|
Re: البندقية و العقل إشكالية السياسة السودان� (Re: زين العابدين صالح عبد الرحمن)
|
الأخ زين العابدين صالح لكم أجمل التحيات وللقراء • مقال بمنتهى المصداقية ،، يجسد الواقع السوداني بتلك الدقة والفهم . • وفكرة التفاهم عبر فوهات البنادق بين السودانيين في حل الخلافات البينية بدأ منذ استقلال البلاد ( كما أشرت أنت ) ،، حيث التمرد المسلح في جنوب السودان منذ اليوم الأول للاستقلال ،، وهنا نحن لا نتفق معك في تحميل السيد عبد الله خليل بوزر تلك الخطيئة ،، فحركة التمرد في الجنوب كانت قائمة هنا وهنالك بقيادة شراذم غير متحدة ،، وفي بداياتها كان عبئ مواجهة التمرد يقع على عاتق رجال البوليس ،، والمعلوم أن أجهزة الدولة كلها في تلك الفترة كانت في بداياتها حيث تجربة ( السودنة ) ،، وهي تجربة كانت تحتمل الكثير من الثغرات والإخفاقات ،، وعندما قويت شوكة التمرد في الجنوب تم تحويل عبئ المواجهة على الجيش السوداني ،، وهنا نجد السيد عبد الله خليل يتبرأ من تلك التهمة التي أنت ألصقتها في موضوع ( البندقية ) ،، إلا إذا كنت تريد تحويل الحديث إلى بداية الانقلابات العسكرية في السودان ،، وتلك قصة أخرى ،، والكثيرون لا يلومون السيد عبد الله خليل عندما سلم أمر الدولة للقوات المسلحة السودانية لأول مرة ،، والرجل قام بتلك الخطوة مرغماَ عندما اختلفت الأحزاب الرئيسية وأعلنت الحروب العدائية بينها ،، وتمردت عن واجبها ورفضت الوفاق والاتفاق بينها ،، مما أوجدت في البلاد نوعاَ من الفراغ الدستوري ،، فكان لا بد من تلك الخطوة .
• وهنا لا بد من إشارة هامة حتى يعلم الشباب السوداني من الأجيال الجديدة تلك الحقيقة القاسية .. وهي حقيقة غائبة على أذهان الكثيرين من السودانيين ،، وتلك الحقيقة القاسية هي أن أي انقلاب عسكري قام في السودان بعد الاستقلال بقيادة الجيش السوداني كان يقف خلفه حزب من الأحزاب السودانية ،، انقلاب الفريق إبراهيم عبود كان يقف وراءه حزب الأمة ،، انقلاب جعفر النميري كان يقف خلفه الحزب الشيوعي السوداني ،، الذي طبق في السودان كل النظريات الاشتراكية من تأميم ونزع الملكيات الخاصة وفرض هيمنة الدولة على الفرد ،، وهي تلك النظريات اليسارية المعروفة في الدول الاشتراكية ،، انقلاب عمر حسن البشير كان يقف وراءه حزب الإخوان المسلمين بالسودان بقيادة حسن الترابي ،، وهنا نجد الكثير من الأقلام تلوم الجيش السوداني على التدخل في الشئون السياسية ،، ثم تتعمد تلك الأقلام أن تتناسى حقيقة دعم الأحزاب لتلك الانقلابات .
• ثم نعود لسيرة ( البندقية والعقل إشكالية السياسة السودانية ) ،، تلك السيرة التي دفع أثمانها أبرياء الناس في كل أرجاء السودان ،، وفي العالم المتحضر فإن الذي يستخدم لغة البندقية لا يضع البندقية هدفاَ في حد ذاته ولكنه يستخدم البندقية للوصول إلى الغاية ،، أما هنا في السوداني فالإنسان الذي يحمل البندقية يظن أن مجرد حمل البندقية يشكل تلك الغاية القصوى التي تؤكد الهيمنة ،، وهو لا يريد أكثر من تلك الهيمنة ،، ولا تهمه تحقيق الغاية الأساسية من حمل البندقية ،، فكل من يحمل البندقية في السودان نجده قاصراَ يعشق التجوال في ساحات التظلم والبكاء ،، ولا يصادفنا أبداَ ذلك القائد المحنك الذي يقود المعارك في كل الاتجاهات التي تحقق الغايات ،، الاتجاهات القتالية والاتجاهات الحوارية والاتجاهات السياسية والاتجاهات التكتيكية ،، ولذلك فإن إنسان البندقية في عرف السودانيين هو مجرد متطرف ناغم حاقد ناقص العقلية والأهلية .
|
|
|
|
|
|