|
Re: إلى بشاشا إنسانا صادقا نبيلا.. (Re: Bashasha)
|
عزيزي بشاشا:
حين تم الإعتماد.. في سياق هذا البوست.. على آليات الخطاب الثقافي السائد داخل السودان.. كان ذلك إعتمادا.. في مجمل القول.. على أحد المناهج الحديثة.. التي تبدأ مقارباتها مما هو هامشي ومهمل لا يلتفت إليه أحد عادة على الرغم من تأثيراته الخطيرة في صياغة الرؤى للعالم وإعادة إنتاجها.. كما رأينا حتى الآن عبر وصف وتحليل لازمة الحوار محل الإهتمام (لا يفعل السوداني مثل هذا).
إلى ذلك أنصب الإهتمام.. من خلال الأزمة المشار إليها.. على دراسة الخطاب السائد لموقعه المركزي داخل ما أصطلح على تسميته ب(إشكالية الهوية) كعنوان دال على ماهية الأزمة الشاملة القائمة في السودان منذ فترة.
بيد أن طرحك الأخير يأتي بإضافة بالغة الأهمية.. وهي تعكس أحد الوجوه المكونة لهذه الأزمة كأزمة مركبة.. وهو ما يطلق عليه البعض مصطلح (الخصوصية التاريخية). وغياب هذا المبدأ.. ( الخصوصية التاريخية).. أوضعفه في رؤى الكثير من القوى البديلة أدى خلال العقود السابقة إلى توسيع الفجوة القائمة ما بينها والبنية التاريخية والإجتماعية مجال حركتها ومقارباتها المختلفة.. وهو ما أشرت إليه بقولك: (طبعا ده كلام غير مطروق ولاوجود له في المدخل الحالي للدراسات السودانية بحكم مرجعيتو الاجنبية، سوي غربية ممثلة في الماركسية كاطار عام لليسار، او عربية ممثلة في الاسلام السياسي، كاطار لليمين)..
وللحديث تكملة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إلى بشاشا إنسانا صادقا نبيلا.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
إن محالات المقاربة حرفيا لواقع تاريخي واجتماعي محدد بمفاهيم ومقولات منتجة في واقع تاريخي واجتماعي مختلف أومغاير.. لهو أمر أشار إلى خطورته في السابق العديد من الباحثين والمفكرين. ويكفي الإشارة.. هاهنا.. إلى ما أصطلح على تسميتهم ب(المنبوذين ماركسيا).. مثل لوكاتش واسحاق ديوتشر وغرامشي وألتوسير وغارودي وبولانزاس وفانون ومدرسة التبعية ممثلة في سمير أمين وتوماس سنتش وغيرهم.. أولئك المفكرين (الأفذاذ).. الذين مضوا في وصف وتحليل سياقاتهم التاريخية والإجتماعية بما يتناسب والجوهر الخاص لتلك السياقات.. مما وضعهم أمام سطوة تصورات الدولة السوفيتية السائدة آنذاك على نحو عالمي وجها لوجه.. فمثلا فانون في دراسته للواقع الجزائري أثناء الثورة ضد الفرنسيين أهمية أن تراعي الماركسية الإختلافات القائمة ما بين ظرف وظرف تاريخي واجتماعي مغاير.. عندما أشار إلى أن على الماركسية أن تتواضع قليلا حين يتعلق الأمر بالمستعمرات.. حيث إن المرء غني لأنه أبيض.. وأبيض لأنه غني.. وهو ما أشرت إلى جوهره أنت بقولك (في هذا النظام، الشرائح او الطبقات الاجتماعية بي مفهوم معطيات الثقافة الغربية، تشكل حلقات مغلغة ومنفصلة عن بقية الحلقات، حيث العضوية قائمة لا علي الكسب المادي كمافي الغرب، وانما بالتوارث، ابا اواما عن جد!)..
لي عودة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إلى بشاشا إنسانا صادقا نبيلا.. (Re: Bashasha)
|
عزيزي بشاشا:
إن جوهر الحديث يتلخص.. ها هنا.. في ضرورة إعادة النظر.. تحت سقف الأزمة الشاملة المركبة القائمة الآن.. وعلى نحو جذري.. في الكثير من الأساطير والأشكال والبرامج السياسية والإجتماعية القائمة.. بما يتناسب وإحتياجاتنا الأصلية.. وهو جهد يتطلب التركيز على أمرين في آن.. هما: المنهج الذي نقارب به معطيات الواقع التاريخي الاجتماعي وصلة ذلك بما تحدثه معطيات الثورة العلمية الثالثة منذ فترة على صعيدي المعلومات وتكنولوجيا الإتصال وما يصاحب ذلك من مفاهيم مثل "العولمة".. وتلك قصة أخرى.. على أني أرغب في تكملة الحديث لاحقا عن اللازمة محل الوصف والتحليل:
(لا يفعل السوداني مثل هذا)!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إلى بشاشا إنسانا صادقا نبيلا.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عبدالحميد،
احب انبه القارئ الي ان ذكرنا لي دور الاحتلال، "مش الحكم، حسب البرمجة" في صياغة شخصية الجلابي وذهنيته الماثلة، كخليفة وامين علي وديعة الاحتلال، المقصود به، فقط السرد والشرح، لااستخدام الاحتلال كشماعة وكبش فداء.
ابدا!
المسؤلية مسؤليتنا، والاحتلال فعل مافعل، من باب خدمة مصالحه، وبذلك فهو غير مسؤول امامناعن ماحدث، علي الاطلاق، الامن باب التحليل والرصد لفهم ماحدث.
لذا لزم التنويه.
بالنسبة لي مفردات الراسمالية وماشابه في مساهمتك اعلاه، اذكرك اخي العزيز، اننا لانفرق مابين اشتراكية او راسمالية الغربيين، علي الاطلاق، اللهم الا اذا تكتيكيا.
فانت بتميل الي استخدام مفردات ادوات التحليل الماركسي، الاوردتنا موارد التهلكة، علي مدي نصف القرن الماضي.
ياعزيزي خلينا نسمي الاشياء باسمائها:
اقلية الشماليين لوعندك مشكلة مع مفردة جلابة، هم طفل انابيب الاحتلال، مش الافندية عامة والراسمالية الطفيلية علي قولك.
ناس عبدالله ودسعد هم الاتو بالاحتلال، وكمكافاءة تم تنصيب الجعليين والشماليين عامة، كملوك علي عرش السودان المصري الانجليزي، بعد البرمجة لي حاسوب دماغو الالي، وفق استغلال شرود وحصيف لي مركب نقص وهم العروبة!
لذلك بي نفس الطريقة، الخواجة كان بيحبي "تمثيلا" في بلاط ال الميرغني كترياق مضاد لال المهدي، نجد الجاسوس شقير ياكل بي عقل الجعليين حلاوة، واصفا اياهم بسادة القبائل العربية، ليلهطو "العورا" الطعم، ويفضلو مغذوزين في سنارة شقير اللبناني الي هذا التاريخ!
لوماسذاجتنا، معقولة نصدق شهادة شامي اوكمان لبناني، حول عروبة السودان؟
ده كان ملعوب كبير او ضحك علي الدقون، انطلي علي امثال شبيكة عميد مؤرخي الجلابة، ليردد كما الببغاء خدعة شقير، لانها تلامس في دواخلو رغبة دفينة!
واضح اننا بنختلف جذريا، في مسآلة فهمنا لي طبيعة تركيبتنا الاجتماعية، وتعريف الشريحة المسؤلة عن انفاذ اجندة واهداف تركة السودان القديم.
من اسباب هذا، اصرارك علي اداة التحليل الماركسي ياحبيب، رغم الفشل الكارثي لهذه الاداة كما اوضحنا في نموذج نظرة الجعلي للنوباوي.
والان اترك المنصة لك!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إلى بشاشا إنسانا صادقا نبيلا.. (Re: Bashasha)
|
عزيزي بشاشا:
سأعمل على تأجيل الرد على ما أشرت إليه من أدوات تحليل ماركسي. وسأتابع عمل اللازمة.. في مرحلة الأزمة (مثلما يحدث الآن).. عند مستوى الأفراد الحاملين لها كرؤية للعالم.. أو طريقة حياة!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إلى بشاشا إنسانا صادقا نبيلا.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
إلى حين عودة أترك هذا النص من "الحياة اللندنية" للتأمل:
سؤال الهوية و... الشبيه <
>عصام عبد الله الحياة 2005/05/4
ان كثرة ما كتب عن الهوية أدى الى ما سماه جان بول سارتر ذات يوم «فلطحة» المصطلح، بحيث يتسع لكي يشمل العديد من الدلالات، على حساب دلالته الأصلية. لكن أحد اهم التحولات الأساسية التي حدثت في المحيط الاجتماعي السياسي، في العقد الاخير من القرن العشرين هو التحول من «الوحدة» إلى «التعدد». وصار التعدد والاختلاف هو الهدف المعلن، أما الوحدة فيعترف بها فقط من خلال النظر إلى الاختلافات أو من خلال وضع التمايزات في الاعتبار. والسبب في هذا التحول إنما يكمن في ما احتلته «الهوية» من أهمية متزايدة ومتنامية بفعل العولمة.
تزامن ذلك مع ظهور ثورات معرفية ومنهجية طاولت العلوم الانسانية بعامة والفلسفة تحديداً التي تمثل التيار الجوفي لهذه النقلة الكيفية اليوم. ففي كتابه «ما الفلسفة» عرّف جيل دولوز الفلسفة بأنها «صداقة المفهوم» ناقضاً التعريف التقليدي «حب الحكمة». وعلى رغم ان لفظة philia الاغريقية تعني الحب والصداقة معاً فإن الفارق بينهما كبير، فالصداقة تسمح بمسافة مناسبة تمكننا من رؤية الامور على حقيقتها لا الذوبان والاستغراق فيها أو الانفصال والانعزال عنها.
وهذه النقلة من «الحب» الى «الصــداقة» ومن «الحكمة» الى «المفهوم» هي جــوهر كل فعل نقدي والمحـــرك لكـــل نقد اليوم، ولم يعد ينظر الى المفاهيم من منظور «مع» أو «ضد»، الحـــب والكـــره، التوله والعــداء، الانصـــياع والـــرفض.
هذا من ناحية، من ناحية أخرى فقد انتفت صفة القداسة عن الكلمات لأنها لم تعد «حكمة»، ولا يوجد مفهوم مطروحاً للتداول والنقاش، بما في ذلك مفهوم الهوية ذاته، لا يطاوله النقد أو غير قابل للنقد.
صحيح اننا أميل الى التعددية والتنوع والاختلاف، أكثر من الاحادية والشمولية والتماثل، لكن المسألة ليست هذه الكلمات ذاتها وانما «عبادتها». وكما لاحظ رسل جاكوبي فإنها أصبحت كلمات «مقدسة» أو أريد لها ذلك، ومن يرفضها فسيحرق على خازوق تماماً مثلما أحرق جيوردانو برونو.
لم يسأل أحد أو يسائل نفسه: ما قدر التعدد والاختلاف في التعددية أو التنوع؟ أو ماذا تعني الهوية مثلاً في عالم اصبح يتسم بغياب خطوط المرجعية؟ خصوصاً ان العولمة لا هوية لها بل هي التي تحدد كل هوية؟ ماذا تعني كلمات مثل « تعدد» و»تنوع» و»اختلاف» أساساً؟
على عكس ما هو شائع، تكشف «صداقة المفاهيم» أن الامور تمضي من دون توقف نحو «التماثل» لا التعدد والاختلاف، وهنا مكمن المفارقة، وان شئت المراوغة، فهي تقر وتعترف بالتعدد والاختلاف والتنوع، ولكن من أجل إلغائه ودمجه في «وحدة» هي «وحدة معنى» أو «هوية مبنى».
ان منطق الهوية هو منطق الشبيه exemplar إذا استعملنا لغة دريدا في «سياسات الصداقة»، وهو منطق استعلائي يرفض الآخر وينبذ الاختلاف. دشن ليفيناس ومدرسة ما بعد الحداثة النقد الجذري لفكرة الشبيه اذ ان تحويل الذات الى موضوع او في التعامل مع الآخر كموضوع عمل تعسفي.
وسبق لإدوارد سعيد في كتابه «الاستشراق» الصادر عام 1978 ان نبه الى ان هذا التحويل للذات الى موضوع يحط من انسانية الآخر، وهو رفض لحقه في الوجود كإنسان له تاريخه وثقافته وطريقته في الحياة.
وهي الفكرة نفسها التي عمل دريدا على تفكيكها سواء في قراءته لأخلاق نيقوماخوس لأرسطو أو لصداقة شيشرون أو في نقده لكتاب مفهوم السياسة للفيلسوف كارل شميت، أو للمقال الافتتاحي لهيديغر إبان تسلمه عمادة جامعة فرايبورغ.
وهي فكرة أو تقليد لا يسود فقط الفلسفة اليونانية القديمة والفلسفة الاوروبية الحديثة ولكن ايضاً كل الديانات التوحيدية التي تمجد «الاخ» وتعلي مــن شأن «الاخـــوة».
وقد ربط أرسطو في «أخلاق نيقوماخوس» بين الصداقة والديموقراطية. فالمجتمعات الأبوية والدينية لا تسمح بالصداقة بل تخشاها. بل إن أرسطو يرى أنه حيث تسود الصداقة لا يحتاج المرء إلى العدالة. وحذر دريدا في كتابه «مارقون»voyoucratie من الديموقراطية المقبلة، التي تقوم على منطق الأخ والهوية والشبيه. يقول: «لا خطر على الديموقراطية القادمة الا من حيث يوجد الأخ، ليست بالضبط الأخوة كما نعرفها، ولكن حيث تصنع الأخوة القانون، وتسود ديكتاتورية سياسية باسم الأخوة».
وهو ما أكده مراراً من أن الدعوة الى الأخوة اليوم تلغي الغيرية وكل حق في الاختلاف.
ويرى ان اذا كانت هناك من اخلاق خالصة فهي تلك الاخلاق التي لا تبغي امتلاك الآخر لأن كل معرفة هي سيطرة. وهي الفكرة نفسها التي دافع عنها الفيلسوف ليفيناس حينما تحدث عن ضرورة الحفاظ على مسافة او قطيعة بين الأنا والآخر، فكل معرفة سلطة وكل سلطة عنف.
من هنا دعا الى أخلاق تتأسس على «الآخر» وعلى المسئولية تجاه الآخر وبلغه ليفيناس نفسه: على علاقة «وجه - وجه» وليس «كتف - كتف» التي تسود المجتمعات الاخواتية.
استاذ الفلسفة - كلية الاداب، جامعة عين شمس.
| |
|
|
|
|
|
|
|