|
Re: اللحيمر ،،، صبي حبوبتي أم العندو (Re: الزنجي)
|
لكن حبوبتي ( عندو ) كانت لها رواية مختلفة ، فقد قالت : اللحيمر ولدي ، ربيتو بي إيدي ، لمّن بقى راجل ،، ونسأل حبوبة ( عندو ) : ولدك من بطنك يا حبوبة ؟ ترد : والله ولدي ، وأشدّ من ولد بطني ،، أولاد بطني نفعوني بي شنو ؟ طيب يا حبوبة هو جا من وين ؟ شوف يا ولدي ، اللحيمر ده أنا لقيتو صغيّر قاعد في طرف بيتي ،، سعلتو ،، إت وليد منو ؟ قال لي : أنا أهلي جو هنا ، وفاتوا خلوني ، ، سعلتو ،، وأهلك ديل ناس منو ؟ دنقر راسو في الواطا وقال لي : بسموهم الحلبة ،، وهسة فاتوا بعيد ، وأنا ما عارف أمشي وين ،، أها ، قمت دخّلتو في بيتي ، وأديتو أكل ، وشرب ، ومشيت السوق جبت ليهو هدوم ، ، وقعد مع وليداتي زيّو زيّهم ، لمّن بقى راجل ،، وبعدين قال لي يمة أنا ما داير قعدة البيت دي بلا شغل ، أنا بشتغل معاك في الإنداية ،، ومن اليوم داك لي الليلة هو ماسك الشغلة دي معاي ،، ونفعني بلحيل ، أي شغلة في الإنداية بعرفا ،، لم يكن اللحيمر يستخدم القوة المفرطة مطلقا في عمله ، لأنه أصلا لم تكن لديه البنية التي تؤهله لذلك ، ولم يكن يتمتع بعيون حمر تجعل الناس يهابونه ،، لكنه كان يدير الأمن في الإنداية بذكاء مختلط بالخبث ،، وكان اللحيمر يمتلك ابتسامة فيها مكر عنيد ، يطلقها في الوقت المناسب ، ويسحبها أيضا في الوقت المناسب ،، يقول الكلمة ويحمّلها عدة معان ،، ينادي الناس بكلمات تنم عن احترام ، دون أن يكتشف الناس زيف هذا الاحترام ،، يعاملك وكأنه صديق وفي وما هو بوفي ،، لكن اللحيمر كان يكن لحبوبة ( عندو )احتراما ووفاء لا حد لهما ،، وكان يدافع عنها بكل مكره وبكل خبثه ، دون أن يدخل في مشادة أو اشتباك بالأيدي مع اي من رواد الإنداية ،، ومن مميزات اللحيمر أنه كان غاية في الطرافة ، يتخذها لأسر قلوب الناس ، دون أن يترك فرصة لأحد ليأسر قلبه ،، كما أنه تعلم بعض الكلام المنمق ، والمسجوع ، وحفظ شيئا من اشعار رواد الإنداية ، خاصة ما يسمى بالدوبيت ،، وعند العصر ، حين يخرج الناس إلى ظل النيمة الكبيرة في وسط الأنادي ، حيث تقام العرضة ، وترتفع أصوات الدلوكة ، ويتمايل الرجال ، وتتراقص النساء ، كان اللحيمر يكون حاضرا ومشاركا ومتفاعلا ، لكنه كان يراقب عن بعد ويهتم بسلامة حبوبة ( عندو ) أيما اهتمام ،، وكثيرا ما كان يصرح : أمي ( عندو ) دي أنا ما بلعب فيها ،، البيرشها بالموية برشّو بي الدم . والناس في قريتنا لا يعرفون هل هم كانوا يحبون اللحيمر أم يكرهونه ، لكنهم يعلمون أنه فرض نفسه عليهم بحلاوة لسانه التي تدس السم في العسل ، وبابتسامته التي تخبئ خلفها خبث الدنيا كلها ، وبلطفه الفتعل . ظل اللحيمر على هذا الحال ، سنين عددا ،، ولما أغلقت الأنادي بكى بكاء مرا ، وانزوى في دار حبوبة ( عندو ) لا يفارقها ليلا ولا نهارا ،، ولا يجالس أحدا غيرها ،، كان فعلا وفيا لها ، وكان الساعدا الأيمن لها ، وكان ابنها الذي لم تلده ، وكان أكثر الناس بكاء عليها يوم رحيلها إلى رحمة مولاها.
|
|
|
|
|
|
|
|
|