|
|
 Re: معاهدة مع أهل النوبة / رمضان عام 31ه (Re: أبو ساندرا)
|
لن يعود عبد الله بن أبى سرح مرة أخرى
ردا للدكتور حسن مكى
أمين زكريا اسماعيل/واشنطن
[email protected]
نبذه تعريفيه عن بن أبى سرح:-
تأتى شخصية عبد الله بن أبى سرح المثيره للجدل فى تاريخ السودان كما أوردها القرطبى فى الجامع لأحكام القران المجلد 4 الجزء7, ص 40 أنه المعنى بما أنزل فى سورة الانعام آيه 92 (ومن أظلم ممن أفترى على الله كذبا وقال أوحي الي ولم يوحى اليه شئ ومن قال سأنزل مثلما أنزل الله ...), فقد كان الرجل صحابيا ومن كتاب الوحى ثم ارتد وألحق بالمشركين, وفحوى القصه كما يرويها القرطبى أن الرسول (ص) استدعاه ليملي آيه: (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم أنشأناه خلقا آخر ...). ويقال عجب عبد الله من تفضيل خلق الله وقال: تبارك الله أحسن الخالقين, فقال الرسول (ص) هكذا انزلت الى, فقال عبدالله: لئن كان محمدا صادقا فقد اوحى الى كما اوحى اليه, ولئن كان كاذبا, قلت كما قال. (1) عند فتح مكه أمر الرسول (ص) بقتله هو وعبدالله بن خطل ومقيس بن صبابه ولو تعلقوا باستار الكعبه, ففر عبد الله واحتمى بسيدنا عثمان بن عفان أخيه فى الرضاعه فغيبه فتره حتى تهدأ الخواطر ثم أتى به الى الرسول (ص) طالبا العفو فصمت الرسول طويلا ثم استجاب. وبعد ذهاب عثمان وعبد الله قال الرسول (ص) لمن كان معه من الصحابه: ما صمت الا ليقوم أحدكم فيضرب عنقه. فقال أحد الانصار: فهلا أومأت الى؟ فقال الرسول (ص) ان النبى لا ينبغى ان تكون له خائنة الاعين.(2) قصدنا من هذه النبذه التعريفيه ان نعطى القارئ صورة مبسطه عن خلفية عبد الله بن أبى السرح وتكوينه النفسى وتطلعاته النبوئيه حتى على الرسول (ص), والتى أمتدت بصوره عدوانيه فى غزوه للنوبه حتى لايختلط للقارئ بين الصوره الحقيقيه لتلك الشخصيه, والصوره التى يدافع عنها ما يسمون بعلماء السودان وحملة درجات الدكتوراه من حر مال شعب السودان كالدكتور حسن مكى والدكتور غازى العتبانى واللذان يمجدان عبد الله بن ابى سرح ومعاهدته التى ابرمها مع النوبه ويأتيان بمعلومات غير صحيحه وهو جزء من التزييف التاريخى للحقائق والتأكيد على الاخطاء التاريخيه المسكوت عنها والتى تدرس للاجيال جيلا بعد جيل فى مناهجهم التربويه وتناقلاتهم الشفهيه مما عمق سياسة الاستعلاء الثقافى والعرقى والدينى واكد مفاهيم اقصاء الاخر والنظر اليه بدونيه وتجاهل للملكه النوبه المسيحيه التى استمرت أكثر من ألف سنه, ليفرض عليهم الاسلام والعروبه بحد السيف فالدين كالثقافة لا يتم تغيرها الا عبر القناعات الجماعية و تصبح جزءا من مكونهم اليومى لا بحد السيف او القانون و لقد اشار عبدالرحمن ابن خلدون عالم الاجتماع الشهير فى مقدمته الى ان الجزية اصبحت ثقيلة على الاهالى بعد الانهزامات فتخلص منها النوبيون باشهارهم اسلامهم. وهو شبيه بسياسة اسلم تسلم ومع ذلك لم يسلم النوبه الى يومنا هذا. ولكى نتحدث عما يدور اليوم وربطه بعودة عبدالله بن أبى سرح فى صورة اخرى فلا بد من الاشاره الى اتفاقية البقط التى نصت على الاتى:-
بسم الله الرحمن الرحيم. عهد عبدالله بن ابى سرح لعظيم النوبه ولجميع أهل مملكته. عهد عقده على الكبير والصغير من النوبه من حد أرض أسوان الى حد أرض علوه. ان عبدالله بن سعد جعل لهم امانا وهدنه جاريه بينهم وبين المسلمين ممن جاورهم من أهل صعيد مصر وغيرهم من المسلمين وأهل الذمه. انكم معاشر النوبه آمنون بامان الله وامن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ان لا نحاربكم ولا ننصب لكم حربا ولا نغزوكم ما دمتم على الشرائط التى بيننا وبينكم, على ان تدخلوا بلدنا مجتازين غير مقيمين فيه وندخل بلدكم مجتازين غير مقيمين فيه. و عليكم حفظ من نزل بلدكم او من يطرقه من مسلم أو معاهد حتى يخرج عنكم. وان عليكم رد كل آبق خرج اليكم من عبيد المسلمين حتى تردوه الى ارض الاسلام ولا تستولوا عليه ولا تردوا عنه. ولا تتعرضوا لمسلم قصده وجاوره الى ان ينصرف عنه. وعليكم حفظ المسجد الذى ابتناه المسلمون بفناء مدينتكم لا تمنعوا فيه مصليا وعليكم كنسه واسراجه وتكرمته. وعليكم فى كل سنه ثلثمائه وستون رأسا تدفعونها الى امام المسلمين من اوساط رقيق بلادكم غير المعيب, يكون فيها ذكران واناث, وليس فيهم شيخ هرم او عجوز ولا طفل لم يبلغ الحلم, تدفعون ذلك الى والى اسوان. وليس على مسلم دفع عدو عرض لكم ولا منعه عنكم من حد ارض علوه الى ارض اسوان. فان أنتم أويتم عبدا لمسلم او قتلتم مسلما او معاهدا, او تعرضتم للمسجد الذى ابتناه المسلمون بفناء مدينتكم بهدم او منعتم شيئا من الثلثمائه رأسا , فقد برأت منكم هذه الهدنه والاموال وعدنا نحن وانتم على سواء حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. علينا بذلك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة محمد صلى الله عليه وسلم. ولنا بذلك أعظم ما تدينون به من ذمة المسيح وذمة الحواريين وذمة من تعظمونه من أهل دينكم وملتكم, والله الشاهد بيننا وبينكم على ذلك.) (3)
كتبه عمر بن شرحبيل فى رمضان سنة احدى وثلاثين
نقلا عن المقريزى(المواعظ..)
التحليل النفسى لشخصية بن أبى سرح:-
من السرد الذى اورده الطبرى ان ابى سرح كان صحابيا ومن كتاب الوحى الا ان الغرور قد وصل به حدا ليضع نفسه فى مصاف الرسل وهو فى ذلك اصبح بالمصاب بمرض البارانويا النفسى (داء العظمه) وهى الدرجه التى يصدق فيها الشخص نفسه المتخيله او المتوهمه اى غير الواقعيه ومن ثم يتوقع ان ينظر اليه الاخرين بنفس المنظار وبالتالى تكون كل التصرفات بناءا على الذات المتوهمه , واكتشاف الحقيقه يعمق من ذاك المرض النفسى, وهو ما قاد أبى سرح الى تشبيه نفسه بالرسول الذى اوحى اليه, وقد يحدث لهذا النوع انطفاء فى حالة المواجهه او الشعور بالخطر وهذا ما حدث عندما اهدر الرسول (ص) دمه ولو تعلق باستار الكعبه وهو دليل على اعلى مراحل غضب الرسول (ص) والذى وصف بالحلم, والكعبه هى المكان الاكثر قدسيه وليس فيه رفث ولا جدال وتصريح الرسول (ص) بقتل هولاء يعنى ان وضعهم اصبح ميؤسا ومضر للجميع, وكان لصمت الرسول حينما جاء عثمان بن عفان بابى سرح يستجدى عفو الرسول (ص) , وقدد برر الرسول لاصحابه بانه صمت ليقوم احد بضرب عنق أبى سرح. هذه الصوره السيئه لابى سرح ابعدته من ان يكون مقربا وكاتبا للوحى وقللت من مكانته فى اوساط الصحابه الذين هم بعضهم بقتله. وقد تتحول نمط الشخصيه البارانوياويه( من البارانويا) الى النمط العدوانى اذا ما توفرت لها الظروف وقد تجلى ذلك فى الكيفيه التى وصل بها ابى سرح الى مصر وغزوه للنوبه والجانب الاستعلائى فى اتفاقية البقط.
البقط كأول مفهوم للغزو فى تاريخ السودان:-
عندما ينظر المرء للاشياء بعين واحده غير موضوعيه فانه تلقائيا ينفى الاخر, وقد يصفه بوصفات الجهويه او العنصريه او العصبيه...الخ فى محاوله واعيه او غير واعيه لاسكاته, وهذا ما يقوم به كثير من متحيزى الثقافه الاسلاموعربيه والذين يدافعون عن غزو بن ابى سرح للنوبه ويحاولون طمس التاريخ العريق لتلك الممالك, وعندما نقول غزو السودان فتلك الكلمه وردت فى اتفاقية البقط رغم اصرار كثير ممن يدعون بمنظرى السودان, كالدكتور حسن مكى والدكتور العتبانى على انها مطابقه للغة أهلنا الدناقله (بقت) بمعنى القسمه او المشاركه الا ان دلالاتها وواقعها يشير الى الاستعباد الصريح مهما اختلف الناس.
وما يهمنا هنا ان اول من ادخل مفهوم الغزو فى قاموس المصطلحات السودانيه هو عبد الله بن أبى سرح مهددا النوبه ذاكرا (لا نناصبكم حربا ولا نغزوكم ما دمتم على الشرائط التى بيننا وبينكم) ولم تكتفى معاهدة البقط والتى لم يوجد لها مرادف قريب فى اللغه العربيه غير البغض بمعنى الكره, وياتى تاكيد ذلك من خلال معاهدة ابى سرح وذلك بغرس مفاهيم الاعلاء الثقافى وطمس هوية وديانة الاخر على الرغم من انه كان يعلم ان النوبه كانوا يدينون بالمسيحيه وديانتهم المحليه الاخرى ويحكمون انفسهم بواسطة ملوكهم الاقوياء وقد اشار الى ذلك بقوله (ولنا بذلك أعظم ما قد تدينون به من ذمة المسيح وذمة الحواريين وذمة من تعظمونهم من اهل دينكم وملتكم), فنلاحظ ان ابى سرح يشير الى المسيح دون ذكر عليه السلام وقد درج الرسول (ص) واصحابه وكذلك المسلمين الاصحاء على ذكر المسيح ملحقا عليه السلام, الا ان غرور ابى سرح وعدم اعترافه بالاخر جعله يجعل الانبياء والمرسلين من الله سبحانه وتعالى فى مصاف البشر العادى او اقل مكانه ناهيك عن ملوك النوبه.
الاسترقاق وتكريس الدونيه والاذلال:-
أكدت اتفاقية البغض على وجود نوع من الاستعلاء العروبى باسم الدين على اصحاب اعظم حضاره عرفها التاريخ وهى حضارة كوش النوبيه, كما اكدت ان عبدالله بن ابى سرح قد شوه صورة الاسلام الصحيح فى التعامل مع الديانات الاخرى وهو جعل مجموعات كبيره تفر من مواقعها الاصليه لتحتفظ بنقاءها الاصيل وتتخبأ فى مناطق امنه ومن بينها سكان جبال النوبه الحاليين. وبالتالى فان كل مدافع عن ابى سرح فهو يحمل مكونات نفس تجاهل ثقافة ودين الآخر ويعمل على تكريس هذه المفاهيم فى عصرنا الحالى.
كذلك أكد ابى سرح فى قوله (ان عليكم رد كل آبق خرج من عبيد الملسمين ان تردوه الى ارض الاسلام ولا تستولوا عليه ولا تردوا عنه) فهى اشاره تؤكد ان ابى سرح ليس ملما بالاسلام الصحيح الذى يسعى الى تحرير العبيد وليس استرقاقهم ولقد استمرت الصوره الشائهه للاسترقاق فى البلدان العربيه رغم اسلامهم وهذا تاكيدا لقوله تعالى (ان الاعراب اشد كفرا ونفاقا), ولقد نقل العرب الهجين كافة اشكال الاسترقاق معهم الى السودان, وما زالت هذه الصوره التى يدافع عنها العتبانى وحسن مكى مستمره وهذا ما ورد فى تقرير وزاره الخارجيه الامريكيه فى 11/6/2003م الذى جاء فيه اسم السودان من ضمن الدول غير المتعاونه كليا فى ايقاف الاتجار بالبشر والجنس.
وقد كان هدم ابى سرح لكنيسة دنقلا العجوز, استحقارا للديانات السماويه الاخرى, وجهل بها ولم يكتفى بذلك بل امر المسيحيين من كنس واسراج وتكريم المسجد بقوله (وعليكم كنسه واسراجه وتكرمته) وهذا يؤكد نفى الاخر ودينه عن طريق القوه وتحقيره بالنظافه والكنس وحمل القاذورات, وهو ما درجت حكومة الانقاذ تطبيقه باعلان الجهاد فى عام 1992م ووصف من لا يسير فى صفها بالكفره والمارقين.
وتاتى تاكيدات ابى سرح للاستعباد والعبوديه والاسترقاق بقوله (وعليكم فى كل سنه ثلثمائة رأسا تدفعونها الى امام المسلمين من اوساط رقيق بلادكم غير المعيب, يكون فيها ذكران وناث, ليس فيها شيخ هرم ولا عجوز ولا طفل لم يبلغ الحلم). تاتى هذه العبارات تاكيدا قاطعا ان ابى سرح الذى اهدر الرسول (ص) دمه بادعائه نزول الوحى اليه كما انزل للرسول (ص) بانه لم يتب وانه اتخذ من الاسلام غطاءا لمواصلة جاهلية العرب فى استرقاق واستعباد الاخر, ومع هذا الاستعباد فانه اراد ان ينقرض النوبه الاصحاء من الشباب والنساء ويبنى بهولاء الاقوياء جيش قوى يحقق به طموحاته فى غزواته الاستعباديه. وفى هذا فان ابى سرح شبيه بغزوات التركيه التى جاءت الى السودان لتاخذ الرجال والذهب وقد خلفت وراءها من يحمل نفس مفاهيمها الى يومنا هذا.
سيكولوجية الانسان المقهور:-
القهر هو حاله نفسيه او جماعيه مرتبطه بمؤثرات داخليه او خارجيه ذات ابعاد نفسيه او تاريخيه او اجتماعيه او اقتصاديه.
ويقهر الانسان بعدة عوامل منها, النفسيه كعدم الاتزان النفسى الناتج من الامراض النفسيه كالشزوفرينيا والبارانويا والانزواء والهروب والغيره والنرجسيه والساديه ...الخ, والاجتماعيه كاللغه والدين والتنشئه الاجتماعيه والمنهج التعليمى والتعالى الثقافى, والاقتصاديه كالاحتكار والتهميش التنموى ..الخ, والسياسيه كالسيطره السياسيه والدكتاتوريه وعدم كفالة حرية التعبير والمشاركه الفاعله فى السلطه وعدم وجود دستور دائم ومتفق عليه يضمن حق المشاركه خاصة فى مجتمعات متعدده الثقافات والديانات ...الخ,هذا بجانب العوامل البيئيه والجغرافيه والتاريخيه ..الخ.
وما يهمنا هو القهر الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والذى جوهره التعالى الثقافى والتهميش خاصة فى بلد متعدد الثقافات كالسودان, فسيطرة الثقافه العربيه لغة ودينا ومنهجا واعلاما وموروثا تقافيا...الخ على حساب الثقافات الافريقيه الاخرى والتى هى الاكثر عددا واصالة وتاريخا, ولد ذلك نماذج متضاده داخل الثقافات الافريقيه, أحدهما مقهور ثقافيا نتيجة للعوامل المذكوره سابقا كالتنشئه الرسميه وغير الرسميه بما فيها اتفاقية البقط , وما تلاها الى وقتنا الحالى, والثانى سلبى ومنزوى, والاخر مقاتل او مصارع. وبالتالى فان هذا الوضع جعل من المجموعات الافريقيه فى السودان هى مجموعات متصارعه داخليا بفعل فاعل مباشر او غير مباشر, وكرس مفهوم القصور الذاتى للمجموعات الاسلاموعربيه وانعكس ذلك فى الهيمنه الثقافيه والاقتصاديه والسياسيه, ومن ثم نجد ان هذه المجموعات المسيطره ترى ان التفريط فى اى من هذه المكتسبات المتوهمه بانها ملكا لها يعد خروجا عن طاعة المسار الصحيح ويجب ان يحارب بكافة الاشكال وبالتالى تبدا المجموعات المسيطره ثقافيا للمحافظه على هذا الوضع على خلق صراعات بين المجموعات الاخرى المهمشه وتدعيم ذلك بما تملك من وسائل اعلام ومناهج تربويه وتنظيمات سياسيه وخطاب شفاهى و من ثم وصف المجموعات الاخرى بالعنصريه والتمرد, وهذه الوسائل مع مرور الزمن فانها بلا ادنى شك تلعب ادوارا ملموسه فى تشكيل السلوك الارادى واللاارادى للفرد والجماعه خاصة اذا ما دعمت بمحفزات سلطويه او او اغراءات ماليه ...الخ , ومن ثم يكون الخروج من ذلك امر بالغ التعقيد ولكنه ومرتبط بدرجة وعى الانسان والمجتمع لزعزة الافكار المتشربه قسرا وبالتالى خلق ثقه فى الذات ودرجه من المرونه لخلق تفكير جمعى سليم لتغيير ما هو قائم, وهو المدخل لتوحيد المجموعات المهمشه والمفتاح لوحده حقيقيه ومزيد من المكتسبات.
ويمكن القول ان قهر الانسان بالعوامل المختلفه يجعله اسيرا لهذا القهر وهو ما يسمى بادمان العبوديه, وهذا ما قاد كثير من ابناء المناطق المهمشه التى تستغلهم الحكومه لتاجيج الصراعات فيما بينهم.
ما بين الدكتور حسن مكى وابى سرح خطوط رفيعه:-
رغم الفارق الزمنى والتطورات الكبيره التى شهدت فترة ما بين حسن مكى وابى سرح, أبى دكتور التاريخ لا ان ينكر حقائق دامغه, حيث كتب مقالا فى صحيفة سودانايل بعنوان الصرف من دفتر الاحزان, والحرب والسلام فى الفكر الاستراتيجى الامريكى: قراءة الحرب الدولى وما ينتظر السودان.
واشار الدكتور الي ماحدث في العراق وغيره وهذا لايهمنا كثيرا في هذا الرد وما يهمنا هو ما ابتدر به الدكتور مقاله ذاكرا بالنص (وتتجدد الاحزان مع تجدد الكلام عن اوضاع النوبة وجبال النوبة وطوفان الكلام التي فاضت به الصحافة الاجنبية عن انقراض النوبة , مع انهم كغيرهم من أهل السودان يتكاثرون, وعن اساءة معاملة نساء النوبة واغتصاب نسائهم علي غرار مادارعن مصنع (الشفاء) وانه كان يصنع غاز الاعصاب, وعن مادار من محاولات تشوية سمعة صديقنا الملحق الثقافي السابق في بريطانيا عبد المحمود نور الدائم ووصفه بتجارة الرقيق وحتي بعد ان برأت ساحة العدالة الانجليزية فلا تزال البارونة كوكس ومنظمة التضامن المسيحي تريد اتخاذ مسكن عبد المحمود في ضاحية لندن محجة ومزارا باعتبار انها اخر منطقة تم تحريرها من قبضة تاجر الرقيق السوداني وهو الدبلوماسي المقلوب علي امرة صديقنا الكرنكي , وقد هللت المعارضة السودانية التي تهلل لكل كلام يفكك الوحدة الوطنية , وينشر ثقافة الكراهية, ويؤسس لاساطير اساءة معاملة النوبة واغتصاب نسائهم , وضرورة تبني لاهوت لتحريرهم , ومايهم لقد تم ايقاف اطلاق النار في يناير2002م تحت اشراف اللجنة العسكرية المشتركة, وستظل راية المرجعية الامريكية التي شدد في انكار دورها بعضا من اصدقائنا من المفاوضين, وعاد بعض النوبة الي ديارهم من اعالي الجبال, وبداْ فتح الطرق وتنظيف الالغام وفتح المنطقة للتجارة , وقبول التعددية علي المستوي الاقليمي, ومن المطلوب قبل ذلك افراغ شحنات العداء والتوترات بالمصالحة ومجالس التاخي والهجوم بالابداع والفن والثقافة , كما تقتضي مطلوبات العيش الواحد المشترك ).(4)
ويتساءل ويتعجب الدكتور حسن مكي ولكن من يفكر في ذلك ؟ ومن يستطيع ان يضع الصفوة الحاكمة والحزب الحاكم امام مسئولياتهم, علما بأن غالبة السودانين مع سلامة ووحدة السودان .
وردنا للدكتور حسن مكي الموصوف بخبير التاريخ وخاصة فيما يتعلق بالقرن الافريقي , هو سطحية ادراكه بواقع جغرافية وتاريخية واجتماعية وانثربولوجية وسياسة السودان. لان تراكم اشكالات سياسات السودان لم تأتي من فراغ, بل هى تراكمات يجب الرجوع الي جزورها وليس تناولها بسطحيه. كما ان كل قارئ حصيف لتكوين السودان بمكوناته المختلفة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يدرك ان هنالك ازمة تاريخية بدأت مع دخول العرب السودان بحجة الدين والتي مثلها غزو ابي سرح, الذي دافع عنه الدكتور حسن مكي في كتاباته لهو مأزما لمشكلة السودان.
فكما اوضحنا ان شخصية وميلاد السودان كانت موجودة قبل شكل السودان الاسلامو عروبي الذي نفي الاصل الافريقي, ولقد شارك الدكتور حسن مكي هذه الاراء الدكتور العتباني ولقد رددنا له في مقال منفصل بعنوان الغباء ميتر وجدلية انفصال الشمال في صفحة الانترنت nmia-usa.net
وسنكتفي هناء بالرد للدكتور حسن مكي ممجد ابي سرح فهلا تبصر الدكتور حسن مكي لشكله الافريقي الزنجي بكل مكوناته من لون, وانف, وفم وشعر... الخ وهو شبيه تماما لشيبوب اخو عنترة ابن شداد الذي كان يصر علي عروبتة لانتفاء دونية العرب للعبيد السود , فعلي الرغم من فروسية اخاه عنترة القتالية والشعرية, الا أنها لم تنفيه من العبودية وهكذا حال عرب السودان .
فحسن مكي لايمكن أن يقنع عرب السعوديه او لبنان او ليبيا بأنه عربي وهو في ذلك نموذج لمعظم أهل السودان المدعيين العروبة وهم في الاصل خليط من عبيد الجزيرة العربية الذين انقرضت لغتهم بسبب الاستعباد وكان معظمهم من الحبشة وقد رافقوا عبد الله ابن ابي سرح في غزوته واختلطوا ببعض نساء النوبة في شمال السودان فأخرجوا خلطة اخري, ملامحها افريقية تصر علي انها عربية لسببين:
اولا: لانها قهرت بفعل العبودية في الجزيرة العربية وفقدت لغتها وموروثاتها ولكنها رغم اسلامها وعتق بعضها ظلت الاعراب تنظر اليهم بأنهم في مرتبة العبيد , ولعل بعض الاشارات التي اشار اليها العرب المسلمين عندما امر الرسول (ص) سيدنا بلال ليؤذن في الناس , كانت ردود الكثير من الاعراب بها نوع من الاستغراب تقول فيما معناه: الم يجد الرسول غير هذا الغراب الاسود ليؤذن فينا وقال البعض الاخر: الحمد لله الذي قبض ابي قبل ان يشهد هذا المنظر . ورغم سماحة الاسلام الا ان الاعراب ظلت تنظر الي تلك المجموعات كعبيد , وبعد موقعة الجمل اصبح وضعهم صعبا للغاية خاصة بعد توزيع العرب الاراضي فى الجزيره العربيه وحرمان العبيد منها بجانب احتفاظهم بالامات (من امه) وترك العبيد يهيمون بلا نساء .
ثانيا: نجد ان معظم الغزاة الذين رافقوا ابي سرح من العبيد واشباه العبيد الذين وجدوا ضالتهم فيما يسميه علماء النفس بالازاحة او الاسقاط او التعويض وهو استعباد واسترقاق النوبة والتنكر لاصلهم الافريقي الزنجي, لانهم فقدوا لغتهم واصبحت لديهم لغة هجين بين الافريقية والعربية وكان يسمونها لغة العبيد في الجزيرة العربية وهي شبيه بالدارجية السودانية, يستشهد بعض الكتاب بمفردات من هذه اللغة كمصطلح دنقر وصنقر وبنبر وعنقرة ..الخ. فالسؤال كيف جاءت هذه اللغة الي السودان ؟ والاجابة أنها انتقلت مع مجموعة ابي سرح . لذلك كانت هذه المجموعة الهجين التي يتحدث ويدافع عنها الدكتور حسن مكي هي مجموعة الملاقيط او الذين يئسوا من وضعهم في الجزيرة العربية وهم الذين غيروا شكل الهوية السودانية النوبية الاصيلة الي الشكل الشائه الموجود امامنا مع اعتزارنا لبعض المجموعات العربية الاصيلة الموجودة في السودان.
وبدلا من التباكي علي العروبة ومنبوذيها كان لابد من التعامل مع السودان بتاريخة الاصيل وعواملة السياسية التي اثرت في تكوينة الاجتماعي والانثربولوجي والسياسي والاقتصادي , وهذه هي مهمة العلماء وليس السياسيين, لان السياسيين يبحثون عن اقصر الطرق لتمكين نفوذهم وليس التحليل العميق لجزور المشكلة ومعالجتها بالقوانيين والدساتير التي لاتنفي الاخر عرقيا او دينيا او اقتصاديا او سياسيا .
فلذلك اذا كان الدكتور حسن مكي عالما حقيقيا فعليه بالبحث والتحرك السريع والخروج من اسوار جامعة افريقيا العالمية وساحات الخرطوم الضيقة ويطلب من حزبه ان يمول الباحثيين والعلماء الاكفاء لبحث التاريخ والاثار والجغرافيا والانثربولوجي والاقتصاد والسياسة منذ وجود ما يسمي بالسودان وان يضعوا حلولا بدلا من مذكرات العشرة الكرام التي تتناقض مع نقده قصور السلطة الحاكمة وحزبها, وفي نفس الوقت هو احد مأزمي صراعها وفاقد الشي لايعطيه.
فما ذكرناه ماهو الا تأكيد لاصل السودان لنتلافى نفي الاخر ونسترد كل الحقوق المنهوبة بموضوعية وهو مايقود الي تطلعات الشعب السوداني الداعي والمحب لسلامة ووحدة السودان.
نعود للتعليق علي مقتطفات من مقال الدكتور حسن مكي مشيرا الي الاحزان وتجددها من الحديث عن النوبة , فهل هذه الاحزان يقصد بها الدكتور احزان رماة الحدق او يقصد ان هذا مؤشر لدورة الحضارات كما اشار اليها العالم ارنولد توينبي؟ ام صراع الحضارات للعالم صمويل هنتكتون؟ ام ان الاحزان هي ان يطالب مجتمع النوبة بحقة في أن يعيش كسائر الخلق اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا؟ ام يقصد الدكتور حسن مكي ان تظل جبال النوبة معرضة للابادة ووقف الامدادات كما فعلت حكومة الانقاذ لمدة 12 عاما, ام كما وصفتهم حكومة الانقاذ بالكفرة والمارقين واعلنت عليهم الجهاد في عام 1992 م, الم يكن حينها الدكتور حسن مكي موجودا ليخبر شيوخة بالعدول عن وصف شعب جبال النوبة بالتمرد والطابور الخامس؟ لماذا لم يحثهم أن النوبة هم اصل السودان الذين لم يلفظوا الاخر رغم المعاملة القاسية التي عاملهم بها الاخر , لماذا لم يمنع حسن مكي بن لادن وجماعتة من تمويل حملة اعلان الجهاد علي النوبة وسبي نسائهم علي الرغم من الاعداد الكبيرة من المسلمين فى جبال النوبه, واين كان حسن مكي حينما شوهد بن لادن ومعه مجموعة من نظام الانقاذ في نمر شاقو بجبال النوبة في طريقهم الي تلشي , اين كان حسن مكي من كل مراحل الابادة العرقية ابتداءا من الصالح العام مرورا بقتل الابرياء في مدن وقري جبال النوبة بما فيها فتح بطون النساء وقتل من بداخلها , اين كان حسن مكي من حرق عدد من الكنائس بمنطقة المورو بمن فيها , واين كان حسن مكي من قتل ونهب اسر بأكملها , اين كان حسن مكي من احتكار الوظائف لتنظيم الجبهة الاسلامية الحاكم, واين كان حسن مكي من تأجيج نيران الصراعات القبلية بأسم الدين, وما خفي اعظم .
فحسن مكي جزء من هذا النظام صاحب الاقنعة المختلفة, والذي يجب أن يحاسب تاريخيا من ضمن الذين ينبغي ان يحاسبوا . ثم لماذا لم تكتب الصحافة الاجنبية عن المناقل او شندي او الجيلي وكتبت عن جبال النوبة وجنوب السودان والانقسنا والبجة والان دارفور؟ السبب هو ان هنالك مآسي حقيقية تمارس فيها الابادة والتهميش ضد ابناء وارض تلك المناطق , ولعلم حسن مكي أن من يكتب في هذه الصحف ليس الاجانب وحدهم بل ابناء تلك المناطق ايضا ولدينا ابحاث واشرطة موثقة بالفيديو تحكي عن تلك الماسي واخرها مقتل 13 طفل من ابناء جبال النوبة في كاودا عام 2000م داخل الفصل الدراسي بدانات الانتنوف الحكوميه . هذا بالاضافة للحملة الشرسة التي يقودها نظام الخرطوم من تدمير لاطراف العاصمة وفقا لتوصية الدكتور حسن مكي في التسعينيات محذرا من الحزام الزنجي الذي يطوق العاصمة ولقد راح ضحية المقاومة في هذا الشهر العشرات كما جرح واعتقل العشرات , الم يدرك الدكتور حسن مكي القول المشهور أن عبارة لاستاذ جامعي جديرة ببناء او هدم حضارة باكملها ؟
ثم يتحدث الدكتور حسن عن اساءة معاملة نساء النوبة الم يكفيه ماحدث في هذا الشهر الموافق 2/6/2003م من اعتقال 38 امرأة من نساء جبال النوبة في حادث فريد في تاريخ السودان اثر توجههن للمشاركة في مؤتمر المرأة بكاودا؟ الم يكفيه المعاملة القاسية وتصدي عدد من سيارات الامن للبص بمنطقة الكلاكلة وهم مسلحين باسلحة الكلاشنكوف؟ الم يكفيه كيف اقتيدت النساء الى مكاتب امن مجهولة ومداومتهن اليومية الى مكاتب الامن وعدم السماح لهن بمغادرة العاصمه وفى هذا يتحدث الدكتور عن اتفاقية وقف اطلاق النار, الم يدرى ان بنودها تحتوى على حرية الحركه؟ الم يكفية كيف تم مصادرة ممتلكات النساء؟ الم يقرأ حسن مكي وثيقة اعلان الجهاد علي النوبة في عام 1992م المصادقة من قبل الحكومة والموقع عليها الائمة؟ , الم يدرك حسن مكي مايدور في اوساط الحكومة من شق مقصود لوحدة ابناء النوبة في اطار الصراع المحموم بين تبعية جبال النوبة لشمال او جنوب السودان في الفترة الانتقالية؟, الم يكن حسن مكي هو جزء من تأجيج هذا الصراع بقولة من يكسب النوبة يكسب الصراع في السودان .
فهل افتكر حسن مكي أن النوبة هم نفس النوبة الذين في مخيلته السابقة ؟ لا والف لا فالنوبة تطوروا وتغيروا وسيقررون مصيرهم بأنفسهم وسيعيدون سيرتهم الاولي ان طال الزمن ام قصر .
اما تشبيه حسن مكي اساءة نساء النوبة واغتصابهم علي غرار مادار في مصنع الشفاء هو تشبيه غير موفق تنعدم فيه اوجه المقارنة فذاك مصنع وهؤلاء بشر وهذا يدخل في صراع البقاء للنوبة وتطورهم وذاك يدخل في صراع السياسة والتي هي لعبة غذرة كما وصفوها . ثم ان حسن مكي وحكومته اثبتوا بالصح او الكذب أن مبارك الفاضل هو وراء ضرب مصنع الشفاء وهو الان مساعد رئيس الجمهورية فكيف يستقيم الظل والعود اعوج؟ وهذا يؤكد أن الصراع السياسي مربوط بالمصالح الانية وأن الصراع الثقافي هو صراع مستمر خاصة اذا ارتبط بالبقاء .
اما مدافعة حسن مكي عن الكرنكي فالكرنكي هذا رمز لغيره, ولكن مبدأ خدم المنازل هو مبدأ مرفوض ولا انساني لانه يؤكد الدونية واستعلاء الاخر واستغلال الفقر , ولدينا تجارب كثيرة يتباهي فيها نساء ورجال البندر, بأن لديهم خدم فمنهم من يتباهي بكثرة العدد الموجود داخل المنزل ومنهم من يتباهي بالوانهن وشعرهن او اجادتهن للطهي اوطاعتهن او ذوقهن... الخ. وهو نوع من الاستعباد والاسترقاق مهما تجمل شكلة, وهو شكل من اشكال التنمية غير المتوازنة التي كرست الفقر للفقراء والغناء للاغنياء , امل الا يكون حسن مكي بدفاعة المستميت عن الكرنكي من ضمن الذين يؤمنون بفكرة خدم البيوت وان جملها بأي مسمي , كما ان تحرير تلك الفتاة من قبضة الكرنكي قام به نفر من ابناء جبال النوبة وليست البارونه كوكس , اذ أ ن الفتاة كانت تعمل من الساعة الخامسة صباحا الي ساعات متأخرة من الليل بأجر مزري ومحزن لايتناسب وحجم العمل , الم يكن ذلك سخره ونوع من الاستعباد؟
أما فيما ذكر الدكتور حسن مكي بتهليل المعارضة, لكل كلام يفكك الوحدة الوطنية وينشر ثقافة الكراهية ويؤسس لاساطير اسأة معاملة النوبة واغتصاب نسائهم وضرورة تبني لاهوت لتحريرهم,
فهذا الحدث من الدكتور يعني, أن يسكت الناس ويكونوا شياطين خرساء. فالحقيقة مهما كانت مرارتها يادكتور فان التعامل الواعي معها هو الدواء لكل داء , فكل الدلائل تشير الي أنها حقائق وليست اساطير ولكن ثقافة الكراهية وكتمانها التي تتحدث عنها, لاتأتي الابتكريس الغبن, وعكسها هو كشف المستور من الحقائق لان مايعرض للنقاش يوجد لة حلا وما يدفن بالقوي أو المجاملة سيكون قنبلة موقوته ستنفجر حتما .
اما اتفاقية وقف اطلاق النار التي تتحدث عنها, فلقد احضرها ابناء جبال النوبة رغم رفض الحكومة لها في بدايتها, وبدوافع انسانية جاءت القوات المشتركه والمجتمع الدولى وقدم فى فتره وجيزه دعما عجزت حكومة الانقاذ طوال عمرها من تقديمه لمنطقة جبال النوبة, ولعل الوباء الذى اصاب اطفال قرية تيمين والذى كان سيؤدى الى انقراضهم لهو خير نموذج للعون المقدم من الغرب, رغم جهل حكومة السودان لذلك (وزارة الصحه) وهذا على سبيل المثال لا الحصر, وما رفض الحكومه للمعونه الامريكيه من ايصال الغذاء للمتضررين من الحرب فى هذه الايام الا تفكيرا فى الرجوع الى المربع الاول واستخدام الغذاء كسلاح بجانب الاسلحه الاخرىو ولم تزرع حكومة الانقاذ الا الالغام التي تتحدث عن ازالتها والتي راح ضحيتها الرائد محمد توتو من الحركه الشعبيه بجبال النوبه.
نأمل أن يراجع الدكتور حسن مكى ارائه المؤججه للصراع ان يحاسب نفسه قبل ان يحاسبه الآخرين, وان يستوعب المتغيرات, فالمجتمع فى حركه ديناميكيه مستمره وليس فى حركه استاتيكيه ثابته , وهذا ما ظل نظام الانقاذ يتجاهله عن قصد او عن تجاهل. ويجب ان يستفيد من النقله النوعيه فى تحول خطاب السيد الصادق المهدى رغم انها لعبه سياسيه ذكيه, الا انها تنم عن انه قارئ سياسى للمتغيرات الآنيه, ومدركا ان مواقف الحكومه المتعنته فى مفاوضات السلام, وما يدور فى الاروقه الغربيه والامريكيه, من ان الحل المستقبلى لمشكلة السودان ان لم يكن السلام العادل والعاجل, فان تجربة افغنستان والعراق ستكون هى البديل وحينها ستتغير الخارطه السياسيه فى السودان رضى الناس ام أبو, كما ان المهدى يدرك تماما ان احداث دارفور الاخيره قلبت وستقلب موازين السياسه السودانيه وخاصة مواقف الاحزاب الدينيه والطائفيه التى لم تقدم شيئا لسكان تلك المناطق, بل ساهمت الى حد كبير فى تأجيج كثير من الصراعات القبليه, وما زالت الحكومه الحاليه مستمره فى نفس المنوال.
لذلك فقد بدأ المهدي في الاعتذار اكثر من مرة وبأكثر من موقع لكل التجاوزات والمرارات التي حدثت في عهدة وفي تاريخ المهدية وبدأ يتحدث علنا عن وجود استعلاء ثقافي مكرس وسيطرة خطاب اسلاموعروبي, ولابد من عدم نفي الاخر ومشاركة الجميع بغض النظر عن ديناتهم وثقافتهم وانتماءتهم المختلفة. ومع كل هذه الاعتزرات فأن الصراع سيستمرما لم تحدث نقلات عملية ملموسة تنفي ذاك الاستعلاء الثقافي وسيطرة الخطاب الاسلاموعروبي واقعيا, ولا يتم ذلك الا ببناء سودان جديد يجد فيه كل شخص نفسة موجودا وممثلا في كل مؤسساته السياسية والنقابية والاقتصادية والاجتماعية بعدالة ومساوة يكفلها الدستور الدائم , ولن يتم ذلك الا بالتفكيك الكامل لجهاز الدولة الموجود حاليا, وبناءه بصورة موضوعية تضمن تماسك ووحدة السودان علي اسس جديدة.
واذا اراد حسن مكي أن يعيد سيرة عبد الله بن ابي سرح مرة اخري فأن السودان سوف ينقسم الي دويلات وسيستمر الصراع .
واخيرا نأمل أن يستغل الدكتور حسن مكى درجة الدكتوراة العلميه في تقديم عمل الخير وسرد الحقائق العلمية والتاريخية الصحيحة والتحليل السياسى الموضوعى, وأن يكون وجههة وعملة حسنا كأسمة.
أمين زكريا اسماعيل
أخصائى اجتماعى وأنثروبولوجى
محاضر جامعى سابق
الموافق 16/6/2003م- واشنطن
المراجع:
1-محمد ابراهيم نقد, علاقات الرق فى المجتمع السودانى, دار الوثائق الثقافيه الجديده, الطبعه الاولى,1995,ص 28.
2- نفس المرجع,ص 28.
3- نفس المرجع ,ص 31.
4- د. حسن مكى, الصرف من دفتر الاحزان, الحرب والسلام فى الفكر الاستراتيجى الامريكى قراءة الحرب الدوليه وماذا ينتظر السودان, مقال على صفحة سودانايل,27/5/2003م 5- د. محمد ابراهيم بكر, تاريخ السودان القديم, دار المعارف, الطبعه الثانيه,1987م. 6- د. عمر مصطفى شركيان, الافارقه والعرب ان الذى بينهم لمختلف جدا,مقالات متعدده فى سودانايل. 7- د.قندول ابراهيم قندول, ابو طالب تيو، امين زكريا مقالات متنوعه على صفحتى سودانايل و www.nmia-usa.net
8- اخبار متنوعه فى صفحة
| |
 
|
|
|
|
أبو ساندرا
manubia
jini
abuarafa
عصام دهب
mohammed alfadla
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست