|
أداء المرأة السودانية في صناعة الأزياء السودانية .. جْرِزلْدا الطَّيِّب
|
ســودانية الهوى .. اوربية الســحنة .. زوجة العلامة عبدالله الطيب .. تتحدث العربية المكســرة او كما تقول عن نفســها .. فنانة تشــكيلة .. ولها كتابات كثيرة في مواضيع التراث والثقافة الســودانية ..
انها التشكيلية جرزلدا الطيب
ارفع لها هنا ورقة عن
أداء المرأة السودانية في صناعة الأزياء السودانية
هي ورقة محكمة .. تتحدث عن تطور صناعة الازياء الســودانية ودور المرأة الســودانية في ذلك .. والورقة تتسـلســل تاريخيا بســلاســة وحنكة واقتدار - فيها شي من ريحة المرحوم - وهي تستحق ان تطالع .. ويمكن التأسيـس عليها لتوثيق صناعة الملبوسـات السودانية
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أداء المرأة السودانية في صناعة الأزياء السودانية .. جْرِزلْدا الطَّيِّب (Re: Bakhaf)
|
و بُعَيدَ الأزمة الاقتصادية في سنة 1958 عندما باع الروس محصول قطن الجزيرة بأقل من سعره في السوق العالمية ، صارت (الثياب) المستوردة نادرةً مما جعل (الفَرْدة) المصنوعة في شندي المصبوغة و المنسوجة يدويَّاً هي الزيَّ المتعارف عليه (الموضة). و عادةً ما تكون هذه الفردة بلونٍ يخلو من التزويق (سادة) مع حواشٍ متعددة الألوان بأهدابٍ حريريةٍ صغيرة (فلة) من ذات الألوان . و مرةً أخرى عند ندرة الثوب فيما بعد بسبب أوضاع اقتصادية صعبة ، جعلت موادُّهُ و خاماته ترد إلى البلاد من السعودية و الخليج يرسلها الرعيل الأول من السودانيين المهاجرين بسبب الظروف الاقتصادية هذه (المغتربين) ، غير أنه كثيراً ما لم يكن عَرْضُهُ هو العرضَ المطلوبَ فقد كان يزيد بمقدار 20 سنتمتراً فكانت هذه الزيادة تُقطع و تُخاط على آخر متواضع القيمة مصنوع محلياٍ يُعرف بالمرقَّع.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أداء المرأة السودانية في صناعة الأزياء السودانية .. جْرِزلْدا الطَّيِّب (Re: Bakhaf)
|
و البياضُ هو اللون المفضَّل في الزِيِّ القومي للسودانيين رجالاً و نساءً؛ فهو باردٌ و عاكسٌ لأشعة الشمس ، بل إنَّ أكثر المَركِبات أو السيَارات في السودان بيضاء . غير أن هذه البساطة في نمط اللون تُعزى إلى حقيقةِ أنَّ الإسلام دخل السودان على أيدي (الفُقَرَا) و هم الوُعَّاظُ المتجوِّلون الذين كانوا يعيشون في أوضع الأحوال و أبسطها مما أكسبهم هذه الأسماء نحو (الغُبُش) ، فهؤلاء الفقرا الذين عُرفوا بضعة الحال و الزهد كانوا قد صاروا قدوةً في التواضع و العزوف عن مطالب الدنيا و رغائبها فأحبهم الناسُ جداً و صاروا يقلدونهم و يتشبهون بهم . فظلَّ الثوب البسيطُ غيرُ المبيَّضِ هو اللباسَ المفضَّلَ لكلٍّ من الرجال و النساء لعصورٍ ممتدة. و قد كانت هذه المادة القطنية القوية المعروفة (بالدمُّور) التي تغزلها المرأة و ينسجها الرجل أثيرةً جداً لدى الناس و شائعةً فيهم حتى إنهم استخدموها نوعاً من العملة في سوق شندي . و ما من امرأة في المنطقة المجاورة لمشروع قطن الزيداب إلا و كانت لها سلَّتُها الصغيرة تحمل فيها قطناً خاما و مِغزلاً أو (مِتراك) للغَزْل فكانت تغزل و هي تحادث جاراتِها أو زائراتِها على التعبير (الحديث و المنزل)، و إلى نحو قبل عقد من الزمان كانت تمكن رؤية هؤلاء النساء و هن يغزلن في محطة القطار بشندي و هن ينتظرن بيع ما غزلن في بيوتهن للمسافرين.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أداء المرأة السودانية في صناعة الأزياء السودانية .. جْرِزلْدا الطَّيِّب (Re: Bakhaf)
|
و لما جاءت حركة المهدي الإصلاحية في القرن التاسع عشر حرَّمت كلَّ الأزياء التركية و أرغمت كلَّ امرأة على أن تلبس ثوباً كنَّ يلبسنه في العلن بطريقةٍ تسحب المرأة فيها جزءاً من الثوب على وجهها كالبُرْقع . و كان محاربو الأنصار يلبسون الجِبَّةَ التي كانت تُزَيَّنُ برُقَعٍ _ يقولون إنها ترمز للفقر – و كذلك كان الجلباب أو (الجلابية) التي كانت على طراز و نمط واحد أمامَها و خلفَها حتى إذا كانت ضرورة الحرب و استعجالها أمكنهم قلب الوجه المتَّسخ منها . و الحقُّ أنَّ بعض هذه الجِبب المرقَّعة كما رأيناها في المتاحف اليوم جميلةٌ للغاية و يُقدَّرُ أن نساءَ الأنصار (أنصار المهدي) هنَّ مَن حاكها و خاطها بأسلوب فنيٍّ يقوم على زركشةِ قماشٍ خياطةً بآخر ، مع المهارة المعروفة في الأنثى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أداء المرأة السودانية في صناعة الأزياء السودانية .. جْرِزلْدا الطَّيِّب (Re: Bakhaf)
|
و قد أصبحت (أثواب) المسلمين البيضاء هي الزيَّ الرسميَّ للرعيل الأول من المعلمات و الدايات و استمرَّ هذا الثوب الأبيض إلى اليوم هو الزِيَّ الإلزاميّ (بطوعهن) لكل النساء المتزوِّجات العاملات في المكاتب الحكومية و ما إليها. هذا و قد وفد أولُ تأثيرٍ أجنبيٍّ عندما فرَّ المماليك الذين كانوا يُذَبَّحون من قبل نظام الحكم الخديوي في مصر ، إلى السودان و استقروا في دنقلا و بربر ، فكانوا قد جلبوا معهم أساليبَ جديدةً في الأطعمة – و من هنا أُثِر عن الدناقلة فن الطبخ . و قد تعلَّمت السودانيات من جاراتهن نساء المماليك فنَّ التطريز ، المنسج و اليوغسلاف ، و منذ ذلك الوقت و في الخمسينيات من القرن العشرين (1950) جعلت المرأة السودانية تُطرِّز في أوقات فراغها الملاءات و أكياس الوسادات و أعمالاً مناظرة جميلة و تُعِدُّ ذلك كله لجهاز زواجها، تحفظه في صندوقٍ كبيرٍ يُعرَفُ (بالسَّحَّارة) . و في مطلع القرن العشرين أخذت أكثر نساء الحضر في لبس الفساتين المفصَّلة و كنَّ قد تعلَّمن فن القصّ و الخياطة من النساء القبطيات و اليونانيات و الآرمنيات اللائي تدفقن إلى داخل السودان لاحقاتٍ برجالهنّ في أعقاب جيش كتشنر و الاستقرار تحت مظلة الحكم الثنائي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أداء المرأة السودانية في صناعة الأزياء السودانية .. جْرِزلْدا الطَّيِّب (Re: Bakhaf)
|
و بإدخال ماكينة الخياطة ، ارتقت الأشياء بحقٍّ . فقد كانت الخيَّاطات أوَّلَ الأمر من هذا المجتمع الأجنبي ، غير أنه مع انتشار تعليم البنات أُدخل فن تعليم الخياطة بالمدارس (لكنه للأسف أٌوقِف منها) و بحلول الستينات (1960) ما كانت امرأة إلا و طموحها أن تمتلك ثلاَّجة أولاً ثمَّ ماكينة خياطة . و أذكاهنَّ من كنَّ يخِطْنَ لأقربائهنَّ و جيرانهنَّ و أصدقاهنَّ ثمَّ أحياناً يكوِّنَّ مالاً منها ، و ما أجملَ ما كنا نراه في أيام الأعياد عقداً من ثلاث أو أربع أخوات كلهنَّ قد لبسن فساتين من مادة واحدةٍ أو طرازٍ واحد قد صنعتها أمُّهُنَّ أو عمتهن أو خالتهن و كان الرجال هم من يعالج ماكينة الخياطة بتنافسٍ في السوق لتفصيل ملابس الرجال من جلاَّبيَّة و سروالٍ و عرَّاقيّ ، لكن ما تزالُ أفضلُ هذه الملبوسات هي التي يُدفع بها إلى امرأةٍ معروفةٍ لتُكمل باليد مواضع الدرز (العمود) و الكفة و فتحات الأزرار . و ما تزال بعض النساء يفتخرن بأنهنَّ يطرِّزن بأيديهنَّ أطراف عمائم رجالهنّ و شالاتهم و اليومَ القليل من النساء ممن عُرفنَ بالموهبة الفنية يتكسبن و يسترزقن من تزويق الثياب بأصباغ النسيج التي وُجدت حديثاً ، و ليس العمل بالسنارة مما اشتهر بالسودان ؛ لأنها ترتبط بالمناخ البارد . لكن هنا الكثير من النساء يعمل بالكروشيه و يسترزقن منه ، فهنَّ يستخدمن خيطَ المراتب لأنه يتصف باللون الطبيعي القطني ، كما إنه زهيد الثمن و يدوم طويلاً إذا كان مصنوعاً من القطن المحلي. و ما تزال المرأة في مناطق البدو تصنعُ الرحط من الجلد بما يبعث الأمل ، غير أنَّ المرأة تقريباً غير منشغلة بالإبداع في الخياطة و الأعمال اليدوية بالقدر الذي كانت عليه أيامَ لم تكن تصرفها عن ذلك الصوارف أو تشغلها الشواغل ، لا بل أكثر مَن التقيتُ بهنَّ مِن شابات اليوم قد صرنَ إلى درجة الماجستير و درجة الكتوراه في التهافت على الذهب .
| |
|
|
|
|
|
|
|