رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 04:59 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الاديب محسن خالد(محسن خالد)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-12-2005, 05:56 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Mohamed Elboshra)

    إزيّك يا محمد،..
    يا أبا سامر،...
    تحياتي يا رجل، وكيفها الدنيا معاك؟
    لقد خرجتَ أنت باكراً، لذا جرجرت معك المسألة قليلاً لتعرفني،..
    كنتُ صغيراً لحد ما، حينما كنتَ أنت أفضل لاعب كُرة في المنطقة، الشيء الذي لن ينافسني أحد في (الكياشة) فيه،..
    لك المودة، وسنستوفي المسألة،..
                  

05-13-2005, 01:52 AM

Alia awadelkareem

تاريخ التسجيل: 01-25-2004
مجموع المشاركات: 2099

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    اتدري

    اصاب بالرعب

    عندما يرفع كاتب ما رايته علي اراضي

    عنوة..

    فترفق..!

    محبتي
                  

05-13-2005, 04:13 AM

Mohamed Elboshra

تاريخ التسجيل: 08-04-2003
مجموع المشاركات: 816

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Alia awadelkareem)

    العزيز محسن
    ]تحياتي لك من مرافئ الغربة لك بمرافئ الاغتراب
    وصدق من قال ان العالم اصبح قرية صغيرة
    فبلا من ان نلتقي في قرية المسيكتاب نلتقي في قرية النت

    واظنك ذاكرتك قوية فانا فعلا طلعت بدري من المسيكتاب وممكن تقول شلت عصا الترحال منذ 85 لبورتسودان ومنها للدراسة بليبيا الي ان اتي الامويون الجدد بمشروعهم الحضاري فكان الملاذ بهولندا وبعد ما العيال بقوا في سن المدارس قلنا احسن يدرسوا بالانجليزي بدلا من لغة لا يتكلمها الا مواطني سورينام غير اهلها .
    لازلت في انتظار ردك على الاميل. واتمني ان تتحفنا بابداعك الراقي ولا تهتم لهؤلاء الظلاميون الذين لا هم لهم الا قتل كل جميل
    وللحديث بقية

    مع ودي وودادي
                  

05-14-2005, 01:48 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Mohamed Elboshra)

    Alia awadelkareem،..
    تحية خاصة لك، يا علياء أو عليّة، ورحباً رحباً مودتي،..
    كلنا في إطار هذا الرعب، وبين حنكاته،..
    الكتابة السمحة تخوفنا، المرأة السمحة تخوفنا، الشجرة السمحة تخوفنا،..
    قلت من قبل، الرعب تداعٍ صغير، عن فكرة الفناء المستبطنة للجمال، نُرعب ونُذعر لأننا لا نريد للجمال أن ينتهي،..
    ليحافظ كلٌ منا، على الشجرة أمام بيته، يأتي عصفور، يتبعه لحن، وتمضي القصة، في جمالها ورعبها المزمن،..
    كوني بخير، يا عزيزة، ورايتي لن أخلعها عن أرضك،..
    الكاتب حين يجوّد كتابته ويسعى في ذلك، يسعى في الاستعمار،..
    أنا إسكندرٌ سوداني بدل مقدوني، إسكندرٌ يؤمن بالقلم،..

    محمد البشرى،..
    تحياتي يا عزيزي،..
    مساءلة الغربة أصبحت واجباً يومياً، كيك وخبيص الصباح، لن نهتم بذلك، ولا بخفاف العقول، سنمضي في الأمر،..
    تحياتي وراجع بريدك،..
                  

05-14-2005, 02:40 AM

Alia awadelkareem

تاريخ التسجيل: 01-25-2004
مجموع المشاركات: 2099

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Quote: كوني بخير، يا عزيزة، ورايتي لن أخلعها عن أرضك،..


    اتدري

    اجمل مايوفرة هذا الاسفير بالرغم من الاحزان التي يبثها علي الشاطئ المقابل لجمالة

    انة يوفر لك نعمة معانقة الشموس في سماواتها ...سعيدة لفكرة نش خوفي قليلا عن وجه فكرتك

    وتحسسي لقسمات عبارتك عن قرب ... ظللت طويلا احدق فيها اخذ منها ثلث احلامي وثلث الامي

    وثلث لافج بة ضجر المنافي

    واتسلل في هدوء مهزوم فاق لتوه من صدمة تفضل خصمه علية بالحياة ...

    اننا بؤساء لحد جارح

    ومحرومون من نعمة الجمال كما نريدحد الخشية..هذا لست طبيعي ...!

    Quote: ورايتي لن أخلعها عن أرضك،..
    ..


    ومن الذي يريد خلعها

    اتركها ترفرف كما تريد وكيفما تشاء

    ولن اكون مصطفي سعيد يوما ...!

    Quote:
    أنا إسكندرٌ سوداني بدل مقدوني، إسكندرٌ يؤمن بالقلم،..


    يعجبني

    زهوك ويرميني في حفرة الاطراء

    لكن اعشقك اكثر وانت انت

    قلماً يحلق نحو الشمس بقلق طائر

    خليك بخير

    محبتي
                  

05-14-2005, 04:01 AM

Alia awadelkareem

تاريخ التسجيل: 01-25-2004
مجموع المشاركات: 2099

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Alia awadelkareem)

    Quote: بصراحة عمل (ممتع جداً) كغريزة الشهوة الجنسية ... وبصراحة أكثر لا لممارسة الجنس في المنبر.



    اتدري يا صديقي(اذا سمحتلي بها)

    هذا الكائن تحت اقدام العبارة نفسة الواقع الذي شكل جبال الخوف

    تجاة الجمال وتحسسه...في لاوعينا الجمعي به وشيد اسوار لكن ولو...

    يحتقرون حتي الطريقة التي اتوا بها لهذا العالم

    قلي بربك كيف لانسان يخجل من ذاتة ويضطهدها ان يكون فاعلا ويغني بالجمال يوما..؟؟

    المنافي ارحم

    المنافي ارحم

    شكرا محسن

    لانك بيننا

    محبتي

    (عدل بواسطة Alia awadelkareem on 05-14-2005, 06:54 AM)

                  

01-10-2007, 04:04 AM

ابوهريرة زين العابدين
<aابوهريرة زين العابدين
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 2655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Mohamed Elboshra)

    الاخ محسن
    شكرا على هذا الجمال، يا اخي انت التعابير دي يدخل يدك في جيبك وبتطلعها ولا شنو
    ايضا شكرا على الشرح الفلسفي لموضوع الجنس فقد التبس على الكثيرين فالبعض اعتبر الموضوع حكي جنسي وفات على البعض البعد الهام في قصص محسن وانها تعبير عما يدور في مجتمعنا وخاصة القصة التي ذكر فيها بائع الحطب فهو منظر عادي لمن عاش في اقاليم السودان والعمق الجمالي للدوبيت، ايضا استخدامك للدارجي في اطار فصيح، دائما اجد نفسي اهرب من العمل لبعض الوقت لكي اختلس النظر لحروفك والتعابير والجمل التي تركب جمل البلاغة وتجلده بصوت الجمال والمعرفة والثقافة العميقة، اما حكاية النقيب العنين فهذا جمال على جمال آخر وعمق عميق لمن يدري ، اما من لايدري فاعذره واعذرهم الا ان يصلوا لمرحلة الدراية بالرواية وفن القصص والقصة
    فلتمشي في دروب الحروف ولتحفظك العناية ومزيد من الحروف فالى لقاء في حروف اخرى
    مع شكري
    أبوهريرة
                  

02-16-2007, 03:47 PM

د.معاويه عمر

تاريخ التسجيل: 08-09-2016
مجموع المشاركات: 11

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    عزيزى محسن خالد
    شهدت كتابه أطلس ضد الجغرافيا
    (بأضانى) وهأنت تكتب من منافى الغربه الرجل الكلورفيل
    وأنا افكر فى كتابة اول الرجال الرجل الكلور(فووووول)!!
                  

05-14-2005, 02:50 AM

عاكف مختار

تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)


    بصراحة عمل (ممتع جداً) كغريزة الشهوة الجنسية ... وبصراحة أكثر لا لممارسة الجنس في المنبر.


    عاكف مختار
                  

05-14-2005, 04:17 AM

صديق الموج
<aصديق الموج
تاريخ التسجيل: 03-17-2004
مجموع المشاركات: 19433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Quote: قلي بربك كيف لانسان يخجل من ذاتة ويضطهدها ان يكون فاعلا ويغني بالجمال يوما..



    عالية اين نحن من الفعالون والذين يخافون دجلا من ان ننطق امامهم شىء من حقيقة الحياة

    والذين لا يرون فى ذلك الا الغريزة التى نتساوى فيها مع الحيوانات

    عالية كفرت باشياء كثيرة فى هذا الزمن الجهجاه التافه..لك ودى ويسلم ذلك المسكون

    محسن،،،،
                  

05-14-2005, 04:18 AM

صديق الموج
<aصديق الموج
تاريخ التسجيل: 03-17-2004
مجموع المشاركات: 19433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Quote: قلي بربك كيف لانسان يخجل من ذاتة ويضطهدها ان يكون فاعلا ويغني بالجمال يوما..



    عالية اين نحن من الفعالون والذين يخافون دجلا من ان ننطق امامهم شىء من حقيقة الحياة

    والذين لا يرون فى ذلك الا الغريزة التى نتساوى فيها مع الحيوانات

    عالية كفرت باشياء كثيرة فى هذا الزمن الجهجاه التافه..لك ودى ويسلم ذلك المسكون

    محسن،،،،
                  

05-14-2005, 05:14 AM

Alia awadelkareem

تاريخ التسجيل: 01-25-2004
مجموع المشاركات: 2099

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: صديق الموج)

    Quote: عالية اين نحن من الفعالون والذين يخافون دجلا من ان ننطق امامهم شىء من حقيقة الحياة


    الجميل صديق

    نهارك ود

    حزينة بفعل صائدي الجمال

    اما عن سؤالك اظننا في حدائق القبح التي يقيمونها كل مطلع شمس بملكوتهم

    نتلوي من جوع الوطن../الفكرة.../ الحب.../...الخ

    محبتي تبراك
                  

05-14-2005, 08:26 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Alia awadelkareem)

    عاكف مختار،..
    تحياتي يا رجل، وسلامات
    حقيقي إنت زول ظريف، بس بتكون أظرف لو وريتني الجنس في المنبر بمارسوهو كيف، لاحدي هسي أنا الفضاء الإسفيري دا بونسني وبس، أها إنت لو وريتني الحركونية البتخليهو يونسني وأقرّصو، بتكون حليت مشكلة عزوبيتي دي، وفيها نعرّسو،..
    ويضحك يومك،..

    Alia awadelkareem،..
    محبتي وسلامي،..

    صديق الموج،..
    محبتي وسلامي،..

    تحياتي لكما معاً، وسنرى،..
                  

05-14-2005, 08:37 AM

عاكف مختار

تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    عالية ،،، صديق الموج سلام واشواق دافئة.
    الاستاذ محسن
    لك ودي واحترامي


    بطّلي حركاتك دي، واسمعيني كويس، والله،.. ووالله، أشوفك وألا أسمعبك قرّبتي من لبخة الحلب دي، إلا أزرع ليك الذِب الدايراهو دا في رأسك، وبالطورية أم طين دي، شايفاها؟".


    إلى أن يفهم (الأحفاد) مترادفات المعاني (كلها) يظل هذا المعنى فاحشاً


    شوفي يا وليّة إنتِ، هسّه في ذمّتك صبغة البرش دي بتاعة عشرة ريال وألا عشرة جنيه! أقوم أنيكك؟ الدنيا براها حر".

    ويظل هذا أفحش منه ولو فهموا كل شيء

    ربما أكون (رجعي) الفهم ,,, لكن هكذا أنا وهو رأيي.

    عاكف مختار

    (عدل بواسطة عاكف مختار on 05-14-2005, 08:44 AM)

                  

05-14-2005, 08:51 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: عاكف مختار)

    عاكف مختار،..
    تحياتي يا رجل،..
    طيّب يا عاكف، يعني إنت هسي خليت (الجنس) وبقه الموضوع كلام فاحش؟
    عبارتك بتقول: (لا لممارسة الجنس في المنبر)،..
    لأنو في فرق كبير بين الاتنين،..
    حتَّى لو عرضنا فيلم سيكس، برضو في فرق بينو وبين نمارس السيكس في المنبر،..
    الموضوع كلو لغة، ومش ممارسة،..
    والناس لسانها واحد، وكلامها واحد، بس طريقة عزّيلن للكلام ولمواقعه –فنياً- هو الما واحد، لأنو الكلام دا إنت عارف معناهو، إذن أنا ما اخترعتو،..
    وإنت لا رجعي ولا في زول ح يقول ليك كدا، لك رأي في اللغة، ولنا رأي، بس ممارسة جنسية هنا مافي،..
                  

05-14-2005, 09:19 AM

صديق الموج
<aصديق الموج
تاريخ التسجيل: 03-17-2004
مجموع المشاركات: 19433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Quote: إلى أن يفهم (الأحفاد) مترادفات المعاني (كلها)
    يظل هذا المعنى فاحشاً



    العزيز عاكف...تحيات بروعة هذا البوست

    كل هذا الجمال المحشود والسرد المدهش لم تقع عينك الا على تلك

    الكلمتين.

    عموما ماذا يضير الطار اذا كان العازفين شتر.......

    ولا اريد ان اقول والذى نفسه بغير جمال وفى ذكاءك بقية السطور

    ارجو ان تعد القراءة كرتين ترجع لك الحروف زاهية وان لا تقرأ

    بعين غير الناسك فتلك بها غشاوة ..تسلم يا حبيب،،،
                  

05-15-2005, 01:03 AM

عاكف مختار

تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)


    العزيز محسن احترامي وتقديري لك ... كم أحب مثل هذا الاختلاف العقلاني الذي كلانا به رابح
    لم أترك (الجنس) ... من البديهي أن الممارسة (الفعلية) للجنس غير ممكنة ولكن (غيرها) كثير ممكن.
    نعم لم تخترع الغة واللسان واحد والكلام واحد والحميع وانا نعرف معنى الكلام ذاها والاف الكلمات المرادفة و المماثلة ولم نأت بها .. قل لي بربك لم ؟

    لك رأي في اللغة نحترمه ونقدره .. لم ألمك على انك كتبت روايتك الجميلة بهذه (اللغة) أو افسادك لها بقليل من (الفحش) ولكنى الومك لايرادها هنا في المنبر ... نعم هذا الكلام لا يخرج عن قاموسنا اللغوى .. وقد تكون هذه المفردات (مؤدبة) جداً في بيوت الدعارة مثلاً ولكن أوليس من الجيد ان نختار للمفردات مكانها كما نختار للسهرات لباسها.

    وأخيراً (بطن مليان خشم مافي) ولهذي قصة يؤجلها الانشغال.

    ...........................................

    العزيز الموج (أقولها من القلب)

    هذا الجمال المحشود والسرد المدهش .. قلت انه (رائع جداً) وقد عنيت وأزيد بل أكثر
    أها الكلمتين ديل رأيك فيهن شنو ؟؟؟

    لا طار (والعازفون) شتر
    عزيزي لا يتطلب الامر ذكاءً ولا أدعيه.

    لك الود وحتماً سنلتقيك

    ...........................................

    (الصديقة) عالية كيف حالك ؟؟

    عاكف مختار
                  

05-16-2005, 02:35 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: عاكف مختار)

    صديق الموج،..
    تحاياي لك يا عزيزي،..
    وكن بخير وأجمل كل صباح،..


    عاكف مختار،..
    تحياتي يا رجل، وأُحيي روحك،..
    (الممارسة) في اللغة كلمة لها معنى معروف، ولا أكثر،..
    سأقول لك لم؟ لأنّ الشخصية قالت ذلك، ولأنّ الكلام في هذا الإطار ليس فيه من الكلمات سوى ذلك،... وأيضاً لأجل تفريغ اللغة من حدّتها، كيف نُفَرِّغ اللغة من حدّتها؟ باستعمالها،..
    ######## u عند الخواجات، بالاستخدام لها، أصبحت مثلها مثل (بالله سيبنا) أو (ينعل ديشك)،..
    تقول بأنّ اعتراضك على نشر القصة هنا، لو كان ذلك لعامل الخطورة، فالكتاب أخطر من هذا المنبر لو أمعنت التدقيق،..
    الكلمات التي تحدثت عنها تحت نعت (الفاحشة) في كل بيت، لأنها تسميات عادية، وعادية جداً، لأعضاء يحملها كل بشري منا، لا تزج بالموضوع في بيوت الدعارة كمدرسة عليا يتلقى فيها الإنسان تعلّم مثل هذه الكلمات، لو أحببت الإنصاف، فأنت وأنا وأخي وأخوك وأختي وأختك وعمتي وعمتك وأبوي وأبوك، نعرف هذه الكلمات كلها، ونحن جميعاً لم نذهب لبيوت الدعارة، وإنما فقط ذهبنا (للمستراح)،..
    وتحياتي لك أوفرها،..
                  

05-17-2005, 03:36 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    لو تدري كم نتابع لما توقفت لحظة
    أكتب بالله عليك لاتقيف
    .............................

    تعرف لاذلت في الموفد جدك الجريمة هذا
                  

05-18-2005, 01:33 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: خضر حسين خليل)

    خضر حسين خليل،..
    يجمِّل صباحك، ويُعرُش نهارك السلام،..
    تحياتي يا عزيز، وأريت بالعمر حيلة، ما بالعمر حيلة،..
    زمن الكتابة نقالعو مقالَعة،..
    وهذا إعلان لعروس مغتربة أكتر وأحرف مني،..
    الموفَد دا زول قصتو صعبة شديد، وبحتاج مني لكتابة أحسن من الفوق القديمة دي، بعدين أنا مسميها (مذكرات)،..
    الدين لامن يخفس ببقه سمح، وما في أحلى من الغرق الكلي، في أي شيء..
    والفراسة لامن تخفس بتبقه قصة خالدة،..
    والكتابة لامن تخفس بتبقه محسن خالد الصح صح،..
    ببللكم في الحنقوق، أصبروا، الحبال بالمهلة،..
                  

05-19-2005, 01:05 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    الإنسان في المكان أعمى عنه، الإنسان مع الإنسان وبينهما سوء التفاهم،..
    المحبّة قاطرة البلاد كلها، الصلات كلها،..
                  

05-20-2005, 01:59 AM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    ارجو ان يذهب "معنا" هذا البوست للفترة المقبلة..

    هذا بوست "مستوف" لشروط الدوام..


    والدوام لله
                  

05-21-2005, 02:48 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Tumadir)

    تسلمي يا تماضر،..
    يا ملكتنا في هذا المكان،..
    وإنَّا قومٌ من أقاصي المملكة، نأتي أرض حضركم لنستبدل الفول والسمسم بالصابون، وبالات القطن بقمصان "النَقَادة" المزركشة،..
    نحن قوم تتعب منا البادية، فنخفّف عليها قليلاً برحلة إزعاج الحضر،..
                  

05-28-2005, 02:09 PM

توما
<aتوما
تاريخ التسجيل: 08-07-2003
مجموع المشاركات: 1466

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    محسن خالد العميق

    قريت الكلام ده

    Quote:
    الحب خبز هذا الصباح، وقهوته، فلا تحبوني،..
    افهموني بقلوبكم ما استطعتم، الآخر حين لا نفهمه نُلغيه،..
    إن لم تحبني أنت، فسيحبني آخر، أو غيرهما،..
    وإن لم تفهمني أنت فأنا هالك عندك،..
    لكي تدرك الأشياء جيداً، رُح إليها بالغارق منك، ثم انقلب نحو المرئي من الآخر،..
    الإنسان يحب نفسه بالضرورة، لذلك يتمهّل في فهمها، ليكون الحب جزءاً من التفهّم وليس العكس،..
    تمَهّل في فهمي،..
    الشاه جاهان، أي ملك الجهات، وشارباه طرفا الكوبري معلّقان بين مقنصة الحزن ومثكَلَة، فـ"ممتاز محل" حبيبته، قد اعشوشبت في وادي الموت الرهيب،..
    انشغل هو بحزنه عليها، وأراد أن يجعل منه عملاً يومياً، يسخّر له "الطُلَب والأسمنت"،..
    ونظروا له فيمن هو معماري وكاسر العبقرية، وجيء بالفارسي العَلَم في ذلك والمسكين، ولكن الشاه جيهان أمر بأن تُجلب حبيبته أيضاً، ونُودي من قبل حُجّابه،..
    هاتوا البنيّة وصدّعوا روحها على الأرض، وتجري نوّارة الصبية في ترابها، هالكة ولازبة في الممات،..
    قتلها الشاه جيهان، كي يفهم المعماري الفارسي بقلبه وليس بملابسات الحادثة وأذنيه،..
    هكذا بنى المعماري الفارسي لحبيبته أولاً وأخيراً، وبفهم مشارك لا يكتفي بكونه عميقاً فحسب، ولئن ذُيِّل الصرح باسم "تاج محل" فهذه فكرة صغيرة، المهم أنّ الرجل بنى تلك المعجزة بمفاهيم تتعلّق بذكريات قلبه هو، وليس بسربعة المقاولين،..
    الحبيبتان مضتا في الهول الذي لا بُد منه، وأُسدل هذا الستار، والمغولي والفارسي مضيا من بعد، وقبر الحبيب ما يزال يقف هناك، يراه رابندرانات طاغور ويقول: "دمعةٌ على خد الزمان"،..
    فلا تحوجوني رجاءً لقتل حبيباتكم، كي تفهموني بقلوبكم،..



    قدر سبعين مره واحساس
    ممكن اشيلو معاي بوستي (حاجات عاجباني جدا) ؟

    اشيلو مش

    شكرا شكرا شكرا
                  

05-30-2005, 01:30 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: توما)

    توما،..
    إزيك يا إنسانة، وماك طيبة،..
    أي حاجة تعجبك هنا تشيليها طوالي، وبدون شورة، وأي زول عاجباهو حاجة يشيلها،..
    وممكن ندلّك على القصة الحقيقية والكاملة الخاصة بممتاز محل في بعض المصادر الهندية، أو بمختصرها لدى رحلة "خليل النعيمي"،..
    بس فكرة تفريغها من مضامين ووضعها في مواعين تانية، ياها هنا،..
    يلا، بالسلامة،..
                  

05-30-2005, 04:18 AM

samwal ebrahiem
<asamwal ebrahiem
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 679

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Quote: الموفَد دا زول قصتو صعبة شديد، وبحتاج مني لكتابة أحسن من الفوق القديمة دي،


    محسن خالد، ياجميل
    عليك دينك الموفد دا ما تهبش فيه حاجه
    خليهو ذي ماهو، كدي جميل ، احيانا التذويق
    والتجميل بخرب الكتابة بالذات لمن تكون ذي
    الموفد دا، وجدك دا انا مبسوط منو شديد ، وكلام
    حبوبتك ليك ( قول بسم الله يا ولدي دا علم مفارقين )
    محسن خالد ، انتو كلكم حلوين كده ؟
                  

06-01-2005, 05:19 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: samwal ebrahiem)

    samwal ebrahiem ،........


    samwal ebrahiem،....

    كيف حالك؟ أها عليّ ديني ما أهبشو،..
    وناس معاك كتيرين، حذروني من التداخل في قصة الزول دا، وقالوا اللغة دي جزء من قصتو وملامحه، لغة طنقع طنقع، وتبتديهو الصباح ويبتديك دي تمشي تسويها مع منوت وألا جاي جاي، واحدين قالوا لي لو دخّلت فيهو إيدك إلا نكون خايفين منك، أها خليتو مجنونكن دا، بنّياتو ناس أمي وخالتي ما نابن منّو إلا "كَواري وصحون صيني" قُبَاح، رسّلن ليهن مع الزول القلت اسمو عثمان عبد الله دا، أها أنا بدري بدري فارقت المغربية خوفاً من جنس الأحفاد النبّاشين وشيالين الحال زي ديل،..
    بس اللمسة في قصة إرسال "الكَواري والصحون" القُباح، من زول ممكون معرفة وحتى مجنون، فيها دلالة كاسرة، على أنّ الحنين والحنان لا يرتهنان إلى المشين –الدماغ- لأنو كان فيهو شورت، من أين تنبع العاطفة إذن؟
    من الذاكرة، ما أستبعده... أم من الصياغة الإنسانية برمتها؟
    نحن كلنا مش حلوين كدا وبس، دايرين لينا محامي نجيض، يثبت لناس الأراضي إنو مستشفى التجاني الماحي دا كان محل بيوت وزرائب لي جدّاً لينا، جد سلالة الحلاوة دي كلها،..
                  

06-16-2005, 00:38 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    المرور أمام النشنكة







    المرور أمام النشنكة





    عشق إدريس للضابطة اليونانية




    (1)




    (إدريس)




    "الليلة!؟".
    "نعم".
    "وهذه البروق! ماذا ستفعلون فيها؟".
    ناولني النقيب معتصم بندقية من طراز "جيم 3" الإيراني، قبل أن يُطْلق همهمة كالتي تساعد الناس في الصبر على جهل الآخرين، ثم أجابني وهو يختبر أجهزة التعمير في البندقية أمامي: لولا أنها ستمطر الليلة لما فَكّرنا في مهاجمتهم.
    سألته بصوت يجتهد في دفن ارتباكه وتغليفه جيداً: "أي معسكر؟".
    "نيام ليل". يسخر مني إذن، لأن معسكر "نيام ليل" من أكبر وحدات الجيش الشعبي لتحرير السودان المتواجدة في المنطقة، أكبر وأخطر وحدات جيش "الحركة" كما يختصرونه. أردف وهو يشد حزامه العسكري،..
    "ستعرف. أمامك ساعة لو كنت تود الذهاب". قال ذلك وهو يداري فمه بيده كعادته حين يضحك بشماتة وسخر. لن أنكسر له، قلت: "آه.. أود طبعاً. ولكن.. سأذهب لمكاتبنا أولاً".
    "خذ راحتك، ولو قَرّرت الذهاب أنا في وحدة مصنع البيرة".
    رغماً عن كوني سمعته جيداً فقد سألته: "البيرة" أم "قرنتي"؟
    أجابني بلطف حاسم: الأول، الذي كان في الماضي ثكنة للكيف، مُشْ للعسكر.
    حاولت إعادة البندقية له، ولكن..، بطريقة من يريدها أن تتقدَّمه وسيلحق بها. ودفعها هو في وجهي مرة أخرى، مالك؟ يضحك، دعها معك، لن تبيعها إن لم تذهب معنا، ها!؟
    قبل أن يبلغ سيارته ناديت ناحيته: مَنْ الكمندان؟
    و"الكمندان" هذه جرى العرف على أن يطلقها الجنود على القائد مهما كانت رتبته.
    أجابني النقيب عَاضَّاً على الأحرف: "أنا".
    "عملية صغيرة إذن لو كنت أنت، قلت لنفسي: وإلا لكان المُقَدّم ود العالِم أو المُقَدّم محمد عثمان الجعلي، أشهر وأشرس عسكريين ببحر الغزال حينها".
    دخلت لمكاتبنا الخاصة بالأمم المتحدة ولا أدري ما الذي أريده. نظرت لصورتنا معاً، تَمَّ التقاطها في مدينة "قوقريال"، حين ذهبنا إلى هناك أوان خريف بطائرة الإغاثة. أنجزنا فيها مفاوضات صغيرة وتافهة مع قادة غير ملحوظين من الجيش الشعبي لتحرير السودان، كي يسمحوا للمعونة ببلوغ بعض المناطق التي تقف على حافة الزوال. ضَمَّت الصورة هؤلاء القادة والنقيب معتصم أيضاً: المقدم المعروف ود العالِم ورقيب أول من طاقم حراسته يُسَمّى إدريس قريمان. قرأتُ معلومة الرقيب الأخيرة هذه من على الفوتوغراف. وحتى هذه اللحظة لم تكن تدل على شيء بالنسبة لي عدا دلالة البشر الزائدين في الصور التي تؤخذ جماعياً عادة. هو باختصار وبعد تذكّر شديد، كان ذلك الرجل الذي رافقنا، يتناول طعامه وحده، ولا تخرج لفافة تبغ "القامشا" من فمه أبداً.
    لم أعثر على ذلك الأمر الملحّ الذي يجب قضاءه قبل اللحاق بالنقيب معتصم. ساعة الحائط مضبوطة، لا دخل لها كي أشك فيها الآن، أنا رجل كانت معه مهلة وأنفقها، الذي يُعين الساعات عادة على الانضباط لأطول فترة ممكنة، ليس خلوِّها من المواد القابلة للأكسدة، وإنما خلوِّها من الانتظار والترقب. فالمتأكسدات جميعها، ناساً ودواباً وأشياءً يهلكها انتظارها الدائم لواقعة ما، أما الساعات هذه فتوجد لكي تضبط عليها كل الأشياء انتظارها فحسب. "اللاانتظار" مسألة من صميم العمر إذن.
    سمعت صوت حفيف ثياب عند الباب ثم جاءني صوت "نوف" رئيستي في العمل. صوتها في هذه المرة كان يتفادى سخريته الدائمة مني: أنت هنا!؟
    تناولتْ سخريتها وأردفت: "أنا أحتار فيك! يُفترض وظيفياً أنك ضابط التعيينات والمؤن لهذه المكاتب، لا أذكر أبداً أنك تعيَّنت هنا بوظيفة قس".
    كنت أذهب لكنيسة مدينة "واو" كثيراً، هذا سِرُّ أنها لم تُعيِّني قساً، أما أنا فلي سري حول ذلك.
    "هذه المرأة لسانها فظيع، تَشاتَم مع الوقحين في كل مكان من هذه الدنيا". قلت هذا بيني وبين نفسي. هي بحرينية وتزاول الكتابة على طريقتها. مجنونة بالحرب أينما قَدَّر لها البشر أن تطحنهم. طردوها من مكاتب الطوارئ بالشيشان للتجاوزات الأخلاقية التي تقوم بها. بمعنى أنها لا تلتزم الحياد. رأيها أنها لا تقتنع بعقيدة، كما أنها لا تستطيع أن تعيش بدون ذلك. لذلك فهي ستعيش منحازة فقط لعقائد آخرين. هذا ما تستطيعه، والحياد المنضبط الذي يتطلبه العمل باسم الأمم المتحدة لا شك أنه في مثل هذه الحالة سيجعلها تُلْحِد. سحبت "نوف" أوراقها من طوارئ الشيشان بطريقة لعينة أجهلها والتحقت اضطرارياً بالمكاتب الموجودة في القاهرة. هي لم تسترح لقاهرة كبيرة بلا حروب، ولمكاتب أمم متحدة بلا وحدة طوارئ، لذلك تسلَّت بتجميع المتصعلكين هناك ومنحهم حق اللجوء السياسي. لم تترك مجرد فقير عادي أو فاشل ممتاز إلا وجعلت منه مفكراً مضطَهداً أو سياسياً منبوذاً. حكت لي أن السودانيين كانوا من زبائنها الدائمين. فبدأ السخط عليها من جديد واتهامها باستعداء الأنظمة عليهم. وكي لا يسرِّحوها هذه المرة أيضاً من العمل -كما يظنون هم- وكي تختار "نوف" المكان الذي تريده كما تُخَطّط هي، طالبت بنقلها لمكاتب الطوارئ في السودان. جوبا، ملكال، واو، جبال النوبة... المهم أي مكان فيه جنون ورائحة بارود وبراح للتجاوزات والانحياز. وهاهي رئيسة لمكاتب "واو" ورئيسة لي أنا على وجه الخصوص. امرأة ودودة ولئيمة بشكل لا يمكن مزجه ولا تركيبه. في الحد الأدنى هي ودودة مثل أم، ولئيمة كأي عسكري يمر بالخارج الآن. لمَحَت البندقية في يدي،..
    "بندقية!؟ أصبحت تستحق اهتمام النساء عن جدارة، تملأ يديك إثارة يا رجل"، قالت وهي تحرك خاتمها الذي تُشخِّص الرجال من خلال قولها عنه: لا يعني رجلاً ولا يخيف رجلاً.
    خجلتُ من نفسي تحت بريق عينيها المعقودتين في رهبة جمال فذَّة ومميتة. أضافت مع القليل من انتحال الجدية: "لو جعلتني قدوتك فلن تكمل تعليمك، وستعود لتزاول مهنة دعارة النخيل من جديد". كنت قد ذكرتُ لها أنني قضيت زمناً طويلاً من طفولتي في مهنة تشذيب النخيل وأيضاً تأبيره وتلقيحه، وهي تُلمح لعواقب التجاوز الأخلاقي أثناء الخدمة للأمم المتحدة. قلت لها ضاحكاً: هاأنتِ رئيستنا!
    "أنتَ لستَ مثلي، أنا الإيدز المناسب الذي يستحقه أمثالهم. الخبرة جعلت لي جلد ثعبان من نوع الأصَلَة كما تقولون، أعرف كيف ومتى أخلعه حين يعجب أقدام أعدائي".
    "هذه اللحظة انتظرتها مَادَّاً عمري كله كطُعم قبل عصا الصنارة،.. لن أفلتها يا نوف".
    "الموت هو الموت. لن تجد ببطن الغابة موتاً أغلى أو أرخص من المتوفر حالياً في مستشفى "واو".
    بما أنها تعرف أنني أكتب مذكراتي فقد تابعتْ: هذا يكفي لكتابة المذكرات.
    "بل سأعثر على موت أهم من هذا المتوفر بكثير، سأصطاد من بطن الغابة واحداً مميزاً ومختوماً مثل الشمبانيا التي تشربينها في السر، وسأمنحك إياه كي تستخدميه في الكتابات التي تليق بابتكاريته".
    "كم يوماً ستغيب؟"، سألتني ضاحكة فقط، مادام أن الخمر تُشرب في السر فكيف يخجل منها الناس إذن؟ الخمر إما أن تشيع خجلها هي بعد الصحو بين الناس، وإلا فليست مسؤولة عن أي خجل يقع خارجها. هذه نظريات نفس هذه المرأة التي لن تخجل لصبيِّها المسكين، القس. قلت لها: لا أعرف، ربما هذه الليلة على الأكثر.
    "وأنا سأُرضي ضميري بخصمها من راتبك، لا يعقل أن يصبح الناس كلهم متجاوزين".
    ضحكنا نكاية في بطرس غالي، الميثاق، ومثل هذا الحياد. ثم اقتربتُ من "نوف" بذات الطمع الجبان في كل مرة. "أنا امرأة مقتدرة وبحر، آخذ الرجال ولا يأخذوني"، عبارتها التي تُوقف أنفي عند كل مرة تأتيه فيها رائحة مضارب الجذور وديار اليمامة وطَرَفة بن العبد، الأعشى، الفند الزماني، وأوس بن حجر؛ أيام كانت المرأة ريح المضارب وسمعة القبيلة. بيني وبينها أكثر من كوني أشتهيها، مسافة لا يقطعها الجواد ولا عضو الرجل، فسحة لحافر الحنين فحسب. "آخذ الرجال ولا يأخذوني"، هذه آخر عبارة أود سماعها الآن. لا أدري أين وضعت مفتاح المكتب، أنا مرتبك على ما أظن، أردت تسليمها له، ولكن أين هو!؟
    لحقت بالنقيب معتصم. الشمس رأسها خفَّ كما يقول العساكر عن دنوِّ المغيب. كنَّا نزيد على المائة بأحد عشر رجلاً من معاوني المدفعية كما يسمونهم. رفعنا التمام العسكري ولم ألحظْ ساعتها أي إدريس قريمان ما من أيتها كائنات. خطب فينا عميد لا أذكر اسمه الآن: لِتَعُد لنا هذه البنادق، نحن نحتاجها أكثر من أولئك القتَلَة. ضجرت على نحو ساخر بعض الشيء، هذا الرجل يبدو أن معه خطة لاستخدام البندقية كفأس زراعة أو طورية، ثم إنه لم يتحدث عن عودتنا نحن مطلقاً، وكي لا نعتبر المسألة شخصية تابع بينما هو يخترط مسدسه،..
    "أنا مثلاً لن أقبل الموت إن لم يكن بجواري صاحب يعود بهذه العُهدة إلى المخازن. الرجل والمحارب بحق هو مَنْ يقف سلاحه لجانب رفاقه حتى النهاية". خطب العميد طويلاً، وللأمانة كان فيه شيء ما من حكمة الشعر يجعله لا يناسب كونه عسكرياً. أعجبني اجتهاده في توفير منطق يربط عاطفة الداخل بحقيقة الخارج، هذه مسألة صَعُبت من قبل على جهابذة المدرسة الانطباعية. بدلته العسكرية أضيق منه بكثير، كأنما جسده تواجد داخلها بطريقة صَب الخرسانة المسَلّحة داخل الأعمدة، لو انحرف عليه سقف ذلك الجملون الضخم لحال بينه وبين السقوط على الأرض. ثم أمروا لنا بموسيقى الحماسة العسكرية. بدؤوا بعزف مقطوعة مَلِك "الشُلُك" المحارب، الشهيرة كملكها، الذي نحن ذاهبون لمقاتلة أحفاده. للأسف هذه المقطوعة عنوان لمشاعر السودانيين كلهم، المحاربون الشرفاء على زعم العميد، أوالقتَلَة على غرار المتهم كاربينو، هذه المقطوعة ليضمنوها ألبوم مفاخر السودان خارجياً وليس متحف مجازره الداخلي. ليس ثمة وسيلة لكتابتها في مذكراتي ب اجتها الميدانية هذه. بدت مهيبة ورائحة آثام الغابة المنتظرة تغطي القلب.
    تحركنا ليلاً وابتعدنا عن مكانها كثيراً، وإن كان صداها الحزين ما يزال يتخبط في أعقابنا. كانت تقودنا، أيَدُلُّ "نيكانج الجَدّ" -البطل، الملك، المقدس والمحارب- أيَدُلُّ على أبنائه؟
    "أبداً لا يدل نيكانج على أبنائه". هذه إجابة "نيكانج الابن" للرجل الإنجليزي الذي اخترع قانون المناطق المقفولة، إذ طالبه الخواجة بتسليم بعض المعترضين على عزل الجنوب عن الشمال. ولم يكد نيكانج يقولها حتى سقفت السماء رماحُهُم المنطلقة من روح الشهب وقداستها، في وجه ذلك الرجل الدميم، الأبرص والنجس.
    المهمة التي تنتظرنا واضحة للغاية وبسيطة. "في هذه الليلة بالذات ستصل مجموعة من المرتزقة الإسرائيليين والكوبيين خبراء الأسلحة وخبراء الدسائس التي هي أخطر من البارود. سنهاجم تجمُّعَهم عند النقطة "ك" مكان تمركزهم النهائي". والنقطة "ك" هذه تشفير لاسم قرية بالقرب من مدينة "واو" غير المشفَّرة. وبعد إتمام مهمتنا -طبعاً لن نسألهم عن جوازاتهم- "ثم تعود قوتنا بعد ذلك لمدينة "واو" عبر طريق ملتفة شُفِّرت برمز نقطة "الشرك"، كي لا تتبعنا أي قوات عدوَّة. "الشرك" هذه هم قالوها بالرطانة وفسَّرها لي عسكري في حينها، لم أعد أذكر صوت الكلمة التي استخدموها بالفعل. "وفي حالة تعذُّر الدخول إلى "واو" عبر الكوبري الوحيد على نهر "الجور"، يتحرك سيادة النقيب بقوته إلى نقطة "جناح النسر". يعنون المرسى أو "المُشْرَع" الذي تُترك فيه قوارب الصيادين من الجهة الأخرى للنهر".
    صاح وقت صرف هذه التعليمات ذلك العميد الراقي: واضح؟ أجبناه كلنا: واضح سيادتك.
    لم نكن ندري صعوبة العثور على مجرد قرية وسط هذا الليل والغابة التي تبدو بلا نهاية. أوف، هاهي المطر بدأت تجلد كعصي الخيزران الطريَّة. أحياناً تعوي كالذئاب. غابة على الأرض نخوضها، وأخرى معَلَّقة في السماء التي فوقنا. وبدأت شتائم العساكر تلعن وتنال من الغابات دون استثناء.
    "كنَّا في البداية نتهيَّب الوصول لهذه النقطة "ك"، ثم أخذنا نريدها وتزداد رغبتنا فيها. لم يترك لنا البعوض والمطر خياراً آخر. العساكر يقولون إن الحرب لا تتم وَفْقَاً لرؤى الساسة والمنظرين لها، وإنما وَفْقَاً لضجر ظروفها الخاصة".
    لقد أصبحنا كالإبل كما يصف أحد العساكر. أي فرد منّا يحمل مُرتَّبه الحربي "ثلاث خزانات تحتوي على 60 رصاصة أو 90 حسب نوع السلاح"، بالإضافة لـ"السونك" الجنبي الخاص به، السكين التي نثبتها أحياناً في مقدمة البندقية لإزالة الحشائش عن الطريق، إزميل صغير في أحد جانبيه فأس وفي الآخر مغرفة، وهذا لحفر الخنادق لو احتجنا إليها، الناموسية ومشمّع المطر مع وجبة واحدة تلوكها كالتسالي في مثل هذا البرد، زمزمية ماء، كما عليك مساعدة حاملي صناديق الذخيرة الاحتياطية والرشاشات الثقيلة ومعاوني المدفعية في حمل المدافع وذخيرتها.
    معاونو المدفعية هؤلاء لا يحبهم أحد. لأنهم على حسب رأي الجنود الآخرين متعلمون ومتبجحون. هم في الحقيقة تلقوا معارف غامضة تشبه مبادئ الفيزياء فيما يخص حركة الأجسام. "عِلْم الحَجَر" كما يُبَخِّسهم رفاقُهُم في الأسلحة الأخرى. ولكن في هذه الغابة المظلمة والنائية، التي لا تعرف نسبية إينشتاين ولا يخصها، لن تستطيع التحدث مع أحد المعاونين هؤلاء إن لم تكن إسحاق نيوتن شخصياً. المشاة أو "الضأن" كما يسميهم المعاونون، يعاكسون هؤلاء المعاونين بنكاتهم الثقيلة وغير المتعلمة. نكات تعتمد أساساً على نوع رخيص من الحذلقة اللغوية والجناس. كأن يصيح أحدهم في زميله: اسمع يا بُلْدة "بلدينا"، معاون وألاّ معاهم؟ وحين يكتشف الآخرون أن "معاهم" هذه تضع المعاون أيضاً في طرف الأعداء يضحكون بلا هوادة.
    "بدت لي الأمور غبية منذ البداية".
    لدرجة أن صمت المعاونين في وجه هذا الظرف السمج والبايخ يجعل معهم بعض الحق والتعليم. كنتُ الغريب الوحيد بينهم. ولذلك اختلطت بهم وتجنبت السير بجانب صديقي معتصم "الكمندان". كي لا يصنفوني متمسحاً بالرئاسة. لست بطلاً لأفتدي المعاونين بتوجيه هذا العداء كله نحوي.
    أدهشني أنَّ الضباط وضباط الصف لا يتدخلون أبداً. فقد جرى عرف عسكري على اعتبار ظروف العمليات من الناحية الاجتماعية -اجتماعيات من مثل هذا الظرف- أجواء حرة لا رُتَب فيها ولا أوامر، بقصد رفع المعنويات. كان هنالك ملازم مدفعية واحد يرافق النقيب معتصم، وملازمان آخران يتابعان الجنود ويقهقهان بين حين وآخر، يبدو حين يستطيبان بعض النكات. ولا أعرف حينها كم من ضباط الصف كان معنا.
    كنا نتخبط في الوحل والحشائش حتى منتصف الليل والقرية "ك" لا أثر لها. يبدو أن تجارب الضباط هي التي تمنعهم من التدخل، يعرفون أن التعب والأحراش سيقودان الأمور نحو الجدية تلقائياً. لم تعد تسمع إلا:
    "هذا خور لا قعر له، انتبه يا فلان، لا تريد أن تموت، صحيح؟ خطيبتك أصبحت أسمن من أمها... تركب هي على حمار وأردافها على حمار".
    "لا أبداً من هنا. الممر الصخري مسدود من هناك".
    "احمل معه يا فلان".
    "لا تترك سيبيا الرشاش خلفك يا ديك".
    الحديث والنداءات كلها أصبحت إما تُعَبِّر عن مشكلة أو تحلها. والمشاكل كثرت، بحيث بدأت مرحلة الشتائم الجدية. ولكننا توقفنا لبعض الوقت كي نرتاح ولا تتطور هذه الحالة. فالكل يحمل في يده سلاحاً. كنَّا نرغي من التعب -صدَق العسكري- كالإبل.
    أفراد الإشارة أخذوا يختبرون جهاز اللاسلكي: يا وحدة "س"...آلو.. بلِّغ بلِّغ، آلو، يا وحدة "س".. يا وحدة "س"... جهازهم فيه مشكلة على ما يبدو.
    بدأ سخط الجميع يتجه ناحية الأدلاء أو أفراد الاستخبارات، الذين هم من الجنوبيين أولاد المنطقة بالطبع. ولكن ذلك الليل لا دين له -كما وصفه عسكري- لم يكن ليميِّز بين ابن للمنطقة وآخر غريب. تحالف ليل وغابة ومطر يُجهِّل الناس بلا استثناء. وحتى لو كنت طيرة بنت المنطقة، وتحمل محدد اتجاهات بيولوجي بداخلك فلن تجد عشك وسط هذه الظلمة والمتاهة. قال أحدهم للكمندان مغتاظاً من أفراد الاستخبارات،..
    "اسمع يا كمندان ساري الليل، هؤلاء اسألهم عن أماكن النساء الغُلُف والسَكَر فقط. النقطة "ك"!؟ ستجدها لو كانت شرموطة".
    بعضهم يهمهم مشجعاً، آخرون يضحكون بعُنْجهية واستمتاع. يلقبون النقيب معتصم بـ"ساري الليل" أي "الجراد"، ولا وجه شبه مشترك بين الاثنين إلا هجمات الليل كهذه.
    حاول النقيب معتصم أن يُسكت ذلك الرجل، مثل هذا الكلام يبدو الآن كرأي، ولكن بعد قليل سيصبح جبهة ومناصرين. رَدَّ على الرجل الذي قدّم ذلك النصح البذيء للنقيب أحدُ أفراد الاستخبارات بالعربي الركيك الذي يسمونه "عربي جوبا"،..
    "إنت تعرصة ليك شنو؟ في واهد غيرك إنت بنيك هريم كل يوم زي ود أبرق؟".
    فم العسكر يبول ويستمني كما تلاحظ. شُلَّة منهم وقفت بعيداً تضحك وتهلل وتدخن "القامشا" أو "الكُدْكُد" وإلى "البنقو" هذه الحشائش المخدرة التي تنمو هنا في كل مكان.
    كنت أحلل الموقف في ذهني "بالإضافة لكون النقيب معتصم رجل منصف، أيضاً هو لا يريد أن يحدث شقاق بين رجاله، طبيعي إذن أن يصيح في الرجل الذي بدأ مهاجمة أفراد الاستخبارات: "اعتذر للعريف "رياك" يا رقيب "قريمان". ليعتذر هذا الرجل كما تواقح ويخلِّصنا. تذوقت اسم الرجل قليلاً، أوف، ذاك الرجل الوقح "إدريس قريمان" إذن؟ رفيقنا الصامت في مدينة "قوقريال" كما في صورته الفائضة.
    لوى الرقيب "قريمان" فمه كضبع وصاح هكذا وبجنون: كروك.. كروك، كاواي كروك، كركندي، كوووك.
    السماء رعدها يجول من ناحية لناحية، قَشْطُ البروق والمطر يعصف بالأرض دون رحمة. يؤرجح الشجر الضخم ووجوه الرجال. لَمْعُ مواسير السلاح، حيناً يقع في فراغ الأعين، وحيناً فيما تخلفه الأرجل من فراغات على الصخور الدبقة والطين. تُمتْرسنا الأشجارُ الخرفة، هذه غابة عانس، بريِّة بالكامل ومُرضعة وحش، لم تطرقها فأس منذ الاستقلال.
    أخذتُ أتلبَّط كالبجعة الكسيحة في الوحل وعلى أكوام البَرَم ودقاقة الحشائش المتراكمة على الأرض، سقطت مرتين في هذا العجين النباتي الدبق بينما أنا أحاول التخَلُّص من آفة أو شيء اندس في بنطلوني وأخذ يلدغني. هاأنا تمكنت من هرسه وخَلَّف عجينةَ أحشاء هو الآخر، في منطقة حساسة. تدحرجت متخبطاً مرة أو مرتين وتمكنت أخيراً من بلوغ جذع مندفن في الطين. أردت أن أتسمَّع من مكان قريب. لم أكن أتبيَّن "قريمان" جيداً، فقط "بوريه" عسكري مائلاً على الرأس وشبح شخص يسند يديه وصدره على "سيبية" مدفع. فبدأ ضيقي منه في الظلام وتحت ذلك الجو الغامض والشؤم.
    انتهره ملازم المدفعية بصرامة لأجل ذلك الصراخ: بَطِّل السخف يا قريمان.
    "اعتذرت له بالرطانة"، ردَّ قريمان وهو يمرجح نفسه على "السيبيا".
    واضح طبعاً أنها أصوات جنون وقلَّة أدب اخترعها تواً. ما دفع العريف "رياك" لأن يرد غاضباً: دي لـ ـواطة بتاع مندكورو وألاّ شنو؟
    الموقف تأزَّم للغاية. على الأقل في نظر المبتدئين والمتطفلين أمثالي. وهاهي الكلمة التي تُلَخِّص كل الحرب بين الشمال والجنوب قد نُطقت، والكل في يده مدفع. "مندكورو". كلمة تعني في لغتهم الشخص الليِّن والمرفَّه، أو البرجوازي الطمَّاع كما تريد لها الأيدلوجيا. ولكن منذ بداية هذه الحرب اللعينة خُصِّصت لوصف الشمالي والعربي تحديداً. قَدَّرتُ من لهجة إدريس أنه من غرب السودان، بالطبع لم أكن أعرف أنه من غرب السودان فعلاً ومن قبيلة "الحَمَر" شديدة العروبة والبأس. العربي في مواجهة اللاعربي إذن، "المندكورو" في مواجهة الأنانيا. و"الأنانيا" في لغتهم تعني الشخص الخشن، أو المتمرد والخارج على القانون كما تريد لها الأيدلوجيا المضادة. ولذلك عُرِفَت حركات التمرد المبكرة باسم "أنانيا 1، أنانيا 2". فكما للُّغة قاموسها، للأيدلوجيا أيضاً تطويراتها وتربصها.
    "هاهي الأمور رأسها في رأس بعض بكل جلاء. ماذا سيحدث؟ الذي بأيدي هؤلاء الأدلاء الجنوبيين الآن مصيرنا كله وليس مجرد نجاح مهمة"، هكذا تمتمتُ أنا مع نفسي في غيظٍ حذِر وصامت. كنتُ فطيراً وطفلاً على باب الكراميلا، وما أدراني أنها حركات جيش وهم يعرفون كيف يداوونها بما يفيد. صفع ملازم المدفعية بأداة قياس يحملها في يده الجذع الذي أجلس عليه،..
    "ثلاثة أيام من مرتبك تذهب لـ"رياك" يا إدريس، وتُربة أمي"، قالها ملازم المدفعية بلهجة بدت صارمة وتحمل في طياتها: انتهي، لا جدال.
    هرَّج إدريس مع لعنات: وكيف لو تكلمت معه بالإنجليزية، هل كنتَ ستخصم شهراً كاملاً؟
    "إنت بعرف رطانة كويس، شان شنو يكلم إنجليزي؟ إنجليزي دا واهد بلاش، ما فوقه قروش لمساكين زينا". هكذا ردَّ "رياك" بعربي لجوبا بدا عصياً على الفهم لخروجه على لسان إفريقي ومن فم مهتَّم الأسنان، كما عادة الأفارقة في التطهر بتحطيم رباعية أسنانهم.
    حركات جيش هي إذن! لا غرس الله فيكم بركة. المثقف حساس لدرجة الوهم المتربص. وحساسيته هذه لا بد أنها جزء من المشكلة. سريعاً ما ركض ذهني ناحية فذلكة اللغة وفذلكة الأيدلوجيا. أمور يجهلها الشعب السوداني قاطبة، وخاصة المتشاجران إدريس ورياك.
    هذه حركات جيش، ولا تنسى أن هنالك حركات سوق وحركات سينما، حركات مثقفين وحركات عند طلب التزاوج والمرعى، وحركات لـ ـواطة عادية بتاعة مندكورو وأنانيا بوصفهم بشراً عاديين لا بد أن ينتجوا حركات ماداموا يعيشون فوق ذات الأرض. وإلى آخره من الحركات والمظالم التي لا تكفي لتأسيس وطن آخر. حركات تعددية وتنوُّع بالأساس كما يقول الرجال البدينون في التلفزيون.
    بدا لي أنَّ النقيب معتصم لم يسمع هذا الحوار من أساسه، ناقََشَ حول النقطة "ك" مباشرة: هيّا خلِّصنا يا "رياك". الوقت لا يكفي لاختبار دروب هذه الغابة كلها. رَكِّز معه يا "فاولينو".
    اقترح "فاولينو" أن نذهب لقرية أخرى قريبة من النقطة "ك"، لأنه يعرف أحداً هناك ما يزال يعيش في الغابة. بالتالي سيحل هذه المسألة دون أن يكون محتاجاً لتركيز. بعضهم وافق وبعضهم اعترض، كما هي عادة الناس في الأوقات التي لا يناسبها الاختلاف. ربما في مثل هذه الأوقات بالذات تتفتق عقول الناس عن مقترحات ومواهب كانوا يجهلونها من قبل.
    قال إدريس الذي لم يكن بوسعه أن يرى في الظلام كيف بدوتُ مغتاظاً منه،..
    "هكذا يا كمندان سنهدر ليلنا بلا طائل. احتج إدريس بلغة رصينة ودقيقة لا تشبه أن تكون خرجت من فم الذئب الذي عوى به قبل قليل".
    "اسكت أنت يا قريمان". انتهره ملازم المدفعية الذي قَدَّرت أنه رجل صارم ويميل للحزم.
    "علي كيفك، لكن راح ليكم الدرب في الموية"، قالها إدريس وانزوى دون أن يرد عليه أحد.
    تحرك النقيب معتصم هنا وهناك كعادته، ثم قال حاسماً للنقاش: هيَّا يا "فاولينو"، دعنا نتعرَّف على قريبك.
    وبدأنا السير من جديد ناحية قرية أخرى، فيها رجل موثوق يعرف قرية النقطة "ك". يجب أن لا يكون قد ذهب لزيارة أحد أقربائه أو لطبيب، ولا حتى استدعاه أحد كبراء المنطقة لشأن. يجب أن يكون الآن بالضبط لجانب زوجته أو فوقها، ننزله ونمضي، وإلا تَلِفت المهمة بكاملها.
    الليل كان مُحْكَماً، وإن بدأ المطر يخف. التوجس ورائحة الغابة المبتلة أيضاً محكمان. الجذوع يجب تحسسها بـ"السونك" قبل الخطو فوقها. فحركة التكور هذه اشتهرت بها هاهنا الثعابين الضخمة أكثر من جذوع الشجر. وللتمادي فقط نقول إن تكور الجذوع لا يرهب أحداً، ولكن المشكلة عندما تنقلب الأشياء لأشياء أخرى. وتنقلب هذه هي المشكلة بالتحديد. لا أحد مطلقاً يحبذ أن ينقلب مخلوق من تحت فخذيه إلى مخلوق آخر. مخلوق ينهض من عجين الدبق النباتي بشوق سمومه لذاك الدبق الحيواني –المهروس- عند المناطق الحساسة. سؤال الأشياء عن هويتها بالسونك طول عمر إذن، التحسس الظنّان الذي يُعَطِّل السير. والوحل اللعين أيضاً يعطله، كما هو حَمْل الأشياء الثقيلة. كنا نزحف زحفاً نحو ذلك الدليل الجديد. فوقنا المطر وحدها، لا نجم ولا قمر ضنين ولا حتى البَرَكة. الكل ينفض يده مما نحن فيه.
    ليس معنا إلا هذه القلوب المتهورة بقدر ما فيها من بارود الشهوة للبطش والحقد والسيطرة والتدمير. هذه أرضنا بلا شك، ولن يطأ عليها ولا حتى مواطن إسرائيلي أو كوبي محترم دون إذننا، فما بالك بالمرتزقة؟ ولكن الحق والعدالة نفسيهما يقامان بهذه الشهوة للبطش والحقد والتدمير، يقيمهما ما هو سيئ في الإنسان وليس ما هو سامٍ وعفيف. شهوة فطرية وطماعة كالاستعداد للدخول مع امرأة في مكان مظلم. تنفرد بالداخل كما ينفرد الجذع الذي كان متكوراً قبل لحظة. الشهوة المسؤولة عن قتل إنسان لأخيه الإنسان سَواءً إجراماً أو إقامةً للعدالة. الإنسان السوي هو الذي لن يقتل بالمبدأ. هذا الكلام جئتُ به من مذكراتي قبل هذه المشاركة، أي كنت قد وضَّبتُه من تصوراتي المكتبية للحرب والقتل. وقد ظننته لوقت طويل كلاماً شاعرياً وفيه انفصال عن التفكير الوضعي، كما حدث في عقل نصير الدين الطوسي الذي رفض تكفير إبليس بالمبدأ، بناءً على رحمة الله. ولكن عندما تلصصت الطبيعة العريضة، بداخل طبيعتي الضيقة والمحصورة ظاهرياً، اكتشفت أن هذا الكلام فيه ولو بعض الحقيقة.
    بدت الأمور وكأنَّ تلك القرية "ك" تريدنا أكثر مما نريدها. وإن كانت تماطل فلكي تمنح الوقت لشهوة البطش هذه لتستيقظ بداخلنا عن آخرها. قوانين الطبيعة تسعى دائماً للتناسق فيما بينها.
    النقطة "ك" كانت تريدنا عند حوافنا الشرهة، المغالية والمتجبرة، التي لا تراجع عندها ولا شبع لها. ومثلما كانت تسعى ليقظتنا كانت تسعى ليقظة الطرف الآخر. وكيفما كانت تشدنا نحن، كانت تشد الأسباب لينتبه خصومنا. المسألة كلها مبيَّتة منذ زمن أزلي وتجريدي. والناس يمكنهم ملاحظة ذلك عندما يُحصي كل طرف عدد أفراده بعد المواجهة، عندما يتحسسون الندبة الغائرة. فأي تحسس شهواني ومختل لمعالم طريق ليلي ومجهول، يؤدي لتحسس ندبة أكيدة.
    خرجنا من بطن "توج" أجرد إلا من الحشائش الكثيفة لنقف على أضواء القرية بغيتنا، التي انكفأت عليها الغابة والليل وزخ المطر. نيران الحطب الرطبة وخفوت الفوانيس الرخيصة أظهرها خابئة وضنينة كحشرجات أصحابها بالمستشفى الملكي، مستشفى آل سعود بـ"واو". مستشفى الموت المتوفر والمجاني. الموت الذي تحققت فيه الشيوعية الكاملة التي حلم بها ماركس وإنجلز. موت يفي بأغراض كتابة المذكرات لا غير، وربما رئيستي في العمل مُحِقَّة.
    مزدوج الظلام والتعثر بعثرنا بنوايا الموزِّع الغشاش لأوراق الكتشينة. وجدت نفسي هذه المرة بجانب غريمي، كتفاً بكتف. أوراق الكتشينة أيضاً قَدَرُها يتوقَّف على الحركة، ليس بوسعها أن تستحق مكانها إلا من خلال قوانين احتمالات متقنة. بعيداً منّا قليلاً يقف "الكمندان"، هذه الكلمة لها هاهنا مهابتها وتُنجز إشارة الألقاب والتقنيع حتى عظمة الدلالة. وقف لجانبه ملازم المدفعية الصارم.
    "الخطة تقتضي أن يذهب أفراد الاستخبارات وحدهم لمفاوضة الرجل. يفهمونه أننا نتبع للجيش الشعبي لتحرير السودان، ومن ثم يتقدموننا ويشغلونه بالكلام حتى نصل النقطة "ك".
    المواطنون يرهبون جيش "الأنانيا" أكثر من جيش "المندكورو". الجيشان يتشابهان عندهم في أن كلاهما مؤذٍ بالنسبة لهم. ويختلفان في أنَّ جيش الحكومة يضرب ضربته ويختفي، أما الجيش الشعبي فيضرب ضربته ويبقى معهم في الغابة ليُصَحِّح أخطاءها. فبالتأكيد هم يتمنون لو أنه لم يكن هناك تجييش من أساسه، هذا آخر ما سيساعدهم في زراعتهم البسيطة ورعيهم وتزويج أبنائهم. بل هم بزحفهم هذا، المتحسس بالسونك والمتجرجر في عماء الليل، يدمرون الزرع وأقنية الري، يحطمون سيقان الدخن ويبقرون بطن "البنجوك". كلاهما شيطان ويجب طرده بالتعاويذ.
    بالرغم من أن الجيش الشعبي أيضاً فيه شماليون، إلا أننا اقتصدنا في استخدام اللغة العربية من جانبنا. انتفينا قليلاً، لا نريدها أن تطغى كي لا نستبق أوان صراع اللغات والتعدديات في الظلام. ما يزال الوقت مبكراً، و"ك" اللعينة هذه لا تريد الغابة أن تلدها لنا.
    قال إدريس لملازم المدفعية -قائده المباشر- وهو يداري سيجارته من حبات المطر الذي يكاد أن يتوقَّف: هذه الخدعة طفولية ولن تنطلي على أحد.
    لم أستطع لعنه، كنت أوافقه. ردّدتُ مع نفسي: "نيكانج لا يدل على أبنائه أبداً". ثم أخذتْ هي تردد نفسها داخل دماغي، آلياً وغصباً عني. كالصدى الذي يجعلونه يتكرر في السينما لترتبط به مَرْكَزَة دلالات أخرى هامشية.
    "فاولينو هذا مراوغ ولعين"، هكذا دافع أحدُ الملازمين عن جدوى الخطة. هو ملازم مشاة وواجبه متابعة الجنود مع رفيقه الآخر، ولكنه اقترب في تلك اللحظة ليعرف نتيجة المفاوضات مع الرجل العجوز.
    رد عليه إدريس بدون أدنى اكتراث إلى أنَّ الرجل قد يسمعنا، هكذا بدت لي الأمور. كنتُ أُريد للأمور أن تنجح كلها وبسرعة وإنْ كانت غبية.
    "حتى لو كان فاولينكم هذا إبليس نفسه فلن يضلل عجوزاً من "الدينكا" عن رائحة "جلابة" العرب. تحاربون في هؤلاء الناس أكثر من نصف قرن وما تزالون تعتبرونهم أطفالاً، أي تفاهة سيشارك فيها "ود قريمان" هذه الليلة؟
    أطلق إدريس كلماته هذه بشكل متتابع وسريع كما لسان غرب السودان، وبلغة متزنة لا يقف خلفها رجل مستهتر بالمرة. ولكنه لو استمرَّ في سرد حكمته في هذه اللحظة بالذات فسيفسد على الأقل الاقتناع الذي يمكن أن يُؤَدّي إلى خطة. كلمة "خطة" أصبحت تَرنُّ في رأسي مهمة وخالدة ولها وبَرَ كالدابة.
    "لو فتحت فمك مرة أخرى يا إدريس فإما أنت أو أنا". انتُهر إدريس بسخط مكبوت حذر الضجة، نفس ملازم المدفعية الصارم الذي بدا وكأنَّ وظيفته إسكات إدريس.
    الغضب وفوضى البحث عن النقطة "ك" جعلت الملازم ينسى رتبته ويتكلم مع إدريس كند، وكرجل نهايةً.
    الملازم ختم تحذيره من هنا وإدريس أجابه من هنا: "هاأنا أسكت. ترجم لنا إذن، خصمتَ من مرتبي ثلاثة أيام لكلامهم الذي لا يخرج إلا مع جالون بصاق هذا".
    ضحك النقيب معتصم بخفوت، بل كلنا. بدا صوت ذلك الرجل في الظلام لعيناً في سخر، طَنَّاناً وملحاحاً كسرب النحل. فيه عنصر من عظمة المُلحة ولا شك، وإن كان لا يعرف متى يكون مليحاً.
    رغماً عن ذلك انحزت ضده، لم أدافع عنه أبداً عند نفسي بأن الحرب بالنسبة إليه مجرى حياته، وليس موضوعاً جاء يستكشفه كما هو الحال معي. هؤلاء الناس يعرفون جيداً أنهم يستخدمون هنا أعمارهم كاملة وليس جزءاً منها، لا بُدّ أن يعيشوا ظروفاً كهذه بشكل اعتيادي إذن، يكونون طريفين، غاضبين، سكرانين، زانين، وإلى آخر أمور الحياة الاعتيادية، إذ لا عُمُر احتياطي بحوزتهم.
    همس الملازم الصارم بصوت ضارع وفيه بقية ضحك ما تزال: إدريس، وحقِّ تربة أمي اسكت.
    بدأتُ أستاء من أبواز الجميع،.. "هذا العسكري، الملازم المتربي، لا يمتلك عزيزاً يقسم به سوى تُربة أمه التي ماتت".
    كنا ننتظر وعيوننا تَرِفُّ في الظلام ببريق المكسب. أبناء قبيلة واحدة يخدع بعضُهم بعضاً ونحن سنأكل سُحْت هذه الخيانة. وماله؟ ذلك لأجل الجغرافيا الأعرض من قبيلتهم وقبيلتنا. هكذا نُضفي الغموض السياسي على الموضوع، نُزيحه من فم هذه الشفرة ليكون عُرضة لشفرة مفاهيم أخرى وأمضى حِدَّةً.
    بالطبع لم نكن نفهم من حديثهم شيئاً، وأفراد الاستخبارات تبعنا لا يتوقعون منا مساعدة في هذا الشأن العائلي بأي شكل من الأشكال. لاح لي الموضوع كله من هذه الزاوية المختلفة، كأنما هم جميعاً أشخاص لا علاقة لهم بنا أبداً، وقفوا على الطريق يتحدثون في أمر يخصهم، ونحن لا نزيد على كوننا مررنا بهم في تلك اللحظة. لا رابط ولا مربوط، ولا أي لـ ـواطة مندكورو كما يقول العريف "رياك".
    ربما هم يتآمرون، ربما. من المحتمل أن أحدهم يخطب أخت الآخر، ممكن. ربما بقرة الطويل منهم أكلت زراعة القصير الذي يتحدث بصوت عالٍ لأنه يريد غرامة، يجوز. ويمكنك أن تمط شارع ربما هذا نحو أي احتمال لن يسرنا الآن يختبئ على بعد نصف قرن إضافي من الاحتراب وعدم التفاهم. هؤلاء الناس لسنا نحن، وحتى لو قتلنا الإسرائيليين والكوبيين في بلدانهم التي يأتون منها فلن يُحَدِّد القتل مصير هذه الغابة.
    أخيراً تفاهموا مع الرجل العجوز، غاص في بيته لبعض الوقت جاء فيه بشملة يتقي بها برد ذلك الجو ورطوبته ثم انطلقنا ثانية. هذه المرة نَكِدُّ السير المتخبط وراء دليل جديد، أو فرد استخبارات تسوَّلناه في الطريق. ومن هذه الزاوية المختلفة أيضاً، حربنا هذه موضوع أهلي لأبعد الحدود، لا يرقى أبداً لأن يكون حرباً. لو تمكنا من قتل المرتزقة الخبراء أولئك، فهذا يعني أنهم جاؤوا وميتتهم في جيوبهم، ليست الأمور جدية بالمستوى الذي يظنونه. هم يجهلون، ولكن نحن نعرف أن أمورنا كلها لا يمكن التنبؤ بها لا بقوانين الله ولا الطبيعة ولا الاستراتيجيات التي تعلموها هم كشيء فذ وحاسم. هذا علمه قاصر على أهل السودان فقط كما يقول الجغرافي اليعقوبي.
    فَرْد سلاح الإشارة ما يزال يُكَرِّر: يا فلان.. آلو آلو.. أجب أجب.. يا فلان.
    تخطّى هذا الفرد الأهالي حاجز المعرفة، وما تلقاه في أكاديمية تطمح لخلق مؤسسة، تخلّى عن "س" و"ص" و"وحدة كذا"، أخذ ينادي بالاسم على زميله في وحدة المتابعة بـ"واو"، ربما درسا معاً أو هما أبناء قرية واحدة، لا داعي لكلفة وتقَعُّر لا مبرر لهما. هو ينادي منذ تحركنا وصوته لا يذهب أبعد من صندوق عِدَّتِه ذلك. حقدتُ عليه وعلى لمبة البيان الحمراء في جهازه، كانت تلمع، الكذّابة،.. كموظفها، بينما أي حشرة من النوع المضيء هنا أكثر أداءً لوظيفتها منها.
    "بدت لي الأمور غبية منذ البداية".
    إدريس همهم مع رفيق مدفعي كان بجانبه، أخبره أن فرد سلاح الإشارة ذلك مخمور لدرجة التطيُّن، أو عند مرحلة الإنسان قبل تركيب العقل عليه وجعله آلة مفيدة. فقد أتوا به على عجل من بطن خَمَّارة، وكان يرمي سلكاً أو قطعة حديد بداخل صندوقه ذلك ثم يطوِّح على رِجْل واحدة ليتقيأ الخمر، أو يسقط بالتمام على الأرض ويستغل وقعته تلك ليربط زراً أو اثنين من حذائه العسكري. باختصار ربما جاء هذا الرجل بطلمبة أو ماكينة سينجر أو أي جهاز آخر لا علاقة له بالاتصالات.
    "لا تتحدث عن فرد الاتصالات هكذا". قال المدفعي لإدريس وهو يلكزه في بطنه ويضحك. أجابه إدريس: أي فرد؟ هذا الآن ليس بفرد اتصالات ولا قيامة، إنه رجل سكران فحسب.
    هكذا إذن!؟ كأننا ذاهبون لبيت عزاء أو ميتم. هذا الجيش يمتلك استهتاراً يُحْسَبُ في مقدراته العسكرية، مكثوا هنا طويلاً وأصبحوا ينادونه بالخبرة. الخبرة عندهم هي هذا العمى عن ملاحظة الموت، موت لا يلاحظه إلا كُتّاب المذكرات.
    توقَّف دليلُنا العجوز فجأة وأخذوا يتراطنون. الغابة كريمة وأغدقتهم بملايين الطرق الصالحة لتضييع الليل، أم ماذا؟ السخط، التوتر، السخط. قلت لنفسي بحنق "جَيِّد أنَّ المطر توقف، ولكن إن لم تكن هذه النقطة "ك" تبعد عنا كما يبعد المطبخ عن باقي منافع المنزل فلن نصلها إلا ضحى".
    قَدِم علينا العريف "رياك"، ولعامل الغبش، وجَّه حديثه لملازم المدفعية يحسبه الكمندان: "خلاص يا كمندان، ياهو توج قدامنا دي، بعدين نحن طوالي نلم في مكان".
    شاكسه إدريس قائلاً: "لا أرتاح للعجوز "أبو سنكيت" هذا يا رَياك، ماذا كنتم تقولون بلغة "السنبر" تلك؟
    - F u ck you, go hell شتمه "رياك" بالإنجليزية.
    ردَّ عليه إدريس: You cant swallow my sexual machine
    ها قد عدنا لحرب اللغات. دفع الكمندان العريف "رياك" ليلحق بعجوزه كوضع حد لحركات الجيش. عادي طبعاً أن يتحدث جنوبي بالإنجليزية، هذا نزوح حضاري تَمَّ كَهَرَب من ضغط اللغة العربية على لغاتهم، في الوقت الذي لا تمثل فيه العربية لا لغةً ولا أمةً ثقلاً علمياً أو حضارياً. ولكن بقيت عبارة إدريس تطن في أذني، عبارة نابئة وراقية في آن، فيها اجتهاد بالنسبة لرقيب أول في المدفعية. كان بإمكانه أن يحصل على واحدة من السينما أرخص منها.
    هبطنا برهبة في "التوج" الفاتح والفاتن حتى في غبش الظلمة. وما كدنا نتجاوزه ونقترب من ظلمة الحشائش والأشجار مرة أخرى، إلا وانطلقت ثلاث أو أربع رصاصات من طبنجة وانبطح الناس أرضاً. سمعت تحليل كونها رصاصات طبنجة من جاري ملازم المدفعية. قالها للكمندان والملازم الذي معه ثم بدؤوا يصيحون في جنودهم باتخاذ الوضع القتالي. ملازم المشاة ركض ناحية جنوده، الكمندان وملازم المدفعية أخذا يصيحان بوصايا لأسماء ضباط صف وجنود بعينهم. أما إدريس فركض ناحية أفراد الاستخبارات الذين بدأت رشاشاتهم ترد صائحاً فيهم بإبطال الضرب. يبدو أن العجوز غيَّر رأيه، طارت في رأسي من جديد: نيكانج لا يدل على أبنائه أبداً.
    أطلق عجوز "الدينكا" رصاصه في الهواء وعلى "فاولينو" كي يحذرهم في النقطة "ك". ولكي تستيقظ شهوة الجنون الطبيعي والقابلية في الجانب الآخر، وانفلت العجوز في الظلام والحشائش. طارده إدريس بأقصى حد يمكن انتزاعه من الركض في أحراش كافرة بالمرة. كانا يدهسان الحشائش والفروع المتيبّسة كالجواميس. لاحت المسألة بينهما كالثأر.
    "التوج" كان يلتف على حفير مياه عريض الجوانب. وصوت الرصاص الذي انطلق أجفل قطعان الحيوانات التي كانت تنام قريباً من المورد. الهرج، دهس الحشائش، وتعالي صرير جندب الليل، أصوات وقوع وتَعَثُّر بعض الوحوش الهاربة، النطح والتصادم خلال ركض غير مدروس وبعد يقظة ذعر بقلب الليل. الجنون الغافي كله نهض، هرج المصائر، يقظتها واختلاطها ببعضها، السيرة الذاتية للطبيعة والمعزولين. الأمور مفتولة بمواصفات الريح كحبل الصاري. الحيوانات عبرت من خلال دروب القرية "ك" الضيّقة في غارة مهولة وضخمة، لا بد أنهم يستعدون الآن. مثل هذا الذعر لا يمكن لأسد أو لأي ضارٍ آخر أن يشيعه. الأسد لن يطرد قطعاناً كاملة من الجواميس البرية والفيلة والأيائل وعشرات القطعان الأخرى من الحيوانات الأقل شأناً. الذي يحدث الآن ليس الذعر، وإنما التهجير. الشيء الذي لا يقوم به إلا الكائن قليل الصحة وذو الساقين فقط.
    إدريس عاد يلهث، والعجوز ابتلعته مزالق الغابة.
    "العجوز الملعون، لو قبضتُ عليه يا فاولينو لقيَّدتُه بقضيبه". قال إدريس بينما انكب على فاولينو يفحصه. "أين أصابك؟". وقبل أن يرد على إدريس أحد سلخت عتمة الليل قذيفة لمدفع "زوو رباعي". وقعت في المسافة التي تفصلنا عنهم. صاح النقيب معتصم، "إدريس، جهِّز ناسَك". يطلب منه ذلك لأنه القائد الفعلي للمعاونين. أجابه إدريس بحسم،..
    "ليس الآن، علينا أن نتقدم. التي عجزت عن بلوغنا قبل قليل قذيفة "زوو رباعي". فما بالك بـ"الكلنكيت" التافه أبو عفنة هذا؟".
    العساكر يقولون إن "الكلنكيت" -أصغر فصيل من مدافع المورتر- لا ينفع إلا في طرد الأئمة من منابرهم، أما طرد العسكري من خندقه فهذه مهمة تتطلب أكثر من التخويف.
    "لا أظن التقدم الآن ممكناً"، قال أحدُ الملازمين لإدريس الذي أجابه بدون اكتراث: "لو أضعنا الوقت في المجادلة سينزلون لخنادقهم ودفاعاتهم ولن تقتحموهم ولو كنتم طالوت. هذا بعد أن يتمترس لكم بالخارج ضاربو "الدوشكات" وأنتم تعرفون الباقي".
    "تقدموا" هكذا صاح النقيب معتصم، قائدنا، ساري الليل، الكمندان، الذي يجعله رُقِيُّهُ هامشياً جداً. أسماؤه الحسنى كثيرة، ولكنه بدا لي بلا مهمة.
    تَقدّمنا بتعجل مذعور. أشياء تقع ودرب نخطئه وحفرة موحلة واحدة يقع فيها أكثر من شخص. معظم ثيابنا تركناها لشوك الأشجار والفروع الناتئة، بقي علينا القليل منها. وصيحات تحريض الضباط وحثهم لنا كالبغال تشكل موسيقى خلفية لجرينا وتخبطنا المرتبك في الظلام والحشائش. والبعوض فوق ذلك لا يعرف ما نحن بصدده.
    "هنا المكان مناسب"، قال إدريس للنقيب معتصم بلهجة مَنْ يستشيره. أجابه الكمندان محرضاً لهمته: "ستثبت أنك قريمان الذي نعرفه؟".
    "على أن لا تكون معهم مدرعات حديثة!"، قال إدريس بتشكك. وكلمة "مدرعات" هذه، نطقها إدريس باحترام إن لم تكن مهابة.
    نادى ملازم المدفعية في الجنود: ارتكِزْ كلك واستعد.
    كانوا يختارون أماكنهم وَفْقَ نظرية واضحة لهم على ما يبدو. لا أدري أية نظرية أو حكمة تقودهم، ولكنهم كانوا يتساءلون عن ضارب كذا ومُشغِّل كذا وفاعل الأمر الفلاني ثم يتخندقون تبعاً للأجوبة التي يتلقونها.
    "نبدأ سيادتك؟"، سأل ملازم المدفعية الكمندان.
    نظر الكمندان إلى نجوم السماء المختفية بعيداً ثم إلى ساعته: "دعنا نَرَ، صمتُهُم مريب. كما ولو أنَّ لا قرية تربض هناك ولا شيء. هذا ليس نزولاً للخنادق فحسب". قال الكمندان بعد أن قَدَّر توقيت ما كان يُفترض أن يحدث وتَجَاهَل الحدوث، أو ذلك الشيء الذي تدل عليه نجمة بعيدة أو حركة تُعَيِّن الزمن ولم يفِ بميلاد نفسه، ذلك الشيء القابل للتبدُّل على الدوام والذي ربما عَنَّ له خاطر أن ينقلب إلى شيء آخر.
    بعد صمت قال إدريس للكمندان: لو صَدَق ظني فإنَّ معهم مدرعات. من كان يظن أن معهم "زوو رباعي"؟ أعرف صبر هؤلاء الناس، لا بد أنهم الآن يحلقون صلعة للرجل الذي أطلق قذيفة "الزوو" قبل قليل، هو إما مخمور أو مغفل، أو الاثنان معاً. يريدوننا أن نتورط أكثر فلا يخسرون فينا ذخيرة ما دام سنُدفن تحت جنازير المدرعات. يتجاهلوننا نحن المعاونين على وجه الخصوص.
    قال عريف سمعتهم ينادونه "أبو القدح" ويبدو مهماً هو الآخر،..
    "علينا أن نقدم ضاربي "الـبي 10" كاحتياط". صوته جاء وقوراً مع بقايا الليل الأخيرة وأهاليل السَحَر.
    "معك حق، غَطِّي هذه الناحية بضاربي "الدوشكات" و"الديكتريوف". ناحية "التوج" المكشوفة دعها لـ"القرنوفات" ورشاشات "42". هكذا أحكم الكمندان فكرة الرجل، تَلَفَّتَ ثم أضاف مخاطباً الملازم بغضب، "المعلومات التي معنا كلها تفاهات إذن؟ ما الذي كنا سنفعله لو لم نأت بهذا العدد البسيط من المعاونين".
    العساكر القريبون منّا يسخرون: "طلعت بامية!"، "الليلة حَشْ"، "الطهور جاييكم".
    يبدو أن المعلومات الاستخبارية التي معهم كانت –فالسو- وتُغريهم باستسهال المهمة. فهمتُ أنهم كانوا يتوهمون بأن المشاة وحدهم قادرون على إنجازها، لذا فهم يحمدون الله الآن لأنهم جلبوا من المعاونين العدد الذي لا يجعلهم يموتون على الفور، سيؤجلون موتهم للصباح مثلاً.
    علَّق إدريس بذات لهجته مقيتة الظرف: "جيشكم هذا كل استخبارات العمليات فيه من الجنوبيين، بالبَرَكة هكذا، دون أي ولاء وحسب أمانة الشخص وفي ذمته. لذا بطونهم فقط هي التي معنا ومع الآخرين. فحيثما يتعشون جيداً يدلون بمعلومات أكثر". ثم أخذ يقهقه مع أفراد طاقمه.
    صعد الكمندان على تَلَّة شجيرات يستطلع أشياء يعرفها العسكريون في مثل هذه الحالات. ملازم المدفعية انشغل بترصيص ضاربي "الـبي 10" في مواقع تؤهلهم لحمايتنا من المدرعات المفترضة. لأنها -هذه المدرعات- لو كان الخصوم يمتلكونها فقطعاً ستشارك، ولن يهمها إن كانت مدعوَّة للمشاركة في معلومات الكمندان الاستخباراتية أم لا.
    إدريس أخذ يجمع هدافي "الآربيجي" و"البازوكا" ويوزعهم على نقاط أراد تعزيزها، لأنَّ هذه النوعية من القاذفات مجدية تماماً في صد المدرعات القديمة. إذ هذه الحرب تدور في العصور الحديثة بالفعل، ولكن أسلحتها لن يتعرّف عليها إلا النابغون والملمون بتاريخ الأسلحة من ضباط نابليون.
    أظن أن إدريس كان يُكَرِّر على أفراد مدفعيته أشياء هم أصلاً يعرفونها، ليس من باب التذكير وإنما لفرض جو من الحضور والانتباه، ولذلك لم يكونوا مهتمين بما يقوله. الملازمان الآخران كانت وظيفتهما بقية الجند منذ تحركنا.
    وكما ينفرط شهاب من أقرب سماء قاسية انفصلت فوق رؤوسنا قذيفة جعلت النيران تطير في كل مكان. مطر الله مضى، وتفتحَّت فراغات السماء والشجر بذخ البارود من كل مكان. قذائف المدافع وصواريخ الراجمات الصغيرة ورصاص الرشاشات الثقيلة والخفيفة، وكل ما يمكنه أن يطير ويخلِّف قتيلاً في مكان بعيد. فوقعنا على التراب وتشبثنا بأعراف الأرض التي اخترنا امتطاءها ولم نختر العيش فوقها، الأرض التي يزعم أهلُها من الطرفين بأنهم يحمونها من أبنائها الأعداء. هذه أرض بخيلة، عَطيِّتُها قبراً وعَالَماً لا تصلح فيه الزراعة.
    سمعت صوت إدريس يصيح بثقة بعد أن حسم شَكَّه: "ركِّز يا زول، هؤلاء المعرصين يُغَطُّون للمدرعات كي تدخل".
    وفعلاً بدأ هدير الآليات الثقيلة وأزيز المجنزرات المخيف يطغى على صوت الرصاص وأخذت مدافعها تدك كل شيء. يزحفون نحونا، والظلام انقشع أو يكاد أن ينقشع تماماً. كان مخططاً لها كعملية صغيرة، ولكن هاهي العظمة لله وحده. هاهي تعثر على موقعها الواحد والمدفون تحت الورق، الذي يتقدمه ألف احتمال متبدل وقابل للإنجاز.
    "لا تطلقوا النار أبداً، دعونا نضللهم عن موقعنا بالضبط، هكذا سنختلط بهم دون مدرعات والسونكي يكسب". هدر فينا الكمندان وبصوت رجولي لا يشبه صوت صديقي بـ"واو" مطلقاً.
    شعرتُ ببعض الحماس المُبَقَّع بالخوف حين صاح الجنود كلهم خلفه،..
    "السونكي يكسب".
    وصاح آخرون،..
    "جنزير التقيل البقلها ياتو، يا ود أم درجات، البيوقد نارها -يدفابها هو".
    أصوات وهدير وفتونَة،..
    "عَرّش دود مراقد السار، المن قلبو مو فشّار، سمحة الملَكة فوق مختار".
    "عظيم أب شان، جاني القاش ملان، جناح جبريل فوق الختم تيبان".
    اقتربوا منا أكثر وازدادت سطوة النيران. "إما ثلاث مدرعات أو أربع، لا أكثر. واحدة منهن فقط الحديثة"، قال إدريس للملازم.
    إما أن هؤلاء الناس لهم خبرة العميان بمعرفتهم لأي شيء من خلال صوته، أو هم بكاملهم أعضاء ترى وتترَصَّد ولكن لمخلوق غير مرئي بالكامل. الكل كان ينادي إدريس: إدريس هكذا جيد؟ إدريس هذه لا أعرف مالها! إدريس الزاوية ¾ أم الزاوية.....؟ من هذه الناحية يمكن الصبر على سخريته الشريرة إذن؟
    هنالك نكتة صفوفية خبيثة، تقول إن الضباط الكبار مسؤولون عن قيادة القوة في حفل العرض العسكري قبيل العمليات فقط، وبمجرد وصولها للميدان الحقيقي يصبحون جنوداً لضباط الصف.
    هذه النكتة جادة مائة بالمائة، فتسعون بالمائة من الاستشارات كانت تُوَجَّه لإدريس أو العريف "وادي تل" أو "أبو القدح" أو وكيل عريف آخر اسمه "الصادق". أما ضباطنا الكبار فكانوا يقفون هناك من أجل صرف الموافقة النهائية لا غير، أو لظروف تتعلق بالنظام ورفع المعنويات. ملازم المدفعية الصارم لا بأس به. "أنور" المدفعي يعرف شغله جيداً، ولكن ليس فيه نزعة أو صفات قيادية، مثله هذا يندر وجوده بداخل الجيش السوداني، فكلهم رؤساء جمهوريات انقلابية لم يحن أوانها! هو ينشغل بمدفعه فقط وتكفيه أغنية يلوكها مع سيجارة "القامشا".
    طبيعي أن هذا الحكم لا يصدق على ضباط أمثال ود العالِم أو محمد عثمان الجعلي. فهذا الأخير بلغ من الشهرة حد أن تعزف له فرقة "الأنانيا" مقطوعة خاصة به، وبالطبع يتلو ذلك أن يردموه بالمدفعية الثقيلة. ما يعني من قِبلهم أننا لا نقتل من الخصم إلا مَن نشرّفه بقتله ويشرّفنا بموته. المدجج الذي يكره الكماةُ نزالَه كما قال عنترة. الجنوبيون قوم أشداء، باسلون ومهذبون تجاه الخصم الذي يستحق. وللأسف هذا يعني نضج المحارب والحرب التي امتدت حتى نضجت وابتنت ناموسها الخاص بها وثقافتها. تطلق البلد لجام كل شهواتها حتى تنجب رجلاً من طراز "ترهاقا"، "بعانخى"، "أركماني"، "المك نمر"، "عبد الرحمن الرشيد"، "المهدي"، "عثمان دقنة" العظماء، ثم تشرع في تجهيز معزوفات تليق بموتهم، ويمكن استخدامها مستقبلاً في تحضير موت آخرين.
    النقيب معتصم لم تكن تنقصه لا الخبرة ولا الشجاعة، ولكن هو رجل راقٍ ولا يشبه العسكريين إلا في بدلتهم. أو ربما في السُّكْر والتحشيش واتخاذ الصديقات ولو بشكل يختلف قليلاً عن همجية العسكر. السلطوية والعناد لم تكونا من طبعه أبداً. فهو أشبه ما يكون بفناني التشكيل المأخوذين حتى عن ذواتهم. يبدو وكأنه ينتظر أحداً أو أمراً هناك فحسب.
    لم أكن أعرف أنَّ البندقية سلاح تافه وشخصي لهذا الحد. البندقجية "إذ يسمونهم" لم يكونوا يفعلون شيئاً تقريباً، إلا في حالات الاشتباك المباشر، "السونكي يكسب". كانوا مبرأين لمجرد تدخين "القامشا" و"البنقو" وسنِّ الشتائم وحَدِّها لحين طلبها.
    الهدير اقترب منا لدرجة الصياح بأعلى صوت للشخص المجاور. صاح ملازم المدفعية في "أنور" بطريقة من يثق فيه كثيراً: "خُذ "الآربيجي" من "حيدر". الحديثة دعوها لإدريس، عليكم بالأخريات".
    "لا داعي للتعب، الموديلات الفشنك تأخرت للاستكشاف. الغربي آمن". هكذا قَيَّمَ إدريس الوضع، وانتهى بتذكير رفاقه بعدم توجيه نيرانهم غرباً لأنه سيستغل هذا الاتجاه.
    دَهْس الحشائش ووقوع الشجر أخذ يتصاعد بقوة وعنف. جلبة الحديد وصلصلته كانت تصم الآذان بصوت انزلاقها على الحشائش والطين الدبق. الآلة التي كان يجب أن تكون في مثل هذا التوقيت المبكر وفوق هذه الأرض الممطورة حَصَّادة قمح، هاهي ستحصد أرواحنا.
    إدريس جَرَّ مدفع "البـي 10" الوحيد وقَدَّمه في ناحية أخرى غير التي طلب تأمينها، وأيضاً ليست بالناحية التي قدَّر من خلال الصوت أن المجنزرة الحديثة ستأتي منها.
    نادى فيه قائده المباشر ملازم المدفعية مصححاً: "احتمِ بلسان "الكركور"، مغارة الحجار يا إدريس، لا تدعها تأتي في ناحيتنا مباشرة. ضَيِّق المسافة بينها وبين الخور هناك.
    أي كلام كان يبدو لي ساعتها ذكياً ومحترفاً ومخالفته تعني هلاكنا دون شك. تحَرَّك إدريس بمدفعه عكس ما قاله الملازم بالضبط. اختفى. جعل الآلة تطمع فينا نحن وتجهل وجوده هو. لا شيء يصدها من ناحيتنا. ضَرْب رشاشاتنا الثقيلة والخفيفة كان ينزلق من على جسدها كما ولو أنه ثمار "لالوب".
    ذُهلنا كلنا للحظة، كأنما الأشجار داستها صاعقة. ثم وطئت تلك الآلة المدرعة فوق خنادقنا الضحلة مباشرة. لم تمهلنا ولو جزءاً من الثانية. فقد انطلقت المدافع المحمولة فوق ظهرها في عواصف قاسية من الذخائر واللهب. أوراق الشجر والفروع ونحن، كل شيء أخذ يتساقط، ينمحي من أمامها ويندبغ بالأرض. ذلك لم يتجاوز اللحظة الخاطفة، ودوَّى الانفجار في جسمها المبني من الشفرات. اندبغنا بالأرض أعمق من خنادقنا، وتطاير الطين بأوحال لزجة في كل مكان.
    كل شيء أضحى غائماً، أصواتنا وأصوات أشياء كثيرة صاحت في تلك اللحظة بما يشبه انتقال الأصوات تحت لجة الماء. الانمساخ والاختلاط بعالم بعيد بيننا وبينه مشوار الحياة.
    سمعتُ شخير الآلة الوحشي والمتقطع لمرة ثانية. أرادت أن تنهض كي لا تعبر. وكان إدريس قد ألقم قذيفته الثانية. هذه المرة سمعنا بشكل واضح جداً، صوت الشيء الذي يسلخ صفيره الهواء كالصاروخ، ثم ينكتم قريباً من انطلاقه. وتفرقع جبل الحديد ذلك فوق رؤوسنا. كل شيء تراه أمامك كانت تُبَقِّعُه دوائر مثل رغوة الصابون. لم أعد أفهم شيئاً. الجنود أخذوا يتصارخون بذلك الصوت الذي يجمع بين تهليل النشوة والثُكل في آن. تلك الولولة الغامضة وهتاف الجيش الخاص والمعروف. أحدهم صاح شامتاً من الآلة: "بَرَكتْ تبول. ينصر دينك يا إدريس".
    فعلاً كانت كالدابة التي تهالكت فوق جثة أرجلها لتتبول. النار تندلع فيها أكوام أكوام. وذخيرة الرشاشات التي لم يسعفها الوقت لتطقطق بداخلنا، كانت تطقطق بجوف الآلة تحت حمو النار.
    الأمور جرت بهذا التسلسل في إطارها العام، أما على صعيد كل شخص فقد تَمَّت كاللغز. موديلات المدرعات التي أسماها إدريس بـ"الفشنك" لم تتقدم بعد دَك الحديثة، ولكنها تمترست خلف الأشجار الضخمة وأخذت تجلدنا بمدافعها من مكانها. آلة الحَفْر أم رأسين، البغيضة ساعة حملها، بدأنا نحفر بها موقعاً للرأس وهو حي. قمنا بالتخندق أكثر مما كان.
    "فاولينو" أسلم الروح. العجوز اللعين قتله وهرب دون أن يقيده أحد بقضيبه. عشرة قتلى سقطوا بلغة الجيش "كخسائر" سَبَّبتها المُدَرَّعة الحديثة.
    بعضنا جرحى وينزفون. لا أدري كم كنا سنخسر لو اعتمد إدريس توجيهات قائده. لقد راوغ الذين كانوا بداخل الآلة بتثبيت نفسه في الموقع المتروك لورقة أخرى. الجنون الغافي يقتلنا مثلما يؤهلنا لأن نقتل غيرنا.
    ناورها إدريس من خلف مائل، كان يتخلَّق من ورائها في دائرة أيقظ. لعبة الحرباء معكوسة، أو بأيدي الطرفين. جعلها تُقَدِّر لعابها على مدى الضحايا ولبَّد عنها لعابه هو. افترسي، افترسي، افترسي، فتعمى، تعمى، تعمى، حتى تنزلق في الظلمة ويعمُّها ذلك الشيء اللزج والمُفَتِّت للخلايا.
    إدريس جاء من ناحية "الغربي" يجذب مدفعه ذا العجلات بيد، والأخرى تمسك بسيجارة "قامشا" مشتعلة. صورة أعمق في وجوديتها من بطولتها الظاهرة. المصير. كان يخفي رأسه من الرصاص بحركة متكلفة. الذين من نوعه يعرفون أن الأشياء لا تقتل أحداً، هذا شيء مفروغ منه، وإنما خبرة الطبيعة في القتل هي من يقوم بذلك. أمَّن إدريس "الغربي" كي ينسحب إليه بعد قذيفته الأولى إذن؟ ليتفادى مدى انفجار الآلة في الثانية، يا للوقاحة التي لا تعترف بما يمكن أن يتبدَّل، بل فقط ما يجب أن يكون.
    "أبطلوا الضرب، هذه الذخيرة التي كانت مقيتة في الطريق ستبكون عليها بعد قليل". نادى إدريس فينا.
    "سيتقدمون" احتج أحد ملازمي المشاة على طلب إدريس. ردَّ عليه ملازم المدفعية: "لن يتقدموا، "التوج" يكشف ناحيتهم".
    صاح رقيب آخر في الجنود: أبطل الضرب كلك يا زول. "أبطل الضرب يا زميل". "أبطل الضرب يا بُلدة". صاح بها كل شخص فيمن يجاوره. لأنَّ الأشجار وقباب التراب العالية التي تصنعها الأَرَضَة وتضاريس الأرض غير المستوية تُفَرِّقنا عن بعضنا بعضاً. المناداة بهذا الشكل على بعضنا بعضاً، ذَكَّرتني بلعبة كنا نلعبها في الطفولة، هذه الحرب مرح الراشدين، وإلا فماذا؟
    انكتمت أسلحة كلا الجانبين، ثَمَّ عَمَّ صمت مجيد، كوقت لدورة غامضة، ومطروحة لكي يتعفَّن الزمن نفسه، صمت لأجل تَخمُّر وجودي شامل، هذا الإنسان التركيبي، والمعطوب بفعل تركيبته هذه نفسها، القابل للتعفن وهو حي. الآن هو ببطن دورق جِدُّ مناسب، وبحاصل عمره إبِّان استحالته إلى زمن تجربة بالضبط، حامض الخوف، كبريت الأمل، نترات الذكرى، وقلويات أخرى، مُضادة للوجود وغير مُضادة. التهجُّس على مدى وحشة عريضة وضارية، والانشحاذ بثقل كل الغرائز عند لحظة ذروة واحدة، كأنَّ كل شخص منا أصبح غابة بمفرده. الخلاص.
    صاح عسكري منَّا تُخبئه قُبَّة تراب بعيدة كَوَّمتها الأرَضَة، كأنَّه يستحث الذي لم يتيقَّظ بعد منَّا ومنهم، لننجز المهمة ونخلَص: واي مالُن؟ واي حَرقُن. واي مالُن؟ واي حَرقُن. ديل مالُن؟ ديل غَلبُن.
    وشَيَّع العساكر صوته بالترديد خلفه، لإحياء التغبيش على العقل، إيهامه وشغله فحسب، فما نحن فيه من ورطة بدا واضحاً حتى لظل الشجر الذي أخذ يتسارق من تحتنا، ما نحن فيه الآن ربما التشجُّع مطلوبٌ لتحمُّل نتائجه لا أكثر.
    سيحسبون حسابنا بعد ضرب المجنزرة الحديثة. يقول أحد الملازميْن لرفيقه. ويقاطعه إدريس بحيث لا رُتب ولا أي شيء آخر عدا موت مضمون،..
    "لا فالح! بل هم في هذه اللحظة الصامتة بالذات يخططون لتكنيك ذبحكم عن آخركم، الدلالة الأخطر لكونكم تمتلكون "بي 10" هي أنكم كُلَّ اللعبة، لا طلائع، لا كشافة، ولا من ورائكم بطيخ. ولا بد أنهم يُرَتِّبون الآن لكيفية قطع الطريق أمامنا. و"واو" أُم مريسةً مُرَّة تلك ستصبح بالنسبة لنا جائزة والشاطر منا مَنْ سيصلها بعطشه".
    والتفت بعد ذلك بشكل عفوي للغاية، كي يقول لأنور الذي يجلس لجواره،..
    "رأسك الكبير هذا سينفعك يا أنور، اطمئن، لن يحطموا جمجمتك ويتلفوها، فلا بد أنها ستنفعهم كبُرْمَة لسحر "الكجور". يجر أنور إصبعه على نحره، راسماً، فيما يعني أنَّ الحد الممتاز لقطع تلك البُرمة ينفع من هنا، ويقهقهان.
    لم أُعِدْ مع نفسي ترديد أنَّ الأمور بدت غبية منذ البداية، من عند هذا الحد انقلبت أمورهم تلك في نفسي، إلى عجين، عجين مقرف لشيء ما، شيء لا يمكنك أن تعرف ماله؟ أو ما هو؟ ولا نحو أي كائن –في الغيب- هو يُرسي سَمْتَه.
    ولكنني تأكدتُ من كون سخرية ذلك الرجل، الذي كان زائداً في الصورة، ليست من نوع السُخرية التي يؤدونها على المسارح بتاتاً، ولا التي يكتبونها في الكتب، بل هو نزيف وجودي بحت، لقاء خبرة ضخمة ودراية عميقة بمهنة القَنَّاص. الرجل الذي يقف في ظلام ويرصد الحركة في ظلام موازٍ، ويُلْصِق عينه على الثقب المفتوح بين مصير ومصير، بين نَفَس محبوس في الداخل وآخر طليق الأمنيات، بين عَالَمٍ وثانٍ. البرزخي.
    صمتنا في هرج داخلي مجيد، هاهنا خلاء حميم، وأرض ليست من نوع التراب الذي يستخدمونه في أصيص المُزهريات. تراب من معدة الأرض، ومن دود شهواتها. ومثلما الإنسان شهوته الأرض، الأرض أيضاً شهوتها الإنسان.
    لو بقينا هاهنا سيتغيَّب الكثيرون عن بيوتهم دون شك، وربما يتغيَّب الكل وينمحوا كأي حملة تاريخية مجهولة، قَصَدت إلى جهة ولم ترجع منها حتى قصَّتُها.
    "كمندان ساري الليل، العمل الآن، معانا شوية بارود وعافية، لكن بعد شوية بنعدم فيها البصَارة".
    كلمة ناجزة بالتأكيد، قالها "وادي تُل"، لو انتظرنا أكثر مما هو متوافق مع حظوظنا فسنلتحق بنهار بعيد، بعيييد، بُعد المشرقين والمغربين، وبُعد الأرواح على الشاطئ الآخر.
    تقرَّر الانسحاب المنظَّم بموافقة الجميع. الأرواح حين تصطف في خط واحد يواجه عمق مصائرها مباشرة، دون التفافات أو دوران، لا بُدَّ أنَّ ذاك الخط يترك خلفه درباً واحداً فقط يطمع في الحياة بدون أي مواصفات لنوع العيش فيها.
    "خط ثلاثة، خط ثلاثة، استعد، طاقتك يا زول، تركيزك كله معانا، شَكِّل قوس واستعد" صاح بها عسكري ضخم وجهوري الصوت، تنفيذاً لتعليمات سيادة النقيب بذلك، صوته جعجع في الأجمات حولنا بتشفٍّ، وللغرابة،.. دون خوف أو عجلة، بل بنفس طمع وخِفَّة الباعة المتجولين في صياحهم على بضاعتهم.
    "عددنا لن يكفي، هكذا يا كمندان.... "، يقطع عبارته ويصيح في ناحية أخرى..
    يا زول أسمع الكلام.
    يواصل ملازم المدفعية توجيهاته لضاربي المدافع بتعزيز الجماعات المتشكلة. ولكن سيادة النقيب يجيبه مُقَدِّراً تتمة تلك الجملة المبتورة: لا تقلق، سنسد جهة العرض من هنا وهناك، يؤشر للمكان ولرجل بعينه ثم يُكمل: معنا متفجرات.
    "حَرِّك يا جماعة المهندسين، يلا يا رقيب عثمان".
    ما هو أكيد طبعاً أنَّ الأمر لو تُرك لي، فلن أفيدهم إلا بما يمكن أن تفيدهم به هذه الشجرة لجواري. لم ألحظ بالطبع أنَّ عددنا لا يكفي لتنفيذ تلك الخطة إلا بعد جملة الملازم. ولم أفهم كيف سيحل رقيبهم تلك المشكلة إلا حينما رأيت رجاله يُفرغون الألغام والمتفجرات على الأرض ويفرزون سلوكها الحمراء والصفراء، ومن ثم يدحرجون بكراتها بعيداً ليمددوها على طول الجهة التي يبدو أنهم سيتركونها لحماية أعقابنا مباشرة حين الانسحاب.
    وبتوقيت قَدَّروه ومع صافرة تنبيه واحدة، بدأت مدافعنا القصف وكأننا في حملة هجومية مرتَّبة ومدعَّمة. بينما كنا بشكل سريع ومعافى تماماً من العراقيل نُخلي الموقع بحساب بدا لي جيداً. وحين ابتعدنا عن الموقع بكثير كان لا بُدَّ أن تتعرَّى حركتنا الخادعة مهما بلغت من شدة الذكاء. فقد سمعنا انفجارات ضخمة، تَعَثُّر مطاردينا في دسيستنا،.. صاح بعدها "أنور" في "وادي تُل" بادئاً بتقليد صوت القُمري:
    "قُوق، قُوق..." وصاح خلفه عسكرٌ كثيرون مشيعين:
    (قُوق، قُوق... قُوق.. واي رِجْلي، الشَرَك قَبَضها، حَيْ حَيْ.. ووب قَطَعها).
    "المساخيت، لو وطيتلك لغم أحسن من تاطالك خراء واحد منهم" يقول إدريس لرقيب عثمان ويقهقهان.
    كنتُ متعجلاً من عند هذا النجاح لأن نُكمل المسافة جَرياً حتى مدينة "واو". ولكنهم توقفوا وجمع إدريس رجاله وأخذوا يصفُّون مدافع المورتر ويضربون موقعنا الذي أخليناه بكثافة نيران شعرت معها بالغيظ، لكونهم أولاً لم يكسبوا الزمن بجعلنا نواصل الانسحاب فوراً ناحية "واو"، وثانياً لأنهم يهدرون ما معنا من ذخيرة. ولكن هذا ما حدث، وبكل جد وحرص من ناحيتهم. بل بدا الأمر من الضروري جداً في نظرياتهم. وبعدها اخترطنا الدرب ناحية "واو" كما يُخترط سيفٌ من قِرَابه.
    وبينما ظَنَّ الجميع أنَّ ما تبقى منَّا قد نجا بذلك الانسحاب المُرتَّب، ولكن يبدو أنَّ ما تمنَّاه لنا ذلك العرَّاف، البرزخي، كان ينتظرنا بجوار النهر. حيث تقف هنالك أبراجٌ كان قد أعدها الجيش الحكومي أيام دخوله "واو" أول مرة؛ متينة البنيان وتحجز بين الداخل إلى النهر والخارج منه. شعرنا بالصمت الخصيب حين اقترابنا منها ونحن نجرجر ما بقي معنا من معدات وأحياء. لم ننسَ وصية ذلك الضابط الحكيم في "واو". السلاح، هذا الذي يقتل روح الإنسان، لا بدَّ أنه أهم منها، ولماذا؟ كي يقتلها مرة ثانية وثالثة، وألف، وتعيده هي، البلهاء، لنفس المخزن، كعُهدة. ذلك الشكشوك، عليه أن يعثر على مدرسة تُعَلِّمه الخياطة.
    للمرة الأولى بدا لنا ظهور هذه الأبراج بشرى غالية، كإعطاء عُمر إضافي للمستبشر. ولكن ما كان مغموراً ببطن إدراك كلي وجوهري عن إدراكنا الهامشي والجزئي، ما كان يخربش باطن رحمه ليكون نبوءة القناص، أنهم كانوا يكمنون لنا بجوف تلك الأبراج، تمترسوا بداخلها منذ ساعات طويلة وأصاب قناصيهم ضجر أن لا تعبر روح من بين دِرْفَتي النشنكة.
    يا لكآبة منظر المخلوق ومسكنته وهو يسير في الغفلة، مُضيُّه نحو جهة غارقة. أذكر تلك اللحظة التي فاجأني فيها ماء الرجال، الماء الذي يفصل بين كائن وكائن، حين نظرت في بياض، بياض غليظ يميل إلى الزرقة، وعبرت من طور إلى طور. ومن خانة كائن منقرض، لخانة كائن آخر يخبئ إرشيفه ونسخه في عمود ظهره. أذكر تماماً دهشتي المريعة من عالم كنت أحمله لصق ذاتي وأجهله، فيا لطور الموت متلاشياً في طور كان سائداً قبل لحظات فقط. الطور المعكوس.
    رأيت ملازم المشاة، ليس الطويل منهما، وإنما الملازم الآخر وفي طوره المعكوس. أيقظني تناثر الرجل من جواري على أصوات الرشاشات وقذائف الآربيجي والمورتر وهي تتقصَّف على الأرض وتبتلع كل شيء. في تلك اللحظة تَتَّحِد الأشياء، وكل مخلوق حي هو حليف ما بجواره من روح، ضد الموت... هيلاهوب، هيلاهوب، هيلاهوب.
    لقد كان كميناً موفقاً من ناحيتهم لأبعد الحدود، هم متمترسون بالأبراج وبالخنادق التي حفروها على مهل، ونحن أمامهم مباشرة، وبمسافة تحضُّر وآجال لا مثيل لهما حتى في يوم الدينونة.
    وكصوت من مكان بعيد، وفتَّش عليَّ في مكان أبعد. تذكرت "لوكا" الطالب الجنوبي وعبقري الرياضيات، كان دائماً يُصارع "محي الدين" ابن خالي، منافسه في القوة والذكاء، بينما نحن طلاب بداخلية ثانوية شندي العليا. بمجرد أن تخلو قاعة الطعام إلا من شُلَّتنا يرميان بذراعيهما المفتولين على الطاولة، الأسود الداكن والأسمر الثقيل، يجذب كل منهما الآخر بكل قوة يمتلكها، أو يُحَضِّرها في تلك الساعة المشهودة -خَفْض الذراع خَفْض للرأس، يُهَرِّج ابن خالي الفصيح، لوكا لا يغش، ومحي الدين يجتهد في ذلك، ولو كان النصر للوكا، يقهقه ويطارد بمزاحه الجميع: هنا المستنقع، هنا المستنقع، أرجع وراء يا جلابي.
    هنا المستنقع، هنا الذهاب ليوم الدين أقلُّ تكلفة من الذهاب لأي مكان آخر. أثناء هذه اللحظات رأيت أنَّ الأمر قد انفرط عن تقنية التعسكر والتكنيكات، ما يخفيك الآن عن سلة الموت لا يحتاج لدليل ولا لخبراء. ولم يكن أمام ما بَقي من الأرواح إلا التقهقر ونسيان فكرة الزوارق العجيبة تلك.
    "ساري الليل" أُصيب، وصناديق الذخيرة تُركت للطين. أخذنا نتراكم من جديد في فحص مخيف للأحياء، لم أكن أعرف الناس بأسمائهم، ولكن الكثير من الوجوه اختفى، والكثير صار يحفر في ذاكرتي بفعل ذلك التزاحم.
    لم يفقد النقيب تماسكه أخذ يصيح في رجاله بينما يمسك جنبه: يلا يا زول، خلينا نَحَصِّل رأس التبة من وراء.
    فعلاً، لم تكن لنا تغطية سوى الالتفاف حول أعلى منطقة والاحتماء من جهة ظهرها. لم أرَ إدريس لحظتها، بفعل الهرج والاختلاط الذي صرنا فيه.
    تجرجرنا من هناك، كنا بعض حيوان ساعتها، ونتصرف بتقديرات محكمة الانتماء لعالم الغرائز. عند بلوغنا رأس التبَّة من الخلف، شعرنا بشوط من المهمة يلامس هواء المرتفع، الغريب بالنسبة لي، نكات اللغة الرخيصة ما زالت مستمرة،..
    "أسمع، يا فلان.. عزرائيل ما حنكل ليك؟".
    "يا قشران، الليلة بتبيت غرب جذلانك".
    الأدهى أنهم أخذوا يرصصون أنفسهم في شكل حماقة جديد، ضارب كذا وفاعل كذا، آمر كذا ومشغِّل كذا، -تأكد يا فلان... لملازم المدفعية، أو للملازم الذي ما زال حياً، وأنت يا إدريس- يوجههم الكمندان وهو منبطح على الأرض.
    لكم بِتُّ أكره مناداة السَّحَرَة هذه: "شخلاي مخلاي، وشخلاي زفت.. والطربوش ينقلب حمامة، والحمامة كتشينة، والكلام الفاضي هذا، الآن لا فائدة.
    النهر أصبح أمامنا وعلى بعد خُطوات يسيرة، ولكن يختبئ بيننا وبينه في القصب والحشائش ما يختبئ.. وتحت ظرف أرقى. الآن نحن في شبه أمان من أسلحتهم، وإن كانوا يقطعون طريقنا ناحية النهر بسيطرة فادحة.
    ملازم المشاة –المحظوظ- أُصيب هو الآخر برائش خفيف عند كتفه، جلس قريباً منا يحاول أن يبلغ بيده موضع الجرح، قام عسكري لجواره بسحب كباسين القميص له كي يتفقد جرحه بنفسه. تحادث الكمندان بصوت خفيض مع فرد الإشارة، بالطبع كان قد فقد صندوقه السحري. سُمعت قرقعة خافتة في القصب من جهتنا، قَدِم من عندها أنور أولاً ثم تبعه إدريس وهو يتحدث معه في شبه تشاجر. تَحَدَّث مع طاقم البي 10 تبعه ثم جلس قريباً مني ومن الكمندان.
    بدا لي أننا أخذنا نتكاثر ونترتَّب في شكل أفراد أسرة هذه المرة، لقلة عددنا والحميمية التي هبطت على الجميع. كل شخص عليه أن يترك مسافة معلومة بينه وبين أخيه، ولكن رغم ذلك ابتلعتنا دائرة أسرة أكيدة ولا شك فيها.
    أحد العسكر، حمل سلاحه ومعدات في يديه بالإضافة للحربي –منظف ماسورة السلاح، ثم تلفت متطلعاً ناحيتي ليجلس، أفسحت له قليلاً ليتربع خلفي ويعطيني ظهره، شرع في مهمته وبدأ يلكزني بكوعيه من ورائي، فقد أخذ يعافر بأدواته تلك ظرف بارود انقطم في ماسورة سلاحه، دفأني بالتحام ظهره مع ظهري، فرفرته المغلوبة والراجية، ذكر أهله يمر في خاطره هذه الساعة ربما، طيف حبيبة، لعب إخوته... صرنا بيتاً يجلس في الغابة.
    وكدنا نشعر بدفء البيت لولا أن قذيفة مورتر دَكّت شجرة شديدة القرب من موقعنا. المورتر مخيف في هذه اللحظة لأننا دون خنادق وقذائفه تهبط من عُلوٍّ مقوَّس، أو يضرب خلف الساتر بلغة المدفعيين. لقد زعزعنا وقوعها، فلو تريث مطلقها ذلك قليلاً لانمحى الكثيرون من تلك البقعة.
    تَذَّمَرَ إدريس بطريقة فيها احترام للمهنة، ثم وضع يديه مبوَّقتين على فمه كمُكَبِّر للصوت وصاح من خلالهما منادياً عبر القصب، للمهني الآخر، المدفعي الخصم،..
    "أهذا وقت الهاونات يا ابن الشرموطة؟".
    فَخْذ الكمندان كانت تنزف بغزارة. قلت لإدريس، "اسمع، كم قذيفة "آربيجي" بقيت معك؟".
    أجابني وهو تركيزه على سيجارة "القامشا" التي يفتلها بين يديه: معي واحدة بَسْ، ولو رفعت رأسك فوق هذا القصب كي تطلقها فلن تلبس الطاقية في حياتك مرة أخرى.
    اغتظت بشكل خاص لكون الكمندان ينزف، أما هو فضحك بوقاحة رزينة، ليكمل دون أن يلتفت ناحيتي: صلاة الجمعة بدون طاقية بايخة والله.
    رمق إدريس الكمندان بنظرة ثم انكفأ على بطنه وأخذ يدخن بهدوء، التفت مرة أخرى ناحية الكمندان وقال يدعوه إلى سيجارته،..
    "تأخذ نَفَس يا كمندا؟".
    يدلعه بـ"كمندا" هذه. "مُشْ بطَّال، هات؟"، أجابه الكمندان بهدوئه المعتاد.
    قال إدريس للكمندان وهو يخرج تبغ "القامشا" من جيوبه كي يُعِدَّ لنفسه سيجارة أخرى، نَفَضَ فمه من عوالق "القامشا" وقال: "هم الآن يشمتون منَّا".
    ضحك الكمندان بخفوت وتدريج يناسب أنفاسه التي يجرها جرَّاً من الألم. أكمل إدريس،.. أتذكر يوم شمتنا منهم في تحرير "رُمْبيك"؟ هاهم ينتقمون.
    أجابه الكمندان وبدا لي أنه يجامله بضحكه ذلك، وخصوصاً في تلك اللحظة،.. "فعلاً، تحرير "رمبيك" كان دورنا في الشماتة، ولكن في كوبري "البَوْ" شمت هذا الخلاء منا جميعاً، تضاربنا حتى شبعنا، وتفرَّقنا دون أن يحجز بيننا أحد، اللهم إلا انعدام الظروف المواتية للاستمرار، من الحماس والذخيرة وحتى الأحياء، لا أدري من هو الشامت الكبير من كل هذا!".
    سمعنا صوت دكدَكة أرجل في القصب، وصاح أحد الرجال من خلفنا،..
    (صوت مروحة، صوت مروحة).
    دفعني الكمندان لأسقط بجانب إدريس، وانزوى هو خلف جذع متيبِّس. ونسفت دكة الانفجار هذه التشكيلة بترتيب بعضنا خارج الحياة كلياً. صوت الصفير بالنسبة لمدافع المورتر يعني أنَّ القوة الدافعة للقذيفة ما تزال كبيرة، لذلك ستعبر الهدف دون أن تصيبه. أما صوت المروحة -الذي حَذَّرنا زميلنا منه- فيعني أن القذيفة استنفدت طاقتها الدافعة وشارفت على السقوط، ولذلك يمكن سماع صوت مروحتها الخلفية. وبالفعل سمعنا كلنا خربشاتها الأخيرة وهي تتخبط مندفعة نحونا، شَفْ... شَفْ... شَفْ، فوق التفافة مياه النهر اللامعة، طقطقة تدحرجها الثقيل والمهيب، تشتت نارها، ثم الصوت الكلي المكتوم وعَمَّ الدخان.
    وجدت نفسي ملقىً فوق "إدريس" غريمي الساخر، التقت أعيننا لبعض الوقت كجنازتين في تابوت، الكمندان كان مرمياً على وجهه بعيداً، واثنين من ضاربي مدفع البي 10 مُمَزَّقَيْن على الجذع مكانه.
    علا صوت أحد الأنانيا منادياً عبر القصب بشماتة،..
    "موت يا "مندكورو"، تاني إنت بجي مولد؟ أمشي "سعودية" هناك، بلد بتاعكم، دي مُش بلد بتاع عرب".
    نار، وموت، وأخيراً شتائم النفي والبت عن الأرض، يلعن دين أي حرب من على هذا القرب وبهذا التواجه. أجابه إدريس وهو ينهض كالملدوغ،..
    "كلِّم السعوديين يعطونا تأشيرة".
    ثم قفز بسرعة فوق ممر صخري يلتوي من وراء الأجمة التي تسترنا وانزلق في بطن "التوج"، بينما هو يُلْقِم "الآربيجي" ويولول مثل المحاربين البدائيين من "الأنواك" و"الأباتشي" و"الزولو". قوة الانفجار الذي حلَّ بنا أربكتهم مثلما أربكتنا، المسافة بيننا وبينهم ضيقة فاقتسمنا بَلْبَلة عماها ودخانها معهم بالتساوي.
    فَعَلَها المصطول. شعرت بالغابة كلها تنخلع من مكانها وتغرب ببطن هاوية بعيدة. برج الزنك والتراب اللعين تهاوى ناحية المياه الضحلة كبركان مقلوب. انفجار عظيم تماماً، وكان بإمكانه هو أيضاً أن يأتي بكون جديد ومَجَرّات لو تحَلَّى بهدف منذ البداية. سحب إدريس رشاشه من على ظهره بسرعة وعلَّق مكانه "الآربيجي"، ثم صاح ناحيتنا فحسب، إذ ليس بوسعه أن يرانا فقد هبط إلى أسفل الأجمة، وجَّه حديثه لي،..
    "جُرْ الكمندان معك، أسرع، لو دخلت المدرعات إلى هناك ستعجنكم مع خرائكم".
    هذا لأنَّ قذيفتهم الأولى كانت قد أصابت مدفع البي 10 التابع لنا وطاقمه، في الوقت الذي نفدت فيه قذائف "الآربيجي". أما قذيفة إدريس فقد أصابت تمترسهم في البرج مع بارودهم ورشاشاتهم الثقيلة التي تحول بيننا وبين النهر. كدنا أن نختلط بهم لولا طول الحشائش وضخامة الأشجار. كنا نسمع صراخهم بالرطانة: "باديقو"... هذا مؤلم. "كوجاي تاقي يا". جذبت الكمندان من سترته وحملته نصف عليّ ونصف على ما أبقاه النزيف، ثم أخذنا نتراكض ونعرج ملتحمين.
    الكل كان يطلق الرصاص وبشكل عشوائي. أنت تشعر ولا بُد بالشجاعة عندما تعمل بندقيتك، حتى في أسوأ الظروف تشعر ببعض السيطرة على الأمور، مع علمك التام بطيش الظرف الذي أنت فيه. إنها أوقات هَدْر الذخيرة والمعرفة كما يسميها إدريس، التي يموت فيها الشخص دون أن يتذكّر موته.
    بلغنا النهر بعد إدريس بمدة قصيرة، ولأول مرة رأيتُ النهر يعني شيئاً غير فطور السمك. جذب إدريس قارب "بنقلو" صغير -عبارة عن جذع شجرة مُجَوَّف لا أكثر- وصاح فينا: هيَّا.
    ركبنا وناديت عليه: ناولني الرشاش واركب.
    أجابني لاعناً بعهر: أركب كيف! وهي أضيق من خُرم العروس؟ ستنقلب، جدف يا حيوان.
    دفع القارب برجله دون تردد فانطلق في عرض النهر. رغم إهانته لي نظرت إليه برجاء وتعاطف باسل بينما هو يركض على الشاطئ، حذاؤه العسكري الإثيوبي "البوت" يبتلع نصف بنطلونه، والنصف الآخر يبتلعه الوحل. لم أشفق عليه مطلقاً، نوعه هذا خُلِقَ ليغوص. وليقول نكتته البذيئة الأخيرة وهو بين فك الأرض ونشنكة المطارِدين.
    الخيزران يتبع الشاطئ في هدوء أحسست به فجاً، لَمْعَتُهُ تقع في النهر بَرَّاقة مثل نصل، والضفة قافية بالكامل. هاهو إدريس يعثر على "فلوكة" ويدفعها في الماء، رجالنا المرتبكون جميعهم تكالبوا على الزوارق. أصبحنا مكشوفين ولن تجدي أية محاولة لتأمين انسحابنا، فقط الإسراع المدروس غريزياً وليس تكتيكياً. نادى فينا إدريس عبر النهر،..
    "الأنانيا الوسخ يقترح علينا الذهاب إلى السعودية".
    ابتسم الكمندان بفم شاحب ومتيِّبس. الجانب الآخر للنهر ليس بعيداً، ولكن نهر الجور يندفع من مرتفعات قريبة، فهو يمر من هنا في جِلدة صلف الجبال التي انسلخ عنها للتو. تياره المتعجل والمدوي، صارم وأسود كسير طاحونة لعين. في الوقت الذي ترمي فيه بمجداف يشتت هو مفعول عشرة مجاديف.
    هذا نهر يا كمندا أم بول شيطان!؟، يسأل إدريس مقهقهاً ويتابع: لو صدَّقت الأنانيا يا كمندان وذهبت إلى الحجاز ستطاردك "كشة" السعوديين كالصيد، وسيرسلونك إلى "بورسودان" في برميل فسيخ. أولاد أي بَرّ نحن يا ساري الليل، "جدة" أم "سواكن"؟ هؤلاء يعتبروننا ضيوفاً بلا حياء، وأولئك يعتبروننا إما مرتزقة أو حُجَّاج نيجريين. غايته، دخلنا في طيز الوزة.
    يقهقه إدريس وحده، يترك مجدافيه للحظة يستبدل فيها خزانة رشاشه بأخرى. بعض الفلوكات لرجالنا تتخبط خلفنا. الذخيرة بدأت تحزر مكاننا من جديد، هكذا يقول العساكر. دخلنا في استغمائية الموت مرة أخرى. الرصاص أخذ يذرع النهر طولاً وعرضاً، انزلاقه بذاك الصوت العجيب على الماء يفورَّه، يجعل النهر كله كأنه موضوع على قِدْر حامية.
    تمتم الكمندان قائلاً لي بوهن وهو يتقيأ، اقصدْ غابة المهوقني، هذه تيجان كاشفة.
    كأنما كان على تخاطر مع إدريس، فقد صاح ذلك الرجل بهمجيته: إنت يا دين الحَجَر! إلى أين؟ هل ستختبئ تحت بعرك في هذا الخلاء؟
    كان قوياً ويجدف باحتراف، لا بد أن عشيرته الرعوية تصل في رعيها إلى تخوم بحر العرب، فغرب السودان هو الأرض الوحيدة التي بلا نهر من بلدنا. لم تعد تفصل فلوكته عن شجر المهوقني المتدلي في النهر إلا ضربة مجداف أو ضربتين. حاول الكمندان أن ينهض ويعاونني لولا أن ثبّتُه في مكانه بعقب المجداف وأخذت أضرب بمقدمته ذلك النهر الحَيَّة.
    أسرع إدريس خائضاً في المياه الضحلة ليعاونني في جذب القارب إلى البر. تعاونَّا في حمل النقيب معتصم ناحية الأشجار الكثيفة. تمترسنا هناك لبعض الوقت كما أشار علينا النقيب معتصم. الأحياء منَّا كانوا يصلون تباعاً. إدريس يسألهم واحداً تلو الآخر: عندك ولعة؟ ولآخر: معك كبريت؟ يجيبه: لا. "طيِّب ولا ذخيرة مضيئة؟"، يقهقه بخفوت.
    ولما سكت حس المجاديف في النهر، ولم يعد يعبر إلينا إلا صوت الطيور، وهشهشة القصب وحفيفه، صدرت التعليمات بالتوجه ناحية وحدة الكوبري التابعة لنا، فمن العار شَقُّ المدينة بهذا الفقد الذي يشي به عددنا وبؤسنا، وبمجمل هذه الكارثة.
    اقترب إدريس من ظهري بشكل مريب، لوهلة ظننت أن ذلك المصطول ربما يعاجلني بسحب السونك خاصتي ويرسله بين أضلعي، لم ألتفت ناحيته كنوع من لامبالاة رجولية تجاه حركته المستفزة، استدار بسرعة وقال لي بصوت واطئ وحاد،..
    "كَفّك يا يتيم"،...
    لم أفهم في البداية، حين لمحت يده، استدرت ناحيته بتدبير وفتحت يدي كمن يريد لقارئة الكف أن ترى له الوجهة والجوار. ناولني المفتاح، مفتاح مكاتبنا بواو، كنت قد نسيته معي تحت وطأة خروجي المتعجل والمرتبك. لقد ظَلَّ هذا الرجل صاحياً طَوال تلك الفوضى إذن! لم يهدر ذخيرته، ولا معرفته، حين يقوم الجميع بإهدار كُلَّ ما معهم. فهو لا شك عثر على المفتاح حين ألقاني انفجار طاقم الـ"بي تن" عليه.
    لربما أعطاني إدريس ذلك المفتاح كي تصدأ أبواب دنيا قديمة في مغاليقها، وتُفتح ثانية، قاسية وتشبه حياة الرجل الواحدة، المهدَّدَة والخَطِرة، المتحفزة للحظة قنص ربما يختبئ فيها موتُها.

    (عدل بواسطة محسن خالد on 01-21-2007, 06:10 PM)

                  

06-16-2005, 09:11 AM

ahmed abdelati

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 321

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    الاخ محسن
    لك الود
    الاخ الصحابي الهاشمي حلمني هذه الرسالة اليك
    ......................
    حبابك محسن.. الشوق ما ناداك؟ ابقي عشرة علي فليلك وما تكملو في الاغراب....عندك خبار طربوش الناقة؟؟؟ كن كما انت سمحا كريما لئيما غليظ القلب سائحا سابحا في فضاءك
    المخلخل الايمان قابضا جمرك البارد مهزوما في دنيا المنتصرين
                  

06-17-2005, 05:39 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: ahmed abdelati)


    ahmed abdelati،...
    يا مراحب بيك وبصديقي الصحابي الصادق،..
    قل له الشوق معاك، وعندك من زمان، عمرو ما بارحك ولا فاتك شِبِر،..
    لساي أنا، ولم أُفتتن حتى الآن، القلب المنذور للفكرة والجمال بالشراسة كلها، والمستبسل كي لا تموت منه صَفَقة شجر،..
    (طربوش الناقة) أخبار صديقنا المبدع، موسى حسن، وروايته الفذَّة حليلها اليوم، ليتني في إحدى حواريها وصعلوكاً من أزقة نهاراتها القديمة، ما رسمه بجوارك يا صحابي وبجواري ورفقة الأصدقاء أشرف السر وهيثم خالد وكمال مصطفى (طمطم)،...
    ما زلنا في النهار القديم نفسه، نحثو رهقه ورمضاءه، ويغازلنا ذلك الغموض الرهابي لدى منتهاه،..
    ولا يشفع لنا لدى الصداقة إلا الشوق، لن نضل عننا يا صديقي،..
    قُل لي ما أخبارك أنت؟ ومحبتي وكاسر الود لك،..
    العزيز أحمد عبد العاطي أرجو تبليغ الصحابي هذه الكلمات، وأتمنَّى عليك أن تمنحه نمرة تلفوني من البروفائل خاصتي، وهذا هو بريدي ليراسلني عليه: [email protected]

    ولك احترامي أخي أحمد عبد العاطي، ومشكور
                  

06-19-2005, 01:34 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    لنرفض القتل بالمبدأ،..
                  

06-20-2005, 01:42 AM

محمد السر

تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

                  

06-20-2005, 02:39 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محمد السر)

    يا ود السر،..

    البقية في كتاب من ورق، مش سايبيري، اتصلت علي العنوان وألا لسه؟
    دايرك تضوق الفلايت معاي،..
                  

06-20-2005, 09:20 PM

محمد السر

تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    راسلت العنوان وسألت عن الكتب، رد علي الأستاذ/ ماهر كيالي وقال في (كلب السجان) و (الحياة السرية للأشياء)
    رسلت تاني سألت عن احداثيات الإنسان ولغاية هسة ،بالضبط شهر، ما رد ( قعد أفتح الإيميل في اليوم مرتين ...يا ربي الفلايت تكون جات للياهو ؟)
    عموماً حا أطلب الإتنين ديل لغاية ما ألقى الاحداثيات
    تسلم
                  

06-21-2005, 01:15 PM

توما
<aتوما
تاريخ التسجيل: 08-07-2003
مجموع المشاركات: 1466

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)
                  

06-22-2005, 00:36 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: توما)

    ود السر،..
    إزيَّك يا محمّد، أها تتبارك بنيتي توما، ما قصّرت،..
    أما الإحداثيات فالطبعة الجديدة بحوزتهم وشغّالين عليها، لاهسي بتكون نجضت،..


    توما،...
    لان يا بتي هم ديل ناس منو، أنا ماعرفتهم، دا سوق يعني وألا الناس ديل جابوا كتاب المؤسسة العربية من وين؟
                  

06-22-2005, 02:21 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    قسيس الطبيعة





    النور والتابوت







    اجتمع سارتر وجيفارا وسيمون دي بوفوار بإحدى دول أمريكا الجنوبية. ربما بفيدل كاسترو، لا أذكر. أو ربما أتجاهل للنيل من كاسترو وحرمانه من شرف لقاء جيفارا وحده. فالرجل الآخر ومرافقته دَبَّرتُ لهما مكيدة مختلفة. وكاسترو ذنبه عندي كذنب ستالين وكابيلا وناصر ونميري، ذنبهم جميعاً الردة والديكتاتورية والأنانية الفطرية التي أنقذ الموتُ منها باتريس لوممبا. ذاك رجل مات دون أن يتوفر لنا زمن كافٍ لكشفه. مسألة الاجتماع تلك حقيقة غالية بالنسبة لي. ولكن دعنا نتخَيّل الحوار الذي دار فيها. دعنا نكذب قليلاً ونتحَكَّم في التاريخ، أو نصدق كثيراً ونطالب بالتحكم في أقدارنا. ومن هنا تعجبني ألعاب الكمبيوتر. فبطن هذه الألعاب تمثل المدينة الفاضلة الوحيدة وبالشكل الصحيح. المدن الفاضلة ما قبلها سخيفة وتحاول أن تبني البيوت والقانون الذي يضبط أصحابها. أما هنا فالأمور أكثر ذكاءً، فالتركيز على القانون الذي يبني الحياة نفسها ومصير وأقدار الكائن الحي بداخلها، ومن خلاله هو. هاهنا لك حق تقرير الحياة والمصير. أنت بوسعك منذ البداية امتلاك السلاح الذي يناسبك. وباجتهادات معينة -تعرفها مقدماً- يمكنك الحصول على عدد الأرواح التي تكفيك لإنجاز مهمتك. تختار طريقك وسط خصوم نينجا، ثعابين أو خفافيش سامة، كما تشاء. وهكذا يناقشونك في طريقة حياتك حتى تصبح إمبراطور الموضوع. أو على أقل تقدير إمبراطور تكوينك وقدرك وما يترتب عليه من مصير. ولك أن تعرف أن لي أزمة مع هذه المسألة ولن أعفيك من ملاحظاتي التافهة حولها.
    المهم أن سيمون دي بوفوار كانت تسريحتها حلوة. وكان مزاج سارتر في تلك الأيام رائقاً ويخلو من تطلعاته العدمية. وكلما تشاغل عنهما جيفارا بإشعال غليونه أو التفت لأمر ما، كان سارتر يفعل بصلب رفيقته حركة كتلك التي يفعلونها في دعاية البيبسي.
    يقول لها سارتر بنفس الحذق الذي يستخدمه في صناعة كتبه،..
    "سيمو، ألا تناوليني كأساً؟"،..
    فتأتيه إجابتها بالدلع نفسه، المروي بالهبهان وماء جوز الهند: تأمر يا مؤلف الوجود.
    ثم تنحني سيمون أمامه فيما يشبه صب الكأس بتأنٍّ، كي تطول حركة دعاية البيبسي. وقطعاً الرجل الذئب، الذي جاء لاجتماعهم هذا من أقرب غابة مجاورة لا يفوته شيء. ولكنه يتجاهل. ويطول إشعاله للغليون لمزيد من التجاهل.
    ثم فاض بجيفارا، بالضبط عندما سألته سيمون من باب التعرصة لسارتر: طبعاً أنت في الغابة وكذا؟ لم تصلك أعمال سارتر الأخيرة؟
    "ليست باروداً لأهتم بعدم وصولها. الغابة تتسَقَّط أخبار المؤن وحدها".
    يضحك سارتر بمجاملة، وهيييه طويلة: أنت تتجاهلنا إذن يا تشي؟ يا لك من رجل!
    يسأله جيفارا وهو ينفض بوته من الحصى،..
    "من تقصد بالجمع هذا؟ التعظيم؟ سيادتكم؟".
    سارتر قصد ذلك، ولكن عيون جيفارا المشهود لها جعلته يجيب: لا.. أبداً، العفو يا سيد جيفارا. أنا أقصد نفسي وسيمون وجان ككتو وجاك لوران وفانيتي،... الشُلَّة يعني.
    طبعاً جيفارا الذي في قصتي هذا يعرف اللغة العربية. ويعرف أن سارتر اسمه الكامل جان -بول سارتر، وعليه فقد أجابه: وإبليس؟ هذا نسيته. كل الجوان حضّرتهم ماعدا جان جونيه، لماذا؟ أليس من الشلة هو أيضاً!؟
    "ياه، جونيه! يا له من مشاكس. أوه، هذا الغلام اللواطي تمَرَّد عليّ أخيراً. أظنه غاضباً مني. سنصالحه يا سيد جيفارا، لا تشغل بالك".
    "لا تُبَسِّط المسألة بهذه الطريقة الداعرة يا سارتر. ياه، وأوه، ولهفي، مثل هذه اللغة لن تنفعك إلا مع سيمو. جونيه كلامه لك بخصوص العمال وزنوج أميركا وثوار فلسطين واضح. أنت دعاية لا أكثر. ومن هم الزنوج أو ثوار فلسطين ليخدموك بدعاية ما؟ هذه هي كل المسألة".
    "تظلمني والله يا سيد جيفارا. خذ الرفض في أعمالي مثلاً، هذا له اعتباره الثوري. أظنك لم تفهم جيداً كتابي "نقد العقل الديالكتيكي" ولذلك تعتبره عداوة و...."،..
    يقاطعه جيفارا محركاً جسمه كله. تسقط بعض الأشياء من فوق المائدة التي أمامه،..
    "أيُّ رفض يا حثالة الذي يخبرك به صُلْب هذه المرأة!؟
    يسأله سارتر بلهجة مائعة ومُنْكِرة: أية امرأة تقصد؟
    يشفط جيفارا غليونه كقُطَّاع الطُرق، ثم يجيبه بلغة كوكني من النوع الذي يستلهمه الإنسان أثناء قضاء حاجته: هذه الشرموطة التي معك، ألا تراها؟ من خبأت شيئاً في سروالها وكان عليك أن تجده طوال جلستنا هذه كلها.
    "اسمع يا متوحش أنت، أنا لا أسمح لك"، تتدخل تلك الأرستقراطية.
    "ليُجِبْني رجلك المتحضِّر هذا، لماذا يخذل العمال الهامشيين والثُوَّار أين ما وُجِدوا؟" يقول جيفارا وهو يخرج الدخان بمنخريه كالمدخنة.
    يسأله سارتر بتنطع: "متى؟ أنت تُلَفِّق يا رجل. ترافق تجار المخدرات وقطاع الطرق، تعاطيت شيئاً ولا بد! أنا أكثر ثورية منك".
    تصمت سيمون. تكتفي بموقعها الحقيقي، كمرافقة لشخص مهم، وكموضوع لا يمكن شرحه بعيداً عن سارتر.
    يسأله جيفارا وهو يُفرغ رماد الغليون بحركة واحدة ومتوترة: قل لي إذن أي تضحية قدمتها بداخل فرنسا؟ ولماذا تواطأت ضد الرفاق في إيطاليا وشيكو سلوفاكيا؟ ولماذا خسرت جونيه بسبب الزنوج وثوار فلسطين بالذات؟ أنت معرص لدعاية الغرب لا أكثر. جئت للدنيا في الزمن الذي خلت فيه من هيجل وماركس وانجيلز. أنت فيلسوف الدنيا الفاضية والناس الفاضيين. طُز فيك وفي غثيانك. أنت فعلاً ذبابة ولا تُكَلِّف أكثر من مروحة سعف تافهة، كما أنها أيضاً تزيل رائحتك التي كالفساء من الجو.
    يخلع سارتر نظارته باضطراب ويرد بحديث يتقطع من الغضب وانتقاء الكلمات: أنت،.. أنت رجل قاصر. ثور، مندفع كالثيران، مُهَرِّج. لن تفهم أبداً قضايا الفلسفة والفكر الوجودي. حارب كما تريد لو كانت الحرب تحل لك مشكلة.
    يسأله جيفارا بينما هو يمد أصابعه في وجه سارتر: وماذا يحل إذن!؟ كتبك!؟ نعذرك يا سارتر، لو كنت تنتقل من فخامة وجود لفخامة آخر فأنت رُبّان الوجود ولا شك. وكما يقول أصحابك ناس فَلْسِف فَلْسِف فأنت موجود. والدليل على وجودك ولولة سيمون تحتك في الفراش.. فلماذا لا تكتب بعد ذلك عن الغثيان والذباب؟ غثيان الولائم والويسكي، وذباب الخراء الدسم. اسمع يا سارتر، الوجود لن تكتب عنه بشكل صائب إلا حين يُهَدِّدك. وجودك آمن يا سارتر، ما الذي ستقوله للناس؟
    ولا أدري ماذا قال له سارتر. فأنا جائع. فكرت في هذه المسألة وقلت لن أثبتها في أحد كتبي. لأنَّ الأذكياء عندنا سيرمونني بعدم الجدية. ستبقى مع أوراقي الكثيرة التي لا أعرف ماذا أفعل بها.
    شعرت بالكُرْه لنفسي وللأفكار، فأنا جائع وضَارٍ في هذه الساعة. جيفارا في هذه اللحظة معه حق دون شك، ولكن ليذهب في داهية. بماذا سيفيدني حقه وباطله؟ لست مشتاقاً للمعتقل في هذا الحر. كنت في إجازة صيف والجامعة متعطلة عن العمل. ويا ليتني كنت أمتلك سيموناً خاصة بي كالتي منحتُها أنا لسارتر. فربما كان بوسعها أن تحل مشكلة الغداء هذه. كنت في منزل "عبده تِيِّه" وزوجته "الست"، أفقر شخصين وأكرم زوج خلقهما الله. كنت أراحمهما أحياناً لو كان معي مالاً. وهذا ربما حدث ليوم أو يومين من حياتي فقط. وباقي عمري كله ألجأ إليهما محتاجاً. هما من جبال النوبة بغرب السودان، يُعِزَّانني جداً وأُعِزَّهما. الست تصبح مهنتها أحياناً صنع العرقي. "الست" هذا لقبها، أما اسمها الحقيقي فصعب جداً على نطق اللسان العربي. كما أنهم لم يكرروه أمامي كثيراً كي أتمَكَّن من حفظه. لأنهم حين يأتون إلى مدن الحضر -التي يسيطر عليها تجار المواشي والصابون من العرب- يتركون خلفهم حتى أسماءهم.
    أما "تِيّه" فقد كان يعمل فيما يتعارفون عليه بسوق الشمس والحرامية.
    باختصار تعودتْ ابنة حَلَب –غجر- اسمها "جليلة" أن تلاحقني في بيت الست وتيَّه بشكل غامض. يوم قرأت تحَوُّل "فيرمينا أداثا" الغامض، من حب "فلورنتينو إيريثا" لحب الدكتور، تذَكَّرت علاقتي الغامضة بجليلة. وربما مَرَّ ماركيز نفسه بمثل هذه التجارب الغامضة. على كل حال ليس بالضرورة، ولكنه في النهاية سيحكيها عن آخرين لأنه كاتب محترم. المهم أنني لا أعرف ما الذي تريده مني جليلة ولا ماذا أُريد أنا منها. ولا أعرف حتى كيف تعارفنا. العلاقة بيننا استفزازية بدون سبب. الست لم يُعرف عن بيتها دعارة إطلاقاً. والناس أحياناً يواصلونها بالسلام عليها من عند عتبة بابها، غالباً عندما تتباعد زيارات بوليس الانضباط لها. وللصدق وبعيداً عن أي مزايدات سياسية تافهة، لم تكن الست تصنع الخمر إلا حينما لا تجد عملاً. فقد كانت تعوّل أكثر على خدمتها في البيوت. لم تكن امرأة مشبوهة أبداً. ولكنني طلبت منها أن تمنحني فرصة مع هذه الحلبية لو لاحقتني في بيتهم مرة أخرى، وكان.
    أنا كنت راقداً على السرير وأُفَكِّر في تلك القصة التي حكيتها لك عن جيفارا والآخرين. الست كانت خارج الغرفة. وربما هي لمحت جليلة عند الباب الخارجي فاخترعت لها حجة غادرت بها المنزل، لا أعرف. ولكنني لم أسمعهما تتحدثان بالخارج، وهذا مجرد تخمين. الجوع كان يحصرني في نفسي ويُقَلِّل من مقدرة حواسي. كنت منكفئاً على وجهي ويدي أسفل بطني، حركة عفوية بلا شك، ولكنها أرادت إذلالي. إذلالي وحده ولا أدري لماذا. ولا حتى من أين دخلت ورأتني في ذلك الوضع. بدأت إدانتي وتفتيشي بعيونها أولاً. ثم سألتني باستفزاز ووقاحة كي تجرحني لا غير،..
    "ما الذي تفعله؟".
    الحنق مع الجوع يُدَوِّخان ويُفْقِدَان السيطرة،..
    "أمارس العادة السرية، تجي نمارسها سوا؟".
    "يا منحط، يخسي عليك وعلي خلقتك السوداء".
    "وعليك إنتِ وعلي شناتك أم برص".
    سمعت منها وهي خارجة: سترى يا تافه.
    تهددني بأخيها الحلبي ياسر، الذي كان في المدرسة يفعلون له ويفعلون به. ناديت ناحيتها،..
    "ياسر أحلى منك. أخبريه هو الآخر كي نمارسها سوا".
    وانتظرت،.. والست لا تعود. ربما تجلب معها من الخارج شيئاً يؤكل. ولكنها لا تعود.
    أخذت طفلها معها. تذكرت كيف تآمر الفقر والجيران عليها حين ولادة طفلها. لقد تهَرَّبوا منها جميعاً. كادت المرأة أن تموت وزوجها عبده يبكي لجوارها. لن أنسى ما حييت موقف أخي هاشم وبطولته معها. كان ما يزال طبيب امتياز. ولكنه ليس من نوعي، هو رجل يعرف ما يريد. وفوق ذلك يسانده عقل جبار وإلحاح لئيم. لا أدري من أين يأتي هؤلاء الناس بامتيازات التدرب على إنجاح الحياة. أخبرتُه عند الباب فجاء معي ركضاً. عبده تيه كان يبكي ويهرول هنا وهناك كالسيدة هاجر حين حاصرتها وطفلها الصحراء والعطش. لقد رأيت من أخي هاشم ليلتها وجهاً متبدلاً وجدية أرهبتني أنا شخصياً إله الشجاعة. المرأة تدهورت حالتها وكادت أن تنفق بين أيدينا كحيوان. لا مجال لنقلها ولا لأي مقترح آخر عدا الولادة. وهاهنا حيث الموت أضمن وأقرب من أي مشوار غيره، تصارع هاشم معها فوق هذا العنقريب التافه كحيوان، وجَرَّها حتى طاحت على الأرض والدماء تُغَطِّي المكان كله، وكبقرة حقيرة وضعت طفلها، الذي غسلناه من التراب أكثر مما غسلناه من دم النفاس. أكان بشراً أم دودة لا أذكر! أي حياة هذه التي يطالبونا فيها بعد ذلك بالأدب وعدم الفحش والانضباط؟ كُس أمها عيشة. دعنا نسأل: لماذا أوصى ألدوس هكسلي في جزيرته الفاضلة بأن يشهد كل امرئ في حياته حالة وفاة وحالة ولادة؟ لا بُدَّ أنني اخترت حالة الولادة الخطأ لأشهدها. لقد صارت الحالتان عندي ذاتا حكمة واحدة.
    كنت مغاضباً إخوتي، هم أصلاً لم يعرفوني إلا وأنا رجل، ماذا لو لم أُقبَل في جامعة الجزيرة! ألكانوا لا يعرفونني حتى تاريخ اليوم؟ سأفترض ذلك وأعيش على هذا الأساس، لأرى فيم سأفتقدهم!؟ من عال نفسه وهو مُجَرَّد طفل من تسَلُّق النخل، لن يعدم ما يتسلقه في هذه المدن التي يبنونها من التسلُّق.
    أعرف أن مهنتي غريبة بعض الشيء ولذلك سأشرحها. طريقتنا الوحيدة في ريف السودان الشمالي لحصد التمور، هي أن يذهب أحد إلى رأس النخلة ومن ثم يُلقي بالتمر على الجوالات والبروش المفروشة له على الأرض، أو ينزله بحبل. حسب نوع التمر. فالتمور اللَّيِّنة لو ألقوا بها من علو النخلة ستفسد طبعاً. ما زالوا يفتقرون لرافعات كالتي توجد في العراق والسعودية ومجمل بلاد التمور. وبالإضافة إلى ذلك أقوم بمهمة تلقيح النخل وتنظيفه. حين أكون راضياً عن نفسي أُسمي مهمتي هذه "مهمة ألوان الفراش وفاغي الورود وعسل النحل"، وحين أكون مغاضباً نفسي أقول "معرَّص الأخضر". كنت في طفولتي شيطاناً -كما يمتدحني الناس- ولا أحد غيري بوسعه أن يفعل ذلك. ماعدا رجل آخر اسمه "عبد الرحمن السيد" وهذا شاعر عامية شهير وبالغ السخرية. أما الرجل الأشهر على الإطلاق في هذه المهمة فهو أخي "الحسين" من جهة أمي. سيرد أخي "الحسين" آخر، من جهة أبي. وقد كانت هذه الحرفة مهنة جانبية بالنسبة له. في الأصل هو مزارع والناس أكلوا له الكثير من الفول المصري والبصل. ما يهمنا أنه هجر مهنته الجانبية هذه وسافر لمدينة كسلا لاحتراف الزراعة وحدها. هو رجل طيب لحد لا يمكن الإحاطة به في كتاب. ورغم ذلك لن يساعدني في دراستي أبداً، لعامل الفقر وحده ولا غيره. ولذلك كنت أقول لنفسي: هذا الرجل بالكاد يقرأ ولا أظنه يكتب، ولكن لو كان ثرياً لما تَرَدَّد لحظة واحدة في أن يكون لي أعظم مما كان "ليو" لأخيه فان جوخ. ولكنني كنتُ لنفسي أعظم من كليهما.
    نظرتُ لهامات النخل العالية والمسكونة بالثعابين والعقارب وحيوان "أبو عفنة"، ثم عاهدتُ قَدَري ومصيري،..
    "طريق السماء طريقي. أُلدغ أو أسقط وأنسحل لن أعيش مع خالتي، ولن أتسوَّل أحداً. هذه الدار التي بلا سقف لن أغادرها إلا لرأس نخلة أو للمدرسة".
    خالتي "عائشة" في ذلك الزمن كان عندها ستة صبيان وثلاث بنات. وفقرها يكفي لفتح سودان كامل في السويد. ثم زاد صبيانها سابعاً، وطلبت منها أن تُسَمِّي السابع باسمي كذكرى، فوعدتني ونكصت. الشخص الآخر الذي أسمته عليه منحها نعجة. قلت لها: سأنال منك وأكتب ذلك في كتاب ذات يوم ولم تُصَدِّقني. ولكنني كنت لنفسي أعظم من كلهم. ولا يقدر أحد على أن يكون ذكرى لي.
    كنت في صف ثالث ابتدائي وانحصر تعاملي مع ثلاثة أشخاص فقط من تجار التمر. رجل وامرأتان. اللَّرس -هذا لقبه واسمه منصور- ثم المَلْكَة وأم سلمة. كلهم ماتوا. وكانوا أنزه ما يكون في التعامل مع طفل. أشكرهم بشهامة، فقد دعموني في تحقيق طفولتي الرجل.
    إدريس قريمان جمعني به مصير الطفولة المتشابهة القسوة قبل مصير الحرب. روى لي ورويت له وكنا عائدين من بيت شراب. اتفقنا على تحية تلك الطفولة الجندية والباسلة. قلنا نحيّيها بكامل عطب العساكر والشراب.
    "معك سلاح؟"، سألني إدريس.
    "ألم نخرج من بيتك معاً!؟".
    "آه، نسيت يا محسن. لن نحتفل بالبارود إذن؟".
    تَرَنَّح بثبات ومرح كما هي عادته: نكتفي بالتحية إذن.
    "خلاص نكتفي، وماله؟"، أختصر ثرثرته أنا.
    كنا قد بلغنا المقبرة ونمشي وسط وعثتها وحجارتها الكئيبة الرابضة في الظلام كمخلوقات حَيَّة وتترقَّب. يتوقّف إدريس ليسألني: هذا الطريق لا أعرفه، من أين جاء؟
    كنت من فرط سكري أرى كُلَّ الأشياء تتحرَّك،..
    "ربما قصدنا. أو قد يكون تبعنا كجرو"،..
    أضحك أنا بعنف تنفتح له أشداق كل أزمة في الإنسان وأضيف: لا تهتم به يا إدريس.
    "صحيح، لا نهتم به. هو حر. ضَع البوريه يا محسن، سنُحَيِّي الآن".
    وضعت البوريه فوق رأسي وصففت نفسي عسكرياً لجواره.
    "نحتاج لكركون سلاح؟"، يسألني هو.
    "لا تثرثر يا إدريس. دعنا نُحَيِّي. أنت سَكرت أم مالك؟".
    "أنا؟ أنا حصان. أنت لا تعرفني. نُحَيِّي، وماله؟".
    كنا سكرانين جداً. نترنَّح ونُطَوِّح من الشراب. الواحد منا لا يقوى على الوقوف باستقامة إلا إذا سَنَد نفسه لشاهد قبر. حَيَّينا طفولتنا معاً، والشوارع كما يقول عنها الشاعر محمد نجيب: "خَلَتْ من ابن آدم ومن نباح للكلاب، وأنت تُؤذِّن بالرؤيا لصلاة منفردة".
    إدريس شرب أكثر مني وأصبح رديئاً. تباغته الذكريات فيسألني: وجوليفار؟
    كنت قد نعست، وكرهت حالنا والشراب والحبيبات وأي مقترح آخر عدا النوم.
    "يلعن دين الشراب ودين جوليفار. نريد أن نبيت يا إدريس".
    رآني مَرَّة مُدرِّسنا في الابتدائية على رأس نخلة. كنت أعمل لأم سلمة. هو من قريتي ويعرف ظروفي. لا أدري من قال له إن فكرة الإشادة بكفاحي أمام الطلاب فكرة صائبة. خَطَب في الطلاب طويلاً ومريراً عليّ. أستاذ "التاج" فعلها بحسن نية، ولكنني سئمته. ختم خطبته بوصفه لي بالعبلاج –القرد- المستقل والذكي. كنا بداخل الفصل، ولم يستطع زملائي أن يضحكوا لوصفة العبلاج. من يضحك سأحرمه من التمر الذي أنا وكيله الأوَّل في المدرسة، بثقل وكيل مرسيديس بينز بدول الخليج. سخرتْ مني عيونهم فقط، أما أفواههم فخشيت العواقب. تألَّمت. ما أردت له أن يميزني عنهم ويضعني في كرنتين خاص بي كالأجرب. أنا مثلهم وأفضل. أنا بحجم ماعون قدري، من هو مثلي تُشَوِّهُه مخاوف الآخرين، التي تتنكر في اسم الوالدين والأهل والقبيلة. من هو مثلي يجب أن يكون عُرضة للجوع والريح وللشتاء في طريق عام، لذاكرة الفرد المستوحدة والضارية. مثلي لا يخرج رأسه من البيضة إلا في خلاء كامل من الزواحف، وتحت سماء كاملة من المناقير. هو وصفني بالذكي ولكنه لم يُقَدِّر لأي مدى. كلمة عبلاج تلك لم تكن مُوَفَّقة أبداً. حوّلتْ خطبته في نفسي إلى نوع من التحرُّش. من هذا المنطلق دعني أشتمهم لك أجمعين وأنال منهم. هم أصلاً -هؤلاء الأساتذة- لم يعلموني إلا الكسور العشرية، أما الخط العددي والساعة أم شوكات فقد صفعوني عندهما وما زلت أجهلهما حتى اليوم. أمي حين سَلَّمتني لهم في المدرسة كنت أكتب وأحفظ القرآن على قراءتين. "الدوري" و"حفص" مع إلمام كثير من قالون وورش. قالون قرأتها مع عبد الرؤوف المزمل ولا أدري من أين تعَلَّمها هو. أظنه تعَلَّمها من صديق مغربي أو ليبي لا أعرف -كان يَتعَبَّد بها- وأنا لم أقابله منذ زمن طويل كي أسأله. وأيضاً كان معي بعض إلمام قليل بالقراءات الأخرى وخصوصاً قراءة عبد الله الشامي. أما كتب الإعراب فلا حصر لها مع تركيز على "مفصّل الزمخشري" والألفية والآجرومية وهمع الهوامع. كانت هذه مسألة أساسية وسيقتلك أبو صلاح عبد الله شيخ الحيران علناً لو قال لك أعرب وتلكأت. يقولون إن أبي كان رجلاً ضليعاً في القرآن واللغة أكثر من عبد الله الطيب. وصارماً تجاههما أكثر من أبو صلاح عبد الله شيخ الحيران. فأبي أيضاً كان مُعَلِّم قرآن ولغة كما تُصَرِّح أختي فاطمة في أي مجمع ناس تجده. حكت لي أنه كان يصحح عبد الله الطيب عبر الراديو أثناء برنامجه الإذاعي الشهير في تفسير القرآن وإعرابه. ولكن ربما كان يقول لها أي كلام، من يعرف؟ لن تحكم لي فاطمة في مسألة كهذه. الوحيد من أبنائه الذي كان بإمكانه أن يكشفه هو أنا. إخوتي جُلُّهم فنيون ومهندسون وطبيب واحد، وأنا لم أدرك الرجل. لقد فلت مني بغنيمته وفشخرته تلك. لحكمة الأقدار قامت بتعليم أبي جَدَّته بنت المُفتي. وأنا قامت بتعليمي أمي البتولا بنت عبد الله المُوفَد. أما أنا فخذلان أبي لي في التعليم حدث نتيجة لوفاته المبكرة بالنسبة لميلادي. ولا أتذكر له إلا مشهداً واحداً. أما هو فأبوه قد خذله لأنه كان صياد سمك. فالإعراب والقرآن لن يهمانه إلا إذا كانا شباكاً تعين على قبض السمك.
    أنا مواليد 1973 / 4 / 14م في الحقيقة. وأبي توفي في عام 1979م. هو مات في بلد أخرى بعيدة، مع زوجاته الأخريات وأبنائه الآخرين. أنجبني وهو شيخ فوق الثمانين بقليل. أمي كانت شابة وجميلة للغاية، وربما زَوَّجوها له لكونها مطلقة ولها ولدان من طليقها –ابن عمتها. أنجبني في الزمن الإضافي للعبة نسائه الوافرات كالهدف الذهبي. لا أدري كيف أنجبني في تلك السن، ولا أدري كم سنة أحذف من تاريخ وفاته -إما ثلاث أو أربع- كفترة سافر فيها هو من عند أمي بقريتنا المسيكتاب ليقضيها مع زوجاته الأخريات ويموت بأرض الجزيرة. أريد أن أعرف لماذا أنا لا أتذكر أي شيء عنه. ماعدا مشهد واحد فقط ولا غيره. يا ترى كم كان عمري وقتها؟ ولماذا خَلَت ذاكرتي -التي كانت تعمل- من أي ذكرى ثانية له. هل جاء هو حين بدأت ذاكرتي تعمل بالضبط، ثم غادر بيتنا بعد تسجيلي للمشهد بالضبط؟ لا أعرف.
    كان يجلس على عنقريب -سرير خشبي- عالٍ. أمامه طربيزة مصبوغة بلون أزرق وعليها طعام. دعاني لآكل معه. حاولت دَسْ يديّ في الطعام مباشرة. اعترضني: اغسل يديك.
    وانتهينا. ولا أي نتفة مشاهدة زيادة. وحين أتذَكَّر أمره لي بغسل يديّ عبر تلك الذكرى الشحيحة والمجذوذة أتساءل بيني وبين بالي: لو عاش ذلك الرجل لكان له معي برنامجه إذن؟ لا تصدقني، ربما أنا فقط أُعَوِّض عن فقدي له. فقد تيتّمتُ مبكراً، وكلمة أبي هذه أنا لم أستخدمها في حياتي مطلقاً، ولا حتى في هذه الذكرى المجذوذة. وبعدها بقليل صرتُ عَجيَّاً بضياع كلمة أمي.
    كان عملاقاً وإنْ كنتُ لا أتذكر هيئته جيداً. أما ملامح وجهه فقد دعمها في ذاكرتي الفوتوغراف الذي أخذوه له بداعي الذهاب إلى الحج. أمي لم تحج وليس لها أي فوتوغراف. التصوير الفوتوغرافي ظهر في أواسط القرن التاسع عشر، ولم تعاصره أمي بلقطة واحدة في ثمانينات القرن العشرين. لغرائب الصدف، صوتها محفوظ على شريط كاسيت سَجَّله ابن عَمَّتها "المقبول". وهذا رجل له هواية عجيبة. أرجو أن تقارنها بنظيراتها من جنس جمع الطوابع وتوقيعات المشهورين. هذا "المقبول" يجمع أصوات من يظن أنهم سيموتون قريباً. والناس يخافونه جداً إذا رأوه يحمل مُسَجِّلته ويقصد أحداً. لأنه مثابر ولا يعرف الفشل. لا تسألني كيف؟ أنا أيضاً لا أعرف كيف. وهو يمارس هذه الهواية منذ زمن الأسطوانات. ولكن أمي تحديداً كانت مصابة بداء القلب ويمكن توقع موتها. وكفنها الذي اشترته بنفسها، نزل قبلها للقبر سبع مرات في صحبة أموات آخرين. كانوا يأخذونه لأنه مخيط وجاهز ثم يعيدون لها واحداً بدلاً عنه فيما بعد. معلومة الكفن هذه بالإضافة لجمالها الوقور كامرأة وتدينها تُمَثِّل مُلَخَّص سيرتها في القرية.
    المهم أنني ذهبت للمقبول في بيته عندما كان يجاور النهر. فزرت الآخرة من ناحية قريتنا وتناولت أُنسي وشايي هناك. أسمعني في البداية أكثر من عشرين "مرحوم". لم يكن يتباهى بتوقعاته مطلقاً. بل كان يعرض ذلك أمامي كما يعرض أي خبير تشريح قطع البني آدم لطلابه. يهمهم معي بصوته الغليظ والمخدوش،..
    "تلاحظ؟ هذا عمك المرحوم "فلان"، في التسجيل الثاني أظنَّه أوضح".
    "ولكني لا أعرفه" أُجيبه وأنا أتزحزح من مكان لمكان.
    "طبعاً طبعاً. جدتك "الحرم" تعرفه. أنت صغير لن تعرف شيئاً"،..
    فَكَّاه الأصفران عريضان ولحيته كثة. يهمهم بكل جد وهو ينحك،..
    هنا شريط المرحومة "فلانة" مقطوع، لو سألت المرحومة عن ضرّتها لتحدثت أكثر. مزاج المرحوم "فلان" يكون رائقاً في الساقية، كان يجب أن لا أُسَجِّل له في القرية. ذلك الغبي، الصوت الثالث، تسمعه؟ كان يجب أن لا أدعه يجلس معنا، هذا لن يموت قريباً.
    قلت في بالي: هذا الرجل لا يلعب أبداً. بل أكثر جدية من البير كامو. وهذه ساحة أعرض لمناقشة العبث كنحت من صميم الحياة.
    أردتُ مَرْحَلة الموضوع، كي لا أبدو متلهفاً لسماع صوت أمي. هكذا نشأنا على أن العاطفة منقصة للرجل. أُدحرجه في اتجاهي: كلهم لا أعرفهم.
    هو أيضاً يمرحل الموضوع من ناحيته،..
    "المؤذِّن علي القاضي، تعرفه أم لا؟"،..
    "أعرفه"،..
    "تريده؟"،..
    "أريد أمي. أتذكر صوتها أكثر"،..
    انحشرت زوجته "مُنَى" بيننا، ورفضت ذلك بشكل قاطع. تخشى عليّ من التأثر. وبدأت هي بالبكاء مقدماً. قلت له: دعنا منها، أخرِج الشريط.
    هو أصلاً كان منشغلاً بإخراجه. كنت أحاجج زوجته أنا. همهم بارتياح: هاهو، البتولا عبد الله رقم 23.
    خشخش صدره وتعالى وهبط خلف ضحكة،..
    "هنا أيضاً المؤذِّن على القاضي موجود. صوته بعيد ولكنه واضح. أثناء حديثي مع أمَّك سيُؤذِّن"،..
    جلباب المقبول من النوع الذي يأتون به من السعودية، ثقيل ورمادي بأزرار كالتي تُثَبِّت الحذاء. زوجته كانت تتحلَّف عليه وترجوه أن لا يُدير الشريط. التفت ناحيتها مهدّداً: ستخرجي أم أرميك برّه وأغلق الباب؟
    تنهَّفَت وهي تخرط دموعها: أريد أن أسمع معكم.
    قال لها وهو يهز الشريط في وجهها: أنت لن تسمعي ولن تتركينا نسمع.
    تحَلَّفت هي من جديد وأهملها هو. أظنه معتاداً على ذلك. أو ربما هنا تكمن هوايتها هي. وضع الشريط في المسجل وسمعته يتحدث مع أمي. صوته الأجش ذاته، وصوت أمي الذي كأنَّما نبع من ذاكرتي فحسب. فهو لم يقطع أي مسافة من زمنهما ليبلغ زمني. قطعاً هو أدار جهاز التسجيل قبل أن يصلها. كانت تقول له،..
    "أهلاً، حبابك يا مقبول. إن شاء الله "منى" وأولادك طيبين؟"،..
    -علي القاضي يؤذِّن في هذه الأثناء-
    همهمت زوجة المقبول لجانبي وهي تنهنه،..
    "يا حليلها البتولا، تسأل عني وعن وليداتي، حنينة والله البتولا"،..
    كانت امرأة لها جلال وشهمة جداً. فيها رُقي ضافٍ من بعيد كظل الشجر. المرأة الريفية المختلفة والراقية بشكل فطري لا علاقة له بالثقافة والظروف، رُقي الله والرسول.
    أكثر ما أتذكره عنها صدقها، لقد صنعت لي عقدةً مع الكذب والكذّابين بشكل مَرَضي. وأيضاً أداءها المتواتر كالنيل لصلاة الضُحى. كانت لا تُفَرِّط فيها مطلقاً.. موتها ترك فراغاً في همهمة أصوات القرية المتبتِّلة عند الصباح.
    دفنَّاها والناس يبكون ويودعونها بذلك التوقع الذي وصفه الطيب صالح في رواية مريود عند دفن مريم، قال: {دفناها عند المغيب كأننا نغرس نخلة، أو نستودع باطن الأرض سراً عزيزاً سوف تتمخَّض عنه في المستقبل بشكل من الأشكال}.
    أمي دفناها عند الفجر، وكأنَّ حادثة موتها تُصَحِّح مواقيت الدفن الخاطئة التي اختارها الطيب صالح. الموت الغرس مواعيده الفجر وليس الغروب. لأنَّ مريم هي المرأة التي ماتت من عند العمر الذي كان يجب أن تقود من عنده حياة مختلفة. من عند صباح-بداية، وليس غروب-نهاية، فمريم لم تمت من عند العمر الذي انتهت إليه عبر حياة عاشتها عن طريق الخطأ، مع زوج لم تحبه. وإنما ماتت من عند طفولتها وهويتها السابقة –مريوم- ومن عند حبيب حياتها التي لم تعشها -مريود. الشخص المتحد معها، أنَاها على الضفة الأخرى، الذي ينادي من على شاطئ النهر: مريوم، مريوم. فيرجع صدى صوته: مريود، مريود.
    أُمي كانت مريم شندي، فكلا الرجلين اللذان زُوِّجت لهما، لم يكونا يستحقانها أبداً، ابن عمتها وأبي على حد السواء، كانت مثل أم الرجل الأميبي، من قال عنها حين سؤاله عن جمالها الإنساني والتكويني،..
    "نعم كانت جميلة، جميلة ومختلفة لدرجة أن يُمنح وجهها لطابع بريد، لا لزوج".
    أنا مواليد 1972 / 1/ 1م في جواز السفر بناءً على دخولي المدرسة. أرادت أمي أن تدخلني المدرسة باكراً ولم يكن من الممكن إعادة ولادتي. لذلك قام أحد الأساتذة بما يمكنه من "كلاكيت" وأعاد تصوير شهادة ميلادي من جديد. فأنا كنت خريج خلاوي أكتب وأقرأ. كما تعَرَّفت على الأخفش وأصحاب شذور الذهب والخصائص وقطر الندى والنحو الواضح -هؤلاء نسيت أسماءهم الآن- وغيرهم. يعني ما شاء الله لم تتبقَّ لي إلا الكسور العشرية. لزمن قريب كنت أتساءل ولم أكن مقتنعاً أبداً بنظرية أبو صلاح شيخ الحيران، ما الذي يقصده من تدريسنا كشاف الزمخشري؟ ما الذي كنا سنعرفه له؟ كنا نزيل مخاطنا من جهة، ونسمّع له كالآلات من جهة. لم نكن نفهم، والآن لم نعد نتذكر. الأخفش أنا أتذكره لأننا كنا نسخر من اسم كتابه "همع الهوامع" لا أكثر. فإذا ضربك أبو صلاح نقول إنك تلقيت درساً في "لبع اللوابع" أو "لطش اللواطش" وأيضاً "شلوت الشلاليت".
    لم أكن أعرف أن العلم يتناولونه كعلف الدابة، فقط كي تسهل مسألة اجتراره والمتعة به ذات يوم. أشكر هذا الرجل وأترَحَّم على روحه الطاهرة باسمي واسمكم جميعاً. وسأعفي اسمه داخل كتابي هذا من حركات الإعراب وابتزازه تثميناً لدوره في تعليمي. وأيضاً كاجتهاد من قِبلي أنا فيما عَلَّمني. فأنا قد تبدلت لالتحاقي بمدارس أخرى جديدة بالنسبة لي ومتمردة في النحو. صرت أكثر جرأة ووقاحة. لأنني أحببت بعد أبو صلاح إبراهيم مصطفى وتلميذه المخزومي ود. ياسر شرف. ليسقط العامل ولنفتح للّغة باباً جديداً بكامله. صرت أشتم معهم مدرسة "البصرة" وأناصر مدرسة "الكوفة".
    لقد ارتدّيت وشكراً جزيلاً وعفواً يا أبو صلاح. فأنت لا تعرف كيف شَكَرتك وزارةُ التربية مُمَثَّلاً في تلميذك محسن. سأعود لأشتم لك الأساتذة غير المثقفين وأنال منهم من جديد. الأستاذ "ع" من قرية مجاورة، لن أذكر اسمه صراحة، سأحرمه من أن يشتهر على حسابي. سأرمز إليه فقط كي يتعَرَّف عليه القرويون في قريته وقريتي. وما أدراك ما سُخر وثقالة الريفيين في ناحيتنا، عليه أن يرحل. فقد صار لي كتابٌ وصار بوسعي أن أنال منه ومن الحكومة ومن كثيرين. كتبنا حكومتنا وبيوتنا.. نقضي عندها بما نشاء ونرتاح فيها كيفما نشاء. السلطة القادمة للكاتب وليس لأي أحد غيره. علاوة على أنني لا أمتلك بيتاً حالياً، وليس لي إلا ظل كتابي هذا. لأن حسين أخي من جهة أمي تزوج وسكن في بيتي الذي تسقفه السماء ذلك.
    كنت يومها في صف أول ابتدائي، حينما طلب مني الأستاذ "ع" أن أقرأ عليه سورة "البلد". وعند هذا الموقع من السورة كنت أقرأ،..
    "وما أدرِاك ما العقبة. فَكَّ رقبة، أو أطعَمَ في يومٍ ذي مسغبة".
    تلوَّى "ع" كالحيَّة ثم صفعني بعنف منذ البداية. جَرَّني بقسوة من شعري: من أين تقرأ يا حيوان؟ هذا قرآنك أنت. صَحِّح يا بهيمة، اسمعني جيداً.
    ثم قرأ عليَّ هو،..
    "وما أدراك ما العقبة. فَكُّ رقبة، أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسغبة".
    قلت له: كله صاح.
    ويا ليتني لم أقل، هجم عليّ كالجاموس، لم يمهلني لثانية واحدة. انكال عليّ ضرباً وهو يصيح،..
    "كله صاح!؟ مجنون؟ مجنون أنت، أم ماذا؟ أعوذ بالله، شيطان، شيطان رجيم".
    طاخ، طاخ، بهمجية ووحشية عجيبة. كان ينتصر للدين مني ويأخذ بثأر الصحابة. صاح من جديد: كما في الكتاب يا ملعون.
    جهله لقراءات القرآن جعلني أجهل ما يقصده. ظننت أن كتابهم ككتب أبو صلاح. تركت القراءات وأخذت أعرب ككشاف الزمخشري، قلت له بسرعة مذهلة،..
    "في حالة حفص "فكُّ" خبر مبتدأ، وفي حالة الدوري "فَكَّ" فعل ماضي، وفي حالة فلان وكتاب علان وكذا وكذا".
    ولم يغثني ذلك. لم ينتبه، لم يلاحظ، البليد. هذا الطفل المجنون والكافر يهذي بالفعل، ولكن ألم يذكره هذيانه هذا بشيء؟ ألم يقابله في مكان ما؟ ألا تشبه هرطقته هذه دروساً قابلته هو في سنته الأخيرة بالمعهد قبيل تخرجه ومجيئه لتنوير الناس؟ ما زلت حتى هذا اليوم محتاراً في ذلك الرجل. لم يلاحظ أبداً أنني يا دوب جئتهم كي يعلمونني بينما أتفَوَّه بمصطلحات مثل: فعل ماضي وخبر مبتدأ وجملة اسمية وفعلية وغيرها. كما وبإمكاني أن أعرب "أو" و"ذي" اللتين يجهل إعرابهما هو نفسه في الآية الكريمة. أنا شخصياً أفشل تماماً عن تفسير عماه ذلك. صاح مهتاجاً وهو يضرب ويرفس من جديد،..
    "يا رب القدرة، يا رب القدرة. قرآن حار، ببوخه. كما في الكتاب يا مجنون".
    عجزت. القراءات جربتها كلها، هو لا يريدها. الإعراب جربته كله، هو لا يريده. ماذا يريد ذلك الرجل القاسي إذن؟ عجزت وبكيت. وما عاد بإمكاني سواهما.
    كنت صغيراً ولا أمتلك كلمة أخرى عدا "كله صاح"، وهي تُهَيِّجه. لم يكن بوسعي أن أشرح له القراءات في تلك السن. فقط أكرر أمامه بصورة ببغائية ودموعي تنسال بمذلة،..
    "الدوري، حفص، الدوري. أسأل أبو صلاح. والله العظيم جد".
    ولم ينجدني كل ذلك. فما هو الجِد الذي أعنيه وأُقسم عليه؟ مخلوق صغير مهان ويُركل ودمعه يتشتت بذنب أنه يعرف أكثر مما تتطلبه الحصة. لو فقط تمَهَّل وهدأ من ثائرته وروعي ليسألني: ما حفص هذا؟ كنت سأتتبعهم له واحداً واحداً. فشيخ عبد الله لا يتركك حتى تعرف شيوخ القراءات هؤلاء أكثر من أولاد خالتك وعمتك. بلدانهم، نشأتهم، تواريخ ميلادهم ومماتهم، عن من أخذوا، لمن أعطوا، مَنْ يُقدَّم على مَنْ، ومن يؤخر عن من. كنت سأخلق فيه ولو بصيص انتباه. فربما يلاحظ أن تلك القصص فوق مقدرات تأليف الأطفال. ليبعث بي للمدير على الأقل. ولكن ذلك لم يحدث. ما يزال يطالبني بأن أقرأ كما في كتابه. والضرب وإحساس المهانة شَتَّتا تركيزي بالكامل. لم يعد بوسعي التمييز بين القراءتين. هذه مسألة لن أغفرها له ولوزارته التي بعثته أبداً. شيء لا يعقل!
    خمشني من أسفل أذنيّ وعنقي وهو يقول لي بتهَيُّج مخيف،..
    "والله، ووالله.. لن أتركك أبداً حتى تقرأ كما في الكتاب".
    وأنا كنت قد فقدت السيطرة على الموضوع تماماً. فقراءات القرآن بالبسكويت الذي كانت تشتريه لي أمي تشجيعاً وتحبيباً لم تكن شيئاً سهلاً. ناهيك عن بالإذلال والضرب ووحشية ذلك الرجل. بكيت كآخر مَرَّة في حياتي. وندمت لكوني افتخرت على رفاقي بأنني لست محتاجاً للحفظ مثلهم. ما زلت إلى الآن أتذكر صوت بكائي المخنوق والطريقة التي كان يرتجف بها صدري.
    الأستاذ يريدني أن أقرأ كما في كتاب وزارة المعارف. ذلكم الرخيص والتافه والمطبوع بماء الكركدي. أنا أقرأ كما يقرأ أبو صلاح عبد الله شيخ الحيران، فما أنت وما وزارتك؟ هنبول الوزارة التي بعثت بك لتُعَرِّفني الجهل.
    أبو صلاح كان يحيط به أكثر من مائتي حَوارِي. هذا في سورة البقرة، وهذا في سورة الأعراف، وذاك في فاطر، وآخر في الحشر، وهكذا حتى سورة الناس. ويُمْلِل هو عليهم جميعاً من ذاكرته وحدها وفي جلسة واحدة، نسميها "الرمية". يجلس منذ هذا الصباح وحتى الصباح التالي. لا ينهض إلا للصلاة. هذا لا يمكن أن نسميه رجلاً حافظاً، بل هو القرآن يُمْلِل نفسه للناس كبشري يجلس تحت شجرة "سنط" عملاقة.
    ولكن ذلك المُدَرِّس يريد فقط ما في كتابهم المطبوع بمحلول الكركدي، ماذا نفعل له؟
    النهار أخذ يخوض في العصر. انتبهت إلى أنني لم أعد أحداً بعينه. بل مجرد أحاسيس، أفكار، أنانية عوز تُدين الآخرين، وشر ينصب شراكه. ولكن ربما هذا ما نحن عليه بالضبط. حياتنا ليست قصة متماسكة كما تظن. ليست مترابطة. كلها تتكون من مثل هذا التقطُّع من التفكير التافه والانشغال البسيط. لا تصدق أن هنالك من هو مختلف، اللهم إلا البهائم. عندما أرى صورة رؤساء وهم يتباحثون في التلفزيون أضحك. الأهم هو المواضيع التي يبحثونها بداخل صلعهم ومع أنفسهم في تلك اللحظات، التفكير السري وغير المعلن، والذي لا يمكنهم أن يفخّموا به أصواتهم كخطبهم المهيبة والمجلجلة. حياة الإنسان الحقيقية هي بالضبط تلك التفاهة السرية. وكل ما يعيشه الإنسان بحق، هو هذا التكتم الخافت والمحرج. قَدِّر بنفسك إذن كيف هي كتب السيرة الذاتية التي تكتب عن حياتهم لا تقول عنهم شيئاً، ولكم هي مختلفة عَمَّا هم عليه في الحقيقة. كتب السيرة على هذا النحو تُخَلِّد الوظائف والمهام والأشياء بشكل عام. والروح لا يمكن تخليدها بالفعل إلا بمناقشة الاستغراق ودقائق التفكير والشغب النفسي والضيق، الكفر والإيمان. أي أنَّ الروح تُخَلَّد بفعل مادتها المفترضة من الهيمانات.
    شعرت بالجوع من جديد. قلت لنفسي: ربما تأتي "الست" وتجلب معها من الخارج شيئاً يُؤكل. ولكنها لم تأت. حاولت النوم، ولكنه لم... قلت سأذهب لصديقي د.عمر السنوسي فربما أجد شيئاً آكله.
    طرقت بابه والنهار أخذ يخوض في العصر. يقطع أبوها من عيشة!؟ وجدت معه رجلاً من زملائه الأساتذة في الجامعة. قَدَّمه لي د.عمر على أنه بروفيسور آداب يحاضر في جامعة الجزيرة. وقَدَّمني له على أنني طالب اقتصاد يدرس بذات الجامعة. وما يلي هذا التعريف من شاب واعد ومهتم، له روايات وأشعار وبحوث وكذا وكذا. وذلك البروفيسور يتأملني ويحدجني بنظراته كأنه سيعثر على دليل يقبض به على كذب د.عمر.
    بعض مرور لوازم التعارف جلست أنا في مواجهة البروفيسور. سأل هو د.عمر وكأنه يواصل معه حواراً قطعه قدومي،..
    "ها، قلت ماذا تقرأ هذه الأيام؟".
    أجابه د.عمر: هذه الأيام أكتب. أما آخر الليل -يضحك د.عمر- فأحاول تجميع بعض الخيوط لدراسة تُقارب بين أعمال "مايكوفسكي" و"أنغوبلي مادنغوني" و"سالم حميد". أريد نصوصاً أوفر من مادنغوني لو كانت لديك؟
    سأله البروفيسور متجاوزاً طلبه،..
    "وماذا عن أعمالك المسرحية؟".
    "متوقف. من يريد مسرحاً هذه الأيام؟ هذه المقاربة اتفقت عليها مع مجلة المركز الثقافي الفرنسي".
    حاول د.عمر أن يعيده لموضوعهما الأول. البروفيسور أفتى بصدد مايكوفسكي،..
    "ربما بوشكين يخدمك أفضل".
    بدا لي ذلك الرجل غبياً جداً ومنذ البداية. فأولاً د.عمر لم يوضح أي شيء عن مقاصد دراسته وأغراضها كي يعلم هذا البروفيسور أن بوشكين يخدم أكثر أو أقل. تذَكَّرت قصة صديقي "صحابي الصادق" على الفور. حكى لي هذا الصديق أنه ذهب إلى حيث يفرش الباعة الكتب بجانب حدائق شارع النيل، واختار كتاباً وقال للبائع إنه سيأخذ هذا الكتاب نظير خمسمائة جنيه فقط. فأجابه البائع: أبو خمسمائة هي تلك المجموعة في الطرف، دع الذي في يدك هذا وخذ منها واحداً.
    في ماذا يختلف هذا البروفيسور عن ذلك البائع الجاهل؟ لأنه مبدئياً يمكن الربط بين أعمال الثلاثة المذكورين، ولكن بوشكين ما دخله؟ إما أن ذلك البروفيسور سيسعده أن يذكر بوشكين أمامنا بتلك الطريقة المفخَّمة، وإما أنه يجهل بالكامل أشعار الجميع، الذين ذكرهم د.عمر والذي ذكره هو. احتار د.عمر، ولكن أدبه الوافر أملى عليه مجاملة،..
    "مشروعي يخدمه مايكوفسكي أكثر، أما بوشكين فسيجعل الموضوع مختلفاً".
    لم يفهم البروفيسور المتصلِّت السخرية الكامنة في هذه العبارة، قال مُصِرَّاً،..
    "الروس جيدون، ولكن تنقص كتاباتهم مسحة الضباب والمغامرة كما في الآداب اللاتينية مثلاً. الواقعية السحرية تبز واقعيتهم الاشتراكية. الأيدلوجيا والإلحاد لن يخدما لا الفن ولا الإنسان".
    قَيِّم بنفسك مدى تفاهة الرجل ومحفوظيته وقِدَم ألفاظه وتكرارها. هنالك نوع من التفاهة لا يمكن تحليله من شدة انحطاطه وتكراره، ولا تعرف معه أتضحك أم ماذا تفعل. أما أنا فقد نسيت غضب الجوع وحقده وانشغلت بعواطف امتعاض غيرها. كما أَلْفِت نظرك إلى أنني قَدَّرت من خلال ملابساته كلها أنَّه إسلاموي ويتحدث هو أيضاً من خلال الأيدلوجيا. يتحدث عن روسيا هذه وكأنَّ كُتَّابها تنتجهم دولة بحجم واحدة من دول الخليج. خلعت حذائي كحركة قرف وغمغمت مع نفسي بكل أداة سخط أمتلكها. التفت نحوي البروفيسور، قال لي وكأنه ضيف ظريف يُشْرِك خادم البيت في حوار مع سيده، ليعطي الحضور دليلاً على نوعية التعامل في بيته هو. سألني: وأنت، ماذا تقرأ؟
    "أنا؟ قل لي أنت أولاً رأيك في أنطوان شيخوف؟".
    "هنالك من هو أفضل منه".
    "أنا لم يقابلني هذا الأفضل منه".
    أجابني بلهجة ليست مستبدة، ولكنها مترويّة ببطر: لن أقول لك بأنك لم تفتش جيداً، ولن أناقشك الآن، هذه مرحلة ستمر. وستعرف بعدها أن هنالك من هو أفضل منه.
    سألته بغيظ: مثل من؟ لو قال لي دستوفسكي لتقاصرت حماستي كثيراً، ولكنَّه وبفخامة أوديو عجيبة أجاب: ليف تولستوي.
    أنا لا أكره ليف تولستوي، ولكنني لن أقارنه بأنطوان شيخوف مطلقاً. ما يزال شيخوف يمثل لي هو ودستوفسكي وحكايات إيطاليا لمكسيم جوركي شيئاً مهماً من ناحية الكتابة الروسية. قرأت مسرح شيخوف كله، وتقريباً كل أعماله القصصية. بل أكاد أحفظ له قصصاً من نوع "المبارزة" و"عنبر 6"، "الخادم"، "مذكرات رجل عجوز"، ومجمل أعماله تقريباً. كنت أيضاً قد قرأت شيلخوف وتورغنيف وكوبرين وراسبوتين وجوركي وألكسي تولوستوي وكورلنكو، وأسرتني أعمال هؤلاء أيضاً. ولكن حتى تاريخ اليوم يسيطر عليّ حب النبش الجواني وتفتيت الوجود بحرقة دافئة، ما تجده أكثر عند أنطوان ودستوفسكي. كنت أرتبهم هكذا: شيخوف ودستوفسكي، ألكسي تولستوي، حكايات إيطاليا لمكسيم جوركي. لقد تعلقت بألكسي جداً وأعدت قراءة "الشقيقتان"، "طفولة نيكيتا"، و"الأمير الأعرج" كثيراً. وكذلك "الدون الهادي" لميخائيل شيلوخوف و"الهارب" لفالنتين راسبوتين، ثم يصبح بإمكان الكونت ليف تولستوي أن يرد في قائمتي بعد ذلك لو كان يود.
    ولكي تعجب أكثر أقول لك إن كتاب "حكايات إيطاليا" هذا من أهم الكتب التي أثّرت في حياتي. وأعني بالذات الفصل الذي كتبه مكسيم جوركي عن الكونت ليف تولستوي. لقد كتب عنه بقداسة وحشية مذهلة ورهيبة. بالرغم من عدم الارتياح وسوء التفاهم الذي تَمَيَّزت به علاقة الرجلين. ولكن ماذا تقول؟ هذه هي الكتابة عندما تريد نفسها. لن أقول إن حب جوركي لشيخوف هو سبب فشله في أن لا يكتب عنه بنفس المستوى -أي كشخصية روائية لا علاقة له بها- لأنه نجح جداً في الكتابة عن فلاديمير إيليتش لينين. لا أعرف، ولكن من المقدمة التي كتبها المخرج قسطنطين ستانسلافسكي لمسرح شيخوف تتلَمَّس تبصراً أفضل لروح شيخوف.
    لم أقل لصاحبنا البروفيسور العجوز شيئاً. بل تشاغلت عنهما هو ود.عمر بنفسي. ودار حوارهما منفصلاً عني هنا وهناك. فجأة التفت إليّ البروفيسور بملامح جديته القريبة من الشر. ربما عَدَّ انزوائي ذلك زعلاً ما، لقِلِّ المعرفة،.. لصغر السن،.. المهم زعل بشكل من الأشكال. فأراد أن يفعل شيئاً طريفاً يُراضيني به.. اسمع، يستنبهني هو، تُذكِّرني بشخص ما يا ابني!
    فكّر قليلاً ثم أضاف: تشبه كوجاك، تعرفه؟
    "لست رجلاً أبيض لأشبه لك كوجاك هذا".
    "لا، هذا كوجاك أسود. قريبك هو؟".
    أنا لا أعرف كوجاك الذي يعنيه هذا. لم أكن أعرف أنَّه ممثل سوداني. فقط كنتُ أعرف كوجاك السينما الأصلي والأصلع. شعري في ذلك الزمن -قبل الصلعة- كان يُغطي وجهي وعنقي. كيف رآني أصلعاً؟
    صمتنا قليلاً وشعرت باضطهاد الحكم من علٍ مرة ثانية. أحكام أكاديميين الجامعات، الذين لا يقبلون في تقييم كلامهم بأقل من قرآن. قلت له ببرود حاد وغير متردد،..
    "أتعرف من تشبه أنت؟".
    "لا، لا أعرف".
    "القنيطة".
    وهذه الكلمة مرادف سوداني لكلمة "الطيز" وأكثر فجاجة منها. ربما عَوَّل الرجل على كوني أحد مجانين أسرة د.عمر الذين يُنَكِّرهم كطلاب جامعات خوفاً على وضعه الاجتماعي. فقد اندهش وبُوغت أكثر مما غَضِب. نظر ناحية د.عمر باستغراب وفجيعة. فلم تكن قد مرّت عدة دقائق على تقديم عمر لنا لبعض، بوضعية أستاذ وطالب في مؤسسة واحدة. كل ما أحزنني أن د.عمر حُوصِر وشعرت به انجرح. كلمة قاضية ولا أدري كيف حصلت عليها وأنا بين أساتذة جامعة. لا يمكن قولها حتى لشرموطة بداخل وكرها على هذا النحو، فكيف مع بروفيسور آداب!؟ لم آبه حينها كثيراً. كان يغطيني في تلك الفترة ضباب يعزلني عن لباقة الحياة الخارجية بالكامل. صدقني، كنت أقرأ شعر أزهري وعاطف والصادق وحميد وأخرج إلى أركان النقاش وأنا مسطول بالفعل وليس إدعاءً. ثم أجد نفسي ملهماً والسماء تناولني الكلام ولا علاقة لي بأي أحد ولا أعرف أي شيء. لا أدري كيف عدت من ذلك المكان. كما أنَّ أُبوية الأكادميين هذه وصلف رجال الأمن بالنسبة لي تأكل بفم واحد وتخرأ بدبر واحد. كيف يقول إن تفضيلي لشيخوف هذه مرحلة لن يناقشني فيها؟ ألأن تولستوي بالنسبة لشيخوف كان عجوزاً مثله أم ماذا؟ لماذا لا ينزل هذا الرجل لأقرب سماء من السابعة ويشرح لي المسألة؟ كنت بداخلي أفور وأهمهم: عليه أن يعلم أن تولستوي محميته هذا، لولا الحمايات لما صار شيئاً. ومن قبل كان محمية دعاية الصحافة والنقاد الضعفاء ومحمية غروره الذي أرهب به الناس. ماذا لو قلت له إن تولستويه المكذوب هذا لا يساوي شابتراً واحداً من الطيب صالح أو صنع الله إبراهيم، القعيد، الكوني، حيدر حيدر، أبَّكر إسماعيل، بشرى الفاضل، أو مستغانمي وسلوى بكر، سليم بركات. حيدر حيدر في ذلك الزمن لم يكن موضة، كنت أعرفه وحدي كسر.
    لقد قرأتُ معظم -معظم هنا للتواضع- شخوصه، أعني تولستوي، ولم تؤثر فيّ أو تلمسني شخصية له ربع ما لمستني شخصية "إلياس نخلة" لعبد الرحمن منيف، الذي لا أُطيقه هو الآخر. كيف سيكون موقف البروفيسور يا ترى لو طرحتُ له المسألة على هذا النحو المحلي؟ بلا شك كان سيقتلني، بفتوى أنه لا فائدة من حياتي، فهي لن تكفي للمراحل التعلُّمية الكثيرة التي تنتظرني. قنيطة قنيطة، لن يقرر لي هو وهذه الصحافة التافهة ما يجب أن أفهمه عن الكتب.
    تنحنح الرجل بطريقة شيخ عادي ما بقي معه أي امتياز أكاديمي ولا كرامة علم. ترك أستاذيته. مثل هذه الكلمات الحميمة تضع المتعجرفين في مواعينهم. قال لي بنبرة -للصدق لم تكن غاضبة كثيراً- ما يزال يلتبسُ عليها الأمر،..
    "أنا رجل في سن والدك".
    قاطعته: بل أكبر قليلاً.
    قلت في بالي: أُصِرُّ على سوء التربية لآخر كلمة بحوزتي. سيتفادى المواصلة معي خوف كلمات جديدة. لست أستاذاً مثله لأخسر شيئاً ويذلني وغدٌ مثلي. يمكنه أن يلاحقني في الجامعة ويطردني منها. ولكن د.عمر الذي أغضبته هو أيضاً لن يتركه. لا حَلَّ معه سوى أن يصمت ويمصمص شفاهه من الغضب. ولكنه لم يصمت،...
    "في بيتكم تتحدثون هكذا؟".
    "في بيتي أتدرب على الحديث هكذا. شتيمتك هذه لن تجد لي أهلاً تقع بهم".
    "هو هكذا إذن؟".
    أجبته على مقصده فوراً: نعم مواليد وتربية شوارع.
    نهض بغضب مُحَنَّك، جلبه معه من بريطانيا التي درس فيها. التفت ناحية د.عمر وقال له بصوت محاضرات: شكراً يا دكتور.
    أراد أن يُشركه معه في الذنب وإحساس المذلة والحرج. تَحَلَّف عليه د.عمر بأن لا يذهب بينما هو يعتذر له. وسمعت منه بعض الكلمات السيئة لترضية الرجل. لن أنسى لعمر ما حييت أنه لم يطردني له. ولو طردني لما ألقيتُ عليه السلام بعدها أبداً. إمَّا ذلك البروفيسور كله أو أنا. تبعه د.عمر وهو يقسم عليه ويتمَسَّك به حتى الباب. سمعته يقول لدكتور عمر: ذَكِّرني باسمه؟
    أجابه د.عمر: دع هذه المسألة لي يا أستاذ. هو ولد عصابي ومضطرب قليلاً، له مشاكل عدم أسرة كما سمعت. الذي يعرفه هذا كثير عليه. لو طردناه سنسلمه للشارع، في ظني يجب أن نربيه، ندعمه، يجب أن ندعمه يا أستاذ لو كنا ماذا وماذا وعليه......
    كانا يتساومان حولي كخروف. عندما عاد د.عمر وجدني أشرب عصير الرجل. أعرف أن د.عمر أستاذ فنون ومسرح بحق وموهبة ولم يحصل على ذلك بالمذاكرة. أردت إضحاكه كي أتفادى غضبه. هذه واحدة من وسائلي الصحيحة لمعالجة الأمور مع الأذكياء مثله. بادرته متعجلاً،..
    "تتساومان حول مساعدتي، صحيح؟ ثم تركته يذهب بجيوبه المنتفخة دون أن يتبرع لي بشيء. إذن أدخل أنت يدك في جيبك. أنا لستُ الجيش لتقترحا نفسيكما كفرع توجيه معنوي لنجدتي بالكلام فحسب".
    جلس ورأى العصير في يدي ولم يهتم. هذا الرجل أنا أعِزّه بالفعل وها قد أغضبته بتوريطي له في حماقة تافهة. هذه الحادثة ستصبح أُنس البروفيسور مع زملائه ربما لسنة قادمة. رأى د.عمر أسناني الصفراء خارجة من قِرابها أيضاً. كنت مبتسماً. تقدمته كي يلحق بي عند ضحكة. آخ، لقد غضب بالفعل، خذلني. قال لي بغيظ،..
    "هذا الرجل ضيفي يا محسن. لبيتي حرمة، وللعمر حرمة، ولأستاذيته أيضاً حرمة".
    لم أخجل، كنت محجوباً في ذلك الزمن كما قلت لك. أردت فقط أن أتخلص من حصاره لي. هو صديقي ولا يمكنني مراوغته بالطريقة نفسها. يعرفني ويعرف أموري جيداً،..
    "بالجد أنا آسف لحرمة بيتك. ولكن أية حرمات تعرفها لأمثال هؤلاء؟ أليسوا هم أنفسهم مَنْ قالوا لك لن تُحَضِّر في هذه الجامعة، حتى تأتيهم بدليل يخترع علاقة تربط التربية بالدراما؟".
    هذا الكلام حدث بالفعل في زمن قديم. كنت في المتوسط أو بداية الثانوي -لا أذكر- ولم يكن هو دكتوراً. رافقناه إليهم أنا وصديقي كاظم الزعيم عِدَّة مرات. بينما هو يحاول إقناعهم بأن لعلوم التربية صلة بعلم الدراما. كي يسمحوا له بالتحضير والعمل في الجامعة. كان قد عاد لتوِّه من العراق، مع مكتبته الهائلة التي حصدها جراد الأمن. وعرّفني عليه كاظم الذي كان بعثياً في ذلك الوقت. غالباً من خلال د.عمر -لست متأكداً- ولكن كاظم أصغر مني أنا. ولو حذفنا من عمره أي شيء فسنضعه في رداء قصير وندخله المدرسة الابتدائية. وحينها لن يصبح بوسعه أن يكون بعثياً أو أي مخلوق آخر، عدا آكل للآيسكريم. فلا بُدَّ أنه صار بعثياً بعد قدوم د.عمر.
    اعترضني بضيق، دون شك،..
    "لن تبتزني بهذا الكلام؟ لأول مرة في حياتي أجد نفسي لا أعرف ماذا أفعل".
    قلت له ضاحكاً كي أُسَوِّف غضبه قليلاً: لقد عشنا لحظة في الحقيقة، لا تندم. الانتباه الكامل لا يوفره إلا منتهى الحرج أو منتهى الخوف.
    ضحكت وأردفت بسرعة ومُصرَّاً على موضوع علاقة التربية بالدراما،..
    "والله أنا لا أذكر يا دكتور، كنت صغيراً وأرهب النظر إلى الأساتذة من أمثاله. ولكن بحق ألم يكن هذا الرجل معهم حين كنت تفاوضهم؟ من يبحثون عن دليل يثبت علاقة التربية بالدراما فلا بُدَّ أن يكون هذا الرجل الغبي رئيس كَشَّافتهم".
    نلت منه أخيراً، ضحك وأجابني: بحق، ألا تذكر؟
    "لا أذكر والله".
    "بالفعل كان معهم. لم يكن رئيسهم، ولكن كان بإمكانه أن يتدَخَّل".
    تمرغت أنا من الضحك على المقعد كالجحش. حتى رفست الدوسيه الكبير الذي جاء به الرجل لدكتور عمر،..
    "يا نبوي أنا، يا محسن. ألم أقل لك؟ أو هذه رهبانية الطبيعة. الأشياء تعرف طرقها الغامضة حتى لو تبعثر من حولها الناس وتعاظم فوقها التاريخ. يستاااهل. كان رديئاً أستاذكم متدلي البطن هذا، ويستاهل".
    سألني د.عمر مع ضحكة ماكرة وهو يهز رأسه ناحيتي: وأنت؟
    "أنا أيضاً رديء، لن أمتدح لك نفسي مطلقاً"،..
    "بس سؤال يا دكتور، زولك دا كوز وألا ما كوز؟".
    "أولاً ما زولي، زول رقبتو براها، تانياً مصاحبني بالغصب وكوز"،..
    "ود الكلب"،..
    قلت في بالي: كل ذلك حدث كي نصل إلى هذه النقطة، المهمة أو غير المهمة، لن تفرق كثيراً. فأنا فعلاً لم أكن أتذَكَّره. كيف يتم القدر؟ هل هو أصلاً يُعِدُّونه حسب الأشخاص الذين سيتواجدون في مستقبل مشترك ما؟ هل يتكون القدر بناءً على ذهابنا نحن إليه، أم على مجيئه هو إلينا؟ كاظم وعمر كانا من مدني، أما أنا فقد أتيت إليها زائراً. أم تُرى هو القدر قوانينٌ عامة تفرض التفاصيل تلقائياً بكونها أقوى من الزمان والمكان؟
    هل كان بوسع البروفيسور أن يلحظ صبياً صغيراً بصحبة الطالب عمر، سيهينه ذات يوم في بيت هذا الزميل الماثل في صورة طالب الآن؟
    لا أعرف. المهم أنني وجدتُ غداءً ولا أعرف ماذا فعلتْ "الست" زوجة "عبده تيَّه".


    محسن خالد
    مدينة دوكة 1994م

    (عدل بواسطة محسن خالد on 01-08-2007, 02:58 PM)
    (عدل بواسطة محسن خالد on 03-04-2007, 05:25 AM)

                  

06-22-2005, 03:47 AM

محمد السر

تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: توما)

    توما
    تشكري كتير على اللنك
    أنا راسلت المؤسسة العربية تاني ومستني الرد وغالباً زي ما قال محسن الطبعة لسة ما طلعت من الفرن
    إذا حصل تأخير حا ألجأ لي ناس نايل فرات دوت كوم ديل
    تحاياي لماجد
                  

06-22-2005, 05:51 AM

توما
<aتوما
تاريخ التسجيل: 08-07-2003
مجموع المشاركات: 1466

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    محسن خالد شخصيا

    تحيات صباحيه, وسط كم من العطس والحساسيه قرأت قسيس الطبيعه كلها -كلها هنا للتفخيم ايضا-
    لم أبه كثيرا لنقاش سارتر وجيفارا لسبب ما.. رغم غضبي من دور سيمو العظيم تاريخيا كما غضبت علي "ع" -المدرس -وليس المعلم عديم الشهره والرحمه ..تعلم عاني الكثيرون من قسوه ما في سبيل ان يصبحوا رجالا اشاوس لكن دوما اتساءل ما السر في القسوه علي الفتيات في المدرسه بدلا من صرف الحنان والابتسامه مع تحايا الصباح..
    عموما لو كنا نملك ان نخوض في التاريخ ونتقتلع "ع" وامثاله من هناك لما اختلف الوضع كثيرا
    مع توفر العديد من مسرطنات أخري للذاكره قد لا تخلو من وسامه..
    أسعدني تواطوء الايام معك للنيل من "أمثالهم" في شخصه العجيب مره و.. مرات عديده بعدد القراء

    اعجبتني هوايه المقبول العجيبه جداا , عجب مقدرته علي ممارستها بمتعه وبدقه غريبه

    23 الوالده العزيزه فلتهنأي يا جميله الحي بإبن غريب يحكي عنك وعن أخرين بقدره فائقه الوضوح

    محسن خالد كن لنفسك أعظم منهم أجمعين


    علي فكره ردا علي سؤالك هو غالبا سوق لكن الفكره مفيده لتوفر الكتب بسهوله

    محمد السر عفوا عفوا
                  

06-22-2005, 09:48 AM

الصادق اسماعيل
<aالصادق اسماعيل
تاريخ التسجيل: 01-14-2005
مجموع المشاركات: 8620

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: توما)

    محسن
    ضربت تلفون قبل كم يوم لكلتوم فضل الله وبعدين جات (سيرتكم العطرة) وقلت ليها الزول دا كتّاب ياكلتوم قامت ردت علي إنت قايل الكتابة دي حاجة كويسة، الكتابة لمن تطلع من بِتجَرِحك وبتطلع روحك).
    لكني أحب القراءة واستمتع حين أقرأ، أحس أحياناً بالسمو، كأني جالسٌ علي حافة الكون كأني حَكَمٌ في لعبة القدر الكبري، حينما قرأت المجوس لإبراهيم الكوني لم أستطع أن أنم ليومين، ورفضت بعدها أن أقرأ روايته (الوقائع المفقودة في سيرة المجوس) إستعرت عبارة صديقي عبد الزين حينما سمعنا قصيدة (سيناريو البحث عن يابسة) لعاطف خيري لأول مرة في حفل تخريج كلية الفنون الجميلة، يومها قال عبدالله الزين ونشوة غريبة تغطي وجهه (دا نَص مكتمل). وهذا ما قلته لنفسي حين رفضت أن أقرأ (الوقائع) لإبراهيم الكوني.
    والآن أصاب بالدهشة حين أقرأ كتاباتك، ومرات بقول لنفسي (الزول دا نبي)، لكن المؤكد أنك مبعوث في هذا الزمان (الرَخو)، لتزيده تماسكاً، كفعل الخبّاز مع عجينته المسمّاة بعد ساعات خبزاً
    شكراً محسن
    صادق
                  

06-22-2005, 09:49 AM

الصادق اسماعيل
<aالصادق اسماعيل
تاريخ التسجيل: 01-14-2005
مجموع المشاركات: 8620

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: توما)

    محسن
    ضربت تلفون قبل كم يوم لكلتوم فضل الله وبعدين جات (سيرتكم العطرة) وقلت ليها الزول دا كتّاب ياكلتوم قامت ردت علي إنت قايل الكتابة دي حاجة كويسة، الكتابة لمن تطلع من بِتجَرِحك وبتطلع روحك).
    لكني أحب القراءة واستمتع حين أقرأ، أحس أحياناً بالسمو، كأني جالسٌ علي حافة الكون كأني حَكَمٌ في لعبة القدر الكبري، حينما قرأت المجوس لإبراهيم الكوني لم أستطع أن أنم ليومين، ورفضت بعدها أن أقرأ روايته (الوقائع المفقودة في سيرة المجوس) إستعرت عبارة صديقي عبد الزين حينما سمعنا قصيدة (سيناريو البحث عن يابسة) لعاطف خيري لأول مرة في حفل تخريج كلية الفنون الجميلة، يومها قال عبدالله الزين ونشوة غريبة تغطي وجهه (دا نَص مكتمل). وهذا ما قلته لنفسي حين رفضت أن أقرأ (الوقائع) لإبراهيم الكوني.
    والآن أصاب بالدهشة حين أقرأ كتاباتك، ومرات بقول لنفسي (الزول دا نبي)، لكن المؤكد أنك مبعوث في هذا الزمان (الرَخو)، لتزيده تماسكاً، كفعل الخبّاز مع عجينته المسمّاة بعد ساعات خبزاً
    شكراً محسن
    صادق
                  

06-22-2005, 10:21 AM

Gafar Bashir
<aGafar Bashir
تاريخ التسجيل: 05-02-2005
مجموع المشاركات: 7220

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: الصادق اسماعيل)

    دقيقة يا شباب لو سمحتو ...

    الاخ الصحابي الهاشمي حلمني هذه الرسالة اليك ...
    يا مراحب بيك وبصديقي الصحابي الصادق،..

    -----------------------------------

    احمد عبدالعاطي ومحسن .... وين الصحابي الصادق الشريف ... لا اظن ان هنالك في الكون شخصين يحملان نفس الاسم .. او ليس لي ذهنيا قدرة علي استيعاب حدث مماثل ...

    الصحابي صديق العمر منذ حنتوب والي المهجر مرورا بجامعة الجزيرة لكن لا اعرف عنه بعد ذلك ...
    أين هو الان ... وكيف يمكن التواصل معه ...

    محسن خالد
    حافضي ليك قريب (من حبل الوريد) .... شيل شيلتك ..
                  

06-22-2005, 01:31 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Gafar Bashir)

    .. حتى الثمالة !!
    ألهيتني عن عملي تماما يا محسن الليلة، لكن لن أكتب لك "دعني أعمل"، بل "أمض إلى نهايات هذا الجنون". أعرف، تتملكك شهوة الكتابة النارية، فما العمل سوى الكتابة و"الخلق الجمالي".
    أجدني متفقا معك تماما في هذه "أنا لا أكره ليف تولستوي، ولكنني لن أقارنه بأنطوان شيخوف مطلقاً. ما يزال شيخوف يمثل لي هو ودستوفسكي وحكايات إيطاليا لمكسيم جوركي شيئاً مهماً من ناحية الكتابة الروسية. قرأت مسرح شيخوف كله، وتقريباً كل أعماله القصصية. بل أكاد أحفظ له قصصاً من نوع "المبارزة" و"عنبر 6"، "الخادم"، "مذكرات رجل عجوز"، ومجمل أعماله تقريباً. كنت أيضاً قد قرأت شيلخوف وتورغنيف وكوبرين وراسبوتين وجوركي وألكسي تولوستوي وكورلنكو، وأسرتني أعمال هؤلاء أيضاً. ولكن حتى تاريخ اليوم يسيطر عليّ حب النبش الجواني وتفتيت الوجود بحرقة دافئة، ما تجده أكثر عند أنطوان ودستوفسكي".
    لك التحية
                  

06-23-2005, 01:26 AM

nashaat elemam
<anashaat elemam
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1108

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: خالد عويس)

    محسن ياخي دلني ألقى كتاباتك دي كلها وين؟؟
    أنا بقيت مدمن عديل كده.. لكتاباتك ما للبنقو البتكتب بعد تشربو
                  

06-23-2005, 02:00 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: nashaat elemam)

    محمد السر،..
    إزيَّك وما طيّب،..
    وأبقه عافية،..


    توما،..
    تحياتي،..
    ومن بعد ممتنٌ لمعافرتك النص برغم سوء الأحوال والحساسية،..
    القسوة تُعلِّمنا من نحن، وعن الآخرين أيضاً تقول من هم،..
    في تقديري، أنا أتخيّل فقط تواطؤ الأيام معي، أو يجب أن أقوم بذلك، بحَثِّ التخييل، ليبدو معي بعض العمر والجَلَد، أنا رجل ألح على الدندنة مثل النحل، لأنني أقاوم، وإنها دعوة لكم للمقاومة ومواصلة الدندنة في وجه القدر الطائش والقاسي على الدوام،..
    المقبول ما يزال يُمثّل لغزا لي، بالرغم من كوني أستطيع أن أرى الموت بدقة، ولكن عبر الرؤى، أما هو فبواعز غريزي، تمتد يده للمسجلة، ويتبعه حاصد الأرواح بكل ثقة،..
    23 كانت امرأة رائعة بالفعل، ماتت قبل اكتمال الصيف، لم تُتح لها فُرصة أن تكون أبداً،..
    ها نحن في السيرة، يا توما، فكوني بخير،..


    الصادق إسماعيل،..
    كيفنَّك ويا حليلها كلثم، طبعاً أنا ما شفتها، ولو تصدّق عرفوني بيها شعراء عرب، ولأنَّها أهم إمرأة سودانية أهمتني كتابتها، أُحييها من هنا، وقد كاتبتني إثر عودتها من الجنوب،..
    الكوني ذالكم رجل موهّط الكتابة،..
    يا الصادق أخوي، أنا مجرَّد حوار في تكية الكتابة، وما تسمعني نبي دي، براي متحيّل وعاجباني قصة اليمنية الظريفة دي، كيتاً عليهم، الرجال المابقسمو معاهم ديل، والله النبيَّة اليمنية دي عسل، لكن نوعي دا من مهاجرين وأنصار تيموليلت، وشوف ضلالي كيفنو! بمجرد سماع القصة اتذكّرت كتاب "أُنسي الحاج" (الرسولا بشعرها الطويل حتى الينابيع). هسي نبيَّة اليمن دي عندها كاتب وحي؟ وألا أدق صدري وأعمل فيها الإمام على بن أبي طالب؟
    أها.. خاطرك،..


    Gafar Bashir،..
    ماك طيّب يا جعفر،..
    الصحابي هو نفسه الرجل، "الصحابي الصادق الشريف الهاشمي"،..
    بعدين جامعة الجزيرة دي مريت بيها كيف وما شفناك؟ ما كنا مالين ضل الشجر دا كلو، وأنا وصحابي وشُلَّة ما كنا بنفترق أبداً، بس يمكن لأنو أدوهو كم رفدة سياسية حَصّلنا نحن في آخر الزمان،..
    الأخ عبد العاطي لم يجبني، ولا أعرف حتى الآن الدرب إليه، ولكنه مبدئياً في القاهرة كما أظن،..
    وحبابك سواء فاضي أو مشغول،..
    وأبقه عافية،..

    خالد عويس،..

    يا صا حبي خالد، ماك طيّب، وإنت راجل قِدَّامي فضل وحبابك،..
    طبعاً أنا زوَّدتها شوية، مع عمنا تولستوي، لكن برضو لو ختوهو لي في طبق مع أحد الرجلين، أنطوان ودستوفسكي، ببورو، حسيت بيك زي الموافقني،..
    المهم إنو صباح اليوم كان معاي أحد الأصدقاء، وكان بفتش لروايتك "الآلهة المستعارة"، لا تدري فرحة هذا الرجل عندما وقع عليها بين كتبي، أخذها وانهمك فيها قراءة على الفور، تجاهلته أنا أيضاً من قِبلي وانصرفت لكتاب "الإسباني المغامر" لميغل سرفانتس، جئت به من الجزائر، بعد أن وقفت برجلي على المكان الذي كان مسجوناً فيه هناك، قلت ها أنا هنا، ولا بد أن أرى الزنزانة التي كتب فيها ذلك الرجل "دون كيشوت". شغلتنا الكتب لزمن طويل، وحين التفاتة مني وجدت الرجل يبكي، قلت أسأله وخجلت من كسر خصوصية الرجل، ولكن بدا هو متأثراً لحد بعيد، لحد لا يمكنني معه، أن أترك تلك الصفحة التي أبكته، حاولت أقدر موقعه بحساب الورق، ولكن ورق ذلك الكتاب رُهَاف كما تعلم،..
    ياخوي طوالي خليت هدّن شوية وقلت ليهو لو بتسمح لي بالصفحة دي بس، لقيتها الصفحة بتاعة "عمى ألوان"،..
    بالله ما حرام علي الكتابة تعمل في الناس كدا، وألا ما حرام علي مخلوقات يفترض فيها الناس "موضوع الصفحة"، يعملوا في الآخر كدا،..
    الصديق في طريق سفره إليك هذا المساء، وأنا قلت له خالد سيوِّفر لك نسخة من الكتاب على مسؤوليتي، ففِ بكلمتي، فأنا أحسبك ممن يمكنني أن أعد بلسانهم،..
    ودمت، وتحياتي للصفحة رقم شطة.


    nashaat elemam،..

    تحياتي لك يا رجل جميل، والود والأمنيات،..

    يمكنك مكاتبة هذا الايميل:
    [email protected]


    أو ادخل لهذا اللنك:
    http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=LBb136668-96900&search=books

    وشكراً على المحبة، ولو أنَّ المحبَّة تشكر صاحبها بنفسها،..
                  

06-23-2005, 04:29 PM

الصادق اسماعيل
<aالصادق اسماعيل
تاريخ التسجيل: 01-14-2005
مجموع المشاركات: 8620

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    العزيز محسن
    عارف أيام كنا في الجامعة (أنا كنت في الإسلامية) كنت في مؤتمر المستقلين وبعدين كنت مسؤول عن المنتديات الفكرية ومرة كنت قاعد مع برالمة من جامعة الخرطوم والمنتدي كان عن الدين والدولة، فبعد ما بدأ النقاش قامت واحدة من البنات سألتني إنو ليه ربنا ما أرسل نبية، ولي ما في حور عين رجال، حقيقة إتحيرت وللحظة ما عرفت أقول شنو (ولاحظ أنا كنت في مقام الإستاذ ولازم أجاوب) المهم توكلت علي الحي الذي لا ينوم وقلت ليها (المسألة مسألة ثقافة لانو الثقافة في العهد داك كانت بتفتكر إنو المرأة ما ممكن تكون نبية وفي نفس اللحظة كانت مسائل الشرف كلها متعلقة بالمرأة عشان كدة ما كانوا بيفهموا إنو نسوانم ديل ممكن يمارسوا الجنس مع أي واحد غريب حتي لو كان الكلام دا في الجنة ذاتا). وبعد داك أنا ذاتي ما كنت مقتنع بالإجابة دي المهم رجعت لكتب التراث وبديت أقرأ، وكان من ضِمن القراية شخصية سجاح، وأجمل ما في القصة لقاءها مع مسيلمة الكذاب والذي إنتهي بزواجهما.
    والمسألة الغريبة إنو الناس في الزمن داك كان ممكن تقبل فكرة إنّو تكون في (مرة) نبية، لكن دا ما حصل في التاريخ الرسمي للأديان رغم الدور الكبير بتاع المرأة في دعم الأنبياء.
    وعلي العموم في كتاب بتاع البرازيلي باولو كويلو By The River Piedra I Sat Down And Wept إتكلم عن نفس الموضع إن شاء يكون مرّ عليك.
    شفت كيف الكلام بجيب كلام لكن على العموم الموضوع زي ما إنت قلت قبل كدة (ذو أزقة) ويا حليلو زمن الزقاقات.
    صادق
                  

06-25-2005, 12:18 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: الصادق اسماعيل)

    الصادق الفنَّان،..
    النقطة الأساس في حديثك هي مراجعة مكانة المرأة في الجاهلية، ثم في الإسلام، وخصوصاً من خلال امرأتين شهيرتين، "هند بنت عتبة" و"خديجة بنت خويلد"، لماذا الاثنتان بالتحديد؟ لأنَّهما عاشتا عهدين "الجاهلية –الإسلام"، بالتالي يسهل إجراء المقارنة بين شخصيتيهما الجاهليتين ثم المسلمتين، كما أنَّ سيرتهما متوفرة عبر كتب التاريخ،..
    أنا قمت بهذه الدراسة في رأسي وحسب،..
    هناك المثير والمغوي،... وبس،..
    مسيلمة الثقفي وشريكته سجاح، هذان حكاية، طبعاً كان يمكنني أن أخرج من المدرسة الابتدائية بملخّص "مسيلمة الكذاب"، و"سجاح العاهرة"، ولكن لغرائب الصدف لي ابن عم قاضٍ ومؤلف اسمه "الخواض الشيخ"، قام بتأليف كتاب توافرت لي فيه القصة من المصادر التاريخية فحسب، اسم الكتاب "المرأة والقِوامة"،..
    هو لم يطوِّر أفكاراً حول القصة ولم يضف لها أي شيء في القراءة والتحليل، ولكن وفّر مادتها لي، وقرأت كتابه بمزاجي، آخر شطحات طبعاً، من حرب الاقتصاد المغلَّفة جيداً، وحتى حرب الإثنيات والدم، غايتو،..
    باولو كوهيلو أعرفه وقرأت له 3 أعمال آخرها "فيرونيكا تُقَرِّر الموت"، كتابه هذا لم يطقش عيني، سأذهب في إثره،..

    وأبقه عافية،...
                  

06-25-2005, 02:35 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    محسن خالد
    ازيك يا رجل. يا رجل يا كتّاب. كتّاب انت لدرجة تعقد اللسان. كم عمرك؟ كيف وجدت الوقت الكافى لقراءة كل هذا التراث الانسانى العجيب؟ واين تجد الوقت، والصبر لتكتب هذا الكلام العجيب؟
    الرواية التى اشار اليهاالصادق اسماعيل تجد صفحات منها فى هذه الوصلة باللغة الانقليزية
    http://www.harpercollins.com.au/books/extracts/Book_Ext...77264&Author=0000659
                  

06-26-2005, 00:38 AM

nashaat elemam
<anashaat elemam
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1108

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Adil Osman)

    شكراً يا محسن
                  

06-26-2005, 01:51 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: nashaat elemam)

    Adil Osman،...
    إزيك يا رجل، وخليك عافية،..
    لمحبتك محبة مني، ونحمد لك كلماتك المُزهرة،..
    أولاً أنا بتمنى أبقه شديد زيكم في أمور الانترنت دي، لاهسي صِيبتي فيها قليلة، وأي كتاب أذكرو معناها لاقاني ورق، ووجهاً لوجه،..
    وما شايفني عامل رابط بكتاب "الحياة السرية للأشياء" للأخ نشأت الإمام، يعني عامل فيها أنا حريف، والبركة في بنيتي توما،..
    شوف الكتاب تخليهو موضوع تسلية عشان يرافقك، زي كيس السعوط، وألا علبة السجائر، بعدين أتكلم مع الكتاب عشان ما تنسى الكلام ولأجل الطرب والمواصلة، يعني الواحد يلقاك تتونسوا إنت والكتاب، هو يقريك وإنت تناضموا، بالله شوف الكاتب يعني هسي قصدو كدا وكدا، لالا النقطة دي ما بتغشني فيها فلان الفلاني قال فيها كيت وكيت،..
    وو وو وو... وقعتلك القصة،..
    شكراً علي كتاب باولو، أنا زرت الرابط وقريت الوريقات الفيهو، أقرب فرصة بمشي فيها "ALL Prints" بجي طابقو،..
    شكراً يا رجل،..


    nashaat elemam،..
    نشأت الإمام، إزيك يا صديق، ومرحباً بك،..
                  

06-26-2005, 08:44 AM

توما
<aتوما
تاريخ التسجيل: 08-07-2003
مجموع المشاركات: 1466

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    الوالد محسن نسبه الي القرابه التي ربما أجازها الود الوافر في المناداه وحسن النيه
    وعمر غير متفق عليه

    جيت البوست بسؤال عن الكتاب وكإشاره لخلوص النيه لقيتو مركز النضمي

    السؤال..

    عشره كتب .. قيمه, مفيده, ممتعه, و ممكن تتونس معاها

    أكتب أساميها يلا ..
                  

06-26-2005, 11:59 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: توما)

    طيِّب، أريتك عافية،..
    بعدين العمر مش مهم أبداً، عشان تتبنى ناس أو تحب ناس أو حتى النوع من أساسه مش مهم عشان تبقه أم ناس من موقع رجل،..
    إنتِ شابهتي عندي بنيتي، وخلاص بتِّي تب لو ما زعلانة،..
    هنا أسماء لكتب، طبعاً الذاكرة لما تقوليها تقعد لامتحان بتتجنن، أهو دا الفي النصيب، بس كلها مهمة، والقريتيهو منها أعيدي قراءته ما بضر،..


    كتب (كبسولات) تفكير:
    (هكذا تكلم زرادشت)، نيتشه،..
    اللاطمأنينة: فرانسوا بيسوا،..
    سقوط الحضارة، الشعر والصوفية، أصول الدافع الجنسي، اللامنتمي: كولن ويلسون.... وهو مفيد لأنَّه سيدلك على الكتب الأخرى، موضوعاته هي عبارة عن نقاش لسِيَر ومؤلفات مفكّرين وكتاب وفنّانين،..
    روايات مهمة:
    (جسر على نهر درينا)، إيفو أندريتش
    (الجزيرة)، ألدوس هكسلي
    (صورة عتيقة)، إيزابيل الليندي
    (الجحيم)، هنري باربوس،..
    (العطر)، باتريك زوسكيند
    (حكايات إيطاليا)، مكسيم جوركي،..
    (أرضنا) و(أورا)، كارولس فوينتس،..
    (العمى)، خوسيه ساراماغو،..
    (يوليسيس) و(صورة الفنان شاباً)، جيمس جويس،..
    (المبارزة) و(عنبر رقم 6)، أنطوان شيخوف،..

    شعر:
    (مديح العتمة): لويس بورخيس،..
    (التحولات): أوفيد،..
    (الكوميديا الإلهية): دانتي اليغييري، هناك (أفضل) طبعة، ترجمة "جهاد الخازن" ممكن تحصلي عليها من المؤسسة العربية، يعني نفس عنوان كتبي، بس يخيّل لي سعرها بفلق، لأنها شغل ابن فتلة، ترجمةً وطباعةً،...
    وأي حاجة من "طاغور" "بابلو نيرودا" "ديريك والكوت"، لأنّ الترجمات هنا لا حصر لها،..

    أنا حاولت أتجاوز الأشياء المكرّرة جدا، المذكورات دي فيها المكرر وفيها المكرر حَبَّة،..
                  

06-27-2005, 02:37 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    أغنية

    حَدْ عناصر الروح تكون ماهيَّتها....... مذَّكرِك
    وحَدْ ما الأشياء تضل عَلَميِّتها.......... مودِّرِك
    البحر خَتَّاف الرجال ........... يا هوي
    من كل لُجة موت سراب
    ناداك غريق ما حصَّلِك
    وظنيتي ظنك براك
    ظنيتي ظنك من طقوس
    ناس امَّحت من شوقها ليك
    وناس يا الله من دلاﱠها نوح
    فِضْلَت تكوس
    في يات من غيب فَتَّشت
    وبي كل حاصل للحدوس
    وكأنِّك ما مَرَّقِك من عندهم بَدَن
    ولا اتكاملت بعدك نفوس
    وكأنِّك كُلْ ما ذهب
    لا مجلى بعدِك لا حدوث

    ****
    البرتقال حنين إلى ذات الشجر
    وقَطرَة المي سَوّاية البحر
    طيَّبوها بالفينا من عَرَق الرجال
    وسَمَّحوها بالعين سَمَّاحة الدلال
    ***
    كُلْ جيهة اتمشت
    اتماهت في البعيد وجهتها
    وكُلْ غيبة ناس عن مكان
    يا حليلها انملت ذِكْرَتها
    وحَدْ عناصر الروح تكون ماهيّتها
    وحَدْ ما الأشياء تضل عَلَميّتها


    هذه الأغنية تفترع قلبي منذ أكثر من صباح مضى،..
    كنت في سوريا، في زيارة لصديق، جلسنا على دكَّة جميلة، ودوالي العنب بعنبها وبعصافيرها وبحلمها بالكؤوس تُغَطِّي المكان،..
    بيوت الأقبية وظلال الأشياء فيها من تحت، يا لله، هذه هي بلاد الشام،..
    كنا في ريف الساحل، ساحل أدونيس وحيدر حيدر وغَسَّان مسعود نجم هذه الأيام، كنت قد تعَرَّفت على إخوة صديقي وأخواته، ما عدا أخت واحدة غائبة، لأن الأوان كان أوان امتحانات، وكانت هي تعمل في مدرسة قرية مجاورة،..
    ذهبنا للبحر المختلَط، وهناك حيث تطفو الأمنيات ومتمنوها، ويحلّق الجميع، كالنوارس التي يملأ ضجيجها الأرجاء، والبحر قريب جداً للديرة أو الضيعة،..
    خرجت من الماء لفترة، السباحة هي الرياضة الوحيدة التي أُتقنها باحتراف، الصبايا كُنَّ يقمن ويقعن في المياه، الضحك المتغنِّج، وجُرَّني وأجرَّك، وشولبني وأشولبك، وهاهاها... وهيه هيه هييه، ومن بعيد الطيور تقع وتنهض على الموج،..
    أردت التدخين، بالقرب من ملابسي وملابس أسرة صديقي وجدت صبية لم تنظر نحوي مطلقاً، مع أنني كنت نشنكة عيون الساحل كله، لفارق تدرّجات اللون بالطبع،..
    فصبية تقترب مني لتكتشف أشياء، وصبي يقترب مني ليعرف من أي سنغال أو جامايكا أنا، وبعضهم يأتي ليجرّب إنجليزيته معي أمام أصدقائه أو أسرته،..
    غايتو شبعت جنس أهميات استكشافية واستغرابية! أنسوها ساي،..
    ما عدا "حَتُّوتة" هاي، ولا علي بالها إني أقصد جهتها تحديداً،..
    كانت تقرأ، وتضع نظارة تدفعها لأعلى بحركة أنثوية خجولة وفاتنة، أضافت لها حركة متوترة قليلاً بعد أنَّ أحست بكوني أقترب منها،..
    حَيّيتُها، فرَدّت بصوت خافت، بدا لي كحركة من شفتيها فحسب،..
    عندما أخذت أبحث في ملابسي، المختلطة بملابس صديقي وملابس إخوته، حاصرتني نظراتها باستغراب،..
    سألتني من أنت؟
    أنا محسن خالد،..
    مش هاي ملابس أخي؟ تسألني باستغراب،..
    أنا توقعت من هي على الفور،..
    إذن أنت القديسة؟ سألتُها وأنا أضحك،..
    ابتسمتْ قليلاً وبتعجُّب، إنها الصبيَّة الغائبة، أخت صديقي، أخبروني ضاحكين حين حكوا عنها، أنها خجولة، منزوية قليلاً، وربما متدينة بعض الشيء، لذلك يلقبونها بالقديسة،..
    ماذا تقرأين؟ سألتها لأصرف خجلها عنها، كانت تنظر ببصرها فوقي، تعبرني لترمي بنظرتها في مدى البحر البعيد، ولدى انفراجة زرقته المتنائية والكابية هناك، بقرب الزوارق،..
    أخذتُ بشكيراً وتلفّحت به، كي تحادثني بشكل طبيعي،..
    قالت لي من أنت، لم أعرفك،..
    قلت لها أنا رفيقو لخيِّك،..
    عم تحكي جد؟ بَوَّقت أنا يدي في شكل بوق، وناديت ناحية أخيها،...
    تقافز هو بجسمه فوق دكدكات الموج وصاح ناحيتي، هاي القديسة، دير بالك،..
    لم يفارقها خجلها، وإن تناقص توترها، وابتسمت، بدت لي شخصية مستقرّة من داخلها، اضطراب الخارج هذا لم يضللني، الذي يرافق الكتب تتعلّم دواخلُه أشياءَ لا يتعلمونها أبداً من جرأة المشاركة في البارتيات والأندية والمجالس العامة،..
    عم بحكوا عني، مو هيك؟ تسألني،..
    بس بحكوا عنك حلو،..
    شو الحلو في "قديسة" هاي، عم بتمسخروا،..
    منذ تلك اللحظة أصبحت أُعِزُّ القديسة جداً، وأصبحت أشتاق لها دون سبب،..
    كانت تقرأ كتاب "القرآن والتوارة والإنجيل والعلم" لموريس بوكاي،..
    وهي بدون شك الشخص الوحيد الذي أهديته نَصَّاً من نصوصي، أو كتبته له، أنا بخيل في مسألة كهذه، إن لم تقنعني وبشكل أبدي لن أنقلب عليه ذات يوم، فلن أهديك كتابةً إطلاقاً، ولك ما تشاء دون ذلك،..

    حَدْ عناصر الروح تكون ماهيَّتها....... مذَّكرِك
    وحَدْ ما الأشياء تضل عَلَميِّتها.......... مودِّرِك

    في خاطري الذهاب إلى هناك، والسير على الأرجل من الساحل وحتى بيروت، أُريد أن أنام في شوارع مُحَلِّقة وغريبة، وعلى حواف القرى، ببوادي الزيتون، وتحت سماء معروشة بالنجم الصافي، لعلّ ذلك يُطَهِّر الدماغ والأعصاب قليلاً، ويريحها، من طول التفكير والتوتر والانشداد، عَلَّ ذلك يُريح محسن من محسنه المكرّر لبعض الوقت،...
                  

06-27-2005, 11:16 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    ملامح لأقوى شخصية "روائية ومسرحية -وجودية" مَرَّت على تاريخ سلطنة الفور وربما على تاريخ السودان،..
    كانت شخصية الأب الشيخ كُرَّا فارطة النبوغ، فطاردها الحسد حتى أدخلها في قبر،..
    في عام 1804م ماتت شخصية من أعظم وأغرب شخصيات سلطنة الفور القديمة، هي شخصية "الأب الشيخ محمد كُرَّا"،..
    هو من دعم بتدابيره تولية (عبد الرحمن الرشيد – المعروف في التاريخ بـ"اليتيم"، والأشهر بالعدل والتُقى والحكمة)، سلطاناً على السلطنة، وبالتالي نَصَّبه الرشيد في منصب "الأب الشيخ"، وهو منصب يكاد يوازي منصب السلطان نفسه من حيث قيمته ودوره،...
    والرشيد برغم عدله وحكمته، كان لا يتسامح مع الخيانة مطلقاً، فقد قتل كل من خانه، هو لا يظلم ولا يتعدّى ويتسامح مع الخطأ، ولكنه لا يغفر الخيانة بتاتاً، فقد قام بقتل زَوَانَة كاشف.. زوانة "الدخيل –كان من المماليك" وكان قد تآمر مع الفقيه الطَيِّب وَدْ مصطفى على إزاحة السلطان، وقَتَل معه الفقيه الطَيِّب وَدْ مصطفى نفسه، كما قتل زوجته الإيا كُرِي "أم حبيب"، التي طبخت له الخيانة، فقد أخفت أسلحة الانقلاب بداخل صحون الوليمة لعيزومة أعدتها للسلطان الرشيد، ولكن كل هذه الخيانات كانت تُحبط،..
    عندما كان "كُرَّا" مراهقاً أُدخل في جماعة (الكُورْ كُوَا) وهم فرسان القتال والمعارك، وهذا أيام السلطان تيراب –الباخوسي بامتياز- لحُبّه القعدات والفرفشة،..
    ثم ترقّى ليكون أميراً لجماعة "سومِينْدُقُلَه" وهي جماعة الأمناء على مصالح السلطان، وهي جماعة خطيرة المكانة في أيامهم، وحتى أيامنا هذه،..
    الرجل بدأ نبوغُه مُبَكِّراً، وأيضاً استعجلت معه حركة الحسد،..
    بدأت التهمة الأولى ضده بأنَّه يواقع محظية السلطان تيراب، فما كان منه إلا أن جَبَّ مذاكيره واستأصلها ليلقي بها أمام السلطان قائلاً: إنَّما قيل فِيَّ ما قيلَ لمصاحبتي لهذه، وهاأنا قد استأصلتُها لِئلاَّ يبقى في قلبِ مولاي مِنِّي ريب.
    وهو الرجل نفسه الذي اقتحم كردفال، وانتزعها من يد هاشم المسبّعاوي الشهير،..
    سيرته من أغرب السير التي قابلتني وأثراها وأكثرها غنى من الناحية الفنيّة، في النهاية تصل معه حركة الحسد المُطَارِدة له منذ صغره إلى فتنة بينه وبين السلطان "محمد فضل" بن "عبد الرحمن الرشيد"،..
    والمفارقة أنَّ الأب كُرَّا هو من نَصّب "محمد الفضل" سلطاناً، ولولاه لما أصبح حتى مجرَّد "حَنّانة"،..
    كان بوسعه أن ينتصر، وبسهولة جداً على محمد الفضل، ولكنه لم يفعل، وهنا سؤال الشرط الوجودي، لماذا؟
    لماذا هذه أنا سأجيب عليها من خلال مسرحية أُعِدَّها حول سيرة هذا الرجل،..
    بل هو اقترب من محمد فضل، أثناء المعركة، فليس بقدرة رجل أو فارس التصدي له، حتى أخذ الأخير يولول سيقتلني سيقتلني، ولكنه لم يقتله واكتفى بسبّه بابن العاهرة فحسب، لماذا؟
    ابن عمر التونسي يقول لأنّه تذكّر أفضال أبيه، ولكن كُرَّا الذي كانت له أفضال على الجميع، والوحيد الذي ليس لأي أحد فضل عليه،..
    الإجابة الثانية التي حاولها ابن عمر هي أنَّ موت "باسي" أخو الأب الشيخ الذي كان يطمح لتتويجه على السلطنة كما يقترح التونسي، كان هو السبب، بل ابن عمر صاغ بنية القصة كلها على هذا الأساس، ويمكن الدخول إلى قراءة المنطقة كلها من خلال كتابات أخرى، مثل الألماني جوستاف ناختيجال 1874م، و. ج. بروان 1793م - 1796م، وهنري بارت 1855م وغيرهم،..
    ابن عمر ليس بوسعه الإجابة على سؤال بهذا الحجم، هذه مسألة أكبر من تفكير ذلك الزمن،..
    هنا عبارة منقولة على لسان الأب الشيخ كُرَّا قبيل المعركة التي سمح فيها للآخرين بقتله، قال لرجاله: إنِّي قد كرهتُ الحياة، ففي غدٍ إياكم أن تقاتلوا، بل أدخلوني في الحرب وانجُوا أنتم بأنفسكم.
    هذا الرجل أراد أن يحارب وحده حتى الموت، لماذا؟
    أنا رجل أُحبُّ أن أُقاتل "العدم" مثل هذا الرجل، فلتتقدس الأرواح من جنس روحه الباسلة،..



    في تقاطعات هذه الذكرى، أيوة ثم أيوة.. لتسليم قتلة أطفال دارفور سَفَّاحاً تلو سفّاح، هَدَمة الإنسانية والوطن والأمن، لتسليم مغتصبي النساء، الشيء الذي قرأنا كتب تاريخنا كله ولم يصادفنا أبداً، المبتكرون في إجرامهم، الواهون ومتسلقو سلالم الدين الواهية مثلهم، شياطين الأقنعة، الأقنعة لها ولهم، عاصمة الثقافة في عام الرمادة والمذابح،..
                  

06-27-2005, 02:30 PM

توما
<aتوما
تاريخ التسجيل: 08-07-2003
مجموع المشاركات: 1466

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    محسن المتجدد

    تحياتي

    حالفني الحظ ببدايه موفقه مع القائمه القيمه

    شكرا بإمتنان

    وما زلت اقرأ هنا باهتمام متجدد ايضا
    أكتب ..

    عن القديسه قرب الساحل حيث يقيم ايضا" شيطان ما " كما نعته الاصدقاء , ويدور القلم غربا حتي دارالشيخ كُرَّا ..وتبا للظالمين

                  

06-28-2005, 11:34 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: توما)

    وتقديري يا توما،..
    ها نحن في السيرة، وتتواصل، ليتسع فضاء الكتابة الخجولة والمتغشيّة ليصبح أرحب للإنسان وجُوّانيته أولاً، ولفنّه ثانياً،..
    وإعزازي،...
                  

06-28-2005, 03:00 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    ود خالد، المحسن حياه الغمام ـ على حد تعبير الراحل ود المجذوب، محمد المهدى. بصراحة لم اشرع فى قراءة كتاباتك الغنية هنا الا قبل ايام فقط. كل يوم اقول بكرة. منذ شهور خلت. تسويف يعنى. وكنت اول ما انتبهت الى تميز كتابتك عندما قرأت لك قصة فى مجلة( كيكا)http://www.kikah.com منذ عام او شوية. وكنت نقلتها هنا فى بوست لطلال عفيفى، واهديتها له، مكافأة له على نشر الجمال باسلوبه المتميز هوالاخر. وكل يوم يتأكد ان مواهبكم، يا شباب، مدهشة، وسعة افقكم، واطلاعكم، وسلاسة اساليبكم، مما يجعل الواحد فينا، يقترب من الكفر بالقول ( هم احسن منى بى شنو؟)!!
    هم/أنتم احسن منى بما لا يقاس. البون شاسع.

    ولقد وقعت على قصة اخرى لباولو كويليو، الكاتب الرازيلى المشهور. هى احدث ما كتب. ولقد وجدتها مترجمة الى اللغة العربية هنا http://www.paulocoelho.com.br/ozahir/livro/arab/zahir.pdf
    أتمنى أن تضيف لفن الحكاية، والقصقصة! دى ترجمتى للمصطلح الانقليزى story-telling

    واخيرآ ادعوكم الى الاستماع للقسم العربى فى اذاعة البى بى سى من لندن. هنا لندن. ساعة (بيق بين) تشير الى تمام اندلاع الدماغ بالسائل الاصفر، المجلى مثل الذهب. السائل الاصفر ذو الكرامات!

    http://www.bbc.co.uk/arabic/gulf28.ram
                  

06-29-2005, 02:31 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Adil Osman)

    Arbab

    Dear Muhsin
    for a long time i have been writing in this board only when it is no longer possible not to . now , i have long been reading all your writings here , and i think you are the best i heve ever read for in our country ... this is not just to say and encourage , but it is what i truely feel right now . it is very annoying when i read some saying that you are the best occurance in sudan after Altayb Salih ! with all the respect to Salih , i think you are realy well a head of all not only him but all what has been written so far in arabic . Altayb is one of the best , but is he the end stone where everybody shoud hit his head and end stuck ? well , here you are just jumped that stone and have gone your own way . ...that did not destroy the stone or even try to move it from the way , but merely took another direction to us .....what is wrong with that ? our problem as a nation is with icons and whow to have more than one of them in the same line or in competition for the best . that , i think is related to the way we have been dealing with things , like one man to rule our comlex country , one party is the majority whatever happens in the political mapping of the sciety , or our village Imam is the best of the men whatever cruel things we know about him and his likes ...... anyway , i think you are the best regardless of icon-phobia some are trying to put you through .
    thanks for the pleasure you create here .... when able to write in arabic i will be more clear about iconisation ...and it"s roots in our life and how it is used to suppress our space which remain empty for your likes to fill and and start looking for more and more spaces to fill . we enjoy you

    Arbab

    الأخ أرباب،..
    تحياتي ومرحباً بك مطولاً،..
    المحبَّة نبادلك إياها هيناً بهينين، والأمنيات الأجمل بيننا،..
    أرجو أن أستحق تتويجك لي، وأن أكون سيرةً يعمر بها دفتر بلدي عن حق وعن كفاح، كما أرجو أن لا تكون تلك الصخرة صخرة سيزيف،..
    وأن أبلغ بها قمةً ما، قبل أن تبلغ بي هي دَرَكاً أو غيهباً في ثنايا الأرض،..
    المحبة لك يا رجل، وأمنيتي عليك أن لا أفتقدك هنا، وكن بخير،..

    Adil Osman،...
    شكراً يا أخي، ومثل هذا الكلام الجميل بدخّلنا في أضافرين الغناوي كما يقول محبتنا عاطف خيري،..
    أنا لست بارعاً في الانترنت وأحتار في سحركم يا صديقي، بالرغم من أنني أعمل في نفس الورشة التي تنتج موقع "الورَّاق"، لكن نحن ناس الكبانية، بس بناولن الكلام مبربح ومجهّز وبعد نلخ مونته، والباقي علي أسطوات الهواء،..
    وإنت دا الأحسن منا بما لا يُقاس، الذي يعطي الناس بريقهم هو الإنسان الحقيقي–الشمس، وما نحن إلا مجرَّد أجسام ماهرة في عكس ضيائكم،..
    أشكرك على باولو، معي الآن كل مجموعته "المترجَمة"، وسنعالجها ما وسعنا العمر،..
    كيكا موقع جميل، وصمويل صاحب هذا الموقع أكثر جمالاً ورُقياً منه، هو صديقي وصديق السودانيين، وأنا أشكره باسمكم، لأنه من الرجال المعنيين بالأدب لقلب وعقل الأدب، بعيداً عن الانحيازات والجهات، ولطالما جاء مفتشاً في إثر الكتابة السودانية والمورتانية والليبية -الجهات الأكثر مظالماً- وشكري له لهذا أوَّلاً قبل أن أشكره على نحو شخصي، لأنَّه من المؤمنين الكبار بموهبتي، ولأنَّه قد خَصَّص مادة العدد القادم من مجلته "بانيبال" –المصدَّرة من لندن، لنشر أعمالي المترجمة للإنجليزية، فتحياتي له باسم القلم السوداني،..
    وشكراً أخي عادل عثمان، وكن بخير
                  

06-29-2005, 11:28 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)
                  

06-30-2005, 02:21 AM

HAMZA SULIMAN
<aHAMZA SULIMAN
تاريخ التسجيل: 04-20-2002
مجموع المشاركات: 3278

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    الاخ الحبيب محسن خالد
    تحياتى
    حد عناصر الروح نص اتفقنا عليه ولاقى مكانا وجدانيا فينا
    لذلك حد عناصر الروح تكون ماهيتها متذكر قعدتنا معا وقراءته
    حرفا حرفا ومعنى
    لك منى المنى ياالحبيب
    واعدك بتلحينه
    تحياتى
                  

07-01-2005, 04:24 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: HAMZA SULIMAN)

    Adil Osman،..
    تحياتي، وتشكر يا زول حبيب وفنجري،..



    HAMZA SULIMAN،...
    تحياتي يا رجل حريف موسيقى إنت، أنا و"القديسة" ننتظر، لحناً راقياً وراسخاً مثل "باب السنط" وإخوته، لندندن معك ولننسرح كطير طليق مع موسيقاك الراقية،...
    في الوداعة، وأبقه 10 و20 عليك وعلي كلمات القديسة،..
    خليك بخير، أبداً بخير،..
                  

07-07-2005, 02:25 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Samer Osman،...
    محسن محسن أم تشابه أسماء ..؟؟
    أنا سامر حسن

    مرحباً بك يا سامر، وتحياتي،..
    لو كنت تعني بمحسن محسن، محسناً تعرفه، فأنا محسن خالد،..
    ويبدو أنني أصبحت رجلاً عجوزاً،...
    تحياتي لك يا رجل، وذكّرني لو كانت لنا تقاطعات في هذه الحياة،..
                  

07-12-2005, 05:23 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    kostawi،....

    تحياتي يا رجل، ولك الود،..
    لقد بحثتُ عنه واعتقدت أنَّه اختفى، يظهر إنو دا حصل في الوكت الأنت نهرتو فيهو قِدّام،..
    شكرا يا رجل، ومحبتي
                  

07-13-2005, 00:16 AM

اشرف السر
<aاشرف السر
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 1563

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    للرفع حالا.....
                  

07-13-2005, 06:29 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يا طيب مصطفى عند المحن!!! (Re: اشرف السر)


    فحيث أن الهندي حسبنا ضمن قائمة الشرف، ووجه لنا بعتبارنا مشجعي "محسن خالد"،
    Quote: إلى مشجعي «محسن خالد»
    إنهالت علينا بذاءات وحماقات مناضلي «الكي بورد» وأبطال النت، الذين حينما سقط «التجمع الوطني الديمقراطي» في امتحان الديمقراطية والنضال، تحولوا الى «تجمع» آخر ورقصوا «عشرة بلدي» في ملهى «محسن خالد» الليلي المخنوق بدخان «البنقو الفاهم».
    .....


    إن كان في الأمر كناية لفظية، فأجل، فقد أدمنا بنقو محسن خالد الفاهم، وقبلنا قال نزار قباني في مقدمته لرواية أحلام مستغانمي "ّذكرة الجسد"، أن هذه الروايه قد دوخته، وحيث "لفاهم" قسمة ونصيب، فعدم الفهم أيضا قسمة ونصيب، ويبدو أن هذا "الهندي" كان نصيبه وقسمته "من عدمه" كبير.

    وفي مقاله كثير مما يفضح هذه القسمة، ومحدودية الفهم، وتأملوا إلى من توجهت نديهته عند المحن، الطيب مصطفى...وعبدالحي يوسف، وفي هذه الايام تحديداً، أي بعد التاسع من يوليو.
    أخوي خالد عويس زولا ما بيعرف يقرأ الراهن ويستشرف الغد القريب، ما بيستحق تصل ليهو لغاية خشم الباب، وتقول لي ماشي تناظره.

    محسن معليش كنت آمل أن انزل هذه الصورة فيكلام سمح بلحيل، لكن جنس ديل ما بيخلونا.
                  

07-13-2005, 11:40 AM

Osman M Salih
<aOsman M Salih
تاريخ التسجيل: 02-18-2004
مجموع المشاركات: 13081

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    الأخ محسن خالد
    تحية وبعد

    هي المرة الأولى التي أطرق فـيها
    على الكـيبورد. سبقـتها سلسلة
    مطالعات متـفـرقة خرساء
    لأعمالك المنشورة في هذا الموقع
    الهدف من هذه الزيارة
    وضع توقـيعي في قائمة قـرائك
    الكرام في الوقـت الذي تحاول فيه
    السطة الحاكمة في بلادنا وضع سدٍ
    بينك والجمهور

    نصحٌ متواضعٌ يأتيك من شقـيق عـبر
    أهـوالاً وخرج منها مستقـيم الظهر

    صادق قلمك في السراء و الضراء
    ولا ترهـنه يعنك على البقاء
    و السلام
    عثمان محمد صالح
                  

07-13-2005, 05:30 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Osman M Salih)

    أشرف السر،..
    تحياتي، وما بيناتنا زي ما إنت عارف،..
    نحن راسمنو معاً، تحت شجرة الأولمب،..
    أهو، بنذكّرك، الأيام شتَّت ونحن شتّينا معاها، ولسه نحن ماشين بنفس العرج، بدون موسى حسن وهيثم خالد وكاظم الزعيم وكمال مصطفى والصحابي الصادق وناس تانين،..
    بقه ما بيناتنا،...
    ومحسن خالد هو محسن خالد، بس فاقد الكولينغ تحت الشجر عشان الناس دي تشوف السماء بتناول الناس الكلام كيف!
    قلنا نكتب زي زمان،..



    nadus2000،....
    نادوس يا حبيبي،..
    لو تعرف محسن خالد من مشجعيك إنت في رقبتك دي،..
    تلك قصة عجيبة ادَّرعتني غصباً عني، وما بيناتنا،..
    أها أبقه طيِّب، وفتَّك عافية، وما تنقطع باقي قاعدين نتوحشّك آلشريف،..
    وبالسلامة يُمَّة وأنا أراني مشيت،..


    Osman M Salih،...

    أنا أُحييك يا رجل، ولك تقديري الخاص ومحبَّتي، والود،..
    لكرمك ونبلك، ومن قبل لقلمك،..
    وهذا يوم حبيب الذي جاء بك إلى حارتنا هذي،..
    ونرجو أن نتكاتف جميعاً لنُلزم هذه الطغمة بنابرها الواطية،..
    فنحن جميعاً كأشخاص لسنا بمهمين، ولكن فضاء الكلمة هو المهم والأساس،..

    هذا النصح الكريم منك أنا سأجعله سلسلة في عنقي، وتبقى المحبَّة بيننا يا أخي،..
    وكامل السلام والتحايا،..
                  

07-15-2005, 08:22 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    فتحي البحيري،..

    شكراً جزيلاً يا رجل،..
    وتحياتي،...
                  

07-15-2005, 08:53 AM

hala alahmadi

تاريخ التسجيل: 02-23-2004
مجموع المشاركات: 1398

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    in solidarity

    be well Mohsen
                  

07-16-2005, 03:27 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: hala alahmadi)

    hala alahmadi،...
    تحيات يا عزيزة، وكوني بخير أبداً،.
    شكراً لك، أبداً،..
    ومحبتي،..
                  

07-16-2005, 04:32 PM

عبير خيرى
<aعبير خيرى
تاريخ التسجيل: 02-12-2004
مجموع المشاركات: 2440

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    .




    style="FILTER: GLOW(color='red', strength=#+6)">



    فوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووق




                  

07-17-2005, 02:07 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: عبير خيرى)

    عبير خيري،..
    أبداً السلام يا عزيزة،..
    ولك محبتي، وفاره الشكر،..
                  

07-17-2005, 02:55 AM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    محسن خالد


    تمنيت لو كنت املك شبه التفرغ الماضى لمتابعة الاحداث والمشاركة فى "كلام الحياة" الموصول المتاح فى هذا المكان الضوئى..

    لاكتب لك عنك ولهم عن عتوهم...

    لكن ..فقط فى عجالاتى هذه..دعنى اهمس "فى ودنك"
    هل سمعت بالثقوب السوداء؟؟ يقول علماء الفضاء انها دوائر مهلكة فى الفضاء لها جاذبية عالية تحذب اليها كل العناصر التى تعبرها ..فتبتلعها..حتى الضوء لا يقاومها ..تصور انها تلتهم الضوء "وتقعد" ....وفى العالم ثقوب سوداء "بشرية" تلتهم المال والرجال والعرض ..والضوء " وتقعد"

    اكتب

    نحن لا نملك غير الوقت

    والوقت متخم بالمعايير والتناقض ..وكلما انبت الزمان قناة.. وسطوة "المرء" واحتقان النوايا


    والوقت هو عبور الضوء من المشرق الى المغرب .....مرورا بمصانع الذخيرة والبنوك والثقوب السوداء .


    والثقوب السوداء لا تقاومها الا العقول الجميلة ...


    لقد انبتك لنا الزمان الاخضر قناة..

    فهل نترك "المرء" بعد كل هذه التكنولوجيا والوعى والانتشاء بقراءتك المبصرة ..ان يركب سنانا ويغرزها فى "كبد" اختيارنا لما نريد ان نقرأ

    وما تريد ان تبنى؟؟

    هل يمكن بعد تفجير الاف العربات المفخخة وموت ملايين الابرياء ..وبعد الكشف عن عشرات الصفقات السرية المخجلة ان نقع فى فخ الكلام المزيف الذى يريد ان يسكتنا باسم الله ..عن كون الوجود ..جميلا..

    تعلمت ان العالم هذا لا يعقده الا التوفيقيين. ..والوسطاء

    الادب سيظل ادبا ...and business is business

    تبا للمأجورين ..والمشركين بدور الفن والادب

    وللكتاب الناصحين.مثلك ....عبير الياسمين

    وكما ظل يردد الجميل الغائب اسامة الخاتم

    لك الياسمين وللحاسدين الرماد

    لا تحزن يا صديقى ..فان الله الذى خلق الخير والجمال معنا..


    واعلم جيد ا انك لن تساوم...

    امسك اليك قارئك النبيه...


    ولنعبر جميلا مناطق الثقوب السوداء الى براحات الخير والسلام ...وان طال السفر
                  

07-17-2005, 04:49 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    "There is nothing more frightening than active ignorance."
    -Goethe
                  

07-17-2005, 11:17 AM

عبير خيرى
<aعبير خيرى
تاريخ التسجيل: 02-12-2004
مجموع المشاركات: 2440

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    تاااااااااااااني جيت
                  

07-18-2005, 02:14 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: عبير خيرى)

    Tumadir،...
    طمطم الفنَّانة، إزيك،..
    شكراً على الحلاوة كلها، والذوق،..
    يا طمطم باقي إنت فالحة في اللغة جَبَدك أبونا شيخ الدين عليه الرحمة،..
    الناس البتشتر بالحجار دي كلها قصتها شنو مع الكلمات البكتبوها بالزاي والذال، أنا مصر علي الموضوع دا لأنو زمان سمعتنا بتاعة المكاواة كانت اللخبطة بين نطق (القاف) و(الغين)، هسي أحداث التهجم علي محسن خالد طلّعتلنا سمعة جديدة، اللخبطة بين (الزاي) و(الذال)، أنا بضحك لدى النكتة دي لأنهم ياهم ذاتن ناس عروبة إسلام وبالعكس،....
    البزاءة،..
    الابتزال،...
    الرزيلة،...
    حزف،..
    إذالة،..
    ولاحظيها معاك عليك الله،...
    باقي ناس (عروبة إسلام وبالعكس ديل) بحنننو،..

    Adil Osman،...
    تحياتي يا حبيب،..




    ياه يا يا رجل لقد عدت بي للوراء كثيراً، لدى رؤية عميقة وقوية كنت أحملها، عن active ignorance..
    فقد اعتدتُ دائماً على تصنيف الجهل إلى: (الجهل المحارب)، و(الجهل القابل للتعليم)،..
    المجتمعات المتخلِّفة والرؤى المتخلِّفة، محاربو الحضارة، محاربو الحداثة، وو إلى آخره،..
    كل هؤلاء ينتجهم (الجهل المحارب)،..
    هناك مثل، كان قد أورده أحد الزملاء وإن بصورة مخطئة قليلاً، يقول المثل: (رازَّة ونطَّاحة)، ورازة يعني واقعة في الأرض، وجات منها قولة (فلان دا رزية) ويقصدون بها البهيمة تكون مريضة أو داخلالها شوكة في رجلها، وإنت تجي تطلعها منها تنطحك،..
    زميلنا في البورد كان كاتبها، (غارزة ونطاحة)، وبرضها بتديك المعنى، في جغرافيات تانية، البتكون فيها الرعية في مناطق مطرية، البهيمة تغرز في الطين، وياهو تجي تساعدها في المروق تنطحك،..
    يضحك صباحك،..


    عبير خيري،...
    إزيك يا بتي الحلوة،..
    أمَّا إنك لصيصة وشعيتة بصحيح،..
    أنا بحييك، وأُحيي بسالتك، يا بت يا نيل،..
    كتالك هنا دا ذَكّرني عَمَّة لي اسمها "دار السلام"، المرة دي هَوَّاشة وفرسانة فراسة ما بعدها، تسمع الدلوكة تقول لأخوانها (في بطن حوشن) جيبو السوط، تبرِّك الناس دي كلها كُرباج، امرأة معروفة بالقوة وقولة النصيحة، وأرقّ إنسان شوفتو في حياتي،..
    والله ذَكّرتيني ليها،..
    معروف إنو أبوها كان زول حباه الله بقوة بدنية كبيرة، لما يجر مركبو علي القيف، ما في زول بقدر بجي ينزلها الموية غيرو، مركب صيد من النوع الكبير،...
    إلا بتو دار السلام دي، تتناول المركب الماكنة دي من رأسها.. وكَرَّة واحدة بس لمركب علالتها تقوم نُص البحر،..
    يلا يا عبير... جُرِّي مراكبك في البحر، وكوني (نوح)


    وكوني "نوح"
                  

07-18-2005, 12:51 PM

عبير خيرى
<aعبير خيرى
تاريخ التسجيل: 02-12-2004
مجموع المشاركات: 2440

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    .

    محسن يا جميل إزيييييك

    جيت تاااااااني لكن جيتي للتنبيه

    بجيك راجعة للكلام معاك

    وتسلم


    عبير خيييييييييري
                  

07-20-2005, 03:37 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: عبير خيرى)

    عبير خيري،..
    يلا يا ستي، ألف حبابك،..
    والمحبة لك، وأيضاً التقدير،..
                  

07-20-2005, 03:45 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)



    هللويا..... هورا.... هورا.... أو الله أكبر،..
    كان ينتني سيف، وألا ينتني قلم،..
    (هللويا...
    هورا... هورا)،..
    كلمات محاربين شرفاء، ومخلصة للحرب فحسب، كلمات كانت تعبِّر عن البشري مباشرة، دون وساطة أو (قناع)،..
    الله أكبر في معسكرين،..
    الله أكبر مع مُحَطِّم الأصنام الإمام علي بن أبي طالب (كَرَّم الله وجهه)،...
    والله أكبر، منزوعة من كتابها، على رؤوس الأسنَّة لدى البكباشي عمرو بن العاص، قائد جيوش الأُمويين العنصرية وجيوش الجنرال (معاوية بن أبي سفيان)،..
    الجنرال في طريقه إلى عرش ملكي، وراثي، يغوِّض به خلافة المسلمين نظام ديمقراطيتهم البسيط،..
    ألا خسئت قلوب الباطل، التي تقصد المآرب الخاصة بصيحات الحق،..
    ألا خسئ محاربو الإمام، وأنا الإمام والإمام أنا،...
    أنا الإمام والإمام أنا،.. كلمة حرب هي الأخرى،..
    وما هي بكلمة "حمدان بن قرمط"، القائل:
    أنا بالله وبالله أنا، يخلق الخَلْق وأفنيهم أنا،..
    أنتم يا أعداء الديمقراطية والإنسان، قَتَلَة الإبداع،..
    وما الأصنام؟ هي رُهاب الكشف،..
    هي أسطرة اللغة بالمقلوب،..
    هي تحقيق اللغة المتوهمة، وتوهيم اللغة المتحققة،..
    لم تخلقوا شيئاً لتفنوه، ولن تفشوا هزيمتكم في الخرطوم بهزيمتي أنا،...
    أنا الإمام والإمام أنا،...
    وكلوا، إنها ليست آلهة، إنها "عَجوة" فحسب،..
                  

07-20-2005, 05:24 AM

samwal ebrahiem
<asamwal ebrahiem
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 679

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    صديقي المبدع محسن خالد الزول المليان جمال

    أولا أرجو أن تعذرني لحضوري المتأخر للوقوف معك في هذه الحرب
    ولكن كل ذلك لظروف خارجة عن إرادتنا وأنت تعلم ذلك وهي المشغوليات يا صديقي وليس إلا

    لن تُهزَم أبداً في حربك معهم لان إبداعك اقوي منهم واقوي من جميع الأسلحة الموجودة علي وجه الكره الأرضية ، أذن يا محسن يا مبدع الكلمات هي حربنا ضد الحرب ، لذلك أقول لك اكتب كمان وكمان يا محسن يا فنان

    أرجو الاتصال بي اقرب وقت ممكن
                  

07-22-2005, 06:11 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: samwal ebrahiem)

    samwal ebrahiem،...
    العزيز سموأل، إزيك يا صديق وماك طيّب أرجو أن تكون بخير،..
    ولا تثريب عليك، كلنا نعرف المشاغل وسوء ظروف الحياة،...
    أرجو أن أسمع منك أكتر وأطول،..
    وأغلى التحايا ليك،..
    بيناتنا حس الكلام،..
                  

07-22-2005, 01:14 PM

Ibrahim Malik
<aIbrahim Malik
تاريخ التسجيل: 04-28-2005
مجموع المشاركات: 73

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Dear Mohsen and all participants,
    I hope you're doing well. Let me say that the effort spent in your novel is unquestionalbe. The novel is attractive though does not seem to go on the conventional track, probably, most sudanense recognize. I beg to disagree with the general trend of the language utilized in the novel. I do support realizm as a profound trend not only in novels and litreature but as a tool in addressing all political, social and cultural dilemas. Again, I think the novel could have been way better and achieved the same effect with less "inappropriate words". I wish you consider that in your future work. Accept my deep regards and respects.,
                  

07-23-2005, 01:35 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Ibrahim Malik)

    Ibrahim Malik،...
    تحياتي يا رجل ومرحباً بك،...
    واحترامي،...
    أشكرك على نعتك العمل بالجذَّاب والمتعوب عليه،..
    وأحترم جداً تحفُّظك على لغة العمل، لأنَّ الدخول إلى أي عمل مسألة ليست فنية وحسب، بل هي مجموعة من الأُسس والتفاعلات بالغة التعقيد، تختلف من شخص إلى آخر، بل حتى بالنسبة للشخص نفسه تختلف من لحظة لأخرى،...
    ولكني أرى في حديثك عن الواقعية تناقضاً كبيراً، فبالفهم البسيط للواقعية شخصية (العريبي) على سبيل المثال ليس بحوزتها لغة عدا تلك التي تحَدَّثت بها، ولو محسن خالد قام بأي إحلالات لغوية أخرى على لغة العريبي، انتزع بها لسانه وأبدله بآخر يخص شخصاً مهذَّباً لا علاقة له ببيع الطلح والكليت، سيصبح الموضوع سوريالياً، إذن هنا وبتقدير يخص نظرتك فحسب، اللغة واقعية جداً جداً، وليست (مجليَّة)، يعني في منهجك الفلسفي وما طلعنا منو شبر،..
    ودي كدا بالضبط بتصبح جملتك: (مواجهة شتى المعضلات السياسية و الاجتماعية و الثقافية)، وبشنو؟ بلغتها، ما بأي لغة أخرى تخلينا نلوص في مكان تاني، ما عندو علاقة،..
    ومن روح كلامك العامة، المتسامحة، والتي لها رؤيا تُريد أن تقولها، والمُحِبَّة، والمعترفة بما في العمل من جمال وتعب، أنا قدّرت إنك كلمة (غير لائق) دي ما قاصدها، زي ما آخرين قصدوها، لأنو حسب رؤيتك لائق وما لائق بتتحدد من خلال الواقعية نفسها، المبنية على لغة الشخصية المتحدَّث عنها،...
    وبالتأكيد يا أخي، أنا أسعى بين كل عمل وآخر، للتجديد، ولتفادي العثرات كما أسماها (بشرى الفاضل)، والموضوع كلو عندي موضوع تعَلُّم ومتعة، وأعدك بمراجعة نفسي كثيراً حول العملين المنشورين، وبمراجعة واعتبار آراء الناس حولهما، هذا شيء أكيد،..
    وتبقى المحبة بيناتنا يا إبراهيم،...
    وأريتك طيّب وعافية،...

    (عدل بواسطة محسن خالد on 07-23-2005, 02:06 PM)

                  

07-25-2005, 09:28 AM

Ibrahim Malik
<aIbrahim Malik
تاريخ التسجيل: 04-28-2005
مجموع المشاركات: 73

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Dear Mohsen,
    Thanks for the answer and for being so objective and considerate. You konw Mohsen, we are amid an extremely sensetive period of our cultural and politcal history. What marks this period is ideological and political polarization. In being realistic, the cornerstorne is to address the cultural and social soils we are standing on, courageously. In civil engineering, buildings and everythinhg resting on the ground may sink down if the underlying soil loses its strength, an unfavorable condition called liquifaction. I appreciate what you're doing..you're a young thinker who has liberated himself from lots of psychological and ideological fears..but on addressing the vast majority of the sudanese people, I would be more conservative in tackling those issues by the same "naked" approach, to avoid political liquifaction. Let me confirm, Mohsen, that I totally disagree with people who try to install themselves as guardinas and protecters of morals and values..a wide-disputed issue. Again my concern is more focusing on attracting more young people to the area of free thinking, fearless approach of all dielemas and tolerence. These targets might have been shaken when reading your novel. The reasons may be the ultra-realistic approach of your novel and the unfair maliceous attak organized by the enemies of humanity and free thinking targeting your novel. This attack would, unfortunately, add, to their side, some young people who have not yet deciced their ideological and political orientation, particulary when taking in consideration the religous and ambigous atmosphere in Sudan.Some people may also argue that this is not what novels for and that might apparently seem correct, but in the long term: novels and litreture have an immeasurable and sometimes irrevocable effect. Once again accept my heartfelt greetings and keep up the good work..
                  

07-24-2005, 02:14 AM

محمد السر

تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Quote: الذي يُعين الساعات عادة على الانضباط لأطول فترة ممكنة، ليس خلوِّها من المواد القابلة للأكسدة، وإنما خلوِّها من الانتظار والترقب. فالمتأكسدات جميعها، ناساً ودواباً وأشياءً يهلكها انتظارها الدائم لواقعة ما، أما الساعات هذه فتوجد لكي تضبط عليها كل الأشياء انتظارها فحسب. "اللاانتظار" مسألة من صميم العمر إذن.


    برق اللغة دليل الى نفس تبرق.
    نوري الجراح

    (عدل بواسطة محمد السر on 07-24-2005, 02:17 AM)

                  

07-24-2005, 11:39 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محمد السر)

    محمد السر،..


    المحبة يا رجل،..

    إنت حَفّار كلام شاطر بالجد يا محمد،..
                  

07-25-2005, 09:33 AM

Ibrahim Malik
<aIbrahim Malik
تاريخ التسجيل: 04-28-2005
مجموع المشاركات: 73

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Dear Mohsen,
    Thanks for the answer and for being so objective and considerate. You konw Mohsen, we are amid an extremely sensetive period of our cultural and politcal history. What marks this period is ideological and political polarization. In being realistic, the cornerstorne is to address the cultural and social soils we are standing on, courageously. In civil engineering, buildings and everythinhg resting on the ground may sink down if the underlying soil loses its strength, an unfavorable condition called liquifaction. I appreciate what you're doing..you're a young thinker who has liberated himself from lots of psychological and ideological fears..but on addressing the vast majority of the sudanese people, I would be more conservative in tackling those issues by the same "naked" approach, to avoid political liquifaction. Let me confirm, Mohsen, that I totally disagree with people who try to install themselves as guardinas and protecters of morals and values..a wide-disputed issue. Again my concern is more focusing on attracting more young people to the area of free thinking, fearless approach of all dielemas and tolerence. These targets might have been shaken when reading your novel. The reasons may be the ultra-realistic approach of your novel and the unfair maliceous attak organized by the enemies of humanity and free thinking targeting your novel. This attack would, unfortunately, add, to their side, some young people who have not yet deciced their ideological and political orientation, particulary when taking in consideration the religous and ambigous atmosphere in Sudan.Some people may also argue that this is not what novels for and that might apparently seem correct, but in the long term: novels and litreture have an immeasurable and sometimes irrevocable effect. Once again accept my heartfelt greetings and keep up the good work
                  

07-26-2005, 06:57 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Ibrahim Malik)

    Ibrahim Malik،...
    تحياتي يا رجل ومرحباً،...
    كلامك دا هنا أنا فهمتو تمام،..
    كلامك الفات فهمت منو الواقعية بمعناها المخفّف، كدا إنت بتجرنا إلى الواقعية كمدرسة، أو بالأحرى كمدارس،...
    (الواقعية النقدية)، وهي مدارس ورؤى أهل تصنيفة (الغرب) وهذه لن تقف معك في رؤيتك،..
    (الواقعية السحرية)، وهي مدارس ورؤى اللاتينيين، وهي أيضاً لن تعزز ما ذهبت إليه،..
    (الواقعية الاشتراكية)، وهي مدارس ورؤى الاشتراكيين حول الآداب والفنون، وهي التي تساند نظرتك مائة بالمائة،..
    بمعنى مراعاة أشياء خارج النص من داخله، أنت تقول ما معناه أنّ المرحلة الحالية التي تمر بها ثقافتنا –يا ريت لو لم نخسر فيها بعض الشباب، لمجرد عبارات حادة كان يمكن الاستغناء عنها، وكسبهم في حقل المفكر الشاب محسن،..
    وهذه الاعتبارية هي بالضبط ما يصنّف كلامك في حقل (الواقعية الاشتراكية)،..
    وأنا لست نصيراً لأي واحدة من هذه المدارس،..
    على كل حال، أنا أحترم نظرتك، لأنها منطلقة من مفاهيم فنية هي الأخرى، وليست قيمية معيّنة لمجرد ألفاظ، يبقى الود والحب بيننا يا صديقي،..
    ويبقى احترامي لرؤيتك ولرؤيتي،..
    فلك التحية أخي إبراهيم،...
                  

08-04-2005, 12:40 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    العلوم والفنون والآداب هي حيلتنا تجاه تغيير الحياة والإنسان،...

    يبقى المسعى على الدوام، والناس يذهبون،...
                  

08-05-2005, 01:55 AM

الصادق اسماعيل
<aالصادق اسماعيل
تاريخ التسجيل: 01-14-2005
مجموع المشاركات: 8620

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    العلوم والفنون والآداب هي حيلتنا تجاه تغيير الحياة والإنسان،...

    يبقى المسعى على الدوام، والناس يذهبون،...




    إذاً فلتكتب يا صديقي ولا تتوقف لحظة
                  

08-06-2005, 08:25 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: الصادق اسماعيل)

    الصادق إسماعيل،..
    الحبيب والصديق، والجميل،..
    عارف الأيامات دي بس دارجني المرض، لكني مصر أجي وأناوش الدنيا،..
    تحياتي يا زول فنّان،..
                  

08-08-2005, 10:44 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    كاليم أُوقظ حياتي، وأمضي في الموج دون أن أنتظر،..
    العواصف تضرب رجلي، والنوارس تتخطّف مشيتي،..


    تيموليلت، الكائن المبلول بالموسيقى، يمشي وتم ترم تررم.. تنقِّط،..
                  

09-08-2005, 11:49 AM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    اخونا الشقي محسن

    سلامات يا زول يا رائع

    وينك

    هل تم حظر الدواخل
    وباتت اللغة من الممنوعات

    ام تم فرض مرسوم رئاسي ينادي بفرض الحجاب عنوة علي الكلمات

    ام ماذا يا تري ؟؟؟

    لي ودي الأبدي
                  

09-18-2005, 04:44 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: ahmed haneen)


    ahmed haneen،...
    إزيك يا رجل،...
    وسلامي المطبوق والبقلد محنّة محنّة،..
    تتفك عتاريس وتقع تانية، ياهو حال الدنيا،...

    غايتو كل ما نرجوه أن يتحرر الداخل -وهو الشيء الوحيد الذي نملكه- ويقدل دون كتاف أو قيد، مادامت الدنيا ملأى بالسجانين وبكلابهم،....

    كن بخير أبداً، وسلّم علي القلب بالوعود والحلم، كل ما زاغت فيهو نهنهة،...
    وسلام







    تنبيه

    الأعزاء وأصدقاء هذه (الحادثة الكتابية) أرجو منكم جميعاً أن لا ترفعوا هذا البوست مع ارتقابٍ لي (أعني وشيكاً)، فأنا سأتغيَّب قليلاً، كما أنني في وضعية لا تسمح لي حالياً بالمتابعة،..
    ومن شاء أن يُلبس هذا البوست (فستان عيده) لوجه عيد الكتابة، فهو حُر،...




    ..
                  

10-04-2005, 01:01 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    ..





    قسيس الطبيعة





    أميرة الشرَّانية





    تمددت مسنداً ظهري للحائط المنخور، تعلوني ستارة مغَبّرة وكقطعة الخيش. لونها لبني. تغطي نافذة محفورة في منتصف الحائط تماماً، جذبتها. اتضحت الصور بداخل الألبوم الذي أمامي. غَيَّرت وضعي كي يتناسب انعكاس الضوء من الخارج مع انعكاس البلاستيك الشفاف الذي يُغَلِّف الصور. طالعت نفس الوجوه التي رأيتها من قبل. لا أحد مختلف ولا أحد ملَّ جلسته أو وقفته. ليت لي صبر الناس في الصور. ضجرت. لو قلت لعفراء ابنة أخي هذا الكلام ستزعل. ستعتبره نقداً يتعلق بألبومها ومقتنياتها. سألتها مرة عن فوتوغراف،..
    "صديقتك هذه يا عفراء...".
    "الواقفة أم الجالسة؟".
    "أعني الواقفة، هذه، أم خمار أسود".
    "مالها؟".
    "رقبتها معقوصة كمن عضته حشرة، أنتظرها تحك جلدها ولكنها لا تفعل".
    "حرام عليك يا عمو، هذه أكثر واحدة ذكية في الفصل، لا تسخر منها".
    "طبعاً طبعاً.. واضح جداً".
    الملل، وهذه الهوَّة العميقة بينك وبين الناس. هؤلاء الذين يعيشون على التعرُّف الفوتوغرافي وذاكرة المكان. هذا وجه فلان وهذا شارع علان. رميت بالألبوم بعيداً. في مثل هذه الحالة يخنقني شيء كالزبد وأصبح كالخائف أو الذي يتحاشى مكيدة أو فضيحة ما أو ... يكون وسط الصدر معضوضاً. ساقية الدم. حيث تُترجم الأحاسيس للشعور بها. عند أكبر حارات الدم بالضبط قلت زافراً:
    Once Upon time there was A giant...
    أقول هذه العبارة دائماً للتنفيس حينما تشتد أوجاعي. أقاوم بها أو بأي مقطع شعر رباعي للشاعر "الهمباتي" -شاطر الطريق- "الطيب ود ضحوية" أو رفيقه الآخر "طه الضرير" أو "ود الفكي". الصعاليك وشُطَّار الطريق، حفظة القرآن والشعراء في آن واحد. أو لجدهم الأكبر في جزيرة العرب "الأُحيمر السعدي" المترنِّم بـ:
    عوى الذئب فاستأنستُ بالذئب إذ عوى
    وصوَّت إنسانٌ فكدتُ أطير
    وربما أقول عبارتي الخاصة: "حكمة الحياة والقمار". لا أدري ما تعنيه بدقة، وإن كانت مفيدة ومؤسية بالنسبة لي. قلتها لزميلي "أبو بكر الطاهر" ذات مرة وبالمصادفة البحتة. وجدته مغموماً فسألته: "هذا القبح ليس الفقر وحده؟". أجابني بسؤال،..
    "أبدو قبيحاً أم ماذا!؟".
    "لا تطاق".
    "أنذروني بالفصل من الجامعة".
    "جديدة يعني؟".
    "أبداً، لكن في السابق لم تكن لي حبيبة. الآن أريد أن أتخَرّج وأعمل".
    قلت له هكذا وكتأليف شعر دون فهم أو تركيز: "يا سيدي انسَ، حكمة الحياة والقمار".
    تأملها هو لبعض الوقت ثم قام بتجريبها على مقاس فمه، وجدها مناسبة كما يبدو. ضحك وقال مردداً لها: حكمة الحياة والقمار، فعلاً حلوة.
    جعلناها سراً بيننا حتى وافانا عندها "موسى حسن". أكَّد على فعاليتها وأشركناه فيها بالتساوي. خصوصاً وأن الجامعة أعانته بالكثير من الإنذارات والطرد كي يتدرب عليها جيداً. ثم صرنا نقولها كلما فاض بنا أسى، أو حَلَّ بنا قحط حبيبة أو أي عيد ميلاد وجود آخر.
    العبارة الإنجليزية تعود لصف رابع ابتدائي من حياتي. كانت بداية لكتاب صغير جاءني مع قصة ميغل دي سيرفانتس "دون كيشوت" وكتب أخرى. تلك الكتب الإنجليزية باهية الألوان والمستطيلة في شكل نوتة. كانت أول مختصرات أقرأها بالإنجليزية. بالطبع ألَّفها المختصرون بأنفسهم وبطريقة لا تستشير النص الأصلي إلا نادراً. إذ يراد منها بالأساس تعليم اللغة للأطفال. كان "محمد فضل المولى" و "محي الدين" قد علَّماني شيئاً من الإنجليزية نحو "نافذة، جمل، هي، وهم، بطة" وبدأت أنا بعد ذلك أتقوَّى وأتحضَّر بمثل هذه الكتب. ولهذا السبب إنجليزيتي من ناحية النطق رديئة إلى الآن. بالرغم من أن كل مَنْ التقاني يحلو له أن يعتبرني خطيراً في الإنجليزية. أما أنا فلم أنخدع لهم أبداً، لكوني أدري أنني لا أعرف سوى كلمات فحسب. وأجهل طريقة تسريعها ومضغها كما يفعلون هم في أفلامهم، كما أجهل كيفية إدراكها حساً وليس معنى فيما يخص الأغاني والعواطف اللهم إلا أغاني بوب مارلي والقليل من فرانس سيناترا وبوب ديلان وآخرين. ومسألة إدراك اللغة جُوَّانياً هذه لكي تتم وعلى نحو محترم فلا بُدّ لها من تذكرة سفر لإنجلترا وفتاة إنجليزية مضيافة وعيونها زُرق ليلاً ونهاراً، بخمر وبدون خمر.
    ما زلت أحتفظ بتلك البدايات في مكتبتي إلى الآن. مع إهداء لطيف بخط أخي هاشم الواضح والجميل. كان هو في الثانوي ومشَرّداً مثلي. أمه أخرى واسمها أيضاً "البتولا" كاسم أمي. وقد جلبه أخي الصادق من قريتهم البعيدة بالجزيرة بعد مرحلة المتوسط، كي يتلقى تعليمه الثانوي بمدينة "ود مدني". و"الصادق" أمه أخرى أيضاً واسمها "عائشة". لو ترجموا هذا الكتاب فلا أدري كيف أشرح الموضوع للصحفيين الأجانب. لأن أختي "خديجة" أمها أيضاً أخرى واسمها "زينب". ولأن أبي تزوج كلاً من: فلانة وفلانة أُخريان، و"بتولا" ثالثة ولم ينجب منهن. وكلما أتذكر هذه المزرعة من "البتولات" أتساءل عن سبب عشق ذلك الرجل لهذا الاسم. كل نسائه لحقن به ما عدا "البتولا" أم "هاشم". و"البتولا" التي بقيت هذه لذيذة ولا توصف. امرأة بيضاء وفارعة كأهلها "البساطاب" بوسط الجزيرة. عندما عمل أخي هاشم طبيباً بشرق السودان قابلتها في "ود مدني". أصرَّت على أن أذهب وأعيش معها بدلاً عن "هاشم". إذ هو أيضاً وحيد من والديه مثلي. اعتذرت لها بلباقة وبكوني لم أعد أفهم في مثل هذه المسائل، كانت مصرِّة:
    "لماذا يا ولدي؟ أنت وهاشم واحد. الفكي أبوك نفسه وصَّانا عليك".
    "يا حاجة المدرسة. نسيتِ أنتِ أم ماذا؟.. أجبتها أنا متهرباً.
    "هناك أيضاً عندنا مدرسة".
    "لن يقبلوني".
    "سيقبلونك، أنا سأكلمهم. مَنْ صار دكتوراً من مدرستهم غير ابني "هاشم"؟".
    "كلامك صحيح ومقنع يا حاجة، لكن لا بد من أوراق ومشاكل كثيرة. هؤلاء الناس أنت لا تعرفينهم".
    "أعرفهم، المدير "علي ود آمنة" والوكيل "الطيب ود علوية"، وفلان وفلان... يلا إنت معاي بَسْ ولا يهمك. "مصطفى" أخي سيخبرهم هو الآخر".
    شعرت بدفء كاد يكفّرني بقسيس الطبيعة. أهي الأم لذيذة هكذا؟ تناقشنا طويلاً وممتعاً وفي النهاية لم أذهب. لقد نسيت منذ زمن طويل طريق الأمهات هذا. أنا الآن "محتاج" يزيد ويتوازن بفضل أن تقلّ فيه منسوبات هذه الأشياء. أمي شجر المقبرة القاحل الذي بجانب رقدتها، وأبي طير البقر يحتفل بالنهر والدواب، ضفة النهر المتآكلة، طيور "القُوق" المتداخلة الألوان مع المساء و... وكل ما هو سينقِّد تنقيدته هذه ويطير. أحسست بشاعرية مخلة تتسرب فأوقفت أفكاري عند هذا الحد.
    امتدت يدي لاستعادة الألبوم من جديد. صورة "عفراء" وطالبات مع زائرة بريطانية جاءتهم في المدرسة. عينا الزائرة فيهما إحساس مَنْ تصدق على الآخرين بشيء. والطالبات الصغيرات يحطن بها باهتمام وتدافع حرصاً على أن يظهرن معها في الفوتوغراف، فينالهن نصيبٌ من تلك الصدقة. قلت لنفسي: "لا أريد أفكاراً من هذا النوع". فواضح جداً أن "عفراء" وفتاة أخرى تقف في الخلف بالإضافة للمدرِّسة أجمل من البريطانية بحيث لا وجه للمقارنة. الخواجية تقف وسطهن ككشافة ملاعب كرة القدم هذا صحيح، ولكن هؤلاء يقفن كالرقى وغموض لغة الأجناس المختلطة ببطن الأدغال. أو ربما معرفتي بالجانب الأخلاقي والإنساني من "عفراء" يجعلني أنحاز لها. فأنا أحبها هي وأخاها "أحمد" بشكل درامي. بمعنى أقدّرهم كبشر يفوتني أن ألحظ خطاياهم. أما بخصوص منعم -أصغر من أحمد- فأنا أحبه بشكل مختلف. ذا قسيس طبيعة وألعن مني. هو طالب هندسة كهربية تجده تاجراً في أسواق الملابس والطوب والفحم وكافة الحاجيات الصغيرة والملصوصة ربما. يمثل تماماً الجيل الذي أنتجته حكومة الدين وهذا الوباء. "أحمد" طالب صيدلة نابغ ويهتم بالأدب اهتماماً حقيقياً. كأصدقائي الأطباء: "محمد قرشي"، "السماني يحيى" "مازن الدومي" و "ناظم يعقوب"، معسكري في مدينة الرازي للطب والصيدلة". هؤلاء يجيبونك عن "دستوفسكي"، "باربوس"، "نيكوس"، "أندريتش"، "زوسكيند"، "إليوت" و"الليندي" كما يجيبونك عن أي دودة يدبرون المكائد لقتلها. بالمناسبة "أندريتش" هذا علَّمني له "السماني يحيى"، أما صحافتنا السودانية فلم تجد من يعلَّمها له حتى الآن.
    "أحمد" لم يستطع أبداً أن يحب رواية الهارب لـ"راسبوتين" ولا أدري لماذا. عندما تركت الجيش قال لي: "هاأنت ذا الرجل الذي ترك جيشه كصاحبك الهارب". وعندما ذهبت لـ"أبو ظبي" ولم تأتهم مني المصاريف كما وعدتهم كَتَبَ لي: "هاأنت ذا رجل بلا روسيا ولم تعد تشغلك إلا امرأة واحدة –الكتابة- في صلاة الجوارح والوهم كصاحبك الهارب ثانية. أرجو أن لا تطول إقامتك على جزيرة ليلية منعزلة كصاحبك الهارب ثالثة".
    أما "عفراء"، ففي مرة كنت أتسلى معها فسألتها،..
    "ألم تجدي لعمك عروساً؟".
    ضحكت ولم تجرحني بسؤال: أوجد عمي كنزاً؟ قالت وكما هي رقيقة ومجاملة: من تريد؟ مريم أم ناهد؟
    "ناهد" هذه أخت صديقي "كاظم". أما "مريم" فابنة الجيران وصديقتها.
    "أخبارك القديمة إذن يا عفراء؟ قلت لك هؤلاء بنات ناس ولسن شريرات".
    "تريد سعلوَّة أنت أم ماذا؟"، سألتني ضاحكة.
    "نعم، ولها أذناب من الأمواس وشوك الزرائب".
    فَكَّرتْ قليلاً لتجيب: "زميلتنا "أميرة". إنها لا تنقل شيئاً من الدروس أبداً، وحين تقترب الامتحانات تقوم بسرقة دفاتر زميلاتها في الفصل. كما أنها تكتب أشياءً سيئة جداً عن المعلمات ثم تضعها بداخل شنط رفيقاتها أو مكتب المديرة".
    "حقاً، "أميرة" هذه حلوة. لم تخبريني عنها من قبل. هذه أنسب لي من البنات كلهن. لماذا أخفيتيها عني لكل هذا الوقت؟".
    "لأنها ستعذبك".
    "لن تعذبني".
    "من قال لك؟ إنها تعذب المدرسة كلها".
    "لأنكم أغبياء وتستحقون".
    تساءلت "عفراء": "أغبياء؟ هي ليست الأولى ولا الثانية. ترتيبها الثالثة في النتيجة. يقولون إنها مريضة نفسياً".
    "من يقول ذلك؟ الغبيات ما بعد الثالثة أم ما بعد المديرة؟".
    دخل أخي "الصادق" –أبوها- فصمتت "عفراء". سألها،..
    "ماذا كان يقول لك؟". لم تجبه، قلت له أنا: كنا نتحدث عن أميرة.
    "أميرة من؟".
    "واحدة سراقة وتُعَذِّب المدرسة نفكر في خطبتها لي".
    أخذ يضحك ثم قال،..
    "أفضل من بنات المؤمنين، كسر هذا في جبر هذا".
    خرج ونادى "عفراء". لم أسمعه يقول لها شيئاً. من المعتاد أن يوبخها على حديث من هذه النوعية. ربما أراد لأميرة تلك أن تنال مني وتسففني الأندرين.








    ...
                  

10-06-2005, 02:44 AM

اشرف السر
<aاشرف السر
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 1563

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    Quote: جعلناها سراً بيننا حتى وافانا عندها "موسى حسن". أكَّد على فعاليتها وأشركناه فيها بالتساوي. خصوصاً وأن الجامعة أعانته بالكثير من الإنذارات والطرد كي يتدرب عليها جيداً.


    وهكذا الحياة في تدريباتها العملية..


    Quote: تسففني الأندرين


    حلوة دي يا محسن... ما محتاج لنيشان عشان تحدد مقاسها من رئاتنا
                  

10-25-2005, 04:31 AM

بدري الياس

تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 904

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: اشرف السر)

    لمن أراد أن "يتستف" جمالاً،
    في ظل غياب "البطنة" التي تُذهب الفطنة،
    ومقدرة الروح على "الانسراق" في "زقاقات" المعاني والأفكار،
    سأرسلك عاااالياً ،
    .........
    .......
    .....

    ولكن لتبقى.
                  

10-25-2005, 01:57 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: بدري الياس)

    ...



    أشرف السر،..
    إزيك يا حلو إنت دا،..
    وماك طيّب، أريتك بالسلام وبيوتو،..
    مشتاقين كتير،..



    بدري الياس،..
    يا صديقي في الغار، والاغتراب الحار،..
    ماك طيّب،..
    كن بخير، أبداً بخير،..
    وتسلم


    ..
                  

01-04-2007, 12:34 PM

Tabaldina
<aTabaldina
تاريخ التسجيل: 02-12-2002
مجموع المشاركات: 11844

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: محسن خالد)

    ..
    .
    كل عام وانتم بخير؛

    التحايا للاخ محسن خالد
    وبأنتظار عودتك المتوقعة ..

    وتلبية لقرائك الكرام
    مع خالص الود لك من الأستاذة / دومه
    التى تزف التهنئة لكم بمناسبة العيد وعودتكـ
    الأدبية الثرة
    وذلك حتى تأتيكم بجلالة قدرها بعد عودة كلمة مرورها ..
    التى ضاعت فى ظروف غامضة


    لك وله ولهم التحية؛

    (عدل بواسطة Tabaldina on 01-04-2007, 12:37 PM)

                  

01-05-2007, 03:26 AM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد عليكم: (الرجل الكلوروفيل) الجنس فوق وتحت الطبيعي (Re: Tabaldina)

    كل عام وكل الاحباء بخير
    شكرا ابني الحبيب تبلدينا فقد بلغت الوصيه كعهدي بك لا تخلف وعداولا تنقض عهدا.
    شكرا ابني العزيز بكري ابو بكر لارجاعي الي دارك وداري بعد ان ضاع مني المفتاح وكل عام وانت والاسره بخير
    _________________
    ايها المحسن الخالد فينا اين انت ؟؟؟؟
    هلا طلعت علينا ايها البدر من جوف الغياب ؟؟؟
    اناانسان قليل التمني وقليل الحظ ايضا هل اطمع في عودتك مع مطلع هذا العام ؟؟؟
    هل تسمعني ؟؟؟
    اتمني ان تلبي النداء ولا احسبك الا ابنا بارا بالامهات. عد لنا كي يعود لنا البهاء والعطاء السخي ايها المحسن
    اتمني الا يطول وقوفي ببابك.
    وحيثما تكون لك مني اجمل السلام
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 3:   <<  1 2 3  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de