|
|
 الأنبياء الكذبة / عادل عبد العاطي
|
الأنبياء الكذبة
عادل عبد العاطي
[email protected]
-1-
" احترزوا من الانبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة . من ثمارهم تعرفونهم . هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا ؟ هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة .واما الشجرة الردية فتصنع اثمارا رديّة . لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا رديّة ولا شجرة رديّة ان تصنع اثمارا جيدة . كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار .فاذن من ثمارهم تعرفونهم" – متى 7 - 14/19.
-2-
كُتب علي شعب السودان ان يبتلي بالانبياء الكذبة؛ هؤلاء الذين نجتني منهم مر الثمر؛ او قل نجتني منهم الشوك والحسك. هم لا ياتوا حتى في ثياب الحملان؛ ولكن حوارييهم المنتفعين منهم وبهم يخلعوا عليهم جلود الحملان التي قتلوها وسلخوها؛ مع اننا نرى – رؤية العين – الدم يقطر من مخالبهم واظافرهم؛ وقطراته تسيل من اشداقهم واتيابهم؛ وطيور الموت آكلات الجيف تحوم من بين يديهم ومن خلفهم؛ لانها تعلم ان في طريقهم تتكاثر الجثث ويهيمن الموت ويسيل الدم مدرارا.
-3-
يأتي النبي الكاذب في زمن يبلغ فيه الحال بالناس الي اليأس؛ وتصعد الروح حتي تصل الحلقوم. يكون الناس قد ضعفوا وقد هزلوا؛ وقد خافوا وقد ذهلوا؛ يكونوا قد كفروا بكل شئ؛ ولم يعد لهم من الامل شئ؛ ومن مقومات الحياة شئ؛ فياتيهم النبي الكاذب وحواليه حواريه المجرمون؛ راكبا عربة مدرعة ومشكوكة بالسلاح؛ وتحت يديه وفي معيته صفوف من المحاربين ممشوقي السلاح. تبدو عليه مظاهر القوة والسلطان؛ ومن عينيه يبرق بريق السلطة؛ وفي يديه من اموال السحت ومن دماء القتلي صولجان. ينخدع الناس عنه وفيه وبه؛ ويعموا عما يروا؛ لان الحياة اصبحت لا تطاق؛ ولان الخداع المؤقت يخفف عنهم الالم الدائم؛ فالحياة بلا حلم قاسية مريرة؛ واذا لم يتوفر الحلم فلا بأس من الوهم؛ وفي زمن ضيق الارض وانغلاق السماء فلا بأس حتي؛ بالكاذب من الانبياء.
-4-
يقول النبي الكاذب كل شئ؛ ولا يقول اى شي. انه يخاطب الناس علي قدر رغباتهم؛ ويعطيهم الوهم علي قدر احباطاتهم. يقول ما يريده الستمعون؛ لا ما يريده هو. انه لاعب ساحر بالكلمات؛ عالم خبير بالنفسيات. يلعب بالبيضة والحجر فلا يكسر البيضة وان تخثرت من الداخل؛ ولا يلقي بالحجر الا عندما يعرف انه مصيب هدفه. هو استاذ في الخديعة ومتمرس في الكذب الي حد الفجيعة. يعرف كيف تؤكل الكتف وكيف تثمل العين وكيف يجدع الانف. حديثه رياء وصمته افتراء. كلام الليل عنده يمحوه النهار؛ وكلام النهار لا يصل حتي مشارف المساء. يقرر ليلا وينفذ فجرا؛ لا ينام لانه يخاف حتي من احلامه.. أحلامه كوابيس؛ وكوابيسه واجبة التطبيق علي الاخرين؛ حتى لا ترتد اليه. فيه شئ من مكر الحيوان ومن انتهازية الشيطان. ماتت فيه الانسانية منذ زمن بعيد؛ حينما استبدل قلبه بحجر وصخر. هو بعاني في ثياب الاحياء؛ ودجال في ثياب الانبياء.
-5-
ليس اسؤا من النبي الكاذب؛ الا حواريه الاقربون. هم خير من يعرف كذبه؛ وشر من ينشر دجله. تحركهم الانتهازية وتدفعهم الذاتية. لا يتورعوا عن اسؤا الاعمال؛ في طريق ان يصعد نبيهم درجات السلطة وان يصل لابواب السلطان. يتماهو معه ويحاربوا حروبه لانهم يطمعوا لنفسهم بشئ من الفتات. يستمدوا قوتهم من قوته؛ ويخفوا ضعفهم بالعنف والخطب النارية ومعسول الكلام. يظهروا غير ما يبطنوا؛ ويبطنوا اشر الافعال والاقوال. لذاجتهم لا تصل حدا وعنفهم لا يعرف سدا. نصفهم من الرواد الذين كذبوا اهلهم؛ ونصفهم الآخر من الحثالات التي ليس لها اهل. ذكيهم داهية وغبيهم طاغية. هم شر رفقة للناس وخير رفقة للنبي الكذاب. هم حوله مائدته مثل الذباب؛ وامام الناس مثل الذئاب. لا يملكوا دون نبيهم شيئا ولا يملك دونهم من تدبير؛ انهم حواريي النبي الكذاب.
-6-
لا ينخدع فقط البسطاء بالانبياء الكذبة؛ بل يسير في طريقهم قطيع طويل من المتعلمين الجهلة. هؤلاء الذين يضعوا المصباح علي راس البيت وفي خارجه؛ مع ان البيت بالداخل مظلم دامس الاظلام. قلمهم لا يزيل بلم؛ وبلمهم يزيد الالم. ميزانهم مائل وضميرهم مائع سائل. خائفون حد الموت لذا يبحثوا عن شجاعة لهم في عنف وفسالة النبي الكذاب. ليس النبي الكذاب الا هم وقد تجرد من الخوف والتردد. انه انعكاس انتهازيتهم وكذبهم وخوفهم. هو التجريد الصافي للؤمهم والخلاصة النقية لكذبهم. هو صورتهم في المرآة وقائدهم ورمزهم ومكان عبادتهم. هم رسله لخداع البسطاء؛ والمطبلين له كل صبح ومساء. يمكن ان نجد في صفوفهم بعض الحالمين والمخدوعين؛ ولكنهم في جهلهم من الانتهازيين والكاذبين؛ اذ لا يمكن ان يسر وراء النبي الكاذب؛ رغم ان ثمره شديد المرارة؛ الا الكاذبين من المتعلمين؛ والانتهازيين والمنبطحين.
-7-
يعرف الناس في النهاية دجل النبي الكذاب؛ وينفضح امامهم كل ما فيه من خواء. تأتي شمس الحقيقة لتكشف زيفه؛ وحينها تتبخر عنه كل هالات الزيف؛ وتسقط عن راسه كل تيجان الخداع. لا يملك النبي الكاذب ما يقدم للناس؛ وتصطدم كل اوهامهم عنه بصخر الواقع المؤلم؛ وسياجات الحقيقة الغراء. يتم هذا لانه يمكنك خداع بعض الناس لكل الوقت؛ او خداع كل الناس لبعض الوقت؛ لكنك لا يمكن ان تخدع كل الناس لكل الوقت؛ وهذا ما يحمل به في غيهم؛ الكذبة من الانبياء.
يعرف الناس زيف هؤلاء؛ ولكن بعد ان يدفعوا الثمن غاليا من دمهم ومن مالهم ومن احلامهم. من مهجات اطفالهم ومن حسرات شيوخهم. يعرفوه في الغالب بعد ان يكون العمر قد انقضى او كاد؛ وبعد ان يكونوا قد غذوا السير طويلا في طريق الضهاب؛ وبعد ان تجرعوا من النبي الكاذب الوان العذاب.
-8-
في بلادنا عشرات الانبياء الكذبة؛ ولا صوت يندد بهم؛ ولا طفلة صغيرة ترفع صوتها تجاههم. طوبي لك يا بلادي ويا اهل بلادي؛ وانت تسيري في طريق الاوهام؛ وتبني من خيوط العنكبوت الاحلام. طوبي للقتلي والجرحي والمعوقين والمهجرين والنازحين؛ للموتي جوعا وعطشا وقتلا وحزنا وشجنا؛ اذ تصبح تضحياتهم وموتهم؛ طريقا للمجد والثراءوالصولجان . طوبي للشباب الضائع؛ ضيعه الانبياء الكذبة وجيل الهرمين الصائع. طوبي للدم المسفوح غدرا؛ والعدل المذبوح دهرا؛ والحق المضيع قهرا؛ من قبل المثقفين الجهلة والمجرمين السفلة والحواريين الكاذبين والانبياء الكذبة. امنياتي للوطن والشعب المغيب المسكين ان تنقشع الغشاوات قبل فوات الاوان؛ وان ينتصر الانسان علي الانبياء الكذبة ؛ في كل زمان ومكان.
عادل عبد العاطي
10-7-2005
http://www.sudaneseonline.com/
....
|
|
 
|
|
|
|
معتز تروتسكى
Shinteer
عادل فضل المولى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست