الدونكيشوتيون الجدد ( في هذا المنبر)

Quote: المتتبع لحال المنبر العام لسودانيز أون لاين هذه الأيام يصاب بالدهشة والحيرة والحزن وربما الخوف على ما وصل إليه حال رواد هذا المنبر والذين يفترض فيهم أنهم من بين الصفوة السودانية فاغلبهم إن لم نقل كلهم أكملوا تعليمهم الجامعي وعدداً لا بأس به من حملة المؤهلات العليا. المنبر العام لسودانيز أون لاين يفترض انه منبر متكامل يضم السياسة ، الأخبار ،الدين ، الاجتماعيات، الفنون المختلفة ، الونسة ، الرياضة ، الثقافة العامة والمتخصصة ....الخ انقلب وبقدرة قادر إلى مكان لا مجال فيه إلا للسياسة والسياسيين ومدعيي النضال الكيبوردي السهل مما دفع عدداً مقدراً من مبدعيه الذين جعلوا له سمعة وشأناً للتوقف عن الكتابة فيه وانفتح المجال فسيحاً للكتابات السياسية والنضالية الضحلة التفكير والأسلوب واللغة. وليت الأمر وقف عند ذلك فالتنظيمات المختلفة راق لها الأمر فجندت من كوادرها من يتخصص في متابعة هذا المنبر ( بعد رواجه النسبي) يتحدث باسمها و يتكفل بمهاجمة خصومها ..وأظن أن مستوى منسوبي التنظيمات قد انحدر انحداراً يتمثل جلياً في مستوى اللغة المتخاطب بها. تدرج الأمر رويداً رويداً حتى صارت السياسة هي الأصل وأضمحل غيرها من موضوعاتٍ أخر..حتى صرنا نري الأعضاء يتتبعون بعضهم ليعيره ويهاجمه لعدم شجبه هذا الموضوع ولم ينزًل بوستاً يعضد فيه هذه الجهة أو تلك.. وزاد الأمر سوأً بجرأة البعض ودخولهم في البوستات ذات الطابع الاجتماعي البحت ليتهموا كاتبه بعدم الوطنية وبأنه يريد صرف الناس عن الكفاح المقدس ببوسته الإنصرافي وقد اصابني الهلع عندما ظننت أن احدهم سيطلب من ذاك الذي أنزل بوستاً ينعي فيه أمه أن يطلب منه مآثر أمه في التضامن مع اللاجئين. هذا مما حدا بالكثير من المميزين لترك الكتابة في هذا المنبر أو ركوب موجة الشجب والمراهقة السياسية. ظن دونكيشوتو المنبر أنهم وبامتلاكهم لكلمة سر الدخول للمنبر العام قد صاروا من الأقلام الخطيرة التي يحسب حسابها والتي يمكنها (بكلمة) أن تسقط الحكومات وتجيش الجيوش فصدقوا ذلك الظن وزينه في قلوبهم الإطراءات المعلبة الجاهزة التي يأتي بها رصفائهم وزملائهم حتى تلبسوا بها تلبساً تاماً. تراهم يصدرون الأحكام التجريمية على من يشاءون من الأعضاء ، ويمنحون صكوك الغفران لمن يشاءون زادهم صمتنا جراءة .. صاروا لا يكترثون ..لعقولنا وكأننا أطفال وفينا من علمهم على مقاعد الدراسة يأتوننا بالأكاذيب الساذجة ولا يقبلون حتى مناقشة في مصداقيتها.. يجرون الاتصالات الهاتفية بمن يشاءون ثم يأتوننا بالخبر الذي يزعم أن أحدهم سمع فلاناً يقول أنه سمع علاناً نقلاً عن فلاناً كذا وكذا والويل لمن يطلب توضيحاً فالتهم جاهزة.. صورّت لهم عقولهم (الدونكيشوتيه) وخوذهم ( الطستية) تصويرات أشبه بالجنون وعاشوها بكل وجدانهم. وقد أتاحت لهم المأساة الحزينة التي ألمّت بإخواننا المعتصمين في ميدان مصطفى محمود بالقاهرة المجال لممارسة دونكيشوتيتهم ويكفي أن تلقي نظرة سريعة علي عناوين البوستات في هذه الأيام لتتبين تفشي هذا المرض الدونكيشوتي فهذا الدينكشوت الذي يسكن في أقاصي استراليا يطلب إعلان الحرب على مصر وذاك الذي يسكن فنلندا يطلب قطع العلاقات الدبلوماسية معها وطرد كل (أولاد بمبة) من السودان وذلك القابع في صحارى نيفادا يطالب بقطع مياه النيل عنها.. وآخر يطلب منع الوفود المصرية الدخول للسودان وعدم اتجاه المرضى للعلاج في مصر.. كلهم...يرتدون ذات الطست يشرعون ذات السيف الخشبي.. ......... كنت أتفرج على التلفزيون السوداني وجاءت جملة عابرة على لسان المذيع حمزة عوض الله يصف فيها مصرياً (بالشقيق ابن وادي النيل..) ركضت للكمبيوتر متوقعاً أن يطالب أحد الدونكيشوتيين برأس المذيع عقاباً على قولته تلك ولكن ( ربك ستر) ولم يسمعوه فهم مشغولون في معاركهم اللهم أشفهم.... آمين