ود العوض ........ ماله لا يفهم؟ أو لا يريد أن يفهم ؟ فقد أعيتنا محاولات إقناعه.
ها هو "ورقه" أشدنا حماسا علي تصحيح المفاهيم البالية التي ينادي بها و يدافع عنها ود العوض بكل سذاجة، يحاول معه مرة أخري: - نحن معك يا ود العوض فالمرأة إمرأة و الرجل رجل.
ولكن أنظروا كيف يقاطعه ود العوض : - لا أنا ما قلت كدا .. أنا ما قلت المرة مرة و الراجل راجل !
مما جعلنا نتبادل النظرات في دهشة. و نسآءل بعضنا في صمت و تفاؤل حذر: هل بدأ يتراجع ؟ هل لان عقله يا تري؟ أسئلة لا يجيب عليها إلا هو: - أنا قلت الراجل راجل و المرة مرة. فيصيبنا إحبــــــاط و غيظ. - و ما الفرق ؟ عددت ذلك تهكماً من "ورقة" أكثر من كونه سـؤالاً ينتظر عليه الإجابة. لكن ود العوض يتكرم بالإجــابة: - الفرق في الترتيب ... أيوه في الترتيب ، ثم يوزع نظراته بيننا إمعانا في إغاظتنا قبل أن يواصل: - الراجل راجل ........ ، يصمت بتلذذ ، ........ والمرة مرة.
"أبو حميد" هز رأسه كناية عن "لا جدوي". أما "تجو"، الذي يصعب علينا دائما التكهن بما يضمر، فقد سحب مقعده و جلس في مواجهة ود العوض مائلا بجسده للأمام قليلا وواضعا يده علي كتف ود العوض. وكســا وجهه بهدوء غريب عليه و علينا، ذكرني بما يسمونه سكون ما قبل العاصفة، ثم بدأ خطابه الضـافي الذي إبتدره بـ:
- يا ود العوض أرجو أن تسمعني بكل حواسك و تنتبه جيدا لما سأقوله....
لم نكن ندري هل كان ود العوض يستمع حقا أم أنه أصيب بشلل فجائي. فقد كان كل شئ فيه جامدا تكسوه البلاهة. و "تجو" لا يتوقف عن أداء مهمته: - لا خلاف بيننا علي ما يسمي بالفوارق البيولوجية بين المر....عفواً ... بين الرجل و المرأه. ولكن إختلافنا معك يا صديقي في أننا نتسآءل : لماذا الإستسلام لتلك الفوارق الإجتماعية التي فرضت علي المرأة فرضا؟ لماذا تظل المرأة حبيسة في ذلك النفق المظلم بأمر من تقاليد عقيمة موروثة بل مفروضة عليها من عقلية ذكورية مسيطرة؟ لماذا لا نعيد بناء المرأة من جديد؟ . هذا هو المقصود بكلمة "الجندر" يا صديقي ودالعوض. أن يكون للمرأة دور إجتماعي مثلها مثل الرجل وتكون لها مشاركة فعالة في كل مجالات الحياة و التنمية ، وأن يتفق هذا الدور مع إمكانياتها الحقيقية كإنسان كبشر خلاق. فليس لأنها إمرأة تظل محصورة في أدوار ثانوية هامشية رسمناها لها نحن ، بناء علي أفكار نمطية ظالمة كتلك التي تنادي بها أنت. هل فهمت الآن؟
بفارق الصبر إنتظرناه ، وبداخل كل منا خصمان يتراهنان: فهم ... لم يفهم ! فهم .. لم يفهم! فهم......... ثم حسم الرهان:
- والله إنتويا جماعة بتلفوا و تدوروا ساكت. التقول عليكم ماكم قاريين و لا متعلمين. وين قرايتكم ؟ وين فهمكم ؟ ما دام بغشغشنكم النسوان كدي. مرة مساواة، مرة تحرر و مرة جندر. دايرات يطلعن ليكم في رأسكم. هي المساواة دي بتبقي كيف؟ . وروني يا القاريين ، يا الفاهمين. مساواة كيفن؟ و جندر كيفن ؟ - يا ود العوض .. - ما تقول لي ود العوض. الكلام يا ناس وااااضح ما دايرلو شرح ولا دايرلو فلسفة . البنات عاوزات اليقهرن عشان يعرفن يتفرجخن في الواطة دي و يخلن عمايلن البسون فوقها دي. بلاش مساواة بلاش جندر بلا .............. ينقطع حديثه فجأة.
هذه زوجة "ود العوض" تظهر أمام الباب. فينهض. ولولا أني أحرص دائما علي عدم الإنزلاق في مهاوي الشماتة لوجدت أن كلمة "يقفز" أكثر دقة من "ينهض" : - خلاص نمشي؟ ......... قالها ودالعوض و سرعان ما مشي. تحرك بيننا يمنة و يسري للحظات كالذي يبحث عن شئ لا يدري ما هو ، ثم مشي ... إلي حيث زوجته لم تزل واقفة في إنتظاره. نصف عبارته المقتضبة التي ودعنا بها، أتانا صداها من الخارج. وعاد فجأة بعد ثواني قليلة، عاد و برهة الصمت التي دائما ما تعقب لحظة الوداع ، لم تزل تلف المكان. بخطوات سريعة دخل ، أخذ مفتاح عربته من الطاولة ومضي: نسيت مفتاحي. . نشوفكم يا شباب. ولكن ! - دقيقة يا ود العوض، يا ودالعوض ... ود العوض يطل من الباب ولا يدخل: - ؟؟؟ - عمتي دي شايلها معاك وين؟ ... إنت عمتك في رأسك ، تلفح عمتي في يدك و تمرق؟ - أوب سـوري يقذفها فوق أقرب كرسي للباب و يختفي
يتمطي ورقــة في مكانه . يدير وجهه إلي الحائط ليخفي إبتسامة لاح منها طرف صغير. و يحدث نفسه بصوت مسموع -يحاكي فيه ود العوض- و يقطع برهة الصمت التي أعقبت لحظة خروجه:
- أها عاد نبقي لي جنس "التجندر" دا يا جماعــة !!!!!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
خالد الأيوبي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست