هل ينجح المؤتمر الوطني في شق الحركة الشعبية لتحرير السودان ؟؟؟!!!

[qb]

هل ينجح المؤتمر الوطني في شق الحركة الشعبية لتحرير السودان؟
لنا مهدي عبد الله
[email protected]

كعادة حزب المؤتمر الوطني في لعب السياسة بكرات (غير نظيفة) لا تمت بصلة للتنافس الشريف، من غير المستبعد أن يحاول حزب المؤتمر الوطني و حكومة الإنقاذ تعميق أي خلاف بداخل الحركة الشعبية لتحرير السودان من أجل العمل على إضعافها و لكي يحقق لنفسه البقاء على خارطة السياسة السودانية عاملاً بالقاعدة الميكيافلية الشهيرة (فرّق تسُد).

كانت بصمات حزب المؤتمر الوطني والضحة للعيان في شق الأحزاب الوطنية كالإتحادي الديمقراطي و في تشجيع الإنسلاخ الذي انتاش حزب الأمة القومي، مستصحباً المثل القائل (البتغلب بو إلعب بو)، فكل أدوات الصراع مباحة و ليس من مسوّغ لعدم إستخدام أي أداة تنال من الخصوم حتى لو كانت من (الأسلحة المحرمة عُرفياً) في التعاطي السياسي!

نشرت جريدة الإنتباهة (المثيرة للجدل) مؤخراً خبراً هو:


"تفاقمت الخلافات وسط الحركة الشعبية بين مجموعة قائدها الحالي سلفاكير ميارديت وجناح زعيم الحركة الراحل جون قرنق دي مبيور.وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ (الانتباهة) عن فشل إجتماع ضم الامين العام للحركة باقان اموم الأربعاء الماضي في جوبا الى كلٍّ من رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ونائبه د. رياك مشار ورئيس المجلس التشريعي لحكومة الجنوب جيمس واني إيقا بهدف إقناعهم بضرورة إتخاذ بعض الاجراءات لتصحيح المسار والاوضاع داخل الحركة التي يراها اموم ومجموعته خطيرة على مستقبل الحركة".

العالم ببواطن الكتابة الصحفية لا تخفى عليه أسباب كتابة الخبر بطريقة تؤكد أن الحركة بداخلها جناحان،حيث لم يقل كاتب الخبر"وألمح مراقبون"بل كتب الصياغة مفترضاً أن ثمة جناحين فعلاً يصطرعان داخل أروقة الحركة الشعبية ومؤكداً الأمر للقاريء و كأنه حقيقة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها،نعم هناك تيارات -وهذه ظاهرة عادية في أي حزب-ولكن كتابة الأمر باستخدام اصطلاح(أجنحة) يلقي أبعاداً قد تكون غير حقيقة،أما جملة"كشفت مصادر واسعة الإطلاع" و ما تلاها من جمل فتوضح بجلاء أن الخبر ليس صادراً عن مصدر رسمي أو شبه رسمي بداخل الحركة ولا حتى مصدر قريب من صناعة الأحداث فيها!

ولكن هل الحركة الشعبية لتحرير السودان مؤهلة لحدوث إنقسامات بداخلها يعززها المؤتمر الوطني؟

كل الحركات الراديكالية أو الداعية للراديكالية بآلية السلاح عبر التاريخ ووجهت باختبارات وضعت وجودها من حيث الوجود قيد الإختبار و على المحك،وذلك لاختلاف التحديات التي واجهتها إبان كونها حركات مسلحة عن تلكم التي اعترضت طريقها بعد تحولها لمنظومات سياسية،هذا لو سلمنا جدلاً بأنها فى الأصل حركات متسقة البنيان قائمة على فكرة إيديولوجية محورية تلم شتات ما يشذ عن معزوفتها بقوة تلك الإيديولوجية.

و إذا نظرنا الى الحركة الشعبية لتحرير السودان من الجانب الإيديولوجي نجد أنها حركة قائمة على غبن و مظالم بعضها موضوعي و بعضها استقطابي محض،لم تجد لنفسها موازييك إيديولوجي حيث بدأت اشتراكية رافعة لشعار"سودان موحد علماني إشتراكي" واستفادت فى تلك المرحلة من الدعم الروسي و التدريب الكوبي والتغطية الدبلوماسية والدعم المادي من حلف عدن اثيوبيا،اليمن و ليبيا،قبل أن تتوجه للولايات المتحدة الامريكية باعتبارها صديقتها الجديدة و التي قدّمت تمكينها للحركة الشعبية في نيفاشا عربوناً لهذه الصداقة.

أضف إلى ما سبق غياب د. جون قرنق الدراماتيكي في حادث لم تجف أحبار الكتابة عنه حتى اليوم مما خلف فراغاً كبيراً بداخل أروقة الحركة،فقرنق بما مثّله من ثقل بدا و كأنه العمود الفقري للحركة و (كبير البيت) الذي تتحطم على صخرة إرادته كل محاولات النزق و الطيش و الإنفلات من أهل بيته،وهو (عميد الأسرة) الذي كانت تحل عند عتبته كل مشكلة و عثرة،الآن الحركة الشعبية فاقدة حقيقة لقرنق وكاريزمته و أسلوبه المبهر في حل كافة الإشكالات التي تعتور مسار الحركة،محاطة بمأزق وجودها كشريك في الحكم بالضرورة مسئولة عن إخفاقات النظام بحكم هذه الشراكة،مطوقة بمشكلات التحول من حركة مسلحة لمنظومة سياسية.

أما ثالثة الأثافي فهي"لام أكول" الذي دائماً ما يتصرف و كأنه وزير خارجية مقدم من المؤتمر الوطني و ليس مقدماً من الحركة الشعبية حيث دائماً ما يصرح تصريحات تضاد و ترتطم بتصريحات قيادة الحركة الشعبية و خطها السياسي؛ ولذلك على الحركة الشعبية أن تحذر حتى لا يكون "لام أكول" كعب آخيلها الذي تؤتى من قبله.

عدم وجود إيديولوجيا جامعة لشعث الحركة الشعبية والتكوين القبلي لها وغياب قرنق المأساوي والغبن المتراكم عشرين عاماً و و نيف بداخل الحركة و الإنشقاقات القديمة في صفوفها والنزاع بين دعاة الوحدة و دعاة الإنفصال ،إضافة للخط المريب الذي ينتهجه" لام أكول"، كل هذه العوامل شرارات قد يزيد من إضرامها المؤتمر الوطني الذي ما انفك يراقب بعيني صقر مجريات الأمور و حتماً سينتهز أي بادرة و فرصة للإنقضاض على الحركة الشعبية لتحرير السودان و تفريق وجودها أيدي سبأ، ليس تخوفاً من الحركة الشعبية فقط و لكن لأن الإنقسام المرتقب في صفوفها ستكون نتيجته(على حد تصورهم)أن تحترب فصائل الحركة الشعبية و تحمل السلاح في وجه بعضها البعض و تضطرم من جديد الحرب الأهلية في الجنوب ولكنها هذه المرة ستكون جنوبية-جنوبية، مما سيعطي للمؤتمر الوطني مخرجاً لتأجيل أو حتى إلغاء الإنتخابات العامة المزمع عقدها في 2008، والتي يقدر المؤتمر الوطني (مقدماً)أن نتيجتها قد تكون ليست لصالحه خاصة مع تمدد و نشاط عدوه الألد (حزب الأمة القومي) و الإلتفاف الجماهيري الخرافي حوله والذي كانت شاهدة عليه استقبالات وفود الحزب بقيادة السيد الصادق المهدي في النهود و نيالا يناير الماضي،وولاية سنار و المجلد في يونيو،إضافة لزيارة وفد الحزب عالي المستوى للبطانة في الأسبوع الأول من يوليو 2006،فهل ثمّة منتبه؟؟!!!

مع محبتي؛

*نقلاً عن سودانايل
[/qb]