مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 01:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-27-2006, 08:55 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006

    إيمانا مني بضرورة الشفافية في ممارسة العمل السياسي، وبأهمية مناقشة أمور حزب كبير كحزب الأمة في الهواء الطلق، وانطلاقا من مسؤولياتنا تجاه الوطن في هذا الظرف الحرج، أنشر خطابي لرئيس وقيادات حزب الأمة في احدى مناسبات الحزب التي عقدت في الآونة الأخيرة، من دون أن أكون ملزما بالكشف عن المناسبة.
    وأرجو أن يجد الخطاب الذي أرسلته النقاش الواعي والجاد من قبل الجميع.




    خطاب لـ"...." - حزب الأمة القومي

    السيد رئيس حزب الأمة القومي
    السيدات والسادة قيادات حزب الأمة القومي
    السيدات والسادة المشاركون والمشاركات في "...."
    تحية مباركة،،
    وأبارك لكم جميعا عقد هذه "...."، لعلها تكون في الاتجاه الصحيح والمراد لهذا الحزب.
    كنت معنيا بالحضور لدواعي الحوار ومحاولة طرح رؤية من جانبي، إلا أن ظروف الشتات التي نعيشها حالت دون ذلك. وأرغب بشدة في استغلال هذه السانحة لمخاطبة "...."، انطلاقا من واجبي كسياسي شاب ملتزم تجاه هذا الحزب، ومن موقعي أيضا كمثقف، يحوز بالضرورة عقلا ناقدا، ومدققا، ومخالفا في بعض الأحيان.
    وأرجو أن تتسع لي صدور الجميع، فما سأطرحه، لا يتعلق برؤية تتوسل منصبا، ولا تبحث عن مقعد، على الرغم من شرعية ذلك. إنها رؤية أحاول جاهدا أن أصوغها بشكل فكري وثقافي، قد يصادم كثيرا من المرئيات المتوفرة لآخرين، لكن لا بأس في ذلك، فالعقد السياسي المفروض أنه يربط بيننا يقوم على دعائم وأسس وغايات، تتوجه صوب أن يكون الحزب مقنعا لقاعدته، وقادرا على فعل ملموس على الأرض.
    والدور المناط بنا كشباب داخل هذا الحزب، يتعدى الدور الراهن، لدور فاعل يؤسس لمستقبل مغاير، ومؤسساتية حقيقية، وحداثة، واستشراف للآفاق الاستراتيجية التي ينبغي أن يكون حزبنا في فضائها. إنني أتجاوز التفصيلات المتعلقة بهذه "..."، لمحاولة إعادة تأسيس نظري لكثير من المفاهيم والرؤى المتعلقة بنا كشباب وحزب كبير.
    والحق، إنني أرى تراجعا "مخيفا" في دور مثقفي الحزب طيلة الأعوام الماضية، لجهة العقل المنطقي الناقد داخل المؤسسة الحزبية، ما عطّل إلى درجة كبيرة الحوار الداخلي البناء، وأشاع حالة من "الخمول الفكري" والغيبوبة الثقافية، بمعنى حالة التثاقف المستمرة التي تتيح بناءات فكرية وأصوات متعددة، مرتكزة على تنوع فكري حقيقي داخل الحزب، عوض حال الاحتراب والتعارك المناطقي والجهوي.
    وهذا ما لابد أن نشير ونؤكد عليه، بحثا عن معالجات جذرية لمشكلات ظل الحزب يعاني منها منذ سنوات، وعبر تحليل وتفكيك واستنطاق معرفي منهجي لجذور المشكلات. صحيح أن المناسبة تتعلق بـ"..."، لكن أزمات الحزب حاليا، لا تقتصر على "...".
    ونحتاج قطعا إلى مسبار عميق يفحص وجوه كثيرة لأزمة حزب الأمة ، ويستعرضها للوصول الى خلاصات نقدية واضحة لا يمكن اعتبارها من قبيل التواطؤ أو النيّة فى الهدم والاقصاء ، انما الاعتبار الوحيد الذى سيتضح لكلّ ذى بصيرة هو اعتبار المسؤولية الوطنية الجامعة بغرض الدفع قدما بوعينا التاريخي.
    وإذا كنا سنتعرض للمشكلات، فلابد أن نناقش خلل البنى، والتراكمات، والحلول المجتزأة، والأخطاء، بل والخطايا التي ارتكبها الحزب، من دون قدرة حقيقة، وارادة لتجاوز ذلك والاعتراف به، ونقده بشفافية، وطرق علمية.
    وأرى أننا جميعا مدعوون لتقديم أفضل ما لدينا من جهود فكرية خلاقة، من أجل اصلاح الحزب هيكليا ومؤسسيا وفكريا، بل و"اعادة بنائه" على نحو يحقق مصلحة الوطن، وفائدة مستقبله، ويؤسس فعلا لحزب ذي بنى حديثة تلبي الطموحات، وتواكب التحديات الماثلة.
    وأرى أن الاستدارة الجادة للخلف، واستقراء الأحداث بشكل متمهل، يتيح لنا معاينة الواقع على نحو أفضل. ولعل في هذه الاستدارة للماضي، ما يوضح خلل البنى الحزبية، بل والفكرية أحيانا. فهذا الحزب، تأسس في الأربعينات، وقبل ذلك من خلال فكرة "السودان.. للسودانيين"، على مفاهيم ورؤى مدنية وحداثية. وكان مثقفو الحزب آنذاك يرفدونه برؤى تقدمية، وحوارات معمقة حول شؤون شتى، وإن ارتكبوا أخطاء في معالجة بعض المسائل، كالجنوب، وإغفال جانب التأسيس النظري للدولة، وكيفية إرساء تقاليد راسخة لممارستها المدنية الديمقراطية. والواقع أن هذا المسار المدني انحرف منذ منتصف الستينات، ربما استجابة لصعود الإسلام السياسي. والمشكلة في تقديري - وهي مشكلة بنية – هي محاولة مجاراة الإسلام السياسي، بانحرافه قليلا جهة اليمين. وهذا ما أدى تاليا لصوغ برنامج سياسي تحت لافتة دينية.. "الصحوة الإسلامية".
    ومن زاوية أخرى، تقاطعت خطابات هيئة شؤون الأنصار كجهة دينية تحظى باحترام واسع، مع خطابات حزب الأمة، كجهة سياسية لها تاريخها ونضالاتها، ورؤيتها المدنية، وتقدميتها فيما يتعلق بمفاهيم المواطنة، والحداثة عموما. هذا التجاذب العنيف على صعيد احدى البنى الفكرية الرئيسة، أحدث خللا عميقا في الخطاب الفكري والثقافي للحزب.
    من ناحية أخري ، فإن ندرة الاختلافات الفكرية ، وشح المدارس داخل الحزب ، أدي لاستشعار ما بأن رئيس الحزب طالما أنه يجمع الرئاسة السياسية الى جانب القيادة الدعوية وينظّر لهما معا، فان التطابق قائم لا محالة بين الكيان والحزب. ليس هذا فحسب، وانما كذلك نشأ عجز ذاتي عن تأسيس منهج نقدي فكري وسياسي فى داخل الحزب، فما لم ينقده رئيس الحزب، وما لم يراجعه هو بنفسه، لا يمكن الخوض فيه، كونه المرجعية الفكرية الوحيدة.
    وعوض أن يتصدى حزبنا وبشجاعة تامة لمخاطر الإسلام السياسي، ومنزلقاته، جاراه بشكل كبير، ما حرف الساحة السياسية كلها جهة اليمين. ويبدو أن قدر هذا الحزب بناء على تركيبته وبنيته الجماهيرية، و"المزاج السوداني" والفضاء الذي تأسس بداخله، في محافظته على وسطيته الفكرية، وعلى ملمحه السودانوي المدني الحداثي.
    الخلل الفكري الذي توارثناه منذ منتصف الستينات، أفضى في التسعينات لمزاوجة تامة بين خطابي الهيئة (الديني) وحزب الأمة (السياسي)، ثم نتج عنه أخيرا، ردة فكرية سيكون لها آثارها الخطيرة، تمثلت بانتخاب رئيس الحزب إماما للأنصار.
    فى هذه الناحية ، يصح القول بأن الالتباس الحاصل بين قيادة السيد رئيس الحزب ( سياسيا وفكريا وثقافيا ودينيا ) فى حزب الأمة وكيان الانصار، أنشأ جملة من المفاهيم التى يمكن تسميتها بأنها خاطئة. فاجتهاده فى الحقل الدعوي بوصفه قائدا لكيان الأنصار أضحي ينسحب على المشافهات الثقافية وحالة التثاقف فى داخل الحزب من دون التنبه الى أن الاجتهاد فى هذا الحقل قد يصار الى أن يكون "أمميا" وليس بالضرورة أبدا أن يعبّر عن جسم سياسي سوداني كحزب الأمة.
    والواقع أن هذه النقطة تحديدا تحتاج تفكيكا منهجيا ومثابرة فى فصل المدونات النظرية لحزب الأمة فى اطار سعيه مع القوي السياسية الأخري لخلق مناخات جديدة، وفى اطار الدفاع السياسي ايضا، عن المدونات الفكرية المنتجة لكيان الأنصار ومنتسبيه من المسلمين السودانيين المنتميين اليه.
    وعلى الرغم من أن كيان الأنصار قد يكون فى نظر الكثيرين _ وأنا منهم _ كيانا دعويا معتدلا ومنفتحا ، الا ان خطابه الفكري يتعارض مع الخطاب الفكري لحزب الأمة ، لكون هذا الأخير يتجه بخطابه لجميع السودانيين، بأديانهم كافة وأعراقهم وثقافاتهم، ولا يمكن اختزال خطابه فى تفريعات فكرية مستلفة من كيان الأنصار.كما لا يمكن فى المقابل اختزال الحقل الدعوي الانصاري فى مرئيات حزب الأمة فحسب.
    وهذا جزء من تمثلات الأزمة الفكرية التي يعيشها الحزب. وتمثلات الأزمة في جانبها الفكري لا ينكرها إلا مكابر، فالأمر برمته يوحي، ويلقي بظلال من الشك على دعوة حزب الأمة لـ"دولة مدنية"، ناهيك عن أنه يحدث خلطا كبيرا في خطابنا السياسي. والحل الوحيد، يكمن في الفرز الواضح بين هيئة شؤون الأنصار، وحزب الأمة، في الخطاب، وفي المدونات الفكرية، والثقافية، وفي القيادة.
    مشكلة بنيوية أخرى، تكمن في الموقف الضبابي للحزب من مسألتي ("العنف" و"اللا عنف")، و(الديكتاتورية). ففي المسألة الأولى، يندد الحزب دائما بالعنف، لكنه اتبع أسلوبا عنيفا ضد جعفر نميري (1976)، كما هو الحال ضد عمر البشير (1996-1999) تقريبا. وخلّف تذبذب الحزب وتأرجحه بين الموقفين، آثار غير خافية. فـ"المجاهدون" الذين رحلوا صوب ليبيا منتصف السبعينات، وصوب إريتريا بعد ذلك بعشرين عاما، لم تسوّ أوضاعهم، ولم ينصفهم الحزب بتاتا. ولعل الداعي الأخلاقي يلزمنا بمناقشة قضاياهم، وحل مشكلاتهم بصفة نهائية، ورد الاعتبار لهم، وإلا نكون كمن يستعمل الناس لحما ويرميهم عظما، فهم أعظم منا قدرا داخل هذا الحزب، وأكثر كفاحا، وأسمى مكانة.
    ولم يعد شباب الحزب على نحو خاص، على بينة من أمر "العنف" و"اللا عنف"، فهم لا يدركون على وجه الدقة، نهج حزبهم، ورؤيته تجاه المسألة، أهو نهج "جيفاري" قائم على النضال العنيف، أم نهج "غاندي" يلزم مسارا سلميا (على الدوام) في النضال ضد الديكتاتورية. ولابد أن يحسم الحزب هذه المسألة، لأنها تلقي بظلالها على "تكوين" الكادر الحزبي وثقافته، كما تحدد وبشكل قاطع مدى تطابق النهج الحزبي مع قاعدته الأخلاقية. ولأن هذه الضبابية أدت إلى "ثقافة عنفية" داخل الحزب، وخصوصا في أوساط كوادره الشابة، ما حسم بعض الخلافات الداخلية بطريقة عنفية، مثل الاعتداء على المرحوم الدكتور عمر نورالدائم، وما حدث أخيرا ضد كوادر في جيش الأمة.
    أما ما يتعلق بالموقف من الديكتاتورية، فعلى الرغم من الحجج والأعذار التي تسوقها قيادة الحزب لتبرير "خطيئة" مصالحة جعفر نميري، ثم "خطيئة" مصالحة البشير، وعلى الحد الأدنى من المكاسب السياسية، فإن المردود السياسي الذي جناه الحزب من المصالحتين يبقى صفرا بالنظر إلى المكاسب التي جناها النظامان.
    والمشكلة أن المصالحتين جرتا إلى حد كبير بـ"تغييب" الحزب، وحضور قيادته العليا فحسب. بل أن المصالحة الأخيرة تمت من دون علم غالبية أعضاء المكتب السياسي. وواضح الآن، من خلال الدراسة المتأنية لمحصلة المصالحتين، والظروف التي جرتا فيها، والرؤية النهائية التي ينبغي أن ننظر إليها بعين الاعتبار، هي أن المصالحتين لم تفضيا إلا لمردود ضعيف لا يمكن مقارنته مطلقا بالانتكاسات والفشل السياسي بل والأخلاقي الذي تبعهما.
    فعلى الصعيد الأخلاقي، سمحت المصالحة الأولى بمشاركة قيادات من الحزب في نظام "ديكتاتوري"، ومن دون أن يتحقق - قبل ذلك - شرط التحوّل الديمقراطي. وفي جانب الفشل، جرّت المصالحة الثانية لكارثة سياسية تمثلت بإنشقاق الحزب، وتراجع دوره "النضالي"، وركونه لحال "بين..بين"، واحباط الآلاف من كوادره الفاعلة النشطة.
    أليس هذا كله مدعاة لوضع معيار أخلاقي وسياسي رادع لمثل هذه المواقف، طالما أنها أخلاقيا وسياسيا، أثبتت كارثيتها ؟!
    ولست بحاجة للتأكيد على الخلل القاتل والمستمر في البنى التنظيمية والهيكلية في الحزب. وهذا ناتج عن غياب "التخطيط الاستراتيجي" داخل الحزب. والأمر برمته مدعاة لنقاشات مستفيضة من أجل الخروج برؤية نظرية يتبعها عمل من أجل "اعادة تأسيس" التنظيم الحزبي الفاقد للأهلية والدينامية حاليا.
    والحق، إن هذه المسألة تقود لمناقشة الجمود التنظيمي الذي ضرب بأطنابه أروقة الحزب منذ نهاية التسعينات. ولعل مرد ذلك إضافة للطابع المرحلي في الفكر التنظيمي داخل الحزب، انتقال الحزب من حالة "ثورية" إلى حالة "تصالحية".
    الحالة الأولى، تفرز كما هو دائما في حزب الأمة قيادات وكوادر صلبة، تكتسب مزايا الادراك المؤسسي تدريجيا، وتؤهل وتثقف ذاتها على نحو جيد، بعكس الحالة التصالحية، التي يتراجع غالبا دور هؤلاء في ظلها (ولا أعرف السبب، سوى ضلالة تنظيمية، وعادة ذميمة في الحزب)، إذ ينافس على مقاعد القيادة، وتبرز كوادر، غالبا ما يكون اسهامها النضالي والسياسي ضعيفا، بل ومشكوك في صلات بعضها بالديكتاتورية من خلال صفقات سرية، مادية على الأرجح.
    وهي في هذه الحالة، لابد بالضرورة أن تسعى للإعلاء من شأن النزعات المناطقية، والعشائرية، ما يضعف الحس القومي داخل الحزب، ويتضاءل الصراع الفكري والسياسي، صراع المؤهلات والقدرات، إلى مجرد معارك سطحية تدور حول القبيلة والجهة.وهناك مقاعد قيادية محجوزة لقادة حزبيين بناء على أسس البيوتات والثقل القبلي وهذا الشكل يضر بالحزب.
    كما أن انتساب عدد من أبناء السيد رئيس الحزب وأصهاره للهياكل القيادية العليا هو محل نقد واسع من قبل كثيرين من شباب الحزب، واثيرت هذه القضية داخليا أكثر من مرة، ومهما دافع البعض عنها، فإنها تبقى نقطة سوداء لابد من تصحيحها. على أننى أؤكد هنا بأن من حقهم كمواطنين سودانيين وأعضاء فى الحزب الترشح للهياكل القيادية.
    ولابد أن أشير وبوضوح تام، يبلغ حد الادانة، إلى أن عددا من قيادات الحزب، عبثت بمقدرات الحركة الطلابية والشباب وقادتهم الى مستنقع النزاعات التقليدية القديمة وهذا خلل يتحمل الطلاب والشباب جزءا منه كونهم يمثلون جيلا جديدا للاصلاح ما كان ينبغي له أن ينقاد لصراعات كهذه، لكن القيادات التي دفعت في هذا الاتجاه تتحمل مسؤولية تاريخية كونها لم تكتف بالعمل على شق صفوف الحزب، واضعافه فحسب، بل سعت بالفعل لضرب أقوى وأكبر تنظيم "حداثي" ومؤسسي داخل هذا الحزب طيلة تاريخه.
    فما تحقق بالدماء والدموع والنضال منذ مطلع التسعينات في الجامعات السودانية، كان لقمة سائغة لدى هؤلاء، ولابد أن يتحملوا مسؤولية ذلك. و أجد "الكبار" متورطين إلى درجة خيانة مصالح الحزب في استمالة الشباب وترغيبهم في المحاور القديمة حفاظا على المصالح الذاتية واستباقا لثورة هائلة كان من الممكن إحداثها بواسطة أجيال جديدة ضخت دماء صحية في شرايين الحزب ثم ما لبث أن تراجع اتجاه الاصلاح لتفرخ ظروف بعينها بيئة ملائمة للتدجين والسلحفائية والقصور الفكرى .
    وترافق كل هذا مع انهيار تنظيمي، وتسرب في الكوادر، واحباط تعيشه مختلف الفئات الحزبية. والحاجة تبدو ماسة إزاء ذلك لإجراء مراجعات شاملة، لاعادة البعث التنظيمي، والاعداد لعقد مؤتمرات قاعدية، وفئوية، تمهيدا لمؤتمر عام، يعاد من خلاله النظر في جملة مسائل، قبيل تحدي الانتخابات المقبلة، ولمواجهة التحديات الماثلة حاليا.
    ولا يمكن التطرق لمشكلات المال والإعلام من دون النظر أولا في مسألة التنظيم، والتأسيس النظري لحزب حديث في هياكله وبنياته وبرنامجه السياسي. وهنا نقطة لابد من مناقشتها. فالبرنامج السياسي الحالي، محتاج لنقد. والواقع أن أيا من برامجنا السياسية لم يحظ بنقد، لأن البرنامج السياسي كان دائما محاطا بما يشبه "القداسة"، أو لأن العقل المثقف الناقد كان غائبا أو مغيبا، أو لأن هناك كسلا ذهنيا رهيبا نحيله إلى انعدام "الحيوية" الثقافية والفكرية بداخل الحزب.
    وفي ما يتعلق بالبرنامج السياسي، أرى أننا بحاجة لبرنامج أكثر عملياتية، ومختصر كفاية ليصل أي سوداني وسودانية، ومحتاجون لوضع أولوية الخدمات العامة، وحاجات المواطنين، قبيل الملفات الأخرى. وهذا أيضا مناط بالعقول الشابة الناقدة الباحثة، عقولكم، متلاقحة مع عقول شيوخ الحزب، المجرّبة.
    وعليّ أن أنبه وبوضوح إلى أن الحزب يحتاج الآن "ثورة داخلية" عقلانية، تبعث فيه حيوية يفتقدها. هذا من أجل أن نعي مصالحنا على نحو جيد. وبهدف أن ندرك أن الكارثة التي تحيق بالوطن، تضعنا أمام مسؤولية تاريخية جبارة، بوصفنا أكبر الأحزاب السياسية، وأكثرها عراقة، والأهم من ذلك، التكوين السودانوي الصرف لهذا الحزب، والمزاج السوداني الذي يحيط به.
    إن الحزب ما لم يتخلص مرة وإلى الأبد من مأزق الجهوية والمناطقية الذي جره إليه البعض من أجل مصالح ذاتية ضيقة، فلن يتمكن من صنع شيء على الصعيد الوطني. وما لم تتم اعادة تأسيس المؤسسة الحزبية بشكل مؤسساتي وعلمي، فسيظل الحزب كسيحا كما نراه الآن.
    إن الدور الذي يمكن أن نقوم به جميعا، كبير جدا. ولابد أن نعي أن مصلحة الوطن، ومصلحة الحزب، ومصالحنا كلنا، في أن نتجاوز حالة "التوهان" والاحباط هذه، إلى أعمال شجاعة وكبيرة، بالدعوة لتوحيد الحزب، والاعداد لمؤتمر عام لانتخاب قيادة مؤهلة وقادرة على ادارة الصراع السياسي مع النظام الديكتاتوري الذي ما زال قائما. والاعداد المبكر جدا لانتخابات ستكون حاسمة، ويعوزنا من أجل الفوز بها، أن يعاد تأهيل هذا الحزب بأسرع ما يمكن.
    ولي أن أوضح هنا بأننا كشباب مدعوون لإزالة الآثار السيئة التي خلّفها تقاعس قيادة الحزب على مستوى العمل الإنساني الذي كان مطلوبا بشأن أهلنا الضحايا في دارفور. إذ لم يكن منطقيا الاكتفاء بالتنظير السياسي، في وقت يموت الناس هناك، وينزحون بمئات الآلاف.
    فالمطلوب، كان وما يزال، أن يعمل "أكبر حزب سياسي في السودان" على اظهار ولو قدر يسير من الاهتمام الانساني بقواعده في دارفور، من خلال تطوع شبابه في العمل الإغاثي، ومن خلال اطلاق "نفرة" انسانية تضامنا مع انسان دارفور.
    إنني أعتذر وبشدة عن الإطالة في هذه الورقة، لكن فكرة "منبر المستقبل" كانت تدور في ذهني منذ فترة. وهي فكرة لا تبعد كثيرا عن فكرة هذه "...". فالمراد هو تفعيل دورنا كشباب. والتفعيل لابد أن يطال "الذهن" وآليات التفكير والبناءات الثقافية الماثلة، لبلوغ درجة من الحوار الفكري والثقافي المطلوب داخل المؤسسة ولفائدتها. ومن أجل أن يكون اسهام الشباب، ليس محصورا في العضلات، وفي الأصوات الانتخابية في الجامعات، وفي الحشود الشبابية التي تباهي بها قيادة الحزب، وإنما – وهو الأهم – في قدرتنا كشباب على صنع تغيير حقيقي داخل هذا الحزب، وصنع تغيير مماثل على صعيد الوطن، فالمعركة لم تنته مع الديكتاتورية والإسلام السياسي، والاستبداد، كما لن تنته مع الجيوب التقليدية، والجهوية، داخل حزبنا، وفي المجتمع ككل.
    خالد عويس
    دبي، 17/7/2006

    (عدل بواسطة خالد عويس on 08-27-2006, 08:57 AM)
    (عدل بواسطة خالد عويس on 08-27-2006, 09:17 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 خالد عويس08-27-06, 08:55 AM
  Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 lana mahdi08-27-06, 09:05 AM
  Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 kamalabas08-27-06, 09:47 AM
    Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 خالد عويس08-27-06, 11:30 AM
      Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 هشام هباني08-27-06, 12:37 PM
        Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 على اسماعيل08-27-06, 02:27 PM
      Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 عبده عبدا لحميد جاد الله09-18-06, 10:55 AM
  Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 esam gabralla08-27-06, 04:22 PM
    Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 Biraima M Adam08-27-06, 11:09 PM
      Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 حيدر حسن ميرغني08-28-06, 00:35 AM
      Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 kamalabas08-29-06, 09:17 PM
        Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 محمد عادل08-30-06, 03:13 AM
  Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 alsngaq09-04-06, 03:51 AM
    Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 خالد عويس09-04-06, 04:51 AM
      Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 Abdelrahman Elegeil09-08-06, 00:24 AM
        Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 خالد عويس09-18-06, 10:44 AM
          Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 lana mahdi09-18-06, 10:50 AM
            Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 خالد عويس09-18-06, 10:59 AM
              Re: مذكرتي لرئيس وقيادات حزب الأمة القومي 17-7-2006 Faisal Al Zubeir09-19-06, 04:27 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de