|
الرأسمالية المعاصرة تعارض اقتصاد السوق الحر (Re: محمد حسبو)
|
اعتُبر إنشاء منظمة التجارة العالمية بديلا للغات في ديسمبر 1994 نقطة لبداية تأريخ مؤسسة اقتصاد السوق الحر، و المنظمة نفسها و التي تعمل كمنتدى للدول الأعضاء في الاتفاقية التي أًنشأت بموجبها تعد المؤسسة التي ترعى تعهّدات الدول الأعضاء بفتح الأسواق و هي قبلا تقوم بتقرير أهلية الدول للانضمام إلى المنظمة و اتفاقيتها، لدينا هنا خمسة ميادين رئيسية لمقاومة الرأسمالية المعاصرة لاقتصاد السوق - ما زالت الدول الكبرى تمارس سياسة مزدوجة بشأن تحرير التجارة، فهي عملية ذات اتجاه واحد بالنسبة لكل هذه الدول، هي تقوم بدعم منتجاتها المحلية، و حمايتها مقابل السلع المستوردة، بل و تضع ضوابط متزايدة على الاستيراد إلى دولها في إطار التنافس الاقتصادي المحموم فيما بينها. و الحقيقة أن الدول العظمى هي أكثر من يعترض مشروع السوق العالمي على أسس المنافسة الكاملة، من أمريكا إلى أوروبا و اليابان وصولا إلى الصين (تتحدث عن اقتصاد سوق اجتماعي)، ما زالت هذه الدول المبشِّرة بالسوق العالمي، ترفض موافاة التزاماته، مازالت تقدّم دعما لصناعتها المحلية فيما يعرف بسياسة الحماية، و التي تشمل أيضا و ضع قيود على الاستيراد (حصص الموز)، خفض تكلفة الصادر الخ..
- لا تؤمّن هذه الدول أركان أساسية من متطلبات المنافسة الكاملة تحيزا لتوجهات سياسية و وفق مصالح دوائر مالية و اقتصادية معينة تحيط بصنّاع القرار السياسي، تجربة الولايات المتحدة في عطاءات نفط العراق المحتل مثال لذلك، فقد أعلنت قرارها السياسي بأن امتيازات النفط ستكون محصورة في شركات الدول التي شاركت في الغزو، و حتى في ذلك السياج، تم منح امتيازات لشركات أمريكية أو بريطانية تحت ستار من التعتيم و اتهامات بالتلاعب، ديك تشيني و هاليبرتون كمثال
- مؤسستي البنك الدولي للبناء و التنمية، و صندوق النقد الدولي، تحولتا جذريا عن اهدافهما الأساسية، حيث تم إنشائهما على ضوء اتفاقات بريتون وودز 1944، ليلعبا دور ضامن الاستقرار الاقتصادي و خصوصا في العالم النامي و للمساعدة في حل ألازمات بما يضمن في حالة صندوق النقد الحفاظ على توازن الطلب الإجمالي و تنشيط الاقتصاد، وله عند الضرورة أن يقدّم سيولة في شكل قروض للبلدان التي تواجه صعوبات اقتصادية و لا تكون قادرة على تنشيط الطلب الإجمالي وفق قدراتها الخاصة على حسب تحليل كينز من خلال تفعيل السياسة النقدية باعتناق سياسة توسعية بزيادة النفقات، تخفيض الضرائب، خفض معدلات الفائدة، منذ خمسة عقود، هي تقريبا عمر المؤسستين، تمارس المؤسستان سياسة معاكسة لما تم الاتفاق عليه، فهما يفرضان على الدول التي تطلب العون، شروطا و معايير للمساعدات دون تعديلات تستصحب أوضاع هذه الدول، و النتيجة، تراكم الديون (فوائد الديون في الأغلب) و التي تقتطع بطبيعة الحال من فقراء هذه الدول، أو كنتيجة أخرى و ملازمة، تشجيع سياسات التقشف و التي هي جماع مقوضات السوق الحر (زيادة عائدات الضرائب، رفع معدلات الفائدة، خفض العجز)
- تُستخدم قوانين و مؤسسات ذات طبيعة قانونية لحماية مصالح كبار المنتجين، و تدعيم فرصهم في احتكار أسواق الدول النامية، أبرزها، ما يعرف بقانون حماية الملكية الفكرية، و الذي يجد نتيجة لسوء الفهم تأييدا حتى وسط أقسام واسعة من اليسار في الدول النامية، الذي أفضل تسميته باليسار النبيل في هذه الحالة، إن استعراض بعض قوانين و تجارب هذه المؤسسة المسماة هيئة حماية الملكية الفكرية تكشف أبعاد المصالح الخاصة التي تحميها، في خضم جملة من المصالح الثانوية و الصغيرة الأخرى، فالشركات الصيدلانية الكبرى في الغرب تمنع شركات الدواء في الهند و البرازيل مثلا من (سرقة) براءات اختراعها و بالتالي إنتاج أدوية ضرورية للسكان المحليين و بيعها بأسعار اقل، حق الملكية الفكرية الذي عززته دورة الاورغواي لم يكن متوازنا، فهو يمثل مصالح و آراء المنتجين و يراعيهم بشكل واسع على حساب المستهلكين، بين شعوب البلدان المتطورة و النامية على حد سواء
- نصب التعقيدات أمام انتقال العمالة حتى فيما بين هذه الدول، لأنّ مفهوم تحرير السوق يُحذف منه لدى العالم الأول تحرير حركة العمالة، و إزالة الحواجز المنصوبة بفعل قوانين الإقامة و العمل و التأشيرة (و الإرهاب مؤخرا)، و من حسن المناسبة أن يُشار إلى هذا على انه صفحة من الصراع الذي تخوضه الدول الأكثر تقدّما بالذات ضد العولمة و السوق الحر، لإدراكها مدى تهديهما للدولة القومية، ففي مؤسسة الاتحاد الأوروبي حاليا، تلخِّص محاضر المداولات الانفصام الذي تعيشه الدول الأعضاء ما بين نزعتها لإقامة كيان اقتصادي للقارة، وما بين ولائها القديم، لاقتصادها (الوطني).
أقول هذا هنا، و أنا انظر هناك بين شقوق الزمن الآتي، إلى أيام يناضل فيها الاشتراكيون و خواثر اليسار، لأجل اقتصاد السوق، و إلى أيام تليها، يناضلون فيها من داخل اقتصاد السوق، و بأدواته، كما سيلي، لاستثماره من اجل التوزيع العادل، و اعتبار مصلحة المجموع
و قد يبدو انتحارا، أن تبادر الدول النامية إلى دعوة الدول الصناعية الكبرى للانسجام مع متطلبات السوق المفتوح و تحرير التجارة، من خلال إزالة عوائق الاستيراد في تلك البلدان، و كف الدعم لصناعاتهم المحلية، و من خلال مطالبة صندوق النقد و البنك الدوليين بالعودة إلى أهدافهم الداعمة للاستقرار الاقتصادي و معالجة ألازمات، العمل على إلغاء ديون الدول الفقيرة و التي أسهمت المؤسستان بشكل جدي في خلقها و تراكمها، من خلال التوصيات و الاقتراحات الخاطئة، و بتقديمهما الدعم إلى حكومات فاسدة ما أدى إلى توجيهه إلى مصالح استثمارية لفئات محددة في جهاز السلطة، إلا أن الدول الكبرى بالذات تدرك عقلانية و خطر مثل هذه المبادرة، لأنها لا تعود دولا كبرى أكثر، و المسلسل التلفزيوني The Girl From Tomorrow رغم تشاؤمه المؤقت، لم يجنح خياله بعيدا حين صور العالم تحكمه الـ Globe Corp، عالم قد تصبح فيه بطاقة الهوية، هي ذاتها بطاقة العمل
يُتبع..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نظريّة الثورة و اقتصاد السوق، مناقشة عامة.. | محمد حسبو | 07-02-06, 01:46 AM |
نظريّة الثورة و اقتصاد السوق، مناقشة عامة.. | محمد حسبو | 07-02-06, 02:36 AM |
Re: نظريّة الثورة و اقتصاد السوق، مناقشة عامة.. | esam gabralla | 07-02-06, 03:35 AM |
حصار جميل | محمد حسبو | 07-02-06, 05:15 AM |
دوال العولمة | محمد حسبو | 07-02-06, 08:00 AM |
Re: دوال العولمة | معتز تروتسكى | 07-02-06, 08:55 AM |
حول اخلاق العولمة | محمد حسبو | 07-03-06, 01:18 AM |
Re: نظريّة الثورة و اقتصاد السوق، مناقشة عامة.. | قريب الله محمد الحسن | 07-03-06, 04:52 AM |
بيان سياسي جيد، موقف فكري متنازع | محمد حسبو | 07-03-06, 08:41 AM |
Re: بيان سياسي جيد، موقف فكري متنازع | معتز تروتسكى | 07-08-06, 04:20 AM |
بيرسونال | محمد حسبو | 07-04-06, 01:32 AM |
اقتصاد السوق | محمد حسبو | 07-04-06, 03:23 AM |
ما تقول نسينا الماضي و صرنا ناسينك | محمد حسبو | 07-08-06, 02:29 AM |
Re: ما تقول نسينا الماضي و صرنا ناسينك | معتز تروتسكى | 07-16-06, 01:12 AM |
Re: نظريّة الثورة و اقتصاد السوق، مناقشة عامة.. | Amjad ibrahim | 07-18-06, 09:18 AM |
بارانويا السوق ام فوبيا الاجانب | محمد حسبو | 07-22-06, 02:41 AM |
الرأسمالية المعاصرة تعارض اقتصاد السوق الحر | محمد حسبو | 07-22-06, 05:36 AM |
السوق الحر، حصان طروادة في أسوار الدولة القومية | محمد حسبو | 07-25-06, 00:59 AM |
عشرين مرة جاء و راح الثلج | محمد حسبو | 07-25-06, 05:13 AM |
الأشكال الجديدة للصراع و ما بعد الماركسية: | محمد حسبو | 07-25-06, 08:13 AM |
نصيحة "أخوية" | محمد حسبو | 07-27-06, 03:21 AM |
Re: نظريّة الثورة و اقتصاد السوق، مناقشة عامة.. | معتز تروتسكى | 07-27-06, 06:57 AM |
Re: نظريّة الثورة و اقتصاد السوق، مناقشة عامة.. | معتز تروتسكى | 08-04-06, 11:15 AM |
Re: نظريّة الثورة و اقتصاد السوق، مناقشة عامة.. | Ibrahim Algrefwi | 08-26-06, 06:48 AM |
|
|
|