|
|
 صديقي الذي غاب في زحام الحياة . . . ووجدته في المنبر بين الصفصاف والنخيل
|
افترقنا منذ اكثر من عشرين عاماً
ولم اقابله من حينها . . سالت الكثيرين عنه ولا مجيب
امتزجت صداقتي القصيرة العمر له بتقدير واعجاب عميق
ففي بداية سنوات الدراسة الجامعية كان يحمل شعلة وضاءة من الثقافة الشاملة والأدب
بعد كل هذه السنين – حسبته من الراحلين الى الأبد
بالأمس جاءتني رسالة على (الماسنجر)
تخبرني بأن صديقي موجود بالقرب
من المنبر بين الصفصاف والنخيل
قرأت ما قرأت. . .
فانفتحت كوة في جدار الايام الخوالي . . .
ودخل الضوء الى ذاكرتي الحزينة
وجاءت عرائس الألوان تحجل في ثياب زاهية
من حرير ودمسق وديباج وتمشي على بساط من قوس قزح
وكما قالت الكاتبة الاريبة :-
فللحب ألوان ...
وللكره ألوان ....
وللشوق ألوان ...
وللذكريات ألوان ...
وللفراق ألوان ...
وللفتى الرائع لون خاص في حياتي
كان ذكياً ثقفاً فطناً
له حصافة وسبر وغور
يتوقد ذكاء ويتفيّض معرفة
ناحل اللون فارع الثقافة
يحكي عن ت.اس اليوت وشاكر السياب
والمتنبي والطبري وجرير وسعيد حوّي
وسلفادور دالي وازمة الاسلام النقابي ومحمود محمد طه
بين النشاط وكلية الحجر
نتبادل الآراء والفكر
مرة اخذني على جنب
شكا لي عن أزمة الفكر والهوية
وهمس لي عن اختلاف في الرؤى
وأن الجماعة جانبو الصواب وحادوا عن الطريق
وان الفكر الصافي اختلط بمادة الحياة
حزنت كثيراً وتصارع عصفورا الفكر والعاطفة في وجداني
حتى تناثر ريشهما الملون
بعدها انقطع اللقاء وبقيت خيوط الود
متشابكة على مدخل ذاكرتي كبيت العنكبوت
اكثر من عشرين عاماً سحبت من رصيد حياتنا
وسقطت حبة حبة من مسبحة العمر المتناثرة
وصوحت زهرة زهرة في غفر الحياة اليباب
شمس وراء شمس غابت أحلامنا
يوم وراء يوم تشكلت حياتنا من جديد
لم تعد نفس الالوان
ولا نفس الآمال
ولا نفس الأفكار
ولا ذات الاجوبة لنفس الاسئلة كما قال انشتاين
فالنهر لا يعبر مرتين
كتبت اعتذر للاستاذة رجاء العباسي
قبل يومين بعد احتجاج لطيف وناعم
قلت لها
( ان اللغة في حد ذاتها خيانة)
كانت الرمز وكلمة المرور
خرج بعدها من وراء تخوم الذكرى
هو الذي علمني هذه العبارة!!
اذكر اول مرة سمعتها كأنها اليوم
كان يحرك يده وهو يحاول شرحها
ليصل المعنى إلى سامعه
كل السنوات لم أجد من يدلني على مكانه أو زمانه
ولا الدرب الذي سار فيه. . .
الى اين حمل معه ثقافته الوفيرة وكنزه الذهبي
وحقيبته الصغيرة التي كانت دائماً تلازمه
وهل يعيش الفكرة الثانية أم هجرها
كالفكرة الأولى ؟
هل ضاقت مساحة الحياة
عن لبلابة الإبداع فتسلقت
أغصان ثقافته مسارب النور لتتنفس في كون آخر
هل انكسر الضوء في جبين الكون المجهد
فغطى القمر دموعه بأصابع الغمام
وخبأ ضوء المعرفة في أكمامه
هل هاجرت الأزهار من أريج الحقل
إلى هجير البيادر
أم رجعت الثمار إلى مياسمها
في الحقول الروية
هل اختلط الأمل الصافي
بمادة الحياة القاسية فلم يعد هنالك براح لهواء الفكر
ونسيم المعرفة الرقيق
في البرزخ الضيق
بين الحياة والموت
وضاعت اسطورة اجمل الأطفال
( الذين لم يولدو بعد)
(واجمل الازهار التي لم تتفح بعد)
كل شئ انتهى والباب
الاخير يفضي الى الموت
ورحيل الابد
فلنشدد ضلوعنا على بعضها البعض
حتى تنبادل النبض
ونعزف على اوتار اعصابنا لحنا واحداً
عشرين عاماً زحفت كالرمال
على خضرة الصبا والآمال
وتركت آثار الوجع الحياتي المر
. . . .
عندما تلقيت الرسالة
بأن صديقي ( أ.م.ز) موجود
بالقرب من المنبر بين الصفصاف والنخيل
أخذتني الدهشة أخذ عزيز مقتدر
ورمتني في بحر متلاطم من الحيرة والفرح
الى هذه اللحظة لم أكتب له
على البريد الالكتروني الذي تركته الرسالة الملونة
وقلت في نفسي لا داعي لأن أحرك هواجس الالوان
فهي نائمة منذ ان شربت رحيق الشمس
هل اكتفي بترنيمة الشوق ؟
وذكرى صديقي الاول قبل ان يمر بنا النهر لآخر مرة قبل عشرين عاماً
هل أكتفي بالصورة الرائعة المعلقة في مدخل
الأيام الجميلة
بين نخيل الذاكرة والصفصاف
مخضرّة رغم النوى والجفاف
هل أمد يدي أصافح صديقي الآخر
أم أترك الحلم نائماً
لأن الأحلام الملونة تذبل كالورد
اذا حاولنا أن نرسمها أو نلمسها
أو نفتش بين ملابسها على عنوان قديم
فاعذرني يا صديقي الآخر اذا تأخرت عليك
أو تأخر المطر عن سنابل المواعيد القديمة
سنسقيها بالظلال اذا لم يسقها الماء
مهما طال الظمأ أو اشتد الصدى
ودعني أجلس قليلاً أتأمل الزمن والألوان. . .
فالمسافة ليست بعيدة بين ضفة الحلم والحقيقة
مهما طال السفر
وسلام على الألوان
(في الحب) أو في أي شئ كان
وسلام على الشجر الذي كان يسرق صوتنا
وسلام يوم نلتقي صدفة في عالم الغياب
نمشي في آخر درب حتى تحفى اقدامنا
ونمد ايدينا مودعين بلا امل
وسلام علينا جميعاً يوم توزعنا أقدار حياتنا كقطرات المطر
من غيمة الى غيمة ومن واد الى واد
ومن بلاد الى بلاد ومن وهاد الى وهاد
ونغني في بحة ونشيج مثل صوت عصفور جريح
او صوت المطر في حنجرة التراب
سلام علينا يوم نحمل احزاننا وجراحنا
وجوازات السفر المشبعة بالغربة والشقاء
ونعود الى الحقول الروية ........
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: صديقي الذي غاب في زحام الحياة . . . ووجدته في المنبر بين الصفصاف والنخي (Re: د.كرار التهامي)
|
Quote: حزنت كثيراً وتصارع عصفورا الفكر والعاطفة في وجداني
حتى تناثر ريشهما الملون
بعدها انقطع اللقاء وبقيت خيوط الود
متشابكة على مدخل ذاكرتي كبيت العنكبوت
اكثر من عشرين عاماً سحبت من رصيد حياتنا
وسقطت حبة حبة من مسبحة العمر المتناثرة
وصوحت زهرة زهرة في غفر الحياة اليباب
شمس وراء شمس غابت أحلامنا
يوم وراء يوم تشكلت حياتنا من جديد
لم تعد نفس الالوان
ولا نفس الآمال
ولا نفس الأفكار
ولا ذات الاجوبة لنفس الاسئلة كما قال انشتاين
فالنهر لا يعبر مرتين |
جميل الحكي يا دكتور
تآلف مع الحزن والفرح
ويكاد تعبيرك أن يكون قصيدة.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: صديقي الذي غاب في زحام الحياة . . . ووجدته في المنبر بين الصفصاف والنخي (Re: bayan)
|
الدكتورة بيان
تعطين للمنبر الوانه وربيع ايامه
وطعم ثماره اليانعة
عندما نعبر به ينتابنا الخوف من الشوك والحنظل
فيفرش النوار قلبه ويحملنا كالاطفال بين يديه
تقابلنا قطع الليل الداجية
فترشنا الالوان بالضوء
حتى نفيق من غيبوبة الخوف
وكلما ركب المرء فى القناة سنانا
ركب الحب الف زهرة فى فم المدفع ليقتل الكراهية
مشاركاتك الرفيعة تجعل للمنبر
لونه وطعمه ورائحته الذكية
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: صديقي الذي غاب في زحام الحياة . . . ووجدته في المنبر بين الصفصاف والنخي (Re: Yasir Elsharif)
|
الاخ ياسر الشريف,, سقاء المعرفة
لك السلام من سويداء الفؤاد
الحمد الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين والحمد لله الذى جعل لنا من هذا البورد مطيةنلقى بها امثالك والحمد لله الذى علمنا بالعمل ان الحياة مثانى فيها الطالح والصالح والخير والشر والليل والنهار والحقيقة والزيف
ابو ايقان شاعر رائع الكلم نقى اللفظ بديع المعانى مشاركاته على قلتها تتميز بالسمو ونبل المقصد.....قصائد كثيرة نثرتها فى دروبنا الوعرة فتحولت الى بساتين ومروج وهذه واحدة من الدرر النضيدة التى طوقت بها جيد المنبر شكرا ياسقاء المعرفة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: صديقي الذي غاب في زحام الحياة . . . ووجدته في المنبر بين الصفصاف والنخي (Re: د.كرار التهامي)
|
د0التهامي
لقد ألقيت بكلماتك الرائعة وردة ولا أقول حجرا في مياه العلاقات الراكدة 0 وأثرت الشجون بعد أن جرفنا تيار الايام بعيدا عن المكان والزمان حيث الصداقة الحقة والوفاء 0
فاحييك اخي التهامي وأنت تسبح عكس تيار المتغيرات الكثيرة التي ابتلعت في جوفها معاني الصداقة بحثا عن مرافئ الذكريات والايام الخوالي 0
لقك وقعت كلماتك علي الكثيرين كحبات المطر ونسمات الفجر علي تائه في صحراء العتمور 0
مذيدا من هذه الاتكاءات الجميلة رغم مشاغلك الكثيرة 0
| |
|
|
|
|
|
|
| |
bayan
Saifeldin Gibreel
شتات
Raja
الجندرية
Yasir Elsharif
معتصم دفع الله
ابو جهينة
mahmed alhassan
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست