هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 01:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-13-2006, 04:54 PM

محمد ميرغني عبد الحميد
<aمحمد ميرغني عبد الحميد
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 1563

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبه الإعانة بدءاً وختماً وصلى الله على سيدنا محمد ذاتاً ووصفاً واسماً
    تمهيد :
    يخاطب الإسلامُ العقلَ السليم موجهاً انتباهه للتأمل في نفسه وما حوله من المخلوقات وللتبصر والاعتبار بما في الكون من إبداع وبرهان, ليقر لسان العقل بالإيمان والإذعان لمُدبِّر الأكوان. فإذا استجاب العقل لدعوته, وسلّم زمام قلبه للحق, ووجبت عليه طاعة ولي نعمته, فقد توجهت إليه جملة من الأوامر والنواهي, لتكون قانوناً يسير به وفق مراد مولاه. وكان في الإسلام من هذه الجملة أنه من بدّل دينه فاقتلوه, ولكن قوماً من المسلمين(1) أبوا هذا الصريح وأولوه, ورأوا أن قتل المرتد يتعارض مع حرية الاعتقاد, كيف لا ولا إكراه في الدين مما تنزل على خير العباد, وقد قصرت العقوبة ــ على هذه الجريرة ــ على يوم المعاد. أما ما ثبت من قتلٍ في السُّنةِ فقالوا: إنما كان بسبب الحرابة والسَّعي في الأرض بالفساد. وهكذا تطال الدعوى كل خبر عن الردة. فقلتُ: لمثل هذه البلوى هل أعد أهل النظر العدة؟ وهل كان في قتل المرتد شك أو التباس؟؟ أم أن هؤلاء القوم يقولون بما يفهمون ولا يعنيهم ما ثبت عند الناس؟؟ فنهضت عندي وتشمرت دواعي البحث,وقالت لا تكفَّ حتى تميز السمين من الغث. فاستكان لهذا الأمر ظاهري ونجواي, فبدأت ــ مستعيناً بمولاي ــ بصفِّ أقوال الرافضين للحد, ثم قابلته بما أعد أهل العلم من رد. فتشكل عندي بحث أرجو نفعه لكل ناظر فيه. وصلى وسلم على سيدي محمد وعلى آله وصحبه مبدعه وباريه.




    ــــــــــــــــــــــ
    (1) خلال شهر ديسمبر من العام 2004م بثت قناة الجزيرة حلقة من برنامج الشريعة والحياة مستضيفة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أقيم مؤتمره في لندن هذا العام وكان من ضمن ما أفتى به حينئذٍ أن المرتد لا يقتل إلا إذا امتهن إضلال الناس وبنفس التاريخ استضافت قناة اقرأ الدكتور محمد سليم العوا أمين ذلك الاتحاد فتناول نفس الموضوع و رأى بأن لا يقتل المرتد إلا إذا كان محارباً وقدم استدلالاته على ما ذهب إليه, وبذا يكونا قد وافقا الدكتور حسن الترابي الذي كان له السبق إلى هذا الرأي.




    فصلٌ في بيان الدعوى :
    القرآن الكريم لم ينص على حد للمرتد والآيات التي تحدثت عن الردة بينت على الجملة الضلال والكفر وإحباط العمل في الدنيا والآخرة والخلود في النار مع الفوز بلعنة الله والملائكة والناس أجمعين. والآيات القرآنية المقصودة هي: {أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل} (البقرة 10. {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة: 217). {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ والْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذ لِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ } (آل عمران: 86 ـ 90).{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً }(النساء 137). {مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}(المائدة 54).
    وفوق هذا فقد بيَّن المولى سبحانه وتعالى حرية الإنسان في الاعتقاد فقال جل شأنه: {لا إكْرَاه في الدِّين}(1) وقال أيضاً: { لكُم دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ}(2). أما السنة الشريفة فقد جاء في صحيح البخاري من طريق أبي قلابةَ أنَّ عمرَ بن عبد العزيز «أبرَزَ سريرَهُ يوماً للناس ثمَّ أُذِنَ لهمَ فدَخلوا، فقال: ما تقولون في القَسامة؟ قالوا: نقول القسامةُ القوَدُ بها حقّ
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) سورة البقرة الآية (256).
    (2) سورة الكافرون الآية (6).


    وقد أقادَت بها الخلفاء. قال لي ما تقولُ يا أبا قِلابة؟ ونَصبني للناس؟ فقلت: يا أميرَ المؤمنين، عندَك رؤوسُ الأجناد وأَشرافُ العرَب، أَرأَيتَ لو أن خَمسين منهم شهدوا عَلَى رجل محصَنٍ بدِمشقَ أنه قد زنى ولم يرَوْه أكنتَ ترجمهُ؟ قال: لا. قلتُ أَرأَيتَ لو أنَّ خَمسين منهم شهدواً على رجلٍ بحمصَ أنهُ سَرقَ أُكنتَ تَقطعُه ولم يَرَوه؟ قال: لا. قلتُ: فوالله ما قَتلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحداً قطُّ إلا في إحدى ثلاثِ خِصال: رجلٌ قَتلَ بِجَريرةِ نفسهِ فقُتل، أو رجلٌ زنى بعدَ إحصان، أو رجلٌ حاربَ الله ورسولهُ وارتدَّ عن الإسلام. فقال القومُ: أو ليس قد حدَّث أنسُ بن مالك أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَطعَ في السَّرَق وسَمرَ الأَعينَ ثمَّ نَبذَهم في الشمس؟ فقلتُ: أنا أُحدثكم حدِيثَ أنس، حدثني أَنسٌ أنَّ نفراً من عُكل ثمانية قدِموا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فبايَعوهُ على الإسلام، فاستَوْخَموا الأرضَ فسَقِمَت أجسامهم، فشكَوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أفلا تخرُجونَ مع راعينا في إبلهِ فتُصيبوا من ألبانها وأبوالها؟ قالوا: بلى، فخرجوا فشربوا من ألبانها وأبوالها فصَحُّوا فقتلوا راعيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطرَدوا النَّعَم، فبلغَ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأرسلَ في آثارهم فأُدرِكوا، فجيءَ بهم، فأمرَ بهم فقطعَت أيديهم وأرجلهم وسَمرَ أعيُنهم ثم نَبذَهم في الشمس حتى ماتوا. قلت: وأيُّ شيء أشدُّ مما صَنعَ هؤلاء؟ ارتدُّوا عن الإسلام وقتلوا وسرَقوا.. » وسمر أعينهم شرحتها رواية أخرى للبخاري فيها: « أُتيَ بهم فقطعَ أيديهم وأرجُلَهم، ثم أمرَ بمسامِيرَ فأَحميَتْ فكَحَلَهم بها وطرَحهم بالحرَّة يَسْتَسقون فما يُسقَونَ حتى ماتوا » والشاهد هنا هو قول سيدنا أبي قلابة رضي الله تعالى عنه: «فوالله ما قَتلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحداً قطُّ إلا في إحدى ثلاثِ خِصال: رجلٌ قَتلَ بِجَريرةِ نفسهِ فقُتل، أو رجلٌ زنى بعدَ إحصان، أو رجلٌ حاربَ الله ورسولهُ وارتدَّ عن الإسلام» وفي نفس المعنى جاء: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرىء مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أنْ لاَ إلَهَ إلا الله وأَنِّي رَسُولُ الله إلاَّ بإحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي والنَّفْسُ بِالنَّفْسِ والتَّارِكُ لِدِيِنِه المُفَارِقُ للْجَمَاعَةِ»(1) وجاء أيضاً: عنِ ابنِ عُمَرَ أَنَّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ الناسَ حتَّى يَشْهَدوا أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللّهِ، ويُقِيموا الصلاةَ، ويُؤْتوا الزَّكاةَ. فإذا فَعَلوا ذلكَ عَصَموا مِنِّي دِماءَهُم وأموالَهُم إِلاّ بِحَقِّ الإِسلام، وحسابُهم عَلَى اللّه»(2) فالقتل إنما يكون بسبب الحرابة.. وفي السُّنَّة أيضاً: «أن أعرابياً بايع رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسلام، فأصابَ الأعرابي وَعْكٌ بالمدينة، فجاء الأعرابيُّ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللَّه أَقِلْني بَيعتي، فأبى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم جاءهُ فقال: أقِلْني بَيعتي، فأبى ثم جاءَه فقال: أقلني بيعتي. فأبى فخرج الأعرابيُّ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنما المدينة كالكير تَنفي خَبثَها وَيَنصعُ طِيبُها». (3) فهذا الأعرابيُّ لم يقتله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برغم طلبه الإقالة. وهكذا يتبين أن الإسلام دين السماحة والحرية.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) رواه مسلم والترمذي والدارمي وأبو داود وابن حبان وابن ماجة.
    (2) رواه الشيخان وابن خزيمة وابن حبان وأصحاب السنن واللفظ للبخاري.
    (3) رواه الشيخان ومالك والترمذي والنسائي وابن حبان واللفظ للبخاري.


    فصلٌ في قمع البلوى:
    الخلاف هو في الإجابة على السؤال: هل يقتل المرتد أم لا؟؟؟. فيجب أن نعرف أولاً من هو المرتد؟. فهو الراجع عن الإسلام, إذ في لسان العرب: ارتدَّ عنه: تـحوّل, وفـي التنزيل: {من يرتدد منكم عن دينه}؛ والاسم الرِّدّة، ومنه الردَّة عن الإِسلام أَي الرجوع عنه. وارتدَّ فلان عن دينه إِذا كفر بعد إِسلامه انتهى. فلا يختلط به المحارب مسلماً كان أو مرتداً ولا الكافر الأصلي, هذا حتى لا يختل القسطاس, فلكلٍ حكمه الخاص.
    روى الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في الموطأ: أنَّ رَسُولَ الله قَالَ: «مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ». وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ ، فِيمَا نُرَى والله أعْلَمُ، مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ. أنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الإسْلاَمَ إلَى غَيْرِهِ. مِثْل الزَّنادِقَةِ وأَشْبَاههمْ. فإنَّ أُولئِكَ، إذا ظُهرَ عَلَيْهِمْ، قُتِلُوا وَلَمْ يُسْتَتَابُوا. لأنَّهُ لا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُمْ. وَأَنَّهُمْ كَانُوا يُسِرُّونَ الكُفْرَ وَيُعْلِنُونُ الإسلامَ. فلاَ أَرَى أن يُسْتَتَابَ هؤلاءِ. وَلا يُقْبَلُ مِنْهُمْ قَوْلُهُمْ. وأمَّا مَن خَرَجَ مِنَ الإسلاَمِ إلى غَيْرِه، وأَظْهَرَ ذلِكَ، فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وإلاَّ قُتِلَ. وَذلِكَ، لَوْ أنَّ قَوْماً كَانُوا عَلَى ذلِكَ، رأَيْتُ أنْ يُدْعَوا إلى الإسْلام ويُسْتَتَابُوا. فَإن تابُوا قُبِلَ ذلِكَ مِنْهُمْ، وإنْ لَمْ يَتُوبُوا قُتِلُوا. وَلَمْ (يُعْنَ) بِذلِكَ، فِيمَا نُرَى والله أَعْلَمُ، مَنْ خَرَجَ مِنَ اليَهُودِيَّةِ إلى النَّصْرَانِيَّةِ. وَلا مِنْ النَّصْرانِيَّة إلى اليَهُودِيَّةِ. وَلاَ مَنْ يُغَيِّرُ دِينَهُ مِنْ أَهْلِ الأَدْيَانِ كُلِّهَا. إلاَّ الإسْلام. فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الإسلامِ إلَى غَيْرهِ، وَأَظْهَرَ ذلِكَ، فَذلِكَ الَّذِي عُنِيَ بِه. والله أعْلَم. فهذا الإمام الجليل قدم تلخيصاً حاسماً لما نحن بصدده, وما قرره هو ما عليه إجماع(1) الأمة خلفاً عن سلفٍ, ولم نجد من يقول بغير هذا في حق



    ــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) قال ابن بطال: اختلف في استتابة المرتد فقيل يستتاب فإن تاب وإلا قتل وهو قول الجمهور، وقيل يجب قتله في الحال جاء ذلك عن الحسن وطاوس وبه قال أهل الظاهر، قلت: ونقله ابن المنذر عن معاذ وعبيد بن عمير وعليه يدل تصرف البخاري فإنه استظهر بالآيات التي لا ذكر فيها للاستتابة والتي فيها أن التوبة لا تنفع، وبعموم قوله ” من بدل دينه فاقتلوه ” وبقصة معاذ التي بعدها ولم يذكر غير ذلك، قال الطحاوي: ذهب هؤلاء إلى أن حكم من ارتد عن الإسلام حكم الحربي الذي بلغته الدعوة فإنه يقاتل من قبل أن يدعى، قالوا: وإنما تشرع الاستتابة لمن خرج عن الإسلام لا عن بصيرة، فأما من خرج عن بصيرة فلا، ثم نقل عن أبي يوسف موافقتهم لكن قال: إن جاء مبادرا بالتوبة خليت سبيله ووكلت أمره إلى الله تعالى وعن ابن عباس وعطاء: إن كان أصله مسلما لم يستتب وإلا استتيب، واستدل ابن القصار لقول الجمهور بالإجماع يعني السكوتي لأن عمر كتب في أمر المرتد: هلا حبستموه ثلاثة أيام وأطعمتموه في كل يوم رغيفا لعله يتوب فيتوب الله عليه قال: ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة كأنهم فهموا من قوله صلى الله عليه وسلم ”من بدل دينه فاقتلوه ” أي إن لم يرجع، وقد قال تعالى (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) كذا في فتح الباري.




    المرتد, ومهما أبق شارد وأبى القبول بهذا القول المسدد, فإنَّا بمحمل الجد واللطف نأخذ ما يقول, ونواجهه بالمنقول والمعقول, عسى عن قريب يحصل الاتفاق, ويصفو بظلال دوحة الإجماع التلاق. وها نحن نشرع بما قيل عن القرآن الكريم أنه لم ينص على حد للمرتد, نعم ولكنه أحالنا إلى النبي صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم ليفصل ما أجمل فيه فأكمل الله بسنته الدين, ومثل هذا رجم المحصن. فآيات آل عمران أتانا النسائي وابن حبان بخبرها فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالشِّرْكِ ثُمَّ تَنَدَّمَ فَأَرْسَلَ إلَى قَوْمِهِ سَلُو لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَجَاءَ قَوْمُهُ إلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إنَّ فُلاَنا قَدْ نَدِمَ وَإنَّهُ أَمَرَنَا أَنْ نَسْأَلَكَ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَنَزَلَتْ {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْما كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ} إلى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَأَرْسَلَ إلَيْهِ فَأَسْلَمَ. أما آية سورة النساء {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً} فقال أَبو إِسحق: قـيل فـيه غير قول، قال بعضهم: يعنـي به الـيهود لأَنهم آمنوا بموسى، علـيه السلام، ثم كفروا بعزير ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفراً بكفرهم بمـحمد؛ صلى الله عليه وسلم وقـيل: جائز أَن يكون مُـحاربٌ آمن ثم كفر، وقـيل: جائز أَن يكون مُنافِقٌ أَظهر الإِيمانَ وأَبطن الكفر ثم آمن بعد ثم كفر وازداد كفراً بإِقامته علـى الكفر(1). وهذه الآيات بعينها ذكرها الإمام البخاري في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم من صحيحه وعلَّق عليها الإمام إبن حجر فقال: فإنه استظهر بالآيات التي لا ذكر فيها للاستتابة والتي فيها أن


    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) لسان العرب باب الكاف.




    التوبة لا تنفع، وبعموم قوله ” من بدل دينه فاقتلوه ” وبقصة معاذ التي بعدها ولم يذكر غير ذلك, انتهى. أما الآيات التي تحمل معنى حرية الاعتقاد, فمعناها كما فهم ولكنها مقيدة بما قبل الإسلام, فعن ابنِ عبَّاس رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى : {لا إكْرَاه في الدِّين} قال: كَانَتْ المَرْأَةُ مِنَ الأنْصَارِ لا يكادُ يعيشُ لَهَا وَلَدٌ، فَتَحْلِفُ: لَئِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ لَتُهَوِّدَنَّهُ، فَلَمَّا أُجلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ إذَا فِيهِمْ نَاسٌ مِنْ أبناءِ الأنْصَار، فقالت الأنصارُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أبْناؤنا، فَأَنْزَل اللَّهُ هذِهِ الآية : {لَا إكْرَاهُ في الدِّين}. قال سعيدُ بن جُبَيرْ: فَمَن شاء لحقَ بهمْ، وَمَنْ شاء دخلَ في الإِسلام.(1) وذكر الواحدي في أسباب النزول من طريق مسروق قال كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان فتنصرا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدما المدينة في نفر من الأنصار بالطعام فأتاهما أبوهما ولزمهما وقال والله لا أدعكما حتى تسلما فأبيا أن يسلما فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبوهما يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر فأنزل الله تعالى {لا إكراه في الدين} الآية... وأخرجه الطبري في التفسير من طريق محمد بن إسحاق صاحب المغازي عن محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن بن عباس قال في قوله تعالى {لا إكراه في الدين} قال نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين كان له ابنان نصرانيان وكان هو رجلا مسلما فقال للنبي صلى الله عليه وسلم إنهما قد ابتدلا النصرانية ألا أستكرههما فأنزل الله تعالى فيه ذلك يعني هذه الآية. (2)
    أما حديث: «فوالله ما قَتلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحداً قطُّ إلا في إحدى ثلاثِ خِصال: رجلٌ قَتلَ بِجَريرةِ نفسهِ فقُتل، أو رجلٌ زنى بعدَ إحصان، أو رجلٌ حاربَ الله ورسولهُ وارتدَّ عن الإسلام» فهذا هو رأي سيدنا أبي قلابة رضي الله تعالى عنه وكان لا يرى الأخذ بالقسامة. نُقل

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) صحيح ابن حبان.
    (2) الإصابة في تمييز الصحابة, ترجمة حصين الأنصاري رضي الله تعالى عنه.



    في الفتح عن المهلب: وليس رأي أبي قلابة حجة ولا ترد به السُّنن وعلَّق ابن حجر بأن قول المهلب مقبول.
    أما القسامة هذه فخبرها في البخاري: عنِ ابن عباسٍ رضيَ اللّهُ عنهما قال: «إِنَّ أوَّلَ قَسامةٍ كانت في الجاهلية لَفِينا بني هاشم: كان رجلٌ من بني هاشم استأجرَهُ رجلٌ من قُريشٍ من فَخِذٍ أخرى، فانطَلَق معهُ في إِبلهِ، فمرَّ به رجلٌ من بني هاشم قدِ انقطَعَتْ عُروةُ جُوالقِهِ. فقال: أغْثنى بعِقالٍ أشُدُّ به عُروةَ جُوالقي لا تَنفْرِ الإبلُ، فأعطاهُ عِقالاً فشدَّ به عروةَ جُوالقهِ. فلما نزَلوا عُقِلَتِ الإِبلُ إِلاّ بعيراً واحداً، فقال الذي استأجرهُ: ما شأنُ هذا البعير لم يُعقَلْ من بين الإِبل؟ قال: ليس له عقال. قال: فأين عِقالُه؟ قال: فحذَفَهُ بعصاً كان فيها أجله. فمرَّ به رجلٌ من أهلِ اليمن، فقال: أتشهدُ الموسم؟ قال: ما أشهدُ وربَّما شهِدتهُ. قال: هل أنت مُبْلِغٌ عني رسالةً مرةً منَ الدهر؟ قال: نعم. قال فكتب: إِذا أنتَ شهدتَ الموسم فنادِ يا آل قريش، فإِذا أجابوك فنادِ يا آل بني هاشم، فإِن أجابوك فاسأل عن أبي طالب فأخبرْه أنَّ فلاناً قَتَلني في عقال. ومات المستأجر. فلما قدِمَ الذي استأجَرَه أتاهُ أبو طالبٍ فقال: ما فعلَ صاحبُنا؟ قال: مرضَ فأحسنتُ القِيامَ عليه، فوَليِتُ دَفنَه. قال: قد كان أهلَ ذاك منك. فمكَث حِيناً ثمَّ إِن الرجُلَ الذي أوصى إِليهِ أن يُبلغَ عنه وافى الموسمَ فقال: يا آل قريش، قالوا: هذهِ قريش. قال يا بني هاشم، قالوا: هذهِ بنو هاشم. قال: أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب. قال: أمرَني فلان أن أبلِغَك رسالةً أنَّ فلاناً قتلهُ في عقال. فأتاهُ أبو طالبٍ فقال له: اختَرْ منّا إحدى ثلاث: إن شئت أن تؤدِّي مائةً من الإِبل فإِنكَ قتلتَ صاحبنَا، وإن شئتَ حلف خمسون من قومِك إنك لم تقتُلْه، وإن أبيت قتلناك به. فأتى قومهُ فقالوا نحلِفُ. فأتته امرأة من بني هاشم كانت تحت رجلٍ منهم قد وَلدَت له فقالت: يا أبا طالبٍ أحبُّ أن تُجِيزَ ابني هذا برجُل من الخمسين ولا تُصبِرْ يمينَهُ حيثُ تُصبَرُ الأيمان، ففعل. فأتاهُ رجلٌ منهم فقال: يا أبا طالب أردتَ خمسينَ رجلاً أن يَحلِفوا مكان مائةٍ منَ الإِبل، يصيبُ كلَّ رجلٍ بَعيران، هذانِ بعيران فاقبلْهما مني ولا تصبِرْ يَميني حيث تُصبَرُ الأيمان، فقبلهما. وجاء ثمانيةٌ وأربعون فحلفوا. قال ابنُ عبّاس: فوَالذي نفسي بيدِه ما حال الحولُ ومن الثمانيةِ وأربعينَ عينٌ تَطرِف». والجوالق وعاء من جلد كالجراب عندنا أهل السودان. فإن قلت إن هذه قسامة جاهلية قلنا عند مسلم في كتاب القسامة والمحاربين: «أَنَّ رَسُولُ الله أَقَرَّ الْقَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» وقد أفردها الإمام مالك بكتاب في الموطأ, وكذلك النسائي أما الإمام مسلم فسمى تبويبها كتاب القسامة والمحاربين والديات. قال الإمام النووي: حديث القسامة أصل من أصول الشرع، وقاعدة من قواعد الأحكام، وركن من أركان مصالح العباد، وبه أخذ العلماء كافة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار الحجازيين والشاميين والكوفيين وغيرهم رحمهم الله تعالى وإن اختلفوا في كيفية الأخذ به(1). فإذا ثبت الأخذ بالقسامة فقد ثبت عدم حصر القتل بإحدى ثلاث خصال لأن سيدنا أبو قلابة قد ذكرها في معرض رده على من أقروا القسامة بقولهم القود بها حق وقد أقادت بها الخلفاء.. أما حديث «التَّارِكُ لِدِيِنِه المُفَارِقُ للْجَمَاعَةِ» فهو عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام. قال العلماء: ويتناول أيضاً كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغى أو غيرهما وكذا الخوارج والله أعلم (2). قال في الفتح: والمراد بالجماعة جماعة المسلمين أي فارقهم أو تركهم بالارتداد، فهي صفة للتارك أو المفارق لا صفة مستقلة وإلا لكانت الخصال أربعا، وهو كقوله قبل ذلك ” مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ” فإنها صفة مفسرة لقوله ” مسلم ” وليست قيدا فيه إذ لا يكون مسلما إلا بذلك، ويؤيد ما قلته أنه وقع في حديث عثمان ” أو يكفر بعد إسلامه ” أخرجه النسائي بسند صحيح، وفي لفظ له صحيح أيضا ” ارتد بعد إسلامه ” وله من طريق عمرو بن غالب عن عائشة ” أو كفر بعد ما أسلم ” وفي حديث ابن عباس عند النسائي ” مرتد بعد إيمان.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) شرح صحيح مسلم باب القسامة.
    (2) نفس المصدر.

    أما ما جاء عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» (1) فيمكن أن يرد به أيضاً على حديث أبي قلابة السابق. فإذا وجب القتل بترك الصلاة أو الزكاة وهذا بلا ريب غير الثلاث خصال المذكورة, كان بترك الملة رأساً ولو بلا محاربة أوجب. ومن الغريب أن يستدل المانعون لحد الردة بهذا الخبر الذي يوجب القتل حتى على من يقر بالتوحيد وينكر بعض الفرائض. وكذا الحال في خبر أبي قلابة والذي يجعل ظاهره عقلا قتل النفس وزنا المحصن والمحاربة جرائم أكبر من الكفر أعاذنا الله منه والمسلمين, فتلك مع عظمها معاص قد يغفرها الغفار بمغفرته التي لا يعظم عليها ذنب أما الكفر فغير. وفوق هذا ففهم سادتنا الأصحاب وتطبيقهم يخرجنا باليقين من أي ارتياب, فعن أبي موسى قال: «أقبلتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخرُ عن يَساري ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَستاكُ، فكلاهما سأل، فقال: يا أبا موسى ـ أو يا عبد الله بنَ قَيس ـ قال قلت: والذي بعثكَ بالحقِّ ما أَطلَعاني على ما في أنفسِهما، وما شَعرتُ أنهما يطلبانِ العملَ. فكأَني أَنظر إلى سِواكهِ تحتَ شَفَتهِ قَلَصت، فقال: لن ـ أو لا ـ نَستعملُ على عملنا من أَراده، ولكن اذهَبْ أنتَ يا أبا موسى ـ أو يا عبد الله بن قيس ـ إلى اليمن. ثم اتَّبَعَهُ مُعاذُ بن جَبَل، فلما قدِمَ عليه أَلقى له وسادةً قال: انزل، فإذا رجل عندَهُ مُوثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهودِياً فأَسلم ثم تَهوَّد. قال: اجلسْ. قال: لا أَجلسُ حتى يُقتل، قضاءُ الله ورسوله (ثلاث مرات)، فأمرَ به فقُتل. ثمَّ تَذاكرَا قيامَ الليل، فقال أحدهُما: أَما أَنا فأقومُ وأَنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قَومتي»(2) فما قتل هذا إلا لأنه تهود. وفي صحيح البخاري: قال النبيُّ صلى الله
    ــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) رواه الشيخان وابن حبان.
    (2) متفق عليه واللفظ للبخاري.



    عليه وسلم : «من بدَّلَ دينه فاقتلوه»(1) وقد سبقت رواية الإمام مالك لهذا الخبر ومعناه عنده. قال ابن حجر: ويستثنى منه من بدل دينه في الظاهر لكن مع الإكراه كما سيأتي في كتاب الإكراه بعد هذا، واستدل به على قتل المرتدة كالمرتد، وخصه الحنفية بالذكر وتمسكوا بحديث النهي عن قتل النساء وحمل الجمهور النهي على الكافرة الأصلية إذا لم تباشر القتال ولا القتل لقوله في بعض طرق حديث النهي عن قتل النساء لما رأى المرأة مقتولة ” ما كانت هذه لتقاتل ” ثم نهى عن قتل النساء، واحتجوا أيضا بأن من الشرطية لا تعم المؤنث، وتعقب بأن ابن عباس راوي الخبر قد قال تقتل المرتدة، وقتل أبو بكر في خلافته امرأة ارتدت(2) والصحابة متوافرون فلم ينكر ذلك عليه أحد، وقد أخرج ذلك كله ابن المنذر، وأخرج الدار قطني أثر أبي بكر من وجه حسن، وأخرج مثله مرفوعا في قتل المرتدة لكن سنده ضعيف، واحتجوا من حيث النظر بأن الأصلية تسترق فتكون غنيمة للمجاهدين والمرتدة لا تسترق عندهم فلا غنم فيها فلا يترك قتلها، وقد وقع في حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله إلى اليمن قال له ” أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها فإن عادت وإلا فاضرب عنقها ” وسنده حسن، وهو نص في موضع النزاع فيجب المصير إليه، ويؤيده اشتراك الرجال والنساء في الحدود كلها الزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف، ومن صور الزنا رجم المحصن حتى يموت فاستثني ذلك من النهي عن قتل النساء، فكذلك يستثنى قتل المرتدة انتهى. وفي البخاري أيضاً: عن عكرمةَ «أنَّ علياً رضيَ الله عنه حَرَّقَ قوماً، فبَلَغَ ابنَ عبّاسٍ فقال: لو كنتُ أنا لم أُحرِّقْهم، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: لا تعذِّبوا بعذاب الله، ولَقتَلْتُهم كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم من بدَّلَ دِينَهُ فاقتلوه» (3)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) رواه أيضاً الترمذي وأبو داود وابن حبان والنسائي وابن ماجة
    (2) قال في شرح الزرقاني: وروى عيسى عن ابن القاسم فـي العتبـية أن أبـا بكر استتاب أمّ قرفة لـما ارتدت فلـم تتب فقتلها.

    (3) رواه البخاري واللفظ له وأبو داود وابن حبان والنسائي.



    فهذا رأي الحبر سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما و حكمه في المرتد بناء على ما فهم من هذا النص. وزاد أحمد وأبو داود والنسائي: «فبلغ ذلك علـياً فقال: ويح أم ابن عبـاس» وهو مـحتـمل أنه لـم يرض اعتراضه علـيه ورأى أن النهي للتنزيه لأن علـياً كان يرى جواز التـحريق، وكذا خالد بن الولـيد وغيرهما تشديداً علـى الكفـار ومبـالغة فـي النكاية والنكال، ولا يعارض ذلك ما روي فبلغ ذلك علـياً فقال: صدق ابن عبـاس لأنّ تصديقه من حيث التنزيه، لكن قال أبو عمر: قد روينا من وجوه أنّ علـياً إنـما أحرقهم بعد قتلهم. روى العقـيـلـي عن عثمان الأنصاري قال: جاء ناس من الشيعة إلـى علـي فقالوا: يا أمير الـمؤمنـين أنت هو، قال: من أنا؟ قال: أنت هو، قال: ويـلكم من أنا؟ قالوا: أنت ربنا، قال: ويـلكم ارجعوا وتوبوا فأبوا فضرب أعناقهم ثم قال: يا قنبر ائتنـي بحزم الـحطب فحفر لهم فـي الأرض أخدوداً فأحرقهم بـالنار ثم قال:
    لـما رأيت الأمر أمراً منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا.(1)
    وقد صرحت رواية النسائي: «أَنَّ نَاسا ارْتَدُّوا عَنِ الإسلام فَحَرَّقَهُمْ عَلِيٌّ بِالنَّار». ولا شك أن عقوبة التحريق التي فعلها سيدنا علي كرم الله وجهه أشد تنكيلا من القتل الذي يكفينا حجة على من أنكر حد الردة. وهذا سيدنا ذو النورين يبلغنا حكمه في المرتد ففي سنن الترمذي أَنَّ عُثْمانَ بنَ عَفَّانَ ، أَشْرَفَ يَوْمَ الدَّارِ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِالله أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رسولَ الله قال: «لا يَحِلُّ دَمُ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: زِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ ارْتِدَادٍ بَعْدَ إِسْلاَمٍ، أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقُتِلَ بِهِ، فَوَالله مَا زَنَيْتُ في جَاهِليَّةٍ وَلاَ في إِسْلاَمٍ، وَلاَ ارْتَدَدْتُ مُنْذُ بَايَعْتُ رسولَ الله ، وَلاَ قَتَلْتُ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله، فَبِمَ تَقْتُلُونِّي» فلا ذكر للمحاربة وأبدل محلها الردة وهذا الخبر غير معارض بغيره, بل هو موافق لما ذُكر فيه المحاربة إذا قيدت بقول البخاري في كتاب التفسير أن المحاربة لله الكفر به. وكذا إذا قيدت بما في سنن أبو داود والنسائي: عن ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) شرح الزرقاني على الموطأ


    تَعَالَى: {إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآيَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ فَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَلَيْسَتْ هذِهِ الآيَةُ لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ فَمَنْ قَتَلَ وَأَفْسَدَ فِي الأَرْضِ وَحَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ثُمَّ لَحِقَ بِالْكُفَّارِ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَمْنَعْهُ ذلِكَ أَنْ يُقَامَ فِيهِ الْحَدُّ الَّذِي أَصَابَ. قال ابن بطال: ذهب البخاري إلى أن آية المحاربة نزلت في أهل الكفر والردة ... وممن قال ذلك الحسن وعطاء والضحاك والزهري قال: وذهب جمهور الفقهاء إلى أنها نزلت فيمن خرج من المسلمين يسعى في الأرض بالفساد ويقطع الطريق، وهو قول مالك والشافعي والكوفيين(1) وعلى كل فليس في حد الحرابة خلاف.
    أما خبر طالب الإقالة فلا حجة فيه لأنه لا حد على نية, فهو حين طلبه لم يرتد, بدليل حرصه على موافقة النبي صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم, أما بعد خروجه فهو في حكم غير المقدور عليه وإلا لما اكتفى صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم بقوله: ( إنما المدينة كالكير تنفي خَبَثَها ).



    ــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) من فتح الباري مع حذف في موضع النقاط لأنه خارج عن غرضنا وهو معرفة آراء العلماء في آية المحاربة.



    فصلٌ في الردة في الخلافة الراشدة:
    عهد سيدنا الصديق عليه الرضوان :
    قال القاضي عياض وغيره، كان أهل الردة ثلاثة أصناف: صنف عادوا إلى عبادة الأوثان وصنف تبعوا مسيلمة والأسود العنسي وكان كل منهما ادعى النبوة قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم فصدق مسيلمة أهل اليمامة وجماعة غيرهم وصدق الأسود أهل صنعاء وجماعة غيرهم، فقتل الأسود قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بقليل وبقي بعض من آمن به فقاتلهم عُمَّال النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر، وأما مسيلمة فجهز إليه أبو بكر الجيش وعليهم خالد بن الوليد فقتلوه، وصنف ثالث استمروا على الإسلام لكنهم جحدوا الزكاة وتأولوا بأنها خاصة بزمن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين ناظر عمر أبا بكر في قتالهم(1) وعن الصنف الأول قال النووي: ومنهم من ترك الصلاة والزكاة وأنكر الشرائع كلها، وهؤلاء هم الذين سماهم الصحابة كفاراً، ولذلك رأى أبو بكر رضي الله عنه سبي ذراريهم، وساعده على ذلك أكثر الصحابة، واستولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه جارية من سبي بني حنيفة فولدت له محمد الذي يدعى ابن الحنفية، ثم لم ينقض عصر الصحابة حتى أجمعوا على أن المرتد لا يسبى.(2) وفي تهذيب الكمال: عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ أبي طَالِب القُرَشِي الهَاشِمِي، وهُوَ عُمَرُ بنُ عَلِيّ الأكْبَر. أُمُّهُ الصَّهْبَاءُ بنتُ رَبِيْعَةَ، ويقال: بِنْتُ عَبَّاد من بَنِي تَغْلِب، سَبَاهَا خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ في الرِّدَّة.
    وفي البخاري عن أَبي هريرةَ قال: «لما تُوُفي النبيُّ صلى الله عليه وسلم واستُخلفَ أَبو بكر وكفرَ من كفرَ من العرب قال عمرُ: يا أَبا بكر كيفَ تُقاتِلُ الناسَ وقد قال رسول الله صلى الله



    ـــــــــــــــــــــــــــ
    (1) فتح الباري باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة.
    (2) شرح صحيح مسلم


    عليه وسلم: أُمِرتُ أَن أُقاتلَ الناسَ حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عَصمَ مني ما لهُ ونفْسَه إلاَّ بحقه وحسابه على الله». قال أَبو بكر: «واللهِ لأقاتلنَّ من فرَّقَ بين الصلاةِ والزكاة، فإن الزكاةَ حقُّ المال، والله لو منعوني عَناقاً كانوا يُؤدُّونها إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. قال عمرُ: فواللهِ ما هوَ إِلاّ أَن رأيتُ أَن قد شرح اللهُ صدرَ أبي بكرٍ للقتال، فعرَفتُ أَنه الحق» قال النووي: وفي استدلال أبي بكر واعتراض عمر رضي الله عنهما دليل على أنهما لم يحفظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه ابن عمر وأنس وأبو هريرة، وكأن هؤلاء الثلاثة سمعوا هذه الزيادات التي في رواياتهم في مجلس آخر، فإن عمر رضي الله عنه لو سمع ذلك لما خالف ولما كان احتج بالحديث، فإنه بهذه الزيادة حجة عليه،ولو سمع أبو بكر رضي الله عنه هذه الزيادة لاحتج بها ولما احتج بالقياس والعموم والله أعلم . فرواية ابن عمر مثلا هي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ: ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ) والزيادات هي: ( وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ) قال ابن حجر في الفتح ولم يستدل أبو بكر في قتال مانعي الزكاة بالقياس فقط، بل أخذه أيضا من قوله -عليه الصلاة والسلام -في الحديث الذي رواه: ” إلا بحق الإسلام”، قال أبو بكر: والزكاة حق الإسلام، ولم ينفرد ابن عمر بالحديث المذكور، بل رواه أبو هريرة أيضا بزيادة الصلاة والزكاة فيه، كما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في كتاب الزكاة، وفي القصة دليل على أن السنة قد تخفى على بعض أكابر الصحابة، ويطلع عليها آحادهم، ولهذا لا يلتفت إلى الآراء ولو قويت مع وجود سنة تخالفها. وقال في الإصابة عند ترجمة عبد الرحمن بن الربيع الظفري: ذكره البغوي والطبري وابن شاهين وغيرهم في الصحابة وأخرجوا من رواية حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن فاطمة بنت خشاف السلمية عن عبد الرحمن الظفري وكانت له صحبة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل من أشجع أن يؤخذ منه صدقة فأبى أن يعطيها فرده الثانية فأبى فرده الثالثة وقال إن أبى فاضرب عنقه لفظ الطبراني ومداره عندهم على الواقدي عن عبد الرحمن بن عبد العزيز الإمامي عن حكيم وذكره الواقدي في أول كتاب الردة وقال في آخره قال عبد الرحمن بن عبد العزيز فقلت لحكيم بن حكيم ما أرى أبا بكر الصديق قاتل أهل الردة إلا على هذا الحديث قال أجل.
    فإن قلت أن مانعي الزكاة كانوا محاربين فلا حجة لكم في خبرهم, قلنا إنهم برفضهم للزكاة استوجبوا الحد ولكن نصبهم راية القتال حال دونه فحاربهم الصديق ووافقه الفاروق عليهما الرضوان إحقاقا للحق فحق لنا أن نحتج بخبرهم.
    عهد سيدنا الفاروق عليه الرضوان:
    قال في الإصابة عند ترجمة عبد الله بن مظعون أخي عثمان: أن غلاما كان لعبد الله بن مظعون قبطيا أسلم فحسن إسلامه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعجب عبد الله بإسلامه فذكر القصة في ارتداد الغلام نصرانيا في عهد عمر فقتله على الردة. وقال أيضا: وقرأت في كتاب الأم للشافعي في باب من كتاب الزكاة أن عمر قتل عيينة بن حصن على الردة ولم أر من ذكر ذلك غيره فإن كان محفوظا فلا يذكر عيينة في الصحابة لكن يحتمل أن يكون أمر بقتله فبادر إلى الإسلام فترك فعاش إلى خلافة عثمان والله أعلم.
    عهد سيدنا عثمان ذي النورين عليه الرضوان:
    لم أقف في عهده على خبر لحد الردة ولكن غرضنا من هذا الفصل معرفة سنة هؤلاء السادة والوقوف على تطبيقهم وهذا حاصل في خبر سيدنا عثمان حين أشرف يوم الدار.
    عهد سيدنا الكرار كرم الله وجهه:
    سبق أن أوردنا خبر القوم الذين حرقهم سيدنا علي. قال المهلب: ليس هذا النهي عن التحريم بل على سبيل التواضع ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة، وقد سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين العرنيين بالحديد المحمي، وقد حرق أبو بكر البغاة بالنار بحضرة الصحابة، وحرق خالد بن الوليد بالنار ناسا من أهل الردة، وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها قاله النووي والأوزاعي(1). هذا ونسأل المولى السلامة من كل فتنة وبلية والسير بسير هؤلاء الأكابر وصلى الله على سيدنا محمد النبي الطاهر وعلى آله وصحبه وسلم. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



    ــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) فتح الباري.
                  

العنوان الكاتب Date
هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ محمد ميرغني عبد الحميد03-13-06, 04:54 PM
  Re: هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ قرشـــو03-14-06, 02:39 AM
  Re: هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ HOPEFUL03-14-06, 04:04 AM
    Re: هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ محمد ميرغني عبد الحميد03-14-06, 04:24 AM
    Re: هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ محمد ميرغني عبد الحميد03-15-06, 10:53 AM
    Re: هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ محمد ميرغني عبد الحميد03-15-06, 01:50 PM
      Re: هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ waleed50003-15-06, 04:18 PM
        Re: هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ محمد ميرغني عبد الحميد03-15-06, 06:18 PM
    Re: هل يُقتل الـمُـرتــــــد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ kamalabas03-16-06, 02:38 PM
  Re: (قتل المرتد: الجريمة التي حرمها الإسلام). kamalabas03-15-06, 05:43 PM
    Re: (قتل المرتد: الجريمة التي حرمها الإسلام). kamalabas03-15-06, 05:44 PM
      Re: (قتل المرتد: الجريمة التي حرمها الإسلام). kamalabas03-15-06, 05:46 PM
        Re: (قتل المرتد: الجريمة التي حرمها الإسلام). محمد ميرغني عبد الحميد03-16-06, 05:38 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de