|
الصدِّيق وموسوعة جينيس
|
الصديِّق وموسوعة جينيس أمير تاج السر لفتت نظري مؤخرا تلك المحاولات المضنية التي يقوم بها خياط صيني للدخول إلى موسوعة جينيس في سرعة التفصيل ، وذلك عن طريق خياطة سروال أنيق في دقيقتين فقط..الصيني يبدو مبهور بإنجازه ، وسيدخل تلك الموسوعة الفريدة حتما ليضاف إلى سلسلة من العباقرة والمختلين والمغامرين بالوقوف على أصابع أقدامهم لعدة أيام ، أو المدخنين لمائة سيجارة في نفس واحد ، لكن لا أحد يدري إن ( الصديق ) ، الخياط الساحلي ، صاحب الماكينة السنجر العتيقة والمرابط أمام محلات ( كبوش ) للتمباك ، قد أنجز أكثر من ذلك قبل ثلاثين عاما ، دون أن يعرف موسوعة جينيس أو تعرفه. كان الصديق في ذلك الوقت في أربعينيات العمر ، نحيل وداكن البشرة وله ملامح أبناء الغرب الذين نزحوا إلى الميناء سعيا وراء رزق أفضل، يرتدي بنطلونا أزرق وقميصا أبيض باستمرار ، يضع منديلا أحمر حول عنقه ، وعلى عينيه نظارة طبية سميكة من ذلك النوع الذي يطلق عليه ( قعر الكوب ) ، كان يجلس على ماكينته من طلوع الشمس إلى غروبها،يأتيه طبق الفول بالجبنة ، ليلتهمه وهو منهمك ، يأتيه كوب الشاي الأحمر الداكن، ليتجرعه وهو منهمك ،يحاوره الناس في السياسة والكرة ،فيحاورهم وهو منهمك، وحين يفرغ من عمله تكون عشرات البناطيل والقمصان والبدل ، معلقة على شماعات خلفه وفي انتظار أصحابها .إنها الأزياء التي استلم خاماتها في نفس الصباح ، فصلها وخاطها ، ثم التفت إلى جيرانه من الخياطين الآخرين يسألهم إن كانوا يرغبون في أن يمد لهم يد المساعدة قبل أن ينصرف إلى بيته . في أحد الأيام استلم قماشا من أحد أبناء الجنوب المنتشرين في الشرق، لم يكن الجنوبي يعرف عنه شيئا ، سلمه القماش طالبا ثوبا وسروالا ، وقميصا داخليا ( عراقي ) ..أخذ الصديق قياساته ، أعطاه قرشا وطلب منه أن يحضر له زجاجة من مشروب مرطب ، ذهب الجنوبي إلى إحدى البقالات وعاد بالمشروب ليسلمه الصديق ملابسه كاملة وكانت صدمة للرجل الذي رفض أن يتقبلها باعتبارها ليست ملابسه ، ودارت في ذلك اليوم معركة كبيرة دامت نصف ساعة ،وعطلت الصديق عن إنجاز بدلة كاملة لأحد العرسان.استلمها منه واعدا بإنجازها حالما بفرغ الرجل من شرب شايه في أحد المقاهي القريبة . الغريب في الأمر إن سرعة الصديق تلك لم تكن تلفت نظر أحد ، ولا كانت شيئا غير مألوف ، كان الجميع يتقبلها كما هي ..قد يقول البعض إنه من عمل الجن ، وقد يضحك البعض ،لكن في النهاية كانت جزءا عاديا من زخم السوق الذي يعج بالمتناقضات . الآن موسوعة جينيس متسعة الحواس تقف أمام ماكينة الصيني ،بينما الصديق عظاما مفتتة في مقبرة بلا شاهد تحت إحدى أشجار المسكيت المالحة ، ،و اسما منسيا أعادته إلى الذاكرة تلك المحاولات الصينية .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الصدِّيق وموسوعة جينيس | أمير تاج السر | 04-23-04, 10:11 AM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | THE RAIN | 04-28-04, 07:45 AM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | أمير تاج السر | 04-28-04, 09:05 AM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | THE RAIN | 04-30-04, 09:03 AM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | أمير تاج السر | 05-02-04, 07:39 AM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | THE RAIN | 05-04-04, 07:23 AM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | أمير تاج السر | 05-04-04, 06:31 PM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | Ali Alhalawi | 05-14-04, 06:18 PM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | أمير تاج السر | 05-14-04, 06:34 PM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | خالد الحاج | 05-14-04, 06:39 PM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | أمير تاج السر | 05-14-04, 07:02 PM |
Re: الصدِّيق وموسوعة جينيس | omar_ragab | 05-14-04, 07:15 PM |
|
|
|