المرحوم/عبدالمنعم موسى العوض ماتَ ام قُتل (وقع اسمك هنا لمحاربة الاهمال بالمستشفيات)

Quote: في يوم الأحد الموافق السادس من أغسطس 2006 الساعة الواحدة ظهراً رن جرس الهاتف وخاطبني من الطرف الآخر شخص ذكر لي انه مع الأخ المرحوم عبد المنعم موسى العوض بمستشفى الخرطوم بحري بعد ان وقع له حادث حركة في شارع عبيد ختم، بعدها أجريت بعض الاتصالات واصابتني رعدة وخوف شديدان من حالته التي لم يصفها محدثي الذي نقل لي الخبر مقتضباً. فأسرعت إلى مستشفى بحري وتوجهت نحو قسم الحوادث ومن وراء ستارة زرقاء وجدت عبد المنعم يتكلم وقال لي انه مصاب بكسر في فخذه وساقه وان شرطة النجدة هي التي اقلته إلى المستشفى؟ وأوضح انه متألم كثيراً لأنهم حملوه إلى داخل العربة من رجليه مما اثر سلباً على الكسر. المهم والحق يقال انه ذكر لي (رغماً عن ذلك) انه لو لا حضورهم لما كانت نجدته عاجلة إلى المستشفى، وبعد قليل حملوه إلى داخل الأشعة وخرج بعد ان تم تصوير القدم ولكنني لاحظت عليه بعض المعاناة في التنفس وفي حركة البطن، ثم ذكر لي انه يعاني من صعوبة في التنفس فتم وفقاً لذلك قياس الضغط وكانت القراءة 130/80 مما يشير إلى ان معدل الضغط (اعتيادي). ثم حملوه إلى غرفة (الفندق) أي القسم الخاص بعد دفعنا ثلاثة ملايين جنيه، بعدها بدأ الضيق في التنفس يزداد ثم جاء اليوم الثاني المحدد لإجراء العملية التي لم يجدوا لها وقتاً إلا بعد صلاة الظهر وجاء طبيب بدرجة نائب اختصاصي للمراجعة الطبية وفحص المريض ثم قالوا انه سيتم ادخاله لإجراء العملية بعد نصف ساعة. ثم ذكر لي الطبيب (نائب الاختصاصي) ان سوء التنفس يزداد ولا يدري له سبباً بعد ان تأكد من الضغط مرة أخرى وفحص أداء القلب، وقال لي ان المريض مع النفس لا يحتمل إلا البنج الموضعي وذهب إلى العملية وعاد منها قبل صلاة المغرب واحس بالارتياح وجاء الطبيب الجراح مهللاً بأن العملية نجحت نجاحاً منقطع النظير والحمد لله، إلا اننا لاحظنا ازدياد الضيق في التنفس فاتصلت مباشرة بالأخ الصديق وكيل وزارة الصحة الاتحادية الذي اتصل بدوره بمدير مستشفى بحري الدكتور الطبيب عبد الرحمن وتم الاتفاق على نقل المريض إلى مستشفى أحمد قاسم لأن العناية المكثفة لديهم أكثر تخصصاً ونقل عبد المنعم لمستشفى أحمد قاسم بالرغم من اعتراض بعض صغار الأطباء على الحركة؟ وهناك لم يأتِ الأطباء لرؤيته إلا عند منتصف النهار فخرجوا منه وبشروا أهله باستقرار حالته إذ ذكروا انه لا خوف عليه وقضى الليلة بمستشفى أحمد قاسم وزارته والدته عند الفجر فكان الطبيب الصغير (طبيب الامتياز) أكثر صراحة معها عندما ذكر لها ان عبد المنعم لم تتحسن حالته وان نسبة الاوكسجين في دمه ضعيفة، فاتصلت بدوري فورا بالطبيب المختص (جراح) الذي قام بزيارة لعبد المنعم وأكد لي بعدها خطأ تقرير الطبيب الصغير (طبيب الأمتياز) ولكن كان قلبي يحدثني بأن الأطباء الصغار هم الأكثر التصاقاً بالمرضى فذهبت إلى المستشفى وجلست أمام العناية المركزة وانتظرت دكتور فيصل الذي كان مشغولاً حتى منتصف النهار الذي جاء مسرعاً لرؤية عبد المنعم وبعد نصف ساعة أعلن عن وفاته اي وفاة عبد المنعم ذي الثلاثين ربيعاً فادمى قلوبنا فصعقت أمه وفجع أبوه واسرته التي ظلت مرابطة ومعسكرة خارج غرفة العناية المكثفة لليلتين كاملتين فحملنا جثمانه إلى جزيرة الفيل بمدينة ود مدني حيث ووري الثرى ونحن راضون بقضاء الله وقدره. ولكن إلى متى يموت الناس نتيجة الاهمال لذلك لابد من تأهيل الأطباء وأداء واجباتهم بعناية ورقابة ذاتية خشية من الله سبحانه وتعالى. ويمكنني ان الخص الاهمال الذي عانى منه عبد المنعم في الآتي:- أولاً: العامة من الناس يعرفون ان مثل هذا الكسر يسبب (الجلطات) الذهنية، إلا ان هذه (الجلطة) التي اصابت عبد المنعم رحمه الله لم تكتشف إلا في اليوم الثالث اكتشفها (طبيب امتياز). ليلا طلبوا منا تحويله إلى غرفة العناية المكثفة لأنهم تأكدوا من انه مصاب (بجلطة) فأخذنا مريضنا للعناية المكثفة ودخل إلى جواره الأطباء (وقيل لنا ان العناية المركزة في مستشفى بحري يقوم عليها طبيب كبير في السن وان قدراته متأثرة بسنه)، وقيل لنا ان عملية التنفس الصناعي تحتاج لاختصاصي تخدير إلا ان الطبيبة المختصة لم تحضر في يوم عملها وطلبت ان يؤدي تلك المهمة نائبها وقد واصل الاختصاصي دكتور إبراهيم العمل حتى الثانية صباحاً ونقل لنا ان نسبة الاوكسجين ازدادت في الدم وبلغت الثمانين والحمد لله، فذهبنا في الثالثة صباحاً. وعند الفجر ذهبت شقيقته لزيارته فقال لها الطبيب ان عبد المنعم في حالة خطيرة وأفضل نقله إلى مستشفى آخر. ثانياً: الطبيبة المختصة في التخدير رفضت الحضور إلى عملها وشاهدي في ذلك الاختصاصي إبراهيم والذي أبلغ بدوره مدير المستشفى بذلك بل ورفضت الحضور في اليوم الثاني ايضاً. ثالثاً: العناية المكثفة في مستشفى بحري ليس فيها عدد كافٍ من الأطباء ما عدا الاختصاصي كبير السن والذي يشرف على العناية المكثفة والذي لا يستطيع ان يزاول اشرافه في الفترات المسائية. رابعاً: لا توجد لائحة تضبط عدد الساعات التي يجب ان يقضيها الطبيب بالمستشفى وان وجدت لا تطبق ولا يوجد معيار دقيق يقاس به مدى اهتمام الطبيب بالمريض من خلال المتابعة المباشرة. خامساً: هناك حقنة مسيلة للدم تستخدم لمثل هذه الحالة هكذا علمنا إلا اننا فشلنا في الحصول عليها من جميع الصيدليات والمستشفيات الخاصة والعامة رغم ان أحد أصدقاء المريض احضرها قبل وفاته بساعة واحدة فقط وعلم من بعض المصادر انها أي تلك الحقنة موجودة بمستشفى أحمد قاسم ولدى أحد اطبائها. والمستغرب عدم توافر مثل هذا النوع المهم من (الحقن) في مستشفى فيه قسم للحوادث بحجم مستشفى بحري. ذلك حسب ما ذكره مدير المستشفى. سادساً: ان توطين العلاج في السودان ليس بتوفير المعدات فقط ولكن ببناء نظام طبي يجعل المهنة الطبية ذات آليات تسهم في ضبطها، ذلك لأن الجودة في الأداء ليست لوجه الله. ورحم الله عبد المنعم الفتى البار المهذب الخلوق، واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء. عباس ابراهيم النور