وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 11:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-26-2004, 09:15 PM

kh_abboud
<akh_abboud
تاريخ التسجيل: 01-16-2003
مجموع المشاركات: 508

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة (Re: عشة بت فاطنة)

    الأاخت العزيزة عشة ، الاخوان المشاركين
    سلام سلام
    هذا هو رد الاستاذ سعد أبو نورة وقد كلفنى مشكورا بنقله لكم ، وأرجو منه أن يداوم ، وان يشترك فى البورد ليثرى ساحة الحوار عندنا
    وإلى الرد:

    أود في البداية أن أشكر اعضاء المنبر على كل المداخلات التي جاءت من الأخوات عشة بنت فاطنة ودوما وتماضر والأخوان د. ياسر الشريف وصديق عبد الله وأسامة الخواض وعجب الفيا وعبده عبد الله ومحمد آدم . وأعتذر عن تأخري في الرد بسبب قراءتي المتأخرة لكل هذه الردود ، آملاً أن أنضم إلى منبركم في أقرب وقت متاح ، مما يتيح لي فرصة المشاركة الحية والفعالة في كل القضايا المطروحة .
    وسوف أحاول أن أرد على كل هذه التعليقات بشكل وافي مبتدئاً بالرد على الأخ أسامة الخواض في قوله بأن (هذا البوست يدافع عن أفكار الأستاذ محمود ولا يضيف كما عودنا الجمهوريون دائماً ، ولا يحتوي على أي أفكار نقدية) .. ذلك أنني لم ألتزم الفكرة الجمهورية إلا عبر تجربة نقدية عميقة عبرت عنها في مساهمة سبق أن تم نشرها في صالون الجمهوريين أوردها هنا بنصها :
    ((لقد قام تكويني الفكري في فترة زاهرة من أيام شبابي الباكر على تفكير علماني محض كان يبحث عن قيمة إنسانية دافئة جديدة افتقدت وجودها في الطقوس الدينية السلفية التقليدية القائمة على تغريب (الإله) عن ذات الإنسان! ومن ثم فلقد كنت أبحث عن فلسفة بروميثيوسية تكون مثل (بروميثيوس) بطل الميثولوجيا الإغريقية والذي قام بسرقة النار المقدسة من الآلهة وأعادها للإنسان مما جعل الإله يعاقبه بجعل الغربان تنهش كبده! ذلك أن الإله كما صورته لنا العقيدة السلفية قد كان يستحوذ على نار المعرفة المقدسة ويحرم منها الإنسان! ولقد وجد هذا التوق المعرفي ضالته في الفلسفات الغربية وفي قمتها الماركسية! ثم في مرحلة لاحقة أيضاً ضاق بي التحجر العقائدي للمدارس الماركسية التقليدية ونزعت نفسي لتوجهات راديكالية جديدة في الفكر الماركسي لم تجئ من خلف الستار الحديدي للدول الشيوعية ، وإنما جاءت من مجتمعات الحرية في الدول الرأسمالية الغربية! وكان حداة هذا التوجه الجديد يدعون لتطعيم الماركسية بدم جديد يضع في اعتباره التقدم الكبير الذي تحقق في مجالات علم النفس داخل الدول الرأسمالية ، هذا العلم الذي قعد به العسف الستاليني في الحدود الضيقة لتجارب (بافلوف) في الاستجابات الشرطية! هذا ولقد كانت الفرويدية ومدارس الفرويدية الجديدة قد رسخت لنفسها مكاناً عتيداً في الأروقة الأكاديمية والثقافية في الغرب ، مما جعل الكثيرين من منظري المدارس الماركسية الجديدة يضعونها في إعتبارهم ، بل أن (هربرت ماركيوز) طور مفهوماً أسماه (فائض الكبت) يوازي مفهوم ماركس الخاص بـ (فائض القيمة) ، وذلك بتطبيق قوانين الدياليكتيك الماركسي على علم النفس الفرويدي! هذا ولقد اعتمد منظرو هذه الاتجاهات الجديدة وقتها أمثال هربرت ماركيوز وويلهلم رايخ وإيرنست فيشر وروجيه غارودي وحتى جان بول سارتر في بعض كتاباته ، اعتمدوا على كتابات كارل ماركس في أيام شبابه الأولى والتي أسميت (مخطوطات باريس) والتي ، كان فيها ماركس الشاب أقرب للهيجلية منه للماركسية ، وذلك قبل أن يلتقي بفريدريك إنجلز ، ذلك اللقاء الذي أسماه جان بول سارتر (اللقاء الملعون)! ولقد راق لحداة هذا التوجه الجديد مفهوم ماركس الشاب عن (الإستلاب Alienation) ووجدوا فيه تعبيراً مكثفاً لحالة الإغتراب التي يعيشها المثقفون في المجتمعات الرأسمالية في ظل التشيؤ السلعي (Commodity Objectification) للقيم الإنسانية ، حيث أصبحت هذه القيم سلعاً يتحدد سعرها وفقاً لقانون العرض والطلب للسوق الرأسمالية! ولقد كنت أظن وقتها أنني قد اكتشفت الفلسفة التي تعبر عن تطلعي لقيم إنسانية وأخلاقية وجمالية جديدة تعيد للإنسان النار المسروقة منه ، وكانت تلك هي المرحلة من التطور الفكري التي كنت عليها قبل أن تزداد معرفتي بالفكرة الجمهورية في الجامعة وقبل أن ألتقي ولأول مرة في حياتي بالأستاذ! ولقد كان لي بعض المعرفة بالفكرة الجمهورية من خلال أستاذي في المدرسة الثانوية الأخ (خالد الحاج) ومن خلال علاقتي بالأخ (متوكل)! وفي أحد هذه الأيام اللاحقة والتي كنت فيها مزهواً باكتشافي لماركس الشاب وأثناء قراءاتي لكتاب لايرنست فيشر عن ماركس الشاب ، قيض لي الله أن ألتقي بالأستاذ في منزله وذلك عبر دعوة موجهة من الأخ (دالي) والأخر (عمر القراي) حيث تطورت علاقتي بهما كأحد مرتادي ركن النقاش في الجامعة ! هذه البداية البسيطة لمعرفة الأستاذ شخصياً ، تطورت لأن تصبح إلتزاماً واضحاً بالفكرة حين تبين لي حبه الشخصي للإنسان من حيث هو إنسان وحرصه على تقديم الخير له ! وكانت القنطرة التي عبرت بها من الماركسية الجديدة إلى الفكرة الجمهورية هي نفسها مفهوم الإستلاب أو الاغتراب ، حين أدركت مستوى جديداً لهذا الاغتراب هو الاغتراب عن الذات الإلهية ! وقتها أدركت إلهاً جديداً يمكن عن طريق الحب الحصول على النار المقدسة منه دون الحاجة لسرقتها ، ذلك أنه لا يستحوذ على النار المقدسة لنفسه فقط وإنما يسعى لترقيتنا حتى نتأهل لمستوى استحقاق هذه النار المقدسة! ولقد أراد الله أن تحتل النسخة الإنجليزية لكتاب ايرنست فيشر ذاك مكاناً مرموقاً لها في دولاب الكتب بغرفة الأستاذ الخاصة كهدية من جانبي له ، وكدلالة على انطواء مرحلة من مراحل حياتي الفكرية ! ولقد أكدت لي تجربتي الذاتية في الممارسة في الفكرة وفي توثق علاقتي بالأستاذ مدى عظم الفكرة الجمهورية وأكثر من ذلك كله مدى تفرد الأستاذ كمفكر وإنسان ، مما لا يملك المرء معه إلا أن يحمد الله على فضله في أن جعله أحداً ممن شهدوا في وهج هذا العصر ذلك الكمال الفريد المسمى (الأستاذ محمود)!))

    أكثر من ذلك فإن إلتزامي للفكرة الجمهورية لم يلغي عندي أي فضول معرفي للبحث عن الحقيقة وإلتزامها بشكل يتخذ حالة الجدل اليومي مع كل فكر مطروح في عصرنا الراهن .. ومن أمثلة هذا الجدل اليومي في ديار مهجرنا هنا في الخليج إطلاعي على تراث الفلسفات الهندية القديمة بكل تجلياتها الثيوصوفية في الهندوسية واليوغا والبوذية وإدارة حوار مع أتباع هذه الفلسفات يسعى للإستماع لوجهة النظر الأخرى بعقل وقلب مفتوحين .. لكن تلك قصة أخرى ربما أرجع للحديث عنها في بوست مستقل ! خلاصة الأمر أن الجمهوريين لم يتحدثوا قط عن (اصالتها المطلقة وإخراجها من التاريخ) كما أشرت .. ذلك أن أكثر ما يميز الفكرة الجمهورية هو إنفتاحها على التطور والتجديد وتمييزها بين ما هو ثابت وما هو متحول (تاريخي) في المعرفة البشرية ((فالأصل في الرسالة الثانية الحيوية والتطور والتجدد ، وعلى السالك في مراقيها أن يجدد حياة فكره وحياة شعوره كل يوم ، بل كل لحظة من كل يوم وكل ليلة .. مثله الأعلى في ذلك قول الله تبارك وتعالى في شأن نفسه(كل يوم هو في شأن) ثم هو "لا يشغله شأن عن شأن")) الأستاذ (محمود) ـ الرسالة الثانية من الإسلام .. ولعل من أسميتهم أعداء الفكرة الجمهورية الذين (يحاكمونها من الماضي) لهو أنصع دليل على روح الفكرة التجديدية التي واجهت بها الفكر الديني السلفي وأعلنت بشجاعة أن الشريعة الإسلامية غير صالحة لعالمنا اليوم .. أليس الدعوة لتطوير التشريع بالإنتقال من النصوص المدنية للنصوص المكية هي بسبيل من التأكيد على تاريخية أي معرفة ، حتى ولوكانت نص ديني .
    وأنت تقول أخي أسامة بأن (المسألة هنا كما أرساها الخطاب الجمهوري ليست معرفية فقط وإنما روحية) ، وأنا أقول أن ما أسميته بالروحية هي أيضاً شكل من أشكال المعرفة ، غير أن المعرفة الروحية لها منهج ووسائل معرفية يتوسل بها لتحصيلها ، وهي تختلف فقط إختلاف مقدار عن وسائل المعرفة العلمانية المعروفة لدينا وكما تكرم الأخ د. ياسر فأبان بأن الروح والمادة هما مظهران لحقيقة واحدة ، فالمادة روح في حالة من الذبذبة تتأثر بها حواسنا ، والروح مادة في حالة من الذبذبة لا تتأثر بها حواسنا . هذا الأمر لا يقول به الدين فقط و إنما يقول به العلم التجريبي المادي في فيزياء إينشتاين وما بعد إينشتاين منذ أن ثبت بأن المادة ليست هناك وإنما هي طاقة يعرف مظهرها ولا يعرف كنهها .. هذا الأمر قد يقودنا للحديث عن نظرية المعرفة في الفكرة الجمهورية ، ولكني أكتفي هنا بالإشارة إلى أن منهج المعرفة العلماني وهو منهج (عقل المعاش) ، غير قادر على فض أسرار الدين ، إلا إذا تهذب وفقاً لمنهاج السلوك في تقليد النبي صلى الله عليه وسلم .. فإذا ما تأدب العقل بأدب الشريعة وأدب الحقيقة ، جاز من المعاش إلى المعاد وأصبح (عقل معاد) يتميز بالتفكير العلمي القادر على فهم الدين .. هذا مشهد من عبارة الصوفي النفري (كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة)! وهو أيضاً مشهد من قول الشيخ الأكبر (إبن عربي) :
    مجانين إلا أن سر جنونهم عجيب على أعتابه يسجد العقل

    وحين يقوم (عقل المعاد) بنسف عقل المعاش يتحقق معنى الآية الكريمة (يسألونك عن الجبال قل ينسفها ربي نسفا) .. والحق أن التخوم المعرفية التي يطالها (عقل المعاد) تبدو غريبة لأصحاب (عقل المعاش) ، كما بدت يوماً غريبة لأهل قريش حين وصفوا النبي الكريم بالجنون ، فبرأه القرأن بقوله (ما أنت بنعمة ربك بمجنون)!

    أما بالنسبة للحديث عن العلم اللدني فأعتقد بأن في إجابة الأخ د. ياسر ما يغني عن الإعادة !

    هنالك أيضاً حديث من الأخت عشة بنت فاطنة عن أن الأفكار الواردة في توحيد البنية البشرية لا تذهب بعيداً عن فكرة التسامي عند (فرويد) الأمر الذي يوافقها فيه الأخ عبد المنعم عجب الفيا .. ويضيف الأخ عبد المنعم بأن هذه الأفكار (لا تخرج عن نظريات فرويد ويونج وأيريك فروم ودركايم ومجمل نظريات التحليل النفسي) .. كما تشير الأخت عشة بنت فاطنة إلى أفكار الإشراقيين ونظرية الفيض عند أبن عربي ويوافقها الأخ عبد المنعم مضيفاً إلى قائمة التشابه الفكري أيضاً (نظرية المثال عند إفلاطون التي يعتبرها الدارسون أصل نظرية الإنسان الكامل ، بل أصل التصوف الإسلامي والمسيحي).
    عليه فإنني أحب أن أقرر حقيقة توحيدية مهمة ، وهي أنه يوجد معلم واحد في هذا الكون هو الله ، وهو قد علم الإنسان من حيث هو إنسان ما لا يعلم .. عليه فإن بعض حقائق الوجود العلمية التي يتشارك المفكرون في معرفتها ، إنما تدل في النهاية على حقيقة أن المعلم واحد .. ولقد ذكر القرآن الكريم عن أن بعض علومه قد حوتها الكتب السماوية السابقة (إن هذا لفي الصحف الأولى ، صحف ابراهيم وموسى) .. وقال السيد المسيح لبني إسرائيل (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء .. ما جئت لأنقض بل لأكمل ) ، إشارة إلى أنه لم يجئ لكي ينقض المعرفة التي جاء بها موسى عليه السلام قبله .
    كذلك أحب أن أقرر بأن المنهج الذي إلتزمه الأستاذ (محمود) في تحقيق المعرفة لم يقم على التحصيل الكسبي لعلوم من سبقوه ، وإنما قد قام على العمل في تقليد النبي الكريم بقيام ليله وإظماء نهاره عملاً بالآية الكريمة (واتقوا الله ويعلمكم الله) والحديث النبوي الشريف( من عمل بما علم ، علمه الله ما لا يعلم) أي من عمل بما يعرفه من الشريعة من عبادات ، علمه الله علوم الحقيقة..
    وأحب أن أبين للأخ (عبد المنعم) بأن المصطلحات الواردة عند علماء التحليل النفسي مثل خوف ونفس كاملة ونفس لوامة وغيرها قد استعملها القرآن الكريم قبل (فرويد) حيث تحدث القرآن قبل أكثر من أربعة عشر قرناً عن النفس الأمارة والنفس اللوامة والنفس الملهمة والنفس المطمئنة والنفس الراضية والنفس المرضية والنفس الكاملة.. فأين ذلك كله من حديث (فرويد) عن (النفس) و(الأنا) و(الأنا الأعلى) ؟ والحق أن (الفرويدية) عندما عجزت عن إكتشاف آلية علمية لفض الكبت ، جعلت من عجزها فضيلة فراحت تتحدث عن (غريزة الموت) وقدرة التدمير الذاتي عند الإنسان .. والحق أنه كما أبانت الفكرة الجمهورية فإن الغريزة الأساسية للإنسان هي غريزة (الحياة) والتي تعتبر (الغريزة الجنسية) هي أكبر تعبير عنها..
    إن نظرية التسامي عند (فرويد) معنية بآليات التصالح مع القمع الإجتماعي ولا يتسع أفقها لإستشراف الآفاق الرحيبة لمعرفة النفس البشرية كما طرحتها الفكرة الجمهورية ومنهجها لفض الكبت .. وأورد هنا النص التالي من كتاب (القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري) للأستاذ (محمود) تدليلاً على ذلك :
    (( والعقل لما كان ممدوداً بالوحي ، فقد أصبح مفتوحاً على النفس العليا .. وهو، لما كان مقيداً بالشرع ، فقد أصبح مسيراً إلى النفس العليا .. والكبت ، في منطقة ما بين العقل والقلب ، يقع في سبعة طبقات ، وهي ما سميت بالنفوس السبع .. أدناها للقلب الأمارة .. فإذا سارت شوطها ‘لى أن ردها العقل ، وحال بينها وبين تنفيذ أمرها بالسوء ، إنكسرت موجتها ، فأخذت في طريق العودة .. وهو طريق غير طريقها الذي سلكته أولاً ، ولكنه مواز له .. وعند إنكسارها راجعة تكون في مرتبة النفس اللوامة .. ثم هي إذا وصلت إلى حاشية القلب تكون قد قطعت مراحل الملهمة والمطمئنة والراضية والمرضية ، وأصبحت في موازاة النفس الأمارة ، غير أن منزلتها هي منزلة النفس الكاملة .. ومع ذلك ، فهي ليست في سويداء القلب ، وإنما على حواشيه .. وتطلب في ترقيها زيادة كمالها ، كل حين ، وهي كلما كملت ، قربت من سويداء القلب .. وفي السويداء كمالها المطلق .. وسيرها إلى كمالها المطلق سير سرمدي ، لا ينقضي .. وكمال النفس المطلق في وصولها عائدة إلى نفس الله ، حيث تنزلت أول أمرها .. وفي سويداء كل القلوب ذات الله ، قلوب الأحياء ، وقلوب الجمادات ـ مراكز ذرات المادة ))

    أما بالنسبة لمفهوم الإنسان الكامل فهو مفهوم قد داعب خيال كل الأديان والفلسفات بدءاً من روحانيات الشرق وإنتهاء بالأديان السماوية ، إلا أنه قد وصل قمة نضجه في الفكرة الجمهورية . .. لقد ظل مفهوم الإنسان الكامل يعبر عن التوق الإنساني لتحقيق الكمال ، فالهندوسية وهي أقدم دين معروف على الأرض وقبل أكثر من ستة آلاف سنة قبل الميلاد قد تحدثت عن مفهوم الإنسان الكامل وأطلقت عليه اسم (AVATARA) .. وكتاب الأوبانيشاد (Upanishads) وهو أحد كتب الهندوس المقدسة قد صنف مراحل النمو الروحي للإنسان والتي تتوج بمرحلة الإنسان ـ الإله أو ما يعرف في الهندوسية باسم الأفاتارا (Avatara) وهي كلمة سنسكريتية (إحدى اللغات الهندية القديمة) وتعني (Descent) أي منحدر من سلالة ، ويبدو أن في ذلك إشارة لنسبه الإلهي .. هذه المعرفة قد كانت متاحة قبل مجئ إفلاطون نفسه .. وكما قلنا فإن المعلم واحد ، والمحك في ذلك أن الفكرة الجمهورية قد تحدثت عنه بتفصيل لم يتوفر لدى كتاب الأوبانيشاد أو إفلاطون أو غيرهم .. أكثر من ذلك فهي قد رسمت السبيل لتحقيق مجيئه بصورة لم تتوفر لغيرها من الفلسفات الأخرى وبشرت بمجيئه ، حيث أن جرثومة الإنسان الكامل كامنة في كل نفس بشرية من حيث هي نفس بشرية .. ولقد جاء في إهداء كناب (القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري) قول الأستاذ (محمود) التالي : (( إلى الذي ظلت البشرية تنتظره وتترقب ظهوره .. إلى الإنسان! ثم .. إلى الرجال والنسوان ، هل تحلمون به؟؟ إنه فيكم! يظهره القرآن))

    والإنسان الكامل في الفكرة الجمهورية هو تنزل الذات لمقام التجسيد وهو أول قابل لتجلي الذات الإلهية المطلقة .. وهو ليس مطلقاً ولكنه صاحب نصيب في الإطلاق بما يؤول إليه أمره ، فيدخل طرفاً من الإطلاق إلى القيد وذلك كلما ترقى نحو الإطلاق ولكن يظل الإطلاق في إطلاقه .. وهو ليس مطلقاً لأنه محتاج إلى المطلق (للذات الإلهية) .. والإنسان الكامل في الملكوت ، ونحن نحاول أن نحققه في الأرض .
    وعندما طلبت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم أن ينسب لهم ربه نزلت سورة الإخلاص (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد) .. ففصلت هذه السورة القرآنية الكريمة النسب الإلهي للإنسان الكامل (مقام الإسم) خير تفصيل .. ذلك أن مقام الاسم (الله) له نسبتان : نسبة إلى القيد حكتها الآية (قل هو الله أحد) ، وهي مقام الاسم من حيث هو متعلق الصفات مما يلي الخلق (القيد) وهذه مرتبة الأحدية .. أما النسبة الأخرى فهي نسبة إلى الإطلاق حكتها الآية (ولم يكن له كفواً أحد) وهي مقام الاسم من حيث أنه مجرد إشارة إلى الذات الساذج الصرف مما يلي الذات ، فمن حيث نسبته إلى الإطلاق هذه (لم يكن له كفواً أحد) ، أي لا يكافئه وصفاً بأن نصفه بأنه (أحد) ، ذلك أنه يصبح مطلقاً بلا وصف ولا كيف .. ولقد جاءت سورة الإخلاص الكريمة بهذه النسب الإلهي الشريف بصورة معجزة جمعت بين إثبات الوصف له (قل هو الله أحد) وبين نفي الوصف عنه (ولم يكن له كفواً أحد) .. فالحقيقة بين النفي والإثبات ، ذلك أنك إذا نسبت مقام الاسم (الله) إلى الإطلاق فقط ، فقد ضللت .. وإذا نسبته للقيد فقط فقد ضللت ، فلا يستقيم وصفه إلا بالجمع بين هاتين النسبتين للإطلاق والقيد معاً وفي نفس الوقت ! لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا النسب الإلهي للإنسان الكامل (مقام الاسم الله): (لكل شئ نسبة ونسبة الله قل هو الله أحد الله الصمد) ..

    كذلك تعتقد الأخت الكريمة عشة بنت فاطنة بأن الفض الجماعي للكبت مستحيل بسبب إختلاف البشر وأن القرآن يؤكد هذا الإختلاف .. وأنا لا أختلف معها في هذه الناحية ، ذلك أنه لا يوجد فض جماعي للكبت ، وسوف يكون دور المجتمع هنا إعداد المسرح الذي يمكن الأفراد من تحقيق التحرر من الخوف والكبت وذلك بإقامة المجتمع الإشتراكي الديمقراطي الذي به يتم تحرير الإنسان من الخوف .. لكن يظل عبء التحرر من الخوف الموروث والمكتسب ومن الكبت بكل صوره يقع على عاتق الأفراد في مجهودهم الفردي في العبادة وتحصيل العلم بأصل البيئة الطبيعية والإجتماعية التي كان الجهل بها سبباً في نشوء الخوف والكبت . وكدح الإنسان الذي تحدثت عنه هو نفسه الطريق للتحرر من الخوف ، فكل إنسان سوف يكدح إلى ربه كدحاً حتى يلاقيه ، أي يلاقي الله ، وملاقاة الله لاتكون في الزمان والمكان ، وإنما هي بتقريب الصفات من الصفات ، تقريب صفات العبد من صفات الرب ، وتلك هي نفسها التخلق بأخلاق الله والتي بها يتم التحرر من الخوف (تخلقوا بأخلاق الله إن ربي على طريق مستقيم) كما جاء في الحديث الشريف .. فالإستقامة هي هي مرتبة الوجود الكامل الذي لا يتوزعه الوهم بين ماضٍ قد انقضى ومستقبل غائب لم يحن بعد .. وذلك هو الوجود المتحرر من الخوف في كل صوره .

    تتساءل الأخت عشة بنت فاطنة أيضاً عن أن (هذا التحرر يلزمه إتساق الجسد والعقل أي تطويع الجسد لإرادة العقل ، ثم التدرج والصعود لمرحلة شهود الحق) .. ثم تتساءل أيضاً (هل المشاهدة تتم مع وجود الجسد أو مع الغياب والموت) ! والحق أن الخطوة الأولى في السلوك تقوم على سيطرة العقل على نزوات الجسد ، فإذا قام العابد المجود بالكبت الواعي لنزوات جسده عبر السير في طبقات العقل من النفس اللوامة والملهمة والمطمئنة والراضية ، فإنه يكون قد قام بعقلنة جسده ، وبذلك يعود الحس والشعور لكل الجسد ببروز الحاسة السادسة ، فيقوى العقل ويستحصد ويوحد معطيات الحواس الأخرى حتى يكون بقوة هذا التوحيد لدى إدراكه لكل شئ ، كأنه يحسه ويسمعه ويراه ويذوقه ويشمه في أنٍ واحد .. ولقد كان النبي الكريم يقول لأصحابه في الصلاة : اصطفوا فإني أراكم من وراء ظهري .. فهو لم يكن يرى بحاسة النظر فقط ، بل كان يرى بكل ذرة من ذرات من جسده .. ولقد اشار لهذا الأمر سلطان العشق الإلهي (ابن الفارض) حين قال :

    حـــتى إذا ما تــدانـــى الميقات في جمع شملي
    صارت جــبالي دكــــاً مــن هــيبة المتجـــــلي
    وصرت موسى زماني مذ صار بعضي كــــلي

    (جمع شملي ) تعني توحيد قلبه وعقله وجسده .. (صار بعضي كلي) ، في مستوى تعني صار كله عقلاً ، فإن (موسى) هو رمز العقل في آيات النفوس.. وفي مستوى آخر تعني ايضاً صار كله قلباً ، وهي مرحلة الشهود الذاتي ، حين تطمس من العبد ذاته الحادثة وتبقى ذاته القديمة في صلة مع القديم .. والمشاهدة تتم لبعض العبيد المجودين وهم في هذه الحياة الدنيا وذلك بفضل الله عليهم .

    أشارت الأخت تماضر وبكل شفافية لفكرة الفناء في الذات الإلهية ، ونحن في ذلك إنما نفني نقصنا في كمالها. و(إفناء الذات في الله) هو الأمر الذي اتفق للنبي الكريم في بدء بعثه حتى ظهر عليه من الوله ما ظنه الناس جنوناً ، فبرأه الله مما قالوا : (ن والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون) .. وهو عليه الصلاة والسلام قد قال (لي ساعة مع الله ، لا يسعني فيها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل) وهو عينه إفناء الذات البشرية في الذات الإلهية في جمعية مستغرقة للحادث في القديم .

    تساءل ايضاً الأخ محمد آدم عن موضوع سبق المجتمع للأديان وعن الأوادم الذين ظهروا قبل ظهور آدم أبو البشر المعاصرين .. والحق بأن القرآن قد اشار لهؤلاء الأواد م حين تحدث عن إعتراض الملائكة على خلافة البشر على الأرض (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) .. ولقد عارض الملائكة في اتخاذ الله الخليفة من سلالة الطين قياساً على سابق علمهم المستمد من تجاربهم مع الأوادم السابقين .. وبهذا فإن السلالات البشرية (الأوادم) التي سبقت أدم أبو البشر قد شكلت المجتمعات التي سبقت الأديان .. أما فيما يخص تساؤلك عن قانون المعاوضة .. فأجيب باختصار بأن هنالك قانون معاوضة في الحقيقة قوامه قوله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) .. كما أن هنالك قانون معاوضة في مستوى الشريعة قوامه قوله تعالى (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ، والعين بالعين ، والأنف بالأنف ، والأذن بالأذن ، والسن بالسن ، والجروح قصاص ، فمن تصدق به فهو كفارة له ، ومن لم يحكم بما أنزل الله ، فأولئك هم الظالمون) .. وليس المقام هنا مقام تفصيل !

    ختاماً اشكر كل الأخوة المشاركين في المداخلات والتعليقات!
                  

العنوان الكاتب Date
وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-20-04, 09:53 AM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Yasir Elsharif01-20-04, 10:04 AM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Yasir Elsharif01-20-04, 10:24 AM
    Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة doma01-20-04, 01:42 PM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة منصوري01-20-04, 01:18 PM
    Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-21-04, 10:08 AM
    Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-21-04, 10:15 AM
    Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-21-04, 10:20 AM
      Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-21-04, 12:25 PM
        Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-21-04, 10:46 PM
          Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-22-04, 02:59 PM
            Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-22-04, 11:52 PM
              Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Tumadir01-23-04, 01:29 AM
              Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Yasir Elsharif01-23-04, 08:37 AM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة osama elkhawad01-23-04, 03:09 AM
    Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-23-04, 09:11 AM
      Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-23-04, 09:22 AM
    Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Tumadir01-23-04, 09:42 AM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Agab Alfaya01-23-04, 11:06 AM
  Re: حول التحرر من الخوف والكبت Agab Alfaya01-23-04, 01:54 PM
    Re: حول التحرر من الخوف والكبت عشة بت فاطنة01-23-04, 09:45 PM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Yasir Elsharif01-24-04, 08:09 AM
    Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-24-04, 09:04 AM
      Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Yasir Elsharif01-24-04, 09:28 AM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Yasir Elsharif01-24-04, 01:28 PM
    Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-24-04, 11:46 PM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Mohamed Adam01-25-04, 08:21 AM
    Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-25-04, 07:08 PM
      Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-26-04, 09:39 AM
      Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة kh_abboud01-26-04, 09:40 AM
        Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-26-04, 03:11 PM
          Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة kh_abboud01-26-04, 09:15 PM
            Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-27-04, 09:09 AM
              Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-28-04, 04:05 PM
                Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Haydar Badawi Sadig01-28-04, 08:16 PM
                Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-28-04, 08:45 PM
                  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Yasir Elsharif01-29-04, 10:29 AM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة osama elkhawad01-29-04, 01:51 AM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة د.أحمد الحسين01-29-04, 10:45 AM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة د.أحمد الحسين01-29-04, 10:46 AM
    Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة عشة بت فاطنة01-29-04, 11:30 AM
      Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة Haydar Badawi Sadig01-29-04, 08:55 PM
  المؤامرة السلمية نحو التغيير.. البورد مثال للمتآمرين والمتآمرات Yasir Elsharif02-05-04, 04:26 PM
    Re: المؤامرة السلمية نحو التغيير.. البورد مثال للمتآمرين والمتآمرات محمد عوض إبراهيم02-06-04, 02:26 PM
  Re: المؤامرة الحميدة.. التحوّل.. Yasir Elsharif02-10-04, 01:07 AM
    Re: المؤامرة الحميدة.. التحوّل.. عشة بت فاطنة02-13-04, 08:40 AM
  Re: وحدة البنية البشرية في الفكرة الجمهورية -المفكر سعد ابونورة منصوري02-13-04, 09:17 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de