فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 06:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-09-2007, 09:46 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض (Re: عبدالله عثمان)


    اليهود في السودان

    قراءة في كتاب الياهو سولومون ملكا

    «أطفال يعقوب في بقعة المهدية .. «1»

    مدخل

    هذا كتاب نادر بلا نظير في موضوعه وفي حشد معلوماته وقد توافر لاعداده وتشذيبه ونشره في طبعة جيدة الاستاذ مكي حسن أبو قرجة الصحفي بمؤسسة الامارات للاعلام (صحيفة الاتحاد) وأرادت «الرأي العام» هنا استعراض بعض أهم فصوله تلك التي تقدم للقاريء معرفة جديدة ليهود السودان.

    الاستاذ مكي حسن أبو قرجة بدأ مدخله على كتاب الياهو سولومون ملكا اليهودي المعروف في السودان بمقدمة جامعة ربطت بين أمس قديم وتاريخ أحدث حيث يحكي عن وضعية اليهود وسط المجتمع السوداني المسلم .. ونعرف أن مؤلف الكتاب للاصل اليهودي الياهو سولومون ملكا - هو ابن كبير الحاخامات للجالية اليهودية في السودان - سولومون ملكا (1878-1949) الذي جاء السودان من طبرية منذ عام 1906م وهو لما يكن شاباً في الثامنة والعشرين من العمر ولكن مسارات حياته هنا وهناك اكتنفتها كثير من الانشطة اليهودية والمصادفات والأحداث وكثير منها قد رصده هذا الكتاب، وننتقل الآن إلى مقدمته ونحسب ان مادته ستكون جاذبة للقارئ.

    (م. ص)

    وقفة الشاعر الثائر في وجه السلطان الجائر

    في موقف جاش فيه بعواطفه الثورية الرومانسية وبشممه وإبائه المعروفين كتب السفير السوداني بالجزائر الشاعر صلاح أحمد إبراهيم في عام 1974م رسالة غاضبة الى الرئيس جعفر نميري قادحاً وشاجباً تصريحات عاجزة كان قد أدلى بها الرئيس للصحافي المصري أنيس منصور نشرها في العدد الأول من مجلة (أكتوبر) . لم ينتظر صلاح رداً على رسالته،، لملم أوراقه وأشياءه وغادر السفارة غير آسف، ومن ثم توجه الى باريس التي اتخذها منفى اختيارياً له حتى أدركته المنية في عام 1993م. كانت تلك التصريحات ضرباً من لغو الحديث، ما استطاع أعوان نميري الذين حضروا اللقاء احتواءها بحذف المثير منها فقد أصر أنيس منصور على نشرها كاملة . خلفت تلك التصريحات آثاراً مؤلمة حيث أصاب رشاشها بعضاً من الدول الشقيقة، إلا أن ما أغضب صلاحاً حقاً فقد كان ذلك الحديث الخاص بإعدام الشفيع أحمد الشيخ - رئيس اتحاد نقابات العمال . فقد كان نميري يحاول تبرير فعلته المنكرة بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية .. حيث راح ثلاثة مدنيين من خيرة أبناء شعبنا، وهم الشفيع وعبد الخالق محجوب وجوزيف قرنق، ضحايا لذلك الرعب الذي أعمى الزعيم عن رؤية الحق الصريح، وعن قواعد القانون والعدل والإنصاف . قال نميري ان اليهود هم الذين جاءوا بالشيوعية الى السودان وأصهار الشفيع هم من اليهود وأشار الى عائلات سودانية أخرى بوصفها يهودية ما كان يدري ما يقول .. فالرجل ما كان يكترث بتاريخ بلاده السياسي والاجتماعي ولا ثقافتها.

    وما كان يدرك أن أصهار الشفيع هم من العائلات السودانية العريقة المعروفة، من دنقلا حتى القطينة فأم درمان . (وهم نفر كريم من أهلنا) . وما كان صلاح غافلاً عن ان الديانة اليهودية ليست سبة ولا معرة - فهم أهل كتاب - لولا ارتباطها بالمشروع الصهيوني الذي اغتصب الحقوق الفلسطينية .. ولكنه أدرك الخبث المنطوي في ثنايا حديث نميري ومحاولته النيل من الشفيع وزوجته السيدة الفضلى فاطمة أحمد ابراهيم الناشطة السياسية المعروفة .

    قدم الكاتب السوداني شوقي ابراهيم بدري مساهمة بارزة بكتابه (حكاوي أم درمان) حول التاريخ الاجتماعي لمدينته - التي أحبها - خلال السنوات التي تفتح وعيه فيها . وتعرض بصورة حانية ومحبة لبعض العائلات اليهودية التي أقامت بالمدينة منذ المهدية، ونوه بفضلها واندماجها في الحياة السودانية . فنساؤها أنجبن من السودانيين أفضل الأبناء والبنات . فالسيد محمد الفضل أول مدير عام سوداني لمصلحة السكة الحديد - خال الشاعر صلاح أحمد ابراهيم واخوته - أنجب من السيدة وردة اسرائيل الدكتور فاروق - المقيم حالياً في بريطانيا، والدكتور فيصل عليه رحمة الله، والدكتور فتحي - المقيم حالياً في براغ - وشقيقاتهم فاطمة وفتحية وفائزة، وجميعهم كرسوا حياتهم وقدموا تضحيات جسام في سبيل ما اقتنعوا بأن فيه خيراً للسودان، والمرحوم الدكتور فيصل اختصاصي الباطنية أذكره بالخير والمحبة فقد التقينا وتصادقنا وتقاسمنا الخبز وحب الوطن في أيام لاتزال ذكراها عابقة وراسخة.

    وآل اسرائيل بأم درمان - الذي تمسك أيضاً بدينه الإسلامي - وصفهم شوقي بأنهم في عزم الأسود يفيضون وطنية ورجولة . وقد أنجب إسحاق إسرائيل من كريمة السيد محمد عبد الرحيم - المؤرخ الشهير - منصوراً وسميرة واخوتهم الذين عرفوا بأنبل الخصال وأشرف المواقف.

    شهد المجتمع السوداني في القرن التاسع عشر - خلال الحكم التركي - وجود عدد كبير من الجاليات الأجنبية، أتراك ويونانيين وإيطاليين وروس وبريطانيين وفرنسيين وألمان ويهود - غير المغاربة الذين وفدوا منذ مئات السنين . لم نجد فيما هو متاح من الكتابة عن تاريخ السودان ذكراً لليهود قبل ذلك، عدا الإشارة الى الرحالة اليهودي اليمني صالح روبين الذي زار السودان في أوائل القرن السادس عشر إبان نشوء دولة الفونج الإسلامية . وقد كتب انطباعات يشير إليها المؤرخون من وقت لآخر.

    إلا أن عدداً من المؤرخين المحدثين أشاروا إلى وصول أعداد من اليهود في مراحل مبكرة. وذكروا أن مجموعة فيلة التي استقرت في مصر لفترة من الزمن أجبرت على الرحيل فتوجهت جنوباً وربما تكون قد أقامت في مناطق مختلفة بالسودان . كما ذكروا أن منليك الذي كان ثمرة الزواج بين نبي الله سليمان وبلقيس ملكة اليمن عاد إلى اثيوبيا تصحبه جماعة من رفاقه باحثاً عن ملك أجداده، وقالوا إنهم ربما حملوا معهم ألواح موسى.

    وعندما اندلعت الثورة المهدية في أنحاء السودان المختلفة وباتت الخرطوم هدفاً لها أخذ الأجانب يتسللون هاربين . وبعد تحريرها في يناير 1885م اتخذ الإمام المهدي من أم درمان عاصمة للدولة الوطنية . وانتقل من تبقى من سكان الخرطوم إلى العاصمة الجديدة. وكان من بينهم أقباط ويونانيون ومجموعات أخرى من الكاثوليك والبروتستانت - بعضهم قساوسة وراهبات - وقد أسلموا جميعهم وأطلق عليهم اسم المسالمة . أما اليهود فقد كانوا ثماني عائلات من السفارديم (هؤلاء الذين عاشوا في الأندلس أيام مجدها الزاهي وعصرها الذهبي الذي انطوت صفحته بسقوط غرناطة في عام 1492).

    لم تتوافر للمؤرخين والمهتمين معلومات كافية عن هذه الجالية اليهودية التي أشهر أفرادها الإسلام وعاشوا بين الناس طوال سنوات المهدية . وبعد سقوطها في يد الاستعمار البريطاني ارتد معظمهم عن الإسلام وعادوا لليهودية سافرين. وظلت أقلية منهم على دينها - هؤلاء الذين لا تزال الأجيال الثالثة والرابعة وربما الخامسة تعيش بيننا حيث اندمجوا في محيطهم على النحو الذي ذكرناه في ما سقناه من نماذج.

    وفي تقرير لمخابرات الإدارة البريطانية بالسودان أعده سردار الجيش المصري لوكيل وزارة الحربية تمَّ حصر رعايا دولة الحكم التركي المصري الذين بقوا في السودان بعد تحرير الخرطوم . يشتمل التقرير على عدد غير قليل من الأرمن والسوريين والإيطاليين والقبارصة والهنود واليونانيين، إلا أن قسما خاصا في هذا الجزء من التقرير أفرد لليهود، إذ تم الافصاح عن الاسم الأصلي لكل منهم وتفاصيل عن عدد أفراد الأسرة واسمائهم والاسم الذي فرضه عليهم دخولهم في الإسلام، بالاضافة إلى بعض التفاصيل الأخرى. وجاء تقسيم اليهود في التقرير المذكور إلى أربع مجموعات أكبرها في الخرطوم (خمس أسر) ثم كردفان (أسرتان) وبربر (أسرة واحدة) ثم كسلا (أسرة واحدة).



    الخرطوم : موسي بسيوني، واسحاق بسيوني، وابراهيم اسرائيل، وخضير، ونسيم حيفاس، وكردفان : داؤود منديل، وجوزيف سليمان، وبربر : مراد بيسي، وكسلا المليح زابت.

    وفي بداية القرن العشرين أخذت أفواج اليهود تتدفق نحو السودان - تجاراً ومغامرين وموظفين في السلطة الاستعمارية ومؤسساتها . ولم يلبث التجار منهم أن استأنفوا نشاطاً تجارياً محموماً في أسواق جديدة واعدة . فكونوا الشركات وراكموا الثروات وشيدوا المنازل الواسعة الفخمة وانتقل بعضهم الى المدن الإقليمية، وأدخلوا أبناءهم المدارس، كلية غردون وكمبوني .. وأقاموا علاقات واسعة مع السودانيين وتشربوا الحياة الثقافية السودانية وتأثروا بالقيم الاجتماعية والأخلاقية . إلا أنهم ظلوا يهوداً ملتزمين بديانتهم، فأقاموا معبداً ونادياً اجتماعياً، وأخذوا يتصاهرون في إطار جاليتهم.. تكاثروا حتى بات لديهم مقبرتان في الخرطوم وأم درمان . واستمر حالهم ذاك حتى تفجر الصراع العربي - الاسرائيلي وأعلن الكيان الصهيوني قيام دولته عام 1948م فحدث تحول واضح في شعور العرب والمسلمين تجاه اليهود المقيمين ببلدانهم وإن لم يرق إلى مستوى المضايقات السافرة حتى وقع العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م. أخذت الجاليات اليهودية في الدول العربية - بما في ذلك السودان - ترتب أوضاعها وفق رؤى جديدة، فأخذوا يتسللون الى اسرائيل والى الدول الأوروبية والولايات المتحدة.. وفي السودان ربما يكونوا قد تباطأوا قليلاً إلا أنهم أخذوا يغادرون عائلات وفرادى عبر مصر واريتريا حتى منتصف سنوات الستين.

    عندما زار شوقي بدري فلسطين المحتلة استقبله اليهود السودانيون المقيمون في تل أبيب وغيرها من المدن بكثير من الترحاب وبالغوا في إكرامه والاحتفاء بمقدمه، ورفض أصحاب المطاعم منهم أن يتقاضوا قيمة ما تناوله من وجبات، وأمر أحدهم عماله بأن يعتبروه ضيفاً في كل الأوقات، وكان يردد له (أنتم السودانيون خيرة الرجال).

    وفي كتابه المليء بالعجائب والمفارقات يروي شوقي أن (الياهو بن اليسار اليهودي السوداني الذي ترأس الكنيست كان أثناء دراسته في جامعة الخرطوم عضواً في الحزب الشيوعي السوداني، وكان كادراً نشطاً يجيد تحريك ماكينات الطباعة السرية الخاصة بالحزب وتوزيع المنشورات وقد عرفه كثير من الناس مناضلاً جسوراً ضد ديكتاتورية عبود) وكثيراً ما يروي صحافيون سودانيون قصصاً عن لقاءات مع الياهو في مطارات وعواصم أوروبية فيندفع نحوهم معانقاً بانفعال ومحبة.

    وفي كتابة لاحقة عبر الانترنت ذكر شوقي بدري ان كثيرا من الشوام الذين عاشوا بالسودان كانوا يهوداً أمثال عائلة قرنفلي وآل ساسون الذين ارتبطوا بمنطقة كردفان، ومن ابنائهم موسي مؤلف كتاب «سبع سنين في بلاد المصريين» . وتحدث شوقي أيضاً عن آل بسيوني وقال إنهم كانوا من كبار التجار في العهد التركي ثم أقاموا دكاكين خلال فترة المهدية بأم درمان.

    وقال إن موسي ويعقوب بسيوني كانا مسؤولين عن مالية وتجارة الأمير يعقوب (جراب الراي)، وكان بالقرب من متاجرهم متاجر آل عبودي اليهودي .. حيث كان ابراهيم عبودي يحفظ القرآن الكريم . وأشار إلى انتقال عائلته إلى مدينة نيويورك خلال سنوات الخمسين والستين من القرن العشرين ولايزالون يتحدثون مع ابنائهم بلهجة ام درمان . أما موريس عبودي فلديه متجر متخصص في بيع لعب الأطفال والأحذية النسائية ولا يزال يردد باستمرار أغنية «البنسلين يا تمرجي» . وجوزيف لديه شركة للتحف والصيني، بينما يترأس ابنه ابراهيم الجمعية اليهودية في نيويورك وأما الدكتور شلومو - الذي تخرج في جامعة الخرطوم - فلديه مستشفى خاص في نيوجيرسي، أما الاصغر داؤد فهو محامٍ - يوسف عبودي شقيق ابراهيم كان يسكن بالقرب من سينما الحلفاية بالخرطوم بحري . ولم ينس شوقي أن يذكر نسيم قاوون الذي أقام عرساً سودانياً لابنه في هوتيل داؤود بتل أبيب.

    وحتى الأجيال الجديدة من اليهود السودانيين التي لم تر ذلك البلد البعيد وعاش معظمها في أوروبا تحمل ذكريات غامضة وحباً مبهماً للسودان .. ولعله من أغرب الأحداث أن يسافر الشاب الإيطالي جوزيف مارينجون - حفيد راشيل ليفي التي عاشت بالسودان - الى نيوجيرسي بالولايات المتحدة عام 1994م ليشارك مجموعة من يهود السودان الذين قدموا من أوروبا وأماكن أخرى لتقديم العزاء في وفاة زوجة ابن حاخام الجالية اليهودية التي كانت تقيم بالسودان .. ذلك الوطن الذي بات مستحيلاً.

    هؤلاء اليهود هجروا السودان وحملوا ثرواتهم التي كونوها فيه ونقلوا شركاتهم الى أوروبا والولايات المتحدة وامتدت فروعها في كافة أنحاء العالم، وانقطعت صلاتهم بالسودان بعد أن صودرت جوازاتهم، واندفعوا يدعمون الكيان الصهيوني ويقدمون فلذات أكبادهم مجندين في جيش الدفاع الاسرائيلي الذي ما فتيء يلغ في دماء الفلسطينيين الأبرياء . هؤلاء اليهود لم يستطيعوا نسيان السودان ولم تعوضهم اسرائيل عن ذلك الحنين الجارف الذي يلف أرواحهم.

    فاجأني الصديق الدكتور كمال إدريس،، الطبيب المهتم بالثقافة الوطنية بأن أهداني نسخة مصورة من مؤلف نادر كتبه اليهودي الياهو سولومون ملكا قامت بنشره وتوزيعه مطبعة جامعة سيراكوز الأمريكية عام 1997م. والمؤلف هو ابن كبير الحاخامات للجالية اليهودية في السودان، سولومون ملكا (1878-1949) - الذي قدم إلى السودان من منطقة طبرية بفلسطين إلى أم درمان في أغسطس عام 1906، وكان عهد ذاك في الثامنة والعشرين من عمره .

    حين أعيد مؤلفه هذا كان الكاتب قد بلغ الثامنة والثمانين، وكان يمكن أن يموت منذ وقت طويل دون أن يؤرخ للجالية اليهودية في السودان،، ويكون بذلك قد ضاع جزء مهم من التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للسودان، حمل المؤلف عنوان (أطفال يعقوب في بقعة المهدي .. اليهود في السودان).

    لم يمض وقت طويل حتى اتحفني الصديق الدكتور محمد صادق جعفر بالنسخة الأصلية للكتاب فأتاح لي فرصة الترجمة والاندفاع في قراءته بالرؤية التي اعتقد أنها تمكن القاريء السوداني من الوقوف على تلك التجربة التي لم يخضها أحد سوى الياهو ملكاً .. فمن هو ؟ ..

    في العام الماضي 2003م عثرت على اسمه من بين مجموعة من الناس شاركت - من داخل وخارج السودان - بكلمات في حفل تأبين المرحوم محمود حاج الشيخ عمر المحامي، وكان الياهو قد بعث برقية جسدت مثابرته على مشاركة السودانيين في أفراحهم وأتراحهم . فالرجل لا يزال يحتفظ بذكرى الوطن الذي ولد ونشأ فيه وعاش حتى كهولته حاملاً جنسيته وشديد الاعتزاز والفخر به . إلا أنه شأن سائر اليهود كان يحمل في داخله انتماءً آخر ويسعى إلى تحقيق حلم كرس حياته كلها من أجله كما يبدو ذلك جلياً في كتابه . والواضح ان الجالية اليهودية التي عاشت بالسودان جاءت من أجل قيام وطن لليهود في فلسطين .. وساهمت بكل ما تستطيع لتحقيق ذلك الهدف . كان زعماء الحركة الصهيونية والعالمية يزورون الخرطوم بشكل منتظم يشرفون ويوجهون. كما كانت الجالية اليهودية بمصر تقدم العون والمساعدة في الحركة والتنظيم لنظيرتها - أو فرعها بالأحرى - في السودان .

    كان الياهو منذ أن اشتد عوده في ثلاثينات القرن العشرين يغادر الخرطوم في عطلاته فيزور فلسطين - وهي تحت حكم الانتداب البريطاني. ويلتقي بأناس معينين وينضم لتنظيمات شبابية تؤدي مهامها في اطار الأهداف الصهيونية. لم يخف ذلك في كتابه ولم يلجأ للف والدوران بل ظل يعلن باستمرار أنه عاش حياته من أجل شعبه اليهودي . لم يكن الياهو يبدي أي اهتمام بالحركة الوطنية في السودان فقد عاصر ثورة 1924م وهو في الخامسة عشرة من عمره فلم يشر إلى انطباعاته عنها من قريب ولا بعيد، كما لم يهتم بحركة الخريجين وزخمها منذ أواخر الثلاثينات. كان اهتمامه بالقضايا الصهيونية وإعلان دولة اسرائيل وبناء تنظيمات «بناي - بريث يملأ عليه اقطار نفسه.

    عاش الياهو حياة ناعمة مترفة في الخرطوم حيث كان موظفا كبيراً في شركة جلاتلي واستمتع بأيام وليالي الخرطوم وهو في عنفوان عزها الاجتماعي . واتاحت له وظيفته السفر في العطلات إلى أجمل بلاد الدنيا وتعليم طفليه في أرقى الجامعات العالمية.. إن تجربته الشخصية لجديرة بالقراءة بالاضافة إلى ما اتاحه لنا من معلومات عن الجالية اليهودية التي تنامت وازدهرت في السودان لأكثر من ستين عاماً . إلا انه يجنح قليلاً نحو المبالغة ويميل للزهو وخاصة في ما يتعلق بالنجاح الذي أصاب اليهود في السودان والخدمات التي قدموها للبلد، كما يفخر كثيراً عندما يتابع أفراد تلك الجالية في مهاجرها الجديدة.

    أقدم هذه القراءة لهذا الكتاب بعد ان استبعدت عنها كل ما ساقه المؤلف من تاريخ وجغرافية السودان التي بدا لي ان معلوماته عن ذلك ضعيفة وعادية في معظم الأحيان لا تقدم جديدا للقاريء السوداني.

    هذه القراءة تم نشر معظمها في حلقات بصحيفة «الاتحاد» الظبيانية وكثير من الصحف السودانية تعرض الكتاب الى محاور كثيرة لم يجمعها مؤلف آخر من قبل .. تعرض في توسع إلى يهود المهدية الذين ارتدوا عن الاسلام بعد دخول الانجليز .. ويحدثنا عن دخول الحاخام ملكا الى ام درمان وتشييد الكنيس اليهودي، وعن اليهود الهاربين من النازية الذين وجدوا ملاذهم في الخرطوم .. ثم يستعرض رؤساء الجالية اليهودية في الخرطوم خلال سبعة عقود .. ومن هم زعماء الصهيونية العالمية الذين زاروا السودان .. وهكذا حتى يبلغ بنا تتبعه ليهود السودان في المهاجر الجديدة وفي اسرائيل وكل هذا مع سرد لذكريات ملكا عبر اسفاره واستقراره.

    http://www.rayaam.net/22004/05/18/tahgigat/hiwar3.htm
                  

العنوان الكاتب Date
فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-04-07, 08:00 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-04-07, 08:01 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Omer Abdalla02-05-07, 02:43 AM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-04-07, 08:02 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض MAHJOOP ALI02-05-07, 03:01 AM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان03-14-07, 05:30 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Haydar Badawi Sadig02-05-07, 03:16 AM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-05-07, 03:16 AM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Randa Hatim02-05-07, 06:48 AM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض معتز القريش02-05-07, 08:10 AM
        الحلال والحرام بين الشريعة والحقيقة.. الإختلاط.. Yasir Elsharif02-05-07, 11:31 AM
          Re: الحلال والحرام بين الشريعة والحقيقة.. الإختلاط.. Yassir Tayfour02-05-07, 03:01 PM
            Re: الحلال والحرام بين الشريعة والحقيقة.. الإختلاط.. hanadi yousif02-05-07, 07:25 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-05-07, 06:30 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Abu Eltayeb02-05-07, 07:25 PM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Abu Eltayeb02-05-07, 07:42 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-05-07, 08:37 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض ودرملية02-06-07, 12:37 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-06-07, 05:51 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض BAKTASH02-07-07, 01:22 AM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-07-07, 08:58 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-08-07, 01:10 AM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Haydar Badawi Sadig02-08-07, 05:47 AM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-08-07, 05:50 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-09-07, 03:17 AM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض MAHJOOP ALI02-13-07, 03:32 AM
        Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Haydar Badawi Sadig02-13-07, 05:55 AM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Omer Abdalla02-13-07, 06:53 AM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Haydar Badawi Sadig02-14-07, 08:47 PM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Abu Eltayeb02-14-07, 09:29 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-14-07, 11:31 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Haydar Badawi Sadig02-15-07, 04:08 AM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Haydar Badawi Sadig02-16-07, 10:49 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-17-07, 00:18 AM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Haydar Badawi Sadig02-18-07, 04:35 AM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض MAHJOOP ALI02-20-07, 09:53 PM
        Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-20-07, 11:08 PM
          Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Randa Hatim02-21-07, 10:00 AM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-21-07, 10:42 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-23-07, 06:17 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-24-07, 11:21 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Haydar Badawi Sadig02-25-07, 06:08 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان02-26-07, 06:33 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Haydar Badawi Sadig02-27-07, 09:36 PM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض MAHJOOP ALI02-28-07, 00:21 AM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان04-04-07, 08:36 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Yasir Elsharif02-28-07, 11:23 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Haydar Badawi Sadig03-07-07, 02:06 AM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان03-11-07, 03:51 AM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان03-11-07, 05:57 AM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان03-12-07, 07:21 AM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان03-12-07, 11:34 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Yasir Elsharif03-13-07, 12:45 PM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان03-13-07, 05:27 PM
        Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان04-02-07, 11:32 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض محجوب البيلي03-17-07, 01:38 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض adil amin03-17-07, 03:15 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان04-04-07, 08:30 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Masoud04-05-07, 00:45 AM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان04-09-07, 09:43 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان04-09-07, 09:46 PM
  Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض taha04-09-07, 11:21 PM
    Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان04-09-07, 11:27 PM
      Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض عبدالله عثمان04-09-07, 11:31 PM
        Re: فى ذكرى الأستاذ: السودانيون ملح الأرض Abdel Aati04-10-07, 01:34 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de