اغتيال محمد عبد السلام، اقوال الجبهة الديمقراطية

Quote: الإغتيال بليل غيلة وغدرا : رغم أنه تم إطلاق سراح الطلاب المعتقلين إلا أن محمد لم يكن من بين الطلاب الذين إطلق سراحهم فقد تم إحتجازه لأنه عضو مركزية الجبهة الديمقراطية وأحد أنشط كوادر الجبهة الديمقراطية المشهود لها بالإستقامة وسعة النفوذ الجماهيرى فى كلية القانون التى تشكل معقل كوادر الإتجاه الإسلامى تاريخياً والتى أصبحت فى ذلك الوقت – كلية القانون – بفضل نشاط القوى الوطنية والشهيد خاصة معقلا للقوى الوطنية . كانت تصفية محمد عبد السلام جسدياً محصلة لعدة إتجاهات وقوى ، فمن جهة أراد صندوق دعم الطلاب تلقين الحركة الطلابية درساً قاسياً جراء معارضتهم الدائمة لمخططاته وكسر شوكتهم، ومن جهة أخرى أراد الإتجاه الإسلامى تلقين وإرهاب كوادر الجبهة الديمقراطية عامة وكوادرها فى كلية القانون خاصة وذلك فى محاولة لإسترداد نفوذه التاريخى فى هذه الكلية العريقة وذلك بإغتيال الزميل محمد عبد السلام عضو مركزية الجبهة الديمقراطية وأحد أنشط كوادرها فى كلية القانون . ولعل أهم ما مهد لأرتكاب هذه الجريمة البشعة قيام الأتجاه الإسلامى فى تلك الفترة بممارسة نوع من الإعتقالات العشوائية - رصدت الجبهة الديمقراطية حالات عديدة منها - ينفذها بمفرده مستفيداً من الدعم المادى ( بيوت، عربات. الخ ) الذى توفره السلطة الى جانب الحصانة القانونية التى تجعلهم بمنأى عن أى حساب أو مساءلة قانونية . الإغتيال من منظور سياسى : فى تصدي الجبهة الديمقراطية لهذا الحدث كان لابد من إستصحاب كل هذه العناصر والتصدي لهذه القضية بأفق سياسى سليم يضع القضية فى إطارها السياسى وبناءاً على ذلك يحدد الهدف التكتيكى والإستراتيجى، فكانت هذه هي الوجهة الغالبة داخل الجبهة الديمقراطية. تحدد الهدف التكتيكى من تصدينا لهذه القضية فى إجبار الإتجاه الإسلامى على وقف إعتقالاته العشوائية وذلك بتحديد القتلة وملاحقتم قانونياً. أما الهدف الإستراتيجى فقد تحدد فى القصاص من القتلة والنظام الذى يدعمهم ويوفر لهم الحصانة. الهدف التكتيكى مرتبط بقوة الفعل الجماهيرى فى التصدى للحدث آنياً، أما الهدف الإستراتيجى فينصب فى النضال العام لإسقاط النظام أو تفكيكه سلمياً وفى هذا الجانب يكتسب الجانب القانونى أهمية قصوى فى إحياء القضية وإستمرارها. التحركات الجماهيرية إحتجاجاً على الإغتيال: تسرب خبر إغتيال الزميل محمد عبد السلام للجامعة فى صبيحة يوم الأربعاء 5/8 وفى الحال تم الإتفاق مع القوى الوطنية على إقامة مخاطبة جماهيرية لإعلان الخبر وتحديد الموقف والفعل المطلوب وكان الخروج للشارع والذى أستمر على مدى ثلاثة أيام وأنتقلت الإحتجاجات الى الأحياء بعد تطويق قوات الأمن والشرطة للجامعة لمنع تجمع الطلاب. وقد ساهمت اعادة هيكلة الجبهة الديمقراطية بجامعات مدينة الخرطوم بصورة مركزية على الاحياء في امتداد التظاهرات بالاحياء المختلفة، فقد خرجت جماهير الكلاكلة، جبرة، الصحافة، الثورة، ابروف، وبحري في تظاهرات عارمة عمت شوارع الخرطوم. أما مدينة ودمدنى فقد إختارت طريقتها الخاصة فى الإحتجاج والمقاومة وتحول منزل أسرة الشهيد الى مركز للمقاومة للحد الذى إضطر النظام لإستجلاب قوات إضافية من الحصاحيصا وسنار. وحتى هذه لم تنجح فى إحتواء الغضب الجماهيرى فقد أستمرت المظاهرات الى فترة طويلة. كما تحولت ذكرى إستشهاد محمد عبد السلام الى مناسبة دائمة للإحتجاج على إنتهاك حقوق الإنسان فى المدينة التى لاقى أبناءها الأمرين على نظام الإنقاذ. تقييم: الدروس والعبر: فى تقييمنا لمعركة إستشهاد محمد عبد السلام لابد أن يبدأ التقييم من السؤال التالى: الى أى مدى تمكنا من تحقيق هدفنا التكتيكى والى أى مدى إقتربنا من تحقيق هدفنا الإستراتيجى؟ على مستوى الهدف التكتيكى ورغم فجائية الحدث ألا أن الحركة الطلابية وقفت موقفاً صلباً حيث خرجت المظاهرات من جامعة الخرطوم وعدد من الجامعات الأخرى وعلى مدى أيام عديدة وعندما أنعدمت إمكانية التحرك من الجامعات تم التنسيق بين الجامعات للخروج فى الإحياء ليلاً. هذا فيما يختص بالجانب الطلابى أما جانب الجماهير فقد خرجت جماهير عدة مدن منها أم درمان والكلاكلة وعدة أحياء فى الخرطوم إضافة الى مدينة ودمدنى موطن الشهيد. نجاح هذه التحركات نجده فى ترك الإتجاه الإسلامى للإعتقالات العشوائية خاصة فى جامعات الخرطوم ورغم بروز بعض حالات الإعتقال فى جامعات أخرى إلا أنها كانت محدودة وغير مؤثرة. على مستوى الهدف الإستراتيجى فنجد أن المردود ضعيف للغاية ويرجع ذلك لعدة أسباب يمكن إجمالها فى الآتى: o ضعف حركة المعارضة وعدم قدرتها على تحقيق أهدافها المتمثلة فى إسقاط النظام وإقامة نظام ديمقراطى وقد أدى هذا الضعف الى قبول المعارضة بتسوية سياسية تقل كثيراً فى مستواها عن أهدافها البرنامجية. o ضعف العمل فى المسار القانونى، ورغم العقبات التى تضعها السلطة فى وجه هذا المسار إلا أن الجدية فى المتابعة والعمل الدؤوب يمكن أن يكون لهما مردود إيجابى. o عدم تحويل ذكرى إستشهاد محمد عبد السلام الى مناسبة لأحياء القضية وخلق إلتفاف جماهيرى حول المطالبة بالقصاص من القتلة وكل من أنتهك حقوق جماهير شعبنا.