نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 11:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-11-2004, 10:40 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48749

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة (Re: adil amin)

    عزيزي عادل أمين
    تحية طيبة
    هل الكتابة التي أوردتها بما فيها من آيات قرآنية هي "فرضية لا بلاس" أم أن الفرضية هي ما وضعت في آخره نجمة؟؟


    Quote: وقد كانت هذه التفاعلات تعتمل في معمل الطبيعة عبر ملايين السنين وأصبحت الأرض قبل نزول آدم على قمتها البشر غير المكلف من سلالة الإنسان البدائي (Homo errectos) وعلى قاعدتها ذرة الهيدروجين ، هذا الإنسان غير المكلف كان نتاج التطور الطبيعي للحياة ، يمتلك عقل المعاش فقط (Living Mind) لذلك أنفق ملايين السنين دون أن يؤسس حضارة أو ثقافة بل كان يعيش فقط على الغرائز كسائر الحيوانات بينما آدم الذي هبط إلى الأرض والمزود بعقل المعاد (Post Living Mind) ولأنه كائن مبرمج استطاع أن يؤسس حضارات وثقافات في زمن وجيز نسبياً*.


    أعتقد أن نظرية تطور الإنسان في الأرض حتى وصوله إلى المرحلة الحاضرة هي نظرية معقولة ومقنعة، أما فكرة نزول إنسان إلى الأرض من خارجها فهي التي تحتاج إلى إثبات.. لقد أعجبني بصفة خاصة ما أورده الأستاذ محمود في هذا الخصوص في المقدمة الرابعة لكتاب "رسالة الصلاة" حول تطور الإنسان من أدنى درجات التجسيد، ذرة غاز الهيدروجين، ثم نشوء العقل الإنساني..
    ============


    الإنسـان..

    الانسان ما هو؟ ومن هو؟
    الانسان حيوان نزل منزلة الكرامة بالعقل.. والإنسان لا يزال في طور التكوين، ولن يكون لاستمرار تكوينه نهاية، فهو يتنقل في منازل الكمال تنقلا سرمدياً.. والحيوان يتنقل أيضا، وقصاراه في ذلك أن ينزل أدنى منازل الانسان.. فكأن الاختلاف بين الحيوان والإنسان اختلاف مقدار، وليس اختلاف نوع.. التوحيد يطلب إلينا أن ننظر الى جميع المخلوقات، بله الأحياء، كسلسلة واحدة متصلة الحلقات، وإن كان حجم الحلقات يختلف أثناء السلسلة.. ولدى هذه النظرة، فليس في الوجود الحادث غير الانسان، وجميع ما نراه، ومالا نراه، من هذا الوجود، إنما هو الانسان في أطوار مختلفة ومتتالية.. وإلى هذا المعنى المتكامل الإشارة بقوله تعالى: ((هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا؟)) ومعنى ((هل)) هنا ((قد)) وهذا الحين من الدهر هو أمد ممدود، ودهر دهير..

    وللإنسان في هذه النشأة الطويلة أربع مراحل متصلة الحلقات، ولا يفصل بينها إلا حلقات من السلسلة، أكبر من سابقاتها، تمثل قفزة في سير التطور.. وتمثل هذه القفزة بدورها حصيلة الفضائل العضوية التي استجمعت من خلال المرحلة السابقة.. وهذا التقسيم إلى أربع مراحل إنما هو لتبسيط البحث فقط: وإلا فإن في داخل كل مرحلة، مراحل يخطئها العد.. وسنجمل الحديث عن هذه المراحل فيما يلي:ـ



    المرحلة الأولى من نشأة الإنسان ..

    هذه تعني تطوره في المادة غير العضوية منذ بروزه في الجسد.. وهو بروز في الأزل - في بدء الزمن.. وإلى هذه البداية السحيقة أشار تعالى بقوله: ((أولم ير الذين كفروا أن السموات، والأرض، كانتا رتقاً، ففتقناهما، وجعلنا من الماء كل شئ حي، أفلا يؤمنون؟)).. الرتق ضد الفتق، وهو يعني الالتئام.. وعن هذا الأمر المرتوق، قال تعالى، في موضع آخر: ((ثم استوى إلى السماء، وهي دخان، فقال لها، وللأرض، ائتيا طوعاً، أو كرها. قالتا أتينا طائعين)) والدخان هنا يعني الماء، في حالة بخار.. فقد كانت السموات والأرض سحابة من بخار الماء، مرتتقة، ففتقت، وبرز التعدد من هذه الوحدة.. ولم تكن جرثومة الانسان يومئذ غائبة.. وإنما كانت هي ذرات بخار الماء.. ومن يومئذ بدأ تطور الانسان العضوي يطرد، تحفزه، وتوجهه، وتسيره، وتقهره، وتصهره، الإرادة الإلهية المتفردة بالحكم .. وقد أنفق في هذه المرحلة من مراحل النشأة أمداً يعجز الخيال تصوره.. ثم انتهت هذه المرحلة ببروز المادة العضوية..



    المرحلة الثانية من نشأة الانسان ..

    وببروز المادة العضوية من المادة غير العضوية ظهرت الحياة، كما نعرفها نحن.. وإلا ، فإن جميع المادة، عضوية، أو غير عضوية، حية.. وكل ما هناك، أن الحياة بدأت تبرز في المادة العضوية، بعد أن كانت كامنة في المادة غير العضوية.. فهي لم تجئ من خارج المادة..

    وأدنى درجات الحياة، التي نسميها اصطلاحاً حياة أن يكون الحي شاعرا بحياته، وآية ذلك أن يتحرك الحي، حركة تلقائية، وأن يتغذى، وأن يتناسل.. وقد بدأت هذه الحياة بحيوان الخلية الواحدة.. وبهذه الخطوة الجليلة، والخطيرة، افتتح عهد جديد.. عهد عظيم.. عهد الحياة والموت.. ومن يومئذ بدأ رأس سهم الحياة، وطليعتها في السير.. يالها من بداية!! وفي ذلك قال تعالى: ((ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حمأ مسنون)) .. الحمأ الطين الأسود.. والحمأ المسنون الطين المتغير، المنتن.. والصلصال الطين اليابس، الذي يصل أي يصوت إذا لمسته.. وإنما احمومى الحما لأنه قد طبخ بحمو الشمس.. وذلك لأن الأرض قد كانت قطعة من الشمس انفصلت عنها، وأخذت تبرد، وتجمد، وتتهيأ لظهور الحياة عليها.. ثم ظهرت الحياة بين الماء والطين.. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ((هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا.؟ * إنا خلقنا الانسان من نطفة، أمشاج، نبتليه، فجعلناه سميعا بصيرا)).. فإن النطفة، في هذه المرحلة من مراحل النشأة البشرية تعني الماء الصافي.. وأمشاج ، جمع مشيج.. من مشج، يمشج، مشجاً، إذا خلط بين شيئين.. وهما هنا الماء والطين.. فالنطفة الأمشاج، هي الماء المخلوط بالطين ..

    وهذه المرحلة الثانية، من مراحل النشأة البشرية، التي بدأت بحيوان الخلية الواحدة في القاعدة، تنتهي عند أعلى الحيوانات الثديية، في القمة.. وحين تبدأ المرحلة الثالثة من مراحل النشأة، إنما تبدأ بقفزة جديدة، مذهلة، بها يدخل الانسان، كما نعرفه اليوم، في مسرح الحياة .

    المرحلة الثالثة من نشأة الانسان ..

    هذه هي المرحلة التي نحن نعيش الآن في أخريات أيامها، وهي قد بدأت يوم ظهور آدم النبي - الانسان المكلف - في الأرض.. وآدم هذا، ليس هو آدم الخليفة، الذي خلقه الله كاملا، أو يكاد، في الجنة، وأسجد له الملائكة.. وإنما هو طور من أطوار ترقى الخلقة التي انحطت عن آدم الخليفة، نحو مرتبة آدم الخليفة.. ذلك بأن آدم الخليفة - آدم الكامل - قد خلق في الجنة - في الملكوت - ثم لما أدركته الخطيئة طرد من الجنة، وأهبط الى الأرض.. وفي ذلك يقول الله تبارك وتعالى: ((فتعالى الله الملك الحق، ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه، وقل رب زدني علماً * ولقد عهدنا إلى آدم، من قبل، فنسي، ولم نجد له عزماً * وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم، فسجدوا، إلا إبليس، أبى * فقلنا: يا آدم، إن هذا عدو لك، ولزوجك، فلا يخرجنكما من الجنة، فتشقى * إن لك ألا تجوع فيها، ولا تعرى * وأنك لا تظمأ فيها، ولا تضحى * فوسوس إليه الشيطان، قال: يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد ، وملك لا يبلى؟ * فأكلا منها، فبدت لهما سوآتهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، وعصى آدم ربه، فغوى * ثم اجتباه ربه، فتاب عليه، وهدى * قال: اهبطا منها، جميعاً، بعضكم لبعض عدو، فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداي فلا يضل، ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكاً، ونحشره، يوم القيامة، أعمى)) . وعن طرد آدم من الجنة، وإهباطه إلى الأرض، بعد خلقه في أقرب صورة إلى الكمال. ورد القول الكريم: ((لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا، وعملوا الصالحات، فلهم أجر غير ممنون)) وكان آدم، وزوجه، من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فإنهما تابا، وندما، بعد الزلة، وقالا: ((ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا، وترحمنا، لنكون من الخاسرين)) هذا في حين أن إبليس الذي تولى إغواءهما، لم يتب، ولم يندم، ولم يطلب المغفرة، ولا الرحمة، وإنما طلب الإمهال، والانظار: ((أنظرني الى يوم يبعثون)) فلما أجيب الى طلبه: ((إنك من المنظرين)) أظهر إصراراً على الاستمرار في الإغواء: ((فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم، ومن خلفهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، ولا تجد أكثرهم شاكرين)) ولذلك لما ردوا جميعا إلى أسفل سافلين ترك هو هناك، واستنقذ الله آدم وزوجه، وهداهما بإيمانهما سبيل الرجعى.. فهذا معنى قوله تعالى: ((إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون)) وعندما رد آدم إلى أسفل سافلين كان في نقطة بدء الخليقة - في مرتبة بخار الماء - ثم بدأ سيره، بتوفيق الله، في مراقي القرب، حتى إذا بلغ مبلغ النبوة على الأرض، فكان الإنسان المكلف الأول، كان قد بدأ ينزل بصورة، محسوسة، أول منازل القرب من مقام الخلافة العظيمة التي فقدها بالمعصية، ولكنه كان لا يزال عن كمالها بعيدا . وبنزوله هذه المنزلة الشريفة أصبح له ذكر في الملكوت، بعد أن سقط ذكره زمنا طويلا.. وفي ذلك يقول تعالى: ((هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا؟))

    [.......]

    نشأة العقل..

    العقل هو القوة الدراكة فينا.. وهو لا يختلف عن الجسد اختلاف نوع، وإنما يختلف عنه اختلاف مقدار.. فالعقل هو الطرف اللطيف من الحواس.. والحواس هي الطرف اللطيف من الجسد.. وإنما بصهر كثائف الجسد، تحت قهر الإرادة الإلهية، ظهرت لطائف الحواس، ثم لطائف العقول..

    ولقد امتازت هذه المرحلة الثالثة من مراحل نشأة الانسان بظهور العقل.. ولم يكن العقل غائبا عن المرحلة الأولى، والمرحلة الثانية، من مراحل النشأة ولكنه كان كامناً كمون النار في الحجر، ثم صحب بروزه من الكمون إلى حيز المحسوس، هذه المرحلة الثالثة.. وعن حركة بروز العقل، ووسيلة بروزه، يخبرنا الله تبارك وتعالى، فيقول: ((إنا خلقنا الانسان من نطفة، أمشاج، نبتليه، فجعلناه سميعا بصيرا * إنا هديناه السبيل، إما شاكرا، وإما كفورا)).. فالنطفة الأمشاج تعني الماء المخلوط بالطين، وذلك عند ظهور الحياة بالمعنى الذي نعرفه، وهذا يؤرخ نهاية المرحلة الأولى، من مراحل نشأة الانسان، وبداية المرحلة الثانية.. ولا تزال الحياة، في القاعدة، تستمد من هذا المصدر.. ثم أخذت الحياة تلد الحياة، بطريقة، أو بأخرى، وذلك في مراحلها الدنيا، وقبل أن تتطور، وتتعقد، وتبرز الوظائف المختلفة، للأعضاء، وللأنواع.. وقبل أن تبرز الأنثى بشكل مستقل عن الذكر.. وتمثل هذه الحقبة طرفا من المرحلة الثانية من مراحل نشأة الانسان.. ثم عندما ارتقت الحياة، وتوظفت الوظائف، أصبحت الحياة تجيء من التقاء الذكر بالأنثى، وأصبحت النطفة الأمشاج تعني ماء الفحل المختلط ببويضة الأنثى..

    وكل السر في عبارة ((نبتليه))، لأنها تشير إلى صهر العناصر في الفترة التي سبقت ظهور المادة العضوية.. وتشير إلى صراع الحي مع بيئته الطبيعية، بعد ظهور أول الأحياء، وإلى يوم الناس هذا.. ((فجعلناه)) نتيجة لهذا الابتلاء، والبلاء، ((سميعا بصيرا)) إشارة إلى بروز الحواس في الحي، الواحدة تلو الأخرى.. وبعد أن اكتملت الحواس الخمس، وأصبح الحي حيواناً سوياً انختمت المرحلة الثانية من مراحل النشأة البشرية، وبدأت المرحلة الثالثة، وذلك ببروز لطيفة اللطائف - العقل - وإلى ذلك الإشارة بالآية السابقة ((إنا هديناه السبيل، إما شاكراً، وإما كفوراً.)).. ((إما شاكراً، وإما كفوراً)) تعني إنا هديناه إلى الشكر عن طريق الكفر، أو قل إلى الصواب عن طريق الخطأ.. وإليه أيضاً الإشارة بقوله تعالى: ((ألم نجعل له عينين؟ * ولسانا وشفتين؟* وهديناه النجدين؟)).. قوله: ((ألم نجعل له عينين؟)) إشارة إلى الحواس جميعها.. قوله ((ولسانا وشفتين؟)) إشارة إلى العقل.. فإنه هنا لم يعن باللسان مجرد الشريحة المقدودة من اللحم، والتي يشارك الإنسان فيها الحيوان، وإنما أشار باللسان إلى النطق باللغة، ولذلك ذكر الشفتين لمكانهما من تكوين الأصوات المعقدة، المختلفة التي تقتضيها اللغة.. واللغة ترجمان العقل، ودليله.. ثم قال: ((وهديناه النجدين)).. أصل النجد ما ارتفع من الأرض.. وهو هنا الطريق المرتفع.. و((النجدين)) الطريقين: طريق الخطأ، وطريق الصواب.. ولقد هدى الله الانسان الطريقين.. فهو يعمل، فيخطئ، فيتعلم من خطئه.. وحين هدى الله الإنسان النجدين، لم يهد الملائكة إلا نجداً واحداً، وهو أيضاً لم يهد الشياطين إلا نجداً واحداً.. وذلك أن الله، تبارك وتعالى، خلق شهوة بغير عقل، وركبها في الشياطين، ومن قبلهم، إلى أعلى الحيوانات، ما خلا الانسان، فهم يخطئون، ولا يصيبون.. وخلق عقولا بلا شهوة، وركبها في الملائكة، فهم يصيبون، ولا يخطئون.. ثم جعل الانسان برزخاً، تلتقي عنده النشـأتان: النشأة السفلية، والنشأة العلوية، فركب فيه الشهوة، وركب فيه العقل، وأمره أن يسوس شهوته بعقله.. فهو في صراع، لا يهدأ، بين دواعي الشر، ودواعي الخير.. وبين موحيات الخطأ، وموجبات الصواب.. فذلك معنى قوله، تبارك و تعالى، ((وهديناه النجدين)).. وهذه النشأة ((البرزخية)) التي جمعت بين الخطأ والصواب هي التي جعلت مطلق بشر أكمل من مطلق ملك.. ولمكان عزتها قال المعصوم: ((إن لم تخطئوا، وتستغفروا، فسيأت الله بقوم يخطئون، ويستغفرون، فيغفر لهم..)).. وعزة هذه النشأة في مكان الحرية فيها.. لأن حق الخطأ هو حق حرية أن تعمل، وتخطئ، وتتعلم من خطئك كيف تحسن التصرف في ممارسة حريتك، بغير حد، إلا حداً يكون منشأه عجزك عن حسن التصرف .. وذلك عجز مرحلي ، لن تلبث أن تخرج منه إلى قدرة أكبر على حسن التصرف، وهكذا دواليك.. والحرية هي روح الحياة.. فحياة بلا حرية إنما هي جسد بلا روح.. ويكفي أن نقول أن الحرية هي الفيصل بين حياة الحيوان، وحياة الانسان..

    وفي بدء الحياة كان الشعور.. وأدنى درجات الحياة أن يشعر الحي بوجوده.. وليس فيما دون هذا الشعور حياة.. ويوجب هذا الشعور بالوجود إحساس الحي بالحر، وبالبرد، وبالألم.. وجاء من هذا الإحساس الحركة من الحر المضر، ومن البرد المضر، ومن كل ألم، وإلى كل لذة ممكنة.. وبوحي من الفرار من الألم، والسعي في تحصيل اللذة، جاءت القدرة على تحصيل الغذاء، والالتذاذ به، وجاءت القدرة على التناسل، والالتذاذ به .

    وكان حيوان الخلية الواحدة يحس بكل جسده الرخو، ثم تعقدت الحياة، وارتقت، ورهف إحساسها بالخطر الذي يتهددها، فظهرت الحاجة إلى الوظائف المختلفة، فكان على الجلد أن يتكثف ، ويغلظ، ليكون درقة، ودرعا، وكان على بعض أجزاء الجسد، غير الجلد، أن يقوم بوظيفة الحس.. وهكذا بدأ نشوء الحواس.. ونحن لطول ما ألفنا الحواس الخمس نتورط في خطأ تلقائي، إذ نظن أن الأحياء قد خلقت وحواسها الخمس مكتملة.. والحق غير ذلك.. فإن الحواس نشأت، الواحدة، تلو الأخرى، كلما ارتقت الحياة، وتعقدت وظائف أعضاء الحي.. ففي البدء كان اللمس بالجسم كله - بالجلد - ثم لما توظف الجلد في الوقاية، خصصت بعض الأجزاء للمس.. ثم ارتقت وظيفة الحس لما أحتاج الحي للمس، والخطر على البعد، فامتدت هذه الوظيفة، امتداداً لطيفاً، فكان السمع، ثم كان النظر، ثم كان الذوق، ثم كان الشم .. وليس هذا ترتيب ظهور للحواس، ولا هو ترتيب اكتمال.. فإن بعض الأحياء يحتاج لحاسة معينة أكثر من احتياجه للأخريات، فتقوى هذه على حساب أولئك، مع وجود الأخريات، بصورة من الصور..

    والآن ، فإن الحيوانات العليا، بما فيها الإنسان، ذات خمس حواس.. وليس هذا نهاية المطاف.. فإن، في الإنسان، الحاسة السادسة، والحاسة السابعة في أطوار الاكتمال، ولا يكون، بعد الحاسة السابعة، تطور في زيادة عدد الحواس، وإنما يكون تطور في كمالها.. وهذا لا ينتهي، وإنما هو سرمدي..








                  

العنوان الكاتب Date
نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة adil amin05-08-04, 01:41 PM
  Re: نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة TahaElham05-08-04, 09:04 PM
    Re: نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة Elsadiq05-09-04, 01:28 PM
      Re: نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة adil amin05-09-04, 02:21 PM
    Re: نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة adil amin05-09-04, 01:48 PM
  Re: نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة TahaElham05-09-04, 06:47 PM
  Re: نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة Yasir Elsharif05-11-04, 10:40 AM
    Re: نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة adil amin05-12-04, 11:37 AM
      Re: نحو تفكير بلا حدود:نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة Elsadiq05-13-04, 10:24 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de