صحيفة الايام تحاور السيد محمد ابراهيم نقد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 04:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-03-2005, 04:45 AM

محمد صلاح

تاريخ التسجيل: 12-07-2004
مجموع المشاركات: 1276

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صحيفة الايام تحاور السيد محمد ابراهيم نقد

    حوارات / الثلاثاء




    السكرتير العام للحزب الشيوعي في اطول مرافعة من نوعها




    نقد : اول التحديات رفع حالة الطوارئ


    ستعبر البلاد (الجسر المعلق) بين الحرب والانفصال والوحدة والسلام بهذه الشروط


    كل قضايا الاستقلال احتشدت وعادت لتواجهنا بعد 50 سنة


    التجربة السوفيتية انهارت لغياب الحرية .. ولا مستقبل للاشتراكية بدون

    الديمقراطية


    نظام الحزب الواحد لن يستمر في السودان .. اسلامياً كان ام اشتراكياً !


    اختفائي لم يكن عزلة ولا استجابة لنداءات صوفية غامضة


    لم يكن ثمة مختفين بخلافى وسليمان حامد .. وعضويتنا تعلمت ممارسة نشاطها

    وهى على السطح


    لست متشائماً .. والسودان سيجتاز هذه المرحلة بالارادة السياسية


    الفقر لا يولد الثورة .. بل يولد اليأس والفوضى والوعى يفعل !


    اذا لم تتجاوزنا الاجيال الحديثة فسيكون الفشل نصيبنا المشترك


    الحركات الجهوية يقودها ناشطون من القوى الحديثة .. وهم ليسوا ضد وحدة

    السودان





    الحلقة الأولى


    على مدى سنوات كانت اطياف الاستاذ محمد ابراهيم نقد تدنو وتنأى تقترب وتبتعد، وعلى طولها كان هاجس الحوار الصحفى ملازماً لنا ولسوانا من الصحفيين، وكان يتأبى، ويصر على ان مجرد الحوار معه كاف لبعث المتاعب فيمن يحاورونه، فظفرت به الصحافة الخارجية، لغير ما مرة، وقبلنا وجهات نظره ولعل المميزات الشخصية للسكرتير العام للحزب الشيوعى كانت وراء اصرار الصحافة على مطاردته حتى في حالة اختفائه، فالرجل الذى يدقق في قراءته للصحافة المحلية والاجنبية، يمتاز بقدرة عالية على التحليل والتربيط بين قطع الزجاج المبعثرة، ولعله قد استمد قدرته تلك من الحالة الموسوعية التى وسمت حياته وجعلت منه قارئاً من طراز فريد للكتب، ومحققاً بارعاً في المراجع التاريخية، وكاتباً صبوراً وطويل البال على ضجر الكتابة وأرقها المستديم.
    وارتبط اسم نقد في الخيال الشعبى بحالة المراوغة، كما تلاقح في الذاكرة الشعبية مع الحالة الاسطورية .. هذه الحالة التى تبعثها فكرة الاختباء والتخفى وهى تبعث من التصورات ما تبعث من قدرات شخصية حقيقية ومتوهمة ينسجها العقل الجمعى وكثيراً ما يصدقها !
    وقد تقلد نقد منصبه السياسى الراهن في اعقاب دحر حركة 19 يوليو عام 1971 والتى عصفت بالقيادات الرئيسية للحزب الشيوعى السودانى بعدما عاد الرئيس نميرى للسلطة وقد تولى مسئولية جسيمة وقتها في اعادة تنظيم وتجميع الحزب الذى تفرقت السبل بعضويته ما بين سجين وملاحق ومطارد ومختف ، وقبل المسئولية بعدما اختفى عن الانظار ، وظل يواصل عمله السياسى من تحت الارض لحين قيام الانتفاضة الشعبية التى اطاحت بنظام مايو واستعادت الديمقراطية (1985) وقد خاص الانتخابات البرلمانية وفاز عن دائرة الديوم والعمارات، ليدخل البرلمان (للمرة الثانية كانت الأولى عقب ثورة أكتوبر - العام 1965) مع اثنين من اعضاء حزبه (عزالدين على عامر وجوزيف موديستو) وواصل عمله السياسى كنائب برلمانى الى حين قيام انقلاب الانقاذ الذى ساندته ورعته الجبهة الاسلامية القومية في العام 1989 وقد اقتيد للسجن فور وقوع الانقلاب ضمن مجموعة من قادة الاحزاب والعمل النقابى، وسرعان ما اطلق سراحه بعد استتباب الامر للانقاذ، وبقى في منزله قيد الاقامة الجبرية الى ان غافل حراسه مختاراً هو وحزبه العمل من تحت الارض منذ العام 1994 وقد ظل لسنوات يمارس نشاطه السياسى من داخل السودان مختفياً فيما اطلقت السلطة السياسية له عدة نداءات تطالبه بالخروج وممارسة نشاطه السياسى العلنى غير انه لم يستجب لها ..
    وفي يوم الخميس الموافق السابع من ابريل وفي تمام الساعة الخامسة والنصف مساء ضجت الخرطوم بخبر زيارة اللواء صلاح عبدالله مدير جهاز الامن ونائبه اللواء محمد عطا لنقد في مخبئه بحى الفردوس جنوب الخرطوم، وكانت هذه الزيارة هى بمثابة اسدال الستار لحالة اختفاء استمرت لما يزيد عن العشر سنوات .. عاد بعدها الاستاذ محمد ابراهيم نقد لمنزله .. وبدأ في الاستعداد لجولة اخرى من العمل السياسى المكشوف هذه المرة ..
    (الايام) اتصلت بالاستاذ نقد اكثر من مرة لترتيب حوار صحفى مطول معه حول كافة احداث الساعة ، وطلب منا الانتظار اكثر من مرة حتى يكمل بعض الترتيبات الخاصة، واخيراً وافق على هذا الحوار، وقد جلست اليه الصحيفة لاكثر من 8 ساعات متواصلة في حوار نتوقع ان يضفى على الساحة السياسية مزيداً من الحيوية لا سيما و ان الرجل عليم بما يدور في دهاليز المطبخ السياسى بعد ان ظل لسنوات احد الطهاة الحاذقين، كما انه ـ وكما وضح من الحوار ـ لا يكتفى فقط بالنقد، بل يطرح مقترحات ومبادرات للحوار ..




    حوار : وائل محجوب ـ محمد موسى حريكة








    * رحلة الاختفاء هذه الرحلة التى تتراءى للبعض كأنها حالة عدمية وتذكر الانسان بتلك المقولة التى اطلقها ذاك القاضى الذى حاكم المفكر الايطالى الاشتراكي قرامشى والذى قال (يجب ان نوقف هذا الذهن عن العمل لعشرين عاماً) من هو القاضى في هذه الحالة اذا صحت المقارنة .. والذى يجعل المقاربة واردة ؟
    الصدفة هى بنت الضرورة ـ هذا اذا فهمت السؤال بشكل صحيح .. فهناك اخطاء معينة قادت لهذه اللحظة الفارقة من ناحية الاجراءات التأمينية وسرعة اتخاذها ..
    الجانب الآخر من الامر .. نحن كنا بصدد الخروج ـ وهذا ليس بالتبرير ـ وكنا نجمع في اوراقنا توطئة للخروج، ثم تمت عملية الاعتقال، وما تلاها، ولكن الانسان لم يجد صعوبة في التأقلم بسرعة مع الواقع، فانا بالاساس لم اكن بعيداً عن هذا الواقع ..
    * والعزلة التى تضفيها على الانسان حالة الاختفاء ؟
    لا .. ابداً .. الاختفاء ليس حالة عزلة، الا من ناحية ملامسة الواقع وحجمها .. ولاكثر من مرة اكون في اجتماع به عدد كبير من الحضور لم اكن في حالة انقطاع عن العالم او حالة تصوف ..! بل امارس نشاطى من خلال التعمية السرية .. اعقد اجتماعات واحضر اخرى واشارك في مناقشات وعلى صلة بعدد من الاصدقاء وهم ليسوا اعضاء في الحزب ولكن تجدهم يلمون بالحالة السياسية وهم يساعدون الانسان على التعرف بالحالة السياسية بشكل جيد، واتابع الاخبار المحلية والعالمية، واعتقد ان ما توفره لى حالة الهدوء للتعامل مع الاخبار وفرز ما هو مهم عما هو اقل اهمية اكبر في ظروف الاختفاء ..
    * مثل ماذا .. فلتعطنا مثالاً لما يمكن ان توفره لك حالة الاختفاء ؟
    نعم .. مثلاً اذا اردت ان اتعرف على العضوية الجديدة في الحزب ما يحدث هو ان يتم لقاء اولى، وقد لا يكون مكتملا في اوله ووسطه ونهايته من ناحية الحضور، ولكن المؤكد مثل هذا الاجتماع يساعد على رفدى بقضايا واسئلة جديدة بل تصورات جديدة يطرحها هؤلاء الشباب الجدد الذين يقتحمون مجال الحركة السياسية ومثل هذه اللقاءات تبعد الاختفاء عن فكرة العزلة بمعناها المطلق، وليس العزلة بمعنى ضيق المساحة للحركة وحجم وعدد الاصدقاء الذين تقابلهم ..
    * وماذا عن قاضى (قرامشى) ذاك .. أين موقعه ؟!
    ابحث عنه انت .. (قالها واطلق ضحكة طويلة) هذه ليست اول مرة يوجد فيها قاضٍ يقرر بشكل مباشر او غير مباشر تعطيل بعض الناس سواء في حركتهم او ذهنهم او تعاطيهم مع الواقع، واعتقد اننا كحزب استطعنا ان نجتاز هذه المرحلة منذ (المحاكمة الاولى) .. وكمثال اقول لك ان عدد المختفين خلال هذا العهد (الانقاذ) اقل من عدد من قاموا بالاختفاء خلال عهدي عبود ونميرى ..
    * كيف هذا ؟
    نعم .. قد لا تصدق هذا
    * ماهو السبب .. اهى حالة انفراج سياسى مختلف عن الانظمة السابقة في تقييمكم ؟
    لا .. ليس الامر على هذا النحو كل مافى الامر ان عدداً اكبر من عضوية الحزب قد تعلمت وحذقت ممارسة النشاط السياسى السرى وهى على السطح .. وهؤلاء هم الاهم في تقديرى ..
    الامر الثانى اقول لك بوضوح ان الناس يتحدثون عن المختفين من قيادات الحزب بشكل جزافى .. ليس هناك ثمة مختفين بخلافى والاستاذ سليمان حامد وقد ظل هذا هو الوضع حتى يوم اعتقالى ..
    * انت وسليمان حامد فقط من كل عضوية الحزب ؟
    صدق او لاتصدق ! اقول لك كل عضويتنا الذين تم اعتقالهم في اوقات سابقة (بعد العام 1994) يوسف حسين وغيرهم مارسوا حياتهم العادية يعتقلون ويطلق سراحهم ويزاولون عملهم السياسى .. الامر الاساسى في هذه المسألة هو اتساع التجربة في التعامل مع العمل السرى وهذا ليس وقفاً على الحزب الشيوعى بل كل الاحزاب السياسية من اتحادى وحزب امة او البعث والاحزاب الجنوبية، وكلها توافر لها من طول معايشتها للدكتاتورية حصيلة كبيرة واسهام ممتاز جداً في العمل السياسى السرى ..
    * بعد الخروج الجديد .. ماهو المدهش في نظرك .. ربما حالة الهدوء كانت تتيح لك فرصة وافية للتأمل ؟
    سوء وتدهور صحة البيئة (صمت يستمر لنصف دقيقة .. ثم ينفجر الجميع بالضحك من المفارقة) .. اقول لك عن صحيفتكم التى عادت للصدور اننى افتقدت فيها صديقى بشير محمد سعيد وقد كان هو اول من طلب منى الكتابة للايام في عام 1965 في اعقاب حل الحزب الشيوعى مباشرة وقد اصر على للكتابة وكان ينشر ما اكتبه عبر بابه الشهير (منوعات واخبار وافكار) الامر الثانى بالنسبة للواقع الجديد انا لست متشائماً على الاطلاق .. ولست في هذا الحال متفائلاً تفاؤلاً عاطفياً .. لست متشائماً ولا اضفى على الواقع رغباتى الذاتية والشخصية اعتقد ان السودان يستطيع ان يجتاز هذه المرحلة السياسية اذا توفرت الارادة السياسية وسعة الصدر لدى حكومة الشراكة الثنائية تجاه الراى الآخر، وتجاه التفاسير المختلفة لمبادئ او نصوص الاتفاقية وهذه المسألة الطرفان يتعاملان معها بحساسية، مع ملاحظة ان كثيراً من نصوص هذه الاتفاقية حمال اوجه ولحسن الحظ لم يتم القول بان تفسير الاتفاقية عند الجهة الفلانية، ليس مثل المحكمة الدستورية مثلا التى تفسر النصوص القانونية ..
    اعتقد اذا توفرت هذه الشروط يستطيع السودان ان يعبر (الجسر المعلق) بين الحرب والسلام وبين الوحدة والانفصال .. هذا ممكن وليست هناك استحالة...
    الامر الثانى في هذا الاطار اننا نخطو في العام القادم نحو خمسين سنة من الاستقلال .. نصف قرن من الزمان والشئ المدهش ان كل قضايا ما بعد الاستقلال التى لم تحسم في الماضى قد احتشدت واصبحت امامنا وجهاً لوجه .. في مواجهة مباشرة واحتلت مكان الصدارة في جدول اعمال الحركة السياسية بشقيها في الشمال والجنوب .. الجميع يفكرون حالياً في قضايا مابعد الاستقلال التى لم تحسم وحدة السودان .. هوية السودان .. علاقة المركز بالاطراف .. علاقة الدين والدولة .. وهى كلها قضايا ما بعد الاستقلال ..
    * في هذا السياق .. الملاحظ التهاب العلاقة بين الاطراف والمركز وبروز الكيانات الجهوية والقبلية وغالباً ما يغض المركز الطرف عن دعاوى وشعارات هذه الجماعات حتى تنفجر الاوضاع .. بيد ان السؤال هل ينسجم هذا الاحتشاد مع التدرج العصرى وفي سياقه ؟
    هذه حالة طبيعية .. ولعلى اشير الى ان اميز ما ميز ثورة اكتوبر ا نها قد حركت ساكن الحياة في القطاع التقليدى .. فضلاً عن كون الجنوب كان محركاً بواسطة الحرب الاهلية ولكن الشرق والغرب والشمال والجنوب الشرقى كلها قد تحركت مع اكتوبر، وقد اتهموا منذ ذلك الوقت بالجهوية والانفصالية، ولكنها كانت حركات تعبر عن سوء الاوضاع وعدم تطور مناطقها .. والاوصاف والنعوت التى اطلقت في حقها لم تكن سليمة .. ونحن دافعنا عنها وعن حقها في التعبير عن مظالم مناطقها خصوصاً وقد تعاظمت الآمال في التجديد لا سيما في تلك الحقبة التى كانت تشهد نهوضاً كبيراً في العالم الثالث ... مؤتمر باندونق وتجارب عبدالناصر وسوكارنو ونيكروما ونايريرى، وكان العالم يتقدم والدولة المستقلة كانت تفرض كياناتها حتى على المستوى الدولى، وهذا كله ترك اثره على السودان الذى تميز بحركة سياسية متطورة، وما يحدث اليوم في الاطراف يتلاقى مع ما ذكرته، وهى قضايا مابعد الاستقلال ومن القضايا التى لم تحسم هى قضية علاقة السلطة في المركز مع الاطراف، هذا الامر لم يحسم وقد فرض نفسه في اكتوبر من قبل ولم تتم الاستجابة بالقدر المطلوب، وتفجرها من جديد حينما تعمقت مشاكل وازمات النظام السياسى والمجتمع في ظل الانقاذ .. وتفرجها امر طبيعى .. وهى حتى (الحركات الجهوية) اليوم ليست انفصالية، كما انها ليست ضد وحدة السودان، وانما تود ان تنال حقها داخل الوطن السودانى، والسؤال هو : اذا انفصلت الى اين ستذهب ؟ وهذا الكلام يسرى حتى الجنوب، والحديث عن انضمام الجنوب في حالة الانفصال لشرق افريقيا يبدو غير متماسك ولا اعتقد ان الجنوب سيجد مستقبلاً افضل هناك .. ولا اعتقد ان جنوب (الفونج) اذا انضم الى اثيوبيا سيجد وضعاً افضل، هذه الحركات لا تريد الانفصال و لا تريد الانضمام لدول اخرى، كل ما يريدون هو حقهم، والسلطة المركزية في السودان ظلت حبيسة قضايا المركز، وتعاملها مع الاطراف تعامل منقوص.
    * تطرح اتفاقية نيفاشا جملة تحديات عظيمة على الحركة السياسية بشكل عام نرجو ابتداءاً ان تحدثنا ـ ان كنت تتفق معنا ـ عن رؤيتكم لهذه التحديات ؟
    نعم .. الحركة السياسية تواجه تحديات مباشرة وعلى رأسها رفع حالة الطوارئ فالحكومة مهما حاولت ان تعطى مساحات للحركة تبقى في ظل وجود الطو ارئ مكشوفة الظهر، لذلك يتحرك الناس بحذر واستجابتهم ضعيفة للغاية، بالاضافة الى ان الشعب يلهث يومياً وراء لقمة العيش، واذكر ان الشعب حينما حقق اكتوبر وابريل كانت اوضاعه المعيشية افضل حالاً.
    *** والفقر لا يولد الثورة .. بل يولد اليأس او الفوضى .. ما يولد الثورة هو الوعى، الوعى باسباب الفقر وكيف سنتخطاه .. اي برنامج واطار نظرى .. الناس في حالة من الحذر. ***
    الجانب الاخر اتفاقية نيفاشا والصعوبات التى خلفتها الاتفاقية حصرت اجندة الحركة السياسية في اطارها .. وتطلعات الجماهير اوسع من نيفاشا وما بعدها حتى في الجنوب لا تقف عند حدود نيفاشا .. وما يناقش في الحوار الجنوبى/الجنوبى الذى شمل غالبية القوى الجنوبية لم يقف عند حدود نيفاشا، كانوا يتحدثون عن المستقبل وعن العلاقات الدولية والاقتصاد ولكن ما يحدث حالياً هو استقطاب لجهة ـ هل انت مع نيفاشا ام ضدها ؟! وهذا لا يعطى مساحة للحركة في ابسط الاشياء. وهذا الواقع جعل الجماهير تشعر بالخذلان لا سيما مع عدم تغير الو اقع بعد الوصول للاتفاقية.
    الامر الثانى ان التركيبة السكانية نفسها تغيرت، وهذا الواقع ليس مقصوراً على الهجرة من الريف للعاصمة اذ ان هناك هجرة اخرى من الريف للريف .. وهنالك نزوح للريف حول النيل، من كوستى الى الرنك مثلا، وهذا ادى لانحسار عدد من الكوادر المنتجة بعد ان تشتت ولم تعد محتشدة في مراكز انتاج زراعى او صناعى او خدمى تتلاقح في وعيه، فهى تلهث يومياً وراء لقمة العيش، وهذا يقودنا للحديث عن نزيف الهجرة المزدوج :
    ـ سواء من الريف للمدن ـ او من مناطق الجفاف نحو مناطق المياه والرى
    او الهجرة الاعلى تكلفة للعقول والادمغة والخبرة للخارج
    وهى هجرة اصابت السودان بانيميا التخصصات العلمية، ففى السابق لم يكن هناك حزب يعانى من تكليف اي عدد من المختصصين لبحث موضوع معين والان اي حزب يعانى ، فهؤلاء مشغولين ويركضون خلف اشياء مختلفة اذا كانوا بالاساس موجودين بالسودان !! الان العدد الاكبر من المتدربين، وهذا الواقع اصاب مجمل الحركة السياسية بشئ من التخلف او الجمود او العطاء المحدود
    * كيف اذن برأيك ستستطيع القوى المختلفة مغالبة هذه التحديات .. لا سيما في ظل غياب اطروحات واضحة تعالج الاشكالات التى يعانى منها الشعب، فالواضح ان الجميع غارق في التعاطى مع الشِأن السياسي بمعزل عن كل الظروف المرتبطة به اقتصادياً واجتماعياً ؟
    الحركة السياسية السودانية ـ تركيبة عضوية من الاحزاب السياسية + الحركة النقابية + المنظمات الفئوية طلاب، شباب، روابط قبلية، كيانات اقليمية، اتحادات قبلية وجهوية.
    لذلك فموضوع الحركة السياسية موضوع معقد نسبة لتعدد تركيبتها وهى لا تمثل الاحزاب السياسية فقط كما يتصور عدد كبير من الناس، الاحزاب وحدها لم تحسم اي قضية تاريخاً بخلاف مذكرة مؤتمر الخريجين عام 1942 ، وبعد ذلك التاريخ ظلت على الدوام هناك حركة شباب وطلاب ونساء وهناك ايضا النقابات بجانب الاحزاب السياسية، وهناك ايضا الكيانات والمكونات القبلية والاقليمية والاقليات التاريخية والتى لعبت دوراً تاريخياً ، والجديد في الامر ان قادة هذه الحركات ليسوا هم القادة القبليين بل هم من القوى الحديثة داخل القبيلة من محامين وضباط سابقين وخريجى جامعات، اذن هم افراز لما حدث في المجتمع من تطور وتحديث .. هم ليسوا من سلالة السلطان بحرالدين او على دينار هم من القوى الحديثة وابناء لهذه القبائل وتجمعاتها القومية المهمشة.
    كذلك من المكونات الاساسية للحركة السياسية في السودان المنظمات الفئوية من نساء وشباب و طلاب وبكل افرعها، وكذلك المبدعين وروابطهم والمزارعين وغيرهم ، كل هذه الفصائل لعبت دو راً في تاريخ السودان ومجمل نضال هذه المكونات قاد لتحقيق الاستقلال ، وهو الذى احدث ثورتى اكتوبر وابريل ، لذلك حينما نتحدث عن الحركة السياسية يجب الا نتحدث فقط عن الاحزاب فهى لوحدها لا تستطيع ان تنجز اي عمل ذو شأن الا من خلال تحالفاتها مع هذه المجموعات ..
    في داخل هذه الحركة هناك الانقلابات العسكرية والتى ظل دورها سلبياً في السياسة السودانية رغم انها تستخدم دائماً (كرت) اصلاح الحياة السياسية والاحزاب وقد ادخلت غير ما مرة البلاد في نفق مظلم لم تخرج منه الا بالتخلص منها، لذلك فهى مثل (الناسخ) وهى في ذات الوقت المعادل وتفترض انها البديل، نوفمبر 1958 (نظام عبود) نسخ عن طريق اكتوبر 1964، مايو 1969 ونسخ عن طريق الانتفاضة يونيو 1989 وما زلنا (نعافر) فيه حتى الان وما زال حتى الان ليس بالنظام المقبول طواعية، وانما هو نظام حزبى شمولى يعتمد على قوته العسكرية والمدنية، وما زال السودانيون يعافرون من اجل الحريات.
    * كأنما بك تحن او تدعو لتكرار نموذجى اكتوبر وابريل .. ألم تتجاوزه الاحداث؟
    لا .. ليس المهم تكرار سيناريوهات الانتفاضة او اكتوبر .. المهم هو استعادة الديمقراطية بالتدريج خطوة خطوة .. او باي شكل وارد ..
    * ما الاختلاف اذن بين هذا الطرح واطروحات التدرج التى قالت بها الحكومة من توالٍ وتسجيل احزاب وغيرها من الاشكال ؟
    لا .. تاريخياً كان من سمات الاحزاب السودانية وكذلك المنظمات انها تسبق القانون، ولنأخذ امثلة (صمت لمدة دقيقة) ..
    حسناً .. لقد بدأت الحركة النقابية الاضرابات ثم بعد ذلك صدر قانون تنظيم النقابات وحق الاضراب في العام 1948 اما عن الاحزاب ففى 18 فبراير 1945 ارسل عبدالله خليل سكرتير حزب الامة رسالة للسكرتير الادارى ومعها نسخة من دستور الحزب وطلب التصديق لتأسيس الحزب، وقد تلقى رداً في الحادى والثلاثين من مارس 1945 ، وقد تم التصديق له من قبل مدير مديرية الخرطوم بفتح (نادى) ..!! لان قوانين حكومة السودان لم يكن بها نص يصادق او يحظر الاحزاب ..
    الشاهد من المثالين ان النقابات تكونت واضربت قبل القانون، وكذلك الاحزاب نشأت وتكونت قبل القانون، اذن الحركة السياسية سابقة للقانون في كل الظروف.
    فلنتحدث عن الانقاذ على سبيل المثال .. وقد قامت اول امرها ـ وصار هذا ديدنها لسنوات - بحل النقابات و كونت نقابات تحت اشرافها المباشر، والاساس في ذلك هو منع الاضرابات ، ومع ذلك ستجد ان العمال يضربون، اذن انتفت الصيغة والصفة التى شكل القانون بها ومن اجلها حلت النقابات .. تلك القديمة، ومع ان الاضرابات التى تتم نفسها في محتواها سابقة للوعى النقابى، إذ لا تشمل مطالب خاصة بشروط الخدمة وتحسينها، او برفع الحد الادنى للاجور وتحسين مستوى المعيشة حسب نقاطها ، وانما تطالب بمطالب عمال اليومية (ادينى متأخراتى) فعمال اليومية يربطون بين العمل واستلام حقوقهم يومياً والفرق بينهم والنقابى ان الاخير يضع شروطاً لتحسين الخدمة والاجازات والتأمينات الاجتماعية وغيرها، المهم في الامر انها اضربت وباضرابها تخطت القانون والسياج الذى وضعته الانقاذ .. والاضرابات كحالة تزيد ولا تنقص مهما حاولت هذه الحكومة او تلك التى ستليها الحد من نشاطها النقابى ..
    * هذا يقودنا لحديث مستمر عن اختراقات القوى المختلفة للعمل النقابى والمحاولات المستمرة للسيطرة على الحركة النقابية لفرض الاجندات المختلفة عليها ؟
    انظر .. من سمات الحركة النقابية تاريخياً، ان استقلاليتها لا يلغيها نفوذ اي حزب او جماعة .. وهذا الحال يسرى على اتحادات الطلاب والتنظيمات الفئوية وغيرها .. وصدور القرارات وفقاً للوائح التى تحكمها، فالقرارات في منتهى الامر لا تخرج إلا عن قيادة هذه التنظيمات او النقابات ولوائحها وجمعياتها العمومية، وهذا يوضح ان هذه النقابات واتحادات الطلاب وهذه الكيانات في مجموعها ليست تابعة، بل كيانات مستقلة ولها ادوار مستقلة، تلعبها في تعاون وتكامل مع الاحزاب ..
    لكل ما ذكرته .. اعتقد ان الحديث عن الحركة السياسية وحصرها في الاحزاب فيه انتقاص من قدرات وادوار التنظيمات الاخرى ..
    * هذا النزوع للنمط الواحد المسيطر، كيف تنظر في افقه الواسع، الحزب الواحد من اي المشارب جاء، اشتراكياً كان او اسلامياً او قومياً او طائفياً مع هذا الواقع المتفجر والتعدد المركب ؟
    نعم لقد وضح بجلاء في السودان استحالة ديمومة نمط الحزب الواحد .. حتى في ظل النظام الاشتراكى (صدق او ما تصدق على كيفك !) واتحدث هنا من باطن تجربة السودان التى يدعمها انهيار النمط السوفيتى للاشتراكية .. وانهيار النمط العربى لعبدالناصر، ومع اننا نتحدث وباستمرار عن الاشتراكية والعدالة الاجتماعية الا ان ذلك الطرح يرتبط حقيقة بالديمقراطية التعددية .. وكلما مضت مسيرة الشعب للامام تدرك اكثر انها اقتربت اكثر من شعارات العدالة الاجتماعية، وهذا ليس افتعالاً .. ونحن حينما كنا نتحدث عن الحركة السياسية والعدالة الاجتماعية وهما جوهر الاشتراكية لم نكن نبحث عن حلول في باطن الكتب .. ولا نتصور تجاربا اخرى، ولكن في كل التجارب التى مررنا بها في السودان كان هذا هو (الثابت)
    * نظام الحزب الواحد في السودان لا يستمر
    وقد جاء نميرى بشعارات اليسار والاشتراكية ولم يستمر .. وبشعارات اليمين والاسلام التى جاءت بها الانقاذ وهاهى مضعضعة وستمضى وما زالت الاحزاب موجودة .. القانون يمنع الاحزاب ومجرد الحديث باسم حزب من الممكن ان يقودك للسجن، وقد مضى الناس للسجون وما زالوا على ولائهم الحزبى ما يزالون.
    اعتقد ان التعددية في السودان يجب ان تفهم على أساس هذا الواقع، با لاضافة الى ان تجربة السودان في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية مرتبطة بالديمقراطية التعددية، ودون اي تحفظات مهما قيل.
    نعم لقد فشلت التجربة السوفيتية .. لتصبح اذن ليست معياراً ، لقد كان من اهم اسباب فشلها غياب الحرية ولقد كان هناك تعليماً مجانياً ورعاية صحية مجانية ورعاية للاطفال والعجزة كما توفرت حقوق اخرى مثل السكن والتنقل، ولكن لم تكن هناك (حرية) .. مثلاً لم يكن الناس يمنعون من السفر ولكن تقول لهم الدولة لن تجدوا عملات صعبة، هذا لم يكن السبب الاساسى وفي تقديرى ان الاسباب مختلفة منها الخوف من الاحتكاك بالخارج والتجارب الخارجية لانك حينما تعود ستتحدث عن وجود اشياء صحيحة بالخارج !!
    * حسناً ما تقوله حالياً ينطلق من تلازم بين العدالة الاجتماعية والديمقراطية .. وما اود قوله ان تجربة دولة المنظومة الاشتراكية نفسها لم تتأسس بنيوياً خارج الاطار النظرى للماركسية اللينية القائلة بدكتاتورية البروليتاريا، هل يمكن اعتبار ما تطرحه من رؤية هنا بمثابة استدراك نظرى وفكرى للنظريات الماركسية ؟
    شوف (اذا قلت لك باننى قبل عشرين سنة كنت افكر هكذا لكذبت عليك) .. لقد كان هناك عبدالناصر، نكروما، الاتحاد السوفيتى ، وكانوا يمضون في طريق مختلف .. لكن كان لدينا احساس عميق بخطورة مسألة الحرية .. وكانت هذه المسألة تناقش في كل الاحوال، انهيار التجربة السوفيتية تقف وراءه اسباب كثيرة من بينها غياب الحرية، وتعددية الرأى ووجهات النظر، الحكم هنا ليس (النص) وانما الحكم هو (المنهج) الذى عبره نستطيع ان نطور الفكر الاشتراكى وتجاربه لمستقبل التطور الاجتماعى في العالم ككل.
    * هذه المتغيرات على مستوى الفكرة السياسية تتوازى معها متغيرات ضخمة على مستوى العصر وآلياته، وفي تقديرنا ان من جملة اسباب انهيار المعسكر الثورة التقنية والرقمية، والتى انداحت دوائرها بلداً بلدا، وقارة خلف قارة، واذا بها داخل اوطاننا كيف ستواجه الحركات السياسية التى تعانى من البلى والضعف هذا المتغير ـ الاتصالات ـ التكنولوجيا ـ الانترنت هذه البوابة السحرية مع بنياتها المضعضعة ؟
    ما من شك ان ثورة المعلومات حاصرت الوسائط التى كنا نعمل بها لايصال آرائنا لعضويتنا ، الآن لا معنى لايصال بيان الى مدينة مثل الابيض فالعضو قد تجده هناك يجلس ليعمل على الانترنت وسيتجاوزك .. والواقع والتنسيق الموجود يصعب عليك مهمة مواكبة هذا الواقع، فى السابق كان حزب الامة يبادر في هذه المجالات لانه يمتلك الدائرة والطائفة كبديل، واذا اردت ان تكون شبكة انترنت داخلية فقط ستواجه بتكلفتها المرتفعة وقد تمنع من عملها فكيف ستتعامل مع عضويتك لا سيما تلك التى ارتبطت بمتغيرات العصر ولن تعود أبداً لمرحلة قراءة (البيان باللمبة) ! ولن تقنعه عبارات من شاكلة (تقاليد الحزب) و(المناضلين القدامى) ! هذا فلكلور مكانه المتحف.
    * اذن أدبياتكم تلك على نسق (هز بالمنشور وبشر) تجاوزتها المرحلة .. كيف ستواكبون مرحلة الخطاب الحديث والوسائط المتقدمة لا سيما مع اجيال لا تعبأ كثيراً بالابعاد العاطفية ؟
    هذه مشكلة بالتأكيد ونحن نحس بها، نحن لدينا موقع على الانترنت وهو ليس موقعاً فيه ما نصبوا اليه، وانما نهدف من ورائه ان (نقد عين الشيطان) وان نقول: نحن هنا .. ولكن لم تحل على نطاق الحزب والبلد .. ولابد ان تحل .. انا لا استطيع حلها ربما يحلها جيلكم انتم .. وهم من يعملون حالياً (الشباب) في الميدان وموقع الانترنت انا ليست لدى مشكلة سواء اطلعت على الانترنت او لم افعل، ولكن بالنسبة لاي شاب من عضويتنا وجود موقع لنا امر يرضيه حتى ولو كان لا يقرأه .. هذه مشكلة تواجه الاحزاب قاطبة فالاجيال تقرأ وهذه المشكلة تواجه كل وسائلنا ..الكتابة على الحوائط والجدران لم تعد ملهمة ، والبوستر مثلا اكبر وقعا فعلى ايام عبود مثلا كان عدد سكان العاصمة بكاملها حوالى 750 الف نسمة، واذا طبعت بماكينة الرونيو ثلاث الف نسخة من منشور (يدويا) ووزعتها في مواقع استراتيجية (ما صار يعرف باسم شارع المعونة ـ قرب النقل الميكانيكى ومنطقة سوق الخضار) سيتحدث عنه كل الناس ويأخذونه للمكاتب وكذلك الامر في ام درمان والخرطوم وهذه اساليب كانت ملائمة لذلك الزمن، وكانت تنعش الجماهير والتى يهمها رمز المقاومة ، هذا كله لم يعد يجدى نفعاً ولا يؤدى الغرض يجب ان نجد وسائط جديدة نستطيع عبرها التعامل مع مختلف انحاء السودان وهذا هو المجال الجديد الذى يتحتم علينا اقتحامه ..
    * هذه الحلقات اشبه بالدوائر النارية، هذا الوضع يقودنا لمبدأ تحديث الاحزاب الذى يواجه صعوبات جمة في ظروف بالغة التعقيد، وقد تراكمت الاخفاقات والمشاكل وتقابلها بنيات قديمة اضحت اقرب للتراث ؟
    لكنها لا ترفض استعمال الآليات الجديدة في عملها
    * من اين لها ؟
    هل تعنى الاحزاب التقليدية ام ماذا ؟
    * لا احزابنا جميعها قديمها وحديثها ؟
    لا يرفضون وهم لديهم استعداد
    (مقاطعة)
    * لا نتحدث عن الرفض فقط، بل الامكانيات الذاتية والموضوعية ؟
    الامكانات المالية قد تؤثر، ولكنك على كل حال تبدأ بالاهم ثم المهم، ولكن الوجهة الماضية لا تراجع عنها
    * القناعة بجدوى هذا الامر وادراك اهميته لا تبدو واضحة ؟
    لا هناك قناعة بالجدوى
    * هنالك اجيال خارج دائرة الفعل السياسى وهى اجيال ما بين الخامسة عشر والثلاثين سنة وقد اسهمت ثقافة الصورة والمعلومة التى ابرزتها القنوات الفضائية والانترنت في خلقها من جديد بعيداً عن مختبراتكم وهم يتمتعون بحس عالى للتمرد، انتهت الاشارات وما عادت الطرق القديمة مجدية، كيف سيندمجون في الفعل السياسى ؟
    الشباب من الجنسين اصبح مزاجه وتذوقه اكثر استجابة للفضائيات والاذاعات العالمية والانترنت، ليس كمتلقى بل كمشارك .. انظر لغرف الدردشة (Chatting rooms) كأنما قد خلقوا مع الانترنت، وهم قادرون على سبر اغوار واسرار هذه الطفرة وهذه نقلة لابد أن تتعامل معها الاحزاب السياسية ... او دعنى اقول حزبنا (فانا لست وصيا على الاخرين) ، الحل المباشر امامها هو ان تشرك هذا الجيل في صياغة خطابك السياسى وفكرك واجتراح الوسائط الملائمة للعصر، فمن غير المعقول مثلا ان نجلس انا وسليمان حامد والتجانى الطيب لنضع برنامجاً للحزب (الشباب ديل لازم يجوا ونحن ما نلخمهم بالكلام الكبار) ! يجب ان نطرح كل القضايا للنقاش وان يشتركوا في ذلك النقاش ، اشتراكهم في ذلك الامر هو الضمان للاستجابة ، والكثيرون يتحدثون عن تصعيد شباب للقيادة هذه هى الوصاية فانت قد صعدت وهم مفعول بهم، والشئ الطبيعى ان يشارك الشباب بغض النظر عن التراتبية الحزبية هذه الاجيال يجب ان تشارك في صياغة الخط العام للحزب وبرنامجه ومن خلال ذلك تحتل مواقعها الطبيعية.
    * وماذا عن جيل (حنتوب)
    * (مقاطعة)
    نعم .. ضاحكاً .. انا افهمك (والما قلته برضو فاهمو) .. ويواصل في الضحك
    * هل تستطيع هذه الاجيال ان تتجاوزكم .. هذه الفجوة تحاصر العمل السياسى والمشكلة المثارة دائما عدم تعاقب الاجيال .. هل تسمحون لها بتجاوزكم وتولى زمام المبادرة ؟
    طبعاً .. واذا لم يتجاوزنا يكون الفشل نصيبنا المشترك نحن وهم لماذا أتوا اذن .. هم لم يأتوا ليكونوا (حواريين) لشيوخ جدد ! هم جاءوا ليشاركوا بصوتهم وآرائهم ثم ثانياً (نحن ذاتنا شنو ليه ما يتجاوزنا ؟!) انظر انا لن ازايد على سبيل المثال باختفائي فالذين كانوا يقومون بالعمل في الخارج كانوا يؤدون اعمالا كبيرة على كافة المستويات السياسي منها والتنظيمى نحن دورنا قد يصبح تصحيحي او سمه توجيهى مثل ان نحدد الاخطاء ونستدل بتجارب الماضى لمواجهتها وتفاديها .. عليهم ان يختاروا من يرشحون ومن يدعمون ومن يتحالفون معه واذا عادت الديمقراطية يجب ان يشاركوا ..
    لعلنا هنا نحتاج لمثال (وعلى فكرة هذه بضاعة لا تنفذ !) ففى الديمقراطية لا يمكن ان يعقد اجتماعاً قيادياً ويضم فقط اعضاء اللجنة المركزية لابد ان يكون الاجتماع موسعاً ليضم فئات من الاقاليم والشباب والطلاب والمرأة وهذا نفسه شكل تقليدى كان يتم في الماضى علينا ان نطرح القضايا لمجموع الحزب حتى يشارك المجموع بالرأى والتفكير والوصول للقرار سواء شفاهة او كتابة او حتى المشاركة (بالزهج) او (بالنقد) وما نتحدث عنه يقودنا بالضرورة الى ولوج ميدان منسى آخر .. وهو ميدان قياس الرأى العام، وما اتحدث عنه ليس (مزاج) الجماهير، بل هو مسألة تقوم على أسس علمية وموضوعية وعندها (ناسها) الرأى العام اصبح قوة يؤبه لها، ولم يعد مفعولا به يتكون بفعل القيادات السياسية والطائفية والحكومة، بل صار تراكماً لمعرفة الجماهير وهو الذى افضى اليه الاتصال بالعالم وفتح ذلك منافذاً اخرى للمعرفة بخلاف تجاربها الذاتية المريرة وهذا الواقع يجعل من قياس الرأى العام بالوسائط العلمية الموضوعية ضرورة لا غنى عنها لعمل اي حزب، ونحن في الحزب الشيوعى حالياً ليس لدينا كادر واحد (يعرف) هذه المهارة لكننا نطرح في داخل السودان وخارجه ضرورة وجود كوادر تستطيع التعامل مع هذا العلم والقيام بتنفيذه.
    واذا كنا نتحدث عن الاجيال الجديدة والوسائط التقنية المتطورة فلابد ان نعى ان واحدة من اهم الوسائل الجديدة التى يجب ان نقتنيها بصورة موضوعية وعلمية هى مسألة قياس الرأى العام .. ويجب ان ننأى بها عن اسلوب (الزغل) الذى تنتهجه الانظمة الشمولية والتى تأتى استفتاءاتها على نسق 99.9% ...!
    اتصور ان هناك اعداداً من الخريجين من كليات الاعلام بالداخل والخارج قد برزوا في هذا المجال، لتبقى بعد ذلك المعادلة، كيف سيعملون معك ؟ فالواحد منهم لديه ساعات العمل اليومية، وقد تكلفه جهة ما بقياس الرأى العام في قضية ما، والمفاضلة ستكون بين اداء عمله (البياكل من وراءه عيش) وتأدية واجبه الحزبى فلا يهم الاسبقية ؟!
    لكن في كل الاحوال يجب ان نتغلب على هذه الصعاب


    اقوال على هامش الحوار :


    * الاستاذ نقد بدأ في افضل حال وكانت روحه المرحة حاضرة وقد دخل في حوار مطول مع الزملاء لام جون وايمن سنجراب ـ وهما من اصغر شباب الايام ـ حول ما يكتبون وما يرد في الصحيفة، وحينما تحدث عن مسألة الوحدة التفت الى الزميل لام متسائلاً : انت معانا ؟ فرد عليه لام بسرعة بديهة : مع التانين ! فضج الجميع بالضحك ..
    * قبل اجراء الحديث اشار نقد الى بعض الملاحظات وتساءل عن بعض الصحفيين ومواقعهم، واثنى على الدور الذى لعبته الصحافة خلال السنوات الماضية
    * وقد سألناه عن نشاطه السياسى فقال انه ينتظر حتى يفرغ من بعض الواجبات الاجتماعية المعلقة، ثم استطرد بالقول : انا اقابل مجموعة من قيادات الاحزاب باستمرار ونتفاكر
    * وجه نقد عدة اسئلة للمصور الفوتوغرافى فخرى يس حول طبيعة الكاميرات الحديثة والتطور الذى حدث في هذا المجال وحينما رد عليه موضحاً قال : هذا تطور كبير وصمت ..!!
                  

05-04-2005, 00:32 AM

محمد صلاح

تاريخ التسجيل: 12-07-2004
مجموع المشاركات: 1276

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صحيفة الايام تحاور السيد محمد ابراهيم نقد (Re: محمد صلاح)

    UP
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de