|
هل اغاني البنات هابطه؟؟؟
|
من مقالة الاستاذ معاوية يس 25-11-2003 في صفحة اراء حره ومقالات
ستونا وحنان بلو بلو وسميرة دنيا و… مشكلة قديمة-جديدة يصعب الحكم على هذا الفن- يعني الاستاذ معاوه اغاني البنات - لتحديد ما له وما عليه، لأن تاريخه متداخل مع طبيعة حياتنا الاجتماعية والعائلية. كما أن ردود فعل المجتمعات الذكورية وقبائل المثقفين حياله لم تكن سلبية في الغالب، فقد اجتاحت غناء البنات في ثلاثينات القرن العشرين موجة من الانحلال تسربت مع ذيول الأزمة الاقتصادية التي عمت العالم قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية. وفي أثناء الحرب عززت السلطات البريطانية المحتلة قواتها في السودان للتصدي لدول المحور، فأدى ذلك الى اختلاط شديد بين السودانيين والجنود البريطانيين الذين جلبوا معهم ايقاع "التُّمتُم" الذي استشرى في غناء السودانيين حتى يظن غالبيتهم أنه إيقاع سوداني صميم! ومع "التمتم" انتشرت أغنيات فيها من الخلاعة والمجون ما يندي له الجبين. وحققت فنانات التمتم شهرة هددت شهرة فناني "الحقيبة"، الى درجة أن منتجي الاسطوانات، خصوصاً الراحل محمد نيقولا ديميتري كاتيفانيديس صاحب مكتبة "البازار السوداني"، أخذوا ينظمون لهن الرحلات الى القاهرة لتعبئة الأسطوانات. وكان لبعض هؤلاء المطربات نشاط مكثف الى درجة إتخاذهن مساعدين من الذكور، فقد كان للفنانة "رابحة التمتم" مساعد شهير هو الفنان فضل المولى زنقار الذي يحاكي صوتها النسائي، الى جانب أسطواناته التي سجلها بصوته الذكوري. وتركت هذه المرأة المغنية تأثيراً كبيراً في الفنان الرائد التاج مصطفى. وذكر الفنان الراحل حسن عطية - أمير العود ونقيب الفنانين السابق - أنه تأثر في مقتبل عمره الفني بمطربة اسمها "بِتَّ العقاب"، ومما نقله عنها أهزوجته الشهيرة "انت كان زعلان أنا ما بزعل/ وانت كان مبسوط يا سيدي بالاكتر". أدت مداولات شعراء الحقيبة إزاء ذلك الغناء الهابط الراقص الى الاتفاق على "ترقية الأغاني السودانية"، وهي ما يعتبر أول محاولة لتنظيم الفن الغنائي السوداني. وبادر الشاعر سيد عبد المحسن عبد العزيز الى احتضان الفنان زنقار وقدم له مجموعة من الأغنيات التي أخذت الحان أغنيات البنات "الهابطة نفسها" لكنها ملئت بشعر غنائي راق! وهكذا ظهرت أغنيات من قبيل "أنا راسم في قلبي صورة الباسم أهوّ دا" وغيرها. ولم يقتصر الامر على الشعراء وحدهم، فقد ساهم محمد ديميتري بتعديل نص أغنية "يا قسيم الريد" التي أدتها في أسطوانة سجلت في القاهرة فنانة يقال لها فاطمة خميس اقترن بها بضع سنوات قبل أن يطلقها. وهذه الأسطوانة محفوظة في الأرشيف الصوتي الخاص بإذاعة السودان. وشملت محاولات "الترقية" الفنانة ماري، وهي سودانية من أم يونانية عاشت في أم درمان وكان لها صالون فخم تستضيف فيه الأدباء ونجوم المجتمع. وانتهت "هوشة" التمتم بأن تبناه المطربون وأضحى من ممتلكات الأغنية السودانية المعاصرة التي خرجت من إهاب الأغنية الحديثة التي تسمى "الحقيبة". وانتهى نفوذ أغنية السباتة ليقتصر على مناسبات السباتة من زواج وختان. وظلت تنحصر في ذلك النطاق الضيق طوال عقود الخمسين والستين، ولم تستعد انتشارها إلا في أواسط السبعين من القرن الماضي، بعدما فشا شريط "الكاسيت"، وكثرت أجهزة تلعيبه في وسائط النقل العمومي في حواضر البلاد، وبعدما بدأ عهد شريط الفيديو من خلال جماعات المغتربين السودانيين. ونشطت آنذاك تجارة بيع التسجيلات الصوتية والمرئية، في ما عرف بـ "الاستيريوهات" التي كانت غالبيتها خارج نطاق الدولة السودانية، في العواصم الخليجية. فضلاً عن التخلف الذي كان سمة ذلك العصر في ما يتعلق بتقنين حقوق الملكية الفكرية، وما يستلزمه من تسجيل ملكية النصوص الغنائية، ونسبة اللحن الى منشئه، وما الى مثل ذلك مما يجري العمل به حالياً. ومثلما حصل في ثلاثينات القرن الماضي، كانت سنوات السبعين والثمانين عجافاً على السودان، وإن بدت أخف وطأة من زماننا الذي فينا هذه. أدى البؤس الاقتصادي الى انحلال اجتماعي، وهي بيئة وجدت فيها أغاني البنات "الجديدة" مرتعاً خصباًً. وكثرت المغنيات وتعددن. وانضمت الى الساحة أكثرهن إثارة للجدل آنذاك: الفنانة حنان بلو بلو التي كانت تصاحب أغنياتها باستعراض راقص. ومثلما كاد أسلافنا كالشيخ ابراهيم العبادي والشيخ سيد عبد العزيز وغيرهما يكفرون حين صدحت الفنانة فاطمة خميس، في أوان الثلاثين، "يا سيد الكرفتّة حبك حماني النوم"، جاءت حنان بلو بلو وزميلاتها بما أتت به من سبقنهن، سمعنا "حمادة ده ألمني سافر ما كلمني"… وظهر "حمادة" آخر "بوّظ أعصابنا" و"التَّش تَش"، و"عمارات سفارات…" وأغنيات لا حصر لها. ومن أسف أن هذه الموجة من الإسفاف تفاقمت واتسع نطاق استشرائها خلال العقد الماضي… وكأن الزمن يعيد نفسه، فقد رأينا وسمعنا أكثر من شبيه بزنقار يصدح - بلا خجل - "جلابية بيضا مكويّة" وغير ذلك من الغناء. ومثل الساحة الغنائية الأم - يوجد في غناء البنات الغث والثمين. وبشيء من الوعي والتعليم الموسيقي استطاعت فنانات منهن سمية حسن الاتجاه بأغنية البنات الى نفض الغبار عن أغنيات الحماسة والشكر والفخر، إعتماداً على الإيقاعات نفسها مثل التمتم والدلُّوكة. واستطراداً كنت قد ذكرت قبل فترة للأخ الموسيقار حمزة سليمان - رعاه الله - أن الدلوكة ليست "آلة سودانية صميمة" كما قال الدكتور عباس سليمان السباعي في مقال صحافي له نشر العام 1991، بل هي هندية، وقد أخذناها من الهنود باسمها الذي يكتب بالانجليزية DALLUKE، بل أذكر أننا - جيلنا أعني - كنا نتحلق حول الأستاذين الراحلين حسن عطية، باعتباره أول مطرب يغني ويعزف العود بنفسه في استديو الإذاعة، وإسماعيل عبد المعين، حين يتحدثون عن المراحل التي سبقت أغنية الحقيبة فيشيرون الى إيقاع ونمط غنائي يسمى "الدُّهُلَّة"، وكان أكثر ما يستخدم في ترقيص العروس وفي الجلسات المختلطة الخاصة. وقد تبين لي أن "الدهلة" آلة دلوكة صغيرة مما نسميه في السودان "الشَّتَم"، وهي هندية أصلاً وتسمى في الهند وأفغانستان وبعض أنحاء باكستان DHOLLE أو DUHOLLE. كان ذلك على سبيل الاستطراد. أما أغاني البنات فالحكم عليها أو لها متشعب ومحفوف بإلقاء المقولات الجزافية. فعي في نهاية المطاف الأهازيج التي تجتمع الفتيات لأدائها في بيت أي منا إذا تزوجت ابنته أو شقيقته، وإذا كان هو عريساً فهو مطالب بأن يهز على إيقاعاتها ليأخذ الشبّال من عروسه. وبالطبع فإن تبني النهج الثلاثيني الذي أشرت إليه بغية تحديثها وترقية مفرداتها وتشذيبها، أمر يحتاج الى توافق فكري واجتماعي لشد ما تفتقر إليه بلادنا حالياً. ولذلك فهو يحصل حالياً بسيف القانون الذي استنته الحكومة السودانية، من خلال الشروط التي تلتزمها إدارة المصنفات الفنية، وقد وجد الشعراء الغنائيون إقبالاً غير مسبوق في السنوات الأخيرة من المطربات السودانيات الباحثات عمن يستطيع أن "يفتل" أغنيات حمادة وغيرها لتتحول نصوصاً تستطيع إدارة المصنفات الفنية إجازتها. والكلمة الأخيرة لمسؤول تلك الإدارة الحكومية، لكن ليس ثمة توافق اجتماعي وفكري لتحديد أطر تلك "الترقية". من مقالة الاستاذمعاوية يس
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | شقرور | 04-14-04, 01:50 AM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | Rawia | 04-14-04, 04:11 AM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | walid taha | 04-14-04, 01:22 PM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | شقرور | 04-15-04, 00:44 AM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | walid taha | 04-19-04, 03:33 PM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | بت قضيم | 04-19-04, 01:23 PM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | esam gabralla | 04-19-04, 10:27 PM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | شقرور | 04-20-04, 00:41 AM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | Elmosley | 04-20-04, 12:48 PM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | Elwaid Osman | 04-20-04, 06:40 PM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | شقرور | 04-23-04, 11:47 PM |
Re: هل اغاني البنات هابطه؟؟؟ | شقرور | 04-25-04, 00:37 AM |
|
|
|