ثورة التعليم العالي: ملامح الإنجاز ومعالم الإعجاز ((من البريد))

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 11:24 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-31-2006, 04:11 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ثورة التعليم العالي: ملامح الإنجاز ومعالم الإعجاز ((من البريد))

    وصلتني هذه الرسالة البريدية من صديق عزيز
    وأكاديمي مقيم بأوربا, المقال الأصلي
    للصحفي وراق لكن هذه أهم جزء من الكلام:
    فإن جهداً علمياً عميقاً ورفيعاً للبروفيسور محمد الامين التوم، قد توفر على تقديم رؤية اكثر شمولاً لواقع التعليم العالي في البلاد، فقد جمع المعلومات والوقائع، وفضح السياسات، وقدم البدائل، في كتاب بعنوان (واقع التعليم العالي في السودان: نحو رؤية جديدة لفترة جديدة)، ارجو ان يطلع عليه كل مهتم بالشأن العام في البلاد، كما ارجو أن يتوفر الخبراء والمختصون، بذات الجهد العلمي الرصين، لدراسة الخراب في المجالات الاخرى، كالصحة والزراعة والصناعة، ومن ثم تقديم البدائل .
    واستعرض ادناه بعضا مما جاء في دراسة البروفيسور محمد الأمين التوم، وأبدأ عرض واقع التعليم العالي، بإيراد بعض النماذج الفاقعة لمدى إفساد وتخريب التعليم العالي في البلاد.
    تقدم احد الاجانب لشغل وظيفة في الرياضيات بجامعة الخرطوم، قبل عام، وأرفق مع طلبه شهادة ماجستير من احدى الجامعات السودانية الحكومية، ورغم ان الشهادة صادرة حقاً من الجامعة المعنية، فقد ثبت بأن المتقدم لم يعتب أبداً أرض الجامعة، بل وبحسب سجلها ليس لديها أي شخص في طاقمها الاكاديمي قد تخصص في المجال العلمي لشهادة الماجستير تلك!!
    واختار بروفيسور محمد الامين جامعتين للتحقيق في رسائل الدكتوراة لديها، ما بعد العام 2001م، فوجد خمس رسائل، احداها في علوم الكمبيوتر، بالعربية، ليس بها سوى 14 مرجعاً مسجلاً، وليس بها فصل عن Literature review ( الدراسات السابقة)! ورسالة دكتوراة أخرى، لم تزعج نفسها بتعريف المفاهيم الاساسية، كما ليس لديها ثبت منفصل بالمراجع غير العربية! ورسالتان أخريان عن الفيزياء، أحداهما بالانجليزية، والاخرى بالعربية، كلاهما في نفس الموضوع، وبإشراف شخص واحد، بل وبنفس الممتحن الخارجي! والرسالة الخامسة في الادب لا تتضمن فصلا عن منهجية البحث ولا فصلا عن Literatve re
    view ( الدراسات السابقة)!!
    وفي جامعة من الجامعات كان أحد المحاضرين (حائز على درجة ماجستير فقط) مشرفاً على رسالة ماجستير في نفس الجامعة! وفي حالة اخرى، كان حامل درجة ماجستير ممتحناً خارجياً لرسالة ماجستير!! وقد حدثت الحالتان في عام 2005م!!
    ويخلص بروفيسور محمد الامين الى تدني نوعية الدراسات العليا، بسبب (تسليع) التعليم العالي، حيث فتحت الجامعات أبوابها لحملة البكالريوس، غض النظر عن شغفهم بالمعرفة ومؤهلاتهم البحثية، لتحصيل رسوم الشهادات لسد العجز في موازناتها، وكذلك بسبب عدم وجود المكتبات القادرة حقا على تزويد الدارسين بما يحتاجونه في المجالات العلمية المختلفة، وبغياب المعامل، حيث لا توجد ولا جامعة واحدة في البلاد لديها معمل مؤهل للبحث العلمي! اضافة الى ضعف انتاج البحوث العلمية، مما جعل المشرفين على الدراسات العليا، غير مؤهلين بصورة كافية لتوفير اشراف ذي نوعية للدارسين الذين يشرفون على بحوثهم! وكذلك بسبب ضعف اللغة الانجليزية لدى غالبية طلاب الدراسات العليا، مما يجعلهم غير قادرين على متابعة تطورات المعارف على المستوى العالمي في مجالات تخصصهم! وغني عن القول ان جميع هذه الاسباب تتصل بالسياسة التعليمية للانقاذ.
    ثم يقدم بروفيسور محمد الامين وقائع دامغة عن اوضاع الجامعات، تؤكد بأن النكتة الشائعة عن مقولة احد اساتذة كلية الطب بأنه لا ينصح مريضاً بالمعالجة لدى خريجي كليات الطب ما بعد الانقاذ، ليست مجرد نكتة! وكما تؤكد الوقائع، فالكارثة لا تتعلق بخريجي الطب وحدهم، وانما بأجيالنا القادمة، في كل التخصصات، وهذا ما سأستعرضه بعد غد بإذنه تعالى.
    * أواصل استعراض بعض المعلومات من الدراسة العلمية الرفيعة للبروفيسور محمد الأمين التوم بعنوان: (واقع التعليم العالي في السودان، نحو رؤية جديدة لفترة جديدة).
    * من أهم المشكلات التي تواجه التعليم العالي في البلاد أن التوسع في الجامعات وفي عدد الطلاب لم يترافق مع توسع متناسب في عدد الأساتذة، ففي حين زاد عدد الطلاب بنسبة 8.9% سنوياً في خمسة عشر عاماً، زاد عدد المحاضرين (المعينين بدوام كامل) بنسبة 5.5% وزاد حاملو الدكتوراة بنسبة 9.4% وهكذا ففي العام الدراسي 2000/2001 كان لدى الجامعات الحكومية 4495 أستاذاً، من بينهم 1856 يحوزون على شهادة الدكتوراة (أي بنسبة 2.41% من المجموع) بينما 2555 (8.56%) ليس لديهم سوى شهادة الماجستير!
    وفي الجامعات الخاصة، التي لديها 910 أستاذ بدوام كامل، فإن 321 فقط (أي 3.35%) يحوزون على الدكتوراة، بينما 526 (أي 8.57%) لديهم شهادة ماجستير!
    * ويتضح واقع التعليم العالي البائس في البلاد بمقارنته بالمعايير العالمية، حيث النسبة العالمية لعدد الطلاب لعدد الاساتذة 14، وفي الدول النامية فإنها لا تزيد عن 21. وكانت النسبة في السودان عام 70/1971، 16، وفي عام 80/1981، 25، ثم قفزت في عام 90/1991 إلى 41!! وفي عام 2000/2001 تراوحت النسبة بين جامعة وأخرى، ولكنها في الجامعات الحكومية البالغة 26 فإن النسبة في 18 منها يتجاوز المائة!!
    وفي إطار الكارثة الشاملة لكل الجامعات، فإن هناك تفاوتاً واضحاً سواء بين الجامعات أو بين الكليات في نفس الجامعة، فنسبة الطلاب للأساتذة في كلية الطب جامعة الخرطوم 12، لكنها في كلية الهندسة 33، وفي القانون 53، وأكثر من 100 في العلوم الإدارية! وتتجاوز النسبة الـ 100 أيضاً في كليات الطب في الفاشر وفي كسلا!!
    * وكأنموذج للنقص الفادح في أعداد الأساتذة المؤهلين، فإن جملة اعداد حملة الدكتوراة حالياً في علوم الرياضيات والكمبيوتر والفيزياء في كل الجامعات السودانية ليسوا سوى 44 فقط!!
    * وبالنتيجة فإن طلاب الجامعات يجدون أساتذة أقل، وبالتالي يكتبون بحوثاً أقل، ولديهم علاقات مع أساتذتهم وجهاً لوجه أقل، وبالتالي فإن لديهم زمناً أقل للجوانب العملية والتطبيقية (التي تتطلب اشرافاً أكبر من الأساتذة)! بل إن الكثير من الطلاب يتخرجون دون ممارسة أية تجارب علمية، وتتحول التجارب العلمية التطبيقية نفسها، في غياب الموارد البشرية والمادية اللازمة، إلى دروس نظرية!!
    * وجانب آخر من أزمة التعليم العالي يتعلق بعمر الأساتذة، فبحسب دراسة البروفيسور محمد الأمين التوم، فإن غالبية أساتذة الجامعات يتجاوزون الخمسين عاماً. ففي جامعة الخرطوم 62% من حملة الدكتوراة هم إما في الخمسين أو فما فوق، وأما من هم في الـ 35 أو أقل فانهم لا يشكلون سوى 8%!
    وفي جامعة النيلين فإن 56% هم في الخمسين أو فما فوق، بينما من هم في الـ 35 أو أقل يشكلون فقط 9.8% من حملة الدكتوراة!
    وتوضح هذه النسب بأن هناك خللاً فاضحاً في توفير الموارد اللازمة لتنمية الموارد البشرية، للتدريب، ولتمويل الدراسات العليا، وكذلك خلل في الحوافز والامتيازات للالتحاق بالتعليم العالي، مقارنة بالمجالات الأخرى، وخلل في الحوافز الممنوحة لحملة الدكتوراة - أى للترقي -، إضافة إلى تدهور المناخ المعنوي في التعليم العالي.
    * ولكن الأكثر إجرامية قرار الحكومة بتقليل سن التقاعد للمعاش بالنسبة لأساتذة الجامعات، ومساواتهم في ذلك بشاغلي الوظائف الأخرى - ما عدا بالطبع الوظائف السياسية!! وكنتيجة لهذا القرار فإن حوالي 60% من حملة الدكتوراة في جامعة الخرطوم سيحالون إلى التقاعد!! ولاحظ أنهم أصلاً أندر من الكبريت الأحمر! في تخصصات نادرة، عزّ أن تتوفر بدائل لهم! تحال أفضل الكفاءات السودانية، التي صرف عليها الشعب السوداني دم قلبه، إلى التقاعد، بحجج واهية وسخيفة، كمثل الحجة عن فتح فرص الترقي(!) كأنما الجامعات جيوش لا يتم الترقي فيها إلا بإخلاء الرتب الأعلى!! أو حجة السن(!) في حين أن الممارسة المعتمدة في كل جامعات العالم التمسك بالكفاءات، مهما كان سنها ما دامت قادرة على العمل، بل أن هذه الكفاءات المعروفة تشكل أحد عوامل الجذب والمفاضلة بين جامعة وأخرى!!
    وبعيداً عن الحجج الواهية فإن السبب الحقيقي لقرار تقليل سن التقاعد سبب سياسي وأخلاقي. سياسياً، يتعلق بتكوين النقابة الشرعية لأساتذة جامعة الخرطوم، وهي بادرة معدية يمكن أن تنتقل إلى الجامعات الأخرى وإلى المهن الأخرى، مما يمكن العاملين من الدفاع عن حقوقهم المسلوبة، وهذا ما ظل دعاة اقتصاد السوق (الحر) المتوحش يتفادونه طيلة السنوات السابقة، ذلك أن (الحرية) التي يعنونها إنما (حرية) الطفيليين والتي بالطبع لا تتعدى إلى العاملين وانما تشترط (حرية) استغلالهم بلا ضابط أو كابح، كالنقابات المنتخبة بصورة حرة ونزيهة من قواعدها! وهكذا فإن الاحالة إلى التقاعد إنما تهدف إلى تحطيم نقابة الأساتذة الشرعية!
    وأما أخلاقياً، فيتعلق بتسليع القيم، بجعل كل شيء قابل للبيع والشراء، بما في ذلك القيم الأخلاقية، ومن بينها القيم الأكاديمية. ويرتبط ذلك بالسبب السياسي، وبالطبيعة الطفيلية للقوى الاجتماعية التي تستند عليها الإنقاذ، ولكنه كذلك مرغوب في ذاته، كأداة للسيطرة والتحكم. ولهذا فإن أساتذة جامعة الخرطوم الذين تكونوا في الزمن السمح، حين كانت تسود قيم حب الحقيقة والنزاهة والاستقامة وغيرها من القيم الأخلاقية التي لا يمكن تصور حياة أكاديمية أو علمية بدونها، مثل هؤلاء غير مرغوب فيهم الآن، لأنهم يشكلون (ذاكرة) للقيم التي يود الطفيليون نسيانها، ويشكلون (ضميراً) يقظاً أمام أناس يودون بيع كل شيء بما في ذلك ضمائرهم وضمائر الآخرين! ومثل هذه الذاكرة والضمير يعرقلان اقتصاديات السوق (الحرة) الناشبة حالياً في المجال الأكاديمي!!
    * ولكن، على كل، فإن مصلحة الإنقاذ في السيطرة والتحكم، والتي تتطلب إحالة أفضل الكفاءات النادرة للتقاعد، تتناقص مع مصالح أهل السودان، مما يؤكد مرة أخرى وإضافية، كما على الدوام، بأن المؤتمر (الوطني) يشكل نقيضاً للوطن!!
    وأواصل بإذنه تعالى
    * أواصل استعراض بعض المعلومات من الدراسة العلمية الرفيعة للبروفيسور محمد الأمين التوم بعنوان: (واقع التعليم العالي في السودان، نحو رؤية جديدة لفترة جديدة).
    * من أهم المشكلات التي تواجه التعليم العالي في البلاد أن التوسع في الجامعات وفي عدد الطلاب لم يترافق مع توسع متناسب في عدد الأساتذة، ففي حين زاد عدد الطلاب بنسبة 8.9% سنوياً في خمسة عشر عاماً، زاد عدد المحاضرين (المعينين بدوام كامل) بنسبة 5.5% وزاد حاملو الدكتوراة بنسبة 9.4% وهكذا ففي العام الدراسي 2000/2001 كان لدى الجامعات الحكومية 4495 أستاذاً، من بينهم 1856 يحوزون على شهادة الدكتوراة (أي بنسبة 2.41% من المجموع) بينما 2555 (8.56%) ليس لديهم سوى شهادة الماجستير!
    وفي الجامعات الخاصة، التي لديها 910 أستاذ بدوام كامل، فإن 321 فقط (أي 3.35%) يحوزون على الدكتوراة، بينما 526 (أي 8.57%) لديهم شهادة ماجستير!
    * ويتضح واقع التعليم العالي البائس في البلاد بمقارنته بالمعايير العالمية، حيث النسبة العالمية لعدد الطلاب لعدد الاساتذة 14، وفي الدول النامية فإنها لا تزيد عن 21. وكانت النسبة في السودان عام 70/1971، 16، وفي عام 80/1981، 25، ثم قفزت في عام 90/1991 إلى 41!! وفي عام 2000/2001 تراوحت النسبة بين جامعة وأخرى، ولكنها في الجامعات الحكومية البالغة 26 فإن النسبة في 18 منها يتجاوز المائة!!
    وفي إطار الكارثة الشاملة لكل الجامعات، فإن هناك تفاوتاً واضحاً سواء بين الجامعات أو بين الكليات في نفس الجامعة، فنسبة الطلاب للأساتذة في كلية الطب جامعة الخرطوم 12، لكنها في كلية الهندسة 33، وفي القانون 53، وأكثر من 100 في العلوم الإدارية! وتتجاوز النسبة الـ 100 أيضاً في كليات الطب في الفاشر وفي كسلا!!
    * وكأنموذج للنقص الفادح في أعداد الأساتذة المؤهلين، فإن جملة اعداد حملة الدكتوراة حالياً في علوم الرياضيات والكمبيوتر والفيزياء في كل الجامعات السودانية ليسوا سوى 44 فقط!!
    * وبالنتيجة فإن طلاب الجامعات يجدون أساتذة أقل، وبالتالي يكتبون بحوثاً أقل، ولديهم علاقات مع أساتذتهم وجهاً لوجه أقل، وبالتالي فإن لديهم زمناً أقل للجوانب العملية والتطبيقية (التي تتطلب اشرافاً أكبر من الأساتذة)! بل إن الكثير من الطلاب يتخرجون دون ممارسة أية تجارب علمية، وتتحول التجارب العلمية التطبيقية نفسها، في غياب الموارد البشرية والمادية اللازمة، إلى دروس نظرية!!
    * وجانب آخر من أزمة التعليم العالي يتعلق بعمر الأساتذة، فبحسب دراسة البروفيسور محمد الأمين التوم، فإن غالبية أساتذة الجامعات يتجاوزون الخمسين عاماً. ففي جامعة الخرطوم 62% من حملة الدكتوراة هم إما في الخمسين أو فما فوق، وأما من هم في الـ 35 أو أقل فانهم لا يشكلون سوى 8%!
    وفي جامعة النيلين فإن 56% هم في الخمسين أو فما فوق، بينما من هم في الـ 35 أو أقل يشكلون فقط 9.8% من حملة الدكتوراة!
    وتوضح هذه النسب بأن هناك خللاً فاضحاً في توفير الموارد اللازمة لتنمية الموارد البشرية، للتدريب، ولتمويل الدراسات العليا، وكذلك خلل في الحوافز والامتيازات للالتحاق بالتعليم العالي، مقارنة بالمجالات الأخرى، وخلل في الحوافز الممنوحة لحملة الدكتوراة - أى للترقي -، إضافة إلى تدهور المناخ المعنوي في التعليم العالي.
    * ولكن الأكثر إجرامية قرار الحكومة بتقليل سن التقاعد للمعاش بالنسبة لأساتذة الجامعات، ومساواتهم في ذلك بشاغلي الوظائف الأخرى - ما عدا بالطبع الوظائف السياسية!! وكنتيجة لهذا القرار فإن حوالي 60% من حملة الدكتوراة في جامعة الخرطوم سيحالون إلى التقاعد!! ولاحظ أنهم أصلاً أندر من الكبريت الأحمر! في تخصصات نادرة، عزّ أن تتوفر بدائل لهم! تحال أفضل الكفاءات السودانية، التي صرف عليها الشعب السوداني دم قلبه، إلى التقاعد، بحجج واهية وسخيفة، كمثل الحجة عن فتح فرص الترقي(!) كأنما الجامعات جيوش لا يتم الترقي فيها إلا بإخلاء الرتب الأعلى!! أو حجة السن(!) في حين أن الممارسة المعتمدة في كل جامعات العالم التمسك بالكفاءات، مهما كان سنها ما دامت قادرة على العمل، بل أن هذه الكفاءات المعروفة تشكل أحد عوامل الجذب والمفاضلة بين جامعة وأخرى!!
    وبعيداً عن الحجج الواهية فإن السبب الحقيقي لقرار تقليل سن التقاعد سبب سياسي وأخلاقي. سياسياً، يتعلق بتكوين النقابة الشرعية لأساتذة جامعة الخرطوم، وهي بادرة معدية يمكن أن تنتقل إلى الجامعات الأخرى وإلى المهن الأخرى، مما يمكن العاملين من الدفاع عن حقوقهم المسلوبة، وهذا ما ظل دعاة اقتصاد السوق (الحر) المتوحش يتفادونه طيلة السنوات السابقة، ذلك أن (الحرية) التي يعنونها إنما (حرية) الطفيليين والتي بالطبع لا تتعدى إلى العاملين وانما تشترط (حرية) استغلالهم بلا ضابط أو كابح، كالنقابات المنتخبة بصورة حرة ونزيهة من قواعدها! وهكذا فإن الاحالة إلى التقاعد إنما تهدف إلى تحطيم نقابة الأساتذة الشرعية!
    وأما أخلاقياً، فيتعلق بتسليع القيم، بجعل كل شيء قابل للبيع والشراء، بما في ذلك القيم الأخلاقية، ومن بينها القيم الأكاديمية. ويرتبط ذلك بالسبب السياسي، وبالطبيعة الطفيلية للقوى الاجتماعية التي تستند عليها الإنقاذ، ولكنه كذلك مرغوب في ذاته، كأداة للسيطرة والتحكم. ولهذا فإن أساتذة جامعة الخرطوم الذين تكونوا في الزمن السمح، حين كانت تسود قيم حب الحقيقة والنزاهة والاستقامة وغيرها من القيم الأخلاقية التي لا يمكن تصور حياة أكاديمية أو علمية بدونها، مثل هؤلاء غير مرغوب فيهم الآن، لأنهم يشكلون (ذاكرة) للقيم التي يود الطفيليون نسيانها، ويشكلون (ضميراً) يقظاً أمام أناس يودون بيع كل شيء بما في ذلك ضمائرهم وضمائر الآخرين! ومثل هذه الذاكرة والضمير يعرقلان اقتصاديات السوق (الحرة) الناشبة حالياً في المجال الأكاديمي!!
    * ولكن، على كل، فإن مصلحة الإنقاذ في السيطرة والتحكم، والتي تتطلب إحالة أفضل الكفاءات النادرة للتقاعد، تتناقص مع مصالح أهل السودان، مما يؤكد مرة أخرى وإضافية، كما على الدوام، بأن المؤتمر (الوطني) يشكل نقيضاً للوطن!!
    وأواصل بإذنه تعالى
    بحسب الدراسة العلمية العميقة للبروفيسير محمد الأمين التوم والمنشورة في كتابه باللغة الانجليزية (التعليم العالي في السودان: رؤية جديدة لفترة جديدة)، فإن الأساس في أزمة التعليم العالي في البلاد يعود إلى السياسة الاقتصادية الاجتماعية للانقاذ، والمسماة باقتصاد السوق (الحر)، والقائمة على ضغط الصرف على القطاعات الاجتماعية، بما فيها التعليم.
    وتؤكد هذه الخلاصة الاحصاءات، فبينما ظل نصيب التعليم من المصروفات الحكومية الجارية في الفترة منذ الاستقلال وحتى مجيء الانقاذ يتراوح ما بين 4.12% كأدنى رقم، و 9.17% كأعلى رقم، إلا ان هذه النسبة انخفضت بمجيء الانقاذ إلى 7.6% ثم ظلت تتراوح في الفترة من 1989 وحتى 2003 ما بين 7.1% و7.7%!!
    * وقياساً بالناتج القومي الاجمالي فقد كان الصرف على التعليم في عام 97/1998م 3.0% وانخفض اكثر في عام 2001 إلى 2.0%!
    هذا بينما النسبة على المستوى العالمي 22%، وفي الدول المتقدمة 4.21%، وفي الدول في مرحلة الانتقال 5.20%، وفي الدول الأقل نمواً 7.17%، وفي اكثر الدول تخلفاً فإن نسبة الصرف على التعليم من الناتج القومي الاجمالي 6.16%! بما يعني اننا في ظل الانقاذ قد (فقنا العالم أجمع) في تجاهل الصرف على التعليم!!
    * وبسبب ضغط الصرف على التعليم فإن الجامعات تعاني جوعاً بالغاً الى الموارد، ففي عام 2001 كان الدعم الحكومي للجامعات حوالي 8.59 مليون دولار، وجملة الموارد التي جمعتها الجامعات الحكومية (24 من 26 جامعة) من مصادرها الداخلية حوالي 7.38 مليون دولار، هذا في حين كانت الجامعات تحتاج إلى حوالي 292 مليون دولار! أي بعجز سنوي قدره حوالي 181 مليون دولار! مما يؤكد بأن الجامعات الحكومية ظلت، ولأكثر من خمسة عشر عاماً تعاني من أزمة مالية حادة!
    وفي ظل أزمة التمويل هذه فإن وزارة التعليم العالي قد انخرطت في بناء مقر جديد لها بتكلفة تصل الى حوالي 8 ملايين دولار!!
    * ويشكل ضغط الصرف الحكومي على التعليم العالي السبب الأساسي في (تسليع) التعليم، أي في انحطاط القيم الاكاديمية والعلمية، حيث لجأت الجامعات لسد العجز في ميزانياتها الى الدبلومات العشوائية، والى التهاون في معايير الدراسات العليا مما أدى ضمن أسباب أخرى، الى (عشوائية) واضحة في رسائل الماجستير والدكتوراة!
    * وانعكست الأزمة على كامل العملية الأكاديمية، سواء في تمويل بعثات الاساتذة، أو تمويل البحوث، كما انعكست على أوضاع المكتبات الجامعية.
    وكأنموذج فإن مكتبة جامعة الخرطوم، الأقدم والأكبر في البلاد، كان لديها في عام 2003 عدد 375757 مرجعا، ولكن المراجع الجديدة من بينها ليست سوى 1574 فقط! لاحظ هذا في ظل الثورة العلمية التقنية والانفجار المعلوماتي الهائل في السنوات الاخيرة! ولايضاح المفارقة يورد بروفيسير محمد الأمين دراسة لأحد العلماء (شومر 1999) تثبت بأنه في السنوات الخمس عشرة الاخيرة صدرت مؤلفات في الكيمياء أكثر مما صدر في كل التاريخ السابق للبشرية!!
    ثم ان قائمة الدوريات في مكتبة جامعة الخرطوم ظلت هي نفسها دون تجديد منذ 1969! وتشمل 3321 دورية منها 93 فقط باللغة العربية! ولكن الاخطر ان عدد الدوريات التي تصل الى المكتبة هبط من 218 في عام 91/1992 إلى 168 في عام 92/1993، ثم أوقفت الاشتراكات في كل الدوريات منذ عام 1993!!
    وبالنتيجة فإن مشروع الانقاذ المسمى بالمشروع (الحضاري) قد عزل البلاد فعلياً عن التطور العلمي في العالم، وبالتالي عن الحضارة الانسانية!!
    وقد راجعت المكتبة الرئيسية لجامعة الخرطوم مراجعها في الكيمياء فوجدت انها فقط 2540 كتابا، وكانت بحسب التقرير (في حالة صعبة على الوصف، الغبار في كل مكان، الكتب ممزقة الاغلفة، بعضها منزوع الصفحات...، وبعضها لا علاقة له بالعلم دع عنك الكيمياء! وبعض المراجع النادرة تالفة بسبب الامطار! مما لا يمكن حدوثه إلا بسبب التجاهل واللامبالاة..)!! ثم ان غالبية هذه المراجع باللغة الانجليزية، وليس بينها سوى حوالي عشرين كتاباً باللغة العربية، رغم صدور القرار بتعريب التعليم العالي!!
                  

10-31-2006, 08:14 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة التعليم العالي: ملامح الإنجاز ومعالم الإعجاز ((من البريد)) (Re: Mohamed E. Seliaman)

    Quote: (واقع التعليم العالي في السودان: نحو رؤية جديدة لفترة جديدة)،

    كيف يمكنني الحصول على نسخة من هذا الكتاب؟؟
                  

11-01-2006, 12:47 PM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة التعليم العالي: ملامح الإنجاز ومعالم الإعجاز ((من البريد)) (Re: Mohamed E. Seliaman)

    Quote: وتوضح هذه النسب بأن هناك خللاً فاضحاً في توفير الموارد اللازمة لتنمية الموارد البشرية، للتدريب، ولتمويل الدراسات العليا، وكذلك خلل في الحوافز والامتيازات للالتحاق بالتعليم العالي، مقارنة بالمجالات الأخرى، وخلل في الحوافز الممنوحة لحملة الدكتوراة - أى للترقي -، إضافة إلى تدهور المناخ المعنوي في التعليم العالي.

    بل هنالك ما يندى له الجبين
    من فساد في التصرف في المستحقات المالية
    للمبتعثين !!!
                  

12-11-2006, 06:40 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة التعليم العالي: ملامح الإنجاز ومعالم الإعجاز ((من البريد)) (Re: Mohamed E. Seliaman)

    فوق
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de