منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 04:52 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-15-2004, 11:49 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور

    مـنـظمة الـعـفو الـدولـية
    السودان: دارفور - "عدد كبير من الأشخاص يُقتلون بلا سبب"

    3 فبراير/شباط 2004 رقم الوثيقة: AFR 54/008/2004


    قائمة المحتويات
    1. مقدمة
    2. الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في دارفور
    3. مسؤولية السلطات السودانية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في دارفور
    4. أزمة إنسانية تلوح في الأفق
    5. قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي
    6. خاتمة
    7. توصيات
    الهوامش


    1. مقدمة
    "عدد كبير من الأشخاص يُقتلون بلا سبب "- لاجئ من دارفور قابله مبعوثو منظمة العفو الدولية في أدريه، بشرقي تشاد، في نوفمبر/تشرين الثاني 2003.

    بينما تملأ أنباء اتفاق السلام المقبل لوضع حد لحرب أهلية في جنوب السودان دامت 20 عاماً، يتكشف الوضع في دارفور، بغربي السودان، عن صراع ضار غير منظور يطحن الإقليم. فالمعلومات التي تتسرب من دارفور المعزول والمبتلى بالجفاف والمهمَّش شحيحة، ليس فحسب لأن أنظار المجتمع الدولي مسلطة على محادثات السلام بشأن السودان في كينيا، وإنما أيضاً لأن غياب الأمن والقيود المفروضة من جانب الحكومة قد حالا دون دخول من يسعون إلى الحصول على المعلومات المتعلقة بمدى عمق المأساة المتفاقمة إلى الإقليم.

    في فبراير/شباط 2003، ظهرت إلى حيز الوجود جماعة سياسية مسلحة جديدة تسمي نفسها حركة/جيش تحرير السودان، وتتألف بصورة رئيسية من أعضاء ينتمون إلى جماعات إثنية تعيش على نحو مستقر، وقامت هذه بشن هجمات على القوات الحكومية. وبينما بدا في أول الأمر أن السلطات المحلية في دارفور تبحث عن حل سلمي للأزمة، فإن الحكومة السودانية قررت في نهاية مارس/آذار 2003 الرد على الجماعة المسلحة الجديدة بالقوة. وفي 25 أبريل/نيسان، هاجم جيش تحرير السودان مطار مدينة الفاشر، عاصمة ولاية دارفور الشمالي (1)، مما أدى، بحسب ما ذكر، إلى مقتل نحو 70 جندياً تابعين للقوات الحكومية، وإلى تدمير عدد من الطائرات. وأعلن جيش تحرير السودان أن الهجمات جاءت احتجاجاً على امتناع الحكومة البيِّن عن حماية القرويين من الهجمات التي تشنها مجموعات من البدو الرحَّل، وعلى التخلف والتهميش اللذين يعاني منهما الإقليم. ومنذ ذلك الحين، وقع الإقليم فريسة لحرب شرسة، بينما ظهرت في دارفور جماعة سياسية مسلحة جديدة تحمل اسم حركة العدالة والمساواة، وترفع مطالب تشبه في خطوطها العريضة ما يطالب به جيش تحرير السودان.

    إن أغلبية الإصابات الناجمة عن الحرب في دارفور تلحق بالمدنيين. ومدى ما لحق بحياة الناس ومعيشتهم من دمار في دارفور منذ اندلاع النـزاع يبعث على الرعب: فخلال بضعة أشهر، قتل مئات، إن لم يكن آلاف، المدنيين نتيجة هجمات متعمدة أو عشوائية. كما أدت الهجمات إلى ترحيل مئات آلاف الأشخاص داخل الإقليم، بينما لجأ بضعة مئات آلاف الأشخاص إلى تشاد (2). وقد أدى هذا إلى حالة إنسانية أليمة يمكن أن تتحول، إذا لم تتخذ تدابير عاجلة ذي مغزى لمواجهتها اليوم، إلى كارثة كبرى. ففي 9 ديسمبر/كانون الأول صرح الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، بأنه "يشعر بالرعب حيال الوضع الإنساني المتفاقم بشكل سريع في إقليم دارفور في السودان، وبسبب ما يرد من أنباء عن وقوع انتهاكات على نطاق واسع ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال قتل واغتصاب وحرق وسلب لقرى بأكملها". وأعرب عن قلقه من أن غياب الأمن "يعرقل بشدة جهود المعونة الإنسانية، حيث لا يزال ما يصل عدده إلى مليون من المدنيين المتضررين من النـزاع في منأى عن جهود عمال الإغاثة". وقد اشتد القتال منذ ديسمبر/ كانون الأول 2003، مما إدى إلى نزوح موجة جديدة من اللاجئين في يناير/كانون الثاني 2004. وفي 23 يناير/ كانون الثاني، نقل عن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قوله إن 18,000 لاجئاً جديداً قد عبروا الحدود إلى تشاد.

    في نوفمبر/تشرين الثاني 2003، سافر موفدون عن منظمة العفو الدولية إلى شرقي تشاد للالتقاء بسودانيين من ضحايا الصراع في دارفور ممن عبروا الحدود إلى تشاد بغرض اللجوء اعتباراً من نهاية عام 2003. وتتضمن هذه الوثيقة بعض النتائج التي توصلت إليها بعثة منظمة العفو الدولية إلى تشاد، وكذلك معلومات تم جمعها على مدار الأشهر الماضية بشأن النـزاع. وتصف هذه المعلومات الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي، التي ارتكبت ضد المدنيين على أيدي القوات الحكومية والمليشيات الحليفة للحكومة في دارفور، على مدار عام 2003، دونما خشية من عقاب، نتيجة امتناع الحكومة السودانية عن حماية أرواح مدنييها.

    إن المسؤولية الرئيسية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت ضد المدنيين، وفقاً لما توفر لمنظمة العفو الدولية من معلومات، تقع على عاتق الحكومة السودانية والمليشيا المتحالفة معها. فقد قامت الحكومة بقصف البلدات والقرى المدنية التي اشتبَهت بأنها تؤوي أعضاء في المعارضة المسلحة أو مؤيدين لها بلا تمييز، مما أدى إلى قتل العديد من غير المقاتلين بصورة غير قانونية. بيد أن مرتكبي الاعتداءات الرئيسيين ضد المدنيين، ومن يقفون وراء تدمير الممتلكات في دارفور هم ، على ما يبدو، أفراد مليشيا متحالفة مع الحكومة تلقى الدعم من الجيش الحكومي وتعرف باسم "المليشيا العربية" أو "جانجاويد" (الخيّالة المسلحين). فقد قام الجانجاويد بقتل المدنيين، أو تعذيبهم، أو اعتقالهم أو احتجازهم تعسفاً، بينما كانوا وراء حرق البيوت وحتى قرى بأكملها، وتسويتها بالأرض؛ وقاموا كذلك بحرق المحاصيل أو تدميرها وبنهب المواشي. وفي الوقت نفسه، يبدو أن الجماعات السياسية المسلحة قد كانت عاجزة عن اتخاذ تدابير لحماية المدنيين، من قبيل عدم وضع الأهداف العسكرية في مواقع قريبة من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. إن المدنيين قد غدوا رهائن لما يسود في دارفور من أوضاع.

    يتضمن هذا التقرير توصيات يمكن أن تحسِّن من الوضع في دارفور، وأن تجنِّب المدنيين المزيد من أعمال القتل غير القانونية. وعلى نحو خاص، تدعو منظمة العفو الدولية في توصياتها إلى السماح الفوري غير المشروط للهيئات الإنسانية بدخول الإقليم، وإلى الإنهاء الفوري لاستهداف المدنيين من جانب جميع أطراف النـزاع في دارفور. كما تدعو الحكومة السودانية إما إلى وقف كل دعم وتموين تقدمهما إلى جانجاويد، أو إلى إقامة تسلسل واضح للأوامر والسيطرة عليها، وإخضاعها للمساءلة بمقتضى القانون الإنساني الدولي. كما تكرر منظمة العفو الدولية دعواتها إلى قيام مراقبين لحقوق الإنسان بالتحقيق في الهجمات العديدة واسعة النطاق التي شنت ضد المدنيين في دارفور، وإلى إنشاء لجنة دولية مستقلة ونزيهة لتقصي الحالة المتردية لحقوق الإنسان في دارفور.

    خلـفية عامة
    الغارات التي تشنها جماعات البدو الرحَّل على القرى في المناطق الريفية من دارفور ليست أمراً جديداً. فقد شكت التجمعات السكانية المستقرة من الفور والمساليت والزغاوى (3) لسنوات من ما تتعرض له من هجمات من جانب جماعات الرحَّل، مثل الأبالا والزيلات أو المحاميد، التي زُعم أنها تلقى الدعم من قبل الحكومة المركزية. وبينما يبدو أن "الثأر" أو الصراع على مناطق الرعي هما الدافع وراء بعض الهجمات، غير أن حجم القتل والتدمير اللذين يحدثان خلال الهجمة الواحدة يبعث على الرعب بصورة غير عادية (4).

    لقد تعايش البدو الرحَّل والجماعات شبه البدوية والمجتمعات الزراعية لفترة طويلة من الزمن في دارفور، واتسمت علاقاتهم بالاعتماد المتبادل. ومن عادة البدو الانتقال إلى الجنوب في موسم الجفاف حتى ترعى مواشيهم في أراضي المزارعين بعد أن تكون المحاصيل قد جمعت. وعززت الاتفاقيات والتفاهمات المحلية والعرفية بين الجماعات المختلفة العلاقات السلمية عادة. وعلى ما بدا، فإن بعض المناوشات المبكرة بشأن الأرض وطرق التنقل بين البدو والمزارعين نجمت عن مشكلات التصحر وما ترتب عليه من تقلص لمساحة مناطق الرعي وزيادة الاستغلال للأراضي الزراعية.

    وبصورة عامة، فإن الاختلافات الثقافية والإثنية بين هذه التجمعات، التي يبدو أنه يجري استغلالها بشكل متزايد في الصراع الراهن، في حالة سيولة. فالأغلبية العظمى من السكان في دارفور، الرحّل منهم والمستقرون على حد سواء، هي من المسلمين السنة. وتتألف الجماعات البدوية بشكل رئيسي من الأبالا والمحاميد والزيلات والمهارِيه وبني حسين والرزيقات والمعالايا، التي تقطن في المناطق الجنوبية من دارفور. بيد أن العديد من الزغاوى، المستهدفين حالياً بالهجمات التي يشنها البدو، لا يزالون يعيشون على الطريقة البدوية. وفي الوقت نفسه، فقد أصبحت المجتمعات الزراعية الأخرى غير الفور والمساليت، من قبيل الداجو والتنجور والتاما، هدفاً للهجمات على نحو متزايد. وثمة تقسيم آخر كثيراً ما يجري الحديث عنه يصنف السكان إلى "العرب"، أو من يرون أنفسهم كذلك، وإلى "السود" أو "الأفارقة الأصليين". ويتألف "العرب" بشكل رئيسي من مجموعات من البدو الرحل ممن يدعون التحدر من أصول عربية ويتكلمون العربية، و"السود" أو "الأفارقة"، وهم أولئك الأشخاص الذين لا يتحدرون من أصل عربي ويتكلمون لغتهم المحلية الأصلية. بيد أن منظمة العفو الدولية قد أًبلغت عدة مرات أن بني حسين، الذين ينظر إليهم على أنهم عرب، لا يشاركون في النـزاع الراهن. كما التقت المنظمة مع أعضاء تشاديين ينتمون إلى جماعة دوروك قالوا إنهم قد تعرضوا لهجمات من جانب مليشيا عربية إثر رفضهم الانضمام إليها، ويعتبر هؤلاء أنفسهم من "العرب السود". وباختصار، فإن الاختلافات بين المجموعات السكانية قد أصبحت أكثر فأكثر موضعاً للاستغلال، وازدادت تجذُّراً، مع تفاقم الصراع.

    جرت العادة تقليدياً بأن تسوى الخلافات في دارفور عن طريق المؤتمرات "القبلية" وعقد اتفاقات للمصالحة بين الجماعات. بيد أن الخلافات والصدامات قد أصبحت أوسع نطاقاً مع مرور السنين. ففي 1989، وإثر مصادمات عنيفة جرت على نطاق واسع بين الفور ومجموعات عربية، عقد مؤتمر سلمي نظمه زعماء الجماعات الأطراف في المصادمات، وأدى بصورة مؤقتة إلى تسوية النـزاع. ولقي هذا موافقة الحكومة المركزية الجديدة لعمر حسن البشير، الذي تسلم السلطة إثر انقلاب في الخرطوم. بيد أن وقوع مصادمات جديدة، بما في ذلك تعرض المساليت لهجمات واسعة النطاق في دارفور الغربي ما بين 1998 و2001 أدى إلى اجتياز العديد منهم الحدود إلى تشاد طلباً للجوء. وأُبرم اتفاق محلي للسلام من خلال سلطان المساليت في ما بعد، وعاد بعض المساليت إلى السودان، بينما بقي آخرون في تشاد. وفي 2002، نُظِّم مؤتمر للمصالحة من جانب السلطات السودانية بين الجماعات العربية وغير العربية، لكنه كان موضع انتقاد بسبب ما شابه من أخطاء، ولم يؤد إلى تسوية دائمة.

    وقد تضرر إقليم دارفور أيضاً على نحو كبير نتيجة انتشار الأسلحة الصغيرة فيه. فبحسب السلطات المحلية في دارفور، جرى تهريب الأسلحة الصغيرة إلى الإقليم من جنوب السودان، الذي مزقته الحرب، ومن تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى. وتتحدث الأنباء عن وجود أسلحة من طراز كلاشنيكوف وبنادق جي 3 وسواها من أنواع البنادق في دارفور.

    وليس من شك بأن تسليح مليشيا من أفراد ينتمون إلى المسيريه والرزيقات من جانب حكومة الصادق المهدي السودانية السابقة منذ 1986، بغرض مواجهة التمرد في جنوب السودان، الأمر الذي تابعته حكومة عمر حسن البشير منذ عام 1989، قد أسهم أيضاً في تراجع الوضع الأمني في دارفور. فقد أطلقت يد هذه المليشيا، المدعوة المرحِّلين، لتشن هجماتها على القرى التي اشتبه بدعمها لتمرد الجنوب، على ما يبدو، ولتختطف الأشخاص وتسلب المواشي والبضائع كمكافأة لها. وقد استُخدم العديد ممن تم اختطافهم في إقليم بحر الغزال الشمالي في ما بعد كخدم في المنازل أو كعمال في الحقول أو كرعاة للمواشي، وغالباً دون أن يتقاضوا أي أجر، وفي ظروف أقرب ما تكون إلى العبودية (5).

    إن لدارفور، مثله مثل الأقاليم الأخرى في السودان الواقعة بعيداً عن المركز، الخرطوم، وإقليم الجزيرة الغني بالثروات، تاريخاً ممتداً من التهميش والتخلف. فقد أدى غياب البنية التحتية وندرة الاستثمار في القوى البشرية والمادية في الإقليم إلى هجرة العديد من أبنائه بحثاً عن فرص أفضل في بلدان أخرى، أو في الخرطوم أو الجزيرة. وشجَّع غياب فرص العمل، وانتشار الأسلحة الصغيرة والمثل الذي ضربته غارات المليشيا وأعمال السلب في كوردوفان وفي الجنوب، العديد من الشبان على اللصوصية وممارسة السطو المسلح، وعلى تفشي جو من انعدام الأمن.

    في 2001، أصدر حكام الولايات في دارفور مرسوماً أعلنوا بموجبه حالة الطوارئ في الإقليم، وقاموا بإنشاء محاكم خاصة لمقاضاة الأشخاص المدانين بالحيازة غير القانونية للأسلحة أو بتهريبها، أو بارتكاب جرائم قتل وسطو مسلح.

    وتملك قوات الأمن، كما هو الحال في المناطق الأخرى في شمال السودان، سلطات كاسحة لاحتجاز الأشخاص إلى أجل غير مسمى تعسفاً، ويمكن لأي شخص يشتبه بانتقاده الحكومة أن يسجن من دون تهمة لعدة أشهر (6).

    دارفور وعمل منظمة العفو الدولية
    في يناير/كانون الثاني 2003، زار وفد لمنظمة العفو الدولية السودان، بما في ذلك الفاشر وملليت في دارفور الشمالي. وناقش الوفد حالة انعدام الأمن والهجمات ضد المدنيين في الإقليم مع ممثلين عن جماعة الفور، وعن السلطات المحلية كذلك. وادعى ممثلو الفور أن الحكومة لا تقدم مرتكبي أعمال القتل للعدالة، وهي بذلك شريك في ما وصفوه بـ "التطهير العرقي" وحتى "الإبادة الجماعية" لجماعتهم. وعندما عرض ممثلو منظمة العفو بواعث القلق هذه على السلطات المحلية، لم يكن هناك أي تعليق على الامتناع الملحوظ عن تقديم مقترفي أعمال القتل للعدالة. وعوضاً عن ذلك، أشار المسؤولون إلى أن عشرات من أفراد قوات الأمن قد قتلوا في الإقليم أيضاً. وأصروا على الطبيعة القبلية للصراع، وعلى أنه نتيجة للتصحر والتنافس على الموارد الشحيحة ومناطق الرعي بين الجماعات الإثنية المختلفة. ودافع هؤلاء عن إنشاء المحاكم الخاصة باعتبارها عامل ردع ضد من يرتكبون أعمال القتل المتعمدة والسطو المسلح في الإقليم، وقالوا إنهم يقومون بجمع الأسلحة من سكان الإقليم. بيد أن الفور وغيرهم من أبناء المجتمعات المستقرة ادعوا أنه بينما تقوم السلطات بجمع أسلحتهم، بما يؤدي إلى تجريدهم من أية وسيلة للدفاع عن أنفسهم، تترك الأسلحة بين يدي البدو ليستخدموها ضدهم.

    إن ما يسمى بالأثر الرادع للمحاكم الخاصة في دارفور لم يمنع وقوع المزيد من الهجمات المسلحة. ففي 2003، تزايدت الهجمات وعمليات السطو المسلح على القرى المدنية بصورة هائلة. وبينما قدِّم عدد قليل من الأشخاص للمحاكمة أمام المحاكم الخاصة بتهم القتل العمد والسطو المسلح، فإن هذه المحاكم، وبتجاهل تام للمعايير الدولية للنـزاهة، لم تقم بالكشف عن الحقيقة أو تحقيق العدالة أو الإنصاف لضحايا هذه الهجمات. وعلى العكس من ذلك، فإن ما يرد من أنباء عن تعذيب من يتهمون بشن هذه الهجمات وعدم توفير الدفاع القانوني المناسب في المحاكمات يظهر مدى عدم التزام السلطات وجديتها في معالجة المشكلات في دارفور. ففي 17 مارس/آذار 2003، حكم على 26 من أفراد إحدى الجماعات البدوية، بمن فيهم صبي في الخامسة عشرة، بالإعدام إثر إدانتهم بمهاجمة قرويين وقتلهم في سينغيتا، بدارفور. ولم يسمح لمحامييهم، بحسب ما ورد، أن يوجهوا للشهود سوى أربعة أسئلة، بينما ذكر شهود عيان، بحسب ما زُعم، أن المهاجمين الحقيقيين كانوا ينتمون إلى مجموعة إثنية أخرى. ولا يزال القرار المتعلق باستئناف الأحكام الصادرة بحقهم قيد التظر، بحسب ما ذكر.

    في يناير/كانون الثاني 2003، دعت منظمة العفو الدولية الحكومة إلى معالجة الوضع المتدهور من خلال احترام حقوق الإنسان وجمع زعماء الجماعات الإثنية المختلفة ليتشاوروا في ما بينهم. وفي فبراير/شباط، دعت المنظمة الحكومة السودانية أيضاً إلى إنشاء لجنة مستقلة وغير متحيزة للتقصي في الأسباب المركبة للعنف ولانتهاكات حقوق الإنسان في دارفور. ورأت المنظمة أنه ينبغي لمثل هذه اللجنة أن تتمتع بحرية دخول جميع المناطق، والالتقاء بالضحايا والجماعات المختلفة في الإقليم، وبصلاحية تقديم توصيات تسهم في تحسين حالة حقوق الإنسان، وتوضع موضع التنفيذ فوراً. ولم ترد حكومة السودان على هذا الطلب، وفي فبراير/شباط، حمل أفراد جيش تحرير السودان، ومن ثم حركة العدالة والمساواة، السلاح. وفي أبريل/نيسان، دعت منظمة العفو الدولة إلى تشكيل لجنة دولية لتقصي الوضع في دارفور. كما طلبت إلى توسيع نطاق صلاحيات فريق حماية المدنيين والمراقبة، وهو قوة مراقبة دولية أُنشئت للتحقيق في الهجمات ضد المدنيين في جنوب السودان، بحيث تشمل دارفور. ولم يتم حتى الآن إجراء إية تحقيقات مستقلة وغير متحيزة في انتهاكات حقوق الإنسان، أو نشر مراقبين دوليين، في دارفور.

    وما بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2003، تزايدت الهجمات ضد المدنيين، كما ازدادت عمليات الترحيل والمضايقات والاعتقالات للأشخاص المهجرين داخلياَ. فقد تعرضت تينه (7)، التي استولى عليها جيش تحرير السودان في نهاية مارس/آذار 2003، مراراً وتكراراً للقصف العشوائي، ما أدى إلى قتل مدنيين ولجوء آخرين إلى تشاد. وفي 5 و6 أغسطس/آب، هوجمت كوتوم من قبل الجانجاويد وقُتل مدنيون في ما بدا أنه عمليات إعدام خارج نطاق القضاء. وحاول العديد من أهالي كوتوم الفرار إلى الفاشر، إلا أن بعضهم أوقف في منتصف الطريق في كافوت من جانب الجيش السوداني. وتعرضت القرى المحيطة ببلدة كابكابيا لهجمات بلا تمييز وأحرقت، بما في ذلك شوبا، التي تعرضت ثانية للإحراق. وتدفق من هجَّرتهم الهجمات إلى كاكابيا جماعات، لكنهم تعرضوا للمضايقة من جانب الجنود السودانيين ولم يتلقوا أية مساعدة. ودعت منظمة العفو الدولية الحكومة السودانية إلى اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين في دارفور من الهجمات، والسماح للهيئات الإنسانية بالوصول الحر والآمن إلى المهجّرين. واتخذت إثر ذلك بعض الخطوات الصغيرة من جانب السلطات المحلية، وأصبح بإمكان الهيئات الإنسانية الوصول إلى بعض المهجرين في بعض المناطق. وكشفت عمليات التقويم التي قامت بها هذه الهيئات عن وضع إنساني مأساوي. وفي كل الأحوال، فقد واجهت جهود هيئات الإغاثة للوصول إلى المهجرين، سواء في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، أو الجماعات السياسية المسلحة، أو في المناطق المعزولة مثل الجبال، عقبات كأداء بسبب انعدام الأمن، والقيود التي فرضتها الحكومة على تصاريح سفرهم.

    في سبتمبر/أيلول 2003، أعلنت الحكومة التشادية، جارة السودان والمضيفة لعدد هائل من اللاجئين السودانيين القادمين من دارفور، أنها قد توسطت لعقد اتفاق لوقف إطلاق النار بين جيش تحرير السودان والحكومة السودانية. وأُنشئت بموجب الاتفاق لجنة ثلاثية تضم خمسة أعضاء من كلا الطرفين، وخمسة مسؤولين عسكريين تشاديين لمراقبة انتهاكات وقف إطلاق النار. ونجم عن الاتفاق تبادل للسجناء بين جيش تحرير السودان والحكومة السودانية.

    بيد أن كلا الجانبين اتهم الآخر بخرق وقف إطلاق النار. وراحت اللجنة الثلاثية تطير، بحسب ما ذكر، من موقع إلى آخر بعد تلقيها التقرير تلو التقرير عن وقوع عمليات قتال أو مصادمات بين الجانبين، ولكن المناطق التي كان عليها تغطيتها كانت واسعة، ولم تقم بمراقبة ما يقع من انتهاكات لحقوق الإنسان أو تنشر تقارير بشأنها على الملأ. واستمر تلقي منظمة العفو الدولية أنباء عن وقوع عمليات قصف عشوائي للمدنيين من جانب الحكومة، وأخرى عن هجمات قامت بها قوات حركة العدالة والمساواة، التي لم تكن طرفاً في اتفاق وقف إطلاق النار، وغيرها عن هجمات متواصلة من جانب الجانجاويد على القرى المدنية. ومُدِّد وقف إطلاق النار حتى ديسمبر/كانون الأول.

    في ديسمبر/كانون الأول، انهارت المحادثات الدائرة في نجامينا، بتشاد، بين حكومة السودان وجيش تحرير السودان. إذ رفضت الحكومة السودانية مطالب جيش تحرير السودان باعتبارها مبالغاً بها، بينما ادعى جيش تحرير السودان أن الوسطاء التشاديين قد طلبوا من ممثليه مغادرة نجامينا قبل أن يكشف هؤلاء عن مطالبهم.

    وإثر انهيار المحادثات، اتسع في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني نطاق القتال بين قوات الحكومة والمعارضة المسلحة في أبو غمره وكولبوس، بحسب ما ذكر. كما تزايد ما يرد من أنباء عن وقوع هجمات متعمدة ومميتة على المدنيين، بما في ذلك في دارفور الغربي، وحول الجنينه وزالينغيه. وفي هذه الأثناء، عبر 30,000 لاجئ جديد الحدود إلى تشاد في ديسمبر/كانون الأول، و18,000 آخرين في يناير/كانون الثاني 2004.

    وقد اتسمت استجابة الحكومة السودانية للأوضاع المتدهورة في دارفور بالغموض. وورد أن الرئيس السوداني عمر حسن البشير قال إنه سوف يسحق التمرد بالقوة العسكرية (. واعترف ممثلون آخرون للحكومة السودانية بالطبيعة السياسية للنـزاع في دارفور (9)، وأوحوا بذلك أن القمع لا يمكن أن يأتي بالحل.

    في بداية الأمر، أعلن جيش تحرير السودان أنه لن يهاجم سوى أهدافاً حكومية، وليس جماعات البدو الرحل نفسها التي قيل إنها مسؤولة عن مهاجمة المزارعين، وذلك لتجنب أن يكتسب النـزاع صفة "قبلية". ولكن يبدو أن رأي المعارضة المسلحة، وعلى وجه الخصوص حركة العدالة والمساواة، قد استقر الآن على الاشتباك المباشر في معارك مع الجانجاويد. وتظهر اللغة الطنانة التي يستخدمها الجانجاويد، بحسب رواية اللاجئين لمنظمة العفو الدولية، أن الصراع يتخذ منحى عرقياً بصورة متسارعة. حيث يصوِّر المهاجمون أنفسهم على أنهم "عرب"، بينما يطلق على المدنيين الذين تجري مهاجمتهم صفة "السود" أو حتى "العبيد". وفي الوقت نفسه، يدعي الزغاوى والفور أن هذه محاولات تهدف إلى إخراج جميع "الأفارقة" من دارفور.

    ويزيد من مخاوف منظمة العفو الدولية حجم أعمال القتل في أوساط السكان المدنيين وامتناع الحكومة السودانية عن مساءلة المليشيا وجنودها هي نفسها عن ما يقترفون من أعمال قتل باسم "مكافحة التمرد". فمن شأن هذا أن يزيد من مشاعر اليأس بين السكان، وأن يؤجج الرغبة في الانتقام لمقتل الأقارب، وربما الانضمام إلى المعارضة المسلحة كخيار وحيد متاح. وتحول القيود المفروضة حالياً على حرية التعبير والاجتماع والانتماء إلى الهيئات في السودان، ولا سيما في دارفور منذ اندلاع الصراع (10)، دون تعبير المدنيين عن آرائهم بصورة سلمية أو الجهر بأفكارهم في مواجهة العنف الذي يتعرضون له. وعلى العكس من ذلك، فإنها تشجع على اليأس.

    إن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الواردة في هذا التقرير لا تمثل إلا جزءاً مما يحدث في دارفور. وتستند المعلومات بشأنها إلى شهادت أدلى بها لاجئون سودانيون تمكنوا من اجتياز الحدود بسبب قرب الأماكن التي يعيشون فيها من الحدود مع تشاد. وهناك مئات الآلاف ممن يعيشون في حالة حصار داخل دارفور. وتؤكد الأنباء القليلة التي تتسرب من دارفور على الرغم من القيود الحكومية المفروضة على الحركة وعلى الاتصالات وعلى من يشتبه بانتقادهم للحكومة، المخاوف بأن الإقليم يواجه مأساة إنسانية وكارثة لحقوق الإنسان.

    2. الانتهاكات الجسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في دارفور
    1.2 الانتهاكات الجسيمة على أيدي القوات الحكومية والمليشيا الحليفة للحكومة
    1.1.2 عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء وسواها من أشكال القتل غير القانونية
    عمليات القتل خارج نطاق القضاء وأعمال القتل غير القانونية للمدنيين في العمليات البرية


    حصلت منظمة العفو الدولية على شهادات بشأن الهجمات على القرى وحوادث قتل المدنيين التي تتم إما على أيدي الجانجاويد، أو من قبل هؤلاء يرافقهم في ذلك جنود تابعون للحكومة السودانية أو يدعمونهم (11). وفي بعض الحالات، كان الجنود يبقون في القرية بعد مغادرة الجانجاويد لها لضرب نطاق حولها ومنع الناس من الفرار. وفي حالات أخرى، كانوا يشاركون على نحو مباشر في الهجمات ضد المدنيين. وتشير طبيعة عمليات القتل التي ارتكبها الجنود الحكوميون، وتلك التي ارتكبها الجانجاويد بحضور عناصر من الجيش السوداني، إلى أنها كانت عمليات إعدام خارج نطاق القضاء. وفي ظروف أخرى، حيث لم يبلَّغ عن وجود جنود إبان الهجمات، تمثِّل عمليات القتل على أيدي أعضاء المليشيا الحليفة للحكومة، في حدها الأدنى، عمليات قتل غير قانونية وبإجراءات موجزة، ما يجعل منها انتهاكاً جسيماً للقانون الإنساني، الذي يتعين على جميع الجماعات المسلحة الالتزام به في المنازعات الداخلية.

    وبشكل نمطي، تتألف الهجمات التي تشن في المناطق الريفية أو على البلدات من أفراد الجانجاويد، الذين يطلق عليهم أيضاً اسم المليشيا "العربية"، ويرافقهم أحياناً جنود حكوميون، حيث يقوم هؤلاء بمحاصرة القرية إما عند الفجر أو أثناء النهار، وبعد ذلك يباغتون القرويين الذين لا يتاح لهم الوقت الكافي للفرار أو للدفاع عن أنفسهم. ويبدو، أحياناً، أنه قد خطط للهجمات بشكل جيد مسبقاً، حيث تتم في أيام الأسواق الأسبوعية، أو أثناء الصلاة في المسجد أو بعدها، عندما يكون الناس متجمعين. وقد قتل العديد من القرويين كذلك في بيوتهم.

    وقد أبلغ إيركوري محمد، وهو طالب في الدراسات القرآنية يبلغ من العمر 34 عاماً، ويسكن في قرية أبو قمره قرب بلدة كورنوي في دارفور الشمالي، موفدي منظمة العفو الدولية ما يلي:
    "وصل العرب والجنود في يوم السوق إلى أبو جِداد (قرية قريبة). وراح الجنود يحاصرون السوق ودخل العرب للاستيلاء على النقود والماشية. وقتلوا عدة أشخاص. وقد رأيت جثث من قتلوا. وقتل بعضهم نتيجة إطلاق الرصاص عليه، وآخرون نتيجة طعنهم بالحراب". وأعطى منظمة العفو أسماء 19 شخصاً لقوا مصرعهم في الهجوم.

    وقالت كلتوما عبد الله عيسى، وهي من أبو جِداد قرب كوتوم وتبلغ من العمر 15 سنة، ما يلي: "كنت مع أبي عندما وصل العرب فجأة إلى القرية في حوالي الساعة 7 صباحاً. وراحوا يطلقون النار في جميع الاتجاهات. شعرت بالخوف وهربت للبحث عن مكان ألجأ إليه وأصبت برصاصة في ساقي اليسرى. وقتل أبي، عبد الله عيسى، في بيتنا نتيجة إطلاق الرصاص عليه، كما قتل خالي باهر أحمد أيضاً. كان هؤلاء العرب يمتطون الخيول والجمال بينما رافقتهم قوات الحكومة في المركبات".

    وذكر نور إبراهيم أران، وهو زعيم في منطقة أبو جِداد، أن أبو جِداد تعرضت للهجوم في 17 مايو/أيار 2003 من قبل أفراد في الميليشيا العربية يمتطون الخيول والجمال، بينما كانت قوات الحكومة تستخدم المركبات. وادعى أن 36 قرية في الإقليم قد أحرقت وأن 76 شخصاً قد قتلوا، بحسب ما ذكر. والقرى التي أحرقت، بحسب ما جاء، هي تابالديا I وII، والسيله، وبيتينان، وغوص عجور، وناغا، وأبهورنون، ومحمد نار، وأراجاب عيسى، وكريم دجامي، وأباكار حمد، وموسى أليل، وفقيه عبد الكريم، ماسور اسماعيل، وجيرا بيث، وأسميلا، وموسى عبدالرامي، ومابوراكا أراد، وتيبيز، وباره محمد آدم، وغويري أراد، وحماة مانانت، وجمعه آدم، ومداراسا، وشيتي زكريا.

    وكانت كوتوم في دارفور الشمالي، التي تبعد نحو 80 كيلومتراً إلى الشمال من الفاشر، عاصمة دارفور الشمالي، مسرحاً لهجمات متكررة في 2003. ففي نهاية يوليو/تموز، استولى جيش تحرير الجنوب على البلدة وانسحب منها في 3 أغسطس/آب. وكانت البلدة قد تعرضت للقصف الجوي من قبل سلاح الجو الحكومي في وقت سابق. وفي 5 و6 أغسطس/آب، تعرضت البلدة لهجوم من جانب الجانجاويد. والتقى موفدو منظمة العفو بامرأة من كوتوم في تينه تشاد كانت قد ارتحلت لمدة 40 يوماً على ظهر حمار أو على قدميها. وأكدت المرأة أنباء عمليات الإعدام بإجراءات موجزة التي حصلت عليها منظمة العفو في وقت سابق من مصادر أخرى:

    "جاء الجانجاويد في الصباح وكسروا أبواب الدكاكين وأخذوا النقود والسكر والبضائع. قتلوا 32 شخصاً في بيوتهم. جاءوا إلى البيوت بحثاً عن الصبيان والرجال من أجل قتلهم. وقتلوا كذلك أحمد عيسى، أخي، وهو صاحب حانوت في السوق في الثامنة عشرة من العمر. وقاموا بقطع الأشجار المثمرة في بستاني لإطعامها لجمالهم".

    وأوضح دهباي محمد آدم، البالغ من العمر 38 عاماً، من أبو غمره، وهي قرية قريبة من كورنوي، لنا أن العرب جاءوا للسرقة في القرية وإحراق البيوت أثناء غياب الرجال:
    "كان زوج ابنتي قد بقي في البيت. وكان نائماً فأيقظوه وضربوه حتى الموت بعصى وببندقية".

    وقالت عائشة علي، وهي فتاة تبلغ من العمر 23 سنة من قرية ساسا، قرب كورنوي، ما يلي:
    "وصل العرب وطلبوا مني مغادرة المكان. وقاموا بضرب النساء والأطفال الصغار. قتلوا طفلة صغيرة تدعى ساره بشاره. كان عمرها سنتين. قاموا بطعنها بالسكين في ظهرها".

    ورأت زينب ناياه، وعمرها 25 عاماً ومن سكان نانا، وهي قرية قريبة من كورنوي، أخاها وهو يقتل في دكانه على أيدي أفراد من الجانجاويد في أغسطس/آب. وقالت إنه تعرض للضرب قبل قتله. وتعرضت قرية غورسيلا، القريبة من كورنوي، لهجوم في الساعة الخامسة صباحاً في أبريل/نيسان 2003. ولقي 24 شخصاً مصرعهم إثر إطلاق النار عليهم أثناء الهجوم بينما دمر المهاجمون نحو 80 منـزلاً. وسُلبت الماشية كذلك. وفي كورنوي، أبلغت هيليا هاردجا، وتبلغ من العمر 37 عاماً، عن قتل طفلها، أبكار يوسف، البالغ من العمر 4 سنوات، وابن أختها صادق علي عبد الله، وعمره 42 عاماً، من قبل المليشيا العربية. "كانوا في ساحة الدار أمام البيت عندما جاء العرب".

    وفي يوم أحد من شهر يوليو/تموز 2003، هوجمت في حوالي الساعة الواحدة صباحاً قرية أدار، في دارفور الشمالي. ورأت امرأة ابنها، ويدعى اسحق جور مساره ويبلغ من العمر 35 عاماً، وهو يُجَر إلى خارج منـزله من قبل أفراد المليشيا.

    "أوثقوا رجليه ويديه وحزوا رقبته أمام الناس. كان العرب يرتدون البزات العسكرية، وكانوا يحملون الأسلحة والبنادق ومعهم الخيول والجمال. ولم تكن لدى ابني أية أسلحة".

    وكانت تينه مسرحاً لقتال ضار بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة عدة مرات في 2003. ووصفت زينب أحمد، وتبلغ من العمر 30 عاماً، إحدى الهجمات على تينه في يوليو/تموز قائلة: "كان ذلك يوم جمعة في يوليو/تموز. وقع قتال بين المتمردين والجانجاويد تدعمهم قوات الحكومة. كنت خارجة إلى الصلاة عندما أصابتني شظيتان في كتفي الأيسر وفي كفلي. وكان أخي هناك فحملني إلى المستشفى في البلدة. أعرف أشخاصاً بعينهم مثل زيدان عمر وآدم محمد ممن أعدموا. وعندما كنت في المستشفى، جاء العرب إليه، ولكنهم كانوا يبحثون عن الرجال، وليس عن النساء".

    وفي أغسطس/آب 2003، حوصرت قرية كيشكيش، في منطقة سيلايا، من قبل الجانجاويد، حيث قتل هؤلاء، بحسب ما زعم، العديد من المدنيين. وذكر محمد إسحق، وهو مزارع جبلي في الخمسين من العمر من قرية كيشكيش أن الميليشيا قد سرقت ماشيته وقتلت والده، إسحق أباكير، البالغ من العمر 70 عاماً، في بيته في شهر أغسطس/آب 2003. وعندما حاولت ابنته، عائشة إسحق، التدخل، قام أفراد المليشيا بقتلها أيضاً. وقتل قريبان لآدم محمد، وهو من القرية نفسها، على أيدي المليشيا، وهما إبراهيم يحيى عبداللاهي، وعمره 60 عاماً، وأحمد أباكار يحيى، وعمره 37 عاماً. كما قُتل أيضاً إسماعيل أبو إسحق، وعمره 50 عاماً، وآتوم خلف، وعمره 35 عاماً، وديلاك محمد باس. وذكر آجم أباكار آدم أن أربعة من أقاربة قتلوا، وهم: إبراهيم عبد الله آدم، وعمر آدم، وآدم محمد عبداللاهي. وقال إنه قد علم مؤخراً أن قريباً آخر له، وهو عبد الله أحمد أباكار، الذي تخلف في القرية بعد الهجوم، قد قتل أيضاً في نوفمبر/تشرين الثاني.

    وتعرض العديد من القرى حول سيلايا، وهي بلدة تخضع لسيطرة الحكومة ويقال إن الجانجاويد يتخذونها مركزاً لهم، لهجمات في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2003. وهوجمت قرية جفال، التي يقطنها نحو 250 شخصاً ينتمون إلى جماعة جبيل الإثنية، مرتين في أغسطس/آب، إحداهما في الساعة 6 من فجر يوم أحد، والثانية في يوم السبت من الأسبوع التالي. وبحسب رواية شهود عيان، هاجم أفراد المليشيا، يرافقهم الجنود، الناس قائلين: "أنتم معارضون للنظام، ويجب أن نسحقكم. ولكونكم سود، فإنكم أشبه بالعبيد. وبذلك يصبح إقليم دارفور كله في أيدي العرب. والحكومة إلى جانبنا. وطائرات الحكومة تقف إلى جانبنا وتمدنا بالذخيرة والغذاء". وخلال الهجوم الأول، أحاطت المليشيا، بحسب ما ذكر، بالقرية وفتحت النار على السكان، ما أدى إلى مقتل 25 شخصاً، بعضهم قتلوا داخل بيوتهم. ولجأ القرويون إلى الفرار. وخلال الهجوم الثاني، لم يكن هناك أحد في القرية تقريباً، وبحسب ما ورد، قامت المليشيا بإحراق القرية بعد سلب ما تبقى من الممتلكات في بيوت القرية.

    وفي الفترة نفسها تقريباً، هوجمت أمير، وهي قرية قرب جافال يقطنها نحو 350 شخصاً. وقال أحد القرويين في شهادته بشأن ما حدث: "وقع الهجوم في 7 يوليو/تموز، وكان يوم سبت. جاءوا. كانوا أكثر من مئتين وكانت معهم 10 مركبات. كان هناك جنود من الجيش بينهم. فوجئنا بالهجوم لأن الساعة كانت الثامنة صباحاً. كانوا يحملون الكلاشينكوفات ومدافع البازوكا والبنادق وسلاحاً نصبوه فوق إحدى المركبات. وقتلوا 27 شخصاً".

    وفي 16 أغسطس/آب، هوجمت غاراداي، وهي قرية أخرى في المنطقة، من قبل الجانجاويد خلال النهار. وأبلغ أحد القرويين منظمة العفو الدولية ما يلي:
    "إن الجانجاويد هم الذين أحرقوا بيوتنا وسرقوا ماشيتنا وممتلكاتنا. وقد مضى على حوادث سرقة الماشية وقت طويل، غير أن حرق البيوت أمر جديد. جاءوا على ظهور الجمال والخيول يحملون الكثير من الأسلحة. ويتألف هؤلاء من عرب يسكنون المنطقة وعرب آخرون. هاجموا النساء والرجال والأطفال مع أن هؤلاء لم يكن لديهم أسلحة. وأستطيع القول إن ما لا يقل عن 240 شخصاً قتلوا أثناء الهجوم. وهذا أكثر من نصف سكان غاراداي، التي يبلغ عدد سكانها 400 نسمة. وبصورة رئيسية، قتلوا الشبان، مع أن بعض الأشخاص المسنين العجزة قتلوا أيضاً لأنهم لم يكونوا قادرين على مغادرة منازلهم في الوقت المناسب".

    وبينما تستهدف الهجمات بصورة رئيسية أبناء جماعات الزغاوى والمساليت والجبيل والفور، أو الجماعات الأصغر حجماً التي تعمل في الزراعة، فإن جماعات عربية قد استهدفت أحياناً، ومن الواضح أن ذلك حدث بسبب رفضها الانحياز إلى أحد طرفي النـزاع. ففي نهاية يوليو/تموز 2003، تعرضت مجموعة تنتمي إلى الدوروك، وهم جماعة عربية تعيش حول سيلايا، لهجوم من قبل الجانجاويد. وأبلغ أحمد عيسى آدم، وهو من قرية أبو جِداد وفي الثلاثين من العمر، موفدي منظمة العفو ما يلي:
    "جاءت المليشيا العربية إلى قريتنا لدعوة الدوروك إلى الانضمام إليهم. ورفض الدوروك ذلك وقالوا لهم إن الدين يجمعهم مع سكان الإقليم، ولذلك فإنهم لا يستطيعون مقاتلة جيرانهم. وهكذا اعتبرت المليشيا العربية الدوروك من "السود" وراحوا يطلقون النار عليهم". وتشمل قائمة الأشخاص الذين ورد أنهم قتلوا التالية أسماؤهم: آدم محمد علي، وهو مزارع يبلغ من العمر 35 عاماً؛ وفضل عبد العزيز، وهو راعي ماشية يبلغ من العمر 58 عاماً؛ وعطيه إبراهيم عبد الله، وهو راعي ماشية يبلغ من العمر 27 سنة؛ وكذلك معتور عبد الله، 45 عاماً؛ وبحر أحمد، 40 عاماً؛ وإدريس عبد الله، 70 عاماً؛ وآدم محمد، 55 عاماً؛ ومحمد عبد الله، 35 عاماً.

    وفي بيراك، التقى موفدو منظمة العفو الدولية أخوين من جيزو، وهي على مسافة ثلاث ساعات سيراً على الأقدام من سيلايا، وكان هذان قد أصيبا بجروح نتيجة إطلاق النار عليهم في هجوم وقع في يوليو/تموز. إذ هوجمت قريتهم يوم الإثنين، يوم السوق الأسبوعي، من جانب أفراد المليشيا العربية، حيث قتل هؤلاء 5 أشخاص. والتقى موفدو المنظمة أيضاً أشخاصاً من الزغاوى من قرية أوشا، التي تبعد مسافة ساعة سيراً على الأقدام عن سالايا، حيث ذكروا أنهم تعرضوا لهجوم في يونيو/حزيران. وادعى هؤلاء أن ما لا يقل عن 400 شخص قد قتلوا في قريتهم، التي يبلغ عدد سكانها 1,700 نسمة.

    وزار مبعوثو منظمة العفو الدولية عدة مواقع حول أدري في تشاد لجأ إليها أشخاص من السودان. وكان معظم اللاجئين من المساليت الذين فروا من الهجمات التي شنت على قراهم في المناطق الريفية حول الجنينه، عاصمة دارفور الغربي.

    وتعرضت قرية مورلي، التي تبعد نحو خمسة كيلومترات عن الجنينه، للهجوم مرتين ما بين يوليو/تموز وأغسطس/آب. وأبلغ أحد القرويين منظمة العفو ما يلي:
    "كان الوقت مبكراً في الصباح، والناس ما زالوا نياماً. ضرب حوالي 400 شخص، يرتدون الزي العسكري الذي يرتديه الجيش، حصاراً حول القرية مسلحين بالبنادق وترافقهم المركبات. ووصلت طائرة في ما بعد لرؤية ما إذا كانت العملية ناجحة. وخلال الهجمة الأولى، قتل ما لا يقل عن 82 شخصاً. بعضهم أصيب بالرصاص، والبعض الآخر، كالأطفال والمسنين، أحرقوا أحياء في منازلهم".

    وقال آخر، وكان مصاباً بجرح في قدمه: "بقيت في القرية بعد الهجوم الأول. ثم هاجمت مجموعة أخرى القرية في يوم السوق، حوالي الساعة 2 من بعد الظهر، بعد صلاة الساعة الواحدة. كانوا قد سمعوا أن هناك أشخاصاً نجوا من الهجوم الأول. حاصروا السوق من جهتيه، وراحوا يطلقون النار على الناس. وكانوا يضربون من حاولوا الهرب. قتلوا 72 شخصاً. أنا شخصياً أصبت بعيار ناري وأتيت إلى هنا للحصول على علاج. وفي المنطقة المحيطة بمورلي، هوجمت نحو خمس قرى أيضاً، وأسماؤها هي: كوتوماندا، وتاندي، وكاندالي، وأوتشوكا، وبيرتينيو".

    وفي ميرامتا، وهي قرية تضم نحو 450 بيتاً وتبعد حوالي 25 كيلومتراً إلى الجنوب من الجنينه، قتل ما يربو على 300 شخص، بحسب ما ذكر، معظمهم نتيجة الإصابة بعيارات نارية، وذلك أثناء هجوم شنه الجانجاويد وجنود حكوميون في 28 أبريل/نيسان. وتعرضت النساء اللاتي حاولن الفرار للضرب بأعقاب البنادق. كما أحرقت البيوت بعد ذلك. وقد تعرضت ميرماتا للهجوم، بحسب التقارير، أربع مرات. ففي هجوم وقع في أكتوبر/تشرين الأول، قتل عشرة أشخاص آخرين وجرح خمسة غيرهم في منتصف النهار. والقرية الآن خالية من السكان، بحسب ما ورد. أما توكولتوكول، وهي قرية قريبة من ميرامتا، فهوجمت في 18 يوليو/تموز، أي في اليوم نفسه، ولكن بعد ساعتين، أي في الثامنة صباحاً، من جانب مجموعة من الجانجاويد المسلحين وجنود حكوميين. وبحسب ما ذكر، لقي ما لا يقل عن 8 أشخاص مصرعهم في الهجوم.

    تواصلت الهجمات على قرى من قبيل دونغاجول، وسيراتيا، وكولكوته، وغويندا، وهارازا، المحيطة بالجنينه خلال نوفمبر/تشرين الثاني، بحسب ما ذكر، ما دفع المزيد من المدنيين إلى اللجوء إلى إقليم آدي في تشاد، جنوب أدري.

    وهوجمت قرية كاسيا ثلاث مرات ما بين 28 و1 أغسطس/آب 2003 من جانب المليشيا العربية والجنود الحكوميون، على حد سواء. وقتل في الهجوم الأول، الذي وقع في الساعة 8 صباحاً، ما لا يقل عن 18 شخصاً، بمن فيهم أشخاص قتلوا داخل بيوتهم. وفي الهجوم الثاني، قتل أربعة أشخاص، بحسب ما قيل، وسُرقت الماشية. وفي الهجوم الثالث، قتل نحو ستة مدنيين، بحسب ما قيل، وتم إحراق البيوت.

    وهوجمت باودا، التي تبعد نحو 80 كيلومتراً إلى الجنوب من الجنينه وتقطنها حوالي 200 أسرة، في 29 أغسطس/ آب، في الساعة 10 صباحاً. وكان المهاجمون من المليشيا العربية والجنود، على حد سواء. وأبلغ يحيى محمد، الذي أصيب بعيار ناري في ساقه اليمنى أثناء فراره، مبعوثي منظمة العفو الدولية أن 16 شخصاً قتلوا في ذلك اليوم. وأحرقت القرية تماماً. وفي أمبغادينا، إلى الشمال من الجنينه، قتل ما لا يقل عن 9 أشخاص، بحسب ما ذكر، أثناء هجوم تعرضت له القرية.

    وفي بعض الأحيان، تمكن مَن تعرضوا للهجوم من معرفة مهاجميهم. ففي 10 أغسطس/آب، هوجمت سواني، وهي قرية في محيط الجنينه، وسوقها، في ساعات ما بعد الظهر من قبل خليط من الجانداويد والجنود. وأبلغ أحد القرويين موفدي منظمة العفو ما يلي: "نحن نعرف الجانجاويد، فهؤلاء كانوا جيراننا في ما سبق، وهم من الرزيقات والمهاريه". وقتل هؤلاء تسعة رجال لاذوا بالفرار، بينما قاموا بضرب النساء وسرقوا جميع قدور الطبخ. لكنهم لم يحرقوا المكان.

    وبينما يبدو أن العديد من عمليات القتل استهدف الرجال تحديداً، إلا أن النساء والأطفال استُهدفوا أيضاً بالقتل المتعمد. ففي أبو قمره، قتلت في سبتمبر/أيلول الطفلة خديجة إدريس، وتبلغ من العمر 17 عاماً، على أيدي المليشيا عندما حاولت منعهم من سرقة الماشية. وفي مورلي، قرب الجنينه، قتل ما لا يقل عن تسع نساء، بحسب ما ذكر، إثر إطلاق النار عليهن أثناء هجوم قام به الجانجاويد. والقتيلات هن: عليمه آدم، 25 عاماً؛ وكلتوما سابو، 25 عاماً؛ وحوا عبداللهي، 30 عاماً؛ ومريم هارون، 35 عاماً؛ وخديجه عباللاهي، 30 عاماً، وفطومه إدريس، 20 عاماً؛ وعائشة محمد، 30 عاماً؛ ونفيسه آدم، 40 عاماً؛ ودولما إسماعيل، 20 عاماً.

    وفي بعض الأحيان كان الأشخاص الموجودون في أماكن معزولة يقتلون أثناء وجودهم في حقولهم، أو على الطرق. إذ هوجم المهدي سليمان، 30 عاماً، وحسن سليمان، 20 عاماً، وديللو إسماعيل، 30 عاماً، وهم جميعاً من حصن باسوا، وهي قرية في دارفور الشمالي، وقتلوا على أيدي المليشيا العربية أثناء سوقهم ماشيتهم نحو مناطق الرعي في وقت ما من أبريل/نيسان. وقتل شخص آخر، وهو زوج والدة أرباب إبراهيم، على أيدي العرب وهو في طريق عودته من السوق إلى قريته، مجدي، في منطقة هابييلا في يونيو/حزيران.

    وجمع مبعوثو منظمة العفو الدولية العديد من الشهادات الأخرى من اللاجئين، التي اتسمت بالاتساق مع بعضها البعض. وأشارت هذه الشهادات إلى وجود نمط واضح من الانتهاكات المتكررة التي دللت على وجود تعاون بين الجانجاويد والجنود.

    عمليات القتل غير القانونية الناجمة عن القصف المتعمد أو العشوائي
    كثيراً ما سبقت الهجمات البرية على القرى والبلدات أو تلتها عمليات قصف كان يقوم بها سلاح الجو السوداني. ووفقاً لشهادات لاجئين سودانيين في تشاد وضحايا داخل السودان، فإن قرى وبلدات دارفور الشمالي قد عانت، على ما يبدو، أكثر من غيرها من القصف الجوي. ويمكن أن يعزى ذلك إلى أن المعارضة المسلحة أكثر نشاطاً في هذه المنطقة وتسيطر على أماكن معينة فيها. ووردت أنباء أيضاً عن عمليات قصف جوي في دارفور الغربي وفي جنوبي دارفور الشمالي في محيط كابكابيا وجبل مره (الجبال).

    واتسمت معظم عمليات القصف، كما وصفها شهود عيان لمنظمة العفو الدولية، بأنها لم تُعر، على ما يبدو، أي اهتمام لمتطلبات التمييز بين الأشخاص المدنيين والأهداف المدنية، وبين الأهداف العسكرية، أو اعتبار لمبدأ التناسب. وكلا هذين الأمرين من اللبنات الأساسية للقانون الإنساني الدولي الذي يحكم المنازعات المسلحة. وكما بدا، فإن عمليات القصف قد استهدفت، في بعض الحالات، المدنيين والأهداف المدنية على نحو متعمد.

    وتتخذ عمليات القصف عادة شكل إلقاء صناديق محشوة بالشطايا المعدنية من مؤخرة طائرات من طراز أنتونوف. وهذا الشكل من القصف يفتقر إلى الدقة بطبيعته. وتحدث المدنيون في بعض الأحيان عن وجود طائرات مروحية تحلق على ارتفاع منخفض وتقوم بقصف القرى والمدنيين. وقد استخدم هذان النوعان من الطائرات بشكل متكرر من جانب الحكومة السودانية إبان الحرب في جنوب السودان. وعلى الرغم من الإدانة الدولية للقصف المتعمد للمدنيين ولعمليات القصف العشوائي من جانب الحكومة في الجنوب، ناهيك عن تعهدات الحكومة بعدم مهاجمة المدنيين والأهداف المدنية كجزء من محادثات السلام في إطارها العريض، فإن التكتيكات نفسها تستخدم الآن في الصراع في دارفور.

    لقد كان لعمليات القصف أثر مروع على السكان أدى إلى حالة من الفزع وشجع على التهجير. ويعزو معظم المدنيين الذين لجأوا إلى تشاد عدم قدرتهم على العودة إلى وطنهم إلى عمليات القصف المستمرة التي يستطيعون رؤيتها أو سماع دويها من مخيماتهم في تشاد.

    فقد تعرضت كورنوي للقصف المتكرر منذ يونيو/حزيران 2003، ما حفز السكان إلى الفرار منها جماعات إلى تشاد. ففي 20 يونيو/حزيران 2003، قُصفت كورنوي. وأبلغت أمينة إسحق، وهي في الخامسة والثلاثين، موفدي منظمة العفو الدولية ما يلي: "فقدت ابنتي في القصف، الذي وقع في حوالي الساعة 4 من مساءً 20 يونيو/حزيران. كان اسمها ندى إسماعيل، وكانت تقف قرب بئر الماء. وعندما توقف القصف وجدناها وجمعنا أشلاء جسدها". وقالت امرأة أخرى: "كانت الساعة 10 صباحاً، وكنت أقوم بالطبخ. جاءت الطائرة بغتة ودمرت منـزلي بالكامل. وهربت إلى تشاد". وفقدت نوره رحمه عبده، التي كانت حاملاً في وقت القصف، طفلها بسبب الصدمة والشعور بالرعب من القصف، بحسب ما هو ظاهر. "عندما جاءت الطائرة، كنت حاملاً في شهري الخامس. فقدت طفلي بسبب القصف. فعندما بدأت الطائرة بالقصف، كنت خارج البيت، ورأيت أن زوجي كان في داخله. ركضت نحو البيت. ورحت أسعل بسبب الدخان المتصاعد من القنبلة، ثم بدأت أنزف وفقدت طفلي. جئت إلى هنا مع زوجي قبل شهرين لشعوري بأنني مريضة. وما زال جسمي يؤلمني وبطني متضخم بالرغم من أنني قد فقدت طفلي".

    وتعرضت تينه للقصف على نحو متكرر كجزء من محاولات الحكومة لسحق المعارضة المسلحة، التي كانت قد سيطرت على المدينة، ما أدى إلى قتل مدنيين. وقالت فايزه إدريس آدم، وهي طالبة تبلغ من العمر 14 عاماً، في شهادتها ما يلي: "كانت الساعة 9 صباحاً، وكنت في غرفة الصف عندما قصفت البلدة، وكانت المعلمة تشرح لنا درساً في التاريخ والجغرافيا عندما قصفت الطائرة مدرستنا. كان ذلك في 5 أغسطس/آب. هناك ثلاث مدارس في تينا، وكانت مدرستنا في حي جيرغا. لاذ الطلاب بالفرار. وعندما خرج صدام عمر، وهو طالب في صفي يبلغ من العمر 14 عاماً، أصيب، ولفظ أنفاسه في ساحة المدرسة. رأيت جسده، وجاء أهله لأخذه. كان ذكياً، وكان ترتيبه الثاني في صفنا، وكان يحب الرياضيات وكرة القدم". وقد تضرر معظم سكان تينه بسب عمليات القصف. وأبلغ المقيمون في المدينة في بعض الأحيان عن مقتل العشرات من أقاربهم أو إصابتهم بجروح نتيجة للقصف. وفي 7 يوليو/ تموز، أصيب أحد الأطفال، ويدعى عبد القادر موسى، بشظية في يده اليمنى أثناء رعي الماعز قرب بيته في تينه:

    "جاءت الطائرة وأحرقت النار التي أشعلها القصف أصابعي. والآن، يخرج الدم أحياناً من بين أصابعي، وما زالت تؤلمني. أنا طالب في المدرسة في الصف الرابع، وكنت أستخدم يدي اليمنى في الكتابة".
    وعندما حاولت أمه أن تأخذه إلى المستشفى، عادت الطائرة. وفر كلاهما إلى تينه تشاد.

    وتعرضت معظم القرى المحيطة بتينه للقصف أيضاً. إذ قصفت خزان أبو قمره مرات عديدة حتى أن سكانها قالوا: "الطائرات تقوم بالقصف في أي وقت وفي أي مكان، وأحياناً أربعة مرات في اليوم، في الصباح، وفي المساء. والقصف شديد بحيث أننا لا نستطيع الذهاب لفلاحة حقولنا. وقد قتل العديد من الأشخاص ونفقت المواشي بسبب عمليات القصف". وفي تومدوباي، التي تبعد نحو أربع ساعات سيراً على الأقدام عن تينه، كان القصف يتكرر عدة مرات في اليوم أيضاً. كما تضررت خزان باساو أيضاً جراء عمليات القصف.

    وقصفت كوتوم أثناء القتال بين قوات الحكومة وجيش تحرير السودان في نهاية يوليو/تموز، قبل أن يقوم الجانجاويد بغزوها. وبينما كان المتمردون موجودين في المنطقة في وقت القصف، فإن وابل القنابل يسقط علىالمدنيين والمباني المدنية. وعلى وجه الخصوص، تعرضت المدرسة والسجن للقصف. وأبلغت امرأة من كوتوم مبعوثي منظمة العفو الدولية الذين التقوها في مخيم تينه للاجئين ما يلي: "في السجن، قُتل حراس السجن والسجناء بسبب القصف. ودُمر المستشفى كذلك ولاقى المرضى مصرعهم. كنت أعرف شخصين مريضين في المستشفى في ذاك الوقت قتلا نتيجة للقنابل. واسمهما محمد علي، وهو مزارع في الأربعين من العمر، وأمينة إسحق، وهي صبية في العشرين من العمر. إن هذا أمر محزن جداً".

    وتعرضت القرى المحيطة بسيلايا إلى الجنوب من ذلك في دارفور الشمالي، والقريبة من الحدود مع تشاد، للقصف أيضاً في الوقت نفسه الذي وقعت فيه هجمات برية. وذكر اللاجئون القادمون من المنطقة لمنظمة العفو أن عمليات القصف كانت لا تزال مستمرة في نوفمبر/تشرين الثاني. وفي تورليلي، وهي قرية تقع شمالي سيلايا، أن ما لا يقل عن ثمانية أشخاص قتلوا بسبب القصف. ونفق كثير من الحيوانات أيضاً نتيجة لذلك.

    2.1.2 أعمال العنف وعمليات التعذيب، بما فيها الاغتصاب، ضد المدنيين
    كثيراً ما رافقت الهجمات البرية وقتل المدنيين على أيدي القوات الحكومية والميليشيا الحليفة للحكومة أعمال عنف وحشية، بما في ذلك إطلاق النار والضرب، واغتصاب النساء والفتيات أحياناً. وذكر العديد من القرويين أن الرجال هم المستهدفون الرئيسيون بعمليات القتل، بحسب ما بدا. فبينما أطلقت النار على النساء لقتلهن في بعض الأحيان، يبدو أن أغلبية النساء كن يتعرضن للضرب وليس للقتل أثناء الهجمات.

    فأثناء إحدى الهجمات على كورنوي، جرت مطاردة جمال آدم نسور، البالغ من العمر 20 عاماً، وتعرض للضرب المبرح، بحسب ما ذكر، على أيدي الجانجاويد، ما أدى لاحقاً إلى وفاته نتيجة لما لحق به من إصابات.

    وهوجمت كلتوما عبد الله، وهي في الخامسة عشرة، بصورة مباشرة من قبل المليشيا العربية، بحسب ما ذكر، في أبو جديد. وكانت في بيتها عندما وصلوا. وحاولت الفرار، غير أنها تعرضت لإطلاق نار أدى إلى قتلها. كما أطلقت النار على عمتها فخرت صريعة.

    وهوجم آدم محمد، البالغ من العمر 40 عاماً، وأخوه، وينتميان إلى جماعة تاما الإثنية، في 14 نوفمبر/تشرين الثاني في قريتهما، توتورسا. وبوغت آدم محمد في بيته من قبل عدد من أفراد المليشيا. وراح هؤلاء يجلدونه قائلين: "كلكم معارضون، سنقوم بتصفيتكم". وأخذوا كل ما لديه من نقود. وتمكن من النجاة والفرار إلى تشاد. وفي اليوم نفسه، أحاطوا ببيت زارا شيخ، وهي امرأة في الثامنة والعشرين من العمر، وطلبوا منها نقوداً. وعندما أجابتهم بأنه لا تملك أي نقود، قاموا بجلدها بالسوط.

    وعندما هوجمت مورلي، فرت جميله محمد، بحسب ما ورد، سيراً على الأقدام مع امرأة أخرى تدعى عائشة هارون. وطاردهما المهاجمون على ظهور الخيل. وقام هؤلاء بإيقافهما وضربهما بأغصان الشجيرات الجافة وأخذوا ملابسهما. ثم تركوهما لشأنهما. وفي توجا، وهي قرية قريبة من مورلي، لجأت حواء حسن توجا إلى الفرار مع أطفالها السبعة من هجوم تقوم به المليشيا العربية. وتمكن الأطفال من الهرب، لكنها ذكرت أنها تعرضت للضرب وسلبت ملابسها وما تحمله من مقتنيات.

    وفي بعض الأحيان، تعرضت للاغتصاب نساء اللاتي كن على الطرقات أو في الأحراش يجمعن الحطب، أو أثناء فرارهن من الهجمات.

    واستمع موفدو منظمة العفو الدولية إلى روايات تتعلق باغتصاب النساء والفتيات من قبل الجانجاويد. بيد أنه من الصعب الجزم بشأن مدى إمكان اعتبار الاغتصاب ممارسة معتادة في مسار الحرب في دارفور، وذلك بسبب تردد النساء في الإبلاغ عن حوادث الاغتصاب خشية ما يلحق بهن من عار في مجتمعاتهن.

    وكما وصفت النساء الأمر لموفدي منظمة العفو الدولية، فإن:
    "المرأة لن تحكي لك عن ذلك ببساطة إذا ما تعرضت لشيء من هذا. ففي ثقافتنا هذا عار، وتفضل النساء إخفاءه في صدورهن حتى لا يسمع به الرجال".

    "النساء لا يتحدثن عن ذلك بعفوية إذا ما اغتصبن، فهذا عار يجب كتمانه. غير أن بعض النساء يمكن أن يذكرن ذلك إذا ما سألتهن. إن للنساء حقوقاً أيضاً، ويسعدنا أن يبدي شخص ما اهتماماً بهذا".

    في ساسا، قريباً من كورنوي، تعرضت فتاتان (12)، تبلغان من العمر 15 و 14 عاماً على التوالي، للاغتصاب، بحسب ما ذكر، من قبل أفراد في المليشيا العربية، وفقاً لرواية امرأة قابلها مبعوثو منظمة العفو الدولية في تينه.

    وفي مورلي، عثر المهاجمون على ثلاث فتيات، يبلغن من العمر 10 و15 و17 عاماً، بحسب ما ورد، وقاموا باغتصابهن. ويقال إن الفتيات ما زلن في السودان، حيث يتلقين المساعدة من المداوين التقليديين. وبحسب ما ذكر، تعرضت فتاتان أخريان تبلغان من العمر 20 و25 عاماً للاغتصاب أيضاً من قبل المهاجمين على الطريق أثناء عودتهن إلى القرية بعد جلبهن الماء. وقد أبلغت هذه التقارير لمنظمة العفو الدولية من قبل امرأتين جاءتا من القرية نفسها التي تسكنها هؤلاء الفتيات وتعرفانهن.

    وأبلغنا رجل من سواني ما يلي: "تعرضت العديد من النساء للضرب أثناء الهجوم بالعصي وبأعقاب البنادق. لكنك تحتاج إلى النقود للذهاب إلى المستشفى. وهناك في قريتنا عشر نساء أيضاً استخدمهن العرب بالقوة كزوجات لهم".

    3.1.2 تدمير القرى والمحاصيل وسلب الماشية والممتلكات
    لم تهدف الهجمات البرية، على ما يبدو، إلى قتل الأشخاص فحسب، وإنما أيضاً إلى القضاء على مصدر رزقهم ومصادر عيشهم. وفي إقليم مبتلى بالجفاف والتخلف، يؤدي تدمير البيوت والمحاصيل إلى نتائج فظيعة على قدرة السكان المحليين في الحفاظ على البقاء. فهو يعني حرمان السكان من المأوى والغذاء، وهما أمران أساسيان، وحرمانهم كذلك من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وتزيد عمليات التهجير التي تنجم عن الهجمات المباشرة على القرى المدنية من الضغوط على سكان البلدات في دارفور أو في تشاد، حيث لجأ بعض هؤلاء المهجرين.

    إن مصدر شهادات شهود العيان بشأن هدم البيوت في دارفور هو مجموعات اللاجئين المنتشرة على امتداد أكثر من 300 كيلومتراً من الحدود الشرقية داخل أراضي تشاد. وقد اتسمت هذه الشهادات بالمصداقية والاتساق، وإذا ما تم ربط أطرافها، فإنها تشكل نمطاً واسع النطاق، إن لم يكن منهجياً، من التدمير والسلب لوسائل العيش لمن تتم مهاجمتهم. وتشير هذه، بالإضافة إلى معلومات أخرى حصلت عليها منظمة العفو الدولية، إلى وجود استراتيجية عسكرية للجانجاويد، يدعمها الجيش الحكومي، لترحيل السكان المقيمين في دارفور بالقوة. وتدلل الشهادات على أن هذه الاستراتيجية ربما تهدف إلى السيطرة على الأراضي أو معاقبة الأشخاص الذين يشتبه بأنهم يتعاطفون مع الجماعات السياسية المسلحة في دارفور.

    إن من يعشيون في المناطق الريفية من دارفور يعتمدون بشكل رئيسي في معيشتهم على الزراعة وتربية الماشية والأغنام والماعز. وتملك بعض المجتمعات المحلية الجمال أيضاً. والماشية والجمال تشكل في هذه المناطق شبه الصحراوية المصدر الرئيسي للثروة المتوفرة للناس. وفي بعض الحالات، تعرض السكان لسلب ما يملكونه من بطانيات وملابس وأواني الطبخ والقدور والعبوات التي يستخدمونها لخزن المياه. وعندما يكون ما يملكه الناس شحيحاً، فإن سلب ممتلكاتهم يجعل من القيام بالأعمال الضرورية لاستمرار الحياة، من قبيل جلب الماء وإعداد الوجبات أو ارتداء ما يقي من برد الليالي، أمراً أكثر صعوبة.

    وزيادة على ذلك، فإن الحكومة السودانية، متذرعة بعدم الأمان وبضرورة مكافحة التمرد، قد قيدت تحركات الأشخاص في دارفور، بمن فيهم التجار والشاحنات التجارية، والمزودين التقليديين للقرى الريفية المعزولة بالأطعمة والملابس والبطانيات والأدوية.

    وأوضح سكان تورليلي كيف أضر التدمير والسلب بهم قائلين:
    "قام العرب أولاً بإحراق البيوت وأخذوا حيواناتنا. ثم أخذوا أواني الطبخ، والدُّخن من الحقول، وحتى بطانياتنا. وهذا ما جعلنا نأتي إلى هنا. أخذوا محصول الدُّخن معهم، ولم تعد لدينا محاصيل. وأكلت جمالهم مزروعاتنا أيضاً. ونحن في العادة نجمع محاصيلنا في سبتمبر/أيلول، بينما تقوم النساء بزرع الخضروات بعد جني المحصول. كيف يتوقع منا أن نعيش الآن؟"

    وصوًر لنا زعيم محلي في منطقة أبو قمره، بين تينه وكورنوي، مدى الدمار الذي لحق بالقرية على النحو التالي:
    "دخل العرب وقوات الحكومة من جانبي القرية ومعهم المركبات ويمتطون الجياد والجمال، وكانوا مسلحين بأسلحة كثيرة. اختبأت حتى أرى كم كان عددهم. فقام العرب بفرض طوق على القرية مستخدمين في ذلك أكثر من 1,000 من الخيول. وكانت هناك طائرة مروحية وطائرة أنتونوف أيضاً. قاموا بقصف البلدة بأكثر من 200 قذيفة. وقمنا بعدِّ 119 شخصاً لاقوا حتفهم نتيجة القصف. ثم حرق العرب جميع بيوتنا، وأخذوا كل البضائع الموجودة في السوق. وقامت جرافة بتدمير البيوت. وأحرقت السيارات التي كان يملكها التجار، كما سرقت مولدات الكهرباء. وقالوا إنهم يعتزمون غزو المنطقة بأكملها، وإنه لا يحق للسود أن يبقوا في الإقليم".

    وقال قرويون آخرون من سكان القرى المحيطة بتينه إن عمليات القصف قد دمرت آبار المياه. وفي خزان باساو، زعموا أن بعض آبار المياه قد سممت، وأنه كانت تفوح منها رائحة الكبريت. وزعموا أيضاً أن ألغاماً قد زرعت حول القرية.

    لقد وقع السودان على معاهدة حظر الألغام لعام 1997، وفي 13 أكتوبر/تشرين الثاني 2003 صدق على الاتفاقية الخاصة بحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد وتخزينها وإنتاجها ونقلها، وبتدميرها (اتفاقية أوتاوا). ومنظمة العفو الدولية تدعو الحكومة السودانية إلى أن تنفذ على نحو تام أحكام اتفاقية أوتاوا، بما في ذلك في قانونها وممارستها الوطنيين.

    4.1.2 عمليات الاختطاف والاعتقالات والتعذيب وقتل المحتجزين
    تبعت الهجمات الأرضية التي كان يقوم بها الجانجاويد في بعض الأحيان عمليات اختطاف للمدنيين. ولا تتوافر أي معلومات عن أماكن وجود الأشخاص المختطفين التالي ذكرهم، أو عن الطريقة التي عوملوا بها. ولدى منظمة العفو الدولية بواعث قلق من أن هؤلاء الأشخاص قد "اختفوا".

    اختطفت امرأتان من قرية فوجا، بحسب ما زعم، من قبل أفراد المليشيا العربية أثناء رحيلهما إلى تشاد في أغسطس/ آب 2003. وهما حوا صابون إسحق، وعمرها 25 عاماً، وحورا صابون، وعمرها 40 عاماً. ولم يتلق أقاربهما في تشاد أي أخبار عنهما منذ ذلك الوقت. ولا يعرفون ما إذا كانتا لا تزالان على قيد الحياة.

    وقيل إن ثلاثة رجال ينتمون إلى جماعة دوروك الإثنية اختطفوا من قبل الجانجاويد بعد هجوم على قرية أبو جداد وقع في مطلع أغسطس/آب، وهم: أحمد إبراهيم عبد الله، وعمره 28 عاماً، وأبو فضل، وعمره 27 عاماً، وموسى أحمد، وعمره 25 عاماً. ولم ترد حتى الآن أي معلومات بشأن مكان تواجدهم.

    وأبلغ عمدة أبو قمره، كتير محمد آدم، مبعوثي منظمة العفو باختطاف فتاتين من قبل الجانداويد أثناء الهجوم على أبو قمره في يوم السوق:
    "أطلق الرصاص على هذا الرجل أثناء محاولته الفرار من المليشيا على ظهر فرسه. ولاذت ابنته وامرأة أخرى بالفرار، ولكن إحداهما شاهدت أباها وهو مصاب فرجعت لمساعدته. أعطى الأب بندقية كانت معه لابنته حتى تتمكن المرأتان من الدفاع عن نفسيهما. أخذ العرب البندقية من المرأتين، وقاموا بضربهما وإجبارهما على الركوب معهما على فرسيهما. وأخذوهما بعيداً عن المكان. واسما الامرأتين هما حوا عبد الرحمن كتير، وتبلغ من العمر 28 عاماً، وفاطمه أحمد عيسى، وعمرها 32 عاماً".

    وفي غاراداي، قرب سيلايا، أبلغ عن اختطاف نحو ثلاثين رجلاً على أيدي الجانجاويد. ولم يتلق سكان قرية غاراداي أي أنباء عنهم منذ اختطافهم: "لا ندري لماذا أخذوهم. ربما ليقتلوهم أو للحصول على معلومات منهم". وفي ما يلي أسماء من ذكروهم لنا:
    - عبدالله آدم، 40، تاجر
    - عبد الله أباكر،42، تاجر
    - موسى عيسى،30، مزارع
    - أحمد إسحق، 37، مزارع
    - عبد الله أحمد إبراهيم، 40، مزارع
    - محمد إبراهيم آدم، 50، مزارع
    - ديني محمد، 35، مزارع
    - يحيى إزريق، 45، مزارع
    - محمد أبو آدم، 25، مزارع
    - آدم عبده، 45، مزارع
    - موسى يعقوب، 45، مزارع
    - محمد أباكر، 60، مزارع

    وفي جيزو، قرب سيلايا، اختُطف نحو 12 شخصاً، جميعهم من المزارعين، بعد الهجوم. وبحسب ما ذكر، أوثقت أيدي هؤلاء وأجبروا على السير أمام خيول الجانجاويد. وأعطيت الأسماء التالية:
    - عبد الله علي، 35
    - جير عبدالله، 25
    - بشير سليمان، 27
    - يحيى عبد الرحمن، 25
    - أباكار عيسى، 25
    - محمد خليل، 45
    - محمد سليمان، 45
    - عبداللاهي عبد الله، 45
    - أنور إبراهيم، 50
    - طاهر أحمد محمد، 25
    - بشاره عبد الله، 35
    - دين إبراهيم، 25

    وفي تورليلي، شمالي سيلايا، اختطف اثنا عشر شخصاً، بحسب ما ذكر، بمن فيهم أباكر آدم عمر، وعمره 40 عاماً، وعبد العزيز حسن، وعمره 27 عاماً.

    واختطف إدريس سليمان، 30 عاماً، من قبل الجانجاويد، بحسب ما ذكر، مع أشخاص آخرين في قرية أوشا، إلى الجنوب من سيلايا. وفي ما يلي أسماء الأشخاص الآخرين الذين اختطفوا:
    - محمد سليمان، 50، تاجر
    - محمد دَين، 40، تاجر
    - آدم آبو، 60، تاجر
    - يحيى عيسى، 35، مزارع
    - يحيى عمر، 36، مزارع
    - بحار عامر
    - عبد الكريم يعقوب
    - دهب محمد
    - محمد نيغوي
    - وثلاث نساء لم تعرف أسماؤهن.

    وأُبلغ موفدو منظمة العفو الدولية باختطاف مجموعة من 22 شخصاً آخرين من قبل الجانجاويد في سوق سواني، قريباً من الجنينه، وبتعرض هؤلاء للتعذيب. وقتل أحد هؤلاء، ويدعى عربي عنجول، بإجراءات موجزة، في ما بدا أنه عملية إعدام متعمد. وتخشى منظمة العفو الدولية أن أشخاصاً آخرين ممن اختطفوا ووردت أسماؤهم في هذا التقرير قد لاقوا المصير نفسه.

    وأبلغ رجلان كانا بين المختطفين الاثنين والعشرين وتمكنا من الهرب منظمة العفو الدولية بمحنتهم قائلين:

    "في 12 أغسطس/آب، ضرب العرب طوقاً حول السوق. كانوا يريدون الانتقام، ولذلك فعلوا هذا بنا. في البدء راح الناس يفرون وقال العرب إنهم لن يلحقوا بنا أي أذى. ولذا توقفنا عن الفرار. اختاروا بعض الأشخاص بصورة عشوائية وقاموا بربطهم في وسط السوق أمام الجميع. أجبرونا على الزحف على ركبنا فوق الحجارة. ثم تركونا تحت الشمس وراحوا يضربوننا. وكسرت ذراع أحدنا، وهو عربي عنجول، بسبب ذلك.

    "وعنما غابت الشمس، أجبرونا على الذهاب معهم وعلى الركض أمام خيولهم. أخذونا إلى معسكرهم، حيث كان هناك جنود ومبنى في داخله مدافع. ويرئس المعسكر شخص يتبع الجيش السوداني وشخص آخر. تركونا في الخارج وقاموا بضربنا بالحجارة وبأعقاب البنادق. وكانوا يقولون: "نحن العرب، ولنا الأولوية، وأنتم السود؛ الحكومة تعطينا الأسلحة وليس بإمكانكم البقاء في السودان، سنقتلكم ونأخذ ممتلكاتكم". وسألونا بعض الأسئلة. غير أن عربي عنجول، الذي كسرت ذراعه، لم يجب. فأخذوه جانباً وأطلقوا عليه عيارين ناريين فقتلوه. ثم تكلموا مع سلطاتهم في الجنينه. وتم نقلنا إلى الجنينه، وسألنا رئيس الجنجاويد إذا ما كانت لدينا أسلحة. قلنا لا، ثم تركونا نغادر المكان.

    "هناك خمسة أشخاص ما زالوا يعانون من آثار التعذيب، بمن فيهم واحد ضرب على عينه، ونعتقد أنهم في مستشفى الجنينه. والآخرون ما زالوا مع عائلاتهم في الجنينه. وسمعنا أنه قد وجهت إليهم تهمة وهي قيد النظر حالياً؛ وسيحاكمون من قبل السلطات، ولا نعرف لماذا".

    قد قامت القوات الحكومية النظامية، بما فيها الجيش والاستخبارات العسكرية وقوات الأمن، باعتقالات عديدة في دارفور قبل بدء النـزاع ومنذ اندلاعه. واستهدف بهذه الاعتقالات أشخاص ينتمون إلى جماعات الفور والزغاوى والمساليت الإثنية، ولا سيما الزعماء المحليون. ووثقت منظمة العفو الدولية هذه الاعتقالات في العديد من التحركات العاجلة على مدار الأشهر القليلة الماضية. واحتجز العديد ممن اعتقلوا بمعزل عن العالم الخارجي، كما أخضعوا للتعذيب. فعلى سبيل المثل، اعتقل آدم حسن عبد الرحمن في 2 مايو/أيار 2003 من تينه السودان ونقل جواً إلى مكاتب الاستخبارات العسكرية في الفاشر (13). وبحسب ما ورد، احتجز بمعزل عن العالم الخارجي من دون توجيه تهمة إليه لأربعة أشهر. وأخضع، بحسب ما ذكر، للضرب والتعذيب بالصدمات الكهربائية. وبحسب ما ورد، كان الطعام الذي يقدم إليه سيئاً ولم يحصل إلا على فنجان واحد من الماء في اليوم، بينما قضى مدة الحجز في زنزانة مع 25 شخصاً آخر، ولم تكن فيها أي مراحيض. وتوفي في مكان الاعتقال نفسه، بحسب ما ذكر، ثلاثة أشخاص هم: شريع عبد الرحمن، من تينه، وعبد الرحمن طاهرجا، وهو محام من كوتوم، وحجار يوسف حجار، الذي توفي بسبب المرض، بحسب ما ورد، من دون أن يعرض على طبيب. وأفرج عن حامد في 13 سبتمبر/أيلول 2003 ضمن اتفاق رعته تشاد بين الحكومة السودانية وجيش تحرير السودان.

    وأبلغ اللاجئون السودانيون الذين تمت مقابلتهم في تشاد مبعوثي منظمة العفو الدولية بعمليات اعتقال أخرى. وقد سعت منظمة العفو إلى الحصول على قائمة كاملة بالأشخاص الذين اعتقلوا بالعلاقة مع الصراع في دارفور من السلطات السودانية، غير أنها لم تتلق أي جواب.

    ووردت أنباء عن اعتقال أشخاص في كوتوم قبل اندلاع القتال بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة في نهاية يوليو/تموز. فبحسب ما زعم، اعتقل الهادي آدم من قبل الحكومة، ولم يسمع عنه منذ ذلك الوقت.

    وفي جوار سيلايا، اعتقل أشخاص آخرون في الأشهر التي سبقت القتال. ويشمل هؤلاء آدم عبد الله، الذي قُيد بالسلاسل، بحسب ما ذكر، وضرب فور اعتقاله؛ وأباكر آدم، وهو مزارع يبلغ من العمر 37 عاماً اعتقل على الطريق إلى سيلايا؛ وإسماعيل يحيى، وهو مزارع عمره 40 عاماً اعتقل على الطريق إلى سيلايا في يوليو/تموز. ولم يسمع أصدقاؤهم أخباراً عنهم منذ اعتقالهم. وأشار هؤلاء إلى إمكان أن يكونوا محتجزين في سجن الجنينه. واعتقل التاجر إسحق عبد الله أيضاً في يونيو/حزيران 2003 في قرية كونغوك، إلى الشمال الشرقي من الجنينه، بعد أن اشتكى العرب إلى الحكومة، بحسب ما ذكر، بأنه يكشف أسرارهم. ولم يشاهد منذ ذلك الحين.

    وكجزء من وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه في سبتمبر/أيلول برعاية السلطات التشادية، جرت عملية تبادل للسجناء بين الحكومة وجيش تحرير السودان. ولم يكن المحتجزون لدى الحكومة سجناء حرب: فالعديد منهم لم يكونوا من المقاتلين، واعتقلوا لا لسبب إلا للاشتباه بأنهم يتعاطفون مع أفكار المعارضة المسلحة، أو لانتمائهم للجماعة الإثنية نفسها، أو لتمتعهم بمركز بارز وسط مجتمعاتهم. بيد أن جيش تحرير السودان يدعي أن 28 شخصاً كانوا قد اعتقلوا لم يطلق سراحهم. ويخشى جيش تحرير السودان أن يكونوا قد أعدموا خارج نطاق القضاء. وبين هؤلاء، بحسب ما ورد، التالية أسماؤهم:
    - محمد آدم موسى (قيل إنه أصيب بكسر في ساقه)
    - أباكر تيكّي جاموس
    - مصطفى التوم هاري
    - صالح عمر شيخ الدين
    - إبراهيم خاطر عرجى
    - الدمارجا حامد
    - حامد بِجّه أمبيدّه
    - الصادق علي عبد الله
    - محمد جِدّو كركور
    - عبد الماجد حامد
    - إبراهيم جابر موسى
    - يعقوب يونس حار
    - أحمد عيسى نهار
    - إبراهيم أحمد اسماعيل
    - عبد الرحمن شريف علي
    - سليمان إسماعيل عمر
    - خاطر إسماعيل عبد الله
    - توكار أحمد يعقوب
    - يحيى بشير بوش
    - عمر موسى إبراهيم
    - أحمد يعقوب محمد
    - حسن باقيره عَربا
    - بشير على عقيد
    - مختار إسحق صالح
    - موسى [إسم العائلة غير معروف].








                  

04-15-2004, 11:50 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: nadus2000)

    2.2 انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي الجماعات السياسية المسلحة
    1.2.2 أعمال القتل والسلب غير القانونية التي تم الإبلاغ عنها
    أوردت شبكة المعلومات التابعة للأمم المتحدة (IRIN ) في 30 يوليو/تموز، نقلاً عن مصادر إنسانية أن: "متمردي جيش تحرير السودان هاجموا القرى وسلبوها بشكل منظم، حيث استولوا على الأغذية، وقاموا، في بعض الأحيان، بقتل أشخاص. ففي 19 يوليو/تموز، هاجموا بلدة طويله، التي تبعد 60 كيلومتراً عن الفاشر، فقتلوا شرطيين ومدنيين [..] وهاجم مغيرون مسلحون غير معروفين بنكاً للحبوب ووحدة صحية وسوقاً محلية في قرية مادو في منطقة صياح، حيث قاموا بنهب الأغذية والأثاث والأدوية، [..]" (14).

    وفي 2 يناير/كانون الثاني 2004، بحسب الشبكة المذكورة، "هاجمت المعارضة المسلحة، وفقاً لما ورد، قرية شارايا في دارفور الجنوبي، حيث قتلت ما بين أربعة وستة من الشرطة والجنود، وقامت بنهب سوق محلي". وعُزي إلى محافظ دارفور الغربي قوله إنه "لم تكن هناك قوات من الجيش في الجوار، وأن العدد القليل من رجال الشرطة والأمن أخذوا على حين غره ولم يكونوا مستعدين لمثل هذا الاشتباك مع مثل هذه العصابة الكبيرة من الخارجين على القانون المسلحين تسليحاً جيداً" (15).

    ولم تتلق منظمة العفو الدولية سوى النـزر اليسير من المعلومات المتعتلقة بقتل المدنيين على أيدي المعارضة المسلحة المتمثلة بجيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة. وربما يعود ذلك إلى أن مثل هذه الأعمال لم تحدث على نطاق واسع، أو بسبب عدم التقاء المنظمة بمثل هؤلاء الضحايا، أو لأن المدنيين لا يذكرون إلا الانتهاكات التي ترتكب على أيدي من يرون فيهم أنهم معتدون. وقد طلبت منظمة العفو الدولية من السلطات السودانية أن تزودها بمعلومات بخصوص الانتهاكات التي ارتكبتها المعارضة المسلحة، بما في ذلك ضد أي جنود حكوميين أسروا وأطلق سراحهم في ما بعد، إلا أنها لم تتلق رداً يتضمن أمثلة محددة على الانتهاكات. غير أن جماعات المعارضة المسلحة قد عرَّضت حياة المدنيين للخطر في بعض الحالات، على ما بدا. فإثر سيطرتها على بعض البلدات أو القرى، لم تتخذ هذه الجماعات، بحسب ما هو واضح، الإجراءات الوقائية الأساسية للحد من آثار الهجمات على المدنيين من جانب الحكومة والقوات الحليفة لها. وتشمل مثل هذه الإجراءات التأكد من عدم وضع الأهداف العسكرية قريباً من المناطق ذات الكثافة السكانية. بيد أن مثل هذا التقصير البادي للعيان من جانب المعارضة المسلحة لا يغير أو يبدل بأي صورة من الصور من واجب الحكومة والقوات الحليفة لها بأن لا تشن هجمات مباشرة وعشوائية وغير متناسبة ضد السكان المدنيين أو ضد أهداف مدنية. فتينه وكورنوي قد تعرضتا على نحو متكرر للقصف من قبل سلاح الجو السوداني أثناء وجود المدنيين فيهما عندما وقعتا تحت سيطرة المعارضة المسلحة. كما تعرضت كوتوم أيضاً للقصف الشديد في نهاية يوليو/تموز وفي أغسطس/آب. وعندما انسحب جيش تحرير السودان من كوتوم في 3 أغسطس/آب، ادعى بأنه يغادرها حتى لا يُقصف المدنيون من قبل الحكومة السودانية. وبعد يومين من ذلك، هاجم الجانجاويد كوتوم وقاموا بقتل الناس عن سابق ترصد.

    2.2.2 الاعتقال والاحتجاز من جانب المعارضة المسلحة
    سعت منظمة العفو الدولية إلى الحصول على معلومات من السلطات السودانية بشأن عدد الجنود الحكوميين الذي تم احتجازهم وإطلاق سراحهم في ما بعد من قبل المعارضة المسلحة، وبشأن المعاملة التي تلقاها هؤلاء أثناء الاحتجاز لدى جيش تحرير السودان. بيد أن الحكومة السودانية لم تزود المنظمة بأي معلومات تتعلق بهذه الأمور.

    وقد تلقت منظمة العفو الدولية معلومات بأن ستة أشخاص (16) قد اعتقلوا وتعرضوا للتعذيب على أيدي حركة العدالة والمساواة. ففي 18 سبتمبر/أيلول، حاصر أعضاء مسلحون في حركة العدالة والمساواة بيتاً في جرجيره، إلى الجنوب من تينه، بدارفور الشمالي، يقيم فيه ستة أشخاص. وضُرب أحد هؤلاء على رأسه بأعقاب البنادق، بينما قُيِّد الآخرون بالسلاسل. وضربوا جميعاً على رؤوسهم وأجسامهم. ثم قام أعضاء حركة العدالة والمساواة، بحسب ما ذكر، بصب مزيج من الحامض والشطة والنفط في فم وأنف وأذن اثنين منهم. ونقل الرجال الستة بعد ذلك إلى مكان في الأحراش حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول. وبحسب ما ورد، تساقط شعر الرجلين اللذين عُذِّبا، كما تقيأ الاثنان دماً وفقدا بصرهما جزئياً نتيجة للتعذيب. وتمكن الأربعة الآخرون من الفرار أثناء القتال حول كولبوس. وأبلغ ممثلون عن حركة العدالة والمساواة منظمة العفو الدولية في ديسمبر/كانون الأول أن هؤلاء الرجال سجنوا لأنهم كانوا "عملاء للحكومة"، غير أنهم نفوا معرفتهم بأنهم قد تعرضوا للتعذيب. وفي ديسمبر/كانون الأول، أطلق سراح "السجينين" المتبقيين بعد إعطائهم الأدوية.

    3. مسؤولية السلطات السودانية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في دارفور
    تشير شهادات اللاجئين السودانيين العديدة والمتسقة في دارفور، وكذلك معلومات أخرى جمعتها منظمة العفو بشأن حالة حقوق الإنسان في الإقليم، إلى مسؤولية الحكومة السودانية الواضحة عن الهجمات المميتة ضد المدنيين. إذ إن سلاح الجو السوداني هو الذي كان يتولى عمليات القصف الجوي ضد المدنيين والأهداف المدنية. وزيادة على ذلك، ذكر العديد من شهود العيان على الهجمات البرية ضد القرى في دارفور من دون لبس أنها كانت تتم بوجود عناصر من الجيش السوداني ومن الجانجاويد وبتنسيق مشترك بينهما. وتحمِّل منظمة العفو الدولية الحكومة السودانية المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها القوات المسلحة والمليشيا المسلحة الحليفة لها في دارفور.

    وعلى الرغم من إنكار بعض المسؤولين الحكوميين لوجود أي روابط بين الحكومة والجانجاويد، فإن هناك كماً هائلاً من المعلومات التي تظهر أن عناصر معينة من الجيش السوداني في دارفور، على الأقل، تتواطأ مع الجانجاويد في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ويعتقد كثيرون من الذين تعرضوا للهجوم في دارفور أن السلطات السودانية تستعمل الجانجاويد كقوة "وكيلة" عنها في استراتيجيتها لمكافحة التمرد في دارفور. ويعتبر القانون الدولي الأطراف المتورطة في نزاع ما مسؤولة عن الانتهاكات التي ترتكبها القوات غير النظامية العاملة "تحت إمرتها العامة".

    وزيادة على ذلك، فإن الحكومة السودانية لم تقم بإدانة الانتهاكات العديدة والجسيمة التي ارتكبت في دارفور وقام نشطاء المجتمع المدني المحليون وقادة المجتمعات المحلية والصحفيون والمنظمات غير الحكومية بالإبلاغ عنها، كما أنها لم تفتح أي تحقيقات شفافة وغير متحيزة بشأنها. ومنظمة العفو الدولية تعتقد أن الحكومة السودانية متواطئة، بصمتها، مع مرتكبي الانتهاكات، أو أنها تشجع بذلك على وقوع مزيد من الانتهاكات. وتعتبر الحصانة من العقاب التي كانت ترافق تصرفات مليشيا الجانجاويد في دارفور علامة أخرى على عدم رغبة الحكومة في أن تتحمل مسؤولياتها عن أزمة حقوق الإنسان في دارفور.

    وتعتقد منظمة العفو الدولية أن هناك أدلة واضحة على التعاون بين الجانجاويد والقوات الحكومية؛ فإما أن تتوقف الحكومة عن تقديم الدعم إلى الجانجاويد، أو تنشئ تسلسلاً للقيادة والسيطرة عليها ولمحاسبتها على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي قامت بارتكابها. وفي كلتا الحالتين، فإنه ينبغي على الحكومة اتخاذ الخطوات المناسبة بشأن جميع ما تم الإبلاغ عنه من انتهاكات لقانون حقوق الإنسان أو القانون الإنساني، سواء أكان مرتكبوها من الجانجاويد أم من مليشيات أخرى حليفة لها، أم من القوات التابعة للحكومة، أو كان هؤلاء من التابعين لقوات مختلفة وقاموا بانتهاكاتهم بالتعاون في ما بينهم. وينبغي أن يتم التحقيق في مثل هذه التقارير جميعاً، على نحو سريع ومستقل، وأن يقدم الجناة إلى العدالة.

    1.3 عمليات القصف والهجمات التي شنتها القوات المسلحة الحكومية
    طائرات الأنتونوف والمروحيات ملك للجيش السوداني. وقد أوردت منظمة العفو الدولية في هذه الوثيقة العديد من الأمثلة على القصف العشوائي أو المباشر للمدنيين. وهناك العديد من حالات القصف الأخرى التي لم ترد في هذا التقرير، ولكن تم الإبلاغ عنها من جانب مراقبين مختلفين أو هيئات للمجتمع المدني تتابع الأوضاع في دارفور. ويستحق كل من هذه الحالات فتح تحقيق واف ومستقل وغير متحيز بشأنه، بحيث ينتهي إلى تحديد من ارتكبوا انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي، أو أمروا بارتكاب مثل هذه الانتهاكات، ومحاسبتهم على ذلك.

    وما يرسِّخ القناعة بضرورة ذلك أكثر فأكثر، الشهادات المتسقة لأعداد لا تحصى من المدنيين الذين تعرضوا للهجمات، في أجزاء مختلفة من دارفور، على أيدي الجانجاويد وعناصر من الجيش السوداني. ففي الحد الأدنى، ينبغي على الحكومة السودانية التحقيق في هذه المزاعم الخطيرة. فارتكاب الجنود مثل هذه الجرائم يشكل انتهاكاً للقانون الوطني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان. إن التواطؤ ما بين بعض الجنود وبين مليشيا "غير نظامية" إنما يشير إلى وجود استراتيجية عسكرية تهدف إلى ترحيل جزء من السكان ممن يُرى أنهم يتعاطفون مع المعارضة المسلحة عن طريق القوة. ويتعين على الحكومة السودانية أن تفسر للسودانيين في دارفور، وللمجتمع الدولي، ما تم الإبلاغ عنه من وجود أفراد من جيشها هي نفسها في الهجمات ضد القرى، واشتراكهم في هذه الهجمات.

    2.3 معلومات تظهر الصلات بين الجانجاويد أو المليشيا "العربية" وبين الحكومة
    كما قيل في ما سبق، فإن الصراع أخذ ينحو منحى عرقياً، على ما يبدو. وتدعي الجماعات السياسية المسلحة أن "السود" يتعرضون للتمييز ضدهم من جانب الحكومة. ويظهر الكلام الطنان الذي يستخدمه الجانجاويد، كما ينقله المدنيون الذين هوجموا من قبلهم، أن هؤلاء يعتقدون أنهم يقومون بدور قوات مسلحة لمكافحة التمرد في صراع دارفور. وتظهر عباراتهم أنهم واثقون من دعم الحكومة لأفعالهم.

    فقد نقل مزارع لاجئ من قرية كيشكيش إلى مبعوثي منظمة العفو الدولية الكلمات التي استخدمتها المليشيا معه على النحو التالي: "أنت أسود وأنتم خصوم. أنتم عبيدنا، وإقليم دارفور في أيدينا وأنتم رعاة مواشينا". وقالوا أيضاً، بحسب ما ذُكر: "أنتم عبيد، وسوف نقتلكم. أنتم كالتراب، وسندوسكم". وأُبلغ مدني آخر تعرض للهجوم، بحسب ما قيل، ما يلي: "أنتم في الحقول، والباقون من أجل خيولنا. الحكومة على يميننا، وأنتم على يسارنا. ولا تملكون شيئاً لأنفسكم".

    وأكد مدني من جفال هذا الواقع عندما أُبلغ من قبل الجانجاويد، بحسب ما ذكر، ما يلي: "أنتم معارضو النظام، ويجب أن نسحقكم. ونظراً لأنكم سود، فأنتم كالعبيد. وسيكون إقليم دارفور بأكمله بعد ذلك بأيدينا. والحكومة تقف إلى جانبنا. طائرة الحكومة إلى جانبنا لتعطينا الذخيرة والطعام".

    وتظهر معلومات أخرى قدمها ضحايا للنـزاع أن الأعمال العسكرية للجانجاويد عالية التنظيم، وكانت في أحيان عديدة منسقة مع عناصر من جيش الحكومة السودانية. وأبلغ عدة أشخاص من القرية نفسها مبعوثي منظمة العفو الدولية ما يلي:
    "زعيم العرب... يقدم الأفراد غير النظاميين إلى الجيش... والقائد الأعلى للجانجاويد ... يتخذ من الجنينه مقراً له. وهناك معسكر يدعى غويديرا يدربون فيه الأشخاص. وهذا ليس سراً. فهؤلاء يتم تنظيمهم في الجنينه، وتنقلهم الطائرات بعد ذلك إلى هذا المعسكر".

    وأوضح قروي من ميرامتا، القريبة من الجنينه، قائلاً: "هنا لا نتعرض للقصف من قبل الطائرة. فهي تمد الجانجاويد بالذخائر والأسلحة والغذاء. ولديهم معسكرات يلتقون فيها: إويديرا وديدينجيتا، وهما على بعد نحو 25 كيلومتراً عن القرية. مضى على قيام هذه المعسكرات 4 أشهر، وقبل ذلك لم يكن هناك شيء. وتأتي طائرات مروحية أيضاً لتموينهم".

    وقد أشارت عدة مصادر إلى وجود قادة الجانجاويد في الجنينه، عاصمة دارفور العربي. ولهم مكتب هناك، بحسب ما زعم، ويشاهدون وهم يسيرون في شوارع المدينة حاملين أسلحتهم. وبحسب ما زُعم، للجانجاويد اثنا عشر معسكراً في محيط المدينة نفسها، ما يحول دون فرار الأشخاص المهجرين من المناطق الريفية غير الآمنة واللجوء إلى المدينه.

    ووصف جميع ضحايا الهجمات الجانجاويد بأنهم جيدو التسليح والتجهيز. وفي معظمهم، يرتدون البزات العسكرية وكثيراً ما يرافقهم جنود يقودون مركبات عسكرية. ونوع الأسلحة التي وصفها اللاجئون هي: بنادق الكلاشينكوف ومدافع البازوكا، والبنادق العادية من طراز جي3 وفال البلجيكية. وتشعر منظمة العفو الدولية بالقلق حيال مستوى تسليح هذه القوات غير النظامية.

    بعد انهيار المفاوضات بشأن دارفور في تشاد، نقل عن الرئيس السوداني عمر البشير قوله على شاشة التلفزيون السوداني المملوك للدولة ما يلي: "سوف نستخدم الجيش والشرطة والمجاهدين والخيالة للتخلص من التمرد" (17). وأبلغ بعض ممثلي الحكومة السودانية منظمة العفو الدولية أن تعبير مجاهدين يشير إلى قوات الدفاع الشعبي، وهي قوة شبه عسكرية أنشئت من قبل الحكومة لتقاتل إلى جانب القوات الحكومية في الجنوب.

    وفي مناسبة أخرى، بدا وكأن مفوض المساعدات الإنسانية، الدكتور سلاف الدين، يؤكد أن الحكومة قد دعت الجماعات الإثنية في دارفور إلى دعم الحكومة في القتال ضد المتمردين. ونقل عنه قوله ما يلي: "البعض يقبلون على ذلك، بينما يمتنع آخرون. وهذا لا يعني أن الحكومة منحازة ضد جماعة بعينها" (1.

    3.3 امتناع السلطات عن إدانة الانتهاكات أو التحقيق فيها
    وفقاً لما توفر لمنظمة العفو الدولية من معلومات، فإن الحكومة لم تُدِن الهجمات ضد المدنيين والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبها جنودها أو سلاح الجو السوداني إبان النـزاع، إلا في ثلاث مناسبات. ويوحي صمت السلطات حيال الأعمال العدائية التي يرتكبها الجانجاويد بأن أفعالهم تلقى القبول لدى الحكومة، هذا إذا لم تكن تلقى التشجيع من جانبها. ويتعرض الأشخاص الذين يجهرون بمعارضتهم لانتهاكات حقوق الإنسان في دارفور للاعتقال، وللاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وللتعذيب. وقد أوقفت الصحف والصحفيون الذين نقلوا أخبار النشاط العسكري في دارفور عن النشر بينما أُخضع الصحفيون للاستجواب. ووصل مستوى القمع إلى حد لم يعد الناس معه يجرؤون على التصريح بآرائهم. وليس من شأن ما يترتب على ذلك من إفلات مرتكبي عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء وأعمال القتل غير القانونية وتقطيع الأطراف والتعذيب والاختطاف والاعتقالات التعسفية للمدنيين من العقاب سوى المساعدة على تأجيج المزيد من الأعمال العدائية في دارفور.

    ولم تعلن الحكومة سوى مرتين عن نيتها فتح تحقيقات في حالات بعينها من عمليات القتل.

    فقد أثار مستوى الأعمال العدائية التي ارتكبت في كوتوم، ولا سيما عمليات القتل بإجراءات موجزة واستهداف تجار معروفين بعمليات قتل من جانب الجانجاويد، السخط في السودان. ونقل راديو السودان عن محافظ دارفور الشمالي إنكاره لأي صلة بين الحكومة وبين الجانجاويد، حيث أعلن عن تشكيل لجنة للتقصي للتحقيق في الحادثة. وبحسب ما ذكر، ضمت لجنة التقصي هذه خمسة أعضاء. ومنظمة العفو الدولية ليست على اطلاع على إذا ما كانت هذه اللجنة قد تمكنت الالتقاء بضحايا الهجمات والشهود عليها دونما قيود. وعلى الرغم من مضي خمسة أشهر على ذلك، فإنه لم يتم الإعلان بعد عن نتائج التحقيقات أو عن توصيات هذه اللجنة.

    وفي هبيله، بدارفور الغربي، أدت عملية قصف جرت في أغسطس/آب 2003، بحسب ما ورد، إلى مقتل 26 شخصاً بينهم مدنيون وجنود حكوميون كانوا في حامية عسكرية قريبة. وفي 10 سبتمبر/أيلول، 2003، أعلن وزير الدفاع أن القصف تم بطريق الخطأ، وأن القتلى هم من الشهداء، وأمر بإنشاء لجنة من أعضاء عسكريين للتحقيق في الحادثة. ولدى منظمة العفو الدولية بواعث قلق بشأن امتناع الحكومة عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة. كما إن نتائج هذا التحقيق لم تعلن أبداً على الملأ.

    وأدان بيان أصدرته سفارة جمهورية السودان في المملكة المتحدة في 19 يناير/كانون الثاني 2004 الانتهاكات المرتكبة في دارفور. وجاء في البيان: "تهدد جماعات من الأشخاص المسلحين حياة المدنيين الأبرياء وحريتهم وممتلكاتهم، وقد تورطت هذه في عمليات سطو مسلح، وعمليات خطف واختطاف، ومارست القتل العشوائي على نطاق واسع ونشر الرعب وسط المدنيين من الرجال والنساء والأطفال.
      إن عصابات الجانجاويد شائنة الصيت هي أكثر هذه الجماعات سوءاً، وستقوم الحكومة بكل ما هو ضروري لفرض القانون والنظام في المناطق المتضررة من هذه الأنشطة". ومنظمة العفو الدولية تدعو الحكومة إلى الوفاء بالتزاماتها وواجباتها بمقتضى القانون الدولي، وإلى فتح تحقيقات فورية وشفافة ونزيهة في الانتهاكات التي ارتكبت على أيدي الجانجاويد، وعلى أيدي قواتها المسلحة، سواء بسواء.

      4. أزمة إنسانية تلوح في الأفق
      لا يقتصر عدد المدنيين المتضررين من النـزاع على من يقتلون أو يجرحون بسبب الهجمات. فالأشخاص الذين نجوا من الهجمات ولاذوا بالفرار يواجهون مزيداً من الانتهاكات لحقهم في الحماية الكافية وفي المساعدات الإنسانية.

      ويشكل مستوى انعدام الأمن في الإقليم، وبُعد المناطق في دارفور وتشاد التي لجأ إليها المدنيون، والقيود التي تفرضها الحكومة السودانية على المعونات والمساعدات عوامل تُفاقم من احتمالات اندلاع أزمة إنسانية في الإقليم. وبحسب آخر ما صدر عن الأمم المتحدة والهيئات الإنسانية من تقارير، فإن ما يربو على 1,100,000 من المدنيين من سكان دارفور قد تضرروا من الحرب.

      1.4 أوضاع اللاجئين السودانيين في تشاد
      1.1.4 استمرار انعدام الأمن لدى الباحثين عن ملاذ آمن
      تعرض المدنيون الفارون إلى تشاد لهجمات على الطرق. وقد واجه الأشخاص الذين عبروا الحدود ووجدوا ملجأً لهم في تشاد، ويقدر عددهم بـ 100,000 شخص، هجمات عبر الحدود شنتها المليشيا العربية السودانية. وتقوض هذه الهجمات على نحو خطير الاحترام للطبيعة المدنية والإنسانية الحصرية للجوء.

      وقد وصف مدنيون التقاهم مبعوثو منظمة العفو مدى الخطورة التي اتصفت بها رحلتهم إلى تشاد على النحو التالي:

      سرفه آدم، من باساو قالت:
      "كانت لدى أبناء أختي حيوانات؛ وأخذوا الحيوانات إلى تشاد لعبور الحدود. وكان العرب يعدون 300 من الخيالة. قاموا بمهاجمتهم. فقتلوا ثلاثة، وهم:
      أحمد سليمان، 30، وأخوه حسن سليمان، 20، وديلو إسماعيل، 30".

      عثمان يحيى كيتير، من غاراداي قال:
      "جاء بعضنا إلى هنا، وهرب أخرون إلى مدينة سيلايا في السودان. ذهبنا إلى القرية بعد الهجوم لنواري موتانا التراب وكان جميع الناجين قد فروا. واستغرقت الرحلة معنا إلى تشاد ثلاثة أيام. كنا نضطر إلى الاختباء أثناء النهار والسفر في الليل. وكان هناك جنود ومليشيا عرب على طول الطريق".

      ووقع بعض المدنيين الفارين إلى تشاد ضحايا لهجمات عبر الحدود من قبل الجانجاويد كانت تؤدي إلى قتل الأشخاص وسلب الماشية.

      وقال لاجئون في كولكول، القريبة من أدري، لموفدي منظمة العفو الدولية ما يلي: "هاجمنا العرب في السودان وأخذوا ماشيتنا. ثم لحقوا بنا هنا إلى تشاد أيضاً، وأخذوا 442 بقرة وقتلوا امرأة. واسمها عائشة إدريس".

      وقد أبلغت مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين عن وقوع عدة هجمات عبر الحدود من النوع نفسه (19).

      وزيادة على ذلك، قام سلاح الجو السوداني في 29 يناير/كانون الثاني 2004، بحسب ما ذُكر، بقصف تينه الواقعة على الحدود مع تشاد. وجاء أن القنابل سقطت على الجانب التشادي من الحدود، ما أدى إلى مقتل مدنييْن اثنين وجرح ما لا يقل عن عشرة آخرين، وكلهم من اللاجئين.

      2.1.4 ظروف إنسانية حرجة للاجئين السودانيين في تشاد
      بينما يصر اللاجئون السودانيون في تشاد على أنهم أوفر حظاً من أقرانهم الذين بقوا في السودان، إلا أنهم يواجهون أوضاعاً صعبة في تشاد. فشرقي تشاد منطقة نائية ومعزولة ومبتلاة بالجفاف ولا تتوفر فيها بنية تحتية تذكر، ناهيك عن الحضور المحدود فيها لهيئات المعونات. وقد تعذر الوصول إلى بعض اللاجئين الذين وصلوا إلى تشاد منذ أبريل/ نيسان أو مايو/أيار 2003 حتى نهاية شهر أغسطس/آب بسبب موسم المطر. فمع امتلاء الوديان بمياة المطر، غدت بلدات تشادية من مثل تينه وبيراك وأدري مقطوعة عن باقي البلاد.

      ومع أن اللاجئين قوبلوا بالترحاب من قبل السكان المحليين، الذين شاركوهم وسائل عيشهم المحدودة لأكثر من سبعة أشهر في وقت كتابة هذا التقرير، إلا أن معظم هؤلاء ما زالوا يعيشون في ضنك وظروف حرجة. وقد زار مبعوثو منظمة العفو الدولية ثمانية مواقع يعيش فيها اللاجئون هي: تينه 1، وتينه 2، وبيراك، وأدري، وبيركينغي، وناكولوتا، وكولكول، وأغان. وفي تينه 1، كان اللاجئون يعيشون في أكواخ مصنوعة من أنواع القماش والعصي المتوافرة في المنطقة. وفي مواقع أخرى، كانوا يأوون إلى ملاجئ هشة مصنوعة من الأغصان اليابسة التي تمكنوا من العثور عليها في المنطقة شبه الصحراوية.

      وفي الوقت الذي كانت بعثة منظمة العفو الدولية الميدانية تقوم بزيارتها للمنطقة في نوفمبر/تشرين الثاني، كانت المفوضية العليا للاجئين توزع مواد الإغاثة على تجمعات اللاجئين الأكثر تضرراً وتلك التي يمكن الوصول إليها من الناحية الجغرافية. وعانى الكثيرون الجوع والعطش. ورأى مبعوثو منظمة العفو الدولية كيف كان اللاجئون يحفرون حفراً عميقة في الرمال للعثور على الماء، الذي كان مليئاً الطين. ووصل العديد من اللاجئين إلى تشاد وهم لا يملكون سوى الملابس التي فروا وهم يرتدونها. وتعني ظروف الطقس المتقلبة أن الناس يعانون من الحر أثناء النهار ومن البرد أثناء الليل. وزيادة على ذلك، فقد انتقل اللاجئون إلى أماكن ليس فيها مراحيض أو أية مرافق صحية. ويزيد تخلف البنية التحتية الطبية في المناطق الحدودية من تشاد من تعقيد الأوضاع، على الرغم من إقامة المراكز والمرافق من قبل منظمة أطباء بلا حدود للمساعدة. وفي ديسمبر/كانون الأول، وصل، بحسب ما ذكر، نحو 20,000 لاجئ جديد عبروا الحدود إلى تشاد. وفي 23 ديسمبر/كانون الثاني 2004، عبر الحدود أيضاً، بحسب ما ورد، 18,000 لاجئ آخر (20).

      وسلط العديد من اللاجئين الأضواء على الصعوبات التي واجهها أطفالهم، وأهمها غياب المرافق التعليمية.

      ففي تينه 2، أطلع اللاجئون موفدي منطمة العفو الدولية على كوخ قاموا ببنائه ليكون مدرسة للأطفال. وكانوا يشعرون بالقلق حيال غياب الأطفال عن المدرسة لشهور بسبب الصراع في دارفور. إلا أنهم ذكروا أن السلطات المحلية كانت تتردد في تقديم المساعدة لهم في تعليم أطفالهم، ومن الواضح أن ذلك يعود إلى أن نظامي التعليم في السودان وتشاد مختلفان بدرجة كبيرة. وفي المخيمات المحيطة بأدري، أثار الآباء والطلاب ممن فروا إلى تشاد أيضاً بواعث قلق بشأن غياب المرافق التعليمية. وشددوا جميعاً على أنهم يرون في توفير التعليم للأطفال والتلاميذ إحدى أولوياتهم.

      وقد واجهت جهود الإغاثة التي قامت بها المفوضية العليا للاجئين عراقيل ناجمة عن تخلف البنية التحتية، وعن العدد الهائل للاجئين. وفي منتصف يناير/كانون الثاني 2004، باشرت الوكالة بإعادة إسكان اللاجئين السودانين في أماكن

      بعيدة بقدر كاف عن الحدود غير الآمنة، وفقاً لمعايير القانون الدولي للاجئين (21)، إلى جانب تنظيم عملية لتسجيل الأفراد بشكل سليم. وقد أقيم مخيمان، هما فارتشانا، على مسافة 55 كيلومتراً عن بلدة أدري الحدودية، بقدرة استيعابية تقدر بنحو 10 إلى 12,000 لاجئ؛ وسارانه، في منطقة إريبا، شمال تينه، وبقدرة استيعابية تصل إلى 20,000 شخص؛ وكونونغو، بالقرب من غويريدا، وبقدرة استيعابية تصل إلى 8,000 شخص (22). وينبغي تحديد مواقع أخرى وتجهيزها لاستضافة ما يربو على 100,000 لاجئ، وتوفير الحماية والمساعدات الكافية لمن وصلوا في الأيام القليلة الماضية.

      إن عملية ترحيل اللاجئين وإعادة إسكانهم في مواقع تبعد 50 كيلومتراً عن الحدود أمر ضروري للغاية لأمنهم. وتعتقد منظمة العفو الدولية أنه يتعين على المجتمع الدولي القيام بجهد عاجل وجماعي لاستكمال عملية إعادة إسكان جميع اللاجئين قبل بدء الموسم الماطر المقبل في مايو/أيار 2004. وما يجري الحديث عنه من صعوبة في إيجاد الأماكن التي يتوفر فيها الماء في تشاد، ومن صعوبات لوجستية بسبب بعد المنطقة، والتدفق المستمر للاجئين وأعدادهم الهائلة، ينبغي التغلب عليه لإنقاذ المزيد من الأرواح.

      2.4 حرمان المهجرين في دارفور من الحماية والمساعدات
      داخل إقليم دارفور نفسه، نزح مئات الآلاف من المهجرين على شكل جماعات إلى المدن والبلدات ذات القدرة المحدودة على استيعاب تدفق الأشخاص الجدد، أو سعوا إلى العثور على ملاذ في الغابات أو في مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة. وباستثناء بعض التقديرات التي قامت بها هيئات المعونة للمناطق الريفية أو في المدن الواقعة في دارفور الشمالي، التي ذكر أنها كانت تحت سيطرة المعارضة المسلحة أثناء وقف إطلاق النار في الإقليم، فإن المهجرين لم يتلقوا أية مساعدات.

      وقد تعرض من حاولوا إيجاد مأوى لهم في مدن دارفور للطرد في بعض الأوقات من جانب القوات الحكومية أو أجبروا على العودة إلى قراهم. وقد تلقت منظمة العفو الدولية تقارير ذات مصداقية ومتواترة بأن المهجرين داخل دارفور قد تعرضوا للمضايقة وحرموا من الحماية من جانب الجيش السوداني والجانجاويد والسلطات المحلية.

      فقد فر من بلدة كابكابايا بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2003 العشرات من المدنيين. وزعمت أنباء أن 300 قرية في المنطقة كانت قد تعرضت للهجمات أو سُوِّيت بالأرض بعد إحراقها. وكان العديد من المهجرين يعيشون، بحسب ما ذكر، في العراء أو في المدرسة المحلية في كابكابايا، ودون أن يتلقوا أية مساعدات إنسانية أو القليل منها. وعلى سبيل المثل، كان المئات قد فروا في 25 يوليو/تموز عقب هجوم شنه أفراد مليشيا يرتدون البزات العسكرية الحكومية على شوبا، وهي قرية يقطنها الفور وتبعد مسافة 7 كيلومترات إلى الجنوب من كابكابايا، وقتل فيه ما لا يقل عن 51 من سكان القرية بينهم العديد من المسنين. ومُنع هؤلاء ليومين من العودة إلى شوبا لمساعدة الجرحى ودفن موتاهم، بحسب ما ذكر، وذلك من قبل حاجز طرق أقامه الجنود الحكوميون. وفي ديسمبر/كانون الأول 2003، تعرضت مخيمات الأشخاص المهجرين داخلياً، ، بحسب ما ورد، لهجمات من قبل الجانجاويد.

      وفر آلاف المدنيين من كوتوم في مطلع أغسطس/آب 2003 ولجأوا إلى القرى المحيطة أو إلى أماكن غير معروفة، أو حاولوا الوصول إلى الفاشر، عاصمة دارفور الشمالي، الواقعة على مسافة 80 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من بلدتهم. ومع أنه يقال إن قليلين منهم وصلوا الفاشر، إلا أن معظمهم اضطروا إلى البقاء في كافوت، وهي قرية تقع في منتصف الطريق بين البلدتين، بسبب منع الجيش السوداني للجوء المزيد من المدنيين إلى الفاشر. وبحسب ما ذكر، ظل المدنيون يعيشون تحت الأشجار، من دون سبيل للعيش، وكانوا بحاجة ماسة إلى الغذاء والمأوى والملبس، إلى أن سمح محافظ دارفور الشمالي بإجراء تقييم أولي لظروفهم.

      وما بين نهاية سبتمبر/أيلول وبداية أكتوبر/تشرين الأول 2003، تعرض نحو 24 قرية في محيط نيالا يسكنها الداجو، بحسب ما ذكر، للهجمات والإحراق. وقد أعطيت منظمة العفو الدولية أسماء ما لا يقل عن 42 شخصاً قتلوا و20 آخرين جرحوا في هذه الهجمات. وقيل إن 3,000 شخص فروا إلى أماكن أقرب إلى بلدة نيالا في مواقع تدعى ديرايج والنيل. واشترطت السلطات المحلية عليهم حتى يحصلوا على المعونات، بحسب ما زعم، أن يعودوا إلى قراهم، مع أن هذه كانت قد أحرقت وأنها تقع في مناطق غير آمنة ومعرضة للهجمات.

      وتلقت منظمة العفو الدولية مزاعم أيضاً بأن أشخاصاً هجِّروا من قرى تعرضت للهجوم في محيط كاتوم قد أجبروا من قبل السلطات المحلية على الادعاء بأنهم يسكنون في بيوت أشخاص فروا من بلدة كوتوم في وقت زيارة للبلدة من قبل مسؤول في وكالة الولايات المتحدة للمعونة الدولية في أكتوبر/تشرين الأول 2003.

      وتعرضت جهود هيئات المعونة للوصول إلى المهجرين في دارفور للعرقلة إما بسبب غياب الأمن أو نتيجة للقيود التي تفرضها الحكومة.

      فبحسب ما ورد، لاقى تسعة عمال سودانيين كانوا ينقلون معونات غذائية في سيارة شحن حتفهم في أكتوبر/ تشرين الأول إثر تعرضهم لهجوم قامت به جماعة مسلحة لم يتم تحديد هويتها (23).

      واختُطف أربعة سودانيين يعملون لدى منظمة "ميدأير"، وهي منظمة دولية للإغاثة، ومسؤول حكومي حوالي يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني أثناء قيامهم، بحسب ما ذكر، بتوزيع حصص مساعدات على أشخاص مهجرين حول سيلايا وكولبوس، في دارفور الغربي. وسلِّم هؤلاء إلى السلطات المحلية في تشاد من قبل حركة العدالة والمساواة المعارِضة المسلحة.

      وقالت حركة العدالة والمساواة إنها قد "أنقذت" أفراد المجموعة، الذين اختطفوا في البدء من قبل مليشيا مسلحة أو قطاع الطرق (24).

      وقد أوردت وسائل الإعلام تقارير تفيد بأنه على الرغم من وعود الحكومة بالسماح للوكالات الإنسانية بالوصول إلى المنطقة، غير أن هذه لم تستطع الحصول على أذون سفر للذهاب إليها (25).

      إن تمكين منظمات المعونة من الوصول إلى الأشخاص المهجرين داخلياً من دون عوائق وعلى نحو آمن أمر حاسم في تلافي وقوع أزمة إنسانية. ومع انهيار محادثات وقف إطلاق النار في ديسمبر/كانون الأول وتجدد القتال على نطاق واسع، غادرت وكالات الأمم المتحدة للإغاثة الجنينه، عاصمة دارفور الغربي. وفرضت السلطات السودانية حظر التجوال على الجنينه ونيالا.

      وفي 2 يناير/كانون الثاني، تعرض للهجوم من جانب الجانجاويد وجنود حكوميين، بحسب ما زعم، عدة آلاف من الأشخاص المهجرين داخلياً ممن يعيشون في محيط بلدة مورناي. وغادر المهجرون مورناي إلى الجنينه، التي تبعد عنها نحو 85 كيلومتراً، بحسب ما ذكر. كما تعرضت قرى وبلدات أخرى في منطقة الجنينه لهجمات في الفترة نفسها، بحسب ما ورد، بما في ذلك ميستيرو وبيدا وهبيلة. وذكر أن الجنينه نفسها محاطة بالنقاط العسكرية، وبحسب ما زعم، فإنه لا يسمح للمهجرين الجدد بدخول المدينة.

      وفي 15 يناير/كانون الثاني، قامت السلطات المحلية في نيالا، بحسب ما ذكر، بإغلاق المخيمات التي كان يعيش فيها الأشخاص المهجرون داخلياً نتيجة للنـزاع في محيط البلدة، وذلك إثر محاولة لإجبارهم قسراً على الانتقال إلى مخيمات جديدة تبعد نحو 20 كيلومتراً عن البلدة (26). وورد أن هذه المخيمات الجديدة تقع في مناطق غير آمنة بسبب القتال الدائر، وهذا هو السبب وراء عدم رغبة المهجرين في أن ينتقلوا إليها، خشية على سلامتهم. وزيادة على ذلك، فإن الوصول إلى المخيمات الجديدة من جانب هيئات المساعدات الموجودة في نيالا أكثر صعوبة، كما أنها تفتقر إلى مرافق المياه والغذاء والمأوى والمراحيض بصورة تجعلها غير صالحة لاستقبال البشر. إن ترحيل الأشخاص المهجرين لإعادة إسكانهم في مواقع جديدة قسراً يتعارض مع أحكام القانون الإنساني الدولي.

      ومنظمة الأمم المتحدة تدعو إلى عقد اتفاق إنساني لوقف إطلاق النار في دارفور، الأمر الذي يمكن أن يوفر الحماية للعاملين الإنسانيين ويمكِّنهم من إيصال المعونات إلى ضحايا الصراع، الذين يحتاجون إليها بصورة ماسة.

      5. قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي
      يعتبر القانون الدولي لحقوق الإنسان عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء وغيرها من أشكال القتل غير القانونية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وقد صادق السودان على العديد من المعاهدات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (الميثاق الأفريقي)، اللذين يكفلان الحق في الحياة ويحرمان القتل غير القانوني والتعذيب وإساءة المعاملة. فطبقاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن هذه الحقوق لا يجوز إبطالها، ويجب حمايتها على الدوام. ولا يجوز لحكومة ما التذرع بأي ظروف استثنائية مهما كانت، سواء أكانت هذه حالة حرب أم حالة طوارئ، لتبرير انتهاكها لهذه الحقوق. وبالمثل، فإن الميثاق الأفريقي لا يسمح للدول بالتنصل من التزاماتها بموجب الاتفاقية حتى في حالات الطوارئ.

      ويحكم القانون الإنساني الدولي، الذي يتضمن اتفاقيات جنيف لعام 1949، والسودان طرف فيها، سلوك الأطراف أثناء المنازعات العدائية وينص على ضمانات محددة لحماية المدنيين والأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية. وتنطبق أحكام المادة العامة 3 لاتفاقيات جنيف الأربع في "حالة قيام نـزاع مسلح ليس له طابع دولي"، كما تنطبق على "كل طرف في النـزاع". وتنص المادة على حماية الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال. وتتطلب المادة معاملة مثل هؤلاء الأشخاص معاملة إنسانية، وتحظر بشكل صريح "الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله"، وتنفيذ عمليات الإعدام من دون توفير ضمانات قضائية محددة. كما تحظر اتفاقيات جنيف تدمير الممتلكات المدنية ووسائل المعيشة.

      وينص القانون الدولي العرفي، بحسب ما شرّعته المادة 13 (2) من البروتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف (15)، بصورة عامة على أنه يتعين للسكان المدنيين، وكذلك للمدنيين الأفراد، التمتع بالحماية ضد الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية. ويحظر البروتوكول جعل المدنيين، بصفتهم هذه، هدفاً لهجمات مباشرة، أو لأعمال عنف أو لتهديدات بها؛ الغرض الأساسي منها نشر الرعب بين السكان المدنيين. وبالإضافة إلى ذلك، توفر المادة 13، استدلالاً، الحماية للمدنيين من الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة (16). ويفقد الشخص وضعه كمدني فقط عندما يشترك مباشرة في الأعمال العدائية، وليس فحسب على أساس الدعم أو الانتماء.

      وينص قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على قائمة بجرائم حرب تشملها ولايته القضائية (عندما ترتكب في سياق المنازعات المسلحة الداخلية). وتتضمن جرائم الحرب هذه، بين جملة جرائم: القتل العمد بكل أنواعه، وبتر الأطراف، والمعاملة القاسية، والتعذيب، واحتجاز الرهائن، عندما ترتكب ضد أشخاص لا يشتركون مباشرة في المنازعات، وتوجيه الهجمات عن عمد ضد سكان مدنيين أو أهداف مدنية. وإضافة إلى ذلك، فهو يحدد كجرائم حرب "شن هجوم متعمد من المعروف مسبقاً أنه سوف يسبب خسارة عرضية للأرواح، أو إصابات بين المدنيين، أو يلحق أضراراً بأهداف مدنية، أو أضراراً بالغة وطويلة الأجل بالبيئة الطبيعية، بما يجعله مفرطاً على نحو واضح بالقياس إلى المنافع العسكرية المباشرة العامة المنتظرة منه"، وكذلك "مهاجمة أو قصف مدن أو قرى أو أماكن سكنية أو مبان غير محمية، ولا تشكل أهدافاً عسكرية، بأية وسيلة من الوسائل". إن المجتمع الدولي قد أكد، عبر قانون روما الأساسي وآليات أخرى، على أنه يمكن مساءلة الأفراد مساءلة جنائية عن جرائم الحرب.

      وزيادة على ذلك، فقد اعتُرف الآن بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي يرتكبها المحاربون في سياق المنازعات المسلحة على أنها جرائم حرب، وأحدث صور هذا الاعتراف ما جاء به قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي وقعت الحكومة السودانية عليه في سبتمبر/أيلول 2000.

      وفي سياق الصراع في دارفور، يتعين على القوات السودانية وجماعات المعارضة المسلحة الاسترشاد بمعايير قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، على حد سواء. ويعني الالتزام بحماية المدنيين أيضاً أن جميع أطراف النـزاع ملزمون بضمان عدم إجبار هؤلاء على مغادرة ديارهم.

      إن الحكومة المسؤولة عن عمليات تهجير على نطاق واسع النطاق لمواطنيها، أو التي تتساهل في ذلك، تكون قد انتهكت التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، الذي يتطلب من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة "تعزيز الاحترام الشامل للحقوق الإنسانية والحريات الأساسية للجميع والتقيد بها" (المادتان 55 و56). وتشمل حقوق الأشخاص المهجرين المجموعة الكاملة من الحقوق المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتشير المعايير التي تحمي حرية التنقل في المادة 12(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والسودان دولة طرف فيه، إلى توفير الحماية العامة ضد التهجير.

      وعندما يُرتكب فعل التهجير القسري على أساس منهجي أو على نطاق واسع، أو، وكما أكدت المادة 7 من قانون روما الأساسي، عندما يرتكب هذا الفعل كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد أي سكان مدنيين، يغدو هذا التهجير جريمة ضد الإنسانية.

      ويظل الأشخاص المهجرون داخلياً يتمتعون بالحماية من قبل قوانين بلدهم نفسه، وتتحمل حكومة السودان المسؤولية الأولية عن مساعدتهم مهجريها وحمايتهم. وبموجب قانون حقوق الإنسان، الذي يظل ساري المفعول في جميع حالات التهجير الداخلي، فإن من حق المهجرين داخلياً التمتع، على قدم المساواة، بحقوق الإنسان الأساسية نفسها التي يتمتعون بها بموجب القانون الوطني والدولي، مثلهم مثل أي مواطن سوداني آخر.

      والمهجرون في السودان محميون أيضاً من جانب القانون الإنساني الدولي. فالمادة العامة 3 لاتفاقيات جنيف الأربع، هي حجر الأساس لحماية المدنيين، بمن فيهم المهجرون داخلياً، وتنطبق أيضاً على حالة المنازعات غير الدولية (27). وتحظر المادة أفعالاً محددة، بما فيها الاعتداء على الحياة أو السلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أنواعه، وبتر الأطراف، والمعاملة القاسية والتعذيب، وأخذ الرهائن، والمعاملة المذلة والمهينة، وعمليات الإعدام بإجراءات موجزة "في جميع الأوقات والأماكن"، وهذه ليست سوى بعض الأسس التي ينطبق عليها الحظر الذي تفرضه المادة. ومن المهم الإشارة إلى أن الأحكام الإلزامية للقواعد الدنيا للمادة العامة الثالثة تلزم صراحة طرفي النـزاع كليهما.

      وبالإضافة إلى الحظر المفروض على حكومة السودان بأن لا تقوم بترحيل الأشخاص بشكل تعسفي، ثمة التزامات أخرى أيضاً تنبثق عن القانون الإنساني بعدم إلحاق الأذى بالمدنيين، بمن فيهم الأشخاص المهجرون داخلياً.

      وتنص المادة 4 من البروتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف على ضمانات أساسية للمعاملة الإنسانية غير قابلة للإلغاء، وهي تنسحب على المهجرين داخلياً وعلى غيرهم من ضحايا الصراع الداخلي في السودان. وتحظر المادة على نحو مطلق عدداً من الانتهاكات التي تجمَّع كم وفير من الأدلة على وقوعها في هذا الصراع.

      إن السودان ملزم بموجب المعاهدات التي صدق عليها، وبمقتضى القانون العرفي، بحماية حقوق كل شخص موجود فوق أراضيها. وتورط القوات الحكومية المباشر في انتهاكات حقوق الإنسان لا يشكل فحسب امتناعاً عن الوفاء بهذه الالتزامات، وإنما أيضاً تجاهلاً تاماً للمعاهدات الدولية التي صادق عليها.

      6. خاتمة
      يخضع المدنيون في دارفور لمعاناة هائلة. وعندما سئلوا عن السبل التي يمكن أن تخفف من معاناتهم، جاء رد بعضهم على النحو التالي:
      "الصراع الآن بين الحكومة والمدنيين. ولكن الناس بسطاء، ولا يملكون شيئاً، وهم يقتلون دون أن يكون لديهم سلاح. والمشكلة أنه يطلب من الناس أن يتركوا كل شيء ويذهبوا. هناك كثرة من الأشخاص الذين يقتلون دونما سبب. إننا نطلب من الحكومة ومن جيش تحرير السودان أن يجدا حلاً آخر، بعيداُ عن محاربة الناس، ونحن بحاجة إلى التنمية".

      "قبل ذلك، كان هناك صراع بين المزارعين والرحَّل. ومع تزويد الحكومة العرب بالسلاح، فإن هؤلاء يرتكبون الأخطاء. ولا يمكن للسكان المحليين أن يرضوا عن ذلك. حتى الأطفال العرب يملكون السلاح. ونريد من المجتمع الدولي أن يرى ما يحدث في دارفور، ونريد العدالة للضحايا. إننا نحتاج إلى الحرية أيضاً، حرية التنقل، وحرية التفكير، وحرية التعبير".

      إن من غير الممكن مواصلة تجاهل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي أوردها هذا التقرير، وليس لها ما يبررها أو من يجد عذراً لها في سياق النـزاع المسلح. ويجب على الحكومة السودانية أن تعترف علناً بالمدى الذي اتسعت إليه أزمة حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية في دارفور، وأن تتخذ خطوات فورية لوضع حد لها. ويجب عليها أن لا تسمح للسودان بأن يغرق في حرب أهلية أخرى ترتكب فيها الأعمال العدائية ضد المدنيين، كما هو الحال في جنوب السودان. ويتعين عليها أن تظهر للمجتمع الدولي أن ما تعهدت به من التزام بالسلام وبحقوق الإنسان في محادثات السلام الخاصة بالسودان حقيقة واقعة.

      ويجب على قادة الجماعات السياسية المسلحة أيضاً اتخاذ كل خطوة ممكنة من أجل احترام الحقوق الإنسانية للمدنيين في دارفور، وأن يعلنوا على الملأ التزامهم باحترم القانون الإنساني الدولي في جميع الأوقات.

      7. توصيات
      إلى الحكومة السودانية

      أن تدين علناً جميع حوادث الانتهاكات الجسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها قواتها المسلحة والمليشيا الحليفة لها؛ وأن تنشئ تحقيقات مستقلة وغير متحيزة في الأنباء المتعلقة بمثل هذه الحالات؛
      أن تتخذ تدابير فورية لتوفير الحماية الكافية للمدنيين في دارفور ضد الهجمات المتعمدة والعشوائية؛
      أن تضمن للمنظمات الإنسانية دخولاً آمناً وغير مقيد إلى كافة أنحاء إقليم دارفور، والاتصال بجميع ضحايا الصراع، بمن فيهم الأشخاص المهجرون داخلياً؛
      أن توقف كل دعم وتزويد بالمواد التموينية لأية قوات مسلحة غير نظامية، بما فيها المليشيا العربية والجانجاويد، أو إقامة تسلسل إداري نظامي للسيطرة عليهما، بحيث تصدر إليهما توجيهات واضحة بأنه لن يتم التساهل مع انتهاكات قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وإخضاع هذه القوات للمساءلة عن الامتثال لهذه التوجيهات؛
      أن تسمح بإنشاء وحدة لمراقبة حقوق الإنسان ضمن أي قوة لمراقبة وقف إطلاق النار في الإقليم، بحيث يتاح لهذه الوحدة أن تحقق بحرية في ما يرتكب من هجمات ضد المدنيين؛
      أن توافق على تشكيل لجنة دولية للتقصي بشأن الأزمنة المركبة لحقوق الإنسان في دارفور، بحيث تنشر هذه اللجنة تقاريرها على الملأ وترفع توصياتها لضمان حماية حقوق الإنسان في الإقليم، طبقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي، وأن توضع هذه التوصيات موضع التطبيق الفوري؛
      أن تقدم المعلومات المتعلقة بجميع الأشخاص الذين اختطفهم الجانجاويد وجميع الأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الأمن السودانية تعسفاً بالعلاقة مع الصراع، وأن تيسِّر الحصول على مثل هذه المعلومات؛
      أن تضع حداً للاعتقالات التعسفية وعمليات الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وتطلق على الفور سراح الأشخاص المحتجزين لا لسبب إلا لتعبيرهم السلمي عن آرائهم؛
      أن توجه إلى السجناء السياسيين تهماً جنائية معروفة وتقدمهم للعدالة، وفقاً لجميع المعايير الدولية للنـزاهة ومن دون اللجوء إلى إصدار أحكام بالإعدام أو إلى فرض عقوبات قاسية أو لاإنسانية أو مهينة، أو تطلق سراحهم؛
      أن توقف عن العمل فوراً، وفي انتظار نتائج التحقيقات، أي منتسب للقوات المسلحة السودانية يشتبه بارتكابه انتهاكات لحقوق الإنسان أو بإصداره أوامر بارتكابها؛
      أن تحقق بشكل سريع وعلى نحو مستقل في جميع أنباء الانتهاكات لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في دارفور من قبل قواتها المسلحة أو الجانجاويد أو أي مليشيا أخرى حليفة للحكومة، وأن تقدم للمحاكمة أي مشبوه بارتكاب مثل هذه الانتهاكات على نحو يحترم المعايير الدولية للنـزاهة؛
      أن تنظِّم عملية تحقِّق الإنصاف الكامل، بما في ذلك التعويضات ورد الاعتبار وإعادة التأهيل والضمانات لعدم التكرار، لأهالي المدنيين الذي قتلوا بصورة غير قانونية أو اختفوا في سياق الصراع، ولضحايا التعذيب، بما فيه الاغتصاب، وغيره من ضروب انتهاكات حقوق الإنسان؛
      التصديق على البروتوكولين الأول والثاني الملحقين باتفاقيات جنيف لعام 1949، ووضعهما موضع التطبيق بلا تأخير.
      إلى الجماعات المسلحة في دارفور، بما فيها جيش تحرير السودان، وحركة العدالة والمساواة، والجانجاويد، والمليشيا "العربية"

      أن تعلن التزامها بأن تحترم في جميع الأوقات القانون الإنساني الدولي الملزم لجميع أطراف المنازعات المسلحة الداخلية، وأن تحترم أرواح المدنيين ومصادر عيشهم، وتتكفل بحمايتها، في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها؛
      أن تتأكد من أن مقاتليها لا يرتكبون انتهاكات للحقوق الإنسانية للمدنيين، وأن تبعد أي مقاتل يشتبه بارتكابه انتهاكات ضد المدنيين عن المواضع التي يمكن أن تتكرر فيها مثل هذه الانتهاكات؛
      أن تعلن التزامها بضمان الدخول الآمن وغير المقيد للمنظمات الإنسانية وللمراقبين الدوليين لحقوق الإنسان إلى جميع مناطق دارفور.
      إلى السلطات التشادية

      ضمان أمن اللاجئين السودانيين في مناطق حدودها مع السودان، بما في ذلك عن طريق زيادة الجهود من أجل إعادة إسكان جميع اللاجئين، بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين، في مناطق أكثر أمناً وبعيدة عن الحدود مع السودان قبل حلول الموسم الماطر في مايو/أيار 2004؛
      ضمان تمكين جميع اللاجئين السودان من دخول الأراضي التشادية، وعدم إجبار أي لاجئين سودانيين على العودة إلى مناطق يمكن أن يتعرضوا فيها لخطر انتهاك حقوقهم الإنسانية؛
      إيلاء اهتمام خاص للمجموعات المستضعفة ضمن تجمعات اللاجئين، مثل النساء والأطفال؛ وضمان توفير المشورة الطبية والنفسية لضحايا التعذيب، بما فيه الاغتصاب، وتلبية الاحتياجات التعليمية للأطفال اللاجئين؛
      الإدانة العلنية لأي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من قبل أي طرف في دارفور تبلغ مسامعها؛
      التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب ضد المدنيين ومعالجة الظروف الإنسانية لسكان دارفور باعتبار ذلك إحدى الأولويات في أية محادثات تجرى مع الحكومة السودانية أو مع جماعات المعارضة المسلحة في دارفور.
      إلى المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

      زيادة الجهود ، بالتعاون مع حكومة تشاد، من أجل إعادة إسكان جميع اللاجئين في مناطق أكثر أمناً وبعيدة عن الحدود التشادية مع السودان قبل حلول موسم المطر في مايو/أيار 2004؛
      الإسهام في ضمان أن يتمكن جميع اللاجئين السودانيين من الحصول على الحماية في تشاد، وأن لا يعادوا إلى مناطق يمكن أن يتعرضوا فيها لانتهاك حقوقهم الإنسانية؛
      إيلاء عناية خاصة للمجموعات المستضعفة ضمن تجمعات اللاجئين، مثل النساء والأطفال؛ وضمان توفير المشورة الطبية والنفسية لضحايا التعذيب، بما فيه الاغتصاب؛ وتلبية الاحتياجات التعليمية للأطفال اللاجئين.
      إلى الأمم المتحدة

      الضغط من أجل تمكين الوكالات الإنسانية للأمم المتحدة ومنظمات المعونة الأخرى من الوصول بلا عقبات إلى جميع المهجرين والمدنيين المتضررين من النـزاع في جميع مناطق دارفور؛
      الإدانة العلنية لأي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على أيدي أي طرف في دارفور تبلغ مسامعها، والإعراب عن بواعث القلق حيالها لأطراف الصراع؛
      ضمان أن تشكل حقوق الإنسان جزءاً محورياً من أية وساطة أو محادثات تهدف إلى تسوية النـزاع. وينبغي أن تتضمن مثل هذه الوساطة أو المحادثات معالجة ما وقع في الماضي من انتهاكات، وإنصاف الضحايا، وحماية حقوق الإنسان في المستقبل. ويجب أن تُضمَّن مثل هذه المحادثات سبلاً لمعالجة الأزمة الإنسانية في دارفور؛
      دعم إنشاء فريق لمراقبة حقوق الإنسان في دارفور، بحيث يكون قادراً على التحقيق بحرية في الهجمات ضد المدنيين التي يقوم بها أي طرف، ونشر نتائج تحقيقاته على الملأ؛
      دعم إنشاء لجنة تقص مستقلة ومحايدة للتحقيق في أوجه الأزمة المركبة لحقوق الإنسان في دارفور.
      إلى الوسطاء في محادثات السلام السودانية، بمن فيهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج وإيطاليا وكينيا والبلدان التي تقوم بدور جهات مانحة للسودان، مثل الاتحاد الأوروبي وكندا

      الإدانة العلنية لأي انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي من جانب إي طرف في دارفور تبلغ مسامعهم؛
      تشجيع جميع أطراف النـزاع في دارفور على وضع حد لانتهاكات قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني في الإقليم؛
      تشجيع جميع الأطراف في دارفور على الاتفاق على آلية لحماية المدنيين من انتهاكات حقوق الإنسان في الإقليم؛
      ضمان أن تشكل حقوق الإنسان جانباً محورياً من أية عملية وساطة أو محادثات تهدف إلى تسوية النـزاع. وينبغي لمثل هذه الوساطة أو المحادثات التصدي لما وقع من انتهاكات في الماضي، والنص على إنصاف الضحايا، وعلى حماية حقوق الإنسان في المستقبل. ويجب أن تُضمَّن مثل هذه المحادثات سبلاً لمعالجة الأزمة الإنسانية في دارفور.
      دعم إنشاء فريق لمراقبة حقوق الإنسان في دارفور، بحيث يكون قادراً على التحقيق بحرية في الهجمات التي يشنها أي طرف على المدنيين، وعلى نشر نتائج التحقيقات على الملأ؛
      دعم إنشاء لجنة تقص مستقلة ومحايدة للتحقيق في أوجه الأزمة المركبة لحقوق الإنسان في دارفور؛
      ضمان أن تتضمن أي اتفاقية لتسوية الحرب الأهلية في الجنوب ضمانات لحقوق الإنسان أيضاً، وإنشاء آلية قوية لمراقبة حقوق الإنسان في جميع مناطق السودان، بما في ذلك دارفور؛
      وفقاً لمبادئ المسؤولية الدولية والعبء المشترك، تقديم جميع المساعدات الضرورية للسلطات التشادية وللهيئات التي توفر الحماية والمعونة للاجئين في تشاد، وللأشخاص المهجرين داخلياً في دارفور.
      إلى الاتحاد الأفريقي

      الإدانة العلنية لأي انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي من جانب أي طرف في دارفور تبلغ مسامعه؛
      تشجيع الحكومة السودانية على أن تحترم في جميع الأوقات الحقوق الإنسانية المعترف بها دولياً للشعب السوداني؛
      ضمان أن تشكل حقوق الإنسان جانباً محورياً من أية وساطة أو محادثات تهدف إلى تسوية النـزاع. وينبغي لمثل هذه الوساطة أو المحادثات التصدي لما وقع من انتهاكات في الماضي، والنص على إنصاف الضحايا، وعلى حماية حقوق الإنسان في المستقبل. ويجب أن تُضمَّن مثل هذه المحادثات سبلاً لمعالجة الأزمة الإنسانية في دارفور.
      دعم إنشاء فريق لمراقبة حقوق الإنسان في دارفور، بحيث يكون قادراً على التحقيق بحرية في الهجمات التي يشنها أي طرف على المدنيين، وعلى نشر نتائج التحقيقات على الملأ؛
      دعم إنشاء لجنة تقص مستقلة ومحايدة للتحقيق في أوجه الأزمة المركبة لحقوق الإنسان في دارفور.
      الهوامش

      قُسِّم دارفور، الذي كان في ما مضى ولاية واحدة إلى ثلاث ولايات في 1989. والفاشر هي عاصمة ولاية دارفور الشمالي؛ أما عاصمة ولاية دارفور الجنوبي فهي نيالا؛ وعاصمة ولاية دارفور الغربي هي الجنينه. ولكل ولاية من هذه الولايات جمعية وطنية إقليمية ووالٍ تعينه الحكومة المركزية.
      بحسب تقديرات الأمم المتحدة، قتل نحو 3,000 شخص منذ بدء النـزاع؛ وتم ترحيل 670,000 شخص داخل إقليم دارفور، وما يصل إلى 95,000 لجأوا إلى تشاد، حتى نهاية عام 2003. أنظر رئيس الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة قلق بسبب أزمة دارفور، IRIN، 8 ديسمبر/كانون الأول 2003.
      الفور والمساليت هم من المزارعين المستقرين بصورة غالبة. ويرعى الزغاوى الجمال، ولكنهم يعملون في الزراعة في بعض الأماكن. ويملك العديد منهم الماشية أيضاً. ويعمل بعض أفراد هذه المجتمعات في التجارة أيضاً أو تحولوا إلى سكان للمدن مع مرور الوقت.
      على سبيل المثل، الهجمة التي شنت على شوبا قرب كابكابيا في 28 أبريل/نيسان 2002، أنظر : وعود فارغة؟ انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق التي تسطير عليها الحكومة (رقم الوثيقة: AFR 54/036/2003، 16 يوليو/تموز 2003).
      في ما يتعلق بعمليات الاختطاف والعبودية في السودان، أنظر: هل هناك عبودية في السودان؟ المنظمة الدولية لمناهضة العبودية، مارس/آذار 2001؛ و العبودية والاختطاف والاسترقاق القسري في السودان، تقرير صادر عن مجموعة الأشخاص الأمناء، 22 مايو/ أيار 2002.
      أنظر السودان: وعود فارغة؟ انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، منظمة العفو الدولية، 16 يوليو/تموز 2003 (رقم الوثيقة: AFR 54/036/2003 )
      تينه بلدة في دارفور الشمالي على الحدود بين السودان وتشاد. وتتشكل الحدود من وادٍ، وهو مجرى لنهر موسمي، يفصل بين تينه السودان وتينه تشاد.
      "الرئيس السوداني يعد بالقضاء على متمردي دارفور"، وكالة الأنباء الفرنسية، 31 ديسمبر/كانون الأول 2003
      بيان بشأن الوضع في دارفور، سفارة جمهورية السودان في المملكة المتحدة، 19 يناير/كانون الثاني 2003.
      أنظر: السودان: وعود فارغة؟ انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، منظمة العفو الدولية، 16 يوليو/ تموز 2003 (رقم الوثيقة: AFR 54/036/2003)
      حصل مبعوثو منظمة العفو الدولية على أكثر من مائة شهادة من لاجئين سودانيين في تسعة مواقع على طول الحدود مع تشاد، التي تمتد لأكثر من 300 كيلومتراً. وقد اتسمت الشهادات بالاتساق والمصداقية، وأشارت جميعها إلى نمط شبه منهجي للهجمات. ولم تجر الإشارة إلى جميع هذه الشهادات في هذا التقرير. كما حصلت منظمة العفو الدولية على أسماء مئات الأشخاص ممن قتلوا في دارفور.
      لم يرد ذكر أسماء من زُعم أنهن قد اغتصبن حماية لهوياتهن.
      أنظر: بواعث قلق بشأن السلامة/بواعث قلق بشأن التعذيب وسوء المعاملة، تحرك عاجل لمنظمة العفو الدولية، 23 يوليو/تموز 2003 (رقم الوثيقة: AFR 54/064/2003).
      "أنباء عن انعدام الأمن على نطاق واسع في دارفور"، IRIN، 30 يوليو/تموز 2003.
      "مقتل ستة رجال أمن سودانيين على أيدي المتمردين في دارفور"، وكالة الأنباء الفرنسية، 4 يناير/كانون الثاني 2004
      لم تورد أسماء من ذُكر أنهم تعرضوا للاعتقال لحماية هوياتهم.
      "السودان: أنباء عن فرار الآلاف من دارفور نتيجة تجدد القتال"، IRIN، 4 يناير/كانون الثاني 2003
      الأزمة المتفاقمة في دارفور، IRIN، 31 ديسمبر/كانون الأول 2003.
      مذكرات الأيجاز الصادرة عن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي للاجئين، 9 ديسمبر/كانون الأول 2003.
      مذكرات الإيجاز الصادرة عن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي للاجئين، 23 يناير/كانون الثاني 2004.
      تتطلب اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1969 المتعلقة بالجوانب الخاصة بمشكلات اللاجئين في أفريقيا (اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية) من الحكومات المضيفة إسكان اللاجئين على مسافة معقولة من الحدود لضرورات الأمن. (المادة 2(6))
      "وأخيراً تحقق للسودانيين ملجأ آمن في موقع تشادي"، المفوضية العليا للاجئين، 19 يناير/كانون الثاني 2004.
      "مقتل عمال سودانيين في قافلة للإغاثة، بي بي سي أون لاين، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2003
      "الغموض يلف عملية الاختطاف في دارفور، IRIN، 31 ديسمبر/كانون الأول.
      أطباء بلا حدود تشعر ببواعث قلق حيال المهجرين بعد الإغلاق القسري للمخيمات من قبل السلطات السودانية، أطباء بلا حدود، 15 يناير/ كانون الثاني 2004.
      المادة العامة 3 تنطبق بصورة آلية على النحو التالي: "في حالة قيام نزاع مسلح... يلتزم كل طرف في النـزاع بأن يطبق ...". وتوفر المادة الحماية لـ "الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر...".
                  

04-15-2004, 11:57 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: nadus2000)

    الأخ بكري
    في البدء أعتذر لكل هذا الباندودث "غير المهدر"، فقد كان من السهل أن اضع رابط، ولكن أهمية الوثيقة وإحتوائها لكثير من التفاصيل ولإيماني بأهمية أن يحتوي إرشيف المنبر على نسخة من هذه الوثيقة الهامة التي جعلتني أقف خجلا أمام نفسي، وأمام هؤلاء البائسين الذين يبادون دون ذنب جنوه
                  

04-18-2004, 08:30 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: nadus2000)

    UP
                  

04-19-2004, 10:34 PM

esam gabralla

تاريخ التسجيل: 05-03-2003
مجموع المشاركات: 6116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: nadus2000)

    up
                  

04-20-2004, 00:26 AM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: esam gabralla)

    الغالي نادوس ليس هذا هدرا للباندودث مطلقا فالتوثيق مهم وشكرا لاطلاعنا علي هذه المجازر التي ترتكب في عقر دارنا ونحن غافلون
                  

04-21-2004, 07:50 PM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: doma)

    الأخ العزيز عصام جبرالله
    شكرا لإسهامك في رفع هذا البوست

    الغالية الخالة "المرة ولا دستة رجال"
    هكذا دائما تقفين في المكان الصاح


    أعتذر لكم جميعا على على سقوط كلمة "خطيرة" جداً
    منظمة العفو الدولية:وثيقة خطيرة جدا جدا حول دارفور
                  

04-21-2004, 07:53 PM

اساسي
<aاساسي
تاريخ التسجيل: 07-20-2002
مجموع المشاركات: 16468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: nadus2000)

    يا نادوس دا ما انت انت ما كدا انت واحد تاني


    لالالالالالا
    ما كدا ما بتشبه نادوس حقي الفي راسي
                  

04-21-2004, 08:12 PM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: اساسي)

    هلا أساسي

    تعرف كنت مستمتع بصورة وضعها الكثيرين لي، وصدموا وآخرهم الأخ الجميل حمزة سليمان الذي كنت في إستقباله بالمطار، وعندما أوضحت له أنني نادوس قال نفس عبارتك وإن كان قد إكتفى بلا واحدة فقط

    =====
    هذه الصورة يا أساسي تصدرت شريط زواجي وتفنن المصور في عرضها حيث أنها تأتي نازلة من أعلى وبحركة بطيئة، فقفز شقيقي وبخفة دمه المعهودة" وقال : خيار من خيار " تلك العبارة التي كانت تتصدر برنامج ساحات الفدا، عند عرضه للجماعة الماتوا في الجنوب.
    فأجابته حبوبةً لينا: منافضهم "ولتقريب المعنى أحيلك لملكة سبأ"

    مرة أخرى تحياتي

    (عدل بواسطة nadus2000 on 04-24-2004, 02:26 PM)

                  

05-02-2004, 04:49 PM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: nadus2000)

    أساسي
    ضيعت لي موضوع البوست الأساسي
                  

05-04-2004, 06:00 AM

فى حافة الغياب

تاريخ التسجيل: 04-17-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: nadus2000)

    فوووووووووووووووووووووووق
                  

05-13-2004, 08:29 AM

فى حافة الغياب

تاريخ التسجيل: 04-17-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منظمة العفو الدولية:وثيقة جدا جدا حول دارفور (Re: nadus2000)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de