استرقاق السود بسطوة الدين و نقاء العرق ..الجراح التي لا زالت تنزف دمأ ودموعأ !!!!

Quote: مدرسة دينق مجوك وبابو نمر السودانية في التسامح بقلم أبو بكر القاضى سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 3/9 3:18م الحرب (سكرة) والسلام (فكرة) بدخول وقف اطلاق النار النهائي موضع التنفيذ في سلام جنوب السودان يدخل السودان مرحلة جديدة هي مرحلة الامتحان واتخاذ القرار ــ تقرير المصير‚ اما ببقاء الجنوب في اطار السودان الموحد او بالانفصال‚ الذين يقرأون اتفاقية السلام من الجانب العلوي من الزجاجة المليئة حتى النصف يقولون ان الاتفاقية كرست الانفصال الآن‚ حيث خلقت دولتين: علمانية في الجنوب ودينية في الشمال‚ وبالتالي فان الامر الواقع الآن هو (الانفصال)‚ وان المأمول من الاستفتاء القادم في نهاية الفترة الانتقالية هو الاتيان بشيء جديد هو مجرد أمل ــ الوحدة ! منطقة ابيي الماضي والحاضر والمستقبل الهدف من هذا المقال هو تكريس فكرة ان الوحدة يجب ان نعمل لها منذ اول يوم من توقيع اتفاق السلام‚ وتأتي اهمية ابيي في انها المنطقة التي خرج منها التمرد الثاني الذي قضى على اتفاقية اديس ابابا‚ هذا من جانب‚ والبعد الآخر لاهمية منطقة ابيي انها اول منطقة يجري فيها الاستفتاء على مصير الاقليم‚ اما بالبقاء في الشمال‚ او الانضمام لبحر الغزال بالجنوب‚ وذلك خلال الفترة الانتقالية وقبل استفتاء الجنوب حول تقرير المصير‚ الثابت ان ابناء منطقة ابيي يصنفون بالاكثر تطرفا ضمن قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان والتفسير المنطقي يقول لانهم اكثر الجنوبيين تضررا من العرب ــ المسيرية ــ بحكم علاقة الجوار المباشر والاحتكاك اليومي‚ مما لا شك فيه ان قرار ابناء منطقة مثلث ابيي سيكون له اثر ايجابي أو سلبي‚ حسب الحال في مستقبل الوحدة بين الجنوب والشمال‚ لا توجد حتميات‚ لكن قبول ابناء ابيي بالبقاء بالشمال وهم اكثر الناس احتكاكا بالشمال سيرجح قرار الوحدة الاختيارية الطوعية بين الجنوب والشمال‚ فلنسلط الضوء على التسامح الفريد الذي جمع الدينكا «نقوك» مع المسيرية خلال النصف الاول من القرن العشرين والوحدة الطوعية التي سبق ان قررها اهل المنطقة ــ الدينكا والعرب المسيرية‚ باعتباره المرجعية التي نريد ان نبني عليها املنا الاخضر في تصحيح اخطاء الـ «50» سنة الاخيرة على اعتبار ان حالة التسامح هي الاصل وحالة اللاتسامح هي ظرف عابر‚المسيرية في الاصل هم عرب (ابالة)‚ رعاة ابل‚ ولكن لاسباب بيئية تحولوا الى بقارة بسبب المناخ والجغرافيا‚ وقد انتقلوا من مملكة وادي الواقعة بين دارفور والكفرة خلال القرن السابع عشر تجنبا لاتاوات السلاطين‚ واتخذوا من رجل الفولة مقرا‚ اما دينكا نقوك فقد وصلوا لمنطقة ابيي حوالي نهاية القرن التاسع عشر‚ في عام 1905 تم ابرام ميثاق اخاء بين زعيم المسيرية الناظر نمر على الجله والسلطان كوال اروب حيث عبر بموجبه دينكا نقوك بحر العرب ليستقروا في قرية ابيي الناشئة في ذلك الوقت‚ عن الوحدة الطوعية التي اختارها اهل ابيي قبل مائة عام يقول الاستاذ عبدالوهاب الافندي الكاتب والاكاديمي المشهور في معرض استعراضه لكتاب (حرب الرؤى) للدكتور فرانسيس دينق‚ ابن السلطان مجوك‚ يقول الافندي: واهمية هذا النوع من قبيلة الدينكا انه بخلاف كل بطون وعشائر القبيلة الاخرى قد استقر في شمال السودان لا جنوبه‚ هذا الوضع الجغرافي الشاذ كان خيارا ارتضاه زعيم القبيلة دينق مجوك سيرا على نهج والده الناظر كوال اروب‚ وقد تعرض الرجلان لضغوط كبيرة من السلطات البريطانية وفروع قبيلة الدينكا الاخرى وبقية زعماء الجنوب‚ للرجوع عن قرار الانضمام للشمال‚ ولكنهما لم يتزحزحا عن قرارهما‚ وأقوى صداقة جمعت الدينكا والعرب المسيرية تلك التي ربطت بين دينغ مجوك والناظر بابو نمر‚ فقد تعارف الرجلان منذ ايام الصبا‚ وكانت هذه الصداقة دافعا للناظر بابو نمر لاستخدام نفوذه لدى البريطانيين لاختيار دينق مجوك زعيما لقبيلته خلفا لوالده بدلا من أخيه دينق ابوت الذي كان والدهما الناظر كول اروب يفضله‚ اشتملت ورقة تحمل رؤية ابناء المسيرية تحت عنوان (ابيي‚‚ حقائق ووثائق) على نصوص صيغت بعبارات مفعمة بالروح تشبه لغة الكتاب المقدس‚ تعبر عن الصداقة والوحدة الطوعية بين الدينكا والعرب المسيرية‚ ابدع المترجم (ابراهيم سعيد محمد احمد) في التعبير عنها باللغة العربية‚ والعبارات صادرة من جهات محايدة هم حكام المنطقة من الانجليز رأيت من المناسب ذكرها هنا لتعطي الناس املا في الوحدة الطوعية‚ على اعتبار ان ما نطالب به وننشده ليس حلما‚ ولا شيئا مستحيلا‚ وانما كان واقعا ملموسا ومعاشا بين الدينكا‚ والعرب المسيرية‚ سنوردها خلال السرد التالي: 1- اول ظهور للدينكا نقول في الشمال في القرن التاسع عشر وحتى قبل نزوحهم لمنطقة ابيي يتمثل في ذلك التواصل الشهير الذي تم بين السلطان اروب بيونق جد السلطان الشهير دينق مجوك مع الامام المهدي‚ وهو لقاء يعتز به د‚فرانسيس دينق كثيرا واشار اليه في عدة مواقع من كتاباته حيث يقول: ( جدي الاكبر الزعيم اروب بيونق قابل المهدي وبايعه واطلق سراح جنوبيين كانوا اخذوا كعبيد وعاد بهم الى ابيي وأسكنهم في مكان اصبح يعرف باسم «متروك» «سحب السياج»‚ ودعا زعماء جنوبيين ليحضروا ويحددوا رعاياهم ويعودوا بهم الى وطنهم)‚ ان هذا النص يحمل ايحاءات لها دلالات كبيرة ذات صلة بموضوع التسامح الذي نحن بصدده: أ- العلاقة بين دينكا ابيي مع الشمال بدأت بمباركة من الامام المهدي شخصيا‚ بالتكريم والاحترام المتبادل‚ ب- اختلاف الدين ليس سبب الحروب كما يقول مونتسكيو‚ وانما اللاتسامح هو الذي ينتج الحروب‚ 2- تقول مذكرة (ابيي: حقائق ووثائق): استمرت هجرة دينكا نقوك الى ابيي بصورة حسنة خلال القرن العشرين حتى ان مفتش المركز (ديبوري) قد ذكر في تقريره العام 1920-1921 ان ميثاق الاخاء نتج عنه مزيد من هجرة دينكا نقوك الى ابيي وجاء في تقريره ما يلي: «ظلت العلاقة مع العرب جيدة‚ ترعى قطعان العرب والدينكا جنبا الى جنب على الالسنة الدنيا من رقبة أم بيرو‚ وقد اظهر الدينكا (فرع بونقو) ثقة في العرب بتوسيع قراهم الدائمة ابعد نحو شمال الجرف‚‚ كوال هو اكبر معجب بالناظر على الجُلة)‚ هذا المقتطف على بساطته يحمل معاني كبيرة في موضوع التسامح الذي نتصدى له نوجزها في الآتي: أ- ان عبارات مثل (ترعى قطعان العرب والدينكا جنبا الى جنب) هي عبارات لاهوتية مستمدة من الكتاب المقدس وهي تجسيد لحالة الوفاق والسلام والتسامح بين العرب والدينكا‚ وهي تشبه حالة الارض بعد نزول السيد المسيح الى الارض بالصيغ ذاتها الواردة في موروثنا اللاهوتي الاسلامي والمسيحي واليهودي‚ والتي تشير بهذا الموعود الديني وترمز له بعبارة (ويرعى الذئب مع الحمل)‚ و(يأكل الاسد تبنا)‚ ان عبارة المفتش الانجليزي تعني ببساطة ان اندياح بطون قبائل الدينكا الى المنطقة كان بسبب الثقة والشعور بالامان في هذه المنطقة رغم اختلاف العنصر والدين‚ باختصار المسألة هي ان منطقة ابيي قد نشأت بالاساس على تربة وأرضية والتسامح الذي اسس له الآباء والاجدال (كوال) و(علي الجلة) ثم (دينق مجوك) و(بابو نمر)‚ 2- في عام 1940 لاحظ مفتش غرب كردفان ان العلاقة بين القبيلتين هي مصدر الاستقرار‚ حيث يقول: (حقيقة ان نقوك سببوا لنا عموما متاعب قليلة في الماضي‚ اعتقد انها تعود جزئيا الى شخصية الزعيم كوال ولكن بصورة رئيسية الى التواصل الحميم بين هؤلاء الدينكا وعرب الحُمر)‚ لاحظ عبارة (التواصل الحميم) وهي تصدر من حاكم المنطقة‚ وكل حاكم بطبعه مهووس بهاجس الامن‚ وتتجلى دراما العلاقة الحميمية الرومانسية التي قامت على ارضية صلبة من التسامح في اصرار دينكا نقوك على الوحدة عام 1950 و1951 والانضمام الى مجلس المسيرية رغم نقاشات وتحذيرات مفتش المركز مايكل تببس وغيره من الاداريين البريطانيين‚ الذين اجروا نقاشات موسعة مع دينكا نقوك على اثرها اقتنع الاداريون الانجليز بوجهة نظر دينكا نقوك وأعلنوا بالمجلس انهم تركوا نهائيا فكرة الحاق ابيي بمجلس في بحر الغزال‚‚ (‚‚ بدا ارتياح كبير على زعماء وأهالي الدينكا عندما تم ابلاغهم بهذا في مجلس)‚ المصدر (مديرية كردفان‚ سجل اليومية الشهري‚ ابريل 1951‚ النقطة رقم 4073)‚ ويبلغ التسامح قمته الشماء بين المسيرية والدينكا عام 1955 حيث شعر نظار وشيوخ المسيرية بالمجهول الذي قد اتى مع اعلان استقلال البلاد واثره المرجح على وضع ابيي الاداري‚ خاصة بعد علمهم بأن تمردا قد بدأ بالفعل في الجنوب‚ لذلك اختار المسيرية السلطان دينق مجوك لمنصب رئيس مجلس (دار) المسيرية‚ وقيل الناظر بابو نمر‚ زعيم المسيرية الاكبر‚ بروح طيبة منصب نائب الرئيس‚ اعتبر ذلك بادرة حسن نية وتأكيدا بأن ابيي باقية ضمن مجلس ديف دار المسيرية !بالنسبة لي هذا الموقف هو جوهر مقالي وروح الروح‚ فهل يتعلم عمر البشير وعلي عثمان من مدرسة دينق مجوك وبابو نمر؟هل تقبل النخبة النيلية عن طيب خاطر ان يكون الدكتور قرنق رئيسا لجمهورية (دار) السودان كما قبل بابو نمر عن طيب خاطر ان يكون دينق مجوك رئيسا لدار المسيرية؟!رمزية قيادة (أحمد دينق مجوك) لانهاء ميثاق الاخاء ! ورد بمذكرة المسيرية (ابيي‚‚حقائق ووثائق) انه في نهاية عام 1955 لم تعد امور قبيلة الدينكا نقوك بيد السلطان دينق مجوك‚ حيث شاركه في ادارة القبيلة الشباب المتعلم الذين عبروا عن سخطهم من قرار كبارهم بأن يكونوا جزءا من دار المسيرية‚ احمد دينق مجوك ومجموعته من الشباب قرروا الانضمام لأنيانيا (1)‚ (احمد) دينق هو ثمرة التسامح الطويل بين الدينكا والعرب‚ ومع ذلك قاد (احمد) التمرد ! معنى ذلك ان صيرورته (احمد) لم تغير من وضعه الاجتماعي ! المصيبة الكبرى انه بعد (40) سنة توصل الشهيد داود بولاد لذات النتيجة‚ وتوصل قادة التحرير والعدل والمساواة بعد (50) سنة لذات النتيجة التي توصل اليها (احــمد دينق)! اين الخلل؟ للحديث بقية.