|
تعليق عام على النص (Re: ابي عزالدين البشري)
|
.
تركت للقراء عامة وللمختصين خاصة النظر في هذا العمل ولكن لابد من الإشارة لعدة أشياء.
أولا : تستطيع ملاحظة سلامة اللغة عند الكاتب و إنها لتبدو سامية التعبير. ثانيا: إلمام الكاتب بثقافة ولغة موضوعه المحوري (الشماشة). ويبدو هذا جليا في عدة مواضع: استعماله لمفردات هذه الجماعة ؛ مثل، (وين يا أبّا؟ ) ، (فرفور بنز) و (بمبه). بل إنه ليعرف ألعاب التسلية عندهم ، أماكن قضاء حاجتهم وطريقة حصولهم على القوت اللازم للحياة. ثالثا: لم يجعل الكاتب نفسه في حياد تام من النص واقتصر دوره على السرد والنقل، أعني أنك تستطيع أن تستشف رأيه، من خلال النص وتعاطفه التام مع الحدث . بل أحيانا تحس أنه يتبنى رأيهم وثورتهم ضد الظلم الواقع عليهم. 1 - "فتحت الكافتيريات أبوابها مثل صنارات تحمل طعماً للصيد. بدأ أكلة الساندوتشات يلجون إليها." 2 - "استيقظ مبكراً في الصباح قبل كلاب السوق الضالة وقبل مستجدّي النعمة الذين اغتنوا فجأةً والذين يفتحون دكاكينهم باكراً متلهفين إلى الكسب ومتلذذين بالنظر إلى ما تكدس لديهم."
رابعا: أفلح الكاتب في عرضه لقضية شريحة هامة من المجتمع. وهو بهذا يكون داعية حقيقيا لتبني قضية المشردين. فها هو يعرض حالهم بصورة مخزية في أول النص: " 1 - استيقظ مبكراً في الصباح قبل كلاب السوق الضالة" 2 - " زاد من تكوره على نفسه عندما أحس لسعة البرد على ذراعيه وساقيه التي لم تفلح الملابس البالية في توفير الحماية لها ضد سياط البرد. شعر أيضاً بلسعة الجوع في أمعائه كأن في بطنه رحىً تفتك بها." 3 - "خرج من النفق فداهمه الهواء البارد، سأل نفسه كيف كانت ستكون الليلة الفائتة بهذا الزمهرير لو لم يجدوا هذا المصرف. انسد المصرف بالأوساخ في مكان ما." 4 - " عاد بعد حين وهو يحك عجيزته فالليل أوشك أن يهبط والبعوض قد بدأ دورة عمله الليلية مبكراً." 5 - " تكدسوا فوق بعضهم ، البعض يبتغي شيئاً من الدفء وكبار السن لهم مآرب أخرى والليل الشتوي طويل وممل والجوع كافر." 6 - " الجمعة الشتوية هم كبير، يحسب لها هو ورفاقه ألف حساب، لكنهم ليسوا كالنمل حتى يستطيعوا اكتناز مئونة للجُمَع الشتوية.” وفي آخر النص كانت المأساة بموت طفل عديم المأوى حاول أن يأوي إلى أي شيء يوفر له الدفء. بل زادت الصورة إشراقا لما علق أحدهم: 1 -"وينو ود الشيطان، هو العمل الشنكبة دي؟". 2 - "نهض وانصرف من المكان مغاضباً." وكنت تتوقع منه أن يأسى لمصير الطفل ويحزن بدلا من ثورته وغضبه وتعليقه الساخر الشامت (ود الشيطان)، بل يحمله مسئولية هذا الارتباك(هو العمل الشنكبة دي). خامسا: كأن الكاتب أراد أن يشير إلى أصل المأساة وهي الأسر التي تحدروا منها، فشرع يصف مجتمعهم الأول ومعاناة أمهاتهم في صنع الخمور البلدية ومجاهداتهم مع الشرطة. 1 - " قبل أن يغادروا إلى المدينة كانوا يمثلون حرساً لمجموعة الأكواخ المتراصة في هامش المدينة مثل مريض منبوذ. لم يكونوا حرساً حقيقةً إنما جهاز إنذار مبكر، يجتمعون في مشارف الأكواخ يلعبون حتى إذا رأوا الخطر قادماً جروا في الأزقة الضيقة بين الأكواخ يصفقون ويصيحون : "بُمبة .. بمبة... بمبة".” 2 - " فتهرع النسوة إلى اخفاء العرق وأدواته في مخابئ يعرفنها." "أمه مشهود لها بالشراسة والجسارة، حاولت أن تقاوم، باغتها حذاء غليظ في جنبها وعندما سقطت قُذِف بها في العربة. الجميع عادوا إلى أكواخهم في الصباح إلا أمه."
سادسا: نجح الكاتب في تصوير المتناقضات في المجتمع في غير موضع: 1 - الرجل الذي يترك الجزء غير المحشو جيدا، أو لا يعجبه الطعم و جائع يبحث عن أي شيء يسد به رمقه. 2 - مغن يصفه بالمخنث، يغني عن الجنة و آخر يعجب من هذه الجنة 3 - عريس يستعجل المطبعة لطبع كروت الفرح وآخر يموت بين أكداس الورق. 4 - رجل يستغل المصرف لقضاء حاجته و يزعج آخرين تخذوا هذا المصرف دار لهم. 5 - فتاة تلقي بالساندويتش إلى القمامة وتلتقطه كف لتأكله. أخيرا: لا يهمل الكاتب وصف أدق التفاصيل التي ، تنم عن عين مجهرية فاحصة. 1 - " هؤلاء الزوار كانوا يجدون لذة خفية في النظر إليه وهو يشرب العرق دون أن ترتجف عضلة في وجهه الصغير فكانوا يناولونه كأساً من حصتهم وينظرون إليه بأفواه مفغورة وهو يبلع الكأس في جرعة واحدة لا يبصق منه نقطة. كان العرق يشيع في جسمه قدراً كبيراً من الدفء." 2 - " مرّ بجانبه رجل مقطب الجبين فشم رائحة سيجارة. ومثل كلب داعبت أنفه رائحة طعام تبع الرجل عن كثب. تبعه حتى ألقى بعقب السيجارة فالتقطه ومصه في سرعة خوفاً من أن يشاركه الهواء في حرقه. 3 - " استمر الرجل يقضم الساندوتش حتى أتى عليه وألحقه آخر جرعة من كوب العصير حتى يسهل مروره في بلعومه. 4 - " وضع ملفاً مليئاً بالأوراق على الطاولة المثبتة على الحائط واتكأ إلى الملف بكوعه الأيسر ويده اليمنى تمسك بالساندوتش. نظر إليه بعيون غاض عنها صفاء الطفولة وحلّ محله إحمرار ينم عن حياة كدرة وإنسانية سليبة. " 5 - " استمر الرجل يقضم الساندوتش حتى أتى عليه وألحقه آخر جرعة من كوب العصير حتى يسهل مروره في بلعومه."
صورة جمالية رائعة
وصف الكاتب من سماه الناس ( ود الشيطان) وسمته أمه نجم الدين ، أثناء شربه للخمر وهو طفل صغير، بوصف كان رائعا ومؤثرا. ولعمري فهو صورة وصفية رائعة، لا يقدم عليها إلا كاتب فذ، ذي قلم مجرب، ولنتأمل هذا الوصف. يقول الكاتب: " هؤلاء الزوار كانوا يجدون لذة خفية في النظر إليه وهو يشرب العرق دون أن ترتجف عضلة في وجهه الصغير فكانوا يناولونه كأساً من حصتهم وينظرون إليه بأفواه مفغورة وهو يبلع الكأس في جرعة واحدة لا يبصق منه نقطة. كان العرق يشيع في جسمه قدراً كبيراً من الدفء." ونواصل
(عدل بواسطة ابي عزالدين البشري on 08-14-2006, 11:24 AM)
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أبو بكر العاقب و موت (شماشي)، قصة قصيرة | ابي عزالدين البشري | 07-23-06, 12:18 PM |
سيرة ذاتية | ابي عزالدين البشري | 07-23-06, 12:25 PM |
تعليق عام على النص | ابي عزالدين البشري | 07-24-06, 00:45 AM |
المقامة الجاغميرية، نص لود العاقب | ابي عزالدين البشري | 07-25-06, 05:18 AM |
ردي على رسالة المقامة الجاغميرية | ابي عزالدين البشري | 07-25-06, 05:27 AM |
Re: أبو بكر العاقب و موت (شماشي)، قصة قصيرة | أحمد الشايقي | 07-23-06, 12:27 PM |
الشايقي، مرحبا | ابي عزالدين البشري | 07-24-06, 00:52 AM |
قصيدة سلمى للشاعر ود العاقب | ابي عزالدين البشري | 07-26-06, 10:53 AM |
Re: أبو بكر العاقب و موت (شماشي)، قصة قصيرة | أبوبكر عبد القادر العاقب | 08-11-06, 03:45 PM |
مرحبا بك أخي أبي بكر عضوا | ابي عزالدين البشري | 08-11-06, 04:12 PM |
Re: مرحبا بك أخي أبي بكر عضوا | إسحاق بله الأمين | 08-12-06, 01:43 AM |
كلي ثقة أن أبا بكر سيكون.. | ابي عزالدين البشري | 08-12-06, 04:10 AM |
Re: مرحبا بك أخي أبي بكر عضوا | أحمد الشايقي | 08-12-06, 08:17 AM |
Re: مرحبا بك أخي أبي بكر عضوا | ابي عزالدين البشري | 08-12-06, 09:01 AM |
Re: مرحبا بك أخي أبي بكر عضوا | إسحاق بله الأمين | 08-13-06, 01:18 AM |
Re: أبو بكر العاقب و موت (شماشي)، قصة قصيرة | أبوبكر عبد القادر العاقب | 08-16-06, 02:40 PM |
Re: أبو بكر العاقب و موت (شماشي)، قصة قصيرة | بابكر عثمان مكي | 08-17-06, 02:49 AM |
أستاذ بابكر، مرحبا بك وبرجوعك سالما | ابي عزالدين البشري | 08-17-06, 11:45 AM |
Re: أستاذ بابكر، مرحبا بك وبرجوعك سالما | abubakr | 08-18-06, 11:28 AM |
أبوبكر الرطاني، تسلم يا غالي | ابي عزالدين البشري | 08-18-06, 12:11 PM |
Re: أبوبكر الرطاني، تسلم يا غالي | abubakr | 08-18-06, 09:21 PM |
Re: أستاذ بابكر، مرحبا بك وبرجوعك سالما | أبوبكر عبد القادر العاقب | 08-19-06, 03:06 PM |
Re: أبو بكر العاقب و موت (شماشي)، قصة قصيرة | أبوبكر عبد القادر العاقب | 08-19-06, 02:56 PM |
أستاذ بابكر و مفردة مصرف وغيرها | ابي عزالدين البشري | 08-17-06, 12:04 PM |
Re: أستاذ بابكر و مفردة مصرف وغيرها | بابكر عثمان مكي | 08-19-06, 10:02 AM |
Re: زهرة الأحلام (قصيدة أخرى من دفتر الصبا) | أبوبكر عبد القادر العاقب | 08-28-06, 09:09 AM |
رمضان كريم... | ابي عزالدين البشري | 09-25-06, 11:53 AM |
بمناسبة عيد الفطر ،أعاده الله علينا وعليكم بالخير | ابي عزالدين البشري | 10-23-06, 01:52 AM |
Re: أبو بكر العاقب و موت (شماشي)، قصة قصيرة | أبوبكر عبد القادر العاقب | 10-23-06, 09:14 AM |
ود العاقب مشكور.. | ابي عزالدين البشري | 10-23-06, 11:07 AM |
Re: أبو بكر العاقب و موت (شماشي)، قصة قصيرة | Shinteer | 10-23-06, 11:38 AM |
Shinteer | ابي عزالدين البشري | 10-25-06, 04:11 PM |
|
|
|