|
Re: أعن هذا !! يسار إلى الطعان!!؟ (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
(عدت الى أهلى، يا سادتى، بعد غيبة طويلة، سبعة أعوام على وجه التحديد، كنت خلالها أتعلم فى أوربا، تعلمت الكثير، وغاب عنى الكثير، لكن تلك قصة أخرى. المهم، أننى عدت، وبى شوق عظيم الى أهلى فى تلك القرية الصغيرة عند منحنى النيل. سبعة أعوام وأنا أحن اليهم وأحلم بهم، ولما جئتهم كانت لحظة عجيبة أن وجدتنى حقيقة قائما بينهم، فرحوا بى وضجوا حولى، ولم يمض وقت طويل حتى أحسست كأن ثلجا يذوب فى دخيلتى، فكأننى مقرور طلعت عليه الشمس. ذاك دفء الحياة فى العشيرة، فقدته زمانا فى بلاد "تموت من البرد حيتانها". تعودت أذناى أصواتهم، وألفت عيناى أشكالهم من كثرة ما فكرت فيهم فى الغيبة، قام بينى وبينهم شىء مثل الضباب، أول وهلة رأيتهم. لكن الضباب راح، واستيقظت ثانى يوم وصولى، فى فراشى الذى أعرفه فى الغرفة التى تشهد جدرانها على ترهات حياتى فى طفولتها ومطلع شبابها وأرخيت أذنىّ للريح، ذاك لعمرى صوت أعرفه، له فى بلدنا وشوشة مرحة. صوت الريح وهى تمر بالنخل غيره، وهى تمر بحقول القمح. وسمعت هديل القمرى، ونظرت خلال النافذة الى النخلة القائمة فى فناء دارنا، فعلمت أن الحياة لا تزال بخير، أنظر الى جذعها القوى المعتدل، والى عروقها الضاربة فى الأرض، والى الجريد الأخضر المنهدل فوق هامتها فأحس بالطمأنينة. أحس أننى لست ريشة فى مهب الريح، ولكننى مثل تلك النخلة، مخلوق له أصل، له جذور، له هدف. وجاءت أمى تحمل الشاى، وفرغ أبى من صلاته وأوراده فجاء. وجاءت أختى، وجاء أخواى، وجلسنا نشرب الشاى ونتحدث، شأننا، منذ تفتحت عيناى على الحياة، نعم، الحياة طيبة، والدنيا كحالها لم تتغير.) إنتهى من بداية "موسم الهجرة الى الشمال"
|
|
|
|
|
|
|
|
|