|
|
 البروفسير عون الشريف قاسم ..وسيد قاسم.. له الرحمة ..اللهم اسكنه فسيح جناتك.
|
كتب د. عبد الله حمدنا الله بجريدة الصحافة الالكترونية عن البرفيسر عون :
سيد قاسم لا يعرفه أحد، لكن عون الشريف يعرفه كل احد، وسيد قاسم هو نفسه عون الشريف كما تقول شهادة ميلاده، وعون الشريف هو الاسم الذي سُجل به في المدرسة وعرف به، وسار عليه، بينما توارى اسم سيد قاسم، ولم يعد بحاجة اليه بعد ان صار معروفاً بذاته، وبما قدم لأمته.
والسبب في اختلاف الاسمين، أن اسم عون اسم مركب، فوالده اسماه سيد عون، بينما اسم والده أيضا اسم مركب وهو الشريف قاسم، وحين اثبت اسمه في شهادة الميلاد بعد ان افرد اصبح سيد قاسم، واثبت عند التحاقه بالمدرسة عون الشريف.
لم يكن عون بحاجة الى إثبات تطابق الاسماء وعندما ظهرت الحاجة الى ذلك أخيراً جداً حين أراد تسوية استحقاقه لدى الجامعة العربية كانت شهرته كافية دون أي شاهد، ولولا الاجراءات الواجب اتباعها في مثل هذه الأحوال، وقد انجزها قاض فاهم، ويوقر العلم والعلماء، ويعرف ماذا يمثل عون الشريف.
كان عون الشريف حين أراد ان يثبت انه سيد قاسم قد انجز لنفسه تاريخاً لو انجزه بعض الناس لشمخوا بأنوفهم وتكبروا عتواً، لكنه بأخلاق الأشراف كلما ازداد سموقاً ازداد تواضعاً.
لا يغره لقب ولامنصب، ولا يغضب في غير الحق، ولا يتباهى بعلم ولا معرفة، ولو لم يكن له مما كتب غير قاموس اللهجة العامية في السودان لكفاه، فما بالك بمؤلفاته في مختلف جوانب المعرفة الانسانية التي اثرى بها المكتبة السودانية.
يقول البعض الصدفة، وأقول قدر مقدور ذلك الذي قاد عون الشريف الى حيث ينفع الناس، ولو قدِّر له ما رغب لسار في طريق آخر يحقق له ما يريد، لكن ما كان له أن يصبح كما أصبح، ولا أن يبقي اثراً كما ابقى، وبارك الله في «بص» الحلفايا القديم المتهالك، الذي كان سبباً في تغيير مسار عون تغييراً ايجابياً مفيداً، ولا أجد فائدة في التهالك والقِدم أكثر مما كان عليه «بص» ذلك اليوم.
تأخر بص الحلفايا غير مسار حياته من الطب الى الآداب، فبعد أن كان متفوقاً ومؤهلاً للإلتحاق بكلية الطب، ولم يعد أمامه غير اجراء المعاينة، حرمه بص الحلفايا من إدراك تلك المعاينة ليتحول الى الآداب.
القدر يغير مساره مرة أخرى من الاقتصاد الى اللغة العربية، فقد تخرَّج عون الشريف بتفوق في اللغة العربية والاقتصاد، وكان من المفترض ان يكون معيداً في كلية الاقتصاد بعد ان رغبت في ذلك كلية الاقتصاد، لكن عبد الله الطيب كان أكثر رغبة في جذب عون الشريف الى اللغة العربية، ليتحدد اتجاهه بصورة نهائية.
أقدار الله أهلت عوناً ليكون رقماً غير منكور في الثقافة السودانية، ورقماً غير منكور في الثقافة العربية الإسلامية، وأن يبذل في تمكن وثقة أقصى ما لديه من طاقة لخدمة وطنه وأمته، من غير ان يمنعه اختلاف في الرأي والمواقف، أو يصرفه عارض ومانع.
وفوق ذلك كان لعون من اسمه كل نصيب ، كان عوناً وشريفاً وسيداً وقاسماً، لذلك أحبه الناس لكريم خلقه، وحسن عشرته، ولطف حديثه، ما ترك خلفه عدواً ولا مغاضباً غير الغضب في الحق.
كان عوناً لأهله في الحلفايا، مسموع الكلمة، مطاع الرأي، عزيز المكانة، وقد عبرت الحلفايا عن عاطفة الفقد من خلال إصرارها على حمله على اكتافها وهي تسير بنعشه الى حيث يعود الى ربه، لم تمنعها طول مسافة ولا تدافع جموع، وبكته بغزير الدمع، وصادق العاطفة، ولسان حالها ما قاله أوائلنا من العلماء والصالحين، موت قبيلة ولا فقد عالم.
كان عوناً لأمته ووطنه، أسهم في بناء نهضته فكراً وعملاً، لا يجد ثغرة يقف عليها إلا وجدته، ولم يجد سبيلاً لوحدة الكلمة واستقامة الصف إلا كان من الداعين الى نبذ الخلاف، واتحاد الجماعة، لبناء وطن في حاجة الى ايادي جميع ابنائه.
كان شريفاً في أخلاقه وأقواله وأفعاله، فيه من خلق الأشراف سماحة وعفة وتواضعاً غير متكلف، وكان من أحاسن الناس أخلاقاً، الموطئين اكنافاً الذين يألفون ويؤلفون، وكان ممن حببهم الله في الخير، وحبب الخير فيهم، ونرجو ان يكون من الآمنين يوم القيامة.
كان شريفاً في قوله، لم يعرف عنه بذئ القول، ولا نابى الكلام، يطربه القول الحسن، ويستريح الى الطرفة، يتذوقها ويصنعها، ويلقاك بطلاقة الوجه مبتسماً، لا يعرف التجهم الى وجهه سبيلاً، مما يجعله يدخل الى قلبك في رفق وراحة، تدرك معها قول المعصوم، تذوقك في وجه أخيك صدقة.
عرفته عن قرب في فاتحة استخدامي موظفاً في الخدمة المدنية، كنت في اولى خطواتي العملية، وكان وزيراً حين عهد الىَّ بالاشراف على مجلة البيان، كنت على غير مذهبه في السياسة مع اندفاع شباب لا يتبين العواقب، ولا يحسب حساباً، وأشهد أنه ما تدخل مصادراً مادة ، ولا مانعاً لرأي، وكان يجد في بعضها ما يعذره في حجبها، ولكنه يقبل تفسيري فينصرف عن المنع مادام القول حمال أوجه.
وفوق ذلك وجدت لديه ما يخالف الصورة المألوفة عن الوزراء حينئذ وبعدئذ، كانوا لا يأكلون الطعام ولا يمشون في الاسواق، أما هو فكان لا يعرف غير ان يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويعيش بين غمار الناس.
وعرفته فيما بعد من خلال الانشطة المشتركة فإذا هو نفسه لم يغره تركه في الدنيا دوياً، ولم يبطره رصيده الضخم في مجالات شتى، وظل كالذهب لا يفقد جوهره على توالى العصور، ولا تنقص قيمته مر الليالي وكر العشى.
اللهم أرحم عبدك عوناً، فقد أتاك صادقاً فأكرمه بصدقه، وأتاك مخلصاً فتقبله بإخلاصه، وأتاك منيباً فتجاوز عن سيئاته، وشفِّع فيه نبيك محمداً صلى الله عليه وسلم.
اللهم إن عبدك كان حسن السريرة، يحب العفو فأعف عن الذي أساء اليه بفعل أو قول، أو ظلمه دون أن يراعي حرمة، اللهم تجاوز عنا وعنهم وأسكنه عالي الدرجات مع من تحب وترضى.
منقول من رسالة بريدية من الاخ العزيز : محمد زكي
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
Wathig Makki
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست