آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 10:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-19-2005, 00:55 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ


    آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور).

    بقلم بكري الصايغ ـ لايبزج ـ ألمانيا.

    1/ عبد الخالق محجوب:
    قالوا له ماذا قدمت لشعبك؟
    أجاب في هدوء: الوعي.. بقدر ما استطعت...
    وشهد الصحفيون الذين حضروا الجلسة الأولى من محاكمته، أنه كسب تلك الجولة دون منازع، فكان هو القاضي..
    طردوا الصحفيين، وأصدروا عليه الحكم بالإعدام وهم يرتجفون. صعد إلى المشنقة وهو يهتف:

    المجد لشعب السودان.. المجد لثوار السودان..
    أثار استشهاده، موجة عالية من الغضب العالمي الجبار، وألهم كثيرا من الأدباء والشعراء والفنانين على مستوى العالم، وكان مصدر للفخر والاعتزاز من قبل كل الشيوعيين والوطنيين.






    [الكتابة تتواصل ريثما أنتهي من الطباعة والتحميل]
                  

07-19-2005, 02:22 AM

ala elfaki
<aala elfaki
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 128

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: عبد الخالق محجوب:
    قالوا له ماذا قدمت لشعبك؟
    أجاب في هدوء: الوعي.. بقدر ما استطعت...


    هادئًٌٌٌُا كان اوان الموت عاديا تماما
    وتماما كالذى يمشى بخطو مطمئنا كى يناما
    قال مع السلمة .. لوح بابتسامة ..
    ثم ارتمى .. وتسامى .. وتسامى .. وتسامى



    المجد والخلود للشهيد عبدالخالق محجوب وكل الشهداء ..

    علاء الدين
                  

07-19-2005, 03:15 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    2/
    الشفيع أحمد الشيخ:
    بكل صبر وشجاعة الثوار الكبار تحمل الضرب والركل والسحل، ولم يتمكن النزيف من إطفاء ابتسامته المشرقة.) قال لجلاديه: "لم نرتكب أي خيانة ضد الوطن وشعبه، ووقفنا مع التقدم ومصالح الناس. وإذا متنا فالمهم أن يحافظ الناس من بعدنا على التنظيمات الجماهيرية التي اشتركنا في بنائها مع آلاف الناس." ــ إزاءه ارتد أبو القاسم محمد إبراهيم إلى أصوله الحيوانية ومعه تابعه اليماني، وإزاءهم تسامى إلى مجد الإنسان المناضل الشيوعي. نعاه الشاعر الكبير جيلي عبد الرحمن فكتب:
    في السهد ما انتحبت ما بكيت..
    حين ضم مأتم النهار بيت
    ما بكينا رهبة أو شفقة
    لكن عينيك الكحيلتين
    بالنور.. والنبيلتين
    تسامتا كراية ممزقة
    تقاوم السقوط في الوحول المطبقة
    أوّاه.. ما ركعت ما انحيت
    وحينما اعتدى المرتزقة
    عليك قبل الموت.. فافتديت
    مرتين... يا شفيع الطبقة.






    والكتابة تتواصل.. البوست القادم "جوزيف قرنق"
    [ملاحظة: ياسر الشريف ناقل لكتابة الدكتور بكري الصايغ، فأرجو عدم الخلط]

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 07-19-2005, 03:17 AM)

                  

07-19-2005, 03:44 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    3/
    جوزيف قرنق:
    (عندما استدعوه من سجن كوبر، قال لرفاقه المعتقلين، سأعود إليكم سريعاً)، وعاد بالفعل، ولكن لينفذ فيه حكم الإعدام دون محاكمة. كتب لأسرته: "أرجو أن تعتبروني أحد الركاب في طائرة تحطمت". لقد ناضل حتى الرمق الأخير من أجل وحدة الوطن، وتماسك قومياته، وتقدم شعبه.

    4/
    هاشم العطا:
    "أنا أتحمل المسئولية، وليست لديكم حجة في محاكمة الضباط والجنود والصف". قال هاشم العطا للسفاح نميري ـ "لست نادماً على ما قمت به، وإن كان لي أن أندم، فلأنني تركتك ثلاثة أيام وعاملتك معاملة كريمة". أطلقوا عليه ثمانمائة طلقة من الخلف. كان السفاح المخمور يشهد المنظر وهو يترنح، والشهيد العظيم يهتف باسم السودان.

    5/
    بابكر النور:
    حكمت عليه المحكمة العسكرية برئاسة تاج السر المقبول باثني عشرة سنة، فرد إليها السفاح نميري الأوراق. فحكمت عليه بعشرين عاماً، فأعاد الأوراق إليها مرة أخرى، فاستقال رئيسها، فعين نميري سفاحاً آخر لرئاستها (صلاح عبد العال)، الذي حكم على الشهيد بالإعدام. خطب في الجنود. وتراجع بخطوات منتظمة حتى لا يُطلق عليه الرصاص من الخلف.

    6/
    فاروق حمد الله:
    حاول نميري في البداية أن يستميله ضد رفاقه كثمن للإبقاء على حياته، فرفض بإباء، وقال لنميري: "نحن أتينا بك كواجهة للإنقلاب مايو بسبب غبائك وسهولة إزاحتك في أي وقت". خطب فاروق في الجنود، وكان مثالاً للشجاعة والثبات، وقال لأحد الضباط من أذناب نميري "تعال شوف الرجال بموتوا كيف؟" واستشهد كما يفعل أعظم الرجال.

    والكتابة تتواصل في البوست القادم..
                  

07-19-2005, 03:53 AM

salah elamin
<asalah elamin
تاريخ التسجيل: 04-07-2005
مجموع المشاركات: 1423

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    كتب عبد الله علي ابراهيم يوماما فيما معناه :-

    تقول الصحيفة ان فلانا قد رزق طفل او طفلة والمشاورات جارية لاختيار
    الاسم ، ومنذالان لم تعد لدينا مشكلة في اختيار الاسماء
    فخير الاسماء ما رشد وشفع وجزف وسعد .)
    0


    قامت 19 يوليو نهارا جهارا والشمس رائعة في السماء.
    قد نختلف مع تقديرات من قاموا ب 19 يوليو .
    لكن الذي لا نستطيع ان ننكره ان
    هؤلاء كانوا من اشجع الرجال واكثرهم اقداما .
    رحلوا باجنحة الريح وهم يهتفون باسم الشعب السوداني .

    (عدل بواسطة salah elamin on 07-19-2005, 03:56 AM)

                  

07-19-2005, 05:36 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    7/
    محمد أحمد الريح:
    قاتل حتى النهاية، ورفض نداءات الاستسلام. نسفوا المكتب الذي كان يحتمي به، فأصابته القذائف واخترق صدره الرصاص، وعندما وصلوا إليه كان ممسكاً بسلاحه، متألقاً في استشهاده.

    8/
    محجوب إبراهيم:
    طلب "سيجارة" قبل إعدامه. كان نميري يكرهه كثيراً، لأنه كان يمثل كل ما يفتقده هو من صفات عظيمة. وما بين حجرة المعتقلين وساحة الإعدام، امتلأ الفضاء بالهتاف المجلجل بحاية الشعب والوطن. (لملمة أشلاء الجسد كانت من أصعب الأمور، أما محو الاستشهاد الجميل فقد كان مستحيلاً).

    9/
    معاوية عبد الحي:
    قام جنود المظلات بتعذيبه تعذيباً وحشياً، ومزقوا ملابسه وجسده، وقادوه إلى معسكر "الشجرة" مهشمة عظام رأسه، فاقد الوعي، تسيل منه الدماء ومكتوفاً مع ذلك، وكانت مهمة المحكمة العسكرية، أن ترسله إلى ساحة الإعدام قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.. وهذا ما حدث.

    10/
    عبد المنعم محمد أحمد:
    "أرجو تقديمي للمحاكمة قبل كل الضباط، لأنني أتحمل كل المسئولية، ولأنني صرفت تعليمات التحرك.. تحركنا بسبب تردي السلطة وفسادها والتدخل الأجنبي والانهيار الاقتصادي، تحركنا لإنقاذ البلاد من كل ذلك". لقد ظل عبد المنعم يهتف وهو في طريقه إلى ساحة الإعدام ولحياة الشعب السوداني والجبهة الوطنية الديمقراطية. أطلق عليه الغوغاء الرصاص من الخلف.

    11/
    الحردلو:
    "تعوزكم الأدلة... ولا تعوزكم الأحقاد والنوايا المجرمة.. خلصونا بقى".. وأكمل باقي كلامه بصوت عالي "أما الناجون منكم أيها الرفاق فليذهبوا إلى الأهل ليبلغوهم أحر التحايا". وفي الساعات الأولى من الصباح كانت زخات الرصاص تخترق جسد الحردلو، وتحمل نسمات الصباح هتافه إلى الناس، إلى المستقبل.

    12/
    بشير عبد الرازق:
    "خليكم ثابتين.. ما في زول يجيب سير زول.. موتوا رجال، وكل زول يقول الحاجات العملها بس". توضأ في الفجر وأدى الصلاة، ولكن لم تعد اللحظات كافية لكتابة الوصية.

    13/ أحمد جبارة:
    عندما استفزه السفاح نميري، هجم على أحد الجنود محاولا أن يستولي منه على مدفعه ويجيب الإجابة المناسبة عليه، فأوسعوه ضرباً وركلاً حتى لطخت دماؤه جدران حجرة التحقيق، أطلقوا عليه مجموعات متصلة من الرصاص، وظل واقفاً. يهتف وينور جلاديه. قضى عليه "القاضي" أحمد محمد الحسن بطلقة من مسدسه، ولكن الجو العام وسط الجنود اختلف تماماً.

    14/ الجندي ـ أحمد إبراهيم:
    بعد أسبوعين من الأحداثن وفي سجن كوبرن قال له السفاح نميري "هل أنت سفاح بيت الضيافة؟"، فأجابه غير عابئ: "أنت السفاح والقاتل وتتحمل مسئولية كل ما حدث". قدم للمحاكمة وحكم عليه بالإعدام شنقاً!! ضرب على اللوحة الخشبية قائلاً: "يا مشنقة جاك راجل.. أنا ما قتلت زول وحقي ما بروح".

    15/ عثمان حسين (أبو شيبة):
    "كل المسئولية مسئوليتي وعبد المنعم ومعاوية عبد الحي. نحن قادة القوة التي تحركت. بقية الضباط والجنود نفذوا الأوامر. هاشم العطا نحن الذين أشركناه فهو ليس له قوات يحركها". أطلقوا عليه من الرصاص ما يكفي لإبادة كتيبة. وقد كان بالفعل كتيبة مكتملة.

    16/ محمد أحمد الزين:
    "يجيء يوم يقرأ فيه لاناس المحاكمات ويعرفوا الحقائق". وقد جاء ذلك اليوم مبكراً، وعرفنا كيف كان محمد أحمد الزين تجسيداً جميلاً للشجاعة ورباطة الجأش والوفاء. كان محباً للحياة، ولكن الحياة لم تكن بالنسبة إليه شيئاً آخر سوى الشرف، وقد استقبل موته ـ الحياة باسماً.


    المعتقلون يجابهون السفاح:
    صباح 18 أغسطس 1971، زار نميري سجن كوبر، والذي حل فيه جنود المظلات محل حراس السجن، وهناك أمروا المعتقلين بالاصطفاف بفناء السراي، ودخل نميري وحراسه والشرر يتطاير من عينيه صائحاً.. أي واحد شيوعي يطلع لي برة!".. فخرج أعضاء اللجنة المركزية حسب قرار متفق عليه لأمثال هذه الظروف، وخرج معهم عدد أخذته الحماسة الثورية، فقال السفاح: "خذوهم للزنازين حتى لا يروا الشمس مرة أخرى". وحين مر بالزنازين أمر بإخراج الجندي أحمد إبراهيم وأمر بإعدامه فوراً، وقد أعدم.


    المعتقلون في سجن مدني:
    لم ترو زيارة سجن كوبر غليل السفاح، فذهب إلى سجن مدني، وهناك استقبله أحد المعتقلين بالهتاف.. "ماذا تريد يا سفاح؟" فأمر نميري بوضعه في الحبس الانفرادي لمدة .... مائة عام!!!


    التضامن العالمي يشل يد السفاح:
    1/ الحزب الشيوعي الأمريكي: "إن العالم يهتز من إراقة الدماء في السودان"
    2/ الحزب الشيوعي الفرنسي: "... نطالبكم بحزم وقف هذه المجازر فوراً"
    3/ الحزب الشيوعي الإيطالي: "... الازدراء والفزع يعمان العالم..." "الأونيتا" .. صبيحة إعدام عبد الخالق.
    4/ لوموند الفرنسية: ".... شجاعة الشفيع أثارت إعجاب جلاديه.."
    5/ اتحاد نقابات ألمانيا الديمقراطية: "... نطالبكم فوراً بوقف ملاحقة النقابيين الشرفاء.."
    6/ لجنة الدفاع عن الشعب السوداني بالاتحاد السوفيتي: "... أوقفوا المجازر يا حكام السودان.. أطلقوا سراح المعتقلين الديمقراطيين".


    لماذا هزمت 19 يوليو وأغرقت في الدم؟
    لم يتعامل ضباط 19 يوليو مع واجب حماية انتفاضتهم بما يستوجبه من حسم في الأمورن وحزم لا يعرف الشفقة والرحمة. سهولة استيلائهم على السلطة جعلهم يتهاونون في تقدير الوزن الحقيقي لأعدائهم، والذين وحدتهم في لمح البصر تقدمية السلطة وجديتها في وضع السودان على طريق جديد، لم يستنهضوا الشعب ويسلحوا الجماهير في ساعة الخطر. كان ثلاثة من قادة الانتفاضة خارج الوطن. حرك السادات والقذافي والملك فيصل إمكانيات بلادهم ضد الحركة، فلجأوا إلى القرصنة الجوية، والتدخل العسكري السافر، والتمويه الدبلوماسي، والحرب الإعلامية النفسية، لعبت المخابرات البريطانية والأمريكية دوراً ملحوظاً في تعبئة كل القوى الممكنة ضد "الخطر الشيوعي" القادم من السودان، ونجحتا تماماً في هذا العمل.
    في ذكرى 19 يوليو المجيدة، التحية للشهداء، ولكافة شهداء النضال ضد الديكتاتوريات السابقة واللاحقة، وستبقى ذكراهم دوما ناصعة في تاريخ السودان.


    ملحوظة:
    المصادر:
    1/ لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني
    2/ جريدة "الميدان" ـ يوليو أغسطس 1996.
    3/ جريدة "الميدان" يوليو أغسطس 1999.
    4/ جريدة الشرق الأوسط ـ 30/6/1993
    5/ صور الشهداء مأخوذة من كتاب "لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني ـ يوليو 1988..

    [انتهى مقال الدكتور بكري.. وهناك ملحقات مصورة سألحقها هنا]




                  

07-19-2005, 05:55 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    ملحوظة:

    لم أتمكن من التعرف على شخصية الرجل الذي تم معه اللقاء في صفحة المجلة التي عرضت صورة منها بأعلاه وأنتظر من الدكتور بكري الصايغ أن يمدني بما غاب عني وعن القراء..

    ثانيا في قصاصة خالد حسن عباس توجد قصاصة أخرى ملصقة "صفعات المقدم بابكر النور".. لم أعرف مصدر القصاصة، أعني من أي جريدة كانت.. ثم أنني لم أقم بنزع القصاصة حتى يظهر باقي النص الذي خلفها من جريدة لاشرق الأوسط..

    ياسر

    [ ياسر الشريف قام بالطباعة ونقل الصور بواسطة الإسكانر ورفعها وليس هو كاتب المقال، منعا للخلط والاختلاط.. والتحية للأخ بكري الصايغ، وفي انتظار مكالمته..]
                  

07-19-2005, 06:03 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    وها هي صفحة قصاصة جريدة الشرق الأوسط كاملة لانها تكمل الصورة..

                  

07-19-2005, 06:13 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    يبدو لي أن هذه القصاصة هي أيضا غير مكتملة.. ارجو من الأخ بكري أن يقوم بإرسال بقية القصاصة بغية التوثيق لمختلف المصادر في هذا البوست..
                  

07-19-2005, 07:12 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)
                  

07-19-2005, 07:13 AM

mahdy alamin
<amahdy alamin
تاريخ التسجيل: 07-01-2004
مجموع المشاركات: 2025

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    المجد لشعب السودان.. المجد لثوار السودان..
                  

07-19-2005, 02:27 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي السوداني
    المجد والخلود لشهداء شعبنا الابرار
    وعاش نضال شعب السودان من أجل وطن حر وشعب سعيد

    شكرا أخي ياسر
                  

07-19-2005, 02:41 PM

WADKASSALA
<aWADKASSALA
تاريخ التسجيل: 08-08-2003
مجموع المشاركات: 749

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: خضر حسين خليل)

    الأخ الكريم/ياسر الشريف
    كم قتل السفاح نميرى وكم قتل السفاح عبدالرحيم محمد حسين فى مذبحة رمضان وكلماته( يعدموا حالآ وعلى الفور )
                  

07-20-2005, 04:35 AM

Yassir7anna
<aYassir7anna
تاريخ التسجيل: 09-08-2002
مجموع المشاركات: 2634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)


    ما شفتي ود الزين الكان وحيد أمه
    ماليلا كان العين قالولو ناسك كم
    ورينا ناسك وين .. ورينا شان تسلم
    العودو خاتي الشق ما قال وحاتك طق
    تب ما وقف بين بين لى موتو اتقدم
    قال أنا ما بجيب الشين أنا ما بجيب الشين
    أنا لو سقوني الدم
    والعسكري الفراق بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم
    كم من حبيباً ليَّ كان مالي بينا دروب
    ما ودع الحبان ما وسدوه الطوب
    حي قولي ما حي ووب

    حي قولي ما حي ووب
    ما خلى ساعة الموت يمه السرج مقلوب
    اتشتت الرصاص فى جسمو واتقسم
    لاقاهو يتبسم والحولو حيله وكان
    ريحة صباه تتشم
    زي التقول يومداك يوم العرس يادوب
    قال أنا ما بجيب الشين أنا لو سقوني الدم
    والعسكري الفراق بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم
                  

07-20-2005, 05:00 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حي قولي ما حي ووب!! (Re: Yassir7anna)

    شكرا على هذا المرور البهي يا عزيزي ياسر حنّا.. والتحايا موصولة للشاعر الإنسان محجوب شريف..

    قبل يومين شاهدت الحلقة [لعلها كانت الأخيرة] من مسلسل "الحجاج" في قناة "قطر الفضائية" وكنت أتابعه من حين لآخر.. في هذه الحلقة الأخيرة حدث ما تنفطر له القلوب.. سيدنا عبد الله بن الزبير تم القبض عليه وقطع رأسه وصلب بواسطة جنود الحجاج.. وكانت مقابلة أمه السيدة أسماء بنت أبي بكر للحجاج مقابلة عجيبة.. وقد أبدع الممثل السوري القدير عابد فهد في تمثيل دور الحجاج..

    تصور يا أخي ياسر أن مثل هذه الفظائع تمت في تاريخ الدولة الإسلامية.. ولا يزال البعض منا يريد العودة إلى صيغة "الخلافة" أو "الإمامة" والنفوس دخلها ما دخلها.. الديمقراطية هي أسوأ أنواع الحكم، ولكن المشكلة أنه ليس هناك ما هو أحسن منها..
    Winston Churchil said - democracy is the worst form of government
    but the problem is that there is no other better form of government.
    وبطبيعة الحال ما هو أحسن من الحكم الديمقراطي هو النظام الذي يستطيع أن يجمع بين الحرية الديمقراطية والمساواة الاقتصادية [بقدر الإمكان].. وهذا يسميه الأستاذ محمود [الجمع بين الاشتراكية والديمقراطية في جهاز واحد]..
    مشكلة الأنظمة الشيوعية هي أنها أنكرت الحرية الفردية، ومشكلة الأنظمة الديمقراطية هي أنها عجزت عن تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية..

    وهذا المستوى لا يتحقق إلا بالسلام.. ليس بالفرض وليس بالعنف..

    أشكرك مرة أخرى على مرورك البهي، فقد سرني غاية السرور خاصة لما لهذه الكلمات من معاني عميقة في أعماق نفسي..



    Quote: ما شفتي ود الزين الكان وحيد أمه
    ماليلا كان العين قالولو ناسك كم
    ورينا ناسك وين .. ورينا شان تسلم
    العودو خاتي الشق ما قال وحاتك طق
    تب ما وقف بين بين لى موتو اتقدم
    قال أنا ما بجيب الشين أنا ما بجيب الشين
    أنا لو سقوني الدم
    والعسكري الفراق بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم
    كم من حبيباً ليَّ كان مالي بينا دروب
    ما ودع الحبان ما وسدوه الطوب
    حي قولي ما حي ووب

    حي قولي ما حي ووب
    ما خلى ساعة الموت يمه السرج مقلوب
    اتشتت الرصاص فى جسمو واتقسم
    لاقاهو يتبسم والحولو حيله وكان
    ريحة صباه تتشم
    زي التقول يومداك يوم العرس يادوب
    قال أنا ما بجيب الشين أنا لو سقوني الدم
    والعسكري الفراق بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم ... والدايرو ما بنتم
    يا والدة يا مريم

                  

07-20-2005, 08:49 AM

Yassir7anna
<aYassir7anna
تاريخ التسجيل: 09-08-2002
مجموع المشاركات: 2634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)



    شكرا ليك أخي ياسر الشريف


    حقيقة اعجبت بطريقتك في التوثيق فهذا مجهود رائع ومقدر واسال الله ان يجعله في ميزان حسناتك

    الشئ الآخر انا يعجبني كثيرا الشجاعة والثبات عند المواقف الصعبة بغض النظر عن اختلافي اواتفاقي الايدولجي او الفكري، وانا حقيقة قريت كثيرا عن ابطال 19 يوليو والمواقف الخالدة في البطولة والشجاعة التي سطروها للتاريخ واعجبت بها ايما اعجاب واسال الله العلي القدير ان يتقبلهم شهداء عنده، والله اعلم بالسرائر، وهو يعلم الجهر وما يخفى

    وكذلك مواقف الاستاذ محمود محمد طه، رغم اختلافي الكبير مع افكاره وارائه لكن لا زلت اذكر كيف وقف بثبات وحاكم جلاديه وحقيقة هذه اشياء لا يمكن للمرء ان ينكرها وبعدين هو الآن بين يدي رب عفوغفور كريم يحب العفو، ان شاء عفى عنه وان شاء عذبه واسال الله ان يغفر لنا ويرحمنا جميعا

    بالنسبة لمسلسل الحجاج حقيقة ما حضرته، لكن في شئ يا ياسر يجب ان ما نحمل اخطاء الاشخاص للأسلام فاذا اخطا الحجاج فهذا لا يعني ان الاسلام خطأ، ورغم اختلاف الاراء حول الحجاج، لني قرات بعض الكتابات عن الحجاج وتصوره كانه اتقى انسان على ظهر هذه البسيطة، اي كان كما يقول المثل كل شاة معلقة من عرقوبها

    لكن الشئ الاعجبني كتيرا مسلسل المهاتما غاندي امس كانت الحلقة الثانية والآخيرة في تلفزيون عمان، حقيقة كنت معجب بهذا الرجل ومواقفه لكن بعد مراجعة سيرته في هذا المسلسل زاد اعجابي به واكبرت هذا الرجل كثيرا ومواقفه ومحولاته المستميتة لنبذ العنف الديني والطائفي، فقد كان فعلا رجلا عظيما

    لك الشكر اجزله
                  

07-20-2005, 09:49 AM

luai
<aluai
تاريخ التسجيل: 02-27-2002
مجموع المشاركات: 2251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    الاخ الدكتور ياسر الشريف تحية طيبة ..

    كل ما سمعته وقراته عن هؤلاء الرجال انهم كانوا يتميزوا بشجاعة عالية ونادرة - عبدالخالق والشفيع وهاشم العطا وبابكر النور وكل القيادات التي شاركت في انقلاب 19 يوليو - وقد حكى لي احد اعمامي وكان عسكريا وشاهدا على تلك الاحداث ..انه دخل احد الغرف في القيادة العامة او القصر على ما اذكر وشاهد بام عينه حالة عبدالخالق وانه قد عذب ( حكى لي انه عذب بهرسه على بطنه ) وقال انه شاهد يده (عبدالخالق ) موضوعة على المكتب ومثبتة بالسونكي وهو يحقق معه .والدماء تنزف منه .

    قال لي عمي نهم كانوا (رجال ) وفيهم رجالة السودانيين وكانوا عساكر من طراز نادر..
    لكن مايؤخذ عليهم بقوه كما تعرف هي مجزرة قصر الضيافة ..
    وتصفيتهم لعدد كبير من ضباط الجيش الوطنيين ..في ظرف 36 ساعة
    ويؤخذ عليهم المظاهرات التي خرجت في قلب الخرطوم وهي تهتف بان الخرطوم ليست مكة .
    في استفزاز واضح لمشاعر الناس الدينية ..

    رحم الله الجميع وغفر لهم ...
                  

07-20-2005, 10:10 AM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: luai)

    الاخ ياسر الشريف
    احييك على نشاطك ومثابرتك وصبرك وقدرتك الفائقه على التوثيق وهذا جهد مقدر ولو كل الناس استطاعوا الكتابه والتوثيق لاندثرت عندنا ثقافة المشافهه هذه التى يستغلها الطغاة والكذابون والذيين يعملون بمبدا اكذب اكذب حتى تصدق كذبتك وهم قد ترسخت لديهم قناعه بان الشعب السودانى بلا ذاكره
    ان مثل جهدك هذا يسحب البساط من اقدامهم ويفقدهم واحد من شرائط وجودهم
    تاكد انك تسهم بكثير من المعرفه والمعرفه قوه
                  

07-20-2005, 10:50 AM

ريهان الريح الشاذلي
<aريهان الريح الشاذلي
تاريخ التسجيل: 02-22-2005
مجموع المشاركات: 2178

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: wadalzain)

    اي المشانق لم يزلزلو بالوقار ثياتها

    لهم التحية في عليائهم
                  

07-20-2005, 11:52 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    أشكر جميع الذين مروا وعلقوا.. وأحييهم
    علاء الدين الفكي، صلاح الأمين، مهدي الأمين، خضر حسين، ود كسلا وياسر حنا ولؤي وود الزين..

    الأخ ود الزين
    Quote: احييك على نشاطك ومثابرتك وصبرك وقدرتك الفائقه على التوثيق وهذا جهد مقدر ولو كل الناس استطاعوا الكتابه والتوثيق لاندثرت عندنا ثقافة المشافهه هذه التى يستغلها الطغاة والكذابون والذيين يعملون بمبدا اكذب اكذب حتى تصدق كذبتك وهم قد ترسخت لديهم قناعه بان الشعب السودانى بلا ذاكره
    ان مثل جهدك هذا يسحب البساط من اقدامهم ويفقدهم واحد من شرائط وجودهم
    تاكد انك تسهم بكثير من المعرفه والمعرفه قوه

    أشكرك وأشكر الأخ ياسر حنا على الإشادة بالتوثيق في هذا البوست وفي غيره.. بالمناسبة
    التوثيق في هذا البوست هو من عمل واحد من أكبر أعمدة التوثيق وهو الأخ بكري الصايغ، وقد تكرم بإرسال هذه القصاصات إلي لأرفقها مع مقاله، فله التحية والشكر.. والحمد لله أن منابر الشبكة العنكبوتية تعطي الفرصة لنشر هذه الوثائق لحفظ التاريخ.. ولقدام سيكون هناك مجال كبير لنشر وثائق بالصورة والصوت "فيديو"..

    الأخ لؤي:
    Quote: قال لي عمي نهم كانوا (رجال ) وفيهم رجالة السودانيين وكانوا عساكر من طراز نادر..
    لكن مايؤخذ عليهم بقوه كما تعرف هي مجزرة قصر الضيافة ..
    وتصفيتهم لعدد كبير من ضباط الجيش الوطنيين ..في ظرف 36 ساعة
    ويؤخذ عليهم المظاهرات التي خرجت في قلب الخرطوم وهي تهتف بان الخرطوم ليست مكة .
    في استفزاز واضح لمشاعر الناس الدينية ..

    رحم الله الجميع وغفر لهم ...

    في تلك السنة كنت في السنة الأولى في جامعة الخرطوم "برليم علوم بايولوجي".. وأذكر تلك الأحداث تماما.. الشاهد أن الانقلابيين لم يبدأوا بالتصفية ولم يبدأوا بالقتل والدليل على ذلك أنهم أبقوا على نميري حياً وقبضوا عليه، وأبقوا على هؤلاء الضباط الغير تابعين لهم في الانقلاب أحياء في "بيت الضيافة" ولكن عندما بدأت حركة استعادة سلطة نميري بواسطة أبو القاسم محمد إبراهيم وجماعة نميري بدأ إطلاق النار وساد الهرج والمرج وفي مثل هذه الظروف فإن الخوف يكون سيد الموقف [من الجانبين طبعا] وهناك روايات تقول بأن جماعة استعادة السيطرة [ناس نميري] هم الذين ارتكبوا المجزرة. المهم أن كل فريق يتهم بها الآخر.. الشاهد أن مسئولية مجزرة بيت الضيافة لم تكشف تماما بالتحقيق النزيه المستقل حتى الآن..
    طبعا الانقلاب العسكري إما أن تكون نتيجته النجاح أو الفشل وغالبا ما تسيل الدماء.. فالسلاح ليس "مسدسات موية".. والناس لا يزالون يذكرون ما حدث في رمضان والـ 28 ضابط الذين تم إعدامهم في بداية عهد الإنقاذ..

    ما يُحمد لانقلاب مايو عام 1969 أنه خلّص السودان من أن ينزلق إلى دائرة "الحكم الإسلامي على طريقة الأخوان المسلمين التي ظهرت بعد عشرين عاما 1989] وهو ما كان يخطط له السلفيون والطائفيون الحزبيون بزعامة الأخوان المسلمين، قبيل مجيء مايو.. ولو نجحت خطة دعاة "الدستور الإسلامي" في ذلك التاريخ المبكر لكان السودان قد حُرم من كثير من المكتسبات التقدمية التي حدثت في النصف الأول من العهد المايوي.. هذه حقيقة لا بد أن تُقال.. الشاهد أن التجربة الديمقراطية بعد أكتوبر اتسمت بكثير من التزييف للديمقراطية ظهر في مسألة حل الحزب الشيوعي ومحاولة تكفير الأستاذ محمود، ولكن الأخطر من كل هذا هو محاولة فرض الدستور الإسلامي على الجنوبيين، مما وضع الجنوبيين على نقيض مع الحكم الحزبي.. وقد أخطأ جناح السيد الهادي المهدي في مواجهة الحكم العسكري الجديد بمحاولة استرداد الحكم بالسلاح [الجزيرة أبا وود نوباوي] لعدم تقدير قوة الحكومة، وقد لعب الأخوان المسلمون دورا بارزا في دفع حزب الأمة إلى ذلك الموقف البعيد عن الحكمة..
    والحقيقة أن الشعب السوداني قد أيّد حكومة مايو منذ مجيئها.. وفي تقديري أن حركة انقلاب 19 يوليو قد أخطأت في الحساب، ولم تقرأ الواقع المحلي والإقليمي والعالمي بذكاء.. الأخطر من ذلك أن فشل تلك المحاولة هو الذي دفع إلى تكريس حكم الفرد عند نميري.. فترشح لرئاسة الجمهورية بعد أن حل المجلس العسكري..

    الأخ ياسر حنا تقول:



    Quote: الشئ الآخر انا يعجبني كثيرا الشجاعة والثبات عند المواقف الصعبة بغض النظر عن اختلافي اواتفاقي الايدولجي او الفكري، وانا حقيقة قريت كثيرا عن ابطال 19 يوليو والمواقف الخالدة في البطولة والشجاعة التي سطروها للتاريخ واعجبت بها ايما اعجاب واسال الله العلي القدير ان يتقبلهم شهداء عنده، والله اعلم بالسرائر، وهو يعلم الجهر وما يخفى

    وكذلك مواقف الاستاذ محمود محمد طه، رغم اختلافي الكبير مع افكاره وارائه لكن لا زلت اذكر كيف وقف بثبات وحاكم جلاديه وحقيقة هذه اشياء لا يمكن للمرء ان ينكرها وبعدين هو الآن بين يدي رب عفوغفور كريم يحب العفو، ان شاء عفى عنه وان شاء عذبه واسال الله ان يغفر لنا ويرحمنا جميعا


    نعم الصبر والشجاعة والثبات من صفات السودانيين المشهودة.. وحديثك عن الأستاذ محمود في محله ولكن لعلك تتفق معي أن الذي يميزه على غيره من ضحايا العنف المايوي هو أنه لم يحمل سلاحا وأنه حاول على طول المدى أن ينصح نظام مايو وينصح المعارضة كذلك.. وسيأتي اليوم الذي تتضح فيه التفاصيل بالوثائق ..

    قولك:
    Quote: بالنسبة لمسلسل الحجاج حقيقة ما حضرته، لكن في شئ يا ياسر يجب ان ما نحمل اخطاء الاشخاص للأسلام فاذا اخطا الحجاج فهذا لا يعني ان الاسلام خطأ، ورغم اختلاف الاراء حول الحجاج، لني قرات بعض الكتابات عن الحجاج وتصوره كانه اتقى انسان على ظهر هذه البسيطة، اي كان كما يقول المثل كل شاة معلقة من عرقوبها


    بالعكس أنا لا أقول أن أخطاء الحكام والقواد مثل الحجاج أو يزيد بن معاوية تحسب على الإسلام.. ولكني أقول أن الحككم القائم على الشريعة الإسلامية بطبيعته مُعرض لمثل هذه التجارب.. هذا أمر طبيعي.. الأمر الطبيعي في ذلك الوقت هو حكم القوي.. اقرأ بتأمل هذه الآية : "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما".. طبيعي أن تعتبر كل طائفة الأخرى هي الباغية.. وقد بدأت الفتنة منذ زمن سيدنا عثمان..
    أنا أقول: إذا كان هؤلاء هم المسلمون الذين عاصر كثير منهم زمن النبوة وخلافة الشيخين رأينا كيف قامت بينهم الفتن التي انتهت إلى حرب، فكيف يمكن أن تُحل الاختلافات بشأن الحكم بين مختلف الطوائف الآن؟؟ وضع في الاعتبار أن أقطارا مثل مصر والسودان وسوريا والعراق بها أناس غير مسلمين..

    لا أظن أن أحدا يقول بالرجوع إلى الآية أعلاه "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا". فهذه الآية لم يعد لها استخدام الآن، في تقديري المتواضع، بمعنى أنها لا يمكن أن تطبق.. مثلها في ذلك مثل آيات الاسترقاق مثلا "إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين"؛ هذه الآية ليس لها موضع تطبيق الآن..

    لو اقتنع العرب والمسلمون في الدول العربية بهذه المسائل لما قامت حروب أهلية ولاستطاعوا حل مشاكلهم بطرق سلمية ولاستطاعوا أين يبنوا أوطانهم على أساس من الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الجماعات..

    حكم بني أمية كان حكم ملوك واعتمد على العنف والشدة، ولذلك كانت نهايته أيضا عنيفة على يد العباسيين.. وهؤلاء الأخيرون بدأ عهدهم بسفك الدماء حتى أن الخليفة كان يُلقب بالسفاح.. أما مظهر الدين الذي قلته عن الحجاج فهو ليس مجال حديثنا، الناس يهمهم سلوك الحاكم وعدله في المقام الأول.. أنا لا أريد أن أجرد الحجاج أو بني أمية من كل فضيلة، فالتوحيد يقول أنه لا يدخل الوجود باطل مطلق.. وهم في النهاية كانوا منسجمين مع حكم الوقت في زمنهم..

    قولك عن المهاتما غاندي:
    Quote: لكن الشئ الاعجبني كتيرا مسلسل المهاتما غاندي امس كانت الحلقة الثانية والآخيرة في تلفزيون عمان، حقيقة كنت معجب بهذا الرجل ومواقفه لكن بعد مراجعة سيرته في هذا المسلسل زاد اعجابي به واكبرت هذا الرجل كثيرا ومواقفه ومحولاته المستميتة لنبذ العنف الديني والطائفي، فقد كان فعلا رجلا عظيما

    نعم المهاتما غاندي كان رجلا عظيما بحق.. ومستقبل البشرية هو لدعاة السلام بطبيعة الحال.. عندما يكتب التاريخ بصورة دقيقة سيعرف الناس مدى عظمة الأستاذ محمود كرجل سلام ينبذ العنف والطائفية الدينية والعرقية، وأنا على يقين من هذا الأمر.. صورة الأستاذ شوهها المعارضون له وكانت هناك بعض القوى المستفيدة من تشويه صورته.. ولكن الحق سيظهر ولو بعد حين..

    أشكرك يا ياسر لإعطائي فرصة الكتابة في جو مليء بالمودة.. فلك مني المودة والتقدير..

    ياسر
                  

07-20-2005, 11:56 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    الأستاذة ريهان،
    تحية وشكرا على المرور..
                  

07-20-2005, 10:04 PM

salah elamin
<asalah elamin
تاريخ التسجيل: 04-07-2005
مجموع المشاركات: 1423

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    فعلا توثيق بديع .
    وحول اللقاء المنشور
    في المجلة فهو لقاء اجرته مجلة الوسط اللندنية
    مع الاستاذ التيجاني الطيب عضو سكرتارية اللجنة المركزية للحزب
    الشيوعي السوداني وقد نشر عام 1997 تحت عنوان (التيجاني الطيب يتذكر)
    اجراه
    الصحفي غسان شربل.

    من الكتابات التي وثقت ل 19 يوليو كتاب للاستاذ
    عبدالعظيم سرور وهو من الذين شاركوا في الانقلاب وقد نشر
    مقاطع منه في اصدارة قضايا سودانية.
    وكذلك كتاب الكودة وهو ضابط صف كان عضوا بالحزب
    وكذلك كتاب السيد محمد محجوب عثمان شقيق
    الشهيد عبدالخالق محجوب.
    اضافة لما كتبه فؤاد مطر (الحزب الشيوعي السوداني نحروه ام انتحر )
    اضافة لمئات الدراسات والمقالات عن هذه الفترة
    وهناك كتاب تحت الطبع لدكتور حسن الجزولي نشرت
    مقاطع منه في موقع السودان للجميع .

    شكرا اخ ياسر

    (عدل بواسطة salah elamin on 07-21-2005, 02:09 AM)

                  

07-21-2005, 00:09 AM

sunrisess123

تاريخ التسجيل: 04-17-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يا وطن (Re: Yasir Elsharif)

    يا وطن سلبوك ضحكة صبية ---------- باعوك للأماني ------- زفو للنيل البنيه الطالعة من شوق أولاني .... وسدوا الرايات تراب ... ما الوجعة ضاعت في المعاني
    هاشم صديق : مرات بتنداس البشائر بي حوافر خيل مغامر----- وتلقى طائر في سما الحرية اتحول رقيق
                  

07-21-2005, 01:47 AM

hanadi yousif
<ahanadi yousif
تاريخ التسجيل: 06-03-2005
مجموع المشاركات: 2743

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    هادئا كان اوان الموت عاديا تماما
    وتماما كالذي يمشي بخطوا مضمانا كي ينام
    قال مع السلامة لوح بابتسامة
    ثم ارتمى وتسامى وتسامى

    يوليو في ضميرنا جرحا نبيلا يسطع في افق حياتنا قيما نبيلة :جسارة وبسالة في 19 يوليو طلعوا كما النيازك -وسريعا رحلوا وتركوا لنا الحياة كلها! ما اجملهم

    التحية والمجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي الابرار
    المجد والخلود لشهداء الشعب السوداني
    والتحية ياسر الشريف
                  

07-21-2005, 02:17 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    شكرا على المرور يا هنادي

    الأخ صلاح الأمين، شكرا على الإضافة.. هناك مؤلفات الدكتور محمد سعيد القدال.. أرجو ممن يوجد معه كتاب الكوده أن يحاول إرسال الصفحات التي تختص بمسألة بيت الضيافة..


    في هذا اللقاء الصحفي مع بعض السياسيين والكتاب يجيبون عن بعض الأسئلة حول جعفر نميري ونظام مايو.. تعليقاتهم تفتح الطريق لمزيد من التعقيب..
    http://www.rayaam.net/22004/05/25/syasia/syasa2.htm[/B]
                  

07-21-2005, 02:50 AM

banadieha
<abanadieha
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 2235

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)



    دا الكلام أخي الكبير ياسر الشريف..وكما قلت فبوست أبي ساندرا وبوستك قراءة مكملة لبعضهما بعضا.
                  

07-21-2005, 06:13 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: banadieha)

    شكرا يا عزيزي بناديها..



    في مقابلة مع د. جعفر شيخ إدريس .. قال فيها أن نميري قال له بعد 3 أسابيع فقط من الإنقلاب أنه يتربص بالشيوعيين..
    Quote: يقولون أنه كانت لك علاقة ما بانقلاب مايو 1969 وبجعفر نميري!! وما علاقتك ببابكر كرار؟

    هذه إشاعة. لم أكن أعلم أي شئ عن مايو. نعم، كانت لي علاقة ببابكر كرار، وبابكر نفسه فوجئ بأن الشيوعيين مشاركون في الإنقلاب ولكن بعد حدوث الإنقلاب جاءني عدد من الناس وأكدوا لي أن نميري ليس شيوعياً ورأوا ضرورة الإتصال به، وفعلت ذلك. وظهر لي فعلاً أن كلامهم صحيح، بل إن نميري أكد لي في الأسبوع الثالث من الإنقلاب أنه متربص بالشيوعيين وقال لي: "الشيوعيون ديل أصبر ليهم"
    http://www.jaafaridris.com/Arabic/Interview/wifaq020598.htm

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 07-21-2005, 06:15 AM)

                  

07-21-2005, 06:18 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: لأربعاء 3رمضان 1424هـ - 29 أكتوبر 2003 -العدد 208


    محجوب عثمان أول وزير إعلام في نظام نميري:أصبحت وزيراً رغم أنفي بقرار حزبي


    الخرطوم ـ خالد عبدالعزيز






    عندما ومع بدايات انقلاب مايو 1969 انقسم الحزب الشيوعي حول تعريف الانقلاب وهل هو انقلاب عسكري ام ثورة، واحتدم النقاش داخل اللجنة المركزية للحزب الذي اختار الحكام الجدد بعض اعضائها، ومن بينهم محجوب عثمان لشغل عدد من الوزارات، ونجح التيار المؤيد لحكومة مايو في كسب الجولة وشغل عثمان منصب وزير الاعلام.


    وجرت مياه كثيرة منذ شغل عثمان الوزارة وتم اعفاؤه من منصبه على ان يشغل منصب سفير السودان في اوغندا بعد موافقة الحزب، وفي اوغندا التي كانت مقراً للحركة الجنوبية المسلحة «أتانيا» كاد ان يذهب ضحية لعملية اغتيال خططت لها الحركة، ومع ذلك واصل عمله وحقق نجاحاً كبيراً بعدما كسب قضية المرتزق الالماني اشتاينر وانتزع من الألمان ليحاكم بالخرطوم.


    وبعد احداث يوليو العام 1971 والصراع الذي نشب بين الحزب والرئيس نميري نجا من الموت بأعجوبة بعد ان غادر اوغندا الى لندن ليكون في رفقة بعض اعضاء مجلس قيادة الانقلاب النوعي في رحلتهم الى الخرطوم، الا ان الحظ حالفه اذ وصل العاصمة البريطانية بعد مغادرة اعضاء «مجلس الثورة» الذي اعدمهم نميري بعد ايام من تسليم ليبيا لهم الى الخرطوم.


    وفي الصفحات التالية يلقي محجوب عثمان مزيداً من الضوء على هذه الأحداث وغيرها مما تختزن ذاكرته من محطات مهمة في حياته:


    وزير رغم أنفه


    ـ نود ان نتعرف على ملابسات تقلدك لمنصب وزير الاعلام في اول تشكيل وزاري لحكومة الرئيس السابق جعفر نميري؟ ـ أبدأ حديثي بعلاقة الحزب الشيوعي السوداني بانقلاب مايو 1969 بعد وقوعه وهناك حقيقة كبيرة غائبة وهي ان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اجتمعت في أمسية 25 مايو بأحد المنازل بمدينة الخرطوم بحري وصدر توجيه من قيادة الحزب للذين تم اختيارهم في اول مجلس وزراء لحكومة مايو من اعضاء الحزب بألا يؤدوا القسم حتى تجتمع اللجنة المركزية للحزب وتقرر هل هذا انقلاب عسكري ام ثورة، وكانت المناقشة في اجتماع اللجنة المركزية قد وصلت الى انقسام حاد جداً فكان هناك من يرى ان هذا انقلاب عسكري ويدعو للنأي عنه وبالتالي لا يشارك اعضاء الحزب في مناصب وزارية وانا كنت في ذلك الوقت احد اعضاء الحزب الذين تم اختيارهم للوزارة وكان هناك رأي آخر داخل اللجنة المركزية يرى ان مايو حركة تقدمية وان بيانها الأول يشتمل على العديد من اطروحات الحزب، واحتدمت المناقشة الى ان تم اللجوء للتصويت وكان رأي الاغلبية بعد التصويت يقف مع تأييد الحزب لحكومة مايو وهزم رأي الاقلية التي ترفض التعاون مع النظام وكان يقود هذا الرأي عبدالخالق محجوب سكرتير عام الحزب. وانا رغم صدور قرار تعييني وزيراً الا انني كنت اقف مع رأي الأقلية الداعية لمقاطعة انقلاب مايو. وبالفعل خرجت من اجتماع الحزب للمشاركة في الحكومة رغم قناعتي بعدم صحة هذا الرأي ولكن في النهاية خياري هو التمسك بقرار الحزب. وبالفعل شاركت في اول تشكيل وزاري في حكومة مايو وكان بقية اعضاء الحزب الشيوعي الذين تقلدوا مناصب وزارية هم موريس سدرة وجوزيف قرنق وفاروق ابو عيسى وادينا القسم. وهكذا بدأت العلاقة مع مايو وتطورت الى ان نشب الخلاف والانشقاق والعداء.


    واذكر انني كنت احد ضحايا اول تعديل وزاري تم في مايو لانه بدأ لون النظام يظهر لنا نحن الاعضاء في مجلس وزرائه انه نظام معادٍ للحزب الشيوعي رغم انه استغل اطروحات الحزب في بادئ الامر والتعديل الوزاري الاول استهدف الحزب والمتعاطفين معه وكان ذلك في اكتوبر 1969م. ولاحظت في تلك الفترة ان هناك شكاً ورقابة مفروضة علي وانا آنذاك وزير للاعلام والشك كان من جناح القوميين العرب داخل الحكومة ومثال لذلك تحصلت على معلومات ان هناك رصداً مكتوباً لكل ما يذاع عبر الاذاعة السودانية من قبل اجهزة الامن لاستكشاف اذا كان هناك اي دعاية ماركسية تبث من خلال الاذاعة.


    وبعد التعديل الوزاري ظهرت مسوغات تبرر اقالتي بزعم ان الثورة متحركة وهذا يستدعي تغيير المواقع وقدم لي مقترحاً بأن اذهب الى جوبا ولكني رفضت هذا المقترح لأن اقالتي كانت فرصة مناسبة للتحلل من الحكومة لانني في الاصل كنت غير راغب في المشاركة في الحكومة وكنت اقوم فقط بانفاذ قرارات الحزب. ولكن بعد ذلك فرض علي المزيد من الضغوط حتى اقبل منصب سفير السودان في اوغندا التي كانت تمثل مركز الثقل لحركة الانانيا ـ المعارضة الجنوبية المسلحة الابرز آنذاك ـ وكان يقودها جوزيف لاقو. وبعد ذلك اجتمع الحزب وقرر ان اتولى المنصب وبالفعل توجهت الى اوغندا واكتشفت ان هناك علاقة حميمة بين العمل الدبلوماسي والصحفي ورغم عدم درايتي بالبروتوكولات الدبلوماسية ولكنني وجدت ان هناك تقارباً كبيراً بين مهنتي كصحفي والعمل الدبلوماسي لان عمل الدبلوماسي هو ان تدعو لبلدك وفق قناعتك وكانت شعارات مايو لا تزال براقة وفي ذات الوقت مطلوب من السفير ان يجمع معلومات سواء كان من الحكومة او بقية السفارات وترسل لبلدك. وكان العمل بالنسبة لي في السفارة ممتعاً جداً لأن هناك تحدياً لوجود قيادة الانانيا في كمبالا وكان العمل غير تقليدي ومن حيوية العمل ان مخابرات السفارة في كمبالا قدمت لي محضراً. لاحد اجتماعات الأنانيا قرروا فيه اغتيالي وذلك لم يثنيني من اداء عملي بالعكس فقد كنت استهدف التواجد في اماكن تجمع اعضاء الانانيا ولكن كان المسدس لا يفارقني ابداً وبأسلوب اقتحام مجالسهم نجحت في استقطاب عدد كبير من الانانيا كما استطعت تحييد البعض منهم وذلك بطرح ان نظام مايو الجديد يختلف عن الحكومة السابقة وانه طرح حكم ذاتي للجنوب وتعيين جوزيف قرنق وزيراً لملف الجنوب ساعد في اقناعهم وظللت في هذا المنصب حوالي العامين.


    ليلة القبض على المرتزق اشتاينر


    ومن الاحداث الكبيرة التي وقعت وانا سفير بأوغندا هي قضية اعتقال المرتزق الالماني اشتاينر وهو محترف في القتل وقد نجحت حركة الانانيا في استقطابه لقيادة عمليات عسكرية ضد حكومة السودان في غابات الجنوب وهذا المرتزق عند قيادته لحرب العصابات ارهق الجيش السوداني بصورة مزعجة وفي اثناء الكر والفر تجاوز اشتاينر الحدود الاوغندية وقام الجيش الاوغندي بالقبض عليه وتم نقله لاحد السجون بكمبالا. وهنا نشبت معركة عنيفة بين السودان والمانيا حول احقية كل طرف بتسلم المرتزق ففيما ترى الحكومة الالمانية ان اشتاينر مواطن الماني وكانت سفارة المانيا بكمبالا تلوح لاوغندا بسحب معونة المانية قدرها (50) مليون دولار مفترض تقديمها لاوغندا في حالة عدم تسليمها المرتزق الالماني، كان السودان يصر بأن يتسلم المرتزق باعتباره قام بعمليات عسكرية ضد حكومة السودان داخل اراضيه. وازاء ذلك قدت حرباً دبلوماسية واسعة وساعدني في تلك المعركة تمتعي بعلاقات قوية مع رئيس اوغندا ابوتي وتلك العلاقة المتميزة بالاضافة الى المعلومات التي امتلكها ساعدتني في القضية اضف لذلك ان منظمة الوحدة الافريقية كان لها حملة معارضة لعمل المرتزقة في افريقيا وصدر بيان بذلك في اكثر من قمة افريقية وقمت بتسليم هذه الوثائق وكافة المعلومات للرئاسة الاوغندية الى جانب الخطاب العاطفي.


    وفي النهاية اصدر الرئيس ابوتي قراراً بتسليم المرتزق اشتاينر لحكومة السودان وسعدت بهذا القرار وارسلته عن طريق اللاسلكي للخرطوم واخبروني على الفور بأنه سيتم ارسال طائرة خاصة لنقل المرتزق الالماني للسودان وبالفعل وصلت الطائرة لكمبالا وعلى متنها وفد عسكري يقوده اللواء محمد الباقر وزير الدفاع الذي تولى فيما بعد منصب نائب الرئيس النميري وتم وضع ترتيبات أمنية مشددة لنقل المرتزق للطائرة وفي مطار كمبالا حدثت عملية التسليم والتسلم وبعد ان وقع اللواء الباقر على الاوراق قدم لي حقيبة ممتلئة عن آخرها بالدولارات وسألت عن هذه الاموال فقال لي ان القصر الجمهوري يريد مكافأتك على المجهود الكبير الذي بذلته في قضية المرتزق ورفضت المبلغ واوضحت بأن كل الاموال التي صرفت في هذا الموضوع كانت من ميزانية السفارة ورغم الحاحه رفضت ان استلم حقيبة الدولارات. واحدث اعتقال اشتاينر ونقله للخرطوم ضجة كبيرة واستدعت حكومة السودان الامين العام لمنظمة الوحدة الافريقية وعقدوا مؤتمراً صحفياً بالخرطوم ونظم السودان حملة اعلامية ضخمة عن قضية اعتقال المرتزق.


    وبعد احداث 1971م والصراع الذي نشب بين الرئيس نميري والحزب الشيوعي انخرطت في معارضة الحكومة واستقر بي المقام في العاصمة البريطانية لندن وعدت للسودان في عام 1974م بقرار من الحزب وتم اعتقالي بمجرد وصولي لمطار الخرطوم عندما ذهب احد كبار ضباط الجيش للرئيس نميري معترضاً على اعتقالي معتبراً اني قدمت خدمة كبيرة للقوات المسلحة ولكن الرئيس نميري رفض الطلب بحجة انني عدت للبلاد بصورة اختيارية وامضيت في المعتقل عامين بدون ان توجه ضدي اي تهمة.


    نجوت من الموت


    ـ أين كنت عندما وقعت احداث يوليو 1971م وما هو موقفك من هذه الاحداث؟ ـ عندما وقعت احداث 19 يوليو 1971م كنت بأوغندا واتصل بي من انجلترا فاروق حمدنا الله وبابكر النور اعضاء مجلس ثورة يوليو واوضحوا ان ما حدث من اطاحة نظام نميري بحركة عسكرية ليس هو المخطط المتفق عليه ولكن المتواجدين داخل السودان استعجلوا القيام بالحركة، من جانبي باركت لهم نجاح حركة يوليو وفي اليوم التالي بعث لي الرائد هاشم العطا رسالة لاسلكية يطلب مني العودة للخرطوم في اسرع وقت ونفس اليوم بعث لي برسالة ثانية اوضح فيها ان مطار الخرطوم مغلق وطلب مني ان اذهب لبريطانيا حتى اعود للخرطوم مع قيادة الحركة وفعلاً كنت قد غادرت كمبالا لنيروبي ونزلت ضيفاً على سفير السودان بكينيا وذلك في صباح يوم (22) يوليو وفي مساء ذلك اليوم فشلت حركة يوليو وعاد نميري للحكم وفي تلك اللحظات قررت مغادرة منزل السفير بنيروبي حتى لا اسبب له حرجاً لأنني كنت أؤيد حركة يوليو. وفي صباح يوم (23) جاءت برقية لاسلكية من الخرطوم من قبل حكومة نميري تطالب بعودتي فوراً للسودان وكان ردي انني في طريقي للخرطوم وبعد ذلك بدأت ابحث عن حجز في طائرة تغادر نيروبي بدون التوقف بالخرطوم ولحسن الحظ وجدت طائرة الخطوط البريطانية تغادر من نيروبي إلى لندن مباشرة وسافرت في 23 يوليو وأثناء تحليق الطائرة في الاجواء السودانية وفي وسط السودان شعرت ان الطائرة خفضت ارتفاعها فتخوفت ان تهبط بمطار الخرطوم.


    ـ كنت تتخوف في حال وصولك الخرطوم ان تتعرض للإعدام مثل بقية قيادات الحزب الشيوعي؟ ـ نعم كنت على ثقة من ذلك فالجو كان في غاية التوتر.. والمهم طلبت من كابتن الطائرة توضيحاً حول ما اذا كانت الطائرة ستهبط بالخرطوم فأجاب بلا ولكنه اشار إلى ان هناك مطبات جوية أدت إلى خفض الارتفاع وبعد ذلك استغرقت في النوم وفي لندن كان اسمي ضمن قائمة قيادة مجلس الثورة الجديد التي حجز تذاكرها للسفر للخرطوم وبالفعل سربت المخابرات الانجليزية هذه القائمة لليبيا ولكن تخلفي عن السفر انقذني من الموت باعجوبة لأن ليبيا سلمت بابكر النور وفاروق حمدنا الله اللذين كانا على متن الطائرة للرئيس نميري الذي قام بقتلهم.


    العلاقة مع نميري


    ـ كيف كانت علاقتك بالرئيس نميري في الفترة التي كانت تجلس فيها على كرسي الوزارة؟ ـ العلاقة في البداية كانت حميمة وساعد على ذلك أننا ننتمي لذات القبيلة «الدناقلة» وكان هو مهتم بمسألة القبيلة وزد على ذلك انه كان هناك صديق مشترك بيني وجعفر نميري وهذا وثق العلاقة وبعد ذلك توترت علاقتي ولعب احمد سليمان المحامي الذي كان آنذاك من أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المؤيدين للمشاركة في نظام مايو دوراً مؤثراً في تلويث علاقتي الشخصية بجعفر نميري. وعلى العموم فهو كان يعلم بأنني من الجناح المناويء لحكومة مايو رغم مشاركتي فيها.


    رفض تشييع الأزهري


    ـ تم اذاعة نعي الزعيم الأزهري بصورة تقلل من قدره، وهناك اتهامات بأنك من وجهت باذاعة الخبر بهذه الصورة فما ردك؟ ـ اسماعيل الأزهري توفي بالمستشفى وكان رهن الاعتقال وكانت وفاته في الأيام الأولى لنظام مايو وكان رأيي ان تستثمر الحكومة وفاة الأزهري لاعطائها بعداً شعبياً عن طريق تكريمه وتشييعه في موكب عسكري مما يدعو الشعب للتعاطف مع النظام الجديد واتصلت برئيس الوزراء بابكر عوض الله وطرحت عليه الاقتراح وذكر لي بأنه سيعرض الموضوع على الرئيس نميري وفي تلك اللحظات كانت الإذاعة السودانية تنتظر اشارة لبث خبر وفاة الزعيم الأزهري، اتصل بي رئيس الوزراء وقال بأنه شخصياً والرئيس نميري سيعالجان الامر وبالفعل تم اذاعة خبر الوفاة بالصورة السخيفة المعروفة بدون الاشارة الى انه أول رئيس سوداني ولا لدوره في استقلال السودان ولكن الجماهير اعتقدت انني قمت بذلك العمل باعتباري وزير الاعلام وطوال هذه الفترة لم افصح عن هذه المعلومة ومازال نميري وبابكر عوض الله على قيد الحياة ويمكن الرجوع اليهما للتأكد من صحة هذه الحادثة.


    ـ بعد اعتقالك لفترة عامين تم اطلاق سراحك في عام 1974م فكيف كان وضعك حتى الانتفاضة الشعبية على نظام مايو في 1985م؟ ـ طبعاً بعد خروجي من المعتقل كان لا يمكن ان اواصل العمل في الصحافة لانها كانت ملك الدولة فعملت لفترة محدودة في مطبعة كان يملكها القطب الصحفي الكبير محجوب محمد صالح وبعدها عملت لعدة سنوات في ادارة ورشة لصيانة السيارات في المنطقة الصناعية بالخرطوم واثناء هذه الفترة كنت اتعرض للاعتقال من وقت لآخر وشاركت في العمل السياسي ما قبل الانتفاضة الشعبية في ابريل 1985م؟ ـ ما هي انطباعك عن شخصية الرئيس نميري؟ ـ جعفر نميري في بداية الامر كان ثورياً ولكن السلطة بدلت شخصيته بصورة كاملة وفي البداية كانت مهاراته في التكتيك والعمل السياسي ضعيفة ولكن بعد ان تولى مقاليد الامور اصبح ماهراً في المناورات السياسية واللعب على الخصومات السياسية بين معارضيه وأضحى يسعى للاضواء والاعلام على عكس ايامه الاولى في الحكم.


    من الاتحادي الى الشيوعي


    ـ كيف كان دخولك للسياسة والصحافة؟


    ـ بعد اتمامي للمدارس العليا آنذاك عملت موظفاً بشركة شل ببورتسودان وهناك استهواني العمل النقابي وكونت هيئة عمال في مدينة بورتسودان على غرار ما حدث في مدينة عطبرة ومن خلال بعض الاصدقاء انخرطت في الحزب الاتحادي وصرت سكرتير فرع الحزب ببورتسودان وكنت اراسل صحيفة «الرأي العام» وعند معارضة القوى الوطنية للجبهة الشعبية التي كونها المستعمر الانجليزي عام 1948م كنت ممثلاً للحزب الاتحادي في احدى لجان مناهضة هذه الجمعية وبعد اندلاع المظاهرات المناوئة للحكم آنذاك تم محاكمتي وسجني وبعد خروجي وجدت ان شركة شل قد قامت بفصلي من العمل فاقترح عليّ الاخوة في الحزب الاتحادي ان اعمل صحفياً بحكم ان لدي اهتمامات تجاه هذه المهنة فأبلغوا اسماعيل العتباني فوافق على عملي مخبراً في صحيفته وذلك في عام 1949م وتدرجت حتى وصلت عام 1953 لنائب رئيس التحرير وعندما اراد شيخ الصحافة السودانية بشير محمد سعيد تأسيس صحيفة «الايام» اتصل بي وبالاخ محجوب محمد صالح لنشاركاه في صحيفة «الايام» فكان صدور العدد الاول منها في اكتوبر 1953م ومازالت مستمرة حتى الآن اما تحولي من الحزب الاتحادي الى الشيوعي فقد تم ذلك من خلال عملي بصحيفة «الرأي العام» حيث كانت لي بعض الصداقات مع الشيوعيين امثال عبدالرحيم الوسيلة والذي كان يتحدث معي حول امور لا افهمها مثل الصراع الطبقي والخ..


    وعلمت بعد ذلك ان الحزب كلف سكرتيره العام آنذاك عوض عبدالرزاق بتجنيدي وقد تم ذلك واذكر انني انتقلت بسرعة كبيرة من العمل في خلايا الحزب الى الوصول الى مقاعد اللجنة المركزية للحزب.

    http://www.albayan.co.ae/albayan/alarbea/2003/issue208/papers/1.htm
                  

07-21-2005, 07:19 AM

عماد شمت
<aعماد شمت
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 3857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    الاخ د ياسر الشريف تحيه واجلال لشخصك الكريم
    لقد اقترحت للاخ ابوساندرا مشروع كتاب اسمه (جرائم في تاريخ السودان)
    من التاريخ القديم الي يومنا هذا.
    اراكم تملكان معلومات دقيقه ومستندات وايضا هناك من مازالوا علي قيد
    الحياة بامكانهم ان يدلوا بدلوهم واخراج ما بجعبتهم واثراء هذا الكتاب
    ولك كل تقدير وامنياتي لك بدوام العافيه
                  

07-21-2005, 03:37 PM

أبو ساندرا
<aأبو ساندرا
تاريخ التسجيل: 02-26-2003
مجموع المشاركات: 15493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    العزيز ياسر الشريف
    إن شاء الله إنت يوم شكرك مايجيي ، وفعلآ العلاقة راسخة بين البوستين وبيننا ولك الحب والإحترام
                  

07-22-2005, 02:47 PM

sadda

تاريخ التسجيل: 02-17-2002
مجموع المشاركات: 287

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: أبو ساندرا)

    ماتو كما الرجال وعاشوا كالابطال
    ولازالو بيننا

    التحية لهم في ذكري تلك الماساة المخجلة للجلاد
                  

07-22-2005, 02:51 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: sadda)

    النميرى حرق اصابع الايادى التى حملته للحكم بعد ان كان مايوا
    الخلاص تحول الى مايوا التخلص من الشيوعية والجمهوريين.
    كلى الفريقين كانوا اكثر المحتفين بمايوا وما كان ان يحملا
    على مايوا ان لم تنفض مايوا يدها منهم فلا ارى داعى للتباكى
    وقديما قال المثل السودنى من حفر حفرة لاخية وقع فيها..
    لبابى.
                  

07-23-2005, 01:02 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)

    http://www.albayan.co.ae/albayan/alarbea/2003/issue188/papers/1.htm
    الدكتور منصور خالد يحكي في هذا اللقاء في جريدة البيان عن علاقته بمايو..


    Quote:
    الأربعاء 11 ربيع الاخر 1424هـ - 11 يونيو 2003 -العدد188


    منصور خالد: هذه قصة انضمامي لحكومة نميري وخروجي عليه


    حاوره: كمال حسن بخيت






    الدكتور منصور خالد مفكر وكاتب سوداني غزير الانتاج خصوصاً في شئون السياسة واستراتيجيات التنمية، ويملك قلماً جزلاً رشيقاً مقروءاً ومثيراً للجدل في آن.وفضلا عن علمه وثقافته الموسوعية التي كثيراً ما يبهر بهما خصومه قبل مريديه، وهم كثر في الجانبين، فان الرجل خبير بخبايا واسرار وتطورات واشكالات السياسة السودانية التي خاض اتونها منظراً فكرياً، ووزيرا، ومعارضا شرساً. لكنه في كل الاحوال كان دائماً، ولايزال، مشهوداً له بالكفاءة والتجويد.


    سطع نجمه عند العامة عندما تولى وزارة الشباب في بداية العهد المايوي «نظام الرئيس الاسبق جعفر نميري» الا انه لدى خاصة المثقفين كان معروفاً بينهم.. يتابعون انتاجه الفكري وكتاباته ومشاركاته في المؤتمرات الدولية.. وما تنشره له الصحف من مقالات تحمل وجهة نظره وفكره. كان احد ابرز من تولوا مسئولية وزارة الخارجية عندما كانت مايو في اوجها واعتبر حينذاك احد اعمدة النظام ومنظريه. وفي العام 1979 انقلب د. منصور على مايو بسبب أخطاء لم يتحملها ولا تتوافق مع ما يؤمن به من قيم وما يعتقد ويحمل من فكر.. وبدأ نقدها وتعريتها في كتابه «السودان والنفق المظلم».. ثم انضم الى الحركة الشعبية لتحرير السودان مستشاراً سياسياً لجون قرنق.


    ثلاثة عقود او اكثر ظل د. منصور شخصاً مثيراً للجدل كسياسي وككاتب ومفكر متميز وجريء يختلف البعض حول افكاره واطروحاته لكن الجميع يعترف بقوة قلمه وجزالة تعبيره. ما هي علاقاته بالإمام عبدالرحمن المهدي والمحجوب وقبلهما عبدالله خليل، بمن تأثر في بدايات حياته وما هي الظروف التي اسهمت في تكوين شخصيته وما علاقاته بالنخبة او الصفوة.. ما هو تأثير عمله بالأمم المتحدة عليه، وماذا تركت فيه الدراسة والعمل في الولايات المتحدة، كيف ينظر الى الداخل الى الصراع السياسي والبحث عن حل شامل واستقرار للسودان ما هي المحددات التي يراها للسودان الجديد وماذا يأخذ على قادة الاحزاب وكيف يعيش حياته الخاصة هذه الاسئلة وغيرها يجيب عنها د. منصور في اول حوار معه يتطرق الى الخاص والعام في حياته وينشره «بيان الاربعاء» في حلقات.


    وفي الحلقة الثانية من حواره الاستثنائي مع «البيان» يتطرق الدكتور منصور خالد الى تقييمه للحزب الاتحادي الديمقراطي وعلاقته بمحمد عثمان الميرغني، ويتناول باسهاب مشاركته في حكومة الرئيس الاسبق جعفر نميري وقصة انضمامه الى التشكيل الوزاري وخروجه منه، وانضمامه الى حركة جون قرنق الذي وصفه بالعقلاني وينتقل الدكتور منصور خالد في هذا الجزء من الحوار الاستثنائي معه الى واقع الاحزاب السودانية وكيفية مواجهتها للازمة السودانية.. فيقدم تشريحاً علمياً متغلغلاً في الماضي، ماراً بالحاضر ومستشرفاً للمستقبل.. ما هي سلبيات التنظيمات السياسية.. لماذا ظلت جامدة، قاعدة لا تواكب ما يحدث حولها من تطور في الافكار والوسائل والاهداف ثم يقدم رؤيته للحل السياسي الشامل ومحدداته ثم ينتقل الحوار معه الى الاسلام السياسي وصراع الحضارات.


    القيادات الاتحادية والشعارات


    ـ هناك وجهة نظر عند الكثير من الناس تقول انه كان من المفروض ان تكون من قيادات الحزب الاتحادي وانه اقرب الى قناعاتك الفكرية والسياسية وخاصة في فترة من الفترات انت اقتربت من مولانا قرباً شديداً؟


    ـ يمكن ان تكون مراحل التكوين هي التي شكلت دكتور منصور حتى فيما يتعلق بالبنية غير التقليدية ولذا لابد من المرور عليها وما اضيفه هنا اني تركت السودان في فترة حكم عبود وهي من أكثر الفترات التي أثرت على تفكيري وعلى منهجي في الاقبال على الامور سواء كان سنين الدراسة في اميركا او العمل في الأمم المتحدة في نيويورك او العمل في الجزائر وفي باريس فيما بعد ويمكن هذه الفترة مكنتني من ان اعيد التقييم لذاتي واحاول ان امتحن بعض الثوابت التي ورثتها، احاول ان انظر نظرة ناقدة للتجارب السودانية خاصة في تعامل السودانيين فيما بينهم آخذاً في الاعتبار الفروقات العرقية او الدينية ايضا في النظر لافريقيا، افريقيا بالنسبة لنا كانت كما مهملا، صحيح نحن نعيش جغرافيا في افريقيا ولكن ثقافياً لا أظن اننا نحرص على الإلمام بأي شيء منها ما عدا المعلومات الجغرافية التي يتلقاها التلميذ في المدرسة،


    لكن الثقافات الافريقية، تداخلها في بعضها البعض، اثرها في تكوين القارة والتماذج الذي حدث في هذه القارة وايضا حركات التحرير الافريقية بالنسبة لنا كانت في الماضي عبارة عن شعار، ولكن عند وجودي في الجزائر، والجزائر كانت في ذلك الوقت ـ هي محط كل قيادات حركات التحرير الافريقي، مكنني من ان اطلع ايضا على محتوى فكر التحرير الافريقي، محتوى الفكر حول الشخصية الافريقية ماذا تعني في المدارس المختلفة سواء كانت المدارس التي تنظر الى الافريقانية نظرة عرقية، او التي كانت تنظر لها نظرة سيسيولوجية ثقافية تأخذ في الاعتبار كل وجوه التنوع والتعدد في القارة بدون شك هذه الفترة لعبت دوراً كبيراً في اعادة تكويني من الناحية المعرفية والفكرية.


    اما فيما يتعلق بقرب قناعتي الفكرية والسياسية من الحزب الاتحادي، ان سألته: ما هي هذه القناعات الفكرية والسياسية التي يذهبون الى انني انتمي اليها، الحزب الاتحادي حزب سياسي وطني لعب دورا مهما جدا في تاريخ السودان ومؤهل لان يلعب ويستمر في لعب ذلك الدور، ولكن الحزب الاتحادي الان خشم بيوت، وهنالك توجهات، وخلافات جذرية داخل هذا الحزب وهناك عناصر مازالت تعيش وتقتات على شعارات الماضي ـ رفع العلم ـ بعد اكثر من خمسين عاما من رفع العلم كانت كلها مآسي لم يتدبر المرددون بهذه الشعارات من هو المسئول عنها وما هي قيمة هذا العلم والاستقلال ان كان فقد المحتوى وصحبته كل هذه الخيبات.


    المشاركة في مايو


    ـ كيف تم اختيارك للمشاركة في حكومة مايو، هل كانت لك علاقة مع قادتها وهل كانت لك قناعة بتوجهها وما سبب خروجك منها ولماذا عارضتها؟


    ـ اولا انا لم اكن اعرف من القيادات العسكرية سوى رجلين هما جعفر نميري ابن الدفعة وبابكر النور ابن الحي، ثم بابكر عوض الله الذي عرفته كمحامي وكان واحدا من اهل القانون الذين نتطلع لهم دائماً في بداية الطريق، كان ايضا من خارج مجلس قيادة الثورة الصديق محجوب عثمان الذي كان وزيرا للاعلام وعقب وصولي الى الخرطوم بدعوة من مجلس قيادة الثورة كان محجوب هو اول من التقى بي وطلب مني ان اكون بجانبه في وزارة الاعلام، اعقب ذلك عرض تقدم به مجلس قيادة الثورة بأن اكون مستشاراً له، وهو عرض لم اقبله ـ ترددت في قبوله ـ لأنني ظننت ان المستشار السياسي لمجلس قيادة الثورة هو بابكر عوض الله ولا معنى لخلق بؤر تقود الى خلاف، وجاء لفكر بابكر ان اتولى وزارة الشباب ورحبت بالفكرة خاصة وقد جاء ذلك في أعقاب ثورة الشباب في باريس المشهورة، واهتمام اليونسكو انذاك حيث كنت اعمل بقضية الفجوات الجيلية ومشاكل الشباب وضرورة العناية بها من منظور علمي ـ كانت هذه الأفكار تعتمل في ذهني ـ هي التي جعلتني اقبل هذا العرض ولكن قبل ان أعمل ابلغت نميري اني اريد وقتاً للتفكير ورد نميري ضاحكاً «هل تريد ان تفكر ام تشاور؟»


    ـ ضحك د. منصور خالد وواصل حديثه ـ قلت لنميري «المشاورة تمت» ـ دون ان اوضح ما اعني ـ وفي واقع الامر قبل مجيئي الى الخرطوم من باريس مررت على جنيف للقاء رجل كان لي ود كبير نحوه تقديرا لفكره هو ميرغني حمزة، كان انذاك في جنيف وذهبت للغداء معه في منزل ابنه المرحوم كمال ميرغني وكان معنا ـ من طرائف الامور ـ في ذلك الاجتماع عثمان خالد مضوي، وعندما رويت لميرغني تجهم وجهه وقال لي: «انت سايب باريس واليونسكو عشان تواصل مع الاولاد العساكر ديل».. ضحك د. منصور خالد واستطرد قلت له: «هذا هو ما افكر فيه» ولا اظن ان هذا الامر قد ارضاه، ولكن هذه القصة جديرة بأن تذكر في واقع الامر الحكم على موقفي هذا لابد ان يتم بادراك للظروف التي احاطت به ونحن كنا نعيش في عصر هو عصر ثورات في كل المنطقة سواء كانت في الدول العربية او في افريقيا، فترات عصر الحزب الواحد عصر الزعامات الكارزمية، كانت كل دولة في الوطن العربي، كل دولة في افريقيا تبحث لها عن ناصر، ويعني كانوا كلهم يفكرون بالطريقة التي يفكر بها الفنان عبدالحليم حافظ الذي كان يغني «يابطل هات لينا نهار» يعني الكل يبحثون عن النهار وعلى يد بطل، وطبعاً هذا المنهج في التفكر قائم على نظرية الاصلاح من أعلى الى أسفل وهذا نوع من الاصلاح لا يصطحب الناس، واثبتت التجارب انه يقود دائماً الى كوارث وقد فطنت الى ما فطن اليه الكثيرون مؤخرا عندما خرجت من النظام والنظام في عنفوانه في لانني ايقنت بعد تجارب مريرة انه برغم كل الانجازات التي يمكن ان تحقق في 1979 سنة ظل نظام كهذا، هذه الانجازات يمكن ان تهدر بالسرعة نفسها، بل بأسرع مما تم بناؤها، لان نظام الحزب الواحد ينتهي دوماً الى نظام الرجل الواحد، وتجارب عديدة من جوزيف ستالين الذي كان يسمى «بقاطرة التطور للتاريخ» قالها د. منصور خالد وضحك.


    قرنق ليس ماركسيا


    ـ انت المستشار السياسي للعقيد جون قرنق، هناك علامة استفهام حول هذا الامر، اولا متى التقيت بالرجل، ثانياً، الحركة بدأت شيوعية وانت من تيار ديمقراطي كيف اقتنعت بالتوجهات الماركسية ومتى انضممت رسمياً للحركة وأصبحت مستشاراً لها؟ ـ علامات الاستفهام هذه ستظل تتردد وطالما ان الناس لا يفيد معهم الا التكرار لكي يفهموا، لان كثيرا من الناس الذين يصدرون الأحكام لا يقرأون حتى ما تقول به وكأنما المهم ليس الجواب وانما السؤال، على أية حال انا التقيت بقرنق عام 1984م، بعد عام من قيام الحركة.


    ـ قلت ـ مقاطعاً ـ يقال انك انت الذي دبرت له امر البعثة الى اميركا؟


    ـ لا دبرها له عبدالماجد حامد خليل، ومضى قائلا: سبق لقائي بقرنق تبادل رؤى في لندن، وبدأت في كتابة مقالاتي ضد نظام مايو وكان الكثيرون يتوافدون الى داري للتشاور حول المستقبل اذكر من بينهم المرحوم عز الدين علي عامر، المرحوم مبارك شداد الدكتور خليل عثمان، كان تواصلي عن طريق احد اقرباء قرنق وهو مسئول كبير الان في الحركة وهو الدكتور وليم بيور الذي كان يعمل في السفارة السودانية «المركز الثقافي» ثم استقال بعد اعلان نميري للشريعة، وايضا كان هناك اتصال مع دول اشويل واحد من قيادات الحركة وكان نائباً لرئيس المجلس التنفيذي في الجنوب هذه اللقاءات شارك فيها الدكتور خليل عثمان وخليل ايضا كان واحدا من الناشطين في المجموعة التي كانت تلتقي في داري، ولكن اللقاء المباشر كان في اديس ابابا ومهدت له كل هذه اللقاءات وكان الهدف الاساسي في كل هذه اللقاءات هو التعرف على ما تريده ليس فقط بالنسبة لحل مشكلة الجنوب وانما بالنسبة للمشكلة ككل.


    اما بالنسبة للحركة وتوجهها الماركسي فهذا حديث يرد كثيراً، ومن المؤسف حتى اللحظة ان المثقفين والباحثين حاولوا ان يجعلوا من هذه القضية قميص عثمان، الماركسية ليست وصمة وهي فكرة مثل اية فكرة تحتمل الخطأ والصواب وفيها منهاج في التحليل اثبتت نجاعته، وأذكر عندما كنت في الامم المتحدة اقمنا ندوة، ندوة للسكرتارية كان الحديث فيها كيف يمكن ان تتحول الامم المتحدة الى حكومة عالمية وكان لداج همر شولد الامين العام انذاك تعليقاً طريفاً اتفق كل المتحاورين على ان العقبة الكؤود في سبيل تحقيق هذا هي تحقيق فكرة القومية، وهمر شولد في نهاية خطابه قال:


    «ان الفكر الغربي توقف بموت ماركس» يعني هناك اعتراف، وهذا الرجل ليس ماركسيا وليس شيوعيا ولكنه مثقف وقاريء وفيلسوف ويستطيع ان يميز بين الفكرة وبين التطبيق السيء وبين الجوانب الناجعة في الفكرة وغير الناجعة، فالحركة في واقع الامر لم تكن ماركسية وانما كان بها افراد متمركسون وكان بها ايضا ليبراليون، والمتمركسون الى حد كبير قوى شوكتهم وجود نظام متمركس في افريقيا في الفترة التي كانت تتخذ من اثيوبيا مرتكزاً لها، قرنق لم يكن من هؤلاء مطلقاً قرنق رجل عقلاني وان كان قريباً من مثل هذه الافكار فهو اقرب الى فكرة الاشتراكية الافريقية التي انجبتها مدرسة دار السلام وهي الجامعة التي تعلم فيها، وفي كثير مما كتبت اشرت الى ما يكرره قرنق انه ليس ماركسيا وليس اشتراكيا وليس رأس مالي، هو ان شئت وجودي بمعنى هو يسعى الى ان يكون سودانياً قبل ان يكون اي شيء، وان كانت هناك ايديولوجية فايديولوجيته هي السودانوية، يريد في الاول ان يعترف به وان يكون له وجود حتى ينتقي ويختار ما شاء من الافكار.


    ضرب همشكوريب


    ـ ماذا عن اسم الحركة الشعبية لتحرير السودان، التحرير مِنْ مَنْ، وكذا ضرب شرق السودان «همشكوريب» جاء خصماً على شعارات تحرير السودان والان الحركة تعمل من اجل السلطة والثروة، وقبلاً لتقرير المصير للجنوب ماهي رؤيتكم لمسيرة الحركة حتى الان؟ ـ يجب ان نعلم ان الحركة هي حركة سياسية عسكرية وأعلنت هذا منذ البداية ان النضال المسلح جزء من الوسائل لتحقيق اهدافها، وان القضية في نهاية الامر قضية سياسية، لا النضال المسلح وحده يمكن ان يحلها ولا النضال السياسي وحده سيحلها، وكان في حاجة للاعتراف ان هناك مشكلة لابد ان تجلس كل الاطراف لمعالجتها.


    ـ قلت ـ مقاطعاً ـ التحرير مِنْ مَنْ؟ ـ «قبل الدخول في المحور الخاص بهمشكوريب» ـ قال التحرير من ماذا؟ ومضى مجيباً، التحرير من الهيمنة، التحرير من التخلف وبالطبع ليس من العنصر العرقي، اذا قرأ الانسان ما كتبه جون قرنق وهو يتحدث عن السودانوية يصعب على المرء ان يفهم لماذا يأتي سؤال كهذا لانه في طوال خطبه يتحدث عن تضافر عناصر تاريخية وعناصر راهنة في خلق الشخصية السودانية، هذه العناصر التاريخية تشمل الدولة النوبية وتشمل الدولة العربية الاسلامية وتشمل الممالك الافريقية، والعناصر الراهنة تعرف حالياً انه تخلق من كل هذا كيان جديد ظل يتعايش مع بعضه البعض منذ عام 1920م. والذي يفكر بهذا الاسلوب لا يمكن ان يكون واحدا من أهدافه تحرير السودان من العنصر العربي، والحديث عن تحرير السودان من العنصر العربي يأتي من اناس عنصريين وهؤلاء الناس يخافون من اطروحة قرنق لان اطروحة قرنق تقلب المناضد على الذين ظلوا يظنون منذ مؤتمر الخريجين وشعار نشيد مؤتمر الخريجين «امة اصلها للعرب دينها خير دين يحق».


    اصلها للعرب هذه ليست الدولة التي كان يحكمها بعانخي، لا يمكن نسميها امة اصلها للعرب هؤلاء يريدون ان يقولوا ان تاريخ السودان بدأ بدخول العرب الاسلام وهذه ليست حقيقة لانهم عاشوا في هذا الوقت، ولكن بسبب هذا الوقت وما تحيط به من ظلال عنصرية استأثروا بكل شيء اقتصادياً وسياسيا فهذه الحملة الغرض منها هو الحفاظ على مكتسبات غير مشروعة، فاذن قضية التحرير من العرب هذه قضية غير موضوعية.


    ـ وماذا عن موضوع همشكوريب؟


    ـ موضوع همشكوريب يفهم في اطار ان الحركة من التجمع وان التجمع قبل مبدأ النضال المسلح وان القوات الموجودة ودخلت همشكوريب هي قوات التجمع وبالتالي اصبح الحديث عن غزو الجنوبيين للشمال لا معنى له.


    ـ قلت ـ مقاطعاً ـ وهل للتجمع قوات؟


    ـ نعم في الجيش الموجود تستطيع ان تقول ان الغالبية «العناصر غير العربية» وهذا يجب ان نأخذه في الاعتبار حقيقة فالسودان بلد غريب لان التكوين العسكري منذ الاستقلال اغلب ضباطه من الشمال وكل قواه الضاربة اغلبها من غير العرب من الجنوبيين او النوبة وحتى اليوم هنالك الجنوبيون الذين يقودهم شماليين في الحرب، فلماذا نحن نسمي هذا غزو، فهناك واقع في التكوين المجتمعي يجعل العناصر غير العربية لديهم قدرات في تجميد العمل العسكري وهذه قديمة حتى عندما جاء محمد علي وأنشأ جيشه واعتمد فيه على الرقيق كان يعتمد على ثلاث قبائل فقط، على الشلك والدينكا والنوبة، هذه المجموعات كانت تمثل الثقل الاساسي لجيش الغزو.


    ـ الا ترى ان الازمة السودانية، تلقي بظلالها على الاحزاب السودانية نفسها، اي على القوى التي تنذر نفسها لاجل الخلاص الوطني. هل يمكن بناء سودان جديد بالاستناد على قوى تنتمي كلياً الى القديم الذي يتداعى؟


    ـ الاحزاب بالضرورة هي الحاضنة الاجتماعية للتغيير.. عندما تقول ان الاحزاب ورموزها وخطاباتها عفى عليها الزمان اخالك تشير باصابع الاتهام للاحزاب التقليدية المشكلة اعمق هذا يصدق على كل الاحزاب، خاصة بعد انهيار الايديولوجيات اليقينية، القومي منها والاممي وبعد تساقط الهياكل التنظيمية التي افرزتها تلك الايديولوجيات التغيير الحقيقي بدأ ينقد تجارب الماضي نقدا غير تبريري. لا يدعو المرء الاحزاب لجلد الذات فهذا غير مرغوب ما يدعو له هو التحليل العقلاني والاعتراف بالخطأ لان ذلك وحده هو الذي يقود للسكة الناجية، كما يعين على الاستبصار الرشيد للمستقبل. الاسلوب التبريري في النقد يجعل المرء يتوجس خيفة في شيئين، الاول هو عدم القدرة على استبطان معاني التعددية السياسية والديمقراطية الليبرالية التي تبشر بها جميع الاحزاب، والثاني هو الخشية من تسريب بعض الافكار والمسلمات القديمة الى رحاب الديمقراطية بصورة تتعارض مع مراميها وانساقها.


    بالرغم من هذا سعدت لسعي الحزب الشيوعي في مؤتمراته وفيما ينشره لمراجعة نفسه نتيجة لاهتزاز اليقين في المسلمات الماضية، الفكري منها والتنظيمي. وسعدت ايضا للمقالات الجريئة لمحمد علي جادين حول مسلمات البعث، خاصة رؤاه للانقلابات العسكرية كوسيلة للتغيير هذه تحولات مباشرة والنقد كما قلنا تمحيص لا جلد للذات.


    كثيرون ينبذون نقد الذات لاعتبارات لاتمت للعقلانية بسبب «رجاله» او «جعلية» وعملاً بالمقولة البلهاء «الاتبلبل بعوم».


    ـ كل مشاكل السودان لها جذور في الماضي الاحزاب التي توصف بالتقليدية بدأت هي الاخرى تعقد الاجتماعات وورش العمل لتهيئة المجتمع لديمقراطية راكزة. هذا النمط من التفاطن بين اهل تلك الاحزاب ظاهرة ايجابية الا انها تفتقد النقد المعرفي لتجارب الماضي. ولا اعرف حزباً واحدا منها بدأ في تمحيص الماضي باسلوب عقلاني غير دفاعي فليس في سودان اليوم مشكلة دون ان تكون لها جذور في سياسات الماضي، كلها بفعل فاعل.


    فمن هو هذا الفاعل؟ كما ان معالجتها في جمل اعتراضية او بين قوسين حصر لا يفيد الاحزاب، جميع الاحزاب تظلم نفسها ايضا ان غابت عن خريطتها الادراكية امور ثلاثة: اولاً: ان العالم يعيش اليوم في حالة فاصلة لاسيما وقد اضحى كالقرية الكل فيه يلم بأدق التفاصيل عن الكل وكل فرد في تلك القرية يتأثر بالآخر ويؤثر عليه. التواصل في هذا العالم القرية يتغير بمعدلات لا عهد لنا بها، فان كانت وسيلة الاتصال عبر القاريء منذ 1890 «عام اكتشاف صموئيل مورس الاميركي للتلغراف» هي التلغراف الكهربائي الا ان الفاكس في النصف الثاني من القرن العشرين ضاعف معدلات التواصل عشرة الاف مرة اخرى مما انتهت اليه في عهد الفاكس. هذه الارقام تضاعفت في الاعوام الاخيرة بعشرات الالاف بعد قيام شبكة المعلوماتية وستتضاعف بمعدلات اعلى في informatic cyperhigh way عهد اوتوستراد المعلوماتية.


    ثانياً: ان السودان ـ للمرة الاولى منذ استقلاله ـ يكاد يصبح سودانين، هذا واقع لا ينكره الا مغالط ولا يتجاهله الا مستكبر، ذلك الواقع المرير هو نتاج طبيعي لفعل فاعلين بداية في حماقة 12 ديسمبر 1955 وانتهاء بالغاء نميري الاخرق لاتفاق السلام وفي الحديث «الخرق شؤم» ما وقع بعد ذلك كله تداعيات.


    ثالثاً: ان نصف اهل السودان اليوم دون سن الثامنة عشرة، فحسب احصائيات اليونسيف «عام 1997» يبلغ عدد سكان السودان 000,098,28 منهم 000,215,14 دون الثامنة عشرة. ما هو مكان هذه الحقيقة في الخريطة الادراكية لمن يخططون لمستقبل السودان وهي حقيقة ذات حمولات اقتصادية واجتماعية ثقيلة، الامم لا تبنيها الثروات الطبيعية: المائية والزراعية والحيوانية والمعدنية والاحفورية «البترول والغاز» ولا الموقع الاستراتيجي. ثروات الامم يبنيها الانسان المؤهل المتميز. ذلك في اختصار هو سر نجاح النمور الاسيوية.


    وان تجاوزنا التنمية ـ والتنمية حسب مواصفات اليوم ـ هي التنمية الانسانية وليس الاقتصادية فحسب. ان تجاوزنا التنمية بمعناها القديم الذي ما انفك يسود عقول بعض صناع القرار السابقين والراهنين واللاحقين وذهبنا الى الديمقراطية التي كادت ان تصبح تميمة ـ نقول بأن حماة هذه الديمقراطية والمنتفع الحقيقي منها في ربع القرن المقبل هو mezzanine هذه الجموع من الفتية والفتيات.. هؤلاء يكادون يعيشون في طابق مسحور او كما يقول اهل مصر يرقصون على السلالم «لا اللي فوق شافهم ولا اللي تحت سمع بيهم» ثمة درس ينبغي على الاحزاب ان تتعلمه من الجبهة في مكان اخر، تدريب كوادرها تدريباً متقدماً وحديثاً. مشكلة الجبهة في مكان اخر، عدم الوعي بأن بين الحداثة والتحديث صلة عضوية. نعم حماية الديمقراطية تتطلب اول ما تتطلب العمل على انضاج الذات الفردية لكل واحد من هؤلاء الفتية والفتيات، كما ان اللغة التي يخاطبون بها لا يمكن ان تكون هي لغة الامس.


    ـ كيف نبني السودان الجديد؟


    ـ اذا قرنت بداية هذا الحديث بما نزعم به حول ما يجب ان نتجه اليه جميعاً الا وهو بناء سودان موحد ينعم بالاستقرار، لانتهيت بلا محالة الى سؤال بسيط، ما الذي نتمنى ان يكون عليه السودان بعد ربع قرن من الزمان؟ وكيف نحقق ذلك؟ في المنطق البدايات هي نقطة الانطلاق للخواتيم، ولكن في السياسة الخواتيم «بمعنى الاهداف المرجوة» هي التي تقرر البدايات، هذه حقيقة يدركها اي رجل اعمال. «لا اعني بذلك القوموسنجية الذين ظلوا يتناسلون في السودان ويطلقون على انفسهم لقب رجال اعمال، وليس بين هؤلاء المتناسلين من نباهي به الامم». الاحزاب ليست بحاجة الى دراسة جدوى حول كيف يحكم السودان. حقيقة بسيطة مبذولة لاي طالب اقتصاد لو وعينا بها لوفقنا الله الى السداد. تلك الحقيقة هي ان افضل النتائج هو انجعها في تحقيق الاهداف المرجوة بأقل التكاليف. نحن نعرف جيداً ماهي المدخلات والمؤثرات المتوفرة، ونعرف جيدا البيئة التي نريد ان نستثمر فيها هذه المدخلات، ونعرف جيدا المؤثرات الخارجية على تلك البيئة، ونعرف جيداً التكاليف الباهظة التي دفعها السودان لا خلال العقد الاخير فحسب بل وعلى مدى اربعة عقود من الزمان. نعرف جيداً كل هذا او يفترض علينا ان نعرف، كما نتفق جميعاً على ان هدفنا الاخير هو تخليق سودان افضل. هذه هي الاسئلة التي ينبغي على الاحزاب والقادة توجيهها لانفسهم.


    ـ يثير الحديث عن الحل السياسي الشامل العديد من الاسئلة ذات الصلة بالوضع الراهن بقوى المعارضة الا يفترض الحل السياسي المنشود تقديم الانقاذ لرأسها طوعاً واختياراً، وعلى طبق من ذهب ـ ما أمكن ـ لخصومها السياسيين على مائدة التفاوض؟ ـ يقود هذا الى سؤال حول الحل السياسي الشامل: ماذا نعني بالشمول. ان كان مفهومنا له هو المفهوم الصوري الذي لا يتجاوز تنادي القوى السياسية الى اجتماع اسميته ملتقى او لقاء جامعاً او مؤتمراً دستورياً، فهذا لا يحقق الشمول الموضوعي، الشمول الحقيقي هو شمول الاجندة للقضايا المحورية ثم الاقبال الجاد للحوار بشأنها ثمة محددات للحوار ايضا ان لم نعها سينتهي الحوار الى حوار طرشان والى منبر للتشاطر.


    اولاً: الاعتراف بأن هناك مشكلا يتجاوز الصراع على السلطة.


    ثانياً: الانقسامات العرقية والبيولوجية والتشظي الثقافي، والتنوع الديني معطيات فرضت وجودها على الواقع السياسي بسبب العجز منذ الاستقلال عن حل سياسي بسيط لخصه الامام عبدالرحمن في حديثه النصيح.


    ثالثاً: الكف عن مخادعة النفس بأن السودان بلد لا شبيه له او نظير. فالسودان ليس وحده الذي يعاني من الانقسامات العرقية والتعدديات الدينية والثقافية واللغوية، فلماذا لا نفيد من تجاربها؟ ولماذا نحسب ان في مقدورنا تجاوز تلك التجارب؟ تلك الدول ذهبت الى تقليص القواسم وتكثيف الجوامع بحسبانها السبيل الوحيد الذي يجعل من التنوع تنوعاً خلاقاً ويبعد من غوائل التمزق.


    انتقل في هذا الى حديثك عن تسليم الانقاذ لرأسها، ما الذي تعنيه بهذا؟ ان كان المقصود هو ان هناك تياراً سياسياً اسلامياً بين قوى المجتمع الفاعلة لابد له من التعبير عن نفسه فهذا امر لا تنتطح فيه عنزان. شريطة ان يعبر ذلك التيار عن نفسه بحجمه الطبيعي ودون تغول على حقوق الاخرين او الاستئثار بفكر او الادعاء بأنه «بلغة الفلسطينيين» هو الممثل الشرعي والوحيد للاسلام بالسودان اما ان كان المراد هو فرض رؤية معينة او الحفاظ على قوانين ومؤسسات بعينها فهذا افتراض يعني اننا مازلنا في موقع مكانك سر. مازلنا نفكر بعقلية التشاطر الذي اقترعناه في 12 ديسمبر 1955 دون ان نعي مدلول المتغيرات التي طرأت على السودان والعالم منذ ذلك التاريخ كما نتجاهل واقعاً مماثلاً على الارض. فجون قرنق ليس هو بينجامين لوكي والشمالي الذي يتزيد عليه البعض باسم الاسلام ليس هو عبدالخالق محجوب في يونيو 1968 «عام حل الحزب الشيوعي» وانما هو الحسيب النسيب محمد عثمان الميرغني والذي ما استذكره مناصروه من مسلمي السودان الا واستذكروا حديث جده رسول الله صلى الله عليه وسلم «اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي».





    http://www.albayan.co.ae/albayan/alarbea/2003/issue190/papers/1.htm


    Quote: الأربعاء 11 ربيع الاخر 1424هـ - 11 يونيو 2003 -العدد188


    منصور خالد: هذه قصة انضمامي لحكومة نميري وخروجي عليه


    حاوره: كمال حسن بخيت






    الدكتور منصور خالد مفكر وكاتب سوداني غزير الانتاج خصوصاً في شئون السياسة واستراتيجيات التنمية، ويملك قلماً جزلاً رشيقاً مقروءاً ومثيراً للجدل في آن.وفضلا عن علمه وثقافته الموسوعية التي كثيراً ما يبهر بهما خصومه قبل مريديه، وهم كثر في الجانبين، فان الرجل خبير بخبايا واسرار وتطورات واشكالات السياسة السودانية التي خاض اتونها منظراً فكرياً، ووزيرا، ومعارضا شرساً. لكنه في كل الاحوال كان دائماً، ولايزال، مشهوداً له بالكفاءة والتجويد.


    سطع نجمه عند العامة عندما تولى وزارة الشباب في بداية العهد المايوي «نظام الرئيس الاسبق جعفر نميري» الا انه لدى خاصة المثقفين كان معروفاً بينهم.. يتابعون انتاجه الفكري وكتاباته ومشاركاته في المؤتمرات الدولية.. وما تنشره له الصحف من مقالات تحمل وجهة نظره وفكره. كان احد ابرز من تولوا مسئولية وزارة الخارجية عندما كانت مايو في اوجها واعتبر حينذاك احد اعمدة النظام ومنظريه. وفي العام 1979 انقلب د. منصور على مايو بسبب أخطاء لم يتحملها ولا تتوافق مع ما يؤمن به من قيم وما يعتقد ويحمل من فكر.. وبدأ نقدها وتعريتها في كتابه «السودان والنفق المظلم».. ثم انضم الى الحركة الشعبية لتحرير السودان مستشاراً سياسياً لجون قرنق.


    ثلاثة عقود او اكثر ظل د. منصور شخصاً مثيراً للجدل كسياسي وككاتب ومفكر متميز وجريء يختلف البعض حول افكاره واطروحاته لكن الجميع يعترف بقوة قلمه وجزالة تعبيره. ما هي علاقاته بالإمام عبدالرحمن المهدي والمحجوب وقبلهما عبدالله خليل، بمن تأثر في بدايات حياته وما هي الظروف التي اسهمت في تكوين شخصيته وما علاقاته بالنخبة او الصفوة.. ما هو تأثير عمله بالأمم المتحدة عليه، وماذا تركت فيه الدراسة والعمل في الولايات المتحدة، كيف ينظر الى الداخل الى الصراع السياسي والبحث عن حل شامل واستقرار للسودان ما هي المحددات التي يراها للسودان الجديد وماذا يأخذ على قادة الاحزاب وكيف يعيش حياته الخاصة هذه الاسئلة وغيرها يجيب عنها د. منصور في اول حوار معه يتطرق الى الخاص والعام في حياته وينشره «بيان الاربعاء» في حلقات.


    وفي الحلقة الثانية من حواره الاستثنائي مع «البيان» يتطرق الدكتور منصور خالد الى تقييمه للحزب الاتحادي الديمقراطي وعلاقته بمحمد عثمان الميرغني، ويتناول باسهاب مشاركته في حكومة الرئيس الاسبق جعفر نميري وقصة انضمامه الى التشكيل الوزاري وخروجه منه، وانضمامه الى حركة جون قرنق الذي وصفه بالعقلاني وينتقل الدكتور منصور خالد في هذا الجزء من الحوار الاستثنائي معه الى واقع الاحزاب السودانية وكيفية مواجهتها للازمة السودانية.. فيقدم تشريحاً علمياً متغلغلاً في الماضي، ماراً بالحاضر ومستشرفاً للمستقبل.. ما هي سلبيات التنظيمات السياسية.. لماذا ظلت جامدة، قاعدة لا تواكب ما يحدث حولها من تطور في الافكار والوسائل والاهداف ثم يقدم رؤيته للحل السياسي الشامل ومحدداته ثم ينتقل الحوار معه الى الاسلام السياسي وصراع الحضارات.


    القيادات الاتحادية والشعارات


    ـ هناك وجهة نظر عند الكثير من الناس تقول انه كان من المفروض ان تكون من قيادات الحزب الاتحادي وانه اقرب الى قناعاتك الفكرية والسياسية وخاصة في فترة من الفترات انت اقتربت من مولانا قرباً شديداً؟


    ـ يمكن ان تكون مراحل التكوين هي التي شكلت دكتور منصور حتى فيما يتعلق بالبنية غير التقليدية ولذا لابد من المرور عليها وما اضيفه هنا اني تركت السودان في فترة حكم عبود وهي من أكثر الفترات التي أثرت على تفكيري وعلى منهجي في الاقبال على الامور سواء كان سنين الدراسة في اميركا او العمل في الأمم المتحدة في نيويورك او العمل في الجزائر وفي باريس فيما بعد ويمكن هذه الفترة مكنتني من ان اعيد التقييم لذاتي واحاول ان امتحن بعض الثوابت التي ورثتها، احاول ان انظر نظرة ناقدة للتجارب السودانية خاصة في تعامل السودانيين فيما بينهم آخذاً في الاعتبار الفروقات العرقية او الدينية ايضا في النظر لافريقيا، افريقيا بالنسبة لنا كانت كما مهملا، صحيح نحن نعيش جغرافيا في افريقيا ولكن ثقافياً لا أظن اننا نحرص على الإلمام بأي شيء منها ما عدا المعلومات الجغرافية التي يتلقاها التلميذ في المدرسة،


    لكن الثقافات الافريقية، تداخلها في بعضها البعض، اثرها في تكوين القارة والتماذج الذي حدث في هذه القارة وايضا حركات التحرير الافريقية بالنسبة لنا كانت في الماضي عبارة عن شعار، ولكن عند وجودي في الجزائر، والجزائر كانت في ذلك الوقت ـ هي محط كل قيادات حركات التحرير الافريقي، مكنني من ان اطلع ايضا على محتوى فكر التحرير الافريقي، محتوى الفكر حول الشخصية الافريقية ماذا تعني في المدارس المختلفة سواء كانت المدارس التي تنظر الى الافريقانية نظرة عرقية، او التي كانت تنظر لها نظرة سيسيولوجية ثقافية تأخذ في الاعتبار كل وجوه التنوع والتعدد في القارة بدون شك هذه الفترة لعبت دوراً كبيراً في اعادة تكويني من الناحية المعرفية والفكرية.


    اما فيما يتعلق بقرب قناعتي الفكرية والسياسية من الحزب الاتحادي، ان سألته: ما هي هذه القناعات الفكرية والسياسية التي يذهبون الى انني انتمي اليها، الحزب الاتحادي حزب سياسي وطني لعب دورا مهما جدا في تاريخ السودان ومؤهل لان يلعب ويستمر في لعب ذلك الدور، ولكن الحزب الاتحادي الان خشم بيوت، وهنالك توجهات، وخلافات جذرية داخل هذا الحزب وهناك عناصر مازالت تعيش وتقتات على شعارات الماضي ـ رفع العلم ـ بعد اكثر من خمسين عاما من رفع العلم كانت كلها مآسي لم يتدبر المرددون بهذه الشعارات من هو المسئول عنها وما هي قيمة هذا العلم والاستقلال ان كان فقد المحتوى وصحبته كل هذه الخيبات.


    المشاركة في مايو


    ـ كيف تم اختيارك للمشاركة في حكومة مايو، هل كانت لك علاقة مع قادتها وهل كانت لك قناعة بتوجهها وما سبب خروجك منها ولماذا عارضتها؟


    ـ اولا انا لم اكن اعرف من القيادات العسكرية سوى رجلين هما جعفر نميري ابن الدفعة وبابكر النور ابن الحي، ثم بابكر عوض الله الذي عرفته كمحامي وكان واحدا من اهل القانون الذين نتطلع لهم دائماً في بداية الطريق، كان ايضا من خارج مجلس قيادة الثورة الصديق محجوب عثمان الذي كان وزيرا للاعلام وعقب وصولي الى الخرطوم بدعوة من مجلس قيادة الثورة كان محجوب هو اول من التقى بي وطلب مني ان اكون بجانبه في وزارة الاعلام، اعقب ذلك عرض تقدم به مجلس قيادة الثورة بأن اكون مستشاراً له، وهو عرض لم اقبله ـ ترددت في قبوله ـ لأنني ظننت ان المستشار السياسي لمجلس قيادة الثورة هو بابكر عوض الله ولا معنى لخلق بؤر تقود الى خلاف، وجاء لفكر بابكر ان اتولى وزارة الشباب ورحبت بالفكرة خاصة وقد جاء ذلك في أعقاب ثورة الشباب في باريس المشهورة، واهتمام اليونسكو انذاك حيث كنت اعمل بقضية الفجوات الجيلية ومشاكل الشباب وضرورة العناية بها من منظور علمي ـ كانت هذه الأفكار تعتمل في ذهني ـ هي التي جعلتني اقبل هذا العرض ولكن قبل ان أعمل ابلغت نميري اني اريد وقتاً للتفكير ورد نميري ضاحكاً «هل تريد ان تفكر ام تشاور؟»


    ـ ضحك د. منصور خالد وواصل حديثه ـ قلت لنميري «المشاورة تمت» ـ دون ان اوضح ما اعني ـ وفي واقع الامر قبل مجيئي الى الخرطوم من باريس مررت على جنيف للقاء رجل كان لي ود كبير نحوه تقديرا لفكره هو ميرغني حمزة، كان انذاك في جنيف وذهبت للغداء معه في منزل ابنه المرحوم كمال ميرغني وكان معنا ـ من طرائف الامور ـ في ذلك الاجتماع عثمان خالد مضوي، وعندما رويت لميرغني تجهم وجهه وقال لي: «انت سايب باريس واليونسكو عشان تواصل مع الاولاد العساكر ديل».. ضحك د. منصور خالد واستطرد قلت له: «هذا هو ما افكر فيه» ولا اظن ان هذا الامر قد ارضاه، ولكن هذه القصة جديرة بأن تذكر في واقع الامر الحكم على موقفي هذا لابد ان يتم بادراك للظروف التي احاطت به ونحن كنا نعيش في عصر هو عصر ثورات في كل المنطقة سواء كانت في الدول العربية او في افريقيا، فترات عصر الحزب الواحد عصر الزعامات الكارزمية، كانت كل دولة في الوطن العربي، كل دولة في افريقيا تبحث لها عن ناصر، ويعني كانوا كلهم يفكرون بالطريقة التي يفكر بها الفنان عبدالحليم حافظ الذي كان يغني «يابطل هات لينا نهار» يعني الكل يبحثون عن النهار وعلى يد بطل، وطبعاً هذا المنهج في التفكر قائم على نظرية الاصلاح من أعلى الى أسفل وهذا نوع من الاصلاح لا يصطحب الناس، واثبتت التجارب انه يقود دائماً الى كوارث وقد فطنت الى ما فطن اليه الكثيرون مؤخرا عندما خرجت من النظام والنظام في عنفوانه في لانني ايقنت بعد تجارب مريرة انه برغم كل الانجازات التي يمكن ان تحقق في 1979 سنة ظل نظام كهذا، هذه الانجازات يمكن ان تهدر بالسرعة نفسها، بل بأسرع مما تم بناؤها، لان نظام الحزب الواحد ينتهي دوماً الى نظام الرجل الواحد، وتجارب عديدة من جوزيف ستالين الذي كان يسمى «بقاطرة التطور للتاريخ» قالها د. منصور خالد وضحك.


    قرنق ليس ماركسيا


    ـ انت المستشار السياسي للعقيد جون قرنق، هناك علامة استفهام حول هذا الامر، اولا متى التقيت بالرجل، ثانياً، الحركة بدأت شيوعية وانت من تيار ديمقراطي كيف اقتنعت بالتوجهات الماركسية ومتى انضممت رسمياً للحركة وأصبحت مستشاراً لها؟ ـ علامات الاستفهام هذه ستظل تتردد وطالما ان الناس لا يفيد معهم الا التكرار لكي يفهموا، لان كثيرا من الناس الذين يصدرون الأحكام لا يقرأون حتى ما تقول به وكأنما المهم ليس الجواب وانما السؤال، على أية حال انا التقيت بقرنق عام 1984م، بعد عام من قيام الحركة.


    ـ قلت ـ مقاطعاً ـ يقال انك انت الذي دبرت له امر البعثة الى اميركا؟


    ـ لا دبرها له عبدالماجد حامد خليل، ومضى قائلا: سبق لقائي بقرنق تبادل رؤى في لندن، وبدأت في كتابة مقالاتي ضد نظام مايو وكان الكثيرون يتوافدون الى داري للتشاور حول المستقبل اذكر من بينهم المرحوم عز الدين علي عامر، المرحوم مبارك شداد الدكتور خليل عثمان، كان تواصلي عن طريق احد اقرباء قرنق وهو مسئول كبير الان في الحركة وهو الدكتور وليم بيور الذي كان يعمل في السفارة السودانية «المركز الثقافي» ثم استقال بعد اعلان نميري للشريعة، وايضا كان هناك اتصال مع دول اشويل واحد من قيادات الحركة وكان نائباً لرئيس المجلس التنفيذي في الجنوب هذه اللقاءات شارك فيها الدكتور خليل عثمان وخليل ايضا كان واحدا من الناشطين في المجموعة التي كانت تلتقي في داري، ولكن اللقاء المباشر كان في اديس ابابا ومهدت له كل هذه اللقاءات وكان الهدف الاساسي في كل هذه اللقاءات هو التعرف على ما تريده ليس فقط بالنسبة لحل مشكلة الجنوب وانما بالنسبة للمشكلة ككل.


    اما بالنسبة للحركة وتوجهها الماركسي فهذا حديث يرد كثيراً، ومن المؤسف حتى اللحظة ان المثقفين والباحثين حاولوا ان يجعلوا من هذه القضية قميص عثمان، الماركسية ليست وصمة وهي فكرة مثل اية فكرة تحتمل الخطأ والصواب وفيها منهاج في التحليل اثبتت نجاعته، وأذكر عندما كنت في الامم المتحدة اقمنا ندوة، ندوة للسكرتارية كان الحديث فيها كيف يمكن ان تتحول الامم المتحدة الى حكومة عالمية وكان لداج همر شولد الامين العام انذاك تعليقاً طريفاً اتفق كل المتحاورين على ان العقبة الكؤود في سبيل تحقيق هذا هي تحقيق فكرة القومية، وهمر شولد في نهاية خطابه قال:


    «ان الفكر الغربي توقف بموت ماركس» يعني هناك اعتراف، وهذا الرجل ليس ماركسيا وليس شيوعيا ولكنه مثقف وقاريء وفيلسوف ويستطيع ان يميز بين الفكرة وبين التطبيق السيء وبين الجوانب الناجعة في الفكرة وغير الناجعة، فالحركة في واقع الامر لم تكن ماركسية وانما كان بها افراد متمركسون وكان بها ايضا ليبراليون، والمتمركسون الى حد كبير قوى شوكتهم وجود نظام متمركس في افريقيا في الفترة التي كانت تتخذ من اثيوبيا مرتكزاً لها، قرنق لم يكن من هؤلاء مطلقاً قرنق رجل عقلاني وان كان قريباً من مثل هذه الافكار فهو اقرب الى فكرة الاشتراكية الافريقية التي انجبتها مدرسة دار السلام وهي الجامعة التي تعلم فيها، وفي كثير مما كتبت اشرت الى ما يكرره قرنق انه ليس ماركسيا وليس اشتراكيا وليس رأس مالي، هو ان شئت وجودي بمعنى هو يسعى الى ان يكون سودانياً قبل ان يكون اي شيء، وان كانت هناك ايديولوجية فايديولوجيته هي السودانوية، يريد في الاول ان يعترف به وان يكون له وجود حتى ينتقي ويختار ما شاء من الافكار.


    ضرب همشكوريب


    ـ ماذا عن اسم الحركة الشعبية لتحرير السودان، التحرير مِنْ مَنْ، وكذا ضرب شرق السودان «همشكوريب» جاء خصماً على شعارات تحرير السودان والان الحركة تعمل من اجل السلطة والثروة، وقبلاً لتقرير المصير للجنوب ماهي رؤيتكم لمسيرة الحركة حتى الان؟ ـ يجب ان نعلم ان الحركة هي حركة سياسية عسكرية وأعلنت هذا منذ البداية ان النضال المسلح جزء من الوسائل لتحقيق اهدافها، وان القضية في نهاية الامر قضية سياسية، لا النضال المسلح وحده يمكن ان يحلها ولا النضال السياسي وحده سيحلها، وكان في حاجة للاعتراف ان هناك مشكلة لابد ان تجلس كل الاطراف لمعالجتها.


    ـ قلت ـ مقاطعاً ـ التحرير مِنْ مَنْ؟ ـ «قبل الدخول في المحور الخاص بهمشكوريب» ـ قال التحرير من ماذا؟ ومضى مجيباً، التحرير من الهيمنة، التحرير من التخلف وبالطبع ليس من العنصر العرقي، اذا قرأ الانسان ما كتبه جون قرنق وهو يتحدث عن السودانوية يصعب على المرء ان يفهم لماذا يأتي سؤال كهذا لانه في طوال خطبه يتحدث عن تضافر عناصر تاريخية وعناصر راهنة في خلق الشخصية السودانية، هذه العناصر التاريخية تشمل الدولة النوبية وتشمل الدولة العربية الاسلامية وتشمل الممالك الافريقية، والعناصر الراهنة تعرف حالياً انه تخلق من كل هذا كيان جديد ظل يتعايش مع بعضه البعض منذ عام 1920م. والذي يفكر بهذا الاسلوب لا يمكن ان يكون واحدا من أهدافه تحرير السودان من العنصر العربي، والحديث عن تحرير السودان من العنصر العربي يأتي من اناس عنصريين وهؤلاء الناس يخافون من اطروحة قرنق لان اطروحة قرنق تقلب المناضد على الذين ظلوا يظنون منذ مؤتمر الخريجين وشعار نشيد مؤتمر الخريجين «امة اصلها للعرب دينها خير دين يحق».


    اصلها للعرب هذه ليست الدولة التي كان يحكمها بعانخي، لا يمكن نسميها امة اصلها للعرب هؤلاء يريدون ان يقولوا ان تاريخ السودان بدأ بدخول العرب الاسلام وهذه ليست حقيقة لانهم عاشوا في هذا الوقت، ولكن بسبب هذا الوقت وما تحيط به من ظلال عنصرية استأثروا بكل شيء اقتصادياً وسياسيا فهذه الحملة الغرض منها هو الحفاظ على مكتسبات غير مشروعة، فاذن قضية التحرير من العرب هذه قضية غير موضوعية.


    ـ وماذا عن موضوع همشكوريب؟


    ـ موضوع همشكوريب يفهم في اطار ان الحركة من التجمع وان التجمع قبل مبدأ النضال المسلح وان القوات الموجودة ودخلت همشكوريب هي قوات التجمع وبالتالي اصبح الحديث عن غزو الجنوبيين للشمال لا معنى له.


    ـ قلت ـ مقاطعاً ـ وهل للتجمع قوات؟


    ـ نعم في الجيش الموجود تستطيع ان تقول ان الغالبية «العناصر غير العربية» وهذا يجب ان نأخذه في الاعتبار حقيقة فالسودان بلد غريب لان التكوين العسكري منذ الاستقلال اغلب ضباطه من الشمال وكل قواه الضاربة اغلبها من غير العرب من الجنوبيين او النوبة وحتى اليوم هنالك الجنوبيون الذين يقودهم شماليين في الحرب، فلماذا نحن نسمي هذا غزو، فهناك واقع في التكوين المجتمعي يجعل العناصر غير العربية لديهم قدرات في تجميد العمل العسكري وهذه قديمة حتى عندما جاء محمد علي وأنشأ جيشه واعتمد فيه على الرقيق كان يعتمد على ثلاث قبائل فقط، على الشلك والدينكا والنوبة، هذه المجموعات كانت تمثل الثقل الاساسي لجيش الغزو.


    ـ الا ترى ان الازمة السودانية، تلقي بظلالها على الاحزاب السودانية نفسها، اي على القوى التي تنذر نفسها لاجل الخلاص الوطني. هل يمكن بناء سودان جديد بالاستناد على قوى تنتمي كلياً الى القديم الذي يتداعى؟


    ـ الاحزاب بالضرورة هي الحاضنة الاجتماعية للتغيير.. عندما تقول ان الاحزاب ورموزها وخطاباتها عفى عليها الزمان اخالك تشير باصابع الاتهام للاحزاب التقليدية المشكلة اعمق هذا يصدق على كل الاحزاب، خاصة بعد انهيار الايديولوجيات اليقينية، القومي منها والاممي وبعد تساقط الهياكل التنظيمية التي افرزتها تلك الايديولوجيات التغيير الحقيقي بدأ ينقد تجارب الماضي نقدا غير تبريري. لا يدعو المرء الاحزاب لجلد الذات فهذا غير مرغوب ما يدعو له هو التحليل العقلاني والاعتراف بالخطأ لان ذلك وحده هو الذي يقود للسكة الناجية، كما يعين على الاستبصار الرشيد للمستقبل. الاسلوب التبريري في النقد يجعل المرء يتوجس خيفة في شيئين، الاول هو عدم القدرة على استبطان معاني التعددية السياسية والديمقراطية الليبرالية التي تبشر بها جميع الاحزاب، والثاني هو الخشية من تسريب بعض الافكار والمسلمات القديمة الى رحاب الديمقراطية بصورة تتعارض مع مراميها وانساقها.


    بالرغم من هذا سعدت لسعي الحزب الشيوعي في مؤتمراته وفيما ينشره لمراجعة نفسه نتيجة لاهتزاز اليقين في المسلمات الماضية، الفكري منها والتنظيمي. وسعدت ايضا للمقالات الجريئة لمحمد علي جادين حول مسلمات البعث، خاصة رؤاه للانقلابات العسكرية كوسيلة للتغيير هذه تحولات مباشرة والنقد كما قلنا تمحيص لا جلد للذات.


    كثيرون ينبذون نقد الذات لاعتبارات لاتمت للعقلانية بسبب «رجاله» او «جعلية» وعملاً بالمقولة البلهاء «الاتبلبل بعوم».


    ـ كل مشاكل السودان لها جذور في الماضي الاحزاب التي توصف بالتقليدية بدأت هي الاخرى تعقد الاجتماعات وورش العمل لتهيئة المجتمع لديمقراطية راكزة. هذا النمط من التفاطن بين اهل تلك الاحزاب ظاهرة ايجابية الا انها تفتقد النقد المعرفي لتجارب الماضي. ولا اعرف حزباً واحدا منها بدأ في تمحيص الماضي باسلوب عقلاني غير دفاعي فليس في سودان اليوم مشكلة دون ان تكون لها جذور في سياسات الماضي، كلها بفعل فاعل.


    فمن هو هذا الفاعل؟ كما ان معالجتها في جمل اعتراضية او بين قوسين حصر لا يفيد الاحزاب، جميع الاحزاب تظلم نفسها ايضا ان غابت عن خريطتها الادراكية امور ثلاثة: اولاً: ان العالم يعيش اليوم في حالة فاصلة لاسيما وقد اضحى كالقرية الكل فيه يلم بأدق التفاصيل عن الكل وكل فرد في تلك القرية يتأثر بالآخر ويؤثر عليه. التواصل في هذا العالم القرية يتغير بمعدلات لا عهد لنا بها، فان كانت وسيلة الاتصال عبر القاريء منذ 1890 «عام اكتشاف صموئيل مورس الاميركي للتلغراف» هي التلغراف الكهربائي الا ان الفاكس في النصف الثاني من القرن العشرين ضاعف معدلات التواصل عشرة الاف مرة اخرى مما انتهت اليه في عهد الفاكس. هذه الارقام تضاعفت في الاعوام الاخيرة بعشرات الالاف بعد قيام شبكة المعلوماتية وستتضاعف بمعدلات اعلى في informatic cyperhigh way عهد اوتوستراد المعلوماتية.


    ثانياً: ان السودان ـ للمرة الاولى منذ استقلاله ـ يكاد يصبح سودانين، هذا واقع لا ينكره الا مغالط ولا يتجاهله الا مستكبر، ذلك الواقع المرير هو نتاج طبيعي لفعل فاعلين بداية في حماقة 12 ديسمبر 1955 وانتهاء بالغاء نميري الاخرق لاتفاق السلام وفي الحديث «الخرق شؤم» ما وقع بعد ذلك كله تداعيات.


    ثالثاً: ان نصف اهل السودان اليوم دون سن الثامنة عشرة، فحسب احصائيات اليونسيف «عام 1997» يبلغ عدد سكان السودان 000,098,28 منهم 000,215,14 دون الثامنة عشرة. ما هو مكان هذه الحقيقة في الخريطة الادراكية لمن يخططون لمستقبل السودان وهي حقيقة ذات حمولات اقتصادية واجتماعية ثقيلة، الامم لا تبنيها الثروات الطبيعية: المائية والزراعية والحيوانية والمعدنية والاحفورية «البترول والغاز» ولا الموقع الاستراتيجي. ثروات الامم يبنيها الانسان المؤهل المتميز. ذلك في اختصار هو سر نجاح النمور الاسيوية.


    وان تجاوزنا التنمية ـ والتنمية حسب مواصفات اليوم ـ هي التنمية الانسانية وليس الاقتصادية فحسب. ان تجاوزنا التنمية بمعناها القديم الذي ما انفك يسود عقول بعض صناع القرار السابقين والراهنين واللاحقين وذهبنا الى الديمقراطية التي كادت ان تصبح تميمة ـ نقول بأن حماة هذه الديمقراطية والمنتفع الحقيقي منها في ربع القرن المقبل هو mezzanine هذه الجموع من الفتية والفتيات.. هؤلاء يكادون يعيشون في طابق مسحور او كما يقول اهل مصر يرقصون على السلالم «لا اللي فوق شافهم ولا اللي تحت سمع بيهم» ثمة درس ينبغي على الاحزاب ان تتعلمه من الجبهة في مكان اخر، تدريب كوادرها تدريباً متقدماً وحديثاً. مشكلة الجبهة في مكان اخر، عدم الوعي بأن بين الحداثة والتحديث صلة عضوية. نعم حماية الديمقراطية تتطلب اول ما تتطلب العمل على انضاج الذات الفردية لكل واحد من هؤلاء الفتية والفتيات، كما ان اللغة التي يخاطبون بها لا يمكن ان تكون هي لغة الامس.


    ـ كيف نبني السودان الجديد؟


    ـ اذا قرنت بداية هذا الحديث بما نزعم به حول ما يجب ان نتجه اليه جميعاً الا وهو بناء سودان موحد ينعم بالاستقرار، لانتهيت بلا محالة الى سؤال بسيط، ما الذي نتمنى ان يكون عليه السودان بعد ربع قرن من الزمان؟ وكيف نحقق ذلك؟ في المنطق البدايات هي نقطة الانطلاق للخواتيم، ولكن في السياسة الخواتيم «بمعنى الاهداف المرجوة» هي التي تقرر البدايات، هذه حقيقة يدركها اي رجل اعمال. «لا اعني بذلك القوموسنجية الذين ظلوا يتناسلون في السودان ويطلقون على انفسهم لقب رجال اعمال، وليس بين هؤلاء المتناسلين من نباهي به الامم». الاحزاب ليست بحاجة الى دراسة جدوى حول كيف يحكم السودان. حقيقة بسيطة مبذولة لاي طالب اقتصاد لو وعينا بها لوفقنا الله الى السداد. تلك الحقيقة هي ان افضل النتائج هو انجعها في تحقيق الاهداف المرجوة بأقل التكاليف. نحن نعرف جيداً ماهي المدخلات والمؤثرات المتوفرة، ونعرف جيدا البيئة التي نريد ان نستثمر فيها هذه المدخلات، ونعرف جيدا المؤثرات الخارجية على تلك البيئة، ونعرف جيداً التكاليف الباهظة التي دفعها السودان لا خلال العقد الاخير فحسب بل وعلى مدى اربعة عقود من الزمان. نعرف جيداً كل هذا او يفترض علينا ان نعرف، كما نتفق جميعاً على ان هدفنا الاخير هو تخليق سودان افضل. هذه هي الاسئلة التي ينبغي على الاحزاب والقادة توجيهها لانفسهم.


    ـ يثير الحديث عن الحل السياسي الشامل العديد من الاسئلة ذات الصلة بالوضع الراهن بقوى المعارضة الا يفترض الحل السياسي المنشود تقديم الانقاذ لرأسها طوعاً واختياراً، وعلى طبق من ذهب ـ ما أمكن ـ لخصومها السياسيين على مائدة التفاوض؟ ـ يقود هذا الى سؤال حول الحل السياسي الشامل: ماذا نعني بالشمول. ان كان مفهومنا له هو المفهوم الصوري الذي لا يتجاوز تنادي القوى السياسية الى اجتماع اسميته ملتقى او لقاء جامعاً او مؤتمراً دستورياً، فهذا لا يحقق الشمول الموضوعي، الشمول الحقيقي هو شمول الاجندة للقضايا المحورية ثم الاقبال الجاد للحوار بشأنها ثمة محددات للحوار ايضا ان لم نعها سينتهي الحوار الى حوار طرشان والى منبر للتشاطر.


    اولاً: الاعتراف بأن هناك مشكلا يتجاوز الصراع على السلطة.


    ثانياً: الانقسامات العرقية والبيولوجية والتشظي الثقافي، والتنوع الديني معطيات فرضت وجودها على الواقع السياسي بسبب العجز منذ الاستقلال عن حل سياسي بسيط لخصه الامام عبدالرحمن في حديثه النصيح.


    ثالثاً: الكف عن مخادعة النفس بأن السودان بلد لا شبيه له او نظير. فالسودان ليس وحده الذي يعاني من الانقسامات العرقية والتعدديات الدينية والثقافية واللغوية، فلماذا لا نفيد من تجاربها؟ ولماذا نحسب ان في مقدورنا تجاوز تلك التجارب؟ تلك الدول ذهبت الى تقليص القواسم وتكثيف الجوامع بحسبانها السبيل الوحيد الذي يجعل من التنوع تنوعاً خلاقاً ويبعد من غوائل التمزق.


    انتقل في هذا الى حديثك عن تسليم الانقاذ لرأسها، ما الذي تعنيه بهذا؟ ان كان المقصود هو ان هناك تياراً سياسياً اسلامياً بين قوى المجتمع الفاعلة لابد له من التعبير عن نفسه فهذا امر لا تنتطح فيه عنزان. شريطة ان يعبر ذلك التيار عن نفسه بحجمه الطبيعي ودون تغول على حقوق الاخرين او الاستئثار بفكر او الادعاء بأنه «بلغة الفلسطينيين» هو الممثل الشرعي والوحيد للاسلام بالسودان اما ان كان المراد هو فرض رؤية معينة او الحفاظ على قوانين ومؤسسات بعينها فهذا افتراض يعني اننا مازلنا في موقع مكانك سر. مازلنا نفكر بعقلية التشاطر الذي اقترعناه في 12 ديسمبر 1955 دون ان نعي مدلول المتغيرات التي طرأت على السودان والعالم منذ ذلك التاريخ كما نتجاهل واقعاً مماثلاً على الارض. فجون قرنق ليس هو بينجامين لوكي والشمالي الذي يتزيد عليه البعض باسم الاسلام ليس هو عبدالخالق محجوب في يونيو 1968 «عام حل الحزب الشيوعي» وانما هو الحسيب النسيب محمد عثمان الميرغني والذي ما استذكره مناصروه من مسلمي السودان الا واستذكروا حديث جده رسول الله صلى الله عليه وسلم «اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي».

    Quote: الأربعاء 25 ربيع الاخر 1424هـ - 25 يونيو 2003 -العدد 190


    منصور خالد: المحجوب تنبأ بسقوط النظام الديمقراطي وطلب العون من بريطانيا


    حاوره: كمال حسن بخيت






    الدكتور منصور خالد مفكر وكاتب سوداني غزير الانتاج خصوصاً في شئون السياسة واستراتيجيات التنمية، ويملك قلماً جزلاً رشيقاً مقروءاً ومثيراً للجدل في آن.وفضلا عن علمه وثقافته الموسوعية التي كثيراً ما يبهر بهما خصومه قبل مريديه، وهم كثر في الجانبين، فان الرجل خبير بخبايا واسرار وتطورات واشكالات السياسة السودانية التي خاض اتونها منظراً فكرياً، ووزيرا، ومعارضا شرساً. لكنه في كل الاحوال كان دائماً، ولايزال، مشهوداً له بالكفاءة والتجويد.


    سطع نجمه عند العامة عندما تولى وزارة الشباب في بداية العهد المايوي «نظام الرئيس الاسبق جعفر نميري» الا انه لدى خاصة المثقفين كان معروفاً بينهم.. يتابعون انتاجه الفكري وكتاباته ومشاركاته في المؤتمرات الدولية.. وما تنشره له الصحف من مقالات تحمل وجهة نظره وفكره. كان احد ابرز من تولوا مسئولية وزارة الخارجية عندما كانت مايو في اوجها واعتبر حينذاك احد اعمدة النظام ومنظريه. وفي العام 1979 انقلب د. منصور على مايو بسبب أخطاء لم يتحملها ولا تتوافق مع ما يؤمن به من قيم وما يعتقد ويحمل من فكر.. وبدأ نقدها وتعريتها في كتابه «السودان والنفق المظلم»..


    ثم انضم الى الحركة الشعبية لتحرير السودان مستشاراً سياسياً لجون قرنق. ثلاثة عقود او اكثر ظل د. منصور شخصاً مثيراً للجدل كسياسي وككاتب ومفكر متميز وجريء يختلف البعض حول افكاره واطروحاته لكن الجميع يعترف بقوة قلمه وجزالة تعبيره. ما هي علاقاته بالإمام عبدالرحمن المهدي والمحجوب وقبلهما عبدالله خليل، بمن تأثر في بدايات حياته وما هي الظروف التي اسهمت في تكوين شخصيته وما علاقاته بالنخبة او الصفوة.. ما هو تأثير عمله بالأمم المتحدة عليه، وماذا تركت فيه الدراسة والعمل في الولايات المتحدة، كيف ينظر الى الداخل الى الصراع السياسي والبحث عن حل شامل واستقرار للسودان ما هي المحددات التي يراها للسودان الجديد وماذا يأخذ على قادة الاحزاب وكيف يعيش حياته الخاصة هذه الاسئلة وغيرها يجيب عنها د. منصور في اول حوار معه يتطرق الى الخاص والعام في حياته وينشره «بيان الاربعاء» في حلقات.


    وفي الحلقة الرابعة من الحوار الاستثنائي معه يروي الدكتور منصور خالد ملابسات مشاركته في النظام المايوي.. ما هي قناعاته التي دفعت به الى المشاركة؟ ماهي الانجازات التي تحققت من وجهة نظره وما هي الاخفاقات؟ ثم لماذا خرج وعارض، ما هي الاسباب وكيف فسر ذلك مؤيدو النظام ومعارضوه وقبل ذلك ما هي الظروف التي ولدت فيها مايو، ثم كيف انضم الى الحركة الشعبية وما هو تقييمه لدوره في الحركة ووجوده بها ويجيب على السؤال المهم. كيف انتقل من اقصى اليمين الى اقصى اليسار من المفكر المثقف الليبرالي الى حركة بدأت ماركسية ذات اتجاه واحد.


    وينتقل الدكتور منصور خالد في هذا الجزء الى الحديث عن المفكر السوداني محمود محمد طه الذي اعدم شنقاً على يد نظام الرئيس نميري وكيف قضى عشية الاعدام في داره في لندن التي تحولت الى سرداق عزاء.


    فإلى تفاصيل الحلقة الرابعة من الحوار:


    ـ شاركت في نظام مايو ثم خرجت على ذلك النظام ونقدته حدثنا عن الدوافع والملابسات في المشاركة وفي المعارضة؟


    ـ تسألني عن مايو «وفي حكاياتنا مايو» تلك فترة عامرة وتعيسة في آن. قلت رأيي في اوجه تعاستها وانا في قلبها دون ان اغمطها حقها. لم انتظر الساعة الحادية عشرة لأنحاز الى جانب الشعب. صديقي الراحل الدكتور الزين النيل ـ عطر الله قبره ـ كان بارعاً عندما كتب لي من قطر، عند نشر مقالاتي حول نظام مايو في صحيفة «القبس»، وهي المقالات التي اودعتها في كتاب «السودان والنفق المظلم». كتب يقول: «عفارم، لم تنتظر رحيل القائد لتخرج علينا بـ «الصامتون يتكلمون»، ولم تنتظر مصرعه لتخرج علينا بكتاب عن هذه المناسبة اذكر فيها الزين الذي نشأ بيني وبينه ود وتقدير منذ ان كان رئيساً لداخليتي في مدرسة وادي سيدنا، كما أذكر شقيق روحه الدكتور حسن كشكش اذ قام كلاهما بتوزيع ذلك الكتاب في قطر حيث كانا يعملان. وعلى أي حال فقد أعلنت ومازلت اعلن بأني مسئول عن كل ما دار في ذلك العهد، حتى فيما كان له فيه رأي نقيض، هذه مسئولية ادبية واخلاقية ولا مشاحة في ان يعترف المرء بأخطائه لان الاعتراف بالخطأ السابق في قول الشاعر الاسكندر بوب، يعني انك صرت اكثر حكمة.


    ـ ما هي الاسباب التي ترى انها كانت وراء مايو.. او عجلت بها؟


    ـ تجربة مايو لا يحكم عليها بمعزل عن الظروف التي ولدت فيها. «مايو اتولد»، ليس من فراغ. نزاعات الاحزاب كانت كصراع الديكة، دامية وعنيفة وكان اهل النظام بوعي بها.


    قال المحجوب لمايكل ستيوارت وزير الخارجية البريطاني: «ان الوضع في السودان سيقود الى انقلاب عسكري في اسابيع ان لم تمد بريطانيا يد العون للسودان» راوي هذا الحديث هو صديق السودان والسودانيين غراهام توماس الذي رتب اللقاء. وقد اورد توماس الحديث في رسالة منه للسير جيمس روبرتسون نشرت في كتابه الذي صدر قبل بضعة اعوام وتضمن الرسائل المتبادلة بينه وبين روبرتسون. بيد ان مشكلة السودان يومذاك لم تكن هي الاقتصاد وانما كانت العوامل التي أدت الى تدهور الاقتصاد، صراع الديكة وحرب الجنوب، الحرب كانت اكثر دموية وغباء من ذلك الصراع خاصة بعد ما توصل اليه الرأي المستنير من حلول لتلك الحرب عقب مؤتمر المائدة المستديرة. هذا هو البعد الداخلي، اما البعد الخارجي فهو هيمنة الفكر الشمولي على المنطقة، الحزب الواحد، الاشتراكية العربية، الفكر القومي البعثي، الاشتراكية الافريقية، بحزبها الواحد هي الاخرى.


    هذا الواقع لم يلق بظلاله على السودان فحسب وانما اناخ بكلكله. هذه التجارب جميعها ثبت فشلها الا في بضع بلاد مازالت تعيش خارج اطار التاريخ المعاصر. ومع ذلك مازال بعض الطاعنين في شمولية مايو يثابرون في تمجيد ضلالات «شموليات اخرى».


    ـ اذا كان الواقع السياسي انذاك.. والحالة الاقتصادية المتردية التي نبه اليها المحجوب ماذا قدمت مايو اذن لمواجهة ذلك؟ ـ مايو انجزت الكثير في ميدان التنمية المادية ـ طريق الخرطوم ـ بورتسودان، خط الانابيب، مصانع السكر وعلى رأسها كنانة، جامعتي الجزيرة وجوبا، اكتشاف البترول الى آخر القائمة. على ان جميع هذه الانجازات لم يكن يستاهل تحقيقها الغاء الديمقراطية والصراع الدامي الذي صحب ذلك. على ان انجاز مايو الاكبر هو السلام بين الشمال والجنوب الذي نعم به السودان لعشر سنوات.


    الى اين انتهى ذلك السلام؟ الغاه نفس الرجل الذي انجز في عهده وما كان لحكمه ان يستقر لولا الدفع الذي وجده من تحقيق الاتفاق. لو كان مثل هذا الانجاز قد تحقق في ظل نظام ديمقراطي مفتوح فيه من الشفافية بقدر ما فيه من المحاسبة لما جروء حاكم على انتهاكه. الناقد الحصيف يتساءل لماذا استطاع النظام الشمولي ان يحقق ما عجز عنه النظام الديمقراطي؟


    الجواب هو عدم ادراك الحاكمين يومذاك للاولويات. فالصراع على الحكم كان هو الاولوية القصوى لديهم دون ادراك لان الديمقراطية والاستقرار السياسي سيظلان في كف عفريت مادامت مشكلة الحرب معلقة. لو ادركوا تلك الاولوية ـ وتركوا الصراعات حول الحكم ـ لدامت الديمقراطية. مايو وضعت السلام على رأس اولوياتها منذ يوليو 1969 ولكن بالقدر نفسه، رغم نجاح نظامها الشمولي باستقراره القمعي في حل المشكلة، فان طبيعته الشمولية اتاحت للذي يمسك بمفاتيح التحكم ان ينقض غزله بيده دون حسيب او رقيب. وعلنا اليوم بعد تجربة وبعد تجارب العالم التي تهاوت فيها الانظمة الشمولية من هانوي الى الجزائر، ومن موسكو الى بريتوريا اضحينا اكثر حكمة. وعل الله يهدينا ايضا الى ادراك اولوياتنا حتى لا تقع واقعة ليس لها غير الله رافع. وقد احسن التجمع مثلا عندما وضع قضية الحرب والسلام في قائمة اولوياته.


    ـ مازال موقفك السياسي يعتريه الغموض، اي انتقالك من منظر لنظام دكتاتوري الى داعية الى الديمقراطية وحقوق الانسان ومن العداء للشيوعية واليسار عموماً الى قيادة «الحركة الشعبية لتحرير السودان» كيف تفسر تنقلك من موقف الى آخر نقيض له تماماً؟ ـ سؤالك يحتاج الى تفكيك، بل هو من الاسئلة التي تثير في المرء هرمون التوتر «الادرينالين» فطريقة السؤال كثيرا ما تفرض الاجابة التي يبتغيها السائل، هذا امر يصح في المحاكم، فقد تعلمت في تجاربي القانونية الا أوجه سؤالا للخصم لا اعرف جوابه، لان هدف المحامي هو اثبات واقعة يعرفها. اما في السجال او الاستطلاع الفكري فأنا افكك السؤال لأكتشف او الكشف عن التناقض الداخلي فيه وعن محتواه وما يبتغي السائل او بالأحرى من يعبر عنهم السائل. انت مثلا تفسر الغموض بأنه الانتقال من رحاب التنظير لنظام مايو الدكتاتوري الى الدعوة للديمقراطية وحقوق الانسان. السؤال يفترض ايضا ان ثمة عداء فكرياً بيني وبين الشيوعية واليسار عموماً. ولهذا تعجب من انضمامي للحركة الشعبية التي تصنفها في خانة اليسار حسب نظرتك له.


    اولاً: افتراض العداء بين «دكتاتورية» مايو واليسار بما فيه الحزب الشيوعي افتراض قائم على نهج اصطفائي في تحديد هوية مايو «الدكتاتورية». «دكتاتورية» مايو هذه تعود الى اليوم الاول الذي خرج فيه «حارسنا وفارسنا» من الثكنات حتى انتهى الى سدة الحكم وبدأت منذ ان تداعت «القوى الديمقراطية» جميعها الى الميادين في 2 يونيو 1969 لتبارك الوليد المايوي وتذود عنه بـ «الروح والدم نفديك يا ثورتنا» بين هؤلاء كان الشيوعي والبعثي والناصري، ولعل الاخيرين هما اللذين استوردا للسودان شعار «بالروح بالدم» فان اختلف اي من هؤلاء مع نظام مايو لانه انحرف من اليمين الى اليسار او انتقل من أعلى عليين الى اسفل سافلين في تقديرهم فهذا لا يلغي الطبيعة «الدكتاتورية» من البداية الى النهاية والدكتاتورية هي مناط اتهامك له.


    وبالتالي فان تصنيف اليسار واليمين هنا لا يعني شيئاً مع ذلك على المستوى الفكري كانت مواقفي مع المدارس السياسية التي تحصر الانسان في اطار مفهومي خانق هو الرفض الفكري، لا العداء، ولعل اللغة ايضا لها دور في تكييف نظرة المعلقين للاشياء، فالمقال السجالي يصور دوماً في الصحافة العربية بلغة «شن فلان حملة عنيفة على فلان» عقلية داحس والغبراء مازالت تسيطر على بعض الافهام.


    ـ حسناً ما الذي يدفع المرء للانتقال من موقف الى آخر مناقض له؟


    ـ تسأل عن القانون الذي يحكم الانتقال من موقع الى موقع نقيض؟ القانون هو التطور التاريخي، هو نمو الوعي، هو التحولات المستجدة، هو استكشاف خيبة التجارب الماضية. ولهذا يوجه مثل هذا السؤال ان كان ثمة سؤال عن الغموض الذي يكتنف المواقف ـ الى بوريس يلتسين امين الحزب الشيوعي اللينيني لمدينة موسكو الذي صار داعية للديمقراطية وحقوق الانسان، والى الناصريين اهل الحزب الطليعي الواحد الذين لا ترضيهم اليوم ديمقراطية مصر التعددية بما فيها من استقلال للقضاء وحريات للصحافة والنقابات، كما يوجه للبعثيين الذين انتقلوا الى مرابع التعددية. فانتقالي ياصديقي من مربع الى مربع كان منذ عام 1979 في مقالات لم يصدقها المعارضون فاسموها «مقالات مأذونة» ولم يقبلها رفاق مايو القدامى اذ حسبوها زندقة مثل هذا السؤال يعبر عن حيرة السائل.


    الاصطفائية في عرض الحقائق تعبر عن حيرة، فالسائل، فيما يبدو، مع الديمقراطية التعددية بلبراليتها السياسية ولكنه يتمنى على النفس اختزال ما يسميه قوى التخلف، وهو مع تحرير الاقتصاد ولكن مازال به وله بالاشتراكية، عن تلك الحالة عبر الكاتب التونسي محمد الحداد بقوله «انتقلنا من عهد النهضة الى عهد الثورة، ومن عهد الثورة الى عهد الحيرة».


    سؤالك الحقيقي عن الحركة الشعبية، وانفذ من السؤال الى دلالاته المضمرة، فلو تحولت مثلا الى حزب شمالي لما برز السؤال. المضمر هو كيف يجوز لـ «ود البلد» هذا ان يلحق نفسه بحزب «العبيد» هذه هي الاوصاف التي تستحي من نفسها ولهذا يهمهم بها البعض في مجالسهم الخاصة. دعني اقول لك بعد كل الذي قلت بأنني رجل متصالح مع نفسه، حفيظ على مواريثه، مدرك لعبقرية بلاده المكانية والزمانية، موضوعي في تقويمه للافكار وللرجال، لا يرى فيما جاء به البشر من فكر شيئاً مطلقاً او منزلاً، كما لا يحكم على الرجال بأصلهم وفصلهم وانما برؤاهم وافعالهم، وشهادة الافعال دوما اعدل من شهادات القال والرجال. قال صديق شمالي لو جاء قرنق من ود الحداد لهرعنا جميعاً اليه.


    ولو جاء من جبل الداير لحسبناه مهدياً جديداً. هذه هي محنة السودان الحقيقية. دوري في الحركة ـ كما قلت واقول ـ هو ان انقذ بعض اهلي من انفسهم، ولا يظنني احد ان بغيتي هي ان اكون حاكماً للبحيرات. تسألني عن مستقبلي السياسي. مستقبلي الحياتي وليس السياسي فقط، رهين بسودان جديد مستقر، ولا استقرار الا بعد ان يتصالح السودان مع نفسه، فان لم يتحقق هذا فسيطول الابد على لبد.


    في تقديرنا السودان حقيقة جغرافية، نعني بذلك السودان الذي ارسى قواعده محمد علي باشا من التاكا وسواكن شرقاً الى دارفور غرباً ومن غندوكرو جنوباً الى حلفا شمالاً. وان كان السودان الجغرافي حقيقية فالسودان السياسي وهم، خاصة فيما يتعلق بأمر شقه الجنوبي، وليس أدل على ذلك من انه ظل متصارعا مع نفسه منذ الاستقلال في حروب ساخنة وباردة. سبب هذه الحروب هو العجز عن استيعاب معنى الخصوصيات المثقلة التي ظلت ترهق المجتمع السوداني من أقصاه الى أقصاه، العجز عن ادراك المعطيات الزمانية والمكانية والتاريخية هذا العجز يصبح مذهلاً عندما نستذكر ان التوحيد بين شقي القطر ليس بمطلب جديد، بل كان واحدا من المطالب الرئيسية في مذكرة ابراهيم احمد «مذكرة المؤتمر».


    ذلك المشكل عولج بأسلوبين خاطئين، فعلى المستوى النظري كانت هناك استهانة بتلك الخصوصيات، وكان هناك ظن بامكانية اذابتها عبر القهر الثقافي لا المثاقفة الطبيعية بالرغم من ان المثاقفة كانت هي اداة تعريب الشمال كله. وقد جاء على السودان زمان تولى زمام الثقافة فيه وزير انكر على السودان حتى تراثه النوبي لوثنيته، وتراثه القبطي لنصرانيته، مثل ذلك التراث تتباهى به الامم وتجليه على العالمين. فالوثنية لم تدفع اهل مصر لاقتلاع اثار الفراعنة، والنصرانية لم تسقط الاخطل من ديوان العرب، ولم تمح اسم اسحق بن حنين من فهارس اعلامهم، ذلك نمط من الرجال تصدق عليه مقالة طه حسين عن احدهم: «هذا جاهل رضي بجهله ورضي جهله به».


    اما على المستوى السياسي كانت اداتنا هي التشاطر السياسي، ففي 12 /12 /1955 تجسدت استجابة احزاب الشمال كلها على مطالبة بنجامين لوكي بأن يصحب اعلان الاستقلال اعلاناً اخر بقيام نظام فيدرالي في اطار دولة موحدة في كلمات بسيطة: «سيؤخذ هذا الامر بعين الاعتبار عند وضع الدستور». احزاب الشمال التي مازال بعض زعمائها يردد حتى اليوم «الجنوبيين عايزين شنو؟» كانت تعرف حقا ما يريدون كما تعرف الطريق الى الوحدة والسلام والاستقرار منذ اليوم الاول. ويروي استانسلاوس بياساما في مذكراته التي نشرت بالسودان قبل بضعة اعوام قصة استدعاء عبدالرحمن المهدي له للقاء مع اسماعيل الازهري وعبدالله خليل واخرين «وكان الازهري رئيساً للحكومة القومية التي اعقبت الاستقلال وعبدالله خليل وزيراً للدفاع فيها» سأل الامام عبدالرحمن استانسلاوس: «ما الذي يريده الجنوبيون؟» قال استانسلاوس: «نحن نطالب بنظام فيدرالي ندير فيه شئوننا الداخلية بأنفسنا في ظل سودان موحد» وكان للمهدي رد بليغ وتوجيه حاسم لأهل الحكم: «اذهبوا واعطوهم ما يطالبون به» التركية لم تستطع قبرهم والامام المهدي «ابوي» لم يستطع السيطرة عليهم، والانجليز بالكاد حكموهم.


    وحيث لم يعرف السودان حروباً باردة او ساخنة كانت هناك استهانة بخصوصيات اخرى، التهميش الاقتصادي في مناطق في الشرق والغرب والوسط «جبال النوبة» واعالي النيل الازرق، تلك ظاهرة ذات جذور تحتاج الى تفكيك، خاصة وقد كان الجنوبيون ـ حتى قيام الحركة الشعبية ـ يضفون على ظاهرة التهميش الاقتصادي بعدا عرقيا بمعنى ان الجنوب غير المسلم يعاني من تهميش قصدي له من جانب الشمال المسلم. الفكرة خاطئة لان اقتصار التنمية على الشريط النيلي امر استوجبته في عهد الاستعمار اعتبارات تخص الاستعمار: توفر البنية التحتية في الشمال «السكك الحديدية والنقل النهري» التضاريس الجغرافية المواتية، القوى البشرية المؤهلة نسبياً، القرب من مركز التصدير للخارج. تلك سياسة لم يستنكف الاستعمال عن الجهر بها. ففي واحدة من رسائل اللورد كرومر أبان الجلاء ان الحكومة ستمضي في تنمية الشمال في حين تقصر انفاقها في الجنوب على الاحتياجات الضرورية لصون الامن وحفظ السلام.


    لهذا كانت مسئولية الحاكمين في الشمال عن استشراء الحرب عظيمة بسبب الحيلولة دون التمكين السياسي لأهل الجنوب في مطلع الاستقلال فان مسئوليتهم اكبر في العجز عن توفير المناخ الصحي لتحقيق التمكين الاقتصادي للمهمشين على امتداد القطر بسبب الابقاء على الخلل الهيكلي الموروث، ذلك الخلل ظل قائماً حتى بعد اربعة عقود من الاستقلال مما جعل الحديث عن مسئولية الاستعمار تكاد لا تخدع احداً. وذريعة تسيء الى من يتذرع بها، وأثبتت التجارب ان درجة الاستقرار الذي تتمتع به الدول حديثة العهد بالاستقلال رهين بدرجة معالجتها لمثل هذه الاختلالات عند الاستقلال.


    ليلة اعدام محمود محمد طه


    ـ دهش كثيرون عندما كتب د. منصور عن الاخوان الجمهوريين في اواخر مايو، كيف بدأت علاقتك بالجمهوريين والى اين انتهت؟ ـ الجمهوريون قادتني اليهم فحولة فكرية وخصائل شخصية كثيرون كانوا يقدرون في الجمهوريين تلك الفحولة دون ان يشاركوهم الرأي ناهيك عن الانضواء تحت لواء تنظيمهم.


    من بين الخصائل التي حببتهم الى نفسي ادب الخطاب وتجويد الكتاب والتوافق المبهج بين السر والعلانية، ولربما كان مقتل محمود على يد نميري هو اكبر حدث حملني الى القطيعة البائنة معه.


    كنت في داري بلندن عشية اعدام الاستاذ اتابع ما يدور في السودان برفقة الحبيب الراحل الدكتور خليل عثمان والذي نمت بينه وبين الاستاذ علاقة وارفة وتداعى علينا كثر لا يصدقون ما يسمعون: الاخ الراحل حسين بليل، الاستاذ التجاني الكارب الاخ الراحل ابوبكر البشير الوقيع.. قضينا ليلة محلوكة نسعى فيها بكل ما في وسعنا لحشد العالم لكي يقنع نميري بالكف عن السير في تنفيذ قراره. اتصلت بنائب الرئيس الاميركي جورج بوش، وسيمون تيل رئيسة البرلمان الاوروبي، واحمد مختار امبو مدير اليونسكو والامير صدر الدين اغا خان في جنيف، والمستر ريتشارد لوس في البرلمان البريطاني وكان لكل واحد من هؤلاء فضل على السودان، وعلى النظام الذي يترأسه نميري شخصياً، الاجابة على جميع هؤلاء كانت الرفض والتحايل، وضاعف من غضبي ما علمت به من بعد عن استهانة الرجل بكل الضغوط الاسرية عليه لكيما يقلع عن عدوانيته تلك، وفيما علمت ان رأس الرمح في تلك الضغوط الاسرية ـ الدكتور عبدالسلام صالح ـ خرج غاضباً ومتوعداً ان لا يعود لدار نميري، وفي الصباح جاءنا الخبر الذي جعلنا جميعاً نشرق بالدمع حتى تحولت داري الى «بيت بكاء» لا ادري ما اصنع.


    أأهديء خليلا وهو يتشنج بالبكاء كالطفل؟ ام اهديء من روع ابي بكر صاحب القلب الذي قرضته الامراض؟ ام اقول للتجاني حنانيك بعد ان فجعني بقوله «لم اكن اظن انه سيأتي على حين من الدهر اقول فيه لا يشرفني ان اكون سودانياً الا هذا اليوم» ام انصرف عنهم جميعاً لافعل ما افعله دوماً في مثل هذه الحالات: اعتصر قلبي في وريقة. هؤلاء رجال لم يكونوا في يوم من الايام جزءا من منظومة الاخوان الجمهوريين ما جمعهم بالاستاذ الشهيد هو رابطة الانسانية واحترام الفكر والمفكرين.


    كثيرون قد يقولون ان محمود لم يكن هو اول ضحية للنميري، فقد سبقته ضحايا لتحمل معه المسئولية عما لحق بهم، بيد ان محموداً لم يكن هو الامام الهادي الذي نازع نميري السلطة، ولم يكن هو الشيوعيون الذين اتهموا ـ حقا او باطلاً ـ بالانقلاب على حكمه واذلاله بحمله على ان يخرج من داره خافر الرأس حافي القدمين، وليس هو قيادات الاخوان التي كانت وراء محاولة شعبان للاستيلاء على الحكم وليس هو قيادات الجبهة التي جيشت الجيوش للاطاحة بالحكم، جرم الرجل الذي لم يكن يحمل عصاة يتوكأ عليها وهو الشيخ الذي انهكته السنون انه ابدى الرأي في وريقة واحدة استنكر فيها ما يدور باسم الدين دون ان يصف السلطان بالبغي. وهو اقل ما كان يقتضيه المقام، تلك كانت هي القشة التي قصمت ظهر البعير وحملتني على ان اقول: هذا جنون لا يستطيعه بشر الا بعون ربه. ولن يكون لي مع الرجل بعد اليوم لقاء حتى وان كان هو الممسك بمفاتيح الجنان.


    اقرأ يا هاشم نوريت عساك تتعلم أو تتواضع وتتخلى عن هذا التكبر الذي لا يزيدك إلا صغارا.. وأنا عندما أقول لك بهذه الطريقة إنما لأنني أعلم أن التكبر على المتكبر الذي هو مثلك إنما هو صدقة، فاهنأ به يا أيها المتكبر الجاهل..








    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 07-23-2005, 01:14 AM)

                  

07-25-2005, 03:20 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر كلماتهم قبل الإعدامات.. عبد الخالق ، الشفيع والآخرون (صور). بقلم بكري الصايغ (Re: Yasir Elsharif)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de