الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 04:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-31-2006, 03:19 PM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة.

    على خلفية دعوة الأستاذ"وراق" لجبهة واسعة للإستنارة – سجال على صفحات الصحافة
    لقد أدت دعوة الأستاذ الحاج وراق لإنشاء جبهة واسعة لقوى الإستنارة على خلفية التصاعد المنتظم لدعوات التكفير، و ما نشره الأستاذ "جمال عربي" في مسارب الضي (باب الأستاذ وراق)فى صحيفة الصحافة, من دعوة للتجديد الديني بإعتباره أهم محاور مشروع الإستنارة، إلى نشؤ حوار حول هذا الأمر على صفحات الصحافة – نشر بعضه في سودانيس أون لاين – رأيت تجميعه في مكان واحد للفائدة العامة.
    وايضا لقناعتى ان الاستاذ "جمال عربى" يطرح أفكار جديدة تستحق التداول حولها. سأنشر الحوار الدائر بالتسلسل الآتي :

    مقال الأستاذ جمال عربي الأساسي الذي فجر النقاش (الصحافة 18/3/2006)
    رد أول من الدكتور أبوبكر محمد عثمان (الصحافة 12/4/2006)
    تعقيب الأستاذ جمال عربي على الرد الأول (الصحافة 16/4/2006)
    رد ثاني من الأستاذ محمد ميرغني عبدالحميد (الصحافة 26/5/2006)
    تعقيب الأستاذ جمال عربي على الرد الثاني – الجزء الأول (الصحافة 28/5/2006)
    تعقيب الأستاذ جمال عربي على الرد الثاني – الجزء الثاني (الصحافة 30/5/2006).
                  

05-31-2006, 03:26 PM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)




    مسارب الضي
    جبهة واسعة لقوى الإستنارة : ولكن بشرط!
    (الصحافة 18/3/2006)


    * أنشر أدناه مساهمة من الأستاذ/ جمال عربي، حول الاقتراح بتأسيس جبهة واسعة لقوى الإستنارة. والأستاذ/ جمال مفكر متميز، له عدة مساهمات متميزة منشورة، وقد إكتفى بالنشر الهاديء لأفكاره، دون السجال الحاد، أو التعرض للأضواء الإعلامية، لطبيعته الشخصية الهادئة، ولما تفرضه طبيعة عمله المهني، ومع ذلك، فإن أفكاره، تفتح كوة واسعة للضوء، في زمان تلف فيه عالمنا العربي والإسلامي ظلمات بعضها فوق بعض. وبطبيعة أفكار مستنيرة كهذه، ومهما كان هدوء طرحها، فانها تستثير القوى الظلامية، فتتكالب عليها لاطفائها، مما يؤكد بأن معركة الاستنارة، في بلادنا والمنطقة، معركة لا محيص عنها ولا مهرب منها. وهي معركة بكل ما تعني الكلمة من معنى، لها استراتيجيتها، وقواها، وكذلك تضحياتها وأثمانها واجبة السداد.
    رسالة الأستاذ/ جمال تلح إلحاحاً صحيحاً على ضرورة تجديد المنطلقات الفكرية والفقهية، وتضع ذلك شرطاً في تأسيس الجبهة نفسها، وعلى كلٍ، فالأمر مطروح للحوار في هذا الشأن، وأما وجهة نظري الشخصية، فهذا قد لا يكون شرطاً في التأسيس، ولكنه شرط لا غنى عنه لنجاح جبهة قوى الاستنارة هذه.

    شكراً للأستاذ/ جمال على مساهمته المتميزة، ولعلها تشجع الآخرين للإدلاء بدلوهم، وأترككم أدناه معها:


    *عزيزي الأستاذ/ الحاج وراق

    شخصي من المعجبين جداًً بمساهماتكم الرفيعة على صحيفة "الصحافة" ومنابر الكتابة والفكر الأخرى، وأثمن عالياً إسهاماتكم اللامحدودة للإرتقاء بالمستوى العام للطرح السياسي والفكري والإنتباه والتناول الذكي لأمهات القضايا التي تحاصرنا من جميع الجوانب. لقد دفعني لكتابة رسالتي هذه، ما خطه قلمكم في "الصحافة" مؤخراً تحت عنوان "جبهة واسعة لقوى الإستنارة" حيث لاحظت تركيزكم على الخطر المباشر الذي تمثله الجماعات الظلامية على إستقرار البلاد وديمقراطيتها ووحدتها مما يستدعي توحيد كل قوى الإستنارة في المجتمع في جبهة واحدة. وهو تركيز في محله، لا شك في ذلك، وينبغي أن يكون على رأس أولوياتنا وأجندتنا الوطنية. لقد أثار مقالكم رغبتي في إسقاط الضوء على جانب آخر من القضية ربما يكون أكثر خطراً وأعمق أثراً وهو أهمية أن يشمل "برنامج عمل" هذه الجبهة تأسيس مشروع تنوير ديني متكامل. يستهدف هذا المشروع هز ثوابت الفكر السلفي السائد اليوم والتي تمثل كابحاً حقيقياً لأي دعوة للتغيير، حيث يمثل إستنباط وإنشاء فقه إسلامي بديل - قائم على المصلحة والعقل وجملة من المعايير الأخرى - قضية محورية لبرنامج العمل هذا. إنني أرى أنه من المستحيل في ظل الوجود المسيطر للفقه التقليدي الحالي إنجاح أي برنامج للتقدم الإجتماعي أو إرجاع المجتمع المسلم للإسهام الإيجابي في الحضارة الإنسانية بشقيها المادي والفكري. فالعقل المسلم ولفترة إستطالت جُبل على الإكتفاء بالمعلوم بدلاً عن إقتحام المجهول ويميل للرضوخ للقدر عوضاً عن تفجير الإرادة وينزع للتقليد خوفاً من نتائج التجديد. إن شعوبنا، ويا للأسى الحارق، تتذيل شعوب العالم في كل معايير القياس سواء في الإنتاج المادي، أو في الإسهام العلمي والفكري والمعرفي، أو حتى في السلوك الإجتماعي والسياسي (تشيرالإحصائيات إلى أنه في الفترة من 1980 - 2000 سجلت كل الدول العربية (280 مليون نسمة) 370 براءة اختراع بينما سجلت اسرائيل (5 مليون نسمة) 7622 براءة اختراع !!. لكن لماذا وكيف حدث ذلك ؟ الإجابة بالتأكيد لا يمكن أن يحتملها حيز محدود في صحيفة يومية بيد أنه يمكن إختصارها في نقطة واحدة تتمثل في خضوع المجتمع المسلم لسلطتين تتناغمان بشكل معقد للسيطرة عليه وتوجيهه. أولهما سلطة التقليد، وهي سلطة معنوية تشير لسيطرة منهج وفقه وفكر القرون الأولى التي أعقبت الرسالة المحمدية على كامل طريقة تفكير المجتمع المسلم، والثانية سلطة الفقهاء ورجال الدين وهي سلطة مادية تتمثل في ذلك القطاع الواسع من العاملين في مجال الفكر الديني الذين أصبح الدين بالنسبة لهم مصدراً للرزق أو منبعاً للسطوة الإجتماعية/السياسية. بسبب ذلك تحولت مرجعية المسلم بشكل شاذ، فبدلاً من الأخذ مباشرة من الكتاب المنزل (القرآن الكريم)، أصبح رأيه مبنياً على أقوال وآراء بشر عاديين، يأكلون ويشربون ويتناسلون ويغشون الأسواق. أصبح فهمنا للدين يتم من خلال أناس خلقهم الله على مثالنا تماماً وليس على مثاله أو مثال رسوله أو حتى مثال أصحاب رسوله. يعطل عمر بن الخطاب النص القرآني الصريح عندما يرى أن مصلحة المسلمين تتطلب ذلك بينما يصر آخرون أقل منه، بأنه لا إجتهاد مع النص! بل ينشئون جداراً آخر بين المسلمين وكتابهم إسمه "المعلوم من الدين بالضرورة". يقول الرسول صلى الله عليه وسلم بصريح العبارة : " ماكان من دينكم فعلي به وما كان من دنياكم فأنتم أدرى به " وذلك في حادثة تأبير النخل المشهورة - تلك الرؤية التي بناها على قاعدة أنه بشر وأن ليس كل ما يقوله وحي يوحى به إليه - إلا أن سلطتي التقليد وفقهاء القرون الأولى قررتا أن كل ما تقوله أو تقرره أو تفعله، إنما هو تشريع ومصدر للأحكام!! عشرات الآيات القرآنية تتحدث عن حرية الإعتقاد وحق الإختلاف، إلا أن سلطتي التقليد والفقهاء رأتا أن حديث : "من بدل دينه فأقتلوه" الذي دوّنه الإمام البخاري بعد ما يزيد على المائة وخمسين عاماً من الرسالة، هو الأساس في تحديد مدى حرية الإعتقاد. ولا يثنيهما، أي السلطتين، في ذلك حتى رفض الإمام مسلم - صاحب الصحيح الثاني - لهذا الحديث، بل ورفضه كل أحاديث عكرمة مولى بن عباس التي رواها، بإعتبار أنه كان يختلق الأحاديث. وبعد هذا يقولون أن الحاكمية لله وليست لبشر أسموا أنفسهم فقهاء وعلماء!!.

    * ولتفادي الحرج الذي يمكن أن يسببه تغيير الظروف والموازين خلقت هاتان السلطتان قناة اتصال محتكرة بينهما، تسمى فقه الضرورة، يجري عبرها إجراء تعديلات طفيفة على منظومة الأفكار التي أضفيتا عليها القداسة مسبقا ً وفق ضوابط محددة سلفاً. لاحظ مصادقة البرلمان على إتفاقية قرض بين حكومة السودان والصندوق العربي للإنماء الإقتصادي و الإجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع سكر النيل الأبيض عبر قرض بفائدة مصرفية نزولاً على فتوى مستشار رئيس الجمهورية "للتأصيل"، حيث صرح بأن "الضرورات تبيح المحظورات" وأنه "يجوز عند الضرورة إستخدام الممنوع".
    لقد نجحت هاتان السلطتان – ولمصلحة بقائهما - في خلق وتشكيل وجدان مسلم يتميز بإعتقاد مطلق بأن النصوص الدينية في ذاتها تحتوي على إجابة شافية لكل جانب من جوانب الحياة، مهما صغرت، ويميل للإعتقاد بأن تعاليمها تحتوي على منظومة فكرية جاهزة ومكتملة، وبالتالي يتم النظر لكل الأمورالحياتية بمنظورالنصوص مما يؤدي في نهاية الأمر لإنزواء العقل وتعطيل قدراته وإضعاف دوره وبالتالي إطفاء الرغبة في الخلق والتجديد والإبتكار وفي النهاية الخروج من دائرة الإسهام المبدع في الحضارة الإنسانية. ولترى ما وصلنا إليه، تأمل بالله في رأي مثقف وكاتب وسياسي تخرج من أرقى المرافق الأكاديمية في البلاد، وتفسيره لكارثة الزلزال التي ضربت تركيا قبل عدة سنوات وإعتباره لها نتاجاً لطرد النائبة الإسلامية المحجبة مروة قاوجي من البرلمان: "وهكذا طردت مروة قاوجي وسلط الله الزلازل على تركيا لأن شعبها المسلم عجز عن حماية أخلاق إمرأة" .. "ولما أصبح الأتراك غير مؤهلين لعمارة الأرض روحياً سلط الله عليهم الزلازل والبراكين" – صحيفة الوفاق بتاريخ 8/2/1999. من درجة الإنغلاق الفكري المذهلة، لم يسأل الكاتب نفسه : من يستحق العقاب أكثر، بسطاء الناس الذين أتوا بالنائبة المحجبة للبرلمان والذين دفعوا ثمن الزلزال الباهظ نقصاً في الأنفس والثمرات، أم عتاتهم الذين طردوها منه والذين إحتموا منه في بروج مشيدة ؟! كما لم يكلف نفسه حتى عناء التساؤل البسيط : إذا كان سخط الطبيعة إنعكاساً ميكانيكياً لغضب السماء، ما ذنب بسطاء دولة الإسلام في إيران الذين يحصد الموت أرواحهم بعشرات الآلاف عند كل زلزال؟. وتأمل بالله مرة أخرى في ما تناقلته وسائل الإعلام عام 2004 عن بداية تفشي مرض شلل الأطفال بعد أن إقترب العالم كثيراً من القضاء المطلق عليه، نتيجة لرفض قطاع واسع من مسلمي نيجيريا تحصين أطفالهم باللقاح المضاد، إستجابة لفتوى أصدرها مجموعة من "علماء" الدين بولاية كانو مفادها أن حملات التحصين مخطط أمريكي لإصابة النساء المسلمات بالعقم bbcarabic.com 26/8/2004 !!.
    *لن يغير كثيراً من العقل المسلم في وضعه الراهن إستخدام أساليب الترهيب والترغيب أو تطويع المؤسسات الحالية وإجبارها على إحناء رؤوسها لبعض الوقت، كما لن يحول من تمدد هذا العقل إرساء نظام علماني، أو نشوء مؤسسات ديمقراطية، أو مطالبة الأنظمة القائمة في منطقة الشرق الأوسط فتح أبواب الحريات، على أهمية ذلك، حيث لن يدخل عبرها غير أشباه كهنة القرون الوسطى. لذا أقبل عضوية هذه الجبهة الواسعة لقوى الإستنارة لكن بشرط : أن تعمل هذه الجبهة على قلب الطاولة على مناهج التفكير الحالية والمؤسسات التي تنتجها وتبدأ التأسيس لفقه جديد هدفه خلق مجتمع مسلم جديد عينه على المستقبل الزاهر وليس الماضي الغابر!!.


    جمال عربي

                  

05-31-2006, 03:28 PM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    شكرا عمر ...
    لقد تمكنت فعلا من متابعة جزءا من هذه المقالات
    وفي اعتقادي أن آراء الاستاذ جمال ورؤاه جديرة بالاهتمام والمناقشة
    بغض النظر عما يمكن أن يحدث من اختلاف حول المنهج او بعض النتائج
    آمل أن يجد الموضوع حظا من القراءة الفاحصة والنقاش السابر
    ..
    محبتي دوما
                  

05-31-2006, 04:03 PM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: فتحي البحيري)

    شكرا جزيلا
    الاخ العزيز
    فتحى البحيرى
    مثلك تماما استوقفتى المقالات والحوار العميق الذى دار حولها, وفى ظنى انة سيستمر,وأتفق معك أن آراء الاستاذ "جمال عربى" ورؤاه جديرة بالاهتمام والمناقشة .وكذلك الأساتذة الذين أشتركوا معة .
    ميزة هذا الحوار فى تقديرى رغم أنة يتم فى اوضاع وطنية شديدة التعقيد, تتسم بردود الافعال , السياسية,وهياج الشمولية فى لحظات ضعف قبضتها مما يوحى باقتراب إنهيار مشروعها, والإستقطاب الحاد الذى تفرضة السيطرة الرسمية على وسائل الاعلام, وخنق الرائ العام بقضايا انصرافية.فهو يفتح باب للضؤ فى عتمة الإنقاذ, ويفتح مجال واسع للتدوال الفكرى العميق حول قضاياالحرية الدينية, بقدر كبير من الإجتهاد ,والاحترام للعقل والمنطق.

    لك المودة
                  

05-31-2006, 03:28 PM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    مسارب الضي

    حول الإستنارة والنصوص

    الحاج وراق

    ( الصحافة 12/4/2006)

    انشر أدناه مساهمة من د. أبو بكر محمد عثمان، ثم أعلق عليها:

    السيد المحترم الاستاذ الحاج وراق.. السلام عليكم

    تعليقا على رسالة الاستاذ جمال عربي المنشورة بعمودكم الاغر «مسارب الضي» 18/3/2006 أقول وبالله التوفيق:

    إن قوله ان برنامج العمل لجبهة قوى الاستنارة يجب ان يستهدف هز ثوابت الفكر السلفي السائد اليوم ويمثل استنباط وانشاء فقه اسلامي بديل قائم على المصلحة والعقل، ثم انتقد تمرير القرض الربوي لتمويل مشروع سكر النيل الابيض بدعوى تحقيق المصلحة ـ فلم اعد ادري ماذا يريد، إعمال المصلحة ام اهمالها؟ على ان قاعدة الضرورات تبيح المحظورات ليست من اختراع بشر بل هي مشتقة من القرآن الكريم لقوله تعالى :«فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه» سورة البقرة آية 173 ، وغيرها من الآيات والاحاديث ـ كما ان هذا ليس على اطلاقه، فليست كل ضرورة معتبرة تبيح فعل المحظور ، بل لها ضوابط فصلها العلماء تفصيلا، فمع انه «يجب» اكل الخنزير لدفع الموت من الجوع وشرب الخمر لدفع الموت من غصة قاتلة اذا لم يجد غيرهما من الحلال فانه لا يجوز دفع الموت عن نفسك بتعريض آخر للموت كأن تعرف مكان مختبيء يراد قتله ظلما، فتهدد بالقتل اذا لم تدل عليه، فلا يجوز ان تدل عليه لتفدي نفسك بنفسه فهذه ضرورة باطلة ـ الم يفعل ذلك البدوي الذي رأى ابنه يذبح امام عينيه لرفضه تسليم من استجار به فأجاره ، فتأمل!

    على ان هذا لا يعني انني اوافق على فتوى مستشار الرئيس للتأصيل لاننا نبدد الاموال في المؤتمرات والسمنارات والقمم والفلل الرئاسية واليخوت وتدبير الانقلابات في الدول المجاورة، واغتيال رؤساء الدول ، وافرغنا الخزينة بالاختلاسات حتى في ديوان الزكاة وبالرشاوى والفساد حتى صار موقعنا الدولة 150 من مجموع 154 دولة حول العالم ـ فنتج عن ذلك الفقر ـ ولا يمكن لهذا الفقر ان يكون ضرورة تبيح اكل او الاقتراض بالربا ـ كما افتى العلماء بأنه لا يحق للمسافر في رمضان ان يتمتع برخصة الافطار اذا كان سفره لمعصية بخلاف لو كان لطاعة او سفرا مباحا ، فتأمل!


    وتحدث عن الفقه التقليدي وانه يستحيل معه انجاح اي برامج للتقدم الحضاري....
    واقول انه لا يوجد شيء اسمه فقه تقليدي وآخر حديث، فالعيب ليس في الفقه بدليل ان عمر بن الخطاب أقام دولة العدل دون ان يكون بروفيسورا او تكنوقراطيا، بل ان عمر بن عبد العزيز اصلح بهذا الفقه «التقليدي» في سنتين «99 ـ 101 هجرية» ما افسده الامراء قبله في اكثر من ستين سنة فكانت الزكاة تعود من ليبيا الى المدينة المنورة لعدم وجود فقراء ، فقد اغنى عمر بن عبد العزيز الناس ، فقد بدأ بنفسه فخير زوجته بين ان تحتفظ بحليها التي هي من مال حرام وبين ان تحتفظ برباط الزوجية فاختارت الطهر، وما فعله غير هذا أشهر من ان نعيد ذكره.
    وتحدث عن سلطتين: توقف الاجتهاد والعلماء الذين يرتزقون بالدين ـ ولا ادري من الذي يملك مفتاح صندوق الاجتهاد فقفله دون الناس ، فقد قال الرسول «صلى الله عليه وسلم» :«من اجتهد فأصاب فله اجران ومن اجتهد فاخطأ فله اجر».. اما العلماء الذين يرتزقون بالدين وفقهاء السلطان فلا احد يحترمهم وإنما ينساق وراءهم من هم على شاكلتهم ممن يعبدون الدرهم والدينار والقطيفة... اما تخلف الشعوب الاسلامية فراجع الى سنة الله فيمن ينغمس في الترف وتهبط همته وينصرف عن العمل نتيجة ازدهار حضارته ، قال الله تعالى : «واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مرتفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا» سورة الاسراء آية 16. وهذا مشاهد في كل الحضارات فأين الامبراطورية البريطانية التي لم تكن تغيب عنها الشمس ، واين الامبراطورية العثمانية التي حكمت نصف العالم لمدة 500 سنة من قصر (توب كابي) في اسطنبول مقر الخلفاء العثمانيين؟ وألست ترى تخبط الامبراطورية الامريكية وانحدارها نحو الزوال بعد ان اصبح الرجال يتزوج بعضهم بعضاً بوثائق يوقع عليها قاضي المحكمة (الشرعية) ويختمها بخاتم الدولة، وأصبح نفاقهم في الحديث عن الحريات وحقوق الانسان اوضح من الشمس؟ وماذا يعني حق الفيتو، انه يقول انا متأكد ان الحق معك لكن مصلحتي في ان لا احق الحق ، فتأمل!

    أما المثال الذي ضربه عن تعطيل عمر بن الخطاب لنص قرآني تحقيقاً لمصلحة المسلمين فلعله اراد تجميد حد السرقة في عام الرمادة - لكن يجب ان يكون واضحاً انه لم يعطل هذا النص أو يجمده دون سند بل استند الى حديث نبوي صحيح «ادرأوا الحدود بالشبهات) فشبهة الجوع منعت حد القطع فليس هنا ثمة تعطيل بل فهم عميق لمقاصد الشريعة ، فالاسلام لم يأتِ ليقطع ايدي الناس ويجلدهم ويرجمهم ويعدمهم دون ضوابط - بل لا يملك احد ان يعطل آية ، فعندما قال الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم «إئت بقرآن غير هذا أو بدله» لقنه الله تعالى الاجابة بقوله :«قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي، ان اتبع إلا ما يوحى إلي» سورة يونس آية (15).
    ثم اعترض على قاعدة (لا اجتهاد مع النص) فلا ادري ما قيمة النصوص إذا كانت معرضة للتجاوز لكل من له مصلحة، وحتى النصوص البشرية لها قدسيتها ولا يسمح لأحد بتجاوزها - أما اعمال الضرورة فقد فصلناه. أما حديث تأبير النخل فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم :«انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق» وليس تأبير النخل من مكارم الاخلاق - فلا حجة لأحد في هذا الحديث ليعطل النصوص دون ضوابط.

    أما محاولته الطعن في صحة حديث الامام البخاري بقوله انه دون (من بدل دينه فاقتلوه) بعد 150 سنة من البعثة ، وان الامام مسلم صاحب الصحيح الآخر رفضه فلم اسمع بمثل هذا من قبل، ويجب علينا بناء على ذلك رفض كل احاديث البخاري فانما دونت ما بين 100 - 150 سنة بعد البعثة - وانظر الى علماء الآثار فانهم اذا وجدوا اناء فخارياً لا يساوي درهمين قطعوا وجزموا انه يعود للفرعون فلان من الاسرة الفلانية الذي مات قبل ثلاثة آلاف سنة فمن اين لهم ذلك، ولماذا نحقر جهود أئمتنا؟

    أما قوله ان السلطتين (وقف الاجتهاد وتسلط العلماء المرتزقة نجحتا في خلق وجدان بأن النصوص الدينية تحوى اجابات شافية لكل الامور الحياتية مهما صغرت مما عطل عمل العقول فكان عليه توضيح الامور الحياتية التي ليست لها اجابات شافية في نصوص الدين - فالحق ان كل نشاط بشري يقع تحت احدى التصنيفات الآتية : فرض يجب فعله لأنه خير محض ، وحرام يجب تركه لأنه شر محض ، ومستحب يندب الناس الى فعله ، ومكروه يندبون الى تركه ، وخامس مباح يستوي فعله وتركه ، فالانسان مخير فيه خياراً مطلقاً، حتى ان اعراب الجزيرة كانوا يقولون للمسلمين: ان دينكم يعلمكم كل شيء حتى الخراءة (اي آداب قضاء الحاجة) فكيف خفى هذا على محدثنا؟

    فالاسلام مثلاً يأمر بالعدل والشورى ثم ترك العقل ليخترع من الوسائل ما يحقق هاتين القيمتين ، فكان العقل قديماً يتحقق من الفاعل المجرم باقتفاء آثار اقدامه على الرمل ثم تقدم حتى اصبح يحلل البصمة الوراثية D.N.A ، وهكذا في كل المجالات ولم يعترض الاسلام على أي من الطريقتين مادام هذا هو اقصى ما توصل إليه العقل في ذلك الزمن - وهل الظلم الواقع الآن هو من قلة العقل أم من قلة الخلُق؟

    أما ذلك المثقف تثقيفاً عالياً ونسب زلزال تركيا لطرد نائبة محجبة من البرلمان - فالمسلم على يقين جازم ان الذنوب قد تكون سبباً في الكوارث «وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم» سورة الشورى آية (30) ، إلا انه لا يجوز نسبة كارثة معينة لمصيبة بذاتها إلا اذا كان منصوصاً عليها وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم: «وما تفشت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا اصابتهم الادواء التي لم تكن في اسلافهم» او كما قال صلى الله عليه وسلم ، وعليه يمكن باطمئنان شديد نسبة مرض الايدز لتفشي الزنا واللواط - فقد نشأ الايدز سنة 1983م، خلقه الله بعد ان لم يكن عقوبة للفسقة.

    اما صدور فتوى من علماء نيجيريا بمنع تطعيم الاطفال ضد مرض شلل الاطفال لكون المشروع مخططا امريكيا لتعقيم نساء المسلمين فهذا ليس مجال اولئك العلماء الافاضل (كل بني آدم خطاء) بل مجال الابحاث الطبية التي تجرى على ذلك اللقاح لمعرفة اثره على درجة خصوبة النساء ، كما حدث للتدخين فبعد ان ثبت معمليا وطبيا واحصائيا انه يسبب سرطان الرئة جاز للعلماء الافتاء بتحريمه كما الخمر بعد ان كانوا يفتون بالكراهة فقط!

    وفي الختام ، نقول: ليس احد حجة على الله ولا يمكن تصيد بعض اخطاء العلماء او فتاوى متعجلة لننبذ دينا انزله الله من فوق سبع سماوات على قلب المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم.

    واعتذر للاستاذ جمال عربي ان ظن ان في بعض كلماتي حدة ، فلم اتعمدها.
    دكتور طبيب / ابوبكر محمد عثمان.

    تعليق:


    رغم ان د. ابو بكر يعقب على مقال للاستاذ/ جمال عربي، فليسمحا لي أن ادلي ببعض الملاحظات:

    * في تقديري الشخصي ان كيفية التعامل مع النصوص الدينية ـ القرآن الكريم والسنة النبوية ـ تشكل اعقد قضية فكرية/ فقهية تواجه المسلمين في الازمنة المعاصرة.
    ويتأتى التعقيد من اشكالية ان المسلم ملزم بحسب دينه ان يتقيد بالنصوص، ولكن، وفي ذات الوقت، فإن النصوص واسعة، منها المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، والمجازي والحقيقي، والمقيد والمطلق، والخاص والعام، ولذا فإن الالتزام بالنصوص، وعلى عكس ما يبدو لاول وهلة، يتطلب إعمالا للعقل والاجتهاد.

    * ويضيف العصر تعقيدات اضافية الى قضية اشكالية اصلا، ولابراز مثل هذا التعقيد، اقدم أنموذجا واحدا- حيث تجمع المذاهب الاربعة على ان من شروط الخليفة «الحاكم» القرشية ـ اي ان يكون من قبيلة قريش، استنادا على قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحكم الا من قريش».
    فاذا اخذنا النص بحرفيته فيجب التحقق من «قرشية» كل حاكم في العالم الاسلامي، في زمن تداعت فيه الاطر القبلية في كثير من المجتمعات المعاصرة! اما اذا اخذناه بمقتضاه ـ حكمته ومقصده النهائي ـ، فيمكن حمل الحديث الى ما ذكره ابن خلدون بأن قريش تشكل «العصبية» الاكبر في الجزيرة العربية حينها، ولذا فالمقصود حقا ان يكون الحاكم من العصبية الاكبر، ولأنها تتغير من مجتمع لآخر، ومن زمن لآخر، فإن مقتضى الحديث في السودان، ان يكون الحاكم من حزب الاغلبية، اي من حزب الامة او الاتحادي الديمقراطي!!
    واذا كنا مأمورين بالاتباع، وقدوتنا الحبيب المصطفى«صلى الله عليه وسلم»، فلا بد أن يشمل هذا الاتباع الاقتداء بمنهجه في مقاربة القضايا والمشكلات، وما من مسلم عاقل يعتقد بأن رسوله لم يكن حكيما، كيسا فطنا ، ومبدعا ومجددا. وكما يفرح الاستاذ/ بتلاميذه النجباء، فقطعا ان قدوتنا الأحسن، الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، لأشد فرحا بأتباعه حين يتصفون بالذكاء والحكمة .
    واذا جاز لنا ان نتخيل، فيمكن ان نتخيل المصطفى صلى الله عليه وسلم اكثر فرحا بنا ونحن نحمل احاديثه على احسن الوجوه الممكنة! وهكذا، ألخص موقفي، بأن المطلوب من المسلم (الاتباع الابداعي)، وبهذا يستطيع ان يعيش عصره دون ان يفقد تدينه! وعلى كلٍ، فإن قضية بمثل هذا التعقيد، لا يمكن استيفاؤها في هذا الحيز الضيق.
                  

05-31-2006, 04:08 PM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)



    مسارب الضي
    نحو فقه متجدد
    (الصحافة 16/4/2006)


    عزيزي الأستاذ/ وراق
    إطلعت بكل إهتمام على تعقيب الدكتور أبوبكر محمد عثمان بتاريخ 12/4/2006 على ما نشره شخصي ببابكم المحترم بعنوان "جبهة واسعة لقوى الإستنارة ولكن بشرط !!". لقد حاولت في مساهمتي المنشورة، وبقدر الإمكان، إبراز رسالة واضحة مفادها أن أي تغيير إيجابي في الواقع الراهن للمجتمعات العربية والإسلامية يستهدف إلحاقها بقافلة الحضارة الإنسانية التي تجاوزتنا ببون سحيق، لن يتم إلا بإعادة نظر شاملة في الأصول التي نشأ عليها البناء الحالي بكل مكوناته الفكرية والإجتماعية والسياسية. حاولنا في مساهمتنا تلك تفسير حالة الإنحطاط السائدة في كل مجالات النشاط والفعل البشري بعالمنا العربي والإسلامي، بسيادة وطغيان سلطتين إحداهما معنوية تتمثل في سلطة التقليد التي تعبر عن حالة من الإمتثال التام تقريباً لمنهج وفكر وفقه القرون الأولى لنشؤ الدولة الإسلامية، والثانية سلطة مادية تتمثل في الإستسلام، التام أيضاً، لأولئك الفقهاء والعلماء الذين يمثل الدين بالنسبة للغالبية الساحقة منهم مصدراً للرزق ومعبراً للنفوذ السياسي/الإجتماعي/الفكري والذين يعتبرهم المسلم العادي مرجعيته الأساسية، إن لم تكن الوحيدة، في فهم الدين والدنيا. كما حاولنا في مساهمتنا تلك تأكيد أنه وفي عدم وجود هذا الشرط الموضوعي للتغيير، الذي يمكن أن نطلق عليه الإصلاح أو التجديد الديني، لن تكون المحاولات النبيلة لقوى الحداثة في المنطقة والرامية للتبشير والمناداة بالدولة الديمقراطية العلمانية، بأفضل حالاً من تلك المحاولات التي تولتها الأساطيل التي تجوب ذات المنطقة !!
    كان لابد من إيراد المقدمة السابقة لتذكير المعقبين علينا، سواءاً إتفقوا أو إختلفوا معنا، بالمستوى الذي يجب أن يدور في إطاره النقاش والطرح بقدر الإمكان، وهو مستوى العموميات والمضامين، حتى لا تضيع القضية الأساسية وسط السجال حول التفاصيل وحول أفضلية هذا الفقيه أو الراوي على الآخرين وما إلى ذلك من أساليب الجدل و"الإفحام" التي إشتهرنا بها كعرب وكمسلمين. أننا نقر على الرغم من ذلك بوجود حوجة في بعض الأحيان لإستخدام النصوص والأمثلة والنماذج، إلا أنه ينبغي إختزالها في الحد الأدنى وفي الإطار الذي يخدم الحوار. على كل، فلكاتب هذه المساهمة دراسة مفصلة بعض الشئ نشرت بتاريخ 16/3/2005 بصفحة مقالات وتحليلات بموقع "Sudaneseonline.com" تحت عنوان " مشروع رؤية لمسار جديد للفكر الإسلامي" يمكن الرجوع إليها لإلقاء مزيد من الضؤ على ماندعو إليه من أفكار.
    نعود مرة أخرى لتعقيب الدكتور الفاضل والذي فاجأني حقيقة بأدبه الجم وبعده عن أساليب التكفير والتخوين والتجهيل المألوفة في حوارات الإسلاميين مع مخالفيهم (ومع بعضهم في كثير من الأحيان). حيث ربط سيادته بين دعوتنا لإستنباط فقه إسلامي جديد قائم على المصلحة والعقل وجملة من المعايير الأخرى، وإشارتنا لفقه الضرورة بإعتباره أحد الآليات التي يحتكرها الفقهاء والعلماء التقليديون. لقد ربط ذلك بشكل يوحي وكأننا نرفض فقه الضرورة وبالتالي يستنتج أننا نناقض نفسنا بنفسنا، حيث من ناحية نريد الإعتماد على المصلحة كأحد آليات الفقه ومن الناحية الأخرى نرفضها لأننا نرفض فقه الضرورة بإعتباره هو الأداة التي يتم عبرها تحقيق المصلحة. في الحقيقة لقد جاءت إشارتنا لفقه الضرورة في سياق مختلف، حيث حاولنا في المقال المعني أن نوضح أن الأغلبية الساحقة من الفقهاء و"العلماء" اللاحقين، يلجأون إليه كأداة لإجراء التعديلات التي تتطلبها بعض الظروف الضاغطة في منظومة الأفكار التي يعملون كل ما في وسعهم لإكسابها الديمومة والثبات. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لكسب رضا السلطان، الذي يتحكم في موارد الرزق، عبر إعطاءه المشروعية الدينية الضرورية للغاية بالنسبة له!!. على عكس ماإعتقده السيد/ الكاتب فإننا نعتقد أن فقه الضرورة يمثل أحد المفاتيح الرئيسية في منهج التجديد والإصلاح الديني الذي ندعو إليه (كما نعتقد بالمناسبة أن جوهر الفتوى التي تطرقنا إليها في مقالنا السابق صحيح ونأمل أن تتاح لنا فرصة أخرى لإيضاح ذلك)، غير أن أننا نشترط لإنجاح فقه الضرورة، وتحقيقه للدور المطلوب منه، أن يتسع نطاقه بقدر إتساع المسافة الزمنية والمكانية بين القرن الأول الهجري وقرننا هذا، أي بمعنى آخر، مراجعة تلك الضوابط التي فصلها العلماء تفصيلآ كما يقول السيد الكاتب، إن لم يكن تجاوزها تماماً. كما نشترط أيضاً لإنجاح ذلك النهج، تحريرعملية التجديد الديني والإفتاء برمتها من قبضة مكون واحد من مكونات المجتمع (العلماء والفقهاء) وبسطها لجميع الناس. فالأصل في الأشياء أن الدين تنزل على الناس جميعاً باللغة المعروفة لديهم وبالتالي لهم حقوق متساوية في الفهم والإدراك كما يتحملون مسئوليات متساوية أمام خالقهم. صحيح أن البشر لا يتساوون من ناحية حجم المعرفة المتاح لهم ونوع هذه المعرفة، إلا أنهم يتساوون في التكليف، على قدر إستطاعتهم بالطبع، وبالتالي فإن مشاركتهم تصبح لازمة في كل أمر يهم حياتهم، وعليهم – أي البشر - إيجاد الآليات والوسائل التي تجعل ذلك ممكناً. أيضاً، وفي ذات السياق، فإن إيكال أمر التجديد والإفتاء لفئة بعينها كل ما يميزها عن الآخرين تمتعها بقدر أكبر من المعرفة في قواعد اللغة العربية وإطلاع على المنتجات الفكرية للقرون الأولى للدولة الإسلامية، يتناقض مع الغرض من الفقه نفسه. حيث أن الفقه، بمعنى إستنباط الأحكام للتعامل مع المستجدات التي تطرأ في حياة الناس، يتطلب معرفة ودراية بالموضوع المراد تناوله وعمق تأثير ذلك الموضوع على الجوانب الأخرى المحيطة به. ولنأخذ هذا المثال الساخن الآن على ساحات الإعلام حيث أنه ونتيجة لفتوى من بعض "علماء" كانو بنيجيريا والسودان رفض بعض المسلمين تطعيم أبنائهم ضد مرض شلل الأطفال مما أدى لعودة المرض من جديد بعد أن كاد العالم يحتفل للقضاء الأبدي عليه، وذلك نتيجة لتخاريف معشعشة في عقول صدئة لا تعرف عن هذا العالم غير أن كل ما يدور فيه – أي العالم - لا يعدو أن يكون جزءاً من مؤامرة تستهدف الإسلام. بالله عليك وأنت الطبيب المحترف، من أجدر بالإفتاء في هذا الشأن، العالم والطبيب "الكافر" الممسك بملف هذا المرض بمنظمة الصحة العالمية أم هذه الملة من البشر؟ هل تعلم، سيدي الفاضل، أن أولئك الذين جوزوا قرض سكر النيل الأبيض وسد مروي، يؤلبون الناس، بما يملكونه من سلطة فكرية، للتمسك بعادة ذميمة يرفضها الطب والعقل والوجدان السليم والضمير الحي، وهي ختان البنات، بإسنادات أضعف كثيراً جدا، من تلك التي جوزوا فيها القرض المشار إليه على الرغم من خطرها الماحق على صحة نصف البشر الجسدية والنفسية، وكل ذلك ليشبعوا قناعة تكمن في ظلمات أنفسهم ولا علاقة لها لابالدين ولا بالعلم بأن ختان الأنثى هو الطريق للفضيلة والعفاف ؟. إن العلة لا تكمن في أن الفتاوى المشار إليها تمثل أخطاء بشرية كما حاول السيد المعقب أن يقنعنا، وإنما المشكلة الرئيسية تكمن في إعطاء المسلمون حق التحليل والتحريم ورسم حياة الناس ومسار تطورهم ، لبشرعاديين من بينهم، يتصفون بكل ما يتصف به الآخرون من صفات حميدة أو ذميمة، ويعتمل في نفوسهم كل ما يعتمل في نفوس الآخرين من مصالح و رغبات ونظرات تتأثر بالنشأة والثقافة والبيئة.
    كرد على ما أثرناه حول تخلف الدول العربية والإسلامية في كل المجالات تقريباً، حاول السيد المعقب الفاضل إرجاع ذلك التخلف إلى سنة الله فيمن ينغمس في الترف إستناداً على الآية الكريمة : "وإذا اردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها .."، معضداً رأيه بأن الإمبراطورية الأمريكية بدأت إنحدارها نحو الزوال بعض أن أصبح الرجال يتزوج بعضهم بعضاً .. إلخ، وهو منطق يماثل تماماً منطق المثقف الذي أوردنا رأيه في مقالتنا السابقة والذي أشرنا إلى أنه فسر زلازل تركيا المدمرة بإعتبارها عقاب سماوي لشعب تركيا لأنه عجز عن حماية النائبة المحجبة مروة قاوجي عندما قررت المؤسسة السائدة طردها من البرلمان !!. لقد أوضح رأي السيدان هنا تماماً حجم الكارثة والمحنة التي تمر بها أوطاننا وهي غياب التفكير العلمي والمنهجي الذي بدونه لن يتوفر لنا أي إمكانية للحاق بباقي العالم. وفي هذا لنا وقفة قصيرة : 1) هل هناك علاقة شرطية بين حدوث كارثة وإرتكاب معصية حتى يمكننا بالتالي طرح مناهج التحليل الاقتصادي/الإجتماعي/السياسي جانباً والبحث عن أسباب الظواهر العلمية والإجتماعية والإقتصادية في النصوص الدينية؟ ، 2) إذا كانت الإجابة على السؤال السابق بالإيجاب فما هو التفسير لتقدم العالم الغربي الأكثر فسوقاً على العالم الإسلامي الأقل فسوقاً؟ ،3) إذا كان الرد على السؤال الأول أيضا بالإيجاب ما هو التفسير لهذا القهر للمسلمين الواقع عليهم – كمثال على ذلك البوسنة والشيشان – ذلك القهر الذي وصل مرحلة القتل الفظيع لرجالهم والإغتصاب المرير لنسائهم في قلب أوروبا القرن الواحد وعشرين ؟ ، 4) ألا يشبه تفسير الظواهر الطبيعية والإجتماعية والإقتصادية بإستخدام النص الديني، تفسير بعض الناس لتقاعسهم عن العمل والإنتاج بإعتبار أن الرازق هو الله ، وما من دابة تسعى إلا وعلى الله رزقها، حيث يكمن الشبه والتماثل في الفهم السطحي للنص الديني بعد تجريده من الظرف الذي نزل فيه والمعنى البعيد الذي يرمز إليه ؟، 5) ما فائدة الإشتغال بالعلوم الطبيعية والإنسانية إذا كانت الإجابات على أسئلة الناس الرئيسة تكمن في النص الديني الذي يختلف الناس في تفسيرهم له بإختلاف ظروفهم وطبائعهم؟ ، 6) ماذا يفيد حث الرسول صلى الله عليه وسلم للناس لتلقي العلم والحكمة من مواطنها إذا كانت الإجابات توجد هكذا في متناول أيدينا وبهذه السهولة؟ . لقد نجحت سلطتا التقليد والفقهاء في سلب عقول المسلمين من القدرة على التفكير المستقل الحر الجرئ المستند على الضمير وليس الخوف، التفكير الذي عينه على المستقبل والذي لا يكترث للسقوف الأعلى أو الخطوط الحمراء. إن ما أرسته سلطتا التقليد والفقهاء من فهم للدين يرتكز على الأخذ بظاهر النصوص دون التمعن في مغازيها، وفي الأخذ بعمومية النص على حساب خصوصية السبب، مسئول مسئولية مباشرة عن السطحية التي تسم إنتاجنا المعرفي بشكل عام، ومسئول عن إعتمادنا على الأخذ من الآخرين بدون أن نعطيهم أو نعطي أنفسنا شيئاً (هل يصدق القارئ الكريم أن الناتج القومي لكل الدول العربية – أرضاً وبحراً وجواً - يعادل بالكاد الناتج الإجمالي لأسبانيا وليس بريطانيا أوفرنسا !).
    يرفض الكاتب الفاضل إعتراضنا عل قاعدة "لا إجتهاد مع النص" بإعتبار أن النصوص لن تكون لها قيمة إذا كانت معرضة للتجاوز، كما أشار إلى أن عمر بن الخطاب جمد العمل بحد السرقة إستناداً على حديث "أدرأوا الحدود بالشبهات" وليس لسبب آخر. إن درء الحدود بالشبهات قاعدة معمول بها في كل الظروف من حيث المبدأ – وليس في عام الرمادة وحده- ويتم التعامل بها في مستويات التقاضي المختلفة، لكن المختلف في عام الرمادة في تقديرنا، هو تعطيل الحد تماماً حتى عن القادرين مادياً بإعتبار أن الوضع الإقتصادي القاسي يجعل حتى الذي يملك قوت يومه يتطلع لإمتلاك قوت الغد. وعليه لا نعتقد بأن عمر بن الخطاب عمل على تجميد النص إمتثالاً لقاعدة درء الشبهات أكثر من أنه أدرك بشكل ثاقب العلة من النص نفسه وعمل بمقتضى ذلك. على كل حال، فإن تجربة عمر بن الخطاب تمثل مدرسة مختلفة نوعياً في النظر للنص القرآني من خلال المقاصد والعلل وليس الكلمات والحروف، ودليلنا على ذلك تواتر إجتهاداته وتنوعها على الرغم من قرب زمانه ومكانه من زمان ومكان نزول النص نفسه. فلقد أوقف منح الصدقات للمؤلفة قلوبهم الثابت بنص الآية، وأسقط الجزية عن بعض النصارى لما رأى أن مصلحة الدولة تقتضي ذلك، إلخ.
    يعتبر السيد الكاتب تعرضنا لحديث "من بدل دينه فأقتلوه" طعناً في صحة الحديث بينما قصدنا غير ذلك. لقد إستشهدنا بهذا الحديث للتدليل على وجود أزمة تستلزم إعادة النظر في مجمل القواعد التي تبنى عليها الأحكام والتي وضعت بواسطة "سلطة" التقليد ومؤسسة الفقهاء، بإعتبار أن تلك القواعد قائمة على فكرة الإتباع وليس الإبداع، ومبنية على النصوص وليس المقاصد. كما أنها، وبشكل مقصود، تلغي أو تقلل في أفضل الأحوال من أهمية النظر للنصوص في إطار الظرف الزماني أو المكاني أو السياق الذي قيلت فيه. والنماذج كثيرة للغاية ولا تقف في حدود هذا الحديث وحده، حيث يمكن إضافة الكثير لذلك، كقوله صلى الله عليه وسلم : "لا يقتل مسلم بكافر"، "لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فأضطروه إلى أضيقه" .. إلخ.
    أن موقفنا السلبي عن منهج التقليد لا يعني بأي حال من الأحوال ذم أولئك الذين بنوا هذا الإرث العظيم من الفكر في بيئة كان مظهر الفكر الوحيد فيها، تقريباً، هو الشعر من مدح وهجاء وغزل. أننا لنقدر عالياً أولئك الذين إجتهدوا في تدوين سيرة المصطفى عليه السلام وأصحابه وإستنباط الأحكام التي تتلاءم مع واقعهم وعصرهم فقد قدموا لنا، بغض النظر عن إختلافاتهم وأخطائهم، ذخيرة هائلة من المعارف التي تعين، إذا أحسن النظر إليها، في رسم أفق المستقبل عبر تلاقحها مع مصادر الفكر الأخرى. بيد أن هذا لا يعني تقريظاً للأغلبية الغالبة من الفقهاء المتأخرين الذين بدلاً عن الإضافة لمجهود من سبقهم، مالوا للإنكفاء على الماضي وأعتبروا أن نهر الحياة قد جف عند أعتاب القرن الثالث الهجري.

    جمال عربى
                  

05-31-2006, 04:12 PM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    على خلفية مقترح وراق بتكوين جبهة لقوى الإستنارة

    تحذير من قوى التلبيس والهوى والظلام ؟

    ( الصحافة 26/5/2006)

    بقلم : محمد ميرغني عبد الحميد


    نشرالأستاذ الحاج وراق في عموده مسارب الضي اليوم 18/3/2006م العدد رقم 4588 مساهمة للأستاذ جمال عربي وقد جاءت موافقة لوراق في طرحه جبهة لقوى الأستنارة ومشترطة أيضا. ولكن هناك نقاط أرى أنها تجعل هذه الجبهة جبهة لقوى التلبيس والهوى والظلام. وأعني بذلك أن الإسلام اليوم بين تطرفين من أتباعه! ففريق يدعى التمسك بالنصوص وحملها على محمل وحيد ارتضوه والخلافة لله في أرضه والتجبر على عباد الله بدين الله, وهؤلاء هم أهل الفكر السلفي الذي يكفرون أهل الإسلام بلا بينة, وفريق يدعى أن العقل هو الأصل الذي عليه المدار, فمنهم من يطعن في القرآن ومنهم من يتورع عن ذلك ويطعن في السنة وأهلها ويلبِّسون بأن لا يوجد في المسلمين غير نقيضهم ومع هذا يدعون أنهم أهل استنارة! إنه بهرج الهوى. تكون استنارة لو انتقد أصحابها أصول الإسلام وقدموا أصولا خير منها أو انتقدوا ممارسات أهل التطرف وبرأوا الإسلام ولكن أن يحاسبوا الإسلام بممارسات هؤلاء فيعمدوا لتغييرأصوله كرد فعل منهم ويدعوا مع هذا أنهم يريدون إسلاما جديدا فهذا تلبيس وهوى وما أهله إلا أهل الظلام لا الإستنارة يقول جمال عربي:


    * أن يشمل "برنامج عمل" هذه الجبهة تأسيس مشروع تنوير ديني متكامل. يستهدف هذا المشروع هز ثوابت الفكر السلفي السائد اليوم والتي تمثل كابحاً حقيقياً لأي دعوة للتغيير، حيث يمثل إستنباط وإنشاء فقه إسلامي بديل - قائم على المصلحة والعقل وجملة من المعايير الأخرى – قضية محورية لبرنامج العمل هذا.

    التلبيس هو الحديث عن سيادة الفكر السلفي والسلفية إصطلاح أطلقته بعض القوى الإسلامية كأتباع الحركة الوهابية في السعودية والحركات الاسلامية في العالم أجمع حيث يجتمعون في أصول العقيدة وهذا ما يبرر التقارب الشديد بينهم في النظرة للآخر المسلم وغير المسلم. ويراد بالسلفية الآن دعوى الأسوة بالسلف. كل مسلم اتفق مع هؤلاء أو اختلف معهم يدعى الأسوة بالسلف ولكن لم ينفرد بالمصطلح أويدعيه لنفسه دوما غير هؤلاء لذلك الآن عندما يطلق يراد به هؤلاء الناس. فمثلا أهل التصوف على كثرتهم خارجين عن هذا الإصطلاح حيث يراهم أهله أهل بدعه لا أسوة لهم بالسلف الصالح وإلا لتركوا تصوفهم. والسودان بلا مراء بلد يغلب فيه أهل التصوف. وفي العالم أجمع لا يتغلب السلفيون إلا في مواطن معينة وعلى هذا يصح قولنا أن أهل التصوف اليوم غالبية في العالم الإسلامي. وعلى هذا لا يصح القول بسيادة الفكر السلفي اليوم فهو ليس سائدا بل مسوداً, إلا في السعودية . أما إذا أردت أن الفكر الاسلامي السائد اليوم هو كابح دعوة التغيير، فهذا تلبيس شنيع إذ كيف جعلت المسود سيداً!!! وما هذا إلا للعلم بأنه من السهل بمكان انتقاد الفكر السلفي بعكس انتقاد الفكر الإسلامي عموما. يسهل دعوى أن ما لا يعجبك ثوابت سلفية ولو قلت أنها ثوابت إسلامية لما استطعت التصريح بنية هزها. أما الفقه البديل الذي يقوم على المصلحة والعقل ومعايير أخرى غير محددة فلا يصح وصفه بأنه إسلامي هو فقه فحسب. ينسب لسيدنا علي كرم الله وجهه القول بأنه لو كان للعقل مدخل لقيل أن مسح باطن الخف أولى من ظاهره!
    ثم يقول:

    * فبدلا من الأخذ مباشرة من الكتاب المنزل (القرآن الكريم)، أصبح رأيه مبنياً على أقوال وآراء بشر عاديين، يأكلون ويشربون ويتناسلون ويغشون الأسواق. أصبح فهمنا للدين يتم من خلال أناس خلقهم الله على مثالنا تماماً وليس على مثاله أو مثال رسوله أو حتى مثال أصحاب رسوله. يعطل عمر بن الخطاب النص القرآني الصريح عندما يرى أن مصلحة المسلمين تتطلب ذلك بينما يصر آخرون أقل منه، بأنه لا إجتهاد مع النص!

    هي دعوة القرآنيين التي عناها سيدنا رسول الله صلَّى اللع عليه وآله وصحبه وسلم حين قال في سنن النسائي والترمذي وابن ماجة: «لاَ ألْفِيَنَّ أحَدَكُمْ مُتَّكِئاً عَلَى أرِيكَتِه يَأْتِيهِ الأمْرُ مِنْ أمْرِي مِمَّا أمَرْتُ بِهِ أوْ نَهَيْتُ عَنْه ُ قَيَقُول لاَ نَدْرِي مَا وَجَدْنَا في كِتَابِ الله اتَّبَعْنَاهُ».
    الأنبياء وورثتهم العلماء بشر عاديين, يأكلون ويشربون ويتناسلون ويغشون الأسواق, وفهمنا للدين لا مناص من أن يتم من خلال هؤلاء لأنا نحتاج قطعا للواسطة فقد تراخى زماننا عن زمان النبي وصحبه فكيف لنا أن نعلم الدين إن لم ينقله لنا الرجال؟؟؟ هذا القرآن الذي بين أيدينا والذي تريد ان تأخذ منه الفهم كيف وصل إلينا؟؟ أليس عن طريق هؤلاء الذين أردت لهم أن لا يكونوا بشرا عاديين بل على مثال الله أو على مثال رسوله أو على مثال صحابته!! لم يكن مجموعا بين الدفتين كما هو الحال الآن! بل جمعه هؤلاء السادة الأفاضل, وطالما أنك قد استأمنهم على نقل القرآن فلماذا لم تفعل ذلك في الحديث الشريف والرجال هم الرجال؟؟ هذا لعمرى إمعان شنيع في التعجيز!! وتقليد بديع للكفرة الذين قالوا: ( مالِ هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل معه ملك فيكون معه نذيرا) الآية (7) الفرقان. بل هذا تعجيز أضل حيث قال: وليس على مثاله!! فكيف يكون الرسول على مثال الله؟؟ لا يقال لنا خلق الله آدم على صورته إحتجاجا بالحديث الشريف, لأن سيدنا آدم عليه السلام يأكل ويشرب ويتناسل ويغشى الأسواق خلافا لصفتك التي أردت. القرآن يقول أن نبينا عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين فكيف تطلب أن يأتيك أحد على مثاله؟؟ الصحابة عليهم الرضوان أبيت السنة التي نقلوها فكيف تطالب أن يأتيك أحد على مثالهم؟؟ القرآن يأمرك بمتابعة الرسول وأنت لم تقابله لتراخي زمانك عنه وترفض الواسطة فكيف يستقيم هذا أم أنك تريد أن ترفض القرآن في الحقيقة؟؟ هذا هو العقل الذي تدعونا للركون إليه تاركين متابعة وتقليد السابقين. يقول ابن حجر في الفتح: (باب ما يذكر من ذم الرأي) أي الفتوى بما يؤدي إليه النظر وهو يصدق على ما يوافق النص وعلى ما يخالفه والمذموم منه ما يوجد النص بخلافه، وأشار بقوله ” من ” إلى أن بعض الفتوى بالرأي لا تذم وهو إذا لم يوجد النص من كتاب أو سنة أو إجماع. انتهى. ثم يقول غير بعيد من هذا: وأورد البيهقي هنا حديث ابن مسعود “ ليس عام إلا الذي بعده شر منه، لا أقول عام أخصب من عام، ولا أمير خير من أمير، ولكن ذهاب العلماء، ثم يحدث قوم يقيسون الأمور بآرائهم فيهدم الإسلام”.


    أما سيدنا عمر رضي الله عنه فهو لم يعطل نصا كما زعمت ولكنه إما رأى أنهم حين المنع قد خرجوا عن دائرة التأليف بقوة إسلامهم, أو أن الإسلام قد صار قويا ولا حاجة له للتأليف. وفي الأول فهم غير مؤلفة فالمنع هو عين تطبيق النص, وفي الثاني فغاية التأليف هي تقوية الإسلام بزيادة جماعته بتقويته في نفوس ضعيفي الإيمان, ولما حصلت الغاية بفضل الله فلا حاجة لسلوك سبيلها. وانظر كيف يقول سيدنا عمر الفاروق الذي تريد التأسي بفعله هذا الذي سميته تعطيلا للنص: عن عمر قال ” إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا ” فظاهر في أنه أراد ذم من قال بالرأي مع وجود النص من الحديث لإغفاله التنقيب عليه فهلا يلام، وأولى منه باللوم من عرف النص وعمل، بما عارضه من الرأي، وتكلف لرده بالتأويل. انتهى كذا في فتح الباري وقال ابن حجر: أخرجه البيهقي من طريق الشعبي عن عمرو بن حريث عن عمر. فبان أنه لا حجة لك فيما تقول.
    ثم يقول:

    * يقول الرسول صلى الله عليه وسلم بصريح العبارة : " ماكان من دينكم فعلي به وما كان من دنياكم فأنتم أدرى به " وذلك في حادثة تأبير النخل المشهورة - تلك الرؤية التي بناها على قاعدة أنه بشر وأن ليس كل ما يقوله وحي يوحى به إليه – إلا أن سلطتي التقليد وفقهاء القرون الأولى قررتا أن كل ما تقوله أو تقرره أو تفعله، إنما هو تشريع ومصدر للأحكام!!

    قال النووي: قال العلماء ولم يكن هذا القول خبراً وإنما كان ظناً كما بينه في هذه الروايات، قالوا: ورأيه صلى الله عليه وسلم في أمور المعايش وظنه كغيره فلا يمتنع وقوع مثل هذا ولا نقص في ذلك وسببه تعلق هممهم بالآخرة ومعارفها والله أعلم. ومن روايات مسلم المشار إليها هنا: «إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذٰلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ. فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا. فَلاَ تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ. وَلكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَن اللّهِ شَيْئاً، فَخُذُوا بِهِ. فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ». فبين أنه ظن ولم يقل ذلك على سبيل التشريع. فكيف تحمل مالم يقل أنه ظن هذا المحمل؟؟ وفي المسند: عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قلت: «يا رسول الله إني أسمع منك أشياء أفأكتبها؟ قال: نعم قلت: في الغضب والرضا؟ قال: نعم، فإني لا أقول فيهما إلا حقاً».

    ثم يقول:

    * عشرات الآيات القرآنية تتحدث عن حرية الإعتقاد وحق الإختلاف، إلا أن سلطتي التقليد والفقهاء رأتا أن حديث : "من بدل دينه فأقتلوه" الذي دوّنه الإمام البخاري بعد ما يزيد على المائة وخمسين عاماً من الرسالة، هو الأساس في تحديد مدى حرية الإعتقاد. ولا يثنيهما، أي السلطتين، في ذلك حتى رفض الإمام مسلم - صاحب الصحيح الثاني - لهذا الحديث، بل ورفضه كل أحاديث عكرمة مولى بن عباس التي رواها، بإعتبار أنه كان يختلق الأحاديث.

    أولا الإمام مسلم روى لسيدنا عكرمة في صحيحه: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُساً و عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْر بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَتَتْ رَسُولَ اللّه ِ فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةٌ وَإِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ. فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ «أَهِلِّي بِالحَجِّ، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي». قَالَ: فَأَدْرَكَتْ. فبان كذبك على سيدنا عكرمة بحمد الله. يقول صاحب تهذيب الكمال: عِكْرِمَة القُرَشِي الهَاشِمِي، أبو عَبْدِ اللَّهِ المَدَنِي، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاس، أصْلُه مِن البَرْبَر منْ أهْل المَغْرِب، كان لِحُصَيْن بن أبـي الحُر العَنْبَرِيّ فوهبه لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاس حين جاء والياً على البَصْرَة لعلِيِّ بن أبـي طالِب. ثم أورد صاحب التهذيب جيشا من الرجال الذين رووا عنه فبلغ الثلاث صفحات. وقال عنه:

    قال حَرَمي بن عُمارة، عن عبد الرَّحمن بن حَسَّان: سمعت عِكْرمة، يقول: طلبت العلم أربعين سنة، وكنت أُفتي بالباب وابنُ عباس في الدَّار.

    وقال عبَّاس بن مُصعب المَرْوَزي: كان أعلم من ابن عباس بالتَّفسير، وكان يدور البلدان يتعرَّض، وقَدِمَ مَرْو على مَخْلد بن يزيد بن المُهَلّب.

    وقال أيوب عن عَمرو بن دينار: دفع إليَّ جابر بن زيد مسائل أسأل عنها عِكْرمة وجعل يقول: هذا عِكْرمة مولى ابن عبَّاس، هذا البَحْر فَسَلُوه.

    وقال سُفيان بن عُيَـيْنة: عن عَمرو بن دينار: سمعت أبا الشَّعثاء يقول: هذا عكرمة مولى ابن عباس، هذا أعلمُ النَّاس. قال سُفيانُ: الوجهُ الذي غَلبه فيه عِكْرمة المغازي، وكان إذا تكلم فسمعه إنسان قال كأنه مُشْرفٌ عليهم يراهم.

    عن المغيرة: قيل لسعيد بن جُبـير: تعلمُ أحداً أعلم منك؟ قال: نعم، عِكْرمة.

    وقال إسماعيل بن أبـي خالد: سمعت الشَّعْبـيَّ يقول: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عِكْرمة.

    وقال سَلاَّم بن مِسْكين، عن قَتادة: أعلم الناس بالحلالِ والحرامِ الحسنُ، وأعلمهم بالمناسكِ عطاء، وأعلمهُم بالتفسيرعِكْرمة.

    وقال سعيد بن أبـي عَروبة عن قتادة: كان أعلم التابعين أربعة: كان عطاءُ بن أبـي رباح أعلمهُم بالمناسِك، وكان سعيدُ بن جُبـير أعلمَهُم بالتفسير. وكان عِكْرمةُ أعلمهم بسيرة النَّبـيِّ ، وكان الحسنُ أعلمَهُم بالحلالِ والحرام .

    وقال البُخاري: ليس أحد من أصحابنا إلاَّ وهو يحتج بعِكْرمة.

    وقال النَّسائي: ثقة.

    وقال عبد الرَّحمن بن أبـي حاتِم: سألت أبـي عن عِكْرمة مولى ابن عباس: كيف هو؟ قال: ثقة. قلت: يُحتج بحديثه؟ قال: نعم إذا روى عنه الثِّقات. والذي أنكر عليه يحيـى بن سعيد الأنصاريّ ومالك فلسبب رأيه، قيل لأبـي: فموالي ابن عباس؟ فقال: كريب وسُمَيْع وشُعبة وعِكْرمة، وعِكْرمة أعلاهم. قال: وسئل أبـي عن عكرمة وسعيد بن جُبـير أيهما أعلم بالتفسير؟ فقال: أصحاب ابن عباس عيال على عكرمة.

    ترفق بنفسك أخي جمال وترحم على هذا الحبر الهمام. لو قلت أن هناك من قال ما قلت قلنا أمرنا بذكر محاسن موتانا. صحيح البخاري أصح الكتب بعد كتاب الله فهو مقدم على صحيح مسلم, وما هذا التقديم إلا لتحري الإمام الدقيق في انتقاء الصحيح من الأخبار, ولا يُشكك في خبر لم يوافقه عليه الإمام مسلم ولا العكس فكلاهما قد تلقت الأمة كتبهما بالقبول. أما الهجوم على فقه الضرورة واحتجاجك بتمويل سكر النيل الأبيض فإنا نقول إنا لن ندافع عن هذا لأنه لا ضرورة فيه حسب ما نرى, والعبرة أنه إذا استغل زيد أحكام الشريعة لهواه فلا يصح أن يكون هذا مبررا لرفض الشريعة بل الشين على هذا المستغل لا عليها. الضرورات تبيح المحظورات قاعدة أصيلة أقرها القرآن الكريم الذي ارتضيته مرجعا أوحداً فكيف لا تقبل بما يقوله القرآن؟؟ هو الهوى إذاً, لا ضابط غيره ولا حتى القرآن. يبوب الإمام البخاري باب أكل المضطر: لقوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كلوا من طيباتِ ما رَزَقناكم واشكروا الله إن كنتم أياهُ تعبدُون. إنما حَرَّم عليكُمُ الميتةَ والدمَ ولحمَ الخنزير وماأُهِلَّ به لغير الله، فمنِ اضطُرَّ غَيرَ باغٍ ولا عادٍ فلا إثمَ عليه} وقال: {فمن اضُطرَّ في مَخْمَصة غيرَ مُتَجانفٍ لإِثم} وقوله: {فكلوا مما ذُكِرَ اسمُ الله عليه إن كنتم بآياتِهِ مؤمنين. وما لكم أن لاتأكلوا مما ذُكِرَ اسمُ الله عليه وقد فصِّلَ لكم ما حرِّمَ عليكم إلا ما اضطُرِرتم إليه، وإِنَّ كثيراً لَيضلونَ بأهوائهم بغير عِلم؛ إنَّ ربَّكَ هو أَعلمُ بالمعتَدِين} وقولِهِ جلَّ وعلا: {قل لاأجِدُ فيما أُوحيَ إلىَّ محرَّماً على طاعم يَطعمُهُ، إِلا أَن يكونَ ميتةً أو دماً مسفوحاً أو لحمَ خِنزير فإنه رجسٌ أو فسقاً أُهِلَّ لغير الله به، فمِن اضطُرَّ غير باغٍ ولا عادٍ فإِنَّ ربك غفور رحيم} وقال: {فكلوا مما رزقَكم الله حلالاً طيِّباً، واشكروا نعمةَ الله إن كنتم إياهُ تَعبُدون. إنما حرَّمَ عليكمُ الميتةَ والدَّمَ ولَحمَ الخنزير وما أُهلَّ لغير اللهبه، فمن اضطُرَّ غير باغٍ ولا عادٍ فإنَّ الله غَفورٌ رَحيم}. فهل بعد هذا يجوز لعاقل يقر بالقرآن التطاول على هذه القاعدة الجليلة؟؟ نتمنى أن يقدم أهل دعوى الأستنارة مشروعا عاقلاً وهم المعولون على العقل.

    – سودانيس أون لاين


                  

05-31-2006, 04:30 PM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    جبهة واسعة للإستنارة وليس للتلبيس والهوى والظلام !! (1)
    بقلم : جمال عربي

    (الصحافة 28/5/2006)

    إطلعت على مقال السيد/ محمد ميرغني عبدالحميد المنشور بالصحافة بتاريخ 26/5/2006 والذي عقب فيه على مقالتنا التي نشرناها بباب "مسارب الضي" المحترم بعنوان "جبهة واسعة لقوى الإستنارة ولكن بشرط !!" بتاريخ 18/3/2006. لم يفاجئنا التعليق لا شكلاً ولا موضوعاً، حيث مس الكاتب القضايا الرئيسية مساً متعجلاً، كعادة السلفيين، مسرعاً الخطو نحو القضايا الهامشية حيث يسهل عليه، كما يفترض، حصارنا وخنقنا بكماشة النصوص والروايات.
    لقد إستنفذ الكاتب اكثر من نصف ما كتبه في تناول ثلاثة مواضيع غير أساسية. فقد إسترسل كثيراً في تعريف السلفية وتأكيد أن الصوفية مثلاً لا تنضوي تحت هذا المسمى .. إلخ. وبدون الدخول في جدل لغوي أو فلسفي أو تاريخي نسبة لطبيعة مقالنا المشار إليه باعتباره مقالاً صحفياً في الأساس، فقد كان واضحاًً أننا نقصد بالسلفية الممارسة الإسلامية الغالبة اليوم، بما في ذلك مذاهب الشيعة، والتي يغلب عليها الإعتماد الكامل على المقولات والمفاهيم والمناهج والأحكام الجاهزة المو######## منذ بدايات الدولة الإسلامية. كما إسترسل الكاتب كثيراً في إلباس عبارتنا : " أصبح فهمنا للدين يتم من خلال أناس خلقهم الله على مثالنا تماماً وليس على مثاله أو مثال رسوله أو حتى مثال أصحاب رسوله"، لباساً عجيباً لينهشنا به، رغم أن العبارة واضحة تماماً وتعني أن المسلمين أسلموا أمرهم لأشخاص عاديين، وتستعجب عبارتنا ضمنياً إضفاء تلك القداسة عليهم وتستهجن ذلك. لقد قرأت هذه العبارة عشرات المرات، بدون فائدة، لأفهم كيف تسنى للسيد المعقب فهم هذه العبارة وكأننا نريد أن نطلب منه تعالى أن يخلق الرسول على مثاله أو أن يخلق الصحابة على مثال الرسول !!!. على كل، إن كان لدى السيد الكاتب شك في درجة تسليم المسلمون أمرهم لناس خلقهم الله على مثالنا، فليسمح لنا أن نقتطع له الآتي، كمثال قريب، من صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 15/4/2006 : " قال د. يوسف القرضاوي، رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إن فتوى د. حسن الترابي الزعيم الإسلامي السوداني، التي أباح فيها زواج المرأة المسلمة من رجل كتابي باطلة، ولا يجوز العمل بها لأنها مخالفة لإجماع المذاهب الإسلامية وما إستقر عليه الفقه الإسلامي" . وأشار د. القرضاوي إلى أن رأي الترابي هذا قديم وأنه عندما راجعه فيه قال له الترابي أنه يقصد المرأة التي تعتنق الإسلام وهي متزوجة من رجل كتابي، ثم واصل د. القرضاوي حديثه : "ولم أوافقه على هذه الفتوى، ولكن بعد ذلك قرأت أن الإمام ابن القيم الجوزية ذكر في مثل هذه المسالة تسعة أقوال ..إلخ ". لاحظ أن كبير فقهاء العصر، القرضاوي، أسس رأيه ضد رأي الفقيه الكبير الآخر، الترابي، بدون أن يفكر أصلاً في تقييم الأمر من الجوانب الإجتماعية والإنسانية كتحديد حجم المشكلة ومدى الفائدة التي تجنيها الإنسانية من الإباحة أو المنع، كما لم يهتم بدراسة هذا الوضع الناشئ المتعلق بوجود ظواهر لم تكن موجودة قديماً كوجود جاليات اسلامية لها حقوق المواطنة في دول الغلبة والسيطرة فيها لأديان وثقافات غير إسلامية، ثم بعد ذلك ميزان الأمر من زوايا الأسس القانونية الدولية ومن ناحية المبادئ الدينية إلخ. ذهب مباشرة إلى خزانة الماضي، إلى ما قالت به المذاهب وما صرح به الإمام ابن القيم الجوزية قبل مئات السنين. إذا كان هذا ما يلجأ إليه كبير الفقهاء فما بالك بالمسلم العادي، وبعد هذا ألا يحق لنا أن نستعجب ونستهجن إضفاء ما يشبه القداسة عليهم؟! إستطرد الكاتب أيضاً في الدفاع المطول عن عكرمة مولى إبن عباس وتعديد مآثره بدون أن يناقش القضية المطروحة أصلاً وهي أن سلطتي التقليد والفقهاء حددتا حرية الإعتقاد بحديث "من بدل دينه فأقتلوه" الذي دون بعد ما يقارب المائتي عام من الرسالة، على الرغم من كثافة الآيات القرانية التي تتحدث عن حرية الإعتقاد وحق الإختلاف. يا أخي، هب أننا لم نذكر أن راوي هذا الحديث هو عكرمة، ماذا أنت قائل في موضوع إستنباط الأحكام من النصوص بالإعتماد على المعنى الحرفي المباشر بدون النظر في الملابسات والسياق الذي نزل فيه النص أو العلة التي إستدعته ؟. والأمر كما تعلم لا يشمل هذا الحديث وإنما الكثير من النصوص سواءأ في القرآن أو تلك الواردة بكتب الحديث وكمثال لهذه النصوص قوله عليه الصلاة والسلام : "لا يقتل مسلم بكافر"، "لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فأضطروه إلى أضيقه"، "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله .." .. إلخ.
    يقول السيد المعقب : "أما الفقه البديل الذي يقوم على المصلحة والعقل ومعايير أخرى غير محددة فلا يصح وصفه بأنه إسلامي، هو فقه وحسب. ينسب لسيدنا علي كرم الله وجهه القول بأنه لو كان للعقل مدخل لقيل أن مسح باطن الخف أولى من ظاهره !". وفي هذا نقول : إن دعوتنا للتجديد الديني الجذري وإنشاء فقه بديل، ناتج من إحساسنا بوجود أزمة حقيقية تعيشها مجتمعاتنا منذ أمد بعيد وتتجلى أبرز مظاهرها في هذا الإنحطاط الشديد في جميع مجالات الحياة والمفارقة الواضحة بين مستوى التطور الذي بلغته الإنسانية على جميع الأصعدة من ناحية، ومنظومة المفاهيم المو######## لدينا والتي تحتكم مجتمعاتنا إليها من ناحية أخرى. إن أزمة المجتمع المسلم، في رأينا، تكمن في سيطرة منهج التقليد وسلطة الفقهاء على مجمل البناء الفكري والثقافي السائد ولا مناص من إزاحة هاتين السلطتين ( بمعنى آخر هز ثوابت الفكر السلفي السائد اليوم) إن أراد المسلمون تحقيق الريادة في إعمار الأرض وفق المقاصد الكلية لدينهم والتركيز على منظومته القيمية أكثر من منظومته النصية. إنه لمن المدهش والمؤسف أن تكون مكانة العقل بهذا الإنحطاط عند السيد المعقب لدرجة إستدلاله بالقول المنسوب لسيدنا علي كرم الله وجهه "بأنه لو كان للعقل مدخل لقيل أن مسح باطن الخف أولى من ظاهره !!". كيف يطالبنا الخالق سبحانه وتعالى في عشرات السور بالتفكر والتدبر للتعرف على وجوده إذا كانت أداة التفكير والتدبر نفسها، وهي العقل، لا قيمة لها ؟ هل يستقيم عقلاً أن يحاسبنا الخالق سبحانه وتعالى على أفعالنا وتصرفاتنا إذا لم نكن نملك نعمة التمييز بين الخطأ والصواب التي يوفرها العقل ؟ لقد أكد سيدنا علي نفسه بأن "القرآن حمال أوجه" وقال أن القرآن لا ينطق وانما تنطق به الرجال وذلك بسبب إختلاف الناس الكبير في تفسيره وفهمه، والناتج بالضرورة من إختلاف عقولهم، فكيف نقبل دونية هذا العقل الذي تقول به ؟. بداهة، لا يمكن للعقل لوحده الوصول للحقيقة المطلقة أو النسبية وإلا لما إحتاج الإنسان لإستخدام المعرفة البشرية المتراكمة، أوالإستفادة من النصوص الدينية، أوالتفاعل مع آراء من يماثلونه أو يفوقونه علماً، لتكشف له عن ما خفي عنه. بيد أن العقل، وعلى الرغم من ذلك، يظل هو العنصر الأساسي للفهم والترجيح والإستيعاب وهو مناط المسئولية في النهاية. من ناحية أخرى، لا أدري لماذا يرفض السيد المعقب وصف الفقه البديل القائم على المصلحة، ومعايير أخرى سنتطرق إليها في حيز آخر إن شاء الله ، بالإسلامي ؟ أليست المصلحة باباً من أبواب الفقه التقليدي الذي يتمسك به، رغماً عن نزوع الفقه لتضييق بابها ؟ على كل، لن يؤكد صحة فكرتنا أو خطأها من أغلقوا عيونهم وآذانهم وسلموا عقولهم للآخرين ليفكروا نيابة عنهم، كما لا نحتاج "لشهادة صلاحية" أو "شهادة عدم ممانعة" من أي جهة كانت، بإعتبار أننا نتوجه برسالتنا هذه بالأساس لتلك النفوس الممتلئة حيرة، لأولئك الذين يشعرون بأنهم ورثة هذا الدين العظيم لكن واقع حالهم لا يعطيهم غير الشعور بالإنكسار وقلة الحيلة وعدم الفهم لما يحدث أمامهم. كما نتوجه برساتنا أيضاً لمثقفي البلاد ومستنيريها لوضع أيديهم سويًا للعمل لإستكمال مشروع تحديث متكامل من ضمن أولوياته إنشاء فقه بديل يتيح للناس الفكاك من أسر الجمود وبؤس الإجابات الجاهزة المعلبة. مشروع يعمل على شحذ قيم التطلع للمستقبل فيهم، وإستفزاز روح التحدي لديهم.

    إن فكرة دعوة المسلمين في الأخذ مباشرة عن المصادر الأساسية لدينهم، تستفز العقل السلفي وتوتره للغاية، حيث أنها تقطع شريان حياته وعصب يديه، وهزيمته في هذه الساحة بمثابة إعلان النهاية له، لذا سارع السيد المعقب بالقول : "وفهمنا للدين لا مناص من أن يتم من خلال هؤلاء (يقصد الفقهاء) لأننا نحتاج قطعاً للواسطة فقد تراخى زماننا عن زمان النبي وصحبه فكيف لنا أن نعلم الدين إن لم ينقله لنا الرجال ؟؟؟ هذا القرآن الذي بين أيدينا والذي تريد أن تأخذ منه الفهم كيف وصل إلينا ؟؟ .. إلخ". هذه هي القضية المركزية وتاج الحجج لديهم!!، لذا لا مناص لدينا أيضاً من التوقف عندها قليلاً. 1) لقد سبق أن أكدنا في مقالة سابقة لدينا نشرت بهذه الصحيفة من قبل، بأن رفضنا لمنهج التقليد، القائم بالإعتماد كلياً على ما تركه لنا السلف الصالح، لا يعني بأي حال من الأحوال ذم أولئك الذين بنوا هذا الإرث العظيم من الفكر في بيئة كان مظهر الفكر الوحيد فيها، تقريباً، هو الشعر من مدح وهجاء وغزل. أننا لنقدر عالياً أولئك الذين إجتهدوا في تدوين سيرة المصطفى عليه السلام وأصحابه وإستنباط الأحكام التي تتلاءم مع واقعهم وعصرهم. لقد قدموا لنا، بغض النظر عن إختلافاتهم وأخطائهم، ذخيرة من المعارف التي تعين، إذا أحسن النظر إليها، في رسم أفق المستقبل عبر تلاقحها مع مصادر الفكر الأخرى. هذا يعنى، أنهم في بالنا أيضاً ونحن نشد الرحال نحو المستقبل، حيث لا نعتقد بأن هناك أمة من الأمم تلفظ تاريخها وتبحث لها عن حاضر أو مستقبل ولد من رحم آخر. إلا أننا نرفض مطلقاً أن يتحكم الماضي في الحاضر والمستقبل، فالفقه البديل يجب أن ينظر للتراث كأحد الروافد التي تشكل بنية المعرفة الجديدة بدون أن يكون ملزماً بالأخذ به. فكون أن السلف الصالح نقل ودون وفسر لنا القرآن والسنة و تاريخ الدولة الإسلامية، لا يجب أن يعني أن نكون ملزمين بفهمهم وأسيرين لتقييمهم، تماماً مثلما إخترع لنا الألماني جوتنبرج المطبعة بدون أن يكون من حقه التحكم فيما نكتب عليها. 2) إذا كان علينا أن نكون ملزمين بإتباع السلف الصالح بإعتبار أنهم نقلوا لنا الدين كما يقول الكاتب (وأعتقد أنه يقصد تدوين السنة المطهرة بإعتبار أن القرآن الكريم قد تم جمعه مبكراً في عهد الخليفة عثمان بن عفان في أغلب الروايات)، فإننا نتحدث عن عدد محدود جداً من الناس هم الذين ساهموا في ذلك، مع العلم أنهم إكتفوا بالتنقيح والتدوين (أي توفير المادة الخام إذا صح القول) وليس في علمنا أنهم تعدوا هذا الدور، فلماذا يريدنا الكاتب أن نلتزم برأي وفكر الآخرين ممن أخذوا عنهم؟، 3) مع إحترامنا وتوقيرنا للسلف الصالح، هل هم معصومين عن الخطأ ؟ ألم يكن الإختلاف هو سيد الموقف بينهم للدرجة التي جعلتهم ينقسمون لمذاهب متعددة على الرغم من أخذهم عن نفس المورد، وعلى الرغم من قربهم من بعضهم البعض زماناً ومكانا،ً وعلى الرغم من أن مكانهم و زمانهم أصلاً قريب الشبه من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ فلماذا نجعل منهم واسطة ملزمة، كما يقول الكاتب، بين الناس وربهم؟ 4) الا يذكرنا قول الكاتب "وفهمنا للدين لا مناص من أن يتم من خلال هؤلاء لأننا نحتاج قطعاً للواسطة"، ألا يذكرنا هذا بتسلط الكنيسة على الناس قبل نشؤ الدولة العلمانية في أوروبا؟ وأين إنكار الإسلاميين المكرور لوجود أي نظام كهنوتي في الإسلام، شبيه بأوروبا ما قبل التنوير، يتحكم في حياة الناس وذلك عندما يطالب الآخرون بالعلمانية في نظام الحكم؟ ، وأين إدعائهم بأن الوضع في منطقتنا مختلف ولا يشبه أوروبا في عصور إنحطاطها عندما كانت الكنيسة تتحدث باسم السماء؟ هل الفرق فقط هو أن ذاك يحمل صليباً وأنت تحمل هلالاً؟
    لقد إستشهدنا بنهج عمر بن الخطاب المرتكز على تطبيق النص القرآني إستناداً على مدى إتفاقه مع العلة من نزوله، بإعتباره نهجاً يشكل رافداً رئيسياً للفقه البديل القائم على النظر في مصالح الناس والتركيز على مقاصد الدين قبل نصوصه، حتى تلك القطعية الدلالة والثبوت، ، علماً بأن هذا النهج أسسه من لا يختلف الناس حوله بإعتباره من أقرب الناس للرسول الكريم ومن أشدهم دفاعاً عن الدين، كما أن هذا النهج أسس في زمن لم يختلف كثيراً عن زمن الرسالة. ولأن هذا النهج يشكل أحد مقاتلهم، يبذل السلفيون كل طاقتهم للبحث عن ما ينجيهم منه، ولوضوح الفكرة ونصاعتها لا يجدون بداً عن تفادي التعرض له، أو اللف والدوران حوله. إنه وعلى الرغم من أننا لم نحدد في مقالتنا الأساسية النص الذي جمده عمر بن الخطاب، إلا أن الكاتب فيما يبدو إفترض أننا نقصد الآية "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" والتي عطل فيها عمر بن الخطاب سهم المؤلفة قلوبهم. لا مانع لدينا على فرضية الكاتب بإعتبار أن هذا النص يمثل فعلاً نموذجاً جيداً للنصوص التي عطلها عمر لكن تأمل في رد السيد المعقب على تعطيل عمر بن الخطاب لهذا النص القرآني القاطع : "أما سيدنا عمر فلم يعطل نصاً كما زعمت ولكنه إما رأى أنهم حين المنع قد خرجوا عن دائرة التأليف بقوة إسلامهم، أو أن الإسلام قد صار قوياً ولا حاجة له للتأليف" . في سطر واحد تقريباً أنكر السيد الكاتب أن يكون عمر قد عطل النص وإعتبر ذلك زعماً منا، وفي نفس السطر إعترف بأن عمر منع المؤلفة قلوبهم، نصيبهم المحدد في الآية (يعنى عطل النص). من أين يأتي هؤلاء الناس بهذه الصدور التي تحتمل نيران هذه التناقضات الحارقة ؟ أم يا ترى لا يحسون بها؟!! الطريف في الأمر أن السيد المعقب يبرر المنع بإعتبار أن الإسلام صار قوياً ولا حاجة له للتأليف، وهذا بالضبط ما نقصده تماماً من البداية، وهو أن عمر بن الخطاب عطل النص لإنتفاء العلة منه فإذا كان الأمر مقبولاً لديك إذاً، فلماذا ترفض الفقه البديل المستند في جزئيته الرئيسية على ذلك النهج، وعلى ماذا يقوم إعتراضك أصلاً؟. تجدر الإشارة إلى أن النموذج أعلاه ليس النموذج الوحيد، فعمر عبر هذا النهج عطل العمل بحد السرقة عام الرمادة كما هو معلوم ، كما أسقط الجزية عن بعض النصارى عندما رأى أن ذلك يصب في مصلحة المسلمين، إلخ. فهل كانت هذه النصوص مشروطة بتوفر ظروف وشروط تطبيقها عندما نزلت ؟، أم أن عمر أعمل عقله لإتخاذ ذلك القرار (ذلك العقل الذي حباه الله للإنسان ليميزه عن باقي الكائنات وليعطيه القدرة على تمييز الخطا من الصواب، والجميل من القبيح، والضار من النافع)؟.
                  

05-31-2006, 04:32 PM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    جبهة واسعة للإستنارة وليس للتلبيس والهوى والظلام !! (2)

    بقلم : جمال عربي

    (الصحافة 30/5/2006 )

    لقد فهم السيد المعقب إشارتنا لفقه الضرورة فهماً خاطئاً حيث إعتبر أننا ننكر قاعدة أصيلة أقرها القرآن حيث قال : "الضرورات قاعدة أصيلة أقرها القرآن الكريم الذي إرتضيته مرجعاً أوحداً فكيف لا تقبل بما يقوله القرآن؟؟ هو الهوى إذاً، لا ضابط غيره ولا حتى القرآن". لا حظ الإستعجال والسعي المحموم للتجريم !! أولاً، بالنسبة لفقه الضرورة فلا نعتقد أنه ورد في القرآن بالشكل الذي تعلمه السيد الكاتب، وإنما مهد له القرآن عبر إباحته أكل المحرم من الأطعمة في حالة الضرورة وذلك طبقاً للآيات التي تفضل الكاتب بإيرادها في مقالته، ثم بعد ذلك تولى الفقهاء إصدار التفصيلات الخاصة به، ثانياً : كما أوضحنا في تعقيب سابق لأحد المنتقدين لنا، فقد جاءت إشارتنا لفقه الضرورة في سياق مختلف، حيث حاولنا في المقال المعني أن نوضح أن الأغلبية الساحقة من الفقهاء و"العلماء" اللاحقين، يلجأون إليه كأداة لإجراء التعديلات التي تتطلبها بعض الظروف الضاغطة والمحرجة في منظومة الأفكار التي يعملون كل ما في وسعهم لإكسابها الديمومة والثبات. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لكسب رضا السلطان، الذي يتحكم في موارد الرزق، عبر إعطاءه المشروعية الدينية الضرورية للغاية بالنسبة له!! أي أن هناك، في تقديرنا، إستخداماً إنتهازياً وإنتقائياً لهذا الباب، ثالثاً : على عكس ماإعتقده السيد الكاتب فإننا نرى أن فقه الضرورة يمثل أحد المفاتيح الرئيسية في منهج التجديد والإصلاح الديني الذي ندعو إليه، كما نعتقد بالمناسبة أن جوهر الفتوى التي تطرقنا إليها والخاصة بقرض سكر النيل الأبيض صحيح ( وهي الفتوى التي يرفضها تماماً) ونعتقد أنه إستخدام ناجح ويصب في مصلحة المسلمين، ولم نوردها في حديثنا بغرض نقدها في حد ذاتها وإنما لإيضاح الوسائل التي يلجأ إليها الفقه التقليدي للخروج المحدود عن سلطة التقليد التي خلقها هو نفسه مسبقاً، تلك التي قمنا بتعريفها سابقاً، رابعاً: نشترط لإنجاح فقه الضرورة، وتحقيقه للدور المطلوب منه، أن يتسع نطاقه بقدر إتساع المسافة الزمنية والمكانية بين القرن الأول الهجري وقرننا هذا. بمعنى آخر، مراجعة تلك الأسسس التي وضعتها سلطة التقليد إن لم يكن تجاوزها تماماً. كما نشترط أيضاً لإنجاح ذلك النهج، تحريرعملية التجديد الديني والإفتاء برمتها من قبضة مكون واحد من مكونات المجتمع (العلماء والفقهاء) وبسطها لجميع الناس. فالأصل في الأشياء أن الدين تنزل على الناس جميعاً باللغة المعروفة لديهم وبالتالي لهم حقوق متساوية في الفهم والإدراك كما يتحملون مسئوليات متساوية أمام خالقهم. صحيح أن البشر يتفاوتون من ناحية حجم المعرفة المتاح لهم ونوع هذه المعرفة، بنفس القدر الذي يتفاوت فيه الفقهاء بينهم وبين بعضهم، إلا أن جميع البشر يتساوون في التكليف، على قدر إستطاعتهم بالطبع، وبالتالي فإن مشاركتهم تصبح لازمة في كل أمر يهم حياتهم، وعليهم – أي البشر - إيجاد الآليات والوسائل التي تجعل ذلك ممكناً. وبمناسبة فقه الضرورة هذا، لنا سؤال غير برئ للسيد الكاتب : ماهو تصنيفكم للرئيس "الإسلامي" رجب طيب أردوغان وماهو رأيكم بصراحة في الطريقة التي يطبق فيها مبدأ الضرورة لمصلحة الشعب التركي المسلم الذي أتى به، حيث رأى، أي الرئيس التركي، في إنضمام بلاده للإتحاد الأوروبي ضرورة تبيح التجاوز عن كثير من التعاليم الدينية التقليدية بما في ذلك إلغاء حكم الإعدام ؟.

    يستنكر السيد المعقب علينا فهمنا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : "ما كان من دينكم فعلي به وماكان من دنياكم فأنتم أدرى به" والذي أوردناه لنؤكد بأنه ليس كل ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم أو يفعله أو يقره مصدراً للتشريع والأحكام. مصدر إستنكار السيد الكاتب وإعتراضه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين أن رأيه كان ظناً وليس خبراًً وبالتالي لا يصح إستخدام هذا الحديث حجة لنا (هذا إذا فهمنا رأي السيد الكاتب بالشكل المطلوب، وهو رأي إستند فيه على أحد روايات الإمام مسلم لهذا الحديث). وفي هذا نقول الآتي : 1) عبارة الرسول صلى الله عليه وسلم واضحة وضوح الشمس في رائعة النهار، يفيد فيها بدون أدنى لبس بأن الناس أدرى بأمور دينهم، أي بالجانب المتعلق بمعايشهم وحركاتهم وسكناتهم. ورأينا هذا نراه متسقاً مع المدرسة التي ينتمي اليها الكاتب نفسه والتي تهتم بعمومية النص أكثر من خصوصية السبب، 2) في نفس رواية الإمام مسلم التي أوردها الكاتب ليحتج بها علينا، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به". لاحظ عبارة "إذا حدثتكم عن الله" التي تؤكد بأن الأحاديث الملزمة لنا، إنما تلك التي يبلغ بها الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه وليس كل حديث يقوله. يؤكد هذا ما جاء بصحيح البخاري، كمثال، حيث ورد حديث يفيد برفض الرسول، وهو على المنبر، نكاح علي بن أبي طالب من إبنةً لبني هشام بن المغيرة حيث قال : "فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق إبنتي وينكح إبنتهم فانما هي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها ..". واضح أن ما إعتمل بصدر الرسول صلى الله عليه وسلم هنا ليس بوحي وإنما مشاعر بشرية محضة وإلا لأمكن أخذ قوله هذا كتشريع يمنع التعدد في الزوجات، 3) ما يؤكد أيضاً أن ليس كل ما جاء بالسنة مصدراً للأحكام أو التشريع أو حتى الإحتذاء، أننا لا يمكن أن نمتثل لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من الأمور وذلك لأسباب عملية محضة، كإستعمال الدواب في السفر و التنقل أو اللجؤ للخلاء مثلاً لقضاء الحاجة بديلاً عن ما توفر لنا نتيجة التطور الحضاري، أو ما كان يلبسه عليه السلام إلخ.

    نعتقد أننا بهذا قد أوفينا السيد الكاتب حقه على قدر ماأتى به، إلا أن السياق يضطرنا لطرح قضية في غاية الأهمية وهي ضرورة إعادة النظر في منهج إستنباط الأحكام من السنة النبوية الشريفة. فلقد سبق لنا نشر دراسة مفصلة بعض الشئ نشرت بتاريخ 16/3/2005 بموقع "Sudaneseonline.com" تحت عنوان " مشروع رؤية لمسار جديد للفكر الإسلامي" نادينا فيها بإعادة النظر هذه، وقد إستندنا في وجهة نظرنا تلك على طائفة من الحقائق أهمها أن الرسول الرسول صلى الله عليه وسلم منع في حياته تدوين أحاديثه وهو ماأدى لتدوينها بعد ما يقارب المائتي عام مما أدى لتضارب الروايات بحكم النسيان وتعدد النقًال من ناحية والى احتمال زج كثير من الأحاديث خدمة لأهداف بعض الرواة من الناحية الأخرى، خاصة وأن الفترة التي ظلت فيها هذه النصوص بلا تدوين شهدت تغيرات سياسية وإجتماعية عاصفة لا بد أن تؤثر على الروايات بشكل أو بآخر. في تقديرنا أن منع الرسول لتدوين أحاديثه ربما يؤكد أن الغالبية العظمى من أحاديثه، ولا نقول جميعها حيث أن من بينها عدد محدود من الأحاديث ذو صفة تبليغية، إنما تنصب في إطار ما هو رأي متاثر بشروط الزمان والمكان. وعليه، ربما رأى عليه السلام أن المسلمين سيتوارثون سنته الملزمة كالجوانب المتعلقة بالعبادات عن طريق التقليد بإعتبار أنها أصبحت جزءاً من حياتهم اليومية كالأكل والشرب، وتخوف بالتالي من أن يؤدي التدوين إلى إعطاء ما يقوله وما يفعله وما يقره في شئون حياته اليومية (بإعتباره بشراً) قدسية تجعلهم أسيرين لها مستقبلاً في حالة تغير ظروف الحياة وذلك نتيجة لمحبة المسلمين له وتطلعهم للتأسي به في كل صغيرة وكبيرة. مما يجعلنا نطمئن أكثر على صحة تقديرنا ما روي عن جمع عمر بن الخطاب وحرقه لما دون من أحاديث الرسول (ص) عندما علم بأن بعض الناس قاموا بتدوينها. أننا لا نعتقد بما يقول به بعض الفقهاء من أن سبب منع الرسول (ص) لتدوين أحاديثه إنما كان بسبب حرصه على أن لا يختلط ذلك مع القرآن، حيث نرى أنه من الميسور بمقاييس ذلك الزمان أن يختص جزء من الصحابة بتدوين القرآن وجزءاً آخر منفصل بتدوين السنة.

    الآن، والأمر الواقع يقول أن هنالك سنة مدونة، وجب علينا وضع معايير وأسس للفرز بين ماهو رأي شخصي للرسول (ص) بنى على واقع أنه بشر عاش في حيز زماني ومكاني محدد وبالتالي تأثر شكل ومحتوى ما قاله وما فعله وما أقره بمستوى المعرفة الإنسانية لذلك الحيز، وما بين ماهو تشريع إستند على صفته كرسول عليه إبلاغ ما أوحي به إليه. إن لهذا الفرز المطلوب أساس في السنة نفسها، وهو قوله (ص) الذي أوردناه سابقاً : "إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشئ من رأي فإنما أنا بشر". إن وضع معايير لفرز ماهو رأي مما هو دين ليس بالأمر الهين، بل هو مجال صراع واسع حيث ستتعدد فيه إتجاهات التفكير، إلا اننا نعتقد أن أحد المعايير الأساسية لتصنيف ماهو حكم وتشريع – أي ماهو سماوي - هو تطابق أو إتفاق نص الحديث مع مضمون نص قرآني أو أن يكون امتداداً و شارحاً له أو أن الحديث يتعلق بأمر العقيدة أو العبادة، حيث تدل الشواهد بما لا يدع مجالاً للشك أنه ليس كل ما جاء بالحديث يمكن إعتباره مصدراً للتشريع أو مرجعاً للأحكام أوحتى نموذجاً قابلاً للإقتداء الشخصي كما بينا في الفقرات السابقة. أننا نعتقد أن هذا الفرز ضروري للغاية حيث أنه وكنتيجة لعدمه أضاع المسلمون فرصة الريادة في ضروب الحياة المختلفة كما يضيع قطاع من أذكياء المسلمين حالياً فرصاً أخرى ووقتاًَ ثميناًَ في ما لا يفيد في تقدمهم كتأسيس ما يطلق عليه الطب النبوي، كمثال، إستناداً على أحاديث مثل : "إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء، إلا من السام" أو يتجادلون ويكفر بعضهم بعضاً في حجية حديث الذبابة مثلاً. كما يفيد هذا الفرز في إزالة التعارض بين ما جاء ببعض الحديث وحقائق العالم المعاصر وثوابته بدون اللجؤ للتبرير والتلفيق وإنطاق النص بما ليس فيه، كإدعاء الدكتور محمد عمارة بأن تركيز الاحاديث النبوية على تحريم اتخاذ الصور والتماثيل إنما كان مرهوناً ومشروطاً بكون هذه الصور والتماثيل مظنة للعبادة والإشراك بالله وأن هذه الأحاديث كانت تعالج شئون جماعة بشرية هي قريبة العهد بالشرك والوثنية. بالطبع لا إعتراض لدينا على جوهر محاولة الكاتب إلا أننا نأخذ عليها أنها جاءت في سياق البحث عن مخرج لإزالة الحرج أكثر منها تطبيقاً لمنهج ثابت يستهدف خلق إنسجام كامل بين الدين والحياة. إن المؤشرات التي تدل على أهمية إعادة النظر في منهج إستنباط الأحكام من السنة النبوية متعددة من ضمنها مثلاً : 1) لا يعقل ان يوصي الرسول (ص) بجعل أمر الحكم في قريش "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم إثنان" والمبدأ الإسلامي الأصيل والمؤكد في رسم العلاقة بين الناس يتأسس على المساواة ويقوم على التكافؤ وينبذ العصبية بجميع أشكالها سواءاً كانت قبلية أو عنصرية أو طبقية، 2) لا تؤيد مسلمات العلوم الطبيعية والتطبيقية بعض ما جاء بكتب الحديث مثل الحديث الذي يفيد بأن الشمس تستقر تحت العرش عندما تغرب ثم تستاذن في الخروج عند اليوم التالي، أو عن توضيح الرسول (ص) للرعد بأنه ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب بيده مخراق من نار يزجر به السحاب ..إلخ، 3) مهما إجتهد جامعي الحديث في البحث والتنقيب والتدقيق، فإن إحتمال الخطأ وارد حيث يصعب، لدرجة الإستحالة، تصور أن شخصاً واحداً كالإمام البخاري بمستطاعه إستخلاص ما لا يزيد عن خمسة الآف حديث من ضمن مئات الآلاف من الأحاديث بدون ورود زيادة أو نقصان هنا أو هنالك. والدليل على ذلك أن هنالك إختلافات كبيرة بين ما ورد في صحيحه وصحيح مسلم ناهيك عن الإختلافات بين الصحيحين وباقي كتب الحديث. كما يدل على وجود إحتمالات الخطأ الناتج عن النقل عبر القرون أن هناك نقص في المعلومات عن أشياء هامة جداً كوصية الرسول (ص) عند وفاته، أو عدم الإتفاق في المعلومات الخاصة بأحداث رئيسية مثل من جمع القرآن وفي أي عهد، أو تعدد الروايات عن الإسم الحقيقي لأبوهريرة رضي الله عنه (وهو الراوي الأهم لأحاديث الرسول الكريم) إلخ.
                  

05-31-2006, 04:43 PM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    تنوية

    الاستاذ جمال عربى ..عندما طلبت منة الموافقة على رغبتى على تجميع هذه المقالات فى المنبر العام بسودانيز اولاين للفائدة العامة..وافق مشكورا ,وابدى استعدادة التام للمتابعة والرد والمشاركة, فى الحوار عبر الإيميل .

    تحياتى
                  

06-01-2006, 00:06 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    *
                  

06-01-2006, 01:23 PM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    ~~~
                  

06-02-2006, 01:31 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    العقل الذي حباه الله للإنسان ليميزه عن باقي الكائنات وليعطيه القدرة على تمييز الخطا من الصواب، والجميل من القبيح، والضار من النافع).
                  

06-02-2006, 10:52 AM

صديق عبد الهادي

تاريخ التسجيل: 11-02-2005
مجموع المشاركات: 705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    الاخ عمر إدريس

    اشكرك علي بسطك هذه الكتابة الثمينة للجميع... و الله ليك فيها اجر ، و لكن ارجو الا تسألني اي اجرٍ سيكون!!!

    عزيزي جمال/

    سلام

    مقالاتك قيمة و معتبرة ، و هذه قطعاً ليست مجاملة اصدقاء...فلو ان بعضنا كسر الصمت مثل ما فعلت انت الان لما كان حالنا الفكري هكذا و لما إحتجنا مبدأً للوقوف علي قارعة الطريق نسال الناس الانتباه الي ضرورة بناء جبهة واسعة للإستنارة ،و لما طغت الظلامية الفكرية برخيص الكلام حتي سدت الافق ، و لما تححاججنا عن التكفير و الاستتابة و العالم يخطو بثبات في القرن الواحد و العشرين... الا توافقني يا صديقي اننا لو كنا تمنعنا علي الصمت و لم نستسلم له اصلاً و خرجنا مثل خروجك هذا، لما كنا انشغلنا الان بمداولة عرائض للدفاع عن حق إنسان في التفكير و الحياة ـ حسن الترابي ـ رغم انه تابي بذلك الحق علي سواه و سعي سعياً حتي حفيت قدماه و ضميره ليرى الشيخ الشهيد محمود محمد طه متدلياً من حبل المشنقة الظالم !!!

    لو اننا كنا كسرنا صمتنا هذا بالكتابة منذ حين لكان ان وفرنا هذا الوقت لتعزيز الإستنارة.

    لقد امتعتني قراءة ما كتبت يا صديقي و لي عودة ،

    تحياتي لاختنا ناهض و الاولاد،

    معزتي،

    صديق عبد الهادي.
                  

06-03-2006, 08:27 AM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: صديق عبد الهادي)

    شكراً الاخ الأستاذ عمر على ما يسرت لنا من معلومات قيمة
                  

06-04-2006, 00:03 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    شكرا الأعزاء

    صديق عبد الهادى

    محمد عبد الجليل


    تحياتى
                  

07-17-2006, 11:26 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ جمال عربى.. وحوار الإستنارة – سجال على صفحات الصحافة. (Re: عمر ادريس محمد)

    فوق
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de