|
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات (Re: Adil Al Badawi)
|
كان "الشيخ" الصديق يقدِّم ركناً وفجأة توقَّف وسأل: كم الساعة الآن؟! فأجابه أحد "عكاليت" الهندسة: الواحدة إلا ثلاثة عشر دقيقة. تساءل "الشيخ" الصديق بدهشة عظيمة: أمعقول؟!!! معجزةٌ ما في ذلك شك، وذلك لأنَّ هذا يعني أنَّ وحياً ما قد نزل على "الشيخ" الصديق وألهمه أن ينهي ذلك الركن في تمام الساعة الثالثة عشرة إلا ثلاثة عشر دقيقة دعماً لدعواه المسمَّاة "جماعة المسلمين تحت الرقم 13".
ثمَّ كان أن وجد "عكليتاً" آخر قطعةً من إطار سيَّارة مقاس ثلاثة عشر بوصة وتحديداً الجانب المكتوب عليه هذا المقاس فأخذها إلى "الشيخ" الصديق الذي فرح بها أيَّما فرح. معجزةٌ ما في ذلك شك و "مافي زول عارف لي يوم الليلة ده من ياتو مجرَّة نزلت" وهكذا كنَّا، في أواخر العام 1984، ندخل في "هضربة" لنخرج إلى أخرى. وبينما "الشيخ" الصديق "يهضرب" بالمعجزات التي تترى معلنة تضعضع الشكوك في مهدوية دعوته، كان النميري يرص آخر طوب "المدماك" السادس عشر لتُطبق هذه "المداميك" على النفوس الجائعة في بلادي رغماً عن أنَّ أقل من ستة عشر سنة بقليل هي المدة التي كانت تفصل تلك النفوس عن بدء الألفية الثالثة. أكاد أجزم اليوم أنَّه لو استقبل الناس في بلادي، حينئذٍ، من أمرهم ما استدبروا، لرضوا بأن يكون بينهم وبين الألفية الثالثة اثنتين وثلاثين سنة إذا كان ذلك يضمن لهم رجوع الزمان القهقرى إلى العام 1969 ليهدم تلك "المداميك" الطرشاء.
ثمَّ كان أن زعم "الشيخ" الصديق بأنَّه قادر على استخدام معجزاته في ازالة حكم النميري إذا خرج الناس معه في مظاهرة يحمل فيها كل واحد منهم ثلاثة عشر حصاةٍ مباركة ليرجم بها، من ناحية النيل، القصر الجمهوري. قال الجمهوريون: "هذا أو الطوفان"، وما أرادوا، حين قالوا "هذا"، "هضربة الشيخ الصدِّيق"، لذا فقد قال النميري: إتوني بالسحرة أجمعين.
جاء السحرة بمحاريث جهنَّم وصاروا يحرثون بعجلة ليست من الشيطان في شيء لأنَّها كانت الشيطان نفسه.
كانت الجامعة مغلقة، في يناير من العام 1985، ولا أذكر الآن سببًاً لإغلاق الجامعة في تلك الأيَّام ولمَّا نكمل أول ثلاثة أشهر، من دراستنا الجامعية، بعد. تحايلت على أمِّي (التي كانت تقوم بدور الأب أيضاً حيث أخْرَج ضنك بداية الثمانينات متضامناً مع أفواهنا، نحن الأبناء، أبانا الذي في السلك التعليمي السوداني إلى حيث السلك التعليمي اليمني) وربَّما أنَّني كذبت مدَّعياً أنَّني أعد بحثاً وربَّما كان ذلك في زمنٍ آخر ولست متأكِّداً. على أي حال، أخذت بعض النقود ممَّا كان يجنيه أبونا من عرق جسده كلَّه مدرِّساً بمرتفعات نواحي الحديدة باليمن في ظروفٍ، علمت لاحقاً، أقل ما يمكن أن توصف به: غزارة في انتاج الرطوبة وسوء في توزيع الأكسجين ولو قيِّض لنا أن نتغرَّب ويؤدِّبنا اليمن (وغيره) قبل أن يؤدِّبنا الزمن ثم أُطلقنا لنصرف ممَّا كان يجني آباؤنا لأرجعنا البصر كرَّتين قبل أن نشغِّل المضخَّات الإضافية في أجسادهم لتعوِّض ما كنَّا نصرفه "عمَّال على بطَّال" والحمد لله على كل حال.
أخذتني تلك النقود مباشرة إلى ركن الجمهوريين بالجامعة وإلى حيث كان "دالي" يتهكَّم مكرِّراً: زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً...الخ...الخ. زعمَ الفرزدقُ فدخلت الطمأنينة إلى قلوبنا، كعادتنا، بهذا التهكَّم الجمهوري من باب "أسمع كلام بضحِّكك، ما تسمع كلام ببكِّيك" لكنَّ كلام خالي عمر أبكاني عندما غضب غضبة عظيمة وأنا أرد على سؤاله (عمَّا أتي بي والجامعة مغلقة) قائلاً، بتردّد "برلوم" غر: "الأحداث دي" فأقسم لو أنَّ "الأحداث دي جات في صدر بيت العزَّابة ده، ماك شايفا". لم أفهم سر تلك الغضبة إلا لاحقاً عندما أصبحت أنا نفسي خالاً وشريكاً، فيما يقولون، لوالِدَيْ أبناء أخواتي.
تعشَّينا بمقولة "زعمَ الفرزدقُ..." ونمنا عليها وأفطرنا بما بات منها، بل وإنَّ الطيِّب خرج مليئاً بها ولم يغازله أحد في الشوارع إذ وضح أنَّها كانت مجرَّد خديعة. لم يرجع الطيِّب، من ساحة الاعدام، بما خرج مليئاً به وإنَّما رجع مليئاً بغضبٍ كان بوسعنا استقبال ذبذباته من عند المحطَّة على بعدها. دخل ووجهه أغبش (من الغضب وربَّما من العطش وربَّما من كلاهما) وكأنَّه اصطدم بجوّال دقيق. من مجرَّد لمحة، رأيت في وجه الطيِّب ولمست ممَّا كان يعتمل في صدره كلَّ الأحداث التي لو "جات في صدر بيت العزَّابة داك" ما كان لي أن أراها كما رأيتها في وجه الطيِّب. كانت ساعة شؤم رأيت فيها ما صوَّره بشرى الفاضل من غضب عبد القيوم ينزل من لسان الطيِّب دامياً ومتفتِّتاً وكأنَّه مضغ كبداً طازجاً ولفظه: "تكتلوهو يا أولاد الكلب...تكتلوهو يا أولاد الكلب"...اختار عبد القيّوم الطريق الأسهل بأن أطفأ غضبه في النيل لكنَّ الطيِّب*، ورغماً عن أنَّ النيل كان أقرب إليه من "بُرِّي أبو حشيش"، إلا أنَّه اختار أن يزيد لهيب النار المشتعلة في جوفه بأن صبَّ عليها، طائعاً مختاراً، عدة "كبايات من العرقي الرديء" مؤمِّلاً أن "توقد نار، تصبح رماد"...لكن...ماذا فعلتم أنتم، أيّها البورداب، في ذلك اليوم اليباب، بل ماذا تفعلون الآن وفاجعة أخرى بين أيديكم.
ودمتم إلى لقاءٍ آخر إن شاء الله.
* لقد هاتفت الطيِّب مستأذناً أن أنشر الأحداث التي ورد اسمه، في هذا السرد، مربوطاً بها ومستفسراً عن شعوره بعد عشرين سنة على تلك الأحداث. أسرَّ لي الطيِّب، الذي حجَّ واعتمر عدة مرَّات وأصبح ماء زمزم السائل المفضَّل لديه لإطفاء الغضب والعطش وحمى المرض، بأنَّني قد قلَّبت عليه مواجع غضبٍ ما كان يمكن أن تطفيه كل سوائل الدنيا وإن اجتمعت!! فهل أنا نادم على تقليب مواجع الطيِّب ومواجعي ومواجعكم؟!!، هيهات.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي اتطايرت" | Adil Al Badawi | 07-28-05, 00:20 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | ebrahim_ali | 07-28-05, 01:27 AM |
عن حفلة الديمقراطية الكتلناها لحدِّي ما كراسيها اتطايرت | Adil Al Badawi | 07-28-05, 02:49 AM |
Re: عن حفلة الديمقراطية الكتلناها لحدِّي ما كراسيها اتطايرت | عوض الله الفولانى | 07-28-05, 03:17 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | محمد السر | 07-28-05, 04:21 AM |
عن حفلة الديمقراطية الكتلناها لحدِّي ما الكراسي اتطايرت | Adil Al Badawi | 07-28-05, 07:33 AM |
Re: عن حفلة الديمقراطية الكتلناها لحدِّي ما الكراسي اتطايرت | humida | 07-29-05, 04:41 AM |
Re: عن حفلة الديمقراطية الكتلناها لحدِّي ما الكراسي اتطايرت | Adil Al Badawi | 07-29-05, 12:06 PM |
Re: عن حفلة الديمقراطية الكتلناها لحدِّي ما الكراسي اتطايرت | Adil Al Badawi | 07-30-05, 05:58 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | almulaomar | 07-30-05, 08:27 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | esam gabralla | 07-30-05, 08:36 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | Adil Al Badawi | 07-30-05, 11:22 PM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | Adil Al Badawi | 07-31-05, 05:10 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | Adil Al Badawi | 08-09-05, 00:00 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | Adil Al Badawi | 08-10-05, 05:25 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | Adil Al Badawi | 08-13-05, 06:34 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | haleem | 08-13-05, 11:03 PM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | Adil Al Badawi | 08-14-05, 02:30 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | aydaroos | 08-14-05, 07:02 AM |
Re: عن "الحفلة الكتلناها من قولة أوف...أوف...أوف...واحد...نين...تلاتة لحدِّي ما الكراسي ات | Adil Al Badawi | 08-14-05, 11:34 PM |
|
|
|