|
|
 . حسن موسى في منبر الصحافة «2» الحروف هي واحدة من ظواهر الواقع السياسي!!
|
نواصل الجزء الثاني من حوار الصحافة مع د حسن موسي
د. حسن موسى في منبر الصحافة «2»
الحروفي هي واحدة من ظواهر الواقع السياسي!!
الذي يتحدث عن ثقافة سودانية مؤگد لديه مصلح
اعداد: عبد المنعم أبو ادريس
في الحلقة الفائتة قدم دكتور حسن موسى عرضا تاريخيا للظروف التي اطلق فيها مقولاته حول الهوية وارتباطاتها بالواقع السياسي والانظمة السياسية. وفي هذه الحلقة يجيب على جزء من اسئلة الحضور.
الياس المك: هل تؤمن بثقافة سودانية ام ثقافات سودانية ونحن سودانيون وهذا يكفي.
حسن موسى: ابدأ بالسؤال الاخير «نحن سودانيون وهذا يكفي» هذه عبارة جميلة جدا ولكن من الذي يقولها. الشخص الذي يطلق العبارة يطلقها وفق مصالحه، مثلا نحن الجالسين حول هذه الطاولة اذا كان بيننا ملياردير، فيصبح الموقف نحن لسنا سودانيين والفرق بيننا كم مليار دولار. ومن هذه الزاوية انا ارتاب في هذه العبارة. وهي غير بريئة وهذه الريبة تمتد لعبارة الثقافة السودانية. وفي السودان الناس يتحدثون اكثر من مائة لغة واشكالهم متباينة وطرق حياتهم مختلفة.. ولهذا عندما نتحدث عن الثقافة السودانية الجامعة السؤال جامعة لمن ومن هو الذي يطلق هذه العبارة؟ ولذلك فالذي يتحدث عن الثقافة السودانية بصيغة المفرد مؤكد لديه مصلحة في هذا.
احمد الصادق: أرجو ان تتحدث عن الذاكرة التي انتجت الحديث حول الهوية.
ـ انا اتحدث عن فترة السبعينات، لانني خرجت من السودان عام 1978م وخلال هذه الفترة حضرت الى السودان في اوقات قصيرة، ولست متابعا للاشياء بسبب هموم اكل العيش.
ولذلك ما نشرته في مجلة الثقافة السودانية في ذلك الوقت «شبهات حول الهوية» ونقدي لمدرسة الخرطوم، ان هذا الحديث له علاقة بالواقع السياسي في ذلك الوقت. وعندما وصلت فرنسا وجدت نفس هذه المناقشة ببعد آخر. وكنت عندما اعرض اعمالي واقول لهم انا فنان كانوا ينظرون لخلقي ويقولون انت فنان افريقي. وفي البداية كنت اظن هذا الامر برئ. ولكن بعد قليل اكتشفت انهم لديهم «Main Tream Art»وهو الفن الرسمي. ولديهم خانة اخرى للذين يأتون من خارج اوربا ويطلقون عليهم اسماء وفقا للمناطق التي جاءوا منها. وخانة الفنان عندهم لا تكون الا للقادم من داخل اوروبا ودرس تاريخ الفنون الاوروبية، فاجادلهم بقولي انا في كلية الفنون السودانية ودرست نفس البرنامج بذات المراجع. وتاريخ الفن الافريقي الذي تتحدثون عنه لم يكتب حتى الآن. ولذلك درست في كليتي بالسودان تاريخ الفن الاوروبي.
وتاريخ الفن الافريقي غير موجود. وماذا نفعل لان التاريخ هو الذي نقرأ به الحاضر. وان لم يكن موجودا ماذا نفعل؟
نمسك تاريخ الفن الاوربي الذي درسناه ونقرأ به حاضرنا. واذن نحن طرف في الثقافة الاوروبية ليس لاننا اخترناها ولكن لانها فرضت علينا بقوة السلاح. والمدارس في زمن الانجليز كانت مثل الكلية الحربية تعمل بنمط عسكري. وعلمونا ماذا نلبس وكيف نمشط شعورنا وقلبوا كل مراجعنا وتعلمنا الذوق الاوروبي.
وصرنا طرفا في الثقافة الاوروبية ولكنه الطرف المظلم وهو مستبعد.
وهذا العزل بموجب انني قادم من افريقيا هو تنكر لكل قيم العدالة والمساوة. وهي مباديء في صلب حركة الحداثة. وبهذا التنكر للمباديء التنويرية للحداثة هم ضد الحداثة. وانا الوريث الشرعي للحداثة. وبقدر جهدي في بناء التقدم والحرية والديمقراطية، اصبح وريثا شرعيا للحداثة. وهي ليست ملكا لاحد والاوروبيين، فلديهم حداثتهم التي تتفق مع مصالحهم. ونحن حققنا الحداثة وصارت ملكا لنا. وعندما يقول لي الفنانون بأن هويتك اوروبية احكي لهم قصة «البصيرة ام حمد» والبصيرة ام حمد هي الخبير الاجنبي الذي ارسلته لنا اوروبا.. وعندما قلنا له كيف نخرج هذا الرأس قال اقطعوه ثم «كسروا البرمة».
وبهذه العملية كسرت الدولة وهي التي بنت الخدمات، لانها تقهر المجتمع وتصنع مجتمعها فوقه.. وهذا محصلة الحاقنا بحداثتكم. ولكن بشرط الا نصنع اشياءنا ولذا يعطوننا اشياءً مصابة بالعرج.
فأرد عليهم بقولي إنكم بحر، في هويتي كل سوءات افريقية. ولكن في ذات الوقت انت هويتك اشنع من هويتي.. والدليل قانون منظمة التجارة الدولية الذي يحيل كل الاشياء الى سوق وتتحول الخدمات مثل التعليم والصحة الى سلعة. وهذا يفكك كل نظام الضمان الاجتماعي، مما يهدد كل المكاسب التي بناها الاوروبيون عبر سنوات. ومن هنا فهوية هذا الاوروبي مهددة بعد انتهاء حدود الدولة الوطنية. ومن ثم يزحف نظام الشركات هذا نحو العدالة والمحاكم.
والامر مضى اكثر من ذلك، انك لا تعرف ما تأكله لان الذين يصنعونه يضعون فيه كثيرا من المواد الكيميائية. وحتى الفوارق بين الرجل والمرأة تلاشت. وصار الحديث عن زواج المثليين. واذا تساءلت عن هذا يأتي ردهم ان الزواج عندنا في اوروبا مبني على فكرة الخيار الحر وفقا للحب. وبهذا المعيار ينتشر زواج المثل.
ووفق كل هذا هم معنا في نفس تهديد الهوية «وكلنا في الهم شرق» ولكنهم لا يريدون الاعتراف.
والحداثة صارت اذا كانت هناك مشكلة لشخص واحد فهي لكل العالم.
محمد كشان: من خلال مشاهداتي، حسن موسى ينتمي الى الحروفيين، رغم نقده لهم، كما ان الحروفية تنتمي الى البعد العربي والاسلامي.
ـ ما أقمه في الرسم تهمني الصورة وعلاقاتها. وهذه الصورة هي صورة العالم والوجود. وانا طرف في هذا الوجود واي شخص عندما يرسم صورة تحدد موقفه من صورة الوجود. ومن هذه الزاوية فعلاقتي مع الصور اسعى الى جعلها واسعة ومفتوحة. ومن نفس هذه الزاوية عندما انتقدت الحروفيين لانهم اغلقوا انفسهم في صور معينة ويقولون ان الحرف العربي فيه كل شيء وهذا حرمان لانفسهم من الصور الموجودة خارج اطار الحرف العربي والتقليد المحلي.
وانا افتكر ان التجربة الحروفية مبذولة لكل العالم وليست مقصورة على العرب والمسلمين.
وانا ابحث في الحروفية الصينية وفي حروفيات كل الآخرين. وكل ميراث الانسانية ملك لي. واتعامل معه كما اشاء. والعالم بكل ما فيه مبذول للحروفيين.
والحروفيون مغلقين انفسهم هنا، لان المسألة فيها مصلحة سياسية للذين يقومون برعايتهم. وخلال الاربعين عاما الاخيرة سواء كان الامر في العراق او السودان او مصر او حتى الجزائر فالفنانون الذين اختاروا الحروفية كان هذا الاختيار من واقع مصلحة.
هي أولا وأخيراً خيار سلطات. والموجود الآن في العالم العربي هو الانظمة المستمرة بقوة السلاح. ولذلك فهي تقهر الشعوب في العالم العربي والاسلامي، لانه ليست لديها محتوى ايديولوجي قوي، لذلك تجد لها قليلا من الشعراء او الفنانين، فانها تدعوهم وتقول لهم نحن سنعمل نظرية في الثقافة رسمية. وهذا هو الوقود الذي به تدور المهرجانات والاحتفالات والنشاطات الموسمية التي توهم الناس بوجود ثقافة. والثقافة لا تكون الا بوجود حوار عميق في كل الاسئلة والقضايا. ومن هنا فالحروفيون ما هم الا عواقب الانظمة السياسية.
وهذا لا يعني ان العمل الفني في الحروفية مدان من حيث المبدأ. وانا اهتم بالحروفية كواحدة من المناطق التي ابحث فيها عن صورتي والهامي. وانا اعتقد ان الخط العربي منطقة غنية جدا ولا اقفل نفسي هناك، انا اعمل في حروفية الصين ورسم عصر النهضة وغيرها. وقبل فترة كانت لدي صور لقديس الانجيل، حيث عرضت صورا للقديس جورج. وفي الاثر القديس يقتل التنين. وكتبت عليها القديس جورج يهرس التنين ومتحف بغداد. وسألني صديقي هل أنت مسلم؟ وعندما أجبته بنعم قال لي ما علاقتك بأشياء المسيحيين هذه؟ فقلت له من قال ان هذه أشياء المسيحيين؟
وقناعتي إن التجربة الحروفية واحدة من ظواهر الواقع السياسي.. ولكنه منطقة بحث وعمل.
نواصل.
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
ahmed haneen
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست