبيلة والفوارق الاثنية يوم قال الله «إن أكرمكم عند الله اتقاكم» وعندما أعلن رسول الله «لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى».. إن الجاهلية التي طعنها سيدي رسول الله في الصميم حين قال لابي ذر «إنك امرؤ فيك جاهلية» يوم عير ابو ذر بلال بان قال سيا ابن السوداء»).. (الصحافة 11/2/2008م). إن الآية والحديث اللذين أوردهما راشد، يمثلان الحقيقة ولا يمثلان الشريعة. ففي الحقيقة، الناس متساوون، ولهذا تقوم المساواة يوم القيامة عندما تنصب موازين الحساب، قال تعالى في ذلك (ولا تزر وازرة وزر أخرى).. ولكن في الشريعة، التي لامست أرض الناس، وتأثّرت بواقعهم، ليس هناك مساواة بين الناس.. ولهذا جاء قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) جاء في تفسير هذه الآية، أن رأي جمهور الفقهاء هو (لا يقتل الحر بالعبد لأن العبد سلعة، لو قتل خطأ لم تجب فيه ديّة، وإنما تجب فيه قيمته ولأنه لا يقاد بطرفه.. وذهب الجمهور إلى أن المسلم لا يقتل بالكافر لما ثبت في البخاري عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يقتل مسلم بكافر»، ولا يصح حديث ولا تأويل، يخالف هذا) (تفسير ابن كثير. الجزء الأول ص 199، طبعة دار الحديث القاهرة). ومعلوم في الشريعة، أن الأمة تعاقب بنصف عقاب الحرّة. وفي الحديث (الخلافة في قريش) وهذا يدل على فضل العرب على غيرهم. وحين زجر النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر حين عيّر بلالاً بلونه، إنما كان يشده إلى الحقيقة، إذ لو كانت الشريعة تعتبر عبارة أبي ذر جريمة، لحددت لها عقوبة، ولما تردد النبي صلى الله عليه وسلم في تطبيقها عليه.
    وحتى يفهم السيد راشد الفرق بين الشريعة والحقيقة، نضرب له مثالاً آخر، فإن الشريعة لا تحاسب الإنسان إلا على ما يقول أو يفعل، وقد ورد في الحديث، في مستوى الشريعة (إن الله غفر لأمتي ما حدثت به نفوسها ما لم يقولوا أو يفعلوا).. ولكن في الحقيقة، فإن الله يحاسب الإنسان، حتى على ما يضمر في نفسه، قال تعالى «وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير»!!
    ولقد أورد راشد نفسه، حديثاً يوضح هذا الأمر، ولكنه لم يتأمله، وذلك حين قال «بل حتى البهائم كفل الإسلام واعتنى بحقوقها فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم «يا معشر المؤمنين لا تجعلوا في ظهور دوابكم منابر تتبادلون فيها حديثكم فرب مركوب خير من راكب». )الصحافة 14/2/2008م). أما من حيث الشريعة، فإن الأصحاب رضوان الله عليهم، الذين خاطبهم النبي الكريم بهذا الحديث، أفضل من دوابهم التي يركبونها، بل إن الدواب قد خلقت لهم قال تعالى (والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون * وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم * والخيل والبغال والحمير لتركبوها ويخلق ما لا تعلمون)، ولكن في الحقيقة، التي عبّر عنها حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإن بعض هذه الدواب خير من راكبيها!! وإلى هذه الحقيقة الغريبة، أشار تبارك وتعالى بقوله (ويخلق ما لا تعلمون)..
    ولما كانت الشريعة متأثرة بالمجتمع، منزلة لتحل مشاكله، والمجتمعات متغيرة، فإنها لم تكن صورة واحدة، وإنما اختلفت باختلاف المجتمعات، ولهذا تمت الدعوة لتطويرها.. ولقد ذكرت في تعقيبي على بروفيسور جعفر، أن اختلاف الشرائع، سببه اختلاف مستويات الأمم. ونقلت مثلاً ضربه الأستاذ محمود، باختلاف شريعة الزواج، بين آدم ومحمد عليهما السلام. فحين كان زواج الأخ من أخته شريعة إسلامية، على عهد آدم، أصبح الحلال في تلك الشريعة، حراماً في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم. فظن راشد أن هذا هو المثل الوحيد، لاختلاف الشريعة فقال (ثم على طريقة الحاوي الذي يخرج من قبعته أرنبا ليوهمنا أن القبعة بداخلها مزرعة أرانب.. فيقول «ويكفي» وكأن عنده حشد من الأدلة على الاختلافات الجوهرية وأتحداه أن يأتي بأدلة أخرى تخرج من المحتوى التشريعي للإسلام وأنا أقول لا يوجد.. وذلك ببساطة لاستثنائية وتفرد حالة آدم عليه السلام وأمنا حواء) (الصحافة 27/2/2008م). ولو كان راشد عالماً، لقال أنا لا أعرف حالة أخرى، لاختلاف الشريعة غير حالة آدم، ولما اتخذ من جهله فضيلة، وصرّح بأن ما لا يعرفه هو، لا يوجد!!
    عندما كان اليهود في أول عهدهم طيبين، كانت أشياء كثيرة حلالاً لهم، ولكن حينما ظلموا وقست قلوبهم، فإن الطيبات التي كانت حلالاً، أصبحت في حقهم حراماً، في نفس الدين.. قال تعالى في ذلك (فبظلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً). أما اختلاف الشرائع بين الأديان، فإن من أمثلته، أن اليهودية قد قامت على القصاص في المعاملة، بينما قامت المسيحية على العفو.. فقد قال السيد المسيح، عليه السلام (سمعت إنه قيل عين بعين، وسن بسن، أما أنا فأقول لا تقاوموا الشر. من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر، ومن سخّرك ميل فاذهب معه ميلين، ومن أخذ قميصك فأعطه رداءك)!! ولقد فرض الله على اليهود، إن أرادوا التوبة أن يقتلوا انفسهم، لتقبل توبتهم!! فقال جل من قائل (وإذ قال موسى لقومه يا قومي إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم).. أما أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد نهاهم الله عن قتل أنفسهم فقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم، ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً).. إن كل هذه الأمثلة، إنما تدل على اختلاف الشرائع بين الأمم، لاختلاف ظروف الأمم، وما كنت لأحتاج لإيرادها، لولا مغالطة راشد، وحسن ظنه بنفسه.. وذلك لأن هذا الاختلاف، قد ورد بالنص، في قوله تعالى (لكل منكم جعلنا شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة)..
    ويبدو أن راشد قبل مسألة زواج ابن آدم من أخته على مضض، فراح يحكي لنا، كيف أن حواء كانت تلد توائم، ويتزوّج كل منهما توأمة أخيه، فقال (ولا يجوز للتوائم في نفس البطن أن يتزوجا «وقع ليك؟» رجاء «بلاش خم» كفى تسطيحاً وهذيانا.. سادتي القراء هذا ليس قياساً هذا شغب...) (الصحافة 27/2/2008م). فهل نفت هذه الرواية، التي أتى بها من الأثر، دون أن يسندها بالقرآن، أو الحديث، إن آدم زوّج الولد من أخته؟! وأن هذا العمل كان شريعة إسلامية مرضية من الله، بسبب ظروف البشرية في ذلك الوقت، وانه حين زالت تلك الظروف، تغيّرت الشريعة وأصبحت الأخت محرمة على أخيها، في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم؟! وهل كان راشد يحتاج إلى عبارة «وقع ليك؟» و«التسطيح» و«الهذيان» و«بلاش خم».. لو كان يستطيع أن ينهض بحجة؟! أم أنها جميعاً، عبارات مهاترة استعاض بها عن قصور الفهم، وحاول جاهداً أن يواري بها عجزه؟!

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147516032&bk=1
    _____
                  

04-16-2008, 04:57 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    --------------------------------------------------------------------------------

    أين أخلاق الإسلام وأين فهمـه؟! (3-3) مرحلية الجهاد الأصغر:
    د. عمر القراي

    يقول السيد راشد «أما المتعلّق الثاني وهو الجهاد فهي متعلقة بطبيعة المهمة وسر الوجود في الأرض قال تعالى «وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون»- صدق الله العظيم أي عبادة الله وعبادته بما شرع، على هذا الأساس يتحدد المسلمون في أنحاء الأرض لنشر الخير والهدى للعالم، فيحدث أن تشكّل السلطة الزمنية ممثلة في ملوك وأباطرة الكفر جدران صد لهذا النور الفياض أولاً ثم إنها تشكل خطراً عسكرياً على دولة الإسلام في موسم الصراع الحضاري ثانياً».. (الصحافة 20/2/2008م). وهذا رأي قديم، قال به سيد قطب ومحمد قطب رحمهما الله، ونشره الأخوان المسلمون في كل مكان.. وخلاصته أن حروب الإسلام كانت دفاعية، ولم تكن بغرض نشر الإسلام بالقوة، وإنما كانت بسبب محاربة الطواغيت من الأكاسرة والأباطرة، الذين يمنعون شعوبهم من اعتناق اللإسلام. ولم يورد راشد، ولا من سبقه، دليلاً واحداً من القرآن أو الحديث على هذا الزعم. جاء في تفسير قوله تعالى «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم» («فإذا انسلخ الأشهر الحرم» أي إذا انقضت الأشهر الأربعة التي حرمنا عليكم فيها قتالهم وأجلناهم فيها فحيثما وجدتموهم فاقتلوهم.. قوله «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم» أي من الأرض وهذا عام والمشهور تخصيصه بتحريم القتال في الحرم.. قوله «وخذوهم» أي وأسروهم إن شئتم قتلاً وأن شئتم أسراً قوله «واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد» أي لا تكتفوا بمجرّد وجدانكم لهم. بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع وتضطروهم إلى القتل أو الإسلام ولهذا قال «فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم» ولهذا اعتمد الصديق رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة على هذه الآية الكريمة وأمثالها حيث حرمت قتالهم بشرط هذه الأفعال وهي الدخول في الإسلام والقيام بأداء واجباته... وقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة» الحديث.. وهذه الآية الكريمة هي آية السيف التي قال فيها الضحاك بن مزاحم إنها نسخت كل عهد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أحد من المشركين وكل عقد وكل مدة وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية لم يبق لأحد المشركين عهد ولا ذمة منذ نزلت براءة وانسلاخ الاشهر الحرم...). (تفسير ابن كثير الجزء الثاني 317 -318 طبعة دار الحديث القاهرة).. فالجهاد إذاً سببه الشرك، وليس منع الملوك شعوبها اعتناق الإسلام، وهو قتال الناس وليس قتال الطواغيت، وشرط إيقاف القتل الدخول في الإسلام والقيام بواجباته.. ولما فرضت الشريعة الإسلام بحد السيف، أبقت الناس داخل حظيرة الإسلام بالسيف أيضاً، ولذلك قامت الردّة، وجاء في الحديث (من بدل دينه فاقتلوه).. فلو كان الناس في الشريعة يدخلون في الإسلام باختيارهم، لسمح لهم أن يخرجوا منه باختيارهم. يقول راشد عني (وهو هنا لا يستطيع التمييز بين الكافر «المحارب» والكافر «المعاهد» وخلط بين الظرف الخاص لجزيرة العرب والتي استدل بالآية على قتال وإجلاء الكفار حتى يسلموا وظرف بقية أقطار العالم أجمع) (الصحافة 14/2/2008م). والحق أن راشد هو الذي لا يستطيع أن يميز، لأن العهود مع الكفار قد نسخت بسورة ببراءة، فقد جاء (وقال علي بن ابي طلحة عن ابن عباس في قوله «براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين? فسيحوا في الأرض أربعة أشهر» الآية قال حد الله للذين عاهدوا رسوله أربعة أشهر يسيحون في الأرض حيث شاءوا وأجل أجل من ليس له عهد انسلاخ الأشهر الحرم من يوم النحر الى سلخ المحرم فذلك خمسون ليلة فأمر الله نبيه إذا انسلخ المحرم ان يضع السيف في من لم يكن بينه وبينه عهد يقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام وأمر بمن كان له عهد إذا إنسلخ أربعة أشهر من يوم النحر إلى عشر خلون من ربيع الآخر ان يضع فيهم السيف أيضاً حتى يدخلوا في الإسلام) (تفسير ابن كثير- الجزء الثاني ص317. طبعة دار الحديث. القاهرة). ثم إن راشد يزعم بأنني خلطت بين الظرف الخاص بجزيرة العرب، وظرف بقية العالم، دون أن يخبرنا عن اختلاف الظرفين وكيف خلطت أنا بينهما.. ولقد ذكرت أن التشريع يتقييد بظروف المجتمع، فرفض راشد ذلك، فلماذا جاء يحدثنا عن ظرف خاص بجزيرة العرب، في أمر تشريع الجهاد؟! وإذا كان الجهاد قد قام كظرف خاص بجزيرة العرب، فلماذا تدعو الجماعات الإسلامية له في كل مكان؟! وحين أعلنت حكومة الإنقاذ في بداية عهدها، الجهاد على جنوب السودان وجبال النوبة، لماذا لم يعترض راشد بحجة إن هذه ليست جزيرة العرب؟! وحين يعجز راشد عن الدفاع عن الحروب التي جرت باسم الجهاد، يطيب له أن يقول بأن الغرب، والشيوعيين، وأميركا يفعلون فظائع أكبر، فقد كتب (وفي نفس فترة «استالين» و«بيريا» الرهيب تجمد أكثر من (6) ملايين قوقازي في ثلاجات سيبريا... لن أحدثك عن مأساة السمبريرو على يد الأسبان ولا بكائية الرق في نظام «الابرتيد» بجنوب أفريقيا ومحرقة الهنود الحمر في براري أميركا وغيرها وغيرها من فعل كل هذا؟) (الصحافة 20/2/2008م). إن الذين ارتكبوا هذه الجرائم، ليسوا مسلمين، وليسوا إنسانيين، فما وجه الحجة في إيراد ما فعلوا؟! هل يريد راشد ان يقول اننا يجب الا ندعو للمستوى الإنساني الرفيع من ديننا، وان نتمسك بصور الشريعة على ما بها من قتال، لأن كل الآخرين يفعلون فظائع أكبر؟! ولم يحدثنا راشد وهو يبرر الجهاد، كيف سيبرر نتائجه مثل الرق، وما ملكت أيمانهم.. ولقد ورد في الحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال وهو راجع من إحدى الغزوات (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر- جهاد النفس)!! فالجهاد الأكبر، هو الذي يحتمل صاحبه الأذى، دون أن يدفع عن نفسه، وهو يدعو الآخرين بالتي هي أحسن، ويرجع إلى نفسه، كي يقومها، متى ما رفض الآخرون دعوته.. ولقد ظل النبي عليه السلام، على هذا المستوى الرفيع، طوال فترة الدعوة في مكة، وعلى نهجه نزل معظم القرآن. ولكن هذا المستوى، قد تم نسخه حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، وأحكم الجهاد الأصغر، فاستبدل مستوى حرية الاعتقاد بمستوى الوصاية التي فرضت الإسلام وأحكمت السيف فوق الرقاب. قضية المرأة التحدي الأكبر: لقد ذكرت أن الشريعة الإسلامية، رغم حكمتها في وقتها، لا توفر للمرأة الحاضرة المساواة، فالمرأة مثلاً على النصف من الرجل في الشهادة، فرد راشد بقوله «أما بالنسبة لموضوع الشهادة فهذا شأن وظيفي بيولوجي سيكولوجي فالمسألة ليست متعلّقة بالتحمل بقدر ما هي متعلقة بالإدراك ابتداء وتغليب العاطفة على العقل فلو أن إنساناً سقط في مكان عال فماذا يتوقّع من إمرأة تشاهد المنظر الحين ستصرخ وتغطي وجهها ولن تدرك إذا ما دفع هذا الشخص أو سقط خطأ... على كلٍّ فالإسلام دين مساواة ولكنه بالدرجة الأولى دين حقوق...) (الصحافة 22/2/2008م). ما هي المساواة التي يبشر بها راشد النساء، حين يقرر أن المرأة ناقصة الإدراك إبتداء، وأنها تغلب عاطفتها على عقلها، لدرجة أنها تغطي وجهها، فلا ترى الأحداث التي يجب أن تشهد عليها!! فإذا كان هذا هو ظنه بجنس النساء، ألا يجوز أن تكون حالة المرأة التي حدثنا بأنها اعترضت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بقوله: (في الماضي أوقفت المرأة قراراً سيادياً في رأس الدولة عمر بن الخطاب حتى قال عمر «أصابت إمرأة وأخطأ عمر»). (الصحافة 22/2/2008م) حالة شاذة لا يصح الحكم بها؟! فلقد أراد عمر رضي الله عنه، أن يحدد المهور، وهو شأن يخص النساء، وليس قراراً سيادياً كما ذكر هذا (الباحث) الذي لا يميّز بين الأحوال الشخصية، والقرارات السيادية.. ولقد اعترضت المرأة معتمدة على قوله تعالى: «وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً»؟! ولم يقل عمر: جزاك الله يا أختي فقد بينت لي حكم الله!! وإنما قال «أخطأ عمر وأصابت إمرأة!!» ولو كان هذا الوضع هو السائد في مجتمع الشريعة، لما استغربه عمر رضي الله عنه.. أم يظن راشد، أن الإستاذ الجامعي اليوم، إذا سأل سؤالاً فأخطأ شاب، وأصابت فتاة سيصيح «أخطأ فلان وأصابت إمرأة»!! ولم يجد راشد ما يدفع به في قضية المرأة، غير المرأة التي اعترضت على عمر رضي الله عنه، وامرأة أخرى قال عنها (ففي الماضي قامت كل الدنيا من أجل إمرأة قالت «وامعتصماه») (الصحافة 11/2/2008م). فهل هذه وتلك، هي الحقوق التي يزعم راشد أن الشريعة وفرتها للمرأة؟! ثم هل يصدق راشد ان المعتصم قاد الجيوش، وتحمل الخسائر في الأرواح، والعتاد، والأموال، ليغزو «عمورية» ويفتحها، فقط لأن امرأة صاحت «وامعتصماه»؟! ألا ترون أن راشد يحاورنا بعقلية طلاب المدارس الإبتدائية، الذين تحكى لهم هذه الحكايات، فيصدقونها، ويفرحون بها؟! وهل المعتصم نفسه، كان في حكمه ملتزما بالشريعة، حتى يثور لنصرة المظلوم؟! أم إنه ورث الحكم وورثه مفارقاً لنظام الخلافة الإسلامية؟! وأنه قام بالفتوحات توسيعاً للسلطان، وجلباً للغنائم، حين انحط الدين في النفوس، واستغل لجمع الدنيا، بعد تحوّلت الخلافة إلى ملك عضوض؟! يختم راشد موضوعه عن المرأة بقوله «على كل الإسلام دين مساواة ولكنه بالدرجة الأولى دين حقوق فإذا لم يساو بين النساء والرجال فهل سلب المرأة حقوقها؟ ثم ما هي العلاقة بين الرجال والنساء هل هي علاقة مغايرة وتضاد أم أنها علاقة توازن وتكامل كما الليل والنهار الماء والنار، الضياء والظلمة، السكون والحركة، الموجب والسالب، هل تستطيع ان تفاضل بين أي من هذه الثنائيات آنفة الذكر؟) (الصحافة 22/2/2008م) إذا نهضت المرأة بكافة الواجبات التي ينهض بها الرجل، ثم لم تتم المساواة بينهما، فإن هذا يعني سلبا لحقوق المرأة.. والعلاقة بين الرجال والنساء، علاقة تكامل وتعاون تقوم بين الأكفاء. ولا عبرة بقول راشد إن الثنائيات التي اوردها، لا تفاضل بينها، لأن التفاضل قائم بطبيعة الحال، ولكنه متفاوت حسب الحاجة في الزمان والمكان.. فإذا كنت في صحراء ولم تشرب لأيام، فإن الماء أفضل لك من النار، وإذا كنت في القطب الشمالي، فإن النار أفضل لك من الماء وهكذا.. فهل من العقل أن يقول راشد لا تفاضل بين الضياء والظلمة؟! فأنى يصرف راشد عن قوله تعالى «قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور»؟! وما ظنه بقول الشاعر: وما انتفاع أخي الدنيا بناظره ? إذا استوت عنده الأنوار والظلم النسخ والإجتهاد: يقول راشد (ثم يفاجئنا «الملا عمر القراي» بفهم جديد نقلاً عن صاحبه «العضيني» ان النسخ معناه الإرجاء وليس الإلغاء وكالعادة ليس ثم مرتكزات مهنية في مهنية التحقيق والتوثيق العلمي او أدنى مستوى لمرجعية ما لغوية كانت أم فقهية ولا حتى عقلية فمن أي شيطان استمد هذه الاحكام على كلام الله...) (الصحافة 24/2/2008م)، ثم هو بعد ان اساء الى رأيي كل هذه الإساءة، قال (واستمع لكلام أهل العلم -هداك الله- النسخ لغة معناه الإزالة وليس الإرجاء ومنه يقال نسخت الشمس الظل.. والنسخ إصطلاحاً رفع الحكم الشرعي بخطاب آخر) (الصحافة 27/2/2008م) فما الذي يجعل رأيي من الشيطان، ويجعل رأيه هذا، كلام أهل العلم؟! ثم أليس من أدنى متطلبات التوثيق العلمي، ان يدلنا على مرجع عبارته، التي ادعى أنها من كلام أهل العلم؟! وحتى لو قبلنا ان عبارته نقلها من بعض المفسرين أو الفقهاء، فهل يكفي ذلك لاعتبارها العلم الذي لا علم بعده، واعتبار ما سواها من الشيطان؟! وأنا لم اتحدث عن المعنى اللغوي للنسخ، وانما تحدثت عن المعنى الاصطلاحي، والذي قال راشد إنه يعني رفع الحكم الشرعي بخطاب آخر.. والسؤال هو: هل هذا الرفع سرمدي أم انه مرحلي؟! فإن قلت إن رفع الحكم سرمدي، بمعنى أن ما نسخ لن يحكم إلى يوم القيامة، فما الحكمة من انزاله إذاً؟! وإن قلت إن رفع الحكم مرحلي، بمعنى أن ما نسخ سيحكم في المستقبل، فهذا يعني أن النسخ إرجاء.. وهذا ما قلت به، وعليه يعتمد تطوير التشريع. ولقد ذكر راشد أنني فاجأته بمفهوم الإرجاء، وهذا يدل على أنه لا يعرف أقوال علماء السلف، الذين اعتبرهم نهاية العلم، ثم هو لا يفهم المفاهيم الحديثة التي أشرت إليها في مقالي، فلماذا يتصدى للنقد؟! فقد جاء (قال علي بن ابي طلحة عن ابن عباس «ما ننسخ من آية أو ننسها» يقول ما نبدل من آية أو نتركها لا نبدلها. وقال مجاهد: عن أصحاب ابن مسعود أو ننسأها نثبت خطها ونبدل حكمها. وقال عبد بن عمير ومجاهد وعطاء ننسأها نؤخرها ونرجئها.. قال ابو العالية «ما ننسخ من آية أو ننسأها» نؤخرها عندنا.. عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال خطبنا عمر رضي الله عنه فقال يقول عز وجل «ما ننسخ من آية أو ننسأها أي نؤخرها» «تفسير ابن كثير -الجزء الأول ص143 طبعة دار الحديث القاهرة». هل كان راشد يعرف أن من علماء السلف من فسّر النسخ بالرجاء والتأخير؟ لقد ذكرت أن الاجتهاد، يجب أن يكون فيما فيه نص، وذلك بمعرفة الحكمة وراء النص، ولكن راشد رفض هذا الفهم، وأعاد علينا رأي الفقهاء بأنه لا يجوز الاجتهاد في ما ورد فيه نص. وكنت قد ذكرت أن الأشياء التي لم ترد فيها النصوص، لا أهمية لها عند الله ورسوله إذ لو كانت مهمة لوردت فيها النصوص.. ولكن راشد يرى (أن الإجتهاد يكون في التحسينات وليس في الواجبات والضرورات) (الصحافة 28/2/2008م). ثم يذكر راشد أطفال الأنابيب، واستنساخ الأعضاء، والصلاة في مركبة الفضاء، والتأمين.. إلخ، ثم يقول «فهل ما سبق له أهمية عندك أم لا؟ فإن قلت بأهميته فأين تجد صريح ذلك في القرآن؟ فإن لم تجد ظهر الفساد في رأيك وإن قلت ليس له أهمية عندي انكرت التقدّم وبذلك كنت عائقاً للحضارة والتقدم» «المصدر السابق». أنني لا أواجه الإشكال الذي ورّط فيه راشد نفسه، فأنا أرى أن هذه الأمور ليست من الضرورات، التي لها أهمية من حيث التشريع الديني، ولهذا لم يرد فيها نص صريح.. ونحن يمكن أن نتعامل معها، كأمور دنيوية، نختلف اأو نتفق حولها، دون اقحام الدين.. ولكن السؤال الذي يواجه راشد هو: هل يقبل الاجتهاد في هذه النماذج التي أوردها؟! فإن أجاب بنعم، فهذا يعني أنه يعتبرها من التحسينات، وليس من الضرورات، وذلك لأنه قال «إن الاجتهاد يكون في التحسينات وليس في الواجبات والضرورات» (المصدر السابق). وبذلك يكون قد اتفق معي، ويكون مثلي عائقاً للحضارة!! أما لو أجاب بأنه لا يقبل الإجتهاد فيها، وهي أشياء لم يرد فيها نص، فإنه يكون قد رفض الاجتهاد فيما فيه نص، وفيما ليس فيه نص، فلم يبق له إلا النقل من السلف رغم دعاوى الاجتهاد!! خاتمة: لقد كان من الممكن، أن استمر في التعقيب على السيد راشد ابو القاسم أكثر، حتى لا أترك جملة من كتابته دون تعليق.. ولكن لم يكن همي تفنيد كل ما قاله، بقدر وضع يده على حقيقة أنه يتصدى لنقد فكرة، لم يطلع عليها إلا من خصومها، دون صدق، ودون منهجية علمية.. وهو لا يعلم أنني بدأت مثله، معجباً بفهم السلف، حافظاً لآرائهم، ثم بعد دراسة متأنية انتقلت لمستوى متقدّم في فهم الإسلام، فما يقدّمه راشد لي معلوم عندي، وما أقدمه له، جديد عليه، ومفاجئ له.. وكل ما أرجوه من راشد، أن يقدم ما يقع في قلبه من الحق، على حظ نفسه في الغلبة. ويقرأ الفكرة بتمعن، من مصادرها بعقل محايد، ويسأل الله صادقاً، أن يريه الحق من الباطل، فإنه إن يفعل ذلك، يحمد عقباه، إن شاء الله.

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=45908
    ____
                  

04-16-2008, 04:58 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    عبد الإله زمراوي في ضيافة منتدى إشراقة احتفاءً بالإبداع السوداني، استضاف منتدى إشراقة


    دفع الله سليمان
    الشاعر عبد الإله زمراوي قارئاً ومتحدثاً عن تجربته الشعرية. وقدّم للندوة وأدارها الأستاذ محمد الصديق عمر الإمام. وبعد تحيته للحضور وشكره للمنتدى، بدأ الأستاذ زمراوي حديثه بفذلكة تاريخية عن حياته في مراحل التعليم المختلفة وعلاقته باللغة العربية وعلاقته بالشعر. والتحق بجامعة الخرطوم وفصل منها لأسباب سياسية. وهاجر إلى المغرب حيث درس القانون، وعمل بالقضاء حتى أحيل للصالح عام في 1989م، وهاجر إلى الولايات المتحدة حيث يقيم حتى الآن. أما عن علاقته بالشعر فقد أصدر ديوانه الأول «سيوف الجفون» عام 1987م، وطبعت منه خمسون نسخة وتم توزيعها على الأصدقاء، أما الديوان الثاني «صهوة العمر الشقي» فقد صدر عن دار عزة في عام 2007م، وكتبت معظم قصائده في أميركا والبعض الآخر كتب بالمغرب والخرطوم. وفي المهجر كانت الكتابة العزاء الوحيد. وذكر أن القصائد الوطنية كتبت بإخلاص كبير، وحزن بلغ درجة البكاء. ويحاول استلهام التاريخ والصوفية مرتكزه الاخير، ولم ينتم لاي حزب سياسي، وقصائده عن عبد الخالق محجوب ومحمود محمد طه عبارة عن قصائد وطنية، لانهما شخصيات وطنية. وقرأ زمراوي مجموعة من القصائد ابتدرها بقصيدة «بكائية في حضرة الوطن» لم احتمل زهو الحروف على قرابين الرياء الاناشيد التي تأتي على نار المساء وعصافيري التي اخرقها القلب فنامت عند احزان الضياء وأردفها بقصيدة «أغنيات الليل»: وكانت قصاصاتي تزين جيدها والحرف مد الكف في ألق النهار والأغنيات نسجتها بالعطر أحكمت الشراع مراكبي عجلى مزاميري تحاول خطوها المنشور في جزر المحار وهذه القصائد لم تضمن في ديوانه «صهوة العمر الشقي».. اما ديوان صهوة العمر الشقي، فقرأ مجموعة من القصائد: ملحمة الوطن لا تحزن مثلي يا مولاي لا تحزن من صحراء التيه وجدر السلطان اضرب بعصاك اللحظة جوف البحر خذنا مقتدرا كالبرق الخاطف نحو الشطآن خبئنا بين النهر وبين الورد وغابات الريحان حين أتاك الليل بناحية الصخور زحف النيل وسار الجمع وسرنا نحوك تسبقنا الخطوات الى آخر القصيدة ذات البعد الوطني.. كما قرأ قصيدة خبئني ما بين دفاترك الثورية ونقود اليوم سداة الليل بضحكة أقدار الخيل وظلمة انجمنا الوردية فالخيل مسومة عندي نتجشأ سفر التكوين والنوق تسامر تتجمل في حضرة أشواك الصحراء النوبية كما قرأ مجموعة من القصائد «خذوا فكري» «قائد الجنود والفيالق الحزينة» والى نساء العالم اعلف خيلي» ثم قصيدة «وكان عرسها مصادفة» وفي مداخلته يرى الشاعر عبد المنعم الكتيابي، ان معظم نصوص ديوان «صهوة العمر الشقي» كتبت بالمغرب واميركا. وهنالك نص واحد كتب بالخرطوم. هل الوطن الممزق هو الثيمة العامة لكتاب المهجر. وفي رأيه أن التجربة الخارجية فضحت الداخل، والمواضيع غلبت عليها فكرة الهم الوطن الممزق، ولا يوجد نزاع مركز وهامش. فالفعل مهضوم الحقوق هنالك.. دعوة للم شتات الوطن. وبالديوان نصوص تغني لوطن مشتت.. اما في ما يتعلق باللغة فتغلب عليها الغنائية، وكذلك الموسيقى والتراكيب تطغى على النصوص مدرسة الغابة والصحراء، فهنالك حضور لمحمد المكي ابراهيم، عالم عباس، وصلاح احمد ابراهيم. وبعد ترحاب بالشاعر يقول د. علي عبد الله عبد الرازق، ان الشاعر عبد الاله مجروح بهم الوطن، وعاش أزمة الوطن من الخارج، وهي اكثر وضوحا من الداخل. والشاعر عبد الاله يعبر عن أزمة حقيقية يمر بها السودان، وعقد التسعينيات جسد ازمة السودان، واصبح فيها حال الوطن بين السودان واللا سودان.. ويجدد دكتور علي عبد الله إعجابه بالكتابة ذات البعد الثوري، بعد ترحابه بالشاعر والحضور. ويعتقد الروائي كامل التوم أن الأمسية ثورية، لأن الشعر الذي قرأ كان شعر ثورة. ونحن نقدم شهادات وليست دراسات نقدية. والقراءات هي شاعر مهموم بواقع الوطن. ويتساءل عن الحب في شعر عبد الاله، كما يتساءل عن شعر الغزل والاخوانيات، كما يعتقد كامل التوم أن قصيدة «كان عرسها مصادفة» من القصائد المتفردة بالديوان، وبها رمزية عالية، وهي قصيدة مميزة. إن أسماء القصائد تختار بعناية فائقة، وكانت معبرة، وتصميم الغلاف كان جميلا. ويضيف الأستاذ خالد محمد أحمد، أن مدرسة الغابة والصحراء ظاهرة في الافكار واللغة، وكان لشعرائها حضور كبير، كما أن الثورية لم تكن ضد نظام الإنقاذ، بل ضد كل الأنظمة الشمولية. ويعتقد الأستاذ خالد أن الديوان إضافة للمكتبة السودانية.

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=45796
                  

04-16-2008, 04:59 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    كرنفال الشعر في ندوة إشراقة احتفالاً بيوم الشعر العالمي


    دفع الله سليمان
    بعد ترحيبه بالحضور، ذكر د. هاشم ميرغني أن هذه القراءات الشعرية تصادف الاحتفال باليوم العالمي للشعر، ومرور ثلاثين عاما على تأسيس ندوة اشراقة. ورغم أن الاحتفال بالشعر يتم يوميا وباشكال مختلفة، الا انه جرى تقليد بأن يخصص يوم للتركيز اكثر حول هذا الموضوع. التركيز سوف يكون على القراءات الشعرية، لكن بالمقابل سوف تكون هنالك مساحة للتعليق والاضافة، او اضاءة التجربة الشعرية، او اية مداخلات تصب في نهر الشعر الخالد. وبعد استماعه لقصائد الشعراء عبد الله زمراوي وتيمور عبد الغفور، طرح د. هاشم ميرغني سؤالا مهماً، هو الى أي مدى يمكن أن تتداخل الوطنية مع الشعر، دون ان ينال ذلك من الشعر. وهنالك ذائقة في الخارج لديها مشكلة مع الشعر السياسي، اي ترى ان الشعر السياسي يمكن التعاطف معه بالحسابات الوطنية والسياسية والكره للظلم، ولكن هذا لا يصبح المعيار الوحيد للشعرية مهما كان الموقف الوطني. في رده على السؤال أعلاه، يعتقد الأستاذ عبد المنعم الكتيابي، أن هذا السؤال أرهق الشعر كثيرا، ويقع دائما عند النقاد في مشكلة البحث عن قضية للشعر. ونتج ذلك من الموروث القديم في تقسيم الشعر الى اغراض وابواب، فمثلاً الشعر الوطني في السودان ارتبط بحركات التحرر الوطني في ظرف تاريخي محدد. ولكن الشاعر له الحق في تبني قضايا او مواقف سياسية، ويعبر عنها بالشكل الذي يريد. وفي رأيي الشخصي هنالك نوعان من الشعر الذي يرتبط بالسياسة، فمنه ما يكون مرهونا بمرحلة تاريخية معينة ينقضي بانتهاء تلك المرحلة، وآخر يتناول هماً سياسيا ملازما لنا، مثل الشموليات والدكتاتوريات والخوف من وأد الفكرة وقمع المفكرين، كالقصيدة التي تفضل بقراءتها عبد الإله زمراوي. وعموما سؤال الشعر والسياسة شائك ومعقد. وهنالك فرق بين قصيدة سياسية وأخرى وطنية، فالقصيدة السياسية تحمل فكرا معينا او ضد نظام معين. ويواصل كامل التوم من الله، ولكنه يعتقد ان قصيدة زمراوي تتناول قضايا انسانية، وهي الظلم والاضطهاد والدكتاتورية.. فعبد الخالق ومحمود محمد طه هما رمزان من رموز التضحية التي حدثت في وقت سياسي معين في السودان، وعلى هذا الأساس يمكن تصنيفها ضمن القصائد الإنسانية، لأن الموضوع الذي تناولته موضوع انساني. وفي رأي الشاعر عبد الاله زمراوي، ان الوطن يأخذه اخذا، وعندما يمسك قلمه ليكتب لا يرى الا الوطن، وهذه اشكالية كما ادركها أخيراً، وخرج من هذا الوطن مطرودا وحزينا، ووجد نفسه في بيئة لم يألفها من قبل. وبقدر ما هي جميلة تقسو احيانا. والشاعر احد افراد المجتمع الانساني، يعبر عما يختلج في دواخله. والوطن بالنسبة له قضية، وبسببه بدأ الكتابة، وفي رأيه أن الوطن مقدم على كل شيء. إن الشاعر عالم عباس كتب شعراً يجمع بين الاصالة والحداثة، هكذا يرى الأستاذ صديق المجتبى، وهو الذي منح الشعر الحديث معناه واصالته وقوته في التعبير. ويعتقد الشاعر عبد القادر الكتيابي، أن هذه الحوارات تدور حول جدوى الشعر، وفي ذاكرته كثير من الجدل الذي ناقشه من قبل ت.س. اليوت في كتابه فائدة الشعر وفائدة النثر. وهذا السؤال ربما يجوز طرحه في مجتمعات اخرى غير هذه الامة التي جبلت على التذوق البياني، وفي الحديث «لن تدع العرب الشعر حتى تدع الإبل الحنين». وأن الذائقة الشعرية مغروسة في الوجدان الجمعي العربي، والشعر كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها كلام كسائر الكلام حسنه حسن ورديئه ردئ. وللشعر فضاءات واسعة. وفي حق استاذه عالم عباس ذكر الكتيابي أنه كان يترقب الملحق الثقافي لصحيفة «الأيام» ليتصيد قصائد الشاعر عالم عباس وفضيلي جماع، وكان يجد في تلك النصوص راحة ايما راحة. وعندما كان يلتقي به في الأمسيات العامة التي كان يشهدها، وجد فيه رجلا عامر الوجدان بلغة القرآن ومعرفة الدين. وكان ختام الأمسية حديث الشاعر الكبير عالم عباس الذي ذكر أن هذه أقوال مجتبى، وهي مثل عين الرضاء التي عن كل عيبٍ كليلة. ويسأل الله أن يجمله في عيون اصحابه، ويجعله خيرا مما يظنون، وأنه يعتز بكل هذه الشهادات المحبة، لأنها جاءت من بيت الكتيابي فلهم جزيل الشكر. وفي رأي الشاعر عالم عباس، انه لا يعرف أمة تحتفي بالشعر كما تحتفي به هذه الامة.. امة قامت على الكلمة، ودينها بدأ باقرأ، واللغة العربية بمستوياتها المختلفة من جزالتها الى عاميتها العبقرية الزاخرة تبين لنا لم نحتفِ بهذه الكلمة. والشعر لا يموت ولا يفنى. وكل الفنون خرجت من عباءة الشعر، ويبقى الشعر رافدا لكل الفنون، يتصالح ويتآلف معها، يزكيها ويؤطرها، وما فنى منه فإنه قطعا لا يستطيع البقاء، وليس فيه من جينات الخلود.. وسيبقى الشعر الى أن تندثر الكلمة ويندثر القول.

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=46024
    ___________
                  

04-16-2008, 05:00 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    --------------------------------------------------------------------------------

    بشفافية
    إذن ... ضربك كوكو

    قد تجدون للحكاوى التي سأقصها عليكم مناسبة تبررها وقد لا تجدون، وقد تجدون فيها فائدة وعبرة وقد لا تجدون، فالكاتب يكتب والقارئ على هواه على رأي أبونا الشيخ قريب الله الذي نُسب إليه أنه قال (يغني المغني وكلٌ على هواه) وذلك حين سئل عن سبب إنتشائه وتمايله طرباً مع أغنية (يا ليل أبقالي شاهد على نار شوقي وجنوني) التي نظم كلماتها شاعر الحقيبة المعروف صالح عبد السيد المشهور بـ (أبو صلاح) وأول من غناها كروان السودان كرومة، وكان رداً مفحماً من أبونا الشيخ أخرس من حاولوا النيل منه بسؤالهم الاستنكاري، فشهادة الليل للعابد الزاهد ليست كشهادته على الماجن العربيد.... يحكى عن أبونا فيليب عباس غبوش رحمه الله أنه كان من دهاة الساسة ومن أمهرهم براعة في الخروج سالماً من المطبات الحرجة والزنقات الخانقة التي يستطيع بكل حذاقة أن يخرج منها كما تخرج الشعرة من العجين ومن ذلك تلك (الزنقة) التي وقع فيها إبان العهد المايوي حين أتهم بتدبير وتنظيم إنقلاب (عنصري) على النظام، واستطاع أمن النظام وقتذاك بالحق أو بالباطل أن يعضد التهمة بحشد من الأدلة كان كافياً أن يذهب بالرجل إلى (الدروة) إلا أن دهاءه مكنّه من تلقفها جميعها كما تلقفت عصا سيدنا موسى حيّات فرعون فعاد الرجل إلى داره بدلاً عن (الدروة) أما كيف حدث ذلك فتلك قصة تطول حسبنا منها دلالتها على براعته في الحصول على البراءة من تهمة أقل عقوبة لها عدة سنوات من السجن، وقيل أن أبونا فيليب حاول (إهداء) تجربته هذه للشهيد محمود محمد طه إلا أن مبدئية محمود التي تناقض تماماً براغماتية فيليب ذهبت به إلى حبل المشنقة.... ومما يحكى عن أبونا فيليب أيضاً أنه كان سريع البديهة حاضر النكتة وبارع في إثارة المشاعر وحشد التأييد لقضيته بمختلف الوسائل والتكتيكات والتكنيكات ومن ذلك ما يروى عن انتقاده أمام حشد من مناصريه ما أسماه الغناء (العنصري) الذي قال أنه يمجد (عناصر) معينة تدل عليها أسماء معينة من شاكلة حمادة ولؤى وهلمجرا مستنكراً على هذه الأغاني تجاهل بني جلدته الذين تغلب بينهم أسماء توتو وكوكو وكوه وتيه وكافي، متسائلاً لماذا لا نسمع أغنية تقول مثلاً (كوكو بابو جنب بابنا، كوكو بوظ أعصابنا)، ولم يكتف أبونا فيليب بنقطة الاثارة التي بلغها حديثه هذا بل ذهب بالاثارة إلى أبعد من ذلك فأضاف حتى حامد بريمة يلعبونه في المؤخرة (حارس مرمى) ولا يلعبونه في المقدمة (رأس حربة).... وعلى ذات نسق (حكاوى) أبونا فيليب تقول (حكوة) أخرى أن يافعاً ينتمي للطبقة المخملية و(الناس النقاوة) دخل على (مامته) وهو يجهش بالبكاء فسارعت الوالدة الحنون لاحتضانه وهدّأت من روعه وناولته قطعة شيكولاتة مثلجة وبعد أن هدأ الطفل وسكت نشيجه سألته (الماما) عن ما أبكاه فقال كنا مجموعة من صبية الحي نلعب الكرة في الفسحة الفاضية بين ال?لل فضربني أحدهم، قالت الأم بلهفة ومن ضربك، قال لا أعرف على وجه التعيين فقد ضُربت إثر (دربكة) تشابكت فيها الأرجل والتحمت الأجسام، قالت ومع من كنت تلعب، قال سامر ووائل ورأفت وشهاب ولؤى وكوكو، ولم يكمل الصبي بقية الأسماء فعند بلوغه اسم كوكو صرخت أمه، هو كوكو، إذن ضربك كوكو.... وكوكو هذه الكلمة (الشاذة) التي انحشرت بين أبناء الحي الراقي كان هو إبن حارس الشركة التي استأجرت منزل الملياردير (فلان) الذي هاجر إلى استراليا.... إنتهت (الحكاوى) ولنعد إلى حيث بدأنا، فهل وجدتم فيها مناسبة أم لم تجدوا، وهل وجدتم فيها عبرة أم لم تجدوا، أم أن بعضكم وجد والآخر لم يجد... أنتم أحرار على رأي أبونا الشيخ قريب الله فيما تجدوا وما لا تجدوا، أما أنا على أية حال أجد فيها فرصة للترحم على روح أبونا فيليب أولاً ثم فرصة أخرى للفت النظر إلى بعض مداخل تحقيق السلام الاجتماعي من أجل وطن قوته تكمن في تعدده وتنوعه...
    .

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=46310
    ___
                  

04-16-2008, 05:01 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في عموده مسارب الضي : كتب الحاج وراق:
    عن تجديد الخطاب الديني
    أفرد «مسارب الضي» اليوم لتعقيب من البروفسير عبد الله عوض عبد الله،وأرجو ان تثير هذه المداخل حواراً ثراً مع المفكر حيدر ابراهيم علي: أخرج الدكتور حيدر ابراهيم علي مقالاً اسماه «في تجديد الفكر الديني» بجريدة «الصحافة» في شهر أغسطس من العام 2003م، ثم اعقبه بثلاث مقالات تحت عنوان جديد اسماه: «تجديد الخطاب الديني» بنفس الصحيفة في شهر سبتمبر من عام 2003م وهما عبارة عن ورقة قدمت لندوة الثقافة العربية التي انعقدت بالقاهرة خلال الفترة من اول يوليو الماضي وحتى الثالث منه، وقد امها لفيف من المفكرين والمثقفين في العالم العربي. تحت عنوان: «إلى ماذا تدعوا العالم؟ ندوة تجديد الفكر الديني» جاء تعقيبي على المقال الاول بتاريخ 29/8/2003م بجريدة الصحافة وكنت قد وعدت القراء بمواصلة الحوار ولكن عندما واصل الدكتور مقالاته بالصحيفة وفي نفس الموضوع تحت عنوان آخر اسماه «تجديد الخطاب الديني» اضطررت الى الانتظار حتى ينتهي من مقالاته الثلاث وهوكما اعرف رجل عالم كيس فطن، والمؤمن «كيس فطن» الدين ليس عدو العلم... الجهل هو عدوهما معاً. هذا زمن يتفقه فيه الناس لغير الدين، ويتعلمون العلم لغير العمل وتلتمس فيه الدنيا بعمل الآخرة .... المسلمون ليسوا في حاجة الى المؤتمرات، والتوصيات والمحاضرات لنصرة دينهم بعد الله، بقدر ما هم في امس الحاجة الى فهم جديد لدينهم، ومعيشة جادة به، ثم استلهام ذكي له، حتى يدخلوا التاريخ مرة اخرى، فيكتبوه، ويغيروا مجراه، كما فعلوا في البعث الاسلامي الاول حين لم يكن اكبر همهم الدنيا، وحين كثر عملهم وقل قولهم.. ليس هناك كبير وقت ينفق في مثل هذه المحاولات التي يحتشد فيها المفكرون والمثقفون موسمياً، في مثل هذه المؤتمرات ثم ينفضون، وقد ازدادوا غفلة عن قصور موقفهم الديني الذي ينبغي ان ينتبهوا اليه اولاً واخيراً والعالم من حولهم ينتظر وينظر، ان تجديد الخطاب الديني ليس هو سرد تاريخي فحسب لمجريات الاحداث وحدها وانما النظر الى ما سوف يأتي به المستقبل، ان الذي ينقص الخطاب الديني لهؤلاء المفكرين والمثقفين هو الفهم الواعي للاسلام، والذي يعوذهم هو التطبيق الصادق لنهج نبيه، كي ينضجوا كدعاة، وتتربى الشعوب على ايديهم، ثم يجئ بعد ذلك الحكم تابعاً ومتمماً فافهموا دينكم على حقيقته، وعيشوا نهج نبيه على بساطته يكتب لكم عز الدنيا وشرف الآخرة.
    باختصار شديد اذا كانت غايتنا هي تجديد الفكرالديني والخطاب الديني ، فإن لكل غاية وسيلة وبمعرفة الغايات تتحد الوسائل، لان الوسيلة طرف من الغاية ومن جنسها.. وبالقدر الذي به تتحد الغايات وفق هذه الغايات الصحيحة والوسائل الصحيحة المفضية اليها، والعمل وفق هذه الغايات والوسائل تكون حياتنا انسانية، تقوم على الفكر السليم، والسلوك الرشيد الموجه بهذا الفكر.. وهذا ينبغي ان نعرف الغاية من كل سلوك نسلكه في القول او في الفعل، او في ترك القول، او ترك الفعل، بحيث يكون سلوكنا كله، في جميع تفاصيل حياتنا سلوك هادف لا تسيرنا فيه الغرائز والاهواء، وانما تسيرنا فيه المعرفة بالغايات الصحاح والوسائل الصحاح، وبقدر تحقيقنا في هذا المجال تتحقق انسانيتنا وتكمل حياتنا، وبقدر تقصيرنا في هذا المجال يكون تقصيرنا في تحقيق انسانيتنا وفي تحقيق كمالاتنا. ان التغيير او التحديث في الخطاب الديني يجب ان يبدأ من النفس البشرية، يبدأ من داخل كل نفس منا فإن نحن غيرناها الى ما هو احسن امكن ان نغير الى الاحسن غيرنا.. والا فلا.. فان فاقد الشئ لايعطيه. ان كل عمل نعمله، في عصرنا هذا يجب ان يقوم على علم، وعلى تخطيط وفق العلم، وعلى تنفيذ وفق التخطيط، هذه هي الخطة العلمية التي باتباعها في اثناء اداء عملنا اليومي، نكون سائرين في طريق التوحيد الذي هو غرض عبادتنا، وغرض حياتنا. وبتجديد الفكر الديني يسمو الخلق ويصفو الفكر وهو طريقنا الوحيد الى خلق ارادة التغير، والى حسن توجيه ارادة التغير- التغير الى الحكم الصالح، وهو الحكم الذي يقوم في آن واحد، على ثلاث دعامات من مساواة اقتصادية، ومساواة سياسية ومساواة اجتماعية وذلك هو الحكم الذي يجعل انجاب الفرد الحر ممكناً والانسان الحر هو غاية الحياة ولايصدر منه الا الخير بالاحياء والاشياء فالغاية اذن امر مرتبط بالمعرفة وبالحياة في جميع مستوياتهما من ادناها الى اعلاها وبقدر معرفتنا بالغايات في حياتنا، وفي احداث الكون من حولنا، تطمئن نفوسنا وتقوم حياتنا على معرفة الحكمة «ومن يؤتى الحكمة فقد اوتى خيراً كثيرا» آية «269» البقرة. والعكس الصحيح كذلك!! فبقدر جهلنا بالغايات وضعف ايماننا بوجودها تضطرب حياتنا وتكتنفها عوامل الحيرة والقلق والاضطراب النفسي وهذا ما يطالعنا من حياة معظم ابناء عصرنا الذين توفر لهم الكثير جداً من اسباب الرفاهية المادية ولكنهم لما كانوا لايعرفون الغاية من وجودهم، ومن حياتهم وغاب عنهم الايمان بالغايات في هذا المجال، اصبحت حياتهم بلا هدف ، الذي يتناقض مع طبيعتهم الاساسية التي تبحث عن الهدف في كل شئ.. وبسبب من هذا التناقض اصبحت حياة الانسان المعاصر تعيسة وفارغة وعجزت كل صور الاشباع المادي ان تشبع حتى الحاجات المادية فيها، كل هذا بسبب الجهل ومن الجهل الذي يؤدي الى المعصية الجهل بالغايات... ولان الانسان فعلاً هو غاية الاكوان وخلاصتها فاني اتفق مع الدكتور الفاضل واختلف معه في كثير مما ذكره. وفي آخر مقال له عن تجديد الخطاب الديني قوله: «في الختام التجديد في الخطاب الديني والبعد عن العنف لابد ان تمهد له تحولات وثورات اجتماعية وسياسية وفي البداية لابد من تغيرات تحسن وضعية الحريات ودمقرطة المجتمعات الاسلامية والاهم من ذلك تحسين الاوضاع المعيشية من خلال تنمية مستقلة وشاملة تقلل من رهق وانهاك المواطن في سبيل لقمة العيش اذ لم يعد له وقت فراغ.. وهذا حق انساني للاستمتاع بالحياة خارج اللهاث اليومي من اجل تلبية الحاجات الاساسية بوجود مصدر دخل ثابت ومعقول «يسميه المواطنون الرزق لانعدام الضمان وتأمين استمراره »قد نخطئ كثيراً حين نتوقع ان يكون مثل هذا المواطن المسحوق والمهمش جزءاً من عملية تجديد فكري او ديني فالمطلوب تغير الواقع من خلال مواطن ايجابي ومشارك يتخلص من اللامبالاة واحتقار الذات وان يعمل ضمن مجتمع مدني نشط وقاعدي، وان ينضوي الى احزاب وحركات سياسية واجتماعية تجمع الجهود الفردية بقصد احداث التغير. هذا هو ميدان المعركة الثقافية وخط دفاعها الاول وضمانه عدم عزله المثقف الذي لم يعد له برج عاجي بل كهف بارد وموحش وهنا يكمن الحديث عن تأسيس ثقافة وطنية عقلانية وانسانية. هذا ما ذكره الدكتور حيدر ابراهيم علي وهو يعد خلاصة حديثه في تجديد الفكر الديني.. وتجديد الخطاب الديني. اما انا فأحب ان اضيف شيئاً الى ما ذكره الدكتور الا وهو، ان الانسان يتطور حقاً في المعارف العقلية ولكنه ايضاً يتطور في المعارف الروحية وهذا ما غفل عنه الدكتور الفاضل.. وان غد الانسان المعاصر هو الغد المأمول الذي ستملأ الارض فيه عدلاً كما ملئت جوراً.. ولايكون ذلك الا بفضل الله ثم بفضل تطور الانسان الروحي الى درجة لم يسبق لها مثيل في سوالف الحقب، وعلى من يريد التميز الدقيق ان يأخذ دينه ممن استقاموا ولا يأخذه ممن قالوا!! والتطور الروحي هو تطور في مستويات الاخلاق حيث يجعل الحياة الانسانية ممكنة ثم اذا تم التغيير كما ذكر الدكتور، ماذا يكون بعد التغيير؟ أليس هو ارساء دعامات الحكم الصالح من مساواة اقتصادية ومساواة سياسية ومساواة اجتماعية.. أليس هذا ما دعا له الدين كما نعرفه ونفهمه ولا يحتاج الى تأسيس ثقافة وطنية عقلانية وانسانية وانما يحتاج فعلاً الى تجديد الفكر الديني.. والخطاب الديني الذي هو موضع حديثك. ان الاسلام مبرر بما يكفي لو فهمنا نحن المسلمون دقائق حكمه، فابرزناها لكان ذلك الاقناع كل الاقناع.. والافحام كل الافحام ولكان تجديد الفكر الديني والخطاب الديني... ولكان العالم كما ينبغي ان يكون محبة وعدل وسلام.
    والى الله عاقبة الامور
                  

04-16-2008, 05:02 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    أفرد الأستاذ الحاج وراق بابه مسارب الضى فى جريدة الصحافة اليوم لبروفسير عبد الله عوض عبد الله الذى كتب: [لقد نشرت جريدة الصحافة مقالا للأستاذ الحاج وراق بتاريخ 2/8/2003 بعموده مسارب الضى المشهود له بالموضوعية وبالنهج العلمي، وبطرح تصور محدد لمعالجة القضايا الأساسية فى المجتمع السوداني والعالمي.. وتحت عنوان: "من أساء للإسلام" قفزت صورة متكاملة إلى ذهنى تعبر عن الماضى والحاضر والمستقبل.. "من أساء للإسلام؟": ما قامت فتنة فى تاريخ الشعوب الإسلامية الحافل بالفتن الدامية، إلا وكان دعاة الفتنة يلبسونها لبوس الدين ويتلون النصوص المقدسة من القرآن والسنة. كان ذلك منذ أن رفع فريق من الناس المصاحف على أسنة الرماح تحريا للمكر والخديعة، وجاء رجال مسخرون ليسبوا رجلا مثل الإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه من منابر المساجد وليصفوا آل البيت ويمثلوا بهم أبشع مثلة. وكل ذلك كان باسم الدين، وفى إطار الدولة الإسلامية!! حتى آل أمر الخلافة إلى ملك عضوض، يتوارثه الأبناء عن الآباء، أو سلطان دنيوي غاشم يغتصب بالسيف، ثم لا يلبث أن يذهب بالسيف كذلك.. وصار أمر الدين ينصل من حياة الرعاة والرعية، وأمر الدنيا يعظم فى صدورهم، حتى آل الأمر إلى ما نحن عليه، حيث تفرقت الأمة إلى طوائف وفرق وأحزاب، وتحققت فيها نذارة النبي الكريم فى قوله: (وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة..) ولا زالت الفتن الدامية تطل برأسها كل حين، ولا زال دعاة الفتن يتخذون الدين وسيلة للتضليل والمكر والخديعة قال تعالي: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض، قالوا: إنما نحن مصلحون..ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}.. صدق الله العظيم..
    إن بلادنا هذه تعيش هذه الأيام وضعا دقيقا وحساسا لا يحتمل المزايدة باسم الدين، تلك المزايدة التى يمارسها بعض الأفراد والجماعات ومن سار سيرهم.. وأن أى دعوة أو فكرة ناقصة، إنما هى فتنة. هى فتنة لأنها تريد أن تفرض نقصانها على الناس، ولأنها تستغل اسم الله.. وهى فتنة بهذا الإعتبار لأنها تستطيع أن تضلل الناس والشباب منهم بصورة خاصة، وتلك ظاهرة تسترعي الإنتباه فى السودان حاليا.. أن الجهل بالدين عند المتدين، إنما يورث مستويين من الخلل الفكري، المضر بالفرد والمجتمع أولهما: التعصب الدينى.. وهذا يجعل صاحبه منكفئا على نفسه، منغلقا على مبلغه من العلم مهما كان يسيرا.. فهو لا يسمح لغيره، ولا يجد فى نفسه الإستعداد، والسعة لإحتمال أن يكون الحق عند غيره، ولذلك يضيق صدره بمخالفيه فى الرأى، إذا ما أرادوا إبداء آرائهم.. ثانيا.. يصير صاحبه متطرفا دينيا، يصوغ نفسه وأتباعه صياغة توهمهم بأنهم أوصياء على الآخرين، يحملونهم بالعنف على ما يعتنقونه هم من مذهب، بل يسفكون دماء الأبرياء من المسلمين ومن غير المسلمين بدعوى الجهاد فى سبيل الله، غير مدركين لعمق رعاية الإسلام لحرمة النفس حتى لقد جاء فى الحديث الشريف: (لأن تنقض الكعبة حجرا حجرا، أهون عند الله من سفك دم إمرئ مؤمن بغير حق). لنحذر نحن السودانيين، ولنحذر نحن المسلمين من الفتنة السوداء التى تنطلق باسم الدين والإسلام.. ولكن بالرغم من هذا، فما للإنسانية غير الإسلام، لأنه يحل مشاكل الإنسان المعاصر التى عجزت الفلسفات والأديان عن حلها.. هو من أجل هذا الغرض النبيل، وليس من أجل أن يضيف إلى ما تعانيه البشرية اليوم من الإنقسامات والحروب، عداوات وإحتراب الطوائف الدينية التى خلفها الزمن.. الإسلام يعلم الناس السلام لا يمرسهم على الإرهاب والعنف.. هو علم نفس يروض النفوس ويهذبها، لا ليطلق العنان لنزاعات الحيوان فيها.. فإلى متى هذا العبث بعقول الناس وبدين الله؟ إن الشر كله إنما يجئ من جهل الناس بالدين والإسلام، وإن ما يجرى فى السودان حاليا باسم الدين، لا يدرأ خطره إلا بتسليط الضوء عليه.. ضوء الفكر الديني الواعي وذلك إنما يتم بفتح مجال الحوار، ووضع الأسس والضوابط التى يجري على هداها هذا الحوار حتى يكون منضبطا بقانون الأخلاق والدين فما من حقيقة تعنى الإنسان والعالم على تنوعها، إلا وألم بها من خلال هذا الحوار، ولما كنا نحن المسلمون بصورة خاصة معنيون بأن نبين أن العلوم الأخرى تقوم فى مناهجها على مصادر، وعلى أسس إيمانية أو بديهيات عقلية، ما ضرنا أن نقول ونوضح أن أسس المعرفة جميعها واحدة، وأن المنهج العلمي وان اختلف فى بعض وجوهه، عن المنهج الديني، إلا أنه ليس فيه شئ يجعله أكثر علمية من المنهج الديني، وأن الحقائق التى يتوصل إليها، هى نفس الحقائق التى توصل إليها من قبل المنهج الديني حيث حقائقه هى التى ينبغى أن تقوم عليها المعرفة الصحيحة. فما أساء للإسلام حديث الأستاذ وراق وما ضرنا نحن المسلمون إن لم ير البعض منا هذا الرأى ولله فى حكمه شؤون
                  

04-16-2008, 05:02 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    وقفات فى المقام المحمود
    ابراهيم موسى أحمد
    فى ذكرى شهيد الفكر
    الأستاذ محمود محمد طه
    من زمن الجوع الكافر والطوفان وبنوك السحت
    وخز الكلمات المعسولات من نظم الحكام خدام الذات
    من تاجروا بالأرض وبالعرض بحليب الطفل حنان
    الأم
    دعاء الشيخ – بتراث الأهل، المأثورات، المعتقدات
    وبالنكبات وبالأحياء وبالأموات
    يأتى الفساق المأجورون تجار الدين بنصوص عن
    قتل المرتد
    عن التفكير، عن التفكير، عن الكفار
    الجوع الكافر ينهش فى أحشاء الأرض
    الحرب الكافر يمزع فى أشلاء الوطن الممتد
    يا مولاى: الجوع، الحرب الكافر كيف يقام عليه
    الحد؟؟؟؟؟
    *****
    المفكر محمود محمد طه ذلك المهندس الذى كان من اوائل المهندسين وإن أراد الدنيا لأصبح من أثرى الأثرياء، ولكنه إختار الطريق الوعر طريق الفكر مبشرا بأفكاره الدينية والسياسية رغم اختلافى البائن معها ولكنى احترمها واحترم حياة الزهد التى اختارها وزاد تقديرى لتربية تلاميذه الراقية ونشره لثقافة المحاورة ونبذ العنف ومعاركه فى كافة المجالات مع علماء السلطان والفرق السياسية والمفكرين أمثال د. مصطفى محمود والشيخ الشعراوى.
    ودفاعه عن السادات ومصالحته لإسرائيل التى كانت رجسا من عمل الشيطان وأصبحت الآن يتهاوى عليها الزعماء كالفراشات على نار الهوى.
    وازداد احترامى له وهو يواجه التكفير ومحاكم التفتيش وهو يواجه حكم الإعدام ولا يستأنف ولا يسترحم ويلقى ربه فداءا لفكره بل عزة ورجولة أهل السودان.
    ولقد عجزت عن رثائه – فقد رثاه عالمنا المفخرة البروفيسر عبدالله الطيب – أسبل الله عليه ثياب العافية – وهو المفكر والمفسر لكتاب الله بقصيدة (مصاب وحزن)
    قد شجانى مصابه محمود
    مارق قيل وهو عندى شهيد
    وطنى مجاهد وأديب
    منشىء فى بيانه تجويد
    حتى أن الشيخ ابوزيد محمد حمزة، أحد قيادات أنصار السنة، قد صرح بأنه بكى عليه رغم خلافه مع افكاره.
    وكانت مقالة الأستاذ أحمد بهاء الدين فى مجلة المستقبل بعنوان "الحجاج فى الخرطوم" رسالة لبقية المفكرين بأن هناك رؤوس قد حان قطافها وكان اعدامه اشارة البدء لإعلان التجمع الوطنى الذى أطاح بنظام مايو ودولة الهوس الدينى، لذلك كانت كلماتى عبارة عن تحية تقول:
    تحية معظمة لشيخنا المسالما
    مقاطعا محاكم التفتيش والصبية الأيفاع
    والحكم والمحاكمة
    تحيتى تقول ان كنت كافرا أو كنت مسلما
    يكفيك يا محمود ان تموت باسما
    كموقف الرجال
    ولن تمحى من خلدى تلك الصورة البشعة لإستتابة الجمهوريين والكل يشهد ويشاهد من خلال شاشة التلفاز علامات الصلاة الأصلية على جباههم ورغم ذلك يطالبون بالإقرار بالكفر البواح!!! شىء يدعو للتقزز
    إنحناءة اكبار للصنديد الأستاذ عبداللطيف عمر وهو يحاور وسط ذلك الكم من الإرهاب الفكرى وعبارته البليغة التى رد فيها على مقرره عن رأيه فى الأستاذ محمود وأفكاره وكيف يكون وهو يحمل تلك الأفكار؟ فأجاب الأستاذ عبداللطيف يكون أى شىء.
    وحين زوال حكم فريد عصره – جعفر نميرى – لم يات ليدعى البطولة وتلك المقولة الممجوجة "هذا شرف لا أدعيه" وإن ادعاه لكان لائقا عليه كثوب عامر
    وانحناءة اجلال للأستاذ صلاح المصباح الذى كان دفاعه عن الأستاذ محمود جزء مهم للحكم عليه بالسجن والجلد والإزلال ... لكم التحية اخوتى الجمهوريين اين ما حللتم فقد أنذرنا مكتوبكم (الهوس الدينى يدير الفتنة ليصل الى السلطة) ولم نستبن نصحكم وها نحن نشهد بحسرة بذور التطرف والتكفير تطرح ثمرها المر فى مسجد الجرافة
    رحم الله شهداء الجرافة وشهداء الحرية والديمقراطية ولا أعاد الله تلك الأيام التى ليس لها ايقاع
    ودامت مودتى لكم
    الصحافة 18 يناير 2001
                  

04-16-2008, 05:03 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    صدي
    يوم أن اهتز الضمير الإنساني ...

    امال
    كُتب في: 2008-01-21

    [email protected]


    الجمعة الفائتة كانت الذكرى الثانية والعشرين لاغتيال المفكر الاسلامي الاستاذ محمود محمد طه ... لقد ذهب جسد محمود محمد طه ولكن بقيت سيرته وبقيت مساهماته الفكرية تسخر من محاولات التكفير العقيمة .. بقيت الذكرى لتشكل محطة دائمة للتأمل والتفكير في الاصرار على محاربة الظلاميين الذين تورق مضاجعهم نور الحقيقة وتوهج الحق.
    «وكان من الطبيعي في ظل ذلك المناخ ان يتحول الاسلام في تفكير هؤلاء الى مجرد وقود» للعراك السياسي.... وقود يحترق لكي يخوضوا معاركهم السياسية والاجتماعية ضد خصومهم .. لم يعد الاسلام هو منظومة القيم الروحية والاخلاقية التي تتخلل كيان الفرد والمجتمع .. بل صار مجرد يافطة سياسية لحشد الجماهير واستغلال البسطاء وابتزاز أنصاف المتعلمين وتحريك عواطف كثير من المعنيين وحين يتحول الدين هذا التحول الخطير يسهل ان يتولى القيادة الدينية بين الشباب خاصة اقلهم علما ووعيا واكثرهم في الوقت نفسه قدرة على الفعالية الحركية السياسية، وان العبرة لم تعد فهم الدين بل استخدامه.
    هذه كلمات كتبها دكتور نصر حامد أبوزيد في كتابه «التفكير في زمن التكفير» ضد الجهل والزيف والخرافة وهي جاءت في مقاله بعنوان الاسلام بين الفهم العلمي والاستخدام النفعي .. اوردها للتأمل والتفكر .. وطبعا دكتور نصر كفر بعد معركة مع دكتور عبد الصبور شاهين في مصر عام 1993م.
    في اليوم الثامن عشر من يناير عام 1985م اهتز الضمير الانساني .. والعقل السلمي في السودان بصورة خاصة وفي العالم باطلاقه .. اهتز ضمير الذين يدركون بشاعة ان يحاكم الفكر في اطار معطيات التقلبات السياسية.
    كان من المخجل والمؤسف ان يدمغ بالكفر من يحاول ممارسة الفكر وان يكون التكفير هو عقاب التفكير .. وهومخجل بل وجريمة في اى مجتمع وفي اية لحظة تاريخية.
    بالمقابل كانت هناك على الدوام عقول متوهجة وضمائر يقظة آثر اصحابها التضحية بحياتهم بحثاً في الفكر الحر لوجه الله وفي سبيل حياة افضل للانسان خليفة الله على الارض .
    عقد محكمة للاستاذ محمود محمد طه واعدامه كان جريمة ثورة مايو وفضيحتها السياسية البشعة بل وخطيئتها الكبرى في الربع الاخير من القرن العشرين ... فقد كان الامر ليس امر دفاع عن الاسلام بقدر ماهو اغتيال سياسي رتبت له بعض الجماعات السياسية الملتحقة بالاسلام والتي في اساسها كانت تخاف التعرية الفكرية .
    ولأن الفكر لا يموت وان طالت يد الغدر السياسي حياة اصحابه وسمعتهم وعقيدتهم ... فالفكر اعظم ما كرم الله به الانسان على مخلوقاته كافة.
    كان الاستاذ محمود محمد طه يمارس فضيلة التفكير والتأمل المسؤول في الشأن الانساني والشأن السوداني بسبر غور الدين الاسلامي الرسالة الخاتمة .. رسالة ان يعم الخير ويسود العدل.
    مازالت بعض الجماعات ترفع رايات الدين الاسلامي وتخرج على الناس بدعوى انهم وحدهم المسلمون الناجون من النار وبئس المصير .. انهم يسيئون للاسلام ولثورته المتقدة دوما من اجل العدل والمساواة والقائمة اساسا على العقل والفكر لا على الخنجر او السكين والفؤوس والبندقية.
    ستبقى ذكرى الاستاذ محمود محمد طه قيمة نضالية تجسد الصمود وتدين ممارسة التكفير في وجه التفكير.
    هذا مع تحياتي وشكري


    http://www.alsahafa.info/index.php?type=6&issue_id=1317&col_id=1
    _
                  

04-16-2008, 05:04 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    صدي
    اغتيال محمود محمد طه

    امال
    كُتب في: 2007-01-18

    [email protected]


    «وكان من الطبيعي في ظل ذلك المناخ ان يتحول الاسلام في تفكير هؤلاء الى مجرد وقود للعراك السياسي وقود يحترق لكي يخوضوا معاركهم السياسية والاجتماعية ضد خصومهم ... لم يعد الاسلام هو منظومة القيم الروحية والاخلاقية التي تتخلل كيان الفرد والمجتمع ... بل صار مجرد يافطة سياسية لحشد الجماهير واستغلال البسطاء وابتزاز انصاف المتعلمين وتحريك عواطف كثير من المعنيين وحين يتحول الدين هذا التحول الخطير يسهل ان يتولى القيادة الدينية بين الشباب خاصة اقلهم علما ووعيا واكثرهم في الوقت نفسه قدرة على الفعالية الحركية السياسية لان العبرة لم تعد فهم الدين بل استخدامه).
    هذه كلمات كتبها دكتور حامد ابوزيد في كتابه (التفكير في زمن التفكير) ضد الجهل والزيف والخرافة ، وهي جاءت في مقالة بعنوان «الاسلام بين الفهم العلمي والاستخدام النفعي» اوردها للتأمل والتفكر ، ودكتور نصر كفر بعد معركة مع دكتور عبد الصبور شاهين في مصر عام 1993م .
    في مثل هذا اليوم الثامن عشر من يناير عام 1985م اهتز الضمير الانساني والعقل السليم في السودان بصورة خاصة وفي العالم على اطلاقه .. اهتز ضمير الذين يدركون بشاعة ان يحاكم الفكر في اطار معطيات التقلبات السياسية .
    كان من المخجل والمؤسف ان يدمغ بالكفر من يحاول ممارسة الفكر وان يكون التكفير والموت هو عقاب التفكير وهو عار وجريمة في أى مجتمع وفي اية لحظة تاريخية.
    وبالمقابل هناك على الدوام عقول متوهجة وضمائر يقظة آثر اصحابها التضحية بحياتهم ثمنا للفكر الحر لوجه الله وفي سبيل حياة افضل للانسان خليفة الله على الارض.
    عقد محكمة الاستاذ محمود محمد طه والحكم باعدامه كان كارثة ثورة مايو وجريمتها السياسية البشعة بل وخطيئتها الكبري في الربع الاخير من القرن العشرين .. فقد كان الامر ليس امر دفاع عن الاسلام بقدر ماهو اغتيال سياسي رتبت له بعض الجماعات السياسية الملتحفة بالاسلام والتي في الاساس كانت تخاف التعرية الفكرية وكانت مستهدفة ايجابيات ثورة مايو وللأسف استطاعت ان تدفع برئيس الجمهورية ومع تحفظ ورفض الفعاليات السياسية والاجتماعية على رأسها الشباب والنساء والعمال .. استطاعت ان تدفعه الى ممارسة الاختلاف الفكري ان وجد في قاعات المحاكم بدلا من المنابر.
    ولان الفكر لا يموت وان طالت يد القدر السياسي حياة اصحابه وسمعتهم وعقيدتهم .. فالفكر اعظم فأكرم الله به الانسان على مخلوقاته .. محمود محمد طه لم يمت وانما ظلت ذكراه وهجا في طريق ممارسة فضيلة التفكير والتأمل .
    كان الاستاذ محمود محمد طه يمارس فضيلة التفكر والتأمل المسؤول في الشأن الانساني والشأن السوداني بسبر غور الدين الاسلامي الرسالة الخاتمة .. رسالة ان يعم الخير ويسود العدل.
    مازالت بعض الجماعات ترفع رايات الدين الاسلامي وتخرج للناس بدعوى انهم وحدهم المسلمون الناجون من النار وغيرهم كفرة وزنادقة مثواهم النار وبئس المصير .. انهم يسيئون للاسلام ولثورته المتقدة دوما من اجل العدل والمساواة والقائمة اساسا على العقل والفكر لا على السكين والبندقية والفؤوس .
    ستبقي ذكرى الاستاذ محمود محمد طه قيمة نضالية تجد الصمود وتدين التكفير في وجه التفكير.
    هذا مع تحياتي وشكري



    http://www.alsahafa.info/index.php?type=6&issue_id=1171&col_id=1
    _________________
                  

04-16-2008, 05:05 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    نقابة
    إنهم يقولون ما لا يفعلون
    ( نقابة أساتذة جامعة الخرطوم كمثال )
    * في قصيدة ( أجراس العودة ) والتي تترنم بكلماتها الفنانة الكبيرة فيروز هنالك مقطع يقول :
    الآن الآن وليس غداً ... أجراس العودة فلتقرع
    ويرد عليها شاعر متشائم - أو فلنقل شاعر واقعي - بقوله :
    غنت فيروز مرددة ... آذان العرب لها تسمع
    الآن الآن وليس غداً ... أجراس العودة فلتقرع
    عفواً فيروز ومعذرة ... أجراس العودة لن تقرع
    خازوق دق بمقعدنا ... من شرم الشيخ إلى سعسع
    وهكذا حالنا عندما نسمع الخطب الطنانة عن الحرية والديموقراطية التي شرّع إتفاق السلام أبوابها ... والكلمات الرنانة عن مشاركة الجماهير في صنع القرار وتسيير دفة الأمور حسب ما جاء في بروتوكولات نيفاشا وإتفاقيات مشاكوس الإطارية ... عندما نسمع كل تلك الوعود البراقة نتوهم أن أجراس عودة الديموقراطية قد قُرعت فعلاً وأصبح رنينها يصم الآذان ولكن ما تكاد تسطع شمس الحقيقة علي فقاعات الوهم إلا ويتبخر حلمنا ونكتشف أن الحرية والديموقرطية لا تزالا مكبلتين بسلاسل الشمولية ... وليس ما حدث مع زعيم حزب الأمة السيد الصادق المهدي أو ما حدث في مكتبة البشير الريح بأم درمان يوم الثلاثاء 18 / 1 عندما أوقف رجال الأمن الإحتفال بحقوق الإنسان الأفريقي والإحتفاء بذكرى إستشهاد الأستاذ محمود محمد طه رغم وجود التصديق بذلك ببعيد عن الأذهان ....
    * وكلنا سمعنا وصفقنا لما ورد في الإتفاقيات عن دور تنظيمات المجتمع المدني وكيف أن إتفاق السلام يعتبرها من دوافع توسيع مشاركة الجماهير وكيف أن السلام الحقيقي المستدام وديموقراطية الممارسة الفعلية لا يمكن أن تتم إذا تجاهل أحد هذا الدور وعليه يجب تفعيلها والشد من أزرها حتى تقوم بما يجب عليها علي أحسن وجه .... ثم تأتي الممارسة !! هل سمعتم بحديث إتحاد الكتاب السودانيين ؟ يشرفني أنني كنت من الأعضاء الأوائل في إتحاد الكتاب السودانيين الأصل ... وجاء نظام الإنقاذ وأخذ منا دار إتحادنا وسلمها لقمة سائغة للإتحاد العام لطلاب الحكومة ... قلنا ظُلمنا كما ظُلم كل أهل السودان فشكرنا الجزيل لنظام الإنقاذ على صنيعه إذ أنه لم يفرق بيننا وبين أهلنا حتى ولو جاءت المساواة في الظلم ... ولكن البجاحة تصل ذروتها عندما تقرر السلطة تكوين إتحاد كتاب حكومي عينت له لجنة تحضيرية والهدف تجميل وجه عاصمة الثقافة العربية المليء ببثور الفشل حتى في إقامة حفل إفتتاح يليق بالمناسبة رغم ما صُرف من مليارات ... يا قوم إن إتحاد الكتاب السودانيين الحر تنظيم من تنظيمات المجتمع المدني ويفقد هذه الصفة تلقائياً عندما يولد سفاحاً بأوامر من حكومة دولة شمولية .

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147494980
    _________________
                  

04-16-2008, 05:06 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    مفاكرة الجمعة
    نظرة إلى دورة زمانية صغرى وحزمة من الأعياد
    الشيخ عمر الأمين احمد
    [email protected]
    كان ضمن ما قرأت لمفكرنا الراحل الشهيد الأستاذ محمود محمد طه فى بيان صادر عن باكورة نشاط الحزب الجمهورى قوله: «أما بعد فإن الزمان قد استدار كهيئته يوم بعث الله محمدا داعياً اليه ومرشدا ومسلكا فى طريقه».. وقد أخذت فكرة الاستدارة الزمانية منى كل مأخذ، ورأيت فيها عبقرية أرهبتنى وأصابتنى بكثير من الخوف والرهبة الفكرية، وكدت ــ لولا عناية سبقت ــ أن استسلم لسحر ذلك البيان كما استسلم إليه صديقى وأحد رفقاء مراهقة الصبا الفكرية الأستاذ محمد حامد شداد. فالدورة الزمانية كفكرة تقوم على حالة من الخفاء المعرفى درجة تقتضى قدراً معتبراً من العبقرية، حيث يفترض في صاحب ملاحظتها، وقوفه فى مكان خارج إطار الزمان المحيط كى يتمكن من رؤية تشكيلته التى قرر أنها دائرة بمعنى احتوائها على عناصر اكتمال حقبة زمانية تنقفل دائرتها ومن ثم تنفتح على دائرة أو حقبة جديدة.
    وما كدت أوسع من دائرة إطلاعى قليلاً حتى اكتشفت أن ذلك الكشف الزمانى الضخم لم يكن بضاعة جمهورية خالصة، فتلك الفكرة استعارها الأستاذ الراحل من صاحبها الأصيل ووضعها فى صدر بيانه دون الإشارة لمصدرها، فصارت عندنا ــ ممن هم قليلو الإطلاع ــ كأنما هى فكرته التى اتضح انها فكرته «بالوكالة» وليست «بالأصالة» ربما لم يرد نسبتها الى صاحبها الأصيل ومكتشفها الأول ألا وهو المصطفى ــ عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأتم وأوجب التسليم ــ بحكم حقوقه فيها أنه من آل البيت أي من أحفاد صاحب العبارة الأصيل.
    ولست فى مقام يمكنني من تعبير يحتوي على فكر يمكن من استخراج تلك الدائرة الزمانية الكبرى، لكن ينتابنى مجرد احساس لا يرقى الى تأسيس فكرة عن دوائر زمانية أخرى، لكنها بالغة الصغر إذا ما وضعت فى مقارنة مع تلك، لكن رغم ذلك ففكرة يفكر فيها أمثالى من ناس «قريعتى راحت» نعايشها على أيامنا هذه، فنلاحظ تماشياً للعامين الهجرى والميلادى، يبتدآن وينتهيان متلازمين تلازماً تاما حتى أصبح الشهر الثانى عشر والشهر الأول فى كلا التقويمين الهجرى والميلادى يجريان متماسكين، فيضمان الى جوار بعضهما البعض أعياداً بكمية معتبرة.
    ومما هو ملاحظ أن هنالك ثباتاً فصلياً للتاريخ الميلادي، بمعنى تكرار ورود الفصول المناخية بصورة ثابتة، حتى يشكل الشهران الأول والثانى عشر سنوياً فى التقويم الميلادى أشد فترات فصل الشتاء برداً، فقد ميز الشتاء القارس دائماً احتفالات أعياد الميلاد المجيد. وإذا ما أخذنا فى الاعتبار إشارات قرآنية حول حدوث المخاض لسيدتنا مريم ــ عليها السلام ــ وولادتها سيدنا عيسى المسيح ــ عليه السلام ــ فى موسم إثمار أشجار النخيل الذى لا يثمر شتاءً كإشارة متلازمة مع إشارة انجيلية حول الرعاة الذين كانوا يرعون الغنم وحضروا مخاض وولادة سيدنا عيسى، ورأينا فى ذلك تعضيداً للصورة القرآنية بحسب عدم مواتاة فكرة أن يكون هنالك رعاة يرعون أغنامهم شتاءً فى فلسطين، فصورة التلازم الفصلى التى تخلص منها التاريخ الهجرى بحكم عدم توافق فصول السنة المناخية مع شهور سنة التاريخ الهجرى بصورة ثابتة كما هى السنة الميلادية، فذلك لا يلغى تماماً فكرة أن توافق السنة الهجرية القمرية والميلادية الشمسية وتماشيهما بداية ونهاية كما يحدث على أيامنا هذه، ففى ذلك التلازم بلا شك استدارة زمانية يمكن للأخ الصديق الدكتور معاوية شداد تعريفنا بها بتقرير حسابى يوضح كيفية حدوثها وزمانها وعدد دورات تكرارها.
    هذا من ناحية فلكية، لكنى لا أرى غضاضة فى القول إنها ذات أثر فى التاريخ كما هو الأثر الجغرافى الفصلى وحدوث دورانه. لذلك ومن باب الاستفادة العامة من الهدى النبوى والتأسى به تأسياً على غير شاكلة التقمص كما فى الفكرة الجمهورية، فإن رؤية دوائر عديدة بلا شك ستفتح الطريق الى التعرف الفكرى عليها كظاهرات لها بدايات ونهايات وخط سير ومبتغى للوصول. وفى ذلك فقد تعودنا على الفرح الاحتفالى الجماعى بعيد الفطر الذى يعقب مجاهدة شهرالصوم، ثم نفرح فى عيدنا الأكبر ونذبح الأضاحى فداءً لإنسانيتنا كتذكار لمنّة من الله علينا بعتق رقابنا عن حيوانية كانت تذبح قرباناً على عتبات مقام كنا نساق فيه بحكم أطوار حيوانية أولية كانت تحتوينا.
    ومما هو شاهد على وجودنا فى أطوار أولية من مقامات العلم، أننا لا نلحظ أن فى تلك الأعياد نفسها استدارات زمانية. فنمر عليها مرور الكرام فلا يلاحظها أمثالى «من ناس قريعتى راحت» رغم قصر مدى استدارتها الذى يبلغ فقط عاماً واحداً. لكن وبما وضعه هذا التزامن فى نهاية العامين، فإن مجموعة لا بأس بها من الأعياد تكتظ بها تلك النهايات السنوية تبلغ فى مجموعها سبعة أعياد تبدأ بعيد الميلاد المجيد للكنيسة الكاثوليكية، الذى يحل عادة فى تزامن قريب من رأس السنة الميلادية، حيث لا يفصل بينهما سوى اسبوع واحد تخلله هذه المرة عيد الأضحى المبارك. فى حين يحل عيد استقلال جمهورية السودان متزامناً كالعادة مع عيد رأس السنة الميلادية، ثم يحل بعده بثلاثة عشر يوماً عيد الميلاد للكنيسة الشرقية الأرثوذوكسية فى السابع من يناير. وقد جد عيد جديد عمره عامان ألا وهو عيد توقيع اتفاقية السلام، وسيتم اختتام هذه السلسة من الأعياد اليوم الجمعة أو يوم غدٍ السبت بنهاية وبداية العام الهجرى الجديد.
    ورغم ما سبق أن ذكرت من اهتزاز فى الاعتبار بعيدى الميلاد الشرقى والغربى، بحسبما كان يفترض فيهما أن يكونا فى يوم موحد، فالشك الذى يدخله الازدواج الاحتفالى هذا يؤثرعلى كليهما عند درجة يضعف تجاوبى معهما، لذلك فقد بدا لى خير بديل دعوة أصبحت أتلقاها سنوياً لحضور فعاليات الاحتفال بعيد ميلاد الإمام الصادق المهدى الذى يقام بالتضامن ما بين مكتبه الخاص وأسرته الصغيرة. ومن باب ما رأيت أنه عملاً على سن سنة حسنة يستحق السيد الإمام وأسرته ومكتبه أجرها وأجر من عمل بها دون أن ينقص من أجورهم شيئاً، فقد أصبحت تلك الاحتفالية «جرد حساب سنوى» يقدمه السيد الإمام. وذلك ربما كان أكثر رفعةً من تقرير سنوى يقدم لمؤتمر للحزب أو لاجتماع موسع، فكأنما تم توسيع ذلك الماعون الحزبى الضيق الى وعاء ربما يشمل الوطن بما فيه ممن يضمرون العداء السياسى للسيد الإمام وتياره.
    ومع ذكر هذه السنة الحسنة، فإن السيد الإمام لم ينس تأصيل هذا الاحتفال، فقال فى ورقة قدمها فى معرض جرد حسابه أمام ذلك الجمع المعتبر: «تقليد الاحتفال بيوم الميلاد بدعة غريبة دخلت في تراثنا عن طريق المولد. وهنالك جوانب كثيرة من حياة النبي «ص» استصحبها مسلمون قياسا على سير غيره من الأنبياء، سيما موسى وعيسى عليهما السلام. ومن سيرة موسى إعلاء شأن المغازي. ومن سيرة عيسى إعلاء شأن الكرامات، ومنها أيضا إعطاء قيمة روحية خاصة لميلاد المسيح. وهذا التقليد احتفالا بمولد محمد «ص» بدعة لذلك رفضها الظاهريون المسلمون الذين سموا نهجهم أنصار السنة. ولكن بنظرة أكثر إحاطة بالسنة، نجد أن استصحاب النافع من غير مصادر الوحي من السنة - مثلا النزول بماء بدر، وحفر الخندق، اتخاذ الأذان للصلاة. فإن كان الاحتفال بالمولد يذكر بسيرة صاحبه ويخصب العلاقات الاجتماعية ويفتح بابا لتثاقف الأجيال الجديدة وإدخال المسرة في نفوسها، فإن هذه المنافع ترد على كل تحفظات الظاهريين».
    ومن ضمن ما أثار انتباهي فى جرد الحساب الإمامى، موقف كنت أرى فيه منقصة للسيد الإمام أزالها تماماً بخطابه، وأمرها يدور حول عشيرته الأقربين إذ قال: «عرّف الإمام المهدي أسرته بأنها ذرية سبعة رجال هو وأخواه وخلفاؤه الثلاثة والأمير يعقوب. وحاولت قدر المستطاع أن أجد للأسرة بهذا الفهم كيانا اجتماعيا عائليا جامعا. ولكن الجهد بقيادة الكبار قد فشل تماما، وكذلك الجهد بقيادة الشباب. والنتيجة أن الأسرة الكبرى تعيش درجة من الجفوة استسلمنا لها. الحقيقة أن جفوتنا لم تبلغ ما بلغته في كثير من الأسر الكبيرة من لجوء للمحاكم وأحيانا للاقتتال. ولكنها على أية حال جفوة كريهة لعل العزاء معها هو أن الذين يشتركون في جاه أو مال يتنافرون ويتحاسدون، فإن وقع هذا في أسرة النبي «ص» نفسها فلا غرابة أن يقع في أية أسرة أخرى. وربما كان أكثر ما يمكن تحقيقه هو سلام بارد على صعيد الأسرة الكبرى وعلاقات دافئة داخل فروعها. لقد كان أهم ما يوجه لي من نقد على صعيد الأسرة الكبرى، هو أنني احتكرت المجد الموروث المشاع بين أفرادها. وكنت ولا زلت أقول إن المجد لا يورث تلقائيا، واستشهد وأربي أولادي على حكمة:
    إذا أنت لم تحم القديم بحادث
    من المجد لم ينفعك ما كان من قبل
    وقديما انتقد الإمام المهدي من سماهم أولاد المراتب، الذين يتطلعون لجاه أسلافهم ولا يدفعون استحقاقات ذلك الجاه من أداء وعطاء».
    والشاهد أن السيد الإمام نفسه قد قدم ما يلاحظ أنه دورة زمانية صغرى ربما هى ما كانت تدفعه الى إشاعة هذه السنة الحسنة، كعيد يرقد منافحاً لاعياد الميلاد الغربى. ويبين هذا الأمر فى خطابه فى قوله: «أيام طفولتي لم يكن هذا التقليد متبعاً. ولكن بالنسبة لي استنته والدتي تفاؤلا بمصادفة يوم ميلادي لعيدين هما 25 ديسمبر وأول شوال من السنة الهجرية». وهذان العيدان لا يتصادفان إلا فى حالة تصادف حالة التماشى للسنتين الميلادية والهجرية، فإذا كان هذا الاحتفال هو الواحد وسبعين، فذلك بلا شك مدى دورة زمانية لهذا التماشى.
    ومما يبين فيه الهم الوطنى عند أسرتى السيد الإمام الصغيرة والكبيرة التى تعنى الأسرة الأنصارية على امتدادها، أن شأن اسرة الإمام الصغيرة أصبح مفتوحاً بصورة متكاملة على الشأن الوطنى العام. ومن ذلك تقليد أن يخاطب أحد أبنائه أو بناته تلك الاحتفالية وفق الترتيب العمرى. ولا أعرف تفاصيل تدعونى للمقارنة، إذ أنى لم استمع للأسف إلا الى اثنتين من ست مخاطبات من مجموع أبنائه وبناته العشرة، وفاتتنى أربع مهمة منها، ربما لا يكون قد فات الوقت على إعادة قراءتها لمعرفتى باهتمام هذه الأسرة الكريمة بالتوثيق. وقد كان دور الخطاب السابق فى عيد ميلاده السبعين لابنته زينب التى كان خطابها مفعماً بمحبة يطغى عليها شجن كبير أسالت دموعاً غزيرة وكثيرة، بينها دموع السيد الإمام نفسه، فانقادت خلفها كل تلك الاحتفالية فى خطاب أشجان فتاة محبة لدرجة الوله بأبيها. أما الأستاذة رباح صاحبة الدور الخطابى هذه المرة، فقد انتصبت بقامتها كمفكرة لتضفى على خطابها معاني كبيرة لفتاة لا تقل حباً وولهاً، لكنها مفتحة عينها «قدر الريال ابو عشرين» فقالت: «تتملكني الحيرة وقد أتاني الدور للحديث، فأنا رقم «6» ونحن والحمد لله عشرة- ذلك ما كنت عنه أحيد- إذ كيف أرسل تحية أو شهادة أو حتى إشارة في أمر غني بالمواد والجوانب كهذا؟ وهل سيسعفني الحبر والوقت؟» وقالت: «سألني أحد الصحافيين يوما عن شعوري ليلة زفافي ووالدي غائب، وهل كنت حزينة لذلك؟ قلت إن ليلة خروجه كانت من أسوأ الليالي التي عشناها، وكنت لا أقدر على اعتبار أنه يمكن أن «يجرتقني» شخصٌ غير أبي، فلم استسغ الاستمرار في مراسم العرس، ولكن لم تكن لكل ذلك أهمية، لأن الصادق المهدي في نظرنا ليس فقط الأب، وأنا لا أساوي شيئاً أمام ما يمثله من معانٍ بالنسبة لي.. بل كنت لا أطيق فكرة الهجرة شرقاً ومخاطرها بدون أن أكون معهم لأطمئن، وبالفعل في مرحلة ما كان التخطيط أن تكون الهجرة وأنا معهم، ولكنه رفض هذا التخطيط بإصرار وقال لي: لا يمكن أن نختطف عروساً، هذا والعرس على أهميته لحياتي الخاصة لم يكن يعني شيئاً أمام المعاني العامة التي يمثلها الإمام، والتي كلنا حطب لها..»، ثم تحدثت عن دوره التربوى وما أعطاه أسرته الصغيرة من دروس ممنهجة، ثم قالت عن علاقتها الخاصة به: «كان يتعامل مع كائنات متمردة بكل الصبر.. أنا مثلاً كنت أرفض الغفران لفكرة أننا تُركنا للرياح، وأقول أن على والدينا دفع ثمن خروجنا عن أو حتى على أيديهم. وأذكر صبره عليَّ في نقاشات طويلة تتوسط فيها مريم أختي الأكبر.. لكنه دهس كل تمردي باللين والعطف والمحبة، وبأنه لم يأمر وينتر ولم يطلب منا أي شيء، وكنا نتحلق حوله للتآنس به ومعه، فلا يطلب مناولته حتى شربة ماء، يقوم ليخدم نفسه بنفسه وكلنا يتمنى لو طلب طلبا فنلبي.. هكذا تعلم بعض مدمني الخدمة قراءة أفكاره ليقدم خدمة لم ولن يطلبها.. هل هذا ترويض للبشر؟» ثم قالت: «لن أستطيع الإحاطة بالإمام، ولو أردت تأليف كتاب حول الجوانب المختلفة في شخصيته التي شهدتها عن قرب فسيكون سفراً ضخماً- كيف يقرأ أفكارك ويبادرك بسؤال حول ما كنت تريد التحدث عنه- كيف يهون عليك أقسى المحن- كيف يكون حبه كامنا في بساطة وراء كلمات بسيطة «مثل: نحن طيبين بي طيبتك عاد» كيف يجعل النفوس تحبه محبة ماردة وفي ذات الآن لا تفقد النظر الموضوعي لتصرفاته وتنقدها بمحبة، كيف يطلق لك كل الحرية ولكن يقيدك بخيوط ناعمة تفتلها أنت بنفسك». واختتمت خطابها الكبير بقولها: «نعم هو سفر كبير لا يمكن أن أقدم منه إلا إشارة، لأن إعجابي بالإمام لا يخفى، ولكني أصر أنه ليس كإعجاب كل فتاة بأبيها، فهو وإن أوفى الأبوة نوعياً كما ذكرت، إلا أنه عنى دائما لنا شيئاً فوق الأبوة التي تنطلق من محبة ذاتك والشخص الذي نسلت منه.. لأنه نسل غيري كثيرين، وأنا أعتبر نفسي واحدة من أتباع ملة «محمد موسى» الذي يضيق الإمام بوجود محبته المتدفقة عبر الجوارح، وأعرف كثيرين مثله غيرى ولكنهم يفعلونها بصمت وبعيدا عن الأنظار».
    ويبدو واضحاً فى ثنايا ذاك الخطاب كم هى وافرة ومقدرة من السنن الحسنة الحميدة ذات الأجر الوفير بإذن الله، مما لا أستطيع أن أوفيها كل حقوقها، لكنها بلا شك أدخلت على نفوسنا بهجة ومسرة، وآمل أن ينصلح الحال، والله نسأله أن يمد للسيد الإمام من الصحة والعافية والعمر المديد فى الطاعة والعمل النافع، وأن يوفق أسرتيه وكل عام وانتم بخير.
    تنويه مهم:
    حدث خطأ لغوى جسيم فى مفاكرة الأسبوع الماضى دون أدنى سبب معقول، فقد دفعت ضمن المقال بالعبارة: «فطلب الانتظام خلف نمط واحد محدد» فما اجتاز المقال مرحلة التصحيح اللغوى بالصحيفة حتى صارت العبارة «فطلب الانتظام خلف نمطا محددا». والعتبي للقراء الأعزاء.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509466
    _______
                  

04-16-2008, 05:07 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الدكتور حيدر ابراهيم علي لـ«الصحافة»

    من الصعوبة الحديث عن فكر سوداني وهذا لا يعني الغاءه
    الدكتور المفكر حيدر إبراهيم علي مفكر وكاتب ناشط على الصعيدين السوداني والعربي، وهومؤسس مركزالدراسات السودانية ومديره. استطاع عبره ان يوصل الفكرالسوداني للمحيط الدولي.. وللدكتور مؤلفات فكرية عديدة تعنى بدراسة الفكر السوداني داخل بنيته القومية الثقافية. كان لنا معه هذا اللقاء حيث القى الدكتور حيدر اضواء على القضايا الثقافية المعاصرة على المستويين القومي والكوني.
    اجراه عيسي الحلو
    - أقيس هذ المسألة بتراكم المعرفة المكتوبة لأن هذا الكم من المكتوب يتحول في النهاية الى منتوج كيفي يمكن من خلاله تحديد الاتجاهات والتيارات والمدارس، وهي مكونات ما يسمى بالفكر. لذلك من الصعوبة الحديث عن فكر سوداني مع ملاحظة ان هذا لا يعني الغاء وجوده، ولكن التشكل الواضح مع الاستمرارية والتجديد يكاد يكون ضئيلا او منعدما في المنتوج السوداني، لأن مفهوم الفكر يحتاج الى رموز وشخصيات معبرة عن المعرفة بميادينها المختلفة، ولكن في السودان ابتلعت السياسة الفكر بمعناه العميق. رغم ان السياسة نفسها يفترض ان تكون سياسة مفكرة، لذلك يغيب ايضا ما يمكن ان نسميه الفكر السياسي ولذا يصعب الحديث عن فكر سوداني متميز رغم الكرم في منح صفة مفكر لكثير من الذين يكتبون..فهي صفة لا تخلو من تجاوز.
    هنالك بدايات يمكن لنا ان نعتبرها من البذور الأولى نجدها في مجالات السياسة والأدب والدين عند اشخاص مثل محمود محمد طه وأحمد خير ومحمد احمد محجوب وعبدالخالق محجوب ومحمد محمد علي ومعاوية نور. هنالك التجاني الماحي رغم موسوعيته، كان تأليفه قليلا مقارنة بمعرفته، وذلك ربما اتى بسبب نمط الحياة السودانية من حيث اثرها في عدم الاهتمام بالكتابة والتفكير، والميل الى المشافهة والنقاش المباشر، وهذا قد نلاحظه في انتاج الأكاديميين في الجامعات فهو قليل مقارنة برصفائهم في مصر او في المغرب العربي او في دول الخليج. ومع الزيادة الهائلة في عدد الجامعات الا ان ذلك لم ينعكس على الإنتاج الفكري والنظري.
    وهنا جانب آخر هو الميل الى الإنتاج الإبداعي كالرواية والشعروالقصة. وللمفارقة فإن هذا الإنتاج نفسه لم يصاحبه نقد يمكن ان يكون فكرا، في الأدب ونظرياته ومدارسه. كان من الممكن من خلال متابعة المنتوج الأدبي ان تنتج معرفة ذات قواعد وأسس تدرج ضمن الفكر السوداني وتؤسس له.
    { الإبداع السوداني يفتقر الى فضاء فكري مماجعله يصور المشهد دون ان يوجد له ابعادا فكرية ماعدا محاولات مدرسة الغابة والصحراء، هذا ما جعل الإبداع يشرد باتجاه المدارس الفكرية والجمالية الغربية؟
    - مشكلة الثقافة السودانية انها ليست متصلة، وعاشت انقطاعات فجائية تسببت في غياب مجرى تاريخي عام يحتوي التاريخ السوداني دون اقصاء او إبعاد. لوحاولنا ان نلاحظ بطريقة شديدة البساطة ما هو الأصيل او القديم او العتيق الذي تواصل وامتد منذ قرون وما يزال يمشي في الحياة السودانية اليومية فعلى سبيل المثال لو زرت روما او اثينا او فاس او القاهرة، تجد ان التاريخ موجود ومعاش، ولكن في السودان اين مروي، سوبا، سنار، ام درمان؟ هذه قطع من التاريخ والجغرافيا ليس بينها اي رابط يبرز سير التاريخ ومعاصرته.. وهذه واحدة من مشاكلنا حيث ان التاريخ ليس مسحوبا من الماضي الى الآن، ومن هنا نأتي عقدة البحث عن الهوية والأصالة، وفي مجال البحث عن الهوية نصل في بعض الأحيان الى محاولات اقرب الى الكاريكاتير.. فمن قال ان جبنة يوسف عبدالفتاح التي رصعت شوارع الخرطوم خلال العقد الماضي - هي ممثلة للتراث السوداني؟ كذلك ما تدعى وتسمى عملية التأصيل التي هي مجرد ملصقات توضع على مضامين هي في حقيقتها غيرعربية وغير اسلامية وغير سودانية، حتى كلمة التأصيل (لغة) هي ليست مصدرا، لأن المصدرالأصل، فمن الواضح من المعنى ان العملية اصطناعية ومفتعلة. فالأصيل لا يحتاج لتأصيل، وإنما يؤصل ما هو غير اصيل.. تكثر محاولات البحث عن هوية والبحث عن جذور وهي في كثير من الأحيان عملية ايديولوجية ليست واقعية ولا علمية، وهنا تفهم الأيديولوجيا بمعنى الوعي الزائف الذي ليس بالضرورة مطابقا للواقع، اذ يمكن ان يكون متخيلا او ما يسميه محمد اركون المخيال.. وفيه تقترب الأسطورة من الأيديولوجيا وتبدو وكأنها انعكاس للواقع، ففي كثير من الأحيان يكون البحث عن الهوية غير مجدٍ لأن البداية او الانطلاقة خاطئة، ففي هذه الحالة غالبا ما تبدأ بالنتيجة، ثم نحاول اثباتها. فمثلا نقول نحن عرب او افارقة، ثم نبدأ في البحث عن مقدمات وحيثيات لكي نثبت هذه النتيجة. وفي رأيي ان المنهج الصحيح هو ان نبحث تاريخ ومكونات السودان الثقافية في مجملها ودون اي حكم مسبق (من نحن؟) ثم نترك هذه المقدمات لكي توصلنا الى النتيجة عوضا عن البدء بمسلمات أو وثوقيات مطلقة.
    والأهم من ذلك انك عندما تريد الوصول الى فكرة ما أو مفهوم بعينه لا بد من السؤال عن فائدة وجدوى وتوظيف هذا المفهوم اوالفكرة، لأن هذا السعي نحو الفهم ليس مجرداً ولا بد ان تكون وراءه دوافع اواغراض او مصالح او تأكيد مواقف. ففي حالة الهوية السودانية.. ماهو الهدف من اثبات اننا عرب او افارقة؟ قد يجئ الرد السهل ان مجموعة لا بد لها ان تحدد ذاتيتها اوهويتها، ولكن هذا لا يكفي ولا يقنع، فالجهد الذي ابذله لكي اثبت انني مسلم عربي مثلا.. اقصد به من خلال تأثير الهوية الدعوة او الدفاع عن الإسلام والعروبة، او محاولات نشرها لأن تأكيد الهوية او الذاتية ليس مجانا.. فهذه واحدة من الأمور التي لا بد ان تكون واضحة اذ ماذا بعد اثبات عروبتنا او إفريقيتنا؟.
    والعالم يتجه الآن نحو الهويات المتعددة للشخص الواحد. ويعجبني كثيرا امين معلوف حيث تتعدد هوياته حسب قوله فهو مسيحي يستدعي التاريخ الإسلامي في رواياته.. ولبناني عربي يكتب بالفرنسية ويعيش في قطر في قلب العولمة، وكل هذه الهويات تتعايش داخله دون ان تتناقض او تتصادم، فهذه هي هوية المستقبل التي لا ترتكز على الدين اوالإثنيه او القبلية او العقيدة، ولكنها ترتكز على بناء الإنسانية، والشخصية التي تحمل هذه الهوية لا يمكن ان نعتبرها (كوزمو بلوتينيه) بمعني انها فاقدة الانتماء، ولكنها تنتمي الى قيم انسانية شاملة وعامة يمكن ان تشتغل او تعمل داخل أى بيئة اومحيط جغرافي. فهي شخصية عابرة لحدود المكان والمعتقد واللون والأصل..
    وهذا شكل من اشكال العولمة ذات الوجه الإنساني والمستقبلي، فالعولمة ليسن هيمنة القطب الواحد ولا الرأسمالية المستوحشة، ولكن بعض التطور التكنوقراطي والمادي الهائل الذي عاشته البشرية ما يزال ينبض في داخلها توق لجمهورية افلاطون او مدينة الفارابي او دولة ماركس الشاب. حيث ينعدم القمع والاضطهاد والاستغلال وتعيش البشرية في فردوس ارضي.
    { ماذا عن الغابة والصحراء، في اطار بحث الإبداع عن الأفكار الكلية؟
    - اعتقد اتجاه الغابة والصحراء، اعطي اكثر من حجمه الطبيعي، فهو لا يمثل مدرسة بل يمثل وجهة نظر اجتهادية اقرب الى الانطباعات والدليل على ذلك عدم استمراريتها، فقد ارتبطت بفترة زمانية محددة لم تستطع تجاوزها. قد تكون تأثرت بفكرة الزنوجة عند سنغور والإفريقانية عموما، بالإضافة لصعود تيارات القومية العربية، ولأن السودان وسط بين الاثنين، ظهرت وجهة نظر تعبر عن ثنائية الغابة والصحراء، لكنها لم تصل الى التركيب فقد توقفت عن الثنائية المتجاورة دون الغوص في التفاعل والاندماج والتمثل المتبادل. وأعتقد ان تعدد الشخصيات التي تدعي ريادة هذا الاتجاه دليل على غياب تاريخ للفكرة يساعد في البحث عن مكوناتها وتطورها في اتجاه ترسيخ وتقعيد الأسس الفكرية والنظرية لأي مدرسة. وأميل لاعتقاد بأن وجود الشاعر صلاح احمد ابراهيم في غانا بالإضافة لقصائده المبكرة عن افريقيا ولوممبا والكنغو والصومال ثم لاحقا اعتماده على الأساطير الإفريقية في «غضبةة الهبباي» مثلت هذ ا الاتجاه ابداعيا، ولكن لم تقدم اضافة نظرية او فكرية، وأيضا اعتقد ان ثنائية الغابة والصحراء ملغومة لحد ما، لأنها بشعور او لا شعور ليست بعيدة عن فكرة افريقيا شمال الصحراء وإفريقيا جنوب الصحراء، التي رددها فكر القرن التاسع عشرالغربي، كما ان التقسيم يبدو جغرافياً اكثر منه حضارياً او ثقافياً، فما هي ثقافات الغابة؟ وهل تتشابه ثقافات غرب افريقيا ووسط افريقيا وجنوب افريقيا؟ هل هناك غابة واحدة ام غابات؟ ونفس السؤال ينطبق على الصحراء.
    فهل قصد اصحاب هذا الاتجاه ان السودان هو نتاج ثقافتين، ثقافة الغابة وثقافة الصحراء؟ ام هو مصهر ثقافات عديدة من الغابات ومن الصحاري؟.. فالفكرة ليست واضحة. ويبدو ان فكرة الوحدة والتنوع الآن قد حلت محل تلك النظرة ولكن ما تزال تراوح على صعيد الشعار السياسي فقط. حاولت السوداناوية ان تحل اشكالية هذا التركيب ولكن كنت اتساءل دائما: ألا تكفي السودانية، فلماذا السوداناوية؟ لأن النسبة في الحالة الأخيرة قد يقصد بها الادعاء او المبالغة، فالعلمية غير العلماوية، فهل المقصود في هذه الحالة سودانية فائقة او زائدة؟ أم هو مجرد تعبير عفوي؟ لست ادري لماذا سوداناوية؟
    حدثت في الفترة الأخيرة محاولات تعسفية تتحدث عن الثقافة السنارية وتحاول ان تبني لها تاريخاً يجعل من الهوية السودانية ذات صلة بتلك السلطنة باعتبارها الدولة الإسلامية الأولى التي جمعت العرب وغير العرب.. ولكن ما هي العناصر التي كونت الثقافة السنارية من كتب وأفكار ومعمار وعمران وطرق معيشة وإدارة حكم؟ ففكرة الثقافة السنارية لا تخلو ايضا من المبالغة والافتعال، وهي تأتي ضمن الأعمال الدعائية والأيديولوجية.
    اعتقد ان البداية الصحيحة والحقيقية في البحث عن هوية سودانية يجب ان يكن بالبحث عنها ضمن القيم العصرية التي لا تهتم بالأصول والخلفية ولكن ستشرف اكثر المستقبل وتبحث عن التشابهات وليس التمايزات او الاختلافات ضمن مواطنين متساوين داخل دولة حديثة ديمقراطية ومتنوعة الثقافات. هذه يمكن ان تكون مكونات هوية سودانية حديثة، وكما قيل في المأثور ان العربية لسان فمن تحدث العربية فهو عربي يمكن ان نقول عن الهوية السودانية هي موقف من الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان، فمن آمن بهذه المبادئ فهو

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147487499
    _________________
                  

04-16-2008, 05:08 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في خاتمة أعمال المؤتمر العام للمؤتمر الوطني
    البشير يدعو لتوحيد الصف، وطه ينادي بحزب عملاق في وطن عملاق
    الخرطوم: التقي محمد عثمان
    استفاد المشير عمر البشير ، رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني، مما صكه نائبه علي عثمان محمد طه في الجلسة الختامية لاعمال المؤتمر العام للمؤتمر الوطني حول الحزب العملاق في الوطن العملاق ليلخص به احاسيس اعضاء الحزب الذين بدا عليهم الارتياح لمجريات ومخرجات مؤتمرهم العام، فالبشير ، حمد الله على ان «المؤتمر الوطني الآن حزب عملاق، ويعبر فعلاً كما قال الأخ علي عن وطن عملاق» ، مضيفاً ان هذا «هو الهدف الذي قصدناه لتقديم تجربة سياسية وان انقاذ السودان في اخراج السودان من الدائرة المفرغة التي ظللنا فيها منذ الاستقلال، حزبية متنافرة ومتناحرة تفشل في تقديم ابسط تطلعات وتمنيات الشعب السوداني ويعقبها انقلاب تعقبه انتفاضة وثورة شعبية ثم دورة حزبية جديدة» ، مبشراً بالانتقال الى مرحلة جديدة من العمل السياسي المفتوح، وكان علي عثمان وضع شرطاً مهماً في خطابه المرتجل وغير المنصوص عليه في البرنامج المطبوع للجلسة الختامية، اذ قال «الوطن العملاق يبنى يوم أن يقوم الحزب العملاق بارساء قواعد الشورى وباعمال مبدأ المحاسبة وباعمال مبدأ العدل وباعمال مبدأ الصدق وبانزال الناس منازلهم وبحسن الترتيب للأولويات واحكام علاقات التنسيق والروابط الافقية والرأسية».
    اذاً وكأنما اكتسبت الجلسة الختامية روحاً جديدة فبعد ان تلي بدر الدين «دون ان يقدمه أحد» «وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض...» الخ الآيات، قدم الوزير كمال عبد اللطيف رؤساء اللجان لتقديم توصيات لجانهم فبدأ بعبد الباسط سبدرات رئيس لجنة السياسات الكلية ثم مولانا محمد سر الختم رئيس لجنة السلام والوحدة الوطنية ثم الفريق جلال تاور رئيس لجنة برنامج المرحلة القادمة والانتخابات ثم الدكتور التجاني مصطفى رئيس لجنة الفكر والثقافة واخيراً البروفيسور حسن حاج علي رئيس لجنة تقارير الاداء التنفيذي والسياسي، فقدموا باختصار شديد توصيات لجانهم التي توزعت ما بين التأكيد على ان الحوار هو المدخل لحل كل القضايا مروراً بـ «الشروع في انفاذ سياسات تهدف لاعداد القيادات الشابة لتولي القيادة في الدولة والحزب» ، وبسط التنمية والخدمات في الريف والعناية ببرامج مكافحة الفقر والمحافظة على قيم المجتمع السوداني وانتهاءً بجلب الاستثمارات وتوجيهها للولايات.
    ليأتي من بعد ذلك سبدرات من جديد ويقدم علي عثمان محمد طه واصفاً له بالكتاب السفر الذي لا يقبل اضافة سطر واحد «وإلا كنت منكراً لبقية فصول الكتاب».
    علي عثمان استهل خطابه بالتأكيد على ان المؤتمر الوطني كان مدرسة سياسية فكرية مفتوحة عبر الايام الثلاثة الماضية: قائلاً «لأن اردنا ان نوجز خلاصة ما تداولنا حوله فاننا يمكن أن نقول اننا تداولنا حول كيفية بناء حزب عملاق في وطن عملاق». مطالباً بحزب عملاق وسط عمالقة في اشارة الى الاحزاب السياسية ، معيداً الى الاذهان عبارة محمود محمد طه التي قالها ذات يوم «الشعب السوداني شعب عملاق يتقدمه اقزام» ، ويؤكد علي عثمان على انه «حزب عملاق لوطن عملاق فيه مقومات القوامة والسمو والرفعة، امكانياته طبيعية منحها الله سبحانه وتعالى، وقدراته البشرية نعتز بها ونعول عليها بعد الثقة بالله والتوكل عليه ان تستنهض وتفجر طاقاتها للبناء والتنمية وتأسيس النهضة» ، مشدداً على انه «وطن عملاق نريد أن نبنيه بالصدق وان نسوسه بالرؤية الثاقبة المفتوحة على الآخرين حواراً وشورى واحتراماً للآخر» ، مؤشراً الى ان ما بين الحزب العملاق والوطن العملاق قواسم مشتركة في العملة المتداولة «فما نريد ان نسوس فيه أنفسنا في الحزب هي ذات العملة وذات المقاييس التي نريد ان نسوس بها الوطن العملاق، فلئن اتخذنا الشورى منهجاً والصدق والاحترام المتبادل عملة داخل حزبنا العملاق فان ذات العملة هي التي نطرحها لبناء الوطن العملاق فلا كيل عندنا بمقياسين، ولا وجهان عندنا في التعامل مع الناس، بل اننا نأخذ انفسنا بأفضل ما نريد ان تأخذ به الاخرين وان نسوسهم به وان ننزله عليهم» مؤكدا ان «الوطن العملاق يبني يوم ان يقوم الحزب العملاق بارساء قواعد الشورى وباعمال مبدأ المحاسبة والعدل والصدق وانزال الناس منازلهم واحكام علاقات التنسيق والروابط الافقية والرأسية»، ماضيا الى ان «الوطن العملاق بحزبه العملاق لا يكون كذلك الا في ظل مجابهة الاعداء»، مستشهدا ببيت ابي الطيب المتنبي «اذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام» ، مرحباً «بالخطوب والمؤامرات تتكسر جميعها على قناة حزب عملاق ووطن عملاق برب قادر محيط قوي ينصر عباده المتقين ويدفع عن عباده الصالحين المؤمنين» ، ولا ينسى علي عثمان محمد طه في خاتمة خطابه ان يضيف «مرحى لك اخي الرئيس بهذه الشورى وبهذا الحزب العملاق ومرحى لكم اخواتي واخواني بمنهج يبني وطنا عملاقا».
    لتسود بعدها عبارة الحزب العملاق القاعة، وريثما تهدأ الجموع يقدم رياك قاي نائب رئيس المؤتمر الوطني المشير البشير بعد ان يطالب المؤتمرين بالامساك بأيدي بعضهم البعض، ويرددوا شعارهم الجديد «سلام وحدة نهضة».
    المشير البشير حيا المؤتمرين على جهدهم وحيا الضيوف على مشاركتهم، مؤكداً على التطور في الفكر والاداء الذي شهده الحزب، قائلا ان المؤتمر الوطني صار حزبا نموذجيا «نقدمه للشعب السوداني»، مطالباً غير المنضوين تحت المؤتمر الوطني «ان يحذو هذا الحذو، ان يجتمعوا ويتشاوروا حول قضايا الوطن وقضايا احزابهم لانه بالاحزاب القوية المنظمة تستطيع ان تقود هذا البلد سواء في الحكومة او المعارضة». منادياً بحزب ملتصق بالجماهير في كل موقع «لا حزب هتافات واحتشادات وانما نريده حزب ثقافة وفكر، حزبا يبني الامة» ، مستدركا «دون ان تطغى ثقافة على ثقافة او تهيمن ثقافة على ثقافة وانما وحدة في تنوع وكل واحد يعبر، ونعبر كلنا عن بعضنا لنجد القواسم المشتركة التي تؤسس لنا فكرا سودانيا ينفع كل اهل السودان» ، مشددا على ان السودان يمر بمرحلة تاريخية في ان يكون موحدا او مقسما ، ان يكون السودان او لا يكون»، مضيفا «هذا هو التحدي الذي امامنا لأن العدو يريد ان يفتت السودان» ،مؤكدا ان السودان مستهدف في موارده وثرواته وقدراته البشرية، مشيرا الى محاولة الاتجار بابناء دارفور قائلا «ربنا سبحانه وتعالى كشف لنا من فوق سبع سموات اعمالهم المخزية، جاءوا واخذوا اطفالا من اسرهم بحجة تعليمهم القرآن واللغة الفرنسية وبعد ان اتوا بهم في بيت العبيد في أبشي، نعم بيت العبيد، مثل البيوت التي كانت موجودة في غرب افريقيا ويصدر منها العبيد الى امريكا، عملوا بيوت عبيد في ابشي، يجمعون اطفال السودان ويجبصون ايدي بعضهم بالكذب ويربطون رؤوسهم بالكذب لكي يظهروهم كمجروحين من ضحايا الحرب يحتاجون للعلاج دون ان يكون هناك كسر في اليد او فلقة في الرأس وهم جاءوا بهم ليبيعوهم».
    ويمضي البشير الى دعوة ابناء السودان للحوار لانه به «تحل كل القضايا» فالجنوب الان ينعم بالسلام رغم ما يقال عن الاتفاقية وتنفيذها ، مشيرا الى ان ابناء الجنوب هم من يحكم الجنوب الان، مشددا على ان الوطن يسع الجميع، وان مشاكله لن يحلها الا ابناء السودان بالحوار، وان الاخرين لن يحلوا مشاكلنا. مؤكداً ان التحدي هو حماية السودان من اعدائه، والتحدي الاخر هو الاستعداد للانتخابات القادمة «فما دمنا تعاهدنا وتواثقنا ان نجري انتخابات في منتصف الفترة الانتقالية سنجريها وعلى كل احد ان يستعد»، مطالبا اعضاء المؤتمر بالاستعداد عبر «توحيد الصف وحل المشاكل الداخلية دون اقصاء فنحن محتاجون لكل زول عضو مؤتمر وطني بل نريد الاخرين ان ينضموا الينا وهذا موسم عمل وموسم تجنيد واقناع الآخرين بمؤتمرنا» ، مؤكدا على: «مؤتمرنا العملاق هو المخرج ويجب ان تتوقف الكيعان وتتحول الى احضان»، داعياً كل قيادات المجتمع للعمل مع بعضهم البعض لتوحيد الشعب السوداني ،وتحاشي التقسيمات الضيقة، مؤكدا على ان عضوية المؤتمر الوطني من الجنوبيين هم النواة الحقيقية لوحدة السودان، مطالبا الشماليين في الحركة الشعبية ان يكونوا عنصر وحدة داخل الحركة الشعبية، مضيفا «اذا تكاملت الجهود داخل المؤتمر والحركة سنخرج بسودان موحد ان شاء الله».
    # بيان ختامي ومناشدة
    ü مما جاء في البيان الختامي الذي تلاه الدكتور ازهري التجاني: اعتماد خطاب رئيس المؤتمر الوطني بما حوى من قيم ومبادئ وموجهات ونداءات وتوجيهات والتأكيد على قيام الانتخابات العامة في موعدها المقرر التزاماً بنصوص الاتفاقية والدستور، حسماً لكل الصراعات، وتحديداً لاحجام القوى السياسية ،ونزولاً على ارادة الشعب في اختيار ممثليه في ادارة دفة الحكم على جميع المستويات، وجاء فيه ايضاً: التزام المؤتمر الوطني بالسلام كخيار استراتيجي، يفي بعهوده والتزاماته فيه ويدعو عضويته لتنميته وحمايته ويسعى بكل جدية لاستكماله وتعميمه في كل ولايات السودان، اضافة الى «يلتزم المؤتمر الوطني بوحدة الوطن ارضاً وشعباً خياراً استراتيجياً يعمل له ويوفر له المناخ السياسي والخطاب السياسي والاعلامي الداعم والملتزم ويسعى لأن يهيئ للوحدة استحقاقاتها التنموية والخدمية وارضياتها الثقافية والاجتماعية».
    ü قدم الدكتور قاسم برنابا مناشدة باسم أبناء وبنات الجنوب «المؤسسون فعلاً وعملاً مع الاخوة والاخوات الحادبين على تراب الوطن وعلى ابنائه وبناته للمؤتمر الوطني» ، موجها للمؤتمر العام ولرئيس المؤتمر الوطني ولرئيس الحركة الشعبية ولكل وطني بالتوافق على «ألا يندلع ما بقينا على قيد الحياة أوار حرب بيننا والى أبد الآبدين - آمين-»، وان «نعلي فوق هاماتنا وخلافاتنا اتفاقية السلام الشامل فهي مبلغ ما عرفنا وأقيم ما حققنا».

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147512708
    _________________
                  

04-16-2008, 05:09 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    دروب
    عثمان شنقر
    معين البروف المعرفي
    أحسنت حلفايا الملوك صنعاً وهي تحتفي باحد ابنائها في ذكرى رحيله الاولى، بعد ان خلف ارثاً ثقافياً وفكرياً وابداعياً طيلة سنوات حياته، ليس وقفاً على أبناء الحلفايا وحدهم، كما انه ليس وقفاً على اهل السودان فقط، انما هو ارث فكري وبحثي مبذول لكافة الناس في مشارق الارض ومغاربها على ظهر هذا الكوكب.
    واقع الأمر ان ما انجزه البروفيسور عون الشريف قاسم من انتاج فكري ومعرفي ثقافي، انجاز ضخم ولا يحتاج لتبيان او توضيح، لأن ما انجزه موجود ويستفاد منه كل يوم في البحوث الجامعية والدراسات الاكاديمية في الجامعات والمعاهد العليا، ويعود اليه كل باحث حصيف ليستقي من نبعه الذي لا ينضب! ولكن السؤال الذي يطرأ على الأذهان في حالات غياب أمثال البروف عون الشريف، البروف عبد الله الطيب، علي المك، صلاح احمد ابراهيم، جيلي عبد الرحمن، محمود محمد طه..إلخ، «لأن القائمة تطول بطبيعة الحال».. السؤال الذي يطرأ هنا كيف نحافظ على ما قدمه هؤلاء المفكرون والمثقفون من إسهام علمي وفكري وثقافي وابداعي مرموق؟ وكيف نحوله من إرث خلاق «في الكتب» الى واقع حقيقي يجني ثماره الناس ويلمسونه.. لمس اليد، في واقع حياتهم اليومي؟
    للإجابة على تلك الشاكلة من الأسئلة المزعجة، لا بد من توحد وتضافر جهود شتى، متناثرة هناك وهناك، لتنتظم في خيط واحد لتشكيل أرضية ثابتة لواقع ثقافي متماسك.. فهل من مستجيب لمثل هذه الدعوة؟!

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509549
                  

04-16-2008, 05:10 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    دلالات القرار ببطلان المحاكمة
    يقيم اتحاد الكتاب السودانيين بالتعاون مع مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بام درمان في السابعة والنصف من مساء اليوم، يقيم ندوة بعنوان:
    «دلالات قرار المحكمة العليا ببطلان محاكمة محمود محمد طه»، يتحدث فيها الاستاذ طه ابراهيم المحامي. ويعقب عليها القانوني امين مكي مدني والاستاذ الباقر العفيف.
    ويديرها الاستاذ شمس الدين ضو البيت. وذلك بمقر المركز بأم درمان حي العمدة شرق

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509549
    ________
                  

04-16-2008, 05:10 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اشياء صغيرة
    بين الأستاذ والدكتور

    امل هباني
    كُتب في: 2008-01-20




    بين الاستاذ محمود محمد طه والدكتور جون قرنق دي مبيور كثيرمن نقاط الالتقاء والرؤى المتقاربة، في مجال التغيير الثقافي للامة السودانية.. في البدء كلاهما رجلان عظيمان عاشا كزعيمين حقيقيين يحملان رؤية ثورة وتغيير لوطن اسمه السودان وان اختلفا في الاسلوب من الثورة السلمية الهادئة للأستاذ محمود محمد طه للثورة العسكرية المتمردة للدكتور جون قرنق دي مبيور.. وايضا يجمع بينهما انهما قدما حياتهما ثمنا لما يؤمنان به فما بين اعدام محمود محمد طه في الثامن عشر من يناير في العام الف وتسعمائة خمسة وثمانين، وبين مقتل جون قرنق في الأول من أغسطس عام ألفين وخمسة تشابه في النهايات التي يقدم أصحابها أنفسهم قربانا للفكرة فتكون لحظة النهاية ذاتها مليئة بالدراماتيكية والتراجيديا مما يجعلها ـ اي النهاية ـ ذاتها امتدادا للفكرة عند الاتباع ومحفزا للمضي فيها.. فما بين تلاميذ الاستاذ محمود محمد طه الذين حملوا «الرسالة» في صدورهم وتفرقوا في شتات الارض يحمونها ويحفظونها ليوم آتٍ في «اعتقادهم» وبين اولاد قرنق الذين امسكوا بدفة القيادة وهم يواجهون الرياح والامواج العاتية يمنة ويسرة بعد مقتل الربان الماهر الذي كان يقود المركب بكل مهارة في كافة الظروف تبرز فكرة القائد المعلم والاتباع التلاميذ.. مع الاختلاف ان تلاميذ الاستاذ محمود محمد طه استسلموا لهذه الفكرة كلية واعتبروا ان لا تلميذ يمكن ان يصل لقامة الاستاذ بينما ورث قرنق ثوريته ومهاراته القيادية لابنائه الذين اثبتوا ان الزعامة والقيادة يمكن ان تتناقل من القائد الى الابناء وقد يعزى ذلك لان ابناء قرنق يطأون ذات الجمرة فمعظمهم من ا لجنوبيين «أسياد الوجعة» الذين يعبر عنهم قرنق في رؤيته لسودان جديد ثقافيا هو اساس التعايش لسودان قديم جغرافيا.. في حين يرى الاستاذ محمود محمد طه ان مشاكل السودان القديم جغرافيا تحل بفرد جديد اخلاقيا ومجتمع جديد سلوكيا الامر الذي جعل الاستاذ محمود محمد طه يرى في حل مشكلة قرنق حل مشكلة كل السودان اولاً ومن خلالها ستحل مشكلة الجنوب، بينما يرى قرنق ان حل مشكلة الجنوب اولاً ستحل مشكلة كل السودان ويجمع بين الإثنين علمية ومنهجية عالية يفتقدها المفكرون والقادة عموما في السودان.
    يجمع بين الإثنين ايضا ان كلاهما صور في الاعلام لفترة طويلة كمتمرد وسيء الصورة بشع الصفات ذاك خارجا عن الدين وهذا خارجا على القانون والدولة و«الدين» منذ مجيء الانقاذ واعتبار حرب الجنوب حربا جهادية لكن قرنق اتيحت له فترة قصيرة جدا بعد حضوره الخرطوم وتسلمه مهامه كنائب أول لرئيس الجمهورية لكنها كانت كفيلة بفضل صفاته القيادية وبريقه الجماهيري ان تزيل عن صورته تشوهات كثيرة في اذهان ملايين الناس في شتى انحاء السودان، وتجعلهم مهيئين تماما لقبول رؤيته للسودان الجديد بل والانخراط في خدمة هذا المشروع ،بينما مازالت صورة الاستاذ محمود محمد طه ورغم بهائها وقوتها في اوساط الصفوة المثقفة الا انها مشوشة وتحتاج الى كثير من العمل من الاخوان الجمهوريين في الاوساط الشعبية وبين العامة لازالة التشويش واعطائه حقه الجماهيري باقناع الجماهير بأن رؤيته هذه من أجلهم.. وبين السودان الجديد والمجتمع الجديد والفرد السوداني الجديد قيم تستحق ان تسود وتقود هذا الشعب الى الخلاص.. وضعها عظماء أمثال الأستاذ والدكتور فماتت أجسادهم وبقيت أفكارهم، نحتفي بها ونتأملها كما نفعل في الذكرى الثالثة والعشرين لاغتيال الأستاذ محمود محمد طه.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=6&issue_id=1316&col_id=27
    ______
                  

04-16-2008, 05:24 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اشياء صغيرة
    علي.. معاوية.. محمود

    امل هباني
    كُتب في: 2007-09-24




    علي عبد اللطيف، معاوية محمد نور، محمود محمد طه .. مواصلة لما بدأته بالأمس عن علاقتهم بالثورة والتغيير الثقافي كما اراها التي جعلتني اهديهم بحثا بعنوان «كيف نصنع تنمية ثقافية في الصحافة السودانية» .. وعلي ومعاوية ومحمود.. وهذا الجمع بين الثلاثة يقوم على الملاحظة والرؤية الخاصة، إذ أن الثلاثة باختلاف اجيالهم وازمنتهم ورؤيتهم الفكرية اجتمعوا في شيء اساسي انهم اسسوا لتغيير ثقافي كبير في المجتمع السوداني باكمله.
    علي عبد اللطيف زعيم وبطل ثورة 1924م، آن للتاريخ ان ينصفه بأن يكتب ما وراء الثورة المسلحة .. وفي اعتقادي أن ما وراء الثورة تأسيس لحركة وطنية مناهضة للاستعمار الانجليزي قوامها «المثقفون» الذين لم يتبلور شكلهم بعد في ذلك الزمان، الذي كان فيه رموز المجتمع وقادته من زعماء العشائر والقبائل والطوائف الدينية .. أى ان جمعية اللواء الابيض هي اول تجمع قام على اساس وطني وليس طائفياً، مع ملاحظة ان المناخ العام يقارب المناخ العام الموجود بعد ثمانين عاما اي الآن.. فهناك جدل حول فصل جنوب السودان، وآراء من النخب الشمالية ترى أنهم مجموعة من المتخلفين والبدائيين يجب فصلهم.. وعندما نرى اعضاء جمعية اللواء الابيض باختلاف سحنهم وقبائلهم، نجد انها تجاوزت ضيق «الهوية» الى رحابة «الوطنية».. وحتى موقفها من بقاء السودان تحت التاج المصري كان رؤية لوطن واحد وهو «السودان» وليس لمجموعة عربية او افريقية كما جاء من بعد.
    أما معاوية محمد نور الرجل الذي جاء قبل اوانه ورحل قبل اوانه.. ورحل وهو يحمل معه كثيراً من الغموض والاسرار الثقافية والفكرية.. فهو مشروع مثقف فقد عقله المتوهج ذكاءً الصائب رؤية تجاه كثير من القضايا التي تناولها آنذاك من الحقوق المادية للمؤلف وانتشار السرقات الادبية في مصر من الادب الغربي، الذي عرف ايضا في عصرنا هذا بحقوق الملكية الفكرية.. والسؤال الاهم ما الذي جاء بمعاوية نور من مصر ليستقر في السودان، داعيا لقيام حركة ثقافية سودانية الشكل والبيئة بعد ثورة 1924م مباشرة، فهل هناك علاقة أو تواصل على اى مستوى بين الاثنين ؟؟ اسئلة تستحق الدراسة والتمحيص.
    الثالث هو محمود محمد طه اكثر الثلاثة معاصرة وحداثة، ووضوح في الرؤية الفكرية. وعلى الرغم من اختلافي مع محمود محمد طه في رؤيته العقائدية .. لكن محمود محمد طه نموذج لرجل قاد ثورة ثقافية ناجحة، فاتباع محمود محمد طه وحتى الآن بعد غيابه لقرابة ربع قرن من الزمان، احتفظوا بالتغيير الوجداني والسلوكي الذي احدثه زعيمهم الراحل بمحاضراته وكتاباته، وحتى مدى التزامه الشخصي بذلك السلوك الفكري.. لذلك هو قائد حقيقي وواقعي لثورة ثقافية.. وان لم تكتمل التجربة، تجربة الثلاثة الذين رحل ثلاثتهم بطريقة مأساوية، دفعوا فيها ثمن افكارهم الملهمة بالتغيير نحو الافضل لهذا السودان وللإنسان وسموه الوجداني اينما وجد في هذه الدنيا.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=6&issue_id=1212&col_id=27
    _________________
                  

04-16-2008, 05:26 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الحركة تطالب بدعم مطلب «الجمهوريين» بالعودة
    الخرطوم : علاء الدين
    دعت الحركة الشعبية ، القوي السياسية كافة ، للصمود في دعم مطلب الجمهوريين بالعودة الى ساحة العمل العام، واعتبرت افكار زعيمهم محمود محمد طه ، مهمة في هذه المرحلة الدقيقة لجهة وحدة السودان ونهضته .
    وقال نائب رئيس المجلس الوطني ، اتيم قرنق ، في الاحتفال الذي نظمته اللجنة القومية بالتعاون مع سكرتارية الشباب والطلاب بالحركة الشعبية لاحياء ذكري اغتيال الاستاذ محمود محمد طه ، امس ، بدار الحركة بالمقرن ، ان محمود جاء بفكر اسلامي مستنير يستوعب غير المسلمين في دولة المواطنة الحقة ، مشيرا الى انه كان اول من دعا الى تطبيق الحكم الفيدرالى في البلاد قبل حتي ان يطالب بذلك الجنوبيون .
    ودعا نائب الامين العام للحركة الشعبية لقطاع الشمال ، ياسر عرمان ، القوي السياسية كافة للصمود من اجل الدفاع عن حق الجمهوريين في التعبير عن افكارهم .
    واكد، انهم في الحركة الشعبية ، يؤيدون الحق الدستوري لتلاميذ الاستاذ محمود في التعبير عن رؤاهم وافكارهم ، لان مكانتهم لا تزال شاغرة في في الساحة ، ولم يستطع اي تيار ان يملاها ، مؤكدا ان افكار الاستاذ محمود مهمة في هذا التوقيت تحديدا لجهة الحفاظ على وحدة السودان ونهضته.
    وقالت ، اسماء ، ابنة الاستاذ محمود ، في كلمتها التي القتها في الاحتفال عبر الهاتف من الخليج ، ان افكار والدها تعانق قضايا الواقع المعاصر في كل يوم من خلال دعوتها لاحترام الحقوق ، وتوقير الانسان من حيث هو انسان ، واقامة دولة المواطنة الحقة ، التي أسس لها الاستاذ دينيا وتشريعيا واجتماعيا .

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509478
    _________________
                  

04-16-2008, 09:16 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اضواء ومفارقات
    الحاكمية لله وحده (2)
    تاج السر مكي



    عرف سيد قطب بتأويله الخاص لما يسميه (آيات السيف) وهي تصل الى حد (الأمر بقتال اهل الكتاب حتى (يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) وهو يؤسس موقفه على مقولات ابن قيم الجوزية الحنبلي اذ يعتبر أن (الخراج المضروب على رؤوس الكفار اذلالاً وصغاراً) لأن الجزية جزاءً على كفرهم وهو أمر لايتماشى مع قيم العصر ولن يكون تحقيقه ممكناً مع مواثيق حقوق الإنسان التي تمثل مرجعية للدستور الانتقالي وجوهر اتفاقية السلام.
    إن الذين يسوقونا الى أهدافهم تلك الغامضة يتصورون أنهم سيقيمون دولة الله في الأرض وهم لم يتمكنوا في تجربتهم التي حشدوا لها كل إمكانياتهم واعدوا لها العدة وسطوا على السلطة غيلة من أن يبرهنوا على أنهم يتمتعون بأي درجة من الشفافية والصدق ، فما كشف عنه الترابي (عراب التجربة) يدل على عدم المصداقية فحتى الآن لم نسمع ما ينفي إتهاماته تلك بل هو يزيد عليها كل يوم مما جعلهم لا يجدون طريقاً غير تكفيره ولو قدر لهم ان يفعلوا به ما فعلوه بالمفكر الاسلامي النبيل محمود محمد طه لما ترددوا لحظة واظنهم يعدون العدة لذلك لكن هل يستطيعون ؟ .. إن الاصرار على تأكيد حاكمية الله في دستور العاصمة (الأمر الذي يجعل الحكم عبادة) كما قال بعضهم هو مقدمة لشر يضمرونه للناس ولشيخهم والذي سخر كثيراً من مارساتهم..
    إن الرسل والأنبياء لا يحكمون ( وما نرسل المرسلين الا مبشرين ومنذرين) وفي انجيل لوقا يقول ان شخصا قال للسيد المسيح ( يا معلم قل لأخي أن يقاسمني الميراث) فقال له ( يا انسان : من أقامني عليكما قاضيا أو مقسماً) .. وقد حكم الله بواسطة الوحي من خلال الرسل والانبياء
    فحكومة الله عندما تكون الحاكمية له لا تكون ابداً الا في عهد رسول أو نبي وقد حدث ذلك في عهد ادريس وموسى وداوود وسليمان وعيسى ومحمد فأين الوحي الآن من حكومة (ولاية الخرطوم) هل يريدون ان ينسبوا قصورهم وفشلهم الذي اعترفوا به للإسلام ؟ وما شأن الاسلام بشركات الطرق الوطنية العاجزة وما شأنه بالصراع الذي يدور في مؤسسات التأمين الصحي. وما شأنه بالفساد الذي استشرى وبتلك الفوضى والعجز والتآمر الذي تم في يومي الاثنين والثلاثاء الداميين.. ففي حكومة الله يا هؤلاء وحدها يحكم النبي بإرادة الله ويقضي بوحيه ويأمر بنوره ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) لذلك تكون طاعة النبي طاعة لله ومن يطع الرسول فقد أطاع الله).. ( إنما الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) .. فمن نطيع اليوم ومن نبايع هل يجرؤ أحدهم ان يقول إنه أهل لبعض ذلك..
    ان حكومة الانقاذ قامت على القوة وفرضت على مواطنيها والمقيمين على أرضها ان يلجأوا الى سلطانها وسلطاتها طائعين او مكرهين وهي تفرض عليهم تنفيذ ارادتها واحكامها وأوامر حكامها بالقوة والاكراه لكن في حكومة الله لا يفرض ذلك فإن النبي لا يفرض على جماعة المؤمنين حاكماً او قاضياً فلا ينبغي تصور إمكان حكومة الله بغير رسول أو نبي أو تصور إمكان قيامها على ما تقوم به الحكومات ( كالانقاذ) والتي تصر على فرض قوانين الانقاذ وابقائها رغم ان الحكومة الحالية من المفترض ان تكون حكومة شراكة .. إن حكومة الله انتهت يوم وفاة النبي وانقطاع الوحي .. فابحثوا يا هؤلاء عن العدالة الإنسانية لعلكم تفلحون.

    http://www.alayaam.info/index.php?type=6&col_id=71&issue_id=935&bk=1
                  

04-16-2008, 10:15 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    العدد رقم: الاثنين 8665 2006-11-27
    أقتصاديات
    الاقتصاد والسياسية
    محمد رشاد عبد الرحيم


    لعل التعاون الحالي – الذي يستغربه البعض – بين الشيوعيين الصينيين (الحزب الشيوعي الصيني) والاسلاميين السودانيين (حزب المؤتمر الوطني) أبلغ دليل على التغييرات العالمية التي يتقدم فيها الاقتصاد وتتراجع العقائد والمبادئ .. فالحركة الإسلامية السودانية منذ نشأتها عرفت بالعداء المستحكم للشيوعية والشيوعيين فدمغتهم بالكفر والإلحاد ولعبت دوراً كبيراً في حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه من البرلمان تحت هذه الدعوى (الكف والالحاد) وان كان الأمر في حقيقته المنافسة السياسية تماماً كما حدث للشهيد محمود محمد طه.. هاهي الحركة الاسلامية السودانية الآن (سمن على عسل) مع الحزب الشيوعي الصيني يقدم لها الهدايا الثمينة وبالطبع عرفانا بما تقدمه لذلك الحزب الشيوعي هذه الهدايا ليست حباً في سواد العيون وسبحان مغير الاحوال.
    لو كان الحزب الشيوعي السوفيتي موجوداً في السلطة في تلك البلاد لما تأخر اسلاميو السودان في الاحتماء واللوذبة من استكبار الامريكان طمعاً في (الفيتو) فلقد كان الشعار الاسلامي يوما ما في السودان يعادي الاثنين (الشيوعية والرأسمالية) (امريكا روسيا قد دنا عذابها) فلا عذبوا هذه ولا تلك وتعذبنا نحن وتفرقنا أيدي سبأ واصبحت بلادنا في كف عفريت مهدة بالانفصال في (الاتجاهات الاربعة) وما مثلت حمدي يبعيد عن الاذهان وعلى نفسها قد جنت براقش.
    الاهداف الاقتصادية اصبحت هي (المرجعية) ولا مرجعية غيرها .. انظر للتصويت في مجلس الامن وحق الفيتو الا تتحكم المصالح الاقتصادية عند التصويت ؟
    الحروب الباردة وربما غير الباردة الحالية ومستقبلاً حول الموارد والاقتصاد وليس صراع حضارات وأديان فالشركات العابرة للغارات دينها (الارباح) ولايحد من غلوائها وتوحشها الا منظمات المجتمع المدني الساعية لتحقيق العدالة للإنسان والتي تنمو في ظروف الحريات فلتعمل هذه المنظمات لاستعادة الحريات بالبلاد التي تحكم شموليا.
    الدعوة للاهتمام بالاقتصاد في ظروف الحريات والديمقراطية ليست دعوة (برغماتية) على حساب القيم طالما كان المجتمع مفتوحا وشفافاً وحراً فسيتقدم على كل الجبهات اقتصادية وعدلية وعلمية وانسانية


    http://www.alayaam.info/index.php?type=6&col_id=73&issue_id=939&bk=1
                  

04-17-2008, 01:43 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    معالم في الطريق
    السكوت على التعذيب يعني استمرار الحلقة الشريرة
    محجوب عثمان


    لن نمل الحديث عن قضية التعذيب ولن نتوقف عن التكرار حتى لو كنا لا نصفق الا بيد واحدة او كنا نمسك وحدنا بناقوس الخطر . القضية اكبر من ما يتصور كثيرون فهي ليست او لم تكن نزوة عابرة او حقدا اسواء مبررا اذا جاز ان لكل من قفز للسلطة ان يحقد على من لا يؤيده ان القضية ومعالجتها تتعلق بمجمل مستقبل العمل السياسي في السودان ونوع الحكم فيه . فاذا كانت مجموعة 17 نوفمبر 1957م قد نالت ما تستحق من عقاب بعد سقوطها لما تجرأ احد واقدم على انقلاب 25 مايو ولو عوقب قادة مايو خصوصا كبيرهم السفاح بصورة حاسمة لما ابتلينا بانقلاب 30 يونيو 1989 لقد ظل الشعب السوداني يصرخ ويردد الصراخ مطالبا مصر باعادة السفاح ليلقى جزاءه ولكن مصر حمت السفاح وابقت عليه آمنا واذا كانت مصر قد حسبت انها تقدم خدمة للسودان بذلك العمل فهي مخطئة تماماً . ما ان احس نظام (الانقاذ) انه استقر حتى رحب بالسفاح ومسح عنه كل الاثام ولا ادري من اين كان ذلك الحق لجماعة (الانقاذ) في ان تنوب عن شعب باكمله للعفو عن قاتل سفاح يكفي من اثامه ان نذكر انه هو الذي اغتال شهيدين من اعظم من انجبت حواء السودان، الشهيد عبد الخالق والشهيد محمود محمد طه. شاهد القول ان ما عرف باسم (الحلقة الشريرة) وهي انقلاب عسكري يقضي عليه الشعب بثورة او انتفاضة ثم ياتي انقلاب عسكري آخر هذه الحلقة الشريرة ستستمر اذا لم يكن هناك حساب وعقاب وقضية (التعذيب) وممارسته بانواع متعددة وتطبيقه حتى على افضل عناصر المواطنين واكثرها عطاءا للوطن هذه القضية واحدة من اهم القضايا التي ينبغي ان تخضع للحساب والعقاب. ان مواصلة البحث في هذه القضية سيكشف لنا الكثير من ما كنا نجهله ولهذا فاننى اليوم ادعو كل من تعرض لتعذيب نفسي او جسدي في بيوت الاشباح او غيرها ان يتقدم إلى هذه الصحيفة بما عنده حتى نتمكن من تكوين ملف كامل يتشاور الخيرون كيف يمكن التصرف حياله ولنا فيما فعله الدكتور فاروق محمد ابراهيم قدوة حسنة.

    http://www.alayaam.info/index.php?type=6&col_id=60&issue_id=953&bk=1
                  

04-17-2008, 03:19 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    بين أعمدة العلم والوطنية بابكر بدري وشيخ لطفي
    الخير حسن سيداحمد

    في عام 1983م قرر نميري ان تكون مدينة رفاعة عاصمة المحافظة بالجزيرة وفي 28/8/1983م كتبت مقالاً في جريدة الأيام الغراء بعنوان (رفاعة طائر الفينيق) كان المقال يحوي تاريخ تأسيس مدينة رفاعة، وعلماء رفاعة، ورجالات رفاعة، ودور رفاعة في النهضة التعليمية ومحاربتها للاستعمار وثورة 1946م بزعامة الأستاذ المهندس محمود محمد طه.. الذي خاض البحر وجاء بالمرأة المسجونة (بجريمة الخفاض الفرعوني) معززة مكرمة.. ذهبت المرأة الى بيتها وذهب الأستاذ محمود ورفاقه الى السجون لم يدخلوا سجناً واحداً بل وزعوا على عدة سجون.
    بعد شهر او شهرين من كتابة ذلك المقال، شد الرحال الموثق والمؤرخ وجامع الأدب الشعبي الأستاذ الطيب محمد الطيب، الى مدينة رفاعة جاء بهيلمانه وتلفزيون وفنانين (ثنائي العليفون).
    اجتمع بنا في منزل الشيخ محمد لطفي عبد الله وبعد مقدمة بسيطة كسوة الشرف التي البسها نميري هذه المدينة.. طلب من المواطنين ان يكونوا على قدر المسئولية- ثم طلب مني ان اتحدث بما اعرف عن شيخ لطفي.. رفضت الحديث واعتذرت قائلاً لا يمكن ان اتحدث عن شيخ لطفي وانا في منزله وعلى يميني وشمالي ابناءه علي وصلاح هما ادرى مني وسوف يقولان لك ما يمتعك فأهل مكة ادرى بشعابها.. فقبل عذري.. وشكرته.
    سأل الأستاذ الطيب محمد الطيب الأستاذ علي لطفي عن تسمية (لطفي) ومن اين جاءت قال علي لطفي
    كلمة لطفي تعني (اللطافة) فقد كان والدي لطيفاً لذلك اسماه بابكر بدري بهذا الاسم الذي صحبه حتى مماته.. لكن اقول للاخ على ان كلمة (لطفي) هي اسم الكاتب: مصطفى لطفي المنفلوطي وقد كان بابكر بدري معجباً باسلوبه محمد عبد الله قوى مندما كان تلميذاً له. فكان محمد يكتب مواضيع الانشاء باسلوب لطفي المنفلوطي.. وكان يسمى تلاميذه باسماء المصريين من ادباء وشعراء وعلماء فاسمي شبيكة بـ(عزمي) واسمى احمد ابوسن بـ(حلمي) وعلي عبد الله باسم (ناصف) وهكذا هذا هو سبب تسمية (لطفي) فقد كان اديباً وكاتباً.
    ويمتاز اسلوبه وادائه باسلوب مصطفى لطفي المنفلوطي
    الدور الذي قام به الشيخ بابكر بدري للتعليم عامة وتعليم المرأة خاصة كان دوراً فريداً ومقدراً بعد ان هزم ود النجومي في معركة (طوشكي) اسر بابكر بدري من ضمن جنود ود النجومي. اخذ الى مصر.. سجن فيها.. وبعد ان اطلق سراحه لم يحضر الى السودان.. كان يتجول في حواري القاهرة.. ويدخل صحن الازهر والازبكية يدخل بعض المدارس ويشاهد كيف يدرس المصريون التلاميذ.. ثم عاد الى السودان وقد نهل من علم ومعارف الكنانة.. جاء ورأسه مشحوناً بصنوف العلم والمعرفة. اراد ان يفرغ تلك الشحنة... فاختار مدينة رفاعة واخذ يخطط لمشروعه الرائد. قرر ان يبدأ بتعليم المرأة.. لما لها من مكانة في المجتمع وما لها من أدوار تلعبها في بيتها وبين جاراتها وفي حيها ومدينتها.
    لم يهتم الوالد بابكر بدري بتلعيم المرأة القراءة والكتابة وحفظ القرآن انما اهتم جداً بتدريس (الاقتصاد المنزلي) مادة (Domestic Sciences) التي تعني باشغال الأبرة.. والطبخ، الحياكة وصنع الحلوى (الكعك- المنين) والعصائر الآبري الاحمر والأبيض، وشراب العرديب و ثمار التبلدي الخ
    لكن لم يتركه الاستعمار وغيره من اولاد الحلال ان يؤدي رسالته حاربوه حتى انتقل للعاصمة سبق ان كتبت مقالين في جريدة الأيام الغراء.. لا أنكر تاريخهما لكني اذكر عناوينهما.. كان الأول بعنوان (خلف الدرج امام الطيب صالح) تحدثت في هذا المقال عن نشأة مدرسة رفاعة الأهلية الوسطى... متى بنيت؟ واين فتحت اولاً؟ والصعاب التي واجهت مولانا شيخ لطفي عند الافتتاح، ومن وقف معه من المواطنين.. نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر.. شيخ محمد خير ابراهيم (افندينا) الذي فتح ديوانه لطلبة السنة الأولى والثانية حتى تم بناء المدرسة والشيخ محمد عبد المجيد الذي دفع مال (الأمنية) الذي طلبه المستعمر وكان (مائة جنيه).
    اما المقال الثاني فكان بعنوان (مدرسة رفاعة الأهلية الوسطى بين الطيب صالح ود. خالد المبارك) وكان المقال منصباً على بناء المدرسة والصعاب التي واجهت شيخ لطفي في التصديق والبناء وكيف جاب السودان كله يجمع التبرعات من احبابه واصدقائه والمؤمنين برسالة العلم في عهد طغى فيه المستعمر وتجبر.. وتحدثت في المقال عن المعلمين الذين تعاقد معهم شيخ لطفي احمد يوسف ابن اخته وصهره.. احمد محمد حامد موسى.. خضر السيد.. محمد منصور..بساطي، الطيب غالب، عثمان الجعلي، شيخ الأمين الخليفة، شيخ بابكر الجنيد، (الاخدر) فتح الرحمن البشير، ميرغني النصري المحامي. حسن علي احمد. سيد احمد نقد الله، الذي ارسل المستعمر برقية لشيخ لطفي يأمره فيها بفصل نقد الله وناداه شيخ لطفي وقال له:
    ياخوي انت مدرس ممتاز.. لكن الكفار ديل قالوا افصلوك من المدرسة والله أنا تدريسك عاجبني.. وما عايز افصلك لكن ما باليد حيلة.. دحين ياخوي هاك حق الشهرين ديل مصاريف.. لكن عليك الله تشوف لي مدرس ناجح زيك كدة وترسله لنا... اها ودعتك الله.
    جاء الطيب صالح- بعد مغادرة نقد الله المدرسة ومكث بها سنتين يدرس ويرعى الطلبة في (داخلية الطب) الى ان ذهب الى بخت الرضا (كلية المعلمين الوسطى) عندما انتدبه شيخ لطفي ليتلقى كورساً في المادة والطريقة وفنون التدريس لكن من بخت الرضا شد الرحال الى بلاد الانجليز الى بلاد يموت الحوت من بردها اختير مذيعاً باذاعة (BBC)
    جاء من بعد الطيب صالح، محمد لطفي عبد العزيز ابو سمرة، عبد العزيز التوم، حسن نصر، احمد علي جابر، مصطفى محمد سعيد الخ.
    قبل موت الشيخ محمد لطفي عبد الله، جاء رهط من المعلمين عملوا معه وحملوا المشعل عالياً بعد موته.. عبد الرحمن علي الشيخ، بهاء الدين الشيخ، عبد الباسط حسين، شيخ يوسف محمد علي، شيخ بابكر بابكر.. يحي حسين.. ادريس محمد ادريس، الأمين صديق التوم، بابكر الخليل، الطاهرة وقيع الله، ادم احمد كودة، محمد علي الخليفة، محمد خير حسن سيد احمد، خالد المبارك، التجاني صديق، عبد الله عثمان، خالد بشير (القرش)
    نواصل.....


    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147505215
                  

04-17-2008, 03:57 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الدين في المجتمع المعاصر (4)

    من بين كل أشكال الإجتهاد الإسلامي في تطبيق النصوص يقف إجتهاد عمر بن الخطاب نسيج وحده فهو ليس اجتهادا فيما هو ظني الثبوت او ظني الدلالة او ظني الدلالة والثبوت من النصوص فحسب بل هو ايضا اجتهاد فيما هو قطعي الدلالة والثبوت وهو لا يقف عند حدود الفهم والاستنباط والتفريغ والترجيح والتبرير للاحكام المستنطبة من النصوص قطعية الدلالة والثبوت كما درج على ذلك السلفيون القدماء والجدد من بعده حتى يومنا هذا وانما يتعدي ذلك الى تغيير او تجاوز او استبدال هذه الاحكام .



    الردة لحماية اسرار المسلمين
    وليس ادل على خطأ النظام المعرفي للفكر السلفي الاسلامي والذي ترتب على اغفال منهج الكتاب والحكمة من صياغة جريمة باسم الردة وتعريفها بانها الخروج عن الدين او الترويج لذلك او ما يشابهه برغم وضوح القرآن في هذه المسالة وقوله صراحة (قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (29 الكهف) اما الموضوع القانوني الذي استوجب الحماية بالعقوبة في الحديث (ومن بدل دينه فاقتلوه) فهي شئ اخر تماما سيتبين لنا من خلال قصة حاطب بن بلتعة وامثلة اخرى.
    وقد كان حاطب بن بلتعة رجلا من المهاجرين وكان من اهل بدر ايضا وكان له بمكة اولاد ومال ولم يكن قرشيا بل كان حليفا لعثمان فلما عزم رسول الله (ص) على فتح مكة لما نقض اهلها عهد الحديبية ، امر المسلمين بالتجهيز لغزوهم وقال (اللهم عم عليهم خبرنا) واخبر الرسول (ص) جماعة من اصحابه بوجهته كان منهم حاطب فعمد حاطب فكتب كتابا وبعثه مع امرأة مشركة الى اهل مكة يعلمهم بعزم الرسول (ص) على غزوهم .. ليتخذ بذلك عندهم يدا وفي البخاري قال علي بن ابي طالب بعثني رسول الله انا والزبير والمقداد فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة (امرأة في هودج) معها كتاب فخذوه منها . فقلنا لتخرجي الكتاب او لنلقين الثياب . فاخرجته من عقيصها (العقيصة: الضفيرة) فآتينا به النبي (ص) فقال : ما هذا يا حاطب ؟ قال لا تعجل علي يا رسول الله اني كنت إمرءا من قريش ولم اكن من انفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها اهليهم واموالهم بمكة . فاحببت اذا فاتني النسب فيه ان اصطنع اليهم يدا يحمون قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني . فقال النبي (ص) انه قد صدقكم فقال عمر : دعني يا رسول الله فاضرب عنقه فقال انه شهد بدرا وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وفي رواية مسلم لهذا الحديث (فقال عمر : إنه خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني لاضرب عنقه)..
    فها هو رجل من المسلمين قام بافشاء سر حربي من اسرار المسلمين لاعدائهم وهدد بذلك امنهم وسلامتهم . فكاد ذلك ان يؤدي بحياته لانه بكلمات عمر بن الخطاب (قد خان الله ورسوله والمؤمنين) قد ارتكب جريمة الخيانة العظمى وافشى اسرار دولة المدينة لاعدائها في مكة . ولم يشفع له لدى عمر انه قال (وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني) لان الموضوع ليس بقاءه في الدين او خروجه عنه وانما هو افشاء اسرار المسلمين ولم ينقذه من سيف عمر الا تدخل الرسول (ص) لصالحه لانه شهد بدرا . فاذا كان رجل من المسلمين شهد بدرا يمكن ان يرتكب جريمة الخيانة العظمى واستحق بذلك ان يقتل فان ارتكاب الخارج عن الاسلام لهذه الجريمة يكاد يكون مؤكدا في ذلك العصر . خاصة ان الارتداد عن الدين كان يعني الإنتقال الجسدي الى دار المشركين . مع اسرار المسلمين الحربية . وكان ذلك حال (عبد الله) بن سعد اخو بني عامر بن لؤى وكان ذلك ايضا حال عبد الله بن اخطل ارتدا مشركين فرجعا الى مكة .(41).
    ومن ذلك يتضح ان معاقبة الاسلام من ارتد عنه بالقتل انما اقتضته سياسة الدولة اكثر من الحرص على إسلام هؤلاء اذ كان اخوف ما تخافه الدولة الاسلامية من الابقاء على هؤلاء المرتدين ان ينقلبوا عيونا عليها وبذلك يصبحون شرا مستطيرا يهدد كيانها(42).وهذا هو السبب الذي حرم القرآن التزاوج مع مشركي مكة في قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم) (221 البقرة) وفي قصة حاطب بن بلتعة التي سبقت ما يدل على ذلك . فالمرأة التي اخذت الرسالة تريد بها معسكر المشركين كانت امرأة مشركة . وكان الشافعي يقول في جهاد المشركين ان من قرب اولى ان يجاهد لقربه من عورات المسلمين (43) لذلك فان زواج المسلمين من مشركي مكة رجالا او نساءا كان سيشكل خطرا كبيرا على اسرار المسلمين يهدد امنهم وسلامتهم .
    خاتمة :
    وبهذا يتضح ان المنهج التشريعي الاسلامي في اصوله القرآنية هو منهج علمي لا يهدر البعد التاريخي او يتجاهله وان تجاهل هذا البعد التاريخي وهو الامر الذي ظل يسم الفكر السلفي لعدة قرون الآن وقاد الى التخلف الذي تعاني منه المجتمعات الاسلامية اليوم لانه يصادم قانونا اساسيا من قوانين الكون ان هذا التجاهل امر طرأ في وقت لاحق على نزول القرآن وبعد انقضاء جزء من الخلافة الراشدة ، ولقد كان من نتائج لاعلمية هذا التوجه في بعده التطبيقي – والدليل عليه في الوقت ذاته – صعوبة بل واحيانا استحالة تطبيق هذه الاحكام على بني اجتماعية واقتصادية وآليات سياسية مختلفة تماما عن مثيلاتها في جزيرة العرب عند بدء العمل بهذه الاحكام (انظر كمثال الطريقة الانتقائية التي تسم هذا الفكر ايضا والتي اسقط بها الجزية كمكون من مكوناته).
    في المقابل تعامل المنهج التشريعي القرآني ، وهو منهج الكتاب والحكمة مع هذه الاحكام بوصفها وسائل لتحقيق مبادئ او غايات عامة وهي لذلك متاثرة بالتطور الاجتماعي للانسان لذلك حث على تجاوزها الى غاياتها لان كل تجاوز لها الى غاياتها هو اقتراب من غايات الخلق . وبرغم ان الاحكام تتساوى جميعا في انها وسائل لغايات الا ان غاياتها في اهميتها فغايات الاحكام الموجهة نحو النفس البشرية ، وهي قيم الكرامة والقوة والعدل والعلم والسلام ، بوصفها القيم التي تقوم بصياغة الانسان ، واعداده لدوره على الارض. هي قيم وغايات المجتمع الكبرى . وتجئ غايات الاحكام الاخرى داعمة ومساندة وموصلة لهذه الغايات الكبرى .
    والعلم بوصفه اصلا اصيلا من هذه القيم الكبرى هو وسيلة المجتمع لابتداع الوسائل وهو وسيلته للتعرف على غاياته ليس بالاستقراء وحده وانما بكل الطرق المعمول بها علميا في جميع العلوم وبالدراسات العلمية في العلوم الطبيعية والانسانية وبالتجربة والخبرة الانسانية الواعية.
    كذلك فان ثبات الحكمة او الغايات انما هو ثبات نسبي فقيم الكرامة والقوة والعدل والسلام تكتسب على الدوام مضامين جديدة فتنضاف حقوق انسانية جديدة لكي تعزز قيمة الكرامة مثلا وتبتعد القوة باضطراد عن ان تكون ما يسمى سياسياً وعسكرياً هكذا ..الخ.
    ونحن اذا دققنا النظر في مجموعات الاحكام اي احكام المحرمات والفرائض والمعاملات والاحوال الشخصية والعقوبات الفينا غايات وقيم المجتمع الكبرى مرة اخرى فكل مجموعة من هذه الاحكام تركز على واحدة من هذه الغايات اكثر من غيرها . فالمحرمات بحفظها لحقوق الانسان وتكريمها له عن الحيوان تركز على قيمة الكرامة والفرائض بتخليصه للنفس البشرية من نوازع الضعف من ذل ، وجهل ، وشح ، وعدوانية ، تركز على القوة والمعاملات بسعيها لاشاعة المساواة والنظام تركز على العدل . واحكام الاحوال الشخصية بتأكيدها على إنسانية الانسان التي لا تكون الا بالعقل والعلم الذين كرمهما به الله تركز على العلم. والعقوبات التي تهدف لمكافحة الجريمة واشاعة الامن والطمأنينة تركز على السلام . وغاية غاياتها معا هو تعمير الارض بالقسط لقوله تعالى (لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط (25 الحديد) وهو ادق مقاييس العدل فيه تتحقق خلافة الانسان لله الذي شهد انه "لا اله الا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم (18 آل عمران) وبذلك يتسق المنهج ويكتمل ويتأكد ويؤكد مصدره الإلهي.
    المراجع والهوامش :
    1- محمد حسين هيكل "الفاروق عمر" دار المعارف الطبعة العاشرة الجزء الثاني ص 225-25.
    2- نفس المصدر الجزء الثاني ص 268-269.
    3- محمد عمارة النص الاسلامي بين الاجتهاد والجمود والتاريخية "دار الفكر دمشق 2000 ص 68 .
    4- محمد حسين هيكل مصدر سابق ص 265.
    5- نفس المصدر ص 265.
    6- نفس المصدر ص 255.
    7- نفس المصدر ص 255.
    8- نفس المصدر ص 255.
    9- خالد محمد خالد "خلفاء الرسول" دار ثابت القاهرة 1994 ص 205.
    10- محمد حسين هيكل مصدر سابق ص 255.
    11- انظر : ابو إسحاق ابراهيم (الشاطبي) الموافقات في اصول الاحكام دار الفكر القاهرة .
    12- الراغب الاصفهاني معجم مفردات الفاظ القرآن دار الفكر القاهرة ص 127.
    13- محمد اركون : تاريخية الفكر العربي الاسلامي مركز الانماء القومي الطبعة الثانية بيروت 1996 ص 23.
    14- انظر اعمال محمد اركون : المصدر السابق ومحمد اركون الفكر الاسلامي قراءة علمية مركز الانماء القومي الطبعة الثانية بيروت 1996م واعمال محمد عابد الجابري تكوين العقل العربي مركز دراسات الوحدة العربية الطبعة السادسة بيروت 1994 ونية العقل العربي مركز دراسات الوحدة العربية الطبعة السادسة بروت 1994 واعمال نصر حامد ابو زيد خاصة : الامام الشافعي وتأسيس الايدولوجية الوسطية مكتبة مدبولي الطبعة الثانية 1996 ومحمد سعيد العشماوي الخلافة الاسلامية دار سينا للنشر القاهرة 1992.
    15- نصر حامد ابوزيد دار سينا للنشر الطبعة الثانية القاهرة 1994 ص 118.
    16- نفس المصدر ص 118-119.
    17- محمد عابد الجابري التراث وتحديات العصر مركز دراسات الوحدة العربية ص 209.
    18- نفس المصدر ص 209.
    19- محمد حسين هيكل مصدر سابق ص 254.
    20- خالد محمد خالد مصدر سابق ص 145.
    21- نفس المصدر ص 145.
    22- محمد حسين هيكل مصدر سابق ص 216.
    23- الراغب الاصفهاني مصدر سابق ص 126.
    24- لسان العرب مادة ح ك م .
    25- ابن كثير تفسير القرآن العظيم مكتبة الصفا الطبعة الاولى 2002 ج 2 ص 7.
    26- نفس المصدر ج 8 ص 95.
    27- حيدر ابراهيم علي الاسس الاجتماعية للظاهرة الدينية ملاحظات في علم اجتماع الدين في كتابات سودانية العدد الاول ديسمبر 1991 ص 72.
    28- سيرة ابن هشام ج 3 ص 327.
    29- محمد حسين هيكل الحكومة الاسلامية ص 47.
    30- سيد قطب في ظلال القرآن ج 1 ص 509.
    31- نفس المصدر ج 2 ص 767.
    32- راجع أعمال محمود محمد طه خاصة : الرسالة الثانية من الاسلام الطبعة الخامسة بدون تاريخ وتطوير شريعة الاحوال الشخصية الطبعة الاولى 1971 ومعظم الاعمال تدور حول صلاحية الشريعة كما جاءت في القرن السابع لاحوال القرن العشرين . وهو صحيح يتفق تماما مع منهج الكتاب والحكمة ولكنه يعزو عدم الصلاحية الى ان القرآن ينقسم الى مكي ومدني حسب مكان نزوله والى ان اصول الاسلام نزلت بمكة واستمر نزولها ثلاث عشرة سنة فلم يستجب لها الجأهليون فظهر عمليا انها فوق طاقتهم (تطوير شريعة الاحوال الشخصية ص 38). وهو قول فيه نظر لانه يفصل النصوص عن الواقع الاجتماعي والفكري لمن انزلت عليهم ، لكأنما المصدر الذي جاءت منه هذه النصوص لم يكن يدري هذا الواقع فكلف القوم فوق طاقتهم ، وهو الذي لا يكلف نفساً الا وسعها كما ان تقسيم التاريخ الى مرحلتين كل مرحلة تسود فيها شريعة فيه نظر لان التاريخ سلسلة من المراحل المتعاقبة.
    33- عادل ضاهر الاسس الفلسفية للعلمانية دار الساقي بيروت 1993 ص 5.
    34- مجلة الكرمل عدد 35 1995 ص 27.
    35- الصادق المهدي العقوبات الشرعية وموقعها في النظام الاجتماعي الاسلامي منشورات الامة بدون تاريخ مقدمه فتحي عثمان ص 9.
    36- العهد القديم خروج الاصحاح 22.
    37- احمد محمد الحوفي "الحياة العربية من الشعر الجاهلي" دار القلم القاهرة 1963
    38- شوقي ضيف "العصر الجاهلي" دار المعارف القاهرة الطبعة الحادية عشر ص 26.
    39- نفس المصدر ص 70.
    40- يري الصادق المهدي (مصدر سابق) ان تطبيق العقوبات يجب ان يكون مصحوبا بتوفر ظروف اجتماعية واقتصادية معينة تحارب الجريمة في مصادرها وتوظف العقوبات لحماية المتجتمع بعد ذلك فهو يعدل اولويات التطبيق فحسب.
    41- سيرة ابن هشام ج 2 ص 28.
    42- حسن ابراهيم حسن "تاريخ الاسلام" دار الجيل بيروت 1991 ج 1 ص 288.
    43- الشافعي "احكام القرآن" دار الكتب العلمية بيروت 1991 ج 2 ص 30.
    * ملحوظة : قدمت هذه الورقة في ندوة "الدين في المجتمع المعاصر التي نظمها مركز الدراسات السودانية في 25-26 يناير 2004م"..


    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147502769
                  

04-17-2008, 03:58 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    حول ذكرى كبير الشهداء محمود محمد طه

















    من الذي منع التحقيق في اغتيال الاستاذ محمود؟
    كان الاستاذ سعيد ميرغني حمور المحامي قد نشر ثماني حلقات عن زلف وبطلان محاكمة الاستاذ محمود تحت العنوان اعلاه.
    وهكذا بدافع مسؤولية امانة الثقافة ومسؤولية الثقافة القانونية والمسؤولية الوطنية والفكرية ولانصاف وابراز بطولة وفكر رجل مبدئي حتى امام الموت فشرف اصحاب المبادئ وشرف السودان الذي انجب امثال الاستاذ محمود ، كان مما ورد في حلقات الاستاذ حمور توثيقه لحكم المحكمة العليا الدائرة الدستورية الصادر في القضية م ع/ق د/2/1406هـ الصادر في 18/11/1986م القاضى ببطلان محاكمة الاستاذ محمود في محاكمة 1968م بالردة المزعومة ومحاكمة 1985م ايام لوثة نميرى ودولة الهوس وقضاء القصر العشوائي وكما قال الاستاذ حمور (كان الاستاذ محمود محمد طه انموذجا في الفداء والتضحية اذ كان جلادوه ينتظرون منه مجرد ايماءة ليتراجعوا عن اعدامه – المأزق- ولكنه قدم نموذجا لا يضاهي لكرامة الفكر ولاستقامة المفكر).
    اذ واجه المحكمة بقوله (انا اعلنت رأي مرارا في قوانين سبتمبر 1983 من انها مخالفة للشريعة وللاسلام اكثر من ذلك فانها شوهت الشريعة وشوهت الاسلام ونفرت عنه .. يضاف الى ذلك انها وضعت واستغلت لارهاب الشعب وسوقه الى الاستكانة عن طريق اذلاله ثم انها هددت وحدة البلاد من حيث التنظير.
    واما من حيث التطبيق فان القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيا وضعفوا اخلاقيا عن ان يمتنعوا عن ان يضعوا انفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لاضاعة الحقوق واذلال الشعب وتشويه الاسلام واهانة الفكر والمفكرين واذلال المعارضين السياسيين .. ومن اجل ذلك فاني غير مستعد للتعاون مع اي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت ان تكون اداة من ادوات اذلال الشعب واهانة الفكر الحر والتنكيل بالمعارضين السياسيين) انتهي.
    ومما جاء في حيثيات حكم المحكمة العليا ببطلان محاكمة الاستاذ محمود (انه يبين من مطالعة اجراءات محكمة الاستئناف تلك انها نهجت نهجا غير مألوف واسلوبا يغلب عليه التحامل مما جعل الاطمئنان الى عدالة حكمها امرا غير ميسور وعرضة للمعايير السياسية التي لا شأن لها بالاحكام القضائية). كما جاء ان اجراءات التأييد جعلت منها محكمة الاستئناف (محاكمة جديدة قامت فيها المحكمة بدور الخصم والحكم بما حجبها عن واجبها) كما جاء في الحيثيات (ولعلنا لا نتجني على الحقيقة لو اننا قلنا ان تنفيذ الحكم ما كان ليتم لولا ان محكمة الاستئناف اضافة الادانة بالردة وهو ما لم يكن ليصدر اصلا فيما لو كانت الاجراءات قد عرضت على المحكمة العليا بدلا من ان نستغل محكمة الاستئناف باجراءات التأييد لتنتهي الى ذلك الحكم من خلال المخالفات القانونية والدستورية التي تناولناها فيما تقدم).
    وهكذا صدر حكم المحكمة العليا الدائرة الدستورية مبطلا محاكمة الاستاذ محمود ومبرء لساحة القضاء المستغل من انحرافات القضاء العشوائي قضاء القصر وبعد صدور حكم المحكمة العليا وهو يحمل تلك الحيثيات التي اوردت بعضها كون النائب العام لجنة للتحقيق في اغتيال الاستاذ محمود واعطى اللجنة كل صلاحيته بما فيها فتح البلاغات ولما بدأت اجراءات البلاغ ضد قضاة المحاكمة وقانوني القصر الذين كانوا قد رفعوا مذكرة للنميري يعلنون فيها انهم وجدوا فرصتهم التاريخية لمحاكمة الجمهوريين كما طلب النميرى من ثالوث القصر الاجتماع حول منشور الجمهورين الذي يرى فيه النميرى (الردة بعينها) .. ولما بدأت اعتقالات قضاة المحاكمة وقانوني القصر للتحقيق هاجت وماجت صحف الجبهة الاسلامية وكان السيد رئيس الوزراء وقتها السيد الصادق الصديق يعمل حسابا كبيرا لاعلام الجبهة الصاخب الذي كان يضايقه فتدخل السيد الصادق فاوقف الاجراءات فكتب الاستاذ مصطفى عبد القادر المحامي وعضو لجنة التحقيق بجريدة التلغراف حول تصريحات السيد الصادق المهدى (بان لجنة التحقيق قد تجاوزت صلاحياتها بفتحها بلاغات ضد المتهمين فقال ان السيد الصادق قد خلط بين قانون لجان التحقيق لسنة 1957م والذي تم بموجبه تشكيل لجنة التحقيق في قضية الكاسيت وبين لجنة التحقيق في قضية محمود محمد طه والتي شكلت وفقا لقانون النائب العام .. واوضح الاستاذ مصطفى عبد القادر ان القانون الاول لا يبيح للجنة فتح البلاغات .. واضاف ان رئيس الوزراء وللاسف الشديد ذهب بعيدا حينما قال ان هناك كيدا وتدبيرا في حين انه يقر ان هناك عريضة من اولياء الدم مقدمة في 25 يناير 1987م اي منذ عام كامل مشيرا الى ان قرار تكوين اللجنة لم يصدر الا بناء على تلك العريضة وما حوته وبناء على ما ورد في حكم المحكمة العليا وشكلت اللجنة في 24 يناير 1988 واعطى النائب العام تلك اللجنة كافة صلاحيته تحت القانون الخاص والعام وبالتالى اصبحت اللجنة بعد ذلك التفويض هي المنوط بها القيام بكل صلاحيات السيد النائب العام واكد السيد مصطفى عبد القادر ان النائب العام قد سبق ان صرح بانه كون لجنة تحقيق ومن يتظلم من اداء اللجنة او ما تقوم به اللجنة عليه ان يتقدم بمظلمته للنائب العام لانه السلطة الامرة بالتشكيل.
    تجدر الاشارة الى ان قاضى جنايات الخرطوم شمال تسلم عريضتى استئناف من اولياء الدم وديوان النائب العام ضد قرار اطلاق سراح القضاة السابقين والقانونيين الذين كانوا يعملون بالقصر والذين اصدروا وأيدوا الحكم ضد طه) انتهي.
    ولما كان الاستاذ يرى ان الاسلام هو ذخر الانسانية لتحقيق غاياتها العليا في التوفيق بين الحرية الفردية المطلقة والعدالة السياسية والاقتصادية الاجتماعية وان نميرى قد شوه الاسلام العظيم اذ حوله الى مؤسسة عقابية ولذلك قدم الاستاذ والجمهوريون انذارهم لنميرى على كف اسد (هذا او الطوفان).
    وكان النميرى قد اعلن الطوارئ وكون محاكم الطوارئ بقضاء عشوائي وعين اخا مسلما وزيرا جنائيا ليحول القضايا لمحاكم الطوارئ المتشددة والتي تقيم المحاكم الايجازية ويمكن ان تقبل البنتات التي تحصل عليها بطريق مشروع ولا تقبل محامين ولا تستأنف احكامها واذا حكمت بالاعدام يرفع الحكم لكبيرهم النميرى بدل المحكمة العليا فعطلت المحكمة العليا وعطلت الحقوق الدستورية وقفلت ابواب فرص العدالة ولم يبق الا تقطيع الاطراف والتشهير والاستاذ محمود لا يمكن ان يصمت على ذلك فاعلن في امسية 4/1/1985 حديث الفداء اذ قال عندما يحل الوباء بالناس ويفتك يتقدم الصوفى الكبير ليموت بذلك الوباء فداء للناس ويرتفع الوباء والان على الجمهوريين ان يفدوا الشعب من هذه الكارثة والاذلال والرعب وفعلا تقدم الاستاذ محمود وقد تم الفداء بتنفيذ الاغتيال وجاء الطوفان بعد 76 يوما اذ اعطاهم الاستاذ يوما بكل سنة من عمره كما قال الشاعر ولذلك حين كان الناس مشغولين باحتمالات تنفيذ الحكم كان الاستاذ مشغولا بقبول الفداء ولذلك اورد السيد عبد العزيز شدو قوله (وقبل اعدامه بيوم جاءني عصام واسماء وابلقاني رسالة فحواها انه يرفض بحزم التدخل في تنفيذ حكم الردة وهذه رغبته الشخصية) اخبار اليوم 18/12/1998م.
    وهكذا تم تنفيذ الحكم ولغى الاستاذ ربه راضيا مرضيا ومبتسما فرحا بلقاء الله العظيم وبقبول الفداء فما هو موقف المتآمرين هل سيلقون الله الذي لا تخفى عليه خافية وفي اعناقهم اغلال من دم الاستاذ ؟! علما بان الامم المتحدة قد اصدرت قرارها 35/1982 بتعيين مقرر خاص لـ(حالات الاعدام بلا محاكمة او الاعدام التعسفى او باجراءات موجزة) كما ان حكومة بلجيكا تقبل شكوى من اي متضرر ضد اي معتد ما كان مكانه.
    وقد علق احد الزعماء البريطانيين على موضوع اغتيال الاستاذ محمود فقال ان ما حصل للاستاذ محمود ينتقص من قيمتي وقيمة اي انسان على ظهر البسيطة) وهكذا ادرك بحسه الانساني قوله تعالى (انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا) اما السيد الصادق الصديق فانه بوقف اجراءات التحقيق في اغتيال الاستاذ بعد ان حكمت المحكمة العليا الدائرة الدستورية ببطلان ذلك الحكم يمنع لجنة التحقيق التي كونها النائب العام لملاحقة المجرمين الذين اشتركوا في تلك المؤامرة.
    ==================




    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147502834
                  


[رد على الموضوع] صفحة 4 „‰ 10:   <<  1 2 3 4 5 6 7 8 9 10  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de