نظرة جينية لموضوع الهوية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 08:46 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-13-2006, 08:26 PM

Yaho_Zato
<aYaho_Zato
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نظرة جينية لموضوع الهوية

    نظرة جينية لموضوع الهوية

    هذه محاولة للنظر لموضوع الهوية السودانية من زاوية مختلفة بعض الشيء، وهو الموضوع الذي استغرق تناوله سنينا طويلة بين السودانيين، بتعقيداته وتبعاته.. وهي محاولة، رغم ابتعادها عن العوامل الثقافية، التاريخية والعقيدية واللغوية والأيدلوجية بصورة عامة، إلا أنها لا تنفي تأثير هذه العوامل على مشكل تعريف الهوية في السودان، في مختلف مراحله وتجلياته.. غير أن تعديد زوايا النظر إلى هذه المشكلة يساهم بشكل إيجابي، في زعمنا، في محاولة استجلاء الأمر بصورة أكمل..

    في عددها الشهري لمارس 2006، قدمت مجلة الناشونال جيوغرافيك (National Geographic)، لموضوع الغلاف، مقالا علميا رصينا وزاخرا، كعادة المجلة.. الموضوع يتناول، بصورة عامة، مسقط رأس الجنس البشري المعاصر (Homo Sapiens)، أي الجزء من الأرض الذي ظهر فيه لأول مرة، ومن ثم رحلته على سطح الكوكب، بجميع أصقاعه، ليصيّره آهلا به في قاراته الخمس*..

    المقال يرتكز على خلاصة الأبحاث العلمية المعاصرة في مجالي البيولوجيا والأنثروبولوجيا.. وهو يحاول عبر هذه الركيزة تناول الخطوط العامة لرحلة استغرقت عشرات الآلاف من السنين على سطح هذا الكوكب..

    نقطة البداية هي أفريقيا، حيث تشير الأبحاث إلى أول ظهور للجنس البشري المعاصر.. يقوم المقال بعدها بتقصي ثلاث مناطق في المساحة الشاسعة لأفريقيا، إحداها هي صحراء الكالاهاري، في جنوب القارة، حيث تعيش لليوم شعوب السان (The San People) الذين استطاعوا، وحتى وقت قريب جدا، أن يحافظوا على نفس الصيغة العامة لمجتمعاتهم وأساليب عيشهم لآلاف السنين (بما في ذلك اللغة التي تعتبر، بخصائصها المتميزة، من أقدم اللغات التي عرفها الجنس البشري على وجه الأرض).. والمنطقة الأخرى هي منطقة شعوب البياكا الأقزام (Biaka Pygmies) في وسط أفريقيا.. أما المنطقة الثالثة فهي حيث تتواجد بعض القبائل من شرق أفريقيا.. شعوب السان وقبيلتين من قبائل شرق أفريقيا يشتركون في وجود تلك الخصائص المتميزة في اللغة**.. شعوب هذه المناطق الثلاثة هم أكبر المرشحين، حسب الأبحاث، لأن تكون أول مجموعة خرجت من أفريقيا منهم..

    ويشير المقال لأن أول رحلة خارج أفريقيا قامت بها مجموعة بسيطة العدد (بضع مئات تقريبا)، ومن ثم صارت هذه المجموعة البسيطة الأسلاف الشرعيين المشتركين لكافة شعوب الكرة الأرضية اليوم، خارج أفريقيا.. بعد عشرات آلاف السنين من الترحال المتواصل على مدى المعمورة..

    ومن أكبر الأسانيد التي تعتمد عليها هذه النظرية الأنثروبيولوجية هي الخريطة الجينية لشعوب العالم اليوم.. حيث تشير الدراسات الجينية إلى أن أكبر قارة اليوم، من حيث التنوع في المعالم الجينية لسكانها من البشر (Genetic Markers)، هي أفريقيا، القارة الأم.. أما بقية شعوب العالم، فإن الملامح الرئيسية لمعالمها الجينية المعاصرة (جميعها) تعود إلى نسبة بسيطة من الخصائص الجينية المتوفرة في القارة الأفريقية اليوم! أي أن أفريقيا، في تنوعها الجيني، تفوق جميع قارات العالم.. أكثر من ذلك، فإن المعالم الجينية للشعوب الغير أفريقية لا تعدو كونها جزءا من المعالم الجينية الموجودة في أفريقيا، إذ ليس هناك معلما جينيا أساسيا في البشر المعاصرين، في جميع أنحاء المعمورة، لا تعود أصوله لأفريقيا.. يقوم المقال بعرض صورة توضيحية لهذا الأمر، تبرز فيها خريطة العالم مع وجود نقاط ملونة فيها ترمز للمعالم الجينية الأساسية في الـ(DNA) البشري.. من توزيع هذه النقاط، يظهر جليا أن التكوين الجيني لكافة شعوب العالم خارج أفريقيا آت من جزء بسيط من التكوين الجيني العام لشعوب أفريقيا..

    (Diverse From the Start --- The diversity of genetic markers is greatest in Africa (multicolored dots in map), indicating it was the earliest home of modern humans. Only a handful of people, carrying a few of the markers, walked out of Africa (center) and, over tens of thousands of years, seeded other lands (right). “The genetic makeup of the rest of the world is a subset of what’s in Africa,” says Yale geneticist Kenneth Kidd.)***

    بعد ذلك تصبح الاختلافات الماثلة أمامنا اليوم في سحنات البشر وعموم ملامحهم حول الأرض عبارة عن خصائص مكتسبة من البيئات المغايرة، تم دخولها تدريجيا في التركيبة الجينية عند الشعوب، ومن ثم توارثها، عبر فترة مديدة من آلاف السنين..

    وبعد هذا التلخيص الملخص، نتأمل قليلا في بعض المفارقات التي تسود عالمنا اليوم.. خصوصا في أرض السودان.. هذه الاكتشافات العلمية تواجه الكثير من اللغط المتوارث حول مفاهيم النقاء والاستعلاء العرقي عند شعوب العالم اليوم.. خصوصا عندما نسوق الأمر إلى نهاياته المنطقية! ومن عجب أن الكثير من أهل السودان اليوم، وهم يعيشون في منطقة مرشحة علميا لأن تكون أصل جميع البشر المعاصرين خارج قارتهم (شرق أفريقيا)، لا ينفكون يحتالون لأنفسهم الحيل الثقافية للتخلص من وصمة عرقية، يرون فيها ما هو أقرب لوصمة العار! في حين أن هذه الوصمة تحمل الجذور الشرعية لكل شعب آخر يسعون للإنتماء إليه، وجدانيا وعرقيا، بشتى السبل..

    عجبا لقوم يزدرون أصولهم الأولى، السابقة، ومن ثم يفاخرون بأصول لاحقة! إن صح، جدلا، زعمهم في الانتماء لتلك الأصول اللاحقة.. الأمر برمته يصبح من المضحكات المبكيات.. ويمكننا أن ندير البصر في كافة أرجاء الأرض اليوم، لننظر إلى دعاوي الاستعلاء العرقي المختلفة، أيا كانت، لنجد نفس الصيغة المضحكة المبكية.. خصوصا عندما نسوق الأمر إلى نهاياته المنطقية!

    ونعود لأرض السودان، حيث تصبح الهوية الأفريقية هي الأرضية الوحيدة المشتركة الممكنة ولا مناص عنها، من هذا المنظور.. غير أن تعريف الهوية الأفريقية نفسه يصبح بحاجة لإعادة نظر، عند الكثير.. نحن أمام هوية تنطوي تحتها، في الأصل، جميع الهويات العرقية في العالم.. أكثر من ذلك، فإذا قصرنا النظر على سكان أفريقيا المعاصرين وحدهم، فإن التعدد العرقي عندنا هو الآخر لا يحتمل سوى أن يكون معنى الهوية الأفريقية، من الناحية العرقية، هو أوسع معاني الهوية شمولا، وأكثرها قابلية للتنوع والتعايش..

    لنأخذ مثالا بسيطا وساذجا.. إذا نظرنا، مثلا، إلى دعوى الهوية العربية (العرقية) التي يذود البعض عنها اليوم، في السودان، ذود الغيور على عرضه وماله، في مواجهة العنصر الأفريقي (قليل الشأن عند المقارنة بالعنصر العربي.. افتراضا)، فإن الأمر، على أية حال، يحتمل سبيلين.. أولهما هو أن هناك هجرة معاكسة قد جرت في القرون القليلة الماضية، عادت فيها مجموعة من البشر إلى أفريقيا، وعادت للاختلاط بأهلها، بعض أن كانت قد رحلت منها، بداية، منذ سنين مضت.. أما ثاني السبل، وهو الأرجح، فهو أن العنصر الأفريقي الذي لم يهاجر، منذ البداية، هو العنصر الغالب في سحنة هؤلاء القوم، كما قد كان دوما هو العنصر الغالب في المنطقة.. لو اتخذنا أيا من السبيلين، فإن التفاصيل المزعومة المتشاكسة والمتزاحمة في واقع السودان المعاصر اليوم تصبح أقرب للاعتباط من أن تكون ذات سمة جادة وعميقة.. خصوصا عندما نسوق الأمر إلى نهاياته المنطقية!

    عند النظر من هذه الزاوية، فإن قضية الهوية (الثقافية) تصبح ناتجا لصيغة مكتسبة حديثا، في جانب، ومحبوكة ومصنوعة صناعة في جانب آخر، لأغراض تتصل، في معظمها، باعتبارات نعرات تاريخية حديثة، وتشرنق فكري ضيق، وعداء مع البيئة الطبيعية لا مصدر له غير الخوف الناتج عن الجهل.. حيث أن البشر قد اعتادوا الخوف مما يجهلوه.. وهناك أغراض أخرى تتعلق بعلاقات الانتاج في البيئة، والرغبة في السيطرة على مصادر الكلأ ورقاب العباد فيها، حيث تخرج الدعاوي التي تحاول أن تدعم وتؤطر هذه الرغبات، وتنظر لها، بصورة تبدو على قدر من الوجاهة والارتكاز الفكري.. رغم أن البديهة المعاشة قادرة، في تجلياتها، أن تفضح الغرض من وراء مثل هذه الدعاوي.. عند المحكات.. وهو ما نراه اليوم ماثلا أمامنا، عيانا بيانا، في بلاد السودان.. في جميع أطرافها..

    ورغم أن الأمر اليوم أكثر تعقيدا بكثير مما هو عليه في عالم الجينات، إلا أننا، في النهاية، ورغم اعتبارنا لهذا التعقيد، لا نملك إلا أن نرى أن هذا التعقيد إنما هو ناتج مستحدث، ومصنوع، تماما كالأوثان التي يبنيها الناس بأيديهم، ومن ثم يعبدونها ويتقربون لها، في ذاتها، بذبح القرابين وبذل الثمين من وقتهم ومالهم، طلبا للعون والشفاعة، في حين أنها صنع أيديهم منذ البداية (هذه الصورة لا تتطابق، عادة، مع الفهم العام الموجود عند أشكال الوثنيات المعاصرة، ولا نقصد هنا الاستهزاء بهذه المعتقدات، إذ أن تناولها أعمق بكثير من هذا التبسيط).. هذه التعقيدات الثقافية (لغوية، عقيدية، تاريخية، أيدلوجية) هي، في النهاية، أوثان تستند في سلطتها إلى مسلمات صماء ترفض التغيير، لا لسبب سوى لخوفها من التغيير..

    الإنتاج الإنساني الثقافي، بطبيعة الحال، مليء بما يستطاب، فكرا وشعورا، عند كل الشعوب.. غير أنـّا اليوم نشهد استعلاء ما لا يستطاب من هذا الإنتاج (خصوصا عند أهل الثقافات المحظية بالسيطرة السياسية والإعلامية) للدرجة التي ألحقت وبالا على الشعوب، صانعة هذا الإنتاج، للدرجة التي راح ضحيتها الملايين، حسا ومعنى، في السودان وفي العالم، جراء غاية تبدو ضئيلة، مبهمة وخرقاء بإزاء قيمة الإنسان، كمجرد إنسان، فردا ومجتمعا..

    لهذا يكون الحديث اليوم عن الأولويات البديهية، البسيطة الساذجة، ليس بالنافلة، إذ أن هذه الأولويات قد غابت عن الساحة الفكرية، لدرجة كبيرة، لتفسح مجالا للثانويات.. نتأمل في هذا الواقع المضحك المبكي: يشترك جميع البشر اليوم، في تكوينهم الجيني، في نسبة 99.9% من الخريطة الجينية.. ما بقي (وهو الجزء من الألف) هو المسؤول عن كل أشكال الاختلاف الظاهر بين البشر+.. معظمنا اليوم ترك كل الألف، وانحصر نظره، جزعا، إلى ذلك الجزء الواحد منه.. غياب الأولويات هنا يقف معبرا عن نفسه بطلاقة..

    وفي المحصلة، فإنه ليس هناك من اعتبار لغوي، أو عقيدي أو تاريخي أو أيدلوجي، فوق اعتبار قيمة الإنسان، أيا كان.. ولعله آن الأوان لكي يعود إلى مقدمة الأولويات الفهم الذي لا يعطي هذه المنتجات الثقافية قيمة إلا بقدر ما تعطي هي لقيمة الإنسانية اليوم.. إذ أنها (أي هذه المنتجات) لا تقوم إلا مقام الوسيلة من الغاية بالنسبة لهذه القيمة.. والغايات الصحاح لا تدرك إلا بالوسائل الصحاح، كما هو المبدأ الأخلاقي الذي اقتربت منه البشرية اليوم بعد طول عناء وتجربة..

    إضافة لذلك، يقدم نفس المقال نبذة قصيرة عن مشروع ضخم، ومعاصر، لدراسة جينية تشمل مراكز متعددة في قارات العالم الخمس.. اسمه "المشروع الجينوغرافي" (The Genographic Project)، ويهدف إلى المزيد من تجميع وتحليل الخصائص الجينية لسكان العالم (بنسبة تصلح لتمثيلهم) لاكتشاف خط الرحلة التي سلكته الشعوب التي انتهى بها المآل من أفريقيا إلى أصقاع الأرض المختلفة، بتفصيل أكثر، وربط المجموعات المعاصرة ببعضها عبر خط هذه الرحلة الطويلة++.. وكخدمة فرعية، ومتناسقة مع الخط الأساسي للمشروع، تقوم بعض مراكز هذا المشروع اليوم في الولايات الأمريكية بإجراء فحوصات شخصية للجينات (حسب الطلب الشخصي مقابل تبرع مادي لدعم تكلفة المشروع) يمكن من خلالها استقصاء الأصول العرقية للشخص المتبرع، على المدى القصير والعام (أي دون تفاصيل دقيقة، لعدم سماح الوقت والجهد الذي يصرف للغرض الأساسي للمشروع).. نعتقد أن هناك حوجة لمثل هذه الخدمة الفرعية في أرض السودان اليوم، فهي يمكن أن تفك حيرة (أو تعنت) الكثير من المصابين بالهوس العرقي في السودان.. لمصلحتهم ومصلحة من حولهم من البشر.. رغم بعض التوجس مما يمكن أن ينتاب بعض هؤلاء إذا أتت الفحوصات بغير ما تشتهي أنفسهم، وبغير ما شبّوا وشابوا عليه من الدعاوي، حتى صدقوها..


    قصي همرور
    مارس 2006


    *James Shreeve. “The Greatest Journey”. National Geographic Magazine – March 2006. Page 60.
    ** Same Article. Page 63.
    *** Page 63 (with illustrating map on the same page).
    + Page 62.
    ++ Page 71.
                  

العنوان الكاتب Date
نظرة جينية لموضوع الهوية Yaho_Zato03-13-06, 08:26 PM
  Re: نظرة جينية لموضوع الهوية Yaho_Zato03-14-06, 09:42 AM
    Re: نظرة جينية لموضوع الهوية عبد الله عقيد03-14-06, 10:22 AM
      Re: نظرة جينية لموضوع الهوية Yaho_Zato03-14-06, 09:55 PM
  Re: نظرة جينية لموضوع الهوية Omer Abdalla03-19-06, 00:24 AM
  Re: نظرة جينية لموضوع الهوية Mohamed Abdelgaleel03-19-06, 06:39 AM
    Re: نظرة جينية لموضوع الهوية Yaho_Zato03-20-06, 10:18 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de