|
Re: تحليل شامـل -دارفـور شبـح التدخـل ومعجـزة الحـل (Re: أحمد الشايقي)
|
المخططات الأمريكية تهدف المخططات الأمريكية بالمقام الأول لفصل الإقليم فصلاً يشبه السيناريو الذي جرى تطبيقه في إقليم كوسوفو ولجـر الحكومة السودانية لمواجهة عسكرية تمكن الولايات المتحدة من توجيه ضربات جوية لكافة المنجزات الصناعية والحيوية التي تمثل مكامن القوة في البلاد وعلى الرغم من أية تسوية قد تحدث للقضايا السودانية عن طريق الإرغام أو عن طريق الوفاق الاستبـاقـي فليس من المنتظر أن تنسحب القوى الغربية من الإقليم وستنهمك في إحداث استثمارات طويلة الأجل فيه بدعوى التنمية. لن تعنى القوى الغربية بإعادة توطين النازحين وستكتفي بشحن المعونات الإنسانية إليهم لجعلهم مستهلكين دائمين ولأغراض استدامة الأزمة الإنسانية إعلامياً وستفتح الباب أمام تحقيقات قانونية دولية لا نهاية لها عن تحديد المسؤوليات ومحاكمة المسئولين وحتى التعرف على جثث الأموات لأنها ستتحول إلى مبرر بقاء القوات الأجنبية في الإقليم بالضبط كما أن القوات الأمريكية في العراق تعرقل إعادة بناء الجيش والقوات النظامية العراقية لأن تأمين العراق قد أصبح المبرر الوحيد لبقاء القوات الأجنبية. ستعاني حركات ثوار دارفور الكثير مع القوات الأجنبية وهذا أمر يخرج الآن عن حسابات هذه الحركات وبالذات حركة العدل والمساواة لخلفياتها الدينية ولذا فقد كان فصل الدين عن السياسة هو الشرط الذي وضع أمام حركة العدل والمساواة للاتحاد بين الحركتين (لاحظ موضوع الخلاف بين الحركتين ومدى علاقته بالأزمة الإنسانية والمشاكل التنموية بإقليم دارفور). وكذلك ستعاني حركة التحرير لعلاقتها بتشاد والنفوذ الفرنسي وبالطبع لن يصدق أحـد إذا قلت أن الغرب سيفضل التعامل مع القبائل العربية في دارفور إذا ما احتل (لا سمح الله) الإقليم. هـذا هو السيناريو الأغلب في دارفور, أما في مركز السودان فدعونا نضرع إلى الله ألا يحدث ما نقرأه من خلال الأحداث.
المعجــزة المطلوبــة المعجزة السياسية أمـر أؤمـــن شخصياً بوجوده وإمكان تحققه وفق تاريخ السياسة في السودان. وقد أدهش الشعب السوداني العالم كثيراً ومن الممكن أن يتكرر الأمـر ولو (كما تفضل الأستاذ كمال الجزولي) من باب غريزة حب البقاء ونتمنى ههنا (بإخلاص) البقاء للجميع لأن في ذلك بقاء الوطن وسلامته. واكثر ما يميز السودانين هو العقلانية والالتزام الوطني في حالات المخاطر وقد انتقصت النزعات القبلية والإقليمية من هذا المنحى كثيراً في حقب تاريخية بعينها ولكن التاريخ الحديث قد شهـد سيادة هذه العقلانية والتجمهر حول ثوابت الوطنية في المدلهمات ودون القارئ الضربة القاضية للاستعمار البريطاني بإعلان الاستقلال من داخل البرلمان وإفشال الخطط البريطانية الماثلة وقتها (بجهجهــة) وتأخير الاستقلال كما فعلت في الهند والعديد من الأقطار غيرها ودون القارئ ثورتان جماهيريتان في أقل من ربع قرن هما أكتوبر 1964 وابريل 1985, ولا عنصر للشؤم في هذا إلا خروج العديد من العناصر الحاكمة حالياً عن قيود العقلانية ونزوعها نحو التطرف الانتحاري وهو أمر على الحزب الحاكم ضبطه ومعالجته (إذا غلبت أم غلاب).
لربما يكون الزمــن قليل جداً ليكفي بالخروج بحل في حكم المعجزة لكن الصدق مع النفس يمكن أن يثمــر حلاً رائعاً ومدهشاً. وعلى أية حال فعلى المؤتمـر الوطني اتخاذ قرار استراتيجي وأسطوري ولهم في الراحل الفريق إبراهيم عبــود أسوة حسنة. ودعني أجزم لهم انه لن تمـر لحظـــة في حياة أي منهم ينتظرها التاريخ ليدون منها سفراً طيباً أكثر من هذه اللحظـــات. ومن الممكن استثمار ذات الحالة العقلية السائدة بدوائر النظام تجاه المفاوضات مع الحركة الشعبية للدفع باتجاه تسوية (مخلصة واستراتيجية) مع القوى السودانية على اختلافها ومع القوى الإقليمية في دارفور وفي غير دارفور ومع التجمع الوطني, بكل ما يحمل من البؤر الثورية الكامنة في الشرق أو حتى في الشمال والذي يعاني من التهميش التنموي كما لم تعاني أي من مناطق البلاد. فهل ستنقذ الإنقاذ البلاد والعباد بالتعبد لله بإبرام الاتفاقات مع الفرقاء المسلمين بعد أن فعلت في نيفاشا مع الفرقاء غير المسلمين؟ ماذا يهم القوى الإقليمية السودانية أكثر من أن تحصل على الحقوق السياسية والأساسية والعدالة القانونية والتركيز التنموي والإعتراف الثقافي؟ هل يشرق عصر القادة العظماء والعقلاء من جديد على وادي النيل الأعلى فنرى حكومة (وحدة وطنية) بكل ألوان الوطن تعلن للقوى الدولية انتهاء المشاكل السودانية من الجنينة وحتى همشكوريب ومن حلفا حتى نمولي وتفتح الباب أمام شعب السودان ليتداول السلطة سلمياً عن طريق صناديق الاقتراع؟ هل نتعلم من الصفح النبيل الذي قاده أصيل أفريقي خالد اسمه نيلسون مانديلا ما زال فخراً للإنسانية على مدار الكوكب الأرضي ؟ أم نمسك أنفاسنا بانتظار دورة استعمارية جديدة تزهق الأرواح وتسيــل الدمــاء وتدمــر المقدرات ولات ساعــة منـــدم؟
|
|
|
|
|
|