|
|
 الفشل الكلوي في السودان .. الضحايا بالالاف والسبب المواسير !!
|
الموت القادم عبر «المواسير» ......!!؟
أجراه: أمير عبد الماجد
بمستشفياتنا لا يحتاج الى كثير عناء للوصول الى نتائج بشأن تزايد اعداد المصابين بمرض الفشل الكلوي.. فالمقاعد المخصصة للغسيل بكل المراكز (العامة والخاصة) لا تكاد تخلو ابدا من مريض يجلس عليها .. كلهم هنا .. رجال ونساء واطفال .. مختلف الاعمار والسحنات .. ما الذي اصاب البلاد حتي يتقاطر معظم سكانها الي كراسي الغسيل ..!؟ ماهي الاسباب الكامنة وراء انتشاره واصابة هذه الاعداد المتزايدة ..؟! ماهو الرابط بينهم او لنقل المؤثر الذي يجمعهم غير الفشل الكلوي وكرسي الغسيل..؟!
المشهد
بعض احياء الخرطوم تشرب مياه ملوثة
سامي سيف الدين شاب نحيل في عقده الثالث بدا شاحباً وهو يجلس امامي على كرسي بلاستيك بمستشفي بحري (كنت موظفاً واقبل سيدي ان نصطحب كلمة كنت معنا) .. فأنا اجمالاً كنت وكانت لى طموحاتي مثل خلق الله وهي طموحات قتلتها هذه الماكينات .. حياتي كلها تحولت الى كلمة (غسيل) ولا يجد سامي سبباً واضحاً لما اصابه قال(شعرت بآلام متقطعة .. تأتي وتذهب من الصعب تحديد مكانها .. كانت بين الجانبين والظهر .. مع عرق وسخونة في البول) واضاف (في المرة الأخيرة ودفعة واحدة اخبروني أنه الفشل الكلوي.. وقالوا ان المياه هي السبب) .
حالة سامي وحالة العشرات من الرجال والنساء الذين التقيتهم بمستشفى بحري ومستشفي ابن سيناء وغيرها بمراكز الغسيل تجعلني مطالبا بتعريف المرض قبل ان نذهب الي السبب الذي قد يربط بين كل هؤلاء.
يقول د . عبد الرحمن السادة خبير امراض الكلي ... الفشل الكلوي المزمن او الفشل بصورة عامة هو قصور يحدث في عمل الكلية ووظائفها مما يؤدي الي اختلال عام في جسم الانسان اما الفشل الحاد او الـ (chronic yenalfailvre) فهو محصلة نهائىة لكثير من الامراض التي تصيب الجهاز البولي وتظل مهملة العلاج او غير ظاهرة للمريض وربما كانت العبارة الاخيرة لدكتور عبد الرحمن هي السبب في تسميته بالمرض الصامت كما عرفته د . وفاء عبيد الباحثة والناشطة في مجال الكلي هذا المرض يبدأ صامتا ويظهر على شكل اعراض في فترات متباعدة .. الم غير واضح من أين يأتي .. هو عموما بين الجنب والظهر وحمى .. ثم يأتي المرض).
في العام 2005م كان عدد المترددين علي مراكز الغسيل الفان وخمسون مريضا حسب د. وفاء استنادا الى بحث اعدته عن الموضوع افرز مفارقة بين اعداد المرضى الذين ثبت انهم مصابون بالفشل الكلوي بالمستشفيات المحلية من واقع محاضر الفحوصات وبين الذين توافدوا على مراكز الغسيل تقول د . وفاء : «من ثبت اصابتهم بالفشل الكلوي خلال العام 2005م حوالي تسعة آلاف مريض ومن ذهبوا الي مراكز الغسيل فقط الفان ومئة مريض .. اين ذهب البقية وهم حوالي ستة آلاف وتسعمائة مريض» هؤلاء لم يثبت حتي الآن انهم تلقوا جلسات غسيل بأى من المراكز.
ماهي الاسباب المحتملة .. ويصعب هنا ان نشير مباشرة الى المياه او الصرف الصحي مثلا وإن كنا سنتناولها ... يقول د . عبد الرحمن لن اتحدث عن المياه وارتباطاتها مع الفشل لكنني سأشير هنا الى اشياء نتعاطها يوميا وقد لا نفكر إن لها علاقة مباشرة باصابات الفشل الكلوي كتناول الاغذية الفاسدة او المخلوطة بمواد كيماوية او منتهية الصلاحية ، واضاف كنا اعددنا بحثا قبل عامين وضح من خلاله ان البعض يضع بودرة كيماوية معينة على الفول والطعمية حيت يقلل من الزمن الذي تستغرقه في النضج وهي مادة ضارة تستخدم اساسا كمكون من مكونات المنظفات الصناعية وتسبب الفشل الكلوي والسرطان).. ومن بين الاشياء التي نتعاطي معها يوما وتحدث آثاراً خاصة بالفشل الكلوي الاستعمال المتكرر لزيوت الطعام في انضاج الطعمية مثلا يقول (الاستعمال المتكرر وطوال اليوم لزيوت القلي يؤدى الي تلفها ويصبح لونها اسود فاحم تنتج عنه مركبات كيميائية ضارة مثل البوليمرات والمركبات الهيدروكربونية الحلقية وهناك المواد الغذائىة التالفة التي يسربها التجار الي صبية صغار يبيعونها على الطرقات باسعار زهيدة.
مجمل هذه الاشياء قد يؤدي الي الفشل الكلوي بجانب اشياء اخرى نتعاطى معها بصورة عادية ويوميا كموتورات رفع المياه هذه ايضا اثبتت دراسات نوه لها د. عبد الرحمن انها تجرف في طريقها الى السطح كميات هائلة من الكائنات الطفيلية الملتصقة بجدران المواسير كما ان ضغط الهواء يعمل عادة علي تزايد تفاعل الكلور مع مواسير الرصاص والبلاستيك ...
واتهام سامي سيف الدين المصاب بالفشل الكلوي وهو من ابناء مدينة شندي يظل قائما قال : «الاطباء ذكروا امامي اكثر من مرة حديثا حول تلوث المياه» .. واضاف «مياه الشمالية ملوثة ويقال ان بعض النفايات النووية دفنت قبل اعوام طويلة بالمنطقة وهي السبب في تزايد اعداد المصابين بالفشل الكلوي والسرطان».
د . عبد الرحمن قال : «لا استطيع نفي التهمة عن المياه وما ذكره سامي عن تلوث مياه الشمالية وتلوث مياه الخرطوم سمعته لكني لا املك دليلا عليه» وقال « «هناك مياه ملوثة اشعاعيا بفعل الطبيعة او بفعل فاعل .. لا ادري» وقالت د . وفاء «اصابع الاتهام تشير الي المياه .. لدينا مياه شرب ملوثة وذات ملوحة عالية».
الاجابة على سؤال .. هل مياهنا ملوثة .. عمل يقتضي استشارة شخص متخصص في الجيولوجيا لذا اثرت ان التقي د . فتح الرحمن برير وهو الى جانب تخصصه مهتم بالموضوع ومن المفترض ان يقدم اليوم ورقة تتناول مصادر تلوث المياه بقاعة الشارقة ضمن فعاليات ورشة العمل التي تقيمها جمعية زارعي الكلي ومنظمة (هيلا هلب) بالتعاون مع المركز القومي لامراض وجراحة الكلي.
رأى د. فتح الرحمن ان مياهنا ملوثة ولدي الرجل اسبابا قال انها مرتبطة بـ (السايفونات) والتأثير البيئى السالب للانسان علي موارد المياه ..!!
هل هناك تلوث اشعاعي ؟! يقول د فتح الرحمن «هناك حديث وسط الجيلوجيين عن حادثة اكتشفت في منطقة جبال النوبة حيث وجدت بعثة قادها د . بدر الدين وهو موجود حاليا بجامعة الخرطوم تلوثا اشعاعيا هناك) واضاف كان تلوثا طبيعيا بفعل تفاعل المياه مع الوسط الجيلوجي والمعادن التي قد تكون موجودة بالمنطقة كاليورانيوم مثلا ، وروى لي كيف ان البعثة التقت زعيم القبيلة التي تقطن بالمنطقة واخبرته ان الوضع خطير والمياه ملوثة وقد تصيب الناس هناك بالفشل الكلوي والسرطان وكيف اجاب الرجل بهدوء بعد ان سألهم متى يموت المريض بالفشل الكلوي او السرطان واخبروه ان المسألة بين (6 ــ 7) سنوات .. قال (أن يموت الانسان بالفشل الكلوي أو السرطان بعد سبع سنوات خير من أن يفار ق الحياة بعد اسبوع بسبب العطش ..!! وعن شائعة تلوث مياه الشمالية ونهر النيل قال (لم يثبت حتي الآن تلوث المياه هناك اشعاعياً رغم أن فريقا من الطاقة الذرية ذهب الي هناك وفحص المياه .. وجدها سليمة .
ماذا يحدث للخرطوم إذن .. هناك اصابات حسب د . وفاء عبيد وحسب البحث الذي اعدته من السكان الذين تصلهم مياه الشرب من الابار الجوفية ومن النيل على حد سواء ..؟! ... يقول د. فتح الرحمن (دعني اشرح لك الطبيعة الجيلوجية لمنطقة الخرطوم فنحن نملك خزانات للمياه الجوفية علوي وسفلى وبينهما طبقة سميكة .. هذا هو الوضع الطبيعي لكن الواقع يقول ان الطبقة السميكة غير موجودة بعض المناطق والخزانات مرتبطان ببعضهما البعض ويأتي احدهم ويحفر سايفون يصل الي الخزان الاول .. ستظهر المياه ويحدث تلوث بكتيري خطير جداً ) وقال : «هذا الخطر موجود الآن بمناطق العمارات والمعمورة ومنطقة الحديقة الدولية بالخرطوم والخطر قد يمتد خلال السنوات القادمة الى مدينة الخرطوم كلها» واشار الى نقاط هامة جدا كالخطر الذي تعيشه منطقة شرق النيل .. قال : (هذه المنطقة تعاني اشكالات طبيعة قاتلة فالمياه هناك بها كاربونات وما نسميه بالمنجزات التي تتفاعل وتزيد من كمية الاصلاح في المياه بنسب اعلي من التركيبة المعمول بها في منظمة الصحة العالمية واعلى حتي من مقاييسنا هنا رغم ان الحد المسموح به في السودان اعلي من مواصفات الصحة العالمية) .
مياه النيل ما عادت نظيفة .. قال د . عبد الرحمن (هناك اشكالات وملوثات بيئية كبيرة في النيل) وهي ملوثات عندما طالبت د . فتح الرحمن برير بمثال لها قال (اذهب الي النيل وستجد عشرات السيارات تغسل هناك) وقال انهم اجروا بحثا اثناء فترات الفيضانات فوجدوا ان نسبة الطمي في الميا ه عالية جدا قال (الاثار المباشرة من الطمي على الكبد عالية) واضاف (هناك معالجات المياه التي يضعها الاخوة في ادارة مياه الولاية على الماء لتنقيته واكسابه اللون والطعم .. احيانا لا تتم هذه العملية بصورة علمية ليصبح الناتج مياه نسبة الكلور فيها كبيرة) وقال (يفترض ان تعمل ادارة المياه ومن خلفها الدولة وفقا للاشتراطات التي تحفظ صحة المواطن لكن ما رأيك ان زميلة لنا د. مها عبد الغفار اجرت فحصا لمياه الماسورة التي نشرب منها المياه فوجدتها مليئة بالبكتريا.
هناك مؤشرات اذن .. اغذية ومكسبات تستعمل في (الفول والطعمية) وتلوث في مناطق كالعمارات والمعمورة ناتج عن (السايفون) واشكالات في النيل ومشكلة كبيرة في المياه الجوفية .. ومياه المواسير من المفترض ان نطرحها على بعض الجهات ونصطحب المؤشرات .. فسننتقل مع بحث د . مها .. الى من المسؤول عن تلوث المياه التي نشربها ؟! وهل هي السبب فعلاً في تزايد معدلات الاصابة بالفشل الكلوي .. ؟! وما الحل ..؟!
نقلا عن الصحافة العدد 4600 الخميس 30 مارس 2006
|
|
 
|
|
|
|
Faisal Al Zubeir
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست