ما بين الدين والإكتشافات الآثارية: مقتطفات مترجمة من لورنس جاردنر

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 08:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-03-2006, 02:15 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما بين الدين والإكتشافات الآثارية: مقتطفات مترجمة من لورنس جاردنر (Re: محمد عثمان الحاج)

    النار النجمية : ذهب الآلهة:
    لورنس جاردنر
    في حوالي سنوات الثمانينات من القرن التاسع عشر كانت المؤسسات الحاكمة للديانة المسيحية ترتعد فزعا من عبارة " عالم آثار". لذلك تم وضع الحفريات الآثارية تحت سيطرة صارمة، وكان تمويلها وإجرائها يتطلب موافقة سلطات جرى تعيينها حديثا حينها.

    أحدها كان صندوق استكشاف مصر الذي تأسس في بريطانيا سنة 1891 ومباشرة في الصفحة الأولى من عقد تأسيسيه ونظامه الأساسي مذكور أن هدف الصندوق هو دفع أعمال الحفريات الآثارية " لغرض توضيح أو تبيين نصوص التوراة".

    باختصار فإن ذلك يعني أنه إذا تم العثور على شئ يمكن استخدامه في دعم تعاليم الكتاب المقدس فإننا نحن الجمهور سيتم إخطارنا به. وأي شئ لا يدعم تفسير الكنيسة للكتاب المقدس لم يكن مقررا له أن يرى النور في المجال الجماهيري.

    الآن سنلقي نظرة على أحد الإكتشافات الضخمة في تلك الفترة ـ إكتشاف لايعرف عنه السواد الأعظم من الناس شيئا سوى القليل. في الواقع ربما كان ذلك الإكتشاف هو أهم الاكتشافات على الإطلاق فيما يتعلق بالكتاب المقدس وله مترتبات صاعقة ذات مدى يتجاوز الاكتشاف نفسه بكثير، لأنه القصة الكاملة لطائر الفينيق وحجر النار.

    في سفر الخروج (أحد أسفار التوراة) هناك جبل توراتي متميز مذكور. أنه يقبع في السلسلة الممتدة في شبه جزيرة سيناء ـ تلك الكتلة الأرضية التي تشبه مثلثا قاعدته للأعلى والتي تقع فوق البحر الأحمر بين خليج السويس وخليج العقبة. في التوراة سمي هذا الجبل أولا بجبل حوريب ثم سمي بجبل سيناء ثم سمي مرة أخرى حوريب في بقية مراحل القصة.

    القصة هي بالطبع خروج موسى وبني إسرائيل من مصر. ذلك هو الجبل الذي رأى موسى فوقه حسبما يروي سفر الخروج الشجيرة المشتعلة نارا، إنه الجبل الذي تكلم فيه مع يهوه وهو المكان الذي تلقى فيه موسى الوصايا العشر وألواح الشهادة.

    ما يجب أن ندركه عند هذه المرحلة هو أنه في زمن موسى (حوالي 1350 ق م) لم يكن هناك جبل اسمه جبل سيناء. لم يكن هناك جبل بذلك الإسم حتى في أيام يسوع ولابعدها بثلاثمائة سنة.

    يجب أن يقال أن التوراة المألوفة لدينا اليوم هي ترجمة من نصوص عبرية تم تجميعها قبل حوالي ألف سنه لذلك فهي أصغر سنا بقرون قليلة من الإنجيل المعترف به.

    الجبل الذي يعرف الآن بجبل سيناء يقبع في جنوب شبه الجزيرة قرب نقطة قاع المثلث الذي قاعدته للأعلى. لقد أعطي ذلك الأسم من جانب جماعة إرسالية من الرهبان المسيحيين الإغريق بعد حوالي 1700 سنة من عهد موسى. إنه يعرف الآن في بعض الأحيان باسم جبل موسى ولا يزال يوجد به مكان اختلاء مسيحي صغير هو دير سانت كاتربن. لكن هل كان ذلك الجبل هو جبل سيناء الذي تسميه التوراة بجبل حوريب؟ حسنا، ما يتضح هو أنه ليس كذلك.

    يوضح سفر الخروج بعض التفاصيل ليشرح خط سير موسى وبني إسرائيل من أرض غوشن بدلتا النيل للأسفل عبر سيناء وعبر برية شور وباران حتى أرض مدين (التي هي إلى الشمال من الأردن الحالي). من هذا المسار يصبح من السهل جدا تحديد موقع جبل حوريب. إنه يقع على مسافة ليست قصيرة شمال جبل موسى.

    إن كلمة حوريب ببساطة تعني الصحراء وجبل الصحراء العظيم الذي يرتفع لما يزيد عن 2600 قدم داخل هضبة حجرية عالية فوق سهل باران يعرف اليوم باسم "صرابيط" ـ أو إن شئنا الدقة ـ صرابيط الخادم (بروز الخادم) Serabit el-Khadim .

    وفي أواخر التسعينات من القرن التاسع عشر تقدم عالم المصريات البريطاني سير ويليام فليندرس بيتري الذي كان أستاذا بالكلية الجامعية بلندن بطلب لصندوق استكشاف مصر للقيام برحلة استكشافية لسيناء. وفي حوالي يناير 1904 كان هو وفريقه في سيناء، وفي مارس من ذلك العام وصلوا في رحلتهم لأعالي جبل صرابيط.

    في السنة اللاحقة نشر بيتري النتائج المفصلة لما وجده، لكنه أضاف لتقريره حقيقة أن هذه المعلومات سوف لن يتم جعلها متاحة رسميا للمشتركين في صندوق استكشاف مصر، حيث سيتلقون خرائط و بيانا عموميا فقط. إضافة لذلك أوضح بيتري أنه رغم كونه قد قاد فرقا ممولة لداخل مصر فإنه ومنذ رحلته تلك إلى سيناء تم إنهاء دعمه من جانب الصندوق. لماذا؟ هل أن ذلك بسبب كونه قد خرق أحكام عقد تأسيس الصندوق عن طريق كشفه عن شئ مخالف لتعاليم الكتاب المقدس؟ بالتأكيد هو قد فعل ذلك.

    في الواقع لقد اكتشف بيتري سر جبل موسى المقدس الأكبر ـ سر لا يفسر ما يصفه سفر الخروج فحسب بل أنه وبذلك التفسير قد نسف أساس تفسيرهم الشائع للكتاب المقدس.

    ما لا يوضحه الكتاب المقدس هو أن سيناء لم تكن أرضا أجنبية بالنسبة للمصريين. كانت في الواقع تعتبر جزءا من مصر وقد خضعت للسيطرة الفرعونية. لذلك فإن موسى وبني إسرائيل لم يكونوا قد خرجوا من مصر حالما أصبحو شرق دلتا النيل، لقد كانوا لايزالون في مصر وعليهم عبور كل شبه جزيرة سيناء قبل أن يدخلوا أرض كنعان الفلسطينية.

    في زمن موسى كانت سيناء تخضع لسيطرة إثنان من المسؤولين المصريين: أمين السر الملكي و الرسول الملكي. كان ذلك عهد الأسرة الثامنة عشر المصرية ـ أسرة الفرعونين تحتمس وأمنحوتب إضافة لإخناتون وتوت عنخ آمون. كان الرسول الملكي في تلك الأيام هو نيبي، وهو مسؤول كان أيضا عمدة وقائد حامية زارو في منطقة غوشين بدلتا النيل التي عاش فيها بني إسرائيل قبل الخروج.

    وظيفة أمين السر الملكي كانت وراثية في عائلة باـ نيهاس الهيكسوسية، وكان باناهيسي التابع لهذه العائلة هو الحاكم الرسمي لسيناء. ونحن نعرفه بصورة أفضل من الكتاب المقدس الذي يسميه فينيهاس. لقد أصبح واحدا من الكهنة الأوائل في التركيب الهيكلي الموسوي الجديد لكنه قبل ذلك كان الكاهن الرئيس في معبد الفرعون إخناتون بالعمارنة.

    قبل أن نعود لسير ويليام فليندرس بيتري ولكي نفهم الدلالة الجذرية لاكتشافه من الواجب التمييز بين بني اسرائيل وبين العبرانيين في عهد موسى. في ذلك الزمان لم يكونوا شيئا واحدا وهو ما يبدو أن تعاليم الكتاب المقدس تبينه. العبرانيون هم عائلة ابراهيم و من يرجع نسبهم إليه وكان مسكنهم عموما هو أرض كنعان أو فلسطين. بني إسرائيل من ناحية أخرى كانوا عائلة أحد أحفاد إبراهيم وهو يعقوب الذي تغير اسمه ليصبح إسرائيل ومن ينتسبون إليه. كانت عائلة يعقوب وحدها هي التي رحلت إلى مصر وكان أحفادهم هم من رجعوا في النهاية مع موسى ليتحدوا بعد أجيال لا حصر لها مع أهلهم العبرانيين.

    الفرق بين المجموعتين هو أن بني إسرائيل ظلوا لوقت طويل خاضعين لقوانين وديانة مصر وما كانوا يعرفون سوى القليل عن عادات بني عمومتهم في أرض كنعان. عبر أكثر من 400 سنة كانوا في بيئة لها مجموعة من الآلهة. ورغم أنهم قد طوروا مفهوم إله واحد داخل جماعتهم فإن ذلك الإله لم يكن يهوه العبرانيين الكنعانين. كان إله بني إسرائيل كائنا لاوجه له كانو يسمونه ببساطة "الرب". كان يسمى بلغة بني إسرائيل "أدون". هذا هو أحد أسباب أن "الرب" و " يهوه" كان دائما يتم تعريفهما منفصلين في النصوص المبكرة رغم أنهما قد وضعا تحت لفافة الإله الواحد في أزمان لاحقة ليناسب ذلك العقائد اليهودية والمسيحية الناشئة. بالنسبة للمصريين كان اسم ذلك الرب (أدون) شبيها جدا بذلك: كانوا يسمونه آتين. ومنه يشتق اسم الفرعون اخناتين الذي يعني خادم آتين.

    لذلك فموسى وبني اسرائيل عندما خرجو إلى سيناء فقد وصلوها ليس كعابدين ليهوه بل كعابدين لآتين ولهذا السبب بالذات تم اعطائهم مجموعة كاملة جديدة من القوانين والمراسيم لتجعلهم في خط واحد مع الثقافة العبرية لوطنهم المتوقع الجديد.

    عندما غادر موسى وبني إسرائيل دلتا النيل فقد كان خط سيرهم البديهي إلى أرض كنعان (التي كانت مقصدهم النهائي) كان يجب أن يكون مباشرا عبرا برية شمال سيناء. إذن لماذا انحرفوا جنوبا عبر الجزء الأعلى الصعب ليقضوا بعض الوقت بجبل حوريب صرابيط؟ كان ذلك هو السؤال الذي حير بيتري وفريقه.
    إذن ما الذي وجدوه بالضبط على جبل التوراة المقدس؟ حسنا في البدء فهم لم يجدوا الكثير.لكن على سهل عريض قرب القمة كانت هناك علامات واضحة لسكن قديم وكان يمكن رؤية بعض الأعمدة والأحجار المنتصبة بارزة فوق سطح الأرض المغطى بالركام. ذلك الركام كان قد تراكم شيئا فشيئا بواسطة الريح والانزلاقات الأرضية عبر أكثر من ثلاثة آلاف سنة. لكن عندما تمت ازاحته بعيدا في النهاية فقد ظهرت حقيقة القصة التوراتية. كتب بيتري:

    "ليس هناك معلم أثري آخر كهذا لا يجعلنا نتحسر على أنه ليس في حالة حفظ أحسن حالا. كان بأكمله مدفونا ولم يكن لأحد علم به إلى أن قمنا بإزالة الركام عن الموقع".

    ما وجدوه كان مبنى مركب لمعبد ضخم. داخل سور محيط كان هناك معبد خارجي مبني فوق امتداد يبلغ حوالي 70 مترا. ذلك يمتد خارجا من معبد داخلي محفور في كهف ضخم في جانب الجبل. ومن الخرطوشات (العلامة الخاصة بكل فرعون) والمنحوتات والنقوش اتضح أن المعبد كان مستعملا منذ زمن بعيد يرجع لعهد الفرعون سنفرو الذي حكم في حوالي 2600 ق م والذي يعتبر خلفاءه المباشرين بناة أهرام الجيزة.

    كان الجزء الذي يعلو سطح الأرض من المعبد مبنيا من الحجر الرملي المستخرج من الجبل ويشتمل على سلسلة من القاعات المتجاورة و الهياكل و الساحات والمقصورات و الغرف. من ضمن هذه فإن فقد كانت الملامح الرئيسية التي أزيح عنها التراب هي الحرم الرئيسي وهيكل الملوك وبهو الأعمدة وقاعة الإلهة حتحور Hathor (التي كان المبنى بكامله بكامله مكرسا لها).

    وفي كل مكان حول ذلك كانت هناك أعمدة ومسلات للملوك المصريين عبر العصور وبعض الفراعنة مثل تحتمس الثالث (مؤسس حركة الصليب الوردي في مصر) كانوا مصورين عدة مرات على أحجار منتصبة وبنقوش جدارية بارزة.

    كان كهف حتحور الملاصق منحوتا في صخر طبيعي بجدران داخلية مسطحة تم تنعيمها بدقة. في الوسط (منذ حوالي سنة 1880 ق م ) يقف العمود المنتصب الخاص بالفرعون أمينمحيت الثالث زوج ابنة عيصو. أيضا صور معه وزيره الرئيسي وحامل أختامه.

    وعميقا داخل الكهف وجد بيتري مسلة حجر جيري للفرعون رعمسيس الأول (الذي يعتبره علماء المصريات تقليديا الفرعون الذي عارض عقيدة آتين) يصف فيها نفسه للعجب على أنه " حاكم كل ما يحتضنه آتين". كما وجد تمثال رأس من العمارنة لأم اخناتين الملكة تيي ملكة مصر بعلامتها الملكية على التاج.

    في الساحات والقاعات في المعبد الخارجي كان هناك العديد من الخزانات المستطيلة المنحوتة في الحجر والأحواض الدائرية اضافة لمناضد عمل غريبة الشكل بواجهات منثنية للداخل وأسطح مقسمة المستويات. كانت هناك أيضا مناضد دائرية وصحون وأطباق مع مزهريات وأوعية رخامية العديد منها مصنوع على شكل زهرة اللوتس. إضافة لذلك حوت الغرف مجموعة جيدة من اللوحات المزججة والعلامات الملكية والجعارين والزينات المقدسة المصممة بحلزونات ومربعات وترية وسلال. كانت هناك عصي سحرية مصنوعة من مادة صلبة غير معروفة وفي بهو الأعمدة كان هناك حجران مخروطيان بارتفاع ستة وتسعة بوصات على التوالي. تحير المستكشفين بسبب هذه الإكتشافات، لكنهم ازدادوا حيرة عندما اكتشفوا بوتقة صهر معادن. منذ ذلك الحين وعلماء المصريات يتجادلون حول سبب وجود بوتقات صهر في معبد وفي نفس الوقت يتجادلون بسبب مادة غامضة تسمى مفكزت بدا أنها مرتبطة بالبوتقة والأحجار المخروطية والتي هي مذكورة عشرات المرات في نقوش الجدران والمسلات.

    اقترح البعض أن مفكزت هي النحاس وفضل العديدون التيركويز وافترض البعض أنها المالاكايت. لكن كل تلك تخمينات لا سند لها ولم يكن هناك من أثر لأي من هذه المواد بالموقع.

    تشتهر سيناء بمناجم التيركويز لكن إذا كان استخراج التيركويز هو الوظيفة الأساسية لسادة المعبد طيلة كل تلك القرون فإن المرأ سيتوقع أن يتم العثور على أحجار التيركويز بكثرة في مقابر مصر القديمة. لكن ذلك لم يحدث. لم يتم العثور على شئ يذكر منها.

    سبب آخر للتعجب كان الإشارات العديدة المنقوشة لـ "الخبز"، مصحوبا بالرمز الهيروغليفي البارز الخاص بالضوء والتي وجدت منقوشة في هيكل الملوك.

    إلا أن الإكتشاف الذي سبب الحيرة الكبرى كان ازالة التراب من شئ معرف على أنه مفكزت الغامض الذي بدا أن رمزية الخبز مرتبطة به. في إحدى حجرات التخزين كانت هناك كمية كبيرة من طبقة سمكها عدة بوصات من مسحوق أبيض ناصع خالي من الشوائب.

    في ذلك الزمان اقترح البعض بأن المسحوق يمكن أن يكون من بقايا عملية استخراج النحاس لكن سرعان ما عرف بأن استخراج النحاس لا ينتج عنه أي مسحوق أبيض بل يتخلف عنه خبث أسود كثيف. إضافة لذلك لم يكن هناك مصدر نحاس لعدة أميال في المنطقة المجاورة للمعبد وعلى كل حال فإن عمليات استخراج النحاس القديمة كانت ظاهرة في الأودية البعيدة. وخمن البعض بأن المسحوق هو رماد ناتج من احراق النباتات للحصول على مادة قلوية لكن لم يتم العثور على أي آثار بقايا نباتات.

    بسبب عدم وجود أي تفسير آخر فقد تم الاستنتاج بأن المسحوق الأبيض والأحجار المخروطية ربما كانت مرتبطة بنوع من طقوس التضحية لكن مرة أخرى تم بيان أن ذلك هو معبد مصري وأن تقديم القرابين الحيوانية لم يكن من ضمن الشعائر المصرية. إضافة لذلك لم تكن هناك أي عظام أو أي مادة مختلفة داخل الـ "مفكتز" والتي ظهرت لكل العالم على أنها كمية من مسحوق التالك TALCUM المقدس.

    وتم أخذ كمية من المادة الغامضة إلى بريطانيا للفحص ولكن لم يتم نشر أي نتائج. البقية (التي تركت مكشوفة لعوامل الطبيعة بعد 3000 سنة) فقد تركت لتكون ضحية لرياح الصحراء.

    لكن على كل حال فما أصبح واضحا هو أن ذلك المسحوق يشبه ظاهريا ما كان يعرفه أهل بلاد مابين النهرين القدماء على أنه حجر النار أو شيم آن نا ـ المادة التي كانت تصنع في شكل كعك خبز وتستعمل في تغذية الأجسام النورانية الخاصة بالملوك البابليين وفراعنة مصر.

    ذلك بالطبع يفسر نقوش المعبد التي تشير لأهمية الخبز والنور، وذلك المسحوق الأبيض ( شيم آن نا) يتطابق مع المن الذي وضعه هارون في تابوت العهد. في مصر كان الكعك المصنوع من هذا المسحوق يسمى بطعام الـ شيفا SCHEFFA في حين سماه بني إسرائيل بالخبز المقدس shewbread.

    ويخبرنا سفر الخروج بأن كبير الصناع الذي صنع خبز الـ مقدس لموسى في سيناء كان هو بيزاليل ابن أوري بن هور. لكن بيزاليل لم يكن خبازا بل كان صائغا معروفا فهو الرجل نفسه الذي صنع الزينات الذهبية للمعبد المتنقل وتابوت العهد.

    ذلك يتفق تماما مع وظيفة كبار الصناع الكهنوتيين في بلاد ما بين النهرين. كانوا كبار الحدادين و علماء المعادن الخاصين بتوبال كاين الذين كانوا يصنعون الشيم آن نا من الذهب الخالص.

    بالنسبة للبوتقة والأحجار المخروطية والمجموعة الكبيرة من الخزانات والمناضد والمعدات التي جعلت معبد سيناء يبدو كمعمل ضخم أكثر من كونه مكان تعبد، فما يتضح هو أنها بالفعل بوتقة صهر معادن ولاشئ غير ذلك.

    ما وجده بيتري فعليا كان ورشة الكيمياء السحرية الخاصة باخناتين والثمانية عشر أسرة فرعونية التي سبقته في حكم مصر ـ معبد ومعمل كان فرن التعدين يزأر فيه وينفث الدخان لانتاج حجر النار المقدس الشيم آن نا سريع الدوران. فجأة يصبح لكلمات سفر الخروج معنى ونحن نعيد قراءتها بفهم جديد تماما:ـ

    "جبل سيناء كان مغطىبالدخان لأن الرب نزل علية في نار تصاعد دخانها كدخان فرن واهتز الجبل بأكمله بشدة".

    نقرأ في سفر الخروج أن موسى أخذ العجل الذهبي الذي صنعه بني إسرائيل وأحرقه بالنار وسحقه ليصبح مسحوقا أبيض اللون. تلك هي بالضبط العملية التي تحدث في فرن الشيم آن نا، ومن الواضح أن كهنة حتحور المصريين ظلوا مشعلين لنار انتاجه لأجيال عديدة قبل أن يدخل كهنة آتين في الأمر في زمن موسى.
    في الواقع كان الفرعون تحتمس الثالث هو الذي أعاد تنظيم مدارس الأسرار القديمة الخاصة بتحوت وأنشأ المدرسة الملكية لكبار الصناع بالكرنك. كانوا يعرفون باسم " جماعة الأخوة البيضاء العظمى" بسبب انشغالهم بالمسحوق الأبيض الغامض. وأصبح أحد فروع هذه الجماعة متخصصا في الطب والشفاء وأصبحوا يعرفون في أزمان بعيدة لاحقة بالمعالجين المصريين وقد مدوا نشاطهم حتى فلسطين خاصة في مستوطنة قمران في يهوذا حيث ازدهروا وأصبحوا طائفة الأساسيين Essenes.

    لكن ما الذي كان يميز الإلهة حتحور؟ لماذا كانت هي إلهة كهنة سيناء؟ حتحور كانت كبرى إلاهات التمريض وكإبنة لرع قيل أنها أنجبت الشمس. كانت في الأصل تعرف بأنها "ملكة الغرب" وسيدة العالم السفلي الذي قيل أنها تأخذ إليه أولئك الذين يعرفون التعاويذ الصحيحة. كانت حامية الأنوثة المبجلة، سيدة شجرة التين وإلهة الحب والأضرحة والأغاني. وكان يقال أن الفراعنة يستمدون قدسيتهم من شرب لبن حتحور ليصبحوا هم أنفسهم آلهة.

    في أحد الألواح الصخرية قرب مدخل كهف جبل صرابيط نقش يمثل تحتمس الرابع في حضرة حتحور. وأمامه قائمان لتقديم القرابين مكللان بزهور اللوتس وخلفه رجل يحمل كعكة مخروطية من الخبز الأبيض. ونقش آخر يمثل البناء أنخيب مقدما كعكتين من خبز شيم آن نا للملك، وهناك رسومات مشابهة في أماكن أخرى في مجمع المعبد. ربما كان أشدها دلالة يمثل حتحور وأمنحوتب الثالث. الإلهة تحمل عقدا في إحدى يديها في حين تمد للفرعون الرمز الخاص بالحياة والملك بيدها الأخرى. خلفها الخازن سوبيخوتيب ممسكا باستعداد كعكة خبز أبيض مخروطية. وسوبيخوتيب موصوف بأنه " المشرف على أسرار بيت الذهب الذي أحضر الحجر النبيل الثمين لصاحب الجلالة".

    لقد ذكرت سابقا أنه عند خروجهم من مصر إلى سيناء في طريقهم لأرض كنعان فقد كان متوقعا أن يتم تعريف بني إسرائيل بقوانين ومراسيم وطنهم الجديد. إلا أنه رغم أن ذلك كان جزءا من الحالة فإن الموقف كان معكوسا بدرجة كبيرة فيما يخص الناحية الدينية حيث كانت العادات المصرية يتم تعريف العبرانيين بها.

    كان يهوه قد أعلن عن حضوره لأول مرة على جبل سيناء. ولكونه كان من مؤيدي آتين فقد سأل موسى هذا الرب والسيد الجديد من هو وكانت الإجابه " أنا أكون أنا" والتي أصبحت في اللغة العبرية المنطوقة يهوه. لكن ولزمن طويل بعد ذلك كان بني إسرائيل ممنوعين من نطق إسم يهوه باستثناء الكاهن الأعلى الذي كان مسموحا له الهمس بالإسم مرة واحدة في السنة وهو في خلوة. كانت المشكلة أن الصلوات يفترض أنها يجب أن تقال لهذا الإله الرئيس الجديد لكن كيف يعلم هو أن الصلوات موجهة له إن كان اسمه لايذكر؟

    كان بني إسرائيل يعرفون أن يهوه لم يكن مماثلا لآتين (أدونهم التقليدي أو الرب) لذلك فقد افترضوا أنه مكافئ لإله الدولة العظيم في مصر حتى لو لم يكن هو نفسه. لذلك فقد لإضافة اسم إله الدولة لجميع الصلوات بعد ذلك، وإسم ذلك الإله كان آمين. حتى يومنا هذا لا زال اسم آمين يتلى في نهاية الصلوات. حتى صلاة الرب المسيحية المشهورة (حسبما تظهر في إنجيل ماثيو) منقولة من أصل مصري يبدأ بآمين، أمين الذي في السماوات..."

    أما فيما يخص الوصايا العشر (التي قيل أنها أعطيت لموسى من قبل الله على الجبل) فهي أيضا من أصل مصري وهي مشتقة مباشرة من التعويذة رقم 125 من كتاب الموتى المصري. لم تكن شرائع سلوكية جديدة ابتدعها بني اسرائيل بل كان ببساطة تعبيرات جديدة عن الاعترافات الشاعئرية للفراعنة. مثلا الاعتراف " أنا لم أقتل" تم ترجمته ليكون الوصية " يجب ألا تقتل"، " أنا لم أسرق" أصبحت" يجب ألا تسرق"، " أنا لم أكذب" أصبحت " لا تشهد شهادة الزور" وهكذا دواليك.

    لم تكن الوصايا العشر فحسب مستمدة من الطقوص المصرية بل حتى المزامير تم إعادة صياغتها من الأناشيد الدينية المصرية (رغم أنها منسوبة إلى الملك داؤود). حتى سفر الأمثال بالعهد القديم المعروف على أنه "كلمات سليمان الحكيمة" مترجم حرفيا تقريبا للعبرية من كتابات حكيم مصري اسمه امينيموبي. هذه موجودة حاليا بالمتحف البريطاني ويمكن إرجاع سفر الأمثال آية آية لهذا الأصل المصري. حاليا اكتشف أنه حتى كتابات أمينيموبي مستخلصة من عمل أقدميعرف بحكمةبتاح حوتب يرجع لأكثر من 2000 قبل عصر سليمان.

    إضافة لكتاب الموتى وحكمة بتاح حوتب العتيقة استخدمت نصوص مصرية أخرى متنوعة في تأليف لاتوراة. هذه تتضمن نصوص الهرم ونصوص الكفن التي تم فيها ببساطة تحويل الأشارات للآلهة المصرين إلى إشارات للإله العبري يهوه.

    في كتابي سلالة الكأس المقدسة Bloodline of The Holy Grail أوضحت مسألة أن طراز المسيحية الحديث الذي تطور من الكنيسة الرومانية في القرن الرابع الميلادي كان في الواقع هجينا مختلقا ـ دين مبني على أفكار مأخوذة من ديانات أخرى عديدة بما فيها بالطبع اليهودية.

    الآن يتضح أن اليهودية نفسها لم تقل تهجينا في أيمها الأولى حيث أصبحت مركبة من التراث المصري والكنعاني وتراث بلاد ما بين النهرين، بقصص وأغني دينية وصلوات وطقوس آلهة متنوعة مختلفة تم جمعها معا وربطها بمفهوم الإله الواحد المبتدع حديثا.

    ما يثير الاهتمام على وجه الخصوص أنه من الناحية التاريخية فإن تلك العملية لم يتم تخليقها تماما في عهد إبراهيم ولا حتى في عهد موسى المتأخر عنه. إنها لم تكتمل حتى القرن السادس قبل الميلاد حين تم أسر عشرات الآلاف من بني إسرائيل من جانب الملك نبوخذ نصر ملك بابل. حتى ذلك الحين كانت السجلات العبرانية وسجلات بني إسرائيل تشير لأي عدد من الآلهة أو الإلهات بأسمائهم الفردية، وتحت تصنيف جماعي الـ "ايلوهيم" (وتعني الآلهة بالعبرية ـ المترجم).

    عبر 500 سنة بعد الأسر فقد كان الكتاب المقدس يوجد فقط على هيئة سلسة من الكتابات المنفصلة تماما ولم يتم تجميعها في مجلد واحد إلا بعد عهد يسوع. يسوع نفسه لم يسمع أبدا مصطلح العهد القديم أو الكتاب المقدس لكن الكتابات المقدسة التي كانت متاحة له تضمنت العديد من الأسفار التي لم يتم اختيارها لتصبح جزءا من التجميع المعروف لدينا اليوم.

    ..... يتبع .......
                  

العنوان الكاتب Date
ما بين الدين والإكتشافات الآثارية: مقتطفات مترجمة من لورنس جاردنر محمد عثمان الحاج02-03-06, 02:13 PM
  Re: ما بين الدين والإكتشافات الآثارية: مقتطفات مترجمة من لورنس جاردنر محمد عثمان الحاج02-03-06, 02:15 PM
    Re: ما بين الدين والإكتشافات الآثارية: مقتطفات مترجمة من لورنس جاردنر محمد عثمان الحاج02-04-06, 03:58 AM
      Re: ما بين الدين والإكتشافات الآثارية: مقتطفات مترجمة من لورنس جاردنر محمد عثمان الحاج02-04-06, 04:00 AM
        Re: ما بين الدين والإكتشافات الآثارية: مقتطفات مترجمة من لورنس جاردنر محمد عثمان الحاج02-05-06, 02:22 AM
          Re: ما بين الدين والإكتشافات الآثارية: مقتطفات مترجمة من لورنس جاردنر محمد عثمان الحاج02-06-06, 01:44 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de