مقبولة إحدى ضحايا دارفور تحكي قصتها للنيويورك تايمز: كيف قُـتل زوجها واُغتصِـبَـت

Quote: نيكولاس د. كريتسوف: لما يجب أن نهتم بدارفور؟ اسأل مقبولة النيويورك تايمز عدد الأربعاء الأول من يونيو 2005 نيالا – السودان – كتب قارئ من يوجين، أوريجون، متبرماً من عزفي على أوتار العالم الثالث: "لماذا يجب أن تهتم الولايات المتحدة ببقية العالم؟" كان سؤاله. "يجب أن تهتم الولايات المتحده بأمورها الخاصة. لقد آن الأوان لوقف معتوهي الليبرالية من دفع الولايات المتحدة في سخف أو من السعي ليجعلوا كل خطأ في العالم هو من مسئوليتنا". وبما أن ذلك القارئ لم يكن هو الرئيس جورج بوش إلا أنه يمكن أن يكون هو. بوش لم تنبس شفتاه كلمة "دارفور" على الملأ منذ العاشر من يناير (وحتى تلك كانت إشارة عابرة خلت من أي إدانة). هناك العديد من الحجج التي بوسعي أن أوردها لإثبات أنه من مصلحة أمريكا أن تغيث دارفور. إن الإنفلات في دارفور قد تسبب فعلاً في عدم استقرار السودان جميعه وكذلك جارته تشاد، وكلاهما بلدان مصدران للنفط. والدول العاجزة عن القيام بواجباتها مرعى خصب للإرهابيين مثل أسامة بن لادن والأمراض مثل شلل الأطفال علاوة على تصدير اللاجئين والخاطفين. إلا أن هناك حجة أقوى من ذلك: مقبولة، المرأة التي قابلتها في معسكر كلمه هنا. كانت تسكن مع زوجها وأبنائها الخمسة في الريف ولكن عندما بدأت مليشيا الجنجويد العربية في ذبح القبائل الأفريقية كقبيلتها، لاذت مقبولة وأسرتها بالأمان في إحدى المدن الكبيرة. وفي ديسمبر هجم الجيش السوداني على المدينة وفرت مقبولة وأسرتها إلى الغابة. قبل شهرين خلون لحق بهم الجنجويد. قام المعتدون أولاً بإطلاق النار على زوجها فأردوه قتيلاً، تحكي مقبولة وصوتها تخنقه العبرات ثم انهالوا عليها ضرباً بالسياط وأمطروها بسيل من الشتائم العنصرية ضد السود، واخذوا يسخرون منها بسؤالها علاما زوجها ليس موجوداً لينقذها. ثم تناوب ثمانية منهم على إغتصابها. كما قد قاموا بإلحاق الأذى بجسدها. وفي مرة تكلمت عن أنها طعنت بسكين في كتفها وصدرها ولكن عندما سالتها عن الطعنات أخذت في تغيير الموضوع. "أنا خجلانة جداً جداً وخائفة جداً" قالت ذلك، صارفة النظر عن الأمر. عقب الهجوم أزمعت مقبولة على حماية أطفالها. ولذا غذوا الخطى معاً في رحلة عبر الصحراء إلى معسكر كلمه الذي يوجد به عدد قليل من عمال الإغاثة الإجانب الذين يجاهدون ببسالة لمساعدة مائة وعشرة آلاف من ضحايا الإضطراب والأزمة. كانت مقبولة تحمل طفلها عبدالحي ذو الستة شهور في ذراعيها والآخرون الذين تتراوح أعمارهم من سنتين إلى تسع سنوات يجرجرون أقدامهم محيطين بها. بعد بضعة أسابيع وصلت مقبولة إلى كلمه أخيراً. إلا أن الحكومة السودانية أخذت تمنع الوافدين الجدد مثلها من القيام بتسجيل أنفسهم الأمر الذي يعني أنهم لن يكون بوسعهم الحصول على الطعام والخيام. ولذا فإن مقبولة لا تتلقي أي حصص من مواد الإغايه وهي تقيم مع اولادها تحت حصيرة منصوبة على بضعة أعواد. ثم وقبل أيام قليلة أنصرمت مات عبدالحي طفل مقبولة. تحيا مقبولة وأطفالها على ما يجود به عليها الأخرون من الذين فقدوا منازلهم ووصلوا هناك في وقت سابق لوصولها ويحصلون على الطعام من الأمم المتحدة. وهم أنفسهم ليس لديهم إلا الكفاف إلا أن لديهم من الشفقة والرحمة ما يجعلهم يهبون لمساعدة من هم أشد حوجة منهم. كما أن العالم قد يستجيب عندما يرى الناس ما يجري هنا، إلا أن السودان يحول دون وصول معظم الصحافيين إلى المنطقة. وأنا موجود هنا لآنني برفقة كوفي آنان الأمين العام للأمم المتحدة في زيارة – جزاه الله خيراً لحضوره! – ثم أنسحبت منهم عندما أصبحت في المنطقة. مقبولة ومليونان ومائيتا ألف شخص من الذين فقدوا المأوى من دارفور يحتاجون إلى الطعام والمأوى وقد ظل بوش جيداً في توفيرهما. إلا أنهم وعلاوة على ذلك يحتاجون إلى المجتمع الدولي أن يدين السودان على قتل واغتصاب الناس علي أساس قبيلتهم. في كل مرة يظل فيها السودان خاضعاً لضغط إخلاقي فإنه يرعوي بعض الشيء إلا أن الإهتمام قد أفل مؤخراً، بل حتى بوش قد أجهض "قانون محاسبة دارفور" الذي أجازه مجلس الشيوخ والذي قد أدان عملية التطهير العرقي. من قتل زوج مقبولة وطفلها كان هو بصفة غير مباشرة اللامبالاة الإخلاقية للعالم. ما زال في الإمكان إنقاذ الآخرين إذا ما وجد هنالك ضغط لا هوادة فيه على السودان بغرض نزع سلاح الجنجويد وعلى المتمردين السودانين المتعنتين بغرض التفاوض بجدية لإحلال السلام (بدلاً عن التسكع في الأجنحة الفندقية خاصتهم) وعلى الحكومات مثل الحكومة المصرية والحكومة الصينية لوقف تواطئها في التطهير العرقي في دارفور. عندما يرى الأمريكيون المعاناة في البلدان الأخرى على شاشات تلفزيوناتهم كما حصل في التسونامي فإنهم سيتجاوبون. أتمنى لو أن لأمريكا "قناة مقبولة" لتعرض نضالها اليومي في السعي وسط الخزي والجوع، تناضل بالرغم من كل شيء للإبقاء على بقية أطفالها على قيد الحياة. إذا أجريت عملية ضرب مقبولة في مليونين ومائتي ألف فإنك ستحصل على الأسباب التي من شأنها أن توجب على الآخرين منا الإهتمام.